وزارة التعليم العايل والبحث العلمي -جيجل -جامعة حممد الصديق بن حيي

كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية قسم علم االجتماع

حماضرات يف مقياس النظرايت املعاصرة يف علم االجتماع

السنة الثالثة علم اجتماع

حيتامة العيد -إعداد: د

2016/2017السنة اجلامعية:

الصفحة فهرس احملتوايت

مقدمة 02 الفصل األول: ماهية النظرية السوسيولوجية

03 مفهوم النظرية وتعريفها -1 04 نشأة النظرية وتطورها -2 06 شروط النظرية -3 08 وظائف النظرية -4 11 أمهية النظرية -5

النظرايت السوسيولوجية املعاصرة مناذج لبعضالفصل الثاين: 31 متهيد:

34 ونظريته حول االنتحارسوسيولوجية دوركامي -1وليام ازاك توماس و فلوراين ولتورد اأورواب وأمريكح البولندي يف الفال -2

زاننيكي39

44 ميدل اتون: روبت و هيلني ليند -3 45 جتارب هوثورن: مايو، روثلسربجر، ديسكون - 4

49 دراسات اينكي سييت: ويد وارنر - 5 50 )جمتمع النواصي(: وليام فوت وايتجمتمع يف الشارع -6

53 (Gunnar Myrdal) جوانر مريدال :األمريكيةاألزمة -7 54 اختيار الشعب: بول الزار سفيلد وآخرون -8

اجلندي األمريكي: صمويل ستوفر وآخرون -9 بيار بورديو اهلابيتوس: -10

خالصة خامتة

قائمة املراجع املراجع ابللغة العربيةأوال: 74 الكتب .1 76 املذكرات والرسائل اجلامعية .2 77 . املواقع االلكرتونية3

77 اثنيا: املراجع ابللغة األجنبية

مقدمة:

املراد صياغتها، فالبحث العلمي ال يقف عند متثل النظرية يف األحباث اإلجتماعية مكانة هامة ذلك ألهنا تفسر املعلومات وصف الظاهرة، وإمنا يذهب إىل تفسريها وأتويلها ،وهذا أيخذ بعني اإلعتبار طبيعة املوضوع واإلشكال املطروح '' فالرجوع إىل

.(1)نظرية ذات عالقة يف إعداد البحوث يسمح بتوضيحها وتوجيهها''واملهتمون يف هذا اجملال،وحاولوا حتديد وتفسري معىن النظرية السوسيولوجية، ونتيجة هلذه األمهية فقد أسهم الباحثون

وتبيان شروطها وأمهيتها ودورها ووظائفها،وقد أكد غالبيتهم أهنا" تساعد أي علم على حتديد هويته وموضوعاته األساسية،األمر استه أكثر من غريه،وما الذي مل يدرس ،ومستوى ما الذي يسهم يف إبراز دوره املعريف الرتاكمي،حيث حيدد يف ضوئها ما جيب در

(2)مت التوصل إليه"فالنظرية متثل أعلى مستوى للشرح والتفسري لكل الظواهر االجتماعية،وال ميكن فهم الواقع االجتماعي دون االعتماد

و مستكشف،وسنحاول يف هذه األوراق الرتكيز على النظرايت على النظرية العلمية،فهي مبثابة البوصلة لكل ابحث أعلى الرغم من أن السوسيولوجية املعاصرة يف علم االجتماع ، انطالقا من سوسيولوجية دوركامي وصوال إىل عصر ما بعد احلداثة،

ر كلها بواسطة علماء الدراسات اليت سوف نستعرضها متثل الكالسيكيات احلديثة للبحث يف علم االجتماع ، فإهنا مل جتاألنثروبولوجيا وعلماء النفس ، وال ختتلف العلوم اإلجتماعية فيما بينها اختالفا كبريا من حيث اهتماماهتا البحثية، وال يزال

لنفس الوصف األنثروبولوجي للمجتمعات البسيطة يوفر بياانت للتحليل يف علم االجتماع، كما يتم تبادل البياانت بني علم ارة.االجتماع بصفة مستموعلم

,: Initiation pratique à la méthodologie des sciences humainesMaurice Angeres-1

casbah édition, Alger, 1997, p 96. 15،ص1981،سلسلة عامل املعرفة،الكويت،اجتاهات نظرية يف علم االجتماععبد الباسط عبد املعطي،-2

الفصل األول: ماهية النظرية السوسيولوجية

مفهوم النظرية -1

نشأة النظرية وتطورها -2

شروط النظرية -3

وظائف النظرية -4

ةأمهية النظري -5

تعريفها :و مفهوم النظرية

يعترب مفهوم أو مصطلح نظرية من املصطلحات الغامضة، اليت يصعب على الباحث استعماله استعماال دقيقا وصحيحا يف كتاابته وحبوثه، فقد يشري املصطلح إىل النظام التجريدي الذي جيمع األفكار ويوحدها

ألكادميية ، أما معىن النظرية ويضعها يف قالب جيسد معىن مفاهيم حمددة، يطرحها العامل يف سياق أحباثه ااالجتماعية فقد كان متعلقا ابلدراسات الفلسفية والسياسية، فقد استعمل مصطلح النظرية االجتماعية ألول

مرة، للتعبري عن نظرية الدولة ، اليت اهتمت بدراسات أصل نشوء الدولة احلديثة مع التربيرات الفلسفية من املؤلفات والكتاابت األدبية، اليت ميكن أن توضع حتت عنوان النظرية والعلمية ألشكاهلا ، وهناك جمموعة

االجتماعية، خاصة تلك اليت تدور حول طبيعة العالقات اإلنسانية واجملتمع البشري. بقوله:" هي نسق منطقي استنباطي استقرائي يتكون من مفاهيم وتعريفات وافرتاضات تعرب عن ووردعرفها

عالقات بني اثنني أو أكثر من أوجه الظاهرة وميكن أن يشتق منها فرضيات كما ميكن التحقق من صحتها أو خطئها" ،كما عرفها اتلكوت ابرسونز أبهنا " نسق نظري يشكل وحدة ملفاهيم مرتابطة متساندة منطقيا

تشكل فيها العالقات بني األجزاء إمكانية اشتقاق فرضيات جديدة أو ،وبنائيا هلا مرجعية أمبرييقية يف الواقع تعميمات تعرب عن انتظامات أمبرييقية " )1(

، فهي إذن جمموعة من املفاهيم اليت تشكل من خالل العالقات بينها منظورا مفاهيميا للواقع االجتماعي بعض هذه املفاهيم وصفية حتدد وجود املضمون ، والبعض اآلخر حتليلي ، وتتألف النظرية من جمموعة

افرتاضات يعرب كل منها عن عالقة بني مستني أو أكثر حبيث تشكل هذه االفرتاضات معا نسقا قابال ا ، ويتم بناء النظرية على لالستنباط وحبيث تكون املفاهيم واالفرتاضات قابلة للتحقق من صحتها أمبرييقي

أساس عناصر أساسية ومركبات تشمل املفاهيم ، واملتغريات ، وتعريفات وافرتاضات ويوضح العالقات بني الوقائع وانتظامها بطريقة دالة، ويبني أسباب وظروف تشكل هذا الواقع وتبدله والبعد األمبرييقي املتضمن

مكوانت الواقع ومعطياته، هبدف تفسري هذا الواقع وفهمه والتنبؤ مبا ميكن أن يكون عليه مستقبال )2( .

___________________________________________________ . 50، ص2009معن خليل عمر ، مدخل علم االجتماع ، دار الشروق ، عمان، -1 .16، ص2008، إبراهيم عيسى عثمان، النظرية املعاصرة يف علم االجتماع، دار الشروق، عمان -2

النظرية وتطورها:نشأة

من البديهيات املتفق عليها، أن النظرية والتنظري العلمي ليس وليد العصر احلديث ،بل هو نتيجة لرتاكمات مكن أن يقال أنه مل يكن هناك عصر من العصور ، وال أمة من معرفية منذ وجود االنسان، حىت إنه من امل

املفكرين االجتماعيني الذين أدلوا أبفكارهم من أجل إصالح اجملتمع منذ األمم ، إال وكان فيها من احلضارات القدمية ، مثل اآلشوريون والبابليون و الفراعنة واهلند ، والصني وغريها، الذين تركوا من الوصااي

ك احلال عند والتوجيهات ، يف االجتماع والرتبية والسياسة ، تعد من أهم مقومات احلياة االجتماعية ، وكذلاملسلمني ،الذين كانت هلم إسهامات ابرزة يف التفكري االجتماعي مثل الفارايب وابن خلدون وإخوان الصفا

والغزايل وابن الرشد وغريهم .كل ما قام به هؤالء احلكماء واملشرعون من األمم الشرقية القدمية ، من الدراسات واإلصالحات

ام به املفكرون املسلمون من الدراسات واإلصالحات ،مل تتفق أغراضها االجتماعية ، وكذلك أيضا ما قومناهجها مع ما يسمى اآلن ابلنظرية، ألهنا تفتقر وتفتقد إىل املنهج " ولعل السبب يف ذلك يرجع إىل أن

أن هذه دراسة الظواهر االجتماعية على الطريقة اليت يسري عليها علم االجتماع ، ال تتاح إال ملن ثبتت لديه الظواهر ال تسري حسب األهواء واملصادفات ، وال حسب ما يريده األفراد ، وإمنا تسري يف نشأهتا وتطورها

وخمتلف أحواهلا ، حسب قوانني اثبتة مطردة ، وهذه احلقيقة مل يصل إليها تفكري أحد من قبل ابن خلدون " .)1(

ابملقدمة اليت حتتوي على شرح مفهوم هذا العلم فقد حدد ابن خلدون إطار هذا العلم يف كتابة الشهري وحتديد إطاره، وقد ساعد ابن خلدون على وضع أسس هذا العلم أنه سلك طريقا مبتكرا يف دراسات خيتلف

عن سابقيه، مع العلم أن النظرايت االجتماعية اليت نشأت يف تلك احلقبة كثرية جدا ومتباينة كل التباين ، ا كبريا من هذا القرن يف جدال حول طبيعة احلادثة االجتماعية ، وكيفية دراستها وقد قضى العلماء شطر

فانقسموا بني النظرايت اآللية والعضوية والبيولوجية والتطورية والنفسية واالجتماعية ، ولكن العلماء كن أن يتم املعاصرين أمهلوا بوجه عام هذه النظرايت الضيقة وصاروا أميل إىل اعتبارها نظرايت جزئية مي

بعضها بعضا ، ورمبا كانت النظرية االجتماعية يف علم االجتماع اليت تزعمها إميل دوركامي هي اليت امتصت التيارات األخرى وغلبت عليها .

أما ابلنسبة للتفكري االجتماعي والنظرية االجتماعية يف العصر احلديث ، فإهنا نشأت يف جمتمع وقع حتت غيان قروان عديدة ، من قبل الكنيسة اليت كانت ترى أن الكتاب املقدس حيتوى على كل احلقائق الظلم والط

، وأهنا وحدها هي اليت تعرف أتويل آايته ، وبذلك تكون هي مصدر كل احلقائق وليس هناك حقائق أخرى ، بتسليمه إىل حماكم ومن ادعى غري ذلك يعترب يف نظر الكنيسة مارقا ومرتدا عن الدين ، وتقوم الكنيسة

و الذي أعدم وأحرق التفتيش ، اليت تقوم إبعدام املارقني حرقا وهم أحياء ، مثلما فعل جبوردانو برونو.غاليليو غاليلي حماكمة

1- زيدان عبد الباقي ، التفكري االجتماعي نشأته وتطوره، القاهرة، دار الغريب للطباعة، ،ص ص181-180.

حينها اندى املفكرون ابإلصالح الديين )لوثر مارتن و جون كالفان وغريمها( ، ونبذ كل اخلرافات واألوهام اليت يقول هبا رجال الكنيسة ، واألخذ بوسائل التقدم العلمي .

وقد أستخدم مفهوم النظرية للمرة األوىل يف الفلسفة اليواننية لإلشارة إىل املصطلحات، واملفاهيم اليت ختالف التطبيقات العملية الواقعية، واعترب الفيلسوف اليوانين أرسطو أول من اعتمد على تطبيق فكرة النظرية

للتفريق بني احلقائق املطبقة فعليا والنظرايت الفكرية، مث أصبح مصطلح النظرية من املصطلحات املعرفية اليت تستخدم يف العديد من اجملاالت سواء الفلسفية أو العلمية أم غريها،ويف القرن السادس عشر للميالد أصبح مفهوم النظرية أكثر استخداما للداللة على العديد من أنواع الدراسات اليت اعتمدت على مصادر ومراجع موثوقة، وقابلة للتحليل والتفسري، واليت من املمكن تطبيقها ضمن اجملال اخلاص هبا، وسامهت يف

حتقيق إضافة متطورة إىل جمموعة من اجملاالت الدراسية، وهكذا أصبحت النظرايت جزءا مهما من الدراسات اإلنسانية، والعلمية، والطبية، واألدبية، والفلسفية.

شروط النظرية :

من أمهها: حىت يتم وضع إطار معريف للنظرية ال بد من توفر جمموعة من الشروط مكوانت النظرية واضحة و دقيقة ، حمددة األلفاظ و املعاين و املضامني . أن تكون -1

على ما تدل عليه إبجياز يبني حمتواها و أغراضها و أهداف كل جزء من أجزائها . أن تعرب النظرية -2

إلمكان .قد ا و تفسرها أن تشتمل النظرية على معظم اجلوانب اليت تكون تلك النظرية و حتللها -3 و إطار تفسريي خاص هبا حبيث ال تتداخل مع نظرية أخرى تتناول البد أن تكون النظرية ذات موضوع-4

و القضااي . املوضوع وتفسر نفس إختبارها علميا أن تستمد النظرية إطارها املرجعي و التفسريي من حقائق و مالحظات واقعية ميكن -5

العلمية .بشكل يثريها و مينحها اخلاصية من شروط النظرية اهلامة قدرهتا على التنبؤ ، حبيث ال تقف عند الوصف و التفسري إمنا تتجاوزمها اىل -6

القدرة على التنبؤ . وظائف النظرية :

ميكن إجياز الوظائف اليت تضطلع هبا النظرية العلمية على النحو التايل :يادينه فهو من أبرز وظائف النظرية العلمية ، الذي يرتتب و م حتديد هوية العلم و موضوعاته الرئيسة -1

عليه أتكيد و إظهار الدور املعريف الرتاكمي،وعليه يتحدد ما جيب دراسته ، و ما هي القضااي اليت مل تدرس ما مت التوصل إليه من نتائج . بعد إضافة إىل

عية و الطبيعية على حد سواء ، ألهنا تضع تعترب النظرية العلمية نقطة البدء يف دراسة الظواهر اإلجتما -2للباحث اإلطار التصوري ألبعاد و عالقات املوضوع الذي يقوم بدراسته ، وحتدد له املعطيات و كيفية تنظيمها و من مث تصنيفها، و العالقات و الرتابطات و التداخالت فيما بينها ، أي أن النظرية تضع

القيام ببحثه . عند تبعهاللباحث االجراءات العلمية اليت سي تقدم النظرية عددا كبريا من املفاهيم اليت تثري العلوم، وذلك ألن كل"مفهوم"يتضمن خربة إجتماعية و -3

علمية مميزة، إضافة إىل أنه يعد تلخيصا لكثري من احلقائق اليت تكون النظرية. فجمع البياانت ابإلعتماد على نظرية للبحثالقيمة العلمية اليت متنحها من الوظائف اهلامة للنظرية -4

العالقة انقصا و قاصرا ، و عليه فإن حىت ال يعد البحث أمرا ضروراي تدعم املعطيات و تفسر النتائججيب أن يراعيها الباحث عند القيام ببحثه اجلدلية بني النظرية و البحث العلمي على قدر كبري من األمهية

.

رية على اجتاه الظاهرة مستقبال، فالتنبؤ يعين االنتقال من املعلوم من احلاالت والوقائع إىل تساعد النظ -5 احلاالت اجملهولة .

6- إمكانية االستفادة من النظرايت العلمية يف جمال التطبيق. )1( أمهية النظرية:

: تكمن أمهية النظرية االجتماعية يف اهر االجتماعية. أهنا شرط ضروري لتفسري وحتليل الظو -1 أهنا متدان ابإلجابة التفسريية ألسباب حدوث الظاهرة. -2 تساهم يف حل املشكالت االجتماعية بطريقة علمية مدروسة.-3 تساعد على وصف وحتليل الواقع اإلجتماعى حتليال علميا دقيقا.-4 تساعدان على إختيار التفسري املناسب حلدوث املشكالت االجتماعية.-5

___________________ .11ص ،نفس املرجععبد الباسط عبد املعطي، -1

الفصل الثاين: النظرايت السوسيولوجية املعاصرة

متهيد

سوسيولوجية دوركامي ونظريته حول االنتحار -1

وليام ازاك توماس و فلوراين ولتورد زاننيكي اأورواب وأمريكح البولندي يف الفال - 2 اتون: روبت و هيلني ليندميدل -3

جتارب هوثورن: مايو، روثلسربجر، ديسكون - 4 دراسات اينكي سييت: ويد وارنر - 5 جمتمع يف الشارع )جمتمع النواصي(: وليام فوت وايت -6 (Gunnar Myrdal) جوانر مريدال :األمريكيةاألزمة -7 وناختيار الشعب: بول الزار سفيلد وآخر -8 اجلندي األمريكي: صمويل ستوفر وآخرون -9 بيار بورديو اهلابيتوس: -10 خالصة

اخلامتة

:دوركامي إميل-1 م يف بلدة ابينال ابلقرب من سهل اللورين الذي يشتمل على بعض 1858ابريل 15ولد إميل دوركامي يف

ويف أحضان أسرة يهودية نشأ دوركامي، فهو أحد أحفاد كبار أحبار اليهود، ولد يف أسرة ،املدن الفرنسيةتنحدر أصال من حاخامات املذهب الرابين اليهودي، الذين يدينون ابملذهب العرباين اجلديد، ولذلك اجته

التاريخ، مث هجر دوركامي منذ طفولته وصباه حنو دراسة التلمود والعهد القدمي، كما درس أيضا العربية و اللغوايت كي يدرس اتريخ األداين .

وفيها التقى بعدد من املفكرين األوائل أمثال 1879وبعد حماولتني فاشلتني مت قبوله ابملدرسة العليا سنة الفيلسوف الشهري "هنري برجسون"و"بيري جانيت"وكان من أبرز أساتذة املدرسة أتثريا فيه "فوستيل دي

خترج 1882الذي أصبح فيما بعد مديرا للمدرسة،ويف عام-املدينة القدمية -بكوالنج" صاحب كتادوركامي من املدرسة ليشتغل يف التدريس ابلثانوايت العامة)1(، ويف عام1878م ذاعت شهرة دوركامي، مث

انتقل للتدريس جبامعة بوردو وألقى دروسا يف علم االجتماع العائلي واجلنائي ويف التضامن االجتماعيواالنتحار ويف الرتبية والدين، كما ألقى دروسا يف اتريخ املذاهب السوسيولوجية ويف املسئولية واجلزاء

والتنظيم االجتماعي للقبائل االسرتالية القدمية.م بعد الصدمة اليت تلقاها مبقتل ابنه الوحيد يف عمليات احلرب العاملية 1917نوفمرب15تويف دوركامي يف لذي خطط والده أن يكون وريثه العلمي ،ذلك أن دوركامي جعل ابنه يتخصص مبوضوع علم األوىل، االبن ا

اجتماع اللغة، وبعد مقتل ولده يف احلرب، فقد إميل دوركامي أمل العيش يف احلياة، فمات وهو حيمل األفكار املرة عن احلياة وويالهتا وعدم استقرارها )2( .

ركة العلمية يف النصف األخري من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، يعترب دوركامي احد دعائم احل : وهو األب الشرعي لعلم االجتماع الرتبوي، ومن أهم مؤلفاته

(1893تقسيم العمل االجتماعي ) -1 ( 1895قواعد املنهج يف علم االجتماع )-2(1897االنتحار )-3 (1903اخللقية )الرتبية -4 (1912الصورة األولية للحياة الدينية )-5 (1924علم االجتماع والفلسفة )-6

م اليت أصبحت اجمللة الرئيسية للفكر االجتماعي والبحث يف 1896اجمللة السنوية لعلم االجتماع عام -7 فرنسا.

4،القاهرة، ص1961بة النهضة املصرية،،ترمجة: حممود قاسم، مكتقواعد املنهج يف علم االجتماعاميل دوركامي، -1

بتصرف. 220،ص2000،منشورات عامل الرتبية،املغرب،سوسيولوجيا الرتبيةعبد الكرمي غريب، -2

: سوسيولوجياالنتحار حتليل ظاهرة اوعرفه كحقائق اجتماعية غري مادية هلا نفس املوضوعية ،قدم دوركامي مفهوما أكثر حتديدا وحيوية

السخط والغضب داخل جتمع ،وقدم لذلك عددا من األمثلة "مثل احلماس ،واهليمنة على الفرد ابلرغم من أن التيارات االجتماعية األخرى أقل حتديدا من احلقائق االجتماعية األخرى لكنها تبقى ،ما

لكل منا من حيث ال يدرى وميكن أن وقد أوضح دوركامي ذلك عندما ذكر"إهنا أتيت ،حقائق اجتماعية .(1)حتملنا بعيدا رغم أنفسنا"

شرح دوركامي فكرة التيارات االجتماعية يف كتابه )قواعد املنهج االجتماعي( لكنه استخدمها كمؤشر البحث ف ،يدانية األمريكيةتوضيحي أساسي يف دراسة ميدانية أصبحت منوذجا لتطور الدراسات امل

طورت يف )قواعد املنهج االجتماعي( اليت ،ميكن اعتباره حماولة الستخدام األفكار ،الوارد يف االنتحارفي )االنتحار( أوضح دوركامي أن احلقائق ف ،االنتحار هييف دراسة ميدانية عن ظاهرة اجتماعية حمددة وقد اختار دراسة االنتحار بدال ،لة عن الفرد وقاهرة لهاالجتماعية وخاصة التيارات االجتماعية مستقيعتقد دوركامي أنه إذا متكن ،ظاهرة ملموسة وحمددة األهن،عن العديد من الظواهر االجتماعية األخرى

فإنه يصبح ،مثل االنتحار يأنه فعل فرد من توضيح أن لعلم االجتماع دور يلعبه يف توضيح ما يبدو فقد ،أكثر انفتاحا للتحليل السوسيولوجى هيال علم االجتماع لدراسة ظواهر من املمكن توسيع جم

اختار دوركامي دراسة االنتحار ألنه إذا متكن من إقناع اجملتمع العلمي بدراسته هلذه الظاهرة سيكون لعلم االجتماع فرصة أكرب يف احلصول على االعرتاف من العامل األكادميي.

هذا جيب أن يرتك الفرد املنتحر،)االنتحار كحالة فردية(،مهتما بدراسة كعامل اجتماع مل يك دوركاميإلجابة ابلكن دوركامي كان مهتما بتوضيح التباين يف معدالت االنتحار، أي أنه كان مهتما ،لعامل النفس

رتض دوركامي أن العوامل يف ؟"،ملاذا جند جمموعة معينة هلا معدل انتحار أعلى من األخرىعن التساؤل" وإذا كانت هنالك ،ألخرالبيولوجية، والنفسية االجتماعية تبقى اثبتة من جمموعة ألخرى ومن وقت

اختالفات يف معدليرى دوركامي أن االختالف يرجع إىل العوامل ،االنتحار من جمموعة ألخرى أو من وقت ألخر

عية.االجتماعية وحتديدا التيارات االجتما

رمبا تؤدى إىل االختالف يف اليت ، يكتف دوركامي إببعاد األسباب األخرى،ملوكملتزم ابلبحث امليداين وإمنا قام ابختبار تلك األسباب ميدانيا . ،معدالت االنتحار

من ذلك احلالة املرضية ،كتابه عن االنتحار بسلسلة من األفكار املغايرة عن أسباب االنتحار بدأ يف حني أن دوركامي عرض قدرا واسعا من احلقائق ورفضها ،واملناخالنفسية للفرد، العرق، الوراثة

كانت ،كمسبب الختالف معدالت االنتحار، لكن حجته األوضح واليت تنسجم مع جممل تصوره حول عالقة العوامل العرقية مع تلك

.37، ص 1988مصر ،: حممد قاسم، دار املعرفة اجلامعية، رمجة، تاملنهج يف علم اإلجتماعقواعد اميل ، دور كامي - 1

تتباين وسط اجملموعات ذات األصل ،أحد أسباب رفض العرق هو أن معدالت االنتحار ،االختالفاتله أثرا فيمكننا أن نفرتض أن ،وإذا كان العرق سببا مؤثرا يف تباين معدالت االنتحار ،العرقي الواحد

دليل آخر ضد أمهية العرق يف تباين معدالت االنتحار هو التغري يف و ،مشاهبا على خمتلف اجملموعاتوإذا كان العرق حقيقة اجتماعية ،عندما ينتقل من جمتمع إىل آخر ،تلك املعدالت وسط عرق معني

ابلرغم من أن حجة دوركامي هنا ليست ،ذات عالقة جيب أن يكون هلا نفس األثر يف خمتلف اجملتمعاترفضها أضعف ، لكن هذا يعطينا فكرة عن اليتكافية جدا ورمبا تكون حججه حول العوامل األخرى

نه من مما مك ،طريقة ومدخل دوركامي يف الرفض املدعم مبعلومات ميدانية ملا يعتربه عوامل إضافيةإضافة إىل رفضه للعوامل سابقة الذكر، فقد درس ،يةاالنتقال إىل ما يعتقد أنه العوامل األكثر أمه

تقول ،تنسب إىل عامل النفس االجتماعي الفرنسي جابريل اترد ورفضها اليت ،دوركامي نظرية التقليدنظرية التقليد أن الناس ينتحرون ) ويدخلون يف نطاق واسع من األفعال األخرى ( ألهنم يقلدون أفعال

وعلى تركيز ،هذا املدخل النفسي االجتماعي غريب على علم االجتماع ،اآلخرين الذين انتحرواأبنه إذا كان وحجته يف ذلك ،دوركامي يف رفضها يرتددلذلك مل ،دوركامي على احلقائق االجتماعية

نفسها هلا معدالت هيجتاور بلدا ذا معدل انتحار عال اليتكان جيب أن تكون األمم ،التقليد مهما آمن ،ظر يف املعلومات اخلاصة هبذا العامل اجلغرايف و خلص إىل أنه ليس له أي أمهيةعالية، مث ن

دوركامي أن انتحار بعض األفراد رمبا يكون بسبب التقليد، لكن هذا عامل ضعيف جدا وليس له أي أية لن يكون له يف نسقه ،ومبا أن التقليد عامل اجتماعي نفسي ،أتثري على معدالت االنتحار الكلية

الجتماعية، وخلص إىل أن "معدالت االنتحار االجتماعي ميكن اأمهية يف تباين معدالت االنتحار

العوامل األهم يف التغري يف ألن أي حتليل االجتماعي ابالجتماعي، (1)توضيحها فقط سوسيولوجيا"هنالك نوعان و ،جيب أن توجد يف االختالفات على مستوى احلقائق االجتماعية ،معدالت االنتحار

مثال نظر دوركامي يف أمهية الكثافة احليوية يف تباين ،-مادية وغري مادية -من احلقائق االجتماعية لكن التباين يف الكثافة احليوية وىف احلقائق ،لكنه وجد أن أثرها غري مباشر ،معدالت االنتحار

وهذا له أثر مباشر ،جتماعية غري املادية يؤثر على التباين يف احلقائق اال ،االجتماعية املادية األخرىمن انحية يقول أن اجملموعات فهنا يقدم دوركامي حجتني مرتابطتني، ،على التباين يف معدالت االنتحار

من انحية أخرى هذا ينتج تيارات و ،املختلفة هلا ضمري مجعي خمتلف ومتثالت مجعية خمتلفة أيضا إحدى طرق دراسة االنتحار هي املقارنة بني و ،معدالت االنتحار اجتماعية متباينة ذات أثر تبايين على

يقود ،أن التغري يف الضمري اجلمعي يرى دوركامي و ،خمتلف اجملتمعات أو األنواع األخرى من اجملموعاتأدى هذا إىل ،واليت بدورها تؤدي إىل التباين يف معدالت االنتحار ،إىل تغري يف التيارات االجتماعية

التارخيية للتغريات يف معدالت االنتحار ضمن جمموعة معينة. الدراسة .33،ص، ديوان املطبوعات اجلامعية ، اجلزائر، مهمل السنة بناء املعرفة السوسيولوجيةقريف عبد احلميد ، -1

الذي تلعبه التيارات االجتماعية يف تسبيب االنتحار" كل ،كان دوركامي واضحا حول الدور األساسي ،جمموعة اجتماعية هلا استعداد مجاعي للفعل خاص هبا، وهو مصدر االستعداد الفردي وليس نتيجته

هذه النزعات للجسم ،الالمعيارية تتخلل كل اجملتمعفاإليثار أووهو يتكون من تيارات األاننية .(1)األفراد تدفعهم إىل االنتحار " ىلاالجتماعي ككل، وبتأثريها ع

بوضوح عند دراستنا لكل ىر نميكن أن ،نظرية دوركامي عن االنتحار وبنية تنظريه السسيولوجييف األانين، اإليثارى، الالمعيارى والقدري. :واحد من أنواع االنتحار األربعة

حيدث هذا االنتحار بسبب النزعة الفردية املتطرفة وانفصال الفرد عن اجملتمع، االنتحار األانين:-1 ،فيصبح املقرر الوحيد لشؤونه اخلاصة ،حيث ال جيد الفرد من يسانده عندما حتل به أي مشكلة

من ولذلك مسي هذا النوع ،وتصبح قضية اخلطأ والصواب من القضااي اليت حيددها الفرد نفسهفاملعدالت العالية من االنتحار األانين غالبا ما توجد يف اجملتمعات، اليت ،تحار األانينابالن االنتحار

الوحدة االجتماعية الكربى ، فاجملتمعات ذات الضمري اجلمعي يكون فيها الفرد غري مندمج متاما يف

وانتشار االنتحار اليت تنبع من ذلك الضمري حدوث ،والشاملة القوي متنع التيارات االجتماعية الوقائيةعندما تضعف هذه التيارات االجتماعية يتمكن األفراد وبسهوله من جتاوز الضمري اجلمعي ،األانين فيها

ويفعلون ما يريدون، ويف الوحدات االجتماعية الكربى ذات الضمري اجلمعي الضعيف، يرتك األفراد غالبا ما تقود إىل ،اننية غري املكبوحةللجري وراء مصاحلهم اخلاصة أبي طريقة يريدوهنا، مثل هذه األ

مبا أنه ال ميكن إشباع كل احلاجات وحىت اليت ميكن إشباعها تنتج ،قدر كبري من االستياء والضجر حاجات أكثر وأكثر، كما أهنا تنتج االستياء املطلق للعديد من الناس كما تدفع بعضهم إىل

)اجملموعات الدينية، اجلماعات السياسية( تتعامل كهيئات ذات مثل،ةاملندجمة بقو االنتحار،لكن األسر فالدين حيمي اإلنسان من الرغبة يف حتطيم الذات، وما يكون ،ضمري مجعي قوي وال تشجع االنتحار

الدين هو وجود عدد من املعتقدات واملمارسات التقليدية املشرتكة بني كل املؤمنني، و لذا فهي ملزمة، كلما ازداد االندماج يف اجملموعة الدينية وكذلك ،احلالة العقلية اجلمعية وقويت وكلما تعددت هذه

ازدادت القيمة الواقية .بة واخليبة ، والتفكك األخالقي آعن تفكك اجملتمع الذي يقود إىل تيارات من الك "دوركامي"حتدث لقد

ات الكآبة حلدوث التباين يفتيار للمجتمع يعرض الفرد الرتكاب فعل االنتحار، لكن البد من وجودهنا يعيد أتكيد أمهية العوامل "دوركامي"معدالت االنتحار األانين، وما هو مثري لالهتمام أن

الفاعلون ،االجتماعية، حىت يف االنتحار األانين الذي يعتقد فيه أن الفرد حر من كل قيود اجتماعيةمجاعي ،فحالة ئنسان فرداي يبقي هناك دائما شمهما كان اإل،ليسوا أحرارا أبدا من قوة اجلماعة

االنتحار األانين تشري إىل أنه حىت يف أكثر األفعال فردية وخصوصية تكون احلقائق االجتماعية هي احملدد األساسي.

.63،ص1987اجلامعيةانلكوينت،ترمجة:حسن عبد احلميدنديوان املطبوعات نظرية املعرفة العلمية)االبستيمولوجيا(بالنشي روبري،-1 االنتحار اإليثاري : - 2

هو االنتحار اإليثاري،فاالنتحار األانين غالبا ما حيدث "دوركامي"النوع الثاين من االنتحار الذي انقشه االنتحار اإليثاري حيدث عندما يكون االندماج و ،عندما يكون االندماج االجتماعي ضعيف جدا

االجتماعي قوي جدا.ارتكاب فعل االنتحار، مثل العمليات االنتحارية عند اجلماعات املسلحة ، ىالفرد جيرب حرفيا عل

إن الذين يرتكبون فعل االنتحار اإليثاري يفعلون ذلك ألهنم حيسون أن ذلك هو فوبشكل عام

وكما يف حالة االنتحار األانين درجة التكامل ) يف هذه احلالة درجة عالية( ليست السبب ،واجبهمولكن التباين يف درجة االندماج ينتج تيارات اجتماعية خمتلفة تؤثر يف ،يف االنتحار اإليثاري يالرئيس

هي ، يائسةماعية الأن التيارات االجت "دوركامي"مثلما يف االنتحار األانين اعترب ف ،معدالت االنتحارتنتج من ،أن معدالت االنتحار األانين العاليةاعترب يف حني ،سبب معدالت االنتحار اإليثاري العالية

ىألهنا تعتمد عل،من األمل التمزق واالكتئاب احلزين فإن الزايدة يف معدالت االنتحار اإليثاري أتيت .االعتقاد يف التصور اجلميل ملا بعد هذه احلياة

االنتحار الالمعياري: - 3وحيدث ،هو االنتحار الالمعياري "دوركامي" هقشالنوع األخري واألساسي من أنواع االنتحار الذي ان

وترتفع معدالت االنتحار الالمعياري إذا كانت طبيعة االضطراب ،عندما تضطرب ضوابط اجملتمع ،كال النوعني من االضطراب ،إجيابية )االنتعاش االقتصادي مثال ( أو سلبية )الكساد االقتصادي (

فرتات االضطراب تطلق ،األفراد ىيؤدى إىل التعطيل املؤقت للجماعة عن أداء دورها السلطوي علقود هذه التيارات إىل الزايدة يف معدالت ياإلحساس ابنعدام املعايري ف ، عياريةالعنان لتيارات الالم

إغالق مصنع نتيجة للكساد ك ،من السهل تصور هذا يف حاالت الكسادو ،االنتحار املعياريونتيجة ذلك أن الفرد ينقطع عن أتثري ضوابط الشركة ، االقتصادي رمبا يؤدي إىل فقدان وظيفة

يرتك الفرد فريسة ألثر –الدولة مثال ،الدين ،ألسرةا –فصال عن مثل هذه البنيات االنو ،والوظيفةفي هذه احلالة ميكن القول ف ،يبدو أنه من الصعب ختيل أثر االنتعاش االقتصاديو ،تيارات الالمعيارية

النجاح االقتصادي و ،ا فيهاأو شن اليترمبا يقود األفراد بعيدا عن البنيات التقليدية ،أن النجاح املفاجئإىل اضطراب أثر يكل هذه التغريات تؤد ،رمبا يقود الفرد إىل ترك عمله واالنتقال إىل جمتمع جديد

وترتك الفرد يف فرتات االنتعاش االقتصادي فريسة للتيارات االجتماعية ،ضوابط البنيات املوجودةفرتات اضطراب احلياة االجتماعية خالل يالزايدة يف معدالت االنتحار الالمعيار و ،الالمعيارية

فعندما ،عن األثر الضار لنزوات الفرد عندما يتحرر من القيود اخلارجية "دوركامي"منسجمة مع رؤية أهنم يقومون بسلسلة واسعة من "دوركامي"يتحرر الناس يصبحون عبيدا لنزواهتم ونتيجة لذلك،يرى

.ا هو معتادعداد أكرب ممأباألفعال املدمرة تشمل قتل أنفسهم

االنتحار القدري : - 4

يف " دوركامي"والذي انقشه –االنتحار القدري -هنالك نوع رابع من االنتحار ال يشار إليه كثريا حيدث يف احلاالت اليت يالالمعيار أن االنتحاراعترب ففي حني ،إحدى حواشي كتابه )االنتحار(

تكون فيها الضوابط متجاوزة للحد حيدث يف احلاالت اليتفان االنتحار القدري ،تضعف فيها الضوابطأبهنم أشخاص مستقبلهم مغلق ،الذين يرتكبون فعل االنتحار القدري "دوركامي"وصف و املرغوب فيه،

ونزواهتم خنقت بعنف عن طريق نظام قهري . ،بقسوة مشروعللحتدد األهداف ووسائل حتقيقها ،أنه يف كل جمتمع توجد أنساق قيمية ،وخالصة هذه النظرية

،والبحث عن وسائل بديلة للنجاح ،فالالمعيارية هي غياب عدالة الفرص يف حتقيق هذه األهداف ،هي املدخل األول الختالل أنساق ،هي حبث عن التكيف واجلرمية ،حىت وإن كانت غري مشروعة

النظام بصفة عامة.

دوركامي: لنظرايتتقييم عام غين جدا ابملناهج ،وحقل علم االجتماع بصفة خاصة،إن ميدان العلوم االجتماعية بصفة عامة

فنجد ، اليت حيدثها الفرد كشخص أو كجماعات متفرقة ،والنظرايت املفسرة ككل الظواهر االجتماعيةوكلما كانت نظرية ،وبراهينهاكل مدرسة حججها لو ،أن الظاهرة االجتماعية الواحدة هلا عدة تفاسري

أو مدرسة مفسرة ألسباب وعوامل حدوث الظاهرة االجتماعية كلما خلفت ورائها جمموعات من فهي ،واملالحظ يف مجيع هذه النظرايت أهنا ال ختلو من انتقادات ،املالحظات والتعقيبات واالنتقادات

إال أهنا تصور ، طابعها السوسيولوجي رغم -" نظرية ضيقة األفق، على حد تعبري ) ألبريت كوهن( (1)األفراد األنوميني مفصولني عن الواقع االجتماعي وكأهنم يف صناديق وليسوا يف جمتمع "

اليت تدعو إىل حالة األنومي يف ،مل حتدد بدقة احلالة الزمانية واملكانية أو األوضاع االجتماعية ألهنايرى أن لالحنراف عالقة طردية بسرعة التغيري الذي حيدث يف اجملتمع، أما مريتون "فدوركامي"اجملتمع ،

فريى أن االحنراف مرتبط طرداي بدرجة التجاذب احلادث بني السبل واألهداف الثقافية يف اجملتمع، يف ية د ماكلوهن أهنما يعتمدان على متغريي الطبقة االجتماعاحني نرى يف نفس النظرية وجهة رأي كلور

وبناء الفرصة يف اجملتمع، كما أرجعا حالة االغرتاب عن املعايري اإلجتماعية إىل حاالت الفشل أو توقعه أن " األهداف وخباصة "نظرية األنومي"من قبل األفراد يف حتقيق أهدافهم، واملالحظ بصفة عامة عن

جتماعي بدرجات عميقة من التغري املادية تلعب دورا ابرزا يف تفسري اجلرمية، خاصة إذا أصيب البناء اال . (2)ميتد إىل وسائل الضبط االجتماعي"

، مهن نتيجهة أساسهية، وههي أن االنتحهار ليسهت ظهاهرة نفسهية أو (3)وينطلق إميل دوركامي، يف كتابهه )االنتحهار(يتحهدد معهدل عضوية، بهل ههي ظهاهرة جمتمعيهة، مرتبطهة بتقسهيم العمهل يف اجملتمهع الرأمسهايل الصهناعي وابلتهايل،

االنتحار حبسب درجة اندماج األفراد يف اجلماعة، والعالقة بينهما عالقة علية أو سببية.أما فيما خيص اهتمامه ابجلوانب الدينية، فقد رفض التفسري الفردي واالجتماعي للظاهرة الدينية،

جليا يف كتابه ) فاعتربها ظاهرة اجتماعية، ميكن دراستها دراسة علمية موضوعية، كما يبدو ذلك وقد توصل يف كتابه إىل أن التدين ظاهرة ،(4) 1912الصور األولية للحياة الدينية( الذي ظهر سنة

مجاعية؛ ألن فكرة املقدس موجودة يف مجيع العقائد واألداين ومن مث، فاملقدس نتاج احلياة اجلماعية ويعين هذا أن اجملتمع هو الذي يولد طبيعة التفكري الديين لدى الفرد ،وابلتايل، فالدين هو اجملتمع نفسه

اجملتمع. ومن مث، يرتادف الدين مع، دار الفكر اجلامعي، بدون بلد النظرية السوسيولوجية املعاصرة، أصوهلا الكالسيكية واجتاهاهتا احملدثة ) قراءات وحبوث(نبيل رمزي ، -1

.347، ص 1999النشر، .357املرجع ، ص نفس - 2

Presses universitaires Paris, , Le Suicide: Étude de sociologieÉmile Durkheim:-3 de p. 19), 1981, 463 o» )n Quadrige , coll. «France

4-- Durkheim, Émile. Les formes élémentaires de la vie religieuse, Presses édition, 2003. p. 604 eUniversitaires de France, 5

)Polish Peasant in Europe and America) وأمريكا ح البولندي يف أوروابالفال -2 ل : وليام ازاك توماس و فلوراين ولتورد زاننيكي:

ذلك الوقت حتت يفكانت واقعة اليت بولندة يفولد 1959-1882زاننكى عاش من ويلتورد فلوراينلعلم البولنديإنشاء املعهد يفأوائل علماء االجتماع البولنديني الذين شاركوا ، وكان مناألملايناالحتالل

وضع كتاب يفاشرتك مع وليام إيزاك توماس 1914وىف عام ،االجتماع، واجمللة البولندية لعلم االجتماعاستخدام بعض املناهج واألدوات يفكانت رائدة اليتالدراسة يكا، وهأوراب وأمري يف البولنديالفالح

اإلنسايناستخدام املعامل يفكما كانت رائدة ،اجلديدة )كاملذكرات الشخصية، وتواريخ احلياة، واخلطاابت(هذه الدراسة البداايت زادت، وكذلك االجتماعيالتفاعل يفاملشاركني معايناالعتبار دائما يفأيخذ الذي

نشرها بعد ذلك، اليتكتبه يفوقد طور زاننيكى تلك املناهج واألدوات ،األوىل للوصف املنظم للمجتمع.1965 عام ، العالقات االجتماعية واألدوار االجتماعية الصادرالثقايفمثل: الواقع

(1863-1947 ( William Isaac Thomas وليام ازاك توماسأما حيث التحق ابجلامعة كأستاذ مساعد منذ سنة ،ملدرسة شيكاغو املنتمني إىل اجليل األول من الباحثنيينتمي ف

وقد جاء إىل السوسيولوجيا عن طريق الفلسفة وعلم النفس ، 1900مث أستاذا مشاركا يف سنة 1897سائد آنذاك يف وقد أتثر ابملناخ الفكري ال ،حيث سبق أن درس هذه املواد يف جامعة برلني،اإلجتماعي

مبادئ يف علم “ خالل سنوات تكوينه مبؤلف وقد أتثر ،جيل املؤسسني اليهاينتمي اليت ناجلامعة األملانيةوتظهر النزعة النفسية ،الذي قرأه حني كان طالبا وحدد توجهاته املعرفية الحقا رسهربرت سبين” اإلجتماع

يف اليت تناول فيها قضااي هتم النوع واإلختالفات اجلنسية ومدى أتثريها ،اإلجتماعية يف أعماله األوىل

،وهو 1896ختالفات اجلنسية واجملتمع عام اال مثل أطروحته لنيل الدكتوراه اليت حتمل عنوان السلوك ، تقريبا

دفعه ولعل هذا التوجه النفسي اإلجتماعي هو الذي سي ،(1907مؤلفه األساسي اجلنس واجملتمع )نفس كوسيلة ،الحقا الستعمال املنهجية املعتمدة على السرية الذاتية وقراءة الواثئق واملراسالت الشخصية

وقد استعمل هذه املنهجية بنجاح يف البجث ،موثوقة و الستخراج املعلومة واحلصول على معطيات أساسيةوالذي فلوراين زاننكي ساعدة األصول البولندية مب ويذالواسع الذي أشرف على إجنازه حول املهاجرين

أول حبث ،ويعترب هذا البحث الذي قامت بتمويله مؤسسة خاصة ،”الفالح البولندي“ نشره حتت عنوانوقد طبق الباحث بنجاح هذه املنهجية يف دراسة عدد من ،ميداين جدي يف السوسيولوجيا األمرييكية

اهرة الفوضى ظوموضوع اجلرمية و ،ت العرقيةاماعاملواضيع من بينها وضعية املرأة والعالقة بني اجل 1927كما مت تعيينه سنة ،اشرف على إدارة اجمللة املشهورة أنسبق ه قد دير ابلذكر أناجلو ،اإلجتماعية

ع.رئيسا شرفيا للجمعية األمرييكية لعلم اإلجتما ضخمة من مؤسسة خاصة " األستاذ جبامعة "شيكاغو" على منحة توماس ازاك وليامحصل " 1905يف عام

لدراسة املشكالت املرتبطة ابهلجرة األوروبية إىل الوالايت املتحدة، وبعد ذلك بقليل قرر أن يركز على الفالحني البولنديني الذين يشكلون نسبة كبرية من السكان األجانب يف "شيكاغو"، وميثلون مشكلة

" الشاعر والفيلسوف، ونظم زاننيكيولتورد فلوراينيف إحدى رحالته إىل بولندا تعرف على "،و ابرزةإجراءات سفره إىل الوالايت املتحدة ليعمل معه يف هذا املشروع البحثي، وقد نشر تقريرمها املشرتك بعد

.1احلرب العاملية األوىل مباشرةوتتكون البياانت اخلام من جمموعة ضخمة من الواثئق: خطاابت شخصية، وقصص صحفية،

، وإحصاءات الروابط " parish historiekاتريخ األبرشية "دم جلمعية اهلجرة، وواستمارات التقاألمريكية، وسجالت القضااي من احملاكم واملؤسسات اإلجتماعية، وال نعرف عدد الواثئق -البولندية

يها سرية اجملموعة، غري أن ما يزيد عن ألف منها موجودة يف كتاب "الفالح البولندي يف أورواب وأمريكا" مبا ف"، ويف رأي املؤلفني أن سجالت احلياة الشخصية تعد Wladekذاتية طويلة ومثرية ملهاجر امسه "والديك

1 Willian thomas and Florian zaniecki, the Plish Peasant in europe and Amirica, 2Vols, NEW York, knopf, 1927. Republished in facsimile New york, Dover, 1920.

. وميثل املنهج الرئيسي يف منط من أمناط حتليل املضمون، وهو 2"أكثر أمناط بياانت علم االجتماع اكتماال" نقها األشخاص الذين تشري إليهم الواثئق.البحث يف الواثئق عن شواهد على االجتاهات والقيم اليت يعت

توماس وتعد االجتاهات والقيم مبثابة املصطلحات األساسية يف هذه الدراسة، والقيم االجتماعية عند " مادي –فالقيمة االجتماعية هي شيء ،" عبارة عن شيء يشبه الظواهر االجتماعية عند دوركاميزاننيكي و

" أبي تفسري يف علم زاننيكي توماس ومفيدا ألعضاء اجلماعة االجتماعية، يعرتف "يعد -أو غري مادياالجتماع يتجاهل الظواهر االجتماعية أو الدوافع الفردية، حيث يقوالن: "إن سبب القيمة أو االجتاه ال

.3ميكن أن يكون االجتاه أو القيمة وحده ولكنه دائما مزيج من االجتاه والقيمة"ني االجتاهات الفردية والقيم االجتماعية لدى كل فرد بواسطة عدد ضخم من يتببزج ويتحقق امل

الرغبات اليت ميكن إشباعها يف احمليط االجتماعي فقط، وميكن حصر األمناط العامة للرغبات يف أربعة: الرغبة يف اكتساب خربات جديدة. -1 والتقدير االجتماعي العام. الرغبة يف كسب االعرتاف، وهذه تشمل االستجابة اجلنسية -2 الرغبة يف السيطرة، وهذه تشمل امللكية والقوة السياسية. -3 الرغبة يف احلماية، وهذه تشمل تدعيم الزمالء وصحبتهم. -4

وقد عرفت هذه الرغبات األربع املشهورة يف صياغة أخرى قدمها "توماس" فيما بعد، حيث استبعد حت الرغبات األساسية هي: اكتساب خربات جديدة، وكسب االعرتاف، الرغبة يف السيطرة، وأصب

واالستجابة، واحلماية.وكما يبدو واضحا من عنوان الكتاب: "الفالح البولندي يف أوراب وأمريكا"، فإنه حيلل وضع

كان حمور الفالحني البولنديني يف هاتني القارتني، ومع أن الرتكيز انصب على أوراب، فإن التغري االجتماعي االهتمام يف هاتني القارتني، وتعد اجلماعة األسرية يف القرية البولندية التقليدية هي الفاعل االجتماعي

وتعد واجبات أعضاء األسرة جتاه بعضهم بعضا مسألة التزام ،األساسي، وخيضع األفراد هلا إىل أبعد حد ممكنحتظى املعاشرة اجلنسية أبي قيمة مستقلة، ومن الناحية ال مسألة عاطفية، ويتم ترتيب الزواج بني األسر، وال

العملية تعد األسرة اجلماعة االجتماعية املنظمة الوحيدة اليت ينتمي إليها الفالح، وليست عالقات األسرة جبرياهنا من األسر عالقة وثيقة، غري أن هناك تضامنا قواي يف كل قرية، ألن مجيع الفالحني يعتنقون نفس

.بتصرف 23 -18ص نفس املرجع ، ص - 2 .44نفس املرجع ، ص - 3

وينعزل هذا اجملتمع هبذه ،ل أدوارهم وعالقاهتم، كما يؤمنون بنفس املعتقدات حول الدين والسحراآلراء حو الصورة التقليدية انعزاال واضحا عن املؤثرات اخلارجية، وال توجد أرسقراطية مالكة لألرض تتحكم فيه، كما

يوجد عدد حمدود من املدن اجملاورة.حتطم هذا النمط بفعل التغريات االقتصادية واملؤثرات " كيفية توماس و زاننيكي" اوقد أوضح

مما ساعد األفراد على تكوين اجتاهات جديدة تتعارض ،األخرى اخلارجية اليت أضعفت تضامن األسرة والقريةويعرفان ،مع القيم األسرية، كما أدت ظهور التباين يف اآلراء واملعتقدات والتوجيهات االقتصادية يف القرية

االجتماعي" أبنه تقلص أتثري املعايري اجلماعية على أعضاء اجلماعة ويوضحان أن هذا التفكك "التفكك مما أدى إىل عملية إعادة التنظيم 1900أصبح مييز كل جانب من جوانب اجملتمع القروي يف بولندا بعد عام

Reorganisation ففي األسرة حلت القيم واالجتاهات املرتبطة ابملتعة ،Hedonistic حملالتضامن األسري، ويف القرية حل السعي حنو النجاح والتفوق االقتصادي حمل الروح اجلمعية احملافظة

القدمية، كما شهد اجملتمع األكرب يف بولندا منو طبقة وسطى جديدة وتعاظم الروح القومية، وحترير املعتقدات جلديدة من خالل التعليم والصحافة.الدينية، وظهور احلركات الثورية، وتعاظم انتشار األفكار ا

وقد ظهرت صورة أكثر تطرفا للتفكك عندما هاجر الفالحون إىل الوالايت املتحدة اتركني وراءهم أن املهاجرين مل يدخلوا اجملتمع "توماس و زاننيكي"ويوضح ،قراهم البولندية، كما استقلوا عن أسرهم أيضا

األمريكي مباشرة، فقد كان جمتمعهم األول مكوان من املهاجرين اآلخرين، وكان العامل الذي دخلوه عامل األمريكيني وليس عامل األمريكيني الوطنيني، وهنا جند مرة اثنية أن التفكك تبعه إعادة –املهاجرين البولنديني

جديدة، فقد ظهرت مجعيات املهاجرين، واألبرشيات البولندية واجلمعيات تنظيم وظهور اجتاهات وقيماألمريكية لتحل جزئيا حمل الدعائم اجلماعية –اخلريية، والنظام التعلمي التابع للكنيسة، والروابط البولندية

يف الوالايت اليت افتقدها املهاجرون بيد هذه اجلماعات األولية القدمية، ويشيع بني الفالحني البولنديني" أبنه افتقاد الفرد املقدرة على تنظيم حياته من زاننيكي و توماس يعرفه "الذي املتحدة التفكك الفردي،

هو نفسه التفكك االجتماعي على الرغم من الرتابط ،اجل حتقيق أهدافه اخلاصة، وليس التفكك الفرديالجتماعي، يف حني يتمكن بعض األفراد بينهما، إذ يصبح بعض األفراد مفككني عندما يسود التفكك ا

.(1)اآلخرين من ابتداع أمناط جديدة وانجحة للفعل

وتتمثل الصورة املميزة للتفكك الفردي بني الفالحني البولنديني يف الوالايت املتحدة يف: اإلعالة الطريقة اليت االقتصادية، وتقوض العالقات الزواجية، والقتل، واحنراف األحداث، وميكن االستشهاد على

" املشكالت السلوكية ابلكشف عن االجتاهات والقيم الكامنة وراءها من خالل توماس و زاننيكيفسر هبا "اليت تقوم هبا احملاكم واملؤسسات االجتماعية للحيلولة دون ،االقتباس التايل الذي يناقشان فيه نتائج اجلهود

اهنيار أسر املهاجرين.الذي ال ،مريكيون اليوم يف الغالب مواطنني ينتمون إىل اجليل الثالث أو الرابعاأل –ويعد البولنديون

يعاين مشكالت ختصه وحده، غري أن التحليل السابق ال يزال ينطبق على بعض املهاجرين اجلدد واملهاجرين الذين يقيمون يف قاع املدينة.

124-123،ص صنفس املرجعاجلوهري حممد، -1

روبت و هيلني ليندميدل اتون: -3" تعليمه ليصبح كاهنا يف الكنيسة الربوتستانتية، ويف أوائل العشرينات قام هو روبرت ليندتلقى "

يف جمتمع حملي أمريكي منطي، وكان املكان الذي ،وزوجته إبجراء مسح عن األنشطة واملمارسات الدينيةينة صناعية صغرية يبلغ عدد سكاهنا حوايل بوالية "اندايان"، وهي مد "Muncie "مونسياختاره هو مدينة

م،وقد استبدل اسم هذه املدينة ابس"روبرت ليند"ألف نسمة، وهي تقرتب كثريا من مكان ميالد 40واتسعت لتغطي ،، وسرعان ما جتاوزت الدراسة هدفها األصلي"Middletownاتون مستعار "ميدل

مجيع اجلوانب األساسية للحياة االجتماعية املنظمة حتت ستة عناوين هي: كسب القوت، وأتثيث املنزل، الصغار، واستخدام وقت الفراغ، واملشاركة يف املمارسات الدينية، واملشاركة يف أنشطة اجملتمع ’ وتنشئ

لى سبيل املثال جند أن مناقشة أنشطة اجملتمع احمللي، وتنقسم كل فئة من هذه الفئات إىل أقسام أخرى، فعاتون" مشلت وسائل اإلدارة احلكومية، واحملافظة على الصحة ورعاية املعوقني، واحلصول على احمللي يف "ميدل

املعلومات، والعوامل املفضية إىل تضامن اجلماعة وكذا العوامل املؤدية إىل إعاقة هذا التضامن.جلمع البياانت ملدة استغرقت مثانية عشر ،اونيهما بفتح مكتب يف مبىن حملي وقام "ليند وزوجته" ومع

شهرا، وخالل تلك الفرتة شارك "ليند وزوجته" قدر اإلمكان يف مجيع جوانب احلياة ابجملتمع احمللي، واعتمد

ة على مقارنة التقرير النائي للبحث على مزيج من البياانت الرمسية واالنطباعات غري الرمسية، وقامت الدراس (.1890اتون" منذ جيل مضى ) ( و"ميدل1925-1924اتون املعاصرة" ) دقيقة بني ""ميدل

وابإلضافة إىل املعلومات اليت حصل عليها "ليند وزوجته" ابستخدام املالحظة ابملشاركة، قاما انت، ومن بني الواثئق بفحص البياانت الواثئقية، ومجع اإلحصاءات، وإجراء املقابالت، واالستعانة ابالستبيا

املكتوبة جند تقارير التعداد، وسجالت املدينة واإلقليم، وملفات احملاكم، وسجالت املدارس، وتقارير الوالية وكتبها السنوية، والصحف، وحماضر االجتماعات، واليوميات الشخصية، وسجل القصاصات، واألحداث

رسة الثانوية، ومشل برانمج املقابالت حماداثت ومقابالت احمللية، ودليل املدينة، واخلرائط، وحوليات املد خمططة مع أبرز اإلخباريني، ومسح لعينة من أسر الطبقة العاملة، وعينة أخرى من أسر طبقة رجال األعمال.

اليت أصبحت من الكتب األكثر مبيعا، حيث ،اتون" أول كتب علم االجتماع وكان "كتاب ميدلة اليت ظهر فيها، وحظي مبناقشات حامية يف أرجاء الوالايت املتحدة خاصة يف طبع منه ست طبعات يف السن

" بسبب إسهامه ليند، وأصبح مؤلفا هذا الكتاب مشهورين بني عشية وضحاها، وقد حصل ""اتون ميدل" .1931وعني أستاذا لعلم االجتماع هبا عام ،يف هذا العمل على الدكتوراه من جامعة كولومبيا

ومجيع مدهنا اليت تشبه "ميدل ،قت فاجأ الكساد العظيم الوالايت املتحدة األمريكيةويف هذا الو لدراسة أتثري الكساد ،عاد "ليند وزوجته" إىل "مونسي" مع جمموعة كبرية من املعاونني 1935اتون" ويف عام

يف هذا البحث اليت أصابت كل نظام من النظم االجتماعية، وكانت املناهج املستخدمة ،ورصد التغريات اتون املتغرية" بعد سنتني فقط، وكان الثاين أكثر اختصارا من مناهج البحث األول، وقد نشر كتاب "ميدل

التغري الذي انتاب "ليند وزوجته" يفوق التغري الذي أصاب جمتمع الدراسة، ففي الفرتة الواقعة بني الدراستني ن العالقات املتصلة بكسب القوت وأصبحا يؤمنان اآلن أبتقبال وجهة النظر املاركسية للبناء االجتماعي،

لقد اهتزت ،ابإلضافة إىل القيم واملعتقدات السائدة ،هي اليت حتدد بناء النظم اإلجتماعية اخلمسة األخرى،ويف قدرته على التالؤم، وكان ذلك بدرجة أقوى من "ونلقدمية يف أسلوب املعيشة يف "ميدل اتثقتهما ا

للتغري الضخم الذي "ليند وزوجته"ومل يقتصر األمر على وصف ،لسكان يف هذا األسلوباهتزاز ثقة اكما سوف يتضح من بعد، بل إهنما عدال من وصفهما هلذا اجملتمع عام 1935عام "اتون ميدل"أصاب .(1) ة أكثر وضوحايبشكل أصبحت املالحم السلب 1925

اليت ،لي إىل طبقة رجال األعمالاالنقسام احلاد للمجتمع احمل ،ومن النتائج األساسية للدراسة األوىلحتصل على معظم دخلها من العمل مع الناس، وطبقة العمال اليت حتصل على معظم دخلها من العمل مع األشياء، وختتلف هااتن الطبقتان اختالفا حادا بدرجة تفوق ما يدرسه أعضائها ويتضح هذا االختالف يف

ظام املعيشة اليومي )الروتني اليومي(، والعالقات األسرية وكذلك املعتقدات الدينية فرص احلياة، ونوالسياسية إىل حد ما، وتتشابه عادات أفراد الطبقة العاملة يف بعض اجلوانب مع عادات أفراد طبقة رجال

تنتقل ببطء إىل وتظهر السمات الثقافية اجليدة يف طبقة رجال العمال أوال، مث ،األعمال من اجليل املاضي طبقة العمال.

وكان أتثري هاتني الطبقيتني ابلتغيري االجتماعي بدرجة غري متكافئة، كما كان الصغار أكثر استجابة هلذا التغري من والديهم، وكانت النساء أكثر استجابة من الرجال خاصة يف طبقة رجال األعمال.

132،ص نفس املرجعاجلوهري حممد، -1

يف كل جانب تقريبا بعض التغريات أو بعض الضغوط الناجتة عن "اتتون ميدل"يف تظهر احلياةالفشل يف التغري، ويقف الفرد إبحدى قدميه على أرض صلبة من العادات النظامية الراسخة، وجيري بقدمه األخرى على سلم يتحرك يف اجتاهات عديدة بسرعات مذهلة، وتتوقف املعيشة يف مثل هذه الظروف أوال

وقبل كل شيء على حتقيق قدر من التوازن. قد بدأت تصحح وضعها الناتج عن اهنيار الصناعة، والبطالة "اتون ميدل"كانت 1935ويف عام

اليت حدثت خالل السنوات اخلمس املاضية، وتعطل التقدم االقتصادي ،السافرة، واخلسارة يف املمتلكات ربع األسر يعيش على املساعدات العامة، واخنفضت أعداد وأصبح حوايل ،للمجتمع احمللي تعطال كامال

يد املباين اجلديدة، وشهد نظام العمل حتوال بفعل القواعد الفيدرالية، يالزجيات والوالدات، وتوقف تشمثل الصراع بني "اتون يدل"موانتشار احلركة النقابية بني العمال، والصراعات الكامنة يف القيم داخل جمتمع الفردية و املسؤولية اجلمعية، ذلك الصراع الذي شق طريقه وطفا على السطح.

من األوهام جمرى طبيعيا موازاي، فقد اكتشف مالمح بغيضة للحياة يف "ليند وزوجته"وقد اختذ وضحت ، ففي مناقشة الدعارة أ1925تغاضيا عنها أو صوراها بدرجة أقل من الواقع عام "اتون ميدل"

ليند "الدراسة األوىل احنسارها، ووجود بيتني أو ثالثة ملمارسة الدعارة يف اخلفاء، وبعد عشر سنوات اكتشف متثل مركزا للدعارة إلقليم كبري وأهنما فشال يف مالحظة وجود 1925اتون كانت يف عام أن ميدل "وزوجته

على دراية أبن نسبة كبرية من "ليند وزوجته"منطقة حي البغاء جبانب حي األعمال، وعلى حنو مشابه أصبح السكان كانوا يعيشون يف مساكن متهدمة ال توجد هبا مياه نقية أو تدفئة كافية، وأن إدمان املسكرات كان

، وأن التعصب ضد الزنوج كان ميثل مرضا مستوطنا، وأن الصحافة احمللية كانت تتعرض 1925منتشرا عام .(1)لنهر كان ملواث بدرجة خطريةاة، وأن للمناورات وملؤثرات غري قومي

حول البناء الطبقي لتأخذ ،أعادا النظر يف وجهة نظرمها السابقة ،واألهم من ذلك أن ليند وزوجتهدور األسر ذات النفوذ اليت كانت متتلك الصناعة احمللية الرئيسية، واليت كانت متارس نوعا من ،يف اإلعتبار

ي برمته من خالل عالقاهتا اإلسرتاتيجية مع البنوك الرئيسية، واملكاتب القانونية، السيطرة على اجملتمع احمللوجملس التعليم، واجلمعيات اخلريية، والكنائس، والصحافة، وجود طبقة عليا انشئة تتكون من رجال الصناعة

ويقسمان اآلن طبقة ،األثرايء، وأصحاب املديرين احملليني للشركات الوطنية، وقلة ثرية اتبعة هلذه اجلماعات رجال األعمال إىل طبقة

133،ص نفس املرجعاجلوهري حممد، -1عليا مؤلفة من أصحاب املصانع، والتجار، وأصحاب املهن الفنية املتخصصة، واملديرين –وسطى

دنيا تتألف من صغار ابعة التجزئة، والعاملني ابخلدمات، وأصحاب املهن –التنفيذيني، وطبقة وسطى الفنية.

من هذه التقسيمات احلادة إىل أن احلرب الطبقية على وشك احلدوث، بل "ليند وزوجته"ومل خيلص يف الطريق الوسط املعتاد، وتتكيف بعناد مع التغريات الالزمة "اتون ميدل"يبدو من احملتمل أن تسري

.وتشكل مستقبلها من خالل عمليات التوفيق واحللول الوسطى جتارب هوثورن: مايو، روثلسربجر، ديسكون -4

وقد قام بتجاربه على العمال يف ،( أحد علماء علم اإلدارة املشهورين1880-1949لتون مايو )اجورج

وقد أكد ،ثورن بشيكاغو كان اهلدف من التجارب معرفة أثر البيئة احمليطة ابلعمل على اإلنتاجية و مصانع ه

مايو وزميله )روثليز برجر( أن حل املشاكل اإلنسانية يف العمل يتم عن طريق االهتمام ابلعنصر اإلنساين

ودراسة سلوكه" وبذلك انطلقت مدرسة العالقات اإلنسانية من قاعدة أساسية أمهلتها املدرسة الكالسيكية

السلوكيني مث املدرسة االجتماعية( حىت ولو مت وهي" إنسانية الفرد وكذا عالقته ابجلماعة )من خالل دراسة

وبذلك ،توفري مجيع الشروط املادية، ميكن أن حيقق االهتمام ابلفرد نتائج قد تكون أحسن من األوىل

وهذه العالقات بني األفراد ال تكون يف إطارها الرمسي عن طريق السلطة إمنا ،تستطيع أن حيقق إنتاجية أكرب

.ادلة والتعاون املشرتك، وكانت أهداف األفراد تتماشى مع أهداف املؤسسةعلى أساس الثقة املتب

يف مصنع بشركة "ويسرتن إليكرتيك"اليت عرفت أيضا بدراسات شركة "جتاري هوثورن"أجريت ، حتت إشراف مشرتك 1932إىل 1927ويسرتن إليكرتيك يف دائرة هاوثورن مبدينة شيكاغو يف الفرتة من

، وقد نشر تقرير البحث "إلتون مايو"ابلشركة وفريق من الباحثني جبامعة هارفارد بقيادة من بعض العاملني ه، غري أن"وليام ديسكون"و "روثلسربجر"من أتليف 1939عام (4)"اإلدارة والعمال"النهائي حتت عنوان

اإلنسانية للحضارة املشكالت "املوسوم ب: "مايو"موجزا ابلنتائج ظهر قبل ذلك بعدة سنوات يف كتاب .(5)"وايت هيد"، كما نشر من قبل أيضا تقرير إحصائي تفصيلي من أتليف "الصناعية

قدم عرضا خمتصرا مبسطا للنتائج، فقد صاغها يف منظور أوسع يوضح صلتها مبفهوم "مايو"ومع أن ون احلياة اليومية اإلنسانية، ؤ ة يف شيعلى أمهية النظرايت غري املنطق "ابريتو"، وأتكيد "دوركامي"األنومي عند

"فرويد"و جانيت، والنظرايت النفسية عند "اينكي سييت"وإيكولوجية شيكاغو، والنتائج األولية لدراسة أفكارا رئيسية "مايو"، وقد مجع "جزر الرتوبياند"، وسلوك السكان األسرتاليني األصليني وسكان "بياجيه"و

مبا يدعم إدعاءه الرئيسي، وهو أن الصناعة "جتارب هوثورن"من هذه املصادر العديدة ليضمها إىل نتائج حتتاج إىل مستوى رفيع للغاية يف القدرات واملعارف اإلدارية من أجل احملافظة على اإلتصال والتعاون الوثيق

مال.املطلوبني لكفاية اإلنتاج والسعادة الشخصية للعشركة اتبعة للشركة األمريكية للتليفون والتلغراف، وهي تصنع معظم "ويسرتن إليكرتيك"وشركة

شركة ضخمة تعمل يف إنتاج املعدات التليفونية "هوثورن"املعدات اليت حتتاجها الشركة األم، ومصانع

4 F.J.Roethlisberger and William, J. Dickson (with Harlo A. Wright), Management and the

Worker, Cambridge, Mass, Havard University Press, 1939. التعب يف وكان هذا املشروع مبثابة مثرة حبث سابق عن،يويوركنميالن بسدار ماك نع 1933وقد صدر هذا الكتاب يف طبعته األوىل عام 5

ة، العمل الصناعي الذي كان جيري مبعمل دراسة التعب جبامعة هافارد وكان مدير املعمل آنذاك لورانس هندرسون، املتخصص يف الكيمياء احليويوقد ،ةكان يقدم يف بعض األحيان حماضرات يف علم االجتماع، وهو يشغل مكانة متميزة يف اتريخ البحث االجتماعي يف الوالايت املتحد اكم

ايو إىل توىل ابلتشجيع والتوجيه البحوث األوىل اليت قام هبا كل من ابرسونز، ووايت، وبريانرد، وآرنسربج، وهومانز، وغريهم، مث انتقل إلتون م .بدأ مشروع حبث ويسرتن إليكرتيك1927ويف العام التايل مباشرة ،1962هافارد وبدأ تعاونه مع هندرسون يف عام

من األجانب أو أبناء بكميات ضخمة، وأثناء القيام ابلدراسة كانت نسبة كبرية من قوة العمل تتكون املهاجرين، وكانت نقابة العمال وقتها ضعيفة غري مؤثرة، ومع ذلك مل تكن تبذل أي حماوالت جادة لدعم

كيان النقابة وتقويتها.من مخس دراسات مستقلة لكل منه منهاجا ونتائجها املختلفة، وكلها "هوثورن"وتتكون جتارب

ال يتحدد بدرجة كبرية بطبيعة العالقات االجتماعية مع أقراهنم من ها أن إنتاج العمدافتسلم إىل نتيجة م العمال ومع املشرفني، وهذه الدراسات اخلمس هي:

حجرة اختبار خط التجميع املناوب )أي القائم ابلعمل وقت البحث(. -2جتارب اإلضاءة. -1 كة األسالك.حجرة مالحظة شب-5تقسيم اجملموعات إىل فرق. -4برانمج املقابالت. -3

وسوف نناقش ثالاث فقط من هذه الدراسات فيما يلي:قبل "ويسرتن إلكرتيك": أجريت هده التجارب من قبل على يد املسؤولني عن شركة جتارب اإلضاءة -1

فرد، وصممت هده التجربة بغرض الكشف عن عالقة اإلضاءة ابلكافية الصناعية، ر وصول فريق جامعة هااألوىل زايدة مستوى اإلضاءة بدرجات بطيئة يف ثالثة أقسام تؤدي مهاما خمتلفة، وتبني يف ومت يف التجربة

ه األقسام أن الكفاية تزيد يف حتسن اإلضاءة، يف حني مل يتضح أي أتثري لإلضاءة يف القسم ذقسمني من هضابطة تعرضت إلضاءة لاه اجملموعة ذالثالث مت اختيار جمموعة واحدة لتعمل يف إضاءة متغرية، ومت مضاهاة ه

اثبتة قدر اإلمكان، وكانت النتائج مباغتة، حيث زادت اإلنتاجية يف اجملموعتني التجريبية والضابطة بنفس القدر تقريبا، ويف التجربة الثالثة مت تعريض اجملموعتني: التجريبية والضابطة إلضاءة صناعية الستبعاد

ومت ختفيض مستوى اإلضاءة ابلتدريج يف حجرة اجملموعة االختالف يف كمية ضوء النهار الواصل إليها، التجريبية.

وتبني للمرة الثانية أن كفاية اجملموعتني: التجريبية الضابطة تزيد بنفس املعدل تقريبا، ومل يبدأ اإلنتاج تقريبا، يف االخنفاض إال بعد أن قام الباحثون بتخفيض اإلضاءة يف اجملموعة التجريبية إىل مستوى ضوء القمر

حبيث مل يعد العمال قادرين على رؤية املواد اليت يعملون فيها إال بصعوبة.ويتضح من هذه التجارب أن اإلضاءة تؤثر أتثريا ضئيال يف اإلنتاج، وأن الزايدة امللحوظة يف هذا

ة البحث نفسها أو وحتدد هذا العامل اخلفي بتأثري عملي ،اإلنتاج أثناء التجارب البد أهنا تعود إىل عامل آخرووفقا هلذا التفسري )الذي مل يقبله الباحثون األصليون(، فإن العمال تعرضوا ،ما أطلق عليه "أتثري هوثورن"

لربانمج جترييب، وأن االهتمام الشخصي الذي انلوه مع الربانمج كان له أتثري يف تغيري حالة الالمباالة واملسافة وتوصيلهم إىل حالة دفعتهم إىل العمل اجلاد، وابلتايل زاد اإلنتاج ةمع اإلدار االجتماعية يف عالقاهتم الطبيعية

بغض النظر عن مقدار التحسن يف ظروف العمل املادية اليت أحدثتها التجارب، وقد لوحظ ظهور أتثري ن يف مؤسسات أخرى كاملدارس، واملكاتب، واملستشفيات، والسجون وأماكن أخرى فضال عن ر هوثو

بعا.املصانع طعن برانمج تدرييب "ويسرتن إليكرتيك"انبثق برانمج املقابالت يف شركة برانمج املقابالت: -2

، كما انبثق أيضا عن اكتشاف وجود عالقة بني ةكشف عن نقص املعلومات حول الروح املعنوي ،للمشرفنيمرحلتني: األوىل: دراسة اإلشراف والروح املعنوية يف حجرة االختبار، وكان برانمج املقابالت يتألف من

، والثانية: برانمج متصل مشل 1929إىل فرباير 1928استطالعية أجريت يف أحد فروع الشركة من سبتمرب 1931، وقد توقف الربانمج عام 1930و 1929ألف كمقابلة مع العاملني يف الشركة عامي 20حوايل

إىل تعثر التجارب األخرى، بيد أن الربانمج عاد نظرا حلدوث اخنفاض مماثل يف النشاط اإلنتاجي، مما أدى حتت مسمى "اإلرشاد "هورثون"ليصبح من املالمح الدائمة لإلدارة العمالية يف مصانع 1936مرة اثنية عام

."العمايلاليت اعتقدوا أهنا ترتبط ابلروح املعنوية ،ويف بداية الربانمج أعد القائمون ابملقابلة قائمة ابملوضوعات

التدفئة، والتهوية، والتخزين، وحوادث العمل واملزااي اإلضافية، وفرص الرتقية، وقد واجه القائمون مثل ابملقابلة صعوابت يف إلزام املبحوثني هبذه املوضوعات، وجاءت النتائج أكثر إاثرة عندما سارت املقابلة على

الباحثون أسلواب جديدا للمقابلة أطلقوا طبيعتها دون اإللتزام ابملوضوعات احملددة، وبعد عدة مناقشات اتبععليه األسلوب غري املباشر، أو ما يطلق عليه اآلن املقابلة غري املوجهة، فقد ترك للمبحوث أن خيتار املوضوعات، ويقوم القائم ابملقابلة مبتابعة تفكري املبحوث دون أية حماولة لتغيري املوضوع أو التدخل يف ا

دقيقة، كما زاد متوسط 90دقيقة إىل 30ري أسلوب املقابلة إطالة وقت املقابلة من حملادثة، وترتب على تغيعدد صفحات تقرير املقابلة من حويل أربع صفحات إىل حوايل عشر صفحات، وقد تبني أن إاتحة الفرصة

خالل ساعات العمل وإاتحة الفرصة للكشف عن املشكالت الشخصية يف ،للحديث مع ابحث غري مدقق مستقل على الروح املعنوية للعمال.،اتمة مع غريب متعاطف له أتثري إجيايب سرية

وكانت هذه النتيجة على درجة كبرية من األمهية، وكان هذا هو هدف برانمج املقابالت عندما طبق مرة اثنية يف مصانع هورثون، ومع ذلك كان للربانمج األصلي أهداف أخرى، ومن خالل املقابالت اليت

ألف تعليق، وكانت تلك أول عملية حتليل 80استخرج قسم التحليل ابملشروع حوايل 1929عام أجريت مضمون متت على هذا النطاق الضخم.

يف أن مناخ العمل الذي يعمل فيه العمال ،وتتلخص النتيجة األساسية هلذا التحليل الشامل ذا أمهية اجتماعية، وحىت يتسىن فهم شكاوى العمال وكذا مصادر -ورمبا غريهم من العمال –الصناعيني

ينبغي أن يؤخذ يف االعتبار أربع ظواهر خمتلفة: التنظيم االجتماعي الذي يتم يف إطاره، واألحداث ،رضاهماق االجتماعية واألشياء واألشخاص املوجودون يف بيئة العامل، ووضع العامل داخل التنظيم، واألنس

اخلارجية اليت حتيط بعمله.على دراسة تفصيلية "ثونر هو "حجرة مالحظة شبكة األسالك: اشتملت التجربة األخرية من جتارب

ملوقف معملي من وجهة نظر علم االجتماع، وكان اهلدف من تصميم هذه التجربة الكشف عن أاثر التفاعل اليت متارسها ،دراسة بدأت يف الرتكيز على عملية تقييد اإلنتاج االجتماعي على سلوك العمال، ومع تقدم ال

(1)مجاعة األقران املنظمة تنظيما غري رمسي.

134،ص نفس املرجعاجلوهري حممد، -1لقد أخذت جمموعة من العمال الذكور من القسم الذي يعملون فيه، ووضعوا حتت املالحظة يف

طل الذي كانوا يقومون به، وكان عملهم هو توصيل أسالك خطو حجرة مستقلة ليستمروا يف أداء نفس العم 3عمال أسالك، 9رجال على النحو التايل: 14لوحة مفاتيح التليفوانت، وتكونت هذه اجملموعة من

حىت ال ينزلق إىل دور شبه ،من املفتشني، ابإلضافة إىل مالحظ مت ضبط سلوكه ضبطا دقيقا 2حلامني، وحيث انتهت ابنتهاء 1932إىل مايو 1931هذه التجربة األخرية من نوفمرب إشرايف، وقد استمرت

املشروع.ولقد ظلت أجور العمال وساعات عملهم على حاهلا، إذ أن نظام حوافز األجر يضع معيارا قدره

توصيلة يف اليوم، ويذكر معظم العمال إن إنتاجهم اليومي 6600توصيلة، غري أن العامل يقف عن 7200مع أن ذلك يتطلب جهدا متواصال وانشغاال هبذه األرقام، وابستثناء فرد أو فردين مل ،ب من هذا الرقميقرت

يندجموا كلية مع اجلماعة، استطاع بقية العمال أن يصلوا إىل هذا اإلنتاج تقريبا، وهذا يعين أن بعض العمال

لك، وتنتج اجملموعة ككل أقل مما تقدر ينتجون أقل مما يستطيعون إنتاجه ابلفعل، وبعضهم ينتج أكثر من ذ عليه.

كان أكثر إحكاما أثناء فرتة التجربة ،ويالحظ أن التنظيم االجتماعي الداخلي حلجرة األسالك امللحوظ جملموعات أصغر من الفتيات يف التجارب السابقة، ومل يقتصر ،القصرية من التنظيم االجتماعي

ر معايريها اخلاصة هبا، وتتحد على استقرار اإلنتاج عند املستوى األمر على أن اجملموعة استطاعت تطويتني تتفوق جمموعاملرغوب فيه، وحتافظ على التضامن ضد املشرفني، بل إن هذه اجملموعة انقسمت إىل

إحدامها على األخرى، ولكل منهما منط من التفاعل الداخلي اخلاص هبا.لتوضيح كيفية ،بتحليل ابرع هلذا اجملتمع الصغري بعد ذلك بعدة سنوات "جورج هومانز"وقد قام

حفاظ األنساق االجتماعية بصفة عامة على نفسها ضد الضغوط اخلارجية، وحتقيق توازن داخلي بني العواطف والنشاط مبا يكفل االمتثال ملعايري اجلماعة، وتناسب الثواب االجتماعي مع الرتبة االجتماعية،

. (1)األهداف املشرتكة وإجناز .134،ص نفس املرجعاجلوهري حممد، -1 دراسات اينكي سييت: ويد وارنر -5 اقد شارك فيه "لويد وارنر"، اليت كان "هوثورن"نتاجا مباشرا لتجرب "اينكي سييت"كانت دراسة

ل اهتمامه من اجملتمعات البدائية إىل اجملتمعات احلديثة، كان حو أنثروبولوجي ابحث "وارنر"لفرتة قصرية، وابجملتمع احمللي احمليط هبا، ولقد "هوثورن"لدراسة عالقة مصانع "ويسرتن إليكرتيك"قد خطط الباحثون يف

أابن البحث الدقيق وجود بعض املعوقات أمام دراسة مدينة كبرية كمدينة شيكاغو، وبدأ البحث عن جمتمع ميكن فيه دراسة مشكالت عمال املصنع يف إطار السياق اإلجتماعي الكلي الذي ،صناعي صغريحملي

أن يدرس جمتمعا حمليا أقل من األحياء الصناعية مبدينة شيكاغو، أي جمتمع "وارنر"يعيشون فيه، وقد رغب تياره ينحصر يف تتميز فيه األمناط االجتماعية ابالستقرار النسيب ومقاومه التغري، وهدا ما جعل اخ

يف "New Bury portبورت بري نيو"، وقد وقع االختيار يف النهاية على "نيواجنلند"

ألف نسمة 17، وهي مدينة ساحلية صغرية هلا اتريخ طويل ومتواصل، وكانت تضم حوايل "ماساشوسيتش" وقت إجراء الدراسة.

، وخرجت نتائج املشروع يف مخسة جملدات 1935واكتمل عام 1931وقد بدأ العمل امليداين عام وفقا خلطة البحث األصلية، وتغطي هده اجمللدات النمط 1959و 1941ضخمة ظهرت يف الفرتة بني ت عرقية يف ، وحتليال دقيقا لنسق املكانة، وأوضاع مثاين مجاعا"اينكى سييت"العام للحياة االجتماعية يف

اجملتمع احمللي )األيرلنديون، والكنديون الفرنسيون، واليهود، واإليطاليون، واألرمن، واليواننيون، والبولنديون اينكي "والروس(، والتطور املفاجئ اهلام لصناعة األحذية احمللية، والرموز السياسية والتارخيية والدينية يف

اجمللدات جمموعة من املشاركني واملساعدين األكفاء، وواصل كثري يف إعداد هده "وارنر"، وقد ساعد "سييت منهم إجراء حبوث هامة خاصة هبم فيما بعد.

جند للمرة ذمن نواح عديدة، إ "اتون ميدل"مع املشروع األول يف "اينكي سييت"ويتشابه مشروع يط سكانه علما أبهدافهم العامة، الثانية جمموعة متحمسة من الشباب الباحثني تنتقل إىل اجملتمع احمللي، وحت

وتسعى إىل مجع معلومة غزيرة ابستخدام طرق عديدة: املالحظات ابملشاركة،ورسم اخلرائط، والعد ات اإلحصائي، واملقابالت، واالستبياانت، واتريخ احلالة، والواثئق العامة، والصحف، واليوميات، واملذكر

هو وجود نسق واضح من الطبقات اإلجتماعية ،اف املبكر اهلامكان االكتش "ونوكما هو احلال يف "ميدل اتاتضح أن وجود الباحثني "اتون ميدل"يؤثر يف حيات السكان من مجيع اجلوانب، وكما هو احلال أيضا يف ،

كان له ضخم على الوعي االجتماعي للسكان موضوع للدراسة. ميدل"ه التشابه بينهما، فقد كان الرتكيز يف بيد أن االختالفات بني الدراستني تعادل يف أمهيتها أوج

فقد متت "اينكي سييت"، أما يف 1925و 1890منصبا على التغريات االجتماعية اليت حدثت بني "اتونعينة من اجملتمع األمريكي أو "اتون ميدل"دراسة التغري بصفة منتظمة عرب فرتة زمنية أطول، وميكن أن تعد

فإهنا متثل شرحية أقل منطية من احلياة األمريكية، "اينكي سييت"ب أمريكا، أما على األقل عينة من وسط غر اهتمام أبماكن معينة وأشخاص بعينهم، وتتمثل أهم االختالفات املنهجية "اينكي سييت"وقد ساد مشروع

على أهنا جتمعات، يف حني مت ترتيب البياانت اليت "اتون ميدل"بني املشروعني يف معاجلة اجلماعات يف من تعقب روابط األفراد ،حسب أمساء األفراد، ويتكون اجلزء الرئيسي من التحليل "اينكي سييت"مجعت يف

وعالقتهم ابستخدام نظام امللفات) ملف لكل فرد( الذي جيمع املعلومات بشكل فردي عن كل ساكن تقريبا من سكان املدينة.

كل منهما ينقسم بدوره إىل ،تألف النظام الطبقي من ست طبقات، أو من ثالث طبقات رئيسية وي توجد أمساء هلذه الطبقة تستند إىل أحياء املدينة ) مثل سكان شارع هيل، وسكان شارع سايد، ،كماقسمني

-قات الستوالطب ،وتدل هذه التسميات كتعبريات مهذبة عن التصنيفات الطبقية ،وسكان ريفر بروكر(العليا، والوسطى الدنيا، والدنيا العليا، -الدنيا، والوسطى -العليا، والعليا-العليا-هي: -بلغة وارنر

العليا من العائالت العريقة اليت حافظ أسالفها على وضع قيادي يف -الدنيا. وتتألف الطبقة العليا -والدنياالعليا( اليت يتشابه أسلوب -العائالت اجلديدة )العليا املدينة على مدى ثالثة أجيال على األقل، ويلي ذلك

-وتتكون الطبقة الوسطى ا،معيشتها مع أسلوب معيشة العائالت العريقة، ولكنه أسلوب مكتسب حديثتتألف ،كماالذين يتمتعون بقدر من االستقاللية،العليا من رجال األعمال وأصحاب املهن الفنية املتخصصة

نيا من صغار التجار والعمال أصحاب الياقات البيضاء.الد -الطبقة الوسطىالدنيا فتتكون -أما الطبقة الدنيا ،العليا -ويشكل عمال املصانع السواد األعظم من الطبقة الدنيا

من ساكين ريفر بروكر الذين يعملون بصفة غري منتظمة، وحيصلون على قوت غري مضمون من العمل بحر، واملهن غري النظامية.العرضي، وأعمال احلفر، وصيد ال

يف انتشار وجهة نظر -اتون ميدل–على غرار دراسات -اينكي سييت-وقد أسهم مشروع األمركيني عن جمتمعهم، واتضح أن التنوع احمللي هو أساس جتانس النظم يف اجملتمع األمريكي، مع ذلك فإن

كان بطبيعته سراي، وغري "نيو بري بورت"هذا التصور كان له مثنه مادام أن النسق الطبقي الذي منا يف وقد ،الدميقراطية واملساواة بني األشخاص مثلمعرتف به، واحنرافا غري شرعي عن املثل األمريكية السائدة

وأن يربهنوا على صحة ،أمكن للباحثني من خالل إظهار معامل هذا النسق أن يغريوا من طبيعته إىل حد ماأن جيعلوا من الصعب على اجلماعات الوسطى والدنيا ادعاء املساواة النظرية، حجج من ادعوا مكانة عليا، و

ومع الستينات مت التسليم على نطاق واسع بوجود نسق طبقي يف ،وهو االدعاء الذي كان موجودا من قبل "نيو بري بورت"يف "وارنر"الوالايت املتحدة، كما أن النسق الطبقي املؤلف من ست طبقات الذي وجده

موجود يف جمتمعات أخرى دون حاجة للبحث عن ذلك. : وليام فوت وايت(جمتمع النواصيجمتمع يف الشارع ) -6

جمتمعا غريبا ، وذلك عندما قام بدراسة -وهو خريج جامعة هارفارد -"وليام فوت وايتاكتشف " وتوجد عالقة بني دراسة ،1940و1937منطقة إيطالية حضرية متخلفة )كورنفيل( يف بوسطن يف الفرتة بني

" و"إيلوت كونراد أرينسربج" أساليب العمل امليداين من "وايت، فقد تعلم ""اينكي سييت"" ومشروع وايت" " يف إعداده تقريره.وارنرشابل" اللذين اكتسبا هذه املعرفة يف "اينكي سييت"، كما استفاد من نصائح "

) ابستثناء " قام هبذه الدراسة مبفردهوايتيف أن " ويتمثل االختالف البارز بني هاتني الدراستني مساعدة حمدودة له ومن زوجته(، واعتمد اعتمادا كبريا على منهج املالحظة ابملشاركة، وكان سكان

د ما من سكان "اينكي سييت"، حيث بلغ عدد سكاهنا ح"كورنفيل" وقت إجراء دراسة أكرب حجما إىل " أنه يدرس النظم االجتماعية هلذه املدينة دراسة كاملة، واحلقيقة أنه يتواألف نسمة، ومل يزعم " 20حوايل

أشار إشارات طفيفة إىل األسرة، والكنيسة، واملدارس، والقطاع الرمسي من االقتصاد احمللي، وكان موضوع اسة، ويصف حبثه هو العالقة التبادلية بني اجلمعيات التطوعية للشباب يف "كورنفيل" واملقامرة املنظمة والسي

اليت يطلق عليها -عصابة النواصي-" يف القسم األول من كتابه تطور مجعيتني شارك فيهما، ومها وايت" Italien commentryالنادي اإليطايل احمللي "،ومجعية صغرية يطلق عليها " Nortonsتونز ر "نو

club" وأعضاء النورتونز من صبية النواصي الذين ال تتعدى طموحاهتم وفرصهم اجملتمع احمللي، أما أعضاء النادي اإليطايل احمللي فهم جامعيون يتطلعون إىل وضع يف اجملتمع األكرب.

وكتاب "جمتمع النواصي" له طابع درامي ملحوظ، وال يوجد يف تراث علم االجتماع يتصف هبذه ائقة يف الوصف والدراما وإاثرة العاطفة والشعور. وقليلة متاما األعمال األخرى اليت ميكن أن الرباعة الف

تضاهيه يف هذه الرباعة وهذا التأثري. ويعود هذا الطابع إىل مشاركة املؤلف الوجدانية للناس الذين قام ري مشارك إىل مشارك غري " إىل أنه حتول تقريبا من مالحظ غوايتبدراستهم، ويف موضع من الكتاب يشري"

" قائد Docمالحظ، وكان يشعر أنه أقرب إىل "النورتونز" منه إىل النادي اإليطايل احمللي، وكان "دوك النورتونز أول إخباري له، وأصبح صديقه احلميم ومعاونه، وقصة "النورتونز" هي إىل حد كبري قصة "دوك" يف

ة البطالة الدائمة اليت عاىن منها بينه وبني الوفاء ابلتزامات القيادة، أايم جمده األوىل، مث ضياع هيبته كقائد حالودفعته يف النهاية إىل قطع صلته مع زمرته، أما القصة املختلفة للنادي اإليطايل احمللي فهي إىل حد كبري قصة

ماعي "، وهو انتهازي بال مبادئ على دراية جيدة ابلبناء االجتchic morelliقائده "شيك موريللي

" كلها مع وايت" وثعالبه، وكانت عواطف "ابريتولكورنفيل، وهي قصة التناحر يف صورة مصغرة بني أسود " األسود قليلة احلظ.

القسم الثاين من التقرير عبارة عن دراسة للبناء االجتماعي البتزاز األموال يف "كورنفيل"، وكان ا، وحيرصون على مهادنة الشرطة، وتوطيد عالقاهتم مع املبتزون يسيطرون على لعبة األرقام ويتحكمون فيه

" أهنا تكشف عن وايتالبناء السياسي الذي يشبع الوالء العرقي واالحتياجات احمللية، ومن مميزات دراسة "هذا النسق من أسفل إىل أعلى، وهناك فصل طويل حيدثنا عن كيفية خضوع اندي اجتماعي ورايضي صغري

يف انتخاابت املدينة، إن وضوح -ولكنه دور هام –قيام هذا النادي بدور حمدود ألحد املبتزين، وكيفية"، ووصفه الدقيق لألحداث، واستخدامه املستمر لالقتباس املباشر يعطي القارئ إحساسا وايتأسلوب "

ابملشاركة الشخصية." بدراسة يتواوهناك ملمح درامي آخر يف كتاب "جمتمع النواصي"، ففي الوقت الذي قام فيه "

منطقة حضرية متخلفة مع هناية الكساد العظيم، وكان مهتما اهتماما ظاهراي ابجلانب األسوأ من حياهتا )البطالة واإلسكان املتخلف، والرشاوي واملرتبات الثابتة اليت تدفع لرجال الشرطة، والفساد السياسي،

وصف "كورنفيل" أبهنا مكان خيلو من العنف واخلدع االنتخابية، والفرص احملدودة(، فإن تعاطفه قاده إىلواحلقد أو املعاانة احلقيقية، وقد أجنز مهمته يف دخول اجملتمع بنجاح لدرجة أوقعته يف حب مبحوثيه ووقعوا هم يف حبه، فقد كون لنفسه موطنا اثنيا يف أسرة صاحب مطعم حملي، وتعلم اإليطالية، وحاز مكانة مرتفعة

ن صداقات مع املبتزين، وشارك يف احلمالت االنتخابية، بل وأحضر عروسته اجلديدة بني "النورتونز"، وكو " ينسى حياده وينحاز إىل جانب القضااي احمللية وايتلتعيش معه يف "كورنفيل"، ويف بعض األحيان كان "

ته يف التصويت وبني احلني واآلخر كان يتمثل ملعايري أصدقائه بدرجة تفوق ما كانوا يتوقعونه منه، مثل مشاركعدة مرات يف يوم االنتخاابت، بل إنه فضل املعلومات غري الواثئقية وغري اإلحصائية والبياانت األولية املأخوذة مباشرة من امليدان بدرجة أكرب من املطلوب حىت يؤكد على أمهية التزامه ابلتفاعل الشخصي

املباشر."كورنفيل" أن صبية النواصي يعتنقون "القيم " يفوايتومن السلوكيات النمطية اليت اكتشفها "

احمللية"، أما الطلبة اجلامعيون فإهنم يعتنقون "القيم غري احمللية"، مبعىن أن صبية النواصي حيافظون على

الفضائل األصلية جملتمعهم احمليط هبم، يف حني أن طلبة اجلامعة الذين أتثروا ابألخصائيني االجتماعيني وغريهم اجملتمع األكرب تناسوا التزاماهتم حيال بعضهم بعضا يف سباقهم من أجل احلراك الصاعد.من مؤسسات

" يف كل تدرج طبقي يف "كورنفيل" نسقا من ثالثة مستوايت يتألف من صغار القوم، وايتومييز " قادة وكبارهم، ووسطائهم، وصبية النواصي هم صغار القوم، أما املبتزون والساسة فهم علية القوم، أما

عصاابت النواصي فهم الوسطاء الذين يصلون بينهما. وميتد هذا النمط إىل التدرج اهلرمي فوق الطبيعي يتخذون من القديسني وسطاء ليتشفعوا هلم عند "علية -شأهنم يف ذلك شأن صغار القوم–حيث أن العباد

القوم".املتدرجة العامة، إذ إن كل رابطة بيد أن التدرج الطبقي يف "كورنفيل" يضم أكثر من هذه الفئات

" مبالحظاهتما هلا نظامها الطبقي الدقيق اخلاص هبا بغض النظر عما يبدو وايتمن الرابطتني اللتني قام "" أن يبني بوضوح اعتماد املكانة على وايتللوهلة األوىل من متييز الرابطة ابلبساطة والالرمسية، واستطاع "

جلماعة، لدرجة أن مكانة الفرد تقيس مقدرته النسبية على االمتثال لقيم جمموعة من االلتزامات داخل ا اجلماعة.

ويكون القائد يف كل األحوال هو النقطة احملورية لبناء اجلماعة، وممثلها أمام العامل اخلارجي، والقائد ية مع انئبيه، وليست بدور احلكم يف الداخل، هو الذي يبادر أبنشطتها اجلمعية. وتكون العالقات اهلامة تلقائ

مع اتبعيه وأعوانه، وحتدث التغريات يف القيادة عن طريقة حدوث حتول يف العالقات بني من يرتبعون على قمة البناء، وليس بصعود من يقبعون يف القاع، ومتثل هذه التغريات مصدرات لقلق املشرتكني فيها أو املعنيني

اعه ابملرض عندما خيتل توازن اجلماعة.هبا، وقد يصاب القائد املخلوع وبعض من أتب"، إذ يعد وايت" من أكثر األشياء اليت تعلق ابلذهن من دراسة "Bowlingورمبا يكون أتثري نتائج لعبة "

أحد األنشطة األساسية يف زمرة "دوك"، وهم يعلقون أمهية كبرية على املهارة يف ممارسة هذه اللعبة، (البولنج)البداية أن مهارة الفرد يف لعب "البولنج" تضيف إىل مكانته يف اجلماعة، ولكنه انتهى " يف وايتوقد افرتض "

بعد مالحة طويلة إىل أن العكس هو الصحيح، إذ إن مكانة عضو اجلماعة هي اليت حتدد مهارته يف ينخفض "البولنج"، على األقل يف تلك املناسبات اليت جتتمع فيها اجلماعة كلها ملشاهدة مباراة هامة. و

مستوى أداء ذوي املرتبة املنخفضة بفعل الضغوط اجلافة واحلادة من اجلماعة، يف حني يلقى مؤازرة أبساليب مشاهبة.

إن املزج بني العناصر املوضوعية والذاتية يف كتاب "جمتمع النواصي" جيعل الواحد منا يتساءل عما خمتلف، وحتتاج دراسة جمتمع النواصي إىل ميكن أن يتوصل إليه يف نفس املوقف ابحث آخر لديه مزاج

تكرارها أكثر من أي دراسة أخرى يف تراث علم اإلجتماع، ويصعب تفسري وفهم األسباب اليت دفعت إىل ، "أليوت ليبو"عدم تكرار مثل هذه الدراسة، ابستثناء دراسة مشاهبة عن "جمتمع نواصي الزنوج" اليت قام هبا

املهنية واألسرية، وعرضت خلربة خمتلفة متام االختالف. واليت اهتمت بدراسة املشكالت

:(Gunnar Myrdal) جوانر مريدالاألزمة األمريكية -7وتويف يف سنة ،1898ديسمرب 6ولد يف السويد يف البراشيه ،هو اقتصادي سويدي من مواليد جوستاف

ممارسة القانون مع مواصلة دراسته يف وبدأ ،1923خترج من كلية احلقوق من جامعة ستوكهومل عام ،1987حيث عمل يف االقتصاد السياسي من ،1927حصل على درجة الدكتوراه يف االقتصاد يف عام اجلامعة لالقتصادعلى جائزة نوبل 1974حصل عام ، ودرس فرتات يف أملانيا وبريطانيا ،1929إىل 1925

. مشاركة مع فريدريش فون هايك، وأجريت 1937ن وضع الزنوج األمركيني مببادرة من مؤسسة كارنيجي عام جاءت دراسة "مريدال" ع

.1940حىت عام 1937،1938الدراسة امليدانية بسرعة ملحوظة يف الفرتة من عام وقد صممت هذه الدراسة لتكون دراسة شاملة عن الزنوج يف أمريكا، وكانت كذلك ابلفعل، واختري

ليدير مشروع البحث، -يف االقتصاد االجتماعي وله مسعته الدوليةوهو عامل سويدي متخصص –"مريدال" ألنه جاء من بلد ال تضم نسبة كبرية من السكان امللونني وليس هلا اتريخ يف التدخل االستعماري، وقد اصطحب معه من السويد "ريتشارد سترينر"، وبدء العمل ابلتجول طويال وبشكل مكثف يف أرجاء اجلنوب،

إلعداد 1941، فقد عاد مرة اثنية إىل أمريكا عام1940دال" عاد إىل السويد يف أوائل عامومع أن "مري وال بدرجة كبرية عن أفكاره األساسية.ؤ التقرير النهائي، وكان مس

ويعد هذا املشروع أكرب مشروع مشرتك يقوم به العلماء األمركيون حىت ذلك التاريخ، فقد اشرتك الدراسة كمستشارين، وخرباء، وابحثني، ومؤلفني، وتضم قائمة املشاركني نسبة منهم يف هذه 150حوايل

علماء االجتماع البارزين الذين كانوا على قيد احلياة يف ذلك الوقت، وقد ظهرت ثالثة جملدات كبرية منعلى عن اجلوانب االجتماعية لوضع الزنوج قبل اكتمال التقدير الرئيسي، كما ظهرت كتب عديدة اعتمدت

بياانت هذه الدراسة، وبقيت خمطوطات عديدة أعدت هلذا املشروع دون أن يتم نشرها.واملوضوع الرئيسي لكتاب "األزمة األمريكية" ويبدو يف غاية البساطة، كما يتضح من املقدمة اليت

كتبها "مريدال" لتقرير البحث:األمريكي، وهنا ميكن أساس "إن مشكلة الزنوج األمريكيني هي مشكلة متأصلة يف قلوب الشعب

التوتر بني اإلثنيات، ويستمر الصراع الضاري. وهذا هو جوهر هذا البحث. ومع أن دراستنا تغطي العالقات االقتصادية واالجتماعية والسياسية بني اجلماعات اإلثنية، فإن مكمن املشكلة هو األزمة األخالقية للشعب األمريكي، أي الصراع بني تقييمه

القي على خمتلف مستوايت الوعي والتعميم، وتعين "األزمة األمريكية" املشار إليها يف عنوان الكتاب األخالصراع العنيف بني األحكام القيمية على مستوى العام واليت سوف نطلق عليها "العقيدة األمريكية"، حيث

ات طبيعة قومية ومسيحية من يفكر األمريكيون ويتناقشون ويتصرفون حتت أتثري قوى لتعاليم أخالقية ذانحية، ومن بني األحكام القيمية على مستوايت خاصة للحياة الفردية واجلماعية حيث تسيطر على املواطن األمريكي وجهة نظره يف املصاحل الشخصية واحمللية، واحلقد االقتصادي واالجتماعي والعرق، واعتبارات

ب اجلماعي ضد أشخاص بعينهم أو مناذج معينة من الناس، ومجيع اهليبة واألمثال يف اجملتمع احمللي، والتعص .(6)صنوف الرغبات والدوافع والعادات املختلفة من انحية أخرى"

وتعين هذه العبارات أن أسباب مشكلة الزنوج األمريكيني ينبغي البحث عنها يف معتقدات وتصرفات األغلبية البيضاء ال يف معتقدات األقلية السوداء.

رأى "مريدال" أن القاسم املشرتك يف املشكلة العرقية األمريكية هو رفض األمريكيني البيض ويف ابإلمجاع تقريبا لالندماج مع السكان السود، واعتمادهم على إجراءات الفصل العنصري من أجل احليلولة

ابلنظام الرتاتيب للتمييز دون قيام عالقات وثيقة معهم قد تؤدي إىل التزاوج. وقد أشار "مريدال" إىل ما أمساهالعنصري عند الرجل األبيض أي األمهية النسبية امللتصقة بكل منط من أمناط التمييز العنصري من جانب األبيض، وهو النظام الرتاتيب الذي يضاد النظام الرتاتيب للتمييز العنصري عند السود أي األمهية النسبية

.XIVII ار ميردال، األزمة األمريكية، مرجع سابق، صفحةانظر جون (6)

ويبدأ النظام الرتاتيب للتمييز العنصري عند الرجل األبيض امللتصقة ابلتخلص من مجيع صور العنصري.بتحرمي التزاوج واالتصال اجلنسي بني الرجل الزجني واملرأة البيضاء، يلي ذلك وضع حواجز أمام قيام عالقات اجتماعية وثيقة، والفصل يف األماكن العامة، واحلرمان من حق التصويت السياسي، واملعاملة

املؤسسات العامة، وأخريا التمييز االقتصادي على هذا الرتتيب، ويبدأ النظام الرتاتيب املتحيزة من جانب للتمييز العنصري عند الزنوج ابلتخلص من التمييز االقتصادي.

وقد أصيب "مريدال" بصدمة عند مقارنة وضع الزنوج بوضع قطاعات سكانية أخرى حمرومة من ء وفقراء البيض، وأشار إىل أن القطاعات الفقرية من قوة العمل املشاركة الكلية يف االقتصاد مثل النسا

األمريكية ال تتحد ضد الطبقة املسيطرة ابملعىن املاركسي ولكنها تظهر عداءها حنوها وختضع هلا.التصاعد أو الرتاكم: ويعد مبدأ التصاعد أو الرتاكم، مبثابة اآللية اليت تبقى على الزنوج يف فقرهم.

": "إن تعصب البيض وحتيزهم حيافظ على إبقاء الزنوج يف وضع متدن من حيث مستوايت يقول "مريدالاملعيشية، والصحة، والتعليم، واآلداب اإلجتماعية، والعادات األخالقية، وهذا الوضع املتدين الذي يوجد

دنية فيه الزنوج يدعم بدوره تعصب البيض ضدهم، وهكذا نرى أن تعصب البيض ومستوايت الزنوج املت. وقد سلم مريدال أبن مجيع عوامل احلرمان متداخلة ومتشابكة، غري أنه أكد (7)يفضي كل منها إىل اآلخر"

على الصور االقتصادية للحرمان اليت يتعرض هلا الزنوج وال يزالوا معرضني هلا حبكم اهتمامه األساسي بعلم وضع مرضي حيث الحظ أهنم ميتلكون االقتصاد، وقد وصف الوضع االقتصادي للزنوج األمريكيني أبنه

ممتلكات حمدودة، وأن املعدالت املنزلية اليت لديهم غري كافية، ومدخلهم منخفض وغري منتظم، ويرتكز املزارعون الزنوج يف أقل القطاعات إنتاجا، كما يرتكز العمال الزنوج غري الزراعيني يف أدىن املهن اخلدمية

البطالة بني الزنوج بنسبة أعلى بكثري من معدهلا العام يف اجملتمع، كما أن والصناعية وأقلها أجرا، وترتفع ظهور النزعة النقابية يف الثالثينيات أصابتهم ابلضرر بدال من أن تؤدي إىل حتسن وضعهم نسبيا.

اختيار الشعب: بول الزار سفيلد وآخرون-8، يف أسرة 1901فرباير 13ينا يف يد يف ففيلولد عامل االجتماع النمساوي األصل فيلكس الزار س

(SOFIC)نشطت يف جمال الفن والثقافة والسياسة، فوالده اختصت يف التحليل النفسي، وتدريب علىروبرت وهلا (Robert) كان حماميا مشهورا بدفاعه عن النشطاء السياسيني الشباب جماان، ووالدته صويف

.75انظر جوانر مريدال، ص (7)

انشطا وقياداي يف املنظمات الطالبية االشرتاكية، بلغ كتاب عن حترير النساء، وهو ما شجعه ليكون عضوا سيس جريدة شهرية للطلبة االشرتاكيني، وقد أسهم يف إنشاء الفريد أدلر أتيد ف )Alfred Adlér( حد

ما يسمى به "الكباريه السياسي" الذي لعب دورا مهما يف تطوير اتريخ فيينا السياسي واملسرحي.، وتعرف 1925وراه يف علم الرايضيات التطبيقية من جامعة فيينا د شهادة الدكتفيلانل الزار س

أثناء دراسته على عاملي النفس كارل وشارلوت، بوهلر اللذين درساه، وأتثر هبما وعمل يف معهد بوهلر النفسي، حتديدا لشارلوت بوهلر يف أحباثها عن الطفولة املبكرة ومنو الشباب، مما أاتح له فيما بعد أتسيس

اص يف املعهد النفسي، يعين بتطبيق علم النفس على املشكالت االجتماعية واالقتصادية، انتقل قسم خإىل أمريكا، بعد أن حتصل على منحة من مؤسسة روكفل، اليت أكربت دراسته حول 1933الزار سلفد سنة

الحظات الكمية قرية مارينيثال، ومثنت ما جاء فيها من نتائج استندت إىل منهج تكاملي، جيمع بني املوالكيفية، وهي دراسة كان هلا أثر كبري يف عدة أجيال الحقة من علم االجتماع، ومع أن النازيون عملوا على

"جزاءا من مقررات علم االجتماع يف اجلامعات النمساوي" 1978منع ظهورها ونشرها مند سنة (.238، ص 2، ج2010)سيلز،

ألمريكية، وانصرف إىل إجناز عدد من املشاريع البحثية، ووجد واستقر الزار سلفد ابلوالايت املتحد ادعما كبريا من "روبرت ليند"، فتمكن من إنشاء مركز حول البطالة، وتوىل اإلشراف على دراسة أقرهتا

مؤسسة التأثريات االجتماعية للراديو. ساعدا يف علم االجتماع، مت تعيني الزار سلفد حماضرا جبامعة كولومبيا، مث استاذا م 1939ويف سنة

حتولت تسمية مكتب حبوث الراديو إىل 1944، ويف سنة 1969حثي ظل إىل حني إدراكه ين التقاعد سنة مكتب البحوث االجتماعية التطبيقية.

أصبح الزار سلفد أستاذ "كريس كتليه للعلوم االجتماعية"، وقد أنشئ 1962ويف سنة ن أبن اإلحصائي البلجيكي أدولف هو املؤسس احلقيق لعلم االجتماع هذا الكرسي خصيصا له فقد كان يؤم

Adolphe)اإلمربيقي، ومل يتوقف الزار سلفد عن التدريس حىت إثر تقاعده، فقد كان يقدم دروسا يف Quetlet) حىت وفاته. 1969كتليه جامعة بتسربغ، ابعتباره أستاذا متميزا منذ سنة

مع روبرت مريتون حول "وسائل االتصال والذوق العام والفعل من مؤلفاته نذكر: مقالة مشرتكة(، وكتابه مشرتك مع كندال حول "مشكالت حتليل املسموح"، دراسة عن 1948االجتماعي املنظم " )

(، وكتاب "مذكرات اترخيية عن الدراسات 1940االنتخاابت الرائسية بعنوان خيارات الناس" )(Kendall)" :(1)(. 1958األوديسا العقالنية" ، )األمربيقية للفعل

" بوالية "أوهايو" Erieكان الناخبني يف مقاطعة "ايرى " 1940يف انتخاابت الرائسة األمريكية عام أن يقرروا ما إذا سيدلون أبصواهتم لصاحل الرئيس "فرانكيلني رزفلت" لفرتة رائسة اثلثة، أم لصاحل نظريه

يف االنتخاابت كلية، وقد قام "الزار سفيلد" _ وهو مؤسس اجلمهوري "وندل ويكي"، أو سيعزفون عن مكتب البحوث االجتماعية التطبيقية يف جامعة كولومبيا_ إبجراء حبث للكشف عن كيفية اختاذ هذا القرار، وتقل عدد صفحات تقدير نتائج البحث عن مائيت صفحة، غري أن هذا البحث كانت له آاثر بعيدة املدى

ارسةعلى النظرية واملمترجمة: المركز القومي للترجمة، القاهرة، ،الموسوعة الدولية للعلوم االجتماعية مجموعة من الباحثين: -1

(.2010، )1علماء االجتماع(، ط 2)الجزء

السياسية يف الوالايت املتحدة، وضرب هذا البحث مثاال حيتدى به يف املسوح السياسية اليت وفرت

ترااث غزيرا منذ ذلك الوقت حول العوامل اليت حتدد نتائج االنتخاابت يف البالد الدميقراطية.لقدير وقد جاء مشروع حبث مقاطعة "ايرى" نتيجة لالستخدام املكثف الستطالعات الرأي العام

اجتاهات الناخبني يف احلمالت االنتخابية يف الثالثينيات، كما جاء نتيجة لبحوث مجهور املستعملني والقراء اليت قامت هبا الشبكات اإلذاعية واجملالت القومية يف نفس الوقت ملضاعفة أتثري محالهتا الدعائية، وقد مت

ى اجملاالت القومية وإحدى مؤسسات حبوث تدبري اجلانب األكرب من متويل هذا البحث من جانب إحد الرأي العام.

وقد مجعت البياانت بواسطة ابحثني قاموا بزايرة عينة إحصائية ممثلة للسكان، وحصلوا على إجاابهتم على استبيان مقنن، وكانت هذه الدراسة _مع ذلك_ أكثر دقة وإحكاما مما هو مألوف يف مسوح الرأي

رة املنزل الرابع يف كل شارع من شوارع املقاطعة لتحديد إطار معاينة مكون من العام، وقام الباحثون بزايانخب تقريبا على أن يكونوا ممثلني جلملة السكان من حيث: العمر والنوع واإلقامة والتعليم 4000

من وامتالك اهلاتف والسيارة، واملواطن األصلي، مت اختيار أربع عينات من هذا اإلطار، وتتكون كل عينة مفردة تتشابه يف اخلصائص السابقة، ووقع االختيار على إحدى هذه العينات لتكون العينة األساسية 600

ومتت مقابلة مفردهتا مرة كل شهر من مايو إىل نوفمرب من ذلك العام، وجرت املقابلة األوىل قبل انعقاد

إجراء االنتخابية، أما مفردات العينات مؤمترات الرتشيح اليت تعقدها الوالايت، ومتت املقابلة األخرية بعدالثالث األخرى فقد متت مقابلتهم على فرتات خمتلفة، ومتثل هذه العينات الثالث جمموعات ضابطة الختيار

أتثري تكرار املقابلة على العينة األساسية.لتغريات وقد ركزت الدراسة على اجتاه املبحوثني يف عملية التصويت يف انتخاابت شهر نوفمرب وا

اليت طرأت على هذا االجتاه من مقابلة إىل أخرى، وإذا حدث تغري ما يف اجتاه التصويت لدى املبحوث يتم سؤاله عن أسباب ذلك تفصيال وعن املالبسات املرتبطة به، ومت تسجيل اجتاهات املبحوثني عند تعرضهم

طبوع نص االستبيان، غري أننا نعلم أنه يتضمن حلمالت الدعائية االنتخابية تسجيال دقيقا، ومل يضم التقرير املمعلومات وافية حول مسات املبحوث الشخصية )البياانت األساسية(، وفلسفته االجتماعية، واترخيه السياسي، ومسات شخصيته، وعالقاته مع األصدقاء واألقارب، وعضويته يف التنظيمات، وانتمائه الديين،

وآرائه يف القضااي اجلارية.ص النتيجة الرئيسية هلذه الدراسة يف أن اختيار األغلبية العظمى من الناخبني ميكن التنبؤ به وتتلخ

من خالل ثالث خصائص اجتماعية فقط هي: املكانة االجتماعية، االقتصادية، واالنتماء الديين، واإلقامة لريفية جتعل الناخبني مييلون إىل املرشح الريفية أو احلضرية، إذ يتبني أن املكانة املرتفعة، والنزعة الربوتستانتية ا

اجلمهوري، يف حني أن املكانة املنخفضة، والنزعة الكاثوليكية واإلقامة احلضرية جتعل الناخبني مييلون إىل املرشح الدميقراطي، وقد أمكن للباحثني ابستخدام هذه العوامل وحدها أن يصمموا مقياسا للتعرف على

يد يف التنبؤ ابلسلوك االنتخايب بصفة عامة، وقد وصل الباحثون إىل هذه النتيجة التوجه السياسي للفرد، ويفعلى الرغم من أن قياس هذه اخلصائص الثالث كان قياسا تقريبا إىل حد كبري، فقد اعتمد تقدير املكانة

كالمه، ومل االجتماعية _ االقتصادية مثال على التقدير الذايت للمبحوث ملسكنه وممتلكاته ومظهره وطريقة يتم قياس االنتماء الديين ابملواظبة على الكنيسة أو أي مقياس آخر من مقاييس املشاركة الدينية.

ويتأثر اختيار الناخب بتارخيه السياسي إىل حد ما ابإلضافة إىل خصائصه االجتماعية، فقد اتضح قد 1936ون" ضد "روزفلت" عام على سبيل املثال أن مجيع اجلمهوريني الذين أعطوا أصواهتم لصاحل "الند

وهناك مثال آخر هو أن معظم الناخبني اجلدد ساروا على نفس 1940أعطوا أصواهتم "لويلكي" عام التفصيالت احلزبية لوالديهم عندما أدلوا أبصواهتم للمرة األوىل.

يتأثر قرارهم ويتمثل األثر الصايف هلذه العوامل املتعددة يف اخنفاض عدد الناخبني الذين ميكن أنابحلمالت االنتخابية إىل أقلية صغرية جدا من الناخبني، وقد أصبح هؤالء الناخبون _ غري املستقرين سلفا

على موقف معني أو غري امللتزمني _ هدفا أساسيا لكل محلة سياسية منظمة.عاءات اليت وتلقى كل هذه النتائج بظالل من الشك على رشد العملية السياسية، وعلى أمهية االد

يستند إليها املرشحون واألحزاب يف حماولة التأثري على الناخبني، ويتعمق هذا الشك عندما نكشف أن التعرض للوسائل الدعائية يتحدد بنفس الطريقة اليت يتم هبا اختاذ قرار التصويت، ويالحظ أن أكثر الناخبني

يكونون أكثر عرضة للوسائل الدعائية وأكثر اهتماما ومعرفتهم الذين يتخذون قرارهم مبكرا، كما أهنم احتجاجا عن التعرض للوسائل الدعائية للمرشحني الذين اختاروهم ابلفعل، أما الناخبون الذين مل يقرروا بعد كيفية التصويت يعرضون أنفسهم بدرجة أكرب لدعاية احلزب الذي مييلون إليه متأثرين يف ذلك ابلعوامل

االجتماعية املألوفة.د كان الزار سفيلد وزمالءه مقتنعني أبن اإلقناع العقلي ليس له عالقة تذكر ابلطريقة اليت يتخذ وق

هبا الناخب قراره.ويناقش اجلزء األخري من الكتاب اختيار الشعب، التجانس السياسي للجماعات االجتماعية،

أن الناس الذين يعملون ويوضح كيف أن االرتباطات اليت اتضحت من قبل تقوم على احتمال قوي مفادهأو يعيشون معا يعطون أصواهتم لنفس املرشح، إما من خالل اختيار تلقائي أو بسبب ممارسة أتثري شخصي، احملصلة الطبيعية للمناظرات السياسية اليت حتدث خالل احلمالت االنتخابية بني األصدقاء واجلريان

تماعية، وهذا التأثري يوافق أتثري املرشح احملتمل فوزه يف واألقارب هي تعزيز الرأي السائد داخل كل مجاعة اجمجهور الناخبني بصفة عامة، ويتوقع الناس أن يفوز املرشح الذي يفضلونه، ويكون العكس صحيحا أيضا

مبعىن أهنم يفضلون أحد املرشحني يف بعض األحيان ألهنم يتوقعون فوزه.مرة اثنية، وقد خلص كتاب "اختيار الشعب" إىل أن وال تتكرر السياسة األمريكية على نفس املنوال

الطرف الذي يستطيع تعبئة اجلماهري لتأييده بطريقة اخلرباء ترفع فرص جناحه، وإن الذين ميارسون السياسة بطريقة اخلرباء ينبتون كالنبات الذي يرتعرع يف األرض، وقد تغلغلت نتائج هذه الدراسة يف العملية السياسية

ينات لدرجة أن إعالانت التلفزيون عن النتائج االنتخاابت، وحتليل اجتاهات التصويت حسب خالل الست

الدخل والدين والعمر والساللة واملهنة وعضوية النقاابت وغريها من العوامل )اليت حتدد التوجه السياسي( أصبحت تعد أمورا طبيعية شأهنا يف ذلك شأن نتائج االنتخاابت نفسها.

مريكي: صمويل ستوفر وآخروناجلندي األ-9بعد اهلجوم الياابين على "بريل هاري" بفرتة قصرية مت تعيني عامل االجتماع املشهور "صومويل ستوفر"

" املنشأ حديثا، والذي أصبح فيما بعد إدارة Research Branchمديرا مدنيا "لفرع البحوث اإلدارة اجلنرال "فريدريك أوسبورن"، وهو رجل املعلومات والتعليم ابلقوات املسلحة األمريكية، ورأس هذه

أعمال سابق وعامل اجتماع أيضا، وقد أنشئ فرع البحوث _كما يقول "ستوفر"_ للقيام مبهام هندسية اجتماعية وليست مهاما علمية، وكانت وظيفته هي إجراء مسوح االجتاهات بني اجلنود عندما تشعر اإلدارات

لومات شاملة ذات طبيعة مسحية، فقد طلبت تلك اإلدارات على سبيل املثال العليا مبشكالت حتتاج إىل معحتليل العوامل اليت جعلت اجلنود يف مسرح العمليات جبنوب احمليط اهلادي ينفرون من استخدام عقار "األتربين" للوقاية من املالراي، والكشف عن أي نوع من األكواخ الذي يفضله اجلنود يف "أالسكا"، ودراسة حالة مغاسل املالبس يف "بنما"، واجتاهات اجلنود حنو الصينيني يف مسرح العمليات ابهلند وبورما، ويعد كثري

من هذه املوضوعات اتفها، غري أن بعضا منها له أمهية واضح.فقد قام فرع البحوث على سبيل املثال بتصميم "نظام النفط" الذي استخدم يف حتديد األولوايت

عند تسريح القوات املسلح مع هناية احلرب، كما أن دراسات هذا الفرع وفرت املعلومات لتشغيل اجلنودالالزمة للتشريع اخلاص مبساعدة احملاربني القدماء خاصة ميثاق احلقوق والذي أدى بصفة دائمة إىل التوسع

يف النظام األمريكي للتعليم العايل. ألف شخص ابالستعانة 500بحوث مبقابلة ما يزيد عن وابنتهاء احلرب العاملية الثانية قام فرع ال

استبيان خمتلف، وقام إبعداد عدة مئات من التقارير عن نتائجه ألغراض عسكرية متعددة، 200أبكثر من ومع ذلك مل تستغل مطلقا القيمة العلمية هلذه البياانت الغزيرة، وقد عهد هبذه املهمة إىل جلنة خاصة مبجلس

جتماعية برائسة اجلنرال "أوسبورون" ونفذت حتت إشراف الربوفيسور "ستوفر" مبنحة من حبوث العلوم االمؤسسة "كانيجي" يف السنوات اخلمس اليت أعقبت احلرب، وهكذا حتول فرع البحوث يف ظل نفس القيام

إىل فريق حبث علمي برعاية مدنية، وقد نشرت النتائج يف أربعة جملدات حتت عنوان

، واليت اشتهرت ابسم "اجلندي األمريكي" من (8)النفس االجتماعي يف احلرب العاملية" م"دراسات يف عل عنوان اجمللدين األولني.

وكان هذا املشروع _ على غرار "مشروع مريدال" _ تعاونيا على أوسع نطاق، إذ وصلت قائمة لدات األربعة أمساء مخسة امسا، وتربز صفحات العناوين يف اجمل 134األشخاص العلميني واإلداريني إىل

عشرة مؤلفا رئيسيا، ومل يضارع أي حبث اجتماعي بعد ذلك هذا البحث يف جماله.وعلى الرغم من اعتماد كتاب "اجلندي األمريكي" على علوم عديدة خاصة علم النفس وعلم

ما أن معظم النفس االجتماعي، فإنه يعد سوسيولوجيا يف منهجه )مسوح االجتاهات( ويف طبيعة نتائجه كالتفسريات والتحليالت اليت تلت نشر هذا الكتاب ركزت على املضامني السوسيولوجية للبياانت ال على

أمهيتها النفسية أو التارخيية أو اإلدارية.وخيتص اجمللد األول من التقرير ابلتكيف الشخصي للجنود خاصة مجوع اجلنود املدنيني الذين

ثناء احلرب العاملية الثانية.خدموا يف اجليش بصفة مؤقتة أويهتم اجمللد الثاين ابملشكالت املتعلقة ابحلرب وما بعدها. ويبحث اجمللد الثالث رد فعل مجهور املشاهدين العسكريني لألفالم التوجيهية وغريها من املواد الدعائية. ويعد هذا اجمللد عن موضوع بقية

جلة دقيقة لنظرية قياس االجتاهات وتطبيقها، ومناقشة لثالثة الكتاب إىل حد ما. ويتضمن اجمللد الرابع معا مناهج دقيقة لتحليل بياانت املسح، وهي حتليل البناء الكامن، واستخدام استجاابت املسح ألغراض تنبؤية.

وتتميز موضوعات اجمللدات األربعة ابلغزارة واالرتباط الوثيق ولذلك يذهب "إدوارد شليز" يف إىل أن الروح املعنوية للجندي املقاتل تعتمد بصفة أساسية على روابط مجاعته األولية يف مقاالته الشهرية

هذه الدراسات هي:و (8)

Studies in Social Psychology in World War 11.4Vols.

_Vol. I .Samuel A. Stouffer et al.The American Soldier, Adjustment During Army Life,

Princeton, N. J , Princeton University Press, 1949 ;

_ vol. II : Samuel A .Stouffer et al, The American Soldier : Combat and Its Aftermath, N.

J ,Princeton university Press, 1949.

_ vol. III : Carl hovland, Arthur Lumsdaine and Fred Sheffield, Experiments on Mass

Communication, Princeton, N, J , Princeton.

، وأن هذه الروابط تقلل من اعتماد الروح املعنوية للجندي املقاتل على الصالة اليت تعد أكثر (9)اجليش أمهية من رفقة السالح.

وحظ على سبيل املثال أن الزنوج يف وقد أكد عدد من احملللني على أتثري احلرمان النسيب، فقد لاملعسكرات الشمالية كانوا أسوأ تكيفا بصفة عامة من الزنوج يف املعسكرات اجلنوبية، ألن أساس املقارنة عند اجلندي يف اجلنوب والشمال على حد سواء كان وضع الشخص املدين، وأن الوضع السيئ للزجني املدين يف

لة السيئة للزنوج يف املعسكرات اجلنوبية، وقد أدى التأكيد إىل حتويل اجلنوب كان مبثابة معامل للمعاماالهتمام عن بعض النتائج اهلامة حول احلرمان املطلق، ومنها أيضا االكتشاف مفاده أن الوحدات العسكرية

تبدأ يف التفكك تتعرض للقتال أو ألية صورة أخرى من الصور املعاانة لفرتات طويلة.حملللني على أتثر الدور و املكانة يف تعديل االجتاهات )مبعىن أن االختالفات يف كما أدى أتكيد ا

الدور واملكانة ال تؤدي فحسب إىل االختالفات يف االجتاه، وإمنا تؤدي أيضا إىل اخلطأ يف حكم مجاعة على تخدام مجاعة أخرى( أدى إىل إغفال نتيجة هامة هي أن اجليش وقت احلرب يعمه االستياء من سوء اس

امتيازات الرتبة، وأن هذا الشعور له آاثر عكسية شديدة على الروح املعنوية ابستثناء القوات اجلوية اليت تسودها ظروف خمتلفة.

ورمبا يعد كتاب "اجلندي األمريكي" مبثابة انتقال شديد لواحد من أكرب التنظيمات اليت عرفها ظيم نفسه، وعلى عكس الدراسات املبكرة للمجتمع احمللي اجملتمع احلديث والذي أعده أفراد من داخل التن

والدراسات احلديثة لألنساق التنظيمية اليت توصلت إىل أن معظم الناس راضون عن األنساق االجتماعية اليت وجدوا أنفسهم فيها، كشفت بياانت "اجلندي األمريكي" عن حالة ملحوظة ملاليني الرجال املشغولني

مثل اجتماعية مطلقة يف الوقت الذي ال يوجد فيه التزام حقيقي هبذه القضية بني بنضال شديد من أجل أعداد ضخمة منهم، وال توجد لديهم ثقة يف قادهتم، وال يوجد شيء سوى احتقار املعايري اليت تنظم حياهتم،

وعية احلرب وهناك ثالثة من كل مخسة مقاتلني خدموا يف معارك ما وراء البحار كانت ليهم شكوك حول مشر 1945 .

(9)_Edward Shils, « Primary Grioups American Army » pp.12_39, in : Continuties in Social

Research : Studies in the Scop and Method of ‘’The AmericanSoldier’’, ed. Robert K. Merton

abd paul Lazarsfeld, new York, Free Press,1950.

وقد أجريت هذه التجارب بدون حتفظ على أمل تعليم السلطات العسكرية كيفية التأثري يف آراء وعواطف ضباط الصف واجلنود. وكان االلتزام الصادق من جانب الباحثني ابجلهود احلربية هو الذي

تشاف خلل يف نسق اإلدارة ساعدهم يف تعضيد األهداف اإلدارية للقيادة العليا دون تردد، وعند اكالعسكرية تتم معاجلته على أنه مشكالت معنوية، ومل يهتم فرع البحوث إبمكانية إصالح النسق العسكري ابلطرق املناسبة، ألن ذلك مل يدخل ضمن اختصاصات القادة الذين كان فرع البحوث حياول مساعدهتم، ومل

ات أتثري يذكر، وقد عوجلت شكوى جنود املشاة أبهنم تكن اإلصالحات اليت متت بفضل النتائج البحثية ذال يعاملون نفس معاملة اجلنود يف الفروع األخرى من خالل منحهم شارة الشرف، واقرتح الباحثون إجراءات جديدة لألخذ هبا يف فرتة السالم بعد الكشف عن سوء استخدام األنساق العسكرية للسلطة من خالل

عام، وقد وجهت انتقادات حادة إىل وجهة النظر الواحدة بعد طبع التقرير، غري القنوات السرية للمفتش الأن أصحاب هذه االنتقادات مل حياولوا االستفادة من البياانت الغزيرة اليت يف كتاب "اجلندي األمريكي"

بعد لتطوير برانمج منظم إلصالح املؤسسات العسكرية، وكانت اإلصالحات الرئيسية اليت متت يف اجليش احلرب العاملية جمرد إصالحات داخلية متعلقة بتحقيق العدالة العسكرية أو دعمها، وهو املوضوع الذي مل

يعاجله كتاب "اجلندي األمريكي".

بيار بورديو: -10درس ،1930جنوب فرنسا يف عام ،denguinيف دينجون Pierre Bourdieuولد بيري بورديو

حبثا اثنوغرافيا عن قبائل املدرسة العليا العادية،أجنزيف Louis Althusserلثوسري أالفلسفة مع لويس

كتاب له "سوسولوجيا اجلزائر" أولفكان ،لسمعته كعامل اجتماع األساسالرببر الذي وضع

Sociologie de L Algerie ، 1962يف عام أمريكاالذي ترك جناحا فوراي يف فرنسا ونشر يف،

ومن ،دراسات المنصب مدير ىلتو 1964 ويف ،1964ريس للتدريس حىت جامعة اب إىلعاد 1960يف و

ترأس مركز 1968ويف ،Collège de Franceكرسي يف الكلية الفرنسية أستاذشغل 1981

.2002حىت وفاته يف the Centre de Sociologie Européenne األوربيةالسوسولوجيا

حمتفظا أبمهية Max Weberمن ماكس فيرب،التقليديبدأ بورديو متأثرا مبعظم رموز علم االجتماع

اهليمنة واألنظمة الرمزية يف احلياة االجتماعية، ابإلضافة إىل فكرة النظم االجتماعية الذي يف النهاية سيحول

اكتسب فهم اجملتمع كخالصة Karl Marxومن كارل ماركس ،نظرية احلقول إىلمن قبل بورديو

ليست تفاعالت بني القوى -ذي يدمج يف عالقات العامل االجتماعي العالقات االجتماعية: "ال

Intersubjective املرتبطة بني األفراد، لكن العالقات ااملوضوعية اليت توجد بشكل مستقل عن

الوعي واإلرادة الفردية " ، واحلاجة لتطوير النظرية االجتماعية بشكل جديل من املمارسة االجتماعية.

وكلود Marcel Maussومن خالل مارسيل موس ،منه أيضا Deterministicمية وأتكيد احلت

وعمل ،نفسها إنتاج إلعادةكد ميل البىن االجتماعية ،أClaude Lévi-Straussليفي شرتاوس

بورديو على حماولة جتاوز سلسلة املقابالت اليت ميزت العلوم االجتماعية )الذااتنية / املوضوعانية، املكرب /

.(1) ااملصغر، احلرية / احلتمية(

18ص ،1986، ترمجة: عبدالسالم بن عبد العايل، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء) املغرب(، ، ،الرمز والسلطة بيري بورديو - 1

مفاهيم اهلابتوس)التطبع أو السجية ،هذا من خالل التجديدات التصورية/املفاهيميةبيار بورديو عمل لقد

Habitus رأساملال الثقايف واالجتماعي ،Social and Culture Capital وتصورات ،

اخرى.

ع جون كلود ابسرون(، بدأ جنمه يبزغ بني املتخصصني انطالقا من الستينيات بعد إصداره كتاب الورثة )م

وازدادت شهرته يف آخر حياته خبروجه يف مظاهرات ووقوفه مع فئات احملتجني واملضربني. اهتم بتناول أمناط

السيطرة االجتماعية بواسطة حتليل مادي لإلنتاجات الثقافية يكفل إبراز آليات إعادة إنتاج البنيات

ر كل العتاد املنهجي املرتاكم يف كل جماالت املعرفة عرب فناالجتماعية، وذلك بواسطة علم اجتماعي كلي يست

اختالف التخصصات، ولقد انتقد بورديو تغاضي املاركسية عن العوامل غري االقتصادية، إذ أن الفاعلني

املسيطرين ، يف نظره، إبمكاهنم فرض منتجاهتم الثقافية )مثال ذوقهم الفين( أو الرمزية )مثال طريقة جلوسهم

وما إىل ذلك(. فللعنف الرمزي )أي قدرة املسيطرين على احلجب عن تعسف هذه املنتجات أو ضحكهم

معىن ذلك أن كل سكان ،الرمزية وابلتايل على إظهارها على أهنا شرعية( دور أساسي يف فكر بيري بورديو

ة جدا رغم أن سوراي مثال مبا فيهم الفالحون سيعتربون هلجة الشام مهذبة أنيقة واللهجات الريفية غليظ

وإمنا هي لغة املسيطرين من املثقفني والساسة عرب العصور ،اللهجة الشامية ليست هلا قيمة أعلى حبد ذاهتا

وأصبح كل الناس يسلمون أبهنا أفضل وأبن لغة البادية رديئة. فهذه العملية اليت تؤدي ابملغلوب إىل أن

لبني )أو غريها من منتجاهتم الثقافية والرمزية( هي مظهر من حيتقر لغته ونفسه وأن يتوق إىل امتالك لغة الغا

.مظاهر العنف الرمزي

كتااب ومئات من املقاالت والدراسات اليت ترمجت إىل أبرز 30أنتج بيري بورديو أكثر من : أهم أعماله

والفكر النقدي منذ هناية األلسن يف العامل واليت جعلته يتبوأ مكانة ابرزة بني األمساء البارزة يف علم االجتماع

،أمهها:الستينيات من القرن املاضي

1958سوسيولوجيا اجلزائر -

1964الورثة. الطلبة والثقافة -

1970 -أصول نظرية يف نظام التعليم -إعادة اإلنتاج -

1979-النقد االجتماعي حلكم الذوق -التمييز -

1980احلس العملي -

1982 -قتصاد التبادالت اللغويةا -ما معىن أن تتكلم-

1982درس يف الدرس -

1984مسائل يف علم االجتماع-

1984إلنسان األكادميي ا-

1987قولة نه أشياء م-

1988األنطولوجيا السياسية عند مارتن هيدغر -

1992من أجل إنسيات انعكاسية :إجاابت-

1992 (تكون وبنية احلقل األديب ) قواعد الفن-

1993بؤس العامل -

1994 (يف نظرية الفعل )علل عملية -

1996يف التلفزة -

1997أتمالت ابسكالية -

1998السيطرة الذكورية -

2000البنيات االجتماعية لالقتصاد -

2001علم العلم واالنعكاسية -

2002، 2001العلم االجتماعي والعمل السياسي ،تدخالت -

2004ذايت توطئة لتحليل -

: Symbolic Systemمفهوم رأس املال الثقايف

الرمزية يف قاأو كما أطلق عليها اسم القوة الرمزية وهو يقصد أن األنس نسق رمزي بيار بورديو الثقافة عند

أي جمتمع هي أدوات للسيطرة االجتماعية والسياسية يف اجملتمع الدميقراطي،وهبذا فإن الثقافة كأنسقة رمزية

رأس مال، وهي موضوع صراع بني القوى االجتماعية املتعددة،وهتدف كل قوة من هذه القوى هي

وابلتايل إذا أردان أن االجتماعية إىل السعي وراء السيطرة على حقل الثقافة أو إنتاج وتوزيع رأمسال ثقايف فيه

أو االعرتاف أو االعتقاد بقوة أو القبول نصوغ معنا ولو كاريكاتوراي على رأمسال الثقايف فيمكننا القول أبنه

بسلطة من ميلك مزااي أكثر، أو شكال من االعرتاف ابلشرعية، أو قيمة معطاة من اإلنسان. ويرتبط هذا

،املفهوم مببدأ السلطة ومبدأ التميز أو االختالف )يف اخلصائص( ومبدأ األشكال املختلفة لرأس املال

العنف “هذا هو ،كال السلطة أو اهليمنة، أو يف أشكال العالقاتويدخل يف خمتلف احلقول ويف خمتلف أش

، ويقول عنه انه ”اهليمنة الذكورية“ الذي حيدثنا عنه عامل االجتماع الفرنسي بيار بورديو يف كتابه عن ” الرمزي

، ويتمثل يف أن تشرتك الضحية وجالدها يف (1)" عنف هادئ ال مرئي ال حمسوس حىت ابلنسبة إىل ضحاايه"

التصورات نفسها عن العامل واملقوالت التصنيفية نفسها، وأن يعتربا معا بىن اهليمنة من املسلمات والثوابت.

فالعنف الرمزي هو الذي يفرض املسلمات اليت إذا انتبهنا إليها وفكران فيها بدت لنا غري مسلم هبا، وهي

الظواهر التارخيية الثقافية طبيعة سرمدية أو نظاما إالهيا عابرا لألزمنة. أشد أنواع مسلمات جتعلنا نعترب

وأشد ،العنف ضد املرأة العنف الثقايف املقىن العتيق الذي تعود ممارساته إىل مئات السنني إن مل نقل آالفها

لى الضحية واجلالد أنواع العنف الثقايف هو ذلك العنف الرمزي الذي يبدو بديهيا، ويفرض نفسه ع

.والقاضي، ويقول عن نفسه انه ليس عنفا

1- Pierre Bourdieu, La Distinction. Critique sociale du jugement, Les Éditions de Minuit, 1979, 670 p.

:كأداة لرتسيخ الطبقيةالنظام الرتبوي يف اجملتمعات ذات التفاوت الطبقي كما يرى بورديو يعترب أحد األليات األساسية الفعالة إن

يف ترسيخ النمط االجتماعي السائد يف تلك اجملتمعات،وهذا يبدو جليا من خالل بنية الفرصة النسبية ختلفة،هذا من جهة ومن جهة أخرى املتاحة ألبناء الطبقات املختلفة لدخول النظام التعليمي يف مراحله امل

مثة مظهر آخر هلذا العنف املمارس القوى السائدة وهو يف تنوع املدارس يف اجملتمع الواحد واختالف مستوايهتا ابختالف أصول الطبقية للطالب الداخلني إليها،فأبناء الطبقات العليا هم الذين حيتلون املدارس

ع يف املدارس واختالف مستوايهتا إمنا يعكس صور هذا التفاوت ذات النوعية الرفيعة،وعلى ذلك فالتنو .الطبقي وجيسد بشكل واضح أحد أهم مظاهر العنف الثقايف يف اجملتمعات احلديثة

Habitus :) السمت( تعريف األبيتوس - األبيتوس هي نسق من الرتتيبات الدائمة واملتغرية املواضع،والبىن املبنية املهيأة للعمل أن يرى بيار بورديو

كبىن تبين بشكل بسيط،و ميكن تعريف األبيتوس كنسق من التنظيمات أو الرتتيبات املرتبطة مبسار اجتماعي عامل بن الفالح ميكن أن معني)فالعامل ابن العامل،األصل أن يكون له األبيتوس عامل تقليدي يف حني أن ال

:ومن هذا املنطلق فإن لكل طبقة اجتماعية نوعان من األبيتوس،يكون له أبيتوس الربجوازي الصغري أبيتوس إعادة اإلنتاج: وهنا يعين حمولة توافق الفرد مع الظروف املعاشة من طرف العائلة األصلية فابن -1

.العامل ال يطمح إال أن يكون عامال التسلق" االجتماعي: وهو الذي يطمح إىل الصعود فوق الطبقة األصلية كأن جتد ابن العامل أبيتوس" -2

وخالل هذا التحليل لألبيتوسات فإن التنشئة االجتماعية ،يطمح أن يصبح يف املستقبل طيارا أو جراحا يف العائلة فقط عملية بيوغرافية لدمج التنظيمات االجتماعية املكتسبة العبارة عن حسب بيار بورديو

والطبقة األصلية،لكن يف خمتلف مراحل حياة الفرد اليت مير هبا أثناء وجوده داخل جمتمعه،إذن فالتنشئة تضمن اندماج "أبيتوسات" الطبقة وتنتج االنتماء الطبقي ألفراد كل االجتماعية من وجهة نظرية بيار بورديو

هذا إبعادة إنتاج الطبقة ابعتبارها جمموعة تتقاسم نفس األبيتوسات )1(.( دالالت فلسفية وسوسيولوجية خمتلفة، ويعين طريقة يف Habitusيتخذ مصطلح اهلابتوس أو اآلبيتوس )

الوجود، أو املظهر العام، أو حالة ذهنية أو عقلية، ويعين هذا أن اهلابيتوس ثقافة، وحضارة، ومنط من أمناط الوجود والعيش واحلضور يف العامل.

1- Pierre Bourdieu, Sur la télévision suivi de L'emprise du journalisme, Paris, Liber, coll. « Raisons d'agir », 1996, p 95.

(، قدميا عند الفالسفة اليواننيني مبفهوم Habitusوقد استعمل مصطلح اهلابيتوس أواآلبيتوس ) (Hexis وخاصة أفالطون وسقراط، وأرسطو، ومن ،) بعدهم هيغل، وهوسرل، وماكس فيرب، وإميل

(، قد استبدل، إابن العصور الوسطى، مبصطلح اهلابيتوس Hexisدوركامي.... بيد أن مصطلح )(Habitus.للداللة على احلالة أو الوضعية أو طريقة العيش ،)

Thomasوقد أخد بيري بورديو مصطلح اهلابيتوس من املفكر السكوالئي طوماس أكني ) هذاD’Aquin (، الذي استعمل مصطلح هابيتوس لرتمجة املفهوم األرسطي )اهليكسيس(، وقد استلهمه

(، الذي حتدث عن مجاليات اإلجتاه املدرسي يف Erwin Panofskyأيضا من إرفني ابنوفسكي )من ومن مث فاهلابيتوس هو التطبيع االجتماعي يف جمتمع تقليدي، أو هو مبثابة نظام (1)العصور الوسطى

اإليتوس القيمي املتعايل، يستطيع الفرد عربه أن يتحرك يف العامل اجملتمعي، بغية فهمه بطريقته اخلاصة، أو بطريقة مشرتكة مع الطبقات االجتماعية األخرى اليت يعيش معها.

وقد ركز بورديو على بنية اهلابيتوس الداخلية، ومكوانته، ووظيفته، فمن حيث البنية، يتكون س من جمموعة من امليول، والتصورات، واملعتقدات، واإلدراكات، ورؤى العامل، ومبادئ التصنيف، اهلابيتو

ومن مث، يساعد اهلابيتوس الذي يكتسبه الفرد يف األسرة واملدرسة على متثل اجملتمع واستيعابه بشكل جيد.، بدور هام يف (ن الرشدهذا، وتقوم التجمعات األولية) الطفولة واملراهقة(، والتجمعات الثانوية ) س

، ويستطيع األفراد عرب هذا الرأمسال االجتماعي احملصل عليه، بفعل التنشئة االجتماعية، أن بناء اهلابيتوس(، بسبب تشاركهم يف جمموعة من األفعال Un Habitus De Classeخيلقوا هابيتوس الطبقة )

مصدر أفعال األفراد اجملتمعيني، وهو الذي والتصرفات والسلوكيات املشرتكة، وبذلك يكون اهلابيتوس هويتحكم يف توجهاهتم القيمية واألخالقية واملعيارية، أي: إنه مبثابة األان األعلى السيكولوجي لتجارهتم احلاضرة

. (2)يف العاملومن هنا، فاهلابيتوس هو مبثابة قالب معياري وأخالقي للشخصية الفردية، بل مبثابة ضرورة أو حتمية

كم يف أفعال اإلنسان، فيما خيص هوايته، وثقافته، وتربيته، وعمله، وتغديته، واستهالكه...تتح، 15العدد ،اجمللة العربية لعلم االجتماع، بورديو( اجلسد والطبقة ورأس املال الثقايف) قراءة يف سوسيولوجيا بيريحسين إبراهيم عبد العظيم، -1

.21ص 2011 2- بيري بورديو ،الرمز والسلطة، ترمجة: عبدالسالم بن عبد العايل، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء) املغرب(، ، 1986، ص18

ويبدو أن مصطلح اهلابيتوس اهلابيتوس مصطلح غامض ومعقد، إذ يقصد به بيري بورديو "بعض اخلصال موعة من االستعدادات أو املرتسخة يف داخل عقول البشر وأجسادهم" ومن هنا، فاهلبيتوس مبثابة جم

امللكات الدائمة اليت يكون الفرد قد اكسبها أو تطبع عليها عرب التنشئة االجتماعية، وابلتايل، فاالستعدادات هي جمموعة من امليول

واالجتاهات واملواقف النتعلقة ابلتفكري واالدراك واالحساس، فيستنبطها األفراد حسب ظروفهم

وتوظف هذه االستعدادات بطريقة ال شعورية، وتتمثل هذه االستعدادات املستضمرة املوضوعية لوجودهم، يف القيم والتصرفات والسلوكيات واملكتسبات املعرفية والذهنية، ويعين هذا أن اهلابيتوس عبارة عن جمموعة

نتاج هذه البيئة من من البىن املعرفية واإلدراكية املستدجمة، ويتم إنتاجها يف بيئة اجتماعية حمددة، ويعاد إ خالل قدرة اهلابيتوس على التوليد.

وعليه ال يقتصر اهلابيتوس على توجيهات األفراد وتصوراهتم الشخصية فحسب، بل يتجاوز ذلك إىل االستعدادات اجلمعية، مثل: أمناط التفكري واإلدراك والتقدير واملمارسة، ومن مث، يؤثر اهلابيتوس يف

وق، واملالبس، واألاثث، والفن، وعادات االستهالك، وأوقات الفراغ... ومن هنا، األفعال اليومية، كالتذ فاهلابيتوس نتاج ظروفه املوضوعية ذاهتا.

فاهلايبتوس مبثابة جمموعة متنوعة من التوجهات املستمرة واملهارات وأشكال من املعرفة الفنية اليت ية معينة، وميكن أن ترتاوح هذه من أشكال السلوك يلتقطها الناس ببساطة من معاشرة أانس من ثقافات فرع

اجلسدي، واحلديث، واإلمياء، وامللبس واألخالق االجتماعية، من خالل جماالت املهارات احملركة والعملية إىل (1)أنواع معينة من املعرفة والذاكرة املرتاكمة.

على إدماجها حينما يتفاعل مع يكتسب الفرد أو الفاعل الذايت جمموعة من املوارد اليت جتعله قادرابينية اجملتمع بواسطة عملية االستيعاب اخلارجي، أي: إن مثة جتانسا وتطابقا ومتاثال بني البينة الذاتية والبنية

: أكد بورديو التطابق والتجانس القريب جون سكوتاجملتمعية اللتني يتحكم فيهما اهلايبتوس، ويف هذا يقول بني التنظيم

du théorie une pour éléments reproduction, la Passeron, Claude Jean et Bourdieu Pierre -1

144 p 1980, minuit, de édition d’enseignement, système

االجتماعي وديناميكيات العامل اخلارجي والرتتيبات اجملسمة الداخلية لألفراد، ويرى أن هذا أييت عن اخلارجي، ولقد أخذت أو استوعبت العوامل البشرية ابلتدريج على مدار السنني طريق ما يسميه ابالستيعاب

اليت حتتاج إىل معرفتها عن بيئتها اخلارجية االجتماعية واملادية حىت ميكنها املشاركة بنجاح يف ،أنواع األمورهنا توفر جمموعة من جماالت معينة من ممارستها االجتماعية،فترتسخ هذه املعرفة يف معظمها طبيعة اثنية، إ

املوارد الكامنة يف الشكل الذي يسميه بورديو ابملخططات التوليدية اليت ميكن االعتماد عليها كلما اقتضت الظروف.

ومن هنا ليس اهلايبتوس جمرد متثل أو إدماج عاد وبسيط، يبين على ممارسات تقليدية أساسها التكرارا والتنميط والتطبيق اآليل بل هو إدماج إبداعي يتجاوز املماثلة إىل االستيعاب ومواجهة وضعيات

امل اجملتمعي املوضوعي، ويف جديدة، كما ان اهلايبتوس هو مبثابة بنيات خاضعة لعامل التكيف والتأقلم مع العالوقت نفسه هو مبثابة أفعال حمركة لبنية اجملتمع، أو مبثابة ممارسات جديدة هتدف إىل حل مشكالت الواقع املوضوعي، وجتاوز حتمياته اجلربية، واهلايبتوس يتضمن التطبع ابجملتمع من جهة والتحكم فيه ابلفعل الفردي

اإلبداعي من جهة أخرى.أن الفرد يستطيع أن يولد جمموعة من اخلطط واإلسرتاتيجيات، حينما يواجه وضعيات ويعين هذا

جمتمعية جديدة، مثل الذي يستعمل لغته األم فإنه يستطيع من خالل قواعده حمددة أن يولد مجال ال متناهية موارده وخططه، العدد، ويعين هذا أن اهلايبتوس هو مولد إبداعي وتطبيقي لفرد يستعمل كل اسرتاتيجياته و

حينما جيابه وضعيات جمتمعية جديدة إما بطريقة واعية وإما بطريقة غري واعية جيتهد ويتصرف وفق القواعد واملعايري اليت استضمرها سابقا، عن طريق التنشئة االجتماعية املستمرة أو اليت انتقلت إليه من اآلخرين

اجملتمعية على أهنا أشياء وموضوعات، من يدرس الظواهر(E.Durkheim) وإذا كان إميل دوركامي خالل الرتكيز فإن ماكس فيرب يدرس الذوات الفاعلة اليت أتثر يف اجملتمع من خالل املعاين واملقاصد اليت ترتبط هبا أفعاهلم السلوكية، هدا أن مثة ثنائية الذاتية املوضوعية، بينما يرفض بيري بورديو هذه الثنائية ويعتربها

عة ومشوهة، فهو حياول اجلمع بينهما بتوليد جمموعة من املفاهيم السوسيولوجية، منها: مصطلح حالة مصطن اهلايبتوس.

فاهلايبتوس يتجاوز التعارض املوجود بني الوعي والالوعي، فيوحد بني الفعل اجملتمعي والبنية اجملتمعية خضوع الذات اجلربية اجملتمعية ويعرب عن انفتاح الذات على اجملتمع اخلارجي، ويف لوقت نفسه حييل

اخلارجية.فيما مضى مل يكن اهلايبتوس سوى أتقلم وتكيف عاديني وبسيطني مع األوضاع، بتوظيف املكتسبات السابقة بطريقة آلية بل ميكن اليوم أن يتحقق اهلايبتوس بطريقة إبداعية خالقة، إبجياد احللول الناجعة

ملركبة، ويعين هذا أن اهلايبتوس يسمح للفرد بتوليد جمموعة من ملختلف الوضعيات املعقدة والصعبة وااملمارسات اجلديدة اليت تتالءم مع العامل اجملتمعي الذي يعيش فيه، ومن هنا فاهلايبتوس مبثابة حمرك قوي

ودينامي يتخذ طابعا تطبيقيا.س اهلايبتوس تطبعا فاهلايبتوس نتاج البنيات اجلربية واألفعال احلرة على حد سواء، ومن هنا لي

اجتماعيا عاداي بل هو حمرك ملمارسات جمتمعية جديدة ال متناهية العدد، وتشكل هذه األحكام نسقا أو نظاما، وابلتايل فاهلايبتوس مصدر وحدة األفكار والفعال لدى الفرد وال يقتصر اهلايبتوس على ما هو فردي،

التطبعات نفسها، ويعين هذا وجود أمناط خمتلفة من بل يتعدى ذلك إىل اجلماعات اجملتمعية اليت تعيش التفكري واإلحساس والعمل ضمن طبقة اجتماعية واحدة ومتجانسة، ومن خصائص اهلايبتوس أيضا دميومة

.(1)أحكامه وقابلية نقلها من فرد إىل آخر، ومن جيل إىل جيل، ومن مجاعة إىل أخرىابملفيد والضروري ومن مث فلباسهم وظيفي ويهتمون وللتمثيل حبق العمل يرتبط اهلايبتوس العمال

ابلفن امللتزم الواقع، ويكون أكلهم دمسا ومشبعا أي: هلم منط حياة مشرتكة تشكل ما يسمى ابهلايبتوس العمال، ويتميز اهلايبتوس عن ابقي اهلايبتوسات األخرى مضموان وشكال، يف حني يقوم هايبتوس البورجوازي

فن، والبحث عن اجلديد من املوضة.على التجريد، وحب اليعين اهلايبتوس مبدأ الفعل لدى األفراد داخل العامل اجملتمعي، أو هو مبثابة األان الذي يوجه سلوك األفراد داخل احمليط اجملتمعي بطريقة ل شعورية، أو هو نسق من االستعدادات وامللكات والقيم واألفكار

ا الفرد يف اجملتمع، بغية التمثل هبا أثناء مواجهة املواقف والوضعيات واملواقف واالجتاهات اليت تطبع عليه

املختلفة فهو الذي يوجه سلوك الفرد أثناء مواجهة وضعية قدمية او جديدة، لذا يعترب اهلايبتوس منتج عني السلوكيات والتصرفات واألفكار والعواطف والقيم اليت ميتلكها الفرد أثناء التفاعل مع موقف جمتمعي م

مبثابة موجه ملا هو فكري وذهين، وما هو وجداين وقيمي، وما هو فعلي وسلوكي، أما موقعه فهو الوسط بني العالقات اجملتمعية املوضوعية والسلوكيات الفردية، أو هو حلقة وصل بني بنية اجملتمع والفعل الفردي، وعلى

.(2)يت وموضوعي، وفاعل ومنفعلالعموم يتكون اهلايبتوس من شقوق ثنائية: فردي وجمتمعي، ذا 1- بيار أنصار، العلوم االجتماعية املعاصرة، ترمجة: خنلة فريفر، املركز الثقايف العريب، 1992، ص 27

.55، ص 2003، املطبعة الوطنية، مراكش، بيري بورديو الفىت املتعدد و املضيافعبد اجلليل بن حممد األزدي، -2

معني كالرأمسال املادي، أو الرأمسال الثقايف، أو الرأمسال االجتماعي، أو ويرتبط اهلايبتوس برأمسال الرأمسال الرمزي، وليس الصراع الطبقي هو الوحيد الذي يتحكم يف الطبقات االجتماعية، بل يكون العنف

الرمزي أيضا عامال من عوامل الصراع وأشكاله.ني، مثل: طبقة العمال، وطبقة املثقفني، ومن مث فلكل طبقة اجتماعية هايبتوس خاص، ورأمسال مع

وطبقة الفقراء، وطبقة األغنياء ... ويعين هذا أن اهلابتوس يرتبط من جهة ابلفعل وبنية اجملتمع، ومن جهة أخرى يقرتن ابلرأمسال والتميز اجلنسي أو الثقايف أو االقتصادي أو اجملتمعي ...

يني مظاهر التميز االجتماعي بال حدود حىت يف ويف احلقيقة واعتمادا على اهلايبتوس ميكن تعالسلوك اليومي للفرد يف: الشارع، واملؤسسة، والبيت، واملشي، واجللوس، والنوم، والعمل، واإلتيكيت،

واملسكن، ومنط العيش، والسفر، وقضاء أوقات الفراغ، والتسوق، والدراسة، واهلواايت ... إخل.

قائمة املراجع: ابلعربية:/1

ترمجة: املركز القومي للرتمجة، القاهرة، املوسوعة الدولية للعلوم االجتماعية،جمموعة من الباحثني: -2

(.2010(، )2)اجلزء

.2008إبراهيم عيسى عثمان، النظرية املعاصرة يف علم االجتماع، دار الشروق، عمان، -2 ،ترمجة: حممود قاسم، مكتبة النهضة املصرية، قواعد املنهج يف علم االجتماعاميل دوركامي، -3

1961القاهرة،مصر، : حممد قاسم، دار املعرفة اجلامعية، رمجة، تقواعد املنهج يف علم اإلجتماعاميل دور كامي ، -4

.1988(،2ط) .1992، ترمجة: خنلة فريفر، املركز الثقايف العريب، العلوم االجتماعية املعاصرةبيار أنصار، --5 ، ترمجة: عبدالسالم بن عبد العايل، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء) ،الرمز والسلطة بيري بورديو-6

.1986املغرب(، 7-بالنشي روبري،نظرية املعرفة العلمية)االبستيمولوجيا(،ترمجة:حسن عبد احلميد، ديوان املطبوعات

اجلامعية،الكويت، 1987.اجمللة ، بورديو( راوالطبقة ورأس املال الثقايف)قراءة يف سوسيولوجيا بيياجلسد حسين إبراهيم عبد العظيم، -8

.2011، 15العربية لعلم االجتماع،العدد .2008، دار الكتاب احلديث ،القاهرة،علم االجتماع التطبيقياجلوهري حممد، -9

10- زيدان عبد الباقي ، التفكري االجتماعي نشأته وتطوره ، دار الغريب للطباعة، القاهرة،1981..1198، سلسلة عامل املعرفة، الكويت، اجتاهات نظرية يف علم االجتماع عبد الباسط عبد املعطي،-11 ، املطبعة الوطنية، مراكش، بيري بورديو الفىت املتعدد و املضيافعبد اجلليل بن حممد األزدي، -12

2003.

.2000الرتبية،املغرب، ،منشورات عاملسوسيولوجيا الرتبيةعبد الكرمي غريب، -13 .، ديوان املطبوعات اجلامعية ، اجلزائر، مهمل السنة بناء املعرفة السوسيولوجيةقريف عبد احلميد ، -14 . 2009معن خليل عمر ، مدخل علم االجتماع ، دار الشروق ، عمان، -15 .1997،دار الشروق،عمان،نظرايت معاصرة يف علم االجتماعمعن خليل عمر، -16

املعرفة ، داراتريخ علم االجتماع )الرواد واالجتاهات املعاصرة(حممد علي حممد، -17.1983اجلامعية،اإلسكندرية،

.2001،دار املعرفة اجلامعية،اإلسكندرية،أسس وموضوعات علم االجتماعجممد أمحد بيومي، -18 19- نبيل رمزي ، النظرية السوسيولوجية املعاصرة، أصوهلا الكالسيكية واجتاهاهتا احملدثة ) قراءات

وحبوث(، دار الفكر اجلامعي، بدون بلد النشر، 1999.

ابلفرنسية: /2

20-Angers Maurice: Initiation pratique à la méthodologie des sciences humaines, casbah édition, Alger, 1997.

21-Émile Durkheim: Le Suicide: Étude de sociologie, Paris, Presses 19), 1981. o» )n Quadrige , coll. «France universitaires de

22- Émile Durkheim; Les formes élémentaires de la vie religieuse, édition, 2003. ePresses Universitaires de France, 5

23-Simon .J : Histoire de la sociologie ,p,u,f, France,1991. 24-Pierre Bourdieu, La Distinction. Critique sociale du jugement, Les Éditions de Minuit, 1979.

reproduction, la Passerons, Claude Jean et Bourdieu Pierre -25 de édition ,d’enseignement système du théorie une pour éléments

1980. minuit, 26- Pierre Bourdieu, Sur la télévision suivi de L'emprise du journalisme, Paris, Liber, coll. « Raisons d'agir », 1996.

ابالجنليزية: /3 27-F.J.Roethlisberger and William, J. Dickson (with Harlot A. Wright),

Management and the Worker, Cambridge, Mass, Harvard University

Press, 1939. the Polish Peasant in Europe and Willian thomas and Florian zaniecki, -28

2Vols, NEW York, knops, 1927. Republished in facsimile New , America

York, Dover, 1920.