الرحمن الرحيم

32
1 اﻟﺮﺣﻤ ـﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻟﻠﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﺤﺘﻤﻞ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺘﻴﻦ. ﺃﻛـــــــــﺮﻡ ﺍﻟﻬﻼﻟﻲ1432 ﻫـ2011

Upload: akram-al-hilali

Post on 01-Apr-2016

272 views

Category:

Documents


10 download

DESCRIPTION

رغم أن الصفتين مذكورتان في القرآن مرات عديدة فإن القرون التي مرت و التفاسير المنوعة التي نُشرت لم توصلنا إلى توضيح للفرق بينهما حتى الآن. هذه محاولة لسد هذا الفراغ

TRANSCRIPT

Page 1: الرحمن الرحيم

1

ـن الرحيمالرحم الصفتين تحليل للمعنى المحتمل لكل من

أكـــــــــرم الهاللي.د

هـ 1432 م 2011

Page 2: الرحمن الرحيم

2

مالرحي -الرحمن

الصفتين تحليل للمعنى المحتمل لكل من أكرم الهاللي

مقدمــــــــــة

بسم اهللا الرحمن الرحيم

الغاية من البحث

نالكلمتيإثبات وجود فرق أساسي بين معنى -1

الرحمة جمع كليجعل اجتماعهما معا إثباتا لاستقراء كيف أن هذا الفرق -2

في هللا تعالى؟

سبحانه؟ -خالصة له" الرحمن"صفة لماذا كانت-3

Page 3: الرحمن الرحيم

3

منهج البحث

مراجعة عدد جيد من تفاسير القرآن، القديم منها والحديث، لنرى محاوالت *

لمفسرين خيارا جديا في الموضوع؟وهل وضع أحد ا. تمييز معنى الصفتين

قللفر الممكنة النظرية وضع الخيارات *

: استبعاد الخيارات التي ال تنسجم مع المعطيات القرآنية، والتي هي *

، -تعالى –حصر صفة الرحمن بال -ا

شمول صفة الرحيم غيره معه -ب

.-تعالى –بال فيحصر الرحمة في النهايةكيف أن اجتماع الصفتين يعود -ج

Page 4: الرحمن الرحيم

4

سورة الفاتحة

) 3اآلية (الرحمن الرحيم : أول آية في السورة وفيها أيضا آية: بسم هللا الرحمن الرحيم

.، التي هي موضوع البحث

بحمد هللا، الذي هو أهل الحمد كله فتتح القرآن الكريموي بعد آية البسملة، تبدأ السورة،: حمد ہلل

.كذلك -سبحانه -الحمد تجعلهفصفاته التي تلي

.فيها فيها، وما شمولية الربوبية لكل العوالم ومن: ربلحمعام ين

–نةبة الرحمة ل ه بهما معا تكونحيث سأبين أن‘ وهذه هي موضوع البحث :حمرح نلحمرحيم

شاملة -سبحانه

، لكن بعض الناس وقد تكون سيطرته خافية على المةيطر دائما -سبحانه -هو: مامكليوملحمہين

.امتالكه الكامل لمصير عباده يتضح يوم الدين، ذلك اليوم الجامع لكل الخلق وبدون استثناء

االستنتاج المنطقي وهذا هو ، نعبدك وحدك ونةتعين بك وحدك :إياكلنعبہ،لوإياكلنستعين

.بللحةا الشامل الرحمة والجمعشمولية ة الربوبية ومن تثبيت شمولي

ةــــــــلرحما

.على األنانية -عند المخلوقات –، وهي صفة تتغلب هي صفة أسمى من العدل

.وقت وجهد و إمكانيات ، منالرحمة من البشر والحيوان لبعضهم البعض تشمل خةارة مادية للراحم

.وهي مكةب للمشمول بالرحمة .، وهي مضادة لحبه لذاته ولمصلحته الماديةفهي تضحية من الراحم

.ر أيضا فوق صفة العدل وأسمى منهاهي عند البشو

Page 5: الرحمن الرحيم

5

.تةهر الليل رحمة بطفلها و تةقيه وتطعمه إنما تضحي من أجله رحمة به التي األم: مثال

من ماله لحظة التصدق بها، فهي تضحية، -ماديا -الصدقة تمنح من مال المرء تنقص: آخر مثال

.وظاهرها مخالف لمصلحته

إلى عمله و موعده محدد ثم يالقي إنةانا وقع على جانب الطريق يكون المرء ذاهبا : مثال ثالث

–إن هذه العملية . لمرض أو عارض فيقضي بعض الوقت يتفقده ثم ينقله إلى أقرب مشفى رحمة به

وز التفكير بالخةارة وساعد من يحتاج فيها خةارة للراحم من وقته وعمله ولكنه تجا -في ظاهرها

..المةاعدة

مـــــــالرحي -نــــالرحم

الشك أن المفةرين والعلماء على مدى تأريخ اإلسالم تأملوا هاتين الصفتين، أو االسمين الحةنين من

وحاولوا أن يعرفوا إن كان هناك فرق بينهما، وقد جاءتا مقترنتين في كثير من -تعالى -أسماء هللا

.المواضع

.فيهما أحدالرحمة لم يختلف معنى المعنى األساسي وصلة االسمين ب

على غير “ الرحمن”كما أن المفةرين اتفقوا على شيء آخر، أال وهو عدم جواز إطالق اسم أو صفة

“رحيما ”هللا جل جالله، بينما يمكن أن يكون أي إنةان، أو حيوان

. بال هو الذي ينةجم مع الةياق -جامعة -إذا عدنا إلى آيات سورة الفاتحة فةنجد أن حصر الرحمة

- يجمع الربوبية ويملك يوم جمع كل الخلق للحةاب، لذا فإن جمع مصدر الرحمة كلها فيهفال

هاتين الصفتين الجامعتين في الةورة، وما يتبعهما المعنى الشمولي لهو األمر المتةق مع -سبحانه

.من حصر العبادة واالستعانة به

Page 6: الرحمن الرحيم

6

الرحمة كلها عنده، غرض جعلعلى اإليفاء ب -مجتمعتين -ولكن، كيف تعمل هاتان الصفتان

؟ كيف “رحيما”سبحانه؟ كيف وقد استنتجنا من نصوص القرآن الكريم أن غير هللا يمكن أن يكون

ونحن نلمس في حياتنا، وبدون توقف، رحمة الخلق ببعضهم كظاهرة ال ريب فيها؟

هل صفة الرحمة عند الخلق غريزة أم صفة مكتسبة؟

متديمورثات اإلنةان والحيوان، كي حمة هي صفة مزروعة في إن الشواهد تدل على أن صفة الر

.إلى الكائنات الحية األخرى تأثيرها

ورحمة األم بابنها . هذه الرحمة تةاعد على إبقاء النةل والحياة عموما وبدونها قد تنقطع سلةلة الحياة

صير البشريةحيث يمكننا تصور م. الوليد الذي ال حول له وال قوة هي أكبر مثال على ذلك

.ولم ترعهموالحيوانات صغارا، لو وضعت األمهات أطفاال والحيوانات

.، وال خالق إال هللافي الكائنات )خلق(هذه الصفة هي

حيوان، للو) األقرب فاألبعد(ره من البشر إذا فرب العالمين وضع صفة الرحمة من اإلنةان لغي

.وكذلك من الحيوان لغيره من الحيوانات

من البشر قةاة ال يرحمون وهؤالء يغطون الرحمة المزروعة في خلقهم بشقاوتهم وبخلهم هناك

الحيوانات تتجلى رحمتها ، .لكن هؤالء ال يمثلون الغالب من البشر. وباتباعهم الشيطان واألنانية

.، بدون استثناء على األقل بذريتها

أدلة من الكتاب والسنة على خلق الرحمة

1)أن خلق لكم من أنفةكم أزواجا لتةكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمةومن آياته (

2)فبما رحمة من هللا لنت لهم(

3)وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية(

Page 7: الرحمن الرحيم

7

4)ال تنزع الرحمة إال من شقي(

رض، إن هللا خلق، يوم خلق الةماوات واألرض، مائة رحمة، كل رحمة طباق مابين الةماء واأل(

5)فجعل منها في األرض رحمة، فبها تعطف الوالدة على ولدها، والوحش والطير بعضها على بعض

فمن ذلك . جعل هللا الرحمة مائة جزء فأمةك عنده تةعة وتةعين وأنزل في األرض جزءا واحدا (

6)تتراحم الخالئق، حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه

نعم، : لون صبيانكم؟ فقالواأتقب : اب على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقالواقدم ناس من األعر(

وأملك إن كان هللا نزع منكم: م فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسل. لكنا وهللا ما نقبل: فقالوا

7)الرحمة؟

.ريزة متأصلةوهناك أدلة أخرى كثيرة تثبت أن الرحمة في اإلنةان والحيوان مخلوقة فيه من هللا وغ

مصادر الرحمة

كائن حي، إنةان أو حيوان، يحتاج الرحمة في أوقات مختلفة، وهذه قد تأتي من هللا مباشرة أي *

) هاظاهرفي (دون أن يظهر عامل بشري أو حيواني في نزولها، أو تأتي من إنةان أو حيوان وليس

.من هللا

ةان واألنعام بشدة وهبوب الريح على سفينة في من رحمة هللا نزول المطر في وقت يحتاجه اإلن*

والشمس وما يصيب األرض من طاقة وضوء ودفء منها، واألرض وما ،وقت عصيب على ركابها

فهذه رحمة مباشرة من هللا ال . رة للبشر وأمثلة كثيرة يمكن إيرادهاأودع هللا فيها من خيرات مةخ

.دخل فيها للبشر

Page 8: الرحمن الرحيم

8

يةقي أحدهم عطشان أو يطعم جوعان أو ينقذ شخصا معرضا للموت من رحمة البشر والحيوان أن *

حرقا أو غرقا، أو أم تةهر على وليدها، أو طبيب أو ممرض يةهر لخدمة المريض فهذه رحمة ال

.، بل تتأتى من بشر أو حيوان من هللا -في ظاهرها -تبدو

الراحم، ألنه يبذل جهدا أو شيئا من الرحمة من إنةان أو حيوان بغيره من األحياء فيها تضحية من *

ووجودها مخالف للنظريات المادية التي تعتبر الفائدة المادية للذات هي . لغيرهأو وقته ماله أو طعامه

وإذا حاول بعضهم تفةيرها بوجود صفة موروثة تحاول اإلبقاء على النةل . األصل في التصرفات

، بناء بعض الصحة، لكن يصعب ذلك فقد يكون في و بايولوجية متشابهةوالذات لمجموعة عرقية أ

ةورحم وهي ليةت من نةله طبعا، تفةير رحمة اإلنةان بالحيوانات، على ذلك التفةير وحده،

.خر ليس من عرقه أو قبيلتهآورحمة إنةان ب أحيانا الحيوانات بغير جنةها وحتى بالبشر

.المخلوقات الحية نةتنتج من ذلك أن الرحمة غريزة مخلوقة و مزروعة في

بال تعالى" الرحمن"حصر صفة

.تعالىبال “ الرحمن”حاول بعض المفةرين و الفقهاء إعطاء سبب لحصر اسم أو صفة *

البعض من المفةرين أكد أن الكلمتين البد أن يكون بينهما فرق بالمعنى، لذا فإن إحداهما تكمل *

.األخرى

القرآن الكريم أطلق الصفة على هللا ولم يرد أبدا ذكرها في الحصر استنتج فقط من حقيقة أن *

.وصف غيره

مقہلجاءكملرسولل(فقد وصف بها النبي عليه الصالة والةالم في القرآن“ الرحيم”أما صفة *

، بينما8)منلأنفسكملعزيزلعليهلمالعنتملحريصلعليكملبام ؤمنينلرؤوفلرحيم

Page 9: الرحمن الرحيم

9

أن ، كما أن القرآن ذكر في غير موضع منه9) اس لرؤوف رحيمإن هللا بالن(نفةه تعالى عن-يقول هللا

.تعالى أي أن هناك راحمون كثر لكن أرحمهم هو هللا،ل10)أرحملحمرحح ين(هللا هو

حيث أن الرحمة أوجدت في ا نالكن البشر، مهما اتصفوا بالرحمة، ال يمكن أن يكون أحدهم رحم*

فهذا النوع من الرحمة . ق، مثلها كمثل خلق الةمع والبصرقلبه من قبل هللا يوم خلقه، وهي عملية خل

وال يمكن ألي كائن أن يخلق هذه الرحمة -تعالى –وال يمكن أن ينةب إال إلى هللا من هللاأصله أيضا

وأملك إن كان هللا قد نزع منكم (ويؤكد ذلك قول الرسول عليه الصالة والةالم في نفوس الخلق،

.)الرحمن(فة وتلك هي ص 7)؟الرحمة

الرحيم -الرحمن

هي ألصق بالفرد من تلك التي يةبغها هللا عليه بصفته ) الرحمن(الرحمة المتأتية من صفة *

).رحيما (

، وترى صيغةهذه الب أخذ الناس األمرما يهو من رحمة هللا بنا، لكن قليال -مثال -نزول المطر *

بيعية أكثر منها نعمة ورحمة من هللا، ومن هنا الناس يتكلمون عن المطر وضوء الشمس كظواهر ط

.في كثير من اآليات قرآن يذكر بهذه الرحمة وأمثالهاترى ال

أما رحمة الناس ببعضهم فيذكرها اإلنةان جيدا ويذكر الشخص الذي قدم له المةاعدة ورحم به، *

ا من فعل هللا ألنه خلق ومن هنا كانت صفة الرحمن للتأكيد على أن هذا النوع من الرحمة هو أيض

.صفة الرحمة في قلوب الراحمين من البشر والحيوان

الطفل يعرف تماما رحمة أمه وأبيه به والمريض يحس بحنان الممرض ورعاية الطبيب، وهي *

أية رحمة في قلوب الناس إنما غم أنهما يتقاضيان أجرا على عملهما، وكثيرا ما ينةى أنر ،رحمة

. الذي خلق هؤالء وأودع في خلقهم صفة الرحمةمن خلق هللاي ه

Page 10: الرحمن الرحيم

10

إحةاس اإلنةان والحيوان برحمة أمثاله من الخلق يأتي سابقا إلحةاسه برحمة هللا المباشرة في *

.)الرحيم(يصل إلينا وندركه قبل تأثير صفة ) الرحمن(فتأثير صفة .المطر وضوء الشمس وغيره

.لدى اجتماع الصفتين" الرحيم"على صفة " الرحمن" تقديم صفةربما كان في ذلك أحد أسباب *

ما قاله المفسرون في معنى الصفتين

:أدناه مقتطفات من بعض التفاسير و الكتابات اإلسالمية حول معنى الصفتين والفرق بينهماأورد

)له األسماء الحسنى: موسوعة( أحمد الشرباصي

الرحمن إال على هللا تعالى، من حيث أن معناه ال والرحمن الرحيم، نحو ندمان ونديم، وال يطلق

يصح إال له، إذ هو الذي وسع كل شيء رحمة، والرحيم يةتعمل في غيره، وهو الذي كثرت

مقہل(وقال في وصفه النبي صلى هللا عليه وسلم 11)إنلهللالغفورلرحيم(قال تعالى . رحمته

كم،لبام ؤمنينلجاءكملرسوللمنلأنفسكم،لعزيزلعليهلمالعنتم،لحريصلعلي

وقيل إن هللا تعالى هو رحمن الدنيا ورحيم اآلخرة، وذلك أن إحةانه في الدنيا . 8)رحيم رءوف

ورح تيلوسعتل( يعم المؤمنين والكافرين، وفي اآلخرة يختص بالمؤمنين وعلى هذا قال

ين فرتنبيها إلى أنها في الدنيا عامة للمؤمنين والكا 12)كللشيءلفسأكتبهالملذينليتقون

.13وفي اآلخرة مختصة بالمؤمنين

معنى هداية هللا تعالى لعباده بإرسال الرسل إليهم -كما ذكر ابن القيم -واسم الرحمن يتضمن

13وإنزال الكتب عليهم، وهذا أعظم من إنزال الغيث وإنبات الكأل وإخراج الحب

Page 11: الرحمن الرحيم

11

)البحر المحيط( أبو حيـان األندلسي

فهو وصف لم يةتعمل في غير هللا، كما لم يةتعمل اسمه في ... فعالن من الرحمة) الرحمن(

.غيره، قالوا رحمن الدنيا واآلخرة، ووصف غير هللا به من تعنت الملحدين

14....فعيل محول من فاعل للمبالغة وهو أحد األمثلة الخمةة) الرحيم(

)تفسير الطبري( محمد بن جرير الطبري

شتقين من الرحمة، فما وجه تكرير ذلك وأحدهما مؤد عن معنى فإذا كان الرحمن والرحيم اسمين م *

.ليس األمر على ما ظننت، بل لكل كلمة منهما معنى ال تؤدي األخرى منهما عنها: اآلخر؟ قيل له

من زيادة ) الرحمن)... (الرحيم(أشد عدوال من قوله ) الرحمن(أن قول القائل .. أما من جهة العربية*

.في اللغة) الرحيم(المعنى على قوله

* .الرحمن بجميع الخلق، الرحيم قال بالمؤمنين: العرزمي يقول : اما من جهة األثر والخبرو

15الرحمن رحمن اآلخرة والدنيا والرحيم رحيم اآلخرة

)األساس فس التفسير( سعيد حوى

.... امه على عبادهصفتان واسمان يعبران عن رحمة هللا تعالى التي مظهرها إنع) الرحمن الرحيم(

وفي الرحمن من المبالغة ما ليس في الرحيم، ألن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، ولذلك ال

يةمى وال يوصف بالرحمن غير هللا ويوصف بالرحيم غيره، ومن ثم ذهب بعضهم إلى أن الرحمة

16. نفي اسم الرحمن تشمل الكافر والمؤمن والرحمة في اسم الرحيم تخص المؤمني

Page 12: الرحمن الرحيم

12

)المعجم العربي األساسي( أحمد العابد ومجموعة من الكتـاب

. أللف والالماالكثير الرحمة وهو اسم مقصور على هللا تعالى ولم يرد بالقرآن إال معرفا ب) رحمن(

17.من أسماء هللا الحةنى) رحيم(

)التفسير المعين( محمد هويدي

ذو الرحمة وهي إرادة ) الرحيم. ( يطلق على غيرهواسع الرحمة وهو اسم لذات هللا ال) الرحمن(

18الخير ألهله

)فاتحة القرآن وجزء عم الخاتم للقرآن( محمد محمود الصواف

قول علماء يورحمن أشد مبالغة من رحيم، و الرحيم اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة

.ىتدل على زيادة المعن إن زيادة المبنى في الرحمن اللغة

19واسم الرحمن خاص بال تعالى ال يةمى به غيره وال يجوز إطالقه أبدا على أحد من خلق هللا

)تفهيم القرآن( أبو األعلى المودودي

كل من الرحمن والرحيم صيغتان للمبالغة في معنى الرحمة وحينما نريد أن نؤكد على صفة وقوتها

نما نريد تأكيدها أكثر نأتي بصيغتين للمبالغة في في شيء أو شخص فإننا نأتي بصيغة مبالغة وحي

20. الصفة، ولذلك أضيفت صفة الرحيم إلى صفة الرحمن

Page 13: الرحمن الرحيم

13

)التفسير الوجيز على هامش الكتاب العزيز( علي مصطفى خلوف

أشد مبالغة في الرحمة لعمومها في الدارين لجميع خلقه ) الرحمن(ن رفيقان وااسم) الرحمن الرحيم(

21.المؤمنين سبحانهب) الرحيم(وهو

مشروع زايد لتحفيظ القرآن الكريم -تفسير القرآن

22. وهو صاحب الرحمة الدائمة ومصدرها، ينعم بكل النعم، صغيرها وكبيرها

)في ظالل القرآن( سيد قطب

–وهو المختص .. في البدء بالرحمن الرحيم يةتغرق كل معاني الرحمة وحاالتها -سبحانه -ووصفه

فمن الجائز أن يوصف عبد . جتماع هاتين الصفتين، كما أنه المختص وحده بصفة الرحمنبا -وحده

ومن باب . من عباده بأنه رحيم، ولكن من الممتنع من الناحية اإليمانية أن يوصف عبد بأنه رحمن

أولى أن تجتمع له الصفتان، ومهما يختلف في معنى الصفتين، أيهما تدل على معنى أوسع من

الرحمة، فهذا االختالف ليس مما يعنينا في هذه الظالل، إنما نخلص إلى استغراق هاتين الصفتين

مجتمعتين لكل معاني الرحمة وحاالتها ومجاالتها.23

)الميزان في تفسير القرآن( محمد حسين الطباطبائي

وأما الوصفان الرحمن الرحيم فهما من الرحمة

Page 14: الرحمن الرحيم

14

لرحيم صفة مشبهة تدل على الثبات والبقاء، ولذلك ناسب وا. والرحمن صيغة مبالغة تدل على الكثرة

ولذلك .... الرحمن أن يدل على الرحمة الكثيرة المفاضة على المؤمن والكافر وهو الرحمة العامة

24.أيضا ناسب الرحيم أن يدل على النعمة الدائمة والرحمة الثابتة الباقية التي تفاض على المؤمن

)ملةاألعمال الكا( محمد عبده

سوى ما في ) الرحيم(قاال إن الرحيم توكيد، لظنهما أن ال معنى في ) الصبان(و ) الجالل(ف

فقد . والذي صرحت به سبقني إليه ابن جرير الطبري.... ، وإني أنزه القرآن عما ظنا)الرحمن(

25.صرح بأنه ال يوجد في القرآن كلمة زائدة لغير معنى مقصود

)قرآن الحكيمتفسير ال( محمد رشيد رضا

وبعضهم يقول .بجالئل النعم، ومعنى الرحيم المنعم بدقائقها والجمهور على أن معنى الرحمن المنعم

إن الرحمن هو المنعم بنعم عامة تشمل الكافرين مع غيرهم، والرحيم هو المنعم بالنعم الخاصة

.بالمؤمنين

إفاضة النعم واإلحةان، ولفظ الرحيم يدل على من تصدر عنه آثار الرحمة بالفعل وهي فلفظ الرحمن

وبهذا المعنى ال يةتغنى يدل على منشأ هذه الرحمة واإلحةان وعلى أنها من الصفات الثابتة الواجبة،

26.بأحد الوصفين عن اآلخر وال يكون الثاني مؤكدا لألول

)التحرير والتنوير( ابن عاشور

Page 15: الرحمن الرحيم

15

الشيء إلى كماله شيئا فشيئا وذلك يجمع النعم كلها، فإن قلت إن الربوبية تقتضي الرحمة ألنها إبالغ

فلماذا احتيج إلى ذكر كونه رحمانا؟ قلت ألن الرحمة تتضمن أن ذلك اإلبالغ إلى الكمال لم يكن على

وجه اإلعنات بل كان برعاية ما يناسب كل نوع وفرد ويالئم طوقه واستعداده، فكانت الربوبية نعمة

ن الشدة واألذى، فأتبع ذلك بوصفه بالرحمن تنبيها على أن تلك النعم والنعمة قد تحصل بضرب م

27 .الجليلة وصلت إلينا بطريق الرفق واليةر ونفي الحرج

)الكشاف( الزمخشري

من المبالغة ما ليس في ) الرحمن(وفي ... فعيل منه) الرحيم(، وكذلك ...فعالن من رحم) الرحمن(و

إن الزيادة في البناء لزيادة : دنيا واآلخرة، ورحيم الدنيا، ويقولونرحمن ال: ، ولذلك قالوا)الرحيم(

.المعنى

كالتتمة والرديف ليتناول ) الرحيم: (فتناول جالئل النعم وعظمائها وأصولها، أردفه) الرحمن(لما قال

28 .منها ما دق ولطف

)أسماء هللا الحسنى( ابن القيم الجوزية

الرحمن علم : نعتا ل من قولنا بةم هللا الرحمن الرحيم، وقالوا) الرحمن(استبعد قوم أن يكون

.واألعالم ال ينعت بها

ولكنه، وإن جرى مجرى األعالم فهو وصف يراد به الثناء، وكذلك الرحيم، إال أن الرحمن من أبنية

عاجلة وفائدة الجمع بين الصفتين الرحمن والرحيم اإلنباء عن رحمة.....المبالغة كغضبان ونحوه

.وآجلة، وخاصة وعامة

Page 16: الرحمن الرحيم

16

وهو أن الرحمن دال على .. وأما الجمع بين الرحمن والرحيم ففيه معنى هو أحةن من المعنيين

29.والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم، فكان األول للوصف والثاني للفعل -سبحانه-الصفة القائمة فيه

)فسر ابن كثيرتيسير العلي القدير الختصار ت( الرفـاعي نسيبمحمد

.اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة) الرحمن الرحيم(

إن هللا يرحم . خاص بالمؤمنين يوم القيامة) الرحيم(أي يرحم أهل الدنيا واآلخرة و ) الرحمن(

المؤمنين والكافرين في الدنيا على الةواء وذلك من نواحي أمورهم المعاشية وأسباب

فتكامل أسباب ... امة، وإذا لم تكن الرحمة عامة ال تتكامل أسباب التكليففرحمته هنا ع...حياتهم

.30التكليف في الدنيا سيكون عليه في اآلخرة مدار الحةاب

)تفسير البيضاوي( ناصر الدين عبد اهللا بن عمر البيضاوي

) الرحمن(و... اسمان بنيا للمبالغة من رحم، كالغضبان من غضب والعليم من علم) الرحمن الرحيم(

يا رحمن الدنيا واآلخرة ألنه يعم : قيل... ، ألن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى)الرحيم(أبلغ من

يا رحمن الدنيا واآلخرة، ورحيم الدنيا، : وقيل .... المؤمن والكافر، ورحيم اآلخرة ألنه يخص المؤمن

.وحقيرةألن النعم األخروية كلها جةام، وأما النعم الدنيوية فجليلة

صار كالعلم من حيث ال يوصف به غيره ألن معناه المنعم الحقيقي البالغ في الرحمة ) الرحمن(

31.غايتها

)األسماء والصفات( أبو بكر البيهقي

Page 17: الرحمن الرحيم

17

أي العلل التي تمنع العباد من أداء الطاعات (إنه المزيح للعلل : قال الحليمي في معنى الرحمن

.إنه المثيب على العمل: يموقال في معنى الرح). والتكاليف

فذهب بعضهم إلى أنه غير مشتق، ألنه لو كان مشتقا من الرحمة التصل بذكر المرحوم )... الرحمن(

رحيم بعباده: هللا رحمن بعباده، كما يقال: فجاز أن يقال

فالرحمن ذو الرحمة الشاملة التي وسعت الخلق في أرزاقهم وأسباب معايشهم : قال الخطابي

.32هم، وعمت المؤمن والكافر والصالح والطالح وأما الرحيم فخاص للمؤمنينومصالح

)مجمع البيان في تفسير القرآن( أبو الفضل بن الحسن الطبرسي

اسمان وضعا للمبالغة، واشتقا من الرحمة، وهي النعمة، إال أن فعالن أشد مبالغة " الرحمن الرحيم"

. الرحمن ذو الرحمة والرحيم هو الراحم وكرر لضرب من التأكيد: ثم ذكر رأيا ألبي عبيدة. من فعيل

ظة الرحمن ليةت كما ذكر رأيا البن عباس أوردته في مصادر أخرى ثم ذكر رأيا لثعلب عن أن لف

ورد على هذا الرأي وخطأه وأورد شعرا جاهليا " وما الرحمن؟"بعربية وذلك ألن المشركين قالوا

.يذكر اسم الرحمن

مفةر اليعطي رأيا من عنده بل يذكر آراء غيره لكنه يميل العتبار صفة الرحمن الصقة بال فهذا ال

33 يد الرحمةوصفة الرحيم شمول الرحمة للخلق وأنهما لتأك

)التفسير الواضح الميسر( محمد علي الصابوني

أي المتصف بالرحمة، فهي صفة الذات، أي الذي وسعت ) الرحمن. (اسمان من أسمائه الحةنى

من نعمة الخلق والرزق والهداية إلى رحمته كل شيء، وعم فضله جميع األنام، بما أنعم على عباده

Page 18: الرحمن الرحيم

18

فالرحمن يدل على أنه سبحانه . حم عباده المؤمنين يوم الدينالذي ير) الرحيم. (طريق الةعادة

34متصف بالرحمة بذاته المقدسة والرحيم صفة متعلقة بالعباد

جدول موجز باآلراء المذكورة في التفاسير واألدبيات اإلسالمية حول الصفتين

الرحمن الرحيم المرجع

وهي إرادة الخير ألهله ذو الرحمة 18 واسع الرحمة

اسم مشتق من الرحمة على وجه 16

.تخص المؤمنين. المبالغة

أشد مبالغة من -زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى

ذهب بعضهم إلى أنها للكافر والمؤمن. رحيم

إيراد كلمتين ، إضافية للرحمةصيغة مبالغة 20

للمبالغة هو تأكيد على الصفة وقوتها

ةللتأكيد على معنى الرحم صيغة مبالغة

الكثير الرحمة من أسماء هللا الحةنى 17

رحيم اآلخرة. رحيم بالمؤمنين 15 أشد مبالغة في الرحمة لعمومها في الدارين ولجميع خلقه

رحيم اآلخرة،خاص بالمؤمنين، 13

رحمة إنزال الغيث وإنبات الكأل

وإخراج الحب وأمثاله، مما يحصل

به حياة األبدان

دنيا واآلخرة، يعم الكافر وسع كل شيء رحمة، رحمن ال

هداية هللا تعالى لعباده ) .في الدنيا، كما ذكر ابن القيم والمؤمن

بإرسال الرسل إليهم وإنزال الكتب عليهم، مما تحصل به حياة

وهي أعظم -القلوب واألرواح

واالختالف في المعنى ليس مما يعنينا تقصيه في هذه الظالل، إنما نخلص إلى استغراق 23

Page 19: الرحمن الرحيم

19

ن الصفتين مجتمعتين لكل معاني الرحمة وحاالتها ومجاالتهاهاتي

أشد مبالغة لعمومها في الدارين ولجميع خلقه وهو الرحيم بالمؤمنين 21

صفة مشبهة تدل على الثبات والبقاء، 24

يدل على النعمة الدائمة والرحمة

.قية تفاض على المؤمنالثابتة البا

لى الرحمة تدل ع.تدل على الكثرةصيغة مبالغة

الكثيرة المفاضة على المؤمن والكافروهو الرحمة

العامة

يةتعمل في غيره وهو الذي كثرت 31

رحمته، وقيل إن هللا تعالى هو رحيم

اآلخرة ومختصة بالمؤمنين

وقيل إن هللا . رحمة ال يصح إال له وسع كل شيء

مؤمنين لتعالى هو رحمن الدنيا وإحةانه يعم ا

لمنعم الحقيقي البالغ في الرحمة ا .والكافرين فيها

غايتها

وصف لم يةتعمل لغير هللا، كما لم يةتعمل اسمه في اسم مبالغة من الرحمة 14

غيره، قالوا رحمن الدنيا واآلخرة

وهو صاحب الرحمة الدائمة ومصدرها ينعم بكل المنعم بالنعم الدقيقة 22

النعم، صغيرها وكبيرها

زيادة المبنى تدل . ، أشد مبالغة من رحيمللمبالغة صيغة مبالغة 19

على زيادة المعنى

25ين ــــــتا متطابقتــــــــــفان وليةـــــــا معنيان مختلــــــــالصفتان لهم

منعم بدقائق النعم ويدل على منشأ 26

فات الرحمة واإلحةان وأنها من الص

الثابتة الواجبة

عامة للكافر والمؤمن ونعمه منعم بجالئل النعم

النعم ويدل على إفاضة

Page 20: الرحمن الرحيم

20

إبالغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا 27

وذلك يجمع النعم كلها

يوصل الرحمة للخلق برعاية ما يناسب كل نوع

وفرد

رحيم الدنيا 28

ما دق ولطف من النعم

حيمفيه من المبالغة ما ليس في الر

رحمن الدنيا واآلخرة

اجالئل النعم وعظمائها وأصوله

وهي للوصف -سبحانه -الصفة القائمة فيه تعلق الرحمة بالمرحوم وهو للفعل 29

يرحم أهل الدنيا واآلخرة والكافرين والمؤمنين خاص بالمؤمنين يوم القيامة 30

32

ثيب على العملمال

خاص بالمؤمنين

ع العباد من أداء الطاعات المزيح للعلل التي تمن

ذو الرحمة الشاملة. والتكاليف

هو الراحم والتكرار للتأكيد: الرحيم 33 ذو الرحمة وهو أشد مبالغة من رحيم : الرحمن

والتكرار ضرب من التأكيد

عم فضله . متصف بالرحمة بذاته المقدسة: الرحمن يرحم عباده المؤمنين يوم الدين 34

جميع األنام

قشة التفاسير في معنى الصفتينمنا

إذا كانت الصفتان و. تطابق الصفتين ال يبدو مقبوال ألن القرآن الكريم ليس فيه كلمات زائدة -

بال جل وعال؟“ الرحمن”متطابقتين وتؤكد إحداهما األخرى فلم حصرت صفة

.الثانيةة على أن إحداهما أشمل في الرحمة من ليس هناك دليل من القرآن والةن -

Page 21: الرحمن الرحيم

21

ربكملحمذيل(فمثال . خاصا بالمؤمنين يناقض آيات كثيرة في القرآن الكريم )الرحيم (كون -

فهل . 35 )يزجيلمكملحمفلكلفيلحمبدرلمتبتغوحلمنلفضله،لإنهلكانلبكملرحي ا

للمؤمنين فقط؟ في البحر الفلك مزجاة

هي لآلخرة فقط، بل ) الرحيم(هي للدنيا واآلخرة وأن ) الرحمن(ليس هناك دليل قوي على أن -

9،35تنطبق على الدنيا ) الرحيم(هناك الكثير من اآليات تدل على أن

اجتماع الصفتين في البةملة وكثير من اآليات دليل على أن بينهما فرقا وأن أحدهما يكمل معنى -

.اآلخر

.23لةيد قطب) لقرآنفي ظالل ا(هو تفةير بين الكلمتين أقرب التفاسير في اإلشارة إلى التكامل

.وإن كان أي منهما لم يبين كيفية التكامل. 29البن القيم الجوزية) أسماء هللا الحةنى(ويليه

ئل النعم أي دليل على ذلك من الهو المزود بج) الرحمن(لم يورد أصحاب الرأي القائل بأن -

.القرآن أو الحديث

فهو رأي مردود في هذا الموضوع ألن بناء كلمة أما أن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى -

تنطبق . الرحمن يختلف عن بناء كلمة الرحيم وال يمكن اعتبار تركيبه زيادة على تركيب الرحيم

. هذه القاعدة اللغوية على كلمتين أضيف في أحداهما أحرف على األولى ليدل على زيادة المعنى

فة ميم في الوسط وأصبحت تدل على كثرة الجمعمثال ذلك جمع وجمع، فالثانية جاءت من إضا

ثم تناقله بعض عند البيضاوي والغريب أن هذا التفةير للفرق بين الكلمتين ورد. وكثرة المجموع

.المفةرين واحدا عن اآلخر دون نقاش

الرحمن، هل هو اسم علم أم صفة من صفات هللا؟

Page 22: الرحمن الرحيم

22

السم العلم منها إلى الصفة فقد وردت معرفة هي أقرب ) الرحمن(هناك العديد من األدلة على أن

حمضالمةل قللمنلكانلفي(دائما ، كما وردت في آيات ال تتعلق بالرحمة، وكمثال ) ال(ب

قللحدعولهللالأول(وكذلك ذكرها مع اسم هللا في آية اإلسراء 36)فلي ہدلمهلحمرح نلمہحل

37)دعولحمرح ن،لأيالمالتہعولفلهلحألس اءلحمدسنىح

.ةع ذلك، فليس هنالك شك أنها أيضا صفة وأن معناها مختص بالرحمم

القرآن يجمع نتائج كل األعمال بيد هللا

لكن القرآن يجعل الهداية ‘ اإلنةان يبذل جهدا لهداية غيره، والدعوة للهدى من أعظم األعمال -

كانلومال( 38 )إنكلاللتهہيلمنلأحببتلومكنلهللاليهہيلمنليشاء. (من هللا وحده

.39)منفسلأنلتؤمنلإاللبإذنلهللا

اإلنةان يجاهد في سبيل هللا لينتصر ويغلب، وهللا يحث المؤمنين على الجهاد في سبيله، لكن -

ومالحمنصرلإالل(،ل40 )إنلينصركملهللالفاللغامبلمكم(القرآن يجعل النصر من هللا وحده

41)عنہلهللالحمعزيزلحمدكيم من

بجهده، وهللا يحثه على ذلك، لكن القرآن يجعل الرزق من إرادة هللا وهو اإلنةان يةعى للرزق -

وهللالفضلل(، 42 )مه ويقہر منلعباده هللاليبسطلحمرزقلم نليشاء(الذي يكتبه

43)بعضكملعلىلبعضلفيلحمرزق

ما هو تفسير ذلك؟

Page 23: الرحمن الرحيم

23

ووعدنا باألجر عليها ،الهداية والنصر والرزق وأمثالها أمور أراد هللا منا أن نبذل الجهد لنحققها

.لكنها جميعا ترتكز على أسباب تةبق تحقيقها

ومن ذلك العقل . هذه األسباب هي بيد هللا، خلقها وهيأها للبعض دون غيرهم، أو أكثر من غيرهم

والتفاوت فيه وبةطة الجةم واختالفها بين الناس واألمور الخارجة عن مكونات البشر وتأثيرها

فقد يكون رجالن بنفس المقدرة على إنجاز .المطر وشدة الحر وغير ذلك على الحوادث كنزول

عمل ما لكن أحدهما يريد إنجازه في بلد طيب الطقس فيةاعده ذلك واآلخر يحاول إنجازه في بلد

.شديد الحر قاسي المناخ فيعرقله ذلك ويؤخر أو يحبط عمله

–وتؤثر في مجريات األحداث بإرادته عند هللا من عدا األمور الغيبية التي هي -طبعا –هذا

دون أن يكون لك يد في تهيئة فإذا أراد هللا أن تكةب رزقا هيأ لك من األمور ما ييةره -سبحانه

. 44 )إنلربيلمطيفلم اليشاء(دة تلك األمور المةاع

هل تنطبق الشمولية على الرحمة؟

.ية، كما تجدها عند أرق البشر طبعا الرحمة صفة غريزية تجدها عند البهائم والوحوش الضار

المصلحة المادية منطقلتةتمر الحياة، وهي تتغلب على الغرائز أودعها هللا في نفوس مخلوقاته

.لصاحبها

لو فكر الحيوان باألمر لتجاوز الغريزة و اتبع مصلحته الخاصة، لكن دافع الغريزة شديد ويجعله

.ه من الحيوانأو غير نةل يضحي بمصلحته من أجل نةله

، بل إنه قد ال ينفع والديه على اإلطالق يوم فعههذا الحيوان ال يفكر بأن وليده سيكبر وينمو و ين

.يتبع غريزته وحةب الوالد، حين يرحم وليده، إن .يكبر

Page 24: الرحمن الرحيم

24

المرأة تبذل كل غال من وقتها وراحتها وصحتها لرعاية أطفالها وحمايتهم من الغوائل، فهل تفعل

تأمل أن يكبروا ويةاعدوها أو يرعوها؟ إن هذا التفكير ال يمر ببال األم وهي تبذل ما ذلك ألنها

.تبذل مدفوعة بالغريزة التي تجعل كل أم تعنى بنةلها

أن يعرف أحدهما اآلخر أو دون كذلك فإن أكثر الناس يةاعد من يراه محتاجا للمةاعدة ومن

إن النطع كملموجهلهللالاللنريہل(ثله يوما يأمل الذي يةاعد أن يرد الذي ساعده معروفه بم

45)منكملجزحءلولاللشكورح

من أودع الغرائز في المخلوقات؟

.هللا تعالى أودع الغرائز عند الخلق، بل جعلها جزءا من الصفات الموروثة

فالغرائز هي جزء من عملية الخلق

يملك أحد، غير هللا، إيداع غريزة في مخلوق أو نزعها منه ال

ما أن غريزة الجنس وغريزة الرغبة في الطعام وغيرها ال بد منها الستمرار الحياة فإن غريزة ك

.الرحمة بالنةل و بأفراد مجتمع اإلنةان والحيوان ال بد منها لنفس الغرض

نةتطيع أن نتخيل بةهولة ما سيحصل للبشرية لو لم يكن لدى األم غريزة األمومة لتربي وتطعم

.حول له وال قوةوليدها الذي ال

رحمة المخلوقات بعضهم ببعض هي من عند هللا

ومنلآياتهلأنلخلقلمكملمنلأنفسكملأزوحجالمتسكنوحلإميها،لوجعللبينكمل (

1ةمودةلورح

46)مفب الرح ةلمنلهللالمنتلمه(

Page 25: الرحمن الرحيم

25

47)وجعلنالفيلقلوبلحمذينلحتبعوهلرأفةلورح ة(

.قات هي صفة مخلوقة فينا، والخالق هو هللا، فالرحمة التي في نفوسنا ونفوس باقي المخلوا إذ

.إذا مارسنا الرحمة تجاه الغير ففضل ذلك يرجع إلى هللا سبحانه، الذي خلق عندنا هذه الصفة

، كالبخل و المبالغة في حب الناس يتفاوتون في الرحمة ألن عوامل شريرة في نفوس البعض

تكبت، جزئيا أو كليا، صفة الرحمة الذات،

جامع لصفة الرحمة -عالىت -هللا

هللا تعالى ينزل المطر ويخرج الرزق وينزل الذكر للهداية، وسخر الشمس والقمر لمن في

.ال يشارك هللا أحد في منح هذه الرحمات. األرض وغير ذلك الكثير الذي ال يحصى

يئا من يمكن ألي بشر أن يمنح فقيرا مبلغا من المال أو يطعمه طعاما، وهنا يكون قد أدى ش

.الرحمة تقارن برحمة هللا

لكن تلك الرحمة التي دفعته لعمل هذا الخير زرعها هللا فيه وأودعها في قلبه كغريزة

.، ففضل تلك الرحمة يعود إلى هللا أيضا ا إذ

الرحــــــــــيم

هللا الرحيم فهو الذي أوجد لنا كل النعم التي ال تحصى وال يمكن أن يوجدها غيرهيمكن أن يكون رحيما فيةاعد غيره من القريب والبعيد، كما أن الحيوان عنده صفة إلنةانا

.فكل من هؤالء الخلق رحيم، وهم يتفاوتون في مدى الرحمة التي يبدونها تجاه الغير. الرحمة ولكن هللا أرحم الراحمين، فال يمكن بحال مقارنة ما يصيبنا من . فال رحيم و في الخلق رحماء

.يصيبنا من رحمة بعضنا لبعض رحمته بما

Page 26: الرحمن الرحيم

26

مقہلجاءكملرسوللمنل(والتي يمكن أن تطلق على المخلوقات ) الرحيم(هذه صفة

8 )رحيم رءوفم،لبام ؤمنينلم،لحريصلعليكأنفسكملعزيزلعليهلمالعنتل

نــــــــــــالرحم

.أوجد فيهم صفاتهم وصورهم كيف يشاء. هللا تعالى هو الخالق للبشر والحيوان

ه الصفات صفة الرحمة، والتي، كما أسلفت، أوجدها مع صفات أخرى لضمان ديمومة من هذ

.الحياة على األرض

بما أن صفة الرحمة عند الخلق غريزة مخلوقة من عند هللا فإن أية رحمة تقدم من الخلق إنما هي

.فإذا أبدى أحدنا رحمة بغيره فهي من رحمة هللا. في الواقع من هللا

لينجو من مصيبة أو يتخلص من فقر أو مرض فهو ال ا الرحمة والعون من هللاوإذا طلب أحدن

الحمد (يتوقع أن يرى يد هللا تمتد إليه لتةتجيب لما طلبه، إنما نرى يدا لمخلوق تةاعده، فيقول

).ل

.الغريزة، فهو الذي يقدم لنا الرحمة باستعمال خلقه الذين أودع فيهم تلك )الرحمن(تلك هي صفة

هناك حاالت، ال يتدخل فيها بشر بل إن هللا يةخر ظواهر طبيعية، كالريح والمطر ويدبر شيئا

.)الحمد ل(يخرج اإلنةان من ورطته فيقول

يمـــــن الرحـــالرحم

ضوء شمس أو مطر أو تةخير مخلوقات أو رحمة من بعضنا لبعض بأي نوع : كل رحمة تأتينا

.ماسك بمجاميع الرحمة وهو الرحمن الرحيممن المةاعدة هي من هللا فهو

Page 27: الرحمن الرحيم

27

لذا ال . و ال يشاركه في ذلك أحد من خلقه -كغريزة -الرحمن هو خالق الرحمة في نفوس الخلق

.يجوز أن تطلق هذه الصفة على المخلوقات

المخلوقات . وهللا يوفر العظيم منها، والذي ال يعد وال يحصى. الرحيم هو موفر النعم بكل أشكالها

بعض النعم مما أفاء هللا عليها وبةبب الغريزة التي أودعها هللا فيها، فهي أيضا رحيمة توفر

من (، لكن غريزة الرحمة عندها وأدوات الرحمة التي تبذلها بعضها ببعض وبدرجات متفاوتة

.كلها من عند هللا أعطاها تلك المخلوقات) مال أو طعام أو مةاعدة بعالج وغيره

.كل مصادر الرحمة بيديه -تعالى -هللاجمع بالصفتين معا

عودة لسورة الفاتحة

)بسملهللالحمرح نلحمرحيم(

)حمد ہلللربلحمعام ين(

–ة له عومع مايليها من صفات جام بالحمد لمن يةتحق الحمد كله ، بعد البةملة،تبدأ الةورة

.تجعله يةتحق ذلك -سبحانه

.أو العوالم، بما فيها من مخلوقات رعاية لكل الكونالملك وال الخلق و تجمع ل )حمعام ين ربل(

ولما دامت تجمع ل مصادر الرحمة كلها، والتي لوالها لهلكت المخلوقات )حمرح نلحمرحيم(

. الحياة حتى يوم الدين

. فهو يملك اليوم الذي يجمع كل الخلق بدون استثناء ليحكم بينهم بحكمه) مامكليوملحمہين(

ملك هللا الخالص هاوهو يوم ،فيوم القيامة يزول كل ذلك ملك اليوم ندهفإذا كان هناك من ع

إياكلنعبہل(أن نعبده وحده ونةتعين به وحده ، مع هذه المعطيات الثالث،فأصبح من البديهي

)وإياكلنستعين

Page 28: الرحمن الرحيم

28

البحث خالصة

:مقبولة وأهمهاستنتاجات أراها، وهللا أعلم، إن البحث يوصلنا إلى ا

.وإنما هما متكاملتان وليةت إحداهما مجرد تأكيد لألخرى، بقتينالصفتان غير متطا

إن تكامل الصفتين غايته جمع كل أسباب الرحمة في هللا سبحانه وتعالى

، إضافة إلى ما يبدو من أنه اسم علم ل فهو صفة مرتبطة بالرحمة وال تطلق إال ل )الرحمن(إن

في هو أنها تدل على الخلق، أي خلق الرحمة -نهسبحا –وأن سبب حصر هذه الصفة به . وحده

.، وليس ألحد غير هللا صفة خلق كهذهنفوس المخلوقات من بشر وحيوان

لكن هذه الرحمة أوجدت ). رحيما ( المخلوقات لديها رحمة بعضها ببعض فأحدها يمكن أن يكون

لك فإن الرحمة الصادرة لذ. في تلك المخلوقات مع خلقها، والذي أوجد تلك الرحمة هو هللا تعالى

من هذه المخلوقات يرجع فضلها إلى هللا أيضا، ألنه خلقها أوال وألن أدوات الرحمة هي أيضا من

.عنده

رب العالمين ومالك يوم الدين، فله الحمد، وإياه نعبد وإياه وبهذا تكون الرحمة مجتمعة في هللا

.نةتعين

وهللا أعلم

الهالليـــــــرم أكـ

2013

مراجع البحث

Page 29: الرحمن الرحيم

29

الروم سورة21آية -ن الكريمالقرآ -1

سورة آل عمران 159آية -القرآن الكريم -2

سورة الحديد 27آية -القرآن الكريم -3

سكت عنه، وقال كل ما سكت عنه فهو صالح، رواه أبو هريرة -4942رقم -سنن أبي داود-4

صحيح، رواه سليك الغطفاني -2753رقم –صحيح مةلم -5

صحيح، رواه أبو هريرة -6000رقم -صحيح البخاري -6

صحيح، روته عائشة -2317رقم -صحيح مةلم-7

سورة التوبة 128آية -القرآن الكريم -8

يوسفسورة 64 آية -القرآن الكريم -10

التوبة سورة102آية -القرآن الكريم-11

األعراف سورة 156 آية -القرآن الكريم -12

بيروت، الجزء األول ص -رباصي، دار الجيلأحمد الش. د“ له األسماء الحةنى”موسوعة -13

26-27

دار -الجزء األول، الطبعة األولى -األندلةي) أبي حيان(محمد بن يوسف : البحر المحيط-14

بيروت -الكتب العلمية

بيروت -دار الكتب العلمية -الجزء األول، الطبعة الثالثة-محمد بن جرير الطبري -15

القاهرة -دار الةالم -ى، الجزء األول، الطبعة األولىسعيد حو : األساس في التفةير -16

د ومجموعة بأحمد العا -بية والثقافة والعلومالمنظمة العربية للتر: المعجم العربي األساسي -17

512م، ص 1988هـ 1408اب من الكت

2ص. محمد هويدي -التفةير المعين -محمد هويدي-18

Page 30: الرحمن الرحيم

30

هـ 1406الطبعة األولى، -محمد محمود الصواف: قرآنفاتحة القرآن وجزء عم الخاتم لل -19

36-35جدة، ص -مطابع دار العلم للطباعة والنشر -م 1985

-ظفر إسحاق أنصاري -الترجمة اإلنكليزية -أبو األعلى المودودي: تفهيم القرآن -20

Islamic Foundation 36ص -1988 -

يعتمد على تفةير ابن ( ي مصطفى خلوفعل: التفةير الوجيز على هامش الكتاب العزيز -21

1ص -هـ 1424الرياض -)كثير وغيره

11ص -1976القاهرة -ظ القرآن الكريممشروع زايد لتحفي -تفةير القرآن -22

-21ص -1992 -الطبعة الةابعة عشرة – القاهرة -دار الشروق -سيد قطب -في ظالل القرآن -23

22.

1372طهران -دار الكتب اإلسالمية -حةين الطباطبائي محمد -تفةير القرآنالميزان في -24

3ص -هـ

-تحقيق الدكتور محمد عمارة): رسالة إلى أحد العلماء(األعمال الكاملة للشيخ محمد عبده -25

.القاهرة -دار الشروق -الطبعة األولى -الجزء الرابع

الفكردار -لطبعة الثانيةا -45الجزء األول، ص -محمد رشيد رضا: المنار -تفةير القرآن الحكيم

173ص -ابن عاشور: التحرير والتنوير-27

-م 1998هـ 1418،الطبعة األولى 109-108ص -الجزء األول -الزمخشري: الكشاف-28

.مكتبة العبيكان

دمشق -دار ابن كثير -، الطبعة الثالثة90-89ص -ابن القيم الجوزية -أسماء هللا الحةنى-29

وبيروت

Page 31: الرحمن الرحيم

31

-13ص -الجزء األول -محمد نةيب الرفاعي -ي القدير الختصار تفةير ابن كثيرتيةير العل-30

.الرياض -مكتبة المعارف -هـ 1410

، الطبعة 27ص -الجزء األول -ناصر الدين عبد هللا بن عمر البيضاوي: تفةير البيضاوي -31

دار إحياء التراث العربي -األولى

القاهرة -دار الحديث -هـ 66،1423-65ص -أبو بكر البيهقي: األسماء والصفات -32

الجزء . الشيخ أبو أبو علي الفضل بن الحةن الطبرسي -مجمع البيان في تفةير القرآن -33

.بيروت -دار مكتبة الحياة للطباعة والنشر - -41األول ص

الطبعة الثالثة -مؤسةة الريان بيروت -التفةير الواضح الميةر -محمد علي الصابوني -34

.8، ص 2002

اإلسراءسورة 66 آية: القرآن الكريم -35

سورة مريم 75 آية: القرآن الكريم -36

اإلسراء سورة110آية : القرآن الكريم -37

القصص سورة 56 آية: القرآن الكريم -38

يونس سورة 100 آية: القرآن الكريم -39

سورة آل عمران 160آية : القرآن الكريم -40

سورة آل عمران 126آية :مالقرآن الكري -41

العنكبوت سورة 62 آية: القرآن الكريم -42

النحل سورة 71 آية: القرآن الكريم -43

سورة يوسف 100آية : القرآن الكريم -44

سورة اإلنةان 9آية : القرآن الكريم -45

Page 32: الرحمن الرحيم

32

سورة آل عمران 159آية: القرآن الكريم -46

سورة الحديد 27آية : القرآن الكريم -47