ست محطات في حياتي - جورج طرابيشي

17/3/2016 ست محطات في حياتي العربية.نت | الصفحة الرئيسية*

http://www.alarabiya.net/ar/politics/2016/03/17/%D8%B3%D8%AA%D9%85%D8%AD%D8%B7%D8%A7%D8%AA%D9%81%D9%8A%D8%AD%D9… 1/7

جورج طرابيشي

KSA 10:41 GMT 07:41 آخر تحديث: الخميس 8 جمادي الثاني 1437هـ 17 مارس 2016م

*ست محطات في حياتياألربعاء 7 جمادي الثاني 1437هـ 16 مارس 2016م

وأنا في رحلة نهاية عمر٬ وبعد عقود ستة من صحبة القلم الذي آثرته – عدا زوجتيوبناتي – على كل صحبة أخرى٬ أجدني أتوقف أو أعود إلى التوقف عند ست محطاتفي حياتي كان لها دور حاسم في أن أكتب كل ما كتبته وفي تحديد االتجاه الذي كتبت

فيه ما كتبته وحتى ما ترجمته.

من األول الطور فــي مفرطا تدينا وتدينت مسيحية أسرة من ولدت األولى: المحطة األصغر أخي حتى سخرية تثير بحساسية الدينية واجباتي كل أؤدي وكنت مراهقتي.

مني.

ذات يوم في المدرسة ٬ وفي السنة الثانية من المرحلة اإلعدادية – وكنت صرت فيالذي كان الديني التعليم العمر- كان من جملة دروسنا درس الرابعة عشرة من نحو فكرة لدينا تكونت قد المرحلة تلك في وكنا الطبع. عنه صرامة معروفة كاهن يتواله واضحة بما فيه الكفاية عن خريطة الكون وكروية األرض ودورانها وحجمها. وفي أحد دروس التعليم الديني قال لناالمدرس الكاهن:” تعرفــون أنتم يا أوالدي اآلن ما هــــــي الكرة األرضية٬ وتعرفون حجمها. أريدكم اآلن أن تتصوروا كرةأرض أكبر من أرضكم بمليون مرة٬ وأن هذه الكرة األكبر بمليون مرة من كرة األرض ليست من تراب وماء بل هــي منحديد فوالذي صلب.هذه الكرة األكبر من األرض بمليـــون مرة واألصلب من الحديد الصلب٬ يمر عليها كل مليون سنةطائر٬ فيمسحها بجناحه. فكم وكم – وهذه الكلمة ال زالت ترن في أذني إلى اليوم- كم مليون.. مليون.. مليون سنةيحتاج هذا الطائر إلـى أن يمسح بجناحه مرة واحدة كل مليون سنة ليذيب هذه الكرة الحديدية األكبر من األرض بمليون

مرة؟ تذوب هذه الكرة وال يذوب عذابكم في جهنم إذا متم في حال الخطيئة”.

سمعت هذا التحذير الحسابي فأصابتني رعدة. – فقد فهمته بكل أبعاده إذ كنت في حينه تلميذا متفوقا – وخرجت مـنالمدرسة وسرت في الطريق وأنا أطأطئ رأسي. ذلك أن المدرسة كانت تقع في حي عتيق جدا وكئيب٬ تفوح منه روائحاألماكن المغلقة. وعلى بعد حوالي 200 متر كنا نخرج من الدرب الضيق والمقفل عليه ليال بباب حديدي الى شارععريض ومفتوح تطالعنا منه ٬ أول ما تطالعنا٬ بناية حديثة نسبيا تقطن في الطابق الثاني منها أسرة إيطالية٬ لها ثالثللناظر من الشارع في إطاللة آسرة . وما إن بنات جميالت جدا٬ وغالبا ما نجدهن جالسات في “الفيرندا” ومرئيات نظرت إليهن عصرئذ حتى أسرعت أخفض نظري وأغمض عيني. لماذا؟ هنا ال بد أن أعود الى المسيحية التي ولدتفيها وعمدني أهلي عليها. ففي المسيحية يقال إن الخطيئة مثلثة: خطيئة بالعمل وخطيئة بالقول وخطيئة بالفكر. وحتىهذه الخطيئة األخيرة قد تكون خطيئة مميتة٬ وعقابها جهنم إلى أبد اآلبدين حسب الالهوت المسيحي إذا كان مدارهاعلى الجنس نظرا الى الوصية التي تقول : ال تشته امرأة غيرك. والحال أن كل امرأة هي امرأة للغير ما لم تكن زوجةينجيه من وال لإلنسان اهللا يغفرها وال مميتة لخطيئة مسببة ذاتها بحد تغدو الجنسية الشهوة إن ثم٬ ومن شرعية. عذابات جهنم ما لم يعترف بها للكاهن. وكان الكاهن يركز على خطيئة الفكر هذه في درس التعليم الديني لعلمه أنمدار تفكير الصبيان في طور المراهقة هو على الجنس. وعلى هذ النحو توزعت نفسي وأنا أخرج من درب المدرسة

الضيق الى الشارع المفتوح على فيراندا الصبايا اإليطاليات الثالث بين الرغبة في النظر وبين الخوف من العذاب األبدي

http://www.alarabiya.net/authors/%D8%AC%D9%88%D8%B1%D8%AC-%D8%B7%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%B4%D9%8A.html

http://www.alarabiya.net/



الضيق الى الشارع المفتوح على فيراندا الصبايا اإليطاليات الثالث بين الرغبة في النظر وبين الخوف من العذاب األبديفي نار جهنم على ذلك النحو المرعب كما صوره لنا الكاهن من خالل مثال الطائر والكرة الحديدية األكبر من األرضبمليون مرة. وهكذا لم أكتف بإغماض عيني٬ بل رحت أمشي في الطريق إلى البيت وأنا أحاول أن أطرد من فكري صورةمن زهر أصيص الشرفات إحدى من رأسي فوق يسقط أن المصادفة تشاء أن من خوف وكلي الثالث اإليطاليات األصص التي كان من عادة سكان بلدتي حلب أن يزينوا بها شرفاتهم فأموت وأنا في حالة خطيئة مميتة. ووصلت إلـــىالبيت وأنا في شبه هذيان وأصابتني حمى حقيقيـــة وبقيت يومـــين طريح الفراش٬ ثم لما أفقت كان رد فعلي الوحيد أننيقلت بيني وبين نفسي: ال٬ إن اهللا ذاك الذي حدثنـي عنه الكاهن ال يمكن أن يوجد وال يمكن أن يكون ظالما إلى هذا

الحد. ومن ذلك اليوم كففت عن أن أكون مسيحيا.

في انتقالي عند كانت المسيحية٬ من خروجي قصة عدا الحياة٬ في النهائي اتجاهي حددت التي الثانية المحطة المرحلة الثانوية إلى مدرسة رسمية تابعة للدولة. كان ذلك علـى ما أذكر عام 1955 . وقد كان ذلك بعد سقوط حاكمسورية الديكتاتور والجنرال العسكري أديب الشيشكلي. وكان تحالف حزب البعث والحزب الشيوعي واإلخوان المسلمينهو من أسقطه. فلما تفاوضوا فيما بينهم٬ سئل اإلخوان المسلمون: ماذا تريدون؟ أي وزارة؟ فقالوا: نحن ال نريد وزارة٬نحن لنا مطلب واحد وهو إدخال التعليم الديني إلى المدارس الثانوية. التعليم الديني كان مباحا بل واجبا في المدارساالبتدائية واإلعدادية ولكن ليس في الثانوية. في الثانوية كنا ندرس علوم األخالق والتربية الوطنية وليس هناك تعليمالمدرسة إلى السنة تلك في ذهبت وأنا الثانوية٬ المدارس إلى الديني التعليم إدخال تقرر النحو هذا وعلى ديني.

الثانوية.

ويومئذ٬ لما قيل لي هناك حصة تدريس تعليم دينــــي٬ قلت لرفاقي٬ وكنت قد بدأت أميل إلــــى أن أصير حزبيا اشتراكيامن “حزب البعث”: أريد أن أحضر درس التعليم الديني ألني أريد أن أطلع أكثر٬ فأنا كنت في مدرسة لم أتلق فيهاسوى التعليم المسيحي٬ ولكني أريد اآلن أن أعلم المزيد عن االسالم الذي هو دين الغالبية السورية. حضرت الدرس.شيخ طويـــل القامة بعمة. أذكر إلى اآلن لون جلبابه الرمادي األنيق. وكان قد كتب علـى اللوح بالطبشور سلفا: “كلمن هو ليس بمسلم فهو عدو لإلسالم”. كان هذا موضوع الدرس. وبدأ يشرح ويشرح ورفـــاقي ينظرون إلي٬ كل واحدمنهم رمقا٬ ليدركوا رد فعلي. ومضى نصف وقت الحصة وأنا أسمع الدرس. ثم قـــال الشيخ المدرس: اآلن أفتح بابالنقاش. فسارعت أرفع يدي٬ فقال :تفضل٬ ما اسمك؟ فقلت وأنا أشددعلى اسمي: “جورج طرابيشي”٬ وجورج اسم اليطلق في سوريا إال على المسيحيين. فوجئ هذا الشيخ وانبثقت حبات عرق على جبينه . وتابعت قائال: يــــا أستاذ٬ أنا

لست مسلما٬ أنا مسيحي بالمولد٬ فهل أنا عدو لك؟

قال: أعوذ باهللا ٬ من قال هذا الكالم؟ كيف تقول ذلك؟

قلت له: يــا أستاذ منذ أكثر من ثالثين دقيقة وأنت تقول: كل من ليس بمسلم فهو عدو لإلسالم٬ فهل أنـا عدو لك؟؟فطفق الرجل يتدارك خطأه٬ ويقول: ال٬ ال٬ فالمسيحيون أهل كتاب. وطبعا كان السؤال الذي دار في نفسي: لماذا لميتدارك ويستثن من البداية؟ وحتى لو لم أسأله فهل يكون كل من هو ليس بمسلم عدوا لإلسالم؟ وقد كان ينبغي علي

أن أضيف السؤال:حتى وان لم أكن من أهل الكتاب فهل أنا عدو لك؟ ولكني أمسكت.

ابتداء من تلك اللحظة وعيت أن مهمة كبيرة جدا ال تزال تنتظرنا في مجتمعاتنا وأن القضية ليست قضية تغيير سياسةوال وزارة٬ بل هي أوال وربما أخيرا قضية تغيير على صعيد العقليات. وشاءت الصدفة فيما بعد٬ لما صرت أدرس فيالتعليم ليكون مدرس الشيخ في قاعة األساتذة أفاجأ بوجود نفس الدراسي٬ أن الموسم افتتاح الثانوية بدوري٬ ويوم الديني أيضا في نفس الثانوية التي عينت فيها مدرسا للغة العربية. قام عن كرسيه للحال وهجم نحوي وعانقني قائال:

عذرا يـا أستاذ ٬ خطيئة ارتكبتها في حياتي لن أكررها أبدا.

المحطة الثــالثة في حياتي تمثلت بحادثة مماثلة ٬ ولكن هذه المرة مع رفاق حزبيين مسيحيين. كانت حادثة لها عمقالطريق الكتابة هي أن كاتب ألني شعرت إلى تحولي في أساسيا كانت سببا إذ وفي وعيي نفسي في كبير تغييري كمعارض السجن دخلت يلي: كما والتفاصيل المجتمع. في العقلية أغير لكي أسلكها أن بمستطاعي التي الوحيدة سياسي في نظام حزب البعث. كنت انتميت الى حزب البعث قبل استالمه السلطة. ثم استقلت من الحزب بعد سنة من

استالمه الحكم لخالفات سياسية وايديولوجية ليس المجال هنا للدخول في تفاصيلها . وبعد أن استقلت وصرت معارضا



استالمه الحكم لخالفات سياسية وايديولوجية ليس المجال هنا للدخول في تفاصيلها . وبعد أن استقلت وصرت معارضادخلت السجن. في السجن كان هناك عدد من البعثيين المعتقلين وان كانوا ينتمون الى تياريميني غير التيار الحاكمتكتالت٬ وكان معظم هؤالء من جبل حوران في إلى الحزب تشتت أن بعد أنا إليه أنتمي الذي اليساري التيار وغير سوريا الذي كان قسم كبير من سكانه من المسيحيين من أيام الغساسنة ومن ورثتهم . وفي السجن كان معي خمسةأو ستة من هؤالء المسيحيين البعثيين في غرفة جماعية واحدة تضم عشرات المعتقلين. كنت قد تزوجت من زوجتيالكاتبة”هنرييت عــبودي”٬ وأنجبت منها أول طفلة عمرها سنة أو سنتان٬ لم أعد أذكر. وكنت وأنا بالسجن ال أفكر إالبهذه الزوجة وبهذه البنت التي تركتها معها. ولست أدري كيف جاء حديث الشرف الجنسي الذي يقضي بوجوب قتلالمرأة إذا أقامت عالقة جنسية غير مشروعة سواء كانت مسيحية أو مسلمة٬ وفي هذه الحال تقتل ٬ واألفضل أن تذبحذبحا من قبل أخيها استردادا للشرف المهان. ومن كلمة إلى كلمة قادنا النقاش الى ما يلي. قلت لهم: أنــــــــا أرفضمبدأ جريمة الشرف من أساسه٬ وهذا موقف ال أستطيع احتماله إطالقا من قبل إنسان يزعم نفسه تقدميا أو اشتراكيا أوبعثيا. عندئذ هب واحد منهم غاضبا وقال: أنت متزوج؟ قلت: نعم. قال: شوعندك؟ قلت له: عندي بنت. قال: صغيرةطبعا؟ قلت: نعم. قال: اآلن إذا كبرت – بنتي اسمها مي- إذا كبرت هذه البنية وغلطت مع شاب أفال تذبحها؟؟ قلت له:أنا أذبح مايا بنتي إذا رأيتها تقبل شابا ! فقـــــــــــــال: كيف؟ أما تذبحها ؟ قلت له: يا رفيق أجننت !! أذبح مايا؟ قال:الرفاق المعتقلون معي قرارا أنت ما عندك شرف! أنت لست عربيا وال تستأهل أن تكون عربيا وال بعثيا! وأخذ هؤالء للتيار الحاكم. بمقاطعتي وبعدم الكالم معي ألنــي ال أستحق شرف أن أكون عربيـا أو بعثيا ولو كنت معارضا مثلهم إلـى غرفة منفردة٬ أي شبه بنقلي السجن ادارة إلى قدمت طلبا المقاطعة ولما تالها من عدائية نحوي لهذه ونتيجة

زنزانة٬ بدال من أن أبقى مع رفاق يقاطعونني ويحتقرونني.

وغير ومسيحيين مسلمين٬ وغير مسلمين قضية فقط ليست القضية أن وهو جديدا درسا تعلمت أيضا يومها من مسيحيين٬ من حيث الوعي االجتماعي حتى ولو كانوا ينتمون إلى أيديولوجيا واحدة. فالقضية أعمق من ذلك بكثير.تكون أن يمكن سطحية فوقية طبقة طبقتان: تتواجد البشري المخ داخل ففي األول. المقام في عقلية بنى قضية حاملها كان سواء الموت٬ حتى رجعية المخ هذا داخل تحتية بنيوية وطبقة وحدوية٬ اشتراكية٬ تقدمية٬ سياسية٬ مسيحيـا أو مسلمــا. ومنذ ذلك اليوم توطد لدي االقتناع بأن الموقف من المرأة في مجتمعاتنا يحدد الموقف من العالمبأسره. ومنذ ذلك اليوم أيضا ترسخ لدي االقتناع أكثر من أي يوم سبق بوجوب النضال بواسطة الكلمة من أجل تغيير

العقليــات٬ تغيير البنية الداخلية للعقل٬ وليس فقط البنية السطحية السياسية أو االيديولوجية.

في المحطة الـــــــرابعة من حياتــــــــــــي٬ وبعد مرحلة القوميـة العربية والبعثية واليسـارية والماركسية٬ جاء دور فرويد.

وقصتي مع فرويد بدأت بواقعة ال تخلو من طرافة. فبعد أن تزوجت وصار عندي بنتان كنت٬ كلما جلست إلى المائدةآلكل الطعام٬ أمسك برغيف الخبز- عندنا فـــي سوريا الخبز العربـي٬ وهو غير دارج في معظم البلدان العربية األخرى-ال وكنت تأكالن٬ المائدة على أمامـــي قاعدتان وابنتي وزوجتي الشعوريا أطرافه من أقطعه وأنا إال نفسي أجد فال

أستطيع منع نفسي من تفتيت الخبز حتى عندما يكون معنا على المائدة ضيف.

كانت زوجتي تقول لي بلهجتها الحلبية: عيب يــا جورج٬ الناس بشوفوك٬ وبناتك يتعلموا هالعادة ٬ وحتى عندما يكوننفسي أنسى مرة كل حق.ولكن معك لها: أقول وكنت هكذا! قدامهم الخبز تفتت يرونك المائدة علــى عندنا ضيوف وأعود إلى تمزيق الرغيف بدون قصد وال انتباه مني. وهكذا إلـى أن صادف ذات مرة أن قرأت مقاال- ال أعتقد أنه كانالإرادي تمزيق فعل بصفتها عصابيا عرضا ويعتبرها النفسية الظاهرة هذه عن يحكي – تالميذه ألحد وانما لفرويد والشعوري لألب. وأنا عندما قرأت هذا المقال أصبت برجفة: فأنا إذن أمزق أبي! وبالفعل كنت على صدام في مراهقتيله. أترجم شرعت ثم فرويد قراءة على وعكفت النفسي٬ التحليل على انفتحت المقال ذلك قرأت أن ومنذ أبي. مع ووجدتني أتصالح مع أبي – وكانت قد مضت سنوات على وفاته – وأصفي حسابي مع نفسي تجاه أبي وأستعيد نسبةكبيرة من الهدوء النفسي وأنظر إلى الحياة نظرة جديدة إلى حد ما. ولقد ترجمت لفرويد نحوا من ثالثين كتابا٬ ولكنيبطبيعة الحال لم أترجمها عن لغتها األصلية األلمانية٬ بل عن اللغة الفرنسية. وأنتم تعلمون المثل االيطـــــــــــــــالي الذييقــول: المترجم خائن Traduttore, traditore . وأنا إذ كنت أترجم عن لغة عن لغة فهي خيانة مزدوجة٬ ولكن كانالفرنسية اللغتان السابق االستعمار نتيجة تهيمن عليها التي العربية٬ الثقافة في يوجد ألنه ال منه بد ال هذا خيارأ واإلنجليزية٬ من يتقن الترجمة عن األلمانية سوى قلة قليلة للغاية. ولو لم أترجم فرويد أو لم يترجمه غيري سواء عن

الفرنسية أو اإلنكليزية لبقيت الثقافة العربية بدون فرويد وبدون تحليل نفسي٬ وهذا شيء غير مقبول. وطبعا أنا خنت



الفرنسية أو اإلنكليزية لبقيت الثقافة العربية بدون فرويد وبدون تحليل نفسي٬ وهذا شيء غير مقبول. وطبعا أنا خنتخيـــانة مزدوجة بالترجمة عن لغة عن لغة٬ ولكن أعتقد أني أديت للثقافة العربية خدمة ضرورية. وأنا منصرف اليوم ٬ومنذ عام تقريبا٬ إلى إعادة النظر في ترجماتي الفرويــدية مستفيدا من صدور ترجمات جديدة لفرويد باللغة الفرنسية –ترجمتـــين أو ثالث للكتاب الواحد – استعدادا إلعادة طبعها منقحة وأكثر مطابقة للنص األصلي٬ متمنيا أن يأتي ذات

يوم يكون عندنا مترجمون يترجمون عن األلمانية مباشرة.

في المحطة الخامسة من حياتي سأتوقف عند عن عالقتي بـالراحل محمد عابد الجابري الذي كرست له ربع قرن منعمري.

كنت منذ عام 1972 قد انتقلت إلى بيروت ألتولى رئاسة تحرير مجلة “دراسات عربية” الشهرية التي كانت تصدرفيلبنان عن دار الطليعة. وكان الجابري قد بدأ يرسل إلي في مطلع الثمانينات بعض المقاالت لنشرها في المجلة. ثمأرسل كتابا إلى دار الطليعة عنوانه “تكوين العقل العربــي“٬ الجزء األول من مشروع “نقد العقل العربـــي“. وقد أعطانيصاحب الدار الراحل بشير الداعوق المخطوط قائال لي: أنظر في هذا الكتاب فأنت أفهم مني في التراث. قرأت الكتابأثناء ذلك كنت أخذت قراري- وقد تعبت من الحرب أنشره فورا. نشره طبعا. ولكني في وقلت له: هذا كتاب مدهش٬

األهلية اللبنانية – بالهجرة من بيروت إلـــى بـاريس للعمل في مجلة “الوحدة “.

الكتاب هو وكان العربي“٬ العقل تكوين ” كتاب كان صدر الداعوق٬ بشير وأودع زمالئي أودع و الدار أودع وأنا الوحيد اللذي حملته معي من بيروت إلى باريس مع معجم سهيل إدريس “المنهل“. لم أحمل من كتب مكتبتي الخمسة

آالف غير هذين الكتابين.

جئت باريس وقعدت في بيتي شبه الفارغ أقرأ هذا الكتاب مرة ثانية٬ مسحورا به سحرا كامال. وكان أول مقال كتبته فيمجلة “الوحــدة” عن هذا الكتاب. وبادرت أكتب بالحرف الواحد- يعرف هذه القصة عدد ممن قرؤوا سيرة حياتـي-: “إنهذا الكتاب ليس فقط يثقف بل يغير٬ فمن يقرأه ال يعود بعد أن يقرأه كما كان قبل أن يقرأه”. بمثل هذه الحماسة كتبتعرضا عن الكتاب في مجلة “الوحدة“. ولكن كانت هناك نقطة تفصيلية صغيرة في الكتاب أثارت عندي بعض الشكوكوتتعلق بموقف الجابري من “إخوان الصفاء”. فمن دراستي الجامعية في قسم اللغة العربية بجامعة دمشق كانت تكونتعندي فكرة عامة عن انتماء إخوان الصفاء إلى العقالنية الفلسفية اإلسالمية. والحال أن الجابري كان قال كالما سلبياوضد العقل٬ ضد وقفوا أنهم ومؤكدا اإلسالم”٬ في المستقيل العقل ” الى إياهم ناسبا الصفـــــاء إخوان عن للغاية الفلسفة٬ وضد المنطق٬ وضد صاحب المنطق الذي هو أرسطو .هكذا ارتسم عندي شك يتعلق بهذه النقطة تحديدا٬ وما

كان في إمكاني أن أحسمه ألن رسائل اخوان الصفاء لم تكن متوفرة لي في مهجري الباريسي.

ثم شاءت الظروف أن أسافر إلى إحدى دول الخليج في دعوة لندوة. في ذلك البلد الخليجي قلت في نفسي إني سأبتاع“إ رسائل كتاب المستخدم: عندك هناك وسألت كبيرة مكتبة إلى ذهبت المسألة. تلك لحسم الصفاء إخوان رسائــــــل خوان الصفاء“؟ فقال بلهجة ال تخلو من غرابة: ال يا أستاذ. قلت له: وأين يمكنني الحصول عليه ؟ قال: أستاذ٬ أنتتعرف أن هذا الكتاب هو في الفلسفة؟ قلت له:نعم. قال: إن كتب الفلسفة ممنوعـــة هنا . وكانت هذه أول مرة أسمعفيها أن كتب الفلسفة محرمة٬ وفيمـا بعد اكتشفت أنها ليست ممنوعة فقط في تلك الدولة الخليجية ٬ بل في معظم دولالخليج. قلت لـلمكتبي: آسف٬ أنا واهللا ما كنت أدري. ومن كلمة إلى كلمة بدأت أتناقش معه وديا وقلت له: أنا الزمني

الكتاب٬ فماذا أفعل؟. قال: هناك مكتبة أخرى. ودلني على اسمها وعنوانها وقال: عل وعسى يكون لديها.

لي اسمح ولكن له: فقلت الجواب٬ نفس أتاني وبالطبع الكتــــاب. المكتبي عن و سألت الثــــانية المكتبة الى ذهبت أعرفك بنفسي :أنا كاتب ومترجم اسمي “جورج طرابيشي” . وبمجرد أن قلت له جـــــورج طرابيشي٬ قال: أهال وسهالرئيسه صاحب واستدعى ودخل لي. اسمح أضاف: ثم لديه. وترجمـاتي كتبي من موجود هو ما على يعرفني وراح لي المتوفر الكتاب ألنه غير الى له حاجتي إلخ. رويت بي٬ جـــورج. ورحب أستاذ أهال وسهال فقال هذا: المكتبة٬ بباريس وال أستطيع أن آتي به من لبنان بسبب ظروف الحرب األهلية٬إلخ. قال: واهللا يا أستاذ أما تعرف أن هذه الكتبممنوعة؟ قلت له: عرفت ولكن لعل وعسى تســـــاعدني. قــال: تفضل معي. نزل معي إلى قبو تحت األرض فـــإذا فيهصناديق وكتب أخرى٬ وأخرج أربعة أجزاء كبيرة إلخوان الصفاء٬ قال: تفضل أستاذ . و لم يشأ أن يأخذ ثمنها ولكني

أصررت ودفعت شاكرا إياه كل الشكر.



أصررت ودفعت شاكرا إياه كل الشكر.

الصفاء إخوان إن الجابري يقول عنه الذي النص أعثر عــلى أن أول همي كان البيت ثم في العودة وأنا في طائرة يقفون فيه ضد المنطق وضد أرسطو وضد الفلسفة.

فتحت الجزء الرابع من الرسائل أفتش عن النص كما يشير اليه الهامش الذي يحيل اليه كتاب “نقد العقل العربي” فلـــــمأجده٬ فتشت وفتشت ثم قلت في نفسي: لعله خطأ مطبعي ويجب ان أعيد قراءة الرسائل الواحدة والخمسين كلها. وهكذابدأت بقراءة كتاب رسائل إخوان الصفا بأجزائه األربعة فإذا بي أصل إلـــــى الرسائل 10-11-12-13-14 ٬ فكانتدهشتي عظيمة. ففي هذه الرسائل الخمس٬ و بعدما قدموا وعرفوا بأنفسهم٬ يقولون ما خالصته: يـــا أخي٬ أيدك اهللاوايانا بروح منه٬ اعلم ٬ بعدما شرحنا لك أهدافنا٬ أنه ال مدخل لك إلينا إال بواسطة المنطـــق ألنه هو المعبر الذي يجعلالخطاب بيننا ممكنا٬ فتعال نشرح لك المنطق وكتبه. ثم يخصصون الرسائل 10 إلى14 لشرح كتب المنطق األرسطي

مثل العبارة والمقوالت و والقياس والبرهان ٬ ويستعملون العبارات بلفظها اليوناني مثل أنالوطيقا وقاطيغورياس٬ إلخ .

فيما أنا أطالع هذه الرسائل الخمس في الشرح المفصل للمنطق األرسطي كنت أتساءل بيني وبين نفسي: كيف يقولالجابري إن إخوان الصفا قاطعوا أرسطو؟ وقاطعوا المنطق؟ وقالوا: إن اإلنسان ليس بحاجة إلى المنطق والى الفلسفة ؟وعدت من جديد إلى متابعة قراءة الرسائل إلى أن وقعت في الرسالة السابعة عشرة المعنونة: في علل اختالف اللغاتعلى النص الذي يتخذ منه الجابري دليال علن أن إخوان الصفاء قالوا إن اإلنسان ليس بحاجة الى المنطق. والحالماذا يقول النص؟ فحواه كالتالي: لقد تقدم بنا الكالم في أوائل رسائلنا على أهمية المنطق لفهمنا وفهم لرسائلنا. ولكناعلم يا أخانا أن المنطق منطقان. هناك منطق فلسفي حدثناك عنه٬ وهناك منطق لفظي أي الكالم٬ ألنه لوال الكالم لماتفاهم البشر فيما بينهم. وبعد أن يشــرحوا دور اللغة كأساس وكوسيلة للتفــاهم بين البشر يضيفون: اعلـــم أن هناكنفوسا صــافية غير محتاجة للكالم وال للمنطق في إفهام بعضها بعضا٬ أي هناك نفــوس روحانية تتفاهم بالعين٬ تتفاهمباللمس٬ تتفــاهم بالروح٬ بالوجدان٬ بالتخاطر كما بتنا نقول اليوم٬ بدون أن تكون بها حاجة للمنطق اللفظي والكالم.المنطق إن هؤالء ضد اللفظي وليقول ليحذف كلمة إلـى منطق” الجملة ” ليست بحاجة بالجــــابري استغل هذه فإذا بمعناه الفلسفي. ثم لم ألبث أن وقعت علــى الشاهد التالي وهو في معرض نقاش إخوان الصفاء حول ما بين الدينباسم الفلسفة تحريم إلى ويدعون فصمها للهجرة) الرابع القرن ) في عصرهم المتزمتون يريد عالقة من والفلسفة الدين. يقول الشاهد بالحرف الواحد: “اعلم أيهــــا األخ البــار٬ أيدك اهللا بنور منه٬ أن من عرف أحكام الدين فإن نظرهفي علم الفلسفة ال يضره بل يزيده فـــي علم الدين تحققا وفي فهم المعاني استبصارا”. ثم ثم يضيف القول: “المنطقميزان الفلسفة وأداة الفيلسوف. ولما كـانت الفلسفة أشرف الصنائع على البشرية بعد النبوة صار من الواجب أن يكونمثل والمعقوالت العقل إلى المنطق صناعة ونسبة األدوات أشرف الفيلسوف وأداة المــــوازين أصح الفلسفة ميزان

صناعة النحو إلى اللسان واأللفاظ”.

إني لما قرأت هذه الرسالة وهذا الشاهد أصبت بصدمة كبــيرة وبطعنة في كبريائي كمثقف٬ ألني كتبت في ما كتبت عنكتاب الجـابري: ” هذا الكتاب من يقرأه ال يعود بعد أن يقرأه كما كان قبل أن يقرأه”.

ومن ذلك اليوم لم أعد أوجه لومــــــي إلى الجــــــابري٬ بل إلى نفسي٬ ألنني حكمت على كتاب في موضوع لم أكن أملككل مفاتيحه المعرفية.وأقسمت بينـــي وبين نفســــي أني بعد اآلن لن أقول شيئا أو أصدر حكما بدون أن أكون مستوثقاالذي أنا انكببت٬ نفسي. وهكذا تثقيف إعادة و نفسي٬ تربية بإعادة قراري أخذت المعلومات بصدده. وهكذا كل من التراث وعلــــى مطالعة عشرات انكبابا مرعبا علــى قراءة كتب الجامعة٬ العربي جزئيا في العربية والتراث اللغة درست وعشرات المراجع التي ذكرها الجــــابري والتــي رحت أدقق كل شاهد من شواهدها وأتحقق من صحتها فــــي كل المجاالت.وبصراحة أقول لكم: لم يكن شاهد إخوان الصفاء بالشاهد الوحيد ٬ بل وقعت على عشــرات وعشرات من األمثلة علـــى

مثل هذا التزوير الذي أوقع فيه الجابري عن قصد أو عن غير قصد- ال أدري- قراءه وأنا منهم.

أقرأه وأقرأ مراجعه ومئات وأنا بكامله الذي قضيت معه ربع قرن للجــابري٬ أعترف إني : اليوم واني ألقولها صراحة المراجع في التراث اإلسالمي ومن قبله المسيحي ومن قبلهما التراث اليوناني وكل ما يستوجبه الحوار مع مشروعه٬التراثية . فأنـــا له أدين أنه أفادني إفادة كبيرة٬ وأنه أرغمني علـــى إعادة بناء ثقــافتي أقر له٬ وأعترف أمامكم٬ إني

بالكثير رغم كل النقد الذي وجهته إليه.



بالكثير رغم كل النقد الذي وجهته إليه.

المحطة السادسة. إن المحطات الخمس التي تقدم بي الكالم عنها كانت كلها بمثابة محطات انطالق٬ وبدءا منها كتبتالثالثين٬ على نافت ومؤلفات ٬ الخمسمائة عددها في قاربت ومقاالت أبحاث من حياتي امتداد على كتبته ما كل وترجمات زادت على المئة . لكن المحطة السادسة كانت بالمقابل هي محطة التوقف والصمت والشلل التام عن الكتابة:

محطة األلم السوري المتواصل منذ نحو أربع سنوات بدون أن يلوح في األفق أي بشير بنهاية له.

على امتداد تلك السنوات األربع ما أسعفني القلم إال في كتابة مقالين اثنين فقط: أولهما في 21/3/2011 بالتواقتسورية انخراط مع 28/5/2011 في وثانيهما وليبيا٬ ومصر تونس في العربي الربيع لثورات األولى البدايات مع

بدورها في معمعة ذلك الربيع.

الربيع ثورات الكبير بالتاريخ قصدت وقد الكبير. التاريخ هامش على تاريخ صغير العنوان: هذا حمل األول المقال العربي التي بدت في حينه وكأنها تدخل العالم العربي في عصر الثورات التاريخية الكبرى كمثل تلك التي شهدتها فرنساعام 1779 أو أوروبا الغربية عام 1848 أو دول المعسكر المسمى باالشتراكي في أواخر القرن العشرين. أما التاريخالصغير فقد قصدت به تاريخي الشخصي المرتبط بخيبة أمل كبرى. فأنا٬ كما وصفت نفسي في خاتمة ذلك المقال األولعن ثورات الربيع العربي٬ ابن الخيبة بالثورة اإليرانية اآلفلة أكثر مني ابن األمل بثورات الربيع العربي الشارقة التي قلتالثورات أتمنى من شيء فهو أن يكون توجسي في غير محله٬ وأن يكون مآل هذه إذا كنت إنني المقال في نهاية العربية غير مآل الثورة اإليرانية التي صادرتها القوى الناشطة تحت لواء اإليديولوجيا الدينية٬ وأن تكون فرحتي بذلك

الربيع هي الرفيق الدائم لما تبقى لي من العمر.

ولكن ٬ وكما أثبت التطور الالحق لألحداث٬ فإن ما قام البرهان على أنه كان في محله هو توجسي بالذات: فالربيعالعربي لم يفتح من أبواب أخرى غير أبواب الجحيم والردة إلى ما قبل الحداثة المأمولة والغرق من جديد في مستنقع

القرون الوسطى الصليبية/الهاللية .

أما المقال الثاني الذي كتبته في أواخر شهر أيار/مايو 2011 فكان بعنوان: سورية: النظام من اإلصالح إلى اإللغاء.وقد كان محوره على أن سورية٬ المتعددة األديان والطوائف واإلثنيات٬ تقف بدورها على أبواب جحيم الحرب األهلية مالم يبادر النظام إلى إصالح نفسه بإلغاء نفسه بنفسه. فغير هذا اإللغاء ال سبيل آخر إلى إصالح سلمي يصون البالدمن الدمار. ولكن بدال من ذلك امتنع النظام حتى عن الوفاء بالوعود في اإلصالح التي كان لوح بها. ولكن ألعترفأيضا بأن إصراري يومئذ على قدر من التفاؤل٬ من خالل مطالبة النظام بإلغاء نفسه تفاديا لحرب أهلية طائفية مدمرة٬العامل دور ٬ السورية االنتفاضة الندالع األولى األسابيع في أي حينه٬ في أعي كنت ما إذ محله غير في كان الخارجي إعالما وتمويال وتسليحا٬ وهو الدور الذي يدفع اليوم الشعب السوري بجميع طوائفه ثمنه دما وموتا ودماراغير مسبوق إال هوالكيا٬ وهذا في ظروف إقليمية وأممية تشهد احتداما في الصراع الطائفي السني/الشيعي ينذر بأنالسادس القرنين في أوروبا كانت شهدته الذي الشراسة البالغ الكاثوليكي/البروتستانتي الطائفي للصراع تكرارا يكون

عشر والسابع عشر.

يبقى أن أختم فأقول إن شللي عن الكتابة٬ أنا الذي لم أفعل شيئا آخر في حياتي سوى أن أكتب٬ هو بمثابة موت.ولكنه يبقى على كل حال موتا صغيرا على هامش ما قد يكونه الموت الكبير الذي هو موت الوطن.

* نقال عن "األثير"

* توفي جورج طرابيشي أمس األربعاء عن عمر يناهز 77 عاما.

ألمانيا تغلق سفارتها في أنقرة وقنصليتها في إسطنبول بسبب تهديدات أمنية إسرائيل تقتل اثنين من الفلسطينيين بدعوى طعنهما إسرائيلية قرب مستوطنة أريئيل شمال الضفة الغربية

http://www.atheer.om/archives/11257/

https://www.alarabiya.net/ar/last-page/2016/03/16/%D9%88%D9%81%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%B2-%D8%AC%D9%88%D8%B1%D8%AC-%D8%B7%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%B4%D9%8A.html

https://www.youtube.com/user/AlArabiya

ست محطات في حياتي - جورج طرابيشي

Documents