شرح كتاب التجريد الصريحألحاديث اجلامع الصحيح

فضيلة الشيخ الدكتورعبد الكريم بن عبد الله الخضير

عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلميةواإلفتاء

)الحلقة العشرون بعد المائة(

/ / 14

المقدم: بسم هللا الرحمن الرحيم.

2 العشرين بعدالتجريد الصريح– الحلقة المائة

الحم���د هلل رب الع���المين، والص���الة والس���الم على أش���رف األنبي���اء والمرس���لين، نبين���ا محم���د وآل���ه وص���حبهأجمعين.

أيه��ا اإلخ��وة واألخ��وات، الس��الم عليكم ورحم��ة هللا وبركات��ه، وأهال بكم إلى حلق��ة جدي��دة في برن��امجكم ش��رحكتاب التجريد الصريح ألحاديث الجامع الصحيح.

ا بكم مع مطلع حلقتنا نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عب��د هللا الخض��ير، ف��أهال ومرحب��شيخ عبد الكريم.

حياكم هللا، وبارك فيكم وفي اإلخوة المستمعين.الزلنا- أحسن هللا إليكم- في حديث أبي واقد الليثي، نستكمل ما تبقى منه. أحسن هللا إليك.

الحمد هلل رب العالمين، وصلى هللا وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أي حال كونه ذاهبا، وعرفنا أن كلمة: )ذاهبا( قد تؤخذ من أدبر.، »وأما الثالث فأدبر ذاهبا«:وقفنا على قوله

المقدم: لكن تأكيد للذهاب. »فأقب��ل اثن��ان إلىلكن تأكيAAد للAAذهاب، وأنAAه لم يرجAAع، يقAAول الكرمAAاني: فAAإن قلت: فهAAل هAAذا مكAAرر؟ ألنAAه قAAال:

، يقAAول الكرمAAاني: قلت: علم»وذهب واحد«؛ ألنه قال متقAAدما: الرسول وذهب واحد، وأما الثالث فأدبر ذاهبا«ا في ذهابAه من ذكره أوال أنه لم يقبل إلى رسول هللا -صلى هللا عليAAه وسAAلم-، ومن ذكAره ثانيAAا أنAه أدبAAر مسAAتمر

ولم يرجع.ألن كلمة أدبر تدل على أنه قبل هذا اإلدبار كان مقبال، أال يدل قوله: فأدبر ذاهبا مفهومه أنه أقبل ثم أدبر.

المقدم: ال ما يفهمها هكذا. قلت: علم من ذكAAره أوال أنAAه لم يقبAAل وذهب ؟ انظAAر كالم الكرمAAاني:»وذهب واحد«مAAا يفهم؟ إذن كيAAف يقAAول:

واحد من األصل ما فيه ال أقبل وال أدبر، ذهب، ما فيه إقبال وال إدبار، أنه لم يقبل إلى رسAAول هللا -صAAلى هللاعليه وسلم- من األصل.

المقدم: لكن نحن اتفقنا في شرح اإلقبالين في الحلقة الماضية يا ش�يخ، قلن�ا: أقب�ل ثالث�ة، فأقب�ل اثن�ان وأدب�رواحد.

»أم��ا أح��دهما.. وأم��ا، األول والثAAاني: «»وأما الثالث ف��أدبر ذاهباكيAAف؟ في الحAAديث أقبAAل اثنAAان وذهب واحAAد: ذكرهما لمعنى جديد، لكن الثالث هل فيه معنى جديد؟ فيه معنى جديد بالنسبة للثالث؟ هو مAAدبر وذاهباآلخر«

من األصل. أقبAAل اثنAAان أحAAدهما وجAAد فرجAAة وجلس، والثAAاني جلس حيث انتهى بAAه المجلس، اآلخAAر جلس خلفهم حيث انتهى

به المجلس، الثالث يحتاج إلى ذكر؛ ألنه من األصل ذهب واحد؟ ما كان منه إقبال أصال. يقول: علم من ذكره أوال -يعني وذهب واحد- أنه لم يقبل إلى رسول هللا -صلى هللا عليه وسAلم-، ومن ذكAرها في ذهابAAه ولم يرجAAع. فلمAAا فAAرغ رسAAول هللا- صAAلى هللا عليAAه وسAAلم- ممAAا ثانيAAا -فAAأدبر ذاهبAAا- أنAAه أدبAAر مسAAتمر

3 فضيلة الشيخ عبد الكريم3الخضير

كAان مشAAتغال بAAه من تعليم القAرآن أو العلم أو الAذكر أو الخطبAAة أو نحAو ذلAك، مAا كAان مشAAتغال بAه- عليAه الصAالةوالسالم- وهو إما مشتغل بتعليم )قرآن أو علم( أو ذكر أو خطبة أو ما أشبه ذلك.

بالتخفيف حرف تنبيه، والهمزة يحتمل أن تكون لالستفهام و)ال(: للنفي. احتمال قائم.»أال«قال: قال الكرماني: في الكالم طي، كأنهم قالوا: أخبرنا، فقال:.. ،أال أخبركم عن النفر الثالثة«ثم قال: »

وحAAAذف مثAAAل هAAAذا كثAAير في النصAAAوص، يحAAAذف من القصAAAة مAAا يعلم، قAAAال الكرمAAاني: في الكالم طي كAAأنهم قAAAالوا بالمد.»فآواه هللا« بقصر الهمزة؛ أي لجأ إلى هللا تعالى، »أما أحدهم فأوى«،:أخبرنا، فقال

قAAAال القرطAAAبي: الروايAAAة الصAAAحيحة بقصAAAر األول ومAAAد الثAAAاني: أوى فAAAآواه هللا، وهAAAو المشAAAهور في اللغAAAة، وفي[.11 ]الكهف:إذ أوى الفتية{ }القرآن:

[، بالمد وحكي في اللغة القصر والمد معا فيهما.50 ]المؤمنون وآويناهما إلى ربوة{ }بالقصر، الحاضر:....

نعم فيهما، لكن في اللغة..المقدم: آوى وآويناه.

هذا في اللغة ال في القراءة.الحاضر:....

ا: فAAAآوى إلى هللا فAAAآواه هللا،»وأم��ا أح��دهم ف��أوى إلى هللا ف��آواه هللا« كيAAAف؟ عنAAAدك في الحAAAديث: AAAأتي أيضAAAوت . بالقصر والمد.

نظيره: )آتى وأتى(، أتى بمعنى جاء، وآتى..المقدم: وآتى أعطى.

وآتى: أعطى، فأوى غير آوى من حيث المعنى. وإن جاءت اللغة بقصر الممدود ومد المقصور. بالمAAAد.»إذا ق��ال: وال الض��الين، فقول��وا: آمين« وهAAAذا مAAAتى يكAAAون؟ إذا أمن اللبس، إذا أمن اللبس، مثAAAل: آمين،

جاءت بالقصر: أمين. لكن هذا متى؟ إذا أمن اللبس.المقدم: إذا أمن اللبس.

إذا أمن اللبس، قال الجوهري: أوى فالن إلى منزله، يأوي أويا، وآويته إيواء، وأويته إذا أنزلته بك.؟ أي أنزلته بي، ما تأتي: بك.ماذافرق بين: إذا وبين أي، وأويته إذا أنزلته بك، لكن لو أتيت بأي، قلت

المقدم: أنزلته بي. وأويته إذا أنزلته بك، وأويته أي أنزلته بي. إذا أتيت بإذا كما هنا وأويته إذا أنزلته بك. ولو جئت بAAأي بAAدل إذا

قلت: وأويته أي أنزلته بي، ما تقول بك تتحدث عن نفسك. يقAAول: فعلت وأفعلت بمعAAنى، قAAال ابن حجAAر: معAAنى أوى إلى هللا: لجAAأ إلى هللا، أو على الحAAذف: أي انضAAم إلى مجلس رسAAول هللا -صAAلى هللا عليAAه وسAAلم-، ومعAAنى: فAAآواه هللا: أي جAAازاه بنظAAير فعلAAه، بAAأن ضAAمه إلى رحمتAAه

ورضوانه. هل هذا فيه تأويل؟ سيأتي بحث هذا عند االستحياء، بحث المسألتين معا.

4 العشرين بعدالتجريد الصريح– الحلقة المائة

الحاضر:.....يأتي هذا إن شاء هللا كله. واالستحياء أيضا.

وأما اآلخر وهو الثاني فاستحيا: أي ترك المزاحمة، أو استحى.المقدم: استحيا أو استحى.

اسAAتحيا لغAAة قAAريش، واسAAتحى لغAAة تميم. أي تAAرك المزاحمAAة حيAAاء من رسAAول هللا– صAAلى هللا عليAAه وسAAلم- ومن، أراد أن يAAذهب ثم اسAAتحيا من نظAAر الرسAAول-»ومضى الث�اني قليال ثم ج�اء فجلس«أصAAحابه، وعنAAد الحAAاكم:

»ومضى الثاني قليال ثم جاء فجلس«.صلى هللا عليه وسلم- إليه، ونظر الناس فاستحيا، ثم رجع فجلس. أمAا الثAAالث فAAأدبر ذاهبAا، مAا رجAAع، قAAال ابن حجAAر: فAAالمعنى أنAه اسAAتحيا من الAAذهاب عن المجلس كمAAا فعAل رفيقAه الثAAالث، فاسAAتحيا هللا منAAه: في هAAذا إثبAAات صAAفة الحيAAاء هلل -عAAز وجAAل-، على مAAا يليAAق بجاللAAه وعظمتAAه من غAAير مشابهة لحياء المخلوق؛ ألن حياء المخلوق أصله تغAير وانكسAAار يعAAتري المخلAوق، لكن هنAAا بالنسAAبة لحيAAاء هللا-

جل وعال- على ما يليق بجالله وعظمته من غير تعرض لتكييفه.وأما اآلخر أو اآلخر؟

المقدم: هنا في الحديث: وأما اآلخر.ر وهي كنايAAة عن AAا اآلخAAون: وأمAAالث فتكAAو الثAAذي هAAير الAAا األخAAاني، وأمAAو الثAAذي هAAر فجلس خلفهم ال AAا اآلخAAوأم

الثالث. كما تقدم أن اآلخر هو الثاني. واألصل أنه األخير، يعني اآلخر بمعنى المتAAأخر، وأمAAا اآلخAر والثAالث فأعرضAAا عن مجلس رسAAول هللا -صAAلى

هللا عليه وسلم- ولم يلتفت إليه، بل ولى مدبرا من غير رغبة وال حياء. ولى مAAدبرا من غAAير رغبAAة كمAAا فعAAل األول، وال حيAAاء كمAAا فعAAل الثAAاني. فAAأعرض هللا تعAAالى عنAAه، فمن أعAAرض عن تعلم مAAا ينفعAAه فلم يتعلمAAه من غAAير عAAذر، أو أعAAرض عن مذاكرتAAه بحيث عرضAAه للنسAAيان فإنAAه يعAAاقب على

ذلك.ا ال لعAAذر، هAAذا إن كAAان مسAAلما، حكم اإلعAAراض عن دين هللا AAول على من ذهب معرضAAو محمAAر: هAAال ابن حجAAق

ال يتعلمه وال يرفع به رأسا حكمه ماذا؟الحاضر: من النواقض.

نعم ذكAAره من النAAواقض. والعلم بحسAAب المعلAAوم، يعAAني تعلم الواجبAAات واجب، وتعلم األركAAان ال بAAد منAAه، وتعلمالمستحبات على حسب المعلوم. وتقدم بيان حكم العلم في بداية كتاب العلم.

الحاضر:...ا ال لعAAذر هAAذا إن كAAان مسAAلما، ويحتمAAل أن يكAAون AAول على من ذهب معرضAAو محمAAر: هAAال ابن حجAAك، قAAبال ش

ا، واطلAAAع النAAAبي-عليAAAه الصAAAالة والسAAAالم- على أمAAAره، كمAAAا يحتمAAAل أن يكAAAون قولAAAه: AAAف��أعرض هللا عن��ه«منافق«، إخبارا أو دعاء.

5 فضيلة الشيخ عبد الكريم5الخضير

هAAل هAAو إخبAAار من النAAبي -عليAAه الصAAالة والسAAالم- أن هللا أعAAرض عنAAه، أو دعAAاء عليAAه بAAأن يعAAرض هللا -جAAل وعال- عنAAه؟ االحتمAAال القAAائم؛ ألن الصAAAيغة واحAAدة في األمAAAرين؛ الصAAيغة صAAيغة خAAبر، والخAAبر يAAرد ويAAراد بAAه

الدعاء. ، وهAAذا يرشAAح كونAAه خAAبرا. هAAل يتصAAور أن يAAدعو عليAAه أن»فاستغنى فاستغنى هللا عنه«وقAAع في حAAديث أنس:

هللا يستغني عنه؟ ال، فهذا يرجح كونه خبرا.وإطالق اإلعAAراض وغAAيره في حAAق هللا تعAAالى على سAAبيل المقابلAAة والمشAAاكلة. كمAAا تقAAدم نظAAيره في: rوا هللا }نس��

[.67]التوبة فنسيهم{ فيحمAAل كAAل لفAAظ منهAAا على مAAا يليAAق بجاللAAه سAAبحانه وتعAAالى، يعAAني نحمAAل هAAذه األلفAAاظ على مAAا يليAAق باهلل -جAAل وعال- من غير نظر إلى ما يليق بAالمخلوق؛ ألن من نظAر إلى مAا يليAق بAالمخلوق، والAتزم بAAه نفى مAا ورد عن هللا وعن رسAAوله -عليAAه الصAAالة والسAAالم- فيمAAا يتعلAAق باهلل -جAAل وعال- من صAAفات. فال ننظAAر إلى مAAا يتعلAAق

بالمخلوق في مثل هذه األلفاظ. في هذا الحديث استحباب األدب في مجالس العلم.

المقدم: فيه مسألة، إن أذنت فضيلة الدكتور، أحس��ن هللا إلي�ك، أال يفهم هك��ذا من ظ��اهر الح��ديث أن الش��خص ال�ذي جلس حيث انتهى ب��ه المجلس ه�و ال�ذي اتب��ع الس��نة، رغم أن الثن�اء ك��ان لألول، لكن إذا ج�اء اإلنس�ان لحلق��ة... األفض��ل في حق��ه أن يجلس حيث انتهى ب��ه م��ا ي��زاحم وال يتخطى الرق��اب كم��ا يفهم من فع��ل الث��اني

هذا؟ اإلمAAAام البخAAAاري -رحمAAAه هللا تعAAAالى- تAAAرجم الحAAAديث بقولAAAه: بAAAاب من قعAAAد حيث ينتهي بAAAه المجلس، ومن رأى فرجAAAة في الحلقAAAة، سAAAد الفرجAAAة سAAAواء كAAAانت في حلقAAAة أو في صAAAف أولى من الجلAAAوس حيث ينتهي بAAAه المجلس؛

شريطة أال يترتب عليه أذى ألحد.لكن إذا ترتب عليه أذى ألحد صار الفاضل مفضوال كما أشرنا.

ا يفهم أن��ه أك��ثر من الث��اني، أوى المقدم: لكن الثناء الذي جاء من النبي -عليه الصالة والسالم- لألول أيض��إلى هللا فآواه هللا.

نعم؛ ألنه وجد فرجة، وسد الفرج في مثل هذه األحوال، يعني أوال: مجيئه إلى هذه الفرجة من قصد أن يقAAرب من النبي -عليه الصالة والسالم- فال يفوته شيء مما يقوله -عليه الصالة والسالم-، وهذا يدل على حAAرص،

بخالف من انتهى به المجلس فجلس، وإن كان مطبقا للسنة، فالتطبيق درجات. التطبيق درجات.الحاضر:....

المقصود أن األول مدح؛ ألنه وجد فرجة، وتعديه إلى أن يصل إلى سد هذه الفرجة باعثه الحرص، تجد كثيرا من الطالب يجلس عند باب المسجد والمسجد فاض، وقد يستند إلى الجدار اآلخر في المسجد، ويصلي والناس يمرون بين يديه، والصفوف أمامه، هذا ينبئ عن عدم اكتراث، وعAAدم اهتمAAام، بخالف من تخطى وتعAAدى وسAAد

6 العشرين بعدالتجريد الصريح– الحلقة المائة

الفرج، شريطة أال يتخطى رقاب الناس، وال يؤذي أحدا، أما إذا آذى فال شك أن درء المفاسAAد مقAAدم على جلبالمصالح.

في الحAAAAAديث اسAAAAAتحباب األدب في مجAAAAAالس العلم، وفضAAAAAل سAAAAAد خلAAAAAل الحلقAAAAة، كمAAAAAا ورد الAAAAترغيب في سAAAAAد خلAAAAلالصفوف.

وجواز التخطي لسد الخلل ما لم يؤذ، فإن خشي استحب الجلوس حيث ينتهي به المجلس، كما فعل الثاني.افس }وفيه الثناء على من زاحم في طلب الخير، على أال يؤذي أحدا، وهذا هو عين المنافسة، وفي ذلك فليتن��

[، فيه الثناء على من زاحم في طلب الخير ونافس، على أال يؤذي أحدا.26 ]المطففين المتنافسون{ بعض النAAAاس يAAAأتي متAAAأخرا، ويحAAAرص أن يكAAAون في الصAAAف األول وفي يمين الصAAAف، فيAAAترتب على ذلAAAك أذيAAAة للنAAاس، فهAAل معAAنى هAAذا أنAAه طبAAق السAAنة؟ مAAا طبAAق السAAنة في مزاحمتAAه وإيذائAAه لآلخAAرين، يAAا أخي إذا كنت تريAAد الصف األول الذي إذا تزاحم عليه اثنان بأن دخال دفعة واحدة وفيه فرجAAة ال تكفي إال واحAAدا، لAAو لم يكن هنAAاك

»ل�وإال أن يسAAتهموا، يقAAترعوا على هAAذه الفرجAAة، كAAذلك النAAداء: لAAو وجAAد اثنAAان الشAAروط فيهمAAا على حAAد سAAواء، ، يعAAني يقAAترعوايعلم الناس ما في الن�داء والص�ف األول ثم لم يج�دوا إال أن يس�تهموا علي�ه الس�تهموا علي�ه«

قرعة، وهذا من المسارعة والمبادرة والحرص على الخير. بحيث ال يفهم من اإلنسAAان عAAدم االكAAتراث، بعض النAAاس مثAAل مAAا أشAAرنا يAAأتي والصAAفوف فارغAAة وفيهAAا فرجAAات

وفيها أماكن شاغرة، ثم يذهب إلى اآلخر. هنا مسألة اإليثار: اإليثار في القرب مثال، شخص في الصف األول، وفي يمين الصف كذلك، فدخل أبAAوه مثال

، هAAل معAAنى هAAذا أنAAه إذا آثAAر أبAAاه كAAان راغبAAا عن»ثم لم يجدوا إال أن يستهموا«فAAأراد أن يAAؤثره، في الحAAديث: ل مصلحة هي أعظم مما بادر إليه؟ الخير؟ أو ليحص

الحاضر:... اإليثار في القرب حكمه معروف، يطلقون الكراهة وعلى حسب هذه القربAAة، فاإليثAAار بالواجبAAات حAAرم، لAAو كAAان بمسAAAتحبات فعلى مAAAا يAAAترتب على هAAAذا اإليثAAAار من مصAAAالح، قAAAد تكAAAون المصAAAلحة في اإليثAAAار أعظم من مصAAAلحة

تحصيل الفضل المرتب على هذه القربة.المقدم: كما في فعل عائشة مثال؟

نعم، معروف. المقدم: أحسن هللا إليك ي�ا ش�يخ، إذا أذنت: ص�ورة الرج�ل الث�الث ال�ذي أخ�بر الن�بي -ص�لى هللا علي�ه وس�لم- أن��ه أع��رض ف��أعرض هللا عن��ه، ه��ل يمكن أن يق��ال إنه��ا تنطب��ق على م��ا يتك��رر كث��يرا م��ا إذا ص��لى الم��رء في مسجد ثم تكلم اإلمام، أو تكلم خطيب بع��د الص�الة، فخ��رج الم�رء ال لع��ذر، لكن�ه تثاق�ل أو تملم��ل، ومثله��ا مثال اإلذاع�ة إذا فتح الم�ذياع، وك��ان الق�ارئ يق��رأ الق��رآن، فبحث عن أخب�ار أو ش�يء غ�ير ه�ذا، ه�ل ه�ذا أع�رض

فيخشى عليه أن يكون ممن كان كذلك؟

7 فضيلة الشيخ عبد الكريم7الخضير

بحسب ما يقر في قلبAه، هAذا بحسAب مAا يقAر في قلبAه؛ ألن هنAAاك أمAAورا فاضAلة لكنهAا مدركAة مAع الAوقت، وهنAاكأمور مفضولة، لكنها تفوت.

فيقAAAدم حينئAAAذ المفضAAAول على الفاضAAAل؛ ألنAAAه يفAAAوت، أمAAAا من كAAAان ديدنAAAه إذا تكلم اإلمAAAام أو حAAAدث اإلمAAAام قAAAرأ من كتاب مثال، ديدنه اإلعراض، إذا سلم صار بحيث يكون من السرعان، نعم الصحابة فيهم سرعان كما جAAاء في حAAAديث ذي اليAAAدين، لكن مAAAا ينبغي أن يكAAAون ديAAAدن المسAAAلم لمجAAAرد مAAAا يسAAAلم يخAAAرج من المسAAAجد، كأنAAAه طAAAير في قفص، ال يAAAا أخي، والمالئكAAة تصAAلي على المصAAلي مAAادام في مصAAاله، يعAAني تAAدعو لAAه مAAادام في مصAAاله مAAا لم يحAAدث، مAAا لم يAAؤذ. فينبغي للمسAAلم أن يعAAنى بهAAذا وال يتشAAبه بمثAAل هAAذا، ولAAو لم يقAAر في قلبAAه اإلعAAراض عن هللا

وعن ذكره؛ لئال يتشبه بمثل هذا فيكون ديدنا له ووصفا له مالزما، فيعرض لمثل هذا الوعيد.المقدم: األخ يسأل في تفاوت األفضلية بين القرب من اإلمام أو الخطيب، أو تحصيل الصف األول.

هAAذا متصAAور في خطبAAة الجمعAAة مثال طAAرف الصAAف األول أبعAAد عن الخطيب من منتصAAف الصAAف الثAAاني، وال شAAك أن النصAAوص جAAاءت في الصAAف األول، يعAAني النصAAوص عمومهAAا جAAاء في تحصAAيل أجAAر الصAAف األول، والفضAAل المAAرتب عليAAه أكAAثر ممAAا جAAاء في القAAرب من الخطيب، وإن كAAان قAAرب النAAاس في يAAوم المزيAAد من هللا-

جل وعال- بحسب قربهم من الخطيب، لكن على أن ال يتعارض مع نصوص أخرى. وال يعد ذلك،»فأعرض فأعرض هللا عنه«فيه أيضا جواز اإلخبار عن أهل المعاصي وأحوالهم للزجر عنها،

ا فضAAل مالزمAAة حلAAق الAAذكر، والعلم، وجلAAوس العAAالم والمAAذكر في المسAAجد، وفيAAه AAديث أيضAAة، وفي الحAAمن الغيب الثناء على المستحيي.

.»استحيا فاستحيا هللا منه«فيه الثناء على الراغب ما فيه إشكال، ولكن فيه أيضا الثناء على المستحيي، وقAAAال ابن بطAAAال: قAAAال المهلب: فيAAAه من الفقAAAه أن من جلس إلى حلقAAAة فيهAAAا علم، أو ذكAAAر، أنAAAه في كنAAAف هللا وفيا بمAAا يصAAنع، وكAAذلك يجب على العAAالم أن يAAؤوي من AAني رضAAا، يعAAة أجنحتهAAه المالئكAAع لAAو ممن تضAAه، وهAAإيوائ

ا؛ لقولAAAه: AAAه متعلمAAAف��آواه هللا«جلس إلي«AAAذا معارضAAAا لم يكن هAAAالم بحيث الا، مAAAذا العAAAد هAAAون عنAAAر، يكAAAل آخAAAبعم يعوقه عن تحصيل مصلحة، فينبغي للعالم أن يفتح نفسه وصAAدره وقلبAه لطالب العلم، ويAرحب بهم، فهم وصAية

النبي -صلى هللا عليه وسلم-. وفيه من الفقه أن من قصد العلم ومجالسه فاستحيا ولم يمنعه الحياء من التعلم ومجالسة العلماء أن هللا يسAAتحيي

منه، يعني ما هو في درجة الراغب الذي جاء راغبا في العلم، لكن هذا وجد الناس فاستحيا أن يخرج. مثAAAل هAAAذا يسAAAتحيي هللا منAAAه، كمAAAا جAAAاء في الحAAAديث، فال يعذبAAAه جAAAزاء اسAAAتحيائه، وقAAAد قAAAالت عائشAAAة -رضAAAي هللا

ين«عنهAAا-: هن في ال�د rاء أن يتفق ار لم يمنعهنr الحي� اء األنص�� اء نس�� ، فالحيAAاء المAAذموم في العلم هAAو»نعم النس��مت الAAذي يمنAAع من التفقAAه في الAAدين سAAمته حيAAاء، لكنAAه حيAAاء عAAرفي، وليس AAرك العلم، هي سAAذي يبعث على تAAال

بحياء شرعي؛ ألن الحياء كله خير.اوفيAAه ذم من أعAAرض عن العلم قبAAAل التعلم أو بعAAAده، أال تAAAرى قولAAAه تعAAAالى: اه آياتن�� أ الrذي آتين�� ل عليهم نب�� }وات��

[.175]األعراف فانسلخ منها{

8 العشرين بعدالتجريد الصريح– الحلقة المائة

وهذا انسلخ من إيواء هللا بإعراضه عنه. والحAAAAديث أخرجAAAAه اإلمAAAAام البخAAAAاري في موضAAAAعين؛ األول: هنAAAAا في كتAAAAاب العلم: بAAAAاب من قعAAAAد حيث ينتهي بAAAAه

المجلس، ومن رأى فرجة في حلقة فجلس فيها. قال -رحمAAه هللا-: حAAدثنا إسAAماعيل بن أبي أويس ابن أخت مالAAك قAAال: حAAدثني مالAك عن إسAAحاق بن عبAAد هللا بن أبي طلحAAة أنAAا أبAAا مAAرة مAAولى عقيAAل بن أبي طAAالب أخAAبره عن أبي واقAAد الليAAثي أن رسAAول هللا -صAAلى هللا عليAAه

وسلم- بينما هو جالس في المسجد..الحديث. وسبق ذكر مناسبته. والموضAAع الثAAاني: في كتAAاب الصAAالة: بAAاب الحلAAق والجلAAوس في المسAAجد، قAAال: حAAدثنا عبAAد هللا بن يوسAAف قAAال: أخبرنAAا مالAAك عن إسAAحاق بن عبAAد هللا بن أبي طلحAAة، أن أبAAا مAAرة مAAولى عقيAAل بن أبي طAAالب أخAAبره أن أبAAا واقAAد

الليثي..فذكره. »ف��رأى، في حAAديث البAAاب في هAAذا الموضAAع فيAAه: »فأما أحدهما فرأى فرج��ة في الحلق��ة«والمناسAAبة بين قولAAه:

.»في الحلقة« في الموضع الثاني الذي فيه باب الحلق ليس فيه: فرجة في الحلقة« البخAAاري -رحمAAه هللا- يAAترجم على الحAAديث بنAAاء على مجمAAوع رواياتAAه، وقAAد يشAAير في الترجمAAة إلى روايAAة لم

يخرجها هو؛ لكونها ليست على شرطه، لكنها صحيحة.ا»فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة«: والمناسبة بين قوله Aديث أيضAاهرة. والحAAاب ظAالمذكورة في رواية الب

خرجه مسلم، فهو متفق عليه. كي��ف»وأم��ا اآلخ��ر فاس��تحيا فاس��تحيا هللا من��ه«المقدم: أحس��ن هللا إلي��ك، في قول��ه -ص��لى هللا علي��ه وس��لم-:

يجمع بينه وبين قوله -صلى هللا عليه وسلم- لما أخبر عمن جلس في مجالس الذكر ثم أخبر عن هللا- ع��ز.»هم القوم ال يشقى بهم جليسهم«وجل- أنه قال:

بمعنى أن األجر يشAملهم، مAع اختالف مقاصAدهم وأهAدافهم، فالجAالس مAع األخيAار لن يشAقى بجلوسAAه معهم، وإن لم يكن الجلوس مقصAدا لAه من األصAAل، فهم األخيAار القAوم ال يشAAقى بهم جليسAهم، كمAا أن األشAرار ال يسAعد بهم

»إنما األعمال بالنيات، وإنم�ا لك��لجليسAAهم. وإن كAAان األخيAAار متفAAاوتين في هAAذا األجAAر، كAAل على حسAAب نيتAAه: ، وإنمAAAا القاسAAAم المشAAAترك بين هAAAؤالء األخيAAAار هAAAو األجAAAر، لكن هم متفAAAاوتون في األجAAAر، بقAAAدرام��رئ م��ا ن��وى«

مقاصدهم وأهدافهم، وهللا المستعان. المقدم: جزاكم هللا خيرا، وأحسن هللا إليكم، ونفع بعلمكم. بها نصل وإياكم، أيها اإلخوة واألخ��وات، إلى خت��ام هذه الحلق��ة من برن�امجكم، على أن نلق��اكم ب�إذن هللا تع��الى في حلق��ة قادم�ة، وأنتم على خ��ير، والس�الم عليكم

ورحمة هللا وبركاته.