Khut on أعياد النصارى

أعياد النصارى

إخوة اإلسالم، يحتفل المسيحيون في كل أنحاء الع��الم بميالد المس��يح عيس��ى ابن مريم عليه السالم، والواجب على المسلم أن يتعرف على ه��ذا الن��بي الك��ريم من خالل القرآن الكريم والس��نة النبوي��ة المش��رفة، ح��تى نس��تطيع دع��وة الع��الم للتعرف على نور اإلسالم وشموليته، وأن�ه دين الح��ق ال�ذي ن�زل لهداي�ة البش��رية

جمعاء. - من أركان اإليمان في ديننا اإلسالمي أن نؤمن بالرسل عليهم صلوات الله،1

من��ون ك��ل آمن بالله قال الله تعالى: RمؤRربه وال Rه من��Rسول بم��ا أن��زل إلي آمن الرران��ك Rن��ا غفRنا وأطعRرسله وقالوا سمع Rن أحد منRق بي ومالئكته وكتبه ورسله ال نفر

[، وهذا األدب الرباني يتأدب به كل مس��لم، حيث٢٨٥]البقرة:  ربنا وإليRك الRمصير ينظر لجميع األنبي��اء نظ��رة اح��ترام وتق��دير ومحب��ة؛ ألنهم جميع��ا ج��اؤوا برس��الة واحدة من عند إله واحد: أن نعب��ده وح��ده ال ش��ريك ل��ه، فاألنبي��اء كلهم إخ��وة في

الدعوة إلى الله. - يعتق��د المس��لمون أن عيس��ى علي��ه الس��الم من أولي الع��زم من الرس��ل2

شرع لكمR منR الدين ما وصى ب��ه نوح��ا والذي تصديقا لقول الحق تبارك وتعالى:ق��وا يRنا به إبRراهيم وموسى وعيسى أنR أقيموا ال��دين وال تتفر حيRنا إليRك وما وص Rأو Rه منRدي إلي Rيشاء ويه Rه منRتبي إلي Rه الله يجRإلي RعوهمRركين ما تد RمشRفيه كبر على ال

[، أم��ا م��ريم البت��ول عليه��ا ص��لوات الل��ه فله��ا من الحب١٣]الش��ورى:  ينيب واالحترام في العقيدة اإلسالمية الكثير والكثير، فسورة كاملة في القرآن تسمى

آية من سورة آل عم��ران83باسمها مريم، تتحدث عن عفتها وطهارتها، وحوالي تبين الحقيقة حولها وحول ابنها عيسى عليهما السالم، فالله اصطفاها وطهره��ا

طفاك قال تعالى: Rرك واص�� طفاك وطه Rيم إن الله اص�� Rمالئك��ة ي��ا م��رRال Rق��الت Rوإذ [، وهي الصديقة في أقواله��ا وأفعاله��ا ق��ال٤٢]آل عمران:  على نساء الRعالمين

ه الل��ه تع��الى: ل وأم س�� ول ق��دR خلتR منR قبRل��ه الر رس�� يم إال Rن م��رRيح اب م��ا الRمس��فك��ون Rأنى يؤ Rاآلي��ات ثم انظ��ر Rف نبين لهم��Rكي Rكالن الطعام انظ��رR  صديقة كانا يأ

: [، وعن على بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ق��ال رس��ول الل��ه٧٥]المائدة: رواه البخ��اري ))خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديج��ة بنت خويل��د((

ومسلم، وهذا لفضلهما، فمريم حملت بن��بي وربت��ه في كنفه��ا وص��دقته واتبعت��ه، ، وكذلك خديجة رضي الله عنها زوجة نبي ص��دقته ونص��رته واتبعت��ه وه��و محم��د

))كل مولود من بني آدم يمسه الشيطان وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: رواه البخاري، وك��ان بإصبعيه إال مريم بنت عمران وابنها عيسى عليهما السالم((

عتRها أبو هريرة رضي الله عن��ه يق�ول: اق�رؤوا إن ش�ئتم قول�ه تع�الى: ا وض� فلمعتR وليRس ال��ذكر ك��األنRثى وإني عRتها أنRثى والله أعRلم بم��ا وض�� ق��التR رب إني وض��

جيم يRطان الر يتها منR الش يم وإني أعيذها بك وذر Rتها مرRي [.٣٦]آل عمران:  سم - يعتقد المسلمون أن والدة المسيح عليه السالم كانت معج��زة حيث ول��د من3

أم بدون أب، كانت والدته بكلم��ة )كن(، فالكلم��ة ليس��ت المس��يح ولكن به��ا خل��ق، إذR لذلك ينسب إلى أمه فيقال: عيسى ابن مريم عليه السالم، قال الل��ه تع��الى:

يم Rن م��رRى اب مه الRمسيح عيس�� Rه اسRرك بكلمة من يم إن الله يبش Rمالئكة يا مرRال Rقالت بين ال ومنR  وجيه��ا في ال��دنRيا واآلخ��رة ومنR الRمق��ر Rد وكه��RمهRويكلم الناس في ال

الحين ل��ق  الص Rني بشر قال كذلك الله يخ RسسRيم Rرب أنى يكون لي ولد ولم Rقالت را فإنما يقول له كنR فيكون R[، وقال الله٤٧-٤٥]آل عمران:  ما يشاء إذا قضى أم

إن مثل عيسى عنRد الله كمثل آدم خلقه منR تراب ثم قال ل��ه كنR فيك��ون تعالى: [، يروى أن يوسف النجار ق��ال لم��ريم ذات ي��وم: ي��ا م��ريم، ه��ل٥٩]آل عمران:  

يكون زرع من غير بذر؟! قالت: نعم، فمن خلق الزرع األول؟! ثم قال: فهل يكونولد من غير ذكر؟! قالت: نعم، إن الله خلق آدم من غير ذكر وال أنثى.

- عيسى عليه السالم عبد الله ورسوله وه��ذه عقي��دتنا، فلم ي��دع عيس��ى في4 يوم من األيام أنه إله أو ابن اإلله، حاشا لله، بل ك��انت أول كلمات��ه في المه��د:

[، وال��ذي يراج��ع األناجي��ل٣٠]م��ريم:  إني عب��Rد الله آت��اني الRكت��اب وجعلني نبيا األربع��ة بوض�عها الح�الي رغم م�ا اعتراه��ا من التحري�ف ورغم افتقاره��ا للتوثي��ق بالسند الصحيح المتصل لن يجد فيها ما يصرح بأن المسيح عليه السالم إله أو ابن إله، بل إنها تحتوي على نصوص كثيرة ت��دل بص��راحة على أن��ه بش��ر، وق��د وص��ف

باإلنسان أو ابن اإلنسان أكثر من سبعين مرة في األناجيل. - نعتقد ونجزم أن المسيح عيسى ابن مريم عليه السالم لم يقتل ولم يصلب،5

لهمR إنا بل ألقى الله الشبه على رجل آخر فصلب مكانه، ق��ال الل��ه تع��الى: Rوق��و Rبه لهم لبوه ولكنR ش�� يم رسول الله وما قتلوه وم��ا ص�� Rن مرRمسيح عيسى ابRنا الRقتل اتباع الظن وما قتل��وه تلفوا فيه لفي شك منRه ما لهمR به منR علRم إال Rوإن الذين اخ

[، وقد أنك��ر كث��ير من النص��ارى بع��د حادث��ة الص��لب أن يك��ون١٥٧]النساء:  يقينا المسيح نفسه هو الذي حوكم ورفع على الصليب، وممن اعتقد بذلك الكورنيث��ون والبازيليون والقرابوقراطيون، واألناجيل األربعة فيها تض��ارب كث��ير ح��ول حادث��ة

الصلب، مما يؤكد الحق الذي نزل في كتاب الله عز وجل عن هذه الحقيقة. إخوة اإلسالم، إننا نفرح بوالدة المسيح عليه السالم، وفرحن��ا اعتق��اد برس��الته

لمعرف��ة نظ��رةوتصديق لما جاء به من عند الل��ه، وفرص��ة طيب��ة ل��دعوة النص��ارى اإلسالم لهذا النبي العظيم.

يحتفل النصارى في هذه األيام بعيد المسيح عيسى عليه الس��الم، وال عجب فيميم دينهم وص��لب عقي��دتهم، وإنم��ا العجب العج��اب في ذل��ك، ف��إن ذل��ك من ص�� مش��اركة كث��ير من المس��لمين لهم وق��د أك��رمهم الل��ه تع��الى باألعي��اد الش��رعية والمواسم العظيمة!! فانظر أيه��ا المس��لم الغي��ور وتأم��ل؛ ه��ل ش��اركنا النص��ارىناه قب��ل أي��ام قليل��ة؟! ه��ل قاس��مونا في��ه االحتفال بعيد األضحى الذي أش��رق س�� الفرحة وبادلونا التهاني والتحيات؟! بل هل كفوا أذاهم عنا ومكرهم بن��ا وكي��دهم

ه��ا أنRتمR أوRالءلنا وتخطيطهم إلخراجنا من ديننا وإفساد عقيدتنا؟! وص��دق الل��ه: }وا ا عض�� Rقالوا آمنا وإذا خلو Rكتاب كله وإذا لقوكمRمنون بال Rوتؤ Rوال يحبونكم Rتحبونهم

دور ) ( إن119RعليRكمR األنامل منR الغيRظ قلR موتوا بغيRظكمR إن الله عليم بذات الص��بروا وتتق��وا ال Rتص�� Rرح��وا به��ا وإن Rيئة يف بRكمR س�� ؤRهمR وإنR تص�� نة تس�� كمR حس�� RسسRتم

كمR كيRدهمR شيRئا إن الله بما يعRملون محيط {.يضر فح��ري بفرس��ان المن��ابر أن ي��بينوا للن��اس حكم االحتف��ال بأعي��اد النص��ارى،م حوا لهم ما اختص الله به هذه األمة وأكرمه��ا ب��ه من ه��دايتها إلى المواس�� ويوض الشرعية وإقامة الملة الحنيفية التي أرسل إلقامتها جميع األنبي��اء عليهم الص��الة

والسالم.وبين أيديكم هذا الملف العلمي:

المختصر في حكم األعياد المحدثةذم التشبه بالكفار

المحدثة    الأعياد حكم في )بحث لفضيلة الشيخ/ سمير بن خليل المختصر.المالكي اختصره الفريق العلمي للمنبر(

.

عناصر :المختصر في حكم األعياد المحدثة  الصفحة التالية                                البحث

الفص���ل األول: بي���ان الحكم الش���رعي في األعي���ادالمحدثة

.حصر األعياد في المشروع فقط المسألة األولى:النهي عن التشبه بالكفار في أعيادهم. المسألة الثانية:من شبه المخالفين. المسألة الثالثة:األعياد المكانية. المسألة الرابعة:

لفصل الثاني: كش�ف ش�بهات المخ�الفين في األعي�اداالمحدثة

صفحة المنبر الرئيسية  الصفحة التالية.

المحدثة   الأعياد حكم في المختصر.

الفصل األول: بيان الحكم الشرعي :المختصر في حكم األعياد المحدثة  الصفحة التالية              الصفحة السابقة    في األعياد المحدثة:

الفص���ل األول: بي���ان الحكم الش���رعي في األعي���ادالمحدثة:

:المسألة األولى: حصر األعياد في المشروع فقط تواترت النصوص الشرعية على حصر األعي��اد الزماني��ة في اإلس��الم في عيدين حوليين هما الفطر واألضحى، ال ثالث لهما س��وى العي��د األس��بوعي يوم الجمعة، وأن م��ا س��وى ذل��ك من األعي��اد إنم��ا ه��و مح��دث، س��واء ك��ان

أسبوعيا أم حوليا أم قرنيا أم غير ذلك. واألصل في هذا حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ق��ال: ق��دم رس��ول

))م��ا الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهم��ا فق��ال: قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلي��ة، فق��ال رس��ول الل��ه هذان اليومان؟((

))إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهم��ا ي��وم األض��حى صلى الله عليه وسلم:.([1])ويوم الفطر((

فحصر النبي صلى الله علي��ه وس��لم أعي��اد اإلس��الم في ه��ذين الي��ومين ونهى عن غيرهما، قال شيخ اإلسالم ابن تيمي��ة رحم��ه الل��ه: "قول�ه ص��لى

يقتض��ي ت��رك ))إن الل��ه ق��د أب��دلكم بهم��ا خ��يرا منهم��ا(( الله عليه وسلم: يقتضي االعتياض بم��ا ش��رع ))خيرا منهما(( الجمع بينهما، ال سيما وقوله:

لم��ا ))إن الل��ه ق��د أب��دلكم(( لنا عما كان في الجاهلية. وأيضا فقول��ه لهم: س��ألهم عن الي��ومين فأج��ابوه بأنهم��ا يوم��ان ك��انوا يلعب��ون فيهم��ا في الجاهلية دليل على أن��ه نه��اهم عنهم��ا اعتياض��ا بي��ومي اإلس��الم؛ إذ ل��و لم يقص��د النهي لم يكن ذك��ر ه��ذا اإلب��دال مناس��با، إذ أص��ل ش��رع الي��ومين

.([2])اإلسالميين كانوا يعلمونه ولم يكونوا ليتركوه ألجل يومي الجاهلية" وعن عائشة رضي الله عنها ق��الت: دخ��ل أب��و بك��ر وعن��دي جاريت��ان من ج��واري األنص��ار تغني��ان بم��ا تق��ولت األنص��ار ي��وم بع��اث، ق��الت: وليس��تا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الل��ه علي��ه وس��لم؟! وذل��ك في ي��وم عي��د، فق��ال رس��ول الل��ه ص��لى الل��ه علي��ه

.([3])))يا أبا بكر، إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا(( وسلم:قال شيخ اإلسالم رحمه الله: "فالداللة من وجوه:

فإن هذا يوجب اختص��اص ))إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا(( أحدها: قوله:ه��ة ه��و ك��ل ق��وم بعي��دهم كم��ا أن الل��ه س��بحانه لم��ا ق��ال: R��ل وج }ولك

عة [ وق�����ال:148]البق�����رة: موليه�����ا{ Rر } لك�����ل جعلRن�����ا منكمR ش����� [ أوجب ذلك اختصاص كل قوم بوجهتهم وبشرعتهم48]المائدة: ومنRه�جا{

وذلك أن الالم تورث االختصاص. فإنه يقتضي حصر عيدنا في هذا فليس لنا ))وهذا عيدنا(( الثاني: قوله:

.([4])عيد سواه..." وثمة أدلة أخ��رى أيض��ا غ��ير ه��ذه ت��دل على النهي عن إح��داث عي��د آخ��ر

سوى العيد الذي شرعه الله تعالى لهذه األمة. ))من أحدث في أمرنا هذا ما وحسب المسلم من ذلك الحديث المشهور:

))من عمل عمال ليس عليه أمرنا فهو رد(( ، وفي لفظ:ليس منه فهو رد((([5]).

فه��و أص��ل في رد ك��ل المح��دثات في ال��دين ومنه��ا األعي��اد الزماني��ةوالمكانية.

وبي��ان ذل��ك: أن األعي��اد بأنواعه��ا هي من ش��عائر ال��دين ح��تى األعي��اد المدني���ة فيش���ملها ه���ذا الح���ديث، بخالف الع���ادات األخ���رى المخترع���ة كالصناعات ونحوها فإنها ال تدخل في النهي بل األصل فيها اإلباحة، والل��ه

تعالى أعلم.

:المسألة الثانية: النهي عن التشبه بالكفار في أعيادهم وتواترت األدلة الشرعية أيضا على النهي عن مشابهة الكفار في ش��يء

من أمور دينهم، ومنها أعيادهم. واألدلة على ذلك أكثر من أن تحصر، منها م��ا ه��و في النهي عن مطل��ق التش��به بهم، ومنه��ا م��ا يختص ب��أمور معين��ة، ومنه��ا م��ا ورد في خص��وص

األعياد.القسم األول: النهي عن مطلق التشبه بهم:

تبعRه��ا وال تتب��عR - قال الله تعالى:1 ألم��Rر ف ٱ}ثم جعلRن�ك على شريعة من ٱلذين ال يعRلمون{ واء R[.18]الجاثية: ٱأه

أخبر الحق سبحانه أن��ه جع��ل نبي��ه محم��دا ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم على شريعة شرعها له وأمره باتباعها، ونهاه عن اتباع أهواء ال��ذين ال يعلم��ون، وقد دخل في الذين ال يعلمون كل من خ��الف ش��ريعته. وأه��واؤهم هي م��ا يهوونه وم��ا علي��ه المش��ركون من ه��ديهم الظ��اهر ال��ذي ه��و من موجب��ات دينهم الباطل وتوابع ذلك فهم يهوونه، وموافقتهم فيه اتباع لم��ا يهوون��ه، وله���ذا يف���رح الك���افرون بموافق���ة المس���لمين لهم في بعض أم���ورهم،

.([6])ويسرون به، ويودون أن لو بذلوا عظيما ليحصل ذلكR من بعRد م��ا ج��اءهم - وقال تعالى:2 تلفوا Rخ R و قوا لذين تفر R ك ٱ}وال تكونوا ٱ

[.105]آل عمران: ٱلRبين�ت{ نهى س��بحانه عن مش��ابهة اليه��ود والنص��ارى ال��ذين تفرق��وا واختلف��وا فصاروا أحزابا وشيعا، فجنس مخ��الفتهم وت��رك مش��ابهتهم أم��ر مش��روع، وكلما بعد الرجل عن مشابهتهم فيما لم يش��رع لن�ا ك�ان أبع�د عن الوق��وع

.([7])في نفس المشابهة المنهي عنها وهذه مصلحة جليلة - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ق��ال رس��ول الل��ه ص��لى3

.([8])))من تشبه بقوم فهو منهم(( الله عليه وسلم: قال شيخ اإلسالم: "وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تح��ريم التش��به

.([9])بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم" - وعن أبي سعيد الخدري رض��ي الل�ه عن�ه عن الن�بي ص�لى الل�ه علي�ه4

))لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا ذراعا حتى لو وسلم قال: ، قلن��ا: ي��ا رس��ول الل��ه اليه��ود والنص��ارى؟دخل��وا جح��ر ض��ب تبعتم��وهم((

.([10])))فمن؟!(( قال: ونحوه من حديث أبي هريرة رض��ي الل��ه عن��ه وفي��ه: قي��ل لرس��ول الل��ه

))ومن الناس إال أولئك؟!(( صلى الله عليه وسلم: كفارس والروم؟ فقال:([11]).

قال ابن بطال: "أعلم صلى الله عليه وس��لم أن أمت��ه س��تتبع المح��دثات من األمور والبدع واألهواء كم��ا وق��ع لألمم قبلهم، وق��د أن��ذر في أح��اديث كثيرة بأن اآلخر شر، والس��اعة ال تق��وم إال على ش��رار الن��اس، وأن ال��دين

.([12])إنما يبقى قائما عند خاصة من الناس" وقال شيخ اإلسالم: "وهذا كل�ه خ�رج من�ه مخ��رج الخ�بر عن وق�وع ذل�ك والذم لمن يفعله، كما كان يخ�بر عم�ا يفعل�ه الن�اس بين ي�دي الس��اعة من األشراط واألمور المحرمات، فعلم أن مشابهتها اليهود والنصارى وف��ارس

.([13])والروم مما ذمه الله ورسوله وهو المطلوب"القسم الثاني: النهي عن مشابهتهم في أمور مخصوصة:

أما النهي عن مشابهتهم في أم��ور مخصوص��ة واألم��ر بمخ��الفتهم فق��دتواترت األدلة على معناه ومن ذلك:

))إن اليه��ود والنص��ارى ال - عن أبي هري��رة رض��ي الل��ه عن��ه مرفوع��ا:1.([14])يصبغون فخالفوهم((

))خ��الفوا المش��ركين، أحف��وا - عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا:2.([15])الشوارب، وأوفوا اللحى((

))خالفوا اليهود، فإنهم ال - عن شداد بن أوس رضي الله عنه مرفوعا:3.([16])يصلون في نعالهم وال خفافهم((

القسم الثالث: النهي عن التشبه بهم في أعيادهم: وفيما يلي خالصة ما ذكره شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه الله حيث ق��ال: "إذا تقرر هذا األص��ل في مش��ابهتهم فنق��ول: م��وافقتهم في أعي��ادهم ال

تجوز من طريقين: الطريق األول العام: هو ما تقدم من أن هذا موافقة ألهل الكت��اب فيم��ا ليس في ديننا وال عادة سلفنا، فيكون فيه مفسدة موافقتهم، وفي ترك��ه مصلحة مخالفتهم، ح��تى ل��و ك��ان م��وافقتهم في ذل��ك أم��را اتفاقي��ا ليس مأخوذا عنهم لكان المشروع لنا مخالفتهم لما في مخالفتهم من المصلحة كما تقدمت اإلشارة إلي��ه، فمن وافقهم ف��وت على نفس��ه ه��ذه المص��لحة

وإن لم يكن قد أتى بمفسدة، فكيف إذا جمعهما؟! ومن جهة أنه من البدع المحدث��ة، وه��ذه الطري��ق ال ريب أنه��ا ت��دل على كراهة التشبه بهم في ذلك، فإن أقل أحوال التشبه بهم أن يكون مكروها، وكذلك أقل أحوال البدع أن تكون مكروه��ة، وي��دل كث��ير منه��ا على تح��ريم

))من تش��به بق��وم التشبه بهم في العيد، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ، ف��إن م��وجب ه��ذا تح��ريم التش��به بهم مطلق��ا، وك��ذلكفه��و منهم((

ونحو ذلك، ومث��ل م��ا ذكرن��ا من دالل��ة الكت��اب ))خالفوا المشركين(( قوله: والس��نة على تح��ريم س��بيل المغض��وب عليهم والض��الين، وأعي��ادهم من

سبيلهم إلى غير ذلك من الدالئل. وأما الطريق الث��اني الخ��اص في نفس أعي��اد الكف��ار: فالكت��اب والس��نة

واإلجماع واالعتبار. أم��ا الكت��اب: فمم��ا تأول��ه غ��ير واح��د من الت��ابعين وغ��يرهم في قول��ه

R كراما{ تعالى: وا R باللغRو مر وا ور وإذا مر هدون الز Rلذين ال يش ]الفرق��ان: ٱ}و [، فروى أبو بكر الخالل في الجامع بإس��ناده عن محم��د بن س��يرين في72

ور{ قوله تعالى: هدون الز Rلذين ال يش (، وك��ذلك([17])قال: )هو الشعانين ٱ}و ذكر عن مجاهد ق��ال: )ه�و أعي�اد المش�ركين(، وك�ذلك عن الربي�ع بن أنس قال: )أعياد المشركين(. وإذا ك�ان الل�ه ق�د م�دح ت�رك ش�هودها ال�ذي ه�و مجرد الحضور برؤية أو س��ماع، فكي��ف بالموافق��ة بم��ا يزي��د على ذل��ك مند ه��ذه اآلي��ة فيه��ا العمل الذي هو عمل ال��زور ال مج��رد ش��هوده؟! ثم مج��ر

الحمد لهؤالء والثن��اء عليهم، وذل��ك وح��ده يفي��د ال��ترغيب في ت��رك ش�هود أعيادهم وغيرها من الزور، ويقتضي الندب إلى ترك حض��ورها، وق��د يفي��د

كراهة حضورها لتسمية الله لها زورا. فأما تح��ريم ش��هودها من ه��ذه اآلي��ة ففي��ه نظ��ر، وداللته��ا على تح��ريم فعلها أوجه، ألن الله تعالى سماها زورا، وقد ذم من يقول ال��زور، وإن لم

وRل يض��ر غ��يره لقول��ه في المتظ��اهرين: لRق�� ٱ}وإنهمR ليقول��ون منك��را من [.2]المجادلة: وزورا{

فسواء ك�انت اآلي�ة دال�ة على تح�ريم ذل�ك أو على كراهت�ه أو اس�تحباب تركه حصل أصل المقصود، إذ من المقصود بيان استحباب ترك م��وافقتهم أيضا، فإن بعض الناس قد يظن استحباب فعل ما فيه موافقة لهم لما فيه من التوس��يع على العي��ال أو من إق��رار الن��اس على اكتس��ابهم ومص��الح

دنياهم، فإذا علم استحباب ترك ذلك كان أول المقصود. وأما السنة: فروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ق��دم رس��ول الل��ه

))ما هذان صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: قالوا:كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله اليومان؟((

))إن الله ق��د أب�دلكم بهم�ا خ��يرا منهم�ا: ي�وم األض��حى وي�وم عليه وسلم: ، فوجه الداللة أن العيدين الجاهليين([18])رواه أبو داود بهذا اللفظ الفطر((

هما رسول الله صلى الل��ه علي��ه وس��لم، وال ت��ركهم يلعب��ون فيهم��ا لم يقر ، واإلب��دال))إن الله قد أبدلكم بهم��ا ي��ومين آخ��رين(( على العادة بل قال:

من الشيء يقتضي ترك المبدل منه، إذ ال يجم��ع بين الب��دل والمب��دل من��ه،ولهذا ال تستعمل هذه العبارة إال فيما ترك اجتماعهما.

الحديث الثاني حديث ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل على عه��د رس��ول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبال ببوانة، فأتى رسول الله ص��لى الل�ه عليه وسلم فقال: إني نذرت أن أنحر إبال ببوان�ة، فق�ال الن�بي ص��لى الل�ه

ق��الوا: ال، ))ه�ل ك�ان فيه��ا وثن من أوث�ان الجاهلي��ة يعب�د؟(( عليه وسلم: قالوا: ال، قال رسول الله صلى ))فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟(( قال:

))أوف بنذرك، فإنه ال وفاء لنذر في معصية الله، وال فيما الله عليه وسلم: ، هذا اإلسناد على شرط الصحيحين، فوجه الداللة أن([19])ال يملك ابن آدم((

])هذا الناذر كان قد نذر أن يذبح نعما، إما إبال وإما غنما، وإما كانت قضيتين

))ه��ل ك��ان به��ا وثن ، بمكان سماه فسأله النبي صلى الله عليه وسلم:([20 ))ال وف�اء لن�ذر قال: ال… الح��ديث، وفي�ه ق�ال: من أوثان الجاهلية يعبد؟((

، وه��ذا ي��دل على أن ال��ذبح بمك��ان عي��دهم ومح��ل أوث��انهمفي معص��ية((معصية لله.

يوضح ذلك أن العيد اسم لما يع��ود من االجتم��اع الع��ام على وج��ه معت��ادعائد، إما بعود السنة أو بعود األسبوع أو الشهر أو نحو ذلك.

فالعيد يجمع أمورا: منها يوم عائ��د كي��وم الفط��ر وي��وم الجمع��ة، ومنه��ا اجتماع فيه، ومنه��ا أعم��ال تتب��ع ذل��ك من العب��ادات والع��ادات، وق��د يختص العيد بمكان بعينه، وقد يكون مطلقا، وكل من هذه األمور قد يسمى عيدا،

))إن ه��ذا ي��وم جعل��ه فالزمان كقوله صلى الله عليه وسلم لي��وم الجمع��ة: ، واالجتم��اع واألعم��ال كق��ول ابن عب��اس رض��ي([21])الله للمسلمين عيدا((

،([22])الل��ه عنهم��ا: ش��هدت العي��د م��ع رس��ول الل��ه ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم . وق��د([23])))ال تتخذوا ق��بري عي��دا(( والمكان كقوله صلى الله عليه وسلم:

يكون لفظ العيد اسما لمجموع اليوم والعمل فيه، وهو الغالب كقول النبي

))دعهما � يا أبا بكر � فإن لكل ق��وم عي��دا، وإن ه��ذا صلى الله عليه وسلم:.عيدنا((

يري��د ))هل بها عيد من أعي��ادهم؟(( فقول النبي صلى الله عليه وسلم: اجتماع��ا معت��ادا من اجتماع��اتهم ال��تي ك��انت عي��دا، فلم��ا ق��ال: ال ق��ال

، وهذا يقتضي أن كون البقع��ة مكان��ا لعي��دهم م��انع من))أوف بنذرك(( له: الذبح به��ا وإن ن�ذر، كم�ا أن كونه�ا موض��ع أوث�انهم ك�ذلك، وإال لم�ا انتظم

الكالم وال حسن االستفصال. ومعلوم أن ذلك إنما هو لتعظيم البقعة التي يعظمونها بالتعييد فيها، أو لمشاركتهم في التعييد فيها، أو إلحياء ش��عار عي��دهم فيه��ا ونح��و ذل��ك، إذ ليس إال مك�ان الفع�ل أو نفس الفع�ل أو زمان�ه. وإذا ك�ان تخص�يص بقع�ة

عيدهم محذورا فكيف نفس عيدهم؟! وهذا نهي ش��ديد عن أن يفع��ل ش��يء من أعي��اد الجاهلي��ة على أي وج��ه كان. وأعياد الكتابيين التي تتخذ دين��ا وعب��ادة أعظم تحريم��ا من عي��د يتخ��ذ لهوا ولعبا، ألن التعبد بما يسخطه الله ويكرهه أعظم من اقتضاء الشهوات

مه. بما حر ومما ورد في السنة أيضا حديث أبي هري��رة رض��ي الل��ه عن��ه أن��ه س��مع

))نحن اآلخرون السابقون يوم القيامة، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بع��دهم، ثم ه��ذا ي��ومهم ال��ذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود

.([24])متفق عليه غدا، والنصارى بعد غد(( وقد سمى النبي صلى الله علي��ه وس��لم الجمع��ة عي��دا في غ��ير موض��ع، ونهى عن إفراده بالصوم لما فيه من معنى العيد. ثم إنه في ه��ذا الح��ديث ذكر أن الجمعة لنا كما أن السبت لليهود واألح��د للنص��ارى، والالم تقتض��ي االختصاص، فإذا نحن شاركناهم في عيدهم يوم السبت أو عيد ي��وم األح��د

خالفنا هذا الحديث. إذ ال ([25])وإذا كان ه��ذا في العي��د األس��بوعي فك��ذلك في العي��د الح��ولي

فرق.وأما اإلجماع واآلثار فمن وجوه:

أحدها: ما ق��دمت التنبي��ه علي��ه من أن اليه��ود والنص��ارى والمج��وس م��ا زالوا في أمصار المسلمين بالجزية يفعلون أعيادهم التي لهم، والمقتضي لبعض م��ا يفعلون��ه ق��ائم في كث��ير من النف��وس، ثم لم يكن على عق��د الس��ابقين من المس��لمين من يش��ركهم في ش��يء من ذل��ك، فل��وال قي��ام المانع في نف��وس األم��ة كراه��ة ونهي��ا عن ذل��ك وإال لوق��ع ذل��ك كث��يرا، إذ الفعل مع وجود مقتضيه وع�دم منافي�ه واق��ع ال محال�ة، والمقتض�ي واق�ع فعلم وجود المانع، والمانع هنا هو الدين، فعلم أن الدين دين اإلس��الم ه��و

المانع من الموافقة وهو المطلوب. الثاني: أنه قد تقدم في شروط عمر رضي الله عنه ال��تي اتفقت عليه��ا الصحابة وسائر الفقهاء بعدهم أن أهل الذمة من أهل الكت��اب ال يظه��رون أعيادهم في دار اإلسالم، فإذا كان المسلمون ق��د اتفق��وا على منعهم من إظهارها فكيف يسوغ للمسلمين فعله��ا؟! أوليس فع��ل المس��لم له��ا أش��د

من فعل الكافر لها مظهرا لها؟! الث��الث: روى ال��بيهقي في ب��اب كراه��ة ال��دخول على أه��ل الذم��ة في كنائسهم والتشبه بهم بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رض��ي الل��ه عن��ه

قال: )ال تعلموا رطانة األعاجم، وال ت�دخلوا على المش��ركين في كنائس�هم ، وروى بإسناد صحيح عن عب��د([26])يوم عيدهم، فإن السخطة تن�زل عليهم(

الله بن عمرو بن العاص رض��ي الل��ه عنهم��ا ق��ال: )من ب��نى ببالد األع��اجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حش��ر معهم

.([27])يوم القيامة( فه��ذا عم��ر رض��ي الل��ه عن��ه نهى عن تعلم لس��انهم وعن مج��رد دخ��ول الكنيسة عليهم يوم عيدهم، فكيف بفعل بعض أفعالهم أو فعل م��ا ه��و من مقتضيات دينهم؟! أليست موافقتهم في العم��ل أعظم من الموافق��ة في اللغة؟! أوليس عمل بعض أعمال عي��دهم أعظم من مج��رد ال��دخول عليهم في عيدهم؟! وإذا ك��ان الس��خط ين���زل عليهم ي��وم عي��دهم بس��بب عملهم

فمن يشركهم في العمل أو بعضه أليس قد تعرض لعقوبة ذلك؟! وأما عب��د الل��ه بن عم��رو فص��رح أن��ه من ب��نى ببالدهم وص��نع ن��يروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حش��ر معهم، وه��ذا يقتض��ي أن��ه جعل��ه ك��افرا بمش��اركتهم في مجم��وع ه��ذه األم��ور، أو جع��ل ذل��ك من الكب��ائر الموجبة للنار، وإن ك��ان األول ظ��اهر لفظ��ه، فتك��ون المش��اركة في بعض

.([28])ذلك معصية" ثم نقل شيخ اإلسالم نصوصا عن اإلمام أحمد رحمه الل��ه في المن��ع من شهود أعياد النصارى واليهود، ومثله عن القاض��ي أبي يعلى وأبي الحس��ن

اآلمدي والخالل.ثم قال: "وأما االعتبار في مسألة العيد فمن وجوه:

أحدها: أن األعياد من جملة الشرع والمناهج والمناس��ك ال��تي ق��ال الل��هة جعلRنا منسكا همR ناسكوه{ سبحانه: [، كالقبلة والص��الة67]الحج: }لكل أم

والصيام، فال ف��رق بين مش��اركتهم في العي��د وبين مش��اركتهم في س��ائر المناهج، فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكف��ر، ب�ل األعي��اد هي من أخص م��ا تتميز به الشرائع ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيه��ا موافق��ة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره، وال ريب أن الموافقة في ه��ذا ق��د تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه، وأما مبدؤها فأقل أحواله أن يكون معص��ية، وإلى ه��ذا االختص��اص أش��ار الن��بي ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم

، وهذا أقبح من مشاركتهم في))إن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا(( بقوله: ونح��وه من عالم��اتهم، ألن تل��ك عالم��ة وض��عية ليس��ت من ([29])لبس الزنار

الدين، وإنما الغرض به��ا مج��رد التمي��يز بين المس��لم والك��افر، وأم��ا العي��د وتوابعه فإنه من الدين الملعون هو وأهله، فالموافق��ة في��ه موافق��ة فيم��ا

يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه. الوجه الثاني: أن ما يفعلونه في أعي��ادهم معص��ية لل��ه ألن��ه إم��ا مح��دث مبتدع وإما منسوخ، وأحسن أحواله وال حسن فيه أن يك��ون بمن���زلة ص��الة المسلم إلى بيت المقدس. هذا إذا كان المفعول مم��ا يت��دين ب��ه، وأم��ا م��ا يتبع ذل��ك من التوس��ع في الع��ادات من الطع��ام واللب��اس واللعب والراح��ة

فهو تابع لذلك العيد الديني. الوجه الثالث: أنه إذا سوغ فعل القليل من ذلك أدى إلى فعل الكثير، ثم إذا اشتهر الشيء دخل فيه عوام الناس وتناس�وا أص��له، ح�تى يص�ير ع�ادة للناس بل عيدا حتى يض��اهى بعي��د الل��ه، ب��ل ق��د ي��زاد علي��ه ح��تى يك��اد أن

.([30])يفضي إلى موت اإلسالم وحياة الكفر"

فقد تبين أن أعياد المسلمين محصورة فيما شرعه الله تعالى لهم، وأن لكل أمة منسكا وعيدا مختصا بهم هو من شعائر ملتهم، وأن الله عز وج��ل نهى المسلمين عن التشبه بالكافرين في أعيادهم وفي ك��ل م��ا يختص��ون به من أمور دينهم وشعائرهم، وأن هذا مم��ا ت��واترت ب��ه النص��وص واألدل��ة الشرعية وأجمع عليه سلف هذه األمة من زمن الصحابة رض��ي الل��ه عنهم، إذ لم ي��ؤثر عن واح��د منهم أن��ه احتف��ل بعي��د من األعي��اد س��وى أعي��اد المسلمين، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، فهم كانوا أحرص على الخ��ير ممن ج��اء بع��دهم، وك��ذا الت��ابعون لهم لم يح��دثوا احتف��اال ب��ذكرى ي��وم معين ال إس��المي وال ج��اهلي وال غ��يره، م��ع وج��ود المقتض��ي ل��ذلك وه��و ك��ثرة المناس��بات وأي��ام الف��رح والس��رور، وانتف��اء الموان��ع إلقام��ة األعي��اد واالحتفاالت بذكرى األيام اإلسالمية سوى مانع واحد وه��و أن ذل��ك إح��داث

في دين الله ومعصية مكروهة كراهة تحريم. ومضى على ذلك أتباع التابعين وأئمة المس��لمين مس��تنين بس��نة ن��بيهم صلى الله عليه وسلم مقتدين بآث�ار س�لفهم، ه�ذا وهم ي�رون س�ائر األمم المحيط���ة بهم من اليه���ود والنص���ارى والمج���وس والص���ابئين وغ���يرهم يحتفلون بأيام خاصة، منها ما توارثوه ممن سبقهم، ومنها م��ا أح��دثوه هم من أعياد ومواسم بحسب ما تج��دد لهم من أم��ور وأح��داث ديني��ة ودنيوي��ة، فلم يلتفت المسلمون إلى ذل�ك، ولم يق��ل أح�د منهم: إنا أح��ق باالحتف�ال باألي��ام والمناس��بات اإلس��المية ال��تي نص��ر الل��ه فيه��ا الح��ق وأهل��ه ودح��ر الباطل وأهله كيوم بدر مثال أو الخندق أو الفتح أو القادسية أو اليرموك أو غيرها، مع أن منها ما امتن الله به على المؤمنين في كتابه كم�ا في س�ور األنفال والتوبة واألحزاب والفتح وغيرها. ولم يحتفلوا كذلك بذكرى فت��وح البلدان المشهورة كفتح مص�ر والش��ام والع�راق وم�ا وراء النه�ر م�ع ق��وة الداعي إلى ذل�ك، وال اج�ترأ الخلف�اء والمل�وك واألم�راء أن يحتفل�وا بأي�ام المسلمين أو أيامهم الخاصة بهم، وإنم��ا ح��دث ذل��ك حين ت��ولى العبي��ديون

الذين سموا أنفسهم بالفاطميين.بدعة االحتفال بالمولد النبوي:

لعل أول من يعزى إليه إحداث األعياد واالحتفاالت عامة والموالد خاص��ة هم العبيديون، قال المقريزي: "كان للخلفاء الفاطميين في ط��ول الس��نة أعي��اد ومواس��م، وهي موس��م رأس الس��نة، وموس��م أول الع��ام، وي��وم عاشوراء، ومولد النبي صلى الله علي��ه وس��لم، ومول��د علي بن أبي ط��الب رضي الله عن��ه، ومول��د الحس��ن، ومول��د الحس��ين عليهم��ا الس��الم، ومول��د فاطمة الزهراء عليها الس��الم، ومول��د الخليف��ة الحاض��ر، وليل��ة أول رجب، وليلة نصفه، وليلة أول شعبان، وليلة نصفه، وموسم ليل��ة رمض��ان، وغ��رة رمضان، وسماط رمضان، وليلة الختم، وموسم عيد الفط��ر، وموس��م عي��د النحر، وعيد الغدير، وكسوة الشتاء، وكسوة الص��يف، وموس��م فتح الخليج، وي��وم الن��وروز، وي��وم الغط��اس، وي��وم الميالد، وخميس الع��دس، وأي��ام

. وذكر بعض ما يفع��ل في تل��ك االحتف��االت واألعي��اد خاص��ة([31])الركوبات"الموالد الستة.

وذكر الشيخ محمد بخيث المطيعي � مفتي ال��ديار المص��رية س��ابقا ��� أن أول من أحدث تلك االحتفاالت بالموالد الستة � أي: مولد النبي ص��لى الل��ه عليه وسلم ومولد علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ومولد

ه���، وأن ه��ذه362الخليفة الحاضر � هو المع��ز ل��دين الل��ه وذل��ك في س��نة االحتفاالت بقيت إلى أن أبطلها األفضل بن أمير الجيوش بعد ذلك.

وغ��يرهم ([33])واألس��تاذ علي فك��ري ([32])وكذا قال الش��يخ علي محف��وظذكروا أن العبيديين هم أول من أحدث هذه األعياد واالحتفاالت.

من العبيديون؟ قال ابن كثير رحمه الله تعالى: "وقد كانت مدة ملك الفاطميين م��ائتين

وثمانين سنة وكسرا، فصاروا كأمس الذاهب كأن لم يغنوا فيها. وكان أول من ملك منهم المهدي، وكان من سلمية حدادا، وك��ان يهودي��ا فدخل بالد المغرب وتسمى بعبيد الله، وادعى أنه ش��ريف عل��وي ف��اطمي، وقال عن نفسه: إنه المهدي، وقد راج لهذا الدعي الك��ذاب م��ا اف��تراه في تلك البالد، ووازره جماعة من الجهل��ة وص��ارت ل��ه دول��ة وص��ولة، ثم تمكن إلى أن بنى مدينة سماها المهدي��ة نس��بة إلي��ه، وص��ار ملك��ا مطاع��ا يظه��ر

الرفض وينطوي على الكفر المحض. ثم كان من بعده ابنه القائم محمد، ثم ابنه المنص��ور إس��ماعيل، ثم ابن��ه المعز معد وهو أول من دخل ديار مصر منهم وب��نيت ل��ه الق��اهرة المعزي��ة والقصران، ثم ابنه العزيز ن�زار، ثم ابن��ه الح��اكم منص��ور، ثم ابن��ه الط�اهر علي، ثم ابن��ه المستنص��ر مع��د، ثم ابن��ه المس��تعلي أحم��د، ثم ابن��ه اآلم��ر منصور، ثم ابن عمه الحاف��ظ عب��د المجي��د، ثم ابن��ه الظ��افر إس��ماعيل، ثم الفائز عيسى، ثم ابن عمه العاضد عبد الل��ه وه��و آخ��رهم، فجملتهم أربع��ة

عشر ملكا، ومدتهم مائتان ونيف وثمانون سنة. وق��د ك��ان الف��اطميون من أغ��نى الخلف��اء وأك��ثرهم م��اال، وأج��برهم وأظلمهم، وأنجس المل��وك س��يرة وأخبثهم س��ريرة، ظه��رت في دولتهم البدع والمنكرات، وكثر أه�ل الفس��اد وق��ل عن��دهم الص��الحون من العلم�اء

.([34])والعباد، وكثر بأرض الشام النصرانية والدرزية والحشيشية"سلطان إربل وإحياء الموالد:

وكان بالموصل رجل من الزهاد هو الشيخ عم��ر بن محم��د المال، وك��انت له زاوية يقصد فيها، وله في كل سنة دعوة في شهر المول��د يحض��ر فيه��ا

.([35])عنده الملوك واألمراء والعلماء والوزراء ويحتفل بذلك قال أبو شامة في معرض كالم�ه عن االحتف��ال بالمول��د النب��وي: "وك�ان أول من فع��ل ذل��ك بالموص��ل الش��يخ عم��ر بن محم��د المال أح��د الص��الحين])المشهورين، وبه اقتدى في ذلك صاحب إربل وغيره رحمهم الله تع��الى"

36]). وصاحب إربل هذا هو المظفر أبو سعيد كوكبري بن زي��د ال��دين علي بن

ه���، وه��و أش��هر من ب��الغ في630تبكتكين س��لطان إرب��ل المت��وفى س��نة االحتفال بالمولد النبوي بعد العبيديين، فكان يعمل لذلك احتفاال هائال كم��ا ذكر ابن كثير في تاريخه وقال: "قال السبط: حكى بعض من حضر س��ماط المظفر في بعض الموال��د ك�ان يم�د في ذل�ك الس��ماط خمس��ة آالف رأس مشوي، وعشرة آالف دجاجة، ومائة ألف زبدية، وثالثين ألف صحن حل��وى. قال: وكان يحضر عنده في المولد أعيان العلماء والصوفية، فيخل��ع عليهم ويطلق لهم ويعمل للصوفية سماعا من الظهر إلى الفجر ويرقص بنفس��ه معهم... � إلى أن قال: � وكان يصرف على المول��د في ك��ل س��نة ثالثمائ��ة

.([37])ألف دينار" وقال الشيخ علي محفوظ: "وأول من أحدث المولد النبوي بمدينة إرب��ل الملك المظفر أبو سعيد في القرن الس��ابع، وق��د اس��تمر العم��ل بالموال��د

إلى يومن��ا ه��ذا، وتوس��ع الن��اس فيه��ا، وابت��دعوا بك��ل م��ا ته��واه أنفس��هم وتوحي��ه إليهم ش��ياطين اإلنس والجن، وال ن��زاع في أنه��ا من الب��دع، إنم��ا

.([38])الن�زاع في حسنها وقبحها" فتبين مما سبق أن االحتفال بالموالد ونحوها هو من ابت��داع العبي��ديين، ثم تابعهم عليها غيرهم من الزهاد والملوك وقلدهم في ذلك العوام، وق��د علمت أن هذا كله مخالف ل�دالالت النص�وص الش�رعية ولعم�ل س�لف ه�ذه

األمة في القرون المفضلة. ويدخل في ذلك كل االحتف��االت واألعي��اد المحدث��ة س��واء ك��انت متعلق��ة بمناسبات دينية كذكرى المولد النب��وي أو اإلس��راء والمع��راج أو الهج��رة أو الغزوات والفتوح��ات، أم تعلقت بغيره��ا من المناس��بات كاألعي��اد الوطني��ة ونحوها، فكلها داخ��ل في النهي، ويعظم خطره��ا ونكارته��ا إذا ع��رف أنه��ا م��أخوذة من أعي��اد الكف��ار، كأعي��اد اليوبي��ل بأنواع��ه: الفض��ي وال��ذهبي

.([39])والماسي

المسألة الثالثة: من شبه المخالفين:ومن شبه المخالفين في هذه األعياد ما يلي:

إن هذه ليست أعي��ادا وإنم��ا هي احتف��االت أو مناس��بات الشبهة األولى: وذكريات فقط، بخالف األعياد التي يش��رع فيه��ا ذك��ر معين وص��الة معين��ة

ونحو ذلك. إن هذا الذي ذكرتم��وه من االحتف��االت أو ال��ذكريات المتك��ررة والجواب:

في األعوام أو الشهور أو غير ذلك هو معنى العيد، إذ العيد � كما ذكر شيخ اإلسالم رحمه الله � هو اسم لما يعود من االجتماع العام على وج��ه معت��اد،

عائد إما بعود السنة أو بعود األسبوع أو نحو ذلك. وقال: "فالعيد يجمع أمورا: منها يوم عائد كي��وم الفط��ر وي��وم الجمع��ة،

.([40])ومنها اجتماع فيه، ومنها أعمال تتبع ذلك من العبادات والعادات" فيقال للمحتفلين بالمولد النبوي واإلسراء والمعراج ونحو ذل��ك: ألس��تم تجتمعون في كل عام لهذا الغرض وتحتفل��ون ب��ه وتعمل��ون ل��ذلك برنامج��ا خاصا وتقيمون لذلك عادة والئم خاصة بهذه المناسبة؟! ويق��ال للمحتفلين باألعياد المدنية أو الوطنية أو اليوبيل: ألستم تفعلون نحو ذلك؟! فهذا ه��و العيد سواء سميتموه به أو بغيره فالعبرة بالحقائق والمسميات، وق��د ص��ح

))يش��رب ن��اس من أم��تي الخم��ر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:.([41])يسمونها بغير اسمها((

هناك فرق بين هذا االحتف��ال ال��ذي يع��ود ويتك��رر وبين أن تح��دث تنبيه: نعمة للمرء فيفرح لها ويصنع وليمة يدعو لها الناس ف��إن ه��ذا ليس عي��دا، بل هو من المباحات ما لم يشتمل على شيء من األمور ال��تي تخرج��ه إلى المكروه أو المحرم. ولو قدر أن هذا الشخص أعاد االحتف��ال بمناس��بة تل��ك النعمة أعواما أخرى فإن هذا يصيره عي��دا ويدخل��ه في حكم المح��دثات من

األعياد واالحتفاالت. وليس ذلك مختصا بالنعم بل حتى الذي يفعله بعض الناس من االحتف��ال بذكرى األحزان، فيجتمعون لذلك بمناسبة م��رور ع��ام أو أك��ثر، كم��ا يفع��ل ه��ذا بعض المس��لمين في فلس��طين أو غيره��ا في تظ��اهراتهم بمناس��بة

وفيه تشبه بالكفار وإن لم ([42])ذكرى االحتالل فهو داخل في مسمى العيد

يصحبه فرح ووالئم ونحو ذلك مما يفعل في األعياد عادة. إن هذه االحتفاالت بمناسبة والدة ذلك المعظم من ن��بي الشبهة الثانية:

أو ص��الح أو مل��ك أو غ�يرهم أو بمناس�بة إنش��اء كلي��ة أو مص��نع أو غ��يره اليقصد فيها التشبه، بل هي من العادات التي األصل فيها الحل.

والجواب من وجوه: الوج��ه األول: أن ه��ذه االحتف��االت الم��ذكورة وم��ا ش��ابهها م��أخوذة من الكفار إما من الكت��ابيين أو من غ��يرهم كم��ا يعلم باالس��تقراء، فاالحتف��ال بالمناسبات الدينية أصله مأخوذ من النصارى واليهود فقد أح��دثوا من ذل��ك الشيء الكثير فمن أعياد النص��ارى المش��هورة: عي��د مول��د المس��يح ورأس

،([43])السنة الميالدية والمائ��دة إحي��اء ل��ذكرى المائ��دة المن���زلة من الس��ماءوالجامع لهذه األعياد هو الذكرى بمناسبة دينية.

واليوبيل عيد م��أخوذ من اليه��ود، وه��و عي��د ن��زول الوص��ايا العش��ر على.([44])موسى عليه السالم فوق جبل سيناء

ومثل ذلك األعياد المدنية فهي من سنن اليهود والنص��ارى، ومنه��ا عي��د الثورة وعيد العمال وعي��د األم وعي��د البن��وك وعي��د الم��رأة وي��وم الش��جرة

.([45])وأسبوع النظافة ويوم الصحة العالمية ويوم الطفل… الخ وإن ق��در أن هن��اك عي��دا أحدث��ه المس��لمون، لم يس��بقهم إلى إحداث��ه الكفار، فإن هذا ال ينفي التشبه بهم ألن إحداث األعياد إحياء لذكرى معينة فرحا بها أو حزنا عليها هو من سنن اليهود والنصارى، ي��دلك على ذل��ك م��ا رواه البخاري ومسلم أن يهوديا قال لعمر بن الخطاب رضي الله عن��ه: آي��ة في كتابكم تقرؤونها، لو علينا نزلت معشر اليهود التخذنا ذلك اليوم عي��دا!

ت عليRكمR نعRمتى ق��ال: ف��أي آي��ة؟ ق��ال: RممRوأت Rدينكم Rت لكمRملR م أك Rي��وRل ٱ}الم دينا{ Rإلس .([46])[3]المائدة: ٱورضيت لكم

الوجه الثاني: أن التش��به بهم ال يش��ترط في��ه أن يقص��د إلى الفع��ل من أجل أنهم فعلوه، بل يكفي أن يكون هذا األمر مما اختصوا به وه��و م��أخوذ

عنهم. قال شيخ اإلسالم رحمه الله: "والتشبه يعم من فعل الشيء ألج��ل أنهم فعلوه، وهو نادر، ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك إذا كان أص��ل الفعل مأخوذا عن ذلك الغير. فأما من فعل الشيء واتف��ق أن الغ��ير فعل��ه أيضا ولم يأخذه أحدهما عن ص��احبه ففي ك��ون ه��ذا تش��بها نظ��ر، لكن ق��د ينهى عن هذا لئال يكون ذريعة إلى التشبه، ولما فيه من المخالفة كما أم��ر

))غ��يروا بصبغ اللحى وإحفاء الشوارب مع أن قوله صلى الله عليه وس��لم: دليل على أن التش��به بهم يحص��ل بغ��ير قص��د الشيب وال تشبهوا باليهود((

منا وال فعل، بل بمجرد ترك تغيير ما خل��ق فين��ا، وه��ذا أبل��غ من الموافق��ة.([47])الفعلية االتفاقية"

الوجه الثالث: أنه لو قدر أن هذا االحتف��ال ليس في��ه تش��به بهم وال ه��و ذريعة إلي��ه ف��إن قص��د مخ��الفتهم مطل��وب م��رغب في��ه واألدل��ة على ذل��ك

كثيرة. منها: األمر بمخالفتهم في صيام عاشوراء بأن يض�اف إلي�ه التاس�ع كم�ا

.([48])صح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال شيخ اإلسالم رحمه الل��ه: "فت��دبر ه��ذا، ي��وم عاش��وراء ي��وم فاض��ل يكفر سنة ماضية، صامه رسول الله صلى الل��ه علي��ه وس��لم وأم��ر بص��يامه

ورغب فيه، ثم لما قيل له قبيل وفاته: إنه يوم تعظمه اليهود والنص��ارى!!.([49])أمر بمخالفتهم بضم يوم آخر إليه، وعزم على ذلك"

))خ��الفواو ))خ��الفوا المش��ركين(( ومنها قوله صلى الل��ه علي��ه وس��لم: في مس��ائل ع��دة، كتغي��ير الش��يب، ولب��اس النع��ال في اليهود والنصارى((

الصالة وإعفاء اللحى وحف الشوارب واتخاذ القصة من الشعر وحلق القفا وتعجي��ل الفط��ور وغ��ير ذل��ك من الع��ادات والعب��ادات، فه��ذا ي��دل على أن

مخالفتهم مطلوبة. قال شيخ اإلسالم رحمه الله: "قد بالغ ص��لى الل�ه علي�ه وس�لم في أم�ر أمته بمخالفتهم في كثير من المباحات وص��فات الطاع��ات لئال يك��ون ذل��ك ذريعة إلى موافقتهم في غير ذلك من أمورهم، ولتكون المخالفة في ذلك حاجزا ومانع��ا عن س��ائر أم�ورهم، فإن��ه كلم�ا ك�ثرت المخالف��ة بين�ك وبين

.([50])أصحاب الجحيم كان أبعد عن أعمال أهل الجحيم" وقال: "إن نفس المخالفة لهم في الهدي الظاهر مصلحة ومنفعة لعباد الل��ه المؤم��نين لم��ا في مخ��الفتهم من المجانب��ة والمباين��ة ال��تي ت��وجب المباعدة عن أعمال أهل الجحيم، وإنما يظهر بعض المصلحة في ذلك لمن

.([51])تنور قلبه" وق��ال: "فالمش��ابهة والمش��اكلة في األم��ور الظ��اهرة ت��وجب مش��ابهة ومشاكلة في األمور الباطنة، والمشاركة في الهدي الظاهر توجب مناسبة وائتالفا وإن بعد المكان والزم��ان، وه��ذا أم��ر محس��وس. فمش��ابهتهم في أعيادهم ولو بالقلي��ل ه��و س��بب لن��وع م��ا من اكتس��اب أخالقهم ال��تي هي

.([52])ملعونة" وقال: "حتى لو كان موافقتهم في ذلك أمرا اتفاقيا ليس م��أخوذا عنهم لكان المشروع لنا مخالفتهم لما في مخالفتهم من المص�لحة كم�ا تق�دمت اإلشارة إليه، فمن وافقهم فوت علىنفسه هذه المص��لحة وإن لم يكن أتى

.([53])بمفسدة فكيف إذا جمعهما؟!"

المسألة الرابعة: األعياد المكانية: وال تختص األعياد بالزمان ب��ل تش��مل المك��ان أيض��ا، وق��د دل على ذل��ك الحديث المتقدم في الرجل ال��ذي ن��ذر أن ينح��ر إبال بمك��ان اس��مه: بوان��ة،

))ه���ل ك���ان فيه���ا عي���د من فس���أله الن���بي ص���لى الل���ه علي���ه وس���لم:وهذا صريح في أن العيد يطلق على المكان أيضا. أعيادهم؟((

وق��د ك��ان للجاهلي��ة أعي��اد مكاني��ة مش��هورة يحج��ون إليه��ا ويعظمونه��ا وينتابونها في أيام معلومة ومنها: الالت ألهل الطائف، والعزى ألهل مكة، ومناة ألهل المدينة، وذو الخلصة ألهل اليمن، فكانوا يشدون إليها الرح��ال

.([54])ويقيمون عندها أعيادهم ))ال تجعل��وا ق��بري وص��ح عن الن��بي ص��لى الل��ه علي��ه وس��لم أن��ه ق��ال:

.([55])الحديث عيدا(( قال شيخ اإلس�الم: "والعي��د إذا جع�ل اس�ما للمك�ان فه��و المك�ان ال�ذي يقصد االجتماع فيه وانتيابه للعبادة عنده أو لغ��ير العب��ادة كم��ا أن المس��جد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة جعلها الله عيدا مثابة للناس يجتمعون فيه��ا وينتابونه��ا لل��دعاء وال��ذكر والنس��ك. وك��ان للمش��ركين أمكن��ة ينتابونه��ا لالجتماع عن��دها، فلم��ا ج��اء اإلس��الم مح��ا الل��ه ذل��ك كل��ه، وه��ذا الن��وع من

.([56])األمكنة يدخل فيه قبور األنبياء والصالحين وسائر القبور" وقول شيخ اإلسالم رحمه الله في تعريف العي��د المك��اني: "ه��و المك��ان الذي يقصد االجتماع فيه وانتيابه للعبادة عنده أو لغير العبادة" يش��مل ك��ل األعياد المكانية التي يتخ��ذها الن��اس، إم��ا بقص��د العب��ادة، كال��ذين يحج��ون للقبور ويقصدونها للطواف به��ا أو ال�ذبح أو الن�ذر له�ا أو لل��دعاء والص��الة عندها أو للتبرك بترابها كم��ا يفعل��ه كث��ير من الجه��ال في زمانن��ا ه��ذا في حجهم للقبر النبوي أو لمشهد الحس��ين أو الش��افعي أو الب��دوي أو غيره��ا من المشاهد، وإما بقصد الله�و واللعب ونح�و ذل�ك كالمهرجان�ات الوطني�ة التي تقام في بعض األم�اكن وينتابه��ا الن��اس بقص��د البقع��ة إم�ا ألن بعض الرؤساء والمعظمين ولدوا فيها أو ماتوا فيها أو كانت لهم فيها حادثة م��ا، فتتخ��ذ عي�دا من أج�ل ذل�ك مض�اهاة لألعي�اد المكاني�ة المش��روعة كالكعب�ة

.([57])والمشاعر

(، والنسائي في1134(، وأبو داود في كتاب الصالة )12006أخرجه أحمد ) [(1)] (، قال شيخ اإلسالم في1911(، والضياء في المختارة )1556كتاب العيدين )

(: "إسناده على شرط مسلم"، وصححه الحافظ1/432اقتضاء الصراط المستقيم )(.2/442في الفتح )

(.1/434اقتضاء الصراط المستقيم ) [(2)](.892(، ومسلم )2/455أخرجه البخاري ) [(3)](.447-446اقتضاء الصراط المستقيم ) [(4)] ( من حديث عائشة رضي الل��ه عنه��ا،1718(، ومسلم )5/301أخرجه البخاري ) [(5)]

واللفظ الثاني لمسلم.(.1/85انظر: اقتضاء الصراط المستقيم ) [(6)](.1/88انظر: اقتضاء الصراط المستقيم ) [(7)] (،4031(، وأبو داود في اللباس، ب��اب: في لبس الش��هرة )2/50أخرجه أحمد ) [(8)]

(، ق�ال ابن تيمي��ة كم��ا في2/75(، وال�بيهقي في الش��عب )1/267وعب��د بن حمي�د )(: "هذا حديث جيد"، وق��ال الع��راقي في تخ��ريج اإلحي��اء )25/331مجموع الفتاوى )

(، وصححه10/271(: "سنده صحيح"، وحسن إسناده ابن حجر كما في الفتح )1/342(.104األلباني في حجاب المرأة المسلمة )ص

(.1/237اقتضاء الصراط المستقيم ) [(9)](.2669(، ومسلم )13/300رواه البخاري ) [(10)](.7319رواه البخاري ) [(11)](.13/301انظر: فتح الباري ) [(12)](.1/147اقتضاء الصراط المستقيم ) [(13)](.2103(، ومسلم )6/496رواه البخاري ) [(14)]( واللفظ له.259(، ومسلم )10/351رواه البخاري ) [(15)]( وصححه.1/260(، والحاكم )652رواه أبو داود ) [(16)]الشعانين: عيد من أعياد النصارى. [(17)] (، والنس��ائي في1134(، وأبو داود في كت��اب الص��الة )12006أخرجه أحمد ) [(18)]

(، ق��ال ش��يخ اإلس��الم في1911(، والض��ياء في المخت��ارة )1556كت��اب العي��دين ) (: "إسناده على شرط مسلم"، وص��ححه الحاف��ظ1/432اقتضاء الصراط المستقيم )

(.2/442في الفتح )(.3313رواه أبو داود ) [(19)] ذكر شيخ اإلس��الم أح��اديث أخ��رى في نفس المع��نى فيه��ا اختالف في بعض [(20)]

األلفاظ عن هذا الحديث. ( من ح��ديث ابن عب��اس رض��ي الل��ه عنهم��ا. وأش��ار1098رواه ابن ماج��ه ) [(21)]

( إلى ضعف بعض رواته. وحسن إسناده المن��ذري في1/208البوصيري في الزوائد ) (، ول�ه ش�اهد من ح�ديث2/387(، وسكت عليه الحاف�ظ في الفتح )1/498الترغيب )

(.2258أبي هريرة، انظر: صحيح الجامع )(.884(، ومسلم )2/453رواه البخاري ) [(22)] (،2042(، وأبو داود: كتاب المناسك، باب زيارة القبور )2/367أخرجه أحمد ) [(23)]

(، وص��ححه1/361(، وأب��و يعلى في مس��نده )2/150ابن أبي ش��يبة في المص��نف ) (، وق��ال الهيثمي في المجم��ع: "في��ه حفص بن إب��راهيم2/49الضياء في المختارة )

الجعفري، ذك��ره ابن أبي ح��اتم ولم ي��ذكر في��ه جرح��ا، وبقي��ة رجال��ه ثق��ات"، وق�ال (: "وس��نده مسلس��ل بأه��ل ال�بيت رض�ي الل�ه95األلب��اني في تح��ذير المس�اجد )ص

عنهم، إال أن أحدهم � وهو علي بن عمر � مستور كما ق��ال الحاف��ظ في التق��ريب"،(.213( وأحكام الجنائز )ص1796وانظر: صحيح أبي داود )

(.855(، ومسلم )2/354رواه البخاري ) [(24)]وكذا في عيد القرن أو نصفه أو ربعه، كما ال يخفى. [(25)](.9/234السنن الكبرى ) [(26)](.9/234السنن الكبرى ) [(27)]اقتضاء الصراط المستقيم. [(28)] (. وه��و من4/330الزنار: ما يلبسه الذمي يشده على وس��طه )لس��ان الع��رب [(29)]

عالماتهم المميزة لهم عن المسلمين كما ه��و الح��ال في "رب��اط العن��ق" المع��روف في زماننا هذا والذي قلدهم فيه المس��لمون م��ع ظه��ور ش��كل الص��ليب في��ه والل��ه

المستعان. (. وهذا هو الحال في س��ائر األعي��اد474-1/425اقتضاء الصراط المستقيم ) [(30)]

المحدثة واالحتفاالت المبتدعة، حيث صارت عادة لكثير من المسلمين م��ع أن أص��لهامأخوذ من الكافرين.

(.1/490المواعظ واالعتبار بذكر الخطط واآلثار ) [(31)](.251اإلبداع في مضار االبتداع )ص [(32)](.84المحاضرات الفكرية. المحاضرة العاشرة )ص [(33)]( باختصار.12/267البداية والنهاية ) [(34)]ه�.566( في حوادث عام 12/263ذكر ذلك ابن كثير في البداية والنهاية ) [(35)](.13الباعث على إنكار البدع والحوادث )ص [(36)](.137-13/136البداية والنهاية ) [(37)](.251اإلبداع في مضار االبتداع )ص [(38)] كتب فضيلة الشيخ بكر أبو زيد حفظه الل��ه في تفص��يل بدع��ة اليوبي��ل كتاب��ا [(39)]

ماتعا وسمه ب� "عيد اليوبيل بدعة في اإلسالم" ذك��ر في��ه أن اليوبي��ل ه��و من أعي��اد اليهود الخاصة بهم فكان تحريمه من جهتين: التشبه واالبتداع، وض��منه بحوث��ا لبعض

الكتاب في هذا الموضوع وفتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء.(.442-1/441اقتضاء الصراط المستقيم ) [(40)]( وغيره.8/312رواه النسائي ) [(41)] للنصارى أعياد مشابهة منها "جمعة الصلبوت" التي يزعمون كذبا أن المسيح [(42)]

عليه السالم صلب فيها، ونحو ذلك أيضا ما يفعله الرافضة يوم عاش��وراء حزن��ا على

قتل الحسين رضي الله عنه.(.13انظر "عيد اليوبيل" للشيخ بكر أبو زيد )ص [(43)](.31عيد اليوبيل )ص [(44)](.19، 18عيد اليوبيل )ص  [(45)](.2/113انظر: جامع األصول ) [(46)](.1/238اقتضاء الصراط المستقيم ) [(47)](.1133رواه مسلم ) [(48)](.1/249اقتضاء الصراط المستقيم ) [(49)](.1/445اقتضاء الصراط المستقيم ) [(50)](.1/488اقتضاء الصراط المستقيم ) [(51)]( باختصار.1/171اقتضاء الصراط المستقيم ) [(52)](.1/425اقتضاء الصراط المستقيم ) [(53)]( و "عيد اليوبيل بدع��ة في اإلس��الم" )ص2/643اقتضاء الصراط المستقيم ) [(54)]

10.) ( بإسناد جيد وله شواهد أخ��رى بلف��ظ2/534( وأبو داود )2/367رواه أحمد ) [(55)]

)ال تتخذوا قبري عيدا(.(.2/660اقتضاء الصراط المستقيم ) [(56)]وق��د أف��اض ش��يخ اإلس��الم في ش��رح ذل��ك وتفص��يله في كتاب��ه االقتض��اء ) [(57)]

(152-1/149( وم��ا بع��دها، وتبع��ه على ذل��ك ابن القيم في إغاث��ة اللهف��ان )2/642فليرجع إليهما من شاء.

الفص�ل الث�اني: كش�ف تصر في حكم األعياد المحدثة: الص��فحة     ش��بهات المخ��الفين في األعي��اد المحدث��ة:

السابقة

الفصل الثاني: كش�ف ش�بهات المخ�الفين في األعي�ادالمحدثة.

وحيث إن المخالفين ق�د عارض�وا ذل�ك بش�بهات وحجج سوى ما تقدم زعموا أنها ت��دل على إباح��ة أو اس��تحباب تلك األعياد واالحتفاالت أو بعضها فقد خصصت القس��م الثاني من هذا الكتاب في كش��ف ش��بهاتهم وال��رد على

حججهم وأدلتهم. والحم�د لل�ه أوال وآخ�را وص�لى الل�ه وس�لم على نبين�ا

محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المن��برية   البح�وث موسوعة.

عناصر :ذم التشبه بالكفار  الصفحة التالية                                                                 البحث

أوال: تعريف وبيان:- تعريف التشبه لغة واصطالحا.1- حقيقة التشبه.2- ألفاظ ذات صلة:3

أ- التقليد األعمى.ب- الموافقة.

ثانيا: أصناف من نهينا عن التشبه بهم: لصنف األول: عموم الكفار. ا

الصنف الثاني: الشيطان.الصنف الثالث: المبتدعة.

الصنف الرابع: الفساق.   الصنف الخامس: الرجال بالنسبة للنساء والنساء بالنسبة

للرجال.الصنف السادس: الحيوانات.

ثالثا: النهي عن التشبه بالكفار.رابعا: حكمة النهي عن التشبه بالكفار:

- أن أعمال الكفار مبناها على الضالل والفساد.1 - أن مخالفة الكفار تحقق مجانبتهم ومباينتهم والبعد عن2

أعمالهم.- أن التشابه يوقع شيئا من المشاكلة.3- تحقيق مبدأ الوالء والبراء.4- تمييز المسلمين عن غيرهم من الكفرة والملحدين.5

خامسا: أحكام التشبه بالكفار.سادسا: ضوابط وقواعد.

سابعا: األمور التي ورد النهي فيها عن التشبه

بالكفار:النوع األول: العقائد.

النوع الثاني: العبادات:- في باب الطهارة.1- في باب األذان والصالة.2- في باب الصيام.3- في باب الحج.4- في باب األعياد واالحتفاالت والمهرجانات.5

النوع الثالث: األخالق والعادات:أ- الحسد.

ب- دعوى الجاهلية.ج- اللباس والزينة.

ثامنا: أسباب وقوع المسلمين في التشبه بالكفار:أوال: األسباب الداخلية.

ثانيا: األسباب الخارجية.تاسعا: آثار التشبه بالكفار ومظاهره.

عاشرا: سبل الوقاية من التشبه بالكفار:أوال: بناء شخصية الفرد المسلم.

ثانيا: تحصين وصيانة شخصية المسلم بعد بنائها وتكوينها.ثالثا: تحصين وصيانة ديار اإلسالم من نفوذ الكفار.

رابعا: الدعوة واالحتساب في مواجهة التشبه بالكفار:- الدعوة واالحتساب لمواجهة التشبه العقدي.1- الدعوة واالحتساب لمواجهة التشبه التعبدي.2- الدعوة واالحتساب في مواجهة التشبه األخالقي.3- الدعوة واالحتساب في مواجهة التشبه الثقافي.4

خامسا: دعاء الله سبحانه بالهداية إلى االستقامة.

صفحة المنبر الرئيسية  الصفحة التالية.

       الصفحة السابقة                  ذم التشبه بالكفار: أوال: تعريف وبيان: الصفحة التالية         عناصر البحث()

: وبيان: تعريف أوال

1: واصطالحا- لغة التشبه تعريفالتشبه لغة:

قال ابن فارس: ")شبه( الشين والباء والهاء: أصل واحد يدل على تشابه الشيء وتشاكله لونا ووصفا، يقال: شبRه وشبه وشبيه، والشبه من

. [ 1 ]الجواهر الذي يشبه الذهب"بيه: المثل، والجمع أشباه، به والش بRه والش وقال ابن منظور: "الشبه الشيء الشيء: ماثله، وفي المثل: من أشبه أباه فما ظلم... Rوأش

ت فالنا Rبه Rوبينهما شبه بالتحريك, والجمع مشابه على غير قياس... وأش ته واشتبه علي وتشابه الشيئان واشتبها: أشبه كل واحد منهما Rوشابه

صاحبه... وتشبه فالن بكذا، وتقول: في فالن شبه من فالن، وهو شبRهه. [ 2 ]وشبهه وشبيهه"

إذا التشبه لغة: مصدر تشبه، يقال: تشبه فالن بفالن إذا تكلف أن يكون. [ 3 ]مثله

. [ 4 ]والتشبه مأخوذ من المشابهة، وهي المماثلة والمحاكاة والتقليدالتشبه اصطالحا:

قال الغزي: "هو عبارة عن محاولة اإلنسان أن يكون شبه المتشبه بهده وعلى هيئته وحليته ونعته وصفته، أو هو عبارة عن تكلف ذلك وتقص

وتعلمه، وقد يعبر عن التشبه بالتشكل والتمثل والتزيي والتحلي. [ 5 ]والتخلق"

وقيل: "هو تمثل المسلم بالكفار في عقائدهم أو عباداتهم أو أخالقهم. [ 6 ]أو فيما يختصون به من عادات أو خضوعه لهم بشكل من األشكال"

2: التشبه- حقيقة قال ابن تيمية: "التشبه يعم من فعل الشيء ألجل أنهم فعلوه وهو

نادر, ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك إذا كان أصل الفعل مأخوذا عن ذلك الغير. فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضا، ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه، ففي كون هذا تشبها نظر، لكن قد ينRهى

. [ 7 ]عن هذا لئال يكون ذريعة إلى التشبه، ولما فيه من المخالفة"3: صلة- ذات ألفاظ

أ- التقليد األعمى: والمقصود بالتقليد األعمى هو: ما سلكه المسلمون � من غير إدراك وال وعي وال تمحيص � من اتباع الكفار، واألخذ منهم، والتشبه بهم في شتى

ألوان الحياة وأنماط السلوك واألخالق وأشكال اإلنتاج؛ في االعتقاد والتصور والفكر والفلسفة والسياسة واالقتصاد واألدب والفن والثقافة والنظم والتشريع, من غير اعتبار للعقيدة والشريعة اإلسالمية واألخالق

. [ 8 ]الفاضلة، ومن غير إلزام للمنهج اإلسالمي األصيلب- الموافقة:

وهي مشاركة أحد الشخصين لآلخر في صورة قول أو فعل أو ترك أو. [ 9 ]اعتقاد أو غير ذلك، سواء أكان ذلك من أجل ذلك اآلخر أم ال ألجله

فالموافقة بهذا االعتبار أعم من التشبه. قال ابن تيمية: "الموافقة في القليل تدعو إلى الموافقة في الكثير،

وهنا جنس الموافقة يلبس على العامة دينهم، حتى ال يميزوا بين. [ 10 ]المعروف والمنكر"

(.3/243مقاييس اللغة )  [ 1 ](.1610(، وانظر: القاموس المحيط )ص 25-7/23لسان العرب )  [ 2 ](.12/5الموسوعة الفقهية الكويتيه )  [ 3 ](.7رسالة )من تشبه بقوم فهو منهم( د.ناصر العقل )ص   [ 4 ] ( مخطوطة بدار الكتب الظاهرية2/2حسن التنبه لما ورد في التشبه )ق   [ 5 ]

بدمشق والمكتبة السليمانية بتركيا، مصورة بالجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة,(.1/49والنقل عنه بواسطة: التدابير الواقية من التشبه بالكفار )

وقد ذكر أكثر الباحثين المعاصرين أنهم لم يعثروا � في حدود اطالعهم � عند العلماء المتقدمين وال المتأخرين على تعريف اصطالحي للتشبه بالكفار يبين

ماهيته، باستثناء تعريف نجم الدين الغزي, وإنما اكتفوا � رحمهم الله � ببيان أحكام التشبه بالكفار، معتمدين في ذلك على وضوح معناه اللغوي، وعلى فهمهم الدقيق

لمقتضيات النهي عن التشبه بالكفار. انظر: التدابير الواقية من التشبه بالكفار )1/48.)

(.7(, وانظر: من تشبه بقوم فهو منهم )ص1/50التدابير الواقية )  [ 6 ](.1/271اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 7 ] انظر: التقليد والتبعية وأثرهما في كيان األمة اإلسالمية، د.ناصر العقل )ص  [ 8 ]

47-48.)(.1/172انظر: إحكام األحكام لآلمدي )  [ 9 ](.1/547اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 10 ]

الصفحة          ثانيا: أصناف من نهينا عن التشبه بهم: ذم التشبه بالكفار:  الصفحة التالية         عناصر البحث()        السابقة

: بهم: التشبه عن نهينا من أصناف ثانياالذين نهينا عن التشبه بهم أصناف كثيرة:

الصنف األول: عموم الكفار: ويدخل فيهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، والمشركون،

والمجوس، والمالحدة وغيرهم. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم

))لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع، حتى لو قال: قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ ،دخلوا جحر ضب تبعتموهم((

. [ 1 ]))فمن؟!(( قال:الصنف الثاني: الشيطان:

))ال عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يأكلن أحدكم بشماله، وال يشربن بها، فإن الشيطان يأكل بشماله،

. [ 2 ]ويشرب بها(( قال ابن تيمية: "فإنه صلى الله عليه وسلم علل النهي عن األكل

والشرب بالشمال بأن الشيطان يفعل ذلك، فعلم أن مخالفة الشيطان أمر. [ 3 ]مقصود مأمور به، ونظائره كثيرة"

الصنف الثالث: المبتدعة: جاءت نصوص كثيرة عن سلف األمة في التحذير منهم، ومن ذلك ما جاء

عن أبي قالبة أنه قال: "إياكم وأصحاب الخصومات، فإني ال آمن أن. [ 4 ]يغمسوكم في ضاللتهم، أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون"

الصنف الرابع: الفساق: قال القرطبي: "لو خص أهل الفسوق والمجون بلباس منع لبسه

لغيرهم، فقد يظن به من ال يعرفه أنه منهم، فيظن به ظن السوء، فيأثم. [ 5 ]الظان والمظنون فيه بسبب العون عليه"

الصنف الخامس: الرجال بالنسبة للنساء والنساء بالنسبةللرجال:

، فعن ابن [ 6 ]تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال من كبائر الذنوب عباس رضي الله عنهما قال: لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين

، قال:))أخرجوهم من بيوتكم(( من الرجال، والمترجالت من النساء وقال:. [ 7 ]فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فالنا، وأخرج عمر فالنة

قال ابن حجر: "قال الطبري: المعنى: ال يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء، وال العكس. قلت: وكذا في الكالم

والمشي، فأما هيئة اللباس فتختلف باختالف عادة كل بلد... قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة ما ملخصه: ظاهر اللفظ الزجر عن التشبه في كل

شيء، لكن عرف من األدلة األخرى أن المراد التشبه في الزي وبعض. [ 8 ]الصفات والحركات ونحوها، ال التشبه في أمور الخير"

وقال ابن تيمية: "األصل في ذلك ليس هو راجعا إلى مجرد ما تختاره الرجال والنساء ويشتهونه ويعتادونه، فإنه لو كان كذلك لكان إذا اصطلح

قوم على أن يلبس الرجال الخمر التي تغطي الرأس والوجه والعنق، والجالبيب التي تسدل من فوق الرؤوس حتى ال يظهر من البسها إال

العينان، وأن تلبس النساء العمائم واألقبية المختصرة ونحو ذلك، أن يكون هذا سائغا! وهذا خالف النص واإلجماع، فإن الله تعالى قال

 للنساء: ربRن بخمرهن على جيوبهن وال يبRدين زينتهن إال RيضRول{ } لRمؤRمنين [، وقال:31اآلية ]النور: لبعولتهن وجك وبن�تك ونساء Rٱ}قل ألز

ن فال يؤRذيRن{ RرفRنى أن يعRهن من جل�بيبهن ذلك أدRنين عليRاآلية يد ألولى{ [، وقال:59]األحزاب: لRج�هلية ج ن تبر Rج ٱ}وال تبر [.33]األحزاب: ٱ

فلو كان اللباس الفارق بين الرجال والنساء مستنده مجرد ما يعتاده النساء أو الرجال باختيارهم وشهوتهم لم يجب أن يدنين عليهن الجالبيب، وال أن يضربن بالخمر على الجيوب، ولم يحرم عليهن التبرج تبرج الجاهلية األولى؛ ألن ذلك كان عادة ألولئك، وليس الضابط في ذلك لباسا معينا من

جهة نص النبي صلى الله عليه وسلم، أو من جهة عادة الرجال والنساء على عهده، بحيث يقال: إن ذلك هو الواجب وغيره يحرم، فإن النساء على

عهده كن يلبسن ثيابا طويالت الذيل بحيث ينجر خلف المرأة إذا خرجت،والرجل مأمور بأن يشمر ذيله حتى ال يبلغ الكعبين...

فالفارق بين لباس الرجال والنساء يعود إلى ما يصلح للرجال وما يصلح للنساء، وهو ما ناسب ما يؤمر به الرجال وما يؤمر به النساء، فالنساء

مأمورات باالستتار واالحتجاب دون التبرج والظهور... فإذا اختلف لباس الرجال والنساء فما كان أقرب إلى مقصود االستتار واالحتجاب كان

للنساء، وكان ضده للرجال. وأصل هذا أن تعلم أن الشارع له مقصودان، أحدهما: الفرق بين الرجال

والنساء، والثاني: احتجاب النساء. فلو كان مقصوده مجرد الفرق لحصل ذلك بأي وجه حصل االختالف، وقد تقدم فساد ذلك... وكذلك األمر في

لباس الرجال والنساء، ليس المقصود به مجرد الفرق، بل ال بد من رعاية جانب االحتجاب واالستتار، وكذلك أيضا ليس المقصود مجرد حجب النساء

وسترهن دون الفرق بينهن وبين الرجال، بل الفرق أيضا مقصود... والرجل المتشبه بالنساء يكتسب من أخالقهن بحسب تشبهه، حتى

يفضي به األمر إلى التخنث المحض، والتمكين من نفسه كأنه امرأة، ولما كان الغناء مقدمة ذلك وكان من عمل النساء كانوا يسمون الرجال

المغنين مخانيث. والمرأة المتشبهة بالرجال تكتسب من أخالقهم حتى يصير فيها من

التبرج والبروز ومشابهة الرجال ما قد يفضي ببعضهن إلى أن تظهر بدنها كما يظهره الرجال، وتطلب أن تعلو على الرجال كما يعلو الرجال على

المشروع للنساء،  [ 9 ]النساء، وتفعل من األفعال ما ينافي الحياء والخفروهذا القدر قد يحصل بمجرد المشابهة.

وإذا تبين أنه ال بد من أن يكون بين لباس الرجال والنساء فرق يميز بين الرجال والنساء، وأن يكون لباس النساء فيه من االستتار واالحتجاب

ما يحصل مقصود ذلك ظهر أصل هذا الباب، وتبين أن اللباس إذا كان غالبه لبس الرجال نهيت عنه المرأة وإن كان ساترا كالفراجي التي جرت

عادة بعض البالد أن يلبسها الرجال دون النساء، والنهي عن مثل هذا بتغير العادات، وأما ما كان الفرق عائدا إلى نفس الستر، فهذا يؤمر فيه النساء

بما كان أستر... ولو قدر أن الفرق يحصل بدون ذلك، فإذا اجتمع في. [ 10 ]اللباس قلة الستر والمشابهة نهي عنه من الوجهين، والله أعلم"

الصنف السادس: الحيوانات:جاءت أحاديث كثيرة في ذم التشبه بالحيوانات والنهي عن ذلك، منها:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم]))اعتدلوا في السجود، وال يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب(( قال:

11 ] . عن عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم نهى عن ثالث: عن نقرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يوطن. [ 12 ]الرجل المقام للصالة كما يوطن البعير

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: السالم عليكم ورحمة الله، السالم عليكم ورحمة الله، وأشار بيده إلى الجانبين، فقال رسول الله صلى الله عليه

))عالم تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟! إنما يكفي وسلم: أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه من على يمينه

. [ 13 ]وشماله(( قال ابن تيمية: "التشبه بالبهائم في األمور المذمومة في الشرع

مذموم منهي عنه؛ في أصواتها وأفعالها ونحو ذلك, مثل: أن ينبح نبيح

الكالب، أو ينهق نهيق الحمير، ونحو ذلك. وذلك لوجوه: أحدها: أنا قررنا في "اقتضاء الصراط المستقيم" نهي الشارع عن

التشبه باآلدميين الذين جنسهم ناقص كالتشبه باألعراب وباألعاجم وبأهل الكتاب ونحو ذلك في أمور من خصائصهم، وبينا أن من أسباب ذلك أن

المشابهة تورث مشابهة األخالق، وذكرنا أن من أكثر عشرة بعض الدواب اكتسب من أخالقها كالكالبين والجمالين، وذكرنا ما في النصوص من ذم

أهل الجفاء وقسوة القلوب أهل اإلبل، ومن مدح أهل الغنم، فكيف يكونالتشبه بنفس البهائم فيما هي مذمومة؟!

بل هذه القاعدة تقتضي بطريق التنبيه النهي عن التشبه بالبهائم  مطلقا فيما هو من خصائصها، وإن لم يكن مذموما بعينه، ألن ذلك يدعو إلى فعل ما هو مذموم بعينه، إذ من المعلوم أن كون الشخص أعرابيا أو عجميا خير من كونه كلبا أو حمارا أو خنزيرا، فإذا وقع النهي عن التشبه

بهذا الصنف من اآلدميين في خصائصه لكون ذلك تشبها فيما يستلزم النقص ويدعو إليه فالتشبه بالبهائم فيما هو من خصائصها أولى أن يكون

مذموما ومنهيا عنه. }ولقدR الوجه الثاني: أن كون اإلنسان مثل البهائم مذموم، قال تعالى:

قهون بها ولهمR أعRين ال Rقلوب ال يف Rس لهمRإلن لRجن و Rنا لجهنم كثيرا من ٱذرأ ٱألنRع�م بلR همR أضل ل�ئك ك Rمعون بها أو Rءاذان ال يس Rصرون بها ولهمRٱيب

لRغ�فلون{ ل�ئك هم R[.179]األعراف: ٱأو الوجه الثالث: أن الله سبحانه إنما شبه اإلنسان بالكلب والحمار

ملR عليRه ونحوهما في معرض الذم له، كقوله: Rب إن تحRكلRل ٱ}فمثله كمثل لRقصص صص Rق R ب�ئاي�تنا ف لذين كذبوا لRقوRم ٱيلRهثR أوR تتRركRه يلRهث ذلك مثل ٱ ٱ ٱ

R * لعلهمR يتفكرون R ب�ئاي�تنا وأنفسهمR كانوا لذين كذبوا م RقوRل ٱساء مثال ٱراة [ وقال تعالى:177، 176]األعراف: يظRلمون{ Rلتو R لذين حملوا ٱ}مثل ٱ

فارا{ Rمل أس Rحمار يحRل ملوها كمثل Rيح R[، وإذا كان5اآلية ]الجمعة: ٱثم لم التشبه بها إنما كان على وجه الذم من غير أن يقصد المذموم التشبه بها فالقاصد أن يتشبه بها أولى أن يكون مذموما، لكن إن كان تشبه بها في

عين ما ذمه الشارع صار مذموما من وجهين، وإن كان فيما لم يذمه بعينهصار مذموما من جهة التشبه المستلزم للوقوع في المذموم بعينه.

يؤيد هذا الوجه الرابع: وهو قوله صلى الله عليه وسلم في]))العائد في هبته ]كالكلب يعود[ في قيئه، ليس لنا مثل السوء(( الصحيح:

. فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر هذا المثل إال ليبين أن [ 14 اإلنسان إذا شابه الكلب كان مذموما، وإن لم يكن الكلب مذموما في ذلك

من جهة التكليف، ولهذا ليس لنا مثل السوء، والله سبحانه قد بين أن التمثيل بالكلب مثل سوء، والمؤمن منزه عن مثل}ساء مثال{ بقوله:

السوء، فإذا كان له مثل سوء من الكلب كان مذموما بقدر ذلك المثلالسوء.

))إن المالئكة ال الوجه الخامس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ))إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله ، وقال: [ 15 ]تدخل بيتا فيه كلب((

من فضله، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها. [ 16 ]رأت شيطانا((

فدل ذلك على أن أصواتها مقارنة للشياطين، وأنها منفرة للمالئكة، ومعلوم أن المشابهة للشيء ال بد أن يتناوله من أحكامه بقدر المشابهة،

فإذا نبح نباحها كان في ذلك من مقارنة الشياطين وتنفير المالئكةبحسبه.

وما يستدعي الشياطين وينفر المالئكة ال يباح إال لضرورة، ولهذا لم يبح اقتناء الكلب إال لضرورة، لجلب منفعة كالصيد، أو دفع مضرة عن الماشية

))من اقتنى كلبا إال كلب ماشية والحرث، حتى قال صلى الله عليه وسلم:. [ 17 ]أو حرث أو صيد نقص من عمله كل يوم قيراط((

وبالجملة: فالتشبه بالشيء يقتضي من الحمد والذم بحسب الشبه، لكن كون المتشبه به غير مكلف ال ينفي التكليف عن المتشبه، كما لو تشبه

باألطفال والمجانين والله سبحانه أعلم. : أن السادس النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الوجه

، وذلك ألن الله خلق [ 18 ]الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال كل نوع من الحيوان، وجعل صالحه وكماله في أمر مشترك بينه وبين

غيره، وبين أمر مختص به. فأما األمور المشتركة فليست من خصائص أحد النوعين، ولهذا لم يكن من مواقع النهي، وإنما مواقع النهي األمور المختصة، فإذا كانت األمور

التي هي من خصائص النساء ليس للرجال التشبه بهن فيها، واألمور التي هي من خصائص الرجال ليس للنساء التشبه بهم فيها؛ فاألمور التي هي من خصائص البهائم ال يجوز لآلدمي التشبه بالبهائم فيها بطريق األولى واألحرى، وذلك ألن اإلنسان بينه وبين الحيوان قدر جامع مشترك وقدر

فارق مختص, ثم األمر المشترك كاألكل والشرب والنكاح واألصوات والحركات لما اقترنت بالوصف المختص كان لإلنسان فيها أحكام تخصه،

ليس له أن يتشبه بما يفعله الحيوان فيها، فاألمور المختصة به أولى، مع أنه في الحقيقة ال مشترك بينه وبينها، ولكن فيه أوصاف تشبه أوصافهامن بعض الوجوه، والقدر المشترك إنما وجوده في الذهن ال في الخارج.

وإذا كان كذلك فالله تعالى قد جعل اإلنسان مخالفا بالحقيقة للحيوان، وجعل كماله وصالحه في األمور التي تناسبه، وهي جميعها ال يماثل فيها الحيوان، فإذا تعمد مماثلة الحيوان وتغيير خلق الله فقد دخل في فساد

. [ 19 ]الفطرة والشرعة، وذلك محرم، والله أعلم"

(،3456أخرجه البخاري في أحاديث األنبياء, باب: ما ذكر عن بني إسرائيل )  [ 1 ](.2669ومسلم في العلم, باب: اتباع سنن اليهود والنصارى )

(.2020أخرجه مسلم في األشربة, باب: آداب الطعام والشراب )  [ 2 ](.1/407اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 3 ](.1/137أسنده عبد الله بن أحمد في كتاب السنة )  [ 4 ](.12/11نقال عن الموسوعة الفقهية )  [ 5 ](.108انظر: الكبائر للذهبي )ص  [ 6 ]أخرجه البخاري في اللباس, باب: إخراج المتشبهين بالنساء من البيوت )  [ 7 ]

5886.)(.10/345فتح الباري )  [ 8 ]الخفر بفتحتين: شدة الحياء.  [ 9 ]( باختصار.154-22/146مجموع الفتاوى )  [ 10 ] (،822أخرجه البخاري في األذان, باب: ال يفترش ذراعيه في السجود )  [ 11 ]

(.493ومسلم في الصالة, باب: االعتدال في السجود )(، والنسائي في التطبيق )862(، وأبو داود في الصالة )3/428أخرجه أحمد )  [ 12 ]

(،1319، 662(، وصححه ابن خزيمة )1429(، وابن ماجه في إقامة الصالة )1112(، وحسنه األلباني في السلسلة الصحيحة )833(، والحاكم )2277وابن حبان )

1168.)(.431أخرجه مسلم في الصالة, باب: األمر بالسكون في الصالة )  [ 13 ] ( واللفظ له،6975أخرجه البخاري في الحيل, باب: في الهبة والشفعة )  [ 14 ]

( عن ابن عباس رضي الله عنهما.1622ومسلم في الهبات ) (2106(، ومسلم في اللباس والزينة )3225أخرجه البخاري في بدء الخلق )  [ 15 ]

عن أبي طلحة رضي الله عنه. (, ومسلم3303أخرجه البخاري في بدء الخلق, باب: خير مال المسلم غنم... )  [ 16 ]

( من حديث أبي2729في الذكر والدعاء، باب: استحباب الدعاء عند صياح الديك )هريرة رضي الله عنه.

(, ومسلم في2322أخرجه البخاري في المزارعة, باب: اقتناء الكلب للحرث )  [ 17 ] ( من حديث أبي هريرة رضي الله1575المساقاة, باب: األمر بقتل الكالب ونسخه )

عنه.أخرجه البخاري في اللباس, باب: المتشبهون بالنساء والمتشبهات بالرجال )  [ 18 ]

( عن ابن عباس رضي الله عنهما.5885(.260-32/256مجموع الفتاوى )  [ 19 ]

الصفحة          ذم التشبه بالكفار: ثالثا: النهي عن التشبه بالكفار:  الصفحة التالية         عناصر البحث()        السابقة

: بالكفار: التشبه عن النهي ثالثاالتشبه بالكفار في الجملة منهي عنه.

لنبوة - قال الله تعالى:1 لRحكRم و لRكت�ب و رءيل Rنا بنى إسRءاتي Rٱ}ولقد ٱ ٱلRع�لمين لRن�همR على لطيب�ت وفض ن�همR من Rٱورزق وءاتيRن�هم بين�ت من * ٱ

ضي Rإن ربك يق RنهمRيا بيRم بغRعلRل من بعRد ما جاءهم R إال تلفوا Rخ ر فما Rٱألم ٱ ٱتلفون Rفيه يخ R لRقي�مة فيما كانوا م Rيو RنهمRن�ك على شريعة من * ٱبيRثم جعل لذين ال يعRلمون واء Rأه Rها وال تتبعRتبع ر ف Rٱألم ٱ لله ٱ R عنك من ٱ*إنهمR لن يغRنوا

لRمتقين{ لله ولى لياء بعRض و Rأو RضهمRلظ�لمين بع ٱشيRئا وإن ٱ -16]الجاثية: ٱ19.]

قال ابن تيمية: "أخبر سبحانه أنه أنعم على بني إسرائيل بنعم الدين والدنيا، وأنهم اختلفوا بعد مجيء العلم بغيا من بعضهم على بعض, ثم

جعل محمدا صلى الله عليه وسلم على شريعة شرعها له، وأمره باتباعها، ونهاه عن اتباع أهواء الذين ال يعلمون، وقد دخل في الذين ال يعلمون كل

من خالف شريعته. وأهواؤهم هو ما يهوونه، ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في

بعض أمورهم، ويسرون به، ويودون أن لو بذلوا عظيما ليحصل ذلك، ولو فرض أن ليس الفعل من اتباع أهوائهم فال ريب أن مخالفتهم في ذلكسم لمادة متابعتهم، وأعون على حصول مرضاة الله في تركها، وأن Rأح

موافقتهم في ذلك قد تكون ذريعة إلى موافقتهم في غيره، فإن من حام

حول الحمى أوشك أن يواقعه، وأي األمرين كان حصل المقصود في. [ 1 ]الجملة، وإن كان األول ظهر"

لنص�رى حتى تتبع ملتهمR - وقال سبحانه:2 لRيهود وال ضى عنك Rٱ}ولن تر ٱلRعلRم ما لذي جاءك من واءهم بعRد Rت أهRتبع لRهدى ولئن لله هو ٱقلR إن هدى ٱ ٱ ٱ ٱ

لله من ولي وال نصير{ [.120]البقرة: ٱلك من قال ابن تيمية مبينا وجه داللة اآلية في النهي عن التشبه بالكفار:

{ "فانظر كيف قال في الخبر: Rواءهم{ ، وقال في النهي:}ملتهم R؛ ألن}أه القوم ال يرضون إال باتباع الملة مطلقا، والزجر وقع عن اتباع أهوائهم في قليل أو كثير، ومن المعلوم أن متابعتهم في بعض ما هم عليه من

الدين نوع متابعة لهم في بعض ما يهوونه، أو مظنة لمتابعتهم فيما. [ 2 ]يهوونه"

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه3. [ 3 ]))إن اليهود والنصارى ال يصبغون فخالفوهم(( وسلم:

قال ابن تيمية: "أمر بمخالفتهم، وذلك يقتضي أن يكون جنس مخالفتهم أمرا مقصودا للشارع، ألنه إن كان األمر بجنس المخالفة حصل

المقصود, وإن كان األمر بالمخالفة في تغيير الشعر فقط فهو ألجل ما. [ 4 ]فيه من المخالفة"

- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه4. [ 5 ]))من تشبه بقوم فهو منهم(( وسلم:

قال ابن تيمية: "وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه }ومن بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله:

} RهمRفإنه من Rمنكم R[، وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله51]المائدة: يتولهم بن عمرو أنه قال: )من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم

. فقد يحمل هذا على [ 6 ]وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة( التشبه المطلق، فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك, وقد

يحمل على أنه منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كانكفرا أو معصية أو شعارا لها كان حكمه كذلك.

. [ 7 ]وبكل حال يقتضي تحريم التشبه بعلة كونه تشبها"

(.1/98اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 1 ](.1/99اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 2 ] (,3462أخرجه البخاري في أحاديث األنبياء, باب: ما ذكر عن بني إسرائيل )  [ 3 ]

(.2103ومسلم في للباس والزينة, باب: في مخالفة اليهود في الصبغ )(.1/185اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 4 ] (،4031(، وأبو داود في اللباس، باب: في لبس الشهرة )2/50أخرجه أحمد )  [ 5 ]

(. قال ابن تيمية كما في2/75(، والبيهقي في الشعب )1/267وعبد بن حميد )(: "هذا حديث جيد"، وقال العراقي في تخريج اإلحياء )25/331مجموع الفتاوى )

(، وصححه10/271(: "سنده صحيح"، وحسن إسناده ابن حجر في الفتح )1/342(.104األلباني في حجاب المرأة المسلمة )ص

(.9/234أخرجه البيهقي في السنن الكبرى )  [ 6 ](.271-1/270اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 7 ]

ذم التشبه بالكفار: رابعا: حكمة النهي عن التشبه  الصفحة         عناصر البحث()        الصفحة السابقة           بالكفار:

التالية

: بالكفار: التشبه عن النهي حكمة رابعا ذكر العلماء حكما وأسبابا كثيرة في النهي عن التشبه بالكفار، ومنها ما

يلي:- أن أعمال الكفار مبناها على الضالل والفساد:1

قال ابن تيمية: "إن نفس ما هم عليه من الهدRي والخلق قد يكون مضرا أو منقصا، فينهى عنه، ويؤمر بضده لما فيه من المنفعة والكمال، وليس شيء من أمورهم إال وهو إما مضر أو ناقص، ألن ما بأيديهم من األعمال المبتدعة والمنسوخة ونحوها مضرة، وما بأيديهم مما لم ينسخ أصله فهو

يقبل الزيادة والنقص، فمخالفتهم فيه بأن يشرع ما يحصله على وجهالكمال، وال يتصور أن يكون شيء من أمورهم كامال قط.

فإذا المخالفة لهم فيها منفعة وصالح لنا في كل أمورهم، حتى ما هم عليه من إتقان بعض أمور دنياهم قد يكون مضرا بأمر اآلخرة، أو بما هو

. [ 1 ]أهم منه من أمر الدنيا، فالمخالفة فيه صالح لنا"ق مجانبتهم ومباينتهم والبعد عن2 - أن مخالفة الكفار تحق

أعمالهم: قال ابن تيمية: "إن نفس المخالفة لهم في الهدي الظاهر مصلحة

ومنفعة لعباد الله المؤمنين لما في مخالفتهم من المجانبة والمباينة التي توجب المباعدة عن أعمال أهل الجحيم، وإنما يظهر بعض المصلحة في

ذلك لمن تنور قلبه حتى رأى ما اتصف به المغضوب عليهم والضالون من. [ 2 ]المرض الذي ضرره أشد من ضرر أمراض األبدان"

- أن التشابه يوقع شيئا من المشاكلة:3 قال ابن تيمية: "إن الله تعالى جبل بني آدم, بل سائر المخلوقات على

التفاعل بين الشيئين المتشابهين، وكلما كانت المشابهة أكثر كان التفاعل في األخالق والصفات أتم، حتى يؤول األمر إلى أن ال يتميز

أحدهما عن اآلخر إال بالعين فقط. ولما كان بين اإلنسان وبين اإلنسان مشاركة في الجنس الخاص كان 

التفاعل فيه أشد, ثم بينه وبين سائر الحيوان مشاركة في الجنس المتوسط، فال بد من نوع تفاعل بقدره، ثم بينه وبين النبات مشاركة في الجنس البعيد مثال، فال بد من نوع ما من المفاعلة، وألجل هذا األصل وقع

التأثر والتأثير في بني آدم، واكتساب بعضهم أخالق بعض بالمعاشرةوالمشاكلة...

فالمشابهة والمشاكلة في األمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في. [ 3 ]األمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي"

وقال أيضا: "إن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبا وتشاكال بين المتشابهين، يقود إلى موافقة ما في األخالق واألعمال، وهذا أمر

محسوس، فإن الالبس ثياب أهل العلم يجد من نفسه نوع انضمام إليهم، والالبس لثياب الجند المقاتلة مثال يجد من نفسه نوع تخلق بأخالقهم،

. [ 4 ]ويصير طبعه متقاضيا لذلك، إال أن يمنعه مانع"- تحقيق مبدأ الوالء والبراء:4

قال ابن تيمية: "إن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب االنقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضالل، واالنعطاف على

أهل الهدى والرضوان، وتحقيق ما قطع الله من المواالة بين جنده. [ 5 ]المفلحين وأعدائه الخاسرين"

- تمييز المسلمين عن غيرهم من الكفرة والملحدين:5 قال ابن تيمية: "إن مشاركتهم في الهدي الظاهر توجب االختالط

الظاهر، حتى يرتفع التميز ظاهرا بين المهديين المرضيين وبين المغضوب. [ 6 ]عليهم والضالين"

(.1/198اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 1 ](.198-1/197اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 2 ](.548-1/547اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 3 ](.1/93اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 4 ](.1/93اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 5 ](.1/94اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 6 ]

الصفحة            ذم التشبه بالكفار: خامسا: أحكام التشبه بالكفار:  الصفحة التالية         عناصر البحث()        السابقة

: بالكفار: التشبه أحكام خامسا قال ابن عثيمين: "الذي يفعله أعداء الله وأعداؤنا وهم الكفار ينقسم إلى ثالثة أقسام: القسم األول: عبادات، القسم الثاني: عادات، القسم

الثالث: صناعات وأعمال. أما العبادات فمن المعلوم أنه ال يجوز ألي مسلم أن يتشبه بهم في

عباداتهم, ومن تشبه بهم في عباداتهم فإنه على خطر عظيم, فقد يكونذلك مؤديا إلى كفره وخروجه من اإلسالم.

وأما العادات كاللباس وغيره فإنه يحرم أن يتشبه بهم لقول النبي صلى. [ 1 ]))من تشبه بقوم فهو منهم(( الله عليه وسلم:

وأما الصناعات والحرف التي فيها مصالح عامة فال حرج أن نتعلم مما صنعوه ونستفيد منه، وليس هذا من باب التشبه، ولكنه من باب المشاركة

. [ 2 ]في األعمال النافعة التي ال يعد من قام بها متشبها بهم" "إن أحكام التشبه على جهة التفصيل ال يمكن استقراؤها، ألن كل حالة من أحوال التشبه لها حكم يعرض على النصوص وعلى قواعد الشرع من قبل أهل العلم والفقه في الدين, ولكن هناك بعض األحكام العامة التي تنتظم جميع أنواع التشبه في الجملة، ال على جهة التفصيل، على النحو

التالي: أوال: من أنواع التشبه بالكافرين ما هو شرك أو كفر، كالتشبه في

العقائد، والتشبه في بعض العبادات، وكالتشبه باليهود والنصارى والمجوس في األمور المخلة بالتوحيد والعقيدة، كالتعطيل واإللحاد

والحلول, وتقديس األشخاص من األنبياء والصالحين وعبادتهم ودعائهم من دون الله، وكتحكيم الشرائع والنظم البشرية، كل ذلك إما شرك وإما

كفر. ثانيا: من التشبه ما هو معصية وفسق، كتقليد الكفار في بعض العادات، كاألكل باليد الشمال، والشرب بها، والتختم بالذهب، والتحلي به للرجال،وحلق اللحى، وتشبه النساء بالرجال، وتشبه الرجال بالنساء، ونحو ذلك.

ثالثا: ما هو مكروه، وهو ما تردد الحكم فيه بين اإلباحة والتحريم، على سبيل عدم الوضوح في الحكم، أعني أنه قد تتردد بعض أنماط السلوكعا لوقوع Rوالعادات واألشياء الدنيوية بين الكراهة وبين اإلباحة، فهذا دف

المسلمين في التشبه، يبقى حكمه مكروها. رابعا: ما هو مباح، وهو ما ليس من خصائصهم من أمور الدنيا، أي: ليس

فيه سمة تخصهم وتميزهم عن المسلمين الصالحين، وما ال يجر إلى مفسدة كبرى على المسلمين أو إلى منفعة للكفار تؤدي إلى الصغار

للمسلمين، ونحو ذلك. ومن المباح: اإلنتاج المادي البحت والعلوم الدنيوية. [ 3 ]البحتة"

(،4031(، وأبو داود في اللباس، باب: في لبس الشهرة )2/50أخرجه أحمد )  [ 1 ] ( من حديث ابن عمر رضي2/75(، والبيهقي في الشعب )1/267وعبد بن حميد )

(: "هذا حديث جيد"،25/331الله عنهما. قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى ) (: "سنده صحيح"، وحسن إسناده ابن حجر1/342وقال العراقي في تخريج اإلحياء )

(.104(، وصححه األلباني في حجاب المرأة المسلمة )ص10/271في الفتح )(.3/40مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين )  [ 2 ](.23-20رسالة )من تشبه بقوم فهو منهم( )ص   [ 3 ]

       الصفحة السابقة            ذم التشبه بالكفار: سادسا: ضوابط وقواعد: الصفحة التالية         عناصر البحث()

: وقواعد: ضوابط سادسا لكي تكون مسألة التشبه بالكفار واضحة جلية لجميع الناس ذكر العلماء

جملة من الضوابط والقواعد الشرعية من خالل استعراض األدلة من القرآن الكريم ثم من السنة النبوية الصحيحة الواردة في النهي عن تشبه

المسلمين بالكفار، وإجماع المسلمين في العصور الفاضلة على ذلك,ومن تلكم الضوابط والقواعد ما يلي:

أوال: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر وهو الصادق المصدوق أنهذه األمة ال بد أن تتبع سنن من كان قبلها من األمم األخرى.

فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ))لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع، حتى لو قال:

قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ ،دخلوا جحر ضب تبعتموهم((. [ 1 ]))فمن؟!(( قال:

قال ابن حجر: "والذي يظهر أن التخصيص إنما وقع لجحر الضب لشدة ضيقه ورداءته، ومع ذلك فإنهم القتفائهم آثارهم واتباعهم طرائقهم لو

. [ 2 ]دخلوا في مثل هذا الضيق الرديء لتبعوهم" وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم

))ال تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر قال: ))ومن ، فقيل: يا رسول الله، كفارس والروم؟ فقال:وذراعا بذراع((

. [ 3 ]الناس إال أولئك؟!(( قال ابن تيمية: "فأخبر أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى

. [ 4 ]وهم أهل الكتاب، ومضاهاة لفارس والروم وهم األعاجم" قال ابن بطال: "أعلم صلى الله عليه وسلم أن أمته ستتبع المحدثات من األمور والبدع واألهواء كما وقع لألمم قبلهم، وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن اآلخر شر، والساعة ال تقوم إال على شرار الناس، وأن الدين

. [ 5 ]إنما يبقى قائما عند خاصة من الناس" قال ابن حجر: "وقد وقع معظم ما أنذر به صلى الله عليه وسلم،

. [ 6 ]وسيقع بقية ذلك" ثانيا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن طائفة من أمته

ستبقى مستمسكة بالحق. فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه 

))ال تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، ال يضرهم من وسلم: ، وفي حديث معاوية رضي الله [ 7 ]خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك((

. [ 8 ]))ال يضرهم من خذلهم أو خالفهم(( عنه: قال ابن تيمية: "أخبر أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى

وهم أهل الكتاب، ومضاهاة لفارس والروم وهم األعاجم. وقد كان صلى الله عليه وسلم ينهى عن التشبه بهؤالء وهؤالء، وليس هذا إخبارا عن

جميع األمة, ]وقد[ علم بخبره الصادق أن في أمته قوم مستمسكون بهديه الذي هو دين اإلسالم محضا, وقوم منحرفون إلى شعبة من شعب اليهود،

أو شعبة من شعب النصارى، وإن كان الرجل ال يكفر بكل انحراف، بل وقد ال يفسق أيضا، بل قد يكون االنحراف كفرا، وقد يكون فسقا، وقد يكون

. [ 9 ]معصية، وقد يكون خطأ" "وهذه القواعد ال يمكن أن ينفصل بعضها عن بعض عند النظر في

مسائل التشبه، ألنا لو فصلنا هذه النصوص بعضها عن بعض لتوهم بعض الناس أن المسلمين كلهم سيقعون في التشبه، وهذا ال يمكن أبدا؛ ألن

هذا يناقض حفظ الدين، والله تعالى تكفل بحفظه، وألن هذا يناقض إخباره صلى الله عليه وسلم بأن في أمته طائفة ستبقى على الحق

ولم ))ستبقى طائفة(( ظاهرة، كما أنا لو أخذنا بهذا الحديث اآلخر وهو: لتوهم بعض ))لتتبعن سنن من كان قبلكم(( نأخذ بالحديث األول وهو:

الناس أن هذه األمة معصومة من الوقوع في التشبه بالكافرين. واألمر ليس بهذا وال بذاك، إنما ستبقى األمة األوسط أهل السنة والجماعة، هم الذين على السنة ال يتشبهون. والفرق األخرى التي

افترقت عن أهل السنة والجماعة إنما افتراقها صار بوقوعها في التشبه, فما من طائفة من طوائف األمة خرجت عن السنة إال وقعت في شيء

. [ 10 ]من سنن األمم الهالكة"

ثالثا: ال يكون التشبه بالكفار إال بفعل ما اختصوا به من دينهم أو منعاداتهم.

قال ابن عثيمين: "مقياس التشبه أن يفعل المتشبه ما يختص به المتشبه به. فالتشبه بالكفار أن يفعل المسلم شيئا من خصائصهم، أما ما

انتشر بين المسلمين وصار ال يتميز به الكفار فإنه ال يكون تشبها، فاليكون حراما من أجل أنه تشبه، إال أن يكون محرما من جهة أخرى.

وهذا الذي قلناه هو مقتضى مدلول هذه الكلمة، وقد صرح بمثله صاحبنس ألنه كان1/272الفتح حيث قال ) Rوقد كره بعض السلف لبس البر :)

من لباس الرهبان، وقد سئل مالك عنه فقال: ال بأس به، قيل: فإنه من لبوس النصارى! قال: كان يلبس ها هن�ا. اه�. قلت: لو استدل مالك بقول

))ال يلبسالنبي صلى الله عليه وسلم حين سئل: ما يلبس المحرم؟ فقال:لكان أولى.  [ 11 ]الحديث القميص، وال السراويل، وال البرانس((

( أيضا: وإن قلنا: النهي عنها � أي: عن المياثر1/307وفي الفتح ) األرجوان � من أجل التشبه باألعاجم فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك

شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يصر اآلن يختص بشعارهم زال ذلك. [ 12 ]المعنى، فتزول الكراهة والله أعلم. اه�"

رابعا: إن جنس المخالفة للكافرين واألعاجم ونحوهم أمر مقصود للشارع، وإن التشبه بهم منهي عنه في الجملة في عامة أمورهم الدينية

. [ 13 ]والدنيوية خامسا: أن هناك أمورا خصت بالنهي، ووردت بها السنة بعينها، كالبناء

على القبور واتخاذها مساجد، وحلق اللحى وإعفاء الشوارب، واألكلوالشرب بالشمال، ونحو ذلك.

سادسا: أن مخالفتهم في عامة أمورهم أصلح لنا � نحن المسلمين � فيدنيانا وآخرتنا.

سابعا: أنه ليس شيء من أمور الكفار، في دينهم ودنياهم إال وهو إما فاسد وإما ناقص في عاقبته، حتى ما هم عليه من إتقان أمور دنياهم قد

يكون اتباعنا لهم فيه مضرا؛ إما بدنيانا وآخرتنا أو أحدهما وإن لم ندرك. [ 14 ]ذلك

ثامنا: كل ما يفعله المشركون من العبادات ونحوها مما يكون كفرا أو معصية ينهى المؤمنون عن ظاهره، وإن لم يقصدوا به قصد المشركين

سدا للذريعة وحسما للمادة.تاسعا: ال تشبه فيما اتفقت عليه الملل.

عاشرا: ما كان منهيا عنه للذريعة فإنه يفعل ألجل المصلحة الراجحة. حادي عشر: كل فعل يفعله المسلم تشبها بالكفار أو يؤدي إلى التشبه

بهم فال يعان عليه.. [ 15 ]ثاني عشر: كل تشبه تضمن تدليسا فهو محرم

ثالث عشر: يجب التفريق بين التشبه بالكفار والشياطين وبين التشبهباألعراب واألعاجم.

قال ابن تيمية: "واعلم أن بين التشبه بالكفار والشياطين وبين التشبه باألعراب واألعاجم فرقا يجب اعتباره، وإجماال يحتاج إلى تفسير، وذلك أن

نفس الكفر والتشيطن مذموم في حكم الله ورسوله وعباده المؤمنين،

ونفس األعرابية واألعجمية ليست مذمومة في نفسها عند الله تعالى. [ 16 ]وعند رسوله وعند عباده المؤمنين"

(،3456أخرجه البخاري في أحاديث األنبياء, باب: ما ذكر عن بني إسرائيل )  [ 1 ](.2669ومسلم في العلم, باب: اتباع سنن اليهود والنصارى )

(.6/574فتح الباري )  [ 2 ] أخرجه البخاري في االعتصام بالكتاب والسنة, باب: قول النبي صلى الله عليه  [ 3 ]

(.7319) ))لتتبعن..(( وسلم:(.1/81اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 4 ](.13/314انظر: فتح الباري )  [ 5 ](.13/314فتح الباري )  [ 6 ] ))ال تزال أخرجه مسلم في اإلمارة, باب: قوله صلى الله عليه وسلم:  [ 7 ]

(.1920) طائفة...(( أخرجه البخاري في المناقب, باب: سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله  [ 8 ]

(, ومسلم في اإلمارة, باب: قوله3641عليه وسلم آية فأراهم انشقاق القمر )(.1037) ))ال تزال طائفة...(( صلى الله عليه وسلم:

(.1/83اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 9 ](.16رسالة )من تشبه بقوم فهو منهم( )ص   [ 10 ] ( عن ابن عمر1177(, ومسلم في الحج )134أخرجه البخاري في العلم )  [ 11 ]

رضي الله عنهما.(.48-3/47مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين )  [ 12 ](.473، 1/196اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 13 ] (، ذكرها الدكتور ناصر العقل في مقدمة تحقيقه لكتاب7-4القواعد من )  [ 14 ]

(.50-1/49اقتضاء الصراط المستقي�م ) ( ذكرها جميل اللويحق المطيري في كتابه التشبه المنهي12-8القواعد من )  [ 15 ]

عنه في الفقه اإلسالمي.( وما بعدها باختصار.1/410اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 16 ]

       الصفحة السابقة            ذم التشبه بالكفار: سادسا: ضوابط وقواعد: الصفحة التالية         عناصر البحث()

: وقواعد: ضوابط سادسا لكي تكون مسألة التشبه بالكفار واضحة جلية لجميع الناس ذكر العلماء

جملة من الضوابط والقواعد الشرعية من خالل استعراض األدلة من القرآن الكريم ثم من السنة النبوية الصحيحة الواردة في النهي عن تشبه

المسلمين بالكفار، وإجماع المسلمين في العصور الفاضلة على ذلك,ومن تلكم الضوابط والقواعد ما يلي:

أوال: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر وهو الصادق المصدوق أنهذه األمة ال بد أن تتبع سنن من كان قبلها من األمم األخرى.

فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ))لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع، حتى لو قال:

قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ ،دخلوا جحر ضب تبعتموهم((. [ 1 ]))فمن؟!(( قال:

قال ابن حجر: "والذي يظهر أن التخصيص إنما وقع لجحر الضب لشدة ضيقه ورداءته، ومع ذلك فإنهم القتفائهم آثارهم واتباعهم طرائقهم لو

. [ 2 ]دخلوا في مثل هذا الضيق الرديء لتبعوهم" وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم

))ال تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبرا بشبر قال: ))ومن ، فقيل: يا رسول الله، كفارس والروم؟ فقال:وذراعا بذراع((

. [ 3 ]الناس إال أولئك؟!(( قال ابن تيمية: "فأخبر أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى

. [ 4 ]وهم أهل الكتاب، ومضاهاة لفارس والروم وهم األعاجم" قال ابن بطال: "أعلم صلى الله عليه وسلم أن أمته ستتبع المحدثات من األمور والبدع واألهواء كما وقع لألمم قبلهم، وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن اآلخر شر، والساعة ال تقوم إال على شرار الناس، وأن الدين

. [ 5 ]إنما يبقى قائما عند خاصة من الناس" قال ابن حجر: "وقد وقع معظم ما أنذر به صلى الله عليه وسلم،

. [ 6 ]وسيقع بقية ذلك" ثانيا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن طائفة من أمته

ستبقى مستمسكة بالحق. فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه 

))ال تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، ال يضرهم من وسلم: ، وفي حديث معاوية رضي الله [ 7 ]خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك((

. [ 8 ]))ال يضرهم من خذلهم أو خالفهم(( عنه: قال ابن تيمية: "أخبر أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصارى

وهم أهل الكتاب، ومضاهاة لفارس والروم وهم األعاجم. وقد كان صلى الله عليه وسلم ينهى عن التشبه بهؤالء وهؤالء، وليس هذا إخبارا عن

جميع األمة, ]وقد[ علم بخبره الصادق أن في أمته قوم مستمسكون بهديه الذي هو دين اإلسالم محضا, وقوم منحرفون إلى شعبة من شعب اليهود،

أو شعبة من شعب النصارى، وإن كان الرجل ال يكفر بكل انحراف، بل وقد ال يفسق أيضا، بل قد يكون االنحراف كفرا، وقد يكون فسقا، وقد يكون

. [ 9 ]معصية، وقد يكون خطأ" "وهذه القواعد ال يمكن أن ينفصل بعضها عن بعض عند النظر في

مسائل التشبه، ألنا لو فصلنا هذه النصوص بعضها عن بعض لتوهم بعض الناس أن المسلمين كلهم سيقعون في التشبه، وهذا ال يمكن أبدا؛ ألن

هذا يناقض حفظ الدين، والله تعالى تكفل بحفظه، وألن هذا يناقض إخباره صلى الله عليه وسلم بأن في أمته طائفة ستبقى على الحق

ولم ))ستبقى طائفة(( ظاهرة، كما أنا لو أخذنا بهذا الحديث اآلخر وهو: لتوهم بعض ))لتتبعن سنن من كان قبلكم(( نأخذ بالحديث األول وهو:

الناس أن هذه األمة معصومة من الوقوع في التشبه بالكافرين. واألمر ليس بهذا وال بذاك، إنما ستبقى األمة األوسط أهل السنة

والجماعة، هم الذين على السنة ال يتشبهون. والفرق األخرى التي افترقت عن أهل السنة والجماعة إنما افتراقها صار بوقوعها في التشبه,

فما من طائفة من طوائف األمة خرجت عن السنة إال وقعت في شيء. [ 10 ]من سنن األمم الهالكة"

ثالثا: ال يكون التشبه بالكفار إال بفعل ما اختصوا به من دينهم أو منعاداتهم.

قال ابن عثيمين: "مقياس التشبه أن يفعل المتشبه ما يختص به المتشبه به. فالتشبه بالكفار أن يفعل المسلم شيئا من خصائصهم، أما ما

انتشر بين المسلمين وصار ال يتميز به الكفار فإنه ال يكون تشبها، فاليكون حراما من أجل أنه تشبه، إال أن يكون محرما من جهة أخرى.

وهذا الذي قلناه هو مقتضى مدلول هذه الكلمة، وقد صرح بمثله صاحبنس ألنه كان1/272الفتح حيث قال ) Rوقد كره بعض السلف لبس البر :)

من لباس الرهبان، وقد سئل مالك عنه فقال: ال بأس به، قيل: فإنه من لبوس النصارى! قال: كان يلبس ها هن�ا. اه�. قلت: لو استدل مالك بقول

))ال يلبسالنبي صلى الله عليه وسلم حين سئل: ما يلبس المحرم؟ فقال:لكان أولى.  [ 11 ]الحديث القميص، وال السراويل، وال البرانس((

( أيضا: وإن قلنا: النهي عنها � أي: عن المياثر1/307وفي الفتح ) األرجوان � من أجل التشبه باألعاجم فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك

شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يصر اآلن يختص بشعارهم زال ذلك. [ 12 ]المعنى، فتزول الكراهة والله أعلم. اه�"

رابعا: إن جنس المخالفة للكافرين واألعاجم ونحوهم أمر مقصود للشارع، وإن التشبه بهم منهي عنه في الجملة في عامة أمورهم الدينية

. [ 13 ]والدنيوية خامسا: أن هناك أمورا خصت بالنهي، ووردت بها السنة بعينها، كالبناء

على القبور واتخاذها مساجد، وحلق اللحى وإعفاء الشوارب، واألكلوالشرب بالشمال، ونحو ذلك.

سادسا: أن مخالفتهم في عامة أمورهم أصلح لنا � نحن المسلمين � فيدنيانا وآخرتنا.

سابعا: أنه ليس شيء من أمور الكفار، في دينهم ودنياهم إال وهو إما فاسد وإما ناقص في عاقبته، حتى ما هم عليه من إتقان أمور دنياهم قد

يكون اتباعنا لهم فيه مضرا؛ إما بدنيانا وآخرتنا أو أحدهما وإن لم ندرك. [ 14 ]ذلك

ثامنا: كل ما يفعله المشركون من العبادات ونحوها مما يكون كفرا أو معصية ينهى المؤمنون عن ظاهره، وإن لم يقصدوا به قصد المشركين

سدا للذريعة وحسما للمادة.تاسعا: ال تشبه فيما اتفقت عليه الملل.

عاشرا: ما كان منهيا عنه للذريعة فإنه يفعل ألجل المصلحة الراجحة. حادي عشر: كل فعل يفعله المسلم تشبها بالكفار أو يؤدي إلى التشبه

بهم فال يعان عليه.. [ 15 ]ثاني عشر: كل تشبه تضمن تدليسا فهو محرم

ثالث عشر: يجب التفريق بين التشبه بالكفار والشياطين وبين التشبه

باألعراب واألعاجم. قال ابن تيمية: "واعلم أن بين التشبه بالكفار والشياطين وبين التشبه

باألعراب واألعاجم فرقا يجب اعتباره، وإجماال يحتاج إلى تفسير، وذلك أن نفس الكفر والتشيطن مذموم في حكم الله ورسوله وعباده المؤمنين،

ونفس األعرابية واألعجمية ليست مذمومة في نفسها عند الله تعالى. [ 16 ]وعند رسوله وعند عباده المؤمنين"

(،3456أخرجه البخاري في أحاديث األنبياء, باب: ما ذكر عن بني إسرائيل )  [ 1 ](.2669ومسلم في العلم, باب: اتباع سنن اليهود والنصارى )

(.6/574فتح الباري )  [ 2 ] أخرجه البخاري في االعتصام بالكتاب والسنة, باب: قول النبي صلى الله عليه  [ 3 ]

(.7319) ))لتتبعن..(( وسلم:(.1/81اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 4 ](.13/314انظر: فتح الباري )  [ 5 ](.13/314فتح الباري )  [ 6 ] ))ال تزال أخرجه مسلم في اإلمارة, باب: قوله صلى الله عليه وسلم:  [ 7 ]

(.1920) طائفة...(( أخرجه البخاري في المناقب, باب: سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله  [ 8 ]

(, ومسلم في اإلمارة, باب: قوله3641عليه وسلم آية فأراهم انشقاق القمر )(.1037) ))ال تزال طائفة...(( صلى الله عليه وسلم:

(.1/83اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 9 ](.16رسالة )من تشبه بقوم فهو منهم( )ص   [ 10 ] ( عن ابن عمر1177(, ومسلم في الحج )134أخرجه البخاري في العلم )  [ 11 ]

رضي الله عنهما.(.48-3/47مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين )  [ 12 ](.473، 1/196اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 13 ] (، ذكرها الدكتور ناصر العقل في مقدمة تحقيقه لكتاب7-4القواعد من )  [ 14 ]

(.50-1/49اقتضاء الصراط المستقي�م ) ( ذكرها جميل اللويحق المطيري في كتابه التشبه المنهي12-8القواعد من )  [ 15 ]

عنه في الفقه اإلسالمي.( وما بعدها باختصار.1/410اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 16 ]

سابعا: األمور التي ورد النهي فيها عن التشبه ذم التشبه بالكفار: الصفحة التالية         عناصر البحث()        الصفحة السابقة        بالكفار:

: بالكفار: التشبه عن فيها النهي ورد التي األمور سابعا األمور التي ورد النهي عن التشبه بالكفار فيها يمكن حصرها في أنواع

أربعة:: : العقائد األول النوع

وهي أخطر أمور التشبه, والتشبه بهم فيها كفر أو شرك.

ومن أمثلة التشبه في هذا المجال:- صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله تعالى.

- ادعاء النبوة. - ادعاء أبوة الله سبحانه ألحد من خلقه، كما قالت النصارى: المسيح

ابن الله، وكما قالت اليهود: العزير ابن الله. تعالى الله عما يقولون علواكبيرا.

وما يتفرع عن ذلك من أمور كفرية أو شركية، فإن هذا من األمور. [ 1 ]العقائدية

عن جندب رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل ))إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل, أن يموت بخمس وهو يقول:

فإن الله تعالى قد اتخذني خليال، كما اتخذ إبراهيم خليال، ولو كنت متخذا من أمتي خليال التخذت أبا بكر خليال، أال وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون

قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، أال فال تتخذوا القبور مساجد، إني. [ 2 ]أنهاكم عن ذلك((

وعن معاوية رضي الله عنه قال: )إن تسوية القبور من السنن، وقد. [ 3 ]رفعت اليهود والنصارى فال تتشبهوا بهم(

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه. [ 4 ]))لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد(( وسلم:

: : العبادات الثاني النوع وقد ورد في السنة النبوية على جهة التفصيل نصوص كثيرة في النهي

عن التشبه بالكافرين في العبادات، ومنها:- في باب الطهارة:1

عن أنس رضي الله عنه أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه

�ئلونك عن وسلم النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: Rويس{ لRمحيض{ لنساء في R عRتزلوا ٱلRمحيض قلR هو أذى ف ٱ ٱ إلى آخر اآلية ]البقرة: ٱ

،))اصنعوا كل شيء إال النكاح(( [، فقال رسول صلى الله عليه وسلم:222 فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إال

خالفنا فيه. فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقاال: يا رسول الله، إن؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله اليهود تقول: كذا وكذا، فال نجامعهن عليه وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلهما هدية من

لبن إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل في آثارهما، فسقاهما،. [ 5 ]فعرفا أن لم يجد عليهما

قال ابن تيمية: "فهذا الحديث يدل على كثرة ما شرعه الله لنبيه من مخالفة اليهود، بل على أنه خالفهم في عامة أمورهم، حتى قالوا: ما يريد

أن يدع من أمرنا شيئا إال خالفنا فيه, ثم إن المخالفة كما سنبينه تارةتكون في أصل الحكم، وتارة في وصفه.

ومجانبة الحائض لم يخالفوا في أصله، بل خولفوا في وصفه، حيث شرع الله مقاربة الحائض في غير محل األذى، فلما أراد بعض الصحابة أن

يعتدي في المخالفة إلى ترك ما شرعه الله تغير وجه رسول الله صلىالله عليه وسلم.

وهذا الباب � أي: باب الطهارة � كان على اليهود فيه أغالل عظيمة، فابتدع النصارى ترك ذلك كله، حتى أنهم ال ينجسون شيئا بال شرع من

الله، فهدى الله األمة الوسط بما شرعه لها إلى وسط من ذلك، وإن كان ما كان عليه اليهود كان أيضا مشروعا، فاجتناب ما لم يشرع الله اجتنابه

مقاربة لليهود، ومالبسة ما شرع الله اجتنابه مقاربة للنصارى، وخير. [ 6 ]الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم"

- في باب األذان والصالة:2أ- مخالفة أهل الكتاب في طريقة النداء للصالة:

عن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصالة, ليس ينادى لها، فتكلموا يوما في ذلك،

فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقا مثل قرن اليهود، فقال عمر: أوال تبعثون رجال ينادي بالصالة؟! فقال

. [ 7 ]))يا بالل، قم فناد بالصالة(( رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجاء تعليل انصرافه صلى الله عليه وسلم عن البوق والناقوس لكونهما

من أمر اليهود والنصارى في حديث أبي عمير بن أنس عن عمومة له من األنصار قال: اهتم النبي صلى الله عليه وسلم للصالة كيف يجمع الناس

لها، فقيل له: انصب راية عند حضور الصالة فإذا رأوها آذن بعضهم بعضا،بور � فلم يعجبه ذلك،  [ 8 ]فلم يعجبه ذلك، قال: فذكر له القنRع � يعني الش

))هو من ، قال: فذكر له الناقوس، فقال:))هو من أمر اليهود(( وقال: ، فانصرف عبد الله بن زيد وهو مهتم لهم رسول الله صلىأمر النصارى((

الله عليه وسلم، فأري األذان في منامه، قال فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: يا رسول الله، إني لبين نائم ويقظان، إذ

))يا أتاني آت فأراني األذان... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:]، قال: فأذن باللبالل، قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله((

9 ] . قال ابن تيمية: "إن النبي صلى الله عليه وسلم لما كره بوق اليهود المنفوخ بالفم وناقوس النصارى المضروب باليد علل هذا بأنه من أمر اليهود، وعلل هذا بأنه من أمر النصارى، ألن ذكر الوصف عقيب الحكم

يدل على أنه علة له، وهذا يقتضي كراهية هذا النوع من األصوات مطلقا في غير الصالة أيضا ألنه من أمر اليهود والنصارى، فإن النصارى يضربون

بالنواقيس في أوقات متعددة غير أوقات عباداتهم. وإنما شعار الدين الحنيف األذان المتضمن لإلعالن بذكر الله، الذي به تفتح أبواب السماء،

. [ 10 ]فتهرب الشياطين، وتنزل الرحمة"ب- مخالفة اليهود في استقبال القبلة:

عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا، وكان

رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إلى الكعبة، فأنزلماء{ الله: لس هك في Rنرى تقلب وج R[، فتوجه نحو144]البقرة: ٱ}قد

}ما ول�همR عن قبRلتهم الكعبة، وقال السفهاء من الناس � وهم اليهود �:دي من يشآء إلى صرط Rرب يهRمغRل رق و RمشRل R عليRها قل لله ٱلتي كانوا ٱ ٱ

تقيم{ R[، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم رجل، ثم142]البقرة: مس خرج بعدما صلى فمر على قوم من األنصار في صالة العصر نحو بيت

المقدس، فقال: هو يشهد أنه صل�ى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم،

. [ 11 ]وأنه توجه نحو الكعبة، فتحرف القوم حتى توجهوا نحو الكعبة قال مجاهد: "قالت اليهود: يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا, فكان يدعو الله

ماء جل ثناؤه، ويستفرض القبلة، فنزلت: لس هك في Rنرى تقلب وج Rٱ}قد لRحرام{ جد RمسRل هك شطRر Rضاها فول وج Rلة ترRٱفلنولينك قب [،144]البقرة: ٱ

وانقطع قول يهود: يخالفنا ويتبع قبلتنا! في صالة الظهر، فجعل الرجال. [ 12 ]مكان النساء، والنساء مكان الرجال"

ج- النهي عن قيام المأمومين واإلمام قاعد: عن جابر رضي الله عنه قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلممع الناس تكبيره، فالتفت إلينا فرآنا Rفصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يس

))إن قياما، فأشار إلينا فقعدنا، فصلينا بصالته قعودا، فلما سلم قال: كدتم آنفا لتفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود،

فال تفعلوا، ائتموا بأئمتكم، إن صلى قائما فصلوا قياما، وإن صلى قاعدا. [ 13 ]فصلوا قعودا((

د- األمر بالصالة في النعال لمخالفة أهل الكتاب: عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه

. [ 14 ]))خالفوا اليهود، فإنهم ال يصلون في نعالهم وال خفافهم(( وسلم: قال األلباني: "فأمر صلى الله عليه وسلم بمخالفة اليهود مطلقا، فهو

دليل على أن جنس المخالفة أمر مقصود للشارع، ثم خص بالذكر مخالفتهم بالصالة في النعال والخفاف، وليس ذلك من قبيل تخصيص

. [ 15 ]العام أو تقييد المطلق، بل هو من قبيل ذكر بعض أفراد العام"- في باب الصيام:3

أ- الترغيب في السحور: عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

. [ 16 ]))فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر(( قال: قال النووي: "معناه: الفارق والمميز بين صيامنا وصيامهم السحور،

. [ 17 ]فإنهم ال يتسحرون, ونحن يستحب لنا السحور"ب- الترغيب في تعجيل الفطر مخالفة ألهل الكتاب:

))ال عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:]يزال الدين ظاهرا ما عجل الناس الفطر، ألن اليهود والنصارى يؤخرون((

18 ] . قال الطيبي: "في هذا التعليل دليل على أن قوام الدين الحنيفي على

. [ 19 ]مخالفة األعداء من أهل الكتاب، وأن في موافقتهم تلفا للدين" وقال ابن تيمية: "وهذا نص في أن ظهور الدين الحاصل بتعجيل الفطر

ألجل مخالفة اليهود والنصارى, وإذا كان مخالفتهم سببا لظهور الدين فإنما المقصود بإرسال الرسل أن يظهر دين الله على الدين كله، فيكون

. [ 20 ]نفس مخالفتهم من أكبر مقاصد البعثة"ج- النهي عن الوصال في الصوم لمخالفة النصارى:

عن ليلى امرأة بشير بن الخصاصية رضي الله عنهما قالت: أردت أن أصوم يومين مواصلة، فنهاني عنه بشير، وقال: إن رسول الله صلى الله

))إنما يفعل ذلك النصارى، صوموا كما عليه وسلم نهاني عن ذلك، وقال:لصيام إلى أمركم الله، وأتموا الصوم كما أمركم الله: R وا ٱ}أتم

. [ 21 ]، فإذا كان الليل فأفطروا(([187]البقرة: ٱليRل{د- مخالفة اليهود والنصارى في صوم يوم عاشوراء:

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه

يوم تعظمه اليهود والنصارى! فقال رسول الله صلى الله عليه ، قال:))فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع(( وسلم:

. [ 22 ]فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النووي: "ولعل السبب في صوم التاسع مع العاشر أن ال يتشبه

. [ 23 ]باليهود في إفراد العاشر، وفي الحديث إشارة إلى هذا" وقد جاء التصريح بمخالفة أهل الكتاب كما في حديث آخر عن ابن

عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه ))صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا فيه اليهود، وصوموا قبله يوما، أو وسلم:

. [ 24 ]بعده يوما(( قال ابن تيمية: "فتدبر هذا, يوم عاشوراء يوم فاضل، يكفر سنة ماضية،

صامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر بصيامه ورغب فيه، ثم لما قيل له قبيل وفاته: إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى! أمر بمخالفتهم

بضم يوم آخر إليه، وعزم على ذلك, ولهذا استحب العلماء � منهم اإلمام أحمد � أن يصوم تاسوعاء وعاشوراء، وبذلك عللت الصحابة رضي الله

. [ 25 ]عنهم"- في باب الحج:4

ومن ذلك مخالفتهم في الوقوف بعرفة والمزدلفة والدفع منهما. فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن المشركين كانوا ال

, وكانوا [ 27 ]حتى تشرق الشمس على ثبير  [ 26 ]يفيضون من جمRع يقولون: أشرق ثبير. كيRما نغير، فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم

. [ 28 ]فدفع قبل أن تطلع الشمس- في باب األعياد واالحتفاالت والمهرجانات:5

جاءت نصوص كثيرة تدل على عدم جواز موافقتهم في أعيادهم، ومنها:R قوله تعالى: وا R باللغRو مر وا ور وإذا مر هدون الز Rلذين ال يش ٱ}و

[.72]الفرقان: كراما{ قال ابن عباس وأبو العالية وطاوس وابن سيرين والضحاك والربيع بن

. [ 29 ]أنس وغيرهم: الزور أعياد المشركين وعن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم

قالوا: كنا ))ما هذان اليومان؟(( المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ))إن نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

. [ 30 ]الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما: يوم األضحى، ويوم الفطر(( قال ابن تيمية: "فوجه الداللة: أن العيدين الجاهليين لم يقرهما رسول

الله صلى الله عليه وسلم وال تركهم يلعبون فيهما على العادة، بل ، واإلبدال من الشيء))إن الله قد أبدلكم بهما يومين آخرين(( قال:

يقتضي ترك المبدل منه، إذ ال يجمع بين البدل والمبدل منه، ولهذا ال }أفتتخذونه تستعمل هذه العبارة إال فيما ترك اجتماعهما كقوله سبحانه:

لياء من دوني وهمR لكمR عدو بئRس للظ�لمين بدال{ R[.50]الكهف: وذريته أو

))إن الله قد أبدلكم بهما خيرا فقوله صلى الله عليه وسلم: يقتضي ))خيرا منهما((يقتضي ترك الجمع بينهما, ال سيما وقوله: منهما((

. [ 31 ]االعتياض بما شرع لنا عما كان في الجاهلية" وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: )ال تعلموا رطانة األعاجم،

وال تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنزل. [ 32 ]عليهم(

قال الذهبي: "قال العلماء: ومن مواالة الكفار التشبه بهم وإظهار أعيادهم، وهم مأمورون بإخفائها في بالد المسلمين، فإذا فعلها المسلم معهم فقد أعانهم على إظهارها, وهذا منكر وبدعة في دين اإلسالم، وال يفعل ذلك إال كل قليل الدين واإليمان، ويدخل في قول النبي صلى الله

. [ 34 ] " [ 33 ]))من تشبه بقوم فهو منهم(( عليه وسلم:: : والعادات األخالق الثالث النوع

وردت نصوص في الكتاب والسنة تنهى المسلمين عن التشبه بالكفارفي أخالقهم وعاداتهم، من ذلك:

أ- الحسد:لRكت�ب لوR يردونكم من بعRد إيم�نكمR قال الله تعالى: ل Rأه Rٱ}ود كثير من

لRحق{ ارا حسدا منR عنRد أنRفسهمR من بعRد ما تبين لهم [.109]البقرة: ٱكف قال ابن تيمية: "فذم اليهود على ما حسدوا المؤمنين على الهدى

والعلم، وقد يبRتلى بعض المنتسبين إلى العلم وغيرهم بنوع من الحسد لمن هداه الله بعلم نافع أو عمل صالح، وهو خلق مذموم مطلقا، وهو في

. [ 35 ]هذا الموضع من أخالق المغضوب عليهم" وعن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله

]الحديث ))دب إليكم داء األمم قبلكم: الحسد والبغضاء...(( عليه وسلم:36 ] .

ب- النهي عن التشبه بالمشركين في دعوى الجاهلية: عن جابر رضي الله عنه قال: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا، وكان من المهاجرين رجل لعاب

أنصاريا، فغضب األنصاري غضبا شديدا حتى تداعوا، وقال  [ 37 ]فكسع األنصاري: يا لألنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فخرج النبي صلى

))ما ثم قال: ))ما بال دعوى الجاهلية؟(( الله عليه وسلم فقال: فأخبر بكسعة المهاجري األنصاري، قال: فقال النبي صلى الله شأنهم؟((

. [ 38 ]))دعوها فإنها منتنة(( عليه وسلم:ج- اللباس والزينة:

لRج�هلية قال الله تعالى: ج ن تبر Rج ن فى بيوتكن وال تبر Rٱ}وقر [.33]األحزاب: ٱألولى{

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه. [ 39 ]))إن اليهود والنصارى ال يصبغون فخالفوهم(( وسلم:

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: )ال تبد العورة، وال تستن بسنة. [ 40 ]الجاهلية(

]وعن ابن مسعود قال: )ال يشبه الزي الزي حتى تشبه القلوب القلوب(41 ] .

به الزي Rوقال حذيفة رضي الله عنه: )من تشبه بقوم فهو منهم، وال يش . [ 42 ]الزي حتى يشبه الخلق الخلق(

(، والتدابير الواقية من17انظر: رسالة )من تشبه بقوم فهو منهم( )ص   [ 1 ](.510-2/462التشبه بالكفار )

(.532أخرجه مسلم في المساجد )  [ 2 ](.19/352أخرجه الطبراني في المعجم الكبير )  [ 3 ]أخرجه البخاري في الجنائز, باب: ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم )  [ 4 ]

(, ومسلم في المساجد ومواضع الصالة, باب: النهي عن بناء المساجد على1390(.529القبور )

(.302أخرجه مسلم في الحيض, باب: جواز غسل الحائض رأس زوجها )  [ 5 ](.216-1/215اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 6 ] (, ومسلم في الصالة, باب:604أخرجه البخاري في األذان, باب: بدء األذان )  [ 7 ]

(.377بدء األذان )(.2/440الشبور: البوق. انظر: النهاية في غريب الحديث )  [ 8 ] (، وصححه ابن حجر في498أخرجه أبو داود في كتاب الصالة، باب: بدء األذان )  [ 9 ]

(.468(، واأللباني في صحيح سنن أبي داود )2/81الفتح )(.1/356اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 10 ] ( واللفظ399أخرجه البخاري في الصالة, باب: التوجه نحو القبلة حيث كان )  [ 11 ]

له, ومسلم في المساجد ومواضع الصالة, باب: تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة(525.)( طبعة محمود شاكر.174-3/173جامع البيان )  [ 12 ](.413أخرجه مسلم في الصالة, باب: ائتمام المأموم باإلمام )  [ 13 ] (، وصححه ابن652أخرجه أبو داود في كتاب الصالة، باب الصالة في النعال )  [ 14 ]

(.607(، وهو في صحيح سنن أبي داود )956(، والحاكم )2186حبان )(.172جلباب المرأة المسلمة )ص   [ 15 ](.1096أخرجه مسلم في الصيام, باب: فضل السحور وتأكيد استحبابه )  [ 16 ](.7/214شرح صحيح مسلم )  [ 17 ] (، وأبو داود في كتاب الصيام، باب: ما يستحب من تعجيل2/450أخرجه أحمد )  [ 18 ]

(،1698(، وابن ماجه في الصيام، باب: ما جاء في تعجيل اإلفطار )2336الفطر )(، والنووي في المجموع )1573(، والحاكم )3509، 3503وصححه ابن حبان )

(.2063(، وحسنه األلباني في صحيح سنن أبي داود )6/359(.6/480انظر: عون المعبود )  [ 19 ](.1/209اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 20 ] (، وصحح إسناده الحافظ2/44(، والطبراني في الكبير )5/225أخرجه أحمد )  [ 21 ]

(.177(، واأللباني في جلباب المرأة المسلمة )203-4/202في الفتح )(.1134أخرجه مسلم في الصيام, باب: أي يوم يصام في عاشوراء؟ )  [ 22 ](.8/13شرح صحيح مسلم )  [ 23 ] (،485 � كشف األستار �(، والحميدي )1052(، والبزار )1/241أخرجه أحمد )  [ 24 ]

(، لكن في سنده محمد بن عبد2095(، وصححه ابن خزيمة )4/287والبيهقي ) (: "رواه189-3/188الرحمن بن أبي ليلى سيئ الحفظ، قال الهيثمي في المجمع )

أحمد والبزار وفيه محمد بن أبي ليلى، وفيه كالم"، وضعفه األلباني في ضعيف (،2/78(، والطحاوي )7839(. وصح موقوفا عند عبد الرزاق )3508الجامع )

(.4/287والبيهقي )(.1/284اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 25 ]جمع: مزدلفة.  [ 26 ]ثبير: جبل من جبال مكة.  [ 27 ](.3838أخرجه البخاري في المناقب, باب: أيام الجاهلية )  [ 28 ](، وتفسير ابن كثير )13/79(، وتفسير القرطبي )12/13انظر: تاريخ بغداد )  [ 29 ]

3/329-330.) (،1134(، وأبو داود في الصالة، باب: صالة العيدين )3/103أخرجه أحمد )  [ 30 ]

(، والضياء في المختارة )1/434(، وصححه الحاكم )1556والنسائي في العيدين )(، واأللباني في صحيح سنن أبي داود )2/442(، وصححه الحافظ في الفتح )19111004.)

(.1/486اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 31 ](، والبيهقي في السنن الكبرى )1609أخرجه عبد الرزاق في المصنف )  [ 32 ]

9/234.) (،4031(، وأبو داود في اللباس، باب: في لبس الشهرة )2/50أخرجه أحمد )  [ 33 ]

( من حديث ابن عمر رضي2/75(، والبيهقي في الشعب )1/267وعبد بن حميد ) (: "هذا حديث جيد"،25/331الله عنهما. قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى )

(: "سنده صحيح"، وحسن إسناده ابن حجر1/342وقال العراقي في تخريج اإلحياء )(.104(، وصححه األلباني في حجاب المرأة المسلمة )ص10/271في الفتح )

(.34تشبه الخسيس بأهل الخميس )ص   [ 34 ](.1/83اقتضاء الصراط المستقيم )ص   [ 35 ] (،2510(، والترمذي في كتاب صفة القيامة )167، 1/164أخرجه أحمد )  [ 36 ]

(: "إسناده جيد"، وصححه األلباني8/30(، قال الهيثمي في المجمع )2232والبزار )(.2038في صحيح سنن الترمذي )

كسع: ضربه على دبره.  [ 37 ]..{ أخرجه البخاري في التفسير, باب: قوله:  [ 38 ] Rت لهم RفرRتغ Rأس RهمRسواء علي{ (

(.2584(، ومسلم في البر والصلة, باب: نصر األخ ظالما أو مظلوما )4905 (,3462أخرجه البخاري في أحاديث األنبياء, باب: ما ذكر عن بني إسرائيل )  [ 39 ]

(.2103ومسلم في للباس والزينة, باب: في مخالفة اليهود في الصبغ )(.1/385انظر: اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 40 ](.2/438(، وهناد في الزهد )7/105أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف )  [ 41 ](.49انظر: تشبه الخسيس بأهل الخميس )ص   [ 42 ]

.

ذم التشبه بالكفار: ثامنا: أسباب وقوع المسلمين في التشبه   الصفحة         عناصر البحث()        الصفحة السابقة           بالكفار:

التالية

: بالكفار: التشبه في المسلمين وقوع أسباب ثامنا "إن ما نلمسه اليوم من ظاهرة تشبه المسلمين بغيرهم من األمم

الكافرة أمر له بواعثه ودوافعه وأسبابه العديدة التي تضافرت علىالوصول باألمة اإلسالمية إلى هذه الظاهرة.

. [ 1 ]ومن هذه الدوافع واألسباب ما هو داخلي، ومنها ما هو خارجي"أوال: األسباب الداخلية:

- االنحرافات العقدية.1- الركود العلمي والفكري.2- التنازع السياسي.3- التعصب المذهبي.4- التخلف المادي واالقتصادي.5- الهزيمة النفسية واالنبهار بالحضارة الغربية.6

فهذه هي أهم األسباب الداخلية لوجود ظاهرة تشبه المسلمين بالكفار، وهي أسباب لم يزل بعضها يأخذ بحجز البعض، حتى انتهى األمر ببعض المسلمين إلى فقدانهم للمناعة الذاتية والقدرة على المقاومة، وشاع

بين بعض ضعاف النفوس من المسلمين روح االنهزام الفكري, فأصبحوا بذلك مهيئين الستقبال البديل الغربي في العقيدة وفي الشريعة والحكم، وفي الفكر والثقافة واألخالق، وغير ذلك من المجاالت التي غزاها الفكر

. [ 2 ]الوافدثانيا: األسباب الخارجية:

ومنها مكايد الكفار لإلسالم والمسلمين. "وهذا حاصل من أول ظهور اإلسالم حتى اليوم. فالكفار بمختلف

مللهم وعقائدهم وأديانهم وأهوائهم كادوا وال يزالون يكيدون لإلسالم. فكان من مكائدهم إيقاع المسلمين في كثير مما كانوا عليه من أمور

العقائد والعادات واألعياد والسلوك.ولذلك نجد أن أغلب أسباب االفتراق في األمة هي مكائد الكافرين.

وما من فرقة افترقت عن األمة إال ونجد أن من أسباب افتراقها وجود طوائف من الكفار, إما أن يكونوا أسهموا في بثها وترويجها بين أهلاألهواء والبسطاء من المسلمين، أو كانوا رؤوسا فيها أو من أتباعها.

فمكائد الكفار أصحاب الديانات والملل هي من أهم أسباب وقوعالمسلمين في التشبه.

ضى والله سبحانه وتعالى أخبرنا بذلك في مثل قوله تعالى: Rولن تر{ } Rلنص�رى حتى تتبع ملتهم لRيهود وال ٱعنك [، وفي مثل قوله120]البقرة: ٱ

وههمR وما تعالى: Rأف Rضاء منRبغRل R ما عنتمR قدR بدت RلونكمR خباال ودوا ٱ}ال يأRبر{ فى صدورهمR أك Rلذين [، ومثل قوله تعالى:118]آل عمران: تخ ا يود ٱ}م

ل عليRكم منR خيRر من ركين أن ينز RمشRل لRكت�ب وال ل Rأه Rمن R ٱكفروا ٱ} Rبكم R يردوكمR [، ومثل قوله تعالى،105]البقرة: ر لذين كفروا R ٱ}إن تطيعوا

} Rق�بكمRلذين [، وقال:149]آل عمران: على أع R فريقا من ٱ}إن تطيعوالRكت�ب يردوكم بعRد إيم�نكمR ك�فرين{ R [.100]آل عمران: ٱأوتوا

إذا فالكفار ال شك أنهم حرصوا � وال يزالون من أحرص الناس � على

صرف المسلمين عن دينهم، وهم اآلن يبذلون جهودا أكثر من أي وقت مضى، وكل مسلم متأمل لواقع المسلمين اآلن في العالم كله يدرك تكالب الكفار على األمة المسلمة اليوم، لمحاولة فرض أحوال وأمور

الكافرين من عقائد ومن عادات ومن أنظمة ومن سياسات وأخالق. [ 3 ]وغيرها"

وهناك أسباب أخرى نذكر بعضا منها باختصار وهي كما يلي:- الحروب الصليبية األولى.1- الغزو الفكري.2- االستعمار.3- االبتعاث الطالبي.4

وهناك سبب داخلي خارجي في وقوع المسلمين في التشبه بالكفار، أال وهو كيد المنافقين؛ فهم يعيشون بين ظهراني المسلمين، مظهرين

اإلسالم ومبطنين الكفر, وهم األداة الفعالة والقوية في خدمة الكفار قديما وحديثا، فالمنافقون الذين بين المسلمين لهم أثر كبير في جر

المسلمين إلى التشبه، سواء منهم من كان كافرا وأظهر اإلسالم للكيد بالمسلمين، أو كان مسلما وارتد عن دين الله في الباطن، أو كان زنديقا

. [ 4 ]مظهرا لإلسالم محرفا له

(.1/84التدابير الواقية )  [ 1 ](.106-1/105التدابير الواقية )  [ 2 ](.33-32رسالة )من تشبه بقوم فهو منهم( )ص   [ 3 ]( بتصرف.35-34رسالة )من تشبه بقوم فهو منهم( )ص   [ 4 ]

ذم التشبه بالكفار: تاسعا: آثار التشبه بالكفار   الصفحة         عناصر البحث()        الصفحة السابقة           ومظاهره:

التالية

: ومظاهره: بالكفار التشبه آثار تاسعا للتشبه بالكفار آثار وخيمة ومظاهر سيئة تتجلى في عقيدة المسلم وعباداته وسلوكه وأخالقه وعاداته وتصرفاته وهيئته وحركاته وسكونه

وهويته, بل في جميع جزئيات حياته. يقول ابن تيمية مبينا قاعدة تأثر المتشبه بالمتشبه به والمقلد بالمقلد:

"إن الله تعالى جبل بني آدم بل سائر المخلوقات على التفاعل بين الشيئين المتشابهين، وكلما كانت المشابهة أكثر كان التفاعل في األخالق

والصفات أتم، حتى يؤول األمر إلى أن ال يتميز أحدهما عن اآلخر إال بالعين فقط، ولما كان بين اإلنسان وبين اإلنسان مشاركة في الجنس

الخاص، كان التفاعل فيه أشد، ثم بينه وبين سائر الحيوان مشاركة في الجنس المتوسط، فال بد من نوع تفاعل بقدره، ثم بينه وبين النبات

مشاركة في الجنس البعيد مثال، فال بد من نوع ما من المفاعلة.

وألجل هذا األصل وقع التأثر والتأثير في بني آدم، واكتساب بعضهم أخالق بعض بالمعاشرة والمشاكلة, فالمشابهة والمشاكلة في األمور

الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في األمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي, كما أن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة

ومواالة في الباطن، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في. [ 1 ]الظاهر، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة"

وقال في موضع آخر: "إن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبا وتشاكال بين المتشابهين يقود إلى موافقة ما في األخالق واألعمال، وهذا

أمر محسوس، فإن الالبس ثياب أهل العلم يجد من نفسه نوع انضمام إليهم، والالبس لثياب الجند المقاتلة مثال يجد من نفسه نوع تخلق

. [ 2 ]بأخالقهم، ويصير طبعه متقاضيا لذلك، إال أن يمنعه مانع": [ 3 ]فمن أبرز هذه المظاهر واآلثار ما يلي

- انحسار المفهوم الشامل للدين.1- ضعف اإليمان بالغيب.2- قيام حركة التشكيك في مصادر العقيدة وإثارة الشبهات حولها.3 - ضعف الرابطة الدينية بين المسلمين, وإحالل الروابط الجاهلية4

محلها.- الدعوة إلى االرتماء في أحضان الغرب الكافر.5- الدعوة إلى تطوير المعاهد اإلسالمية بما يضعف التعليم الديني.6- محاربة اللغة العربية الفصحى.7- استيراد النظم والمناهج التعليمية الغربية.8- تسرب مذاهب األدب والنقد الغربية إلى األدب العربي.9

- االستمداد من النظم والقوانين الغربية.10- فصل الدين عن السياسة.11 - تغريب المرأة المسلمة بدعوى تحرير المرأة, وذلك بمهاجمة تعدد12

الزوجات، وبمساواة المرأة بالرجل، ثم بإباحة االختالط، ونزع جلبابالمرأة المسلمة.

( باختصار.549-1/547اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 1 ](.1/93اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 2 ]( باختصار.229-1/133انظر: التدابير الواقية )  [ 3 ]

ذم التشبه بالكفار: عاشرا: سبل الوقاية من التشبه  عناصر البحث()        الصفحة السابقة              بالكفار:

: بالكفار: التشبه من الوقاية سبل عاشرا إن من أجل نعم الله تعالى على المسلمين أن من عليهم باإلسالم,

وأرسل عليهم أفضل رسله، وأنزل عليهم أفضل كتبه، وهداهم إلى

صراطه المستقيم، وبين لهم طريقه القويم, وكذلك أرشدهم كيفيصونون دينهم وعقيدتهم من الشرك والشبهات.

ومعلوم أن من أصل دروس دين الله وشرائعه وظهور الكفر والمعاصي ، لذا لم يقتصر الشارع على تحريم التشبه بالكفار [ 1 ]التشبه بالكافرين

فحسب, بل بادر بسد جميع السبل والمنافذ المؤدية إلى ذلك، وبيان ذلك: [ 2 ]فيما يلي

: المسلم: الفرد شخصية بناء أوال وذلك من خالل تكوين روح االعتداد بالنفس وروح الجماعة وروح

االعتزاز بالدين لدى المسلم:- تكوين روح االعتداد بالنفس لدى المسلم:1

إن مما يدفع بعض الناس إلى تقليد اآلخرين والتشبه بهم ومحاكاتهم ضعف شخصيتهم وشعورهم بالهزيمة النفسية من الداخل، مما يجعلهم يفقدون الثقة بأنفسهم، فيتقاعسون عن القيام بواجباتهم، ويفتقدون

األخذ بزمام المبادرة والمسارعة إلى األعمال واقتحام العقبات، فيكتفون باتباع النماذج الجاهزة من الكفار الذين يعتقدون فيهم القوة، ويرون أنهم

القدوة التي ينبغي أن تحتذى. ومن هنا فإن اإلسالم في سعيه إلى وقاية المسلم من التشبه بالكفار

عمل على تقوية شخصيته االستقاللية، عن طريق تحقيق فرديته أي: اعتداده بنفسه، والحفاظ على ذاتيتها واستقاللها، وذلك بتحقيق كرامته اإلسالمية اإلنسانية، وضمان حرياته العامة، وتقرير مسؤوليته الشخصية،

وربط قلبه بالله وحده. فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: )ال يكونن أحدكم إمعة(، قالوا: وما اإلمعة يا أبا عبد الرحمن؟ قال: )يقول: إنما أنا مع الناس، إن اهتدوا اهتديت، وإن ضلوا ضللت، أال ليوطن أحدكم نفسه على إن كفر

. [ 3 ]الناس أن ال يكفر( قال الزمخشري: "اإلمعة هو الذي يتبع كل ناعق، ويقول لكل أحد: أنا

. [ 4 ]معك، ألنه ال رأي له يرجع إليه" وقال القاري: "فيه إشعار بالنهي عن التقليد المجرد حتى في األخالق,

. [ 5 ]فضال عن االعتقادات والعبادات"- تكوين روح الجماعة لدى المسلم:2

اعتنى اإلسالم بتكوين روح الجماعة لدى المسلم إلى جانب تكوين روح االعتداد بالنفس لديه، حتى يتكون المجتمع من أفراد أقوياء متعاونين متحابين متساندين صفا واحدا كأنهم بنيان مرصوص، تتكاتف جهودهم

للعمل لهذا الدين واالنتصار له وإقامة األمة اإلسالمية القوية المنيعة التيتتأبى على الذل والهوان، وتترفع عن الخضوع للكفار والتبعية لهم.

ومن الطرق التي سلكها اإلسالم لتكوين الروح الجماعية لدى المسلمما يلي:

أ- تقوية أواصر األخوة اإلسالمية بين المسلمين والتحذير من كل مايزعزعها.

ب- تكوين الوعي الكامل بوحدة األمة اإلسالمية وترابط مصالح الفردوالجماعة.

ج- تقرير المسؤولية الجماعية في األمر بالمعروف والنهي عن المنكر. د- التأكيد على الجماعة في الشعائر التعبدية المشروعة أداؤها جماعة

كالصالة المفروضة.ه�- الدعوة الصريحة إلى لزوم جماعة المسلمين وترك التفرق.

تم اإلسالم هذا االهتمام الكبير بأن يكون المسلم متآلفا مع Rيه Rوإذ الجماعة، فإنه ال يترك هذه الروح الجماعية بدون شروط تجب مراعاتها، ولهذا جاءت النصوص الكثيرة تبين هذه الشروط التي يجب توفرها في

تنمية الروح الجماعية، ولعل أهم هذه الشروط أن يكون االجتماع والتآلف والتآخي على أساس اإليمان والتقوى والعمل الصالح، كما قال

وانكمR في تعالى: Rكوة فإخ لز R لوة وءاتوا لص Rوأقاموا R ٱ}فإن تابوا ٱ[.11]التوبة: ٱلدين{

ومن هذا الباب جاء الحث على اختيار الرفقة الصالحة حتى تكون وسيلة للتعاون على الخير والمحافظ�ة على ش�خصية المسلم ووقايتها منالذوبان واالنحالل الذي ربما ج�ر � والعياذ بالله � إلى التشبه بالكفار.

فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه ))إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ وسلم:

الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد ريحا. [ 6 ]طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة((

وإن الروح الجماعية وعملية اختيار الرفقة الصالحة إذا تم تكوينهما وترسيخهما في نفس المسلم تكون لهما آثار إيجابية في حياة المسلمين

أفرادا وجماعات ودوال وشعوبا، ومن تلكم اآلثار ما يلي:أ- التعلم والتعليم واكتساب الخبرات.

ب- اكتشاف صفات النفس.ج- التأدب والتأديب.

د- بعث األمل في النفس وتجديد النشاط.ه�- التعاون من أجل التمكين لدين الله في األرض.

و- حفظ الهيبة والكرامة اإلسالمية.ز- بث روح التراحم والتوادد بين المسلمين.

- تكوين روح االعتزاز بالدين لدى المسلم:3 إن اإلسالم في سعيه لتكوين روح االعتزاز بالدين لدى المسلم يتعامل

مع الفرد من خالل قواه المختلفة: قواه العقلية، وقواه العاطفية، فال يكتفي بمخاطبة عقله دون وجدانه، وال بمخاطبة وجدانه دون عقله، بل

يتعامل مع هذا وذاك، يتعامل مع العقل لكونه مركز اإلدراك والتمييز، ويتعامل مع الوجدان باعتباره وعاء المشاعر واألحاسيس, ويتعامل مع

اإلرادة لكونها مركز التوجيه واتخاذ القرار النهائي. يتعامل اإلسالم مع الفرد من خالل هذه القوى ليصل إلى تأكيد انتمائه إلى اإلسالم بعقائده وعباداته وأخالقه ومعامالته، بل أكثر من هذا ليصل به إلى أن يصبح معتزا بهذا االنتماء إلى اإلسالم بمعناه الواسع، فيكون محبا له، متبعا ألحكامه ومعرضا عن اتباع ما سواه من األديان والمناهج

البشرية. والمقصود باالعتزاز بالدين هو شعور المسلم بالرفعة والغلبة والقوة

على أعداء الله وآلهتهم، الشعور بعلو اإليمان على الكفر، وبعلو اإلسالم على سائر األديان السماوية وعلى ملل الكفر كلها، والشعور بأن شعوب

هذه األمة اإلسالمية هم األعلون على سائر شعوب األمم األخرى ما تمسكوا باإلسالم، وشعور المسلم بمحبة الله تعالى له، وبمحبته هو لله ولرسوله ودينه، ثم توكله على الله سبحانه واستمداد العون منه وحده،

لله قال تعالى: Rتى تد منكمR عن دينه فسوRف يأ Rمن ير Rلذين ءامنوا ٱ}يأيها ٱلRك�فرين يج�هدون فى ة على منين أعز RمؤRل ٱبقوRم يحبهمR ويحبونه أذلة على ٱلله وسع تيه من يشاء و Rلله يؤ ل Rمة الئم ذلك فض Rلله وال يخ�فون لو ٱسبيل ٱ ٱ

[.54]المائدة: عليم{ والله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم باالعتزاز بالدين، فقال

R شركاءكمR ثم كيدون فال تنظرون سبحانه: دRعوا لذى m ٱ}قل لله ٱإن وليى ٱ�لحين{ لص لRكت�ب وهو يتولى ل ٱنز [.196، 195]األعراف: ٱ

واالعتزاز بالدين بهذا المعنى ال يتأتى إال بمعرفة حقيقة هذا الدين، والتعرف على محاسنه ومزاياه، وعلى خصائصه وضرورته لإلنسان

واستغنائه به عن غيره. ذلك ألن االعتزاز بالشيء ناتج عن محبته، ومحبةالشيء ناتجة عن معرفته.

س محبة الله Rومن طرق تكوين روح االعتزاز بالدين لدى المسلم غر ورسوله صلى الله عليه وسلم ومحبة اإلسالم واألمة اإلسالمية في

القلوب، وكذلك دعوة المسلمين بالقول الصريح إلى طلب العزة من الله وحده واإلعراض عما سواه، وإبراز محاسن أركان اإلسالم األساسية

وفضائل هذه األركان على غيرها في األديان السماوية، فضال عن األديانالوضعية.

ومن أهم آثار ونتائج تكوين روح االعتزاز بالدين لدى المسلم ما يلي:أ- تحقيق العبودية الكاملة لله عز وجل.

ب- اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم واالقتداء به.ج- إخالص الوالء لله ورسوله وللمؤمنين.

: وتكوينها: بنائها بعد المسلم شخصية وصيانة تحصين ثانيا إن من محاسن الدين اإلسالمي حفظ وصيانة شخصية المسلم بعد

إعدادها وبنائها وتكوينها، وذلك من االنصياع والذوبان والتأثر بالكفار أوالخضوع لهم أو مواالتهم والركون إليهم.

ومن أهم طرق تحصين شخصية المسلم بعد بنائها ما يلي:- التمسك بمبدأ الوالء والبراء:1

وذلك لوضع الحاجز النفسي بين الطائفتين، الذي يمنع من تسرب األفكار واختراق العادات والقيم والتقاليد، ألن ذلك أعون على مفاصلة

الكفار. يقول عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ: "أصل المواالة الحب،

وأصل المعاداة البغض، وينشأ عنهما من أعمال القلوب والجوارح ما يدخل في حقيقة المواالة والمعاداة كالنصرة واألنس والمعاونة، وكالجهاد

. [ 7 ]والهجر ونحو ذلك من األعمال، والولي ضد العدو" - مخالفة الكفار وعدم التشبه بهم في عقائدهم وعباداتهم وأخالقهم2

وعاداتهم وسائر ما يختصون به.

- التزام ضوابط وشروط التعامل مع غير المسلمين في حالة السلم:3ومن تلكم الشروط ما يلي:

أ- أن ال يترتب على هذا التعامل مذلة على المسلم وال على الدين.ب- أن ال تؤدي إلى والية الكافر على المسلم وال إلى تسلطه عليه.

ج- أن ال تكون فيها مواالة للكافر، وال تشبه به، وال ركون إليه، أو نحوذلك من صور المواالة.

: ثالثا: الكفار نفوذ من اإلسالم ديار وصيانة تحصين لم يكتف اإلسالم بصيانة شخصية المسلم من التأثر بالكفار عن طريق تطعيمه عقديا وتعبديا وأخالقيا، وعن طريق رسم المنهج الصحيح لتعامله

ب أي أثر من آثارهم إليه؛ إذ ال بد أن تتوازى مع عملية مع الكفار لمنع تسر صيانة شخصية المسلم عملية صيانة أخرى للبيئة التي يعيش فيها،

بمكافحة أسباب انتشار أوبئة الكفر والفسق في هذه البيئة، لذلك اتخذاإلسالم بعض التدابير الواقية، ومنها:

- منع دخول الكفار إلى بعض الديار اإلسالمية وهي حدود الحرمين1 الشريفين فضال عن إقامتهم فيها، كما سمح بدخولهم فقط دون

االستيطان في بعض الديار األخرى وهي الحجاز، لما لهذه األماكن من أهمية خاصة في قلوب المؤمنين؛ فهي مهبط الوحي ومبعث النبي صلى

الله عليه وسلم ومنطلق الدعوة اإلسالمية، فأولى بأن يمنع الكفار من دخولها واالستيطان فيها، للحفاظ على نقاوتها؛ لتبقى مشاعل النور

والهدى للمسلمين كلما داهمتهم دياجير ظلمات التشبه بالكفار. - سمح اإلسالم بدخول وإقامة الكفار في سائر الديار اإلسالمية2

األخرى سواء كانت إقامتهم إقامة دائمة مؤبدة كأهل الذمة، أو كانت إقامة مؤقتة كالمستأمنين، وذلك تلبية لمطالب الحياة البشرية القائمة على

التعاون وتبادل المنافع، وطبقا لطبيعة دين اإلسالم الدعوية التي تقتضيالتغلغل بين األمم والشعوب األخرى إلبالغ دعوة اإلسالم إليها.

- منع تمكين الكفار في دار اإلسالم, فإن األصل في تمكين الكفار3 في األرض حصول الفساد والضالل فيها، وتأسيسا على هذا األصل سعى

اإلسالم إلى منع تمكين الكفار في دار اإلسالم متخذا في ذلك التدابيرالواقية التالية:

أ- منع تولية الكافر على المسلمين والية عامة في الدولة اإلسالمية حدا من تمكين الكفار فيها، وتفاديا لخضوع المسلمين لسلطانهم المتنافي مع

منين سبيال{ قوله تعالى: RمؤRل لله للRك�فرين على عل Rٱ}ولن يج ]النساء: ٱ141.]

ب- قيد اإلسالم ملكية الكفار للعقار في الدولة اإلسالمية، حيث ملكهم فقط منافع األراضي دون رقابها، ومن ثم ال يسمح لهم باستخدام

أراضيهم في إقامة المعابد الشركية، أو المالهي وأماكن المعاصي، كما اليسمح لهم بالوقف والوصية على هذه األماكن.

ج- فرض اإلسالم قيودا شرعية على الصادرات من الدولة اإلسالمية وعلى الواردات إليها، فال يسمح بتصدير السالح وصغار العبيد وكل ما فيه

قوة للكفار على حرب المسلمين، ألن ذلك يؤدي إلى تمكينهم من دار اإلسالم، كما ال يسمح بتوريد ما هو محرم شرعا إلى داخل الدولة

اإلسالمية حفاظا على عقيدة المسلمين وأخالقهم.

- كفل اإلسالم لغير المسلمين المقيمين على أرضه كافة الحقوق4 والحريات التي يحتاجها اإلنسان في حياته، وألزمهم في مقابل ذلك

بواجبات تهدف إلى كسر شوكتهم في دار اإلسالم، ومن هذه الواجبات: أ- حملهم على الخضوع ألحكام الشرع اإلسالمي فيما يتعلق بالمسؤولية

المدنية والمسؤولية الجنائية دون ما يتعلق بالعقيدة. ب- منعهم من اإلساءة لشعائر اإلسالم، فال يجوز لهم التعرض لدين

اإلسالم، وال لكتاب الله وال لرسوله بإهانة أو طعن أو تحريف أو تكذيب، كما يجب عليهم االمتناع عن كل ما فيه ضرر بالمسلمين في دينهم

ونفوسهم وأعراضهم وأموالهم. ج- منعهم من إظهار شعائر دينهم درءا للفتنة في الدين، ومنعهم من التظاهر بالمنكرات التي يستحلونها وأقروا عليها بموجب عقد الذمة أو

األمان، حيث إن إظهار ذلك مما يغري بعض سفهاء المسلمين بتناولهتشبها بهم.

د- منع الذميين من التشبه بالمسلمين في اللباس والهيئات، وفي األسماء والكنى واأللقاب والمراكب, ومن التعالي على المسلمين في

المساكن, وألزمهم بالغيار؛ وهو لبس عالمة فارقة تميزهم عن المسلمين في المجتمع، حتى يمكن إنزال كل فريق منزلته، ويعطى ما يستحقه من

حقوق، ويطالب بأداء ما يجب عليه من واجبات.: رابعا: بالكفار التشبه مواجهة في واالحتساب الدعوة

لم يكتف اإلسالم بتشريع سبل الوقاية فقط، بل حمل أيضا الدعاة والمحتسبين وظائف ومسؤوليات لترجمة تلك التدابير إلى واقع عملي

ملموس وإلى نموذج تطبيقي مشاهد. حيث إن التدابير اإلسالمية لتكوين شخصية المسلم والتدابير الواقية من تأثر المسلم بالكفار والتدابير

الواقية من نفوذ الكفار في دار اإلسالم تحتاج إلى من يبينها للناس، ويدعوهم إليها بمختلف الوسائل واألساليب، ويقيم الحجج عليها، ويدفع

شبه المخالفين عنها، وهذه مهمة الدعاة.مل الناس على السير وفق Rكما أن تلك التدابير تحتاج أيضا إلى من يح مقتضياتها، ويمنعهم من مخالفتها، ويؤدب المنحرفين عنها، ويتخذ في

ذلك كافة الوسائل واألساليب الممكنة لتحقيق األمور المذكورة، ومن هناتأتي مهمة المحتسبين.

فمن الوظائف والواجبات الملقاة على عاتق الدعاة والمحتسبين فيهذا الصدد ما يلي:

- الدعوة واالحتساب لمواجهة التشبه العقدي:1وذلك بما يلي:

أ- كشف النقاب عن الحركات والتنظيمات العاملة على تقويض العقيدةاإلسالمية، كمنظمات التنصير والماسونية والصهيونية وغيرها.

ب- الحرص على بيان العقيدة الصحيحة وتوضيحها لألمة، وتحذيرها منالشرك والبدع.

ج- االحتساب على المظاهر الشركية والبدعية المؤدية إلى الغلو فيالدين وفي األشخاص.

- الدعوة واالحتساب لمواجهة التشبه التعبدي:2

يجب على الدعاة بيان العبادة الصحيحة وأحكامها وشروطها، وما يضاد ذلك من البدعة المحدثة في الشعائر التعبدية، وقاية لألمة من التخبط في

أوحال بدع وطقوس األمم الكافرة, التي طالما تسربت إلى العباداتاإلسالمية بسبب الجهل الذي يعيش فيه غالب المسلمين.

- الدعوة واالحتساب في مواجهة التشبه األخالقي:3وذلك بما يلي:

أ- الكشف عن الوسائل واألساليب المستخدمة لتقويض الدعائم الخلقية للشعوب اإلسالمية، فأعداء اإلسالم يتسترون وراء شعارات مختلفة،

ويلبسون أقنعة متنوعة، ويتسمون بأسماء متعددة، مع أن الحقيقة والجوهر واحد. وهم يزرعون أفكارهم باألساليب المختلفة الخبيثة،

المباشرة منها وغير المباشرة، فتنتشر هذه األفكار كانتشار الجراثيم فيالبيئة.

وجراثيم األمراض الخلقية التي يبثها أعداء اإلسالم بالوسائل المختلفة الخفية منها والظاهرة قد ال تظهر آثارها في حينها على األفراد لوجود مقاومة عقدية أو اجتماعية، ولكن مع مرور األيام تظهر وقد استفحل

األمر واستعصى, مما يجعل الكشف المبكر والدائم عن تلك الوسائل واألساليب التي يستخدمها أعداء األمة لزرع جراثيم األمراض الخلقية فيأوساط المسلمين أمرا له األهمية القصوى في مواجهة التشبه األخالقي. ومن تلك الوسائل: إنشاء النوادي وبيوت الشباب التي يستخدمونها في

ترويج المسكرات والمخدرات، ونشر األفالم والصحف والمجالت الخليعة والماجنة ونشر تجارة الجنس عن طريق المالهي والمراقص الليلية وفرق الرقص، وتشجيع السياحة إلى بالد الكفر، والسماح بالتعري على شواطئ البحار واألنهار، وعن طريق ما يسمونه باألدب المكشوف، وهو عبارة عنالكتب والقصص الجنسية التي ال تتورع عن تزيين سبل الفساد للشباب.

ب- القيام بتزكية النفوس باألخالق الحميدة: المهمة الثانية التي يجب على الدعاة � وهم في مضمار المواجهة مع

ظاهرة التشبه األخالقي � أن يعملوا على تزكية نفوس المسلمين باألخالق الحميدة، وذلك بالعمل على إثارة دواعي التمسك باألخالق الحميدة لدى الناشئة، وتنفيرهم من دواعي التحلل منها، وبيان مدى فائدة وفضيلةالتحلي بالخلق الكريم، وتبصيرهم بعواقب االنحالل الخلقي الوخيمة.

ج- االحتساب على توريد البضائع المحرمة.د- القيام بمراقبة المطبوعات.

ه�- القيام باالحتساب على الكفار المقيمين في ديار اإلسالم في مجالاألخالق.

- الدعوة واالحتساب في مواجهة التشبه الثقافي:4 مجال الفكر والثقافة من أخطر مجاالت تشبه المسلمين بالكفار لكونه

سببا في غيره من مجاالت التشبه األخرى، وقد استخدم الكفار فيالتغريب الثقافي للشعوب اإلسالمية وسيلتين خطيرتين:

إحداهما: المناهج التعليمية، وهي أهم وسيلة لتغيير الشعوب وتشكيلها,وتغيير هويتها حسب الغايات واألهداف التي تراد لها.

ثانيهما: وسائل اإلعالم، وهذه ال تقل خطورة عن الوسيلة السابقة، إن لم تكن أخطر منها في عصرنا الحاضر، لسعة انتشارها وسهولة

استخدامها ومناسبتها لمختلف فئات األمة، فقد كان لإلعالم في بعض البالد اإلسالمية بوسائله المتعددة دور بارز وخطير ساهمت به مع المناهج

التعليمية في طمس معالم الثقافة اإلسالمية وتشويهها، وفي التحريضعلى التشبه بثقافة غير المسلمين وفكرهم ومعارفهم.

ومن هنا كان ال بد لمواجهة التشبه الثقافي من إصالح المناهجالتعليمية ووسائل اإلعالم معا، وذلك بما يلي:

أ- الدعوة إلى التأصيل اإلسالمي للعلوم االجتماعية واإلنسانية.ب- الدعوة إلى التوجيه اإلسالمي للعلوم المختلفة.

ج- االهتمام بدعوة األقليات المسلمة في بالد الكفر. د- االحتساب على المدارس األجنبية القائمة في بالد المسلمين،

وإخضاعها تحت اإلشراف والرقابة.ه�- االحتساب على أهل الذمة في مجال التعليم والثقافة.

: االستقامة: إلى بالهداية سبحانه الله دعاء خامسا ال شك أن التشبه بالكفار انحراف عن الصراط المستقيم إلى صراط

المغضوب عليهم أو الضالين. قال ابن تيمية: "وهذا االنحراف أمر تتقاضاه الطباع ويزينه الشيطان، فلذلك أمر العبد بدوام دعاء الله سبحانه بالهداية إلى االستقامة التي ال

. [ 8 ]يهودية فيها وال نصرانية أصال"وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا،،،

*       *         * 

(.1/352انظر: اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 1 ]انظر: التدابير الواقية من التشبه بالكفار، للدكتور عثمان دوكوري.  [ 2 ] (،137-1/136(، وأبو نعيم في الحلية )9/152أخرجه الطبراني في الكبير )  [ 3 ]

وروي معناه مرفوعا وال يصح.(.1/57الفائق في غريب الحديث )  [ 4 ](.6/145انظر: تحفة األحوذي )  [ 5 ] (، ومسلم في البر5534أخرجه البخاري في الذبائح والصيد, باب: المسك )  [ 6 ]

(.2628والصلة, باب: استحباب مجالسة الصالحين )(.3/290الرسائل والمسائل النجدية )  [ 7 ](.1/83اقتضاء الصراط المستقيم )  [ 8 ]