م ٢٠١٨ر لسنة أكتوب) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٨٣-

رؤية حلفظ متاسك اتمعات " خلدون ابن فكر يف االجتماعي األمن " العربية يف الوقت احلاضر

:الملخصهدفت الدراسة تحليل أهم مقومات األمن االجتماعي وفق رؤية العالمة عبد الرحمن ابن خلدون من خالل العودة إلى الجذور التاريخية لفهم الظواهر االجتماعية في

ر االجتماعي الذي قدمه هذا العالمة، بحثا في فهم مجريات الواقع ضوء مخرجات الفكوالتشابه مع العوامل التي قد تقود إلى التفكك االجتماعي في المجتمعات العربية اليوم من خالل رؤية ابن خلدون ألهمية وقوة النظام االقتصادي ونظام العدالة ومنظومة

لدولة والمجتمع من عوامل التفكك والوصول التربية والتعليم السليمة في حفظ سالمة ا . إلى مرحلة االنهيار

: مقدمةكان األمن وما زال هاجسا شاغال لألفراد والجماعات واألمم، يسعون لتحقيقه بشتى الوسائل والسبل، كونه العامل األساس لحفظ الوجود اإلنساني، ولذلك فال بقاء

مستقر األوضاع، إذا لم تتحقق له سبل الطمأنينة لمجتمع متين البنية، مزدهر النمو، ووالرفاهية والتغلب على العوز والمرض والجهل، ولكي تتحقق هذه األهداف، كان ال بد من تحقيق األمن االجتماعي، كما أن األمن السياسي واألمن االقتصادي ال يمكن

). ٢، ٢٠٠٩العمري، (تحقيقهما بمعزل عن األمن االجتماعي لك كله فقد كان األمن من وجهة نظر اإلسالم ضرورة من ضرورات الحياة، لذ

فقد اعتبر اإلسالم حفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض من المقاصد الشرعية، فاألمن لإلنسان بمنزلة غذائه وكسائه ومسكنه، ولهذا فقد امتن اهللا تعالى على

الذي أطعمهم من *ليعبدوا رب هذا البيت ف: (القرشيين أن منحهم األمن فقال عز وجل إن الشعور باألمن و االطمئنان أمر مطلوب )٤-٣:قريش( )جوع وآمنهم من خوف

لتحقيق التقدم واالزدهار في جوانب الحياة األخرى، االجتماعية والسياسية واالقتصادية ات اإلنسانية منذ القدم على اختالف معتقداتها والحضارية، ولذلك تسعى المجتمع

وتوجهاتها ومستوياتها الحضارية إلى توفير األمن، وال يقلقها شيء قدر ما يقلقها . زعزعة أمنها واستقراره

لقد أسهمت الشريعة اإلسالمية بما اشتملت عليه من أحكام في تحقيق األمن وريم إزهاقها واالعتداء عليها، معتبرة االجتماعي من خالل حفظ النفس البشرية، وتح

من أجل ذلك كتبنا على : (أن قتل فرد من أفرادها هو قتل لجميع المجتمع، يقول تعالى بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في األرض فكأنما قتل الناس جميعا

م ٢٠١٨أكتوبر لسنة ) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٨٤-

، كما حفظت الشريعة األعراض )٣٢:المائدة)(ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاونهت عن التطاول عليها، وحرمت الزنا واعتبرته فاحشة وجريمة منكرة يعاقب عليها

، )٣٢:اإلسراء)(يال وال تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سب: (مرتكبها قال تعالى: وحفظت الشريعة مال اإلنسان، ومنعت السرقة وآكل أموال الناس بالباطل، قال تعالى

وال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس (، كما حفظت الشريعة عقل اإلنسان من خالل تحريم )١٨٨:البقرة)(م تعلمونباإلثم وأنت

يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر : (المسكرات والمخدرات فقال عز من قائل). ٩٠:المائدة)(كم تفلحون واألنصاب واألزالم رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعل

)١٣، ٢٠١٢التميمي، والتميمي، (والمتأمل في نصوص المقدمة التي وضعها العالمة ابن خلدون يالحظ أن مصطلح العمران الذي سمى به ابن خلدون العلم الذي توصل إليه، مصطلح مركب

داللية معرفية هامة، وقد يتسع مجاله الداللي ليشمل معاني متعددة متشابكة تكسبه قوةربطه ابن خلدون بمجموعة من القضايا مركزها هو اإلنسان وأحواله المختلفة، حيث

كالتمدن، العزة، : أشار فيه ابن خلدون إلى قضايا تتعلق باألحوال والطبائع اإليجابيةا، االستخالف، المصلحة، التآنس، الحضارة، العلوم، الصنائع، الكسب وغيره

القلة، الذلة، التوحش، العصابات، الخراب، السكون، الفساد، : وأخرى سلبية مثلالتبدل، الترف، االختالل وغيرها من المعاني التي تدخل في التحليالت والتفسيرات

)٢٠١٥دوفاني، . (النظرية للقضايا التي عالجها علم العمرانة التغيير االجتماعي التي تنشأ داخل لقد ركز ابن خلدون في دراسته ظاهر

المجتمع على مجموعة من العوامل واألسباب التي تؤدي إلى حدوثها، ألن التغيير حسب رأيه ال يأتي من فراغ إنما هناك عدة محددات تتفاعل فيما بينها تدفع أبناء المجتمع إلى

بديل عنه، ولذلك فإن التفكير بالخروج على األنماط السائدة، حتى يصبح التغيير أمرا ال. هذه الظاهرة ال يمكن معرفتها ودراستها بمعزل عن تلك العوامل واألسباب والمحددات

وهذه العوامل هي السبب الرئيسي للواقعة السياسية، وهذا يعني أن الواقعة ليست وليدة وأن األطروحات واآلراء الواردة في كتاب . ذاتها، بل هي نتائج أسباب خارجة عنها

المقدمة لم تكن مفردات سائبة، وإنما كان يجمع بعضها إلى بعض نظام فكري متماسك، )٢٠١٨العجيلي، . (يستند إلى تعليل وتحليل فلسفي لمختلف الظواهر االجتماعية

لقد أصبح األمن االجتماعي مادة علمية ذات قيمة إنسانية وحضارية، تناقلها حقل االجتماعي في كتاباتهم، ومؤتمراتهم المفكرون والمتخصصون والعاملون في ال

الفكرية، حتى بات من المالحظ اليوم، أنه ال يخلو مجتمع من الدعوة للمطالبة بتوفير وبعد أن كان مدلول المصطلح منحصرا في جانب األمن . األمن االجتماعي للمواطن

م ٢٠١٨ر لسنة أكتوب) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٨٥-

ن متعددة المضاد للخوف والفزع، فإن هذا المصطلح اتسع ليشمل مفاهيم ومضاميوجديدة، تتداخل مع مجمل أوضاع الحياة ليشمل اإلصالح االجتماعي والسياسي، وتحقيق العدل والمساواة والحرية، والكفاية االقتصادية وغيرها من القضايا الملحة ذات

)٢٠١٢التميمي، والتميمي، .(العالقة التي يحتاج إليها الفرد في حياته اليومية االجتماعي من الموضوعات الجديرة بالدراسة في عالم وبات موضوع األمن

تتنازعه التيارات اإليديولوجية المختلفة، وتهيمن عليه سياسة القطب الواحد التي تحاول فرض قوانينها وثقافتها مما أفرز اتجاها متطرفا قد يكون إحدى

ا فجاء مسلكها تلمس طريقه أو أداة مناهضة لها لكنها غير قادرة على العولمة أدواتتقارير التنمية البشرية التي حاولت تسليط الضوء على حجم ال إنسانيا، وفشلت

المشكلة وأخطارها في التأثير على مجرى السياسات الدولية الخاضعة للغة السوق )٢٠٠٦الباشا، .(والمصلحية على حساب أمن األفراد والشعوب

: مشكلة الدراسة مليار شخص 5,1 االجتماعية باألمم المتحدة أن نحو وفقا لتقرير لجنة الحماية

تقرير (يفتقرون إلى األمن االجتماعي الكافي أو الحماية االجتماعية في أنحاء العالم ، وهذا يعنى انه من بين كل سبعة أشخاص في العالم )٢٠١١لجنة الحماية المدنية،

دفع فريقا رفيع و ماأكثر من خمسة يفتقرون إلى الضمان االجتماعي الكافي، وهالمستوى باألمم المتحدة إلى الدعوة لضمان الدخل والخدمات األساسية للجميع ليس فقط

لجنة األمم المتحدة للتنمية (كوسيلة لضمان السالم واالستقرار بل لتعزيز نمو االقتصاد ).٢٠١٠المستدامة،

لدراسات التي ومن خالل اطالع الباحث على الدراسات السابقة وجد ندرة في اتناولت موضوع األمن االجتماعي في البلدان العربية في ضوء الرجوع إلى الفكر التربوي في الفترات التاريخية السابقة، ومنه هنا جاءت هذه الدراسة التي تمثلت مشكلتها في تدني مستوى األمن االجتماعي خاصة في ظل التحديات والمتغيرات

.ان العربية بصفة عامةالمتسارعة التي تعيشها البلد :أسئلة الدراسة

ما اإلطار المفاهيمي لألمن االجتماعي؟ .١ ما أبرز أسس ومقومات األمن االجتماعي؟ .٢ما رؤية ابن خلدون لألمن االجتماعي ومقوماته وكيفية تطبيقها في الواقع .٣

المعاصر؟

م ٢٠١٨أكتوبر لسنة ) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٨٦-

:أهداف الدراسة .تعرف اإلطار المفاهيمي لألمن االجتماعي .١ .ومقومات األمن االجتماعيتعرف أبرز أسس .٢تحليل رؤية ابن خلدون لألمن االجتماعي ومقوماته وكيفية تطبيقها في الواقع .٣

.المعاصر :تنطلق أهمية الدراسة من عدة اعتبارات أهمها ما يلي: أهمية الدراسة

في البلدان – حسب اطالع الباحث –ندرة الدراسات التي تناولت الموضوع .١ .العربية

.بة العربية حول موضوع األمن المجتمعيإثراء المكت .٢تعدد التحديات التي تواجه األمن الفكري في الوقت الراهن وضرورة العمل على .٣

.مواجهتهاثراء الفكر التربوي لعلماء المسلمين األوائل مما يتطلب الرجوع لهذا الفكر .٤

.ومحاولة االستفادة منه في تعديل الواقع وتطويره .حثين لدراسات أخرى مرتبطة بمجال الدراسة الحاليةفتح المجال أمام البا .٥

:مصطلحات الدراسة :األمن االجتماعي

االستعداد واألمان بحفظ الضرورات الخمس من أي عدوان : "يعرف بأنهعليها، فكل ما دل على معنى الراحة والسكينة، وتوفير السعادة والرقي في أي شأن

). ٢٩ت، . دالهويمل، " (من شؤون الحياة فهو أمنهو اطمئنان اإلنسان على دينه ونفسه وعقله وأهله وسائر : " كما يعرف بأنه

حقوقه، وعدم خوفه في الوقت الحالي أو في الزمن اآلتي، في داخل بالده ومن خارجها، ومن العدو وغيره، ويكون ذلك على وفق توجيه اإلسالم وهدي الوحي،

). ١٦ت، .الخادمي، د" (واثيقومراعاة األخالق واألعراف والم

م ٢٠١٨ر لسنة أكتوب) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٨٧-

:الدراسات السابقةتعرف العالقة بين استراتيجيات المواجهة والقلق هدفت ): ٢٠١٦(دراسة العازمي .١

االجتماعي والتحصيل الدراسي لدى عينة من طالب بالمرحلة الثانوية بالكويت، ، ونوع )أدبي/ علمي (، والتخصص )إناث/ ذكور (وبحث الفروق بين كل من النوع

في استخدام استراتيجيات المواجهة والقلق االجتماعي ) خاص/ حكومي (التعليم والتحصيل الدراسي، وكذلك التعرف على أكثر االستراتيجيات استخداما وأقلها

طالبا وطالبة، وتوصلت النتائج إلي أنه ) ٧٠(استخداما، وتكونت عينة البحث من ب والطالبات في استراتيجيات المواجهة، كما لم توجد فروق دالة إحصائيا بين الطال

لم توجد فروق دالة إحصائيا بين طالب وطالبات القسم العلمي واألدبي في استراتيجيات المواجهة المتمركزة حول المشكلة، بينما وجدت فروق دالة إحصائيا بين طالب وطالبات القسمين في استراتيجية المواجهة المتمركزة على االنفعال

لح القسم العلمي، كما وجدت فروق دالة إحصائيا بين القسمين في الدرجات لصاالكلية الستراتيجية المواجهة لصالح القسم العلمي، ومع ذلك لم توجد فروق دالة إحصائيا بين طالب المدارس الحكومية والخاصة في استراتيجيات المواجهة، كما لم

قلق (بات في درجات القلق االجتماعي توجد فروق دالة إحصائيا بين الطالب والطال، كذلك لم توجد فروق دالة إحصائيا )المواجهة وقلق التفاعل والدرجة الكلية للقلق

بين القسمين العلمي واألدبي، كما لم توجد فروق دالة إحصائيا بين المدارس الحكومية والخاصة في القلق االجتماعي، ومع ذلك وجدت فروق دالة إحصائيا بين

ور واإلناث لصالح اإلناث، كما وجدت فروق غير دالة إحصائيا بين التخصصين الذكالعلمي واألدبي والمدارس الحكومية والخاصة في التحصيل الدراسي، كما أسفرت النتائج عن وجود معامالت ارتباط سالبة ودالة إحصائيا بين استراتيجيات المواجهة

هة وقلق التفاعل والدرجة الكلية للقلق المتمركزة على المشكلة وكل من قلق المواجاالجتماعي، كذلك وجد ارتباط موجب ودال إحصائيا بين استراتيجيات المواجهة

والتحصيل الدراسي، ووجد ارتباط سالب ودال ) البعد األول والثاني والدرجة الكلية(ي، والتحصيل الدراس) البعد األول والدرجة الكلية(إحصائيا بين القلق االجتماعي

).البعد الثاني والتحصيل الدراسي(بينما وجد ارتباط غير دال بين القلق االجتماعي دراسة هدفت إلى (Ozkan and Gul, 2016)أجرى كل من أوزكا وجول .٢

التعرف على أعراض اإلحباط والقلق االجتماعي لدى األطفال الذين يعانون من دا من الذكور واإلناث غير فر) ٨٠(تكونت عينة الدراسة من . السمنة في تركيا

) الذكور واإلناث(من األفراد ) ٨٢(المصابين بالسمنة، وعينة أخرى مكونة من سنة ومن النوع ) ١٧(سنوات إلى ) ٩(المصابين بالسمنة، تراوحت أعمارهم من

استخدم الباحثين مقياسين للقلق ). ٢٧,٤٧(ين، وبلغ مؤشر كتلة الجسم لديهم

م ٢٠١٨أكتوبر لسنة ) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٨٨-

وأظهرت نتائج الدراسة ارتفاع مستويات القلق االجتماعي االجتماعي ولإلحباط،المصابين بالسمنة، بينما لم توجد مستويات مرتفعة ) الذكور واإلناث(لدى األفراد

من القلق االجتماعي لدى األفراد الغير مصابين بالسمنة، كما أظهرت النتائج عدم ألفراد المصابين وجود فروق تعزى للجنس في مستوى القلق االجتماعي بين ا

.بالسمنةدراسة هدفت التعرف إلى درجة الرهاب االجتماعي وعالقتها ) ٢٠١٥(قدم الركيبات .٣

. بمستوى التحصيل الدراسي و النوع لدى طلبة الصف العاشر األساسي في األردنطالبا وطالبة من مديرية تربية البادية الجنوبية ) ١٠٥(تكونت عينة الدراسة من

,Liebowitz)واستخدم الباحثان مقياس ليبوتز للرهاب االجتماعي في األردن، أظهرت نتائج الدراسة أن النسبة المئوية للرهاب االجتماعي لدى أفراد . (1987

، كما أظهرت نتائج الدراسة عدم وجود عالقة ارتباطية بين )١٥,٢(العينة بلغت روق بين أفراد درجة الرهاب االجتماعي ومستوى التحصيل الدراسي، ووجود ف

.العينة في درجة الرهاب االجتماعي تعزى للجنس ولصالح اإلناثبدراسة هدفت التعرف إلى بعض سمات الشخصية وعالقتها ) ٢٠١٤(قام الحجري .٤

بالرهاب االجتماعي طلبة جامعه نزوى في سلطنة عمان، تكونت عينة الدراسة من مة العوامل الخمسة الكبرى طالبا وطالبة، استخدم الباحثان مقياس قائ) ٢٩٠(

(NEO-FFI-S) لكوستا وماكري (Costa and Mccrae) والتي تكونت من فقرة، أظهرت نتائج الدراسة أن مستوى الرهاب االجتماعي لدى طلبة جامعه ) ٤٢(

نزوى كان منخفضا، كما أظهرت عدم وجود فروق ذات داللة إحصائية عند مستوى .واإلناث في جميع أبعاد مقياس الرهاب االجتماعيبين الذكور ) ٠,٠٥=α(الداللة

بيان الرؤية اإلسالمية إلى هدفت هذه الدراسة ): ٢٠١٢(دراسة التميمي والتميمي .٥لمصطلح األمن االجتماعي من خالل التعريف بالمصطلح، وتأصيله الشرعي من

أهم األسس خالل األدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية والفقه اإلسالمي، وبيان والمقومات لألمن االجتماعي، ولتحقيق هدف الدراسة استخدم الباحثان المنهج

األمن االجتماعي هو الطمأنينة والسكون في : الوصفي التحليلي، وكان أبرز النتائجاألنفس وفي جميع شؤون الحياة، أن من أعظم أسباب وركائز األمن هو اإليمان،

يقوم األمن ي هو من أهم مقومات األمن االجتماعي، إذ به يتم األمن الروحي الذاالجتماعي على جملة من المبادئ واألسس أهمها العدل والمساواة والحرية والقوة

، أن اإلسالم بنظامه االقتصادي واالجتماعي والحزم في تطبيق القوانين والعقوبات وانتهت والسياسي والفكري يقدم لنا أفضل نموذج لتحقيق األمن االجتماعي،

التعاون بين المؤسسات التربوية : الدراسة بجملة من التوصيات من أبرزها

م ٢٠١٨ر لسنة أكتوب) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٨٩-

واالجتماعية واإلعالمية لترسيخ ثقافة األمن في نفوس األفراد وتربيتهم تربية .إسالمية صالحة لتحقيق الطمأنينة واالستقرار في المجتمع

النوعي ويرجع ذلك إلى أن المرأة تعاني من التمييز) ٢٠١١(أشارت دراسة خزام .٦لعدم شعورها باألمن االجتماعي وإعاقة حصولها على حقوقها واستقاللها الذاتي

وانخفاض الرضا الوظيفي لديها، كذلك حرمان المجتمع من جهود نصف أعضائه، كما أكدت الدراسة على ضرورة توفير األمن االجتماعي للمرأة، من خالل

دني، وأشارت إلى ضرورة تفعيل تطبيق المؤسسات الحكومية والمجتمع المالمواثيق الدولية المرتبطة بحقوق اإلنسان لتوفير األمن االجتماعي للمرأة، وأكدت على ضرورة قيام المنظمات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني بأجراء تعديالت وتطوير السياسات والبرامج الخاصة بهم لتمكين المرأة من إشباع احتياجاتها

. حقيق األمن االجتماعي لهاوتإلى الكشف عن مستويات القلق ) ٢٠١١(وهدفت دراسة المومني وجرادات .٧

طالبا وطالبة ) ٧٢٩(االجتماعي لدى الطلبة الجامعيين، تكونت عينة الدراسة من من الجامعة األردنية، أظهرت نتائج الدراسة أن نسبة انتشار القلق االجتماعي لدى

كما أظهرت نتائج أن نسبة انتشار القلق %). ١٧,٧(سة قد بلغت أفراد عينة الدرااالجتماعي بين اإلناث أعلى من الذكور؛ وبين الطلبة الذين آبائهم وأمهاتهم مستواهم التعليمي ثانوي فما دون أعلى من الطلبة الذين آبائهم وأمهاتهم مستواهم

كبيرة أعلى من الطلبة التعليمي كلية فأعلى؛ وبين الطلبة الذين يأتون من أسرالذين يأتون من أسر متوسطة أو صغيرة؛ وبين الطلبة الذين يأتون من أسر دخلها منخفض أعلى من الطلبة الذين يأتون من أسر دخلها متوسط أو مرتفع؛ وبين الطلبة الذين تخرجوا من مدارس حكومية أعلى من الطلبة الذين تخرجوا من

هناك فروق في نسب انتشار الرهاب االجتماعي تعزى ولم تظهر. مدارس خاصة .إلى المستوى الدراسي أو الترتيب الوالدي أو مكان اإلقامة

دراسة هدفت إلى الكشف عن مستوى (Rosenthal, 2009) كما أجرى روزنثل .٨) ١٢٥(استخدام اإلنترنت وارتباطه بالرهاب االجتماعي، تكونت عينة الدراسة من

تائج الدراسة وجود عالقة ارتباطية إيجابية دالة إحصائيا بين مشتركا، أظهرت نمستوى استخدام االنترنت وارتباطه بالرهاب االجتماعي على مقياس ليوتيز، مما يؤكد أن األفراد الذين يعانون من القلق االجتماعي يستخدمون االنترنت كوسيلة

.عيدا عن العالم الواقعيلزيادة التفاعل االجتماعي لديهم في الواقع االفتراضي، بتوضيح مفهوم التربية األمانية في اإلسالم، ) ٢٠٠٨(استهدفت دراسة مصطفى .٩

وإبراز أهداف هذه التربية، وكذا الوقوف على األبعاد التربوية لألمان في جوانب

م ٢٠١٨أكتوبر لسنة ) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٩٠-

الحياة المختلفة، وبيان المؤسسات التربوية المسئولة عن تعزيز األمان، وقد واقتصرت الدراسة على تربية األمان في . المنهج الوصفي التحليلياستخدم الباحث

الشخصية اإلسالمية في ضوء األصول اإلسالمية الثابتة، كما اقتصرت على التربية األمانية في المجال الديني واالقتصادي واالجتماعي، على اعتبار أنها األسس

ن الكريم والسنة النبوية وأقوال الثابتة للحياة المعاصرة، واقتصر الباحث على القرآالعلماء والمفسرين التي تركز على جانب التربية األمانية في إطار هذه المجاالت،

مفهوم التربية األمانية في اإلسالم ال يخرج في : وتوصلت الدراسة إلى نتائج منهاربية طبيعته عن مفهوم التربية اإلسالمية، فالتربية األمانية جزء ال يتجزأ من الت

اإلسالمية، العالقة بين التربية واألمان عالقة ارتباطية، فال أمان بدون تربية تحقق مقوماته في النفس البشرية وتحافظ على دوامه، ركزت التربية األمانية في اإلسالم على تحقيق مجموعة من األهداف العامة والخاصة، والتي تتكامل فيما بينها من

يتمتع بالقدر الكافي من األمان الذي يحقق له االستقرار أجل بناء اإلنسان الذي والسعادة الدنيوية واألخروية، عرضت الدراسة لنماذج من أساليب التربية األمانية في اإلسالم والتي سعت إلى تحقيق أهدافها من خالل هذه األساليب التربوية

.المؤثرةلطالبية في بناء معرفة أهمية األنشطة ا) ٢٠٠٤(استهدفت دراسة العنزي .١٠

الشخصية السوية لطالب التعليم الثانوي بما يؤثر على أمن المجتمع، واستعمل الباحث استمارة الوضع االجتماعي لألسرة قام بتقسيمها إلى قسمين، قسم يحتوي بيانات عن العينة والقسم اآلخر عن المستوى االجتماعي لألسرة، طبق الباحث

طالبا، واستخدم الباحث أسلوب ) ١٦٠(ونت العينة من مقياس األمن النفسي، وتكتحليل العناصر، واختبار شيفيه البعدي، واختبار التباين األحادي، وتوصلت الدراسة إلى وجود فروق ذات داللة إحصائية بين الطالب المشاركين في األنشطة

فسي لصالح الطالبية المختلفة وبين غير المشاركين في مستوى الشعور باألمن الن .الطالب المشاركين في األنشطة :التعليق على الدراسات السابقة

يتضح من العرض السابق وجود بعض الدراسات التي اهتمت باألمن االجتماعي والتي أكدت ضرورته كما بينت أثره اإليجابي في عالقته ببعض المتغيرات

ا وجدت بعض الدراسات كمولدى بعض الفئات كالمرأة أو طالب مرحلة دراسية معينة، التي تناولت القلق االجتماعي باعتباره من اآلثار األساسية المترتبة على غياب األمن االجتماعي، والتي بينت خطورة القلق االجتماعي واآلثار السلبية المترتبة عليه وعالقته

جتمعي كما يتضح أنه ال توجد دراسات اهتمت بربط األمن المالتأثيرية ببعض المتغيرات،

م ٢٠١٨ر لسنة أكتوب) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٩١-

بالتراث الفكري وهو ما يميز الدراسة الحالية من خالل تناولها لرؤية ابن خلدون لألمن االجتماعي وآليات النهوض في الواقع المعاصر في ظل ما يواجهه تحديات، واستفادت

.الدراسة الحالية من تلك الدراسات في التأصيل لبعض المفاهيم النظرية :اإلطار المفاهيمي للبحث

:اإلطار المفاهيمي لألمن االجتماعي: ور األولالمح :مفهوم األمن االجتماعي

تجدر اإلشارة إلى أنه لم تتفق الدراسات على تعريف بصياغة محددة لمفهوم األمن االجتماعي، وأن القصور الوارد في العديد من التعريفات قد يتمثل في عدم شمول

فرد، فبعض الباحثين قد يحصر مدلول المفهوم لجميع جوانب الحياة التي يعيشها الالمفهوم في جانب واحد من جوانب الحياة، وغيره قد يقصي الجانب المادي

والممارسات الحياتية ويكتفي بالروح المعنوية والحالة الشعورية السائدة في المجتمع، هم من وهناك من يغلب النظرة األحادية، ويحمل الفرد أو المجتمع تلك المسؤولية، ومن

يهتم في تعريف األمن االجتماعي بالجانب التنظيمي، وعناية النظام الدولي بالبعد )١٩٨٥آل عيون، (الجنائي وحماية األفراد من أي اعتداء يحتمل وقوعه عليهم

ربط مفهوم األمن االجتماعي بإشباع الحاجات اإلنسانية، وقد ظهر في فترة ة عندما سادت مفاهيم التنمية وأصبحت معظم الدول أوائل السبعينات من األلفية الماضي

التي نالت استقاللها من االستعمار تسعى لتحقيق معدالت أعلى من النمو االقتصادي و التنمية، مما استلزم مفهوما جديدا لألمن يشمل كل الظواهر والتطورات الجديدة، فقد

من يعنى حماية أساسيات البقاء جاء في تعريف لجنة األمن اإلنساني لألمم المتحدة أن األبطريقة ترقي من حقوق وحريات اإلنسان والتخلص من كافة ما يهدد امن األفراد السياسي واالقتصادي واالجتماعي من خالل التركيز على اإلصالح المؤسسي على كل

المحلية واإلقليمية و العالمية، ويؤكد هذا المفهوم لألمن روبرت مكنمارا : المستوياتأن األمن ليس هو المعدات العسكرية وإن كان يتضمنها، وليس القوة العسكرية وإن

إن األمن هو . كان يشملها، و ليس النشاط العسكري التقليدي وإن كان ينطوي عليه ).٢٠١٣المدني، . (التنمية، ومن دون تنمية ال يمكن أن يوجد أمن

لحماية واألمان والطمأنينة ويعرف األمن االجتماعي بأنه حاله تتوافر فيها ا ). ٢٠٠٥البناء، (للفرد والجماعة معا

وهو كل ما يطمئن الفرد به على نفسه وماله ويضمن الشعور بالطمأنينة وعدم ).٤، ٢٠٠٧الهيتي، (الخوف واالعتراف بوجوده وكيانه ومكانته بالمجتمع

م ٢٠١٨أكتوبر لسنة ) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٩٢-

والخارجية التي سالمة األفراد والجماعات من األخطار الداخلية:" ويعرف بأنهقد تتحداهم كاألخطار العسكرية وما يتعرض له األفراد والجماعات من القتل واالختطاف

). ٢٣، ١٩٨٥الحسن، " (واالعتداء على الممتلكات بالتخريب أو السرقة ويعرف األمن االجتماعي بأنه نشاط حياتي يعبر عن حاله من اإلحساس أو

ن الضمانات تحقق األمن واألمان لإلنسان في يومه الشعور أو االحتياج لمجموعة م ). ٢٠٠٢عفيفي، (وغده وهذه الضمانات تتمثل في اآلتي

توفير التعليم األساسي المالئم توفير الرعاية الصحية المناسبة توفير الخدمات الثقافية واالجتماعية توفير المسكن المالئم توفير خدمات األمن والعدل من الغذائي توفير خدمات األ توفير التأمينات االجتماعية

ذلك " االجتماعي " ولفظ " األمن " ويبدو للباحثين أن هناك تالزم ما بين لفظ التشريع اإلسالمي ال يكون إال اجتماعيا، ويستحيل أن تقف حدوده ألن األمن في فلسفة

اإلسالم دين الجماعة، عند حدود الفرد دون االجتماع الشامل لألفراد ضمن الجماعة، إذ وفلسفته التشريعية جمعت بين المسؤولية الفردية والمسؤولية الجماعية بحيث ال تتغول واحدة على األخرى، وعليه فإن أي اختالل في األمن االجتماعي يترتب عليه زوال أمن

، عن هذه الحقيقة عندما اشترط لصالح الدنيا )١٩٧٣(الفرد، وقد عبر الماوردي تظام أمور جملتها، وانتظام ما يصلح به كل واحد من أهلها، ألنه ال صالح ألحدهما ان

. إال بصاحبهويعد أدق مفهوم لألمن االجتماعي بصفة عامة هو ما ورد في القرآن الكريم

لة الشتاء إيالفهم رح* لإيالف قريش {في قوله سبحانه وتعالى بسم الله الرحمن الرحيم سورة (} الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف* فليعبدوا رب هذا البيت * والصيف

).٤ – ٢: قريش، اآليات

م ٢٠١٨ر لسنة أكتوب) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٩٣-

: أهمية األمن االجتماعي للفرد : األمن االجتماعي في ضوء عدة اعتبارات يمكن إيجازها فيما يليأهميةتتضح

الحاجة إلى األمن االجتماعي من أهم الحاجات االجتماعية والنفسية للفرد .١األمن االجتماعي هو الوسيلة األساسية للنمو النفسي والتوافق االجتماعي مع .٢

. اآلخرينالحاجة إلى األمن االجتماعي هو محرك الفرد نحو السلوك االيجابي ويرتبط .٣

. ستمرارارتباط وثيق بالمحافظة على البقاء واالوتتضمن الحاجة إلى األمن االجتماعي إلى شعور الفرد انه يعيش في بيئة .٤

صديقة آمنه مشبعة للحاجات مع ارتباطه باآلخرين وشعوره بحبهم واحترامهم . وتقبلهم له في الجماعة

يوفر األمن االجتماعي الشعور باالستقرار األسرى والتوافق االجتماعي .٥توفير شعور االستقرار في سكن مناسب مستقر يساعد األمن االجتماعي ب .٦

. ومورد رزق دائميوفر األمن االجتماعي إحساس الفرد باألمن الصحي والنفسي والمادي وتجنب .٧

. الخطر والتزام الحذر والقدرة على التعامل مع األزمات والكوارث الطبيعية . األمانيوفر األمن االجتماعي للفرد الشعور بالثقة واالطمئنان واألمن و .٨

ولذلك يعتبر تحقيق األمن االجتماعي إحدى مداخل تحقيق الرعاية المقدمة من مدخل – مدخل االفضليات – مدخل السعادة – تتبلور في األمن االجتماعي والتيالدولة

).٢٠١٠خليل، ( مدخل العدالة االجتماعية –الرفاة االجتماعي :وسائل تحقيق األمن االجتماعي

زهران، (تحقيق األمن االجتماعي إلى قسمين رئيسين كالتالي تنقسم وسائل ١٩٨٨ :(

: وسائل معنوية: أوالوهى التي تعتمد على التوجيه العام والتربية الرشيدة والفكر السليم واإلرشاد الدائم والدعوة إلى الخير وغرس القيم األخالقية الفاضلة وإصدار التشريعات واألنظمة

فراد وواجباتهم التي ستحل بمن يخالف أو يخرج عنها، ويأتي التي توضح حقوق األ اإليمان والعقيدة في قمة هذه الوسائل المعنوية

م ٢٠١٨أكتوبر لسنة ) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٩٤-

: وسائل مادية: ثانياوتتمثل في األجهزة والمؤسسات والوزارات التي تنشئها الدولة لرعاية األفراد

لتي تخل به ومالحقة وتوفير األمن االجتماعي لها والحفاظ عليه ومراقبة األنشطة ااألفراد والفئات الذين يخرجون عليه، ومما الشك فيه أن امن الفرد ال يمكن تحقيقه إال من خالل رعاية عدد من المؤسسات االجتماعية والتربوية أهمها األسرة التي تمثل خط

. الدفاع األول لألبناء :أسس األمن االجتماعي ومقوماتهيا، ويحقق منها الهدف المنشود، وهو الوصول حتى تبنى النفوس بناء قو

إلى األمن االجتماعي، وضع اإلسالم جملة من األسس والمبادئ لتحقيق هذا البناء، ): ١٤، ٢٠١٢التميمي، والتميمي، (وأهم هذه األسس

:اإليمان باهللا تعالي .١ بهم إن التصديق باهللا عز وجل وبما جاء من عنده على ألسنة رسله واإليمان

جميعا، وبكتب اهللا المنزلة، ومالئكته، واليوم اآلخر، واإليمان بالقدر خيره وشره، يحدث في النفس األمن والطمأنينة، وذلك لما يحدثه هذا اإليمان من تصور كامل للدنيا واآلخرة، وإن المتتبع آلي القرآن في هذا الجانب يجد ذلك واضحا جليا، فالكافر يعيش

منغصة ال أمن فيها وال أمان، أما المؤمن فهو يعيش في أمن وطمأنينة، يعبد عيشةاهللا وهو آمن ال يخاف على دينه، وال على نفسه، وال ماله وال عرضه، وال عقله، ال

، ١١ ج،٢٠٠٤ابن تيمية، (بل يتعدى األمن من الدار الدنيا إلى األمن في الدار اآلخرة ٢٣٥.(

لنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فال ق: (يقول تعالىنونزحي مال هو همليف ع٣٨:البقرة)(خو (

بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه، : (- أيضا -ويقول نونزحي مال هو همليف عال خو١١٢:البقرة)(و( الجزاء على العمل، وجعل استحقاق األمن الموفور - فقد رتب اهللا تعالى

ص في عبوديته الذي ال يساوره خوف أو يعكره حزن مشروط باإليمان باهللا واإلخال . نواهيهوامتثال أوامره و

م ٢٠١٨ر لسنة أكتوب) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٩٥-

:العدل .٢والعدل سبيل األمن، إن شعار النظام اإلسالمي والديانات األمن غاية العدل،

لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب :(السماوية السابقة كلها العدل، قال تعالى )٢٥:الحديد) (والميزان ليقوم الناس بالقسط

دأ في مختلف جوانبها فال فرق بين عربي وال وقد حققت الشريعة هذا المبأعجمي، وال أبيض على أسود، فميزان التساوي بينهم هو تقوى اهللا وخشيته، وقد

يا أيها الناس إن اهللا قد أذهب عنكم : ( الناس يوم فتح مكة فقالملسو هيلع هللا ىلصخطب رسول اهللا اهللا، وفاجر بر تقي كريم على: عصبية الجاهلية وتعاظمها بآبائها، فالناس رجالن

يا أيها : (شقي هين على اهللا، والناس بنو آدم، وخلق اهللا آدم من تراب، قال اهللاالناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله

الله إن أتقاكمخبير ليم٣٣٢٤ رقم ، ١٩٧٥الترمذي، )) (١٣:الحجرات)( ع(. ويكون العدل بتطبيق أحكام الشريعة اإلسالمية التي أسهمت في إعطاء الحقوق ألصحابها وتنظيم العالقات بين الناس، والعدل بينهم في المعاملة، وعدم المفاضلة

- صلى اهللا عليه وسلم –لنبي والتمييز بينهم تبعا للهوى والمصلحة، ولقد صرح ايا أيها الناس، إن ربكم واحد، (بالمساواة المطلقة أمام األحكام الشرعية فقال تعالى

وإن أباكم واحد، أال ال فضل لعربي على عجمي، وال لعجمي على عربي، وال ألحمر أال هل على أسود، وال ألسود على أحمر إال بالتقوى، إن أكرمكم عند اهللا أتقاكم،

رقم ،٢٠٠١ابن حنبل، ) (فليبلغ الشاهد الغائب: بلى يا رسول اهللا، قال: بلغت؟ قالوافالجميع سواء أمام شرع اهللا، والعدل من وظائف الدولة اإلسالمية، وقد )٢٣٣٥٦

): ٢٩، ١٩٨٦أبو يعلى، (جعل القاضي أبو يعلى هذا االختصاص في نوعين . رين حتى تظهر النصفيةتنفيذ األحكام بين المتشاج - أ .إقامة الحدود لتصان محارم اهللا عن االنتهاك، وتحفظ حقوق العباد - ب

وللعدل صورة أخرى ايجابية وتتعلق أكثر ما تتعلق بالدولة وقيامها بحقوق أفراد الشعب في كفالة حرياتهم وحياتهم المعيشية حتى ال يكون فيهم عاجز متروك وال

وال خائن مهدد، وهذه األمور كلها من واجبات الحاكم ضعيف مهمل وال فقير بائس ).٤٥ت، .المبارك، د(

م ٢٠١٨أكتوبر لسنة ) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٩٦-

:التماسك والتكافل االجتماعي .٣حرصت الشريعة على تماسك المجتمع وترابطه، فجاءت التشريعات التي تؤدي إلى تقوية الروابط االجتماعية، كبر الوالدين، وصلة األرحام، وحقوق الزوجين

والعدل بين الزوجات واألبناء، والنفقة الواجبة لهم، وإصالح ذات البين، واألبناء، والعالقة بين الزوجين، وغيرها من التشريعات التي تكفل للمجتمع واألسرة أمنها

كما يقوم فيه القادرون على مساعدة غير القادرين، فالمجتمع فيه الضعيف .واستقرارهاام ولذلك جاءت التشريعات بما يكفل احتياجات هؤالء والمسكين والعاجز واألرامل واأليت

). ٨٨ ١٩٨٢ ،الهاشمي(جميعا )١٩:الذاريات)( وفي أموالهم حق للسائل والمحروم: ( يقول تعالى

الزكاة على أغنياء األمة لترد على فقرائها، وقد - عز وجل-لقد فرض اهللا العظيم في حفظ المجتمع من الجرائم والسرقات حيث أن منعها كان لهذه الفريضة األثر

يؤدي إلى التباغض والشحناء بين الفقراء واألغنياء، لذا عندما يؤدي الغني حق المال للفقراء فإنه يأمن على ماله من أن تحيق به دعوات المحتاجين، ويأمن من االعتداء

.في أمانعليها، ويأمن الفقير من الفقر فيعيش المجتمع النفقات على األهل والوالدين واألقربين، وحث على -كما أوجب اهللا سبحانه

أنا وكافل اليتيم ): ((الصدقة والهدية واإلطعام وكفالة اليتيم واألرامل، يقول النبي )١٨٢١، رقم ١٥٣، ٧ ج، ١٩٧٥الترمذي، ) (كهاتين في الجنة، وأشار بإصبعيه

وقا كثيرة في أموال القادرين لمجتمعهم ووعدهم وقد فرض اهللا عز وجل حقبمضاعفة األجر، وحث على اإلنفاق في سبيل اهللا وما ينفع المجتمع، فدعا إلى توقيف األوقاف، وأوجب الوفاء بالكفارات والنذور والوصايا وزكاة الفطر، ودعا إلى اإلنفاق

يق العدالة االجتماعية تذيب بوجه عام لما فيه خير المجتمع وتماسكه وترابطه، فتحقالطبقات وتقضي على عبودية اإلنسان ألخيه اإلنسان، وتعمل على توزيع الثروات،

، ١٩٩٧عبد العال، (ومكافحة الجوع والفقر، ونصرة المظلوم والتعاون ونبذ الفرقة ٦٤.( :األمن االقتصادي .٤

-ظمت الشريعة حث اإلسالم على العمل وعده واجبا على القادر عليه، ونالمعامالت المالية بين الناس، فأحلت البيع، وحرمت الربا، وأكل أموال الناس

والمتاجرة بالمحرمات والميسربالباطل، كما حرمت الغش والغبن والتدليس واالحتكار التي تفسد حياة الناس وتضر بهم، وأمرت بالسماحة والتيسير على الناس والصدق في

ا دعت إلى الوفاء بالعقود وتوثيقها، واإلشهاد عليها مما يحفظ الحقوق المعاملة، كم

م ٢٠١٨ر لسنة أكتوب) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٩٧-

المالية ويمنع أسباب النزاع، كما دعت إلى الزكاة والصدقات وإطعام الطعام والهبات والوصايا المالية التي تنفع المجتمع وغيرها من التشريعات التي هدفت إلى تحقيق األمن

فرص العمل للقادرين عليه وعدت ذلك واجبا على واالستقرار، كما دعت إلى توفيرالدولة من خالل إنشاء مشاريع استثمارية وتنموية تكفل توفير العمل ألكبر عدد من المواطنين، فإن لم تستطع تأمينه فيجب أن تؤمن لهم رواتب تسد حاجاتهم، إذ أن

قير إلى السرقة أو الفقر هو من األمور التي تؤدي لتقويض المجتمعات، فقد يلجأ الفالنهب أو ارتكاب الجرائم لتأمين حاجاته مما يؤدي إلى الفوضى واالضطراب وعدم االستقرار ونشر الخوف بين الناس، وهذا يدل على ارتباط األمن االجتماعي واالقتصادي والسياسي إذ أن انتشار هذه الظاهرة في المجتمع تؤثر على جميع الجوانب

).١٠١، ١٠٠ ،١٩٩٨ عمارة،(ية واالقتصادية االجتماعية والسياس :الحرية .٥

فاإلسالم يمنح الحرية الفردية في أجمل صورها، والمساواة اإلنسانية في أدق معانيها، ولكنه ال يتركها فوضى، فللمجتمع حسابه، ولإلنسانية اعتبارها، ولألهداف

ر إلى جانبها التبعة الجماعية، العليا للدين قيمتها، يقرر مبدأ التبعة الفردية، ويقرالمبارك، (االجتماعيوالتي تشمل الفرد والجماعة بتكاليفها، وهذا ما يدعى بالتكافل

وبهذا تظهر ميزة الحضارة اإلسالمية النطالقها من معرفة اإلنسان بخالقه ، )٤٦ت، .دن الخير وتنبعث وتطبيقه لتعاليمه، وحينما تظهر آثار اإليمان وتوقظ في النفوس مكام

فيها صفات التواضع وحسن العشرة والمعاملة الحسنة ويشيع بينهم الحب ويقوى بينهم اإلخاء والتضامن وتنتزع من قلوبهم البغضاء واألحقاد، ينطلق اإلسالم إلى غايته

.وأهدافه لبناء مجتمع متماسك قوي واعتبر ذلك من لقد كفل اإلسالم للفرد الحق في حرية إبداء الرأي والتعبير،

حقوق اإلنسان، فهي وسيلة تستهدف إصالح المجتمع وتنظيم مؤسساته، والنهوض بها وتطويرها بما يحقق الصالح العام، فالحق في الرأي ليس ترفا بل هو شرط لخلق مجتمع حر، ومناخ للتواصل والتفاهم بين أبناء المجتمع، وإن إشاعته وسيلة للرقي

السالم الداخلي واألمن االجتماعي وجلب الطمأنينة في النفوس بالمجتمع وتحقيق ). ٨٣ ،١٩٩٨ عمارة،( : ةالقو .٦

وهي الحزم في ضبط األمور وحل المشكالت، والجد في تصحيح األخطاء ومعالجتها، وعدم التهاون والتساهل في كل ما يعكر صفو األمن ويدنسه، أو يحاول

م ٢٠١٨أكتوبر لسنة ) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٩٨-

السياسي أو االجتماعي أو الفكري أو االقتصادي، العبث به سواء كان ذلك في المجال ).٨٤ ،١٩٩٨ عمارة،(وغير ذلك من مجاالت األمن وأنواعه

كما يعني الحزم في تطبيق نظام العقوبات من حد وقصاص وتعزير وعدم التهاون فيها أيا كان مرتكبها، فالجميع سواء أمام القانون اإلسالمي، قدوتنا في ذلك

أشرنا في ثنايا هذا البحث عن موقفه من المرأة المخزومية التي وقدملسو هيلع هللا ىلص النبيأيها الناس، إنما هلك الذين كانوا من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم « : فقالسرقت

الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم اهللا لو أن فاطمة بنت ) ١٦، ٨، ج٤ م،١٩٨٧البخاري، (» محمد صلى اهللا عليه وسلم سرقت لقطعت يدها

يعلم المسلمين أن الحدود ال شفاعة فيها، وأن ال تهاون في ملسو هيلع هللا ىلص فنجد أن النبيتطبيق العقوبات لحفظ حقوق الناس وتحقيق الطمأنينة لهم، فالحزم في تطبيق العقوبات

ن وخلفائه من بعده رضوان اهللا عليهم، ألن من أمملسو هيلع هللا ىلص على مرتكبيها هو منهج النبيإن اهللا ليزع : " العقوبة أساء األدب، وفي األثر المروي عن عثمان بن عفان أنه قال

).٢٣٥ ،٢٠٠٤ ابن تيمية، " (بالسلطان ما ال يزع بالقرآنرؤية ابن خلدون لألمن االجتماعي وتطبيقاتها في الواقع : المحور الثاني

المعاصر :نشأة ابن خلدون: أوال

لرحمن بن محمد بن محمد بن الحسن بن جابر بن ولي الدين أبو زيد عبد ا المؤرخ الشهير ورائد الحضرمي) خلدون(محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن خالد

.ومراثا مازال تأثيره ممتدا حتى اليعلم االجتماع الحديث الذي ترك توعاش في ] م١٣٣٢ من مايو ٢٧= هـ ٧٣٢غرة رمضان [ولد بتونس في

أسرة ابن خلدون و التي تنحدر من أصول عربية كما ذكر في كتاباته الجزائر، كانت هاجر بنو خلدون إلى تونس التي كانت تحت . األندلس في إشبيليةأسرة ذات نفوذ في

إذ قدم نظريات كثيرة ، المغرب العربي يعد من كبار العلماء الذين أنجبهم الحفصيينحكم وقد عمل . العبر والمقدمة: جديدة في علمي االجتماع والتاريخ، بشكل خاص في كتابيه

في زهرالجامع األ، ثم في فاس في بجامعة القرويين، المغربفي التدريس في بالد ، وغيرها من محافل المعرفة التي كثرت في أرجاء العالم والمدرسة الظاهرية، القاهرة

فة خالل القرن الرابع عشر نظرا لحض الدين اإلسالمي الحنيف للناس اإلسالمي المختلوقد عمل ابن خلدون في مجال القضاء أكثر من مرة، وحاول تحقيق . على طلب العلم

األحكام التي أصدرها، ونشأ ابن خلدون في بيت علم ومجد العدالة االجتماعية في عريق، فحفظ القرآن في وقت مبكر من طفولته، وقد كان أبوه هو معلمه األول، كما

م ٢٠١٨ر لسنة أكتوب) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٣٩٩-

درس على مشاهير علماء عصره، من علماء األندلس الذين رحلوا إلى تونس بعدما ألم يث والفقه المالكي، واألصول بها من الحوادث، فدرس القراءات وعلوم التفسير والحد

والتوحيد، كما درس علوم اللغة من نحو وصرف وبالغة وأدب، ودرس كذلك علوم المنطق والفلسفة والطبيعية والرياضيات، وكان في جميع تلك العلوم مثار إعجاب

). ٣٠، ١٩٩٧الطباع، (أساتذته وشيوخه : ابن خلدون مستشرفا المستقبل: ثانيا

ن خلدون المجتمع بناء على الواقع والمناخ االجتماعي الذي كان درس ابيعيش فيه وقد الحظ من خالل المالحظة بالمشاركة أهم العوامل التي تقود البناء االجتماعي إلى االستقرار ونقيضه أي الالاستقرار والتفكك، وقد افرد في مقدمته

دارة السياسية وأهمية البناء الشهيرة تحليال يبين أهمية العصبية وعالقتها باإل . االقتصادي للدول وعالقة كل ذلك بالمنظومة القيمية واألخالقية داخل المجتمع

ــز بهــا عــن غیـرة يتميوأوضح كيف يكتسب الفــرد صــفات ، ال طبیعته ومألوفةقــول أن اإلنســان ابــن عوائــده ي مــن األفــراد ف

قرر في مفهومه هذا للتنشئة أن البیئة تفعـل باإلنسان ما ومزاجه، إن ابن خلدون قد ال تفعله الوراثة وقد فسر بمفهومه هـذا السـبب فـي أن أهـل البـدو أقـرب إلـى الشـجاعة من أهل الحضر، الذین القوا جنوبهم على مهاد الراحة والدعة، وانغمسوا

)١٩٧٢الساعاتى، . (بشرىفي النعیم والترف وهو االجتماع اإلنساني والعمران الإن التغيير االجتماعي عند ابن خلدون أمر طبيعي ال بد من حدوثه وال سبيل إلى منعه، ألنه يتحرك في نظام ال مرد له، وأن هذا التغيير يبدأ في حركة دائرية

ذلك بقوله فإذا استولت على األولين األيام، وأباد غضراءهم الهرم، إلىعندما أشار تهم الدولة، وأكل الدهر عليهم وشرب، بما أرهف النعيم من حدهم، واستقت فطبخ

غريزة الترف من مائهم، وبلغوا غايتهم من طبيعة التمدن اإلنساني والتغلب السياسي وهذه الحتمية ال مفر منها، حيث تحصل في الدولة طبيعة الهرم، ويستولي عليها

وال يكون لها عالج منه إلى أن تنقرض وهذا المرض المزمن الذي ال تكاد تخلص منه التغيير له أسبابه ومحدداته ونتائجه وأشكاله، فقد يكون بطيئا في ظهوره، وربما يكون عنيفا، كما حدث في الربيع العربي، وقد تحدث ابن خلدون عن التغيير، وأفرد

: ، تبدل فيقولله مصطلحات تدل في معناها على جوهره، مثل انقالب، ثورة، تقلبفتبدلت تلك األحوال وانقلبت بها العوائد إلى ما يجانسها أو يشابهها وإلى ما يباينها أو "

). ٢٠١٦عبد الشافي، . (يباعدهاوإذ كنا نسلم أن التيارات الفكرية وما يتبعها من تغيير في المجتمع تتأثر بالفكر

فإن الظروف التي أحاطت بابن الذي تعيشه تلك المجتمعات ويحيط بظروف عصرها، لذا

م ٢٠١٨أكتوبر لسنة ) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٤٠٠-

واآلن وقد مضت على وفاته ستة . خلدون قد شكلت تصوراته الفكرية والعلمية بال شكقرون، فإنه ال زال يعد رائدا ومؤسسا في دراسة حركة المجتمع وتغيره، وإن آراءه ونظرياته السوسيولوجية مازالت تمثل أسسا مهمة في دراسات الكثير من الباحثين

). ٢٠٠٧المالح، (لعرب وغير العرب اوقد أشار ابن خلدون إلى خطورة عدم رضا المواطن من أداء الحكومات وعدم قربها من الرعیة والذي یشجع في النهایة جماعات أخرى لتنقض على الحاكم كما أشار إلى انتشار الفساد فیها والرذیلة في المدینة والمجتمع الحضري مما یدفع

تحلیل أقرب ما . یل جماعات مسلحة تستخدم العنف إلسقاط الحاكم وتغیرهبتشكیكون بما تراه أعيننا وتفسره عقولنا عن موجات التغییر التي یمر بها عالمنا

بل خالل السنوات القلیلة . العربي واإلسالمي المعاصر في القرن الحادي والعشرین )٢٠١٢فطاير، .(الماضیة

من بين العالقة بين االنحالل أو االختالل األمني كان ابن خلدون من أوائلإن أمن الجماعة المسلمة في دار اإلسالم : والتدهور االقتصادي وانهيار الدولة بقوله

وصيانة النظام العام الذي نستمتع في ظله باألمان و مزاولة نشاط الخير في طمأنينة، ).ن خلدون، المقدمةاب. (وذلك كله ضروري وأمن األفراد ال يتحقق إال به

أن المرتكز األساسي لمفهوم األمن عند ابن خلدون، ) ٢٠١٢(وقد بين بركاتهو العصبية، ذلك باعتبارها العنصر األساسي لقوى الوحدة السياسية وقيام االجتماع اإلنساني، وهي اإلحساس المشترك العام الذي يشعر به األفراد، تجاه ما يربطهم من

ة أو دم أو صلة رحم، وما تقتضيه عالقات الجوار والوالء والحلف أو نسب أو قرابرفع الظلم، وغير ذلك من مظاهر متعددة تسهم في تحقيق الروابط االجتماعية

.والسياسية والتضامن بصفة عامةلم يغفل ابن خلدون وهو يتحدث عن ظاهرة التغيير من اإلشارة إلى األسباب

ذرا في الوقت نفسه والة األمور منها، ومبينا أن هذه األسباب التي تؤدي إلى قيامها، محهي التي تؤدي إلى ضعف الدولة وتدهورها، ومن ثم تبدأ المطالب بالتغيير، ومن هذه األسباب، الظلم والترف الذي يتعدى حدوده، عالوة على العوامل االقتصادية التي تؤدي

)٢٠١٨العجيلي، . (دورها الفاعل في التغيير

م ٢٠١٨ر لسنة أكتوب) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٤٠١-

: مقومات قوة الدولة وأمنها االجتماعي من وجهة نظر ابن خلدون: ثالثا : األمن االقتصادي للمجتمع في فكر ابن خلدون .١

ينبغي أن نؤكد أن بحث المسائل االقتصادية في المقدمة لم يكن مستقال في ه وفي دراسته العامة عن االجتماع البشري في إطار التاريخ، بل كان جزءا ال يتجزأ من

بعض الحاالت جاء بحث بعض المسائل االقتصادية مستقلة ال بصفة عارضة وفي حاالت أخرى تعمد ابن خلدون أن يفرد بعض الفصول لمناقشة بعض المسائل االقتصادية مناقشة منطقية مستفيضة ويقوم بعملية تحليل لألسباب بغرض الوصول إلى نتائج

)٢٠٠٣أحمد، . (محددة في النهاية الحظ ابن خلدون أن الضرائب القليلة ينتج عنها انتعاش اقتصادي، ولقد

إن قلة الضرائب تساعد على دفع عجلة . بالنظر إلى كثرة المتحصل منها لهذا االنتعاشالتطور إلى األمام وتنعش العمران وتضاعف دخل الدولة وثروة المجتمع، وبالمقابل فإن

ينتج عنه الركود االقتصادي ويشجع األفراد على إرهاق األفراد بالضرائب وزيادة معدلهاالتهرب من الضرائب، وبالتالي يقل مجموع المتحصل منها، لعجز الدولة عن جمعها

)٢٠٠٦حميش، . (بسبب اإلغراق في البذخ والترف وكثرة أجور الجند المأجوريناهتم ابن خلدون بموضوع العمل كسبب من أسباب المعاش، فقد حاول ابن

دون أن يجعل العمل نظرية مستقلة قائمة بذاتها، وإدراكا منه بأهمية العمل فقد جعله خلاألساس في تحديد قيم األشياء من سلع و منتجات، وهو مصدر كل الثروات، وبدونه

اعلم أن الكسب إنما يكون بالسعي في االقتناء : يستحيل أن يوجد إنتاج، فهو يقولفال بد في الرزق من سعي وعمل ولو تفي ناوله وابتغائه من والقصد إلى التحصيل،

)٢٠١٢ارشيد، (وجوهه اعلم أن اختالف األجيال في أحوالهم إنما هو باختالف : يقول ابن خلدون

نحلتهم من المعاش، وأنه وعلى قدر االعتداء ونسبته يكون انقباض الرعايا عن السعي عاما في جميع أبواب المعاش كان القعود عن في االكتساب، فإذا كان االعتداء كثيرا

الكسب كذلك لذهابه باآلمال جملة بدخوله من جميع أبوابها، وإن كان االعتداء يسيرا )مقدمة ابن خلدون.(كان االنقباض عن الكسب على نسبته والعمران و وفوره

، وأن لقد كان اإلنسان محورا لعملية التنمية االقتصادية في فكر ابن خلدوناالجتماع اإلنساني هو عمران العالم، وما ينشأ عن ذلك من دول، واشترط صالح اإلدارة، وتوافر األمن واألمان لحصول أي تنمية، وتبدأ هذه التنمية عند ابن خلدون

من أدنى مستوى في تأمين الكفاية، لتنتهي بأعلى مستويات لها بالكماليات والرفاهية، شاط االقتصادي، ونظريات القيمة وتوزع السكان وتكافلهم وتوفر وفق شروط من الن

م ٢٠١٨أكتوبر لسنة ) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٤٠٢-

مقومات العمران في ظل سياسات تنموية حكيمة وإدارة عادلة تحفظ للمواطنين )٢٠٠٩عابدين و المصري، . (حقوقهم

مفتقر إلى أشياء أساسية ال غنى له " بطبعه"ويقرر ابن خلدون أن اإلنسان وهذه األشياء األساسية هي الغذاء الضروري . على نوعهعنها لكي يبقى حيا ويحافظ

والملبس الالزم والسالح الذي يدافع به عن نفسه، و يمكن القول بأن ابن خلدون يتكلم بمعنى أنه ال يسبقها شيء في " أساسية"ونقول . لإلنسان" األساسية"هنا عن الحاجات

بنفس هذا " ضرورية"، وهي الترتيب من حيث الضرورة للبقاء أو الحفاظ على النوعومن الحاجات األساسية أو الضرورية للبشر تتفرع احتياجات أخرى يمكن القول . المعنى

بأنها ثانوية من حيث أنها ليست مطلوبة في حد ذاتها لبقاء اإلنسان أو حياته ولكنها ) ٢٠٠٦أحمد، . (الزمة مع ذلك إلنتاج الحاجات األساسية

ز عوامل التي قادت إلى انتفاضات داخل المجتمعات ومما ال لبس فيه أن أبرالعربية كانت الضغوط االقتصادية الشديدة التي يرزح تحتها السواد األعظم من المجتمعات العربية في ظل مناخ سياسي يتسم بالفساد وخنق الحريات وتراكم الفشل في

)٢٠١٢البكري، (إخراج العرب إلى العالم المتحضر ر من الدول العربية التي شهدت خروج الشعب إلى الشوارع في إن النسبة األكب

مظاهرات حاشدة كانت تعاني من أزمات اقتصادية طاحنة، حيث انخفض متوسط دخل الفرد بصورة كبيرة وأدى ذلك إلى تآكل الطبقة المتوسطة زيادة عدد األفراد المنتمين

تشهد تلك الدول حالة من الغالء إلى الطبقات الفقيرة والمعدمة في البالد، كذلك كانت في األسعار وكان أغلب أبناء الشعب عاجزون عن توفير متطلبات الحياة األساسية

زاد األمر سوءا أن تلك ، وما العربية بالدول البطالة معدالت خاصة في ظل ارتفاعاألوضاع لم تكن ناتجة عن قلة الموارد االقتصادية بل جاءت مترتبة في األساس على سوء اإلدارة والفشل في استغالل تلك الموارد، ومن ثم يمكن اعتبار ذلك أحد الدوافع . القوية التي أدت في النهاية إلى حالة من االضطراب في كثير من الدول العربية

)٢٠١٧ن، حسي( : العدل والظلم في فكر ابن خلدون .٢

إن العمل على تحقيق العدالة االجتماعية يمثل المدخل األهم، الذي يمكن من توفير الكرامة لإلنسان، ويحفظ له قيمته وعزته، ويحمي الفئات المهمشة والمعوزة

دي توطين العدالة ويؤ. من ويالت الفقر المدقع، ويعمل على إعادة إدماجهم في المجتمعاالجتماعية أيضا إلى تحقيق مشاركة عادلة في الحياة االقتصادية واالجتماعية، نظرا

م ٢٠١٨ر لسنة أكتوب) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٤٠٣-

لما توفره من مساواة في الفرص، ورفع الشروط التي تسبب عوائق لفئات معينة دون )٢٠١٦العرباوي، . (غيرها

بعون الذي يقول ابن خلدون في المقدمة و بالتحديد في الفصل الثالث و األرجباة األموال بغير حقها ظلمة و المعتدون )في أن الظلم مؤذن بخراب العمران (عنوانه

عليها ظلمة والمنتهبون لها ظلمة والمانعون لحقوق الناس ظلمة وخصاب األمالك على العموم ظلمة ووبال ذلك كله عائد على الدولة بخراب العمران الذي هو مادتها إلذهابه

هله واعلم أن هذه هي الحكمة المقصودة للشارع في تحريم الظلم وهو ما اآلمال من أينشا عنه من فساد العمران وخرابه وذلك مؤذن بانقطاع النوع البشري وهي الحكمة العامة المراعية للشرع في جميع مقاصده الضرورية الخمسة من حفظ الدين و النفس و

.العقل النسل والمالمق في حاالت أو الثورات االجتماعية في أنحاء األرض والذي ينظر بإمعان وع

في الماضي والحاضر؛ يدرك تكامل مفهوم األمن االجتماعي، ويدرك أن مفتاحه هو الحرية، والحرية منشؤها العدل، وأن غياب العدل والحريات هو الذي يفتح أبواب

أنه لم تحل تلك التمرد والصراع الطائفي والطبقي واالجتماعي على مصراعيه، واإلشكاالت في الماضي، ولن تحل في الحاضر والمستقبل بسبب بتراجع القانون

)٢٠١٣المدني، (. والعدلحسب )٢٠١٦اإلسكوا، (وتتعدد أسباب الظلم في العالم العربي حسب تقرير

التقرير الصادر عن األمم المتحدة، لكن جذوره حسب التقرير تعود إلى قرن مضى فكثير من هذه الدول نشأت ضعيفة في . إلى نشأة الدول العربية بشكلها الحاليوتحديدا

وتداخلت المنظومة األمنية . بنى أجهزتها اإلدارية، فولدت بعجز هيكلي في بنيانهاوالسياسية مع منظومة اقتصادية اختزلت اقتصاد الدولة بمراكز نفوذ السلطة ورهنت

وقد رسم هذا التحالف غير الحميد بين السلطة . يناالقتصاد الخاص بشبكات المتنفذالمالية والسلطة السياسية معالم أدوات ظلم اقتصادية تتمثل في تغلغل شبكات نفوذ اقتصادية في مؤسسات الدولة ومؤسسات القطاع الخاص تضع اليد على أهم مفاصل

ستغاللها وامتصاص اقتصاد البالد، ومركزة سياسات التنمية والتخطيط والبناء لتسهيل اوكانت . مخصصاتها، وخنق المبادرات الخاصة وإلغاء الدور المجتمعي في التنمية

النتيجة األولى لهذه السياسات مؤسسة الفساد والظلم وتأصيل التبعية االقتصادية .وتهزيل الدور التنموي للدولة وإضعاف قدرتها على إنتاج الطاقات البشرية واستثمارها

:ربوي والتعليمي في فكر ابن خلدونالبناء الت .٣يقول ابن خلدون، ومن كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك أو الخدم سطا عليه القهر وضيق على النفس انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إلى

م ٢٠١٨أكتوبر لسنة ) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٤٠٤-

الكسل وحمله على الكذب والخبث وهو التظاهر بغير ما في ضميره خوفا من انبساط لقهر عليه وعلمه المكر والخديعة لذلك وصارت له هذه عادة وخلقا وفسدت األيدي با

معاني اإلنسانية التي له من حيث االجتماع والتمدن وهي الحمية والمدافعة عن نفسه أو منزله وصار عياال على غيره في ذلك بل وكسلت النفس عن اكتساب الفضائل والخلق

ها فارتكس وعاد أسفل سافلين، وهكذا وقع الجميل فانقبضت عن غايتها ومدى إنسانيتواعتبره في كل من يملك أمره عليه . لكل أمة حصلت في قبضة القهر ونال منها العسف

)مقدمة ابن خلدون. (وتجد ذلك فيهم استقراء. وال تكون الملكة الكافلة له رفيقة به :ويرى ابن خلدون أن للتربية أهدافا هي

.شطإعطاء الفرصة للفكر لكي ين -أ .إعطاء اإلنسان الفرصة لكي يحيى حياة طيبة في مجتمع راق متحضر - ب إعطاء اإلنسان الفرصة لكسب الرزق وتنمية الخصال الحميدة فيه ويعتبر أن -ج

) ٢٠١٥الحربي، (األساس في التعلم القرآن الكريم لقد رسم الطريق الذي وضحه ابن خلدون لتواجد اإلنسان في مجتمع متحضر

وة الدولة من خالل قوة نظام التربية، ألنها مقوم لشخصية الفرد فإذا تربى تظهر فيه قتربية صالحة منذ صغره، فإنه يكون ثمرة لمجتمعه و دولته ويفيد غيره، أما إذا تربى تربية غير صالحة أو أنه لم يتعرض للتربية حتى فسيكون عاله على الدولة والمجتمع و

مستبد متغطرس ال يفقه شيئا من العلوم والمعارف وعديم ال يعتمد عليه، والنتيجة فردفالتربية تجعل الفرد يحافظ على وطنه وعائلته ودينه ويعرف حقوقه و . المسؤولية

أما فيما يخص مجال العلم والتعليم يرى ابن خلدون أنهما ضروريان حيث . واجباتهشية لألفراد والجماعات و في الوقت الذي تؤدي فيه الصنائع وظيفة حياتية ومعي : يقول

في نفس الوقت تقوم بدور بنائي تكويني على طريق اكتساب العقل الفريد وتكوين الملكة، فأن هذا العقل أو الملكة الناتجة عن الصناعة والمتولدة عنها ال تتكون، فال بد لها من ممارسات فكرية وعملية لكي تفعل فعلها البنائي والتكويني في ذاته كفرد

).١٩٩٠شمس الدين، (بالتالي في كيان المجتمع ولقد صادف الشباب العربي مشاكل تربوية وتعليمية أدت إلى التناقض بين القيم

كما أدى التغير . والمجتمع أي ما بين ما يجب أن يكون وبين الممارسة الفعليةافة األمة االجتماعي الحاصل إلى جعل الشباب يفقدون الهوية الذاتية بسبب بعدهم عن ثق

وأصبح منهم المتغرب الذي يعيش كما تعيش الحياة في . وتراثها و تقاليدها وعقيدتهاومنهم من حاول مسك العصا من وسطها فازداد .البلدان الغربية بتشويه قليل أو كثير

تشويشا ومنهم من يحاول الحفاظ على شخصيته بما فيها من قيم دينية واجتماعية

م ٢٠١٨ر لسنة أكتوب) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٤٠٥-

إبراهيم، (مر مما جعل الكل يعيش في غربة وهو في وطنه فصار كالماسك على الج١٩٩٩.(

ويالحظ أن السياسة التعليمية في الشرق األوسط والدول العربية غالبا ما تسير بشكل تقليدي في التلقين وعدم إعطاء الطالب فرصة للتفكير المفتوح، وهناك عدم

البحث العلمي في العالم العربي االهتمام بالبحث العلمي في الجامعات مما يعني أن أزمة ).٢٠١٢أبو بكر، (. تعني التخلف العربي عن ركب الحضارة والنهضة العلمية

إن غياب الفلسفة والسياسة التربوية أو غموضها وعدم تبلورها في أذهان مختلف الفاعلين االجتماعيين والمجتمع بصفة عامة يعيق العملية التربوية لالضطالع

وهو تنمية الثروة البشرية وحسن توجيهها خدمة لصالح األفراد و بدورها األساسيالمجتمع، بل ويترك الباب مفتوح أمام مختلف اإلجراءات الميدانية، الجزئية، غير المنسقة والتي تمليها في غالب األحيان متغيرات طارئة وبالتالي ال تفي بالغرض

الفرد /المواطن/م متكامل لإلنسانوتقتضي نجاعة هذه الفلسفة صياغة مفهو. المطلوبوألهداف تكوينه وتأهيله لالندماج في محيطه االجتماعي وللتكيف مع مختلف المعطيات

).٢٠٠٢محسن، (.المتجددة لعصر سريع التغير والتحولولألسف فقد تحولت المدرسة العربية ومن بعدها الجامعة إلى بركة آسنة ال

عدد الجامعات في العالم العربي وتزايد أعداد ومهما قيل عن كثرة. يتجدد ماؤهاالخريجين عاما بعد عام، فإن ذلك ال ينفي صحة الكالم عن انهيار التعليم وتحول الجامعة إلى مؤسسة تفرخ الخريجين الذين يضافون إلى الكتلة الشبابية الضخمة من

للمنافسة في سوق العاطلين عن العمل دون أن تكون لدى كثير منهم المؤهالت الحقيقية العمل المتطلبة في عالم معولم تسعى فيه الشركات إلى استقطاب أصحاب المواهب والمؤهلين علميا ومعرفيا، ال أولئك الذين تربوا في بيئة تعليمية يخنقها القمع ومحاربة

والداللة على ذلك أنه ليس هناك جامعة عربية واحدة يمكن القول إنها من بين . المواهب مائة جامعة في العالم، رغم وفرة المال ووجود العقول والكفاءات التي تستطيع أفضل

لكن المال يذهب إلى أماكن أخرى، والكفاءات . أن تنهض بالتعليم الجامعي وتطورهتهاجر إلى حيث تستطيع أن تفكر بحرية وتطور معرفتها وتقوم بأبحاثها العلمية التي

تعليمية أخرى ال يخنقها القمع وهيمنة أجهزة األمن تسهم في تطور المعرفة في بيئات ).٢٠١١صالح، (.على قطاعات الحياة جميعها

في مجمل النتائج التي )٢٠١٢المرصد العربي للتربية، (وقد أكد تقريرعرضها عن حال التربية والتعليم في الوطن العربي الى حاجة األنظمة التربوية العربية

قوف على األسباب الحقيقية وراء تدني مستويات األداء في لعملية مراجعة شاملة للو. مجاالت معرفية حيوية وأساسية لبناء رصيد بشري قادر على رفع تحديات المستقبل

م ٢٠١٨أكتوبر لسنة ) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٤٠٦-

فالمنطقة العربية تحتاج وإن بدرجات متفاوتة من بلد إلى آخر، إلى اإلقرار بأن وأن مخرجاتها ليست في السياسات التربوية التي تمر اعتمادها تنقصها الفاعلية،

. المستوى المأمول ويمكنها من المنافسة عالميا ويحقق لها األمن المعرفي : خاتمة

حاولـت الدراسـة التعـرف علـى بعض العوامل التي تقود إلى األمن االجتماعي وفق رؤية ابن خلدون، من خـالل تناول أفكـار ابـن خلـدون المذكورة

ن هذا الجانب، وبيان مدي صالحية رؤية ابن خلدون في في فصــول المقدمـة مالحفاظ على تماسك وقوة مجتمعاتنا العربية في الوقت الحاضر من خالل ربط تلك األفكار بالعوامل التي تضعف مجتمعاتنا اليوم، في تتبع وغوص في تفاصيل العمران البشرى

ر االجتماعي داخل ومقومات قوة وضعف الدول وعوامل تفككها وعوامل التغیمجتمعاتها من خالل لفت االنتباه إلى أهمية قوة النظـام االقتصـادي والنظام التعليمي والتربوي والقانوني باعتبارها مـن أهـم األنساق من وجهة نظر ابن خلدون في المحافظة على األمن االجتماعي بالضد من السير نحو انهيار المجتمعات والدول ونشوب

.اخلهااألزمات د : توصيات الدراسة

توصي الدراسة باالهتمام بما قدمه الفكر االجتماعي تاريخيـا ومحاولـة ربطـه .١بالحداثة والمعاصرة الستشراف المستقبل وتجنب الظواهر االجتماعية السلبية التي

. تقود المجتمعات إلى التفكك أو العنف أو االنهياربي وفي مقدمتها العدل من خالل تطبيـق تعزيز جملة من القيم داخل اإلنسان العر .٢

. منهج الشفافية وإقصاء الفساد والفاسديناالهتمام بالنظام التربوي والتعليمي وتحديث أسـاليب التـدريس فـي المـدارس .٣

والجامعات بعيدا عن أسلوب التلقين ودعم ميزانيات البحث العلمـي فـي األقطـار .العربية

متطلبات المرحلة الجديدة وفي مقدمتها تعريب إصالح المنظومة التربوية لتستجيب ل .٤ العلوم والترفيع في ميزانيـات البحث العلمي حتى ال يبق في حدود محتـشمة أي

وهي النسبة التقريبية لميزانية البحث العلمي في سائر األقطار % ٢مناخ تعزيز ثقافة القانون من خالل التطبيقات الفعلية على ارض الواقع إلسقاط أي .٥

. يتعلق بالواسطات والمحسوبيات تحت مظلة النزاهة والشفافيةالماديـة ية تشمل كل اإلمكانيات العلمية والتركيز على الجانب التنموي في إطار رؤ .٦

. والخبرات لبناء مجتمعات قوية متماسكة تسير نحو التقدم والرفاه

م ٢٠١٨ر لسنة أكتوب) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٤٠٧-

: المراجع العربي، دار المحالوي أزمة التعليم في الوطن).١٩٩٩. (إبراهيم، مفيدة .١

. للنشر، عمانشعيب األرناؤوط : تحقيق مسند اإلمام أحمد،).٢٠٠١. (أحمدابن حنبل، .٢

. الرسالةمؤسسةوعادل مرشد، بيروت، ، تحقيق ٣ صحيح البخاري، ط).١٩٨٧. ()محمد بن إسماعيل(البخاري .٣

.مصطفى البنا، بيروت، دار ابن كثيرالمملكة العربية مجموع الفتاوى، ).٢٠٠٤(، )مأحمد بن عبد الحلي(ابن تيمية .٤

.مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريفالسعودية، ، الشرق األوسط والربيع العربي آفاق ومستقبل، )٢٠١٢(أبو بكر، مهدي .٥

. يناير ٢٢ بتاريخ ٣٦١٥مقال منشور على موقع الحوار المتمدن، العدد إسهام عبد الرحمن بن خلدون في ).٢٠٠٦. (أحمد، عبد الرحمن يسري .٦

.الفكر االقتصادي، دراسات إسالمية اقتصادية، جامعة طنطا، مصر تطور الفكر االقتصادي، الدار الجامعية ).٢٠٠٣. (أحمد، عبد الرحمن يسري .٧

. اإلبراهيمية، اإلسكندرية إسهامات ابن خلدون في الفكر االقتصادي ).٢٠١٢. (أرشيد، محمود .٨

مؤتمر ابن خلدون عالمة الشرق والغرب، جامعة النجاح اإلسالمي، .الوطنية، فلسطين

الظلم في العالم العربي والطريق إلى العدل، تقرير صادر ).٢٠١٦. (االسكوا .٩ . عن األمم المتحدة، مكتب بيروت

نظام األمن الجماعي في التنظيم الدولي ) ١٩٨٥(آل عيون، عبد اهللا محمد .١٠ . ليلية وتطبيقية، دار البشير، عمانالحديث، دراسة تح

.تقرير لجنة الحماية االجتماعية). ٢٠١١. (األمم المتحدة .١١األمن االجتماعي والعولمة، المركز العالمي لألبحاث ).٢٠٠٦. (الباشا، فائزة .١٢

. والدراسات، طرابلسدراسة حالة، وزارة الثقافة، /، األمن االجتماعي )٢٠١٢(بركات، علي أسعد .١٣

.شقدم

م ٢٠١٨أكتوبر لسنة ) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٤٠٨-

، ياقتصاد بخريف عربي ربيعالعربية، الثورات ).٢٠١٢. (البكري، جواد .١٤ . بابل، العراق جامعة.كلية اإلدارة واالقتصاد

العائلة واألمن االجتماعي، مجلة علوم إنسانية، ). ٢٠٠٥. (البناء، ذكرى جميل .١٥ .يونيه، ٢٢العدد

: تحقيق٤ سنن الترمذي، ج).١٩٧٥. ()أبو عيسى محمد بن عيسى(الترمذي .١٦ .إبراهيم عطوة، القاهرة، مطبعة الحلبي

). ٢٠١٢. (مد رضا علي، والتميمي، إيمان محمد رضا عليالتميمي، عماد مح .١٧األمن االجتماعي "األمن االجتماعي ضبط المصطلح وتأصيله الشرعي، مؤتمر

/ شعبان/ ١٤-كلية الشريعة،جامعة آل البيت، " في التصور اإلسالمي .تموز/ ٤-٣هـ الموافق ١٤٣٣

شبكة األلوكة آراء ابن خلدون التربوية،).٢٠١٥. (الحربي، هيا تركي .١٨ . االلكترونية

مستوياته وصيغه : مفهوم األمن).٢٠٠٨. (الحربي، سليمان عبد اهللا .١٩وتهديداته، المجلة العربية للعلوم السياسية، مركز دراسات الوحدة العربية، ،

.بيروت . البناء االجتماعي، دار الطليعة، بيروت.)١٩٨٥ (.الحسن، إحسان .٢٠لماذا قامت؟ وما النتائج : رات الربيع العربي ثو).٢٠١٧. (حسين، محمود .٢١

. التي ترتبت عليها؟، مقال منشور على موقع لماذا اإللكترونيcom.limaza.www://https /

الفكر االقتصادي عند العالمة بن خلدون مقارنا .)٢٠٠٦ (.حميش، عبد الحق .٢٢مع النظريات االقتصادية الحديثة، مجلة دراسات إسالمية، المجلد الثالث

. شر، العدد الثاني، السعوديةع القواعد الفقهية المتعلقة باألمن الشامل، المجلة .)ت.د (.الخادمي، نور الدين .٢٣

.٤٢، العدد ٢١العربية للدراسات األمنية والتدريب، المجلد شبكة األمان االجتماعي وتحسين نوعية ). ٢٠١٠. (خليل، منى عطية خزام .٢٤

. ب الجامعي الحديثحياة الفقراء، اإلسكندرية، المكت

م ٢٠١٨ر لسنة أكتوب) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٤٠٩-

التخطيط لمواجهة التمييز النوعي للمرأة ). ٢٠١١. (خليل، منى عطية خزام .٢٥كمدخل لتحقيق األمن االجتماعي، مجلة دراسات في الخدمة االجتماعية والعلوم

. اإلنسانية، كلية الخدمة االجتماعية، جامعة حلوان، العدد الثالثونقيم عند ابن خلدون، النور للدراسات اإلنسان وال).٢٠١٥. (دوفاني، سعاد .٢٦

.الحضارية والفكرية، اسطنبولاألمن النفسي واالجتماعي دعامة أساسية ). ١٩٨٨. (زهران، حامد عبد السالم .٢٧

لألمن القومي العربي والعالمي، ندوة األمن القومي العربي، اتحاد التربويين .العرب، بغداد

قواعد المنهج، طبعة :الخلدوني االجتماع علم ).١٩٧٢. (الساعاتي، حسن .٢٨ . ة، بيروت، دار النهضة العربي2

إبن و خلدون إبن عند التربوي الفكر ).١٩٩٠. (شمس الدين، عبد األمير .٢٩ .، الشركة العالمية للكتاب، بيروتاألزرق

، من أهداف الربيع العربي إصالح التعليم، مقال )٢٠١١(صالح، فخري .٣٠ . منشور في صحيفة الدستور األردنية

ابن خلدون، بيروت، مؤسسة المعارف ). ١٩٩٧(الطباع، عمر فاروق .٣١ . لنشرللطباعة وا

، الفكر التنموي في مقدمة )٢٠٠٩(عابدين، محمد يسار و المصري، عماد .٣٢ابن خلدون، دراسة تحليلية مقارنة لالتجاهات النظرية المفسرة لعملية التنمية الحضرية ولدراسة مؤشر تطور التنمية مع الزمن، مجلة جامعة دمشق للعلوم

.الهندسية، دمشقثورة والبناء الحضاري عند ابن خلدون، ، ال)٢٠١٦(عبد الشافي، عصام .٣٣

. دراسات سياسية، المعهد المصري للدراسات السياسية واالستراتيجية، التكافل االجتماعي في اإلسالم، الشركة العربية للتوزيع، )١٩٩٧(العال عبد .٣٤

.القاهرة: حتمية التغيير في فكر ابن خلدون ).٢٠١٨. (العجيلي، خميس غربي حسين .٣٥

سيولوجية لظاهرة التغيير في التاريخ العربي، جامعة فيالدلفيا، دراسة سو المؤتمر السابع عشر، كلية اآلداب، األردن

مطلب الحرية والثورة العربية المعاصرة، ).٢٠١٦. (العرباوي، عزيز .٣٦ . مؤسسة مؤمنون بال حدود

م ٢٠١٨أكتوبر لسنة ) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٤١٠-

في الخدمة االجتماعية ودورها المعاصر). ٢٠٠٢. (عفيفي، عبد الخالق محمد .٣٧تحقيق السالم واألمن االجتماعي، المؤتمر العلمي الخامس عشر، كلية الخدمة

.االجتماعية، جامعة حلوان، القاهرة، دار الشروق اإلسالم واألمن االجتماعي). ١٩٩٨. (محمدعمارة، .٣٨

.للنشر والطباعة التربية األمنية في المنهج اإلسالمي، رسالة .)٢٠٠٩ (.العمري، محمد .٣٩

.امعة اإلمام محمد بن سعود، الرياضدكتوراه، ج عالقة اشتراك الطالب في جماعات .)٢٠٠٤(.العنزي، منزل عسران جهاد .٤٠

النشاط الطالبي باألمن النفسي واالجتماعي لدى طالب المرحلة الثانوية .بالرياض، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الدراسات العليا، السعودية

.ألحكام السلطانية، دار الفكر، بيروت ا.)١٩٨٦ (.الفرا، أبو يعلى .٤١ ورقة مقدمة إلى مؤتمر ابن خلدون عالمة الشرق .)٢٠١٢(. فطاير، جواد .٤٢

. والغرب، جامعة النجاح الوطنية، فلسطين . أدب الدنيا والدين، ،تحقيق مصطفى السقا،طبعة القاهرة.)١٩٧٣ (.الماوردي .٤٣ . بيروت، نظام اإلسالم، دار الفكر،)ت.د(المبارك، محمد .٤٤ التربية والديمقراطية ومهام التنمية والتحديث .)٢٠٠٢ (.ىمحسن، مصطف .٤٥

. في عالم متغير، مجلة دفاتر الشمال، المغرب العلمية الحلقة مفهوم التوعية األمنية، .)٢٠١٣ (.المدني، خليل عبد اهللا .٤٦

.الرياض ، مستقبلية رؤية / األمنية التوعية حول تقرير التعليم في الوطن العربي، المنظمة .)٢٠١٢ (.المرصد العربي للتربية .٤٧

. العربية للتربية والثقافة والعلوم ، التربية األمانية في اإلسالم،)٢٠٠٨. (أحمد عبد الرسول محمدمصطفى، .٤٨

.م٢٠٠٨رسالة دكتوراه، كلية التربية، جامعة األزهر، القاهرة، مقدمة ابن خلدون، شركة دار األرقم ابن أبي األرقم ) ت.د. (الزغبي، أحمد .٤٩

. للطباعة والنشر، بيروتبعض سمات الشخصية وعالقتها بالرهاب ). ٢٠١٤ (.حمدأالحجري، .٥٠

لة ماجستير غير االجتماعي لدى طلبة جامعه نزوى في سلطنة عمان، رسا .منشورة، جامعه نزوى، مسقط، سلطنة عمان

م ٢٠١٨ر لسنة أكتوب) الجزء األول١٨٠: (مجلة كلية التربية، جامعة األزهر، العدد

-٤١١-

درجة الرهاب االجتماعي وعالقتها بمستوى ). ٢٠١٥(.الركيبات، أمجد .٥١التحصيل الدراسي والنوع لدى طلبة الصف العاشر األساسي في األردن،

.١٣-، )٢(٤المتخصصة، المجلة الدولية الرهاب االجتماعي لدى . )٢٠١١ (.المومني، فواز وجرادات، عبد الكريم .٥٢

الطلبة الجامعيين، االنتشار والمتغيرات االجتماعية الديمغرافية، المجلة األردنية .٨٨-٧١، )١(٤للعلوم االجتماعية،

استراتيجيات المواجهة وعالقتها ). ٢٠١٦. (العازمي، عائشة ديحان قصاب .٥٣ة بالكويت، بالقلق االجتماعي والتحصيل الدراسي لدى طالب المرحلة الثانوي

.، الجزء األول، أبريل١٦٨مجلة التربية، كلية التربية، جامعة األزهر، العدد مدخل إلى التصور اإلسالمي لإلنسان ).١٩٨٢. (توفيقالهاشمي، عابد .٥٤

.، دار الفرقان للنشر والتوزيعوالحياة مقومات األمن في القرآن الكريم، المجلة العربية .)ت.د (.الهويمل، إبراهيم .٥٥

.٢٩، العدد ١٥لدراسات األمنية والتدريب، المجلد ل مسؤولية األفراد واألجهزة الحكومية في .)٢٠٠٧(. الهيتي، عبد الستار .٥٦

األمن االجتماعي تحديات " تحقيق األمن االجتماعي، ورقة عمل مقدمة لمؤتمر .المنعقد في البحرين لعام" وتطلعات

.المتحدة للتنمية المستدامةلجنة األمم ). ٢٠١٠ (.هيئة األمم المتحدة .٥٧58. Ozkan. E A, Gul. Ali I.(2016) Evaluation of depression

and social anxiety symptoms in obese children, Journal of Psychiatry and Neurological Science, 29, 8-14.

59. Rosenthal, J.(2009). The effect of internet use and treatment sought in individuals diagnosed with social phobia, unpublished doctorial dissertation, Walden University.