ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ...

275
اﻟﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﺠﺰاﺋﺮﯾﺔ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاطﯿﺔ اﻟﺸﻌﺒﯿﺔ وزارة اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﺎﻟﻲ واﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ وھﺮان1 : أ ﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺑﻠﺔ ﻣﻌﮭﺪ اﻵداب واﻟﻔﻨﻮن ﻗﺴﻢ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وآداﺑﮭﺎ طﺮوﺣﺔ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻨﯿﻞ ﺷﮭﺎدة اﻟﺪﻛﺘﻮراه ﻋﻠﻮم ﺑﻌﻨﻮان: إﻋﺪاد اﻟﻄﺎﻟﺐ: اﻟﻄﯿﺐ ﺑﻮﺗﺮﻋﺔ إﺷﺮاف: د. اﻟﻄﺎھﺮ ﺑﻠﺤﯿﺎ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ :- . / ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻭﻫ ﺃﺴﺘﺎﺫﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺒﺭﻭﻨﺔﻤﺤﻤﺩ ــــ ﺭﺍﻥ ﺭﺌﻴ ــــ ﺴﺎ- . / ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻭﻫ ﺃﺴﺘﺎﺫﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺍﻟﻁﺎﻫﺭ ﺒﻠﺤﻴﺎ ــــ ﺭﺍﻥ ﻤﺸﺭﻓﺎ ﻭﻤﻘﺭﺭﺍ- . / ﺃﺴﺘﺎﺫﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻤﺨﺘﺎﺭﻱ ﺨﺎﻟﺩ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻭﻫ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ــــ ﺭﺍﻥ ﻋﻀﻭﺍ ﻤﻨﺎﻗﺸﺎ- . / ﻋﻀﻭﺍ ﻤﻨﺎﻗﺸﺎ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺴﻴﺩﻱ ﺒﻠﻌﺒﺎﺱ ﺃﺴﺘﺎﺫﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺒﻭﺩﺍﻟﻲ ﺘﺎﺝ- . / ﻓﺭﻋﻭﻥ ﺒﺨﺎﻟﺩ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺃﺴﺘﺎﺫﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺴﻴﺩﻱ ﺒﻠﻌﺒﺎﺱ ﻋﻀﻭﺍ ﻤﻨﺎﻗﺸﺎ- . / ﺃﺴﺘﺎﺫ ﺤﻀﺭﻱ ﺴﻤﻴﺔ ﻋﻀﻭﺍ ﻤﻨﺎﻗﺸﺎ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻋﻴﻥ ﺘﻤﻭﺸﻨﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺷﻌﺮﯾﺔ اﻟﺘﻨﺎص ﻓﻲ ﺷﻌﺮ اﻟﺠﻮاھﺮي اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ: 2016 - 2017

Upload: others

Post on 13-Feb-2020

17 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

الجمھوریة الجزائریة الدیمقراطیة الشعبیة

وزارة التعلیم العالي والبحث العلمي

حمد بن بلة أ:1جامعة وھران

معھد اآلداب والفنون

قسم اللغة العربیة وآدابھا:طروحة مقدمة لنیل شھادة الدكتوراه علوم بعنوان أ

الطاھر بلحیا.د أ :إشراف الطیب بوترعة : إعداد الطالب

لجنة المناقشة :

ساــــرئي رانــــبرونةمحمد أستاذالتعليم العالي جامعة وه/د.أ-

مشرفا ومقررا ران ــــالطاهر بلحيا أستاذالتعليم العالي جامعة وه/د.أ-

عضوا مناقشا ران ــــالعالي جامعة وه مختاري خالد أستاذالتعليم/د.أ-

بودالي تاج أستاذالتعليم العالي جامعة سيدي بلعباس عضوا مناقشا/د.أ-

عضوا مناقشاسيدي بلعباس أستاذالتعليم العالي جامعة فرعون بخالد/د.أ-

التعليم العالي جامعة عين تموشنت عضوا مناقشاحضري سمية أستاذ/ د.أ-

شعریة التناص في شعر الجواھري

2017-2016:السنة الجامعیة

Page 2: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ
Page 3: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

اإلهداء إلى روح والدي الكريم

إلى والدتي برا وخفض جناح

إلى زوجتي الكريمة أم سعيد التي قاسمتني عناء هذا البحث

سعيد ،هداية ، : إلى قرة عيني ونبض قلبي أبنائي هدية اهللا ومنحته .أريج

.ألحباب واألصدقاء وهم كثيرونإلى كل ا

أهدي هذا العمل

Page 4: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

شكروعرفـانأشكر اهللا تعالى على فضله حيث أكرمني بإنجاز هذا العمل ، فله الحمد أوال

وآخرا.

ثم أشكر أولئك األخيار الذين مدوا لي يد المساعدة، خالل فترة البحث، وفي مقدمتهم أستاذي الفاضل المشرف على الرسالة األستاذ الدكتورالروائي الطاهر بلحيا الذي لم يدخر جهدا في مساعدتي، فقد فتح لي قلبه ومكتبه، كما هي عادته مع كل طلبة العلم، وكان يحثني على البحث، ويرغبني فيه، ويقوي عزيمتي عليه ، فنمت له بذلك معزة خاصة في قلبي ، فله من اهللا األجر ومني كل التقدير حفظه

اهللا ومتعه بالصحة والعافية .

كما أشكر جميع أعضاء لجنة المناقشة الموقرة، لقبولهم مناقشة بحثي هذا.

والشكر موصول لجميع أساتذة قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة وهران .

Page 5: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

:مقدمة

يائيات النصية؛ التناص من أهم المفاهيم النقدية التي اهتمت بها الشعرية الغربية والسيم تبريعويعد كذلك من أهم المفاتيح اإلجرائية ، لما له من فعالية إجرائية في تفكيك النص وتركيبه

أداة هوفي شتى المجاالت الفكرية والفنية واألدبية، و التثاقف ورصد عملية ،لفهم األدبواستكناه هبنيته العميقة، والدخول إلى أغوار ه ومعرفةناجعة لمقاربة النص األدبي واستنطاقألن النص مهما كان هو شبكة من التفاعالت الذهنية، . دالالته وتفاعالته الخارجية والداخلية

ونسق من المصادر المضمرة والظاهرة التي تتوارى خلف األسطر وتتمدد في ذاكرة .1المتلقي

والتناص أيضا مجموعة من األصوات واإلحاالت التي تنصهر في النص األدبي تبعا بل النصوص اإلبداعية،بطريقة واعية أو غير واعية أو هو التداخل النصي بصفة عامة

.امتصاص ومحاكاة للنصوص السابقة وتفاعل معها يه لهذا

قي مادته من مخزونه فهو يست،للشاعر خصوصية تميزه وفقا لهذ المنظور تظهرو ءاتهامن فضااللغة بذلك يسحبف .الثقافي الذي احتوته الذاكرة عبر مراحل زمنية متعاقبة

جمالية التي تجعل ال ائفوظال جعلها تقوم علىحيث ي فضائه الخاص، النصية المختلفة نحو .من الكالم شعرا

ناص الذي يجعل من وعلى محك هذه الرؤية تتولد هناك عالقة مباشرة بين الت الجمالي لتظافر تلك ناتجوالشعرية باعتبارها ال ،النص األدبي حاضنا لنصوص متعددة

.النصوص في نسيج واحد

ووفقا لهذا التصور فإن النص قابل للتمدد عبر زمنه التاريخي استدعاء لنصوص الي فيكتسب بذلك هوية منشأ ألثر جم ،سابقة، وامتدادا وتشعبا فيما ال حصر له من نصوص

.خاصة

وضمن هذا المسار يتجه هذا البحث إلى استبطان نصوص الجواهري واستنطاقها من خالل كشف عالقات تقاطعها مع النصوص السابقة، ورصد ما نتج عن تلك العالقات من

131،1321،ص2013،المغرب ، المعارف منشورات عتبات النص األدبي ،: جمیل الحمداوي،شعریة النص الموازي: ینظر 111111

Page 6: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

مناحي جمالية ، وهو المحور الذي تدور حوله الدراسة بشكل رئيس، معتمدا في ذلك على إجرائيا وحسب، ولكن بوصفه ممارسة إنتاجية، وال نعني نهجاتناص نفسه، البوصفه ال

باإلنتاجية محو الذات المبدعة للنص في بوتقة النص الواصف، بل نعني بها إعادة إنتاج النص الشعري، بوصف الذات خالقة له متخلقة فيه،

، إال أنه مدخل تهمشقرغم هذا الحفر المعرفي على المستوى النص الجواهري ، وهو ذات الطابع الكالسيكي المتجدد بآلية التناص المعاصرة نصوصهلفحص موضوعي

على التراث من بين أبرز قوم به لصالح شعرية تلك النصوص، كون انفتاحهانس ازعم أنننما خصائصها الفنية الالفتة وهو ما جعلها تستجيب لمقولة التناص الذي يعد إجراء يظهر

، وتجلياتها بشكل دقيق هامكونات العمل اإلبداعي، ويظهر النصوص السابقة المتمفصلة في .ر ذلك عنصرا من عناصر شعريتةاواعتب

في مقاربة واستكناه شعرية التناص ،وهذا كان حافزا ودافعا محوريا لهذا البحث :جوهرية التي يأتي من بين أهمهافي قصائد الجواهري ، منطلقا من جملة من التساؤالت ال

كيف تناص شعر الجواهري مع التراث، كيف وظفه، وماذا وظف منه، وماذا - أضاف إليه؟ وهل استطاع بهذا التوظيف أن يستثمر ما فيه من مدخرات وجدانية وفكرية؟

تحرك فيه؟ ت، وكيف ديالعمو هذا التناص داخل المتنشعرية تشكل تومن ثم كيف ه؟ وما داللة هذا التناص، وما أبعادت مع التراثمن المتون التي تناص عن غيره يتميز وبم

.الجمالية؟ وما الغاية منه؟

بأدبه خاصة قراءة وبيان جدا، صعب كالجواهري شاعرنتاج ب اإلحاطة أن الواقع عاشها عام مائة عن الكتابة بمثابة عنه فالكتابة. أصعب نالمطلوبي واإللمام بالشمول تمتاز

شاعر آخر أغوار سبر تعني كذلك وهي ، عليه يحسد ونبوغ بوعي وأفراحها بآالمها، األولية أصوله معها تزول ال حداثة واكسبه والضياع التيه من العربي الشعر حفظ كالسيكي،

هذا، يومنا لىإ الجاهلية من

ألف عشرين يقارب ما أنشد وقد أشعاره ، مجمل على الضوء إلقاء أن شك فال واألقاليم ليس باألمر الهين ،فقد البلدان في كامال، متنقال قرنا البالغ المديد عمره خالل بيت

Page 7: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

رهين و أخرى، تارة والبحتري تارة، الكبير المتنبي فهو القدماء الكبار حوى شعره أصواتمرة ربيعة أبي بن عمر وهو أخرى، بغداد اسون وأبو مرة، عريالم العالء أبو المحبسين

اهم واستضافهم عفقد استد،كثر م وغيرهم من الشعراء وه.أخرى الرضي والشريف الحقة، به زين إال القدماء، به أفاد قد شعريا ليترك منحا يكن لم نهإف هذا في نسيج شعره ،على

طموح يقتضيه لهموم وحامال محلال، منظرا فاكاش مفسرا والمسافات، الزمن فاختزل قصائده .له نهاية ال

فضال عن تقنعه بقناع في شعره ولعل هذا هو السبب في شيوع التناصات التراثية فمعالم التجديد في شعره .الشخصيات التراثية البارزة والفاعلة عبر الحقب الزمنية الماضية

والصور التقليدية ومالها من ارتباط بمصادرها الثقافية كون بالتخلي عن العبارات التراثيةتال في إيجاد اإلمكانات الجديدة في الثقافة الشعرية وإعادة صياغة كانألنها قديمة ، بل

فقد ، 1ن يكون في ذلك عائق في طريق التطورأمن غير ،المعطيات القديمة بجسارة واقتدار يمدها بالقوة العاملة على النهوض والتجديد ل قصائدهيتغلغل في نسغ ما التراثاستمد من

.والمواجهة والتصدي في آن معا

: قد تناصت مع الثقافة العربية محتوية فروعها كلها أعمال الجواهري وهكذا نجد الموروث واألسطورة والتاريخ والدين والشعر والفن والسياسة في تركيب فني محكم وجمالية

شرطا أساسا يجعل تعتبررت محمولها الفكري بما أثار الهزة التي حققت شعريتها وأث ،فائقة .من الشعر شعرا 2

وهي تستضيف ذلك ،وللوقوف على ماسبق ورصد شعرية نصوص الجواهري وابتغاء استكناه شعرية التناص وجماليات تمفصالته في متونه الزخم التراثي الهائل

الذي يوازن موعة من المناهج متظافرة كالمنهج التحليلي المقارنفقد تم استعمال مجوكيفياتها،بين النصوص انطالقا من الرؤية الداخلية للنص الحاضر، والبحث في بنيته العميقة لمعرفة تشكيلة التناصي واستكشاف قيمه الجمالية، كما تم استخدام المنهج الوصفي لرصد حركية

السميائي الذي يفكك باإلضافة إلى المنهج.ضر التناص والوقوف عند مرجعية النص الحا

1 403،ص1991، تونس حمد محمد قدور العربية الفصحى المعاصرة ، الدار العربية للكتاب أ :ينظر

2

Page 8: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

وقد قسم البحث على أربعة .رموز النص ويستنطق إشاراتها عن طريق الفهم التأويلي .فصول فضال عن المقدمة والخاتمة

،كتوطئة نظرية، النقدية مفهوم التناص في الدراساتتناول الفصل األول منها المقاربات المفهومية الغربية للتناص باعتبارها مهد تبلوره كمنهج مبتدئا بمبحث يتناول

مفهوم التناص في النقد ومن ثم تحدث المبحث الثاني عن بداية بباختين ثم جوليا كريستيفا،السرقة، والمعارضة : العربي ،حيث حام حوله النقاد العرب القدامى بمصطلحات مثل

أما المبحث تضمين،دون أن يؤصلوا لها كنظرية قائمة بذاتها، والمناقضة واالقتباس والإجرائيا له أدوات ووسائل منهجاالتناص باعتبارآليات التناص ومظاهره، الثالث فقد تناول

تحليلية تساعد الناقد أو القارئ المتخصص في كشف البنى التحتية للنصوص وتعرية إن الخطاب حيث ،اص وتحوالت الخطاب الشعريللتنأما المبحث الرابع فكان دواخلها،

الشعري يمكن لنفسه انطالقا من عمله على اللغة االعتيادية، ليصوغ منها لغة جديدة غير أما المبحث الخامس والسادس فقد خصصا للمفاهيم التناصية والتناص بين اإلنتاج . مألوفة

واإلنتاج يأتي بعد هدم عدد من الكتابة هي مرحلة إنتاج ، باعتبار ،والتلقي على التوالي . النصوص التي تقاطعت عالقاتها في فضاء نصي ما

وهو يلقي ،أما الفصل الثاني فقد تناول مصادر التناص في شعر الجواهري الضوء على الدائرة التراثية الواسعة التي امتاح منها الجواهري صوره ورؤاه وتعابيره، فهو

مستجلب لمكامن الجمال فيه وموظفا إياها في نسيجه ،عري مولع بالتراث خاصة الشليكتب لها حياة جديدة تأخذ أنفاسها من واقع الجواهري، وهي زاخرة بحموالت ،الشعري

داللية تحيل إلى عصر ها، فيربط بذلك الجواهري جسرا بين زمنه وأزمنة عربية قديمة .شتى

بعيدا ر من التراث واستحضاره له استلهام الشاعوفي هذا الفصل تم الوقوف على من ،للرموز الخاصة عن التميز وإنشاء ابحث باعتبارهبل ،التقوقع ضمنه وإعادة تلميعهعن

الصور التراثية وإعادة بعثها أو النصوص و خالل الغوص في التاريخ واستخراج تلكلتجربة ألن الشعر إنما يؤسس ،نتاجها على نحو يمكن لحضور الماضي في الحاضرإ

.الجذور ولن تكون هذه التجربة منقطعة ،إنسانية

Page 9: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

ن حيث إ ،وبالنسبة للفصل الثالث فتمثل في أشكال التناص في شعر الجواهري تضمين نص أواقتباس جزء منه، أو مجرد حشد أسلوب الجواهري في التناص ليس مجرد

المصادر المتنوعة متصاص تلك الرموز ،بل إن الجواهري يتجاوزها في الغالب إلى ل وص، ،بحيث يغدو النصباشكال متنوعة مختلفة،محاوال دمجها وصهرها في نصه اإلبداعي

،فتم الجواهري ممتلئا بطاقات إيحائية جديدة ومتنوعة تخدم الهدف الذي سيقت من أجلهتناص كلي وآخر جزئي : تقسيم أشكال التناص في شعر الجواهري إلى أربعة أشكالبذلك

نحاول من خاللها الوقوف على أبرز صور تمفصالت النصوص ،ضادموافق وآخر موتناص تاركين التعليق عن األثر الجمالي الناتج للفصل ،والصور الغائبة في نصوص الجواهري

. لالحقا

بينما الفصل الرابع فقد أفرد للحديث بشكل مفصل عن شعرية التناص وجمالية فنيةبجمالية عاة في نسيج الجواهري الشعري، وهو مترع التحام النصوص والصور المستد

إبداعية شعرية لها امتدادات في الموروث الشعري العربي،إذ تمكن الشاعر اتستضيف أصواتمن امتصاص التراث العربي؛والثقافة العربية مما أسهم في إعطاء التجربة الشعرية لديه

. صوتها المتفرد والمنفرد

صل يقتضي التفصيل كونه عصب البحث ، وهو يجلي مناحي وباعتبار هذا الف األثر تظهر كاملة، صص له ثمانية مباحثالشعرية في تناصات قصائد الجواهري، فقد خ

والصور المختلفة التي ،الجمالي لتالقح نصوص الجواهري مع النصوص الشعرية القديمةعن طريقة اإلحيائيين في شغلت عالم الجواهري، وجعلته يستضيفها بأشكال عدة بعيدة

التماهي مع النص القديم كمعيار يظهر جودة الشعر وتمكنهم من ناصيته، بل الجواهري عمد إلى التراث واستجلب منه ما يذكي به تجربته ويجعلها أكثر حضورا وقوة ، فنجد في هذا

رية الشاعر إلى استحضار التجارب الشع من خالل لجوء تكثيف التجربة الشعريةالفصل متعدد بذلك دمجها في تجربته الخاصة ليكثف نصه، ويصبح خطابه والسابقة والمتزامنة

امتياح األساليب ،جدلية استحضار التضاد :قد تم بسط هذا المبحث في ثالثة مطالب و،القيم .االنفتاح على الشخصيات التراثية ،الشعرية

Page 10: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

تتبع حيث تم ،اثية للزمناستدعاء صوراالترثم عرجنا في المبحث الثاني على وأشكال اندغامها في ،مصادرها الشعرية التراثية منعملية استحضار الصور الزمنية

التأصيل لهذا المبحث بعرض صور الزمن في وقد تم .نبعث من جديدالنص الجواهري فتفي يةالزمن بعرض استدعاء تلك الصور ، ثم تم تعميق المبحثمبحثلل الشعر القديم كتمهيد

امتياح الصور -أمام الموت -أوال اوفيه ،من خالل ثنائية الحياة والموتشعر الجواهري استحضار استرفاد بساطة الصور القديمة، ثم تم عرض -حقيقة الموت -القديمة وثانيا

تجارب االغتراب ،باعتبار تأثير هذا الجانب على تجربة الجواهري الشعرية،ثم خصص ل إلجالء مناحي أخرى للشعرية التناص في قصائد الجواهري، حيث المبحث األخر بالتفصي

ثم ثنائية ،عرض إعادة التشكيل الداللي فالتالقح والتفاعل مع النصوص والصور المستضافة االستدعاء والتحويل وأثرها الجمالي، كما تم رصد هندسة تحويل الموروث وطرائق سبك

ليب فنية ،وختام هذا المشهد كان شعرية النصوص المستدعاة في النص الجواهري بأساالذي أظهر من خالله الجواهري براعة استغالل مشهد اعتيادي في ،إخراج العام إلى الخاص

.اعامة، بعد فرض سلوك ذاتي عليه شكل خاص من مادة ببناء ،رسم مشهد شديد الدقةلبحث في وحتما ككل بحث واجهتنا صعوبات شكلت أمامنا عائقا في إظهار هذا ا

أبهى، من ذلك رغم كثرة البحوث التي تناولت شعر الجواهري بالدراسة غير أنها ربما حلة كثيرة متشعبة ال توصل إلى مبتغى هذا البحث، فقد ظل اشتغالها في جانب معين من شعر

شخصه أو أغراضه الشعرية، باعتبار الجواهري شاعرا كالسيكيا شكال في الجواهري أومما أغرى العديدين بسحب الدراسات االخاصة بالشعر الكالسيكي على شعره، المقام األول،

في حين أن الدراسات الحديثة لم تتناول إال في القليل منها التناص في شعر الجواهري .مناحي الشعرية في هذا التناص تناول ،فضال عن

ف بيت نتاج الجواهري ، فاإلحاطة بعشرين ألإوكذلك من الصعوبات غزارة وال يزعم البحث أنه قد أحاط بكل ،تتبعا الشتغال التناص في ثنايها أمر من الصعوبة بمكان

المظاهر التناصية وشعريتها في قصائد الجواهري ، ومن ثم فقد تم اختيار نماذج كثيرة هر أنها تدل عليها، مع فحصها كثيرا حتى تظ المدروسة محددة من متونه تهيمن الظاهرة

عنه تماما، وال يعني ذلك أن انتقاء -بالرغم من ذلك-على بقية المتن، أو تمثله، وال تغني نماذج محددة تجاهل لبقية المتن، أو تقليل من جمالياته، وقيمته، لكن غاية البحث وطبيعته لم

Page 11: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

في حدود ما سمح به الجهد، باإلضافة إلى ،يقوم عليها تيتستوعبا الكل، التزاما بالمنهجية ال .مما زاد من مشقة البحث وصعوبة اإللمام بكل متطلباته ،عدم التفرغ الكامل لهكذا عمل

وقد اعتمدنا في البحث بشكل أساسي على ديوان الجواهري الذي استطعنا ة بإشراف وزارة اإلعالم العراقية الحصول عليه ،ويتمثل في ديوانه طبعة دار األديب البغدادي

سنة ثالث وسبعين وتسع مائة وألف،في سبع مجلدات ، بتحقيق الدكتور إبراهيم السامرائي والدكتور مهدي المخزومي والدكتورعلي جواد الطاهرواألستاذ رشيد بكتاش ، كما اعتمدنا

الطبعة ببغداد، لنشردار الحریة للطباعة واطبعة دیوان الجواھري بشكل قليل على أجزاء من .الثانیة سنة ألفین وواحد

وقد ذيلنا البحث بخاتمة وضعنا فيها أبرز ما توصلنا إليه من نتائج ،بعد طول فحص لمنتج الجواهري وفق مقاربة تناصية أمكنتنا من الوصول لشعرية تالقح نصوصه مع

ألثرالتناص الجمالي في شعر النصوص التراثية ، والنزعم الوصول إلى نتائج نهائية واصفةالجواهري ، بل نؤمن أن شعر الجواهري أوسع من أن نحيط به ،وإنما هو جهد لعله يكون

.في حزمة الجهود الموجهة لسبر أغوارقصائد رائد الكالسيكية الجديدة

اهللا سبحانه بداية على عونه ،كما أتقدم أن أشكر واليسعني في هذا المقام إال الذي لم ،األستاذ الدكتور الروائي الطاهر بلحيا شكر والعرفان للمشرف على هذا البحثبال

فكان أخا ناصحا ومحفزا وداعما بما أوتي لعمليدخر جهدا في مساعدتي على إنهاء هذا ال جميل ،ألن ك ته في هذا العمل عالمة ثابتةمن علم ثر ورحابة صدر ، وستظل بصم

والشكر موصول إلى كل .إال نتيجة التباعي نصحه ومالحظاتههوتشع به هذه الدراسة ما .من قدم لي يد المساعدة

Page 12: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

ودمي قلبھ لساني العراق ناأشطارأ منھ وكیاني فراتھ

الجواھري

Page 13: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

الفصل األول التناص في الدراسات النقدية

Page 14: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

التناص في النقد الغربي -1

اص في النقد العربيالتن -2

آلیات التناص ومظاھره -3

التناص وتحوالت الخطاب الشعري -4

Page 15: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

1

: التناص في النقد الغربي -1

المناهج النقدية التي قاربت معناه، وصاغت بتنوعالنظرة إلى النص تنوعت ، مكتفية بذاتها، ال نفسها فقد اعتبرت النظرية البنيوية النص بنية لغوية مغلقة على .مفهومه

في اأية مرجعية أخرى تقع خارج النص، في حين بحثت النظرية السيمولوجي على تحيلالخطابات ةوأسباب تعددها وال نهائي ا، وفي مولداتهللنصوص البنيوية الداخلية مكوناتال

.األخرى قة التي تربط النص بغيره من فروع المعرفةوالنصوص، وفي العال

وهذه النظريات النقدية الغربية ال يلغي بعضها بعضا ، بل كل منها جهد نقدي يمتح من غيره ويؤسس لجهد الحق، ألنها التنطلق من فراغ بل تسير وفق أطر تنظيرية

و بعضها في حركة حلزونية علمية تسبر بـها أغوار النصوص اإلبداعية، وهي تنطلق تل .خالقة

دة منها أمكن االستفاومن بين نظريات ما بعد الحداثة نجد نظرية التناص التي ة جديدة ذلك أن قيمة هذه النظرية ال تكمن فيما تقدمه من قراء(في مجال النقد المعاصر،

الذي العقم من يثةالحد النقدية المناهج بعض لتخليص تؤديهالذي للنص فحسب ، بل في الدور

.ومنه فالتناص منتج نقدي يعتبر استمرار للجهود النقدية التي سبقته .1)ا يهدده أضحى

فالتناص مصطلح نقدي حديث أريد به تعالق النصوص وتقاطعها، وإلقامة وجود عالقة بين ملفوظين، و مفهومه الكلي يتجاوز : الحوار بينهما، وهو في أبسط تعريفاته

تحليل إلى مدلوالت خطابية مغايرة بشكل : فهو 2النص األدبي من جميع نواحيهذلك ليشمل

58،ص2001،أكتوبر 355فالح حسن أوغالي ،اقتحام التناص عالم الذات ،مجلة الموقف األدبي ،العدد -1

96ص 1998،، دار ھومة للطبع ، الجزائر 2ر الدین السد،األسلوبیة وتحلیل الخطاب ،جنو:ینظر 2

Page 16: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

2

يمكن معه قراءة خطابات عديدة داخل القول الشعري، وهكذا يتم بعث فضاء نصي متعدد أحد مميزات : حول المدلول الشعري، وبصورة أوضح نستطيع أن نقول إن التناص هو

تحيل إلى خارجه أو قائـله، وإنـما تكشف عن النص األساسية التي تحيل على النص وال 1.المخزون التذكري لنصوص مختلفة تشكل حقل التناص

وبهذا أصبح مفهوم التناص أحد المفهومات الرئيسية في النقد الحديث، الذي استمد قيمته النظرية وفاعليته اإلجرائية من كونه يقف راهنا في مجال الشعرية الحديثة في

بصفتها نظاما .تالقي التحليل البنيوي للنصوص واألعمال األدبية بصفة عامة/ نقطة تقاطع بصفته مؤشرا على ما هو خارج نصي، .مغلقا يحيل على نفسه مع نظام اإلحالة أو المرجع

ميخائيل باختين:( ولقد حدده باحثون كثيرون من نقاد الغرب في العصر الحديث أمثال

Mikhail Bakhtin تودروف ،.(.. Todrof وجوليا كريستيفا ، Julia Kristeva ، Michel Rafatyr ، ميشال ريفاتير Laurent Jenny ، ولورانت جيني Hervé وأرفي

، جان ريكارد Roland Barthes ,، روالن بارث Robert Schulz ، وروبرت شولز

Jean Rickard جيرار جنيت ،Gerard Djinnit (

مفهوم التناص في مسألتين اثنتين تتصالن مع و تتمثل اإلشكالية التي يطرحها بعضهما البعض اتصاال وثيقا، وتحدد المسألة األولى بتعدد التعريفات والمفهومات التي قدمت لهذا المصطلح في مصادره األولى، والناجمة عن االختالف في طبيعة الفهم الذي يملكه

ة قضية ترتبط بالحقل المعرفي أصحاب هذه النظرية عن النص، مما يجعل من هذه المسألالذي تشكل فيه هذا المصطلح، في حين أن المسألة الثانية تكمن في تعدد المصطلحات، وغياب الضبط المنهجي المتكامل والواضح ألسباب تحصل بتعدد االتجاهات والمساهمات ، النقدية األخرى كالبنيوية وغيرها، حيث أدى كل هذا إلى عدم وضوح الحدود الفاصلة

19ص،2000ة بنیویة ، دار المعارف القاھرة ،نقد الشعر قراء في اللغوي المدخل السعدني مصطفى :ینظر-3

Page 17: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

3

والتحديدات التي قدمت للمفهومات والمقوالت واألنماط التي تشكل األساس الذي قامت عليه .نظرية التناص في مدوناتها المختلفة

وإذا ما تتبعنا نشأة التناص وبداياته األولى كمصطلح نقدي نجد أنه ظهر في راستها عـن كما بات معروفا في د-J.Kristeva–م، على يد جوليا كريستيفا 1966عام

، ، لكن األصول األولى تعود إلى الناقد الروسي ميخائيل باختين الذي 1دوستوفسكي وراليوحوله إلى نظرية حقيقية، تعتمد على ) شعرية دوستوفسكي ( أسس له نظريــا في كتابه

.2التداخل القائم بين النصوص ودعاه بالحوارية

هذا المصطلح بشكل مبسط، فإن و إذا كان الشكالنيون قد تنبهوا إلى مفهوم من خالل قراءتها لباخــتين في " التناص " كريستيفا استطاعت أن تستنبط هذا المصطلح

الروائية، حيث وضع مصطلحي تعددية Dostoevskyدراسته ألعمال دوستوفسكي أن كل "األصوات الحوارية دون أن يستخدم مصطلح التناص وبذلك المصطلح قاصدة به

عبارة عن لوحة فسيفسائية من االقتباسات، وكل نص هو تشرب وتحويل نصوص نص هووهكذا نضج مفهوم التناص بشكل تام على يد تلميذة باختين الباحثة جوليا )3("أخرى

كريستــيفا، واتسع مفهومه وأصبح بمثابة ظاهرة نقدية جديدة وجديرة بالدراسة واالهتمام أبرزت جملة من المفاهيم النظرية النقدية التي في ضوئها وشاعت في النقد المعاصر كونها

.يفهم النص، ويفسر ويكشف عن الرصيد الثقافي الذي يستوعبه

ولقد تعددت المفاهيم التناصية وتشعبت المدلوالت، غير أن المصطلح ظل هوم داخل حاضرا عبر جميع االتجاهات األدبية الحـديثة، وإن تباينت السمات الداللية للمف

.كل اتجاه مع االتجاه اآلخر محاولة من النقاد في تبيين جزيئات هذا المصطلح

153 ص، 1997، القاھرةة،یالعرب اآلفاق دار المعاصر، النقد ھجمنا فضل صالح ،1 2 4ص ،2000،اإلسكندریة ،منشأة المعارف الشعر، نقد في اللغوي المدخل السعدني، مصطعى 2 318، ص 1985، النادي األدبي الثقافي، جدة، 1/تشریحیة، طعبد هللا الغذامي، الخطیئة والتكفیر، من البنیویة إلى ال - 3

Page 18: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

4

وال شك أن األديب ال يمكن أن ينفصل في تكوينه المعرفي عن غيره، بل هو مختمر باألفكار ( عبارة عن تراكمية معرفية متشابكة ، فالخطاب الروائي في نظر باختين

ريبة معقودة بحوارات متعددة، تشترك فيما بينها لتكون في األخير العامة، وتداخل أقوال غخطابا هو نسيج عدد كبير من الملفوظات المتداولة داخل بنية اجتماعية يعطيه إمكانيات أدبية

.1)وجوهرية

ولذلك أصبح األديب ومن بعده النص األدبي بناء متعدد القيم واألصوات، تتوارى ات المبدع من دون حدود أو فواصل، ومن ثم فالنص خلف كل نص ذوات أخرى غير ذ

الجديد هو إعادة لنصوص سابقة ال تعرف إال بالخبرة والتدقيق، ثم إن التناص الذي يمثل فهو )2(اشتغاال على نصوص أخرى ال يقلل من أهمية النص الذي ينهض على تخوم نصوص

ميزة، بوصفه نصا قائما بذاته ال يلغي خصوصية اإلبداعية بل على العكس يؤكد سماته المت .)3(تجاوز غيره أو تخطاه

ويتجلى من هذا أن النص األدبي عامة، والنص الشعري خاصة أفق جمالي مفتوح إن : ( على امتدادات زاخرة داخل سياقاته الخارجية، الشيء الذي جعل كلود بريفو يقول

ن بين مختلف القوى االقتصادية النص األدبي ال ينبت في المطلق إته يدخل في لعبة التواز .)4(...)واالجتماعية والنفسية و الماورائية

ليس ذاتا مستقلة أو مادة موحدة ولكنه سلسلة :( litch- -والنص في رأي ليتش من العالقات مع نصوص أخرى ونظامه اللغوي مع قواعده ومعجمه جميعها تسحب إليها

هذا فإن النص يشبه في معطاه معطى جيش كما من اآلثار والمقتطفات من التاريخ، ولخالص ثقافي بمجموعات ال تحصى من األفكار والمعتقدات المستعارة شعوريا وال شعوريا،

todorov ;Mikhtine:le principe diAlogique suivi de ecrits de cercle de bakhtine ed seuil 1981 p 411.

12، ص 2003 دار الكندي للنشر والتوزیع، األردن، –دراسات في الشعر العباسي –ماجد یاسین الجعافرة، التناص والتلقي 3 . 47ص 1997، 319التناص و مفھوم التحویل من شعر محمد عمران، موقف األدب العدد : نجم مفید 4 .46، ص 1983، دیوان المطبوعات الجامعیة للدراسات والنشر، بیروت، 1عبد القادر فیدوح، الرؤیا و التأویل، ط 5

Page 19: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

5

)1()يلتقى فيه الزمن بكل أبعاده يبرز فيه الموروث في حالة التهيج، وكل نص متداخلخرى ويجعل النصوص يلغي الحدود بين األدب والفنون األ ،وبهذا أصبح مفهوم التناص

األدبية مفتوحة على بعضها البعض، حتى أضحى النص الشعري بؤرة تتجمع فيها مجموعة من النصوص السابقة، ومن خالل هذا التداخل النصي وتشظى النصوص األولى في

.بشتى أنواعه ومستوياته) L’ntertaxtualite(النصوص الالحقة يتمظهر التناص

يحيلنا إلى مدلوالت خطابية تختلف –ظر كريستيفا في ن –فالخطاب الشعري عن بقية الخطابات األخرى بشكل يمكن معه قراءة خطابات عديدة داخل القول الشعري، وهي ميزة تقوم عليها الشعرية التي تستعين بدالالت وأبنية تصويرية من النصوص األخرى

ساسيا لبناء الفـضاء النصي، وتستند على مبدأ االنزياح واستدعاء الماضي بوصفه مرجعا أأساسا لوالدة الشعر بوصفها الظاهرة الممتدة الجذور عبر " التناص " لذلك اعتبرت ظاهرة

2التاريخ

وبذلك تكون كريستيفا قد منحت التناص مدلوال وميدان تطبيق واسعين، إذ ، وعليه 3سمتعرف المفهوم ال على التداخل بين أنواع مختلفة مثل الكتابة، الموسيقى، الر

عندما نشعر أحيانا ببعض الوخزات ال بد منها ألنها هي التي تدلنا على النصــوص .الـوافدة أو المهاجرة أو الممتصة

ذلك أن التناص ظاهرة لغوية معقدة تستعصي على الضبط والتقنين، يعـتمد . )4(في تمييزها على ثقافة المتلقى وسعة معرفته وقدرته على الترجيح

.41، ص 2003المعاصر، رابطة اإلبداع األدبیة الثقافیة الجزائریة، جمال مباركي ، التناص وجمالیاتھ في الشعر الجزائري -1 79، 78ص 1991دار توبقال للنشر، المغرب ، ، 1جولیا كریستیفا، علم النص، ترجمة، فرید الزاھي، ط -2 79 ص، نفسھ -3، 1991ار البیضاء، المغرب ، دار توبقال للنشر، الد، 3 ، ط)مدخل إلى انسجام الخطاب ( محمد خطابي، لسانیات النص – 4

. 315:ص

Page 20: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

6

ويكاد هذا التعريف يكون نفسه الذي نجده عند كوربرات أركسيوني )Korberat Orksiouni (إن التناص حوار يقيمه النص مع ":في تعريفها للتناص بقولها

)1("نصوص أخرى، و مع أشكال أدبية ومضامين ثقافية

حتى ولو كان ,وهذه الحوارية تنبثق من رغبة أكيدة في التجديد وتجاوز اآلخر اآلخر المبدع نفسه من خالل نصوص، كما يستطيع أن يتناص مع نص واحد فقط لمبدع

ال .آخر، أو نصوص أخرى ألدباء آخرين، وقد تكون عملية التناص بين جنســين أدبيين .على مستوى جنس أدبي واحد

إعادة تعريف التناص في ) Laurent Jenny(لورانت جينى ( وقد اقترح عمل تحويل وتمثيل عدة نصوص يقوم بها نص مركزي يحتفظ بريادة :العبارات التالية

أن كل نص تناص، يظهر في عالم مليء ) Roland Barthes( تبار نويرى روال المعنىوننبه هنا على أن )2()نصوص قبله، نصوص تطوقه، نصوص حاضرة فيه -بالنصوص

ة، فالنصوص تتقاطع فيما بينها مصطلح التناص كان في بدايته يتسم بعدم القصدية والمباشربشكل عفوي غير واع وال شعوري، وكذا هو عند أغلب أصحاب نظرية التناص من بعد، علما أن بعضهم اآلخر لم يمنع فـيه القصدية و الوعي فاقترب من مفهوم التأثر و التأثير و

التناص في السرقــة و األخـذ و غيرها، وهو ما عرف ب -كما سيأتي -من مفاهيم العرب .المقصود والمباشر والظاهر

Jean Racine(1963(وكان بارت قد بدأ سيمولوجيا في كتابه عن راسين، ) 1973لذة النص ( ، ثم ظهر مصطلح التناص في بحثه 1964وعناصر السيمولوجيا سنة

وال تتعلق تعددية ... وعبوره هليس النص مقترن الوجود بالمعنى ولكن بمرور:( ويقول بارت

. 315ص ، السابقالمرجع – 1 .85، ص1998سعد سالم، التناص التراثي في الروایة الجزائریة، دكتوراه دولة، جامعة الجزائر، –2

Page 21: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

7

ولكن بما نستطيع تسميته بالتعددية المضخمة التي هنص في الحقيقة بغموض مضمونال .)1()تنسجه

بين العمل األدبي والنص، وهو يسير على خطى كريستفا حيث ثوقد ميز بار يؤيد مفهوم اإلنتاجية، ويرفض مفهوم إعادة اإلنتاج، فحسب بارت كل نص ليس إال نسيجا

على مفهوم الحوارية تابقة، وكانت كريستيفا قد اعتمدجديدا من استشهادات س، الذي رأى ضرورة قراءة خطاب اآلخر وخطاب األنا، )Mikhail Bakhtin(لباختين

في " لوران جيني " وأشار إلى مفهوم التفاعل النصي وتعددية األصوات، في حين ركز دا من النصوص مع ، النص الذي يشرب عد)الهضم والتحويل(شرحه لمفهوم التناص على

.بقائه ممركزا بمعنى

لوران جيني أنماط التناص وتفاعل النصوص ولكنه وقع في تنميط (وقد عدد شكالني، في حين رأى ريفاتير أن النصية مركزها التناص، فالتناص بالنسبة إليه آلية

لنص ا -خاصة بالقراءة األدبية، وهو يلتقي مع مصطلح األدب، ويرى في مفهوم التناص )2() المحال عليه

، ليغير "طروس " في كتابه المهم ) Gerard Ginette(ويأتي جيرار جينيت في كتابه " جامع النص"في مفاهيم سابقة حول مفهوم التناص الذي طرحه تحت اسم

يربط بين موضوع الشاعرية " طروس " إنه في كتابه ". مقدمة لجامع النص "السابق لجامع النص بالتعدية النصية واالستعالء النصي للنص الذي كان قد وما أسماه بديال

إنه كل ما يضع النص في عالقة ظاهرة أو خفية مع : (عرفه من قبل تعريفا كليا فقال 3) نصوص أخرى

.20ص ،2003، دراسة من منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق سوریا، ، 1حسین جمعة، المسیار في النقد األدبي، ط - 1 .313، ص 1986، 1السعودیة، ع –الرحوتي عبد الرحیم، مجلة عالمات، جدة : مارك دوبیار، نظریة التناصیة، ترجمة -1 131/132،ص1988،المصرية العامة للكتابمحمد خير البقاعي، ، الهيئة . روالن بارت، آفاق التناصية، ترجمة د -3

Page 22: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

8

ويجعل جينيت التعدية النصية تضم جامع النص بوصفه نمطا من أنماط التناصية، :،نجملها فيما أطلق عليها جينيت 1ةخمسة تضمها عالقات التعدية النصي

. الملحق النصي ، الماورائية النصية، الجامعية النصية، االتساعية النصية إن جينيت بهذه األنماط الخمسة يحاول أن يرصد كل ما يتعلق فيه نص

بنصوص أخرى، دون أن يتفلت وفق هذا المفهوم أي من العالقات والتفصيالت التي تحكم بنية النصوص المتعدية بوصف النص منفتحا ومتعديا إلى نصوص أخرى، في

حالة من االنغالقية أو -إذا صح هذا المصطلح النحوي والبالغي أيضا - مقابل لزومه االنحسار، كما أشار جينيت نفسه، وقد أتى جينيت في عرضه لخمسة األنماط بمفاهيم

أو على -ية ، وإن ظلت في النهاية على نحو أو آخر واعية لما أسماه بالتعدية النص .أصداء لفكرة التناصية في مفاهيم أخر على نحو ما سيتبين - األقل بعضها ، يعرفه جينيت بعد أن يرجع الفضل في " التناصية"فعن النمط األول

قة بأنه عالقة حضور مشترك بين نصين وعدد من النصوص بطري" تسميته لكريستيفا ولكن ،) 2("استحضارية،وهي في أغلب األحيان الحضور الفعلي للنص في نص آخر، "االقتباس"جينيت يبين عن وعي حين يوسع من أفق التناص ليجعله متقاربا مع مفهوم

فاالقتباس هو أكثر عالقات .السرقة واإللماع : مقاربا بينه وبين شكلين آخرين هما يوضح المقتبس بين قوسين مع اإلحالة أو عدم اإلحالة التناص وضوحا وحرفية ، حيث

أما السرقة فهي أقل أشكالها وضوحا وشرعية ، ويالحظ من وصفه . إلى مرجع محدد أما اإللماع .للسرقة بقلة الشرعية أنه مصطلح يشوبه سوء السمعة وفق المفهوم القديم

تضي الفهم العميق لمؤدي أن يق: " فهو أقلها وضوحا وحرفية ، وهو في رؤية جينيتمالحظة العالقة بين مؤدي آخر ، تحيل إليه بالضرورة هذه أو تلك من تبديالته ، وهو

)3(". بغير ذلك ال يمكن فهمهفهو أقل وضوحا وأكثر بعدا في عالقته، " الملحق النصي " أما النمط الثاني ،

ل العنوان والعناوين الصغيرة ويقيمها النص في الكل الذي يشكله العمل األدبي، ويشم

132المرجع نفسھ ،ص -3 132،ص1988،المصرية العامة للكتابمحمد خير البقاعي، ، الهيئة . لتناصية، ترجمة دروالن بارت، آفاق ا2

132،1333المرجع السابق ،ص

Page 23: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

9

ما " كما يشمل فيما يطلق عليه جينيت . 1إلخ ...المشتركة المدخل ، الملحق ، التمهيد . 2المسودات الملخصات والمخططات المتنوعة " قبل النص ويصف جينيت الملحقية النصية في النهاية أنها منجم أسئلة بال أجوبة،وكأنه

والنمط الثالث . أن يتنبهوا ألهميتها -وفق منظومة التناص -يحفز محللي النصوص العالقة ( من أنماط التعالي النصي، وهو ما سماه جينيت الماورائية النصية فهي عنده

التي شاعت تسميتها بالشرح الذي يجمع نصا ما بنص آخر يتحدث عنه دون أن يذكره . 3) بل دون أن يسميه) يستدعيه(بالضرورة عالقة خرساء تماما ، وال تظهر في (أما نمط الجامعية النصية ، فهي

كما في : أو هو في الغالب مثبت جزئيا . -مثبت –أحسن حاالتها إال عبر ملحق نصي إلخ ، التي ترافق العنوان على الغالف وإن كل ..رواية ، قص ، قصائد : التسميات

بما -تبين فاطمة قنديل عما يعنيه جينيت و . 4)ذلك كما نرى ذو انتماء تصنيفي خالصعلى أنها هذه اإلشارة التي يضعها النص على -" جامع النصية"ترجمته هي بـ 5إلخ ...جنس النص ، هل هو شعر ، أم رواية ؟ " أفق توقع " غالفه ليحدد لقارئه

يعا، ، فقد عده جينيت أهمها جم"االتساعية النصية " أما النمط األخير

ألنه فيما يرى جوهر عملية التناص،الذي قام عليه مفهومه، حيث جعل فيه جينيت ،واآلخر وهو الغائب وقد "المتسع: "العالقة بين نصين أحدهما وهو الحاضر، وقد سماه

، وقد جاء هذا الفهم الواعي لالتساعية النصية وفق النصين المتسع " المنحسر"سماه .د فعل على فكرة النص المغلقوالمنحسر بوصفه ر

اسمه النص ( Bكل عالقة توحد نصا " االتساعية النصية"ويعني جينيت بـاسمه النص المنحسر، والنص المتسع ينشب أظفاره في Aبنص سابق ) المتسع

1351، مرجع سابق،ص" آفاق التناصیة " ، ضمن كتاب 132، 131، " األدب على األدب ... طروس : " جیرار جینیت

1372المرجع نفسھ ،ص 3نفسھ ، الصفحة نفسھا 1384المرجع نفسھ ،ص 5 94،ص1999، الھیئة العامة لقصور الثقافة ،مصر،" التناص في شعر السبعینیات " فاطمة قندیل ،

Page 24: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

10

النص المنحسر دون أن تكون العالقة ضربا من الشرح، وكما نرى من االستعارة 1.التعريف مؤقت فإن هذا" ينشب أظفاره"

وينهي جينيت حديثه عن االتساعية النصية بما يجعلها بعدا عالميا، يجعل النص تصب في الثقافات واألفكار التي ال -البقاعي مترجم الدراسة .كما يرى د -األدبي

وفي هذا يقول جينيت . يستطيع مؤلفه أن يكون بعيدا عنها،ومن هنا يأتيه البعد العالمي بعد - بداهة –إن االتساعية النصية هي " :(االتساعية النصية"مدى مرونة مصطلح عن

ليس هناك عمل أدبي ال يستدعى بدرجة مختلفة وحسب ) بدرجة مختلفة لألبد (عالمي ... القارئ بعض األعمال األخرى ، وبذلك تكون األعمال األخرى كلها اتساعية نصية

ا اآلخر،أو أن يكون ذلك أكثر ظهورا وتكثيفا بعضها اتساعي نصي أكثر من بعضه 2) .ووضوحا فيها بالنسبة لغيرها

وترى فاطمة قنديل أنه برغم أن جيرار جينيت في هذا الجدول التصنيفي يضع لنا حدودا جامعة مانعة للعالقة بين النصوص، كما يرى بعض الباحثين ، فإن هذا

التي قد توقع الباحثين في مزالق الرصد حينما ال الجدول التصنيفي لـه مخاطره أيضايستطيعون إدراك تلك التداخالت التي يمكن أن نراها في النصوص لهذه التقسيمات ، ولقد كان جينيت نفسه منتبها إلى مزالق هذا التصنيف، فنراه يشير إلى تداخل هذه

لى مابين النصية العالقات في الموضوع الواحد فقد يكون بالعنوان وهو ما يرجع إتناص مع نص آخر ــ وقد ) ترجمها البقاعي في الدراسة التي معنا الملحق النصي(

" مابين نصية"يفسر الكاتب عمله في حوار لـه فيصبح هذا الحوار الذي ينتمي إلى الـ 3إلخ ) ...االتساعية النصية (نصا شارحا

تلفة، جعل أغلب الدارسين والتناص بوصفه تعالق نصوص، والذي يحدث بكيفيات مخفي مختلف التيارات النقدية، يتفقون على أن تداخل النصوص ال مناص منه للكاتب أو

حيث تناسل منه ... الشاعر، باعتباره حدثا لغويا يتولد من أحداث تاريخية، ونفسانية ولغوية

1آفاق" ، ضمن كتاب "األدب على األدب ... طروس : " جیرار جینیت 139، مرجع سابق،ص" التناصیة

2المرجع نفسھ ،الصفحة نفسھا

94،95، ص 1999ینظر فاطمة قندیل ، التناص في شعر السبعینیات ،الھیئة العامة لقصور الثقافة ،مصر،1

Page 25: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

11

يل الخطاب أحداث لغوية أخرى الحقة عليه، األمر الذي جعل هذا المصطلح شفرة نقدية لتحلالنقدي بل يمثل نظرية الشعرية الحديثة التي تنظر إلى النص على أنه جيولوجيا معرفية ترقد

ث، ومن هنا يرى روالن بار)1(في صمته الوهمي العديد من العلوم والفنون والتخصـصاتأن التناص قدر كل نص، مهما كان نوعه وجنسه، ذلك أنه ال يوجد نص ينسج أساليبه من

، ويرسخ بارت هذه الفكرة من خالل كتابه نقد وحقيقة )2(ه، خارج النــص الالمتناهذاتفي مقولته موت المؤلف التي تهدف إلى تحرير النص من سلطة الظرف ومن ثم يقر

باستقالله عن النصوص األخرى، ألن التناص هو استحالة الحياة المتمثل باألدب المهيمن .)3() المؤلف مؤقتا إلى أن يمتلئ النص بقارئه والقارئ بالنص أنها تفتح النص وتزيح(

وعليه فإن تعدد التعريفات التي قدمت لمفهوم التناص ، ترتبط بتعدد المرجعيات .والرؤية التي قدمها كل باحث من المساهمين في بلورة هذه النظرية وتوسيعها وتطويرها

النقد المعاصر في ةريأصبحت مقولة التناص نظ –ومن خالل هذه اآلراء الغرب، ومحورا لجل الدراسات والبحوث النقدية الغربية، حيث بذلت جهود كـبيرة في

ايا ضتحديد مفهوم هذا المصطلح وتطبيقه على الخطاب القديم والحديث منه، ثم إنه طال قكما كثيرة أساسية منها تاريخية العمل األدبي، وموقع المؤلف منه و فيه، وإنتاجية المعنى

فقد العمل اتطرحه كريستيفا، وكذلك نظرية التلقي، وعالقة العمل األدبي بالواقع الخارجي إذاألدبي تاريخيته وأضحى عمال تاريخيا ألنه أصبح يمثل إعادة إنتاج النص أو نصوص سابقة

به قد لف أو االهتمام ؤى إليها أو الثقافات األخرى، كما أن دور المنتمعليه من الثقافة التي يالكاتب ( غاب، ألن إنتاج النص أصبح وفق فهم كريستيفا هو الذي يموضع الفاعل

.4)القارئ:أو

.128 – 120،ص 1992المركزالثقافي العربي، الدار البیضاء، المغرب، ) إستراتیجیة التناص ( انظر، محمد مفتاح، تحلیل الخطاب الشعري 1 . 40،ص 1988،دار توبقال، الدار البیضاء، المغرب،1/صفا والحسین سبحان،طفؤاد : روالن بارت، لذة النص، ترجمة 3 . 10، ص 1994روالن بارت، نقد وحقیقة، ترجمة منذر عیاشي، مركز مناء الحضاري، الدار البیضاء، المغرب، -4 79، 78ص 1991دار توبقال للنشر، المغرب ، ، 1جولیا كریستیفا، علم النص، ترجمة، فرید الزاھي، ط1

Page 26: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

12

وعموما نقول إن نظرية التناص انطالقا من منشئها الغربي فتحت أفقا نقديا كبيرا للتعامل مع النصوص اإلبداعية ، ووسعت النظرة إلى النص وجعلت منه جزاءا حيا

يمة تربط القديم بالحاضر ، كما دلت على تالقح النصوص واستفادتها من من شبكة عظويؤسس لمفاهيم التشارك –في أوربا خاصة –بعضها البعض وهذا يلغي الفرادة والتميز

. والتظافر لتطوير الوعي اإلنساني عامة

:التناص في النقد العربي - 2

بعضها البعض نقادنا قضية تفاعل النصوص وانفتاحها علىد شغلت ق القدامى ،كما شغلت بال نقادنا المحدثين اليوم ، فـقد أشار صبري حافـظ إلى أن التناص

،وقد اشتغل الخـطاب النقدي 1من المفاهيم الحديثة التي نجد لها بعض المالمح في نقدنا القديمبالمحدث واللفظ القديم بهذه الظاهرة في مجال تأمالت النقاد في بناء النص وعالقة القديم

بالمعنى، وقدأدرك الشعراء العرب منذ القديم ضرورة تواصلهم مع تراثهم واالغتراف منه، كما أحسوا بهذه الظاهرة الفنية إذ تصادفنا في كالم القدامى اإلعتراف بالتداخل النصوصي

:كما يقول زهير

2مكرورا قولنا من معادا أو رجيعا إال نقول أرانا ما

:قوله في "شداد بن عنترة" الجاهلي الشاعر الحقيقة هذه أكد و

3*متردم من الشعراء غادر هل*

8 ص 1986 ضاءیالب دار،ال 2 عدد المقاالت عیون األدبي، العمل وإشارات التناص حافظ، صبري- 1 21 ص للنشر، القلم ھلأ رابطة /1 ط نقدیة دراسة اللغة، شفرة في سیمیائیة مقاربة السردي، والنص السمة فیاللي، حسین- 2 137 ص،1982روت،یب ارد للزوزني، السبع المعلقات شرح ، عنترة معلقة- 3

Page 27: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

13

فالشاعر مهما ،وارتبطت ظاهرة التناص عند النقاد القدامى بالسرقات الشعرية ما هذه النفحات ومن، كانت موهبته أو نبوغه الشعري فإنه يحمل نفحات من نصوص غيره

.واضح وجلي ومنها ما يتطلب براعة الناقد وحصانته في الكشف عنهاهو

وظاهرة استعادة النصوص السابقة في إبداع الشعراء الالحقين حقيقة تناصية من أراد أن يكون (الفريد جاء في العقدكما فالشاعر يجب أن يكون مثقفا بأوسع معاني الثقافة

1)راد أن يكون أديبا فليتسع في العلومعالما فليطلب علما واحدا ، ومن أ

مقارنة بحركة -على الرغم من أن النقد العربي القديم حتى عبد القاهر الجرجاني وشيء عال التميز من استبطان ى لم تكن عل -اإلبداع في كل فنون القول وخاصة الشعر

ي بعض ـإن وعـالنصوص وتحليلها بما يبرز روعة جمالها ورفعتها صياغة ومعنى؛ فويهمنا في هذا . النقاد وذوقهم كان هاديهم أحيانا إلى نظرات مستنيرة ال تتعصب لرأى واحد

ن ــالصدد ما دار حول باب السرقات في كتب هؤالء النقاد القدامى وما استوعبه م .إلخ... 2عشرات المسميات كالسلخ والمسخ والتضمين واالقتباس واإلغارة واالنتحال

قد دار معظمه حول تالقح (ا أن مفهوم التناص في النقد الحداثي الغربي لعلنا أدركنوالنصوص بين حاضر مؤقت وغائب حاضر؛ يستشرف آفاق التالقي مع أخرى في ضمير الغيب فيما تخبئه قريحة المبدعين، بما يثمر في إنتاج وإعادة إنتاج كل لدالالت تؤدي إلى

وفق -قد أدركنا فوق كل هذا؛ أنه ليس ثمة نص وإذا كنا. 3 )شاعرية النص وشعريتهبمنجاة من االتساعية النصية التي يستدعي فيها نص نصا أو نصوصا أخرى -رؤى جينيت

حلية ي كتاب الواعية ودالة وجامعة فص تراثنا نصو ففي بدرجات متفاوتة وفق القارئ؛ ما دار من مصطلحات في يمكن أن تبين أمر العالقة بين التناص وكللمحمد أبي الحسن

).السرقات والمحاذاة(باب : وسمعت أبا الحسن علي بن أحمد النوفلي يقول:" يقول الحاتمي في حلية المحاضرة

كالم العرب ملتبس ، بعضه ببعض،آخذ أواخره من : " سمعت أحمد بن أبي طاهر يقول

9 ص ، 2001 دار صادر، كتاب العقد الفرید ، إبن عبد ربھ، أحمد بن محمد، 1الت الخطاب الشعري المعاصر، حافظ المغربي أشكال ا 2 ناص وتحو 86، ص2010،نتشار العربي مؤسسة اإل لت 89المرجع نفسھ، ص 3

Page 28: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

14

والمحترس المطبوع بالغة والمبتدع منه والمخترع قليل ، إذا تصفحته وامتحنته . أوائلهوشعرا من المتقدمين والمتأخرين ال يسلم أن يكون كالمه آخذا من كالم غيره وإن اجتهد في االحتراس وتخلل طريق الكالم ، وباعد في المعنى ، وأقرب في اللفظ ، وأفلت من شباك

1"التداخل ، فكيف يكون ذلك مع المتكلف المتصنع والمعتمد القاصدوقد رأينا األعرابي : قال (:الحاتمي نصا آخر يزيد سابقه نصاعة فيقول ويورد

أعرم ال يقرأ وال يكتب ، وال يروي ، وال يحفظ ، وال يتمثل ، وال يحذو ، وال يكاد يخرج كالمه عن كالم من قبله،وال يسلك إال طريقة قد ذللت له وقد ظن أن كالمه ال يلتبس بكالم

من البالغة حسن : ( وقد قال أرسطاطاليس. ظنه، وفضحه امتحانهغيره ، فقد كذب وبليغ ما ، ولو نظر ناظر في معاني الشعر والبالغة ، حتى يخلص لكل شاعر) االستعارة

انفرد به من قول ، وتقدم فيه من معنى ، لم يشركه فيه أحد قبله وال بعده ، أللفى ذلك قليال .2 )معدودا ونزرا محدودا

ظرة مستوعبة لما أورده الحاتمي في النصين السابقين، يمكن أن تكشف عن وعي إن نبمفاهيم تقاربت إلى حد التشابه من متصورات نقاد الحداثة الغربيين، مع ما جاء في النصين

" التناص يتم بوعي وبغير وعي "، " التناص تداخال قدر كل نص: " حول قضايا مثلمن خالل ألفاظ وعبارات ابن ان داقية ما يطرحه النصفحول القضية األولى، ترى مص

المتسع / النص الحاضر (أبي طاهر عن كالم العرب الملتبس بعضه ببعض واآلخذ أواخره ، وكذلك يدعم هذه القضية )المغلق / المنحسر / النص الغائب ( من أوائله ) المفتوح /

ال يسلم منها ) بمعناه اإليجابي ( عن أن هذه الحالة من األخذ : متصور أن ابن أبي طاهر .3أحد من المتقدمين والمتأخرين لفظا ومعنى

وال يفوتنا في هذا السياق أن نقف وقفة تدبر ومقارنة ومقاربة عند وصف ابن أبي (تحيلنا إلى متصور " شباك"إن لفظة ". وأفلت من شباك التداخل: " طاهر لعمل األديب بعبارة

شباكه / يجا منتجا تذوب فيه ذات المبدع كالعنكبوت يذوب في نسيجه بارت للنص بوصفه نس، 4"تنحل الذات في هذا النسيج مثل عنكبوت يذوب في شباكه : " ، أو على حد تعبير بارت

28،ص1979العراق–للنشر الشعر ،دار الرشیدمحمد أبو الحسن الحاتمي ،حلیة المحاضرة في صناعة 1 28،صنفسھ 2الت الخطاب الشعري المعاصر،م س ، ص أشكال ا 3 ناص وتحو 91لت 30، ص 1988محمد خیر البقاعي، ، الھیئة المصریة العامة للكتاب ،. روالن بارت، آفاق التناصیة، ترجمة د 4

Page 29: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

15

-في نصه شكال ومضمونا -فكما أن قدر األديب مهما حاول عند ابن أبي طاهر أال يفلت كذلك قدر المبدع عند بارت ، ذاته ستنحل وتذوب من شباك تداخله مع نصوص أخرى ، ف

1)صياغته؛ على نحو يعد به نصه قابال للتداخل مع أنسجة أخر / في نسيج عمله التداخل فتستطيع تلمسه من زاوية المتلقي من قول ابن / أما مفهوم الوعي بالتناص

و األديب ، فستوقفنا عبارة ، ومن زاوية المبدع نفسه أ 2"إذا تصفحته وامتحنته " أبي طاهر .ال يسلم أن يكون كالمه آخذ من كالم غيره ، وإن اجتهد في االحتراس: مثل

فنقف عليه واضحا في النص الثاني حيث ال وعي (أما مفهوم الالوعي للتناص األعرابي األعرم الذي ال يقرأ وال يكتب ، وال يروي وال يحفظ ، وال يتمثل وال يحذو غيره

ذلك يأتي كالمه موافقا لكالم غيره وطريقته في القول كطريقته ، ولعل هذا يكشف ، ومع، 3)نج تلميذ فرويد وعن وعي سايكولوجي مبكر لفكرة الالوعي الجمعي التي تحدث عنها ي

وفكرة الالوعي في التناص طرحها جينيت نفسه وهو يتحدث عن التعدية النصية يقول تخص التعدية النصية ، في أعلى درجاتها ، الجانب العالمي : "ليون سمفيل مترجما جينيت

4"من األدبية ، ما يضع نصا في عالقة مع نصوص أخرى ، بطريقة واعية أو غير واعيةوالنصان اللذان أوردهما الحاتمي يثيران بوضعيتهما أسئلة مهمة ، إذ جاءا مسبوقين

هذا فصل أودعته "رقات والمحاذات ، بنص واحد قبلهما أسفل عنوان تحت مسمى فصل السفقرا من أنواع االنتحال واالختزال ، واالقتضاب واالستعارة ، واإلحسان في السرق ، واإلساءة والنظر واإلشارة ، والنقل العكسي ، والتركيب واالهتدام ، والسابق والالحق ،

ه وجمعت من شتات والمبتدع والمتبع ، وغير ذلك مما يفتقد األديب المرهف إلى مطالعتذلك مؤونة الطلب والجمع وفرقت بين أصناف ذلك فروقا لم أسبق إليها ، وال علمت أحدا

5" من علماء الشعر سبقني في جمعها

الت الخطاب أشكال ا 1 ناص وتحو 93الشعري المعاصر،م س ، ص لت 28،ص1979العراق–للنشر محمد أبو الحسن ،حلیة المحاضرة في صناعة الشعر ،دار الرشید 2الت الخطاب الشعري المعاصر، ص أشكال ا 3 ناص وتحو 93لت

30،ص 1988ة املصرية العام للكتاب ،حممد خري البقاعي، اهليئ. ليون مسفيل ،التناصية، ضمن كتاب آفاق التناصية روالن بارت ترمجة د 4

28،ص1979محمد أبو الحسن الحاتمي ،حلیة المحاضرة في صناعة الشعر ،دار الرشید للنشر ،العراق، 5

Page 30: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

16

ويمكن أن نحصر بعض المصطلحات التي استخدمها النقاد القدامى في تعاملهم مع :تعالق النصوص وذلك وفق رؤاهم المشار إليها سابقا

قد كان نقاد العرب القدامى قد فتحوا مجاالت واسعة في الكثير من مؤلفاتهم : لسرقةا

لما أسموه بباب السرقات األدبية ،وأدرجوا ضمنه معظم ما استطاعوا حصره من آليات إنتاج ،و استخدموا مفهوم )الغصب، األغارة ،االختالس(النصوص المرتبطة بنصوص سبقتها

كمعيار نقدي صرف في التعامل مع النصوص، وحولوا السرقة كمعيار أخالقي وليساستخدام اآلليات اإلنتاجية التي أدرجوها ضمن باب السرقة إلى قضية أصولية تستند إلى أعراف أدبية قد اتفقوا عليها مسبقا ،لذا يجب أن تخضع النصوص لميزانها، فمن خرقها

.يستحق الذم واالستهجان

ن العالء عن شاعرين يتفقان على لفظ واحد ومعنى سئل أبو عمرو ب: توارد الخواطرمعنى بيتك هذا أخذته من قول : ، وقيل للمتنبي"عقول رجال توافق على ألسنتها"واحد فقال

، فقد أزال توارد الخواطر شبهة 1"الشعر جادة، وربما وقع حافر على حافر: "الطائي؟ فأجابع المصادفة على مستوى المعنى أكثر السرقة عن النص الالحق العتماده على احتمال وقو

.من اللفظ لتقارب لغة التعبير، ويمكننا إدراجه في التناص الالواعي

المقصود بهذه الظاهرة أن : يقول مؤلف أسس النقد األدبي عند العرب: التوليد، وقد فلت هذا المفهوم من 2"يستخرج الشاعر معنى من معنى شاعر تقدمه أو يزيد فيه زيادة"

لسرقة بتجاوزه السقوط في شرك التشابه واألخذ أو القصور عن البلوغ بقطعه شوطا طوق ا .متميزا في تحسين المعنى المتناص أو القياس بإخصابه وتكثيره

.187-186ص، 1964،،القاھرةالمتنبي بین ناقدیھ، دار المعارف،شعیب، محمد عبد الرحمن 1 187-186، صالمرجع نفسھ 2

Page 31: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

17

وهو أخذ لفظ أو معنى وتنسيقه داخل النص الجديد لغايات : التضمين واالقتباسال تقترب منه السرقة ألنه واضح متعددة كاالستشهاد أو التشبيه أو التمثل أو سوى ذلك، و

.التصريح والتلميح

المخالفة ونقض الشيئ نقضا أي أفسده بعد إحكامه ، ويقال نقض (وتعني : المناقضة البناء أي هدمه ، ونقض القصيدة أي الرد شعرا على صاحبها بقصيدة تعارض مافيها ،

. 1)كنقائض جرير والفرزدق

بين كالمين متساويين في اللفظ، والمعارضة تدل على المقابلة (في الكالم :المعارضة المحاذاة والمحاكاة ، وعارضه في الشعر يعني باراه فيه إلظهار جوانب النقص ، وتجاوزه

.2) كثيرة العربي الشعر في والمعارضات ومعنا، لفظا عنهبشعر أرقى

قعود بكثير من لين إلى حد كبير عن الؤوالحق أن كثيرا من النقاد القدامى كانوا مسالنصوص التي جعلوها من قبيل ما أسموه بالسرقات المذمومة في مقابل المحمودة أو ما أسموه باإلحسان في السرق ؛ عن أن تستشرف آفاقا من التحليل التناصي الواعي لتكشف عن

بين الفارق بين مصطلحاتهم المتباينة حينا والمتناقضة حينا آخر، ولعل هذا ما يفرق جذريا .3 والمحاذاةمصطلح التناص الحداثي، ومصطلحات تراثية كالسرقات

من هذه اإلشكاليات أن اهتمامهم انصب على المؤلف بوصفه سارقا ومن ثم محاولة .إثبات السرقة عليه في محاولة إنقاذ النص المسروق وصاحبه

ل مصطلحات وقد ألقى كل ما سبق من ظالل التناقض على نقاد القرن السابق حوتدور مع السرقة بمعناها المذموم إغارة وسلبا وانتحاال،والسرقة المحمودة اقتباسا وأخذا وتضمينا؛ بما جاء إرهاصا مصدره الذوق المرهف في اإلحساس بما يطرحه في فهم واع

: مصطلح التناص الحداثي، وكانت البداية لإلرهاص مع رواد من سموا بمدرسة الديوان

120،ص1992،المركز الثقافي العربي ، بیروت ، لبنان ، -استراتیجیة التناص –طاب الشعري محمد مفتاح ،تحلیل الخ1

118ص –المرجع نفسھ ،2الت الخطاب الشعري المعاصر،م س، ص أشكال ا:ینظر 3 ناص وتحو 93لت

Page 32: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

18

يقول عبد الرحمن شكري في معرض رده على القضية المثارة حول سرقات المازني فالعالم الماهر يخرج :" عمدا بالمفهوم المذموم للسرقات سطوا وإغارة على الشعراء الغربيين

وبعض القراء يقئ على . من الجيد جديدا، ولكن العبقري يخرج أيضا من الردئ جيداأن يخرج من أزهار ما قد قرأ شهدا ، وهذا الفرق بين العبقري صحيفة ما قد قرأه بدل

إن المضطلع بآداب لغة من اللغات ال بد أن يجتني بعض ما يقرأ من .وغيره من الناسالمعاني والخياالت من غير أن يشعر،وإنك إذا أدمنت قراءة المتنبي مثال علقت بذهنك بعض

أما إثبات العمد فليس من الصعوبة .لمعنى عمدا معانيه،وأما المعيب فهو أن يأخذ الشاعر افإن المشابهة والتوليد .بمكان،فمن مظاهر تعمد السرقة دقة النقل واألخذ،ال المشابهة والتوليد

تسلسل المعاني كما في األصل، لكثرة المتشابه وعجز -أي السرقة -ال تعد سرقة ومنها 1."الشاعر عن االبتداع والتوليد

-وفق زاوية التلقي،بوصفه نصا واعيا -يعد أرضا يصطلح عليها إن نص شكريرؤى النقاد القدامي المتناقضة لمصطلحات السرقات بين محمودة ومذمومة، وهو يشي في

ومع . الوقت نفسه بإرهاصات قننت بعده عند نقاد الحداثة الغربيين في مصطلح التناصأن شكري يفرق بين السرقة التي اتسع مفهومها في الرؤيتين يمكن أن يترسخ في األذهان

عصره إلى السطو عمدا وتسفلا على جهد اآلخرين ونسبته إلى من سرقوا ، وبين تمثل جهود 2.اآلخرين إن كانوا عباقرة

ومع هذين الصنفين، يمكن وفق مفهوم السرقات قديما أن نعزو الصنف األول من " ، "باالصطراف"والسطو واألخذ إلى ما أسماه القدامى معيبا متعمدي السرقة دقة في النقل

وهو صرف الشاعر إلى أبياته ، وقصيدته بيتا أو بيتين ، أو ثالثة لغيره ، فيضيفها إلى نفسه ونعزو الصنف الثاني الذي مثل له شكري بإدمان قراءة المتنبي ثم 3"ويصرفها عن قائلها

تكافؤ المتبع " ه شهدا ، بما أطلق عليه النقاد القدامى علوق معانيه بالذهن ليخرج من جنايبرز الثاني معنى األول في عبارة مرهفة فيتكافئ " ، حيث " والمبتدع في إحسانهما

4".سواء المتبع والمبتدع تكافؤا ال يخفى على من يعرف أسرار الكالم... إحسانهما فيه

411،ص2000 ،لس األعلى للثقافة المج ،مراجعة وتقدیم فاروق شوشة ،) مقدمة الجزء الخامس ( ، " دیوان عبد الرحمن شكري 1الت الخطاب الشعري المعاصر،م س ، ص أشكال ا 2 ناص وتحو 97لت 61،ص1979العراق –محمد أبو الحسن ،حلیة المحاضرة في صناعة الشعر ،دار الرشید للنشر 3 73المرجع نفسھ ،ص 4

Page 33: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

19

ري؛ فيمكن وفق الصنف األول أن أما وفق الرؤية التناصية التي أرهص بها نص شك، وأما "أقل أشكاله وضوحا وشرعية " نعزوه إلى االقتباس الذي تحدث عنه جينيت أنه

الصنف اآلخر الذي جعله شكري في دائرة المشابهة والتوليد ممثال لـه بجني الشهد؛ تمثال اريف كريستيفا لما يلصق بالذهن معنى من شاعر كالمتنبي،فهذا ما يكاد يتقارب مع تع

يتكون كل نص كموازييك من االستشهادات،كل نص هو امتصاص وتحويل " للتناص حيث -مفهوما -وهكذا يأتي نص شكري متالقيا مع رؤية الحداثة حول ما يثيره . 1"لنص آخر

مصطلح التناص، لينم عن وعي بالفرق بين التمثل لما نقرأ وإعادة إنتاجه؛ حيث يجتني كالنحل رأ من المعاني والخياالت من غير أن يشعر بما ترسب في ال وعيهبعض ما يق

إن . يمتص ليخرج شهدا، ال كاللص الذي يقئ ما سرقه طعاما خبيثا على صحيفة ما قد قرأ إرهاصات الفهم بمصطلح التناص دون مسماه عند النقاد العرب في بدايات القرن

.2لح في بيئته الغربية الماضي،كان شبيها باإلرهاص بالمصطعند واحد من " ما األسد إال مجموعة من الشياه المهضومة :" فما كانت مقولة مثل

.نقاد الغرب سوى إرهاص آخر بمصطلح التناصوقد احتفى نقادنا العرب المعاصرون بمصطلح التناص كما تمثلوه من كتابات أمثالهم

يفاتير وأنجينو وغيرهم، يبحثون عن جذوره باختين وبارت ور من أعالم الغرب ككريستيفا وفيه، ويحاورون بها شكال ومضمونا،تنظيرا وتطبيقا؛ رؤى التناص المعاصرة، ما أثرى

.الساحة النقدية ببحوث مهمةجدوا في المصطلح من حيث هو مفاهيم تقاربا كبيرا مع الطرح القديم فقد و

ة وتداول المعاني،وما يدخل في باب االقتباس والتضمين والمعارض: لمصطلحات مثلالسرقات من أفكار كالمواردة وتكافؤ المتبع والمبتدع ، كما أنهم وجدوا أن في مصطلح التناص ما يمكن أن يفعل نصوصا قديمة ويعيد إليها الحياة بعد أن ماتت، أو كادت أن تموت

مسروقة، فطفق المعاصرون في الذاكرة وفي كتب من حكموا عليها من القدامى بالموت ألنهاهذه النصوص الغائبة -وفق منظومة االستدعاء النصي في عملية التناص -يحللون

3.ويكتشفونها في النصوص الحاضرة لبنات تسهم في إنتاج ما ال حصر له من الدالالت

98،ص 1988محمد خیر البقاعي، الھیئة المصریة العام للكتاب . د لیون سمفیل ،التناصیة ضمن كتاب آفاق التناصیة روالن بارت ترجمة 1الت الخطاب الشعري المعاصر، أشكاال 2 ناص وتحو 93م س ، ص لت 97، ص نفسھ 3

Page 34: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

20

الطريقة التي تم بها التعرف كأحمد المديني ولقد نعى بعض نقادنا العرب المعاصرينكما هو الشأن في التعامل -صطلح التناص في البيئة العربية، واتخذت آراء بعضهم على م

شيئا من التعميم والتوسع في األحكام وجاءت آراء البعض -مع كل وارد من مفاهيم غربية 1.اآلخر متسقة الفهم وموضوعية في الطرح واإلبانة عن اإلشكاليات

أحمد المديني بين يدي ترجمته لمقال أنجينو فمن قبيل التوسع في األحكام ما يقول به أن الخطاب النقدي "، حيث يرى "مفهوم التناص في الخطاب النقدي الجديد:" تحت عنوان

العربي لم يعرف بهذا المصطلح إال مؤخرا ، وفي بعض المستويات الجامعية المحددة ، تعماله أحيانا ال يخضع ومعرفته تمت ، من أسف ، بكثير من االبتسار والخلط ، عدا أن اس

ألي ضابط استاطيقي أو فكري، وهذه ظاهرة ملحوظة في أغلب المناهج والمفاهيم الجديدة التي انتقلت إلينا عن النقد الجديد والعلوم اإلنسانية المتطورة التي لم يعد من الممكن إهمال

ومنتظما ، وربطا محكما االتصال بها، ولكن التي تتطلب في اآلن عينه إدراكا معرفيا دقيقابين أواخرها وأوائلها ، أدواتها ومناهجها، ومفاهيمها ومنها اليوم ، بصورة خاصة التناص كمفتاح لقراءة النص ، لفهمه، لتحليله ، لتفكيكه وإعادة تركيبه ، لمعرفة كيف تم إنتاج

2."الخطابأن تسهم في الربط بين حاولت كثير من الدراسات التي أنتجها النقاد العربولقد

مصطلح التناص ومصطلحات قديمة كاالقتباس والتضمين وتداول المعاني والمعارضة، بما في دراسته عن فكرة السرقات ونظرية التناص فيفعل التواصل الفكري بين القديم والحديث،

ساؤل مهم عبر ت" التناص " ، والنظرة الحديثة "السرقات"مرتاض بين الفكرة القديمة .يربط دما حقيقة هذه الفكرة التي ترقى إلى مستوى النظرية النقدية ؟ وهل هي معادل لما يطلق " إذ

يطرح . 3"عليه السيميائيون اليوم التناص؟أو هي شيء يختلف بعض االختالف عن التناص أن يقر أ تراثنا حافال بأصول لهذه النظريات الحديثة التي د مرتاض سؤاله بعد أن يقرر

.أن ال يقعدنا التكاسل واالنبهار بالوافد الغربي عن التنقيب عنها يجب

97،ص السابقالمرجع 1 1987 ، 1ط ،سلسلة المائة كتاب ، غداد ب ،دار الشئون الثقافیة ،" في أصول الخطاب النقدي الجدید" مارك أنجینو لترجمة وتقدیم ،أحمد المدیني 2

.99،ص 1411و القعدة 1 ، 1مج 1النادي األدبي بجدة ج ،"عالمات في النقد " مجلة ، 71صفكرة السرقات األدبیة ونظریة التناص : " عبد الملك مرتاض .د 3

Page 35: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

21

رؤية القدماء لمصطلح السرقات من باب التهجين ووقوفهم إلى أن مرتاض.د يذهب والسطحي عند القشور،حين يكتفون فقط بتشريح القصيدة إلثبات السرقة على الشاعر،خاصة

." ه الحداثيون من جهد للكشف عن جماليات النصإذا كان كبيرا ، جعلهم ينشغلون عما أكملولعل مباشرية الشعر العربي ووضوحه إلى حد السطحية، في بعض األطوار،من العوامل التي أغرت النقاد باالشتغال بمثل هذه القضايا السطحية والعزوف عن تحليل النص وتشريحه

وخاة من دراسة أي نص على عهدنا بالتفكيك ، ثم إعادة التركيب لالنتهاء إلى النتائج المت 1"الراهن

مرتاض في موضع آخر من بحثه أن يقرب إلى القارئ العربي العالقة . وقد حاول دفالسرقات الشعرية في رؤيته مع التجاوز ."بين مفهوم السرقة والتناص في وعي هذا التقارب

ة من األلفاظ وفي اقتباس خفي أو ظاهر للفظ أو جمل: في التعبير والتسامح في التعريف . 2"سياق ما ، وإعادة صياغتها في بيت واحد من الشعر غالبا

مرتاض وحده الذي يربط بين مصطلح قديم كالسرقات ،وحديث كالتناص . ولم يكن د،يربط ربطا "أنماط وتجارب...المعارضات الشعرية"فالدكتور عبداهللا التطاوي في بحثه .

ة بوصفها شكال نشأ في أصله في أحضان الشعر متواشجا بين المعارضات الشعري. العمودي، والتناص كمنجز حضاري وشكلي نضج فهما واستيعابا مع شعر التفعيلة، وكأن د

)تناص( والحديث ) معارضة ( التطاوي يضيف بوعي إلى التقارب بين المصطلحين القديم 3.ابعدا فنيا شكال ومضمون -إلى جانب الرؤية التاريخية -

يعني -فإن شئنا طرح الظاهرة :" في دعم نظرته قائال عبداهللا التطاوي ويستمرمن منظور عصري باعتبار معاصرة الشاعر الجديد، وجديد شعره من واقع -المعارضات

اقتحامه مدرسة شعر التفعيلة، بما لها من مقومات تجديدية تتعلق بأوزانها وتغاير كمصطلح نقدي معاصر أقرب إلى كشف ) التناصية(كانت قوافيها،وطبائع صورها، فربما

جوانب هذا النمط في موقفه من الموروث، مما يجعله قريبا إلى األذهان،باعتبار هذا التجاوز وإن كان األمر يظل مقبوال ، ألنه لم يصل) المعارضات(الشكلي عما كنا نلتزمه في حديث

المرجع السابق. 1 86،صالسابقالمرجع 2الت الخطاب الشعري المع ا 3 ناص وتحو 96م س ، ص اصر،لت

Page 36: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

22

يين ، فكالهما شعر، وإن اختلفت صيغ التعبير بحال ، إلى درجة المغايرة بين جنسين أدب .1"وطبيعة التوجه بين العمودي القديم ، وبين الحر المعاصر

وضوحا -ومعهما االستشهاد -التطاوي العالقة بين المعارضة والتناص.ويزيد د حين يتكئ على ما اتكأ عليه النقاد الغربيون من كون النص إنتاجا يسهم في التناص، بل إنه

جعل هذا اإلنتاج أو إعادة اإلنتاج هو جوهره، حتى يعتد بهما في إنتاج معنى النص وداللته يال يصح االعتداد بمنطق المعارضة أو :"، وإال فلن يكون لهما قيمة يعتد بها،ذلك حين يقول

أو حتى منطق االستشهاد بشكل عميق ، إال إذا أخذنا في االعتبار االستشهاد ذاته ) التناص(( ،فهو مقتبس من النص األول )النص المستشهد به(ا من ضروب إعادة إنتاج قول ضرب

بإدراجه في نص االستقبال ، هذا إذا كان القول المستشهد به يبقى بمعناه الحصري ) األصلكما كان ، دون أن يلحقه أي تغيير في ذاته من وجهة نظر الدال ، فإن النقل الرأسي الذي

ه وينتج قيمة جديدة فيترتب على ذلك تأثير على المجموع في نفس يتعرض لـه يغير دليل " . 2الوقت

،الذي يمكن ) االقتباس( التطاوي لحظة اإلبداع التي يتخلق معها .ويستشرف فكر د االستشهاد، قبل أن يولد للنور مسهما في / التناص / أن نتوسع معه فنضيف إليه المعارضة

وهنا يحسن البحث فيما قبل :" ا وفنيا، وذلك حين يضيف قائالوتاريخي نفسياإنتاج الداللة النص عن كيفية تكون االقتباس في لحظة اإلبداع،أو إنجاب النص، ثم الكيفية التي يصدر بها االستشهاد، واإلطالة واإليحاء ، وإدماجها في فضاء النص الذي يخرج إلى النور محمال بها

ور يتزاحم على ذاكرة المبدع بمجرد شروعه في تصوير جميعا،إن ثمة ركاما من الصالتجربة ، فأمامه تجربته الخاصة ، وأمامه معطيات واقعه ، ومن خلفه مقومات تراث ممتد ضارب في أعماقه ، يدفع إليه باألشباه والنظائر بما ال يمنعه من حق التوقف أمامها والتأمل

.3"لمقاومتها واإلفادة منها" تحليل الخطاب الشعري ـ استراتيجية التناص " مفتاح في كتابه محمد .ويلقي د

الضوء على زوايا مهمة في صميم فكرة التناص؛ من حيث عالقة المصطلح في مصادره

191 ص م، 1998 ،، دار قباء للطباعة والنشر والتوزیع " أنماط وتجارب ... المعارضات الشعریة : " عبد هللا التطاوي . د 1 191/192ص، ،لسابقالمرجع . د 2 193، ص م 1998 ، ، دار قباء للطباعة والنشر والتوزیع" أنماط وتجارب ... المعارضات الشعریة : " عبد هللا التطاوي . د 3

Page 37: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

23

الغربية والعربية معا بمصطلحات مثل المعارضة والسرقة،ومن حيث الثقافة التي يجب أن . إلخ ... انسجاما وتالقيا يكون عليها المتناص ، وكذلك تفسير النص بالنص

مفتاح بعد أن يقدم . فعن عالقة التناص بمصطلحات كالمعارضة والسرقة، يرى دمع أن هذه التعاريف مكتسبة من " تعريفه لمثل هذه المصطلحات في الثقافة الغربية، أنه

. المناقضة. معارضةال:مجال الثقافة الغربية فإننا نجد ما يكاد يطابقها في الثقافة العربية ففيهامفتاح كال من المصطلحات الثالثة وفق بيئتها العربية بما يكاد يتطابق . ويعرف د 1"السرقة

ليدل على مدى التالقح الثقافي بين المفاهيم . مع تعريفه لها في بيئتها األجنبية التي أفرزتها 2 .في البيئتين

أن أساس "مفتاح . متلقي يرى دوعن الثقافة التي يجب أن يكون عليها المتناص والإنتاج أي نص هو معرفة صاحبه للعالم وهذه المعرفة هي ركيزة تأويل النص من قبل

وبرهنة على صحة هذه المسلمة،فقد وجدت دراسات لسانية ولسانية نفسانية . المتلقي أيضا 3..." لصياغة عدة نظريات تحاول ضبط اآلليات التي تتحكم في عملية اإلنتاج والفهم

مفتاح عند طرح مهم حول الجانب . وعن فكرة إعادة اإلنتاج في التناص يوقفنا دالسلبي والجانب اإليجابي إلنتاج داللة النص إسهاما في نجاح عملية التمثل بين النصوص ، فجانبها السلبي يتمثل في ظن البعض أن عملية التناص تتوقف عند حد امتصاص الشاعر

جرد المحاورة والتجاوز في رؤية سطحية تقتصر عليه وحده، ولكن يجب لنصوص سابقة لمأن يعي دور النصوص ذاتها في عملية تخليق وإنتاج التناص للداللة وهذا هو الجانب

إ ن الكاتب أو الشاعر ليس إال معيدا إلنتاج سابق في (: مفتاح . اإليجابي ، أو كما يقول د هذا أنه من المبتذل بعد هذا ىومؤد. نتاج لنفسه أو لغيره حدود الحرية ، سواء كان ذلك اإل

أن يقال إن الشاعر قد يمتص آثاره السابقة أو يحاورها أو يتجاوزها، فنصوصه يفسر بعضها ولذلك فإن الدراسة . بعضا وتضمن االنسجام فيما بينها ، أو تعكس تناقضا لديه إذا غير رأيه

لمعرفة سابق النصوص من الحقها كما يقتضي أن يوازن بينها العلمية تفترض تدقيقا تاريخيا

121ص م، 1992 ، 3ط ،بريوت ،، املركز الثقايف العريب "استراتيجية التناص: حتليل اخلطاب الشعري : " حممد مفتاح . د 1

121،122المرجع نفسھ ،ص 2 123،ص نفسھا 3

Page 38: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

24

لرصد صيرورتها وسيرورتها جميعها ، وأن يتجنب االكتفاء بنص واحد ، واعتباره كيانا 1 )منغلقا على نفسه

مفتاح هو جوهر في عملية التحليل التناصي، من حيث إن . إن هذا الذي يقوم به دمنغلق على نصية متعصبة،يجب أن يستشرف تاريخية النص المنتج في تناصه، وغير ال

النصوص األخرى سيرورة وصيرورة، فاحصا إياها، لتدخل بنية النص الحاضر،إما بإعادة .2اإلنتاج بناء ، أو هدما إلعادة البناء

مفتاح في رؤى مهمة يجيب عنها، أيكون التناص في الشكل أو . ويتساءل دأنه يكون في المضمون ألننا نرى الشاعر يعيد -ادئ ذي بدء ب-إن ما يظهر ( ؟المضمون

إنتاج ما تقدمه وما عاصره من نصوص مكتوبة وغير مكتوبة أو ينتقي منها صورة أو موقفا دراميا أو تعبيرا ذا قوة رمزية، ولكننا نعلم جميعا أنه ال مضمون خارج الشكل ، بل إن

إليه ، وهو هادي المتلقي لتحديد النوع األدبي ، الشكل هو المتحكم في المتناص والموجه 3)وإلدراك التناص ، وفهم العمل األدبي تبعا لذلك

مفتاح محق في رؤيته،ألن المضمون والشكل معا هما بمثابة اإلشارة . والحق أن دديا التي تتحكم في المتناص المبدع خاصة إذا تم منه ذلك بوعي ، ويمثل للمتلقي وفقا لهذا تح

. النصوص الغائبة إلى النص الحاضر/ لمحفوظه ومفهومه وثقافته، وهو يستدعي النص عصي تظاهرة لغوية معقدة تس" مفتاح وهو يتحدث عن التناص بوصفه . وقد فطن إلى ذلك د

إذ يعتمد في تمييزها على ثقافة المتلقي وسعة معرفته وقدرته على . على الضبط والتقنين 4".الترجيح

وتتخذ قضية عالقة التناص بالشكل والمضمون في رؤية مقاربة من منظور جديد من سلطة النص إلى :عند محمود عباس بعدا بنيويا ألسنيا،وهو يبحث عن شعرية التناص

لم تعد القصيدة العربية الحديثة ــ في رؤيته ــ تتوقف عند الشكل (سلطة اآلخر، إذسيكية وبنياتها الثابتة والساكنة،وعمودها العروضي السيمتري الخطي التناظري للقصيدة الكال

للوحدات المتساوية ، وإنما حاولت التطلع إلى البنية العميقة للنص الشعري،الذي لم يعد

121ص ، م س، "استراتيجية التناص: حتليل اخلطاب الشعري : " حممد مفتاح . د 1

الت الخطاب الشعري المعاصر، ربي أشكال احافظ المغ 2 ناص وتحو 96، ص2010،نتشار العربي مؤسسة اإل لت 129،130ص ،م س ، "استراتیجیة التناص: تحلیل الخطاب الشعري : " محمد مفتاح . د 3 131:ص نفسھ4

Page 39: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

25

صوغا جماليا يشير إلى صوت قائله فحسب ، بل هو محطة اللتقاء األصوات والرؤى واع التعبيرية المختلفة في فضاء مشترك ، واألوضاع والحاالت الروحية واإلنسانية واألن

كما يذهب إلى ذلك الناقد -وهي رؤى وأصوات تتعايش وتتقاطع في آن واحد ، ولكل منها حياته الخاصة،وهي تكسب الخطاب األدبي هذه النزعة التعددية الديموقراطية -باختين

1 )الخصبة التي يتسم بها كل خطاب خالق

جية المعنى في النص األدبي عامة والروائي خاصة؛ يكشف وعن دور التناص في إنتاعن دور مهم يدفع عن النص الروائي -التناص وإنتاجية المعاني -حميد لحمداني في بحثه

بعده التاريخي الذي انحصر فيه؛إلى األمام اآلني والمستقبلي المستشرف ؛ تفعيال لدور .ني القراءة وإسهاما في إنتاجية المزيد من المعاإن التمييز إذن بين تقاطع النصوص والتناص (: يقول لحمداني عن هذا الدور الفعال

يهدف إلى دفع دراسة النص األدبي والرواية على الخصوص نحو األمام بتخليصها من الرؤية النقدية التاريخية التي عرفت ازدهارا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن

. 2)كثير من النصوص األدبية ومنها الرواية العشرين وطبقت علىووفقا لهذا البعد الزمني يتساءل لحمداني عن كيفية بناء النص األدبي والروائي خاصة، مركزا في تصوره على االهتمام بكيفية قراءة النص في بعده اآلني ، ال البحث عن

ى أن التعامل مع النص الغائب سياق النص الغائب وفق بعده التاريخي ، هذه واحدة ، األخراستشهادا ؛ يختلف من الرواية إلى الشعر مما يقتضي مرونة يجب أن تقتضي النظر إلى أن

فيه مجال -بوصفها فنا قوليا نثريا -فهم من كالمهياالستشهاد المباشر في الرواية كما . 3لالسترسال في السرد؛ يعد أقل أنواع التناص فنيا

كيف ينبني النص وكيف ينشط التفاعل بين النصوص (:ول لحمدانيوفيما سبق يقالمضمومة فعل التدليل؟ بهذا المعنى يصبح التناص مبحثا آنيا،فال يهم أن تكون النصوص السابقة قد دخلت إلى النص الحالي باعتبارها تنتمي إلى سياق معروف سابقا، بل يهمنا أكثر

ة في سياق النص الحالي ، وما هي ردود الفعل التي أن نعرف كيف أصبحت لها أدوار جديد

، 12،2003/ النادي األدبي بجدة ، مج" مات في النقد عال" ، مجلة " استراتیجیة التناص في الخطاب الشعري الحدیث : " محمود جابر عباس 1 263ص

73ص، 1422ــ ربیع اآلخر 40ج 10مج ،النادي األدبي بجدة ،" عالمات في النقد " مجلة ،" وإنتاجیة المعنى سالتناص : " حمید لحمداني 2 الت الخطاب الشعري المعاصر، أشكال ا 3 ناص وتحو 107م س ، ص لت

Page 40: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

26

يتخذها القراء إزاء هذا التداخل الحاصل في البنية النصية ؟ كما أنه يجب التعامل مع النصوص المضمومة بنوع من المرونة، ألن االستشهاد المباشر هو أقل أنواع المظاهر

1)عبيرالتناصية في الرواية على الخصوص، ولذلك تمثل أشكال التوبعد كل ماتقدم يظهر أن للتناص مايعادله نسبيا كمنجز نقدي تنبه له القدامى من النقاد العرب ،وجهد المحدثين منهم البراز تلك اإلرهاصات النقدية في التراث النقدي العربي ونفض الغبار عنها، وهذا ليس باألمر الهين فهو الوقوف بين منتجين نقديين لكل منه بيئته

ته الثقافية التي ال يمكن اغفالها ،هذا فضال عن تفعيل التناص كآلية نقدية في التعامل وحمول .مع المنتج األدبي العربي

: آليات التناص ومظاهره -3

:آليات التناص -أ

والظاهرة -التناص -لم يتوقف النقد المعاصر عند حدود المصطلح الحديث عملية وفي تحويل التناص إلى طريقة أو منهج إجرائي له القديمة بل جهد في تأسيس خطوة

أدوات ووسائل تحليلية تساعد الناقد أو القارئ المتخصص في كشف البنى التحتية للنصوص : خليل الموسى وهي.وتعرية دواخلها، حيث يقوم بعدة عمليات إجرائية مختلفة بينها د

قي، واالمتصاص اإلسفنجي الموظف، االستدعاء القصدي أو الالقصدي التغايري أو التواف" .2"والتداخل، والتحويل

تفصيلها ضمن تسميته لها بآليات التناص كالتداعي بقسميه 3محمد مفتاح.وحاول داألناكرام ) 1: التراكمي والتقابلي وبتفرعاته كالتمطيط بأشكاله المختلفة والتي من أهمها

، وكالشرح واالستعارة والتكرار، )المحور-الكلمة(الباكرام ) 2، )الجناس بالقلب والتصحيف(وهي عمليات أركولوجية تتغلغل في حفريات النص وبواطنه "… ثم اإليجاز المضاد للتمطيط

74 صه، 1422ربیع اآلخر ، 40ج 10مج ،النادي األدبي بجدة ،" عالمات في النقد " مجلة ،" التناص وإنتاجیة المعنى : " حمید لحمداني 1 .83، دمشق، ص26، السنة 1996، أیلول 205، مقال في مجلة الموقف األدبي، ع)التناص واألجناسیة في النص الشعري(خلیل الموسى، .د 2 .125، بیروت، ص1985، 1، دار التنویر، ط)استراتیجیة التناص(محمد مفتاح، تحلیل الخطاب الشعري .د :ینظر 3

Page 41: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

27

ويرى تودوروف أن التناص، مفتاح لقراءة . العميقة، تدرس نسيجه الفني وعالقاته الداخلية، حيث يؤكد 1"إنتاج الخطاب النص، لفهمه، لتحليله، لتفكيكه وإعادة تركيبه لمعرفة كيف ثم

ربط سياق النص "على ضرورة استخراج المصادر الالواعية للنص، ألنها ستمكن الناقد من ويشاركه ناقد آخر 2"الذي هو موضوع التحليل بسياق الثقافة التي تشكل النص في إطارها

سائل الرؤيا التي تضيف إلى مهام النقد مهمة جديدة هي البحث في مصادر النص، وفي والتوظيف واالستشهاد أو ما يسمى بالتضمين أو استخدام التنصيص الذي هو طريقة من

. 3"طرائق ربط نص بنص آخر وإدماجه في سياقه

ولقد سعى الكثير من النقاد المعاصرين إلى وضع التناص في تقسيمات ثنائية وثالثية تناص ما قام به كل من كريستفا لتحديد أبعاده واإللمام بطرائقه، ومن التقسيمات الثالثية لل

: وجان لوي هودبين بمالحظتهما أن للتناص أو إلعادة كتابة النص الغائب ثالثة قوانين هيعملية إعادة كتابة النص الغائب بوعي سكوني وتمجيد بعض المظاهر الشكلية : االجترار) 1

. الخارجية

لنص الجديد ليصبح عملية إعادة كتابة النص الغائب وفق حاضر ا: االمتصاص) 2 استمرارا له متعامال معه بمستوى حركي وتحولي،

بينما ، 4عملية تغيير النص الغائب ونفي قدسيته في العمليات السابقة: الحوار )3 : حصر جينيت في كتابه استراتيجية الشكل التناص في ثالثة أصناف وهي

وص السابقة يشكل وعداإنجاز معنى أو مضمون كان في تراث النص: التحقيق) 1-

أخذ معنى والذهاب به إلى أبعد مما هو عليه، : التحويل )2 -

. 1التجاوز على معنى ما والتضاد والتناقض معه: الخرق) 3

.125المرجع نفسھ ، ص 1 .99-82ص 1987, دار الشوءون الثقافیھ العامھ: بغداد 1المدیني ط ترجمھ وتقدیم احمد ، في اصول الخطاب النقدي الجدید،تزفتان تودوروف 2 .115، بیروت، ص1987تشرین أول -أیلول 23، السنة 12-11، مقال في مجلة دراسات عربیة، ع)إنتاج معرفة بالنص(حسین خمري، 3 253ص، 2002،الحدیث ظاھرة الشعر، الدكتور أحمد المعداوي 4

Page 42: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

28

شجاع .لكن د. المستتر) 2الظاهر أو الصريح، ) 1: واشتهر تقسيم ثنائي للتناص هوالنوع الذي يلمح له (ستتر ويعني به نصف الم) 3: العاني آثر أن يرفده بضلع ثالث هو

المؤلف تلميحا ال تصريحا، وغالبا ما يتم هذا التلميح في عنوانات النصوص وبطريقة شجاع يعود إلى الرؤيا الثنائية التي يالحظها في طبيعة التناص، حيث .غير أن د 2)مموهة

وتناصا خارجيا يعيد فيه تناصا داخليا يعيد فيه الكاتب إنتاج ما سبق أن كتبه،(يرى أن هناك ، فهو يضع الكتابة في محيط مغلق ذو دائرتين متداخلتين، وهو أيضا 3)إنتاج ما أنتجه غيره

التناص : ال يكتفي بهذا التقسيم، فينظر إلى التناص من زاوية أخرى تحيله إلى فرعين همامن الثاني، غير الواعي، والتناص الواعي، ويعتبر األول هو المهيمن على النصوص أكثر

: وجود تناصين(محمد مفتاح فيشير إلى .فيضفي بعدا نفسيا في عملية إنتاج النصوص أما دالواجب وهو الذي ينطوي على إحالة -العشوائي وهو الذي تغيب فيه اإلحالة، والثاني–األول

.شجاع فرعا ثالثا ليمنحه دقة موضوعية.، وهو نفس التقسيم الذي أضاف له د4)صريحة

لتقسيم األساسي األولي للتناص هو الذي يمنحه بعدين تفريقيين من حيث ا(إن إلى تناص واعي وتناص ال واعي، فال زال الكثير 5)الطبيعة اإلجرائية هو معيار القصدية

من النقاد المعاصرين يعتقدون أن التناص ذو طبيعة ال واعية فقط ألنه نتاج القراءة األثرية التناص هو الوقوع في حال : (عبد الملك مرتاض.يقول د. المطموسة في أعماق الكاتب

تجعل المبدع يقتبس أو يضمن ألفاظا وأفكارا كان التهمها في وقت سابق ما دون وعي ، وهو ما ذهب إليه 6)صريح بهذا األخذ المتسلط عليه من مجاهل ذاكرته ومتاهات وعيه

ص ويتحول ويذوب وال يعود له يمت: (خليل الموسى في تعريفه للنص الغائب حيث يقول .د

85ص، 2000 ،دمشق،منشورات اتحاد الكتاب العرب ، -دراسة -قراءات في األدب والنقد ،مسلم العاني شجاع.د 1 96صالمرجع نفسھ ، 2 84-83،ص السابقالمرجع 3 96المرجع نفسھ ،ص 4الت الخطاب الشعري المعاصر، أشكال ا 5 ناص وتحو 107م س ، ص لت .84-83، ص التناص واألجناسیة في النص الشعري،مرجع سابق 6

Page 43: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

29

إال وجود إيحائي، فإذا زاد وجوده على ذلك خرج عن حدود التناص واإلبداع إلى حدود . 1)التأثر والتأثير والمحاكاة والتقليد ألن حضور األصل يظل مطموسا وطاغيا

بينما تظهر لنا قراءة كثير من النصوص آليات تناصية متعددة مقصودة في تعاملها مع المرجع، مثلما أظهرته التقسيمات السابقة، غير أن بعض النقاد المعاصرين /ص الغائبالن

يعتبرون أن اإلبداع شرط التناص لكونه ال واعيا منطلقين من مقوالت مدرسة التحليل النفسي التي تؤكد أن الالوعي هو منبع اإلبداع، وفي هذه الحالة تسقط صفة اإلبداع عن التناص

لذي قد يبتكر أشكاال جديدة عبر آلياته المختلفة وتقنياتها في التوازي أو الواعي القصدي اوإذا ما اعتبرنا أن كل أدب أو كل نص هو تناص كما . التقاطع مع شبكة النصوص الغائبة

يجزم الكثير من الباحثين، فهل سيكون األدب كله أو كل نص إبداعيا؟ إن اإلبداع أو األصالة كار جديدة بقدر ما تنحصر في التأليف بين أفكار قديمة أو إدخال ال تنحصر في ابتكار أف(

إنتاج "، واإلبداع في نظر الالند هو "بعض التعديالت على ما انحدر إليه من طرز فنية قديمةشيء ما على أن يكون هذا الشي جديدا في صياغته وإن كانت عناصره موجودة من

…2)قبل

: مظاهر التناص -ب

الملكية الخاصة للنص واألجناس األدبية، فهو يلغي الملكية إن التناص يلغي ) كل عمل نص امتصاص و تحويل ( الخاصة للمؤلف، فالتناص عمل نصوصي حتمي

فالتناص عملية متكررة بالضرورة وكل نص جديد يولد من رحم نصوص قديمة، ثم يتحول موت "التناص مقولة النص الجديد بدوره إلى رحم لوالدة نصوص أخرى، ومن هنا يتضمن

ثم إن هذه النصوص ليست من جنس واحد بالضرورة، ألن التعريف الـسابق، ال "المؤلف يحدد ذلك، فقد يكون النص الغائب شعريا أو دينيا أو تاريخيا، أو من التراث الشـعبي أو

.82ص ،نفسھ 1 176-50، ص1990العراق، - الموصلأبو طالب محمد سعید، علم النفس الفني، مطبعة التعلیم العالي، .د 2

Page 44: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

30

سوى ذلك، وما دام التناص امتصاص نصوص سابقة وتحويلها إلى نص حاضر، فإن النص ، لكن السؤال الذي يطرحه البحث في 1ائب يلقى الضوء على النص الحاضر لفهمه وتأويلهالغ

هذا الفصل ما هي المقاييس والطرائق التي يتم بها تحديد التناص داخل النص الحاضر؟

وهو النص الذي تعاد كتابته تناصيا في نص جديد، و هو المصدر :الغائب النص - أيد المادة األولية اإلنتاجية و يتضـــمن الرموز و اإلشارات الذي يستقى منه النـص الجد

التاريخية واالجتماعية والتراثية المختلفة التي تتوافر في النصوص الجديدة، النصوص الكائنة في الذاكرة أو القابعة في الالوعي الفردي أو الجمعي، و كل إشــارة في النص الجديد

أو نصوص أخرى، وقد يكون هذا النص الغائب خطابا شير وتومئ إلى نص جديد تتتوجه، وأدبيا أو فلسفيا أو سياسيا أو عمليا، أو فقهيا وهذا يوصلنا إلى أن النصوص تتسرب إلى داخل

.نص آخر ذاتيا أو آليا، حتى ال يعود هناك وجود لنص محايد أو برئ

لكنه يكون بما للنص الغائب صفة الحضور بالقوة والفعل و التماهي فهو ال يستدعي، فيه من قوة وفعل، فلهذا النص فاعلية الحضور في النص اآلخر، وهذا يعنى أنه يتصف بالالمكانية، ومن ثم فهو قابل للتعبير عن قضايا تتكرر في المكان والزمان سواء أكانت ذاتية

.أم اجتماعية، كالحب، والموت، والمغامرة، والتضحية

شارة إليها، وهي أن النص الغائب ال يكون حاضرا إال وهناك مسألة مهمة ينبغي اإل إذا كان فاعال، وال يكون فاعال إال إذا كان مضيئا وصالحا إلضاءة أخرى أو تجربة معاصرة

، ثم إن هذا )2()وليس بمقدور أي نص أن يكون فاعال خارج إعادة إنتاج ذاته و منتوجيته ( اضر،ويتطلب من القارئ الحاذق والجاد أن يحفر النص الغائب يكون مستنبطا في النص الح

في طبقات النص ليكتشف المسكوت عنه، وهذا ال يكون إال في البنى المغيبة، والوصول إلى بعض هذه النصوص الغائبة الستكمال النص الحاضر، فالنص يحتاج إلى ما هو خارجه لتتم

85ص، 2000 ،دمشق،منشورات اتحاد الكتاب العرب ، -دراسة -قراءات في األدب والنقد ،مسلم العاني شجاع.د. 1 .96ص 1988محمد بنیس، حداثة السؤال،المركز الثقافي العربي ، الدار البیضاء ، -) 2

Page 45: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

31

والصلة بينهما التناص قراءته وتحليله، والنص الغائب عامل تفسيري للنص الحاضر،والنص الغائب هي صلة الحضور بالغياب، أو هي حضور الغياب في التناص، وغياب

.الحضور في النص الغائب

وعليه فالنص الغائب يكون مستنبطا في النص الحاضر، وهو يمثل صورة من صور المثاقفة إذا ويمثل صورة من صور .استلهام التراث وتوظيفه إذا كان النص الغائب قديما

كان النص الغائب معاصرا ووافدا، والعالقة بينهما عالقة الالحق بالسابق، فالسابق هو ، والالحق هو التابع، ولكن التبعية هنا زمنية ال فنية، وهي أيضا ال )النص الغائب ( األصل

ل من قصدية، وهي تختلف عن السرقات الشعرية في نقدنا القديم، ألن النص هو الذي يتسلالذاكرة إلى النص الحاضر في التناص، لحاجة األخير إليه ولكن النص القديم يجر ويستلب

)1(.في السرقات الشعرية

والنصوص الغائبة مكونات لشيفرات خاصة، نستطيع بإدراكها فهم النص الذي التي نتعامل معه وفض مغاليق نظامه اإلشاري ومعرفة بياناته وعالقته وأساليبه الحديثة

تعتمد على الترميز والتكثيف، ولذلك فإن النصوص الغائبة مفاتيح نستطيع بواسطتها الولوج .إلى النص الحاضر واإلمساك بالرؤية التي يعالجها

وبدون وضع النص في سياق يصبح من المستحيل علينا أن نفهمه ( :السياق-ب فهما صحيحا، و بدون فكرة

ث عن الترسيب أو النص الـغائب أو اإلحالل السياق نفسها يتعذر علينا الحدي –كالنص تماما –واإلزاحة أو غير ذلك من األفكار ألن هذه المفاهيم تكتسب معناها المحدد

.)2()من السياق الذي تظهر فيه وتتعامل معه

. 1988، تشرین األول 49/ب، وروماني إبراھیم، النص الغائب في الشعر الحدیث مجلة الوحدة عمحمد بنیس، طاھرة الشعر المعاصر في المغر -) 1

278، 277ص .81، المغرب، ص 1986، 2/حافظ صبري، مجلة عیون المقاالت، ع -) 2

Page 46: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

32

" التناص " فالمعرفة بالسياق شرط مهم للقراءة الصحيحة التي يتمظهر من خاللها نص عبارة عن توليد سياقي ينشأ من عملية االقتباس الدائمة من المستودع للقارئ، ألن ال

اللغوي وهذا السياق قد يكون علوما إنسانية وتراثية وتاريخية، والنصوص الدينية وهذا ما يسمى بالمرجعية التي تفرض وجودها داخل النص، والتي تمثل ... واألسطورية

)1(.لمخزون النفسي لتاريخ سياقات الكلمةبالنسبة للقارئ، أي ا) السياق الذهبي (

فوضع النص :( ويورد صبري حافظ مثاال يوضح من خالله هذه المسألة أكثر قائال ضمن سياق يعقد مجموعة من العالقات بينه وبين مفردات هذا السياق وأطره، والسياق

عة كبيرة من األكثر تحديدا من اإلطار المرجعي، فداخل إطار األدب المرجعي هناك مجموالسياقات، والتعددية هي في الواقع واحدة من السمات األساسية للسياقات بالنسبة للنص األدبي

وإنما يسعى دائما إلى طرح مجموعة من .ألن النص األدبي ال يعرف واحدية السياق السياقات التي تتباين وتتعارض أحيانا ولكنها في تباينها وتعارضها تتناظر مع مستويات

2).لنص وعصوره المختلة ا

ي يمتلك ذائقة جمالية ومرجعية ذال: إن المقصود بالمتلقي هنا هو :المتلقي - ج ثقافية واسعة تؤهله للدخول في عالم التناص فتصبح قراءته للنصوص إعادة كتابة عن طريق

" ة سلفا وببساطة لم يعد تلك الذات السلبية والثابتة المدعو( الفهم التأويلي لها، ألن القارئ ديناميا يؤثر " فاعال " أي مفعوال به يقع عليه فعل الكتابة فيعاينه، بل أضحى " المرسل إليه

بالنص

فيصنع داللته، وهكذا أصبحت سيرورة القراءة تدرك كتفاعل مادي محسوس بين نص نوعي ، يعني أن هذا التفاعل النصي المتداخل بحاجة إلى قارئ)3()القارئ ونص الكاتب

متميز يمتلك هذا السياق الشمولي الواسع، ينطلق منه في دراسته التناصية للنصوص، ومن

.34ص 1988, المركز الثقافي العربي ،)النص والسیاق ( سعید یقطین، انفتاح النص الروائي -) 1 . 81، ص 2/صبري، مجلة عیون المقاالت، عحافظ -) 2 .473، ص 02و 1، ع23العالقة بین القارئ والنص في التفكیر األدبي المعاصرة، مجلة عالم الفكر، الكویت، مج : رشید بن حدو -) 3

Page 47: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

33

ثم تكون الذات القارئة قادرة على إنتاج الداللــة المتـوخاة من طرف الذات المبدعة )1(.والقابعة خلف التناص

كل منها النص قى يجب أن يكون حامال لهذه الخلفية النصية التي تكون وتشللذلك فالمت بعد تفاعله معها، مدركا أن هذا التفاعل النصي من أصول النص وثوابته، غير أن طبيعة

المبدعين " قدرات " توظيفه تعتبر خاصية فردية ومتحولة، ذلك أنها تتغير بتغير العصور وقا على الخلق واإلبداع والتجاوز ضمن بنيات نصية سابقة، فالنص السابق بقدر ما يكون عائ

القدرة الضعيفة عند المبدع الذي يعيد إنتاج المقول يكون مدعاة لإلبداع والتجاوز عند ( أمام )2().المبدع ذي القدرة الهائلة على قول أبدع مما قيل

وقد أشار حسين قحام بأن هذا العنصر لم يرد مستقال بذاته في دراسة صبري حافظ أن يجعله عنصرا مستقال –حسين قحام –فضل على أنه مظهر من مظاهر التناص في حين

)3(.بذاته خشية أن يغمطه حقه، ألنه يكشف لنا مظهرا من مظاهر التناص

عدة ( إن جدلية اإلحالل واإلزاحة تسفر عن نفسها في :اإلحالل واإلزاحة - د صور مختلف لطبيعة العالقة بين أي نص تصور تنطوي كل صورة من هذه الصور على

ن النصوص التي كتبت قبل ظهوره، فالنص عادة ال ينشأ من فراغ، وال يظهر في فراغ، مإنه يظهر في عالم مليء بالنصوص أو إزاحتها من مكانها وخالل عملية اإلزاحة أو

وهي عملية ال تبدأ من لحظات تخلق أجنته األولى وتستمر بعد تبلوره –اإلحالل هذه ل نص أو نصوص أخرى، وقد يتصارع بعضها وقد يتمكن من قد يقع نص في ظ –واكتماله

)4().بعضها، وقد يتمكن من اإلجهاز على بعضها اآلخر

.151،ص 2003زائر ،التناص وجمالیاتھ في الشعر الجزائري المعاصر، إصدارات رابطة إبداع الثقافیة ، الج: جمال مباركي -) 1 . 261ص 1979, دار العودة ـ بیروت محمد بنیس ، ظاھرة الشعر المعاصر في المغرب، -) 2 -112، ص 1997دیسمبر 12/حسین قحام، التناص مجلة اللغة العربیة واألدب، یصدرھا معھد اللغة العربیة وآدابھا جامعة الجزائر ع -) 3 .81 – 80، ص 2/ون المقاالت، عحافظ صبري، التناص، مجلة عی -) 4

Page 48: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

34

يذهب إلى أبعد من ذلك حين يقر بأن –في هذا المضمار –ونجد الناقد صبري حافظ واجهه يتوقف في كثير من األحيان على قدرتنا على التعرف نللنص الذي افهمنا واستيعابن(

، وهو ما سنراه عند المظهر الموالي للتناص وهو )1()على النص الذي أزاحته أو حل محله .الترسيب

هي النصوص التي ذابت في معظم ما قرأنا وبالتالي تتحول هذه :الترسيب-هـ القراءات إلى ترسيبات إلى مصادرات إلى ترسيبات وبدورها تتحول هذه الترسيبات إلى

ويكون من الصعب إرجاعها إلى المصادر كلها ألنها تكون قد وجدت تمصادرات وبديهياالنص عادة ما ينطوي على مستويات أركيولوجية ( في األنا التي تتعامل مع النص، ألن

مختلفة على عصور ترسيبات فيه تناصيا الواحد عقب اآلخر دون وعي منه أو من مؤلفه صبري حافظ دليال على تمظهر التناص من خالل في هذا الصدد يورد لنا الناقد . ، )2()

بات، ومفاده أنه اطلع على مجموعة من كتب النقد القديمة منها والحديثة التي تتناول يالترسفن الشعر تحليال وتقييما، وعندما وقع في يده كتاب فن الشعر ألرسطو انكب على قراءته فلم

ار الموجودة في كتاب فن الشعر ألرسطو يجد فيه أفكارا جديدة تستدعي انتباهه، ألن األفكني هذه توقد أدهش( ذابت وترسبت في كتابات النقاد الذين اطلع على كتبهم، لذلك يقول

الظاهرة وقتها، ولم أعرف ساعتها أنني كنت أعيش أحد أبعاد الظاهرة التناصية دون أن ثير من األعمال النقدية أدري، فقد كان كتاب أرسطو العظيم بمثابة النص الغائب بالنسبة للك

التي قرأتها، وتفاعلت معها وحاورتها وتأثرت بها، النص الذي ذاب في معظم ما قرأت من أعمال نقدية وأصبح من المستحيل استنفاده منها أو فصله عنـها أو عزل خيوطه عن سدى

لتي أفكارها ولحمتها، ألن رؤاه وأحكامه قد صارت نــــوعا من البديهيات األساسية ا )3( ...).تصادرت عليها معظم الكتابات النقدية التي قرأتها

.92، ص 2،1986حافظ صبري، التناص وإشارات العمل األدبي،عیون المقاالت،المغرب، ع -) 1 81، ص المرجع السابق–) 2 .79التناص وإشارات العمل األدبي،م س، ص -) 3

Page 49: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

35

ونالحظ أن هذا المظهر يشبه المظهر األول وهو النص الغائب، كما نجد أن فكرة يشترطون "الترسيب واضحة جلية في بعض الدراسات النقدية العربية، إن النقاد القدامى

و " تخزين " يره، فليس لذلك من معنى غير ما امتأل به من نصوص غ" نسيان " على المبدع )1(."معالم النص السابق حتى ال تبرز بشكل كبير في النص الالحق " طمس "

وإذا كانت هذه النصوص المخزنة والمترسبة دون وعي صعبة الرجــــوع إلى شارات مصادرها، هذا ال يعنى استحالة إدراكها، ألن غيابها ال يكون كليا، وإنما تظل هناك إ

وعالمات وومضات تدل على مكامن هذا الغياب، واستخراج الغــائب يحتاج إلى قارئ مختلف صبور، يعرف كيف يفكك بنية النص بتأن ويتفحصها جيدا، فيخرج أوال البنية السطحية، ويتفحصها، ويصفها ثم يضعها جانبا للوصول إلى الكنز الشـــعري، أو البنية

.ر االختفاءالعميقة التي كانت في طو

فالباحث التناصي ال بد أن يكون على بينة بهذه النصوص الغائبة مدركا لمستوى العالقة التي تقيمها مع النص المقروء الذي ال يعيد إنتاج ما أنتج وإنما يتفاعل مـــعها و

)2(.عليها باإليجاب أو السلب بالقبول أو الرفض" يتعالى " في اآلن ذاته

:وتحوالت الخطاب الشعري التناص -4

إن الخطاب الشعري يمكن لنفسه انطالقا من عمله على اللغة اإلعتيادية، أو فلنقل إن عمله إعادة ( لغة جديدة غير مألوفة إنه يعمل على اللغة ليتجاوزها،ليصوغ منها

قيود التي صياغة تخضع لها اللغة ، تنطلق من منطلق خاص فاإلبداع تخليص للكلم من ال 3 ) .يكبلها االستعمال إنه نقل للغة عبر مختلف اإلنزياحات إلى فضاء اإلنعتاق والرحابة

.34سعید یقطین، انفتاح النص الروائي،م س، ص -) 1 . 34نفتاح النص الروائي ، ص سعید یقطین، ا: انظر -) 2 193، ص2009نواري سعودي أبو زید ، نحو مقاربة أسلوبیة لدالئلیة البنى في الخطاب الشعري عند نزار القباني ، ، بیت الحكمة ، .د4

Page 50: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

36

بل (واختيار الشعر كوسيلة للتعبير له معنى ،فهو جزء مما يراد للخطاب أن يقوله، إن تلوين القوافي وتنويع القوالب اإليقاعية داخل القصيدة الواحدة وحتى توزيع الوحدات

رية على ورقة الكتابة ،قد تغدو ذات صلة بفحوى الخطاب الذي يعد مضمونه مسبارا الشعفعاال في الكشف عن آليات عمل النص األدبي وطرق تفاعله مع النصوص الوافدة ،وهذا يفعل دور المتلقي و يشحذ قوى اإلدراك لديه لتوليد عوالم غير محدودة للداللة تتيح إمكانات

1 ).هائلة للتأويل

أحسب أنه بات واضحا من خالل الممارسة النقدية تحليال للنصوص؛ مدى االرتباط الواضح بين مفهوم التناص والخطاب ؛ وبخاصة الخطاب األدبي ، وما يستوعبه

ذلك المصطلح النقدي المنضبط -في ضميره من سياقات متعددة ومتباينة ؛ ذلك أن التناص يتالقى سابقها بالحقها (الق واستدعاء لمجموعة من النصوص، بات مسلما من خالله؛أنه تع –

-أو إعادة إنتاج –في جدلية تعيد إنتاج كل منهما ، بكيفيات مختلفة، تخلق من خالل إنتاج المبدع ، / المفاهيم والرؤى؛ ما يمنح النص شعريات متباينة تفعل دائرة التلقي ، بين الباث

2) .المتلقي/ والقارئ

فإذا كان التناص فعالية تماهي أو تباين بين النصوص، فإن الخطاب أداة هذه الفعالية اللغوية في عالقاتها بما هو خارج سياق النص الحاضر؛ في تفاعله مع الغائب وفق

؛ إال -حياة له –فالنص ال تتحقق له مقدرات نصوصيته وفق مفهوم التلقي . منظومة التناص 3.ليته، بين المبدع والمتلقيإذا كان شركة في تداو

مصطلح أكثر سعة من discourse أن الخطاب ( الجزار إلى القول . لذلك ذهب د النص، وإن كان مبنيا على عدد ال متناه من النصوص، وليس األعمال، وهذه نقطة على قدر

ح هذه المرسلة بالغ من األهمية، فالعمل مرسلة تنتمي إلى مرسلها، أما النص ففعالية تلق، تفت

20المرجع نفسھ ، ص-3 الت الخطاب الشعري المعاصر، أشكال ا1 ناص وتحو 103م س ، ص لت 104ص المرجع نفسھ،ینظر 3

Page 51: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

37

سواها، مما تستدعيه لغتها قصدا من المرسل أو دون قصد منه، أما المستوى الذي على مايلتقي فيه المرسل بالمتلقي في فعالية اجتماعية وسيلتها اللغة تركيبا أي عمال، أو داللة أي

المرسل ،الذي يمثل المخزون النصوصي القار في كل من -الخطاب –نصا، فهو مستوى 1) .وبفضل هذا تتم عملية اإلنتاج والتلقي... والمتلقي

يحتضنه الخطاب األدبي في نسقيه الظاهر (وليس بجديد أن يكون التناص الذي والمضمر؛ يتم في الشكل والمضمون، دون فصل تعسفي بينهما، ذلك ألننا نرى الشاعر يعيد

ير مكتوبة عالمة أو شعبية ، أو ينتقي إنتاج ما تقدمه وما عاصره من نصوص مكتوبة وغمنها صورة أو موقفا دراميا، أو تعبيرا ذا قوة رمزية، ولكننا نعلم جميعا أنه ال مضمون خارج الشكل، بل إن الشكل هو المتحكم في المتناص والموجه إليه، وهو هادي المتلقي

2.)لتحديد النوع األدبي، وإلدراك التناص، وفهم العمل األدبي

التناص وتحوالت الخطاب :في مؤلفه –ولقد سعى الدكتور حافظ المغربي من خالل التحليل النصي، أن يرصد التحوالت التي تطرأ على الخطابات الشعرية -الشعري

جماليا من خالل الشكل والمضمون معا، وفق فاعلية التناص، وأثر ذلك في تخليق شعرياتهقي؛ الذي يكون فيه المتلقي مبدعا آخر للنص، من خالل حواره مع بنياته في مستوى التل

مادام النص حيا بتناصاته ، مستدعيا دوما، ومانحا غيره، ما ال حصر له من بنى ( المختلفة،تتفاعل لتقيم نصوصا أخرى، مطلقا العنان لتفجير أصوات اآلخرين داخل بنيته العميقة؛ ال

.3)السطحية فحسب

يستدعي –أو ال وعيه أحيانا دون تعمد –وليس بخاف أن المتناص في لحظة وعيه نصوصا أخرى إلى نصه؛ يحملها من المستدعى خطاب مغاير؛ على مستوى نسقيه الظاهر

ار. 1 د فكري الجز 38،37ص -م1998 –الھیئة المصریة العامة للكتاب -"العنوان وسمیوطیقا االتصال األدبي " -محم

130،129ص -م1985 -1ط -الدار البیضاء وبیروت -المركز الثقافي العربي -"استراتیجیة التناص .. تحلیل الخطاب الشعري " -محمد مفتاح.د 4 130ص م1985 -1ط -الدار البیضاء وبیروت -المركز الثقافي العربي -"استراتیجیة التناص .. تحلیل الخطاب الشعري " -حمد مفتاحم.د ، 3

Page 52: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

38

، أو تاريخيا، أو )قرآنا أو حديثا شريفا(والمضمر، إذ ربما يستلهم مستدعيا نصا دينيا .إلخ، أو عكس ذلك تحوال أو إبداال بين الخطابات... ياأسطور

وتصبح هذه االمتدادية في نصوص اآلخرين ومحاكاتها؛ مقياسا يضيق أو يتسع في ( تعرجات النصوص وحركاتها، ال حدود لها في إضاءات جديدة ومتنوعة في النص الجديد،

1) . .السابقة دون أن يكون هذا النص نسخة طبق األصل من بنية النصوص

ووفقا لتحوالت الخطابات في رحلتها التناصية؛ على النحو السابق، يأتى دور الناقد في رصد هذه التحوالت على محور الشكل؛ بنيات وثيمات، وفق المستوى الصرفي والنحوي لغة، ووفق مستوى الموسيقى والصوت إيقاعا، وعلى محور المضمون وفق رؤى ومواقف

؛ تقيم جدليات شعرية متباينة وفاعلة في الوقت نفسه، في تفاعل بين النص والمتلقي، وسياقاتما يجعله يتلبس في وعي، ما علق بذهنه من تلك -مختبرا قوة محفوظه وثقافته –يحفر فيه

محفوظا قديما، وما يمكن أن يضاف إلى فكره، إعادة إنتاج –في حينها –الرؤى والمواقف ، بين ماضي النصوص وحاضرها، وما )ديناميكية( ؛ يربط في 2ووعيا معرفيا وفقها

تمخض عنها، مبينا عن مولود جديد، يحمل أوجها من الصراع واألزمات، وربما اآلمال .المسكوت عنها، وفق هذه الخطابات المتناصة

:المفاهيم التناصية -5بالنص الغائب بعض المفاهيم المتعلقة أورد الناقد محمد عزام في مؤلفه الموسوم

رغبة في الوصول إلى ، هالباحثين يرغب في تكثير مفاهيم بالتناص حيث يرى أن بعض :-نوردها كماهي – 3أدق جزئيات هذا المصطلح الجديد، ومن هذه المفاهيم

1-التناص :INTERTEXTULITY ظهر كمصطلح للمرة األولى على يدوهي ترى . الفرنسية TEL QUEL) تل كل(في مجلة 1966جوليا كريستيفا عام

أن كل نص هو عبارة عن فسيفساء من االقتباسات، وكل نص هو تشرب وتحويل .لنصوص أخرى

ناص في الخطاب الشعري الحدیث" -محمود جابرعباس ة -"استراتیجیة الت 2661ص -46ع-12مج -النادي األدبي بجدة -" عالمات في النقد"مجلناص وتحوالت الخطاب الشعري المعاصر، أشكال انظری-3 104م س،ص لت 36ص2001دمشق، ،-اتحاد الكتاب العربتجلیات التناص في الشعر العربي، - محمد عزام ، النص الغائب ینظر3

Page 53: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

39

2-يية، ال يكون مباشرا : بين بنيتين: التفاعل النصوالبنيات النص ،بنية النصنصوص أخرى من خالل دائما، فقد يكون ضمنيا عندما ينتج نص ما حامال صور

مصطلح يؤثره بعض النقاد على مصطلح ) التفاعل النصي(و . تبنينه الجديد)التناص.(

حيث ينتج كل كاتب نصوصه ضمن بنية نصية معاصرة : البنيات النصية-3 .له، أو سابقة عليه

الذي يرى أن النصHYPERTEXTUALITY : التعالق النصي-4 .ق بطريقة جديدةالالحق يكتب النص الساب

5- المناصPARATEXTE ،وهو ما نجده في العناوين، والمقدمات .والخواتم، وكلمات الناشر، والصور

هي االستشهادات PARA LITERATUREالمصاحبات األدبية -6 .األدبية التي تدخل في بنية نصية معينة

ي وه. هي مجموعة من العالقات التي نراها بين النصوص: التناصية-7 .تتجاوز قضية التأثر والتأثير إلى أمور تتعلق بالبنية والنغم والفضاء اإلبداعي

8- المتناصINTERTEXT هو مجموعة النصوص التي يمكن تقريبها منوهو النص الذي . النص سواء كانت في ذاكرة الكاتب أو القارئ، أم في الكتب

، بينما )لوران جيني(معنى يستوعب عددا من النصوص، ويظل متمركزا من خالل الهو ) المتناص(، فيرى أن )المتناص(و ) التناص(يناقش ريفاتير الخلط السائد بين

مجموع النصوص التي يمكن تقريبها من النص الموجود تحت أعيننا، أو مجموع .النصوص التي نجدها في ذاكرتنا عند قراءة مقطع معين

هي كل ما يجعل نصا TRANS TEXTUALITY: المتعاليات النصية-9وقد خصص لها جيرار جينيت . رشيتعالق مع نصوص أخرى، بشكل ضمني أو مبا

حدد فيه PALIM PSESTES. SEUIL. PARIS 1983: كتابا بأكمله سماه :في خمسة أنواع هي) المتعالقات النصية(أنماط

وهذه األنواع . نصيالنص ومعماره، والتناص، والميتانصية، والمناصة، والتعلق ال 1.تتداخل فيما بينها

36ص2001دمشق، ،- اتحاد الكتاب العربتجلیات التناص في الشعر العربي، -محمد عزام ، النص الغائب :ینظر1

Page 54: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

40

قوانين التناص : : ويمكن تحديد ثالثة قوانين للتناص، تحدد عالقة النص الغائب، بالنص الماثل، وهي

وفيه يستمد األديب من عصور سابقة، ويتعامل مع النص الغائب :رراجتاال 1السابقة والالحقة، ويمجد بوعي سكوني، فينتج عن ذلك انفصال بين عناصر اإلبداع

1.فارغ) شكل(السابق حتى لو كان مجرد وفيه ينطلق األديب من اإلقرار . وهو أعلى درجة من سابقه :ـ االمتصاص 2

. ، ضمن النص الماثل، كاستمرار متجدد)امتصاصه(بأهمية النص الغائب، وضرورة

ة الواعية المعمقة التي ويعتمد على القراء. وهو أعلى المستويات :ـ الحوار 3 وتتفاعل فيه النصوص الغائبة . ترفد النص الماثل ببنيات نصوص سابقة، معاصرة، أو تراثية

2والماثلة في ضوء قوانين الوعي

وهذه القوانين قد اعتمدناها في رصد التعالقات النصية في شعر الجواهري ، .متون الشعرية الجواهرية نظرا لوضوحها وسهولة تتبع أثرها كآليات ضمن ال

:التناص بين اإلنتاج و التلقي -6

إن مرحلة الكتابة هي مرحلة إنتاج ، واإلنتاج يأتي بعد هدم عدد من النصوص التي تقاطعت عالقاتها في فضاء نصي ما، أما مرحلة القراءة فهي المرحلة الالحقة للنص ،

له القديمة ، هكذا يبدو المفهوم للوهلة إنها مرحلة تلق يتم فيها إرجاع النص إلى أصواألولى ، وإذا أمعنا النظر في هذه المسألة فإننا سنجد أن مرحلة الكتابة هي مرحلة تلق وإنتاج في الوقت نفسه، ومرحلة القراءة أيضا هي مرحلة تلق وإنتاج ، ففي المرحلة

/ بناءها بكيفية جديدة تلق األولى يكون الكاتب متلقيا لعدد من النصوص ، يهدمها ثم يعيدانتاج ، وفي مرحلة القراءة يكون القارئ منتجا إذ يهدم النص ويكتشف أصوله حسب ما

تمده

37، صالسابقالمرجع :ینظر 1 37،صالمرجع نفسھ 2

Page 55: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

41

إنتاج، واإلنتاجية / ذاكرته بذلك ، ثم يقوم بإعادة بنائه من جديد وبكيفية أخرى، تلق 1مداعبة الدال تدور دوائر إعادة التوزيع عندما يباشر الكاتب أو القارئ -وفق بارت –وإذا ما اطمئن بارت إلى وجود القارئ المنتج للنص والمؤلف الذائب في صياغة النص (

وجد سبيال لهذا النص ليدخل في عالقة مع نصوص أخر تثمر في إنتاج داللته وهذا ما . 2)استقر على تسميته بالتناص

حتى وإن بدت بارت إلى التناص بوصفه آلية إنتاج وتلق معا هكذا ينظر / نظرية اإلطار لمنسكي مهتمة بموقف الكاتب إال أن هذا الكاتب يقوم بعملية مزدوجة تلق

إنتاج في آن إذ يرى منسكي أن المعرفة مختزنة في الذاكرة على شكل بنيات متكررة نستسقي منها ما يالئم احتياجاتنا وعملية المالءمة تتم وفق اإلطار المستقى منه، ولكل

،وهذه النظرية تركز على دور 3إطاره –مثال –قول إطاره الخاص فلغرض الغزل مالكاتب إذ يشكل النص المنتج آلية تداع؛ تستدعي ما في ذاكرة الكاتب من نصوص وفق األطر المختلفة المتالئمة مع موضوعه ، بل إن النص يستدعي من ذاكرة المنتج الصور

ها، ولكن الكاتب قبل أن يكتب كان متلقيا ،وإن لم يتلق ما والبنى اإليقاعية والمعجم وغير .كتب نصا

أما نظرية المدونات والتي لم تهمل دور المرسل، ولكنها تركز ـ كثيرا ـ على أن بين المفاهيم (موقف المتلقي الذي يقوم هو اآلخر بعملية مزدوجة، إذ ترى هذه النظرية

المفاهيم لتوضيح الخطاب ورفع إبهامه بناء على عالقة تبعية وترابطا ولذلك تضاف بعضسافرنا إلى الخارج فالنص يقتضي الحصول على جواز سفر : مبدأ اإلطار ، فمثال إذا قلنا

فقولنا السابق اعتمد. بتأشيرة أو بدونها، وعملة صعبة، وكل ضرورات السفر األخرى

39،ص 1998 القاهرة ،. اهليئة املصرية للكتاب. حممد البقاعي: تـ) دراسات مترمجة(آفاق التناصية / روالن بارت : ينظر 3

274، ص 2004مارس . جملة عالمات يف النقد. حافظ حممد مجال الدين املغريب، التناص املصطلح والقيمة4

Page 56: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

42

عملية فهم الخطاب وإنتاجه، فالتداعي يقوم بدور كبير في ... على تجارب المتلقي وكل منهما . فقد يكمل المتلقي ما لم يصرح به إليه وقد يكفيه المرسل مؤونة إعمال الذهن

.1)محكوم في تأويله وإنتاجه بمعرفته السابقة

لم يعد مستهلك لإلنتاج اللغوي فقط فالنصوص ال –وفق الغذامي –والقارئ غ ، والقارئ لم يعد يقبل الدور اآللي لنفسه ألنه لم يعد تتجه إلى الخواء ولم تأت من فرا

مجرد متلق بل هو حصيلة ثقافية ونفسية تتال قى مع منتج هو مثلها في تكوينه الحضاري، . 2والنص هو الملتقى لهاتين الحصيلتين

التي تسعى إلى كشف (تكمن في القراءة الشاعرية –واألهمية في نظر الغذامي باطن النص وال تكتفي بسطحية الظاهر ، وتصل القراءة إلى باطن النص وفقا ما هو في

لشفرته التي تنكشف بناء على معطيات سياق النص الذي يمثل خلية حية مندفعة بقوتها 3).الداخلية متجاوزة كل الحواجز الواقعة بين النصوص

هذا المعجم والقارئ حينما يستقبل النص فإنه يتلقاه حسب معجمه، وقد يمده( بتواريخ للكلمات، مختلفة عن تلك التي وعاها الكاتب حينما أبدع نصه ومن هنا تتنوع الداللة وتتضاعف ويتمكن النص من اكتساب قيم جديدة على يد القارئ، وتختلف هذه القيم

ما كان ليحدث (وإن ذلك 4)وتتنوع بين قارئ وآخر بل عند قارئ واحد في أزمنة متفاوتةوال وأخيرا، إال قراءة ثانية، من الوجهة التناصية؛ ذلك بأن أقوة القراءة التي ليست، إال ب

.5)القراءة هي التي تنشئ في الذهن، عبر القراءة األدبية، نصا ثانيا

123، ص 2005الدار البیضاء ،, استراتیجیة التناص ، المركز الثقافي-محمد مفتاح، تحلیل الخطاب الشعري: ینظر 1

79،ص1،1985الخطیئة والتكفیر ،النادي الثقافي جدة ،ط/ عبد هللا الغذامي: ینظر 2

76المرجع نفسھ ،ص3

793،ص1،1985،طاخلطيئة والتكفري ،النادي الثقايف جدة / عبد اهللا الغذامي 16م ص1998جدة سبتمبر. الثقافي المركز. عالمات في النقد. مدخل في قراءة البنیویة: عبد الملك مرتاض 2 17ـ16م ص1998جدة سبتمبر. المركز الثقافي. عالمات في النقد. مدخل في قراءة البنیویة: عبد الملك مرتاض3

Page 57: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

43

الفصل الثاني مصادر التناص في شعر الجواهري

Page 58: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

44

مع القرآن الكريم التناص - 1

لتناص التراثي ا - 2

المصادر التاريخية - 3

التناص األسطوري - 4

Page 59: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

45

:مع القرآن الكريم التناص -1 : التناص مع آيات القرآن الكريم 1- 1

يعتبر القرآن الكريم المرجع األول، والنص السامي المقدس الذي يلجأ اليه معظم الشعراء،فهو يفيض بالصياغات الجديدة والمعاني المبتكرة التي تعكس حقائق النفوس

تنتج عنه أشكال فنية تطرب لها األسماع ،وخلجات القلوب فاالقتباس منه يشكل تفاعال خالقا . وبوتطمئن لها القل

ولقد اتجه العديد من الشعراء المعاصرين إلى توظيف التصوير الفني في القرآن فهو يعبر بالصورة المحسة المتخيلة عن ،األداة المفضلة في أسلوب القرآن( نه ألالكريم

وعن الحادث المحسوس والمشهد المنظور وعن النموذج ,المعنى الذهني والحالة النفسيةأو , ثم يرتقي بالصورة التي يرسمها فيمنحها الحياة الشاخصة, ة البشريةاإلنساني والطبيع

أو حركة وإذا الحالة النفسية لوحة أو مشهد وإذا ،الحركة المتجددة فإذا المعنى الذهني هيئة فأما الحوادث والمشاهد .وإذا الطبيعة البشرية مجسمة مرئية, النموذج اإلنساني شاخص حي

.1)ها شاخصة حاضرة فيها الحياةفيرد, والقصص والمناظر

عن لغة غير مستهلكة تستطيع أن تنقل (فقد نهل الشعراء منه المعاصرون بحثا وبعث أساطير وهي تدفع الشعراء إلى خلق رموز جديدة ،أكبر قدرا من المعاناة واإلحساس

وحي بلغة قديمة واقتحام أرض مجهولة واستعارة لغة دينية وآيات قرآنية وتضمين معاني ال .2)تحاكيه وتواكبه وإن لم ولن تبلغ شأوه

ليعاضد به تجربته ،وضمن هذا المسار يأتي توظيف الجواهري للنص القرآني تمتح منه امتصاصا ،الشعرية فاستدعاءاته للنص القرآني كثيرة مواضعها متنوعة أغراضها

361،ص1991ار الشروق ،القاهرة، سيد قطب ، التصوير الفني في القرآن الكريم ،د

66،ص1980عبد الحميد جيدة ، االتجاه الجديد في الشعر العربي المعاصر ، مؤسسة نوفل ، بيروت ، 2

Page 60: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

46

لكثافة االستدعاءات ( جةتشيع جوه في أبيات القصيد نتي كثيرما حيث ،تارة وتارة محاورة 1) .من ناحية وامتزاجه بنسيج الخطاب من ناحية أخرى

إذ ،كما أن الجواهري عمد إلى التناص مع النص القرآني نظرا لثراء هذا النص فهو مادة راسخة في الذاكرة الجماعية ( ،وجد فيه ما يحتاجه وما يغنيه عن الشرح والتفصيل

ه من قصص وعبر ، ناهيك عن االقتصاد اللفظي والغنى لعامة المسلمين بكل ما يحوي .2)األسلوبي الذين يتميز بهما الخطاب القرآني

القر آن الكريم في مستويين مضمر آيات ولقد تجلت تناصات شعر الجواهري مع .وظاهر

: المستوى المضمر -أ

اع بنية وهو مستوى راق حيث تش ،وهو مستوى المحاورة أو التناص الحواري بصورة ال تخفى على القارئ ،النص القرآني في جو البنية الشعرية الحاضرة للجواهريوهذا ماجاءت به جوليا كرستيفا .الحصيف الحامل لخلفيات معرفية أن يكتشف مستوى التداخل

حيث قالت بكونه احدى المستويات التناصية في دراسة ،فيما أطلقت عليه اسم النفي الكلي .3ائب واستقصاء مالمحه في النص الحاضرالنص الغ

وفي شعر الجواهري نماذج كثيرة للتناص المضمر مع آيات قرآنية ، حيث قام واضعا أياها في سياق ،بتوظيفها في النص الشعري مستثمرا المدلول العام لآلية الكريمة

) : من دفتر الغربة ( كقوله في قصيدة . جديد

ت عجاف يأكلن كل سمين جيبا والليالي ع… يا أحباي

55ص، 1996, دار الشروقمحمد عبد المطلب، مناورات الشعرية ، 1 44،ص 2009، األردن،حصة البادي ،التناص في الشعر العربي الحديث،دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع 2 78جوليا كرستيفا علم النص،م س، ص 3

Page 61: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

47

)1(وبنـو الدهـر يمحـزون علـى أث بـاج غيـب محمـل بالسفيـن

مستوحاة من قوله تعالى ﴿ وقال الملك إني أرى سبع ) عجاف وسمان ( عبارتا ومضمون اآلية يتجلى في هذه الرؤيا ذات ، 2﴾. …بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف

المدلول الرمزي ، والشاعر استعار الوصف العام لمدلول العبارات ووظفها في سياق جديد ، فجاءت الصورة مع التناص أبلغ . سياق الغربة القاسية التي استنزفت الشاعر جسديا ومعنويا

.أثرا في التعبير

: في قوله وقد تناص الشاعر أيضا مع سورة يوسف

نا من البغي تشب عند ما أبصرت نيرا

كفه زيت يصب والى القمة من في

فع عنها ويذب الذي يد ) السجن ( والى

ـن أحـب ( والسجـن كريــه –قلــت 3!! )رب السج

﴿ قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني :التناص مع قوله تعالى على لسان يوسف﴾ هواآلية وردت في سياق قصة يوسف مع امرأة العزيز 4إلي ،.

ولم يخضع أمام والجواهري أوردها في سياق العداء والمضايقات التي تعرض لها والداللة المتجلية من وراء هذا التناص هو أن الشاعر . مغرياتها ، فكان السجن أفضل له

أراد النزول في منزلة النبي يوسف في قوة اإليمان وسمو النفس وزكاة الروح والعفة فهذه المعاني . والطهر فكان السجن بالنسبة لنبي يوسف أهون عليه من عذابات الروح

. 189 ،ص 5،ج1973إبراهيم السمرائي وآخرين ، مطبعة األديب البغدادية ، بغداد ،العراق ،.،تحقيق د ديوانال الجواهري1 . 43: يوسف سورة 2 ، 31 /5الديوان 3

. 33: يوسف 4

Page 62: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

48

فكان استدعاء العبارة يحقق للنص المعاني ) السجن أحب (تبلورة في عبارة جاءت م ) . نيران البغي ( المتضادة مع

إال أنها كانت ،ويبدو أن سجن الشاعر كان في خروجه من بلده واغترابه عنها . أهون عليه من تلك التداعيات الزائفة

نبذ على وفق سياقالقرآنية دة التناص كان له الدور التعبيري في صياغة الماو الظلم ، بعد أن يمتص الشاعر مضامينها ويضيفها كداللة جديدة في النص الشعري من أجل

فيطالعنا من بين . خلق أبعاد نصية تترشح منها المعاني واألخيلة بإطاراتها الرمزية ) : حمالة الحطب ( النصوص التعبير القرآني

ا ثقافة الشعب قل لي أين تنشده هذي كما اندفعت عشواء خابطة

أفي الصحافة مزجاة أم الكتب 1)حمالة الحطب ( وتلك فيما حوت

ومعاناة األديب ، فجعل وظيفة ) الواقع الثقافي ( النص جسد فكرة الظلم على بدورها الوظيفي المعروف هو إيذاء الرسول ،)حمالة الحطب ( الصحافة مساوية لـ

والنص جعل السياق الداللي يحتوي .فحقت عليها اللعنة لفعلها هذا ) عليه وسلم صلى اهللا( :الصحافة بعد أن انتقل إليها مدلول التعبير القرآني

ألن كال ،) حمالة الحطب ( بداللة ) الصحافة ( صابة إفالشاعر أراد مبدأ ( ر ، ومن ثم كالهما المفهومين ينتج عن عملها االحتطاب لفاعليتهما في إيقاد النا

للمفهوم ، لكن عنصر اإليذاء والظلم هوالمدرك ) الحقيقة والمجازية ( بالصورة ) لإلحراق :،ويقولالحسي الوحيد المتجلي من وراء التناص في ضمار الحدث الثقافي

. 204 ، 203/ 2الديوان 1

Page 63: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

49

ودين ألهليه وأن كفروا آمنت بالسلم ال دين لمن كفروا به

1أسيان يتلو صالة الحرب معتمر ـد خجـل في المكتين ومثوى أحم

الشاعر أثرى مفهوم الدعوة الى السالم بمفهوم المعاناة التي جسدها في -:صورتين

التي أعطت أبعادا رمزية عن الخوف والتهيب وعدم ) صالة الحرب ( في : األولى في مكة التي هي دار ) مر معت( االطمئنان، والمفارقة في ذلك أن هذه الصالة من يؤديها

﴿وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن .أمن وسكينة لوافديها ، وليس دار قتال وصدوكم عن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا هم الذين كفروا

﴾لهحلغ مبي كوفا أنعم يدالهام ورالح جدسوقد تمحورت أبعاد المعنى حول عبارتي 2الم )) خجل ( أشاعت جو األسى والحزن والفجيعة في النص ، و) أسيان ( و ) أسيان ، وخجل

معانا في تجسيد أبعاد القتال هذه العبارات جاءت إ, شخصت حاال مؤلما للمدينة المنورة .والحرب

وهذه الدقة في التصوير جاءت تأكيدا لصدق الدعوة الى السالم حتى أنه قد : جعل األمر يبدو موازيا لكفة الدين أو المعتقد

وهذه التضادية ارتفعت بالغاية الى مرتبة القداسة ، لعظمت وقدسية المعاناة لعناصر التراثية ومن ثم على الواقع العربي والعراقي تحديدا التي أسقطها الشاعر على تلك ا

. ، لما شهدته الساحتين من حروب ومعارك أثقلت دماءها كاهل الشعب لعظمة مأساتها

2/101لجواهري الديوانا 1 24،25الفتحك 2

Page 64: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

50

المعاناة السلبية أخذت صورتها الداللية في شعر الجواهري مع الرمز و . أحدث تحوال في داللة النوم نفسها أال أن الشاعرإفي سياق التخاذل ، ) أصحاب الكهف ( ﴿ أم :قصة تاريخية ورد ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى ) فأصحاب الكهف (

إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا . حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا فضربنا على آذانهم في الكهف سنين . آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا ربنا فهؤالء الفتية التجأوا الى . 1ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا ﴾. عددا

لعبادة اهللا وحدة ، فرارا بدينهم من قومهم الذين يعبدون غير اهللا . ذوه مأوى لهم الكهف واتخلحكمة ربانية . 2ثم أيقظهم من نومهم بعد سنين. فأنامهم اهللا إنامة ثقيلة . ، وفرارا من ملكهم

. فجعلهم آية للذين آمنوا

ينية مجردا إياه من داللته الد) أصحاب الكهف ( والجواهري استخدم رمز نفسها لكن لتعبير ) النوم ( باستثمار فكرة . مضيفا إليه داللة معاصرة غير مرجعيته الحقيقية

لذا : فجسد من خاللها المعاناة بجوانبها السلبية. عن داللة الغفلة والتواني والصمت المرير وأيقاظ كان أسلوب الخطاب مع هذا الرمز أسلوبا هجائيا ساخطا غاضبا مطالبا بأيقاظ غفلتهم

: فنراه يقول في قصيدة األرض والفقر. أصحاب العقول النائمة في مجتمعه

أوقد من الحق للداجين نبراسا وأعـط اليراع كما عودت حرمته

وأقرع إليقاظ أهل الكهف أجراسا

3وآمال بما يخلد القرطاس، قرطاسا

. 12/ الكهف 1 . 376،ص1998دارالشروق،صفوة البيان لمعاني القرآن، ،الشيخ حسنين محمد مخلوف: ينظر 2 . 211/ 4الديوان 3

Page 65: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

51

:المستوى الظاهر -ب

أي مستوى التناص ، مع القرآن الكريم أما المستوى الظاهر لهذا التناص فهو يبرز انصهار جملة الموروثات الدينية في بوتقة شعرية أرادها الجواهري ،االمتصاصي

.ونصه الشعري الحاضر قرآنيتعميق الصلة بين النص ال

من حيث المحافظة على ،كما أنه دليل على المقدرة الشعرية المتميزة للجواهري وحضورها الداللي بصورتها الكاملة في شعره من جهة ،وقداستها من جهة أصالة النصوص

عرض الجواهري لشخصيات من القرآن ىهذا أمر واضح بين المعالم في متجلو ،أخرىوأسماء األنبياء وأقوامهم وأسماء األماكن المقدسة أو ،الكريم وألفاظ تفرد بها الذكر الحكيم

.المنبوذة في القرآن

فلقد عرض الجواهري من خالل هذا التناص االمتصاصي أبرز أألشكال التناصية وامتياحه من صوره الفائضة ،التي تبناه في رحلة عودته للنهل من ينابيع القرآن الكريم

حيث ،معانيه الشعرية وأصالتها قوةمما يزيد من ،واإليحاءبعميق الدالالت ووسائل التأثير 1.تنعتق تلك المعاني من إطارها الضيق إلى جهة أسمى وأرحب

وبهذا يخلق الجواهري لنفسه عالمه الخاص ، عالم تختلط فيه أصوات الماضي .بتجارب الحاضر فيتكون بذلك بعدا فنيا مركزا يتقاطع فيه اآلني مع األصيل

عند األكثر بروزامع القرآن الكريم الظاهر كما نجد من أشكال التناص التي انفرد بها القرآن وهي ألفاظ كثيرة ، بعض األلفاظلالجواهري هو التوظيف المباشر تظل لفتة فنية ،وهي لفتة على سطحيتها ومباشرتها ،متنوعة ذات صبغة تعبيرية فريدةوهذا النحو ،باستثارة ذاكرته بطريقة سهلة سلسة ،تلقيغرضها الوصول المباشر إلى الم

18،القاهرة ،ص 2006العربي المعاصر، دار غريب للطباعة والنشر،على عشري زايد ، استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر :ينظر 1

Page 66: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

52

االمتصاصي من التناص يمكن للنص الشعري ويجعله مألوفا قريبا من المتلقي ويصطحب فيشاع في النص بذلك جوا ،المتلقي إلى دالالت معانيه الجديدة انطالقا من ألفاظ ألفها المتلقي

.ت الجنة ودركات النار وغيرهامؤنسا حيث ترد بعض أسماء السور وأسماء طبقا

:ففي قصيدة يا أحبائي يقول الجواهري

1.ى شوق يقل هل من مزيد ؟ظن سعرا بلإلي فؤاد فيكم

﴾2 ﴿يوم نقول لجهنم هل امتألت وتقول هل من مزيدفالجواهري يوظف اآلية الكريمة فهو امتصاص داللي يرتبط بحالة شعورية يعيشها ،ائمة متواصلةليجعل من حالة االستعار د

.

:في قصيدة وخزات

3أقض بما أنت قاض يا حاكمي يا خصيميو

قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما ﴿من طرف ،م خطورتها غوهو استلهام للحالة الالمباالة بالنتائج ر، 4﴾حياة الدنياتقضي هذه ال ،الحق أمامهم ، فقد جعل الجواهري خصمه ومن يحاكمه سيان ىبعد أن تبد ،سحرة فرعون

.وهو امتصاص داللي لمعاني اآلية الكريمة واستحضار لصورها

و.:في قصيدة عد عنك الكؤوس

الديوان 1 30سورة ق، 2 4/82الديوان 3 72طه ، سورة 4

Page 67: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

53

1فالكل خرس ينقلون الحديث رمزا وهمسا عي منا اللسان

قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا ◌ ﴿قال رب اجعل لي آية هذا يتناص مع اآليةو 2﴾◌ رمزا

نستشف من البيت تناصا جزئيا على شكل اقتباس من اآلية الكريمة وهو تعامل لتكون آيته ،عادة كتابة على نحو يحيل على استخدام زكريا عليه السالم للرمزسطحي أو إ

غير أن الهمس ورد في موقف آخر أقوى وهو حضور الخالئق في ،في التواصل مع الناس .3)وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا ( حضرة الخالق فالكالم يتحول إلى همس

وهما صورتان امتاحهما الشاعر ،واقتران الرمز مع الهمس يحيل إلى امتناع الكالم مستغال موقفين متباعدين األول دنيوي ،من األسلوب القرآني إلشاعة جو الصمت في البيت

.حيث أن الصمت أوجبه اإلمتثال في األول والثاني أوجبه الخوف والخشية ،واآلخر أخروي

:يقول الجواهري ارسقصيدة على حدود ف وفي

4صب الشتاء الثلج فوق الربى يرفعه فيها طباقا طباق

لتركيز صورة ،5﴾لتركبن طبقا عن طبق ﴿استحضر الجواهري قوله تعالى حيث أن الطبق في اآلية يدل على النار ،التراكم غير أن التناص هنا على نحو مفارق

وهذه مقدرة على اإلمتياح من ،بيت الجواهري حديث عن الثلج بينما الطبق في ،الحارقةعلى هذا النحو أيضا و .مع تحويل مسارها وإشاعة جوها على نحو مفارق ،صور القر آنيةلا

:الجواهري قال

3/54الديوان 1 41:آل عمران 2 108طه،سورة 3 1/134الدیوان 4 19شقاق ،ناال 5

Page 68: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

54

1والحزن لم يدخر صبابا يبقه في كأسه الدهاق

النص القرآنيأجرى الجواهري في هذا التناص تداخال جزئيا بين النص الشعري و الكأس في كون حضور ،غير أن االستدعاء هنا جاء على وجه المفارقة، 2﴾وكأسا دهاقا ﴿

مكان الشرب هو في ية هو لحظة السعادة الغامرة بينما في اآل ،البيت هو حضور للحزنس وتحويله عن داللته أستغالل حضور الكاوهذا النوع من المفارقة يتم فيها ،الجنة

نه نوع من مخادعة المتلقي بان يستجلب انتباهه إلى المألوف ليحول إلى وجهة أفك ،معهودةال .أخرى مفارقة للوجهة المعلومة المستدعى إليها أصال

:يقول الجواهري

3ليس يقي النفس امرؤ من هوى اال اذا كان من الموت واق

:وهذا يتناص مع اآليتين الكريمتين

5﴿مالك من اهللا من ولي وال واق﴾ 4ن اهللا من واق﴾﴿وما كان لهم م

فالهوى في متن البيت ،استدعى الجواهري هنا مجموعة من اآليات جملة واحدة وهذا يحيل على يءتقى بشيفهو كالموت ال ،ال يمكن الهرب منه فهو مدرك المرء المحالة

ه من اهللا؟ فدالالت الواقي هنا فمن ذا يستطيع أن يقي نفس ،فإنه منعدم الحضور) واق(كلمة وهو امتياح موفق من ،داللة استحالة الحضور وامتناع الفرار فهي حالة جمود واستسالم تام

.نصوص اآليات الكريمات لبيان التيئيس من أمر ال مفر منه

1/134الدیوان 1 34النبأ، 2 1/88الديوان 3 34الرعد، 4 22غافر، 5

Page 69: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

55

:كرند يقصيدة عل وفي

1خليلي ما غيرت فارس محل البصير بكم والسميع

لكريم بدأ بالسمع ثم البصر ، ولكن الجواهري ألزمه الوزن والقاقية ، وفي القرآن ا :قوله تعالى وذلك في

.2 ﴾ يرصالب يعمالس وه الله 3 (إن﴾ يرصالب يعمالس وه إنه ﴿

غير أن الجواهري ،لقد وردت عديد اآليات على نحو ذكر السمع قبل البصر فذكر البصر قبل ،آليات لتستضاف ضمن متنه الذي أوجبت قافيته عكس األمراستدعى ا

فهو لم يخرجه من دالالت ،في ذلك مفارقة ومغايرة للسياق الذي تعوده المتلقي و ،السمعغير أنه استوقفه لينتبه المتلقي إلى أنه ضمن جو البيت الشعري الذي ،النص المستدعى

.الالت معينةيباح فيه قلب األمر لخدمة د

:استثمار دالالت اآليات 1-2

:وفي قصيدة الريف الضاحك يقول الجواهري

4غضا دنت منك القطوف ن نقطفه ثمرا ألشيء غير أ

:وهذا يتناص مع اآليتين الكريمتين

﴿ ومن النخل من طلعها قنوان دانية ﴾1 ﴿ 5﴾ قطوفها دانية

1/114الديوان 1 20غافر، 2 56غافر، 3 1/262الديوان 4 22الحاقة ، 5

Page 70: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

56

وهو يعرض ،البنية الشعرية روعة التصوير القرآني يستثمر الجواهري في هذه فهو استثمار يخدم دالالت سهولة الوصول إلى األمر واالستمتاع ،بهاء الجنة ودنو مقاطفها

وهي ،ية هو استحضار لجو الجنة وهو من النعيم ، فامتياح تلك الدالالت من نص اآل ،به .مبتغى عند المتلقي في العموم ال

:ن السعدونوفي قصيدة اربعي

2أحسن من كل اقتراحاتكم مما تشيدون وما تنحتون

.3وهذا يتناص مع اآلية الكريمة ﴿قال أتعبدون ما تنحتون ﴾

لجعل االقتراحات المشاد بها كأنها ،تماهى هذا المقطع مع دالالت اآلية الكريمة زم هذا الوصف القرآني كل صنم زائف فال فائدة ترتجى منه وهو أصم أبكم ، وقد ال

وقوم نوح ،عاد وثمود قوم إبرهيم(األصنام التي عبدتها األقوام المذكورة في القرآن الكريم حيث ظاهر األصنام ،هذا االستحضار ورد في بنية البيت على وجه المعاضدة,) وغيرها

بيت بين اإلقتراح القوة والصالبة غير أنها خرساء ال تستوجب تقديسا ، فصورة المقابلة في الوهو تماهي مع صورة النبي المرشد إلى الحق ،اه الجواهري واإلقتراحات األخرىنتب الذي

.في مواجهة األصنام المنحوتة

: في قصيدة ويلي ألمة العرب

4صولوا بعزم ليس يصدأ حده والسيف يصدأ

ال تقعدوا عن شحنها همما تئد الدهر أدا

99األنعام ، 1 6/24الديوان 2 95الصافات ، 3 3/65الديوان 4

Page 71: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

57

م خير المواطن موطنا وأعز جنداأولست

فاز امرؤ عرف التقلب في الليالي فاستعدا

حتى إذا ◌ قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا وهذا تناص مع اآلية ﴿ ا السإمو ذابا العإم وندوعا يا مأوارندف جعأضكانا وم شر وه نم ونلمعية فسوهو ،1﴾اع

غرضه امتصاص لدالالت اآلية ثم إكسابها معنى ،تناص مفارق عكسيا للنص المستدعىفالبد من استحضار عناصر القوى ،عكسي يربك المتلقي خاصة وهو في معرض شحذ الهمم

حيث خوار القوى وذهاب ،) أضعف جندا(لية أوال غير أنه استحضار يستدعي الصورة األصوإال فصورة الضعف ،؛اضرة بمتطلبها وهوشحذ الهمم) أعز(السطوة ، فالصورة الجديدة في

وهو امتياح موفق من دالالت اآلية التي استحضر بها الجواهري الجوالقرآني ليأخذ ،قائمة .الضعف والهوان معنى النص سياقين متقابلين يتربصان ببعض إما العزة أو

:في قصيدة إلى روح العالمة الجواهري

لقد كلمتك خطوب دهت لو الصخر كابدهن انفطر

شبابان كنا بلطفيهما نباهي الخميلة أم الزهر

فقدتهما لم يكن بين ذا وذلك إال كلمح البصر

أتعلم إذ شيعت نعشه لمن ذا تشيع هذي الزمر2

لآلية مباشر وهو توظيف،البصر﴾ كلمح ﴿وما أمر الساعة إاليتناص مع وهذا امتياحا من قوتها في اإلحالة على ،ضة نصهراستحضرها الجواهري لمعا يثح،الكريمة

75مريم ، 1 3/193الديوان 2

Page 72: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

58

حزن على لل جدا حتى كاد أال يكون أصال ، ومنه نستشف ثقال اتسريع الزمن وجعله متقاربإال ليدخل نفال يخرج من دائرة حز ،أنه حالة تكاد تكون دائمةقعه حيث اوو نفس الشاعر وال ،نس به النفس براحةأوهو زمن خاطف ال ت ،بين الحالتين زمن لمحة بصرففي أخرى ،

.يتسنى فيه لجرح أن يندمل

:يقول الجواهري في قصيدة من لندن الى بغدادو

1شاءإن يهمزوك بإرجاف فقد بليت كل الشعوب بهماز وم

:شباب يذوي وكررها في قصيدة قصيدة

ـاء حرية الفكر ما زالت مهددة 2في الرافدين بهماز ومش

.3)هماز مشاء بنميم (قد استحضر الجوهري اآلية الكريمة

وأخذ هذه الصورة البشعة ،وهذا الستثمار وصفها لنماذج بشرية فاسدة مشيعة للفتنة ،جودها كون القرآن الكريم ال يحفل بالتفاصيل بل بكل ماهو هامجاء في معرض اإلقرار بو

،فتلك النماذج البشعة بها من الخطر ما يحول دون حرية الفكر وانعتاق الشعوب من الذلوهذا ،بإرجافها فهي صورة درامية متحركة لنفس يملؤها الحقد محبة للوقيعة بين الناس

. ظيفه وفق متطلب البنية الشعرية وكريم وتدليل على االمتياح الجيد من القرآن ال

:وفي قصيدة ليلى معها

4فاستشهدي النظرات جاحمة حمراء التبقي وال تذر

3/55الديوان 1 3/55الديوان 2 11القلم، 3 7/85الديوان 4

Page 73: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

59

:وكررها في قصيدة الفرات الطاغي

1راستشاط فال يبقي وال يذ إذا بينا هو البحر ال تسطاع غضبته

:وكررها في قصيدة تحرك اللحد

2شنعاء سوداء التبقي وال تذر هناك تنتظر األحرار مجزرة

*سأصليه سقر يستثمر الجواهري في هذه البنية الشعرية قوة التصوير القرآني﴿ قرا سم اكرا أدمو* لا تذري وقو يعرض جحيم نار سقر التي ال تترك شيئا وه 3﴾*لا تب

وهي تستعر ، فقد أخذ الجواهري هذه الصورة ووظفها على نحو مباشر غرضه إبراز حالة حيث استعار صورة النار لتوصيف أتون المعركة التي ،رهيبة وصورة مهولة لمجزرة

المتلقي على تنتظر األحرار ، إنه إمتصاص لتلك الصورة القرآنية التي من شأنها إحالة .خطورة المنتظر وشدة اآلتي

:استدعاء الشخصيات الواردة في القرآن 1-3

،للشخصيات القرآن الكريم واستقصاؤه لحركتها الدرامية ء الجواهرياستدعاإن .وإخضاع أشكالها لما تقتضيه صوره الشعرية دليل على مقدرة فنية كبيرة

ها واستقدامها في حلل مختلفة إلى عصر تلك الشخصيات وحضوره فنجد استثمار حيث نجد استحضاره لشخصيات بعض األنبياء ورمزيتها العالية المترعة ،الشاعر وزمنه

على نحو يظهر تمثل الشاعر بتلك الشخصيات العظيمة في ،بالمثل العليا واألعمال الجليلة دة في القرآن الكريم تحديها وقوة حضورها ، كما نجد استدعاءه للشخصيات المنبوذة الوار

7/95الديوان 1 7/53الديوان 2 26،27،28المدثر ، 3

Page 74: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

60

واقع العراقي خاصة الكإبليس وقابيل وفرعون ليعاضد نصه المتبرم بثقل ،في معرض القدح .والعربي عامة

وتنوعت ضمن سياق حديثه عن الظلم أو -الشخصيات -ولقد تعددت هذه الرموز ظلما ، وقابيل القاتل ألخيه حسدا و) قابيل ( كما في استخدام الجواهري للرمز . تعريضه به

سجل بفعلته تلك اإلرهاصة األولى إلصطراع الحق والبداية لفتح اآلفاق أمام األفكار العمياء : المقيتة ، ومن هنا جاء توظيف الشاعر له

وكل ضحية ) قابيل ( من عهد ومرارة الثكل المقدس إرثه وفظاعـة التاريـخ بلـوى فكـرة

رمز أصطراع الحق واألهواء ) حواء(جاءت ومن ) آدم(من

1تهـدي السبيـل بفكـرة عمياء

أضافوا الى النص المسحة التراثية ذات المرجعية ) قابيل وآدم وحواء ( فـ التي جاءت من أصول مقدسة ) الفكرة العمياء ( الدينية وبعدهم الرمزي يتجلى في عبارة

حتى هذا الوقت لهيمنتها على باقي األفكار قدمها لنا التاريخ ، وما زالت تمارس فعلها الظالم .والمعاناة ) الثكل ( فكان أرثنا التاريخي أمامها هو

،الحاكم الظالم) فرعون ( سياق حديثه عن الظلم استدعى لنا رمزا آخر هو وفي وذكره التاريخ وصورته لنا –في أكثر من موضع –وقد ورد ذكره في القرآن الكريم

مالزمة لهذه ) الطغيان(كانت تلك األشكال تبقى صورة ىمتعددة ، وأن األحداث بأشكالذ أن هذه الظلم قد انتهى وآل إال أن الجواهري يقف أمامها موقف المتفائل ، إ. الشخصية

.الى الزوال

. 217/ 4الديوان 1

Page 75: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

61

يا أيها الصنم الحقو فـ ( لـم يبـق من جبروت

د أأنت للتاريخ خصم 2رسم 1)نيرون ( وال ) ون رع

نداء ترتفع فيه صوت المواجهة والقوة ، فاالستفهام ) يا أيها الصنم الحقود ( الدالة على االستهزاء والتحقير ومن ثم هي أفعمت ) أأنت ( أكسب السياق هذه القوة بقوله

. روح األمل في داخله ألنه لم يبق لهم أثر

منة البعيدة والقريبة من خالل الماضي وفي ويبدو النص كأنه نداء عبر األز وعندما يشخص ،الحاضر ، وكأنه استحضار لصوت التاريخ المتواري بصدى الحاضر

-:أمامه التاريخ يخبره بهذه الحقيقة ، كما نالحظ في سياق خطابه الى الشعب المصري

باق وكل معمر فإلى مدى )نيرونه ( جبروته األعلى ، فال

ال ، وكل منيعة تتدهور ع 3المتجبر) فرعونه ( شيء ، وال

تسمت امن خالل تعبيرات ،لى األبدإفي النصين تتجسد فكرة الزوال واالنتهاء كما أن ،لى ال شيءإتوحي بالهبوط التدريجي ) تتدهور –رسم –لم تبق ( بالفناء حيث

جبروته ( بفعلها الرفضي ، وقد تكررت عبارة يسند ويؤكد الداللة ) ال ( تكرار حرف النفي أنها ( وميزة هذا النوع من البالغة ) رد العجز على الصدر ( بصيغة ) المتجبر –األعلى

نوع من الداللة ، فيها تقرير وبيان وتدليل ونوع من زيادة المعنى ، ونوع من اإليحاء بالكلمة وهذا التعبير البالغي أفاد الجانب الداللي .4)الثانية ، ونوع من الموسيقى يحدثها التكرار

ج ،صبح األعشى :ينظر. فاسق أضطهد المسيحيين وقتلهم واشتهر بفظائعه ثم انتحر . إمبراطور روماني بن أقليوديش سادس القياصرة : نيرون 1

5 ، 364 – 365 . . 60/ 5الديوان 2 . 26/ 4 الديوان 3 . 129 – 127ص ،مكتبة األنجلو المصرية ، القاهرة ،بالغة أرسطو ، إبراهيم سالمة 4

Page 76: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

62

لكنه ) جبروته األعلى ( ة ، حيث السياق يوحي بالصعود يبإغناء داللة القوة والعظمة المتالشفي عجز ) المتجبر ( ونزول كفة ) ال ( ال يوشك حتى يهبط تدريجيا بتكرار حرف النفي

وهذه التعبيرات الصاعدة والهابطة . في الصدر ) علو المكانة ( البيت بعد أن كانت تمثل . في شخص فرعون ) الظلم المتالشي ( توحي بآفاق تاريخية تجسد

لتجسم الظلم في التي وردت في شعر الجواهري شخصيات القرآن الكريمومن قال بصرت بما لم *قال فما خطبك يا سامري ﴿، نجد شخصية السامري، أشنع صوره

فالجواهري ؛ 1﴾يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسيفهي مرموزة ،استغل هذه الشخصية ودالالتها للتعبير عن واقع سياسي عاشه في العراق

: يقول أفرغ فيها ثقل التجربة الشعورية التي عاشها وكابدها

إلى كم تداري شيوخ العراق وأقطاب محوره الدائر

2عجوال تربى لمستعمر ويلعن في عجله السامري

لتضليل جموع الشعب وحرفها عن المسار الصحيح ، رمز ) السامري ( و فواقع العراق في نظر الجواهري هنا أن عجل السامري رمز الغواية متجسد في شخوص

ولقد وجد الجواهري هذه الرمزية ، رمزية . ارس غوايتها تالعبا بحقوق الشعبكثيرة تمالسامري جاهزة لحضور خلفيتها السردية في ذهن المتلقي كونها تعكس معاناة نبي اهللا

.موسى مع بني إسرائيل

96-95:طه 1 101 - 100 ص ج،4: الديوان 2

Page 77: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

63

ولقد استدعى الجواهر شخصية أهل الكهف في عدة مواضع من شعره منها هذا من خالل ) لعل ( بصيغة الترجي والتمني بتكرار الحرف فيه الخطاب جاءالنموذج الذي

.صورتين مرتبطتين بالمعنى نفسه

ولعل مضطجع النيام تهزه ولعـل أهل الكهف يفرج عنهم

كف الصباح فيحسر اإلغفاء )1(فـإذا هـم يقـظ به أحياء

الذي . ظر الصباح األولى صورت النوم بداللة الليل الطويل الذي ينتالصورة –) الكف ( بمجيئه ينقضي عهد النوم ويأتي عهد الصحو فجسم الشاعر الصباح بعنصر

. فجعل منه قطب الداللة ألنه سيعول عليه إيقاظ النائمين –لدورها المتحرك

أما الصورة الثانية فجعل نوم أهل الكهف كالسجن ترميزا الى سجن العقول وحجز افهذ. في سياق الترجي ) يفرج ( إيقاظهم بإطالق سراحهم بداللة الفعل الوعي ، فيعول أمر

فالنص أضاف داللة جديدة ) أحياء ( ومن ثم سيكونون ) عقولهم ( سيوقظ ) اإلفراج ( يزيد من وصف حال المأساة كمعاناة ل، ) بالنوم ( المقترنة ) داللة الموت ( للرمز وهي

2.دائمة في المجتمع العربي

اسند الى الرمز أن الداللة المعاصرة لتجربة الشاعر بعد ىلوب الطلبي أغنفاألسأما األسلوب 3)هي التي تمنح األشياء أهمية خاصة ( التراثي بالتوظيف المضاد ألن التجربة

الذي تكرر في شعر الجواهري 4)الرمزي فهو في الواقع أحد جوانب األسلوب( الصوري .مرارا

. 16/ 4الديوان ) 1( 2005فلیح كریم الركابي ، كلیة األدب جامعة بغداد ، .د.شذا حاتم وحید ، الرموز التراثیة في شعر الجواھري، رسالة ماجستیر ، بإشراف أ: ینظر 2

. 198 ،ص3،دار الفكر العربي ،طمعاصرالشعر العربي ال عز الدين اسماعيل ،3 . 183 ،ص 1982طلعت منصور ،دار القلم،الكويت،:المعنى،ترالبحث عن فيكتور فرانكل ، 4

Page 78: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

64

ال تكاد قصائد شاعرنا الجواهري تخلو من التناص القرآني أنهومما سبق نرى ،و تجد العديد من المواقع المتناصة مع القرآن متناثرة في مجموع شعره،تضفي على نصوصه ثراء وتمنحه قدرة على التواصل مع القيم الكبرى في تراثنا الديني والفكري

قوية نصه وتصوير أفكاره وتجليته مما كما أن هذا التناص من شأنه أن يساهم في ت, واألدبيكما أن استثمار الجواهري لتلك . وجماال ورونقا وبهاء, يزيده قيمة وفاعلية في وجدان الناس

لبعده التراثي والتصاقه تأصيال األلفاظ لم يكن على سبيل العبثية والمحاكاة الساخرة وإنمانفصل عن مجتمعه إال ليعود إليه وهو بذلك ال ي ،بفضاء قرآني رحب يمتاح منه المعاني

.بصور متعددة جديدة

استحضار الجواهري آليات القرآن الكريم وقوة دالالتها في وتجدر اإلشارة أن وهذا عائد بداية إلى منشئه الديني الذي ،نسيجه الشعري كان له فسيفساء من التداخالت النصية

.أكسبه خلفية دينية ظهر تجليها في أشعاره

: لتناص التراثي ا -2 :تمهيد

لقد ظل التراث لفترة طويلة يتحدد بفترة زمنية تنتمي إلى الماضي، ولكن هذه النظرة تغيرت، وأصبح التراث ال يدل على فترة زمنية محددة بل يمتد، حتى يصل إلى

لتي ا. )1(الحاضر، كالعادات والتقاليد واألمثال الشعبية/ الحاضر، ويشكل أحد مكونات الواقع . تعيش في وجدان الشعب، وتكون مجمل حياته الخاصة

ولقد حيك نص الشعر العربي الحديث والمعاصر من خط التراث العربي وتراث أن ينظر بداية إلى (ولذا كان على الدارس ،فكان لهذين الخطين دور متبادال في بنائه .اآلخر

25نفسه،ص 1)

Page 79: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

65

اإلنسانية للنص األدبي العربي الحديث ويتبين دور كل منهما في تشكيل البنية،هذين الخطين .1)هذه البنية التي خلقها التناص

حيث المتتبع لهذا ،لذلك كان من السهل مالحظة الخط التراثي في الشعر اإلحيائي يالحظ في النماذج الكالسيكية التي حاكها الشعراء حقيقة اإلحياء عامة ،أو التي (الخط

شارات واستلهامات الموروث في شعر رواد الرومنتيكية عارضوها صراحة ويالحظ كذلك ا .2)خاصة فيما سمي بالشعر الحر ،وما بعد الرومنتيكية

إال أن التعامل مع التراث عند اإلحيائيين وما بعدهم كجماعة أبولو لم يخرج عن الشعر نطاق التسجيل اإلحتفائي إلى نطاقه التوظيفي إال مع بداية الخمسينات عل أيدي شعراء

الحر

حيث لم يبق ذلك الشعر الحر في دائرة التراث العربي واإلسالمي بل اتجه صوب تعددت الزوايا التي يتعامل بها الشاعر الجديد مع التراث مثل حيث ،دائرة التراث اإلنساني

.3التاريخ والتراث الشعبي واألقنعتة والمرايا والتراث األسطوري

ن النقاد والمبدعين تجربة إنسانية يمتح بعضها من فالتراث كما يرى العديد م التراث هو كل التراث الكالسيكي اليوناني (يرى صالح عبد الصبور أن ،فمثالبعض

والروماني والعربي ، والتراث كما يرى طه الراوي يمثل كل ماهو مشرق وإيجابي من 4.)مواريث اإلنسانية

186، ص1996، 2، ع15عبد النبي أصطيف، خيط التراث في نسيج الشعر العربي الحديث ، فصول ، المجلد 1 186،187ه ،صالمرجع نفس 2 210، ص1992جابر قميحة ، األدب الحديث بين عدالة الموضوعية ، وجناية التطرف ، دارالمعرف اللبنانية ،:ينظر 3 13أحمد عريقات الضاوي، التراث في شعر رواد الشعر الحديث ، مرجع سابق ،ص 4

Page 80: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

66

اإللمام بمختلف الصور الكبرى (من لذلك كان ال مناص للشاعر المعاصر خاصة .1)باعتباره الوعاء الذي يستلهم منه معانيه وصوره الشعرية،للتراث اإلنساني

بل يكتب ووراءه ،الشاعر العربي المعاصر اليكتب من فراغ (ويرى أدونيس أن .2)فهو ضمن تراثه ومرتبط به ،الماضي وأمامه المستقبل

واستحضاره له ليس من منطلق التقوقع ضمنه وإعادة واستلهام الشاعر من التراث من خالل الغوص في التاريخ ،تلميعه بل هو بحث عن التميز وإنشاء للرموز الخاصة

واستخراج تلك الصور التراثية وإعادة بعثها أو انتاجها على نحو يمكن لحضور الماضي في ألن الشعر إنما .ي التراث الحاضر ويمد لجسور التواصل مع الكثير من الصور المشرقة ف

يؤسس لتجربة إنسانية ولن تكون هذه التجربة منقطعة الجذور بل امتداداتها تتناسب طردا بغوص تلك الجذور في التراث والنهل منه والعودة إليه بوصفه مصدرا معرفيا ومنجزا

.3)للثقة بين الشعر ومرجعياته ومكوناته في مقدمتها الموروث(روحيا وهذا يؤسس

غير أن تلك العودة إلى التراث ليست هربا إلى الماضي واستجارة به من بؤس بالبحث والحفر في التراث ،الحاضر بقدر ماهو الخروج من النمطية والمباشرة والسطحية

التي تسترعي اقبال المتلقي على العمل ،واستجالب الكثير من األقنعة والصور المدهشة .ث بصورة جديدة مختلفة من جهة أخرىالالدال من جهة وإعادة انتاج الشعري

ولقد وطد الجواهري عالقته بالتراث من خالل منجزه الشعري الوثيق الصلة بالكثير بوصفه مادة معرفية ومرجعية شعرية وتمثل تلك ( من المالمح التراثية ، فكانت عالقته به

ال كتلة آتية من الماضي علينا العالقة انعكاسا لوعي الشاعر بالتراث بوصفه منجزا إنسانيا

45،ص2000،فبراير 355ويت ،ععبد المنعم عجب ألفيا ، التناص في القصيدة الحديثة ، رابطة أدباء الك 1 65،ص1،198عبد المعيد جيدة ، االتجاهات الجديدة في الشعر العربي المعاصر مؤسسة نوفل ، بيروت ،ط 2 ،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، -األنماط النوعية واتشكيالت البنائية بقصيدة السرد الحديثة–حاتم الصكر ، مرايا نرسيس 3

218،219 ،ص1999

Page 81: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

67

، لذلك أخذ الجواهري من التراث ما يحتاجه من 1)قبولها كاملة واالنحباس داخل قدسيتها .رموز وصور تعاضد نصه وتوسع من دالالته، دون أن يكون حبيسه محتفيا به فقط

فقد كان استلهام الجواهري من التراث هو ابتعاد عن السطحية والمباشرة ابية حيث حاول أن يصل إلى المتلقي من خالل الغوص في التراث، واستجالب ما والخط

.يدهشه ويبهره بعيدا عن ما يجعل خطابه الشعري مكرورا مرسخا للتقرير فيه

وقد حصرنا استدعاء الموروث التراثي في شعر الجواهري في وجهين وجدناهما م وفيه نعرض نماذج كثيرة لتوظيف األبرز حضورا في شعره تأثرا وتأثيرا ، األول عا

الجواهري للنص الشعري التراثي ، أما الثاني فأفردناه لحضور المتنبي شخصية وشعرا في .قصائد الجواهري لما رأيناه من شديد تأثره به ، حتى غدا يتخذه نموذجا يقتدي به

: الشعري التراثي التناص 2-1

راث ضخم من الشعر القديم حيث أنه ال إن إبداع الشاعر المعاصر يقف وراءه ت يمر بعصر من األعصر األدبية منذ العصر الجاهلي إال وأفاد منها ، حيث يكون مكمال

.2لسلسة اإلبداع الممتدة عبر الزمن الماضي إلى الزمن الحاضر

وبإحالة الجواهري للمتلقي على المأثور التراثي يكون قد ساهم في إبقاء ذلك التراث ببعثه في صور جديدة موائمة للعصر ، فيحضر بذلك نسيجا من التناصات في شعره حيا ،

.بصور مختلفة امتصاصا أو تحويال أو محاورة

وجودها الفني في التعبير لداللة تداخلها مع نصوص وكان لتلك التناصات أطر فنية كثيرة فاالستخدام الفني للتراث جاء ب. الجواهري الشعرية كما سيأتي عرضه الحقا

52ص، 2009حصة البادي ،التناص في الشعر العربي الحديث،دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع ، األردن، 1 27،28، ص1994، ديسمبر ، 1عبد الواحد لؤلؤة ، التناص مع الشعر الغربي ، مجلة األقالم ، ع:ينظر 2

Page 82: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

68

لكن يبقى االستخدام الصري للتراث وصيغة الحوار هي األطر الفنية المهيمنة في شعر و .الجواهري

نها ال تخرج من دائرة العناصر إأما الصورة الرمزية بأرضيتها التراثية ، ف معها ن الرمز يستوعب بهذا المعنى بأتمه ، أو على األقل صوره التي يتحقق أ( البيانية إذ

. 1)التجوز في المعنى

نها كانت اإلطار األقرب الى الموقف الشعري ، الذي جعله يتعامل مع إلذا ف .الرموز التراثية تعامال بيانيا مجازيا بما يوافق كالسيكية الجديدة

ليس لصنعة بديعية أو الشعري يعمد الى التناص مع الموروثكما أن الجواهري كان ن كان الجواهري خضع في بعض قصائده إما وراءها ، ولها ة وداللة نما إلشارإتزينية ، و

.كما سنعرض تفصيله في عنصر استدعائه لشعر المتنبي لتناص مجتزء من قصائد أخرى

وفي مايلي جملة من التناصات مع التراث الشعري، التي وردت في شعر الجواهري .حيث سنقف عند دالالتها

:يقول الجواهري

2ك في الوافدين كالركن ما مسح لماسحودام مقام

:هذا البيت متناص مع بيت قصيدة لعمربن أبي ربيعة حيث يقول

3ولما قضينا من منى كل حاجة ومسح باألركان من هو ماسح

استدعى الجواهري الشطر الثاني من بيت عمر بن أبي ربيعة لتوظيفه في سياق آخر تبية أفعال الحج، بينما في بيت الجواهري فالركن في البيت المستدعى يقع ضمن ترا

. 192 ص الدار البيضاء،المغرب،1990كز الثقافي العربي ،المرالصورة الشعرية في الخطاب البالغي والنقدي ،،الولي محمد 1 2/221الديوان 2 ،1992 بيروت،,دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع ،ديوان ،عمر بن أبي ربيعة 3

Page 83: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

69

المستضيف له يستخدم المسح على الركن في إطار اإلشادة بالممدوح كون حضوره في أي تم فيها اشتغال النص الالحق عن القيمة (الوافدين أسياسي ،وهذا مايسمى بالتحويل القيمي

–VALEUR- 1)الخاصة بالنص السابق.

:بيع يقول الجواهري في قصيدة الر

2اهللا يشهدانني ألقي الهوى بلسان فاسقة وقلب عفيفة

:وأصل البيت لمحمد بن سعيد الحبوي حيث يقول

3إن لي من شرفي بردا ضفا هو مندون الهوى مرتهني

غير أني رمت نهج الظرفا عفة النفس وفسق األلسن

اطن وفسق الظاهر ، وهذا يستلهم الجواهري من بيت الحبوي المزاوجة بين عفة الباالستيحاء ال يتطلب كبير جهد للوصول إلى أصله حيث أنه نوع من االقتباس الظاهر غرضه

.الوصول إلى المعنى المراد بواسطة معنى جاهز

:ويقول الجواهري في قصيدة أي طرطرا

خال لك الجو وقد طاب فبيضي واصفري

4وانقري من بعدهم ماشئت أن تنقري

:الشعر مشهور وجرى مجر المثل وهو لطرفة بن العبد إذ يقول و

يالك من قبرة بمعمر خال لك الجو فبيضي واصفري

91،ص 2012سليمة العذراوي ، شعرية التناص في الرواية العربية ، دار رؤية ،القاهرة ،1 3/114الديوان 2 .95: ص. م 2009، نوفمبر 5الخميس، , العراق, جريدة المدى. بغداد الجد، بغداد الهزل،، اتم الكرخي حسين ح:ينظر 3 3/78الديوان 4

Page 84: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

70

وانقري ماشئت أنت نقري قد رحل الصياد عنك فابشري

1ورفع الفخ فما تحذري البد من صيدك يوما فاحذري

عن حالة التردي وخلو الجو لمن وهذا استحضار لشعر صار مثال متداوال يعبر به اليستحق السعة ، وهي حالة عودة واضحة للتراث على المستويين المتداول وغير المتداول، فقد استحضر الجواهري أبيات طرفة على نحو كلي يوحي بحالة التطابق فالغرض منه

لها قصيدة االنتقال بالتراث من حالة البساطة، ليعبر عن بعض المعاني الدقيقة التي تشير .الجواهري وهي حالة التردي وتصدر المشهد من قبل التافهين

:وفي قصيدة ذكرى وعد بلفور يقول الجواهري

2نطوف ما نطوف ثم نأوي إلى بيت أقيم على اقتراح

:لبرج بن مسهر الطائيوهذا من بيت ل

3نطوف ما نطوف ثم يأوي ذوي األموال منا والعديم

ري من بيت عمرو بن شاس شطرا ليعبير عن حالة عدم االهتداء التي اجتزأ الجواه وقع فيها العالم العربي ،فالطواف في النص المستدعى غرضه اإلهتداء والرشد مضفاة عليه هالة القداسة ، بينما في البيت المستضيف به دالالت التيه بالنظر إلى نصه كله ، وهذه

للتماهي معها بل لمناقضتها ،وهو توظيف يستعين مفارقة فاستدعاء الصورة التراثية ال .بالتراث ألغراض داللية تفيد الحاضر

:يقول الجواهري) فطار الحمام(وفي قصيدة

1تزاحمت فيك أماني الورى والمورد العذب كثير الزحام

1961طرفة بن العبد ،الديوان ، شرح كرم البستاني ،دار صادر ، بيروت ، 1 3/66الديوان 2 11،ص1923،مصر ،مطبعة السعادة محمد نعمان الجارم ،أديان العرب ، 3

Page 85: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

71

:وأصل البيت للشاعر بشار بن برد ، وهو

2الزحام والمنهل العذب كثير يزدحم الناس على بابه

وتعريج الجواهري على بيت بشار بن برد يظهر في البيت ،حيث أن قول بشار تداول حتى غدا مثال عربيا في القديم ، إال أن الجواهري ) والمنهل العذب كثير الزحام (

أعطاه نفسا جديدا ليتردد صداه في الحاضر فيعود للتداول مجددا ، فهو إحياء مزدوج لبيت .تبط الذاكرة بشعره وإحياء لمثل صار دارسا بشار حيث تر

ازدحام الناس على باب (غير أن الجواهري نقل حالة االزدحام من حالة حسية ، إلى االزدحام في حالة شعورية، وهو ازدحام األماني والتعلق بشخص تعقد عليه )الكريم

.الموقف األمال ، وهو إخضاع المجتزأ من بيت بشار إلى متطلب داللي يقتضيه

:يقول الجواهري في قصيدة جمال الدين األفغاني

وكالعنقاء تكبر أن تصادا ولما كنت كالفجر ابالجا

3تعاند من تريد له العنادا مشيت بقلب ذي لبد هصور

:كالهما من قول ابي العالء المعري

فعاند من تطيق له عنادا أرى العقاء تكبر أن تصادا

4لما طلعت مخافة أن تصادا م الجوزاء خبري فلو خبرته

3/192لديوان ا 1 242، ص1،ج1990،منشورات مكتبة الحياة محاضرات األدباء للراغب األصفهاني :راجع 2 4/409الديوان 3 1996 ،وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية ،حفرية ثقافية في األسطورة: سفر العنقاء نذير عظمة ، 4

Page 86: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

72

وهنا نقل الجواهري صورة المعري المادح لنفسه إلصباغها على حال جمال الدين األفغاني، الظهار حالة الشموخ من جهة وحالة االغتراب من جهة أخرى، وكأنه ليس ابن

دي شجاعة في زمانه كحال المعري لقد جاء في لحظة ال تناسب طاقاته، رغم أنه يب . المواجهة

ونلمس هنا عودة الجواهري إلى التراث والغوص فيه الستجالب صور مناسبة لوصف الحاضر، وهذا من دالالته أنه وثيق الصلة بالتراث يمد جسور الصلة إليه ال لينكفئ

. على الماضي بل ليستجلب منه الصورالمعبرة فيعاضد بها نصه الحاضر

1:يقول الجواهري ائييا أحب في قصيدة و

ن عمرا شب عن أطواقهإ قلت ال ترجع لعهد سلفا

:أصل الشعر ألبي الحسن البطليوسي وهو

وحملني من ذاك ما ليس في الطوق رأى صاحبي عمرا فكلف وصفه

2صدقت ولكن ذاك شب عن الطوق فقلت له عمرو كعمرو فقال لي

هو الخروج من ) عن الطوق إن عمرشب( اخراج المثل العربي للتداول من جديد مناسبتية البيتين القديمين ،الظهار حالة االنكار ونسيان العهد لجعلها حالة عامة عن التخلي

. عن المحسن بعد قضاء المأرب

:يقول الجواهري في قصيدة الذكرى المؤلمة

1أأحبابنا بين الفرات وجلق لى سمعي مقالة احمد إحبيت

1/396الديوان 1 353،ص2004دار الجيل ؛ والعلوم، والثقافة للتربية العربية منظمة, والمسلمين العرب واألدباء العلماء أعالم موسوعة 2

Page 87: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

73

:حيث يقول ي العالء المعريوهذا ألب

يد اهللا ال خبرتكم بمجال أأحبابنا بين الفرات وجلق

2و وجهي لما يبتذل بسؤال أنبئكم اني على العهد سالم

وهي حالة أخرى من حاالت التماهي مع شعر أبي العالء ، فلقد استدعى الجواهري مع اختالف تام في الحالة الشعورية، شعرا معروفا للمعري باجتزاء شطر وتضمينه في بيته

وهذا يدل على مقدرة الجواهري في توظيف التراث من خالل استعارة الصور الشعرية .3القديمة وإعادة توظيفها لتكتب لها حياة جديدة في فضاء حاضر جديد

:يقول الجواهري في قصيدة المتردونو

لي فسادي لنفسي صالحي أو ع وماذا يريد الناس وأنما

:وللحسن بن المبارك

4في فسادي أو صالحي ودعا عذلكما لي

: وللسيد النقيب الكامل بن الشريف

5عرفت به صالحي من فسادي ودعني والثناء على مبر

للثنائيات إذ( قديم في الشعر العربي،) فساد/صالح (توظيف الثنائية المتضادة وقد امتاح 1)شعري ،من خالل توالد األنساق وتناميها الضدية ،فاعلية في بناء النص ال

5/91الديوان 1 7،م1988،محمد كمال دار القلم العربي الطبعة الثانية : تحقيق ،إعالم النبالء بتاريخ حلب الشهباء ،محمد راغب الطباخ الحلبي 2 88،ص 1993عر العربي،دار اآلفاق الجديدة ، بيروت ،أحمد المعداوي أزمة الحداثة في الش:ينظر 3 312، ص2001، القاهرة ، الهيئه المصرية العامة للكتاب ،عيون األنباء في طبقات األطباء، بن أبي أصيبعها: راجع 4

317نفسھ، 5

Page 88: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

74

الجواهري ليجعل منه نفيا لوجود حالة التردد في حياته، فهو يتحمل مسؤولياته اتجاه أعماله بعيدا عن آراء الناس وأحكامهم ،وبذلك فهو يمنح للنصوص القديمة المستدعاة دفعة معنوية

.تجعلها ذات قيمة جديدة ونفس جديد

:صيدة دمعة على صديق ، يقول الجواهري وفي ق

2لبس الغروب ولم يعد لطلوع وبحسب احمد لوعة ان ابنه

:وهذا من قول الشريف الرضي

لبس الغروب ولم يعد لطلوع قمر إذا استخجلته بعتابه

3شر الهوى ما رمته بشفيع أبغي هواه بشافع من غيره

ن المودع من بيت الشريف الرضي مع مفارقة الجواهري يستلهم هذا المشهد الحزي في الداللة، فبيتا الشريف الرضي وردا في معرض المدح أوالغزل بين استحضار الجواهري

قوة التخييل (لصورة الغروب المعاكسة للطلوع وردت في معرض الوداع والحزن، ومنه فإن . 4)قة ظاهرةتتمكن من الجمع بين األشياء المتباعدة التي التربط بينها عال

:يقول في قصيدة درس الباب

وجفان كالجوابي بقدور راسيات

:إذ يقول البيت إلبن الرومي

، مجلة التراث العربي 1 دمشق -فصلیة تصدر عن اتحاد الكتاب العرب مجلة-سمر دیوب، جمالیات النسق الضدي شعر أبي العالء المعري أنموذجا

172 ، ص1429جمادى اآلخرة - 2008حزیران -السنة الثامنة والعشرون 110العدد

6/74الديوان 2 111، ص2013زكي مبارك ، مدامع العشاق ، دار الكتب المصرية ،القاهرة ، 3 90،ص1994ت،دار المنتخب العربي ، بيرو شعرية القصيدة ،عبد الملك مرتاض ، 4

Page 89: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

75

يثوب الناس منه إلى مثاب ثماال لألرامل واليتامى

1تفارطها جفان كالجوابي بساحته قدور راسيات

تناص على التناص األصل في قودر راسيات وجفان كالجوابي قرآني ، غير أنه عمد إليه الجواهري إلحياء صورة عربية خالصة وهي صورة الكرم، وهو انزياح بتلك الصورة لتفيد دالالت أخرى غير الواردة في البيت الذي امتاحها أصال من القرآن الكريم ، إن الجواهري يستقي صوره من نفس مصادر الشعر القديم ويعيد توظيفها ليفيد غرضا دالليا

.اسبا لعصرهمن

عالقة استيعاب وتفهم وإدراك واع للمعنى (بالتراث الجواهري عالقة كانتوهكذا اإلنساني والتاريخي للتراث، وليست بحال من األحوال عالقة تأثر صرف، ومن خالل هذه

، 2)النظرة كان استرجاع الشاعر المعاصر للمواقف التي لها صفة الديمومة في هذا التراثن اهتمامه تركز على األمور المضيئة في التراث، وعلى القضايا الحية في ضمائر أأي

األمة، التي الزالت تنبض بالحياة وتخفق بالعطاء، ولهذا السبب نجح الشاعر في استخدامه .للتراث وبلغ في ذلك مبلغا بعيدا

جانب إسهامه وتوظيفه قيمة فنية إلى الشعري راثالجواهري للتيمثل استخدام في تجلية الهوية الثقافية خاصة في مواجهة المخاطر التي تهدد الذات العربية وقد أدرك

لتراث ودوره الفاعل في إيقاظ الشعور الوطني والقومي وإبقائه حيا، لهذا ا هذا هميةأالمحتلة االعتزاز على هذا التراث مما كفل التجاوب األوسع مع شعره، وقدم شهادة على كان اتكاؤه .بالموروث

171،،ص2،ط1، ج2002أحمد حسن بسج ،دار الكتب العلمیة ،بیروت ،.ابن الرومي،الدیوان،شرح أ 1 38ص ،2007 بیروت ،قضایاه وظواھره الفنیة والمعنویة ، دار العودة،:عز الدین اسماعیل،الشعر العربي المعاصر 2

Page 90: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

76

:حضور المتنبي في شعر الجواهري 2-2

فلقد ،أنه وثيق الصلة بشعر المتنبي (يرى العديد من الدارسين لشعر الجواهري امتاح منه الكثير من صوره وتعابيره وصيغه ، فنسج بذلك حالة من التماهي الشعري مع

اهري فيه جدة كلما تكرر وأعيد محافظة الجواهري على بصمته الشعرية، إن شعر الجوومن ثم فإن ظالل المتنبي وعصره ، 1)فهو شبيه بالمتنبي في هذا الجانب إلى حد كبيير..

إنه (العباسي حاضر في خطاب الجواهري ، ولعل هذا مادفع الدكتور جالل الخياط ليقولمع ذلك ، وتماهى 2)شاعر عباسي أخطأه الزمن ووجوده في القرن العشرين ظاهرة غريبة

إن الجواهري شاعر عباسي ولد على أبواب القرن العشرين مع (زاهد محمد زاهي .قول د 3)اختالف في النفحة الشعرية والتصاقه بهموم الناس

أول تأثري في (:حيث يقولوالجواهري نفسه يقر بتأثره الشديد بالمتنبي في بداياته ،بل كان جد 4)حفظ قصيدة من شعر المتنبي كان كل يوم علي أن أ، دور الصبا كان بالمتنبي

.5)أيضيرني شيء أن أكون إلى جانب المتنبي (مفتخر بذلك

وكانت بصمات المتنبي واضحة في شعر الجواهري خاصة في بداياته الشعرية بالنظر جواهريغير أن هذا التمثل القوي لشعر المتنبي استمر إلى غاية اكتمال شاعرية ال(،

.6)لفكرية والسياسية التي شهدهاإلى التحوالت ا

من أقواها ،ويعزى تماهي شعر الجواهري مع شعر المتنبي إلى الكثير من األسباب يجل كل متمرد خارج ( يحالة التمرد على األوضاع التي عاشها الشاعران ،فقد كان الجواهر

49، ص1، مج 1972، العراق ، دجيلي عبد الكريم ،الجواهري شاعر العربية ،مطبعة اآلداب 1 105، ص1987جالل الخياط ، الشعر العراقي الحديث المرحلة والتطور ،دار الرائد العربي ،بيروت ،.د 2 212ص ،1999،بروت،دار القلم للطباعة والنشر زاهد محمد زهدي ، الجواهري وصناعة الشعر العربي ،.د3 191،العراق،ص 1988ذكرياتي،دار الرافدين،محمد مهدي الجواهري ، 4 .المرجع نفسه ، الصفحة نفسها 5 269 ،ص1975،منشورات وزارة اإلعالم ، العراق ،تطور الشعر العربي الحديث في العراقعباس علوان ، 6

Page 91: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

77

تمرده شريطة أن يرافقه عنصر بارز في ،على األوضاع في عصره بمختلف صنوف التمرد .1)يؤهله للتقدير واالحترام

ومن العوامل القوية التي جمعت بين الجواهري والمتنبي أن كليهما عاش صراعا أصبحت ىحت(بين الذات والواقع ،وكذلك اعتداد الجواهري باألنا وإحساسه بالتفوق والعظمة

المتنبي هذه الحالة ظاهرة انعكست على حياته ،وسمة من سمات شعره ،تذكرنا بصنوه .2)ويغري الباحث أن يعقد موازنة بينهما

يتضح لنا جليا فمنه فقد كان الجواهري قريبا إلى المتنبي عنفوانا ومغامرة ، و المصدراألول إللهام الجواهري، فكان لزاما أن نفرد لتناص شعر الجواهري مع شعر المتنبي

.جمالياراصدين تعالق نصوصهما ،مبحثا خاصا

بل إنه ،شخصه وفكره ومقاساته : مع المتنبي م يكتف الجواهري بالتماهي ول راح يستمد منه تبريرا وتزكية لرفضه مجتمعه العراقي المعاصر الذي لم يتغير كثيرا عما (

تركه عليه المتنبي ، رغم مرور األلف عام التي تفصل بينهما حتى لكأن ديناميكية الزمن م خطوة إال ليتراجع التي تحرك العالم تتوقف أو تعقم عن الفعل في هذا المجتمع الذي ال يتقد :) يا ابن الفراتين(، يقول الجواهري في قصيدته 3)خطوتين

لي طنب الحمراء ككوفت أنا ابن عمــد ـهمن أركان طـاح بـها وإن

جوار وال شجر ال ماء ـككوخ ال مـال وال صفــد ـكولصـق روح

ولـي بـما صغـت من جبارة مــدد فكن أبا الطيب الجبار لي مددا

36 الجواهري شاعر العربية ،م س ، ص 1 230ص 2001أزمة المواطنة في شعر الجواهري، منشورات إتحاد الكتاب العرب ، دمشق،يحيى فرحان ، 2 137،ص 2003عراق الجواهري ،دار الكنوز األدبية،بيروت ،... جواهري العراقرضا محمود جواد، 3

Page 92: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

78

ومتعب الناس من ذموا ومن حمدوا يا شاغل الدهر أجياال وأحقـبـة

إال ما نـفـى الـزبـد فـما تـلقـف أبا محسد دنيا رحت تمخـضها

نحن كـأنـها من رسـوخ مـثـقل أحد أشرف عليها تجدها مثلما تركتالغريران في دنيا بها صبب ـد 1في المعطيـات بنا عن مثـله صع

ورد ومن نماذج تمثل الجواهري ألبيات المتنبي وتعالق خطابه الشعري بها ما سن . تباعا إلظهار اشتغاالت التناص في متن الجواهري وتشكيالته الجمالية

هذا مع بيت للمتنبي ،جاء مطلعهاالتي فضال عن تناص ) المستنصرية(ففي قصيدة :يقول الجواهري لقافية بيت المتنبي،وفقا المطلع

أغلب كومجد بغداد مجد له أعد دوجدأطيب ك2ا عهدا وعهد

:وكان المتنبي قد قال في كافور

الشوق والشوق أغلب فيك أغالب من ذا الهجر والوصل أعجب 3وأعجب

لم يكتف الجواهري) يبل تجاوز ذلك إلى استعمال ،باستعمال قوافي قصيدة المتنبموت الذي تتالطم أمواجه لم تفارق مخيلة فصورة ال ،ما تعلق بتلك القوافي من ألفاظ

ن فيها السعدون ) في األربعين(فهو يقول في قصيدته ،4)الجواهريالتي أب:

5/357و 353/ 5ديوان ، ال 1 5/35ديوان ا ، ال 2

502، ص2000،بيروت،دار ومكتبة الهالل العرف الطيب في شرح ديوان أبي الطيب ، ناصيف اليازجي ، 3

-3، المجلد الثامن ، العدد2005،مجلة القادسیة للعلوم اإلنسانیة ،،أثر البنیة الموسیقیة لشعر المتنبي في شعر الجواھري ،سنجم عبد علي رئی. د 4 43،ص4

Page 93: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

79

1) موج الموت يلتطم(لما تحداك ما ناش كفك من تياره بلل

:يرة في مدح سيف الدولة فهذه الصورة االستعارية لها جذر في قصيدة المتنبي الشه

2)موج الموت يلتطم(حتى ضربت و ومرهف سرت بين الجحفلين به

ضمن الجواهري بعض قصائده أبياتا أو أشطارا للمتنبي ، ليزيد بذلك من تصاعد إلى االغتراف ، وتمثل التراث الشعري الذي خلفه معلمه ، وكأن به حاجة موسيقيالنغم ال

من هذا النبع الموسيقي الصاخب ، فلم يكتف باستلهام موسيقى المتنبي والوقوع في تأثيرها األخاذ بل مال أحيانا إلى التضمين ليزيد بذلك من قرع هذه الموسيقى التي ملكت فؤاده ،

تدل االقتباسات في شع (: وامتألت بها نفسه فال يجد منها فكاكا ، ومن هنا فإن ر الجواهريعلى أنه تمثل التراث األدبي القديم وهضمه حتى أنه أصبح بعضا منه ، ألن هذه

ومن أمثلة تضمينه بيتا ، قوله في ، 3)االستخدامات في معظمها جاءت متمكنة في أبياته ون ، مذكرا بضرورة الحرص على مصالح البالد التي راح السعد) في األربعين(قصيدته

:ضحية لها

منتصر الشعب تنصروها فإن إن منتقم الشعب أو تخذلوها فإن

مغمدة (أو تحتقر وسيوف الهند إليها والسيوف دم 4)فقد نظرتم

ر فيها التي انتص) قلعة الحدث(أما بيت المتنبي فهو من قصيدته الشهيرة في موقعة :سيف الدولة الحمداني على الروم

5وقد نظرت إليه والسيوف دم قد زرته وسيوف الهند مغمدة

1/518الديوان ، 1 . 343العرف الطيب ،ص 2 346أزمة المواطنة في شعر الجواهري ،مرجع سابق ،ص 34 ، 1/517ديوان الجواهري 341يب ، العرف الط 5

Page 94: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

80

مفتخرا بنفسه ، ) ربأت بنفسي(وضمن الجواهري عجز مطلع للمتنبي في قصيدته :ويشكو فيها دهره ، لكنها شكوى القوي ال الضعيف، فقال

والعدل داعيا للحق شاعرا به حباني العراق السمح أحسن ما حبا

وعيشا كما أسأرت في الكأس باقيا وجاء كما استمطرت في الصيف مزنة

1)كفى بك داء أن ترى الموت شافيا ( :وعيشا إذا استعرضته قلت عنده

يوكان المتنبل لقائه كافور اإلخشيديقد قال في أو:

2وحسب المنايا أن يكن أمانيا كفى بك داء أن ترى الموت شافيا

كما استعمل الجواهري بعض مطابقات المتنبي في قصائد متفقة الوزن والقافية ) وا حر قلباه(ي قصيدته الشهيرة والروي ، فزاد في تنغيم أبياته ، من ذلك قول المتنبي ف

ضا بسيف الدولة الحمدانيمعر:

أخي الدنيا بناظره وما انتفاع هت عندتوإذا اس)(و) األنوار3)الظلم

فإذا بالجواهري ينقلها إلى الحديث عما حل باألمتين العربية واإلسالمية عقب هزيمة :4) الخطوب الخالقة(، يقول الجواهري في قصيدته 1967حرب حزيران

1 ، 2/307ديوان الجواهري 471العرف الطيب ، 2

342العرف الطيب ، 3 52،م س،صأثر البنیة الموسیقیة لشعر المتنبي في شعر الجواھري :ینظر 4

Page 95: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

81

ت والدتهتعصواس الصبح رتعس حتى تشابكت)(و) األنوار1)الظلم

معلمه قول المتنبي يمدح المغيث بن الجواهريومن هذه المطابقات التي وافق فيها بن بشر العجلي علي:

2) ذنبا(لهم وغدا كل لهم ) رأسا( للواء بنو عجل به فغداهز ا

مع تغيير ) أبو العالء المعري( رائعةفاستعمل الجواهري هذا الطباق في قصيدته ال) الرأس والذنب(، وإن استخدم هذا الطباق نفسه وضع من خالله الجواهري بصمته الخاصة

:فقال في معنى جديد

من عليا منازله يستنزل الفكر )رأس ( من ذي نعمة ليمسح)3)ذنبا

لصيغة اسم التفضيل ، وهي ظاهرة : ومن أنماط التكرار اللفظي تكرار الجواهريلما السم التفضيل من قدرة على إبراز الذات واإلعتداد ، 4عرف بها المتنبي وأكثر منها

ك فيه المتنبي مع الجواهري ،كون كل منهما يسعى غلى تحقيق ذاته بحثا عن وهذا يشتر،بها،فالغرو أن يسترفد ما عرف عنهما من دالئل العظمة والكبرياء والتفوق بوالمجد،

، يقول الجواهري في قصيدته الجواهري من المتنبي كثرة استعمال هذه الصيغة اللغوية ):ليت الذي بك(

5أب) خير(البنين بنوه وهو) خير( سان الشعـر في رجـلماذا يقـول ل

:أخت سيف الدولة الكبرى ) خولة(وكان المتنبي قد قال في رثاء

1 ، 5/253ديوان الجواهري

. 94العرف الطيب ، 2 5/125الديوان 3 139، ص2008ل الناس ،عام الكتب للطباعة والنشر ،الرياض ،المتنبي مالىء الدنيا وشاغمحمد التنوجي ، 45 ، 1/309 ديوان الجواهري

Page 96: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

82

1كناية بهما عن أشرف النسب أب) خير(أخ يا بنت ) خير(يا أخت

استدعاء ألسلوب معلمه ،)ا أفعلهم(صيغة التعجب القياسية كما كرر الجواهري يقول الجواهري في قصيدته ، 2وهي صيغة غير طلبية غرضها إبراز الذات،المتنبي

:)تونس(

3)ما أصبى(و) ما أحن(أغاثت نفوسا )ما أصفى(و) ما أرق(فيا لك بشرى

:وكان المتنبي قد قال من قصيدة مدح بها سيف الدولة

4)ما أصبى(ويا قلب ) ما أجرى(ويا دمع ويا لي من النوى) ما أبقى(ا شوق في

) يا لي(عند الجواهري ، و) فيا لك(اعتمدا على صيغة االستغاثة (فكال الشاعرين ) ما أصبى(و) ما أجرى(، ) ما أبقى: (عند المتنبي ، متبوعة بتكرار لصيغة التعجب ، وهي

واألصل عند المتنب ، ا : يأم ، ما أصباك ويا قلب ، ما أجراك ويا دمع ، فيا شوق ما أبقاك، ) ما أصبى(و) ما أحن(، ) ما أصفى(، ) ما أرق: (عند الجواهري فإن صيغة التعجب هي

.5 )وأغاثت نفوسا ما أحنها وما أصباها... يا بشرى ما أرقك وما أصفاك : واألصل

من أجل منح البيت الشعري ،الجواهري التكرار اللفظي المتنبوي أحيانا استعمل نغما إضافيا ، السيما أن هذا التكرار وقع في قصائد متفقة الوزن والقافية والروي،قال

في مدح سيف الدولة الحمداني يالمتنب:

أنه الناس عجبي ا(شا بنى مرع كفى عجبا أنا(آلرائهم ) تب6)تب

1 461العرف الطيب ،

50،م س،صأثر البنیة الموسیقیة لشعر المتنبي في شعر الجواھري :ینظر 23 ،3/68ديوان الجواهري 335العرف الطيب ، 4

49،م س،صنبي في شعر الجواھري أثر البنیة الموسیقیة لشعر المت :ینظر 5 339العرف الطيب ، 6

Page 97: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

83

فإذا بالجواهري ينقل هذه النغمة إلى أجواء الحماسة يوم أنزل الحلفاء قواتهم في ) :تونس(يقول الجواهري في قصيدته الحرب العالمية الثانية ، في شمال إفريقيا ،

1)تبا(لما رامه ) تبا(وعدل القضا أراد التي من دونها أنت والوغى

:وقال المتنبي مخاطبا سيف الدولة في تلكم القصيدة

ك فيهمهنيئا ألهل الثغر رأي وأنك)2)حزبا(اهللا صرت لهم ) حزب

:فإذا بالجواهري ينقل هذه النغمة ، فيقول في قصيدته تلك مخاطبا الحلفاء

هكم بمثلحزبا(وا لنا وكون أريدوا بنا خيرا نعد ( لكم نكن)3)حزبا

:ويقول الجواهري في تلك القصيدة

4) الغاصبا(بل ليتهم يترسمون بأمرهم) يغصبون(ليت الموالي

بنية ) المحرقة(تكرار الجواهري في قصيدته : ومن أنماط تكرار بعض األبنية ، تماما كما فعل معلمه تكرارا عموديا وأفقيا المسند إلى ضمير المتكلم الفعل الماضي

، فأبيات القصيدتين تتداخل وتتالمس وتتقارب لتوحد ) أفيقا خمار الهم(المتنبي في قصيدة الجو النفسي جو التباهي بالنفس في مواجهة النكبات حتى ليخيل للقارىء أن القطعتين من

دتين تجريان على وزن وقافية وروي موحد ، قال المتنبي السيما أن القصي قصيدة واحدة وهو يستعرض محطات حياته ، وخيبات األمل التي أبت إال أن ترافقه أينما حل ، لكنه ظل

:متماسكا أبيا ، يتمنى ملوك األرض مدحة من شعره

1 ، 3/65ديوان الجواهري . 337العرف الطيب ، 23 ، 3/67ديوان الجواهري 4 ، 3/399ديوان الجواهري

Page 98: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

84

نابا ومزقني ظفرافعرقني صروف الدهر أخشن ملبس) لبست(

عزما ولم يفنني صبرا) فأفنيته( بصرف الدهر طفال ويافعا) سدكت(

مآلن من حنق صدرا) فارقتهم(و ملوك األرض مغتبطا بهم) صحبت(

1إال من استجرا ولم يكن الدهياء ) ففتها(على دهياء مصر ) جسرت(

مفتخرا بنفسه في مواجهة ناسجا على منوال المتنبي ) محرقته(ويقول الجواهري في :الخطوب والمحن

وال خبرا علما بالحياة ) ازددت(لما بها ما لو تخلدت بعده) خبرت(

نفسا إنما خلقـت نسرا) غطيـت(و لباس الثعلبيين مكرها) لبست(

صفرا) أملت(وعادت يدي من كل ما مليء الصدر حقدا وقرحة) عدت(و

2فلم أحمد الشطر الذي فضل الشطرا كال شطري زماني تمعنا) حلبت(

واحدة وهذا يبرز تماهي أسلوب الجواهري مع فلكأن المقطعين من قصيدة أسلوب المتنبي ، حيث اعتبر أن شعر المتنبي رافدا شعريا مركزيا ينهل منه تعابيره

.وصوره

موسيقىوقد يترافق التكرار اللفظي مع استعمال الطباق عند الشاعرين ، مما يولد قد قال مفتخرا بشعره في إحدى ةإضافي يكافورياته ، وكان المتنب:

3)للغرب مغرب(حتى ليس ) وغرب( )للشرق مشرق(حتى ليس ) فشرق(

649و 646، ص1968،بيروت،دار صادر ،الرطيب من غصن األندلس نفح الطيب، المقري التلمساني 12 ، 2/88و 2/85ديوان الجواهري 508العرف الطيب ، 3

Page 99: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

85

فإذا بالجواهري يحول هذه النغمة إلى افتخار بماضي العرب والمسلمين ، وحضارتهم ) :المستنصرية(العتيدة ، أيام كانت بغداد عاصمة الدنيا ، يقول الجواهري في قصيدته

1)الغرب مغرب(فحوله عنه إلى للنور مطلعا) الشرق(وفي أمس كان

وإن كان المعلم قد فاق تلميذه في هذا التكرار ) الغرب مغرب(فقد كرر الشاعران . 2فبنى شطري البيت على المقابلة ، مما منح بيته نغما إضافيا) الشرق مشرق(، فزاد

ليزيد بذلك من همتأثرا بأسلوب ، لجواهري لبنى المتنبي الشعريةتوظيف اومن تكرار صيغة اسم الفاعل لجماعة الذكور استطاع الجواهري أن نجدالشعري ، الزخم تدفق

يحول أية مناسبة إلى فرصة لتقريع الحكام وجرهم إلى حلبة الصراع ، مدفوعا بالشموخ والتحدي

عن شر ومكاسبا ومساعيا ومفاخرا الطغام مفاجرا أنبيك

)الشاربيـن (الشباب ألنـه الشاربا دم لو نال من دمهم لكان

3"حقرتهم حقر السليب السالبا على البالد ألنها) الحاقدين(و

ه هذه النغمة يعري عيوب الخصم بطريقة يقوم التهكم فيها بإماطة باستخدام (وهو . 4)اللثام عن واقع خاو مترهل وقميء

:5المتنبي لكنها في قصيدة مدح بها أبا أيوب أحمد بن عمرانلمسةوهي

)ها) الثابتينها فروسة كجلوداتفي لب في ظهرها والطعن

1 ، 5/35ديوان الجواهري

49،م س،صأثر البنیة الموسیقیة لشعر المتنبي في شعر الجواھري :ینظر 23 ، 3/399ديوان الجواهري 21،ص397رب،دمشق ،عقيس كاظم الجنابي،الخطاب التهكمي في شعر الجواهري، مجلة الموقف األدبي ،منشورا اتحاد الكتاب الع. د 4 50،م س،صأثر البنیة الموسیقیة لشعر المتنبي في شعر الجواھري :ینظر 5

Page 100: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

86

)العارفين (مو بها كما عرفته)ها) الراكبيناتهم أم1جدود

يمدح ) على قدر أهل العزم(ومن أنماط التضاد المقابلة، قال المتنبي في قصيدته ) :قلعة الحدث(سيف الدولة ، ويذكر بالءه وشجاعته في معركة

2)عاش ظالم(وال) مات مظلوم(فما ـموقد حاكمـوها والمـنايـا حواك

) :إلى الباجه جي(فإذا بالجواهري يستعمل هذه النغمة في قصيدة

ومحتمـل للحق مستأنس بـه )مظلوم يهرجي( )ظالم 3)ويخشاه

ارة عواطف األمة ،حين أراد إث) اإلقطاع(وأعاد الجواهري هذه النغمة في قصيدته وذلك بالرجوع إلى الملكية العامة والتقسيم العادل ، فيلغي : ( ضد النظام اإلقطاعي البائد

:التفاوت الطبقي ، وينفي معه االستبداد

4)ونعمة ظالم شقاوة مظلوم ولم يبغ منها أن يكون نتاجها

: ) ناغيت لبنانا(لمتنبي إذ قال في قصيدته وضمن الجواهري عجز بيت ل

ربانــها المســؤوال وتطلبــت قدت السفينة حين شق مقادها

خوف الرياح وال اندفعت عجوال أعطتك دفتها فلم ترجع بها

5وساعدا مفـتوال أزل متـنا " ومنحتها والعاصفات تؤودها

:وكان المتنبي قد قال في مدح بدر بن عمار واصفا مبارزته لألسد

. 191العرف الطيب ، 1 403نفسه ، 23 ، 2/202ديوان الجواهري . 2/357والبيت في الديوان ، . 186أزمة المواطنة في شعر الجواهري ،ص 4

5 ، 3/246ديوان الجواهري

Page 101: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

87

1وساعدا مفتوال أزل متنا ى عضويه فيك كليهماأسد ير

وبعض ما تعلق بلفظ القافية هو من الطباق البالغي، يقول الجواهري في مطلع :) الملك حسين(قصيدته

أرى الشعب كالمعلق هفي أشواق عنك ثوه2)يرجو ويتقي(لما حد

:وكان المتنبي قد قال

هفي الوصل رب وأحلى الهوى ما شك 3)يرجو ويتقي(وفي الهجر فهو الدهر

) :أبو العالء المعري(ويقول الجواهري في مطلع قصيدته الشهيرة

4واستوح من طوق الدنيا بما وهبا قف بالمعرة وامسح خدها التربا

إلى أماكن التراث التي كانت تلح على ) المعري(فإذا ما حاولنا إرجاع قصيدة (الشاعر دائما فلن تجد سوى قصيدة المتنبي التي مدح بها المغيث بن بشر العجلي التي

مطلعها

5وال كربا أنى وشفى ألهله دمع جرى فقضى في الربع ما وجبا

يحاول جعل التناص فيما يخدم النص ويثري تجربته الشعرية وبما يقربه من الرمز :يقولف ، 6)التراثي بحكم أن التناص شكل من أشكال التعامل الفني

. 148طيب ، العرف ال 1 . 1/511ديوان ، ال 2 361العرف الطيب ، 3

3/83ديوان ، ال 4 185العرف الطيب، 5 66الرموز التراثیة في شعر الجواھري،ص: ینظر 6

Page 102: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

88

ذارى بدور الزنا مللت مقامي في لندنا مقام الع

1د مقـام العـذاب ، مقام الضنى مقـام المسيح بدار اليـو

-:تناص مع قول المتنبي ) مقام المسيح بدار اليهود ( عبارة

2مــا مقامـي بـأرض نخلــة إال كمقـام المسيـح بين اليهـود

الغتراب الذي كان يعانيه مع والعبارة استخدمها المتنبي رامزا بها الى حالة ا قومه والمفهوم نفسه كان يعنيه الجواهري ، إال أن الجواهري أضاف مزيدا من العبارات فضال عن عبارة المتنبي مما جعل النص يشع بالحالة الرمزية لالغتراب بصورة أكثر

غتراب خمسة مرات ، لتوحي بمشاعر األلم المرافق لال) مقام ( تجسيدا ، فقد تكررت كلمة .النفسي

وقد يأتي التناص في شعر الجواهري مع بيت أو بيتين من شعراء آخرين من أو أن يكون ،، فيجعل سياق القصيدة يصب في مدلول البيت المتناص ادون تحويرا وتغير

الالجئة ( البيت المتناص قادرا على استيعاب الداللة المضمونية للقصيدة ، كقوله في قصيدة :) في العيد

يا ليلة العيد إن الجوع منتظر فرائسا حرة ، والعار منتظري

) اآلن أقحم حتى الت مقتحم فقد تصبرت حتى الت مصطبر(

وقد تحرجت في وسع ومقتدر واآلن أخرج عن وسعي ومقتدري

3سأفتديهم وبئس الجوع من خطـر بما سأحمل من نفسي على الخطر

. 229/ 3الديوان 1 . 319 ،م س،صديوان المتنبي 2 115/ 4الديوان 3

Page 103: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

89

تناص مع البیت للمتنبي بتقدیم الشطر الثاني على األول، الجواھري وربما جاء التقدیم من أجل حركة القافیة التي تتالءم مع قافیة القصیدة ، والبیت في

:األصل ھو 1لقد تصبرت حتى الت مصطبـر فاآلن أقحـم حتى الت مقتحم

واالنتقام ، والغضب الحربي وصورة التوعد ) الرفض ( والنص يحمل مدلول ختلج في صدر الجواهري في قصيدته هذه ، ليقف أمام هذا الجوع الذي انتهب االمدلول ذاته

أعراض العذارى فكان هاجسا ثقيال أوقد النار في قلب الشاعر وجعله يخرج عن وسعه . ومقدرته ، فالبيت المتناص كان قادرا على استيعاب حالة الغضب والرفض بصورة دقيقة

يرتد الى هذا المخزون يقتطعه اقتطاعا ويلصقه ( ن الجواهري في تناصه ال فنالحظ أنما نجد هذا المخزون وقد صهر صهرا جديدا فأخذ نسقا يجري في نسغ القصيدة ، إبنسيجه ،

الصورة القديمة تتشكل من جديد الى جانب الصور التي يخلقها الشاعر من خالل واقعه .2)ية الخاصة النفسي باستخدامه قدراته الخيال

:المصادر التاريخية -3إن حضور األحداث التاريخية وتأثيراتها العميقة على الحياة اإلنسانية كثيرة في

أن يأخذ الشاعر مضوعه (الشعر منذ عصر المالحم ،فقد أشار أرسطو طاليس أن ال مانع بينما الشاعر فالمؤرخ يروي الجزئي ،من األحداث التي وقعت فعال دون أن يكون مؤرخافالشعر كما أسلفنا هو تجربة تستلهم ، 3)يروي الكلي ، لهذا كان الشعر أسمى من التاريخ

صورها من روافد متنوعة خاصة التاريخ ، غير أن استدعاء تلك األحداث في المتن الشعري تركيب للحدث ةتكون صوره مختلفة ربما تجاري الحدث التاريخي أوتعاكسه أي هي إعاد

. نحى إبداعي يجعل استعانة الشعر بالتاريخ بعيد عن عملية التأريخ ألحداثهعلى م

. 40 ص ،ديوان المتنبي 1

. 287 ،ص في العراق الحديث تطور الشعر العربي) 2(

2163حاتم الصكر ، مرايا نرسيس ، مرجع سابق ، ص

Page 104: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

90

حيث ،وضوعا للنصمكانت كثيرا ما وقد استعان الجواهري بأحداث التاريخ التي عتبار أن التاريخ نتاج اب ،استحضرها على نحو يمكن للنصه الشعري ويجعله أكثر داللة

.ذلك البعد إنساني والتجربة الشعرية تتماهى مع

الكثير من نصوص إلى اختصار أحداث التاريخ ، حيث في فقد عمد الجواهري أن (أي ،هي عملية تحويلية بالدرجة األولى على المستوى الكمي لهاأن عملية استحضاره

وقد تنوعت هذه . 1)عرض الحدث التاريخي أو اإلشارة إليه يدخل ضمن الممارسات الكميةة في توظيف أحداث التاريخ ضمن المتن الجواهري ،خاصة وأن كتابة الممارسات الكمي

:االختصار عنوذجين المتن نفسه كان مزامنا للكثير منها وفي مايلي نم

: اإليجاز 3-1

أي أننا نجد الواقعة التاريخية ،وهي إنهاء لسردية الحدث التاريخي الحرفية استعارة (أن حيث ،شعريعلى النص ال واسعة تلقي بظالل ترد في صورة موجزة

ا هالماضي هنا تصبح استعارة موسعة ومنفتحة ال على استالف الواقعة من سياقات .2)محذوف فحسب بل أداة فنية بالغية تنطوي على مغيب أو

وهذا نوع من ،فالحاضر هنا يخترق الماضي ليعرضه في لمحة موجزة رية وإن كان بعض النقاد اشترطوا تحقيق العالقة بين الحدث التاريخي والصورة الشع

تتكاثف بين الرؤية الذاتية (حيث ،تكون هذه العالقة ذات طابع موضوعي ن أجهة والتقدير الشخصي من جهة وبين الحقيقة الموضوعية في إطارها التاريخي من

3)أخرى :يقول الجواهري

ى ما عاقهعليا بنيك عن العل يا مهبط الرسل الدعاة إلى الهدى

152ص 2012سليمة العذراوي ، شعرية التناص ، في الرواية العربية ، دار رؤية ،القاهرة ، 1 54حصة البادي ، ص 2 20، ص 1989،بيروت ،خالد الكركي ، الرموز التراثية العربية في الشعر العربي الحديث ، دار الجيل 3

Page 105: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

91

زحفت بمدرجة الخطوب ففاتها شأو المجد من الشعوب وفاقها

لحقت فلسطين بأندلس اسى والشام ساوت مصرها وعراقها

وأسيرة من ذا يفك وثاقها مهضومة من ذا يرد حقوقها

غصون فشذبت أوراقهاحتى ال يسمو القوي وذاك حكم لم يدع

باسم العدالة أبرمت إرهاقها نقضت مواثيق الشعوب ممالك

تمدعاف ، وراقها لم تنصفوا األمم الضعذب الحياة وأردت غس

نصفا وقسم بينهم أرزاقها ن الذي قسم الورى جعل الحباإ

1ا منها الحياة وقومي أخالقه هبي ليوث المشرقين وجددي ،فلقد أوجزالجواهري وقوع عديد البلدان العربية تحت وطأة االستعمار

ها بل يصورها بأشكال تبرز مآسي الوطن لوالجواهري هنا معاصر لألحداث اليؤرخ ك العربي وهو يعاني معاناة مريرة من ظلم االستعمار واستبداده ، كما يبرز تماس

يالقيه من خالل استحضاره لألندلس وذلك الزخم التراثي الوطن العربي رغم ماخالل مقارنة موجزة غير أن أثره يشيع في جوانب المتن من ،الكبير بشكل موجز

بين حاضر الوطن العربي وماضيه التليد ، كما يعكس ذلك عمق إيمان الجواهري سارات التاريخية التي أخذتها جهود رغم انتقاده للكثير من الم،بالوحدة العربية

: تكريسها حيث يقول نذر لذلك مني الروح والجســد دعوا ألى الوحدة الكبرى قلت لهم أم الوليد يناغى عندها الولــد خمسين ظلت أناغيها كما نغمـت

2منها ومن احشائها لحــدوا وال مباهاة اهلي كلهم رضعوا اللبان

2/397الديوان 1 429، ص1،1999محمد مهدي الجواهري ، مذكراتي،دار المنتظر ، بيروت، ج 2

Page 106: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

92

قد يستثمر األحداث ،غير أن الجواهري وهو يحرص على الوحدة العربية حيث استثمر بشكل موجز ،التاريخية للسخرية من تخلف الساسة عن قضايا األمة الحقيقة

:أحداث النكبة لتصوير بعد الواقع العربي عن المأمول المرتجى، يقول الجواهري

ئنا وشاء مستطابوما يدعى فلسطين مراح متى ش

وهل هي غير أرض واستبيحت فأرض اهللا واسعة نهاب

وهل سيناء غير مهيل رمل تعيث بها األفاعي والذئاب

1وفي الجوالن من دم كل حر يباع ويشترى مسك مالب

وقد استحضر الجواهري الكثير من الشخصيات العربية التاريخية مادحا ألعمالها ات موجزة كاستحضاره لشخصية سعد زغلول الزعيم القومي المصر الذي القومية في لمح

:فكان له أثر في العراق يقول الجواهري ،وصل صيته إلى جميع انحاء الوطن العربي

قم والتمس أثر الضريح الزاكي

وسل الكنانة كيف مات فتاك

تاريخ مصر على يديك يعيده

2من جانبيك صدى السنين الحاكي

329،328المرجع نفسه ،ص 1 287/ 2الديوان 2

Page 107: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

93

نظر للشخصية التاريخية من زاوية احتفائية بعيدة عن السرد لمنجزها فهو ي بل هو يوجز تلك األعمال ليجعل سعد زغلول عالمة بارزة في تاريخ مصر كحال ،التاريخي

.األهرامات فغدا بذلك رمزا من رموزها

:التكثيف 3-2

الكثير من مناحي تتجلى الجواهري لألحداث التاريخية في معرض استثمار نه ينصرف عن سرد الحدث إلى النظر فيه وعرضه إحيث ،تكثيف الحدث التاريخي

بدالالته المتعددة لتقديم الحدث وأثره في اآلن ذاته ، يقول الجواهري إشادة بمقاومة .المصريين للعدوان الثالثي

يامعدن الخسة من تقاتل وفوق من ترمي القنابل؟

م حرة عن عرضها تناضل أأصيدا يذود عن أوطانه أ

ـقعد م هم عجوز ترتمي وصبية أ ومرضع وحامل.. وم

والحياة باطل.. دونك لغو اسلمي إن المنى.. )كنانة اهللا(

ـحي ضر سيجلو عاصف )كنانة اهللا( ويـثنى واغل.. ويم

وقابل.. وحاضر.. يعطفها تسعون مليونا عليك فائت

1ذل ويبري عظمها تواكل ها ألف يلوك لحمهامرت ب

بل يدلف الجواهري من خالله إلى ،فهذا المقطع يكثف الحدث وال يسرده عنصر االنجذاب إلى الحرية وهي هم (عرض الصورة البطولية للمقاومة منطلقا من

عدالة أساسي لجيل التحديث في الشعر العربي والبحث عن فضاءات لمفهوم الحرية وال

4/253،254الديوان 1

Page 108: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

94

وهي مفاهيم تستثمر ألجل ترسيخ أحداث التاريخ ، ،1)والمساواة والكرامة واالستقالل حيث أن منطق التاريخ يستوجب انتصار الحق على الباطل ، فرغم ضعف الحق إال أنه مادام على سبيل المقاومة والصمود سينتصر ال محالة ،فحدث العدوان الثالثي على مصر

فقوة ، دالالت عدية ترمي في مجملها إلى مناصرة منطق التاريخ استنبط منه الجواهريتواؤما مع الواقع العربي في ذلك ،الحدث استدعت كثافة دالالته في متن النص الشعري

.الزمن

المائة سنةوامتدادها إلى ما يقرب من ،الشعرية الجواهرياتساع تجربة ووما سبق ف عن عوامل عدة منها اتكاء الشاعر على التاريخ، وتناصه فإنها ما زالت تحتفظ بوهجها الناتج

وعبر مترشحة للولوج إلى الحاضر صورمع أحداثه وشخصياته، واستثمار ما يقدمه من تقتضيها متطلبات النص ،وال تتكئ فقط علىللماضي وفق شروط مسرحا الذي يغدو

ريخي في شعر الجواهري بعيد مما يجعل التناص التا المشابهة بين السياقين الفائت والحالي .عن التأريخ لألحداث التي عاصرها

و الشاعر ال يتناص مع التاريخ بهدف االستعاضة عن الحاضر بالماضي، وإنما بهدف تحويل الجوانب التراثية المتألقة بطبيعتها إلى أطر فنية رمزية، تتيح للشاعر أن يتعمق

قع والحياة والوجود، وهو ما يجعل رهان الشاعر في الحاضر، وأن يجذر رؤاه الشعرية للوا .على التناص التاريخي رهانا يمتلك مبرراته اإلبداعية

:التناص األسطوري -4 :توظيف األسطورة في الشعر: تمهيد 4-1

الذاكرة األسطورية حاضرة في كل أمة، منذ القديم واألسطورة تحتل مرتبة في لها تفسير نشأة الكون وكيفية ظهور عناصره إلى حاول اإلنسان من خال(فكر اإلنسان ، ،فقد

221حاتم الصكر ، مرايا نرسيس ، مرجع سابق ، ص 1

Page 109: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

95

الوجود ، ووعي الظواهر الطبيعية المحيطة من جهة ،ثم ابتكار الطقوس الالزمة السترضاء .1)القوى المحركة لتلك الظواهر منجهة ثانية

وال تزال األسطورة تعيش في العقل الجمعي بحكم المكانة النفسية التي تحتلها فهي تعيش في ضمائر الناس على نحو آخر، بل ربما قامت بدور كبير في توجيه حياة ما تزال (

.2)الفرد والجماعة اليقل في أثره عن الدور الذي كانت تؤديه في عصر األسطورة نفسها

هذا (ومن البحث المتواصل لإلنسان عن أسباب البقاء والخلود فكانت األسطورة وشامل ، وأن غزارة كل هذه الرموز والرغبات المدفونة الحلم الذي انبثق عن آلية كبت كلي

في أعماق الدرامة األسطورية وتنوعها ، إنها تعبير أصيل عن حاجة عميقة لإلرواء ، وال يمكن تحقيقه أبدا إنها باختصار رغبة الحياة الملحة في التحرر والخروج نهائيا من دائرة

. 3)الهرم والفناء

ثر عميق في النفس البشرية تعكس قوتها ابتكار رمز كعشتار فلقد كان الألسطورة أ . وطائر الفينيق والعنقاء وسيزيف وغيرها

األكثر حضورا في , وعناصره, وباعتبار األسطورة جزءا من التراث اإلنساني فان معايير التوظيف التراثي في الشعر تنسحب على التوظيف , التجارب الشعرية المعاصرة

سطورة وقد أخذ الشعر عن األسطورة تقنيات استخدام الظالل السحرية للكلمات الشعري لألوأن تشبعك بالمعنى دون أن تقدم معنى محددا ,وكيف يمكن للغة أن تقول دون أن تقول

.4ودقيقا

115، ص2001المعاصرة ، إصدارات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، نضال صالح ، النزوع األسطوري في الرواية العربية 1 190، ص1990عز الدين اسماعيل ، التفسير النفسي لألدب ، دار العودة ، بيروت، 2 28، ص1999وليد مشوخ ، الموت في الشعر العربي السوري المعاصر ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق، 34 200431

Page 110: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

96

ولم يجد الشعر العربي فكاكا من توظيف األسطورة وزخمها الداللي الهائل وهو ويمكن القول أن عودة الشاعر المعاصر إلى (واألقنعة، يروم توظيف مختلف الرموز

استخدام األسطورة في الشعر هو في واقع األمر عودة حقيقية إلى استحدام منابع التجربة االنسانية ومحاولة التعبير عن امتدادها في وقتها الراهن بوسائل عذراء لم يمسها االستعمال

1)اليومي فيمحي عنها صفة القداسة والسحر

من , ولعل شيوع توظيف األسطورة في الشعر العربي الحديث والمعاصر ال لكونه يمثل ظاهرة جديدة في الشعر , أكثر القضايا النقدية المطروحة للجدل والنقاش

بشكل ظهر , ولكن لكون الشاعر المعاصر توسل بمعايير جديدة وأساليب مبتكرة , العربي .ي الشعرمعها وكأنه ظاهرة جديدة ف

ولعل السبب في ذلك يعود بالدرجة األولى إلى تأثر الشاعر العربي الحديث بل ولقد أجمع النقاد على أن ,بالشعر العربي الغربي وأساليبه في استخدام األسطورة شعريا

بروز هذه الظاهرة في الشعر العربي المعاصر يعود الى تأثر الشعراء الرواد وهو تأثير جاء في السياق )Sitwell"( سيتويل"و)T.s.aluot( ت،إليو.س.ت"بالشاعرين

الشكل والمضمون ابتداءا من –العام للتطور الذي عرفه الشعر العربي على المستويين والتحول من , من الخروج من النمطية الى التجريب -األربعينيات من القرن العشرين

ومن مستوى الرؤية الى مستوى ,ء الخطابية والمباشرة في األسلوب الى الغموض وايحابل ال نجانب ,من نص مغلق إلى نص مفتوح , ومن ثمة االنتقال بالنص الشعري, الرؤيا

الحقيقة إذا قلنا إن استعمال األسطورة في الشعر العربي الحديث هو أجرأ المواقف الثورية مها لها في التعبير عن فيه وأبعدها آثارا اليوم ؛ألن في ذلك استعادة للرموز الوثنية واستخدا

35التراث الشعبي في تشكيل القصيدة العربية المعاصرة ، م س ،ص 1

Page 111: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

97

حتى غدا هذا التوظيف وسيلة من وسائل التعبير . أوضاع االنسان العربي في هذا العصر . 1الشعري األصيل وجمالية من جمالياته

ومنه نعني بالتناص األسطوري استحضار الشاعر بعض األساطير القديمة وتوظيفها قضية التي يطرحها ، ومن ثمة فإن في سياق لتعميق رؤية معاصرة يراها الشاعر في ال

إحدى وظائف التناص نقل حركة استمرار األسطورة في الذاكرة البشرية إلى مكان أبعد من ( .2)تحديد مرجعيتها

أثر في تصوير الواقع وتلوينه بألوان الحياة (وللموروث األسطوري أو الخرافي اعر في نقل وقائعه أو أثره في الشعبية من خالل االنخراط في العالم متخيل يتدخل الش

جمهور المتلقين لقرب ذلك التراث الشعبي من معارفهم وعالقته القوية بهم إذ أنه ينقل .3)مشاعر طبقة واسعة جدا منهم

وتجدر اإلشارة إلى ضعف شعراء العمودي على األسطورة ومضامينها الخرافية في انغالقهم على الثقافة العربية التراثية قصائدهم فنيا في شكل إشارات أو رموز ، من خالل

دينية كانت أم أدبية فضال عن انشغالهم عن ذلك بقضايا المجتمع التي يبغون معالجتها بشكل 4 .مباشر وعلى قدر من البشاطة والوضوح

:استدعاء الخرافات العربية القديمة 4-2تأثره بالموروث أماالجواهري الذي يعد من رواد الكالسيكية الجديدة ، فقد أظهر

األسطوري والخرافي القديم من خالل تعامله مع بعض العادات والخرافات الشعبية العربية القديمة التي شاعت منذ الجاهلية ، كتطيرهم وتشاؤمهم من طائري الغراب والبوم أو من سقوط الشهب الذي ينبئ بحدوث شر عظيم ، وهاتان عادتان مازالتا قائمتين حتى يومنا هذا

40،41،421: أحسن مزدور مقاربة سيميائية في قراءة الشعر والرواية ص : ينظر

80، ص2007، ترجمة نجيب عزاوي ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، نيفين ساميول ، التناص ذاكرة األدب 2 20،ص 11،2011سمير الخليل ، توظيف الخرافة في شعر الجواهري ،مجلة اللغة ،جامعة الكوفة ، كلية اآلداب ، العدد 3 86ينظر أثر التراث في الشعر العربي الحديث،م س ، ص 4

Page 112: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

98

، وقد جمع الجواهري بينهما في بيت واحد لإلشارة إلى ما ينتظر العرب من ويل وعذاب 1 :سيحالن في البالد جراء استعمارها

2تنادت بويل في ديارك بومة وأعلن نحسا في سماك مذنب

ولقد لجأ الجواهري حينما أراد الحديث عن مخلفات الحروب وما تتركه من إرث فهاهو المحارب الذي قتل في المعركة يجوب خياله ساحة القتال ليصغي ثقيل على أهلها ،

ألقت مراسيها (إلى الهامة التي تطلب ثأره فال يسمع منها سوى النعيب جاء ذلك في قصيدة :التي ألقاها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية )الخطوب

خيال محترب يجوب الرهيب" القبر " من . ومشى

وتوحش ، ودم صبيب المه شجاغطى مع

الجدث النعيب )هامة ( من أصغى فألهب سمعه

وجه يؤمله حبيب وتمطت األنقاض عن

جيد كما اختلف الصليب عن ساعد ألوى على

أليفها شوقا تذوب وفم مراشفه ، للثم

3ما جنى البشر العجيب تشكو )األجداث (ر وضمائ

إن اختيارالجواهري للهامة قد أكمل صورة الواقع المأساوي الذي خلفته شناعة ؟التي زهقت في المعارك الحروب، ليشير إلى تفاهتها ، فمن سيأخذ بثأر تلك األرواح

21،ص م س ،،توظيف الخرافة في شعر الجواهري: ينظر 1 217/،2ديوان ج 2 115/،3الجواهري الديوان 3

Page 113: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

99

ان الناس في كما أشار الجواهري إلى وادي عبقر وهوواد خرافي أوأسطوري ك وقد وظفه الجواهري في التحسر على .1الجاهلية يعتقدون أن الشياطين الملهمون للشعر تسكنه

:شبابه الذي ضاع، فيخاطب طفال

من ثقة بالنفس اعوام لم يعدعامين وكانت له

بينا ابن ستين وفي زعمه من عبقر يأتيه إلهام

2اميختبط الشاعر من حوله تنهال لألخطار أكو

فالجواهري يتحد مع الماضي بجعله من تلك الخرافة حقيقة يؤمن بها ، فتكون سببا .لفرادته وتميز ملكته

أما طائر العنقاء الخرافي فيحتل مكانة جيدة لدى الجواهري ، فهو طائر خيالي طويل العمؤ ضخم ،تقول األسطورة أنه يحترق ثم من رماده ينتفض وينطلق ، وقد أفاد

:من هذه األسطورة بقوله في ذكرى عبد الناصر الشاعر

وهجيرها ، والصبح ، واإلمساء قد كنت شاخص أمة ، نسماتها

واستودعتك الرمل ، والصحراء ألقت عليك غياضها ، ومروجها

تعطي الثمار ، ولم تكن عنقاء كنت ابن أرضك من صميم ترابها

3وتلم رغم طباعك الضراء هاتتحضن السراء من أطباع

فهو ابن األرض العربية ممتوج بترابها في نظر الجواهري وليس وافدا غريبا عليها .مثل طائر العنقاء وهو استدعاء موفق لألسطورة جملة واحدة دون تفاصيل

86،ص1992األسطورة في الشعر العربي ،دار المعارف، القاهرة ،أنس داود ، 1 137/ 6الديوان 2 6/53ديوان ال 3

Page 114: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

100

: استدعاء صور الكائنات الخرافية 4-3

لكائنات الخيالية المخيفة من عميق التراث كما لجأ الجواهري إلى استقدام بعض ا الخرافي العربي مثل السعالة ليوظفها في رسم المستقبل المخيف المجهول لبالده، فيمزج بين خرافة السعالة ورؤوس الشياطين الواردة في القرآن الكريم في صدد التخويف، حيث شبه

إنا * ير نزلا أم شجرة الزقوم ﴿ أذلك خ:مجهول بمجهول زيادة في التخويف ،قال تعالى، 1طلعها كأنه رءوس الشياطين ﴾*خرج في أصل الجحيمإنها شجرة ت*اها فتنة للظالمينجعلن

:ويجمع الجواهري بين المشهدين في توليفة تناصية

ستطوى مفاوز منها وبيد فإن وراءكم غاية

وهام الشياطين طلع نضيد كأن رؤوس السعالي بها

تبدى سراب جديد.. سراب إذا ما ركضتم إلى خلب

2فدون النهاية شوط بعيد فال تستهينوا بدرب الكفاح

فقد ربط الشاعر صورة السعالي برؤوس الشياطين لإلشارة إلى المشاق ، من خالل عكس الصورة في كفاحهم للوصول إلى حقوقهمعب التي تنتظر العمال والمصا

الواردة في القرآن الكريم ، وااللممازجة بالخرافة هنا دليل مقدرة فنية على توظيف الموروث 3.برشاقة فنية فريدة

.65 - 62: الصافات 1

5/21ديوان ال 2 19توظيف الخرافة الشعبية في شعر الجواهري، ص 3

Page 115: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

101

أما صورة الغول ذلك الكائن الخرافي الساكن للقفار ، فقد جائ في معرض تصوير ري للوعة إغترابه والكوابيس التي تقض مضجعه والحنين المؤلم يعصره ويشده إلى الجواه

:وطنه وهو بعيد في براغ

ما إن أبالي أصابا در أم عسال

مري أراه على العالت يرضيني

غوال تسنمت لم أسأل أكارعه

ترميني الواحات إلى الـهوى، أم على

وألمس الجدر الدكناء تخبرني

أن لست في مهمه بالغيل مسكون

نةل في ريعان مامالـهو وأركب

1حب الحياة بحب الموت يغريني

يستيقظ مرعوبا يلمس فالجواهري من فرط فزعه من الكوابيس التي تعج بالغيالن جدران غرفته الدكناء ليؤكد لنفسه أن ما رآه كابوس الغير، ثم يقرر مواصلة الحياة مواجها

.للغول أي مواصال للحياة على مرارة الغربة وقسوتها

فاستثمار الجواهري للموروث الخرافي أسهم في رسم صورة لحالته النفسية في افة والواقع باستثماره للصورة الرهيبة للغول وهي صورة بدايات إغترابه، فقد مزج بين الخر

5/92ديوان ال 1

Page 116: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

102

، وبالتالي ينفذ الجواهري من هذه األرضية هاجعة في المخيال الجمعي تستثيره المخاوف .النفسية المهياة لدى المتلقي ليصور معاناته من قسوة الغربة

من كما استعان الجواهري بصورة التنين ذلك الكائن الخرافي الذي استقدمه رمزية عالية إلتمام من خالله نشئي، فأهميته الروحية الكبرىفيها حيث لهالحضارة الصينية

:صورة حنينه إلى بالده

ومستدق صخور من مآبرها

رؤى تظل على الحالين تشجيني

من أنمل الغيد في حسن تتممه

تعر ت قمن أنياب تنينفإن

يا مجمع الشمل من صحب فجعت به

1وآخر رحت أبلوه ويبلوني

:استدعاء أساطير ألف ليلة وليلة 4-4

ولم يغفل الجواهري استحضار خرافات ألف ليلة وليلة وهي الخارجة من رحم :طع الشعرية لدى الجواهري ومنهاالعراق فكان لها استثمارا مميزا في الكثير من المقا

كم من كنز موهبة: يا دجلة الخير

المسحور مخزون» القمقم«لديك في

لعل تلك العفاريت التي احتجزت

5/105يوانالد 1

Page 117: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

103

»دلفين«محمالت على أكتاف

لعل يوما عصوفا جارفا عرما

فترضيك عقباه وترضينيآت

إن الشعر هدهدة: يا دجلة الخير

1للسمع ما بين ترخيم وتنوين

فقد وظف صورة القمقم المسحور المستجلبة من حكايا العفاريت في ألف ليلة وليلة بسبب الظروف القاهرة واألوضاع ،لرسم صورة تلك المواهب والقدرات المعطلة في وطنه

السيئة وهو توظيف للتراث للتعبير عن قضايا معاصرة دقيقة ، فهي دفقة للحياة يمنحها .الجواهري للموروثات الخرافية التراثية لتلعب دورا جديدا حيا

ورغم اقتصار الجواهري على توظيف الموروث الخرافي واألسطوري المستجلب ن خرافات وأساطير بشكل فني موح ، غيرأنه تعامل مع ما استدعاه م من الثقافة العربية ،

التي إعتمدها شعراء الحر خاصة العالمية،لم يعرف توظيفا للكثير من األساطير رغم أنهكأسطورة أوديب وسيزيف وإيزيس وبرموثيوس وغيرها، واتخذوها أقنعة يخفون وراءها

ة أن الجواهري عرف بجرأته وصراحته وشجاعته في مواجه أراءهم الجريئة ،في حينولعل هذا من األسباب الوجيهة في قلة تعامله مع االسطورة والخرافة ،رية يالقضايا المص

.في شعره

5/89ديوان ال 1

Page 118: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

104

الفصل الثالث أشكال التناص في شعر

الجواهري

Page 119: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

105

تمھید -

التناص الكلي - 1

التناص الجزئي - 2

التناص الموافق - 3

Page 120: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

106

أشكال التناص في شعر الجواهري - :تمهيد

إن النص في ضوء مفهوم التناص بال حدود فهو ديناميكي متجدد، متغير، من هو يمنح النصوص القديمة ف ،مع النصوص األخرى، وتوالده من خاللها خالل تشابكاته

حدد آليات التناص بآلية االستدعاء والتحويل ما تو. تفسيرات جديدة، أو يقدمها بشكل جديديتطلب النظر إلى اللغة، باعتبارها لغة إنتاجية منفتحة علی مرجعيات مختلفة، وليس كلغة

.تواصل

لتناص في الشعر العربي الحديث تشكل بعدا فنيا و إجراء لما كانت ظاهرة او أو التقاء بين الحضارات إذ يتم ،ل بين النصوص الحديثة و القديمةعأسلوبيا يكشف عن التفا

استدعاء النصوص بأشكالها المختلفة على أساس وظيفي يجسد التفاعل بين الماضي .والحاضر

نه ال يخلو نص من نصوص أخرى،يتناسل و إذا كان الدارسون قد أجمعوا على أ معها فتتكاثر،فإن ما يهم القارئ المتلقي لهذه النصوص المتناصة هو كيفية توظيف النص الوافد ليصبح جزء أساسيا من نسيج النص أو لبنة من لبناته ال أن يكون نشازا أو غريبا عن

.1النص المستقبل

ال يقلل من أهمية النص من النصوصمجموعة التناص الذي يمثل اشتغاال على و بل على العكس ،فهو ال يلغي خصوصيته اإلبداعية ،على تخوم نصوص أخرى(الذي ينهض

.2)يؤكد سماته المتميزة بوصفه نصا قائما بذاته تجاوز غيره، أو تخطاه

318، ص 1985، النادي األدبي الثقافي، جدة، 1/عبد هللا الغذامي، الخطیئة والتكفیر، من البنیویة إلى التشریحیة، ط:ینظر 1 211 .ص 1997نعيم اليافي ،أطياف الوجه الواحد، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، . د 2

Page 121: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

107

ومنه فللتناص أشكال مختلفة ومتنوعة، فالنص الشعري مهما كان ليس وليد ذاته إال البياني الذي يمكن أن يمارسه النص -خالل الرؤية الفكرية والجمالية والتوظيف البالغيمن

ولعل وظيفة التناص األساسية تكمن في الوظيفة التي يقوم . الجديد، أو ينشيء ذاته من خاللهليخدم هدفا ويقوم بمهمة سياقية يثري من خاللها النص، ويمنحه عمقا، ويشحنه بطاقة (بها

اإليحاءات تتعدد فيها األصوات لها،ويكون بؤرة مشعة لجملة من ال حدودرمزية 1)والقراءات

والقارئ لشعر الجواهري يكتشف وجود أشكال مختلفة من التناص ، فقد استطاع .الجواهري أن يصهر في أتون تجربته الشعرية الكبيرة ثقافات عديدة متباينة

تضمين نص اهري في التناص ليس مجردوتجدر اإلشارة هنا أن أسلوب الجو أو أدبية أوتاريخية أوغيرها ،بل إن سطوريةأو مجرد حشد لرموز أ ،أواقتباس جزء منه

محاوال دمجها ،الجواهري يتجاوزها في الغالب إلى إمتصاص تلك المصادر المتنوعة الثقافة وصهرها في نصه اإلبداعي في شكل محاورة لها ،فال تظهر إال للقارئ الواسع

،بحيث يغدو النص الجواهري ممتلئا بطاقات إيحائية جديدة ومتنوعة تخدم الهدف الذي .سيقت من أجله تلك اإلشارات التناصية

لذلك فلقد تم دمج ما هو إنساني وعام بما هو فردي وخاص ،ومنه فالوصول إلى تناصات في شعره شعرية التناص في شعر الجواهري يقتضي الوقوف قبلها على أشكال ال

.من خالل تصنيفها

تناص كلي :تقسيم أشكال التناص في شعر الجواهري إلى أربعة أشكال تولقد ارتأي ، نجلي من خاللها مالمح استدعاء )مفارق(وآخر جزئي وتناص موافق وآخر مضاد

.الجواهري للنصوص والصور االخرى في متنه الشعري

212 .المرجع نفسه، ص1

Page 122: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

108

: ـ التناص اللكلي 1

لشاعر وبيتين أباستخدام الشاعر لبيت شعري يتمهو الذي لكليالتناص ا بما يخدم فكرته ويضيف إلى , وتوظيفها ضمن سياق منجزه الشعري بآليات مختلفة،قديم

.منجزه أبعادا أوسع ويشارك به في معالجته لقضية ما

من المصادر التراثية األساسية التي عكف خاصة الشعري ويعد المصدر األدبي يثرون بها تجاربهم ومواقفهم الفكرية ،المحدثون على استدعاء عناصر منها عراء العربلشا

فهو النموذج الذي ال بد ألي شاعر الحق أن يلم به معرفيا؛ حتى يتسنى له . المعارضةإبداع األدب، وحتى يضمن ألدبه ولغته النمو والتطور، إذ ال يخلو أي شعر عظيم في أدب

. كما يقول ت،“ أجداده الشعراء “ من هذه الرابطة التي تشد الشاعر إلى أي أمة من األممفضال عن كون التراث األدبي يمثل خالصة مكثفة لتجارب أجيال من الشعراء 1إليوت . س

بالدالالت والمعاني العميقة، وتوطد العالقة -زمنيا– التي تثري القصيدة المعاصرة،والحكماء .نتماء القصيدة المعاصرة إليهمع المتلقي الذي يحس با

وإن كان هذا العمل الغالب -ال يعني نقله كما هو (إن تعامل الجواهري مع التراث ، أو إعادة صياغته أو تقليده؛ ألن مثل هذا العمل ال -ض الحقافي بواكير شعره كما سنعر

إنما التعامل و. قيمة له، إنه يذكر فقط بالماضي، وال يقدم أي حلول للمشكالت المعاصرةاستخداما فنيا إيحائيا وتوظيفها ( الحقيقي مع التراث يتمثل في استخدام معطياته وعناصره

معطيات التراث مالمح ىرمزيا لحمل األبعاد المعاصرة للرؤية الشعرية، بحيث يسقط عل .2) معاناته الخاصة، فتصبح هذه المعطيات معطيات تراثية ـ معاصرة

رس لشعر الجواهري يلحظ أن مصادر التراث التي استرفدها قد ومنه فإن الدا مصادر دينية، ومصادر تاريخية، ومصادر أدبية، : ما بين كما أسلفنا تنوعت وتعددت

6، ص 1997اليوت، مقاالت في النقد األدبي، ترجمة لطيفة الزيات،دارالقاهرة للنشر والتوزيع، . س.ت: ر ينظ1

204ص ،1997، دار الفكر العربي،لي عشري زايداستدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر ،دار الفكر العربيع2

Page 123: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

109

ومصادر شعبية، وقد كان لهذه المصادر أثر كبير في تعميق تجربته الشعورية، وإرهاف .أدواته التعبيرية

:ألسلوب اإلحيائي امجارات 1-2

ه يجد أن خيط التراث األدبي خيط بارز في نسيج النص األدبي ل في أشعارالمتأم الشعري عنده، وأنه مكون أصيل من مكوناته؛ فالموروث األدبي يعد من أكثر المصادر التراثية صلة والتصاقا بنفسية الشاعر ووجدانه، حيث وفر له غير قليل من الوسائل

قات اإليحائية، وكان أكبر عون له على اإلبانة عن مواقفه واألدوات الفنية الغنية بالطاإذ ال تكاد تخلو قصيدة له من إحالة إليه، سواء على مستوى الصياغة والتشكيل أو . وعواطفه

.على مستوى الداللة والرؤية

يتبين له أن النص األدبي خاصة في بداياته الشاعر أعمال ومن يدقق النظر في الشعرية التي تكاد االستدعاءاتالشاعر، إذ يلحظ كثرة ناصاتس في تيشكل المحور الرئي

فقد غطى الشاعر في . تستحضر ديوان العرب، وتفسر تجاربهم وأفكارهم وأحاسيسهمتضميناته مساحة زمنية واسعة، حيث غاص بها في بحور التراث األدبي العربي عبر

يث وما بينها من عصور، وما زخر العصور الممتدة من العصر الجاهلي وحتى العصر الحد .به شعره من تضمينات لهذا الزمن الممتد

المتنبي :وممن وقف عليه من الشعراء الذين استلهم الجواهري أشعارهم نذكر منهم امرأ القيس وعنترة، وزهير بن أبي سلمى، والشنفرى، وعنترة، والحارث بن أبي حلزة، و

عمر بن أبى ربيعة، و، وذا الرمة، والعرجي، وأبا وعمرو بن معد يكرب، ومجنون ليلى، وابن ماء السماء، ووالدة بنت المستكفي، واألعمى : العالء المعرى، ومن شعراء األندلس مثل

.التطيلي، ولسان الدين بن الخطيب

يظهر لنا ديوان الجواهري األول اعتماده على مخزون ثقافي تجمع عنده من و واطالعه الواسع على كتب العلوم اللغة وما حفظه من شعر ،يماطالعه على الشعر القد

:فمن قصائده المبكرة ما يوضح ماسبق ،الشعراء

Page 124: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

110

فال عيش إن لم تبق إال المطالع لعل الذي ولى من الدهر راجع

سراب وجنات األماني بالقع غرور يمنينا الحياة وصفوها

ا فتر عن ثغر المصافي مخادعكم نسر بزهو من الحياة كذوبة

1فما صاحب األيام إال المقارع هو الدهر قارعه يصاحبك صفوه

إن هذه األبيات يتردد فيه صوت الفرزدق ، أوهي ترديد لصوته فهو استدعاء كلي :للنص يقول الفرزدق

2وسدت عليكم من إراب المطالع ولكن هماعماي من آل مالك

:لمطالع المسدودة في نفس القصيدة ويكرر الفرزدق صورة ا

3وسدت عليكم من إرب المطالع غداة أتيت خيل الهذيل وراءكم

الدهر راجع، المطالع ، غرور يمنينا ، صفوها ،افتر ( كما أن صور الجواهري شائعة كثير في الشعر القديم ، الشيء الذي يجعلنا أمام ارتداد لمخزون )ثغر ، مقارعة الدهر

.عر كلما تقدم في القصيدة ي يتزود منه الشاثقاف

ألم تر أن الدهر صنفان أهله

أخو بطنة مما يعد وجائع

إذا أنت لم تأكل أكلت، وذلة

شائع عليك بأن تنسي وغيرك

2/821الدیوان

2 518،ص2،بدون تاریخ، ج مصر -مطبعة الصاوي یق عبد هللا الصاوي، شرح دیوان الفرزدق ، تحق 3-

Page 125: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

111

ث أوضاع العراق بنهضةتحد

رددها أسواقها والشوارعت

وصرخة أغيار إلنهاض شعبهم

منها المسامع تستك 1وإنعاشه

،رغم عناية الجواهري بالتفاصيل والجزئيات لإلحاطة بمختلف تفاصيل الفكرة ره حيث يعود إلى فكرة متناقضات الدهر بصورة تراكمية ، فالجواهري في بواكير شع

فال تجد ،اليفجر التجارب الشعرية القديمة السابقة بقدرمايعمد إال إفراغ حمولة تراثية وهذا ،بصامات مايفصله عن تلك الحقائق القديمة وهو استحضار كلي على منحى تراكميفكان ،يحيلنا بالضرورة على الجو التراثي الذي امتاح منه الجواهري بواكير تجربته الشعرية

الطاقات التي تتوفر عليه النصوص ا عن إكساب شعره جرعة من مختلفالزال بعيدإال إذاكان ،على لسان شاعر جديد الحقيقة ال تستمر حقيقة( الشعرية التراثية حيث أن

الشاعر الجديد قد عاشها مرة ثانية في ظروف تختلف عن تلك التي تثبت فيها أصال ، أما إذا أن يخلقه من جديد فحينئذ يحل القول محل القائل ، ويفقد اكتفى الجديد بترديد القديم ،دون

.2)القائل موقفه المتجدد أبدا في الحياة

وصورة ترديد المخزون التراثي كثيرة مواضعه في بدايات أو بواكير شعر إذ تشي به المطابقة الحرفية لشعر رواد ،وهذا التطابق الكلي ليس عصيا رصده ،الجواهري

:جواهري التراث،يقول ال

3كمي مشا بين الكماة وحوله نجوم بليل من عجاج طوالع

: لبشار بن بردوهي صورة واحدة لصورتين

1 99، ص1ج 197 3دیوان الجواھري، نشرة وزارة اإلعالم، بغداد،

992-98،ص 2001،القاھرة،الھیئة المصریة العامة للكتابالحیاة والشاعر ، ستیفن سبیندر ، ترجمة مصطفى بدوی 1/103 الدیوان 3

Page 126: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

112

1كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسافنا ليل تهاوى كواكبه

ولكن شكلهما الموحد لم يلد داللة جديدة ، ،حيث حاول الجواهري الجمع بينهما مادام لم يستطع صرف ذهن ،خلص من تأثير الصور القديمةحيث لم يستطع الجواهري الت

المتلقي عن الصور األصلية ، فلم يصهر تلك الصور القديمة ويعيد تشكيلها دالليا من جديد :يقول الفرزدق.حيث أننا نحس بجمال الصورة واثارتها،ولم ترق إلى جمالية أبيات الفرزدق

أرى مسجديهم منهم كالبالقع فإن أبك قومي، يا نوار، فإنني

هل فيهما خالءالجلم والح عدع ين بتدافى المالند بابيع دعبو

بحيث انتهى سيل التالع الدوافع فأصبحت قد كادت بيوتي ينالها

قايا كهب نينا مف ادع ولناعلى أنوالص عاتفظالماة الثأى و2أس

:يقول ففالجواهري لم يالمس من جمال صور الفرزدق إال صور الموج المتدافع

3جرى ثائرا ماء الفرات فما ونى عن العزم يوما موجه المتدافع

وهو إضفاء ،نولم يشذ الجواهري في بداياته الشعرية عن منطق الشعراء اإلحيائيي فهو يجارى أويضمن على نحو يثبت الوالء التام لذلك ،هالة القداسة على المووروث الشعري

فهي وسائل لدعم النسيج الشعري أو ترصيعه إثباتا للمتلقي بعدم الخروج ،المخزون القديم :عمر بن أبي ربيعةفإذا قال ،عن ذلك الخط

4كان من هو ماسحومسح باألر ولما قضينا من منى كل حاجة

:قال الجواهري

225،ص2010أكتوبر ،مصر،7،منشورات جامعة ظاھرة العدول في شعر المتنبيادي ،مصطفى عبد الھ 1 518،519،ص2،بدون تاریخ، ج مصر -مطبعة الصاوي عبد هللا الصاوي ،شرح دیوان الفرزدق ، 2 1/99الدیوان 3

1064،ص2016، بیروت ،دار االرقم اإلیضاح في علوم البالغة، محمد القزویني،

Page 127: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

113

1حكالركن ما مسح الماس ودام مقامك في الوافدين

:محمد سعيد الحبوبيوإذا قال

هو من دون الهوى مرتهني إن لي من شرفي بردا ضفا

2عفة النفس وفسق األلسن ني رمت نهج الظرفاأغير

:قال الجواهري

3بلسان فاسقه وقلب عفيفه اهللا يشهد انني القى الهوى

:وإذا قال الجواهري

فبيضي واصفري خال لك الجو وقد طاب

4 ما شئت أن تنقري ونقري من بعدهم

:الشعر مشهور وجرى مجرى المثل ويقال ان أول من قاله طرفة بن العبدف

قد رحل الصياد عنك فابشري ونقري ما شئت ان تنقري

5ال بد من صيدك يوما فاحذري اذا تحذريورفع الفخ فم

:وفي قصيدة ذكريات

1رعى السحاب ضريحه وسقى وكأنما انشق الضريح له بـ

2/1191الدیوان

3572،ص1980محمد سعید الحبوي ، الدیوان ، مطبعة الرشید ،العراق ، 3 1/275الدیوان

3/1214الدیوان ، تحقیق دریة الخطیب ولطفي الصقال، مطبوعات )1/239(نقال عن مجمع األمثال للمیداني ) 158-157(دیوان طرفة بن العبد بشرح األعلم الشنتمري

5 1975-ق، مجمع اللغة العربیة بدمش

Page 128: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

114

:وهذا أصله من قول عمر بن عبد العزيز الديلي

2سحا يسلسل من متون غمام فسقى اإلله ضريحه متهلال

و :يقول الجواهري في قصيدة الشاعر السليب

3رسوم عفت منها العال والمحامد ى النجوم الرواكدبلينا وما تبل

:والبيت للشاعر لبيد وهو

4وتبقى الجبال بعدنا والمصانع بلينا وما تبلى النجوم الطوالع

:وفي قصيدة األربعين

5 فقد نظرتم اليها والسيوف دم أو تحتقر و سيوف الهند مغمدة

:وهذا من بيت المتنبي

6وقد نظرت إليه والسيوف دم مغمدة قد زرته وسيوف الهند

يجري مجرى تقاليد الشعر على هذا النحو كثير ، وهو الكلي ومواضع التضمين العربي القديم توثيقا للشعر وتأكيد على انتمائه إلى القديم ، في حين أن العودة إلى القديم

على نحو التحامي ال بمنظور معاصر تقتضي اثارة األجواء القديمة لتدخل إلى نسيج الشاعر يمكن الفصل بينهما، بحيث تدخل الصور القديمة في صلب المعنى لتثريه وتعمقه بعد أن تفقد

.ظروفها ومالبساتها التاريخية لتحل في حاضر الشاعر المعاصر

3/2121الدیوان

2 ،1999دار الیمامة للبحث والترجمة والنشر، ،جمھرة نسب قریش وأخبارھا زبیر بن بكار وآخرون ، 1/3323الدیوان

1724-168،ص1984 ،بتحقیق إحسان عباس، نشر وزارة اإلعالم، الكویتدیوان لبید بن ربیعة، 1/4975الدیوان

12286،ص2014قي ، شرح دیوان المتنبي ،مؤسسة ھنداوي للتعلیم والثقافة ،عبد الرحمان البرقو

Page 129: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

115

النماذج التي عرضناها سابقا نجد أن البيت المضمن في النص نستطيع فصله من ف د تكديس وتراكم للصور ، وتجري قصائد الجواهري في تلك نه مجرأعن سياقه لنكشف

ذا هو استدعاء كلي ال يتغير فيه إال الوزن والقافية أو إالمرحلة على هذا النحو الموروث فهو نوع من المحاكاة للشعر القديم بمجمل .موضوع القصيدة على نحو يشابه أويعاكس

.صوره ومعانيه

ظافر مجموعة أبيات مجتمعة فهو يتمثل مواقف كما قد يستعير الجواهري صوره من ت :مجموعة من الشعراء ، فهو يأخذ مثال بائية المتنبي

1مستسقيا نزلت على مصائبا أظمتني الدنيا فلما جئتها

:قيقول الجواهري

2اسخرهم طورا لنفسي وتارة أصب على األوطان منهم مصائبا

:ثم يلتفت إلى بائية أبي تمام التي مطلعها

3أأيامنا ماكنت إال مواهبا وكنت باسعاف الحبيب حبائبا

كامل على المخزون التراثي لم يمكنه ليتم ما ينقصه من معان وقواف ، وهو اتكاء وإن تباعدت أن تأتي بصورة جديدة ذات نسيج متجانس، فقصيدة ،الجمع بين مختلف أطرافه

باسي وفحول شعرائه ، وتضيع صورة الشاعر مثال تحيلنا على العصر الع) الروضة الغناء(وغيرهم فإذا ،والبحتري وأبي تمام،في ثنايا االستدعاءات الكثيفة لشعر المتنبي واستعالئيته

:بها لغة لشعر العباسي ماثلة للعيان ،يقول الجواهري

وهمت بها كف الحيا الوكاف نسج الربيع لها الرداء الضافي

1741نفسھ ،ص 2/1312الدیوان

833،ص 2،1994،ط1الخطیب التبریزي ، شرح دیوان أبي تمام ،دار الكتاب العرب ،بیروت ، ج

Page 130: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

116

ت بها عذراءالهزار الغافي كل سحابةفض خطرت فنبهت

من سح كل مدرة األخالف قضى الربيع بها ديون مصيفها

لألرض ال ما يدعيه الجافي الحب ما ضمنت ضلوع سمائها

دائم التذراف قلب كما اتقدت لظى، جوانح فنوج ، دعر

1قابة األريافأعطى الربيع ن ن الذي قسم الحظوظ مواهباإ

:االمتياح من النسيج الكلي 1-2

وإذا كان اإلتكاء على التراث الشعري بشكل كبير أبرز أشكال التناص الكلي في فإنه تعقب ظاهرة التناص في أشعار الفترات الالحقة لتلك الفترة ،شعر الجواهري في بدايته

لشعر القديم بمجمل صوره ااة محاكيظهر في االبتعاد عن ،يتضح تناصا كليا أكثر نضجا حيث أصبح ، بومعانيه حيث تضيع مالمح الجواهري الشعرية في ترديد شعر الفحول

استدعاء التراث يكون ضمن النسيج الشعري يمتاح منه قوته ليوظفه كليا في وجهة القصيدة .

كذبـا ت، إن صدقا وإن مما تشكك مدلـج أي نـور لنـا، إنـنا في

الطربا المترف تهدي صناجة الشعر برحت أبا العـالء وحتـى اليوم ما

ذنبـا رأس ليمسـح من ذي نعمـة منازلـه يستـنزل الفكـر من عليا

عصبـا تفرقت في ضالالت الهـوى بزمرتـه الكابـي وزمـرة األدب

األلقـابو ـاهالج ـديـة تصيناس ةكـرـي فف بـأن ـةيسـا قدلقب

1/721الدیوان

Page 131: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

117

أنو قـريبة الفـذ للعـداحـال وا المإمو ـا الخلـودـا إم1والنشب

أبي العالء إن نظرة فاحصة إلى النسيج الشعري في هذا المقطع من قصيدة وأدخلها نسيج النص ،المعري تطلعنا كيف وظف الجواهري ألفاظا وصورا من التراث

مع الحاضر فغدت حية من صلها وترسم جسراأفغدت تحيل على ،فالتحمت التحاما كليا معه هذه العبارة التي أكد بها الشاعر بقاء ..)مدلج ، النشبا عصبا ،صناجة الشعر(جديد أمثال

.شعراء البالط بعد ردح قد انتهت فيه هذه الظاهرة

حيث تترك تلك ،فالشاعر أضحى أكثر دراية بتوظيف التعابير التراثية في النسيج لمدلج الذي يطلب النور من أعمى هو قلب لواقع للداللة على حقيقة فا ،ثارها داخلهأالتعابير

التيه ، فهي لوحة تحمل صور الحاضر واضطرابه أكثر من حكمة الماضي التي تستدعى .ضدة فكرة الشاعر ال لتحل محلهااصورها لمع

فالمخزون الثقافي عمد إلى إعادة تشكيل الصور القديمة من خالل دمجها في .لتجري مجرى خياله الشاعر ورؤيته لواقعه،حاضرة صوره ال

رث المعالم، هذا المرتع الخصبا هذا البصير يرينا بين مندرس

ال الشهبا..عرسها غرر األشعار في زنجية اليل تروي كيف قلدها

وبين فحمتها من ألفة نسبا لعل بين العمى في ليل غربته

بالجزع يخفق من ذكراه مضطربا برق والسمار يوقظهموساهر ال

2من المطايا ظماء شرعا شربا والفجر لو لم يلذ بالصبح يشربه

3/831الدیوان

3/832الدیوان

Page 132: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

118

مندري ، المرتع (لقد أفاد الجواهري من مفردات التراث الشعري بشكل كلي غير أن موجه ) باالخصبا ، غرر األشعار، نسبا ، ساهر البرق، الجزع ، يلذ المطايا ، شر

بل يستعمل تلك التعابير لوصف أبي العالء فيجعله ،دفة النص ال يعيدنا نكوصا إلى الماضيبصيرا ويستضيفه في عالمنا بسطوة فكرية تجعل منه شاهدا على تردي حال الفكر في

.حاضرنا عموما

توضح أكثر إتكاء الجواهري على المخزون) يإلى الشعب المصر(ولعل قصيدة أو التاريخي لغرض خدمة صورة حاضرة ، مما يثبت انصرافه عن محاكاة القديم ،التراثي

.والذوبان فيه

ـر تستبق الدهور وتعث ـزهر يا مصر ت ـة والنيل يزخر والمسل

صهرصهرون ويفـي ـما يتسابقان والتاريخ في قصبيه وبنوك

ـطى تتبختر هذا الصعيد مشت عليه مواكب الخ ـلة مثق للدهر

ثنية وكل ـرح مط ـر في كل العاملين معط بمجــــد حجر

‘األقصر’الثاوي بها و ‘ الكرنك ‘ يهزا من األجيال في خطراتها

، سابق ـمات ـر مشت القرون متم ـب ويخ منها يحد ث الحقا

وما دحى االسكندر لحضارة بالحضارة ما بنىيصل ا ـز فيك المع

ـك، نابغ ـر الجمرات حول 1يقضي ، وآخر عبقري يظهر وتناث

، حيث أن ) مصر(الصور كلها مشدودة في هذه القصيدة إلى الوجهة المؤثرة ـة،الدهور(الشاعر يستثمر الكثير من صور التاريخ ،القرون، المعز ، جيالاأل ،المسل

وهو امتياح كلي لصور تاريخية ال لالنحباس في ،،ليصف بها حاضر مصر )االسكندر .عاصرها الجواهريتاريخيتها بل لتعضيد صور حالية

4/25الدیوان 1

Page 133: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

119

فعال مضارعة ليجدلها الشاعر أوبالنظر لاللفاظ المستدعاة فقد وردت في شكل حاضر رغم أنها تحمل مالمح الماضي وهو إحياء لها في جو ،بذلك وظيفة في الحاضر

فالشاعر أراد دمج ،) تستبق، تعثر ، يزخر ، تزهرن يرف ، تتبختر ، يهزأ ، يخبر (الماضي بوقعه التراثي في حاضر مصر وهو استدعاء للماضي إللباسه ثوب الحاضر فيلقى

.قابلية لدى المتلقي

ها مع قصيدة أبي تمام في وصف وقد يعود بنا إيقاع القصيدة وقافيتها لنجد تناصا ل :الربيع وهي من أجمل قصائد الشعر العربي في الوصف

تمرمر فهي رقت حواشي الدهر رتكسي هليى في حا الثروغد

ويد الشتاء جديدة ال تكفر نزلت مقدمة المصيف حميدة

بكفه الشتاء القى لوال الذي غرسرشائما التثميف هصالم

بنفسه ليلة آسى البالد كم نجرثعم لهبم ووفيها وي

صحو يكاد من الغضارة يمطر مطر يذوب الصحو منه وبعده

رث ظاهغي اءثان فاألنوغي غيث مضمر والصحو وجهه لك

1خلت السحاب أتاه وهو معذر دى إذا ادهنت به لمم الثرىون

غير من أنهغير ،وإيقاعها وبعض لفظها افاد منها شكلهأن الجواهري قد أغير عالقاتها فلم يعد الربيع هو منتج الصورة بل هي حركة الدهر ، وإذا كان السرج يزهر عند

استدعاء كلي للتاريخ أمام ي ، وبالتالي فنحن أبي تمام فإن المسلة تزهر عند الجواهر .والموروث الشعري الستغالل دالالتهما في قضية معاصرة

1831،ص1985قاسم مومني ،دار الشؤون الثقافیة بغداد ،.وازنة بین أبي تمام والبحتري ،تحلیل ودراسة داآلمدي ، الم

Page 134: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

120

:التناص الجزئي -2

: محاورة النص المستدعى 1- 2

و تكون بين نص وبين , عند الجواهري صورة أخرى من صور التناص ووه ا بأسلوبها أو أفكارها وقضاياها أو ويكون التأثر إم, أنساق نصوص سابقة أو معاصرة له

.حتى بعناصرها

وإنما يأتي بشكل ،تي التناص الجزئي بالشكل الذي يأتي به التناص الكلييأ وال ظهرت هذه قد و ،من إيحاءات داللية إلى انعكاسات رمزيه, موارى ويظهر بآليات مختلفة

1.نصوص الجواهريالصورة من التناص في العديد من

ن ذلك أغير ،د صوت المتنبي وتعاليه وكبريائه يعود فيتقمصه الشاعرحيث نج :اليولد ترديدا للماضي بل تعبيرا ثريا ناضجا معبرا عن تجربة شخصية

أغري الوليد بشتمهم و الحاجبا عليهم البيوت ألج أنا حتفهم

خاطبا ماثل غير األ لها تأبى فلم تزل الرجولة حرة: خسئوا

الشراة مناصبا من باالرذلين فديتهم السواد هم و االمثلون

و مصعدين على الجموع مناكبا نفوسهم االجنبي بمملكين

بشسع نعلي عازبا أطأ الطغاة متجبرا ماثال أمامك ذا أنا

الحياة تكالبا الجباه على عفر هزءا أن أرى شفتي من وأمط

1في حين هم متهكمون مضاربا حمائال مزخرفين لحال أرثي

1 166،ص2009،دار كنوز المعرفة العلمیة،األردن ، التناص في الشعر العربي الحدیث البرغوثي نموذجا حصة البادي ،: ینظر

Page 135: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

121

دونما يشعر ،فالشاعر يبرز صوت األنا في هذا المقام مستحضرا تعالي المتنبي أنه في الحدود التي تسمح بها متطلبات الصورة الشعرية ، حيث(المتلقي بحضوره إال

فهو تجاوز نحو مرحلة جديدة تخرج من ،نا ليعبر به عن صوت األمة يستثمر صوت األوهو استغالل جزئي لصورة المتنبي الشعري 2.)الشخصانية نحو التعبير عن قضايا المجتمع

.واستثماره جزئيا وحرفه عن مساره االحادي لتغليب صوت الجماعة بدل األنا المفرد

:يقول المتنبي

الفقر واألدبا: أحث راحلتي نحوك ال ألوي على أحد فسرت

لو ذاقها لبكى ما عاش وانتحبا أذاقني زمني بلوى شرقت بها

والسمهري أخا والمشرفي أبا وإن عمرت جعلت الحرب والدة

كأن له في قتله أربا حتى بكل أشعث يلقى الموت مبتسما

فهقذهيل الخيل يص كادي ا قحبأو طر زحا بالعرم جهعن سر

3والبر أوسع والدنيا لمن غلبا بي فالموت أعذر لي والصبر أجمل

:قول المتنبيإلى

كل لهم ذنبا سا لهم وغداأهز اللواء بن عجالن به فغدا ر

حيث غير العالقات بين الكلمات ليصنع صوره ،من هذا البيت يفاد الجواهرقد أ شتغل عليه االتناص الجزئي الذي مشاهدمن ذاه و،المتنبي ةيره لصوراخرى مغأشعريه

4)مرحله النضج(مرحله سميت في وهذا طابعه ،الجواهري في تعامله مع الموروث التراثي

3/3621الدیوان

2 296 ،ص1975،منشورات وزارة اإلعالم ، العراق ،الحديث في العراقتطور الشعر العربي عباس علوان ، 174 -173شرح دیوان المتنبي نعبد الرحمان ابرقوقي ،م س ،ص 3 283،م س ،ص تطور الشعر العربي الحديث في العراق 4

Page 136: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

122

طار عصر الشاعر إفي ةالجديده منصهر ةلى مادإمخزون الشاعر الثقافي وهكذا يتحول ةبار تعطله بقدرغالشاعر هحيا نفض عن ن هذا المخزون التراثي يبدو متحركا،إومتغيراته

.مخياله وقدرته على تشكيله من جديد

خذأفنيا ي فغدا يتعامل معه تعامال ،تحرر الجواهري من سطوه التراث يبرز وهذا .يجزاء التي تمكنه من عرض صورته التي يريدها في بناءه الشعراأل

حيث كان ،ن كان الجواهري مهتما بما يحصل في بلده و في الوطن العربيإو .1الخطابه والنثرية ىلإن هذا لم يجره أحداث ويعيش في وسطها غير يرصد األ

ةبي والعراقي خاصحداث الوطن العرأفبالرغم من النضال السياسي وتصوير ال من إفهو ال يتناول رثاء الشخصيات ،طار الموضوعي لمعظم قصائد الجواهرييشكالن اإل

المتنبي وتعاليه ةذا بصورإف ،خالل لوحات داميه للوطن العربي في صراعه مع المستعمر ،والتقمص ةلتقفز من جديد فيعود ليعيش الصوره بصدق ونضج بعيدا عن المحاكا تعود

وهذا ،ن صوت األنا كثير التردد في أرجاء القصيدة أال إ ،نه يخاطب الجماهيرأالرغم من وبضحت جزئية امتاح منها الجواهري أ ةن هذه الصورأغير ،منحا المتنبي في جل قصائده

.2تميز به اخذ يشكل ملمحا شعريأ مع أنه ،طار العام للكثير من قصائدهاإل

كسر الرغيف مطاعما ومشارباأتربص الماء الزالل وغنيتي

3أنا دا أمامك مائال متجبرا اطأ الطغاة بشسع نعلي عازبا

293 نفسه ، ص 1

2562،ص2000كتاب العرب ، دمشق ،فرحان الیحیى ، أزمة المواطنة في شعر الجواھري،منشورات إتحاد ال:ینظر 3/3623الدیوان

Page 137: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

123

: امتياح جو القصيدة دون لغتها 2-2

يا أم (ما نقف عليه في قصيدته ،ومن صور التناص الجزئي في شعر الجواهري )عوف

عــجــیــبـــات لیــالیــنا یا أم عوف

یـــدنـیـن أھـــــواءنا القصوى ویقصینا

وال سبب في كـــل یـــوم بال وعـــي

على حـــكـــــم ویعلینا ینزلن ناســـا

یدفن شــــھــد ابتسام في مراشفنا

بــعــلــقــم دمـع ف ي مآقیناعــــــذبا

یا أم عوف ومــــا یـــدریك ما خبأت

لنا المـــقــادیــر مــــن عقبى ویدرینا

أنــى وكـــیـــف ســیرحي من أعنتنا

نا 1 ومــــتى تلقى مـــراسینا؟.. تطواف

صدر فيها موقفا أالتي بن زيدون ، نونيته الشهيرةلقصيدة ا جزئي وهو استدعاء :عاطفيا خالصا نابعا من تجربة حب الذعة

أضحى التنائي بديـال مـن تدانينـا

وناب عـن طيـب لقيانـا تجافينـا

4/1811الدیوان

Page 138: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

124

أال وقد حان صبـح البيـن صبحنـا

حيـن فقـام بنـا للحيـن ناعينـا

مـن مبلـغ المبلسينـا بانتزاحهـم

حزنا مـع الدهـر ال يبلـى ويبلينـا

أن الزمان الـذي مـا زال يضحكنـا

1بقربهـم قـد عـاد يبكيـنـاأنسـا

رغم أن ،إال أن القراءة المتفحصة تكشف الفروق الكبيرة بين نسيج القصيدتين

صورة الفراق ولواعج األسى المسيطرة على قصيدة ابن زيدون تركت آثرها على مشاعر تكئ مطلقا وهو امتياح لجو القصيدة التراثية، غير أنه لم ي ،الجواهري فأكسبته رقة في الحس

على لغتها بل صب في قصيدته لغة خاصة به تتمثل في المفردات المحيلة على التراث دون ، وهي براعة فائقة وتمويه ) رفيق الصبا ، ليالينا،يدنين أهواءنا ،شهد ، مراشفنا (أن تجتره

باإلضافة إلى أن الشاعر ،للمتلقي حيث اليعثر على أي وجه شبه على مستوى المفردات ،والمفارقة أن الجواهري يعبر فيها عن ذاته المشابهة للصحراء،بر عن تجربة حب اليع

هلها وسطوة الشياطين في مساحاتها أ تعبحيث ال يجد متنفسه إال فيها بجورها وقوتها و .الخالية

ـن تسلمنامزعـزعـين كـأن الج

ويناللـريح تـنـشرنا حـينا وـط

اح منك محتضنزلنا بــسـحتى نـ

دى والرمل والطينارأد الضــحى والنـ

1 298،ص1994، دیوان ابن زیدون ،دار الكتاب العربي ، أحمد بن عبد هللا المخزومي

Page 139: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

125

لتمفيئ بالجـــواء الطلق منصـ

دع منه الريح عرنيناللشمس تج

اء بـها تهوي لتلثمهخلت الســم

1 اـمـح من أعطافه لينوالنجـم يــس

وهذا ،حيث يتحد بها ويكون جزء منها ،فهو يهرب من المدينة إلى رحاب الطبيعة حيث يرى نفسه ترتاح في االجتماع ،مفارق لجو األنس المشاع في قصيدة ابن زيدون

بمحبوبته ، في حين أن الجواهري يرى في خلوصه إلى الصحراء وركونه إلى سكونها ة األولى كليا بين القصيدتين غير أنه يتضاءل مع تعمق منتهى راحته فالتناص يظهر للوهل

.المتلقي في تفحص التجربتين الشعريتين ليغدو تناصا جزئيا فالتشابه قائم في أوجه قليلة

:التناص الموافق -3

داخل بنية القصيدة الحديثة محاوال التوفيق (استدعاء الشاعر لشخصية تراثية وهو الذي يريد التعبير عنه ،فإنه في حقيثقة ألمر يحاوزل التوفيق بين بينها وبين واقعه المعاصر

فهي عملية تحويلية في ، 2)نوعين من الخطاب هما الخطاب التاريخي والخطاب الشعريإذ تدخل تحت مسمى التحويل القيمي الذي يمارس أساسا على الشخصيات ،ولالمستوى األ

المنسوبة إليها، فتكون بذلك تابعة للنص المستدعاة ، وعليه يتم عرضها من جانب القيمالحاضر فحركتها الدرامية تكون تابعة لعصره تتحرك فيه بحرية رغم استقدامها من التاريخ ، غير أنها تفرض حضورها في النطاق المحدد لها فتكون حرة في عالم رسم مساره الشاعر

أنه استدعاها لتأتي محملة حيث ،3فالنص الحاضر يعيدها بدور أقوى مما منحه لها التراث

3/362،363الدیوان 1 153ص، 2009حصة البادي ،التناص في الشعر العربي الحديث،دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع ، األردن، 2 175،179،180ص 2012سليمة العذراوي ، شعرية التناص ، في الرواية العربية ، دار رؤية ،القاهرة ،: ینظر 3

Page 140: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

126

بقوة حضورها في زمنها، فقراءتها ضمن النص الجديد يستند باألساس على وجودها .التاريخي

:التحويل القيمي لشخصية المعري 3-1

وفي هذا النوع من التناص سنتكتفي بدراسة حضور شخصية أبي العالء المعري األيقونات التراثية التي كان شديد التأثر ، بحيث أن الجواهري يعدها منفي شعر الجواهري

بها وتظهر مالمحها الشخصية والفلسفية في مواضع كثيرة من شعره ،غير أن الملمح البارز ثية يتجلى في القصيدة التي أفردها الشاعر ألبي العالء اهذه الشخصية الترل في استدعاء

.المعري

غير أن ،ة مواضعها في شعرهإن استدعاءات الجواهري لشخصية المعري مختلف القصيدة التي أفردها له تدل عمق التأثر بتلك الشخصية بمختلف دالالتها الفلسفية والفكرية ،

، فقد 1)منطلقا للكثير من القضايا التي يعيشها المثقف العربي المعاصر (فكانت تلك القصيدة يث تناول الجواهري مختلف كانت مادة حية وفاعلة بصورها الحية ودالالتها المضمونية ، ح

مستحضرا الجانب الحيوي والفكري لديه في امتزاج فلسفته بالعمى ،جوانب شخصية المعري .والتبرم من واقعه

وسنتخذ هذه القصيدة موضوعا نقارب من خالله توظيفات الجواهري لشخصية لفكري عن واقعها ، المعري ومدى امتياحه من فكرها وفلسفتها ،والتماهي مع حالة اغترابها ا

،فقد وجد الجواهري في شخصية المعري ما يعينه على الوصول إلى المتلقي بسالسة وقوة .ليفرغ حموالت داللية كثيرة أفرزها مكابدته لواقعه كما كابد المعري واقعه قديما

:يقول الجواهري

دنيا بما وهباواستوح من طوق ال قف بالمعرة وامسح خدها التربا

293 ،ص1975،منشورات وزارة اإلعالم ، العراق ،تطور الشعر العربي الحديث في العراق 1

Page 141: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

127

تهنيا بحكمب الدطب نكبا واستوح محه سن رورحها معلى ج نوم

هل تبتغي مطمعا أو ترتجي طلبا ؟ وسائل الحفرة المرموق جانبها

أن لم تكوني ألبراج السما قطبا يا برج مفخرة األجداث ال تهني

لو أنه بشعاع منك قد جذبا قرارتهفكل نجم تمنى في

،ارالجب الحائر ملهلتوالمبا؟ هل وصبه سدعب دى بحياةكف الر

الغبة وحا غيرلت رأم ما تزال كأمس تشتكي اللغبا وهل تبد

ي بعدك الحقبامن حر رأيك يطو وهل تخبرت أن لم يأل منطلق

وال اجتواء ، وال برءا ، وال وصبا أم أنت ال حقبل تدري ، وال مقة

قترحم قباكفي ع ححبا ؟ وهل تصثت أو كتدا تفكرت أو ح1مم

نت انالحظ بداية حضور أفعال األمر التي أعطت دالالت الطلب في النص فك في بداية القصيدة يسترعي اتجاه المتلقي إلى ) قف( ي ، ففعل األمربمثابة المثير الدالل

ن الوقوف هنا ال أى األطالل كما هو الحال في الشعر الجاهلي خاصة ، غير علالوقوف تنزاح ) استوح(ن فعل األمر الوارد بعد الفعل األولإبل ،ينزع نحو الماضوية استحياء لها

فهما تقلقان ذهن المتلقي ويفصالنه عن جوه االعتيادي (بالمعنى نحو إحداث التوتر المطلوب 2)ليدخل جوا خاصا يخلقه الشاعر ويفرضه منذ أول بيت

وهو استحضار لشخصية ،فأفعال األمر هنا من دالالتها اإلعجاب والتكريم المعري على وجه االحتفاء والتقدير، واسجالب ألبي العالء بحكمته وروحه وجعل المعرة

وجعله رمزا للشموخ ،كما أن الوقوف على موضع قبره .فة لها فهو رجلها بال منازع مراد

3/83،841الدیوان ، 285تطور الشعر العربي الحدیث في العراق، م س ، ص 2

الحفرة اسم لموضع

Page 142: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

128

له دالالت بقاء الفكر متقدا يجعل المعري حاضرا ،من خالل مخاطبته هو أسلوب االلتفات .بامتداد الزمن الفاصل بينه وبين زمن الجواهري

ه استدعاء للفكر في حيث أن(والقصيدة أفصحت عن مقدرة متميزة للجواهري ، شخص المعري ، فقد جعل من فكره المستنير في مقابل المجتمع المتخلف مرموزة لصراع العلم مع الجهل ، فالنص هنا ال يمكن أن يكون نتاج شعور طارئ بل هو عمل أعمل فيه

.1)الفكر بترو

تها فالجواهري قد مارس انزياحا دالليا بشخصية المعري ،حيث أخرجها من دالال مع المحافظة على أصالتها التراثية فهو ،االعتيادية إلى دالالت فلسفية واجتماعية مختلفة

.يستقدمها من التاريخ إلى الحاضر بتداعياته

:يقول الجواهري

2وذهنه ورفوف تحمل الكتبا على الحصير وكوز الماء يرفده

ن أغير ) صير ، كوز الماء الح(نلمس في النص مسحة الفقر باستدعاء مظاهره ، حيث من ذلك الملمح )وذهنه ،الكتبا(هو االحتفاء بالفكر ،فقر المعري هو تعالي عن الترف

المادي المتناهي البساطة يخرج شيخ مفكر يقيم الدنيا ويقعدها ، وهنا نلمس وجها للمفارقة عدها وهي صورة وعبارة يقيم الدنيا ويق ،بين كلمة شيخ التي تعني الضعف وآخر العمر

لية وهي قوة مستدامة التوقد عا،فالمعري قد ساد بعقله وقوة فكره ،لمنتهى القوة والتحكم ).ماضيها ، حاضرها ، مستقبال مرتقبا (لحضور عبر الزمن ا

وامتداد الزمن يعطي الموقف الشعري فاعلية ) أقعد/أقام(وهذا التواتر بين القوة لم لواقع مجتمعه من خالل استحضار حزن المعري أ، فالشاعر يتوحركة اهتزازية مناسبة له

www.althakafaaljadeda.com/aljaber_s.htm صبیح الجابر ،الجواھري موقف الملتزم وتداعیات الغربة ،1

3/832الدیوان

Page 143: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

129

على واقعه رغم محاوالت استنهاضه وإيضاح سبيل إعمال العقل ، فالجواهري يربط بين الواقعي جسرا وطيدا تتأكد من خالله معاناة المثقف في مجتمع متخلف عن استغالل مدارك

وقوة ،قوة الشخصية المستدعاة من جهة العقل ، فاال ستحضار هنا أكسب النص قوة تعاضها .الجمع بين واقعين بينهما هوة زمنية سحيقة

كما أن العمى وحرمان المعري من نعمة البصر تحول في شعر الجواهري إلى حيث المعري ينتشل نفسه من الظالم ليصنع عالما خاصا به ، بل استطاع ،مرموزة للتحدي

:ها دون أن يراها بقوة البصيرة ، يقول الجواهري أن يصور الحياة ببهجتها وقساوت

بصرةبم دلم يمد سنالح سة منها وال حلبا تلمروال امترى د

يصد مبتعد منهن مقتربا وال تناول من ألوانها صورا

، وأرهف منها جانبا وشبا لكن بأوسع من آفاقها أمدا

1خفاقه ويزكيه إذا انتسبا معتلجبعاطف يتبنى كل

فقد امتاح الجواهري من ذلك قوة ،لقد شكل المعري عالمه دون حاجة للبصر الشخصية ليوجه دفة المعنى نحو التجاوز ، تجاوز حيز الجسد إلى عوالم أكثر رحابة

لخروج من طوق ، إنه ا) أوسع أفقا ، أمدا رحبا ، أرهف جانبا(يشكلها الفكر ودقة الشعور .األشكال الهندسية للعالم المنظور إلى عالم غير محدود األطياف

:والحاضرالمحاورة بخطاب الماضي 3-2

ولقد استحضر الجواهري شخصية أبي العالء وحاورها بخطاب الماضي أهمها تعلقه ،والحاضر معا فهو يستجلبها ويسائلها لتؤدي ليضفي على النص دالالت عديدة

.راث واستذكار مواطن القوة فيه واالستئناس به في ظل واقع متردي يعيشه الشاعربالت

3/831الدیوان

Page 144: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

130

ألن . فالحوار الجانبي مع الشخصية كانت داللته أقرب وأكثر تجسيدا لما في نفس الشاعر الحوار يعطي الشاعر فضاء أكبر يسمح له بالتحرك بمختلف الموضوعات ، وهذا الحوار

بطل (لوج درامي ، ويبدأ الشاعر بالتحول على غراره الى يتحول شيئا فشيئا الى مونو . 1)تراجيدي في الطريقة والمظهر

، ارالجب الحائر ملهلتوالمبا؟ هل وصبه سدعب دى بحياةكف الر

الغبة وحا غيرلت ر2أم ما تزال كأمس تشتكي اللغبا وهل تبد

مع الماضي ال يعني الهروب ، حيث ال نلمس خطابا ماضويا هنا أو فإقامة جسر خطابا استعراضيا لسعة الثقافة ، بل هو استحضار مقارني غرضه استنهاض المتلقي وبعث

.إشارات التحدي المستجلبة من شخصية المعري

ولقد احتفى الجواهري بالمعري وهو يستضيفه في نصه عارضا المفارقة بين أبي وبين الواقع المستضاف فيه ، فهو ،ء فكره وفلسفته وشعره الذي ترفع به عن التكسبالعال

، فقد أضاف الجواهري إلى ) وغصا أن نصون العلم واألدبا (يستدعيه ليشهد ضياع وصيته نصه معنى االستيالب ، فكانه يتحسر على نفسه من خالل إشهاد أبي العالء على واقعه الذي

.دب حيث سيطرة سطوة المالضاع فيه العلم واأل

كما أن الجواهري عكس تأثره لضياع مكانة األديب باستعمال اغتراب أبي العالء ومكابدته الشقاء وهو يحمل هموم المفكر والشاعر والفيلسوف فعرض صورة عن الكآبة

:توسع صورتها ووطأتها صورة أبي العالء المحزون في وسطه، يقول الجواهري

وشام مستقبال منها ومرتقبا ماضيها وحاضرهاألوجاع بكى

أن تبصر الفيلسوف الحر مكتئبا وللكآبة ألوان ، وأفجعها

. 33،ص1988، المؤسسة العربیة للدراتسات والنشر ،الفعلوالفن والحلم جبرا إبراھیم جبر ، 1

3/832الدیوان

Page 145: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

131

بالنقد ال يتأبى أية شجبا تناول الرث من طبع ومصطلح

1أن يوسعوا العقل ميدانا ومضطربا وألهم الناس كي يرضوا مغبتهم

قد جعل للكآبة ألوانا أفظعها لون كآبة الفيلسوف فهي مرادف الفجيعة ، كم أن تلك تعدد ألوان الكآبة في نص الجواهري هو ترميز لسيطرة الحزن على والكآبة تذكي تمرده ،

الشاعر وتعدده وهو يحيل على طوله ، فقد غدا المعري أداة تعبيرية تعكس مكابدة الشاعر ه فيه وانفصاله الشعوري عنه وهي دالالت الحضور والغياب في نفس لثقل واقعه واغتراب

.الوقت

أي أن المعري كان موضوعها ،ويختم الشاعر قصيدته المستحضرة لشخصية المعرية مالمحه الفكرية في ثناياها بأسلوب فلسفي متماهي مع فكر وفلسفة المعري ا له باسط ا، مفرد

أبداها بعرض إيمانه العميق فتعجبه ليس إنكارا للقدر ، وإن كان قد صدر لحالة التعجب التي :بقدر ماهو تحسر على واقع مرير، يقول الجواهري

به الشرائع غرا منهجا لحبا آمنت باهللا والنور الذي رسمت

والمصلحين الهداة ، العجم والعربا وصنت كل دعاة الحق عن زيغ

أما وجدت على اإلسالم لي وأبا لي على رشديوقد حمدت شفيعا

بي جنفا عن وعي فلسفة تبا لكننفت رالبرايا ص تقضي بأن

2فرد بجهد ألوف تعلك الكربا وأن من حكمة أن يجتني الرطبا

3/841الدیوان

842الدیوان،

Page 146: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

132

فاقتراب رؤى الجواهري من فلسفة المعري تتضح من خالل جمعه بن كية اوهي رؤى اشتر،) الرطب ،تعلك الكربا (، )يجتني ، يجتهد(، )فرد،ألوف(ات المتضاد

.تجعل كل شيئ مشاعا بين الناس عوض أن تستفرد به فئة معينة

واستحضار فلسفة المعري على هذا النحو يزيد من دالالت معاناة الشاعر من في الماضي ه عورفضه لواقوجود الحيف والظلم في واقعه ، فوجد بذلك في اغتراب المعري

صورة جاهزة ينفذ منها إلى إدراك المتلقي الذي ال يخفى عليه ماكابده المعري رهين ،وبذلك فمسحة الحزن مالزمة لنص القصيدة فقد اختتمها الجواهري كما بدأها .المحبسين

.ضوراحزينا متسائال مستحضرا علما تراثيا يثري بيه تجربته الشعرية ويجعلها أكثر قوة وح

Page 147: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

133

:التناص المضاد -4

أن الكاتب يكتب نصه تحت تأثير الهوس ( - Roald bloom -يرى رولد بلوم الذي يمارسه النص السابق كعقدة أوديبية تدفع المبدع إلى السير على منوال النص األول

منشأ تراكمي ، وهذا ال ينقص من قيمة النصوص السابقة، ألنها أصال ذات 1)أوالتمرد عليه لم تسلم من حضور التناص في أجزائها، إذ أن الذات القارئة التي تقترب من تخوم النص

.2يست بريئة إن هذه األنا هي في حد ذاتها جماعية تكونت من نصوص أخرىالقديم ل

ما ،إلى أن نتأمل النصوص السابقة بوصفها مساهمات المضاد يقودنا التناصو ومن ثم فإن دراسة ،بما في ذلك الدالالت العكسية وعة للداللة ممكنةتجعل النتائج المتن

إنها تطرح شبكتها المتسعة لتشمل الممارسات ، التناص ليست استقصاء للمصادر والتأثيرات .وهو نوع من إعادة كتابة للنص الغائب أيضا لمصدر ل المعاكسة

: الخروج عن مسار النص الغائب 4-1

ناص المضاد يخرج النص الحاضر عن مسار النص الغائب ، فهو وفي حالة الت ارا مضادا له مبني على تداخل جديد لمستويات نسيج النص الغائب اللغوية سيكسره ليتخذ م

- والداللية ، فيغدو هذا التداخل شرطا لوجود النص الحاضر حيث يرى روالن بارت Roland Barthes -)لثقافة القديمة وقد تقدم وانعتقأن الطالئعية ال تكون سوى شكل ا،

فاليوم يخرج من األمس ، ولذلك اليوم الخارج من األمس أكثر من طريقة للخروج ، فإما أن وإما أن تتخذ لنفسها خروجا آخر حيث التضاد ،يخرج موافقا مطابقا لألمس الخارج منه

.3)والمخالفة موجودان

9،ص2000، نوفمبر ، 364محمد عزام ، نظریة التناص ، البیان ، رابطة األدباء ، الكویت ،ع 1 160، 159، ص 2009حصة البادي ،التناص في الشعر العربي الحديث،دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع ، األردن،: ینظر 2 159صنفسه، 3

Page 148: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

134

حيث عمد ،الغزير يخطابه الشعر وقد وظف الجواهري تقنية التناص المضاد في .إلى تحوير الكثير من األبيات التراثية ليجعل لها داللة معاكسة لدالالتها األصلية

استعمل الجواهري بعض تقسيمات المتنبي ليمنح بعض قصائده بعدا إيقاعيا فقد ) :عبد الحميد كرامي(مؤثرا ، من ذلك قوله في قصيدته التي أبن فيها

الضمير لضوئه إشعاع والمجد )تهفو القلوب)(األبصار وتشخص(

على أعـقابـه ـارجب والمجد )تهوي الرؤوس( )ارويسقط الجب(

طام عندهمن ح ت كفكفنفض )يخزى البنون( )1) وتخجل األسفار

ومثل هذا التقسيم للمتنب في قصيدته التي مدح بها سيف الدولة الحمداني ي:

رضمم كوبدون ما أنا من وداد )ى المطينضي) (ستارالم 2)ويقرب

وهو توظيف معاكس ،غير أن الجواهري نقل النغمة من المدح إلى الرثاء واهري على استثمار البنى بوضوح إلى مقدرة الج هذا، يشير ىلدالالت نص المتنبي المستدع

.يفها في متنه وفق ما يتطلبه نصه الشعري ضالشعرية التي يست

تطالعنا فلسطين في شعر الجواهري بصورتها المتألمة ، فيعطينا الشاعر من و خاللها أبعاد رمزية سياسية عامة بصياغة مجموعة من الصور استندت عناصرها الداللية

-:لى المعاني التراثية إ

لسطين توقي أن تكوني فوأن تضعي أمورك في نصاب

وهابي أن تمد إليك منا

كما كنا بمدرجة الرياح باجتراح يوفر أو يطفف

يد المتضاربين على القداح

1 4/39 الدیوان

792المتنبي نعبد الرحمان ابرقوقي ،م س ،ص شرح دیوان

Page 149: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

135

فكم هاو أجد لنا جروحا وأصدقك الحديث فكم حلول

نطوف ما نطوف ثم نأوي يخـرج ألـف وجـه من حديث

بدعوى أنه آسي جراح حرام ، لحن في زي مباح

الى بيت أقيم على اقتراح 1ويخلـق ألف معنـى الصطالح

ص وفي هذا الن. 2صورة مستوحاة من التراث العربي القديم بمضمون معاصرال ( وأول هذه الصور صورة ي صياغة نسيج المعاناة العربية استثمر الشاعر المفاهيم الدينية ف

وهي من عادات الجاهلية التي قضى عليها اإلسالم لما فيها من معاني الخداع ) القداح ألنها ضرب من الرهان واللعب والمقامرة فعكست ،والمكر كونها غير صادقة وغير عادلة

.مرة آل فلسطين التي عبثت بها األيادي المتضاربة والمتهذه الصورة حا

) لنا ( الى المتكلم ) إليك ( لمخاطب ونالحظ تحول خطاب بالنص من صيغة ا ألن جميع التحوالت . بضمير الجمع فكان بمثابة تحول المعاناة من الخاص الى العام

،الحرام ،الحلول ( ي تعبيرفق رؤياه كانت قد تجسدت فعلى و لوطن العربيالسياسية في اوهذا التعبير الديني . شرعية في انتهاك الحقوق لال مؤكدا داللة الزيف وا) في الزي المباح

. جد جروحا أخرى وفقد أ ،الطبيب الذي قام بعمله بشكل مفارق المضاد جاء ليسند صورة

:نقض حقيقة المستدعى 4-2

كس داللته من المشورة إلى االنفراد ولقد استعمل الجواهري مثال عربيا ليع سم المرأة في الجاهلية تدعى زرقاء اليمامة ويضرب بها المثل في حدة احذام بالرأي، ف

لكن الشاعر أحدث ، 3البصر وأصبح هذا القول مثال يضرب في تصديق الرجل صاحبه

. 134/ 3الدیوان 1 . 77،ص 2013الشاعر والحلبة ، دراسة في تطور شاعریة الجواھري وشخصیتھ،دار دجلة ،العراق ، : ینظر 2 . 116 ،ص 2 ،ج2010، بیروت –دار الفكر ،جمھرة األمثال،أبو ھالل العسكري 3

Page 150: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

136

فجاءت معطيات .رمزا للتسلط والتفرد بالرأي ) حذام ( تحوال دالليا في الشخصية فأصبحت ما –القول –ال تتجادلي ( بالعبارات ) عدم الكالم ( النوم في هذا البيت الشعري لتخدم فكرة

يستنكر الجوع ويدعو وهو ليزيد من متطلبات النوم المصحوب بالهدوء والسكينة ، ) قالت لشعب لالنتفاض على أسبابه ومسببيه، لكنه يتحدث بخطاب صانعيه ولسانهم، فهم ينصحون ا

الملتقي يعيش في بجعل ،إمعانابأال يصحو، وأن يكتفي بأن يشبع ـ كما يحلم ـ في المنام .1 متأزم جو شعري

نامي كعهدك بالكرى نامي تطف حور الجنـ نامي وال تتجادلي

وبلطفه من عهد حام ن عليك منها بالمدام ا

2)حذام ( القول ما قالت

ممثلة في القول ،على هيئة تحوير أونقض لحقيقة سابقة ويأتي التناص المضاد هنا المأثور ، غير أن هذا التناص عبارة عن مباشرة خطابية ، وإن كانت الضرورة الشعرية

غير أن ذات القارئ كانت كفيلة بالربط والتحوير بمجرد ،دافعة هنا إلى هذه المباشرة مزرية ،كانت تعيشها األوطان العربية وهو استخدام تهكمي على حالة ).فإن القول(استدعاء

.التي آثرت النوم على مواجهة الواقع ومحاولة تغييره

نجد استدعاء مفارقا آخر، وهو توظيف للنص ) تنويمة الجياع(وفي نفس القصيدة المستدعى على نحو معاكس غرضه إيضاح خروج شعوب الوطن العربي من دائرة الزمن

:اليب نوم طويل يقول الجواهري الحاضر ، حيث تغيب في ده

. 2010 یولیو 08 ،جریدة االتحاد،أبو ظبي ، اإلمارات ،عدد!جیاع الشعب لكي تنام» یھدھد«الجواھري ،حاتم الصكر. د 1 . 74/ 4الدیوان 2

Page 151: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

137

نامي فأن صالح أمـ اذا اسـ والعروة الوثقى نـامـي فنومك فتنة

أن تنامي ر فاسد في تيقضت تؤذن بانفصام

1إيقـاظها شـر األثـام

فاستخدم الشاعر ،هذا النص أقيم أيضا على أرضية تراثية بمحتوياتها الدينية فمن : ( التي وردت في الكتاب العزيز ، في قوله تعالى ) العروة الوثقى ( ر التعبيري العنص

يعمس اللها وله امصثقى ال انفالو ةوربالع كستماس فقد بالله نؤميو بالطاغوت كفري يمل2)ع . .بانفصام العروة الوثقى مع عدم النوم وقد جاء امتصاص مضمون اآلية الكريمة

. 3)الفتنة نائمة لعن اهللا من أيقظها ( :الحديثكما أن صورة النوم تناصت مع وأثره السياسي ، فكانت تلك المعاني ) النوم ( وخطرها االجتماعي بمنزلة ) الفتنة ( فأنزل

.براز عنصر النوم على سبيل المفارقة الدينية صور تجسيدية إل

. 77 - 76/ 4الدیوان 1 . 256: لبقرة ا 2 ..، ورمز له بالضعف)الجامع ( في السيوطي رواهحديث 3

Page 152: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

138

لرابع الفصل ا جمالية وشعرية التناص االستدعاء

Page 153: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

139

تمهيد -

تكثيف التجربة الشعرية -1

لزمنل التراثيةصورالاستدعاء - 2

استحضار تجارب االغتراب - 3

إعادة التشكیل الداللي - 4

التالقح والتفاعل- 5

االستدعاء والتحویل - 6

ھندسة تحویل الموروث - 7

إخراج العام إلى الخاص- 8

Page 154: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

140

:تمهيد

إن الشاعر الجواهري ظل مخلصا لرؤيته الشعرية، وتصوره للعملية اإلبداعية، فهو لم يسقط في كتابة شعرية ذات هاجس واقعي ،وإنما سعى إلى خلق تجربة شعرية

وم المجتمعية،واالنشغاالت منطلقها الوعي بالذات ومنتهاها االندغام واالنغماس في الهم. فقد ظل الجواهري عنيدا أمام السؤال، ضعيفا أمام إغواء الشعر وإغراء القصيدة ،اإلنسانية

لبيد العامري، منفيا مثل المتنبي، فقد عاش أكثر من ثلث عمره في الغربة، التي معمرا مثل ، حيث رصع مفكرا مثل المعري، "يا دجلة الخير"و" ببريد الغربة" أرخها في سنواته األولى .1قصائده بالحكمة والمعرفة

ومن ثم وسم القصيدة الشعرية بنكهتها العراقية في بعدها المحلي،والممتدة في التربة العربية؛وجعلها ترتاد آفاقا إبداعية تروم االحتفاء بالذات؛ احتفاء جماليا متشحا ببعده

كوامن األعماق؛ لتأثيث التجربة الشعرية اإلنساني،راسمة مالمح صوت شعري يغوص في بصبغة التجديد واإلبداع النابع من صلب المعاناة والمجاهدة والنضال؛ التي خاضتها الذات في عوالم واقع يتسم باألوجاع والجروح المنغرزة في جسد وطن معطوب باالنهيارات

ء الذين اختاروا عدم والهزائم،وهذا يدل على أن الشاعر الجواهري شاعر من ساللة الشعرا .اإلقامة في تخوم العزلة

إعطاء مسافة للتأمل هو ومكمن هذا العمق اإلبداعي وأصالة الرؤية الشعرية استطاع أن يؤسس تجربة شعرية تمتاح من معين الحرقة حيث؛متأزمواإلمعان في عالم

.واالغتراب؛مما أسهم في إغناء التجربة وإثرائها

احتفالية عن شاعر العراق الكبير محمد مهدي الجواهري ، ،اتحاد كتاب مصر ، الشعر في حضرة الجواهري، الحسين شعبانعبد :ینظر 1

2008-8- 28القاهرة

Page 155: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

141

اص مع التراث ملمحا من مالمح شعرية النص الجواهري،وهي وتشكل بنية التن بنية مفتوحة على دالالت ممتدة ،إذ ال يمكن القبض على المعاني النصية مباشرة؛ ذلك أن

مما يتطلب الغوص ،النص الشعري متشرب من روافد تراثية وتاريخية وفكرية متشعبة .والفنيةعميقا في ثنايا النص؛ للوقوف على أبعاده الجمالية

جلي جمالية تالقح نصوص الجواهري مع النصوص نأن نااختر وعليه فقد الذي يعتبر امتداد للفصول السابقة ، فكلها ترمي لعرض مايخص ،األخرى في هذا الفصل

التناص في شعر الجواهري، وإن كانت ال تحيط بجميع منتجه الشعري ألن البحث عن التناص في شعر الجواهري ليس باألمر الهين مع شساعة مساحاته الشعرية، وتعدد دواوينه

تي يخلفها ذلك التناص بمختلف أشكاله ناهيك عن صعوبة القبض على كل اآلثار الجمالية ال .ومظاهره وتعدد مصادره

حاول من خاللها رصد مانتج ،نمباحث مجموعةتقسيم هذا الفصل إلى ناومنه اختر .من شعرية عبر تالقحات نصوص الجواهري خاصة مع التراث

:تكثيف التجربة الشعرية-1

األدبي تفضي بنا إلى أصقاع الشعر في معناه العميق زاد فكري ورحلة في الكشف غريبة مجهولة في ذات اإلنسان، وهو حقول جمالية وتذوق جمالي، والشعر ليس سرد

يعالج قضايا الوجود ووضع اإلنسان في العصر هوو. كلمات، فالشاعر فنان وحكيم أيضا الذي يعيش فيه، والشعر مناجاة للوجود ، وكالم عن سلطانه بالرمزية أو اعتمادا على

الصور والتداعي والتقابل بالمعاني، ومقدرة على اإليحاء بخواطر غريبة مبدعة تستطيع أن تنفذ إلى نفس السامع وتعمل على إثارتها بما تحققه من تجاوب، وأن تصعد معه بخياله

Page 156: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

142

وآرائه ووجدانه، وأن يتلمس السامع ما جاشت به القصيدة وهي في معرض الخلق واالبتكار .1يفوالتنامي والتكث

وطبيعة الشعر تقتضي التأمل في أغوار التجربة اإلبداعية للشاعر، وهذا التأمل يتفحص العمل الفني نفسه ويلقي ضوءا جديدا على بنية القصيدة بما تمازج معها من تجارب سابقة، حيث تستدعى لتكثيف التجربة الحاضرة وتوسيع أفقها وتساهم في تلوينها بصور

.الالت جديدة في الحاضرماضوية تكتسب د

مثل هذا العمل يساعد على إغناء التجربة الشعرية في تناول الفن الشعري، و تبين .مبدعة وتشكيل عباراتها الشعريةالمسالكه في النفس

إن الشاعر يلجأ أحيانا كثيرة إلى استحضار التجارب الشعرية السابقة والمتزامنة عن قصد أو غير قصد، ليكثف نصه، ويصبح خطابه متعدد ثم يدمجها في تجربته الخاصة

القيم ال أحادي القيمة، وهي وسيلة ال شخصانية تتيح للشاعر أن يقول ما يريد متكئا على ما .سبقه في قوله والتفكير في السابقين من الشعراء أسالفه

الذي وهذه الوسيلة في الحديث بلسان اآلخرين هي أحد وجوه المعادل الموضوعي ، فبدل أن يعبر الشاعر عما يريد بصيغة ضمير المتكلم يستطيع أن )(Eliotنادى به إليوت

بأن يسوق سلسلة من الصور أو من عبارات اآلخرين تكون موضوعا ،يكون ال شخصانيا للفكرة التي يرمي إليها الشاعر، من دون أن يقول أرى أو أشعر مبتعدا بذلك " معادال"يقف

2.لمباشر والتقرير الشخصيعن القول الن يضير كاتب ( وفي هذا المضمار يذهب الدكتور محمد غنيمي هالل، إلى أنه

مهما تكن عبقريته، ومهما سما فنه، أن يتأثر بإنتاج اآلخرين، ويستخلصه لنفسه؛ ليخرج منه ن جذورها في فلكل فكرة ذات قيمة في العالم الممتد بي. إنتاجا منطبعا بطابعه متسما بمواهبه

Paulتاريخها الفكري اإلنساني الذي هو ميراث الناس عامة، يقول بول فاليري

.16: ص82،ع 1991ینظر عبد الواحدة لؤلؤة، من قضایا الشعر العربي المعاصر، التناص مع الشعر الغربي، مجلة الوحدة،1 .16: ص 82ع،1991لؤلؤة،، التناص مع الشعر الغربي، مجلة الوحدة،ینظر عبد الواحدة 2

Page 157: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

143

Valéry) : وال شيء أدعى إلى إبراز أصالة الكاتب وشخصيته من أن يتغذى بآراء 1.))اآلخرين، فما الليث إال عدة خراف مهضومة

صرا بكل ما سمع هذا يقودنا إلى القول بأن الشاعر لحظة اإلبداع يكون محا وحفظ، في حضرة كل النصوص التي بقيت عالقة في الذاكرة، وال شك أنه آخذ من كل

يؤكد على قيمته في كثافته ( فالنص 2طرف مما يراه يعمق إحساسه ويكثف تجربته الشعرية،إنما النص بكثافته وتفاوت عالماته والنواميس المرنة ... وليس في الوظيفة التي يؤديها

3،)وما يعتلج فيه من شرايين وأنسجة ومستويات ،ة التي تتحكم بنسيجها الداخلي الصارموبما أن الشاعر هو صنيع اللغة فإنه يقع في حبال حرب منتوجات الخيال، ونصه ليس إال لعبة فيها، هو خطابات تقوم بعملية اختراق الذات اختراقا ينتج الداللة في غير مكانها

الشاعر يسعى في تواضع إلى إنتاج ما يجلب اللذة لآلخرين، / تب المنتظر، وإذا كان الكالألصوات المتعددة، حتى يستطيع أن يتنقل بنصه من ثقافة الغير إلى متعة الكتابة، ومن ثم

4.يمكن أن نتصور حصادا جماعيا هائال قد تجمع فيه كل النصوص التي حدث أن لذت ألحد

:جدلية استحضار التضاد 1- 1

يقيم عالقات ديالتيكية بين الماضي التليد والحاضر تكثيفا لتجربته الشعرية فالجواهري البائس، من خالل المواقف، فهو معجب بالصعاليك الذين تمردوا على القبيلة، ومأخوذ

وهو مبهور بشخصيات عظام أمثال . بالتراث التاريخي العربي في زمن البطولة والتحديفاتح بالد الشام، وعقبة بن نافع، فاتح ) د بن الوليدخال(محرر القدس، و ) صالح الدين(

.وكأنه يبحث عن أبطال الحاضر في عصر يفتقد إلى الفحولة العربية. المغرب

لم تغب عنه األحداث الوطنية في -رغم افتتانه بالموروث الحضاري–كما أنه ى عن التحريض ال يتوان. العراق، والوطن العربي والعالم، فهو شديد التعلق بشعبه وأمته

كما يهاجم الحكام بعنف ) نامي جياع الشعب(يقسو ويشفق عليها في آن واحد، كما في قصيدة

.18: ،ص1، ط1990محمد غنیمي، األدب المقارن، دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزیع ، عمان ، األردن، 1 290: ، ص1973محمد غنیمي ھالل، النقد األدبي الحدیث، دار الثقافة ودار العودة، بیروت، 2 102: ، ص1991. ،اإلسكندریة،المعارف ةأمنش، في التناص الشعري، يطفى السعد نمص 3 .38-29-8: ص 1992منذرعیاشي،مركز اإلنماء الحضاري ،: ینظر، روالن بارت، لذة النص،تر - 4

Page 158: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

144

:وغضب، وأحيانا يهادنهم مهادنة الخصام، ثم يكفر بالسلم تارة

نوح لهالج دعب نلم مت بالسكفر !.. ذاروأع نهم ججت حهو 1فقد

:ه تارة أخرىويؤمن ب

آمنت بالسلم ال دينا لمن كفروا

2به ودين أهليه وإن كفروا

هذه المواقف المتناقضة تعبر عن أزمته الداخلية، وهذا اإليقاع الداخلي يتناغم مع اإليقاع الخارجي على شكل متناقض ،حتى أنه ال يستدعي عناصر الطبيعة إال من خالل

ته، ويختار منها ما يتفق مع نفسيته الحادة، ومزاجه الثوري، كالرياح، واألمطار أزموالزالزل، واألعاصير، والعواصف، التي توحي بالقوة والثورة وأحيانا يتحول العنف إلى

:لين ونعومة، فيرق كنسمة الصباح، في قصيدة يا دجلة الخير

يفح دعب نع كفحت سييح ينيا داتسالب ا أمر يلة الخيج

لوذ الحمائم بين الماء والطين حييت سفحك ظمآنا ألوذ به

3يحاك منه غداة البين يطويني رددت ذاك الشراع الرخص لو كفني

في –هذا التناقض عبر جدل األضداد، فالشعب وهو في دفاعه عن قضايا أمته يظهر

.2/534الدیوان )1( .2/616الدیوان )2( . 4/205الدیوان )3(

Page 159: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

145

وهكذا انطالقا من بنيته . مظلوم وظالم معا، والحكام أسياد وعبيد في آن واحد - منظورهحتى أن الشاعر وظف النهر والشجر والدم توظيفات متعددة، تنم . النفسية، وتناقضات الحياة

منساب رقراق في هدوئه، غاضب في فيضانه، و -مثال–عن حاالت متناقضة، فالفرات وكذلك النخيل شامخ عمالق شموخ األبطال وأحيانا أجرد خال من الثمر، والدم، فيه الفورة

إنها حاالت نابعة من داخل . فيه الجبن -أيضا–وفيه القوة والنصر والسالم، وهو . والغليان 1.الشاعر، أسقطها على هذه العناصر يرمز بها إلى فعل التجاوز لألزمة

ويكاد هذا التناقض الجدلي ينتظم معظم قصائده، وال سيما في مرحلة النضوج واالستواء، ولعل مرد ذلك، امتياح الجواهري من الفلسفات المادية واألفكار العلمية التي

يشيد ) في مؤتمر المحامين(قصيدة –وعلى سبيل المثال ). تيكيكالديال(تعتمد على المنهج :بالبطوالت

مر كأنمأنج مهيم

2تسدد من زلل العاثر

هذا التقابل والتباين بين الرميم الهامد والنجوم الساطعة، يولد حركة توتر نشطة قائمة ، وهي تثير في المتلقي الدهشة، كما أن هذا التناقض بين )تيككالديال(على التضاد الجدلي

.3وجالديها وفي هذا ملمح جماليمفردات النص يقابله صراع بين الجماهير

ومجمل القول أن بنية الجواهري الشعرية على اختالف المواقف، تتسم بالكثافة من خالل الصراع والتصادم والحدة والعنف في أغلب مفرداتها، ثم في نسيج العالقة اإليقاعية

حادة عن مواجهات ومواقف -في أغلب األحيان–بين هذه المفردات، فضال عن تعبيرها ة أو يعن أن تكون تمردا أو رفضا أو قطع -غالبا–ال تكاد تخرج . ودالالت صارمة

247،ص 2001, اتحاد الكتاب العرب،، دراسة تحلیلیة في ضوء المنھج التكاملي: لجواھريأزمة المواطنة في شعر ا،یحیى، فرحان: ینظر 1 .700 / 2ا لدیوان)2( 247،م س ،صأزمة المواطنة في شعر الجواھري :ینظر 3

Page 160: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

146

تحريضا، أو دعوة إلى تقحم وحسم، أو بتعبير آخر، إنها بنية ديناميكية ذاتية محتدمة قاطعة، 1.تدعو إلى التجاوز الدائم

لشعرية، لما يحدثه ولعل هذه الخاصية التكثيفية ، هي المصدر األكبر لجمالية بنيته اشعره من تطهير نفسي وتفجير عاطفي لدى الفئات المسحوقة في العراق، والشعوب المدافعة

:عن حريتها وأرضها، فهو القائل

ليال عطاف الخي ينا لقدابا حة والغراممالح ت بهرأي

فكان العدل ممتلئا سقاما

)2(م ممتلئا شباباوكان الظل

هذه التناقضات بين المفردات في العالقة والداللة والتوليف، تجسد إلى حد عميق رؤية :الجواهري للحياة ومالبساتها، لقد خابت عن بداية المسيرة آماله

فيالك موطنا واليأس يمشي

فلو رام الرجا حلما لخابا

:ية المسيرة انحسرت أحالمهوفي نها

يا أم عوف أدال الدهر دولتنا

وعاد غمزا بنا ما كان يزهونا

247ینظر أزمة المواطنة،ص 1 .162 /دیوانل ا 2

Page 161: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

147

1ترب سقطين شريرا ومسكينا حاضرة يا أم عوف سئمنا عيش

الجواهري قد جعلت منه بنية خاصة هذه نماذج عن الخصائص الموضوعية لشعريعرف بها، وإنها لرهينة تتمرد على ذاتها، وإن هذا الطابع الحاد في شعره إنما يمتاح من

.معاصرته لألحداث التاريخية مايمنح تجربته الشعرية كثافة داللية وطاقة شعورية كبيرة

إنما أخذ فالنص الشعري عند الجواهري لم يعد محصورا في المنظور الفردي من التقابالت على امتداد باالمتداد في تعميق الوعي الفكري للصورة وأحتوائه على شبكة

.األزمنةواالمكنة : الجواهري يقول

أني أظل مع الرعبة مرهفا أني اظل مع الرعبة الغبا يتبجحون بأن موجا طاغيا سدوا عليه منافذا ومساريا

ائدي ابدا تجوب مشارق ومغارباكذبوا فملء فم الزمان قص 2لح البيوت عليهم أغري الوليد بشتهم والحاجباأأنا حتفتهم

فالنص يحمل دائما الجديد من الصور والموروث من التراث ، وخلق مناخات وأنساق فهي المعنى . لها جذور في التراث تحافظ عليه المتالكه الجمالية من الصور الشعرية

ة المعنوية للسالفين من الشعراء، فبين الماضي والحاضر ، والمستقبل عالقة جدلية من والقيماالكتشافات لحاالت من الوعي المتطور وخصائص الموروث وعبر صيغ من التطور في

العالقات ، واالفادة من التراث ، لقد كان الجواهري مدرسة جديدة لخصائص الصورة و الموظف المجيد لخواص االسلوب واللغة والبالغة والذي الشعرية الحادة جدا احيانا فه

يجعله حلقة وصل بين الماضي الشعري وحاضره في العمود الكالسيكي الجديد الذي يقوده

182، 4/179الدیوان1 3/362الدیوان 2

Page 162: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

148

.1الجواهريوهو ،إن النص الشعري وصورته عند الجواهري ، هو نص متحرك من ناحية االسلوب

شروط القراءة فيه ،ويعرف غير ثابت في مجال اإلشارة في الزمن اآلخر وأنموذج لساني مقطوع بواسطة عنصر غير ( :السياق االسلوبي بأنه ) Rafatyr(ريفاتير .2)متوقع

عند الجواهري على أنه كل النص الشعري ف(النص الشعري عند الجواهريف وبهذا كسبه السياق متكامل يعاضد بعضه بعضا ، يأتي كوحدة بنائية متكاملة من الناحية الفنية، ي

تالحما عضويا بارزا تتعاضد فيه منظومة من العالقات الترابطية تسمه بالشعرية دون غيره من النصوص األخرى ألسباب جمالية تتبدى على وفق رؤية الشاعر الخاصة وأسسها

.عينة في العمود الكالسيكي وخواص صوره ودالالته المت ،3)الفنية : الجواهري يقول

شكا خمولهم الذباب تبلدين أطبق على م لفرط ما إنحنت الرقاب لم يعرفوا لون السماء

وسهم كما ديس التراب ولفرط ما ديست رؤ 4تعاف عيشتها الكالب أطبق على هذي النسوخ

وهو يعج باصطالحات التزوير يكتشف عبر هذا ،لواقع المترديلإن الموقف المعقد بوصفه صيغة من صيغ التمحور لهذه ،ري عند الجواهريالتدقيق في النص الشع

الموضوعات، للوصول إلى تأكيد حالة الواقع البائس ، فالنص الشعري يعج باألحداث ، ) الضباب األصفر(في مقاطع ) اليوت( االجتماعية المتشابكة وهذا ما نجده كذلك عند

247ینظر أزمة المواطنة،م س ، ص 1 www.ahewar.org/m.asp 2007 - 2054: العدد-الحوار المتمدن عالء ھشام مناف ، دراسة في شعر الجواھري ،موقع مجلة 2 maamri-ilm.yoo.com ،موقعشعریة النص عند الجواھري ،علي عزیز صالح الزھیري 3 3/331الدیوان 4

Page 163: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

149

ت وقتل اإلنسان في هذا ونحن أمام أرض من اليباب وعالم من رائحة الخوف حيث المو .1العالم القاحل، يزيف فيه اإلنسان ويصبح عبارة عن كبوات واخفاقات ونكسات متوالية

:امتياح األساليب الشعرية 2- 1

حسب , واليتردد عن الذم بعد المدح, يرادف المدح مع الذم, الحطيئة(لقد ظل طالبا , ية في مدحه للزبرقان بن بدرواليغيبن عن بالنا تلك األبيات المدو, دواعي االسترزاق

:والتي جاءت بصيغة المدح في موضع الذم, عطاياه

2) دع المكارم الترحل لبغيتها وأقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

لى إأن التذهب , فباإلمكان تفسيره مادحا ،وجه المدح و الهجاء, أو تحمل الوجهين ما،كوتكسو الفقير, ألنك أنت الذي تطعم الجائع, اعية المكارم والترحل إليها فإنها تأتيك طو

مع شيء من التعديل والتحرير , أن البحتري كان يستخدم قصائد المدح ألكثر من شخص 3.تقتضيه المناسبة،فقد كان يقدم لممدوحيه قصائد قديمة سجلت بأسماء آخرين

قد نظمها ) حرك اللحدت(فإن قصيدته , ولقد استعاد الجواهري هذه التجربة التراثية :،ومطلعها)حكمت سليمان(في مدح شخص معين

أقدم فأنت على األقدام منطبع

وابطش فأنت على التنكيل مقتدر

وثق بأن البالد اليوم أجمعه

لما ترجيه من مسعاك تنتظر

2007، سبتمبر 2054المتمدن ،ع ،مجلة الحواردراسة في شعر الجواھري ،عالء ھاشم مناف: ینظر 1 166،ص4،2008عبد هللا الغذامي ،النقد الثقافي قراءة في األنساق الثقافیة العربیة ، المركز الثقافي العربي ، الدار البیضاء ، المغرب ، ط:ینظر 2 167،166المرجع السابق،3

Page 164: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

150

فحاسب القوم عن كل الذي اجترحوا

عما أراقو ومااغتالوا ومااحتكروا

لآلن لم يلغ شبر من مزارعهم

والتزحزح مما شيدوا حجر

فضيق الحبل واشدد من خناقهم

1فربما كان في ارخائه ضرر

، فهي قصيدة )جمال عبد الناصر( ونجده في موضع مغاير يمدح بها شخصا آخر ها قصيدتان مع بعض التغييرات التي أجراها الجواهري، التي وجدت لها جذورا في واحدة ل

ليأتى بعد قرون الجواهري وينهج النهج ذاته , األدب العباسي وخاصة لدى الشاعر البحتري .

صارحك التعبير مجترئاأإني

وماالصريح بذي ذنب فيعتذر

التصور األمر معكوسا وخذ مث

مما يجرونه لو أنهم نصروا

أكان للرفق ذكر في معاجمهم

أما عن كريم وأصحابه خير

2/313الدیوان 1

Page 165: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

151

تهامس النفر الباكون عهدهم

أن سوف يرجع ماضيهم ويزدهر

وتلك للحر مأساة وموجعة

1ها القلب والبصريدمى ويدمع من

فالجواهري لم يكتف في امتياحه من التراث بالمفردات والتعابير والصور، بل تعداه إلى امتياح األساليب وطرائق تكوين القصائد وبنائها، فإفادة الجواهري من قصائده لتخدم القصيدة الواحدة أغراضا عديدة يدل على مقدرة فائقة في تجريد القصائدة من

باتية، التي تظهر أنها سبب وجودها أصال ، بل إن قصائد الجواهري تتفلت من المناس .المناسبتية لتخدم هدفا وطموحا للشاعر يتعلق بشخصه وبرؤيته للعالم

ومن ذلك فإن كثافة قصائد الجواهري تجعلها قابلة لالستعمال في أغراض عديدة علق بذات اإلنسان التي ال تتبدل عبر كأن الجواهري قد أخرجها من دائرة الزمن لتفيد مات

األزمنة، فقصائد الجواهري تمتاح من بعضها تناصيا فكأنها قصيدة واحدة بالرغم من شساعة تجربته الشعرية ومواكبتها للعديد من األحداث التاريخية الجسام ، فقد أفلتت من قبضة الزمن

لحظة كتابتها بل جعلها تمتاح لتعبر إلى أزمنة أخرى ،حيث لم يثقلها الجواهري بمحموالتمن الماضي الكثير من الصور والعبارات لتقفز إلى المستقبل وهي تحمل جذور الماضي

. ومالمح زمنها

: )المعري(االنفتاح على الشخصيات التراثية 3- 1

لقد استدعى الجواهري الجوانب النفسية للمعرى من خالل توظيف ألفاظ تعطي حدث مفارقة داخل اللفظة نفسها،ليصل إلى نتيجة رائعة بأن المعري استطاع مفهوما دالليا ي

كبح جماح الرغبة عن طريق المجاهدة واالقتناع بمسلكه، وهذا الطريق قاده إلى الخلود على

2/313نفسھ 1

Page 166: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

152

:مر العصور

بوا وإذ غبرواهل كنت تخلد إذ ذا

1لو لم ترض من جماح النفس ما صعبا

الجواهري استحضر المعري وخاطبه خطابا فكريا نفذ من خالله إلى نفس المثقف اآلن، :ليعالج األزمات الحادة التي يعانيها

أجللت فيك من الميزات خالدة

والحرمان والغضبا حرية الفكر

مجموعة قد وجدناهن مفردة

2لدى سواك فما أغنيننا أربا

والجواهري معجب بفلسفة المعري أيما إعجاب كما أوضحنا سالفا، والسيما محاور الشخصية التي طرحها النص وهي حرية الفكر والحرمان والغضب، وقد اجتمعت في

فعنصر (شخص المعري بيد أنها ال تجتمع عند اآلخرين أو تتوافر حصيلة دون أخرى الفلسفة محور في حرية الرأي، وعنصر العمى محور في الحرمان، وعنصر الهوى محور

في الغضب، فالجواهري أراد تحقيق معادلة بين تلك العناصر التي تميز األديب الحقيقي 3)والفنان المبدع من غيره

لقد كانت فلسفة المعري في الحياة فريدة من نوعها، فلم يعبأ بها وال بمالذها، ولم تغره، بيد أننا من خالل استقراء مفردات الحياة، نالحظ أن بعض الناس تغريهم، وأحيانا تغري

:رقة فيكون إبداعه ناقصا أو مشوهاصاحب الرأي الحصيف وهذه مفا

فرب ثاقب رأي حط فكرته

غنم فسف وغطى نورها فخبا

3/83الدیوان 1 3/83نفسھ 2 2008سبتمبر ،الكویت ،مجلة العربي ، كما رآه الجواھري.. لركابي المعريفلیح كریم ا3

Page 167: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

153

وأثقلت متع الدنيا قوادمه

فما ارتقا صعدا حتى ادنى صببا

ريهبدا له الحق عرانا فلم ي

1والح مقتل ذي بغي فما ضربا

وبدا (، )ادنا صببا(تقابلها )ارتقى صعدا(قد بني النص على المفارقة الشعرية فكانت ف إن هذا البناء الشعري . )فما ضربا(تقابلها )الح مقتل ذي بغي(، و)فلم يره(تقابلها )له الحقى واقع المجتمع وإغراءات الحياة ومدى انقياد بعضنا إليها، وعزوف القليل الذي يحيلنا إل

يتحلي بالصبر والحكمة والقناعة عنها، وأن حرمان المعري نتج عنه التمرد والرفض لما :يحيط به من عالقات زائفة، وهذا هو الصنف الثاني الذي عبر عنه الجواهري

ورب راض من الحرمان قسمته

فبرر الصبر والحرمان والسغبا

أرضى وإن لم يشأ أطماح طاغية

وحال دون سواد الشعب أن يثبا

تربةذل وم عن الناس ضوعو

2من القناعة كنزا مانحا ذهبا

من الناس يقف المعري في مقدمتهم، أو هكذا رآه الجواهري تغيرا حكيما رائعا هذا الصنف . يهب الناس العلم والمعرفة على مر العصور

هذا هو المرتكز اآلخر في القصيدة فالمثقف طالته يد الحرمان والجور، وكان كالشمعة يء الدرب أمام اآلخرين، وكانت أسئلة الجواهري متعاقبة في النص، فسعى التي تحترق لتض

إن موهبة 3)إقحام ذاته في مضمون المحادثة لتكون شاهدا على العصر وناطقة باسمه(إلى : الجواهري أعطت النص دفقا إضافيا رائعا

3/83الدیوان 1 3/84نفسھ 2، السنة 4ـ 3المعري كما رآه الجواھري ، مجلة االقالم بغداد ، دار الشؤون الثقافیة العامة ، العدد .. فلیح كریم الركابي ، رؤیة مشتركة بین شاعرین . د 3

41، ، ص 2007، الثانیة واالربعون

Page 168: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

154

ت أبا العالءرحوحتى اليوم ما ب

صناجة الشعر تهدي المترف الطربا

وأن للعبقري الفذ واحدة

إما الخلود وإما المال والنشبا

من قبل ألف لو أنا نبتغي عظة

1علم واألدباوعظتنا أن نصون ال

والمعري لم يكتب الشعر لترف أو طمع مادي، بل إنها الموهبة والعبقرية التي كتبت له الخلود والبقاء، والجواهري يعيد الكرة ثانية، لعله يوقظ مشاعر من أغوتهم الدنيا وحب

. المال على حساب اإلبداع

لقد جسد الجواهري الحالة السيكولوجية والنفسية للمعري، فكانت الصورة ناطقة صادقة في التعبير لتحقيق دالالت متداخلة داخل النص، فشعره كان مفعما بالرموز التراثية التي

: تعبر عن قضايا فكرية قديمة جديدة هي صراعات غير منقطعة

لثورة الفكر تأريخ يحدثنا

2بأن ألف مسيح دونها صلبا

المسيح أصبح رمزا لكل صاحب مبدأ أو فكر حر، فإذا ما قتل شبهناه بالمسيح، لذا جعله الجواهري مقترنا بثورة الفكر على الصعيدين الماضي والحاضر، فلخص لنا موقفا معاصرا

را في المشاعر من خالله لوحة تحمل من بصمات العصر وعنفه واضطرابه أكثر من متطوحكمة الماضي الغابر، لقد أنشأ الجواهري دعائم هذه الرائعة على أن الفكر المتدفق هو

.3 نقيض الجهل المتفشي والمتمثل بالحكام الذين تسلطوا على رقاب الناس منذ األزل

وهؤالء الدعاة العاكفون على

3/84الدیوان 1 3/84نفسھ 2 3/84نفسھ 3

Page 169: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

155

أوهامهم صنما يهدونه القربا

الحابطون حياة الناس قد مسخوا

ع وما بالفطرة اكتسباما سن شر

والملصقون بعرش اهللا ما نسجت

1أطماعهم بدع األهواء والريبا

لقد استخدم الشاعر اسم الفاعل في بناء الجملة الشعرية كي يعطي األسلوب الشعري رية واالجتماعية في العراق، وما آلت إليه طابعا سرديا متعاقبا ويتالءم مع واقع الحياة الفك

من تدن في المستويات كلها بسبب ضعف الجانب السياسي وتواضع المستويات اإلدراكية .والثقافية عند عامة الناس

وقد استغل الحكام ضحالة التفكير تلك من أجل تحقيق مآربهم، وذلك ما أحدث ردة . سلطةفعل عكسية عند المثقفين في تمردهم على ال

وإن من حكمة أن يجتني الرطبا

2 فرد بجهد ألوف تعلك الكربا

وهو يرى شاعرا (ومعادلة غير متكافئة وحقيقة مرة تلك التي صرح بها الجواهري رافضا استغالل ،مبدعا قبل أكثر من ألف سنة وقف الموقف نفسه من تلك التداعيات

أفاد الشاعر من تراثه . خرين لبعضهم فثار على الظلم واالستغالل فاتهم اتهامات عدةاآلاللغوي، وهذا يبين لنا سعة ثقافة الجواهري وهيمنته على تقنيات النص الشعري وأساليبها،

فأكثر من استخدام األفعال المتباينة في أزمنتها على وفق متطلبات النص لخلق توتر ال عن استخدام األفعال المضعفة التي تعطي المعنى قوة في التأثير والداللة، وديناميكية، فض

.3)من أجل إضفاء السردية على النص

3/83الدیوان 1 3/83الدیوان 2 41،م س ،صالمعري كما رآه الجواھري 3

Page 170: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

156

رأس من العصب السامي على قفص

من العظام إلى مهزولة عصبا

رفي وجهه قد ةأهوى على كو

دين فاحتجبا فس1بالظلمة الثقب

وطريقة الجواهري في رسم الصورة طريقة التجريد أو الوصف أحيانا، لينقلنا إلى األجواء الحقيقية التي عاشها المعرى ، وأفصحت هذه القصيدة عن تربع الجواهري على

وتجسيد عرش الشعر العربي في القرن العشرين من خالل بنائه الشعري وتراكيبه الفخمةويبدو واضحا من خالل . العوالم السالفة بدقة، فكان التراث رافدا ثرا للشاعر الحديث

القصيدة االغتراب الفكري الذي عاناه المثقف منذ حقب قديمة وأغرب الغرباء من عاش : غريبا في وطنه

عاني لظى الحب، بشار وعصبته

2ى أنهم كانوا له حطبافهل سو

:استدعاء صوراالتراثية للزمن- 2

:الزمن في الشعرالعربي: تمهيد 2-1

كال للوعي ش شاغالجهة كون كل منهما من بين الزمن والشعر تساوق وقرابة إنما هو حيز زمني ومكاني ،فالكون في الشعر لم يعد قابال لالحتساب الزمني، ا ووظيفةوكنه

.شاعر تقليبات عديدة ومختلفة لغرض التأسيس لنظام قيمي وأخالقي بديليقلبه ال

3/84 الدیوان1 3/84الدیوان2

Page 171: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

157

ويدل الشعور بالزمن على الشعور بالتجربة الشخصية ، أي يشير إلى الطريقة التي بل ظل يلون ،يدرك بها الفرد مرور الزمن في كينونته، كما أن الزمن ليس غرضا شعريا

.1األغراض الشعرية على اختالفها

،بل من خالل ) الزمان، الدهر(الشاعر مع الزمن ال تتحدد من خالل مفردتي وعالقةأجواء القصيدة حيث يضفي الشاعر مشاعره على الزمن ، كما يضفي مشاعره على األشياء

.فتصير مثله لها قلب يحس وينبض

فالشاعر الجاهلي كان اليبدأ قصيدته وال تأخذ أنفاسها إال من خالل ابتعاث ي بذكر األطالل، وهي صور لبقايا الماضي ملتسقة بأمكنة ألفها الشاعر قديما، الماض

.والتسقت بذاكرته فالشعر وثيق الصلة بالذاكرة

ولقد بلغ هذا الملمح في الشعر مبلغا عظيما، السيما في الشعر الجاهلي، إذ كان بتا في بناء القصيدة في بكاء األطالل والحسرة على ما قد كان في األيام الخوالي ركنا ثا

:خالدته به ، فهذا امرؤ القيس مثلا يستهل2الجاهلية

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

3بسقط اللوى بين الدخول فحومل

:وهذا طرفة بن العبد يستهل معلقته به أيضا فيقول

لخولة أطالل ببرقة ثهمد

4ظاهر اليدتلوح كباقي الوشم في

102،ص2003 ،صفاقس، تونس ،إدارة المطالعة العمومیة بتونس ،بین الشعر والفلسفة ،.محمد ابن عیاد، فؤاد القرقوري:ینظر 1 392،ص2012 ،15دابھا،كلیة ااآلداب ،جامعة الكوفة،عأمجلة اللغة العربیة و أوراس نصیف محمد، الزمن في شعر النابغة الذبیاني،ینظر 2 18،ص1984،القاھرة ،دار المعارف ،محمد أبو الفضل إبراھیم :،الدیوان ،تحقیق امرؤ القیس 3 19،ص2002 ،3،بیروت،،طدار الكتب العلمیة ،الدینمھدي محمد ناصر :، تحقیقدیوانال ،طرفة بن العبد 4

Page 172: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

158

ومن صور الحديث عن الزمن في الشعر العربي ما جاء من الكالم عن الزمن الحاضر، وذلك إما بالسآمة منه وتمني انقضائه عاجلا أو العكس، ومن أشهر ما جاء في ذلك

:قول امرئ القيس

وليل كموج البحر أرخى سدوله

علي بأنواع الهموم ليبتلي

ه لما تمطى بصلبهفقلت ل

وأردف أعجازا وناء بكلكل

أال أيها الليل الطويل أال انجلي

1بصبح وما اإلصباح منك بأمثل

قه وتقض تؤرفحين تهدأ العيون وتنام الجفون يخلو الشاعر إلى ذكرياته التي يث يمتد الزمن الليلي كالبحر ، والجمع مضجعه فصورة الليل هنا مرادف لنفس الشاعر ح

هنا بين البحر والليل يوحي بالمطلق حيث تظهر قبضة الزمن األبدي الال نهائي ، فيتحول الليل إلى زمن ثقيل معاد ، فالليل البطيئ هنا عاد ليحمل ما نساه الشاعر في دوامة النهار

فعة واحدة ويوقف أمامها الزمن حتى وانشغاالته الحياتية،إذا باليل يجمعها في سماء الشاعر د .2ينادي الشاعر على الصباح باعتباره المفزع

ومن ذلك الحديث عن الزمن الحاضر،وهو ما يخاطب به أبو الطيب المتنبي يوما يمر به من المفترض أن يكون من أسعد األيام، وهو يوم العيد، إال أنه يراه غير ذلك، فال

18،ص1984،القاھرة ،دار المعارف ،محمد أبو الفضل إبراھیم :،الدیوان ،تحقیق امرؤ القیس 1 www.arabna312.com،عامر أحمد عامر ،الزمن في الشعر العربي :ینظر 2

Page 173: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

159

ن تحول بينهما صحار شاسعة، ذلك أنه يذكره بأحبابه الذين من يتمنى مجيئه، بل يطلب أ :1المفترض أن يكونوا معه فيه

ت يا عيددحال ع ةبأي يدع

تجديد ألمر فيك ا مضى أمبم

مونهد ا األحبة فالبيداءأم

2فليت دونك بيدا دونها بيد

بل طبيعته ،ومنه فالزمن ال يكتسي الصورة السكونية في الشعر العربي القديم التي أماتها ،الحركية ناتجة من كونه ذو طبيعة احتضانية لفضاء األنا ومصدرا لرؤية العالم

.التجربة الشعرية

وليست الصور الزمنية في الشعر العربي القديم إال مثاال عن موقف الشاعر من يقول النابغة الذبياني واحكامه لقبضته على األشياء والبشر فال ينفلت أحد من سطوته الدهر

:في معلقته

ـنـاكــأن رحـلي وقــد زال الــنهـار ب

تأنـس وحــدـى مسـللـجـلـيل عيــوم ا

هوحــش وجــرة مــوشـي أكـارعمــن

ديقل الفرالص ـيفـصـيـر كـسطــاوي الـم

ن الــجــوزاء سـاريةســرت عـلـيه مـ

ال عــليه جــامد الـبردتــزجـي الـشـم

1 402شرح دیوان المتنبي ،م س،ص 2

Page 174: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

160

كــالب فـبـات لفـارتـاع ــوتـن صمه

درـن صوم فـن خـوم الـشـوامـت ع1طـو

فالزمن عند النابغة الذبياني من خالل لوحة الصيد يتضح أنه زمن معاد تتضح فيه هنا إال معادال موضوعيا )وحش وجرة (فما الثور الوحشي ،معالم الصراع من أجل التملك

إال صورة لنوائب الدهر المتعاقبة، فهي وما صورة الكالب المطاردة للثور هنا .لإلنسان .2رغبة بشرية في التفلت من ربقة الزمن والبقاء في صورة الخلود حيث الالزمن

ومن خالل التوطئة السابقة نلج إلى صور الزمن المستدعاة من التراث الشعري رتين صو ل ، وقد فصلناها فييوالتي احتضنها النص الجواهري ليكثف بها مساره في التشكمن خالل ثنائية الزمن صورة:نرى أنهما من أهم صور الزمن في شعر الجواهري ،األولى

غتراب لما له من أثر في التجربة خالل اال الثانية صورة الزمن منالحياة والموت، و .الشعرية للجواهري وقد عاش طويال في المنفى

) المتناص معها(صوص ومن أهم وظائف الدرس التناصي أنه يسعى إلى إيقاظ الن لهذا كان اختيار , والنائمة في أحضانه ويمنحها أبعادا جديدة لعلها لم تكن تدرك من قبل

مبحث صور الزمن المستدعاة في شعر الجواهري مهما كي تسير الدراسة في مناح جديدةاثية ومختلفة إذ تقوم بتتبع عملية استحضار الصور الزمنية في مصادرها الشعرية التر

.وأشكال اندغامها في النص الجواهري، فتنبعث من جديد

17،ص2، ط1977قیق محمد أبو الفضل إبراھیم ،دار المعارف ، القاھرة ،دیوان النابغة الذبیاني ، تح 1 391ص15،ع،2012،كلیة ااآلداب ،جامعة الكوفة،مجلة اللغة العربیة وادابھا ، الزمن في شعر النابغة الذبیاني،أوراس نصیف محمد ینظر ، 2

Page 175: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

161

وصور الزمن في شعر الجواهري تتصل بجذورها في التراث ، تلك الجذور التي نحتت منها هذه الصور بطرق مختلفة حتى بدت وكـأنها جديدة كل الجدة عن الصور في

لى مصادرها التراثية إعين وسنعرض صورا للزمن في شعر الجواهري راج. المتناص معها .حيث يمكن التمثيل لها في محورين

:الزمن من خالل ثنائية الحياة والموت 2-2

:امتياح الصور القديمة - أمام الموت - أ

تعد ثنائية الحياة والموت من أهم الثنائيات التي تعهدها الجواهري في شعره، شأنه د الذي طالما شغل العقل البشري ، شأن جل الشعراء الذين عكسوا من خاللها هاجس الخلو

.فالزمنية من أهم مميزات اإلنسان التي يدرك بها أن مآله إلى الزوال

والثنائية تتجلى بطرق عدة مكثفة في شعر الجواهري، فمفهوم الزوال الذي يتهدد الشاعر وأثره الفني متالزمين حيث يكشف عن هذه الحقيقة المؤلمة بمرثية نظمهاعندما فجع

، وقد رثاها )مناهل(وهو بعيد عنها، كما نكب بوفاة زوجته )رامونة(ت طفلته الصغيرة بمو :بقصيدة بكائية مطلعها

اهللا ما ألقى وما أجد ةمفي ذ ه كبدهذ خرة أمص هأهذ

عنه فكيف بمن أحبابه فقدوا قد يقتل الحزن من أحبابه بعدوا رأي بتعليل مجراها ومعتقد رسلها الدنيا ويتبعهاتجري على

جهلهم غد أعيا الفالسفة األحرار فتيهفي د ماذا يخبي لهم وال تزال على ما كانت العقد طال التمحل واعتاصت حلولهم 1فال الشباب ابن عشرين وال لبد ليت الحياة وليت الموت مرحمة

2/88الدیوان 1

Page 176: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

162

لقد غطس الجواهري في صدى عيني زوجته الفقيدة والقبر يحول بينهما، فال يجد غير النعي لمن فقدها وأصبحت تعزله عنها مسافات ال شأن لها بالقياسات، وتفتت فؤاده أمواج الفراق ونار الشوق لحدث عصت كل السبل فهمه هو من شؤون

ما يحلو له متحررا من طغيان الدهر ودروبه، كان يحلم أن يعيش الحياة معها ك، والجواهري يتماهى مع صورة الموت المتناثرة الموت الذي أصبح حائال بينهما

أشكالها في الشعر الجاهلي خاصة باعتباره رافد تراثي كبير نهل منه الجواهري موقف الشعراء الجاهليين من الموت كمصير تعابيره ونسجه الفنية ، حيث امتاح منه

لم يكن الشعر الجاهلي شعر مناسبة وإنما كان يصدر عن فلسفة تمس و محتوم ،أنفسهم ،أوتمس أقرب الناس إليهم، فالشعر كان قائما على الشعراء الجاهليين

1.اإلحساس المادي ال على التأمل الفكري المجرد

فالموت في الشعر الجاهلي كأس دائرة سينهل منها الجميع ، ومغادرة هذه ا أمر حتمي، هو الغربة والبعد الحقيقي الذي ال رجعة منه ، المفارقة تكمن فيالدني

العودة ، واألمل والشوق لمن أبعده الموت ونأى به، لقد أفصح الشاعر استحالة إدراكالجاهلي عن فكرته ، وقام بإيصال رسالته التي تتصف بالمفارقة، بصورة واضحة بعيدة

: الطائي ، نسمعه يقولعن التشويش،فهذا أبي زبيد

هائـرــاجـــري إذ جئت زا هي ــرجاله كاتادع نم ا كانم

نلى مع لامر السالقب باحا صي رالقب لقائه ونـــــال د2ح

وت القاهرة ، يعاتبه رادته ، وإنما بإرادة المإفهو يعاتب صاحبه الذي هجره دون على هجره ، برغم معرفته التامة بأن الهجر ليس من طباعة ، فهو هجر أوجبه القدر الحتمي، ويرمي شاعرنا السالم على ساكن القبر ، ويعلم إن السالم كما هو اللقاء ،

مفارقة شعورية ، تضافر القدر بمأساويته ،وشعور الشاعر ومحبته .. دونهما القبر .زن والعاطفةحسجها بتوتر تضادي عالي ال،على ن

106، ص1995، 1ي ،مكتیة لبنان ناشرون ، طمصطفى عبد الشافسي، شعر الرثاء في العصر الجاھل:ینظر 1 70،ص1967نوري حمودي القیسي ، مطبعة المعارف ، بغداد،.شعر أبي یزید الطائي ، جمعھ وحققھ ،د 2

Page 177: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

163

:استرفاد بساطة الصور القديمة - الموت حقيقة -ب

ونالحظ أن حقيقة الموت عند شاعرنا ، ال تنبع من العقل الواعي فحسب، ولكن من العقل الباطن ، وال يستمد من الوعي الفردي فحسب ، ولكن من وعي الجماعة

.أيضا

وهذا الوعي . ة هو المصدر الحقيقي لإللهام الفني العبقري وعي الجماع(إن تيار ينحدر من الماضي إلى الحاضر بعد أن يزود ه كل جيل بروافد جديدة ، وقد أدرك الشاعر الجاهلي مصيره، ووعي ذلك المصير ، وعيا مؤلما يحفه االستسالم والقبول

ذى ويستعد له ويتحوط ،ولكن بمصير مجهول غامض ، فاإلنسان بطبيعته ينفر من األمع الموت يسير برضى المقهور على أمره ، المستسلم لمصيره ، البشر جميعا ماضون في رحلة الموت ، يحثون الخطا نحو نهايتهم ، إلى حيث صار جميع من سبقهم في هذه

:س بن ساعدة األياديق، يقول 1)الرحلة

لنا بصائر ـن من القرون في الذاهبين األوليـ

للموت ليس لها مصادر لما رأيت مواردا

2يمضي األصاغر واألكابر ورأيت قومي نحوها

هنا يعترف اعتراف المدرك لمصيره ، ومصير من سبقه ، الخطيبالشاعر

رأى بأم عينيه موارد فقد ،وينحني انحناء الخاضع النتصار الموت ، واإلقرار بحكمه .البشر جميعا ، الذي ال يصدر وال يعود عنه أحد منهم

لجواهري يتهم الفالسفة بالجهل، أمام الموت وعدم وصولهم لما يهدي البشر لمعرفة وا :ال يوجد فلسفة اسمها الموت أو البحث في ماهية الموتفهذا المجهول،

25،ص197 7,الجمھوریة العراقیة، وزارة االعالم، مصطفى عبد اللطیف ، الحیاة والموت في الشعر الجاھلي ، 1 34،ص 2010 منشورات الجمل، ،حیاتھ، خطبھ، شعره: اعدة االیاديقس بن سالربیعي أحمد حاجم ، 2

Page 178: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

164

جهلهم غدذا يخما أعيا الفالسفة األحرار فتيهفي د بي لهم 1وال تزال على ما كانت العقد طال التمحل واعتاصت حلولهم

وهو بهذا يعود إلى التعامل مع حقيقة الموت بالتماهي مع فكر الشعراء وهو فناء الجسد وأن الموت يرصد اإلنسان ،الجاهليين الذين اعتبرو الموت شيئا طبيعيا

واليعلم أحد متى يحين موعد لقائه مع الموت ، يقول ،ب منه أينما كاندوما وهو قري :طرفة بن العبد

المتشدد الفاحش مال عقيلة ويصطفي الكرام يعتام الموت أرى

ينفد والدهر األيام تنقص وما ليلة كل ناقصا كنزا العيش أرى

كرملع وت إنا المل الفتى أخطأ مخى لكالطورالم اهنيوث دبالي

2ينقد المنية حبل في يك ومن لحتفه يقده يوما يشأ ما متى

) فراتالأم ( لجواهري أيضا استخرج مفاهيمه من تجربة عاشها لفراق زوجته وا وحاكم المفاهيم التي تعلمها ،،ولم يجد له عزاء إال الخروج من إطار الظن الذي يراوده

:ليسجل همومه في دفتر الصوت المخنوق لذا يصب جام حزنه قائال

ه لحر الدمع أتبردعزت دموعي لو لم تبعثي شجنا رجعت من

خلعت ثوب اصطبار كان يسترني وبان كذب ادعائي أنني جلد

بكيت حين بكا من ليس يعرفني ونحت حتى حكاني طائر غرد

3كما تفجر عينا ثرة حجر قاسي تفجر دمع قلبي الصلد

نسرحة غير ،بسيطة موهذا يتماهى مع مرثية الخنساء التي شكلت بكائية مرصعة بذكر مناقب الفقيد ، والشك أن الجواهري يسترفد متكلفة في إظها لواعج الحزن والم الفراق

/2الدیوان 1 60،ص1961دیوان طرفة بن العبد، تحقیق وشرح كرم البستاني ،مكتبة صادر ، بیروت ، 2 2/79الدیوان 3

Page 179: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

165

حبسا في صورة من فقد ، تقول ويجعله منأيسيل دمعه من هذه المرثية مايؤجج حزنه و :الخنساء في رثاء أخيها صخر

أال تبكيان لصخر الندى ؟ أعيني جودا وال تجمدا

1أال تبكيان الفتى السيدا؟ الجريء الجميل أال تبكيان

:وتقول

أقذى بعينكاربالعين عو أ مارا الداهله فت اذخلت منذر م

فيض يسيل على الخدين مدرار كأن عيني لذكراه إذا خطرت

الترب استار ودونه من جديد تبكي لصخر هي العبرى وقد ولهت

لها عليه رنين وهي مفتار تبكي خناس فما تنفك ما عمرت

2ن الدهر ضرارأذ رابها الدهر إ تبكي خناس على صخر وحق لها

فاإلنسان حين تهوى نفسه حسرات تغمس بالحزن العميق يؤثر به مشاهدة خوص ال يجد فيهم أي عزاء، ويخالط حواسه بعض الظلمة الموجة تلو الموجة بين ش

لحميمية الموقف وتتجلى أمامه عواصف الدهر، والجواهري وإن امتاح من بكائيات التراث قد أخذت التجربة عنده معنا آخر غير اإلحباط المتذبذب، وتبنى البحث عن عالقة تحمل

:تحويله إلى نغماتالتساؤل وتشمل المعالجات لنقل التأثير بالذي حدث و

أستوحـي غياهبـه قبرك اجيت

فيحال ض ال عليه عنجعم ـدفي

القلب قاحـلة قفرة في ورددت

131، ص 1985إبراھیم عوضین ، دیوان الخنساء دراسة وتحقیق ،مطبعة السعادة ،القاھرة ،1

147المرجع السابق،ص 2

Page 180: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

166

يجـد فال صدى الذي يبتغي وردا

ـحما ولفني شب كان ــهأشبه

حول الوجه ركشـع دعبج دـقنع1ي

: االغتراب استحضار صور - 3

،أما في االصطالح فهو شعور الفرد 2االغتراب في اللغة هو االبتعاد والنزوح العالم كله سجن ، ومن ثم إحساسه بأن 3بالعجز عن التالؤم واإلخفاق وعد التكيف مع المحيط

شعره بأنه غريب بين أهله وناسه، بل هو غريب أينما حل أأقحم فيه مرغما فكبله بقيود و .4وحيثما ارتحل

في العالقات اإلنسانية إنما يدل على ) االغتراب (إن تداول مصطلح ، وإن هذا اإلحساس وما يكتنفه من مشاعر ورؤى ليس أمرا 5اإلحساس الذاتي بالغربة

وإنما هو أقوى دليل على حيوية الذات وقوة نبضها، وال سيما إذا وظف ذلك في سلبيامجال الفنون واآلداب وبخاصة فن الشعر إذ عادة ما يتولد االغتراب عند الشاعر إذا كان

. يحمل رؤى وأفكارا وتطلعات متميزة يقصر الواقع عن االلتحاق بها أو التعاطي معهافرد والوحدة والعجز عن التجاوب مع المجتمع بسبب من ومن ثم يتكاثف الشعور بالت

.6حصول شرخ في العالقة الفاعلة بين األنا واآلخر

2/89الدیوان 1 417،ص08،ج 2011بیروت،دار صادر ،، مادة غرب باب الغین ،: لسان العرب ابن منظور ،: ینظر 2 16،ص1980, مؤسسة العربیة للدراسات والنشر والتوزیع، ترجمة كامل یوسف حسین ، االغتراب ریتشارد شاخت ،: نظری3 64،ص 1984 بیروت،دار العلم للمالیین، ،المعجم األدبيعبد النور جبور ، 4

.16 ،القاھرة ،ص1970، معھد البحوث والدراسات العربیة ،الحنین والغربة في الشعر العربي ماھر حسن فھمي ،: ینظر 5

44،بیروت ،ص 1977, بیروتدار العلم للمالیین، ،خصام ونقد طھ حسین ،: ینظر 6

Page 181: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

167

ولعل من أبرز تداعيات االغتراب عند الشعراء تجلي أحوال نفسية منها االكتئاب والقلق والحزن ولوم الذات والشعور بالوحدة والفراغ النفسي وافتقاد األمن وغلبة التشاؤم

وتتمثل هذه . ،داخل دائرة زمنية مغلقة ، حيث ينزع الشاعر إلى ذاته ويغترب عمن حولهالحال فيما يصدر من نتاج الشعراء، فيخرج شعرهم منصهرا بدواخل ذواتهم، وهي سمة تتعمق عند الشعراء ذوي العاطفة القوية واإلحساس المرهف فإنهم يجدون أنفسهم يحتمون

م بها اآلخرون فيستمتعون بذواتهم ويتلذذون بالتيار الدافق في من الجروح التي قد يصيبه .1أنفسهم، ألنهم لم يجدوا من يشاركهم همهم أو يشعر به

:استحضار تجارب االغتراب3-1

والحنين إلي الوطن في شعر الجواهري ليس حنينا مرتبطا بالمكان دائما ، بل هو ت، والحاضر حيث المنفى ،والمستقبل حيث حنين وثيق الصلة بالزمن الماضي حيث الذكريا

حيث يستبد اليأس بشاعرنا أمل العودة، وهو ممزوج باأللم و العنف و الحقد علي الواقع ،وهو يكابد السهر والتحنان إلى بلده العراق، ويعلم علم اليقين أن عدم السلو والحنين الدائب

بلغ به الحنين ويد األهل والدار، وأنه لطالما هو يعيش الغربة بع،إلى الوطن ال يغنيانه شيئا ما بلغ ولو أنه لم يسل الوطن لحظة واحدة، فإن هذا ال يقربه قيد أنملة من أرض الوطن

لكي يرى األحبة عيانا أو يطأ ،فاالشتياق والحنين قصرا به وعجزا أن يقرباه من مبتغاه :اح إذ قال فـي قصيـدة أطياف و أشب ويلثم تربة الوطن الغالية

ـراققي للعطال شو ت وهرس ــاقيبـاشت نـو بعيددـل يه و

و لا ليلي هنـاك بسحــر راق و مـا ليلـي هنــا أرق لـديغ

2المعاطـن للنيــاقكمــا حنت و لكـن تربـة تجفـو و تحنـو

.263 ص:القاھرة ،1961, مطبعة شركة التمدن الصناعیة ،علم النفس واألدب،العالقة بین ، سامي الدروبي ینظر 1 . 479، ص 1ج ،1988،بیروت،شر والتوزیعمحمد مھدي الجواھري ، ذكریاتي ، دار الرافدین للطباعة والن 2

Page 182: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

168

وهذا يتماها مع حنين الشاعر األسير أبو فراس الحمداني إلى وطنه وإلى زمن كان يعانق فيه فضاء المورد كما تعانق اإلبل مرابطها العذب، لكن قومه أسلموه إلى زمن

، وهم الغربة هم الغربة في المكان: فهو يحمل هميناالغتراب الذي يشبه طعمه طعم القتل :في الزمان

يا أمتا هذه منازلنا

نتركها تارة وننزلها

يا أمتا هذه مواردنا

نعلها تارة وننهلها

أسلمنا قومنا إلى نوب

ساأيي القلوب أقتلها فه1ر

و مـن يتصفح دواوين الجواهري يجد أن في الكثير من قصائده أبياتا، يتجـه الشاعر فيها

:إلي االتجاهين

عصر ازدهار األدب ىاألول هو اتجاه الغربة الزمانية التي يحن الشاعر فيها إل :العربي فـي العصـر العباسي، فيقـول

2و كـون أعصـابي لغيـر بلادي زمان كون الدهر نزعتي لغير

.263ص ،2،1994،طخليل الدويهي ،دار الكتاب العريب .،الديوان ، شرح دفراس احلمداين أبو " 1 . 1/367الدیوان 2

Page 183: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

169

و الثاني هو اتجاه الغربة المكانية الوثيق الصلة بالغربة الزمانية، و هو نتيجة أسفاره إلي أنحاء العالم متطوعا أو مضطرا ، فهو من شرخ شبابه ذاق هذه الغربة، فزمن

فيغدو ملتسقا شعوريا بذلك ،من متطاول ممتد يشد إليه زمن إزدهار التراثالغربة هو زالشعر في العصور ليه حنينه ليعود مضمخا بأبها حللالزمن يمتاح منه صوره ويرسل إ

.الشعرية الزاهرة

ويشتد به الشوق حتى يتجاوز قدرته ويفوق تحمله غير أنه يجالد ويصابر، ،على أنه يبين أن ما به من الغربة من لوعة قد أجج نيرانها إضافة إلى ممنيا النفس بالوصال

هجر األوطان االبتعاد عن األحبة وشوقه العارم لرؤيتهم ،ورغم كل الرغد المتوفرة له في .الغربة فإن العيش بنظره يبقى مر المذاق وسبب مرارته هو البحث عن األحبة والديار

كلفتــم قلبـي مــا لايطــاق العـــراق أحبـابنا بيـن محـاني

كــمــدعــه بمطع ش مــريـذاق العالم رم دعالب ف لا وكي و

هنيئـــا لـكــم كمـاليـاق كــل ليحهري كله في مدو بيض

إمرؤ م قي النفسي سهوي لي اق نو تـومـن الم 1إلا إذا كان

وهذه الصورة المتألمة من البعد المكاني عن األحبة والتي زاد من وطأتها الزمن الذي تطيله الغربة فتتحول الليالي إلى دهر ، يستحضر فيه الجواهري تجربة مالك بن الريب

يها على الموت في صحرائه لوحده ، فالصحراء وهو يشكو ألم الفراق وغربته التي شارف فبذلك غدت صحراء شعورية ممتدة عبر الزمن ترك فيها الشاعر وحيدا متحسرا على ذهاب

:األحبة ومكوثه لوحده يرثي نفسه

. 200 /1الدیوان 1

Page 184: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

170

يقولون ال تبعد وهم يدفنونني

ياأين مكان البعد إال مكانو

لى غدي عف نفسا لهي اة غدغد

ا أدلجوا عني وخلفت ثاوياذ

أصبح مالي من طريف وتالد و

1يري، وكان المال باألمس ماليالغ

هري أن ينسى وطنه الذي يعيده ذكريات طفولته و الصبا و هو وال يمكن للشاعرالجوا :يشتاق إلي فراته و أهله و شواطيء بلـده

غــدادب ـههجميـل وج طـنـول وسعلة مجد نم هابرض و

فيـه تهيج صبابتي و أصيـل كيف السلو و ليس تبرح بكرة

ـهلأه ات وطليـل إنـي لأشتاق الفـر ليـهل عقنـي ظروي و

هفحعـة سور و ئهشاط بأح نخيل و لي األمواج فيهنو ع2تح

و رغم كل ما أضفت عليه الغربة من عناية وما قدمت له من خدمة وما وفرت له يرى العز إال في بلده، وهو يرى لنفسه عزاء من ذلك الغربة الذي من احتياجات فإنه ال

وتراه في قصيدة أخرى يفضل حر .يعانيه في تذكر العز في بالده رغم طول المسافة والبعد العراق بكل ما فيه من معاناة على برد النعيم الذي يعيشه في بالد فارس، والذي لم ينسه

.271 - 269ص 3196, بیروتدار صادر، جمھرة أشعار العرب ،أبو زید القرشي ، 1 2/276الدیوان 2

Page 185: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

171

نجوى والحنين إلى وطنه لتطوي غربته ناشدا ومنشدا الوطن واألهل فيبث رسائل الشوق وال :فيها أمل الوصال

فإني إلى حر العراقين ميال فمن شاقه برد النعيم بفارس

1فؤاد ي خفوق مثلما يخفق اآلل أحن إلى أرض العراق ويعتلي

وهو يستدعي هنا تجربة أبي فراس الحمداني وهو قيد األسر ،فقد جمع بين جربتين االنفصال الزماني والمكاني عن الوطن، فالجواهري يشده حر العراق والحمداني الت

تشده أرض المعارك ، والحمداني يرى أن حنينه إلى تراب وطنه ضعفا واستجداء في سجنه، فطعم المشهد وأخفاه بصورة حنينه إلى أرض المعارك، بينما الجواهري يستبد به الشوق

.عراق حربا وشمسا أفضل من أي مكان ويرى أن حرارة أرض ال

من قللتوإذا كانت فروسية أبي فراس وبطولته وكثرة مشاركاته في المعارك فإن تجربة أسره قد ولدت لديه اغترابا أشد ألما وأكثر مرارة ،غتراب وطأة اإلحساس بهذا اإل

ذلك في قوله جراء فقدانه لممارسة فروسيته وما اعتاده من مزايا ومناقب وقد عبر عن :واصفا حاله في األسر

يرعى النجوم السائرايوف مكانهفقد الض واستوحشت لفراقه

وتعطلت سمر الرما

ت من الطلوع إلى األفول وبكاه أبناء السبيل يوم الوغى سرب الخيول

2ح وأغمدت بيض النصول

فيظل ساهرا ليله يراقب نجومه طيلة هذا االغتراب أبعدته عن النوم إن شدة ظهورها وهو يعبر عن تأثره وشعوره بأن الضيوف سوف يفتقدون قراه، وأن الفقراء سوف

1/207الدیوان 1 273ص، 1994، 2خليل الدويهي ،دار الكتاب العريب ،ط.،الديوان ، شرح دفراس احلمداين أبو" 2

Page 186: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

172

يبكون عطاءه حتى أن أجواء المعارك وما تشتمل عليه من عدة وأسلحة قد أحست الوحشة .ألنه الفارس الشجاع الذي ال يشق له غبار في مختلف الميادين ،إزاء غيابه

وهنا أراد الشاعر أن يقول إنه ليس وحده من يشعر باالغتراب بل أن هناك شعورا متبادال يكمن في ساحات المعارك وما تشتمل عليه وفي ما تحسه الناس بفعل مآثره وما

بينما الجواهري ليس وحده أيضا ، فهو يتبادل مع أهل خفق القلب ،عالمة تشارك . يتميز بهاللقاء ، فالجواهري اليخرج حنينه إلى الوطن عن هذه الدوائر شعوري باحث عن دفء

التراثية المترعة بحب اللوطن والحنين إليه، حيث يطول الزمن ويمتد ليصبح زمنا شعوريا يعيشه الشاعر ، ويكون هذا وسيلة لتكثيف تجربته الشعرية وهو يضفي على مكابدته للغربة

.سمات استجلبها من التراث الشعري

:استدعاء صورة الوطن 3-2

فنظـر الشوق . غمـره شـوق وطنـه ) براغ(و لما كان الشاعر فـي منفاه فـي ، حيث تصور الشاعر لنا حرقته إلي الوطن و ) يا دجلة الخير(مخاطبا دجلة في قصيدة :دجلة و ضفافها و أمواجها

دجلة الخير يا أم البساتيـن يا حييت سفحك عـن بعد فحيينـي

ظمـآنـا ألـوذ بـه ـكفحت سييالطين ح و اءالم نيائم بمذ الحلو

1حتي لأدني طماح غير مضمون قد هانت مطامحنا : يا دجلة الخير

إلي الوطن من خالل النهر و يمتزج بين نفسه و لقد عبر الجواهري عن حنينه .النهر كما أشرنا آنفا ، فهو يختار من الطبيعة ما يثير عواطفه و همومه

203 /4 الدیوان 1

Page 187: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

173

ويكافح الجواهري آالم اغترابه، لكنه ال يقوى على إخفاء ضجره من طول حد االكتواء غربته وال تلوح في األفق بشائر عودة في القريب العاجل، ويبلغ به الشوق

فتهزه وتثير شجونه كل طارقة وبارقة ويستحث حنينه وأنينه كل سامر تدغدغ نغمات شاعرنا المغترب فيبلغ منه الضجر من نفسه وقعا ال يقدر على إزاحته حتى لو مواويله أذن

:هرب منه إلى الكأس أو إلى الطرب واللهو

يا سامر الحي بي شوق يرمضني

ى اللذات إلى النجوى إلى السمرإل

يا سامر الحي بي داء من الضجر

1عاصاه حتى رنين الكأس والوتر

وبهذا يريد الجواهري الخروج من دائرة زمن االغتراب الذي أضناه إلى دائرة المطلق الطرب الذي يخفف من ألم انغالق تلك الدائرة امتدادها حيث تخفي نهايتها وكأنها

الزمني الذي تضيع في آمال العودة وتزداد فيه أالم غربته ، ولهذا الشعور ما يتماها معه في .الشعر العربي القديم كم أسلفنا

فالجواهري قد امتاح من تلك الفضاءات االغترابية التراثية ، ألنه يؤمن أن لوعة تكثيف تجربته بنماذج عديدة فلم ينفك من ،الغربة واحدة عبر األزمنة وهي فياضة بالصور

.من تلك التجارب التراثية السابقة

5/309الدیوان 1

Page 188: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

174

:إعادة التشكيل الداللي -4

لنص الغائب إذا هو النص الذي تعاد كتابته تناصيا في نص جديد، وهو المصدر ا الذي يستقي منه النص الجديد المادة األولية إلنتاجه، ويتضمن الرموز واإلشارات التاريخية

االجتماعية والتراثية المختلفة التي تتوافر في النص الجديد دون اإلشارة إليها بشكل صريح وأو مباشر، وهو ما لم يقله النص، ولكنه يشير إليه، وهو خالصة لما ال يحصى من النصوص الكائنة في الذاكرة أو القابعة في الالوعي الفردي أو الجمعي، وكل إشارة في

جه وتشير وتومئ إلى نص أو نصوص أخرى، ويكون الصوت القديم النص الجديد تتومخبوءا في الصوت الجديد، كما يكون الحضور داال على الغياب، وهذا يوصلنا إلى أن النصوص تتسرب إلى داخل نص آخر ذاتيا وآليا، حتى إنه ال يعود ثمة وجود لنص محايد

لنصية، وقد قال بارت في معرض حديثه عن قراءاته أو بريء، ويصبح النص مرادفا للحياة اأتذوق سيطرة الصيغ، وقلب األصول، واالستخفاف الذي يستدعي (لنص أورده ستاندال

.1)النص السابق من النص الالحق

هجرة هي إن هجرة النص من فضاء إلى آخر، أو من ماضيه إلى حاضره، ( تكون في نص آخر وفضاء آخر وزمن آخر، وتتطلب اختراقية تحولية، فهو ينبثق من نصه لي

هذه الهجرة المتعددة األبعاد أن يتحول، فقد كان في ماضيه يقول شيئا، وعليه أن يقول شيئا آخر مختلفا وبطريقة مختلفة في حاضره أو وضعه الجديد، وتتطلب هذه الهجرة أن يحيا

وارية والتفاعلية، وتعني إعادة إنتاج النص في ظروفه الجديدة حياة أخرى من خالل الح، وربما تعني أيضا إعادة إنتاج جنسه، فقد .2 )النص إعادة إنتاج دالالته ومبناه وشكله وحجمه

يكون النص تاريخيا أو دينيا أو أسطوريا، ثم يغدو شعريا، ويكتسب النص الغائب في هجرته .بلالجديدة، مالمح وصفات جديدة، لم تكن فيه من ق

1 BARTHES, ROLAND - LE PLAISER du texte - paris - 1973--p.59.

54م ص 2000منشورات اتحاد الكتاب العرب، . ر خلیل الموسى ، قراءات في الشعر العربي الحدیث والمعاص 2

Page 189: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

175

وال يكون النص الغائب حاضرا إال إذا كان فاعال، وال يكون فاعال إال إذا كان وليس بمقدور أي نص أن يكون فاعال (مضيئا وصالحا إلضاءة أخرى أو تجربة معاصرة،

1.)خارج إعادة إنتاج ذاته ومنتوجيته

هو ال يعقد الحوار ف،وعلى هذا األساس يبني الجواهري قصائده في مرحلة النضج مع النصوص السالفة ليعيد كتابتها على نحو صامت، بحيث يشير إلى تلك الداللة التي أثارها النص الغائب، وإنما يستحضر تلك النصوص ليلقي عليها كثافة وجدانية جديدة، تجعل

طة النص الحاضر منفتحا على امتداد زاخر باإليحاء والدالالت الجديدة، ومن ثمة تظهر سلالمبدع في نصه بحيث يقول ما لم يقله النص المعارض الغائب، ويتم ذلك من خالل استعادة النصوص السابقة في سياقات جديدة وتجربة شعرية مخالفة، فتنزاح داللتها ويتم تحويلها في قلب اللغة، وبذلك تنتج الداللة الجديدة للنص الحاضر؛ الذي قد يكون ثائرا على داللـة

أو مشوها لها أو امتدادا لها وتطويرا ،المشـتغل عليـها، أو ساخرا منهاالنصـوص .2إلشارتها

حقيقة مختفية وراء كل نص ( وهذه الداللة الجديدة التي تنتج عن تداخل النصوص ويعود اكتشافها إلى ذكاء القارئ وسعة ثقافته، وقد نرى عشرات النصوص في بطن نص

من ذلك قارئ آخر؛ ربما ألنه ال يملك نفس القدر من الحس واحد، بينما قد ال يرى شيئا 3).الشعري، أو الثقافة الكافية الستدعاء هذه النصوص

: الموروث دالالت التماهي –الذات 1- 4

وأن نقرأه قراءة تستشرف ما تراكم فيه من ،نستطيع أن نتلمس النص الجواهري ت ، فنجد استحضار الشاعر لجملة معطيات دالالت وإيحاءات تتخفى خلف الكلمات والسياقا

.96ص -م1998 -2ط -الدار البيضاء -بيروت -المركز الثقافي العربي - حداثة السؤال -بنيس، محمد 1

255،ص 1975عباس علوان، تطور الشعر العربي الحدیث في العراق ،منشورات وزارة اإلعالم ، الجمھوریة العراقیة ، : ینظر 2 288: ، ص 6،ط2006 محمد الغذامي، الخطیئة والتكفیر،المركز الثقافي العربي ،الدار البیضاء، المغرب،عبد هللا .3

Page 190: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

176

هذه تداخل تالفلكلوري والديني واألسطوري،وقد :من التراث ومحاكاتها واستنطاقها،منها .على نحو ما، بحسب ما تقتضيه الفكرة ، ويتطلبه النص المعطيات

) يا دجلة الخير (يحاول الشاعر اعتمال كل هذا من أجل أن يجعل من قصيدته لذاته،وللذوات األخر الهاجعة في زوايا ذاكرته،عبر استلهام الطبيعة،بطريقة أشبه ما مناجاة

إذ تدور عملية اإلفضاء هذه في فلك المراوحة بين الواقع (تكون بعملية اإلفضاء الرومانسي، فالذات المنتجة للنص تستجدي في مرآة ذاتها خصائص مؤثرة . المعاش والذكرى والخيال

وصورة .مكان األهل ورمز الوطن ولون خضرة النخيل الغافية على ضفافه،وهي 1)فيها 2وجه أمه التي غيبتها يد القدر،وكان لهذا الغياب وجع في النفس لم تستطع األيام أن تمحوه

حييت سفحك عن بعد فحييني

3يا أم البساتين, يادجلة الخير

رحم الحياة ، فيقوده حنينه هذا ،عبر تمظهراته الال ) دجلة(لى أمه فالشاعر يحن إشعورية ، التي تستدعيها الذاكرة بلذعة حزن طافحة،إلى وجه أمه،أو ربما رحم أمه،ذلك

.الذي حمل تضاريسه في ذاكرته طويال ) الوجه(المكان

يتم بتحية فحيوا وإذا حي (وربما تساوق هذا المستهل الشعري مع نص قرآني هو اآلية ، وكأن الشاعر هنا يريد من دجلة أن تبادله التحايا،وهو ال يقبل من )بأحسن منها أو ردوها

التحية إال أحسنها،ونظن أن األحسن في نظر الشاعر هو احتضان الوطن له ، وإن حصل

.، المقدمة 1979، 1جدلية الخفاء والتجلي ، دار العلم للماليين ، بيروت ، ط بو ديب ، أكمال 1 2015، 1، العدد 23جلة جامعة بابل ، العلوم اإلنسانية ، المجلد م ینظرأحمد رشید وھاب ،ارتحاالت الذات بین اإلنكفاء واالنفتاح ،مقال،2

5/83الدیوان 3

Page 191: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

177

التحية عليه بمثلها ، ففي ذلك إشارة إلى التواصل ) دجلة(أضعف اإليمان، فهو أن ترد .الروحي بين دجلة وذات الشاعر

وتأسيسا على هذا،نستطيع أن نزعم أن الشاعر استطاع أن يوظف التراث توظيفا فنيا متميزا ، وأن يحدد أطر العالقة بين ذاته والتراث،وكيف يتعايش النص مع التراث، وكيف

ة اليعيش فيه نتيج(بحسب عز الدين إسماعيل –فالتراث . يعيش التراث داخل النص؟ .1)تراكمات ال إرادية،وإنما يعيش فيه كيانا بنائيا مقصودا له أبعاده الفكرية واإلنسانية

حييت سفحك ظمآنا ألوذ به

لوذ الحمائم بين الماء والطين

يادجلة الخير يا نبعا أفارقه

على الكراهة بين الحين والحين

يون الماءصافيةإني وردت ع

2نبعا فنبعا فما كانت لترويني

في البيت األول يحاول الشاعر أن يختصر مرحلة األشواق ويكثفها من خالل اتحاده الصوفي بالنهر؛ وذلك من خالل اتكائه على رموز تراثية ودينية وأسطورية وغيرها

ن تسلط هذه الفكرة، فكرة االنتماء إلى للتعبير عن ذاته الولهى تعبيرا غير مباشر، فيكشف عإنا (: األرض والماء والطين ، وهذا ما تجسده االستعانة بمعنى من معاني اآلية الكريمة

.3)خلقناهم من طين الزب

الدلمونية (أما ما يتعالق مع المتصور األسطوري فهو يعيد إلى أذهاننا األسطورة دائبة والمتصلة بين الماء والطين، إذ تكشف هذه التي نتلمس فيها الحركة ال ،) القديمة

. 29، ص 1973، 2الشعر العربي المعاصر ، دار العودة ، بيروت ، ط،عز الدين اسماعيل 1 5/83 الدیوان 2 37سورة الصافات ، آية 3

Page 192: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

178

األسطورة عن توثيق العالقة والتفاعل بين الماء والطين الذي ينتج عن تمازجهما أصل وكأن الشاعر هنا يعتنق الحياة نفسها،عبر لواذه بمكونات الحياة وعنصريها . الكون والحياة

وظيفا فنيا خفيا،ال يشير إليه في النص وهكذا توظف األسطورة ت). الماء والطين(األولين صراحة، وإنما تتلمسه القراءة المتفحصة الدقيقة،إذ تلحظه القراءة المؤولة بشكله الحي

.1الفعال،وهو يتسرب من بين أصابع اإلبداع إلى حيث بنيته العميقة في النص

ولذلك تغدو الصورة معاصرة ، وتخرج عن دائرتها الزمنية وعلى كونها ( إذ ينتج النص دالالت جديدة من خالل لجوئه إلى التصور األسطوري، الذي ينبع .2)تاريخا

فالذات . فيغدو توترا بين صوت الماضي وصوت الحاضر) مفارقة الزمن(في حقيقته من ، وهي المقولة أو ) موطنها(مكانها األول / الشاعرة تشير هنا إلى ارتباطها العميق بجذورها

عتصم بها اإلنسان في رحله وترحاله للمحافظة على جذوره ومواقعه التي األسطورة التي ي .3انطلق منها

وأنت يا قاربا تلوي الرياح به

لي النسائم أطراف األفانين

وودت ذاك الشراع الرخص لو كفني

4يحاك منه غداة البين يطويني

،ورسم الصور )الغائب(االندماج بالمغيب أو يلح الشاعر في هذين البيتين على ، فيرسم لنا )مكان الغربة(بالغياب ) المعلب(الخيالية، بهدف الكشف عن خبايا ذاته ووجوده عبر رصده حركة القارب ) الوطن/ المغيب(صورة حركية حية ، يقتنصها من واقع مكانه

65، ص 1980، 3ملحمة جلجامش ، دار الحرية ، بغداد ،ط،طه باقر :ینظر 1 .19، ص 2003خليل الموسى ، بنية القصيدة العربية المعاصرة ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، .د 2 .1981، 4جابر عصفور ، أقنعة الشعر العربي المعاصر ، مجلة فصول ، مصر ، العدد : ينظر 3 5/83الدیوان 4

Page 193: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

179

. الحالة المتأزمة التي تعيشها ذاتهفي نهر دجلة، إذ تهزه الرياح بحركة إيقاعية تتناغم مع فالقارب في النهر تتهاداه الرياح وتداعبه، كما تداعب النسائم اللطيفة أطراف األغصان،أما

الهائمة،فتهزه رياح الغربة هزا عنيفا،وتنزاح به نحو استشراف معالم أليفة ) روحه(قارب ين ومتداخلين في اآلن إلى نفسه ، والشاعر في تجربته هذه،يصور لنا عالمين متباعد

.1)عالم دجلة /عالم الذات(نفسه،

بانتقاله الخيالي الجامح من مكان إلى آخر يصور لنا روحا طامحة –من ثم –وهو إلى البحث عن وجودها المفقود؛إذ إن هذا الوجودعلى الرغم من عدم تحققه الفعلي نرى فيه

ال الفعال،الخيال المتحرك حركة الذات، وقد عمدت إلى صوغه وخلقه لكيانها،عبر الخيمستمرة،أشبه ما تكون بحركة ذلك القارب الذي تلوي به الرياح في أمواج دجلة ، وكأن الشاعر هنا،يقرن وجوده وحضوره وحركته ، بهذه الحركة،فهو يتحرك بتحركها وينقطع

فسية فالشاعر أكسب الصورة دالالت جديدة حيث جعلها تتماهى مع صورته الن.بانقطاعها في حنينه لوطنه ، فالصورة متوجة ال تستقر على حال ، شأن القارب ، إنه إعادة إنتاج

2. داللي اللصورة اآلنية لتشكيلها وفق مايستطيعه الخيال تجسيما لحالة شعورية

:فلسفة الصور المستدعاة 2- 4

يؤكد أن التالحم بين النصوص يخضع ( والتناص بوصفه تداخال بين النصوص 3).قاعدة اإلحالل واإلزاحة ومن ثم يعلي من شأن كل ما هو غائب ومترسب ومزاحل

2015، 1، العدد 23المجلد م س ،ارتحاالت الذات بین اإلنكفاء واالنفتاح ،:ینظر 1

2015، 1، العدد 23المجلد ارتحاالت الذات بین اإلنكفاء واالنفتاح ،م س ،:ینظر 2

.53: ، ص 1992، 1بین الخطاب والنص، مجلة تجلیات الحداثة، معھد اللغة العربیة وآدابھا، جامعة وھران، العدد،یوسف أحمد -3

Page 194: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

180

وقد يكون إلى جانب إنتاج الداللة الجديدة توثيق داللة أو تأكيد موقف، أو ترسيخ –من وجه آخر –معنى، أو مؤازرة النص، إما بتضمين صريح وإما بتلميح وتلويح أويكون

.رفضا لمقولة، أو نفيا لمعتقد

ومن هنا فإن النص الجواهري مهما كان ليس وليد ذاته إال من خالل الرؤية الفكرية والجمالية والتوظيف البالغي البياني الذي يمكن أن تمارسه داللة جديدة، ولعل جمالية

تكمن في الوظيفة التي يقوم بها، ليخدم هدفا ويقوم بمهمة سياقية يثري من ( التناص األساسيةص، ويمنحه عمقا، ويشحنه بطاقة رمزية ال حدود لها، ويكون بؤرة مشعة لجملة خاللها الن

.1)من اإليحاءات تتعدد فيها األصوات و القراءات

ومن ذلك تتكون اللغة الشعرية , حيث يكون مشحونا بالحدث والزمان الدال عليه إن اللغة الشعرية هي ضرب من المخزون الكامن داخل اللغة على حين (داللة وبناء فالداللة

وحينما تكون ,،فضال عن ذلك إن األلفاظ تعطي معانيها واضحة في السياق العام 2)هي بناءن الشعرية تنحرف إيجابا بأساليب القول وذلك ما أل,في الشعر تمأل بطاقات تعبيرية إضافية

متممة وصورة جزئية جانبية , ةفتكون هناك صورة مركزي, يثير المفاجأة في نفس المتلقيأو اللوحة الواحدة مجموعة ,وقد تجتمع في المقطع الواحد , لبناء العمل األدبي ومتفاعلة معه

.وذلك ما توافر في الكثير من نصوص الجواهري ,صور

إن الجواهري أعطى الصورة أو الداللة بعدا فلسفيا فكان التشكيل معمقا من خالل ألنه التزم بالمبادئ , لسوف سقراط الذي بقي خالدااللغة حين عرض للحادثة التاريخية للفي

ومجسدة لتلك التضحية في نص شعري متماسك , فاللغة جاءت معبرة, وضحى من أجلها,

47:، ص1، ع16لى دراسة النص الشعري، فصول، مجلد، شربل داغر، التناص سبیال إ - 1 114.ص 1996محمود نديم خشفه ،مركز اإلنماء الحضاري ،حلب،سوريا ، -تودورف ،األدب والداللة ،ت - 2

Page 195: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

181

إن ما يقرر حيوية هذه الكلمة أو تلك وما يحدد لنا إسهامها في حركة النص الشعري هو ( :، قال الشاعر1)اندراجها في سياق لغوي ملموس

من بعيد من غابرات القرون استمعت هتافا يا نديمي أمس

لنجـاء مشـى به أو كمين إن كن المرء اليهاب مطافـا

ليرى الفكر فوق ريب الظنون ذاق سما ذعافا ) سقراط (أن

2فوق ريب المنون) سقراط(يا نديمي رغم كر السنين ظل

وان , فها جر مرغما ,و سقراط الحكيم وهو من تجرع السم في وطنه الجواهري ه .فهم أحياء في ضمير اإلنسانية ,العظماء ال يموتون

ألنه قدم , حيا على الرغم من مرور عشرات القرون على مصرعه) سقراط(لقد بقي , الشاعر تعكس ثقافة, فالصورة هنا ذهنية فلسفية تأملية, شيئا خالدا لإلنسانية والمبادئ

والواقع إن الصورة الشعرية تكاد تكون في معظمها (واطالعه على اآلداب اإلنسانية ، أي إن االنزياحات 3)صورا ذهنية فلسفية ،إذا أخذنا أدواتها التوصيلية بعين االعتبار

إن الذي يدور في . موجودة إلى جانب االنتقال الداللي داخل الصورة المركزية في النصيتحدث بها , وهي صورة) منذ ألف وأهله شيع(اعر هو واقع بلده المتخم باإلحداث مخيلة الش

والركض ,العراقيون دائما حينما تمر بهم ملمة ليعكسوا واقع مجتمعهم الذي تحكمه البدع .4وهذا ينعكس على بناء الشخصية التي تعاني إسقاطات كثيرة, وراء المصلحة الشخصية

. 38ص.2002قراءات في شعرية القصيدة الحديثة ، دار الشرق للنشر ،عمان ،األردن ط -علي جعفر العالق ،الداللة المرئية.د 1

816ص ،ص 2001 2دیوان الجواھري ،دار الحریة للطباعة والنشر بغداد ط 2 .107ص 1994عبد السالم المساوي ،البنيات الدالة في شعر أمل دنقل ،منشورات اتحاد الكتاب العرب،دمشق ، 3

45،ص2005فلیح كریم الركابي ، كلیة األدب جامعة بغداد ، .د.شذا حاتم وحید ، الرموز التراثیة في شعر الجواھري، رسالة ماجستیر ، بإشراف أ: ینظر 4

Page 196: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

182

وقد كان , وهو في براغ مصورا المجتمع المنفتح, يةويكون الشاعر اكثر واقع :الجواهري وسطيا في استعراضه قائال

وحيـاة بـال متـاع جحيـم يـانديمي إن الجمـال متـاع

الكظيـظ منـه والمحـروم ليت هذا النصف اللطيف اقتراع

ـمظلم الشرق عند شـرق جيـاع كضباع وعند غرب حري

في صراع مع الشقاء النعيم 1يـا نديمـي وهكذ سـيدوم

وإبراز معالمها , لقد كانت المتضادات والثنائيات عنصرا رئيسا في بناء الصورة إن . وسخر من الواقع الذي تحكمه المتناقضات,في نص الجواهري الذي تهكم فيه كثيرا

ويرسم , ح المتلقي متعة معنوية حين يتأمل األلفاظمن, التشكيل الداللي في نص الجواهريإن خيال الجواهري العميق منح الصورة أبعادا فلسفية حين انتقلت . صورا حيه لها في ذهنه

لتقريب الصورة الفلسفية التي أعطاها ,والحسي, المدركات من المجردة إلى المتخيل الذهنيوأثارت روح السخرية , يدة عن االنفعالالجواهري للجمال كونه رؤية عقلية ، وقد كانت بع

.2حين خلق الشعر عوالم متخيلة

:إكساب الرمز دالالت جديدة 3- 4

:دالالت استدعاء الرموز- أ

والتجربة الخاصة بالشاعر هي التي تستدعي الرمز المناسب مع التجربة الداعية له، ة من حسن التوظيف وطريقته وتبقى قوة الرمز في قوة تأثيره المتأني. فتعطيه مغزى خاصا

.الجدلية في التعامل معه

)القصیدة من الرباعیات (816. ص 2001 2دیوان الجواھري ،دار الحریة للطباعة والنشر بغداد ط 1 › 2010www.diwanalarab.com،مقال، موقع دیوان العرب ،یولیو في شعر محمد الجواھري ةیالسخر عبد الكریم البوغبیش ،:ینظر 2

Page 197: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

183

أي العالقة بين الرمز التراثي بمعناه 1)مرتكز العبارة وبؤرتها ( والرمز هو بوجود حلقة الوصل بين االثنين ، الواقع المادي غير الحقيقي رموز له بمعناه مالحقيقي ، وال

. 2ويخلقان صورة تمثل الرمزوالواقع المرئي الخيالي ، فيكونان لنا عالقة

واالستدعاء العرضي للرموز التراثية يأخذنا إلى الرموز التلقائية التي جاءت ال تبوح بل ( منفردة استدعتها التجربة الشعرية لتثري الصورة وتعمق األثر ، وهذه الصورة

. 3)توحي وتستثمر ، وتعلن سمو الحدس الحسي على المعرفة الفكرية

التي جاءت كثيفة ومتنوعة في شعر الجواهريالل البحث عن تلك الرموز ومن خ تلقائية ( الطريقة الفنية التي جاءت بها تلك الرموز أنها كانت منيتضح ،ذات أبعاد مختلفة

، وجاءت 4)وغير زائفة اللهجة إلى جانب صوت الشاعر هذا ما يجعلها متدفقة وجيدة ر مباشرة عن طريق الصور المجازية ، كما أشرنا إليها في هذه الرموز بصورة مباشرة وغي

وقد حاولنا إيجاد قاسم مشترك بين تلك الرموز كونها شاملة ومتنوعة ، . بداية البحث . 5)ومجسد لخير ما في تراثنا األدبي … وارث كل ما يخطر بالبال ( فالجواهري

الجواهري تدور في محور ويتضح أمامنا أن أغلب الرموز التراثية في شعر واحد تقريبا، هو محور التمرد والمعاناة، تمرد الشاعر على الحاكم وعلى الشعب وعلى

حساسا، ممتلئا ا والشاعر في تمرده يدور في تلك األبعاد. الزمن وعلى ذاته في الوقت نفسه . 6واقعه وقوة، وبراعة في التصوير وخلق الحالة مستجيبا لدواعي

. عددت هذه الرموز وتنوعت ضمن سياق حديثه عن الظلم أو تعريضه بهولقد ت القاتل ألخيه حسدا وظلما ، وقابيل سجل بفعلته ) قابيل ( كما في استخدام الجواهري للرمز

. 94 ،ص 1963منشورات دار الیقظة العربیة، بیروت، ،سلمى الخضراء :رالشعر والتجربة ، ت،مكلیش دارشیبال)1( . 91ینظر ، نفسھ ، ) 2( . 171،ص 1984, القاھرة الدار العربیة للكتاب، نظریة النقد العربي ، ،محي الدین صبحي ) 3( . 115،ص 1963،, دار الیقظة العربیة للتألیف والترجمة والنشر،سلمى الخضراء الجیوسي : رجمة ت،الشعر والتجربة ،ارشیبالد مكلیش 4 . 138 ،ص 1987دار صادر، بیروت، ،الجواھري والتراث ، دراسات نقدیة ،ھاشم الطعان 5 www.alnoor.se/article /سات،،مقال، موقع مركز النور للدرامحمد مھدي الجواھري و أغراضھ الشعریة ،یحیي معروف. د:ینظر 6

Page 198: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

184

صطراع الحق والبداية لفتح اآلفاق أمام األفكار العمياء المقيتة ، تلك اإلرهاصة األولى ال -:ه ومن هنا جاء توظيف الشاعر ل

من عهد قابيل وكل ضحية ومرارة الثكل المقدس إرثه

وفظاعـة التاريـخ بلـوى فكـرة

صطراع الحق واألهواء ارمز من آدم جاءت ومن حواء

1تهـدي السبيـل بفكـرة عمياء

أضافوا الى النص المسحة التراثية ذات المرجعية الدينية وبعدهم) قابيل وآدم وحواء ( فـ التي جاءت من أصول مقدسة قدمها لنا التاريخ ، ) الفكرة العمياء ( الرمزي يتجلى في عبارة

وما زالت تمارس فعلها الظالم حتى هذا الوقت لهيمنتها على باقي األفكار فكان أرثنا والمعاناة) الثكل ( التاريخي أمامها هو

و ) فظاعة التاريخ ( و )أصطرع الحق ( و ) الثكل المقدس ( فجاءت التعبيرات لتعزز داللة الظلم المستوحاة من النص ، وفي الوقت نفسه مارست العبارة ) بلوى فكرة (

.ثقال معنويا أعطت الشعور بتلك المرارة المتوارثة

تناول الجواهري للرمز قابيل ليس جديدا ولكن البعد التأملي في هذه الحياة فالصياغة . ية الظلم كونه اإلرث المقدس لهذه األرض أوصلت الشاعر الى نتيجة هي حتم

الجديدة للصورة جعلت الرمز التراثي يحقق التفاعل بين معناه الحقيقي بوصفه قيمة تاريخية . 2معناه المعاصر بوصفه قيمة داللية مكونا لنا بعدا رمزيا

:رمزية الظلم -ب

،الحاكم الظالم) فرعون ( سياق حديثه عن الظلم استدعى لنا رمزا آخر هو في وذكره التاريخ وصورته لنا –في أكثر من موضع –وقد ورد ذكره في القرآن الكريم

. 217/ 4الدیوان 1 102،ص2005فلیح كریم الركابي ، كلیة األدب جامعة بغداد ، .د.شذا حاتم وحید ، الرموز التراثیة في شعر الجواھري، رسالة ماجستیر ، بإشراف أ 2

Page 199: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

185

مالزمة لهذه ) الطغيان(األحداث بأشكال متعددة ، وأنني كانت تلك األشكال تبقى صورة لى إل ذ أن هذه الظلم قد انتهى وآإ ،واهري يقف أمامها موقف المتفائلأال أن الج. الشخصية

:الزوال

يا أيها الصنم الحقو لـم يبـق من جبروت فـ

د أأنت للتاريخ خصم 2رسم 1)نيرون ( رعون وال

نداء ترتفع فيه صوت المواجهة والقوة ، فاالستفهام أكسب ) يا أيها الصنم الحقود ( على االستهزاء والتحقير ومن ثم هي أفعمت روح الدالة) أأنت ( السياق هذه القوة بقوله

.األمل في داخله ألنه لم يبق لهم أثر

ويبدو النص كأنه نداء عبر األزمنة البعيدة والقريبة من خالل الماضي وفي وعندما يشخص ،الحاضر ، وكأنه استحضار لصوت التاريخ المتواري بصدى الحاضر

-:، كما نالحظ في سياق خطابه الى الشعب المصري أمامه التاريخ يخبره بهذه الحقيقة

باق وكل معمر فإلى مدى )نيرونه ( جبروته األعلى ، فال

عال ، وكل منيعة تتدهور

3المتجبر) فرعونه ( شيء ، وال

في النصين تتجسد فكرة الزوال واالنتهاء الى األبد من خالل تعبيرات أتسمت توحي بالهبوط التدريجي الى ال شيء كما أن ) تتدهور –رسم –لم تبق ( بالفناء حيث

جبروته ( يسند ويؤكد الداللة بفعلها الرفضي ، وقد تكررت عبارة ) ال ( تكرار حرف النفي

/ 5/ صبح األعشى / ینظر . سیحیین وقتلھم واشتھر بفظائعھ ثم انتحر فاسق أضطھد الم. إمبراطور روماني بن أقلیودیش سادس القیاصرة : نیرون 1

364 – 365 . . 60/ 5الدیوان 2 . 26 ،ص 4 الدیوان ج 3

Page 200: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

186

أنها ( وميزة هذا النوع من البالغة ) رد العجز على الصدر ( بصيغة ) المتجبر –األعلى تدليل ونوع من زيادة المعنى ، ونوع من اإليحاء بالكلمة نوع من الداللة ، فيها تقرير وبيان و

وهذا التعبير البالغي أفاد الجانب الداللي . 1)الثانية ، ونوع من الموسيقى يحدثها التكرار ) جبروته األعلى ( داللة القوة والعظمة المتالشة،حيث السياق يوحي بالصعود بإغناء

في عجز ) المتجبر ( ونزول كفة ) ال ( رار حرف النفيى يهبط تدريجيا بتكلكنه ال يوشك حت .في الصدر ) علو المكانة ( البيت بعد أن كانت تمثل

) الظلم المتالشي (هابطة توحي بآفاق تاريخية تجسدوهذه التعبيرات الصاعدة وال .في شخص فرعون

ية ومن الرموز التي وردت في شعر الجواهري لتجسد واقع الظلم ، شخص الرتباطه بالواقع السياسي والتجربة التي عاشها الجواهري في بلده إذ أن 2السامري

التجربة الشعورية بما لها من خصوصية في عمل شعري هي التي تستدعي الرمز القديم ( :، يقول 3)شعورية فكرة عاطفة أو عاطفة لكي تجد فيه التفريغ الكلي لما تحمل من

غـول وقد الح: أقول البالء الى كم تداري شيوالعراق عجـوال تربـى لمستعمــر

يفرج عن شدقه الكاشر وأقطاب محوره الدائر

4ويلعن في عجله السامري

جاءت موظفة في جزء من بيت شعري في نهاية القصيدة ، ) السامري ( شخصية قع السياسي وداللة الظلم المتسلط على الشعب في أمواله ومتعلق بما قبله وقد كشفت عن الوا

. 129 – 127 ،ص1952, مكتبة األنجلو المصریة،بالغة أرسطوبین العرب والیونان ،إبراھیم سالمة 1ؤثرة رجل مشعوذ خداع یقال أسم -:السامري 2 ان ذو شخصیة م ھ ك دو أن ا ، ویب ھ موسى بن ظفر من قبیلة السامرة أحد قبائل بني إسرائیل فنسب إلیھ

ینظر صبح األعشى . فاستطاع بمكره ودھائھ أن یغوي أمة بكاملھا بنوع من الحیل حین صنع لھم تمثال من الذھب على ھیئة عجل لھ صوت خوار 13 /271 .

2007 دار العودة، ،الشعر العربي المعاصر قضایاه وظواھره الفنیة والمعنویة ،عز الدین إسماعیل 3 . 101 - 100/ 4: الدیوان 4

Page 201: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

187

المقدمة للمستعمر ، يضع الشاعر من خاللها مفارقة داللية بين صورتين الواقع الحقيقي ، والواقع التراثي حدث مع السامري الذي صنع عجال بذهب قومه

لمفارقة إال أن ا ،الصورتان تجسدان واقع الخداع والمكر وظلم النفوس والعقول وشيوخ ) عجوال ( في حين المستعمر يربي ،) واحدا ( تكمن في أن السامري صنع عجال

مع ) السامري / المستعمر / شيوخ العراق ( فهذه العناصر الثالثة ) . تداري ( العراق قد وظفت عرضا في القصيدة لتكون خالصة الموقف ) يلعن / تربى / تداري ( أفعالها

.الشعري برمته

رمز الخيانة والخداع ، وتوظيفه في الشعر الحديث جاء ليكون معادال ) السامري ( و . 1لهذا المعنى والجواهري عكسه للحكومات العربية التي تالعبت بحقوق شعوبها

:دالالت حواء -ج

كمرجعية ) حواء ( من الرموز األخرى التي وردت في شعر الجواهري هو الرمز -:بأرواق الشجر فيقول الجنة وهي تريد ستر عورتهادينية مستثمرا موقفها في

اآلكلين بلحمي سم أغربة والساترين بشتمي عري سوأتهـم

وغصة في حالقين الشواهين 2كخصف حواء دوح التوت والتيـن

( النص أحدث عالقة داللية بين الشاعر وأعدائه عن طريق عناصر النص نفسها

بداللة ) حواء ( فأنزل خصومه بمنزلة ) . التوت والتين الساترين بشتمي ، وحواء ، ودوح ( بداللة ) دوح التوت والتين ( يأخذ األداء الوظيفي لـ ) الشتم ( ومن ثم جعل ) العري (

) .الستر

128،ص2005فلیح كریم الركابي ، كلیة األدب جامعة بغداد ، .د.شذا حاتم وحید ، الرموز التراثیة في شعر الجواھري، رسالة ماجستیر ، بإشراف أ:ینظر1

. 94 / 5الدیوان ) 2(

Page 202: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

188

ألنها ظلمت نفسها بعد أن ،رمزا لإلذالل واالنكسار) حواء ( وهذا التصوير جعل .أغواها الشيطان

وال يكاد يختلف عن ،تكرر في شعر الجواهري) لحواء ( التصوير السلبي ذاتها ) الثياب(ال أن هذه السلبية لم تصدر عن الجواهري وأنما من إالمضمون السابق ،

-:فتقول

يا بن حو ..كم أنت قاس هربت من العري الطهور

وتقيلت وعثا تفجر أعطاك من سواك ملء

أظفار غول سبطة

اء مولعة بخصف وجنة تدوي ، وتشفى

عن قلوب فيه غلف العين من مرح وظرف 1ونيوب ذئب غير عقف

،وقد شخص الشاعر الثياب ) لغة الثياب أو حوار صامت ( هذا النص من قصيدة وجعلها قطبا رئيسا في النص ، حيث عول عليها محاسبة وتأنيب الجواهري الظالم لها

تلك ) حواء ( واهري الى تاريخه القديم ، فهو ابن والثياب بدروها أرجعت الج. ولنفسه في الجنة وراحت تبحث عن أوراق تستر بها عورتها ) العري الطهور ( المرأة التي تركت

لتنتهي الى طريق وعث عسير ، ومن ثم هي حرمت الشاعر من المرح والظرف ليكون وهو ) الغول ( توظيف لىإالمعنى اب أو أظفار والنص استند في هذاوحشا ضاريا دون أني

حيوان خرافي كريه المنظر شنيع الخلقة يألف الغبران الموحشة والفيافي المقفرة ليضلل ( . 2)… الناس

. 77/ 7 الدیوان ،) 1 . 22 ،ص2013،كلمات عربیة للترجمة والنشر ، القاھرة ،عند العرب ي الخیال الشعر أبو القاسم الشابي ، 2

Page 203: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

189

وهذه التوظيفات الزمانية الواقعية والخرافية منها صنعت المناخ السلبي ، وهذه .فيما بعد التي ظلمت الثياب وجعلتها ذليلة لإلنسان) حواء ( السلبية متأتية من

فنالحظ دقة وبراعة التوظيف التاريخي عند الشاعر الذي تتعلق عناصره بعضها .ببعض ويفضي األول منها الى األخر ليكون صياغات داللية رامزة

في شعر الجواهري جاءت في موضع آخر لتأخذ مكانها الطبيعي ) حواء ( غير أن وهذا التوظيف جاء في سياق قصيدة . جل وبوصفها عنصرا حيويا مكمال للر) أنثى ( كونها

: )*()الشيخ والغابة (

…وتولت قدميه رجفة

…ثم تلوى

.…ثم ألوى

!ثم أقعى

.…فرأى آدم يلتف بحواء

.…وتلتف عليه

!مثل أفعى

…وانتفاضات شباب

كالرؤى

في هدأة الليل تجيش

…! آه يا شيخ

.وھي أنموذج ناجح في كتابة القصیدة الحرة عند الجواھري ،القصیدة وردت بھذا الشكل في الدیوان ) *(

Page 204: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

190

.1وكم تحسب أن سوف تعيش

ال أنه إرمزا ثنائيا مزدوجا لعالقة الرجل بالمرأة ) آدم وحواء ( فجاء الشاعر بـ جعل هذه العالقة الثنائية تدور في فلك الشباب ، إمعانا منه في تجسيد الحد الفاصل بين

ومما يالحظ . الشباب والشيوخ ، وكيف أصبح الشباب لدى للشيخ رؤية تجيش آلما بها عينيه ليعطيها وصفا سلبيا آخر ، ) باألفعى ( تشبيه المرأة على النص أن الجواهري عمد الى

حين جعل منها رمز المكر أو الخبث ، ويبدو أن هذا التشبيه لم يكن في إطار حقد وكره نما ليعطي الفاعلية الحيوية للشباب تلك الفاعلية التي جعلت المرأة تلتف حوله إو. الشاعر لها

للمرأة ، ألنها جاءت عنصرا آخر مؤلما بالنسبة دون الشيخ وبها يتضح هذه الوصف السلبي .2للشيخ

:تحويل دالالت الصور - د

من الصور األخرى التي تطالعنا في شعر الجواهري في سياق الرموز التي نقلت :ري جميل قوله صوتجربة الشاعر الخاصة بأسلوب

أي أرض : قلت إذ حرت النعيم تالقوا) جنة ( أدخلوا

رت في جنة الفرغير أني أنك

لها الفضل على غيرها وحار صحابي فاتحا ألف باب ) رضوان ( ألف

3موكال بعذاب) ربا ( دوس

( الشاعر من خالل هذه الصورة أعطى بعدا رمزيا لتجربته الخاصة فجاءت كلمة ( خلق عناصر لدى الشاعر كونها عامال مهما في) مركز ثقل ( في النص لتكون ) األرض

من ) رضوان ( حتى بعد أن دخل الجنة ذات األلف باب واأللف ) الضياع والحيرة والعذاب

. 356/ 4الدیوان ) 1( 142الرموز التراثیة في شعر الجواھري، م س ،ص 2

366/ 2الدیوان 3

Page 205: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

191

) لبنان ( ال أنه وجد في جنته المعهودة من يكفل بتعذيبه ، والجنة جاءت رمز لـ إالمالئكة 1نيرمز به الى المضايقات السياسية التي تعرض لها على أرض لبنا) ربا موكال بعذاب ( و.

وهذه الصورة بعناصرها التخيلية تمكنت من تكثيف الموقف الشعري من لدن بتركيز عالقاتها النصية المتعلقة بالمعنى بمرجعيته الدينية وحقيقة النعيم والعذاب ،الجواهري

.2التي أسقطها على ذاته فجعل العذاب عنصرا مزدوجا مع النعيم لديه

:التالقح والتفاعل -5

لتناص في األصل على تداخل النصوص وتساجلها وتفاعلها؛ إذ ال وجود ا ينهض لنص بكر، إذا فالتأثر حتمي، ولعل السبب الرئيسي في ذلك هو محفوظ الشاعر من أشعار

ف إلى السابقين أو المعاصرين، الذي يترك بصمته في كتابات الشاعر بعد أن يتناساه، أضذلك ما يستعين به الشاعر من علوم أخرى تعينه على نظمه وإبداعه، فيكون لها عميق األثر فيما ستجود به قريحته، سواء بشكل جلي أو خفي غير ظاهر للعيان، وال يمكن بأي حال من

.3ة معينةاألحوال إغفال عامل اإلعجاب ببيت، أو معنى، أو صياغ

وعليه فإن تالقح النصوص ودخولها في سجال وعالقات تأثر وتأثير، هو أمر أن اإلبداع ؛ ذلك ه قانونفرضجاال معها، (يلسابقاتها، تثير س ة أو نقش امتدادكل كتاب

؛ وعلى هذا فالنص بؤرة تتفاعل )4وتنتظر ردود فعل نشطة في الفهم، تتجاوزها وتستبقهافيها النصوص الالحقة والسابقة، وهذا التفاعل يكون بتبني النصوص التي يتأثر بها إيجابيا سابه، وقد أشارن حطها مسقلها ويتجاها فيوظفها، وبإقصاء النصوص التي يتأثر بها سلبفي

فاعل النصوص فيما بينها وحتمية ذلك؛ فالكالم العربي كما قال أحمد غير واحد إلى مسألة تملتبس بعضه ببعض، وآخذ أواخره بأوائله، والمبتدع منه والمخترع قليل إذا : " بن أبي طاهر

فالشاعر تعرض لمضایقة السلطات الفرنسیة المحتلة والتي منعتھ من دخول لبنان لمدة سنتین بعد تلك القصیدة 1 142الرموز التراثیة في شعر الجواھري،ص 2

م2012 - 1ط ، عالم الكتب الحديث، األردن،"عري عند العرب من التأسيس إلى اإلخراجاإلبداع الشسعید بكور ، :ینظر3 96: ، ص1986، 1الدار البيضاء، ط،، ترجمة محمد البكري ويمنى العيد، دار توبقال "ميخائيل باختين، الماركسية وفلسفة اللغة 4

Page 206: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

192

ن والمتأخرين ال تصفحته وامتحنته، والمحترس المتحفظ المطبوع بالغة وشعرا من المتقدمييسلم أن يكون كالمه آخذا من كالم غيره، وإن اجتهد في االحتراس، وتخلل طريق الكالم، وباعد في المعنى، وأقرب في اللفظ، وأفلت من شباك التداخل، فكيف يكون ذلك مع المتكلف

أن كالمه ال يلتبس بكالم غيره، فقد كذب ظنه، ومن ظن! (...) المتصنع، والمتعمد القاصد؟ .1وفضحه امتحانه

والمتأمل لكالم ابن أبي طاهر يلفى وعيا بقضية التداخل والتفاعل الذي تعيشه داخله النصوص في انتقالها وهجرتها، وتالقحها وتزاوجها، فهو يصر على التباس الكالم وت

وقلة المخترع منه، وهذا نفس ما تم إقراره في الدراسات النقدية المتطرقة لقضية التناص؛ األدبي ا مثل الكائن "وعلى هذا األساس فالنصة تماممتدرة نسب عريقة ومدخل في شجي

؛ وعلى هذا يغدو النص إنتاجا 2إلى فراغالبشري، فهو ال يأتي من فراغ، كما أنه ال يفضي 3لكل ما سبقه من موروث أدبي، وهو بذرة خصبة تؤول إلى نصوص تنتج عنه"أدبيا لغويا

وال شك أن امتالك الجواهري للتراث الشعري المتنوع وتوظيفه في نصوصه ره، فهو الينفك من توظيف الشعرية، قد أصبح ظاهرة شائعة وسمة بارزة من سمات شع

معطيات التراث في أعماله، بحيث أصبح يشكل نظاما خاصا في بنية خطابه الشعري ، فاتكاء الشاعر على موروثه وارتباطه به يكسب عمله أصالة وتفردا، وأصالة الشاعر وتفرده

.يزيد بمقدار غنى التراث الذي يعتمد عليه ويربط أسبابه به

:فزالحوا لاستبدا 1- 5

إن أهم ما يميز التجربة الشعريةالجواهرية هو طريقة تعاملها مع التراث بمختلف أبعاده وروافده، هذه الطريقة التي تختلف شكال ومضمونا عن سابقاتها، فإذا كان اإلحيائيون

، عبدالقادر بقشى "التناص في الخطاب النقدي والبالغي دراسة نظرية وتطبيقية: "ن، نقال ع)28: 2(، أبو علي الحاتمي، "حلية المحاضرة:ینظر 1

16: ص، 2007، 1ط. دار توبقال، المغرب

.111، ص 1992، دار سعاد الصباح، "عبداهللا محمد الغذامي ثقافة األسئلة، مقاالت في النقد والنظرية:ینظر 2

.111: نفسه، ص 3

Page 207: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

193

قد تعاملوا مع التراث بطريقة تسجيلية أفقية انحصرت في المعارضات الشعرية والتسجيل وقائع واألحداث، الجواهري وإن اخلص لذلك المنهج في تعامله مع التراث في التاريخي لل

،فإنه انتهج مذهبا خاصا في مرحلة النضج بعيدا عن تعامل اإلحيائيين مع التراث 1بداياته الذي رافق هذه المدرسة ،الذي تميز بالسطحية والشكلية والرؤية األفقية القصور المنهجي

.ليا قائما على التدوين والتسجيل والحكايةالتي اتبعت منهجا تسجي

وظفه بينما الجواهري اتبع منهجا توظيفيا، منهج يعايش التراث، ويعيش فيه، وي عالقة استيعاب وتفهم (وهكذا صارت عالقة الشاعر بالتراث في قصائده ألهداف إنسانية ،

األحوال عالقة تأثر وإدراك واع للمعنى اإلنساني والتاريخي للتراث، وليست بحال من صرف، ومن خالل هذه النظرة كان استرجاع الشاعر للمواقف التي لها صفة الديمومة في

ركز على األمور المضيئة في التراث، وعلى القضايا الحية ين اهتمامه أ، أي 2 )هذا التراثائر األمة، التي الزالت تنبض بالحياة وتخفق بالعطاء، ولهذا السبب نجح الشاعر في في ضم

.استخدامه للتراث وبلغ في ذلك مبلغا بعيدا

هي مسألة هي مسألة تفاعلية فوالواقع أن عملية توظيف الموروث داخل السياقات الشعرية

ر تفاعل المتلقي مع القصيدة يكمن غاية في األهمية؛ ذلك بسبب ارتباطها بالمتلقي، إذ إن مقدا :يقول الجواهري في قصيدته الشاعر المقبور .في مقدار شعرية توظيف الشاعر للموروث

اخو مورد ضاقت عليه مصادره الموت فاستحلت لديه سرائره هدعا

وما هو إال شاعر كل خاطره عراه سكوت فاسترابت عداته

اما في البرايا منصف فيوازره ا يحامي عن مبادئ جمةوحيد

255، ص1975علوان ، تطرو الشعر العربي الحدیث في العراق ، منشورات وزارة اإلعالم ، الجمھوریة العراقیة ، عباس:ینظر 1 38ص ،1973، 2الشعر العربي المعاصر ، دار العودة ، بيروت ، ط،عز الدين اسماعيل 2

Page 208: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

194

لقد ذل من فيض المدامع ناصره تفرد بالشكوى فاسعده البكا

كأن رقيبا في الدراري يحاذره يهم يبث النجم سرا فينثني

ا جد عاذرهفيسكت الحيه إذ وتنطقه الشكوى فيخرسه األسى

أوائله محمودة وأواخره ما جد يروم محاال أن يرى عيش

فالبد أن تحويه يوما مقابره فؤادي وإن ضاق الفضا عنه فسحة

عظيما أرى يبلى وتبلى سرائره فؤادي وكم فيه انطوت لي سريرة

1وتصبح آمالي طوتها ضمائره سيحمل همي عند منزل وحدتي

إن الذات الشاعرة تكشف عن مكابدات الشتات والضياع؛ بفعل ما لحقها من انكسارات رهيبة؛ ومن تم دخلت متاهات المتناهية من العذابات و الخيبات بعد رحيل

زاد من حدة األحبة ، لتعثر الذات عن كينونتها رهينة التشظي الوجودي والواقعي؛ مما التمزق؛ الذي يعبر عن حيرة الذات أمام المتاهات، التي تزيد التوتر احتداما وشراسة ،خصوصا في ظل التيه؛ كتيمة موضوعية تعري اغتراب الشاعر في عالم موسوم باالنعطافات التاريخية الموشومة بالخيبات المتتالية لواقع يرزح نحت سلطة القهر

2.واالستبداد

فما يسري في الواقع له تجلياته على التجربة الشعرية للجواهري ، فهذا خير ظل ملتصقا بالهم الجمعي ومنغمسا فيه ،غير أن التعبير عنه شعريا لم يكن بأسلوب األ

محاكاتي؛ بل بصيغ شعرية عميقة أسها مقومات البالغة العربية ،وملحها االنفتاح على زاد من بهاء التجربة ؛ وأصالتها الشعرية، فالشاعر كان معتمدا على التراث الشعري، مما

مرجعيات تاريخية و تراثية ،حضارية وأدبية، ومحلية الشيء الذي أسهم في جعل التجربة

1/142الدیوان 1 38ص ،1973، 2ة ، بيروت ، طالشعر العربي المعاصر ، دار العود،عز الدين اسماعيل :ینظر 2

Page 209: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

195

محتضنة هذا الزخم المتفاعل والمتماهي مع هذه المرجعيات التي بدونها لن تستقيم أية تجربة .

هبوبا على جسمي ليسكن ثائره ا ريح سكنيفيا طير ال تسجع وي

عليه ففيك اليوم قرت نواظره ويا منزل األجداث رحمة مشفق

فمن لك بعد اليوم خل تسامره؟ ويا بدر من سامرته وجدك انقضى

تطالعه في رمسه فتذاكره عساك إذا ضاقت بصدرك فرجة

1ألم تك قبل اليوم ممن يغايره؟ نعاويا خلة الباكي عليه تص

من هنا يمكن القول إن الذات تزداد تشظيا؛ والتجربة تتعمق وجوديا؛ مستلهمة

التوترالتفاعلي الحاصل بين الجواني الشعوري والبراني الواقعي؛ للتعبير عن فداحة الحزن الغربة واالغتراب جراء رحيل الذي يطارد الفرح؛ داللة على الضياع المفضي إلى متاهات

قرة الفؤاد، الذي لم يترك في دواخل الذات الشاعرة غير ذكريات مضمخة بعطر األحاديث واتخاذ . الذي نام على ضوء القمر، إن الذات تكشف عن هذا اإلحساس بالخيبة والفقدان

والحفي الشاعرالقبر معدال فنيا وشعريا للمفقود يحاور ويستعطف؛ يشكل الصوت الخفي للذات الشاعرة؛ التي تشرع النص الشعري على احتماالت جمالية تصوغ رؤياها الشعرية من هذا التفاعل الشعري، فالقبر ماهو إال مرآة للذات الشاعرة ، من خالله ،تفصح عن تراجيدية

. 2واقع أكثر عجزا وذات متلفعة برياح الحزن والشجن

قد تم توظيفها من لدن الكثير من الشعراء محاورة القبر بديال عن المفقود و لتمرير المواقف والتعبير عن الرؤى اإلبداعية التي تشكل خلفية شعورية للتجربة القدماء

1/143الدیوان 1 .www.alittihad.ae/categoriesلملحق الثقافي لجریدة االتحاد االشتراكي المغربیة ،موقع، ا،تأمالت في التجربة الشعریة للشاعر المغربي عبدهللا راجع ینظرصالح البریني ، 2

Page 210: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

196

الشعرية لديهم؛ كما نجد في مرثية ابن الرومي لولده األوسط ، فالجواهري تفاعل مع هذا رع الشاعر في استثمار وسيلة المقوم الجمالي من هذا الموروث الشعري اإلنساني؛ ولقد ب

قراءات متعددة ، الالمحاورة التفاعلية بشكل أضاف للنص الشعري أبعادا داللية قابلة لتآويل و بحيث ينتقل الخطاب من الجواهري إلى مفقوده ليكون من الجواهري إلى نفسه ثم يصبح

.بشكل أعم من اإلنسان إلى مصيره

فما ضر لو كانت الرزايا تشاطره ىتحمل ما ينأى فشاطره الرد

سراحا فقد دارت عليه دوائره ويا غاضبا قلبي لترقيق حره

وما فيه إال الهجر داء يخامره دعا بك يستشفي فاغضيت فانطوى

إذا مات مهجورا فال رق هاجره أمن بعدد ما وسدته بت جازعا

1فقد تتجلى عن فؤادي دياجره تقشعيفيا ظلمة اآلمال عني

فالذات الشاعرة؛ تحمل جرحا غائرة ورثتها من ميراث حسه المرهف الوثيق الصلة بالمشاعر اإلنسانية الضاربة في العذاب والمعاناة ، فهو ينتسب إلى ساللة المارقين

ة، خالقة نصية شعرية عن المألوف والثابت ليؤسس لتجربة ذاتية تمتح من نسغ األلم والمكابدتحتفي بعوالم الغربة واالغتراب بإيقاعية الدواخل المرتجة بعواصف الشجن؛ وحرقة التجربة

.النابعة من خفق نازف بالتيه والسؤال عن ماهية الموت التي تحدث الغياب

لكن الشاعر وللتخفيف من حدة هذا التمزق الداخلي؛ والحزن الخارجي ؛ يلوذ بالتاريخ هم منه ما يغذي الروح باألمل المحجب بليل مدلهم في سماء الواقع، هكذا نجد الذات ليستل

تلبس قناع ابن الرومي في رثائه لولده ، في لفتة شعرية ذات أبعاد جمالية وفنية، ليخلق خطابا شعريا؛ قوامه التماهي مع التراث ، بتوظيف ماهو مشترك بين النفوس الشاعرة

1/143الدیوان 1

Page 211: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

197

ها صورا شعرية رائعة تأخذ المتلقي لجوها الخريفي ؛ مما ميز الحزينة التي تخرج بوح .1تجربة الشعرية الجواهرية بالدهشة اإلبداعية،والثراء الموضوعاتي

:استحضار صور األمكنة 2- 5

سنقتصر في هذا الصدد على رصد استدعاء صورة فلسطين وصورة العراق في في منتج الشاعر ، فقضية وتفاعال استثمارا شعر الجواهري، باعتبارهما الصورتين األكثر

اهري فلسطين مرتبطة بأزمة عربية قائمة في الضمير الجمعي العربي ،الذي سخر الجوبينما صورة العراق فال يكاد أي نص من نصوص الجواهري جهده اإلبداعي الستنهاضه،

.دواوينه يخلو منها فهي مهوى فؤاد الشاعر وحافز إبداعه ، كما تبين لنا في ثنايا

:استحضار صورة فلسطين-أ

لقد اهتم الجواهري بقضية فلسطين منذ بداياته الشعرية ، وكانت قضية فلسطين خير دليل على العدوان، وصورة حية الستبداد القوي بالضعيف، واضطهاد اإلنسان ألخيه

وامتحانا فكانت محكا حقيقيا له،. اإلنسان، وهو ما يقف الجواهري على طرف نقيض منهصعبا البد من النجاح فيه، إن أراد لدعوته أن تشيع، ولفنه أن يتجسد بحيث يكون مثال

.يحتذى، ورسالة خالدة تقتدى

فقضية فلسطين هي مادة غنية بكمها وكيفها، عكست تصور الجواهري للحرية ، ورت تطورا فكانت قصائده ، تتصل بأحداث حادة في فلسطين، ونمت نموا طبيعيا، وتط

تاريخيا ظاهرا، إذ بدأت بالتنبيه على الخطر المحدق، ودعت لمواجهته قبل أن يستفحل .ويصعب القضاء عليه كما لفتت األنظار إلى مصادر القوة والضعف في األمة العربية

أهم قصيدة خص بها الجواهري فلسطين ، حيث ) على فلسطين الدامية(وتعد قصيدة ت األسر وتخاذل العرب عن نصرتها صورا شعرية، ينفذ من خاللها امتاح من وقوعها تح

إلى عرض تبرمه بالظلم من جهة وخذالن المظلوم من جهة أخرى ، وهي قيمة إنسانية محضة عكف الجواهري على إرساء معالمها عبر صورة فلسطين التي لها أثر خاص في

.نفوس الشعوب العربية

.www.alittihad.ae/categoriesلملحق الثقافي لجریدة االتحاد االشتراكي المغربیة ، ا،تجربة الشعریة للشاعر المغربي عبدهللا راجعتأمالت في ال ینظرصالح البریني ، 1

Page 212: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

198

بمقطع عبر فيه عن حزنه لما حل ) سطين الداميةعلى فل(افتتح الشاعر قصيدته بفلسطين، وعن رغبته في أن ال ينقل هذا الشعور إلى كل من حوله، علهم ينهضون

ويلتفت إلى قدراته فيجدها متواضعة، ألنها مقصورة على القرطاس والقلم،وهو . لنصرتهاصلح لواقع استدعاء لصورة المتنبي من حيث هي صورة شخصانية تصلح لفرد ال ت

مجتمعات عديدة ، فمواجهة العدوان بالقصائد والعواطف هو عين التخاذل ما لم يكن السيف القاطع حاضرا مع قوة الكلمة، وترجمة عملية للعواطف الجياشة التي تعتمل في النفس ، بل

كما أن التجارب أثبتت أن الكالم وحده أقرب للتقاعس والمذلة . في نفوس القوم جميعهم 1.هانة منه لإلقدام والمواجهةوالم

على فلسطين مسودا لها علما استطعت نشرت الحزن واأللمالو

وسئن ليلي إذ صورن لي حلما ساءت نهاري يقظانا فجائعها

فلو تركت وشأني ما فتحت فما السكوت حدادا يوم مصرعهارمت

لما؟القرطاس والقهوجاءنستصرخ أكلما عصفت بالشعب عاصفة

أو شاعر سان بغدادا بما نظما هل أنقذ الشام كتاب بما كتبوا

لو كان يصدق فيها الستفاض دما فما لقلبي جياشا بعاطفة

أن ليس تضمن ال براءا وال سقما حسب العواطف تعبيرا ومنقضة

أني ملكت لسانا نافثا ضرما ما سرني ومضاء السيف يعوزني

www.thaqafa.org/siteمحمد إبراھیم حور ، فلسطین في شعر الجواھري ، موقع مؤسسة فلسطین للثقافة، : ینظر 1

Page 213: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

199

1مهانة أرضي كفوا له الكلما لى األعقاب فائرهدم يفور ع

صورتان تلحان على هماف ،وتظل صورة األندلس المستدعاة صنو صورة فلسطينالشاعر حضورا ، ولعله بهذا اإللحاح يريد أن يستثير الهمم، بوصف األندلس حقيقية ماثلة،

دلس كصورة عن الضعف بعد حيث يعود الشاعر لألن. وشاهدا حيا على الهزيمة واالنكسارالقوة واإلنكسار بعد الشموخ، ويرى أن قوى االستعمار ستعمل على أن تجرد هذه األمة من

أما فلسطين فستنتهي من عروبتها، . كل أسلحتها القوية، المتمثلة في وحدتها وتماسكهاورية، وهو مصير بغداد ودمشق ممثلتين للعراق وس. وسيكون مصيرها ما آلت إليه األندلس

.فصورة األندلس المستدعاة تعتبر معادال موضوعيا للتخاذل واإلنكسار

ويعطفون عليها البيت والحرما سيحلقون فلسطينيا بأندلس

ويتركونك لحما وال وضما ويسلبونك بغدادا وجلقة

2بيضاء عند أناس تجحد النعما جزاء ما اصطنعت كفاك من نعم

ى االمتياح من صورة أخرى لفلسطين، من خال ل عرضه ويأتي الجواهري عل لحال الالجئين حيث ينفذ من خالل هذه الصورة البائسة إلى تصوير ترهل التضامن العربي ،

.من خالل ترك األسر الفلسطينية الالجئة تكابد مرارة العيش

، حيث )الالجئة في العيد( في قصيدتهويصور مشاعره تجاه مثل هذه األسر البائسة راح يستدرج هذه الالجئة التي ضاقت بها السبل، وانقطع بها حبل الرجاء، وانتفت النخوة

475- 473 /1لدیوان ا 1 475-473 /1الدیوان 2

Page 214: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

200

غير أن (والشهامة من نفوس األغنياء المتخمين الجشعين، وكأن المجتمع كله من هؤالء، المجتمع الفلسطيني رغم الغربة والظرف الصعب الذي مر به، ظل متماسكا اجتماعيا،

مه ومثله، وكان هذا من أبرز خصائصه اإليجابية وهذا ما افتقرت إليه قصيدة متمسكا بقي .1)الجواهري

إن هذا الطيف يداعب خيال كل فلسطيني خارج وطنه، ويستفزه في أن يبقى على .العهد الذي ال يفرط في الحق، أو يستسلم لليأس

وقر الحياة وما فيها من العبر ومر طيف من الذكرى يجلله

مسا من الجن أو لمسا من الذعر راعها شبح الماضي كأن بهو

وما تمثل من أيامها األخر ما كان أبعده عن بؤس حاضرها

طيف الجنان فساحا وهو في سقر بدا لها أنها كالمجتلي فرقا

في مورق من مغانيها ومزدهر وبهجتها" يافا"وصافحت عينها

في ظل كوخ من األغصان مشتجر وغرفتها.. وبيتهم في أعاليها

غال رخيص، رفيع الشأن مؤتجر ووالد كان يرعاها بمكتدح

2يسري إليها بفواح من الزهر ما انفك عابقها" بيارة"وفيح

-2006مایو 11محمد إبراھیم حور ، فلسطین في شعر الجواھري ، موقع مؤسسة فلسطین للثقافة ، 1 123 -115: 4الدیوان 2

Page 215: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

201

:استحضار صور العراق -ب

لقد احتل العراق مساحة واسعة في شعر الجواهري ، فهو حاضر في كل قصائده ، اريخا وأحداثا جساما ، حتى أنه ال يمكننا الفصل بين العراق والتجربة طبيعة وبشرا وت

.الشعرية للجواهري فهو يرى نفسه صنو العراق ممتزجا به

أنا العراق لساني قلبه ودمي فراته وكياني منه أشطار

فلقد تعلق الجواهري من خالل شعره بكل ماله صلة يالعراق ، فأضحى شعره تفاصيل هذا البلد الذي أراده الجواهري أن يكون حيا نابضا في شعره ، صورا دقيقة لكل

كمانلمس حضور العراق في شعر الجواهري وامتياحه من هذا المعطى المكاني صورا أضفى عليه ظالال كثيرة لتثمر دالالت متعددة فطبيعة العراق استثمرها الجواهري لتكون

جاه بلده ، حيث كانت مؤطرة بالجمال وعاء يسكب فيه الجواهري حموالت شعورية اتالموضوعي مستضافة في حرم القصيدة مضافا إليها خياال طريفا وصورا فاتنة ، وهذا يتناص مع صور الطبيعة في الشعر األندلسي خاصة ، حيث كانت الطبيعة فيه حية نابضة

.1وناطقة ذات إحساس ومشاعر وأذواق وأزياء

لك الموروث النفيس قد تجاوزه بإدخال الطبيعة إلى غير أن الجواهري الذي تمثل ذ امتزاج لباب فكر (عالم السياسة والوطنية والكفاح من أجل الحرية ،حيث شكل هذا توليفة من

، فقد 2)فإذا هما لديه شيء واحد في نصرة اإلنسان ورد حقه المهتضمالعصر بلباب التراث عرية كاإلحساس بجمال الموصوف امتاح من شعر الطبيعة عناصر إضاءة وديمومة ش

والتعلق بدلك الجمال والشغف به ، واعتبار دلك شكال من أشكال الوطنية، وانموذجا متفردا .في حب الوطن واإلخالص له

85،ص2004علي محسن الخالدي ، العراق في شعر الجواھري ،مجلة مركز دراسات الكوفة ، العراق ،:ینظر 1 2013-11-03سعید عدنان ، الجواھري والطغاة ، مجلة ألف إلكترونیة، 2

Page 216: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

202

مشاكل العراق ونزاعاته عبر التاريخ وأيضا فيما عاصره (فعلى الرغم من واهري عطرا في أبات متفرقة الجواهري ، إال أن جمال العراق كان ينثال في شعر الج

فقد أضحت دجلة نظرة فنية فذة يرى من خاللها ، متناتثرة عبر نتاجه الشعري الضخموبهذا قد حلت محل الموروث . الجواهري الوجود كله ويبث من خاللها أشجانه وأحزانه

1). األسطوري العراقي كأسطورة عشتار ربة الخصب

حييت سفحك عن بعد، فحييني

يا دجلة الخير، يا أم البساتين

حييت سفحك ظمآنا ألوذ به

لوذ الحمائم بين الماء والطين

عا أفارقهيا دجلة الخير يا نب

على الكراهة بين الحين والحين

ت عيون الماءصافيةإني ورد

2نبعا فنبعا، فما كانت لترويني

بهذا النداء المترف الجميل ينادي الجواهري دجلة مازجا في النداء بين معطيين شعوريين حب العراق وكراهية المستبدين فيه ، وهذا التفاعل الشعوري يعكس حضور

يا ال طوعيا ، فعشق الجواهري العراق في نفس الجواهري وإن إغترابه عنه كان قسر .للعراق من خالل نهر دجلة هو عشق أسطوري

ولقد خاطب الجواهري وطنه من خالل دجلة بلغة المشتاق، حيث جعل الطبيعة الصورة المشرقة للوطن وهذا تفاعل خالق بين الصورتين يجعل المتلقي مطمئنا إلى أوصاف

86، ص2004علي محسن الخالدي ، العراق في شعر الجواھري ،مجلة مركز دراسات الكوفة ، العراق ، 1 5/83دیوان ال 2

Page 217: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

203

عره نحوه مستثمرا الصور البديعة لطبيعة الشاعر عن وطنه من حيث استطاع تجسيم مشا .1العراق

بدت خودا لها األغصان شعر ثغر فحودجلة ريقها والس

يضوع كما ذكا للورد نشر ما بقيت سالم" بغداد " على

قصور ملؤها زهو وكبر سمت تزهو على السفحين منها

كما باهى بقادمتيه نسر ة منها جناحيظلل دجل

وضيف كريمة بر يبر نزلت فما رأيت أبر منها

بهد ، مفسلم ي ، قرتني الريح رمم ، ددلم يس ، له والماء

يت بغير ماءقرت وما سل وخمر سكس2ودجلة ماؤها ع

مفهوم بغداد بمفهوم دجلة ، والشعب بمفهوم الفرات ، (زج الجواهري بين ويما فلم يعد يفرق بين دجلة والفرات وبغداد والشعب من حيث الجوهر ، بل أصبحت هذه

.3)الكلمات تمثل عنده بدائل بعضها من بعض

وهو توظيف ،فلقد وظف الفرات للتعبيرعن ثورة العراقيين على الظلم واالستبداد .ياسي لمعطى طبيعي س

تخلين عن أالفها ، ومرابع وقد راعني حول الفرات منازل

وكل مقام بعد أهليه ضائع دزائر من بعد األنيس توحشت

عن العزم يوما موجه المتدافع جرى ثائرا ماء الفرات فما ونى

كلیة /المؤتمر العلمي االستذكاري لشاعر العرب األكبر محمد مھدي الجواھري بحوث ي دجلة والفرات في شعر الجواھري،شاكر ھادي التمم :ینظر 1 11/4/2011ــ 10 ،العراق،جامعة الكوفة،اآلداب

1/185الدیوان 2 62،ص 2 003,بیروتلكنوز األدبیة،دار ا جواھري العراق ، عراق الجواھري، رضا محمد جواد، 3

Page 218: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

204

على سفحه تلك الوحوش الكوارع حرام عليكم ورده ما تزاحمت

لطافا أضلتها نفوس نوازع مانيا هم وجدوا حول الفرات أ

1لغص بموار من الدم كارع ولو قد أمدته السيوف بحدها

فالجواهري أخافته تلك المنازل الموحشة بعد أن هجرها أهلها ، ولم ينتفض للدفاع عنها سوى ماء الفرات، وهو امتياح لصورة طبيعية لغرض التعبير عن معاناة الشاعر

يعيشه ، فقد وجد في التراث ضالته حيث وظفه كمعادل موضوعي وثورته على وواقع .للتعبير عن انتصاره في معاركه

وال بمستعبد بالعنف يقتسر بمسطاع فمختضد " الفرات " وما

2ولكن كان ينتصر" الفرات " على كم من معارك شن الفن غارتها

:ويقول

في حالتيه وكم في آيه عبر بوكم في أمره عج" الفرات " هو

إذا استشاط فال يبقي وال يذر بينا هو البحر ال تسطاع غضبته

عود ويمنعه عن سيره حجر إذا به واهن المجرى يعارضه

3به وعادت إلى ريعانها الغدر طمى فرد شباب األرض قاحلة

ث نجد النابغة الذبياني أيضا مولع ،حي لفراتوالجواهري ليس وحده في توظيف ا :بقوة الفرات إذ يقول

ترمي أواذيه العبرين بالزبد فما الفرات إذا هب غواربه

2/49الدیوان 1 4/188الدیوان 2 3/144الدیوان 3

Page 219: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

205

فيه ركام من الينبوت والحضد يمده كل واد مترع، لجب،

1بالخيزرانة ، بعد األين والنجد يظل، من خوفه، المالح معتصما

غير أن الجواهري لم يبق في الدائرة الحسية لنهر الفرات بل استثمره كمعطى شعوري مرادف للشعب العراقي، وهو خروج عن التراث في التعامل مع المعطى الطبيعي ، من حيث أن االمتداد الشعوري أصبغ على الصور اطبيعية داخل العراق دالالت عميقة

.مؤثرة

وهو استثمار ليجعل الشعب العراقي ابنا لهما،ين دجلة والفرات ويجمع الجواهري ب .ارتباط الجواهري بشعبه ألما وسعادة حمولة شعورية تتمثل فيلللصورتين إلفراغ

يا ابن الفراتين قد أصغى لك البلد

الغرد ما بأنك فيه الصادحعز

ما بين جنبيك نبع ال قرار له

من المطامح يستسقي ويرتفد

يا ابن الفراتين ال تحزن لنازلة

والكمد أغلى من النازالت الحزن

عنك أسى نففما التأسي إذا لم ي

وما التجلد إن لم ينفع الجلد

وما ضمانة قول ال شفيع له

2الضمير وال من ذمة سندمن

60،ص2، ط1977دیوان النابغة الذبیاني ، تحقیق محمد أبو الفضل إبراھیم ،دار المعارف ، القاھرة ، 1 2/151الدیوان 2

Page 220: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

206

ولم يأخذ الجواهري من صور العراق سوى النماذج الطبيعية فقط ، فقد توجه إلى العراقيين كلهم ونهل من مختلف المراحل العمرية ما يجعل شعره مخاطبا كل فئات الشعب

.العراقي ، فقد خاطب الطفولة والنشأ متوسما فيهم المستقبل الزاهر

أيسعف فيها دهرنا أم يمانع انشء العراق رغائبلنا فيك ي

وتعرف فحواهن إذ أنت يافع ستأتيك يا طفل العراق قصائدي

لنا موجعات القلب هذي المقاطع ستعرف ما معنى الشعور وكم جنت

أباطحه فينانة والمتالع بني الوطن المستلفت العين حسنه

1ول على جنبيها ومزارعحق وتزدهي" الرافدان " يروي ثراه

فقد تجاوز الشاعر حاضره الذي لم يفهم ولم يقدر معاناته إلى مستقبل النشء الذي سيقرأ قصائده ويقدر معاناته ، فقد استثمر الجواهري هذه الصورة للداللة على أنه يعني

ا تخرج اغترابا شعوريا ، مححقا بذلك معنى التجاوز الذي يكسب قصائده ديمومة حيث أنهمن دائرة الزمن الحاضر إلى الزمن المستقبل ، متماهية مع خروج النشء من مرحلة

.الطفولة على مرحلة النضج

وهذا التساوق الداللي يبدي رغبة الشاعر في خروج الشعب العراقي من وضعه الراهن إلى وضع آخر من خالل الوعي بمقدراته التاريخية ومقومات نهضته الحاضرة التي

.يجب أن يحسن استغاللها الجل الخروج من الواقع البائس

5/36دیوان الجواھري 1

Page 221: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

207

نموذج على تعلق الجواهري بشعبه ، ونجد في ) النشء في البيت األول(والطفولة شعره تعامال دالليا مع مختلف الفئات العمرية في العراق، فلم يترك الجواهري فئة إال

.1وخصها بكلمة واعية من شعره

خالل تركيبته البشرية حاضرا في شعر الجواهري ، ومجاال ومنه فالعراق من .خصبا إلبداعه ، فمن النادر أن تجد قصيدة للجواهري لم يكن للعراق صدا فيها

:االستدعاء والتحويل - 6

، من الكيفيات التي يشتغل بها التناص والدرجات التي يتحقبه هذه الثنائية تعتبر لشاعر االشتغال عليها في منطقة التناصي من أجل الخروج من الثنائيات التي يعمد ا(وهي

عما سبقه وإن كان متناصا معه، فهذه الثنائية تنطوي على متحولبمنجز فني إبداعي االستدعاء واالستحضار لنصوص معينه سواء كانت سابقة أو معاصرة، وإدخالها ضمن

حيث يتشكل . و المتشكل منهاماكنة التحليل الذهني إلعادة إنتاجها في المنجز الالحق، أالتناص من مجموعة استدعاءات نصية، يتم إدماجها، وفق الشروط محددة في النص

وذلك بعد إجراء عمليات تحويلية في النصوص المستدعاة وعلى كل المستويات , المتناص 2).مالمبه ،حتى ال يقع الشاعر في شرك التقليد أو التجميع) الشكلية والصياغية والمضامينية(

وهذه الثنائية ترتبط بآلية التحليل وإعادة التركيب بصياغة جديدة، لتحقيق عالقة تناصية حيوية، بفعل االنزياح وإدخال دالالت جديدة، تكون مؤسسة بدورها، بفعل دوال جديدة التركيب خاضعة للتحليل والبناء العالئقي المتحول وعلية سيكون للتناص فعل إبداعي

.3تح اآلفاق التأويليةمن خالل ف

المؤتمر العلمي االستذكاري لشاعر العرب األكبر محمد مھدي الجواھري كلیة بحوث جواھري،ي، دجلة والفرات في شعر الشاكر ھادي التمم :ینظر 1

11/4/2011ــ 10 ،العراق،جامعة الكوفة،اآلداب 598،ص2014،آذار 15،مجلة كلية التربية األساسية ،جامعة بابل ،العراق ،عتناص الشكل في فن مابعد الحداثة ،عادل عبد المنعم .د 2

599المرجع نفسھ،ص ینظر 3

Page 222: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

208

:تجديد األفق 6-1

ونجد أن آلية االستدعاء والتحويل ماثلة في الكثير من نصوص الجواهري ، حيث تمنح للنصوص المستدعاة آفاقا مغايرة ألصلها تجعلها تحظى بطاقات جديدة في متن نصه

فسه على من خالل توظيف دوالها وفق مايقتضيه النص الحاضر ، محافظة في الوقت نأجواء مصدرها التراثي ، وهذا التفاعل الخالق يجعل نص الجواهري أكثر شعرية وهو يخوض تجربته اإلبداعية التي تعكس معاناته خاصة في االغتراب، مهاجرا بأفكاره التي

.ضاق بها أفق بالده ، فال يجد إال حنينه ليرسله إلى موطنه

وبين شحنتيجو عيونين وفريق من فاتت الجميع وقد

نفس طرا وكل سر دفين اقرئيني منها ففيها مطاوي الـ

ص وشك مخامر لليقين فيهما رغبة تفيض وإخل

ليس بدعا إغاثة المسكين وإذا ما سئلت عني فقولي

أتجديني في عالم تنهش الذؤ

1سلمينيبان لحمي فيه وال ت

فالشاعر يبحث عن ذاته من خالل المغامرة والجري وراء المستحيل، فهو يريد كل شيء وال يمتلك شيئا سوى غربته البائسة ومثاليته المهزوزة، ومن هنا كان موقف الغربة بهذا المعنى انتقاليا يمتص فيه الشاعر كل ألوان المعاناة التي تباعد بينه وبين الواقع وتحول

309-4/304الدیوان 1

Page 223: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

209

1.ون اندماجه فيهد

إنها ثورة النفس من منظورها الضيق، وحركتها التي ال تخضع لحركة الوعي ألن الفكر في الشعر يشكل الوعي (ولمنطقه، ومن هنا تظهر النفس هوجاء في قوانينها

المراقب للفن وللذات، بحيث يحيل المشاعر إلى معادل فني، فيه من الرؤيا سعتها .2)وشموليتها

الجواهري من االعتماد على الذاكرة والتكرار إلى االعتماد على المخيلة فقد تحولوالتأمل وصار تدريجيا يتخلى عن محاكاة التراث إلى تحويله واالمتياح منه بامتصاص دالالته أو محاورتها على ناحية فنية ، حيث أنه أدرك أهمية الكلمة وهي تقفز من تجربة إلى

إن الكلمة الصالحة باقية، وهي تجربة : (اللية ، حيث يقولأخرى محملة بمحموالتها الدقاسية ومعاناة وإدراك عميق وحس مرهف وقدرة على التحويل والتطور وعلى المزاج، إنها

فأقام بينها وبينه عالقة دينامية، فهي تعرفه ويعرفها من خالل . 3)قدرة على الخلق واإلبداعإن أديبا لم يحفظ البحتري وأبا نواس وابن : (يفقراءته المستمدة حتى مازجت روحه ثم يض

الرومي والمعري وأبا تمام، أو لم يدرس الجاحظ واألخطل والقرآن ونهج البالغة، ال يمكن أن يكون شاعرا أو كاتبا أبدا، وإن قرأ مليون رواية وكتاب أجنبي، وإن درس خمسين عاما

.4)ت والمبادئ، وألم بثقافات العالمأساليب الشعر واألدب، وإن استوعب كل النظريا

وبذلك استطاع الجواهري أن يرسم المسافة بين مشاكلته للنصوص السابقة و وقدرته .على تجاوزها وتحويلها بعد إخضاعها إلى مايقتضيه نصه

على الحب من دم سائر سالم على حاقد ثائر

247،ص 2001, اتحاد الكتاب العرب،، دراسة تحلیلیة في ضوء المنھج التكاملي: أزمة المواطنة في شعر الجواھري،یحیى، فرحان:ینظر 1 15ص- 1965مقاالت في النقد الدبي، ترجمة لطیفة الزیات، مكتبة األنجلو مصریة، القاھرة، : إلیوت.س.ت 2، مجلة األدیب العراقي، العدد األول، بغداد : (مقال: محمد مھدي الجواھري )3( .).165، ص1962المغردة حیاة حافلة ولیست حروفا

، مجلة األدیب العراقي، العدد األول، بغداد : (مقال: محمد مھدي الجواھري 4 .165، 155ص،المغردة حیاة حافلة ولیست حروفا

Page 224: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

210

ـق البد مفض إلى آخر ـخب ويعلم أن الطري

ابقيـبقايا كأنم الساض دللح دمهماض ي ن

مأنج مهميمر ا كأنذلل الع نم ددتس

مقيم على ذله صابر وليس على خاشع خانع

دتم أن نب عالشع دل يي در يائر لكسم الجاكالح

ف جسرا إلى الموكب العابر سالم على جاعلين الحت

ويشمخ كالقائد الظافر سالم على مثقل بالحديد

هيمصعلى مع ودالقي كأن

1مفاتيح مستقبل زاهر

من التعبير بالصور القائمة على التباين والتقابل بين -صفي بناء الن –ينطلق الشاعر –القيود (و ) الجسر الممتد –الحتوف (و ) والنجوم الساطعة–الرميم الهامد (النقيض ونقيضه

، هذا)المستقبل

التباين والتقابل يولد نوعا من التوتر والحركة الداخلية، ويوحي بالمخاض، والتفاؤل .ين الظواهرالثوري من خالل الجدل ب

وعلى هذا الصراع الدائر بين هذه األضداد في مفردات النص يجسد الصراع المحتدم .بين الجماهير وبين جالديها من حكام ومستعمرين

.705، 704، 700، 699، ص/4الدیوان 1

Page 225: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

211

وفي هذا النص نزعة درامية، تعكس منظور الشاعر النفسي، ألنه مركب تركيبا جتماعي والسياسي على أيدي دراميا يعبر عن أزمة مواطن وشعب وقع تحت وطأة القهر اال

1.الطغاة

كما نلمح من خالل هذا النص التحول من التمرد الخاص إلى التمرد العام ومن الشك ثائر ، دم (بالمجتمع إلى الشك بالسلطة،من خالل استثمار عبارات التضحية المستدعاة

ماضوي لتفيد وتحويلها عن مسارها ال) السابقين ، جاعلين الحتوف جسرا ، مثقل بالحديد وجوب التضحية في المستقبل ، فقد أكسبها النص الجديد معنى الحضور المستقبلي من حيث أنها متعلقة بمصير الشعوب الرافضة لالستبداد ،وثمة قصائد أخرى تجسد وعي الشاعر

هاشم (، و) تنويمة الجياع(و) أخي جعفر(و ) كيوم الشهيد(باألزمة على صعيد الواقع والفن .وغيرها) يالوتر

:إضفاء فرادة التجربة 2- 6

نتهحما ونيإنما أنا والدو اءلما كطالب الماءبالم غاص

وال أحب ظالم القبر يغمرني

اءوأهال وبآم عش2(أنا الم(

لوعي إلى الوعي بها، وينتقل الشاعر من خالل ثنائية االستداعاء والتحويل من أزمة امؤشر على رؤية الشاعر الجدلية وهي تتأمل جمالية الحياة من أضداد العيش فاستثمار الماء

دليل على التحول من األمر إلى نقيضه ) مشع –ظالم (ليفيد النقيضين ، واستخدام التقابل تمد من أنه كلما فاض الشعور، وطغى على الوعي، اس(مفيدا تحوالت شعورية واعية حيث

247،ص 2001 ن دمشق،اتحاد الكتاب العرب، دراسة تحليلية في ضوء المنهج التكاملي: أزمة المواطنة في شعر الجواهري،يحيى، فرحانينظر 1 .1/212الدیوان )2

Page 226: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

212

كما أنها . 1)الثورة النفسية، واستوحى من الظالل الشعورية، كما يجري في ميدانه األصيلنابعة من تناقضات الداخل والخارج، فقد بدأ من النفس وتناقضاتها وانتهت بالشعب

.وصراعاته

ما لوالتزم الشاعر بثورته الداخلية، ، حيث يجعل منها رأس رمح على حد تعبيره، ك :عاد إلى الشعبأخفقت

دت يما ضم زأع وادذا السه

تذخرسا يم روخي 2للطارئات

:ين كيف يتخلى عنهم يوم التصادمومويدهش للمحر

؟)3(نباهي بها األقران يوم التصادم أهذي النفوس الخاويات ضراعة

لهم فيليهم ولم يصف مشرب؟ م يحل مطعمفما بال محر بين ل

لدينهم وال مال يبز فيسلب خليين ال قربى فيخشى انتقاصها

الهم دف الحهرالم البالد الحس

برضم مادم التصوفي ي نها م4نب

:ذين يقتحمون الموت، فإذا ما استشهدوا كانت جراحهم أفواهاوإلى المتمردين ال

.629، ص1946، مجلة الكاتب المصري، العدد الثامن، المجلد الثامن، القاھرة )الوعي في الشعر: (مقال: سید قطب )1 .2/501الدیوان 2 .12ص /4: نفسھ3 1/414الدیوان 4

Page 227: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

213

طعمواأريقوا دماءكم ت تصيح على المدقعين الجياع

لهي قوعدكالم سلي فم

ر يكآخ سوليمحتر1(س(

د تخلو من تظل على نحو أسود وأبيض، تكا -هنا-رؤية الجواهري للظواهر( إال أنفالحكام دائما طغاة وأعمارهم . الظالل، ألن أحكامه قاطعة، وحلوله حاسمة ال تقبل المساومة

:والنصر آت ال محالة إذا الشعوب تمرد وعيها، وذلك من خالل نظرته التفاؤلية. 2)قصار

هللي نم يلح لم وا إنأسال تي نه ءوبض نتؤذ ولم رارفج

البد أن يثب الزمان وينثني

)3(حكم الطغاة مقلم األظفار

) ثورة العشرين(وإن التفاؤل الثوري يمتد إلى أقدم الممارسات الوطنية في قصيدة آفاق النضال، هذه المبادئ تتكرر بإلحاح، كما يستند إلى مرجعية مشبعة بالروح العلمية

، وهي في جوهرها أكثر انسجاما مع خلقه الشخصي الوعر، ومن عالمات هذا الثوريةوالتوتر، بعيدا عن يحاءاالنسجام تحولها في شعره إلى صور فنية تتمتع بقدر كبير من اإل

4.جفاف الفكرة وسطحية الشعار

ومنه فامتياح الجواهري من التجارب القائمة في واقعه يتشكل في تجربته بصور .مختلفة

.43ص /4: نفسھ 1 111،ص 2001, اتحاد الكتاب العرب،، دراسة تحلیلیة في ضوء المنھج التكاملي: أزمة المواطنة في شعر الجواھري،یحیى، فرحان 2 .2/463الدیوان 3 51أزمة المواطنة في شعر الجواھري ،م س ، ص: ینظر 4

Page 228: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

214

إن الشاعر الجواهري يقيم نصه في فضاءه الواقعي ، وخلفياته :وخالصة القول التراثية الذي يستفيد الشاعر من لغتها بعد أن يضفي عليها بعدا معاصرا يعكس مضمون تجربته، ولكي يعطي الشاعر لهذه التجربة، وتلك الرؤية مصداقيتها، وتأثيرها وتوترها يلجأ

داخل بين شخصيته وشعبه الذي ينتمي إليه ، فيضحي ناطقا بلسانه معبرا عن إلى إقامة تاالجتماعية، والسياسية، حيث تتداخل نصوص الشاعر مع حاله ممتاحا من أحداثه الجسام

نصوص أخرى مختلفة تقوم بعملية امتصاصها ، مما يكشف عن البعد الفني في هذه القصائد شكيلها وإيقاعها الهادئ والبسيط، وغناها الداللي الناجم المختلفة، التي تتميز بجماليات ت

بصورة واضحة عن حاالت التناص وعمليات االمتصاص والتحويل ،التي تتجلى في نصوص الشاعر، مما يكشف عن أن التناص الذي يقيمه يحمل رؤيته التي تتحرك وتنمو

عه فتنصهر لتقيم نصها على تخوم نصوص وتجارب أخرى استحضرها لتتنفس جو واق .ضمن بوتقة معاناته

:هندسة تحويل الموروث - 7

:حضور الموروث وتنشيط الذاكرة الشعرية 1- 7

إن الذاكرة وعاء يمأل بقيم التراث المتعددة فضال عن التجارب والمشاهدات المتنوعة، والعبارات والصور، وأن قيمتها تحدد بداية بكثرة الحفظ، وتتنوع بتنوع المحفوظ،

حتى تنشأ في النفس ملكة ينسج على (وحفظ الشعر والرسائل من أهم موروثات الشاعرالتوسع في علم اللغة والبراعة في فهم اإلعراب والرواية لفنون اآلداب والمعرفة (و1)منوالها

وأنسابهم ومناقبهم ومثالبهم والوقوف على مذاهب العرب في تأسيس الشعر 2)بأيام العربنيه في كل ما قالته العرب من األشياء التي اهتم بإبرازها نقادنا القدماء والتصرف في معا

.1269: عبد الواحد وافي،دار نھضة مصر ، القاھرة ، ص: لدون، المقدمة، تحقیقابن خ - 1 .04: ، ص1980محمد زغلول سالم، منشأة المعارف باإلسكندریة، : ابن طباطبا، عیار الشعر، تحقیق - 2

Page 229: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

215

ألهمية وقوف الشاعر على التقاليد األدبية التي بغيرها ال يمكن أن يعد منهم أو يتصل (وذلك 1).بهم

واإليمان بضرورة تثقف الشاعر باإلطالع على آثار السلف األدبي منها بوجه فيرددها في شعره عن (ن تجعل هذه المعاني في ذاكرة الشاعر خاص كان من الطبيعي أ

فالذاكرة بهذا تكون مصدرا 2)غير قصد حينا، أو يروقه بعضها فيصوغه صياغة جديدة (: )Stephen Spender(كما يقول ستيفن سبندر –لعبقرية الشاعر المبدعة ألنها تمكنه

باللحظة الماضية التي حملت إليها " اماإلله"من أن يصل لحظة اإلدراك المباشر التي تسمى انطباعات مماثلة، وهذا الوصل لالنطباع الراهن باالنطباعات الماضية يمكن الشاعر في اللحظة من أن يخلق تأليفا عبر الزمن، قوامه أنغام إن هي إال انطباعات مماثلة تلقاها الشاعر

لكن تنمية وعي الشاعر ،3)عاصرةفي أوقات متباينة ووصل بينها في تشبيه يحتويها جميعا متبالماضي ال يغفل إدراكه للحاضر، معيشة الماضي معيشة كاملة أمر مستحيل، وليـس من

أن يكون الشاعر شديد الوعي للتيار الرئيس (الخير أن يقتنع بالماضي جملة بل من الواجب بينة وهي أن الجاري دون انقطاع في موكب أبرز الشهرات األدبية، وعليه أن يدرك حقيقة

4.)الفن ال يترقى أبدا، ولكن مادته هي التي ال تظل أبدا على حالها

يحفظ المتنبي شعر أبي تمام حفظا كامال، ويتذكره دون غيره (فثمة فارق بين أن وبين أن يكون قد وعى تجربته وزمنه، فتبرز ذاكرته ما يصلح أداة للتعبير عن شعرية

.5)اللحظة الحاضرة بالنسبة له

.51:، ص1981، المكتب اإلسالمي، دمشق، 2محمد ھدارة، مشكلة السرقات في النقد العربي، ط - 1 .375، ص 1964، نھضة مصر، 3أحمد بدوي، أسس النقد عند العرب، ط - 2 .77: ، ص1983مصطفى سویف، العبقریة في الفن، الھیئة المصریة العامة للكتاب،القاھرة ، : نقال عن - 3 . 78: وت، لبنان، صمنح خوري، دار الثقافة، بیر. د:لیوت، التراث، والموھبة الفردیة، الشعریة بین نقاد ثالثة، ترجمة إ 4 51، مشكلة السرقات في النقد العربي،م س ،ص 5

Page 230: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

216

فاإلبداع ليس تذكرا وإنما هو حساسية خاصة للتعامل مع الذاكرة في ظل مناخ إلى أن تلتقي مع (إنساني جديد، فالواقع أن األشياء التي يلتقطها فكر الشاعر تبقى هناك معلقة

1).جميع العناصر التي يمكن أن تتفاعل وتتحد لتكن مركبا شعريا جديدا

ة اتجاه التراث ال يمتلكها إال الشاعر الموهوب الذي يميز ثم إن الحساسية الخاص ذاكرته الخيال النشط وهو ما يعمل باستمرار على تحليل المواد المخزونة وتركيبها على هيئة

فإن مؤلف الكالم هو كالبناء أوالنساج والصورة الذهنية (:جديدة أو بتعبير ابن خلدونمنوال الذي ينسج عليه، فإن خرج عن القالب في بنائه أو المنطبقة كالقالب الذي يبنى فيه أو ال

2).على المنوال في نسجه كان فاسدا

يشة التاريخ ايشة الشاعر للماضي أو محاكاته للقالب المتقدم، ال يعني غير معافمع أعني -برمته دون فصل لعناصره الفاعلة من غيرها، وهو إن لم يركز على نشاطه النوعي

الماضي والحاضر معا، وباختصار فابتداع اآلني من الرصيد التاريخي إما -وزمانيتهكسبيكة مفرغة من جميع األصناف التي تخرجها (للموروث هو أن يجعل القصيدة

3.)المعادن

والجواهري كما أسلفنا شديد الولع بالتراث كثير العودة إليه في تشكيا صوره وسقل موروث الشعري من خالل إعادة تشكيله وتحويله إلى تجربته ، فكثيرا ما نجده يمتاح من ال

مقتضى مايريده ، فهو يخرج التجربة السابقة من إطارها األول ليدخلها إطارا جديد يقوم على حوارية تقوم بين البنية الجديدة والبنية القديمة، لتصبح تجربة واحدة جديدة يتناغم فيها

قحا خالقين بين تجربته الحاضرة والتجارب القديم والمعطى الجديد إنه يجري تفاعال وتال .التراثية السابقة

:ويمكن لنا أن نظهر هذا الملمح التناصي الجمالي من خالل العناصر التالية

.82: لیوت، التراث، والموھبة الفردیة، الشعریة بین نقاد ثالثة، مرجع سابق، صإ - 1 . 242: ابن خلدون، المقدمة ،م س ، ص - 2 .23: ابن طباطبا، عیار الشعر، م س ،ص - 3

Page 231: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

217

:تحويل العالقات الشعورية 7-2قد استلهم الجواهري من مرثية ابن الرومي ما يذكي جذوة حزنه، غير أنه أعاد

رومي ليصوغ حزنا خاصا به، فقد خرج من حالة الحزن الهادئ تشكيل حزن مرثية ابن الالذي طبع مرثية ابن الرومي إلى حزن ثائر، متماه مع أوضاع الثورة التي استشهد فيها

بعد وثبة انتفض فيها الطلبة وجميع القوى الوطنية التقدمية ،)جعفر الجواهري(األصغر أخوه ر الشهيرة التي سقط فيها عشرات المتظاهرين بين ، ومن أهم المواجهات حادثة معركة الجس

، وقد توفي بعد سبعة أيام من إصابته بجروح بالغة )جعفر الجواهري (شهيد وجريح ومنهم .في الصدر، وهذا ماولد حزنا ممزوجا بالغضب عند الجواهري

هللا وبوقوفنا على مرثية ابن الرومي السالفة ، الرجل بدء قصيدته مستسلما لقضاء ا وقدره نادبا باكيا متملمال متبرما غير حانق أو ثائر أو متمرد ، فكان البحر الطويل يمنحه االتساع في التحليل والتساؤل ووصف الحالة ،وذكر آماله الضائعة ، ورجائه للجنات الخالدة

متواترة ، وضرب األمثلة لتثبيت قناعاته ، وحقائق الدنيا ومسيرتها ، وكل ذلك يختمه بقافية باردة هادئة ، وبمجرى الكسر الشجي الناحب، ، قافيتها كانت متداركة متفهمة راكزة ، وهذا

.1ما اعتلج في كوامن نفسه من حرقة األسى ، ولوعة الشجا ، وانتصاره لإلنسان

فجودا فقد أودى نظيركما عندي بكاؤكما يشفي وإن كان ال يجدي

ـرىبني الذي أهدته كفاي ل المهدى ويا حسرة المهدي لث فيا عزة

من القوم حبات القلوب على عمد أال قاتل الله المنايا ورميها

العقد توخى حمام الموت أوسط صبيتي 2فلله كيف اختار واسطة

4448،09/05/2014،جریدة الحوار المتمدن اإللكتلرونیة ،العددالرومي والجواھري یندبان ابنینظر كریم مرزة األسدي ، 1 400،ص2،م2002،بیروت،دار الكتب العلمیة،أحمد حسن بسج :،تحقیقابن الرومي ، الدیوان 2

Page 232: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

218

خوالج اإلنسان ومشاعره فقصيدة رثاء ابن الرومي لولده األوسط عكست لنا كل وأحاسيسه لحظات فقدان األب لفلذة كبده ، واستطاع الشاعر العبقري أن ينقل الصورة

.1بأصدق وأروع ما يكون ، لتصل إلى األعمال اإلنسانية الخالدة

أما الجواهري ندب ارتجاال ، بكى وهام ، وصرخ ، وربما ولول ، ولم تنطفئ ، ولم يستسلم لمشيئة اهللا ، وحكم القدر تحمال بقناعة مسبقة جذوات الثأر والحقد من نفسه

عقبى مرض عضال أودى بفقيده كحال ابن الرومي المفجوع بولده ، بل في كل حين تتأجج حرقة قلبه ليثأر من فاعل معلوم ، وحكم مأجور ، ويتداخل عنده الخاص بالعام ، والذاتي

و يسكب آهاته مع امتداد مجرى رويها الضم بالموضوعي، وأوجاع الفرد بآالم الجمع ، .2المرفوع ، ال الكسر الشجي ، ، وبقافية متداركة متفهمة لألوضاع ، ومصير الثائرين

ج أتعلم أنت أم ال تعلم الضحايا فبأن راحم

ليس كالمدعي قوله فم يسترح كآخر وليسم

أريقوا دماءكم تطعموا ع يصيح على المدقعين الجيا

واأهينوا لئامكم تكرم ويهتف بالنفر المهطعين

الطغاة رقاب أن والمأث أتعلم أثقلها الغنمـم

متضل عن الثأر تستفه أتعلم أن جراح الشهيد

ـملح وتستطعوتبقى ت تمص دما ثم تبغي دما

رواء الربيع لمإلى عفن بارد يس أخي جعفرا يا

ويا زهرة من رياض الخلـود زمـرلها عاصـف متغو

خبا حين شب له مضـرم ـاة ويا قبسا من لهيب الحي

مويا ضحكة الفجر إذ يبس ويا طلعة البشر إذ ينجلـي

،م س ابن الرومي والجواھري یندبانینظر كریم مرزة األسدي ، 1 www.ahewar.org/debat/show ،موقعجریدة الحوار المتمدن اإللكتلرونیة ،والجواھري یندبان ابن الروميینظر كریم مرزة األسدي ، 2

Page 233: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

219

في فتحـت لثمت جراحك إذا يلثم حف الطهرهي المص

حيث الصميم كلت صدروقب مخرنخرقا يالقلب م ن1م

وبالرجوع إلى لغة الجواهري في مرثيته نجدها تتماهى مع لغة ابن الرومي اض الخلـود ، ويا ضحكة الفجر إذ يا رواء الربيع ، ويا زهرة من ري(وتمتاح منها الكثير

ور المنـى ، يرف كمــا نور صدرك حيث ، وحيث تلوذ طي يبسم، لثمت جراحك، وقبلت معروإن اختلف النبر الذي اقتضاه السخط والتبرم من وضع يودي بالشباب عند ..)الب

ـم، تمص دما ثم تبغي ضل عن الثأر تستفه، تم ، رقاب الطغاةجراح الضحايا فـ(لجواهرياـرى، ويا (والهدوء واالستسالم للقضاء عند ابن الرومي ،)دما ال يجدي، أهدته كفاي للث

..) .ـا، فيالك من نفس تساقط أنفحسرة المهدي، حبات القلوب

حزنه عميقا مؤثرا فقد استلهم الجواهري من مرثية ابن الرومي ما يكفي ليجعل في المتلقي ،غير أن حزن الجواهري خلف عنده ثورة وحنقا على ظلم واقع أودى بزهرة شباب أخيه ، مما ولد عنده تبرما وسخطا فرمى بقصيدته إلى أتون معركة يريد بها ثأرا لدم

فة أخيه المسفوح ظلما ، بينما ابن الرومي كانت مرثيته تخاطب بحزنها القلوب الحية فعاطاألبوة قائمة على عطف وحنان عميقين يولدان تأثرا عميقا بفقد فلذة الكبد ، وهوعلى فراش المرض وقد ألح عليه النزف ،وظل على األيدي تساقط نفسه أنفسا ،رغم أن ابن الرومي ال

الثأر يفتقد المقدرة على الثورة في الحزن وال يعني أن ابن الرومي لم يجر في دمه جذوات والحقد والتمرد على الظلم االجتماعي ، ومساندة الثوار المتطلعين إلى الحرية والعدالة

3/82الدیوان 1

Page 234: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

220

يحيى بن (، في رثاء أبي الحسين )الملحمة العصماء(والمساواة ، فنجده ففي قصيدته الجيمية . 2خير دليل 1)عمر العلوي

تحول، بعالقاتها إن الذاكرة التراثية بصورها ومفرداتها في شعر الجواهري ت الشعورية الجديدة، الى ايحاء بالقدرة على التوالد الجديد في زمن مختلف، إن حركة القصيدة تمثل تتابعا زمنيا ألحوال الشاعر، يقوم على توافق بين داللة المفردة و موسيقاها ا، ويحقق

، هو الجواهري نموا ديناميكيا لقصيدته بطرحه مواضيع منوعة في مركب درامي واحد 3.انعكاس للمشاعر المتناقضة التي تحويها مفارقة العودة الى الوطن

أناشد أنت حتفا صنع منتحر

أم شابك انت، مفترا، يد القدر

أم راكب متن فكباء مطرحة

ترى بديال بها عن ناعم السرر

خفض جناحيك ال تهزأ بعاصفة

ها النسر كشحيه فلم يطرطوى ل

ن يجهر به الى اآلخرين، النه أفمخاطبة الذات تتحول الى بوح يصعب عليه ينطوي في تلك اللحظة، على القبول بالهزيمة كانتصار على حالة النفي وهي الهزيمة االكثر

.وجعا

)هـ250المستعين سنة زمن الخليفةقتل ( 1 www.ahewar.org/debat/show ،جریدة الحوار المتمدن اإللكتلرونیة ،ابن الرومي والجواھري یندبانینظر كریم مرزة األسدي ، 2 1200,يوليو 1 ،32ع ، واإلعالن والنشر للصحافة عمان مؤسسة نزوى لواءالبالغة،مجلة وحامل نالكالسيكي آخر الجواهري مهدي محمدینظر 3

Page 235: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

221

:إحياء الذاكرة الشعورية 3- 7فتتحول ، بعالقاتها الشعورية الجديدة بصورها ومفرداتها( الذاكرة التراثية كما أن

، فجاء الماضي متجانسا مع 1)الى إيحاء بالقدرة على التوالد الجديد في زمن مختلف -) :تونس ( العنصر السياسي لدى الجواهري في التعبير كما نالحظ في قصيدة

يد جذ يوم القيروان عروقها ويا طارق الجيل الجديد تلفتا

فقاس مستعليا جباوظهر على الق 2الى جبل إجتازه طارق دربا

-:ويقول في القصيدة نفسها

االسكندرية عينه وداعبت االسكندر الصدق فانثنت والح له

ومنى ينبوع الفرات حصانه

وخادع منه النيل في طميه اللبا تزيف منه النفس اسكندر كذبا 3وعلل بالزابين عسكره اللجبا

) طارق بن زياد ( ليكون على مسار الموازنة مع ) جيل الجديد ال( فجاء طارق بشخصيته الحقيقة على سبيل التحريض ، والمواجهة والقتال على أرض تمثلت بالقيروان

.والقفقاس

1 ،32ع ، واإلعالن والنشر للصحافة عمان مؤسسة نزوى لواءالبالغة،مجلة وحامل نالكالسيكي آخر الجواهري مهدي محمد، المحسن فاطمة 1

1002,يوليو . 63/ 3الدیوان 2 66/ 3 نفسھ 3

Page 236: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

222

عنصرا مكانيا مرتبطا أسمها بشخصية تاريخية هو ) اإلسكندرية ( في حين جاءت الشجعان فجاءت لتقف أمام اإلسكندر اآلخر المتمثل ،وهو من الغزاة ) االسكندر المقدوني ( .غزاة محتلين لكن شتان بين االثنين ) بدول الحلفاء (

فالجواهري شديد الولع بهذا النوع من التوظيف الذي يأخذ مساحة واسعة في الموروث قوة الشعورية مثلما هي قوة شعورية،، ومهما رفضنا الجانب ( ،ألن 1شعره

. 2)الالشعور يظل مغروسا في داخلنا يحركنا ، ويطبعنا بطابعه الشعوري فإن

كما أن الصورة المكانية للتراث كانت لها معانيها الشاملة والباقية في صفحات التاريخ ، وقد استثمرها الجواهري في شعره فتبدو وكأنها تداعيات الماضي في الحاضر أو

:العكس

تستبق الدهور وتعثر) مصر ( يا بنوك والتاريخ في قصبيهما و

مشت عليه مواكب ) الصعيد ( هذا في كل مطرح وكل ثنية يهزأ من األجيال في خطراتها يصل الحضارة بالحضارة ما بنى

والنيل يزخر والمسلة تزهر يتسابقان فيصهرون ويصهر للدهر مثقلة الخطى تتبختر حجر بمجد العاملين معطر

) األقصر(الثاوي بها و ) الكرنك( )3(فيك المعز وما دحا األسكندر

، والنيل ، والمسلة ، والصعيد ، والكرنك، األقصر ، والمعز ، مصر( فـ صور الماضي المشرق لمصر التي جاءت متفاعلة مع حركة أفعالها ،فالشاعر ) واالسكندر

، يستخدم كل دمج الماضي بثرائه وآثارته بحاضر مصر ، فإذا هو ، ودونما وعي ( أراد

. 236/ 4 ، 223/ 4، 192/ 3، 340 – 339/ 2، 337/ 1، 211/ 1 -: ینظر على سبیل المثال 1 10،ص 2006, المركز الثقافي العربي ،مقاربات تشریحیة لنصوص شعریة: تشریح النصعبد هللا الغذامي ، 2 . 25/ 4الدیوان 3

Page 237: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

223

هذه األفعال المضارعة ، ويختارها لتؤكد هذه الحركة التي يحس بها القارئ وكأن التاريخ .1)يمر أمامه بأحداثه الكبرى

ويبدو من خالل تلك االستدعاءات أن الجواهري يعمد الى تحريكها في سياق عكس من ذلك أقامة المفارقة الداللية بين التاريخين المتضادين على أرض واحدة ، أو ال

لبنان يا ( صورة الحاضر وهي متناغمة مع ألحان الماضي ، كما نالحظ في قصيدة ) :خمري وطيبي

من دارهارون الرشيـ سقط الندى من شهرزا من ليلتها لليـ من لحن زرياب و إسـ

لمرقرق النغمات في من عطر خمر أبي نوا

د لدارة األدب الحسيب ندلس الرطيبد لغصن أ

لتك الغريقة بالطيوبحق على شفتي عريب

أكواب منطقه الخلوب 2س بين أرباض الكثيب

فصورة لبنان استدعت في وعي الشاعر صورة بلده المغترب عنه ليعود به إإلى دار هارون الرشيد ، وشهرزاد ، واألندلس ، وزرياب ، أسحاق ، وعريب ، ( تاريخه حيث

فنالحظ كل رمز تراثي يثير معه تداعيات أخرى متصلة به ، فبغداد . ) …نواس وخمر أبي ) .األندلس ( استحضرت معها شخصياتها البارزة وكذلك األمر مع

. يسندها ال وعي الشاعر أبداعا أو قتباسا وتوليفا ( فنالحظ أن الذاكرة الجواهرية . 3)األعالم بما يشبه الحقول الداللية تكديس ية االستدعاء التي أدت الىإذ يتحكم الالوعي بعمل

وهذا األمر واضح في شعره انسجاما مع المضمون من جهة ومع الذاكرة التراثية من جهة

. 291 ،ص1975عباس علوان، تطور الشعر العربي الحدیث في العراق ،منشورات وزارة اإلعالم ، الجمھوریة العراقیة ، 1 . 50/ 5الدیوان 2 . 299 ،ص1987،منشاة المعارف ،اإلسكندریة،ات األسلوبیة فى لغة الشعر العربي الحدیثیالبنمصطفى السعدني ، 3

Page 238: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

224

مع –في األقل -فالمضمون أو الموقف الشعري يتفاعل أنيا مع تجربة الشاعر أو . أخرى اضي في نقد الواقع عن طريق لى المإتمرده واغترابه فتكون قصائده رافضة غاضبة فيعمد

أو قد تكون قصائده اغترابية وتداعيات الحنين تعود به الى . المفارقة أو ألستثارة الهمم .الماضي

وهكذا طبعت قصائد الجواهري بصورتها التراثية انعكاسا لما في داخله من روح .اعتنقت روح الماضي

رموز التراثية التي وردت في لى أن الجواهري عمد عن طريق تلك الإفنخلص لى صياغتها على نحو تعبيري داللي، بما يخدم اإلطار العام أو الكلي في القصيدة إقصائده

لتتفاعل عناصرها مع عناصر النص األخرى ، مكونة الداللة التعبيرية للنص الشعري وهذا وهي، رة التراثيةإحياء الذاك لى غايةإبدوره يجعلنا نفهم أن الرموز كانت وسيلة للوصول .وسيلة لها فاعليتها لتعميق المعنى الداللي الكامن فيها

:تفعيل الصور التراثية -4- 7

إن المتأمل لشعر الجواهري من ناحية تكوين الحدث القيمي للخطاب الشعري واألمانة ،والمتمثلة بصيغة الخطاب الشعري عبر تمثيل دقيق لتجربة الضميريأتي

ل الشعر العربي كموروث وما أحدثه نمط الجواهري ، من بناء للقصيدة ، وبتفاصيالكالسيكية بناء معاصرا رغم ما مثلته قصيدته الكالسيكية في جوهرها التكويني للشعر على رصيد ثقافي كبير ، من خالل إطالعه على الشعر القديم وكتب اللغة والبالغة ، وتأثيره

والزهاوي وشوقي ، والرصافي ، ومارافق هذا فظ إبراهيم،لشعراء عصره مثل حا وحفظه ،

Page 239: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

225

ددت ميالد إيقاع جديد في حتماثل دقيقة وموسيقى وصور شعرية ، من لغة .1الكالسيكيالشعر

فالجواهري كان فاعال من خالل تفاعله الخالق مع الموروث ، عبر أطر فنية ند فيها إلى القيمة الوظيفية في خطابه،دقيقة ، تستعيد صورتها برؤياه وتحتمي بأقنعة تست

2فاستطاع أن يستمد صورة الذات الموضوعية الصادقة من أمير الصعاليك عروة بن الورد :يقول الجواهري

أنا عروة الوردي رمز عروبة العرب العريب

وزعت جسمي في الجسوم ومهجتي بين القلوب

عل لها حضورا يستمد منه المعاني والصيغ، شخصية قديمة ج(فالمتحدث في الخطاب يعتبر الخطاب الحاضر صورته وصوته ،في مستوى اجتماعي يحدد لفظة هذا الخطاب و.

وهكذا يتحدث الشاعر متوجها إلى . من خالل المرآة العاكسة لحركة الواقع االجتماعي ت تشترك فيها عدة مصادر المتلقي ساردا الحدث بيقظة وتمعن من عدة مشاهد، وعبر حوارا

.3)فنية

بماذا يخوفني االرذلون ومما تخافوا صالل الفلى

ايسلب منها نعيم الهجير ونفح الرمال وبثخ العرى

بلى انا عندي خوف الشجاع وطيش الحليم وموت الردى

متى شئت انضجت نفج الشواء جلودا تعصت فما تشتوى

:يويقول الجواهر

،32ع ، واإلعالن والنشر للصحافة عمان مؤسسة نزوى لواءالبالغة،مجلة وحامل نالكالسيكي آخر الجواهري مهدي محمد، المحسن فاطمة :ینظر 1 1200,يوليو 1 www.ahewar.org/debat/show عالء ھشام مناف ، الخطاب الشعري عند الجواھري،:ینظر 2 www.ahewar.org/debat/show ،مصدر سابق،الشعري عند الجواھريلخطاب عالء ھشام مناف ،ا: ینظر 3

Page 240: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

226

جد هديال وترجيع كلبا عوىأسجى الليل اال حماما

وجندبة طارحت جندبا وبوما زقا وسحيال ثغى

وديك ياذن في جمعهم بان قد مضى الليل اال انى

وما برح القمر المستدير يسبح في فلكا من سنى

فدوى قطار فرد الحياة عفوا الى عالما يكتنى

فالبطل الفرد عند الجواهري هو (د الجواهري تشكيل صورة البطل التراثي ،لقد أعا فالعمود الحداثي عند الجواهري نما ظاهرة الخطاب من خالل .. الشاعر وهو المجموع

التعبير الجمعي عبر ضمائر متعددة ومعادل موضوعي ناضج ، للخطاب الشعري بالمتكلم الذي .. ء العالقات داخل إطار الخطاب الشعري من خالل الذات الغنائية التي تحرك ثرا

يسعى الى تكوينه عبر نواحي متعددة من الحوار والمجاز والصورة والبالغية وتعدد 1)الدالالت والطباق و عبر التجربة الحية والموقف

إن صلة الوعي بالخطاب الشعري عند الجواهري كان مصدرا لمحاورته للمعري الشعرية الذي سعى الى تأسيس صيغة معرفية خاصة للوجود، فجاء ملقاحا بذلك تجربته

الحوار بشكل متفرد في إعادة تشكيل صورة التشاؤم وتوضيح فلسفته، فالتشاؤم كمقوم شعوري ليس هو العجز في الحياة إنما يتناوله الجواهري بأعتباره حالة من حاالت العجب

.ة وشقاوة من مداخالت هذه الحياة وما فيها من سعاد

فهي قراءة جمالية عندما تنبعث من خطاب المعري في بنى مجردة ، تنتمي في حقيقتها المعرفية الى اتجاه تفسيري يتخذ منهج القراءة الفاحصة لشخصية المعري بوسائل وأدوات عمال فنيا ومنطقيا يتخذ صيغة معرفية ، لتحقيق معنى وإرساء لصيغ التناص التي

.ة تلك الشخصية الفذة لتفيد فارقا يفضح واقعا مأساويا بأسلوب مثير تستدعى فيها صور

، http://www.ssrcaw.org،مركز الدراسات واالبحاث العلمانیة في العالم العربيموقع ، ،لخطاب الشعري عند الجواھري عالء ھشام مناف ،ا 1

2007 /9 /26

Page 241: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

227

الدنيا بما وهبـا طوق واستوح من قف بالمعـرة وامسح خدها التربـا

ـهتكما بحنيالد ـبطب نح متواسو لى جع نمو هوحر نا مهحـا ركبس

طلبـا؟ هل تبتغي مطمعا أو ترتجـي وسائل الحفـرة المرمـوق جانبهـا

قطبـا إن لم تكوني ألبراج السمـا يا برج مفخـرة األجداث ال تهنـي

لو أنـه بشعـاع منـك قد جذبـا قرارتـه في نجـم تمنـى فكـل

سببـا؟ بعـده كف الردى بحيـاة والملهم الحائـر الجبـار، هل وصلت

اللغبـا أم ما تزال كأمس تشتكـي غيـر الغبـة وهل تبدلـت روحا

ـا من حر رأيك يطوي بعـدك وهـل تخبـرت أن لم يأل منطلـق الحقب

صبـاو وال بـرءا، وال وال اجتواء، مقـة أم أنـت ال حقبا تدري، وال

ـححل تصهو اكقبي عف حقتـرا ممثـت أو مدح ت أوـا؟ تفكربكت

كذبـا مما تشككت، إن صدقا وإن مدلـج أي نـور لنـا، إنـنا في

وتـى اليحو ـالءا العا أبت م مرحر بة الشعناجي صدف تهترا المب1الطر

:التخفف من الكالسيكية 5- 7

تعامل مع البنية اللغوية قد الجواهري ،نجد أن)يا دجلة الخير(رائعته بالعودةو يضعه في اطار كتراث وكمنطق تنتظم حوله ،و أبقى على المرامي الحديثة للكالم حتى وهو

..التعبير التراثي مثلما فعل في الكثير من قصائده الوجدانية

3/83الدیوان 1

Page 242: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

228

وهكذا الحال مع شعر الجواهري الذي يحاول فيه التخفف من كالسيكيته، إن منظومة كالمه تقوم على فعل المناجاة حين يقترب من القصائد الغنائية التي تتطلب موقفا

لرومانسيين، فهو يخاطب األشخاص واألشياء يبثها حزنه رومانسيا، مثلما يفعل الكثير من ايختلف لديه أن صوره تكتسي نكهة الماضي واستدعاء صوره ، حتى وشكواه، غير أن ما

.وهو يلزمها بحاالته األشد خصوصية

تدفعه إلى أشد المناطق ) يا دجلة الخير(و لعل األبيات التي يلوم فيها نفسه في :ع العالم حين يقول حميمية في اشتباكه م

يا دجلة الخير شكوى أمرها عجب

ن الذين جئت أشكو منه يشكينيإ

ماذا صنعت بنفسي قد أحقت بها

عسف نيرون) روما(ما لم يحقه بـ

الزمتها الجد حيث الناس هازلة

1والهزل في موقف بالجد مقرون

اهري إلى األرض والحنين إلى الماء حتى يغلبه الغياب عن ويزيد عطش الجو وشراع قاربها , اللحظة الحياتية ويدخل عالم الالوعي لنجده يتمنى أن تكون دجلة بعمقها قبره

:كفنه -مثله مثل مصير الشاعر في اغترابه-الذي تلعب به الرياح

5/83وان الدی 1

Page 243: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

229

ألفانينوأنت يا قاربا تلوي الرياح به لي النسائم أطراف ا

1يطويني, وددت ذاك الشراع الرخص لو كفني يحاك منه غداة البين

وهو مصطلح نسبي -إن شئنا أن نعد هذه القصيدة محطة في حداثة الجواهري فينبغي لنا أن نقول أن ما قدمه كان استعادة لصور التراث بمدركات حسية تصل ما -هنا

نا تحويل التراث وإعادة صياغته، عن طريق انقطع بين الماضي والحاضر، أي أنه حاول ه .استدعاء صوره وتعابيره لكن لخدمة غرض معاصر

وإن كان نهجا للجواهري في –إنه ليس استدعاء صامتا على طريقة اإلحيائيين بل هو استدعاء امتصاصي لمقدرات التراث التي يمكن إعادة بعث صورها في حلل -بداياته

نهج اإلحيائيين في استحضار الماضي كمقياس لجودة الشعر وعدم جديدة ، فهو يبتعد عن الخروج عنه بالسير في ركابه ،بل الجواهري استدعى التراث في قصيدته يادجلة الخير ليعاضد بها نصه وهو يصور لوعة االغتراب ، فأنشأ لالغتراب صورا خاصة به ،أكسبت

.اهري في تعامله مع التراثالقصيدة نسيجا مختلفا، جعلها ترمز إلى فرادة الجو

والقدرة الفذة على إبداع , وفتنة المغايرة, ولئن فاق الجواهري بمذاق العصر الصورة الشعرية في منمنماتها، وتنويعاتها اإليقاعية، وبنفس شعري هو األبعد مدى وغاية

ع وصفه كبار من شعراء العصر، فلقد سبقه نموذج تراثي يظهر لنا أن الجواهري تماهى معندما يهيم ) ابن زريق البغدادي(للغربة وامتاح من معاناته منها وهيامه بدجلة وبغداد، إنه

:وهو بعيد بقمر دجلة المتراقص على وجهها في يتيمته التي مطلعها

2قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه ال تعذليه فإن العذل يولعه البد له أن يكتشف على الفور رقة فالمتأمل في قصيدة ابن زريق البغدادي

فهي تنم عن أصالة شاعر مطبوع له لغته ،التعبير فيها ، وصدق العاطفة وعمق التجربة

5/83الدیوان 1 110،ص2،2015علي محمد الكفري ، أبیات فاقت شھرتھا قائلیھا ، العبیكان للنشر ،الریاض ، ط 2

Page 244: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

230

ن الجواهري أالشعرية المتفردة ، وخياله الشعري الوثاب، وصياغته البليغة المرهفة شأنه ش .مع اختالف في طريق التناول والوصف

:حيث يقول حنينا إلى بغداد

بالكرخ من فلك األزرار مطلعه أستودع اهللا في بغداد لي قمرا صفو الحياة وأني ال أودعه ودعته وبودي أن يودعني

وللضرورات حال ال تشفعه وكم تشفع بي أن ال أفارقه وكم تشبث بي يوم الرحيل ضحى وأدمعي مستهالت وأدمعه

عني بفرقته لكن أرقعه ق ال أكذب اهللا ثوب العذر منخر بالبين عني وقلبي ال يوسعه إني أوسع عذري في جنايته

1وكل من ال يسوس الملك يخلعه أعطيت ملكا فلم أحسن سياسته

وفي ختام القصيدة يعبر ابن زريق عن واقع حاله مع الغربة ، بين األسى واللوعة

لمجال للتأمل ، وينطلق اللسان بالحكمة التي تفجرها التجربة ، ، والندم واأللم، وهنا ينفسح ا ويشرق القلب بالدموع

أجرعه ما منها أجرع كأسا فرقته بعد خلي وجه من اعتضت أدفعه اليوم لست ذنبي الذنب :له قلت ، البين ذقت لي قائل كم أتبعه الرشد بان يوم أنني لو أجمعه؟ الرشد فكان أقمت أال تقطعه قلبي في منه بحسرة وأنفذها ، أيامي أقطع إني 2أهجعه لست ليلي منه بلوعة له بت النوام هجع إذا بمن :إخراج العام إلى الخاص - 8

المالمح األولى (أروع ما كتب الجواهري، حيث أن تعتبر قصيدة لغة الثياب من درة الجواهري في إخراج العام إلى الخاص أو بناء شكل خاص تظهر مكمن ق في تحليلها

110،ص2،2015علي محمد الكفري ، أبیات فاقت شھرتھا قائلیھا ، العبیكان للنشر ،الریاض ، ط 1 110نفسھ،ص 2

Page 245: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

231

عامة، بعد فرض سلوك ذاتي عليها ، فالتكوين في مجال المعمار يعني استعمال من مادةمادة مشاعة وقد اكتسب خصوصيته جراء سلوك ذاتي بخلطه مع الماء فتحول التراب وهو

ر، وهكذا يكون الجواهري لغة ذات هي الطين ثم لبنات متفرقة ثم الجدا إلى صورة أخرىمن مادة لغوية قائمة على خبرة وموهبة وتجربة وثم منهجية التي تفترض االطر بناء رصين

مرتبطا بالقصيدة الموروثة وتتماها معها وتعيد تشكيلها مع الحفاظ البيت الشعري المستقل ) 1. الجسد ضمن وحدة موضوعية كاملة

وتتخذ من القصيدة تظهر وهي تكتسي بغرض الهجاء القديم ،القراءة األولى لنص

قصيدته صورة الحوار ايحاء مالئما ، والفكرة هذه ليست جديدة عند الجواهري فكانت 2الراعي شبيهة لموضوعها الذي يتخذ من الثياب موضوعا ومن الراعي كذلك

: حيث قال

3بقطيعه عجال ومهاللف العباءة واستقال

ويا ليتني ،عتبر نفسي ثائرا بالطبيعةأنا أ( فهو القائل ،ثائر والجواهري كما نعلم 4 .)وري عرف غيرالنحس من وراء مزاجي الثـأدفعت ثمنا غاليا لم ألنني،لم اكن ثائرا

الى النساء ينظر لم ينظر الجواهري للثياب نظرة إعتيادية مجردة ،بل رمقها بعطف كما

حبل التي تمر من أمامه، لقد أعاد تصوير منظر بسيط اعتيادي ثياب مغسولة منشورة علىالمتذوقة الغسيل ، فاتخذ من هذا الموضوع السهل في نظرنا الصعب الرائع من وجهة نظره

.صورة ناضحة بالشعرية

13،12،ص2005، 39مجرقة ولغة الثیاب للجواھري ،مقال ،مجلة آداب البصرة ، العدد صدام فھد األسدي ، مسارات الجدل في قصیدتي ال 1 30/11/2012 ،20638، جریدة المدى العراقیة ،ع دراسة نصیة تحلیلیة.. للجواھري) لغة الثیاب(قصیدة ، أبو أعیان االسدي.د 2 . 1/155الديوان 3 97، ص1972إلعالم ، بغداد ،فوزي كریم ، من الغربة حتى وعي الغربة،وزارة ا 4

Page 246: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

232

لقد شغلت الثياب شاعريته وهو صاحب الشعر الوطني الصارخ ، فقد الشاعر في المالبس التي ترتكز بقذارتها على البعض وهو يرمز إلى أن الحكم ليس انحصر

اصطنع حوارا من يحسنه، ولم يصف تلك الثياب جميلة تغطي العيوب دائما وإنما بيد 1.داال على التوجع قاسيا

ه في سجن وقد تناص الشاعر في قصيدته مع المتنبي في كافورياته ومع أبي فراس ومع إيليا ،) وارعن طماح الذوأبة( ومع ابن خفاجة في ) أقول وقد ناحت بقربي حمامة (

تداخل في أصوات القصيدة ، صوت الثياب ، المرأة ، وثمة). التينة الحمقاء ( أبي ماضي .هو العدو الظالم الشجرة ، الشاعر مقابل صوت مفترض

ل بين الناس والشاعر ، وقد أعطى معبرة عن ذلك التداخ إن حدة القصيدة تبقى فهو تحويل لداللة الثياب من معنى خاص إلى دالالت عامة الثياب لغة التحدث عن نفسها

: حيث تقول بلسانها

ودرجت مزهوا بخطفي ال كان يوم قطفتني

2أمري إلى سقط ورف العراة وينتهي أكسو

التسلسل المنطقي وتظل في حمأة الشعر، لباس قليلة هي النصوص التي ترتدي( و الجواهري مدخله الموضوعي مستفيدا ومستدعيا ،فقد حكم3)والنجدها إال لدى كبار الشعراء

.ذلك البناء مفردات عامة متناثرة ولكنها طوعت ضمن خطوات

،رت أرداني لنصفلت أثوابي بكفي شمغسو

..ظرات، لألرواح تسفي ونشرتها للشمس للنــ

اح، وترمقني بعنف وظللت أرمقها باسج

وأجدتها حرفـا بحرف لغة الثياب عرفتهـا،

13،12مسارات الجدل في قصیدتي المجرقة ولغة الثیاب للجواھري ،م س ،ص: ینظر 1 7/73الدیوان 2 14ینظر مسارات الجدل في قصیدتي المجرقة ولغة الثیاب للجواھري ،م س ،ص 3

Page 247: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

233

علما بما تحت المــرف ا، لم أنخـدع برفـيفه

جلف" لالفي"شرس، كجلد فلطالمـا خفقت على

1سمح كضوء الفجر عف ولطالمـا خلقت على،

االستهالل أثوابي وهو يدل في)رداني ، غسلت أشمرت (إن النص يبدأ بالحركة عليها مبكرا على وصف حاله معتزا بنفسه غير ذليل فان طموحاته كبيرة وقد فتح عينيه

البد إن يصرح عنه األدب سالحا وان ما يعانيهفاستطاعت أن تحجم عوده وهو ال يمتلك إال وتبدو القوة التخيلية عنده في تلك المقدمة المثيرة لالنتباه كي يتابع المتلقي ماذا يحصل ،

يحرمه المجتمع من نصفه الثاني حقيقة معبرة عن واقع حال من يغسل ثيابه بيده وهو أعزبوكان بإمكان الجواهريأ يستخدم تعبيرا مانفيعيش مغتربا وحيدا وهذه المداخل توحي بالحر

نزعة بنائية وأحاسيس شاعر تكشف عن جودة أخر لقدرته ولكنه اختار هذا المستهل ضمن .التعبير الذي هو عماد التكوين الشعري

) خالفتها عدا ولونا ( والثالثة ) تأتي الحركة الثانية متسلسلة نشرتها للشمس ثم ري في االختيار واالنتقاء في عددها ولونها داال على كثرتها ـ يقف الخلق الشع وهنا

ثم الحركة الرابعة وظللت ارمقها وهي ترمقه بالحياة وهي جامدة ومن هنا ) بصنف صنفا(الجواهري للثياب لغة خاصة بها فهو وحيد يحتاج من يحدثه وال يجد غير الثياب يستعيرشرف واألصل والحسب لم ينخدع برفيفها ألنها تخفق ،فالثياب لهل لغة يعرفها لغة ال صاحبا

حبل أخر إلنسان قذر جلف وفي الوقت نفسه تخفق على الشريف والكريم وهنا بدأ على .المقارنة الموضوعية جانب

وتبدو القصيدة سائرة بخط متسلسل وان التوحد بين الماضي والحاضر يجعل (وارتكزت القصيدة على صوت . 2)ك اإلشاراتإلى البناء الدائري من خالل تل القصيدة اقرب

7/73الدیوان 1 14،ص2005، 39ة الثیاب للجواھري ،مقال ،مجلة آداب البصرة ، العدد صدام فھد األسدي ، مسارات الجدل في قصیدتي المجرقة ولغ 2

Page 248: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

234

خسف ، خشف ، خلف ، عطف ، عصف ، نصف ، وثمة :على الجناس مثل الكلمات الدالة إشارات دينية منها

وجنة تذري وتشفي هربت من العري الطهور

: المثل الوارد مشيرا إلى حواء وثمة إشارة الى

1يداف في عسل بلطف ورذاذ سم للصديق

أمام المتلقي حسب قدرته ولم يملك الشاعر إال الحسرات والتوجع وقد وظف المعنى البسيط

: قائال

لما تخبئ الف أف حلوة و أف لسنك

في نسيان الثياب ضيمها بعد وهو يحدد النشوة والنجاح(وينتهي الشاعر برمزية رائعة الثورة والقضاء على المجرم للشاعر اإل بعدسقوط الماء عنها وجفافها ولم يتحقق هذا

خالل الممارسة اليومية للنضال فينكشف الستار وعملية التفكير عند الجواهري تتحقق منوبهذا تظل أفكاره على ثرائها الثوري وتستمد صورتها من وضعه النفسي للحظة المعاناة

2. )خاضعة لمهامه األولية كمناضل وشاعر

ن مشهد بسيط مشهد الثياب المنشورة لتجف امتياح صورا قوية إن الجواهري م باعتباره حالة زائلة كتلك الثياب التي اعتالها الماء لتعود بعد زمن يسير إلى ،لمغالبة الظلم

طبيعتها ، فقد حشد الجواهري الكثير من المفردات التراثية والتعابير الشعرية القديمة ليرسم طة وهذا التداخل في المكونات جعل القصيدة ذات نسيج ظاهرة معاصرة بتشبيهات بسي

متماسك ، يروم تحويل التمازج بين المكونات السابقة ليفيد غرضا واقعا في مسيرته النضالية .

7/73الدیوان 1 15مسارات الجدل في قصیدتي المجرقة ولغة الثیاب للجواھري ،ص 2

Page 249: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

235

: خاتمة

للتناص وأثره الجمالي بعد هذه المالزمة الطويلة لشعر الجواهري، والمعاينة المتتابعة :ائفة من النتائج ، والتي يمكن إجمالها على النحو اآلتي، استوى البحث على طفي في بنيته

فتمت العودة إلى مجموعات ،مصادر التناص في شعر الجواهريعلى البحث وقف على تحديد منابع النصوص التي تعرف ال في لةمحاو ،كبيرة من شعره قراءة وفحصا

الذي ،لنص القرآنياال في ها ثرة متنوعة بين الديني متمث، فتبين أناستدعاها الجواهري ح منه اتمت ،كثيرة مواضعها متنوعة أغراضها لهفاستدعاءاته ،عاضد به تجربته الشعرية

،كما نجد حضور ةحيث تشيع جوه في أبيات القصيد ،امتصاصا تارة وتارة محاورةأهم مصدر استقى منه الجواهري صوره وتعبيراته كان بينما ،المصدرالتاريخي والخرافي

راث الشعري القديم الذي حاول التماهي معه واستغالل بنياته التعبيرية لصياغة قالب الت .شعري جديد

وبإحالة الجواهري للمتلقي على المأثور التراثي يكون قد ساهم في إبقاء ذلك التراث .بأطر فنية كثيرة مع استحدامه .حيا ، ببعثه في صور جديدة موائمة للعصر

ر الجواهري على توظيف الموروث الخرافي واألسطوري اقتصاكما اتضح غيرأنه تعامل مع ما استدعاه من خرافات وأساطير بشكل فني المستجلب من الثقافة العربية ،

لم يعرف توظيفا للكثير من األساطير التي إعتمدها شعراء الحر خاصة موح ، رغم أنهتخذوها أقنعة يخفون وراءها كأسطورة أوديب وسيزيف وإيزيس وبرموثيوس وغيرها، وا

أن الجواهري عرف بجرأته وصراحته في مواجهة القضايا أراءهم الجريئة ،في حين .ولعل هذا من األسباب الوجيهة في قلة تعامله مع االسطورة والخرافة في شعره .المصرية

Page 250: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

236

، فتبين بعد الفحص أشكال التناص في شعر الجواهري ووقف البحث طويال عند تنوع تلك األشكال بين التناص الكلي والجزئي والتناص الموافق والمضاد ،فنصه قيق والتد

الشعري مهما كان ليس وليد ذاته إال من خالل الرؤية الفكرية والجمالية الممتاحة من التراث البياني الذي يمكن أن يمارسه النص الجديد،من خالل -الشعري خاصة ،والتوظيف البالغي

ليخدم أهدافا معينة ويقوم . هانات التعبيرية للنص القديم أو ينشيء ذاته مناستعمال اإلمكا ،بمهمة سياقية ليثري بنيته من خاللها ويمنحها عمقا، ويشحنها بطاقة رمزية ال حدود لها

.الدى الجواهري، ومقوما مهما من مقومات شعريته نصيةالالبنية يمثل ركنا رئيسا في وهذا

ه، دليل واضح على أن شعرباالسترفاد منه، والتزامه دة الشاعر للتراث عوإن كثرة تنافر مع معطيات يال هذا ، و التراثيةالعمودي ينساق إلى الخصائص التعبيرية والمعنوية

، وهذا دليل مقدرة فذة المعطيات الواقعيةمختلف تمكن من التالؤم معالعصر الحديث، بل . في أن يكون معبرا عن الحاضر حامال لصوره وهمومه في التمكين للموروث الشعري

أن خيط التراث األدبي خيط بارز في نسيج النص األدبي الشعري اتضح ومنه فقد عنده، وأنه مكون أصيل من مكوناته؛ فالموروث األدبي يعد من أكثر المصادر التراثية صلة

من الوسائل واألدوات الفنية الغنية والتصاقا بنفسية الشاعر ووجدانه، حيث وفر له غير قليل .بالطاقات اإليحائية

فلقد امتاح منه ،شعر الجواهري وثيقة الصلة بشعر المتنبي أن أنه جدير بالذكر كما الكثير من صوره وتعابيره وصيغه ، فنسج بذلك حالة من التماهي الشعري مع محافظة

تنبي وعصره العباسي حاضر في ومن ثم فإن ظالل الم ،الجواهري على بصمته الشعرية .الجواهري نص

Page 251: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

237

الشاعر عندما يلجأ إلى استحضار النصوص األخرى السابقة عليه والمتزامنة معه و ، إنما يفعل ذلك ليكشف للقارئ عن أرضية ثقافية تدعوه إلى سعة االطالع ، لكي يحرك

ليس في شعره ناصنصه من حيز األحادي المغلق إلى حيز المتعدد المنفتح ، ومن ثم فالتمجرد لعبة لغوية مجانية ، وإنما له جماليات عدة ونصيب كبير من الشعرية تظهر عند تالقح

.النصوص ببعضها

واستدعاء النص الغائب الينفك من هذا األثر الجمالي الذي يتركه في النص ه فإن هذا ومن،الحاضر بأشكال عدة تتنوع وتختلف حسب نوعية وشكل االستدعاء والتوظيف

، وهي قادمة من مختلف مالية عديدة يخلفها تمازج النصوصاالستحضار ينهض بآثار جالمشارب الثقافية والتاريخية وهي تحمل حموالت مختلف تحط الرحال في النص الجديد

.لتعاضده من جهة ويكتب لها عمرا جديدا من جهة أخرى

الرموز الثقافية والسياسية نص مترع بالتاريخ، و الجواهرين النص الشعري إ والشعرية التراثية ؛ التي لعبت دورا هاما في الثقافة واإلبداع العربيين، التي تزيد التجربة الشعرية حياة إبداعية أبدية، مع اإلشارة إلى االحتفاء بالشخصيات والثقافة العراقية المحلية؛

قونات ذات أبعاد داللية؛ تضفي فقد استطاع أن يؤسطر شخصياته الشعرية التي تحولت إلى أي .على المتن الشعري شحنات إبداعية

ذلك أن متنه ،و يتضح هذا من خالل ما تزخر به التجربة الشعرية للشاعر الشعري يكشف عن الغنى الداللي والتركيبي واإليقاعي ،والتجربة معجونة باأللم والحرقة بدم

.مآسي،ومطوق بالهزائمهوية عراقية ذات انتماء عربي موغل في ال

ولعل هذا االغتراب الذي تكابده الذات الشاعرة؛ يعري حقيقة المعاناة الذاتية .والوجودية؛ ويسيجها برؤية مأساوية عميقة

Page 252: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

238

الشاعر الجواهري ظل مخلصا لرؤيته الشعرية، وتصوره للعملية اإلبداعية، ف ومنتهاها االندغام واالنغماس في سعى إلى خلق تجربة شعرية منطلقها الوعي بالذاتفقد

الهموم المجتمعية،واالنشغاالت اإلنسانية،ومن ثم وسم القصيدة الشعرية بنكهتها العراقية في .بعدها المحلي

تجربة شعرية تمتاح من معين لأن يؤسس الجواهري استطاعلقد : وفي األخير نقولا،وتشكل بنية التناص مع التراث الحرقة واالغتراب؛مما أسهم في إغناء التجربة وإثرائه

ملمحا من مالمح شعرية النص الجواهري،وهي بنية مفتوحة على دالالت ممتدة ،إذ ال يمكن القبض على المعاني النصية مباشرة؛ ذلك أن النص الشعري متشرب من روافد تراثية

أبعاده مما يتطلب الغوص عميقا في ثنايا النص؛ للوقوف على،وتاريخية وفكرية متشعبة .الجمالية والفنية

والحمد هللا الذي بنعمته تتم الصالحات

Page 253: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

239

المصادر والمراجع

Page 254: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

240

القرآن الكريم

المصادر:

مصدر أصلي:

o ،حققھ د،طبعة دار األدیب البغدادیة بإشراف وزارة اإلعالم العراقیة دیوان الجواھري .

1973غداد،ب إبراھیم السامرائي وآخرون،

مصدر فرعي:

o 2001، 2ط ،بغداد ،دیوان الجواھري ،دار الحریة للطباعة والنشر

المراجع العربية والمترجمة:

o 1952 القاھرة،,إبراھیم سالمة ،بالغة أرسطوبین العرب والیونان ،مكتبة األنجلو المصریة

o 1985لقاھرة ،إبراھیم عوضین ، دیوان الخنساء دراسة وتحقیق ،مطبعة السعادة ،ا

o 7،2014،طعبد الواحد وافي،دار نھضة مصر ، القاھرة: ابن خلدون، المقدمة، تحقیق

o محمد زغلول سالم، منشأة المعارف باإلسكندریة، : ابن طباطبا، عیار الشعر، تحقیق

1980 ،

o ،2001 دار صادر، كتاب العقد الفرید ، إبن عبد ربھ، أحمد بن محمد

o ل الشعر ي عند العرب ،كلمات عربیة للترجمة والنشر ، القاھرة أبو القاسم الشابي ،الخیا

،2013

o 1990العراق، - أبو طالب محمد سعید، علم النفس الفني، مطبعة التعلیم العالي، الموصل

o 2،2010بیروت ،ج –أبو ھالل العسكري ،جمھرة األمثال، دار الفكر

o دار " لخطاب النقدي الجدیدفي أصول ا" أحمد المدیني ، ترجمة وتقدیم لمارك أنجینو ،

1987، 1الشئون الثقافیة ، بغداد ، سلسلة المائة كتاب ، ط

o ، 1993أحمد المعداوي أزمة الحداثة في الشعر العربي،دار اآلفاق الجدیدة ، بیروت

o 1964، نھضة مصر، 3أحمد بدوي، أسس النقد عند العرب، ط

o لخضراء الجیوسي ،دار الیقظة العربیة سلمى ا: ارشیبالد مكلیش ،الشعر والتجربة ،ترجمة

1963، بیروت,للتألیف والترجمة والنشر

Page 255: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

241

o ،منح خوري، دار الثقافة، بیروت، . د:لیوت، التراث، الشعر بین نقاد ثالثة، ترجمة إت،س

1966

o ، 1992األسطورة في الشعر العربي ،دار المعارف، القاھرة ،أنس داود،

محمود حجازي ،الهيئة المصرية العامة للكتاب، ة بروكلمان، تاريخ األدب العربي ، ترجم

1993 ،10القاهرة،المجلد

1998 -2ط -الدار البيضاء - بيروت -المركز الثقافي العربي - حداثة السؤال -بنيس، محمد

1997اليوت، مقاالت في النقد األدبي، ترجمة لطيفة الزيات،دارالقاهرة للنشر والتوزيع، . س.ت

o ي النقد الدبي، ترجمة لطیفة الزیات، مكتبة األنجلو مصریة، القاھرة، مقاالت ف: إلیوت.س.ت

1965

o 1المدیني ط تزفتان تودوروف ،في اصول الخطاب النقدي الجدید ، ترجمھ وتقدیم احمد

1987, دار الشوءون الثقافیھ العامھ: بغداد

حلب،سوريا ، محمود نديم خشفه ،مركز اإلنماء الحضاري ، - تودورف ،األدب والداللة ،ت

1996

o جابر قمیحة ، األدب الحدیث بین عدالة الموضوعیة ، وجنایة التطرف ، دارالمعرف اللبنانیة

،1992

o ، 1988جبرا إبراھیم جبر ،الفن والحلم والفعل، المؤسسة العربیة للدراتسات والنشر

o 1987یروت ،جالل الخیاط ، الشعر العراقي الحدیث المرحلة والتطور ،دار الرائد العربي ،ب

o جمال مباركي ، التناص وجمالیاتھ في الشعر الجزائري المعاصر، رابطة اإلبداع األدبیة

2003الثقافیة الجزائریة،

o 1991، دار توبقال للنشر، المغرب ، 1جولیا كریستیفا، علم النص، ترجمة، فرید الزاھي، ط

o الت الخطاب الشعري المع حافظ المغربي أشكال ا ناص وتحو نتشار اصر، مؤسسة االلت

2010العربي ،

Page 256: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

242

o دراسة من منشورات اتحاد الكتاب العرب، 1حسین جمعة، المسیار في النقد األدبي، ط ،

2003دمشق سوریا،

o 1 ط نقدیة دراسة اللغة، شفرة في سیمیائیة مقاربة السردي، والنص السمة فیاللي، حسین/

1986للنشر، القلم أھل رابطة

o ي الشعر العربي الحدیث،دار كنوز المعرفة للنشر والتوزیع ، حصة البادي ،التناص ف

2009األردن،

رةعبدالقادر : "، أبو علي الحاتمي، ، نقال عن"حلية المحاض الغيوالب طاب النقديالتناص في الخ

2007، 1ط. بقشى دار توبقال، المغرب

o نائیة بقصیدة السرد الحدیثةتشكیالت البلاألنماط النوعیة وا–حاتم الصكر ، مرایا نرسیس -

1999،المؤسسة الجامعیة للدراسات والنشر والتوزیع ،

o ،2001الحیاة والشاعر ، ستیفن سبیندر ، ترجمة مصطفى بدویالھیئة المصریة العامة للكتاب

o خالد الكركي ، الرموز التراثیة العربیة في الشعر العربي الحدیث ، دار الجیل ،بیروت

،1989

o موسى ، بنیة القصیدة العربیة المعاصرة ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، خلیل ال

2003

o 1972، 1دجیلي عبد الكریم ،الجواھري شاعر العربیة ،مطبعة اآلداب، العراق ، مج

o الدكتور أحمد المعداوي ،ظاھرة الشعر الحدیث، شركة النشر والتوزیع المدارس الدار

2002 ،المغرب،البیضاء

o 1977وان النابغة الذبیاني ، تحقیق محمد أبو الفضل إبراھیم ،دار المعارف ، القاھرة ،دی

o ، 1961دیوان طرفة بن العبد، تحقیق وشرح كرم البستاني ،مكتبة صادر ، بیروت

o مراجعة وتقدیم فاروق شوشة ، ) مقدمة الجزء الخامس ( ، " دیوان عبد الرحمن شكري،

2000المجلس األعلى للثقافة ،

o ،2003عراق الجواھري ،دار الكنوز األدبیة،بیروت ،... جواھري العراقرضا محمود جواد

Page 257: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

243

o محمد خیر البقاعي، ، الھیئة المصریة العامة للكتاب . روالن بارت، آفاق التناصیة، ترجمة د

،1988

o دار توبقال، الدار 1/فؤاد صفا والحسین سبحان،ط: روالن بارت، لذة النص، ترجمة،

.1988اء، المغرب،البیض

o ،روالن بارت، نقد وحقیقة، ترجمة منذر عیاشي، مركز مناء الحضاري، الدار البیضاء

1994المغرب،

o ، االغتراب ، ترجمة كامل یوسف حسین ،مؤسسة العربیة للدراسات والنشر ریتشارد شاخت

1980, والتوزیع

o م للطباعةزاھد محمد زھدي ، الجواھري وصناعة الشعر العربي ، دار القل

1999،بیروت،والنشر

o القاھرة ،سامي الدروبي ،العالقة بین علم النفس واألدب، مطبعة شركة التمدن الصناعیة ,

1961

o عري عند العرب من التأسیس إلى اإلخراج ، عالم الكتب الحدیث، "سعید بكور ،اإلبداع الش

2012 - 1ط األردن،

o 1988, ، المركز الثقافي العربي)السیاق النص و( سعید یقطین، انفتاح النص الروائي

o ، 2012سلیمة العذراوي ، شعریة التناص في الروایة العربیة ، دار رؤیة ،القاھرة

o ، 1991سید قطب ، التصویر الفني في القرآن الكریم ،دار الشروق

o ، الشاعر والحلبة ، دراسة في تطور شاعریة الجواھري وشخصیتھ،دار دجلة ،العراق

2013

o منشورات اتحاد الكتاب - دراسة -مسلم العاني ،قراءات في األدب والنقد عشجا ،

2000العرب،دمشق،

o منشورات اتحاد الكتاب - دراسة -مسلم العاني ،قراءات في األدب والنقد شجاع ،

2000العرب،دمشق،

o 2ج مصر ،بدون تاریخ، -شرح دیوان الفرزدق ، تحقیق عبد هللا الصاوي، مطبعة الصاوي

o ،1964شعیب، محمد عبد الرحمن،المتنبي بین ناقدیھ، دار المعارف،القاھرة

o ،1998الشیخ حسنین محمد مخلوف، صفوة البیان لمعاني القرآن ،دارالشروق

o 1980، 3طھ باقر ،ملحمة جلجامش ، دار الحریة ، بغداد ،ط

o ، 1977, طھ حسین ،خصام ونقد ، دار العلم للمالیین،بیروت

Page 258: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

244

o تطور الشعر العربي الحدیث في العراق،منشورات وزارة اإلعالم ، العراق عباس علوان ،

،1975

o عبد الحمید جیدة ، االتجاه الجدید في الشعر العربي المعاصر ، مؤسسة نوفل ، بیروت

،1980

o شعر الشباب أنموذجا (عبد الحمید ھیمة ، البنیات األسلوبیة في الشعر الجزائري المعاصر (

1998مة الجزائر ،، مطبعة ھو1،ط

، عبد السالم المساوي ،البنيات الدالة في شعر أمل دنقل ،منشورات اتحاد الكتاب العرب،دمشق

1994

o دیوان المطبوعات الجامعیة للدراسات والنشر، 1عبد القادر فیدوح، الرؤیا و التأویل، ط ،

1983بیروت،

o ل، موقع دیوان العرب ،یولیو عبد الكریم البوغبیش ، السخریة في شعر محمد الجواھري،مقا

2010

o دار قباء للطباعة والنشر " أنماط وتجارب ... المعارضات الشعریة : " عبد هللا التطاوي ،

1998والتوزیع ،

o مقاربات تشریحیة لنصوص شعریة، المركز الثقافي العربي: عبد هللا الغذامي ،تشریح النص ,

2006

o النادي األدبي الثقافي، 1/ن البنیویة إلى التشریحیة، طعبد هللا الغذامي، الخطیئة والتكفیر، م ،

1985جدة،

o ،عبد هللا محمد الغذامي، الخطیئة والتكفیر،المركز الثقافي العربي ،الدار البیضاء

6،2006المغرب،ط

o عبد المعید جیدة ، االتجاھات الجدیدة في الشعر العربي المعاصر مؤسسة نوفل ، بیروت

،1998

o 1994دار المنتخب العربي ، بیروت، شعریة القصیدة ،ض ،عبد الملك مرتا

o ،1984عبد النور جبور ،المعجم األدبي، دار العلم للمالیین،بیروت

ة1992، دار سعاد الصباح، "عبداهللا محمد الغذامي ثقافة األسئلة، مقاالت في النقد والنظري

Page 259: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

245

o ، 1990بیروت،عز الدین اسماعیل ، التفسیر النفسي لألدب ، دار العودة

o 1973، 2عز الدین اسماعیل ،الشعر العربي المعاصر ، دار العودة ، بیروت ، ط

o ،عز الدین إسماعیل ،الشعر العربي المعاصر قضایاه وظواھره الفنیة والمعنویة ، دار العودة

2007

o ، 1998عزیزة فوال، معجم الشعراء الجاھلیین ، دار صادر ،بیروت

o ء الشخصیات التراثیة في الشعر العربي المعاصر، دار غریب على عشري زاید ، استدعا

2006للطباعة والنشر، القاھرة ،

علي جعفر العالق ،الداللة المرئية قراءات في شعرية القصيدة الحديثة ، دار الشرق للنشر ،عمان

.2002،األردن ط

ر الفكر العربي،دار علي عشري زايد استدعاء الشخصيات التراثية في الشعر العربي المعاصر ،دا

1997الفكر العربي ،

o ، 1999، الھیئة العامة لقصور الثقافة ،مصر،" التناص في شعر السبعینیات " فاطمة قندیل

o ، 1997، العربیة،القاھرة اآلفاق دار المعاصر، النقد مناھج فضل صالح

o ، 1972فوزي كریم ، من الغربة حتى وعي الغربة،وزارة اإلعالم ، بغداد

o 1982طلعت منصور ،دار القلم،الكویت،:تور فرانكل ،البحث عن المعنى،ترفیك

o كاملي بلحاج ، التراث الشعبي في تشكیل القصیدة العربیة المعاصرة ، منشورات اتحاد

2004،دمشق الكتاب العرب ،

o ، 1979، 1جدلیة الخفاء والتجلي ، دار العلم للمالیین ، بیروت ، ط كمال ابو دیب ،

o محمد خیر . یل ،التناصیة ضمن كتاب آفاق التناصیة روالن بارت ترجمة دلیون سمف

1988،القاھرة ،البقاعي، الھیئة المصریة العام للكتاب

o دار الكندي للنشر –دراسات في الشعر العباسي –ماجد یاسین الجعافرة، التناص والتلقي

2003والتوزیع، األردن،

Page 260: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

246

، لشعر العربي، معهد البحوث والدراسات العربية،،القاهرةالحنين والغربة في ا ماهر حسن فهمي،

1970

o للنشر محمد أبو الحسن الحاتمي ،حلیة المحاضرة في صناعة الشعر ،دار الرشید،

1979،العراق

o ، المتنبي مالىء الدنیا وشاغل الناس ،عام الكتب للطباعة والنشر ،الریاض محمد التنوجي

،2008

o 1979, لمعاصر في المغرب، دار العودة ـ بیروتمحمد بنیس ، ظاھرة الشعر ا.

o 1988، ،المغربمحمد بنیس، حداثة السؤال،المركز الثقافي العربي ، الدار البیضاء

o دار توبقال للنشر، 3، ط )مدخل إلى انسجام الخطاب ( محمد خطابي، لسانيات النص ،

1991الدار البيضاء، المغرب ،

o ت التناص في الشعر العربي، اتحاد الكتاب العربتجلیا - محمد عزام ، النص الغائب - ،

2001دمشق،

o ،1973محمد غنیمي ھالل، النقد األدبي الحدیث، دار الثقافة ودار العودة، بیروت

o ،محمد غنیمي، األدب المقارن، دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزیع ، عمان ، األردن

1990 o ارد فكري الجزالعنوان وسميوطي" - محمة العامة للكتاب -"قا االتصال األدبي1998 –الهيئة المصري

o المركز الثقافي العربي ، "استراتیجیة التناص: تحلیل الخطاب الشعري : " محمد مفتاح ،

1992، 3بیروت ، ط

o المركزالثقافي العربي، الدار ) إستراتیجیة التناص ( محمد مفتاح، تحلیل الخطاب الشعري

1992ب، البیضاء، المغر

o ، 1988ذكریاتي،دار الرافدین،العراق ،محمد مھدي الجواھري

o 1981، المكتب اإلسالمي، دمشق، 2محمد ھدارة، مشكلة السرقات في النقد العربي، ط

o ، 1984, القاھرة الدار العربیة للكتاب، محي الدین صبحي ،نظریة النقد العربي

o ،1991. ،اإلسكندریة،رفمنشاة المعامصطفى السعد ني، في التناص الشعري

o مصطفى السعدني ،البنیات األسلوبیة فى لغة الشعر العربي الحدیث،منشاة المعارف

1987،اإلسكندریة،

Page 261: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

247

o المعارف منشأةنقد الشعر قراءة بنیویة ، في اللغوي المدخل السعدني مصطفى،

2000،القاھرة

o 1983قاھرة ، مصطفى سویف، العبقریة في الفن، الھیئة المصریة العامة للكتاب،ال

o 1995، 1مصطفى عبد الشافسي، شعر الرثاء في العصر الجاھلي ،مكتیة لبنان ناشرون ، ط

o مصطفى عبد اللطیف ، الحیاة والموت في الشعر الجاھلي ، الجمھوریة العراقیة، وزارة

1997االعالم،

o 1982بیروت، دار للزوزني، السبع المعلقات شرح ، عنترة معلقة

o 1968دار صادر،بیروت، الرطیب، من غصن األندلس نفح الطیب،المقري التلمساني

ة وفلسفة اللغة، ترجمة محمد البكري ويمنى العيد، دار توبقال ،الدارميخائيل باختين، الماركسي

1986، 1البيضاء، ط

، ب ،ناصيف اليازجيب في شرح ديوان أبي الطيدار ومكتبة العرف الطي

،2000الهالل،بيروت،

o لح ، النزوع األسطوري في الروایة العربیة المعاصرة ، إصدارات اتحاد الكتاب نضال صا

2001العرب ، دمشق ،

،1997نعيم اليافي ،أطياف الوجه الواحد، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق

o نواري سعودي أبو زید ، نحو مقاربة أسلوبیة لدالئلیة البنى في الخطاب الشعري عند نزار

2009بیت الحكمة ، القباني ، ،

1998، الجزائرر الدين السد،األسلوبية وتحليل الخطاب ، دار هومة للطبع ، نو

o نیفین سامیول ، التناص ذاكرة األدب ، ترجمة نجیب عزاوي ، منشورات اتحاد الكتاب

2007العرب ،

o ،1987ھاشم الطعان ،الجواھري والتراث ، دراسات نقدیة ،دار صادر، بیروت

o مد ،الصورة الشعریة في الخطاب البالغي والنقدي ،المركز الثقافي العربي الولي مح

،1990.

Page 262: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

248

o ، ولید مشوخ ، الموت في الشعر العربي السوري المعاصر ، منشورات اتحاد الكتاب العرب

1999دمشق،

o ، أزمة المواطنة في شعر الجواھري، منشورات إتحاد الكتاب العرب ، یحیى فرحان

2001دمشق،

المجالت:

أحمد رشيد وهاب ،ارتحاالت الذات بين اإلنكفاء واالنفتاح ،مقال، مجلة جامعة بابل ، العلوم

2015، 1، العدد 23اإلنسانية ، المجلد

o أحمد یوسف ،بین الخطاب والنص، مجلة تجلیات الحداثة، معھد اللغة العربیة وآدابھا، جامعة

1992، 1وھران، العدد

o دابھا،كلیة أمجلة اللغة العربیة و ي شعر النابغة الذبیاني،أوراس نصیف محمد، الزمن ف

2012 ،15ااآلداب ،جامعة الكوفة،ع

o 1981، 4جابر عصفور ، أقنعة الشعر العربي المعاصر ، مجلة فصول ، مصر ، العدد.

o جریدة االتحاد،أبو ظبي ، !جیاع الشعب لكي تنام» یھدھد«حاتم الصكر، الجواھري،

. 2010 یولیو 08اإلمارات ،عدد

o ،1986، 2عحافظ صبري، التناص وإشارات العمل األدبي،عیون المقاالت،المغرب

o ،12-11ع،، مقال في مجلة دراسات عربیة، ، بیروت )إنتاج معرفة بالنص(حسین خمري ،

1987تشرین أول -أیلول 23السنة

o ربیة وآدابھا جامعة حسین قحام، التناص مجلة اللغة العربیة واألدب، یصدرھا معھد اللغة الع

1997دیسمبر 12/الجزائر ع

o النادي األدبي " عالمات في النقد " ، مجلة " التناص وإنتاجیة المعنى : " حمید لحمداني ،

1422ــ ربیع اآلخر 40ج 10بجدة ، مج

o خلیل الموسى، التناص واألجناسیة في النص الشعري، مقال في مجلة الموقف األدبي، دمشق

1996ل ، أیلو205ع

Page 263: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

249

o العالقة بین القارئ والنص في التفكیر األدبي المعاصرة، مجلة عالم الفكر، ،رشید بن حدو

02و 1، ع23الكویت، مج

o مجلة الكاتب المصري، العدد الثامن، المجلد الثامن، )الوعي في الشعر: (مقال: سید قطب ،

1946القاھرة

o ،بحوث المؤتمر العلمي االستذكاري شاكر ھادي التممي دجلة والفرات في شعر الجواھري

ــ 10كلیة اآلداب ،جامعة الكوفة،العراق، /لشاعر العرب األكبر محمد مھدي الجواھري

11/4/2011

o ،1،1997، ع16شربل داغر، التناص سبیال إلى دراسة النص الشعري، فصول، مجلد

o ،353دمشق،ع شكري الماضي،مابعد البنیویة، مجلة المعرفة ، وزارة الثقافة السوریة،

1993

o 1986 البیضاء ،الدار 2 عدد المقاالت عیون األدبي، العمل وإشارات التناص حافظ، صبري

o رقة ولغة الثیاب للجواھري ،مقال حصدام فھد األسدي ، مسارات الجدل في قصیدتي الم

2005، 39،مجلة آداب البصرة ، العدد

o عالمات في النقد " التناص ، مجلة فكرة السرقات األدبیة ونظریة : " عبد الملك مرتاض" ،

1411و القعدة ذ، 1مج 1النادي األدبي بجدة ج

o جدة . المركز الثقافي. عالمات في النقد. مدخل في قراءة البنیویة: عبد الملك مرتاض

م1998سبتمبر

2000،فبراير 355عبد المنعم عجب ألفيا ، التناص في القصيدة الحديثة ، رابطة أدباء الكويت ،ع

o 2، ع15بد النبي أصطیف، خیط التراث في نسیج الشعر العربي الحدیث ، فصول ، المجلدع

،1996

o 1994، دیسمبر ، 1عبد الواحد لؤلؤة ، التناص مع الشعر الغربي ، مجلة األقالم ، ع

o التناص مع الشعر الغربي، مجلة : عبد الواحدة لؤلؤة، ، من قضایا الشعر العربي المعاصر

82،1991 ع الوحدة،

o 2054 ،ععالء ھشام مناف ، دراسة في شعر الجواھري ،موقع مجلة الحوار المتمدن ،

2007

o علي محسن الخالدي ، العراق في شعر الجواھري ،مجلة مركز دراسات الكوفة ، العراق

،2004

2001،أكتوبر 355فالح حسن أوغالي ،اقتحام التناص عالم الذات ،مجلة الموقف األدبي ،العدد

Page 264: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

250

o الرحوتي عبد الرحیم، مجلة عالمات، جدة : وبیار، نظریة التناصیة، ترجمةمارك د–

1986، 1السعودیة، ع

o ، مایو 11محمد إبراھیم حور ، فلسطین في شعر الجواھري ، موقع مؤسسة فلسطین للثقافة-

2006

o محمد بنیس، طاھرة الشعر المعاصر في المغرب، وروماني إبراھیم، النص الغائب في

.1988، تشرین األول 49/یث مجلة الوحدة عالشعر الحد

o 2000، نوفمبر ، 364محمد عزام ، نظریة التناص ، البیان ، رابطة األدباء ، الكویت ،ع

o عمان مؤسسة نزوى لواءالبالغة،مجلة وحامل الكالسیكین آخر الجواھري مھدي محمد

2001,یولیو 1 ،32ع ، واإلعالن والنشر للصحافة

o مجلة األدیب العراقي، : (مقال: محمد مھدي الجواھري ، المغردة حیاة حافلة ولیست حروفا

1962العدد األول، بغداد

o مجلة " استراتیجیة التناص في الخطاب الشعري الحدیث : " محمود جابر عباس ، "

2003، 12النادي األدبي بجدة ، مج" عالمات في النقد

o 319العدد يموقف األدبالعمران، التناص و مفھوم التحویل من شعر محمد ،مفید نجم ،

1997

الرسائل الجامعية: o د.أ محمد مسعد سعيد سالمي ،التناص في شعر البردوني، أطروحة دكتوراه ، إشراف .

2007عبد العزیز المقالح، جامعة صنعاء ،الیمن،

o دراسة لغویة –عبد الزھرة اسماعیل آل سالم ،الترابط والتماسك في شعر الجواھري

عبد اإللھ إبراھیم عبد هللا ، الجامعة المستنصریة ، العراق .د.وحة دكتوراه ،إشراف أ،أطر

،2011

o ،1998سعد سالم، التناص التراثي في الرواية الجزائرية، دكتوراه دولة، جامعة الجزائر

o فلیح .د.شذا حاتم وحید ، الرموز التراثیة في شعر الجواھري، رسالة ماجستیر ، بإشراف أ

2005ركابي ، كلیة األدب جامعة بغداد ، كریم ال

الشعرية في رواية أحالم مريم الوديعة لواسيني األعرج، رسالة ماجستير ، بإشراف أ،د،محمد

2007/2008بشير بويجرة ، جامعة وهران ،

Page 265: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

251

:مراجع أجنبیة BARTHES, ROLAND - LE PLAISER du texte - paris - 1973 -

-todorov ;Mikhtine:le principe diAlogique suivi de ecrits de cercle de bakhtine ed seuil 1981 p 41. :المواقع اإللكترونیة

web.comhem.se/kut/mutnabi.htm

http://www.ssrcaw.org

at/show.artwww.ahewar.org/deb

aleftoday.info/article.php

o www.maghress.com/fkihbensalah

Page 266: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

252

ملحق نبذة عن حياة الجواهري

Page 267: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

253

الجواهري مهدي محمد ولدالشاعر - . م1899 عام تموز من والعشرين السادس في العراق في

نسبة ، الجواهر بآل تعرف والشعر واألدب العلم في عريقة محافظة أسرة من تحدر - كتابا ألف والذي ، الجواهر صاحب حسن محمد الشيخ يدعى والذي األسرة أجداد أحد إلى كما ، األسرة لهذه وكان" . اإلسالم شرائع شرح في الكالم جواهر" الكتاب واسم الفقه في

. والعلمية األدبية الشخصيات كبار يرتاده واألدباء باألدب عامر مجلس الكبيرة األسر لباقي

ثم وأصدقائه، والده أقرباء بين ذلك له وتم ،مبكرة سن في وهو الكريم القرآن قرأ - والصرف النحو شيوخه عن فأخذ والقراءة، الكتابة ليعلموه كبار مدرسين إلى والده أرسله

والده له وخطط. آنذاك الدراسة منهج في معروف هو مما ذلك إلى وما والفقه والبالغة الفتى ليبدأ المتنبي ديوان من وقصيدة البالغة نهج من خطبة يوم كل في يحفظ أن وآخرون االمتحان في ينجح أن وبعد ، الصبر بفارغ االمتحان ساعة منتظرا نهاره طوال بالحفظ . الكبار مجالس إلى والده يصاحب المساء وفي ، جديد من خلق انه فيحس بالخروج له يسمح

ابن ومقدمة والتبيين البيان كتاب في يقرأ فأخذ األدب إلى الطفولة منذ ميال أظهر - كامنة لموهبة واستجابة ، ببيئته تأثرا ، مبكرة سن في الشعر ونظم ، الشعر ودواوين خلدون

. فيه

ليرة أمامه وضعت المرات إحدى في أنه ويروى ، الحفظ سريع ، الذاكرة قوي كان - ثماني الفتى فغاب. له الليرة وتكون الحفظ في مقدرته عن يبرهن أن منه وطلب ذهبية

. الليرة وقبض للحاضرين واسمعها بيتا) 450( من قصيدة وحفظ ساعات

Page 268: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

254

،1917 سنة وفي. عليه غلب للشعر ميله لكن ، شاعرا ال عالما يريده أبوه كان - البيان درس إليها وأضاف دروسه إلى الشاب عاد الحزن أيام انقضت أن وبعد والده يتوف

. الغرب عن مترجما أم عربيا أكان سواء جديد شعر كل وقرأ.. والفلسفة والمنطق

واشترك ، محافظة دينيه نشأة نشأ ألنه الدين رجال لباس يرتدي حياته أول في وكان - ثم ، العمامة البس وهو البريطانية السلطات ضد م1920 امع العشرين ثورة في ذلك بسب

يزال ال وكان العراق على ملكا توج عندما األول فيصل الملك بالط في قصيرة مدة اشتغل يعمل وراح الفيصلي البالط في االشتغال ترك كما العمامة ترك ثم ، العمامة يرتدي

( جريدة منها الصحف من مجموعة فأصدر ، بغداد إلى النجف غادر أن بعد بالصحافة التحاد رئيسا مرات عدة وانتخب) العام الرأي( جريدة ثم) االنقالب( وجريدة) الفرات . العراقيين األدباء

كانون شهر في نشرت قد كانت له قصيدة وأول ، يذكر شيء األول شعره من يبق لم - والعربية العراقية والمجالت الجرائد فمختل في بعدها النشر يوالي وأخذ ، 1921 عام الثاني

.

القدامى الشعراء من عددا فيها عارض" األدب حلبة" باسم له مجموعة أول نشر - . والمعاصرين

بتعيينه فوجيء ولكنه ، الثانوية المدارس في مدرسا ليعين 1927 عام النجف ترك - . الكاظمية في االبتدائي المالك على معلما

من استجد ما فيه نشر" والعاطفة الشعور بين" أسماه ديوانا 1928 عام في رأصد - . شعره

عشرون منها صدر وقد ،) الفرات( جريدته ليصدر ، 1930 سنة البالط من استقال - بدون ولكن إصدارها يعيد أن وحاول ، كثيرا ذلك فآلمه امتيازها الحكومة ألغت ثم ، عددا

، المأمونية مدرسة في 1931 سنة أواخر في معلما عين أن إلى عمل بدون فبقي ، جدوى . التحرير لديوان رئيسا الوزارة ديوان إللى نقل ثم

. " الجواهري ديوان" بإسم الثاني ديوانه أصدر 1935 عام في -

Page 269: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

255

بكر قاده الذي العسكري االنقالب إثر) االنقالب( جريدة أصدر 1936 عام أواخر في - الحكم سياسة يعارض بدأ عنها أعلن التي أهدافه عن االنقالب بانحراف أحس ذوإ. صدقي

الصدور عن الجريدة وبإيقاف أشهر ثالثة بالسجن عليه فحكم ، الجريدة هذه في ينشر فيما . شهرا

لها يتح ولم ،) العام الرأي( إلى الجريدة اسم غير االنقالب حكومة سقوط بعد - للسياسات ناقدة مقاالت من فيها يكتب كان ما بسبب مرة من كثرأ فعطلت ، الصدور مواصلة . المتعاقبة

إيران إلى غادر من مع العراق غادر فشلها وبعد أيدها 1941 مارس حركة قامت لما - ).العام الرأي( جريدته إصدار ليستأنف نفسه العام في العراق إلى عاد ثم ،

. دمشق في المعري العالء أبي مهرجان في شارك 1944 عام في -

جديدة طبعة في ديوانه من والثاني األول الجزء 1950 و 1949 عامي في أصدر - . كبيرا شاعرا فيها برز والتي األربعينيات في نظمها التي قصائده فيها ضم

. االسكندرية في عقد الذي العربية للجامعة الثقافي المؤتمر في 1950 عام في شارك -

. للصحفيين ونقيبا العراقيين األدباء التحاد رئيسا انتخب -

في استقر هناك ومن لبنان إلى 1961 عام العراق فغادر مختلفة مضايقات واجه - . التشيكوسلوفاكيين األدباء اتحاد على ضيفا براغ

بريد" سماه جديد ديوان 1965 عام في فيها له وصدر ، سنوات سبع براغ في أقام - . " الغربة

150 قدره تقاعديا راتبا الثورة حكومة له وخصصت 1968 عام في العراق إلى عاد - . الشهر في دينارا

. "العودة بريد" ديوان بغداد في له صدر 1969 عام في -

Page 270: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

256

رأس نفسه العام وفي" .األرق أيها" ديوان اإلعالم وزارة له أصدرت 1971 عام في - وفي. دمشق في المنعقد الثامن العرب األدباء مرمؤت في العراق مثل الذي العراقي الوفد . " خلجات" ديوان اإلعالم وزارة له أصدرت نفسه العام

. تونس في عقد الذي التاسع األدباء مؤتمر إلى العراقي الوفد رأس 1973 عام في -

دليل وهذا ، واألردن المغرب، مصر، مثل للجواهري أبوابها فتحت عديدة بلدان - واستراح إليها واطمأن فيها واستقر ،دمشق اختار ولكنه به حظي الذي االحترام مدى على .والكتاب واألدباء الشعراء لكل ارعايته تبسط حيث

« الجواهري الشاعر وقصيدة ، البالد في وسام أعلى منح في سوريا بأن مرك - . العالية الشعرية الذرا من ذروة »المجد جبهة دمشق

في والحرارة البيان في والقوة التعبير في بالصدق الجواهري سلوبأ يتصف - متشائما أفكاره خالل من يبدو ولكنه ، النفس في كالتيار الهادرة بالصور الملتحم اإلحساس

معقدة نفسية مع ،الحزين القاتم واإلحساس الكآبة من مسحة شعره تغلف الحياة من حزينا .شيء اليرضيه الذي الناقد الفيلسوف نظر أمر كل إلى تنظر

تمرد أن بعد ورحل ، 1997 تموز من والعشرين السابع في الجواهري وتوفي - الذي العصر شاهد بحق فكان بنيرانها واكتوى غمرتها وخاض كبرى معارك ودخل وتحدى

. أحدا يحاب ولم يجامل لم

ميالده عيد مابين اواحد يوما الفارق وكان الشهر، نفس في وتوفي الجواهري ولد وقد - من والعشرين السابع في وتوفي 1899 عام تموز من والعشرين السادس في ولد فقد. ووفاته . 1997 تموز

Page 271: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

257

فهرس المحتويات

Page 272: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

258

مقدمة

التناص في الدراسات النقدية : الفصل األول التناص في النقد الغربي 04 التناص في النقد العربي 13تناص ومظاھرهآلیات ال 27 التناص وتحوالت الخطاب الشعري 34 المفاھیم التناصیة 37 التناص بین اإلنتاج و التلقي 39

مصادر التناص في شعر الجواهري :الفصل الثاني مع القرآن الكريم التناص -1 43 : التناص مع آيات القرآن الكريم 1-1 43المستوى المضمر -أ 44 المستوى الظاهر -ب 48 استثمار دالالت اآليات 1-2 52 استدعاء الشخصيات الواردة في القرآن 1-3 55 التناص التراثي -2 59 الشعري التراثي التناص 2-1 62حضور المتنبي في شعر الجواهري 2-2 69 المصادر التاريخية -3 80 اإليجاز 3-1 81 تكثيفال 83 2-3 األسطوري التناص -4 85 توظيف األسطورة في الشعر 4-1 85 استدعاء الخرافات العربية القديمة 4-2 87 استدعاء صور الكائنات الخرافية 4-3 89 استدعاء أساطير ألف ليلة وليلة 4-4 91

Page 273: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

259

مصادر التناص في شعر الجواهري:الفصل الثالث

تمهيد 94ـ التناص اللكلي 1 95 ألسلوب اإلحيائيامجارات 1-2 96

االمتياح من النسيج الكلي 1-2 103 التناص الجزئي -2 106 محاورة النص المستدعى 2-1 106 امتياح جو القصيدة دون لغتها 2-2 108 التناص الموافق-3 111 التحويل القيمي لشخصية المعري 3-1 111 المحاورة بخطاب الماضي 3-2 104 المضادالتناص -4 117 4-1 الخروج عن مسار النص الغائب 117نقض حقيقة المستدعى 4-2 119

الفصل الرابع: شعرية التناص وجمالية االستدعاء تمهيد 124تكثيف التجربة الشعرية-1 125 جدلية استحضار التضاد 1-1 127 امتياح األساليب الشعرية 1-2 131 )المعري(تراثيةاالنفتاح على الشخصيات ال 1-3 134 استدعاء الصورالتراثية للزمن-2 139 الزمن في الشعرالعربي:تمهيد 2-1 139 الزمن من خالل ثنائية الحياة والموت 2-2 143 امتياح الصور القديمة - أمام الموت -أ 143 استرفاد بساطة الصور القديمة -حقيقة الموت - ب 144

Page 274: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

260

ور االغتراباستحضار ص -3 147 استحضار تجارب االغتراب3-1 148 استدعاء صورة الوطن 3-2 152 إعادة التشكيل الداللي -4 154 الموروث دالالت التماهي –الذات 4-1 155 فلسفة الصور المستدعاة 4-2 159 إكساب الرمز دالالت جديدة 4-3 161 دالالت استدعاء الرموز-أ 161 زية الظلمرم -ب 163 دالالت حواء -ج 165 تحويل دالالت الصور -د 168 التالقح والتفاعل -5 169 الحوافز لاستبدا 5-1 170 استحضار صور األمكنة 5-2 174 استحضار صورة فلسطين-أ 174 استحضار صور العراق -ب 177 6- االستدعاء والتحويل 182فقتجديد األ 6-1 183 إضفاء فرادة التجربة 6-2 186 هندسة تحويل الموروث -7 188 حضور الموروث وتنشيط الذاكرة الشعرية 7-1 188 تحويل العالقات الشعورية 7-2 190 إحياء الذاكرة الشعورية7-3 194

Page 275: ﺮﻌﺷ ﻲﻓ صﺎﻨﺘﻟا ﺔﯾﺮﻌﺷ يﺮھاﻮﺠﻟا · ﻥﻴﻫﺭ ﻭ ،ﻯﺭﺨﺃ ﺓﺭﺎﺘ ﻱﺭﺘﺤﺒﻟﺍﻭ ،ﺓﺭﺎﺘ ﺭﻴﺒﻜﻟﺍ ﻲﺒﻨﺘﻤﻟﺍ

261

تفعيل صور التراث 7-4 197 التخفف من الكالسيكية 7-5 200 8- إخراج العام إلى الخاص 203خاتمة 206 ملحق 210 المصادر والمراجع 216فهرس المحتويات 230