٥ احملبـة والصـداقة

إهداء

إىل حبييب يف اهللا، وأعز أصدقائي، وزميلي يف الدراسة، الذي ودعين بعد اية الثانوية بأشهر، وهو مل يتجاوز الثانية والعشرين من

.عمرهخملد (إىل صديقي .. أسأل اهللا أن جيمعنا به يف دار جناته

.، رمحه اهللا رمحة واسعة)عويض احلليفي صديقك املخلص

فائز احلليفي

احملبـة والصـداقة

٦

بسم اهللا الرمحن الرحيم

املقدمة

إن احلمد هللا، حنمده سبحانه ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باهللا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده اهللا فال مضل له، ومن يضلل فال هادي له، وأشهد أن ال إله إال اهللا، وحده ال شريك

عليه، وعلى آله له، وأشهد أن حممدا عبده ورسوله، صلوات اهللا .وصحبه، وسلم تسليما

:أما بعدالرمحن، أقدم اإخويت يف اهللا، أيها املتحابون واملتآلفون يف رض

بني أيديكم هذا الكتاب كهدية إىل كل من أحببت يف اهللا، وليعلم األحبة يف اهللا أن احملبة ليست مقتصرة على أناس دون آخرين، أو

األنفس كما يظن البعض، بل نرد عليهم أا ال تكون إال لضعاف ].١٤٦: آل عمران[ والله يحب الصابرين: -تعاىل-بقوله

فأثبت احملبة لنفسه، فاهللا حيب من فعل ما أمر به من واجب أو -سبحانه وتعاىل- وحيب كل خري ويكره كل شر، واهللا - مستحب

ال، وكل ما أوجد يف قلب اإلنسان احلب؛ من حب اجلمال، وامل .فيه لذة لنفسه

وباحملبة وللمحبة وجدت السموات واألرض، وعليها فطرت املخلوقات، وباحملبة تقوى الصداقة بني األصحاب، واإلنسان مهما

إن احلب : قال أو ادعى أنه ال حيب فإننا نرفض دعواه، ونقول

٧ احملبـة والصـداقة

فطري يف نفسك، ومن املستحيالت أن يعيش اإلنسان بال حبيب، ا وأسأل اهللا أن يؤلف بني قلوب املسلمني، وأن جيمعهم على هذ

.طاعته ورضوانه وحمبتهكما أسأله بأمسائه احلسىن، وصفاته العلى، أن جيعل عملي هذا

.خالصا لوجهه الكرمي، إنه سبحانه ويل ذلك والقادر عليه وصلي اهللا على سيدنا حممد،،،

حمبكم املؤلف

هـ١٦/٢/١٤١٦القويسم م١٤/٧/١٩٩٥

احملبـة والصـداقة

٨

تعريف احملبة

احملبة مأخوذة من حب مصدره حب وحبب، ومجع احلب؛ .أحباب وحبان وحببه

ميل قلب اإلنسان إىل ما يناسبه، ويستلذ به من أمور : وهي .الدنيا

للمحبة مراتب تتدرج حسب حب اإلنسان : مراتب احملبة .للشيء يف قلبه

:وأول هذه املراتبلب يتعلق باحملبوب وينشغل به، مث الصبابة، مث ألن الق: العالقة

.الغرام، مث العشق، وآخرها التتيم أمساء احملبة

:للمحبة أمساء كثرية وسأذكر هنا مخسون امسااحملبة، والعالقة، واهلوى، والصبوة، والصبابة، والشغف، : وهي

نم، والعشق، واجلوى، والديتقة، والوجد، والكلف، والتف، واملوالشجو، والشوق، واخلالبة، والبالبل، والتباريح، والسدم، والغمرات، والوهل، والشجن، والالعج، واالكتئاب، والوصب، واحلزن، والكمد، واللذع، واحلرق، والسهد، واألرق، واللهف، واحلنني، واالستكانة، والتبالة، واللوعة، والفتون، واجلنون، واللمم،

والرسيس، والداء املخامر، والود، واخللة، واحللم، والغرام، واخلبل،

٩ احملبـة والصـداقة

.واهليام، والتدليه، والوله، والتعبد أنواع احملبة

احملبة ختتلف من إنسان آلخر، حسب ما مييل إليه قلبه ويتعلق به؛ ومن هنا جند أن هناك أنواع للمحبة ال بد على املسلم من

أوقع صاحبها يف الشرك، عياذا معرفتها، ألن جهلها أو جتاهلها رمبا .باهللا من ذلك

:وهي ثالثة أنواعحمبة اهللا وما حيب اهللا، وبغض ما يبغضه، على : النوع األول

-، وهذا واجب باألدلة قال -تعاىل- األساس من اإلخالص هللا قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم : - تعاىل

وعشريتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها هبيلي سف ادجهو هولسرو الله نم كمإلي با أحهنوضرت ناكسمو

*لفاسقني فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم ا ].٢٤: التوبة[

وتشري اآلية إىل أن تقدمي حمبة الثمانية األصناف اليت ذكرت .فيها مناف للعقيدة، وأن حمبة اهللا جيب أن تقدم عليها

إذ أن حمبة اهللا دليل على سالمة الفطرة وصفاء النفس، كما أا هم يحب: -تعاىل-قال : ملن حيبه - تعاىل-سبب يف حمبة اهللا

هونبحيو ]لة إىل حالوة ]٥٤: املائدةكما أن حمبة اهللا موص ،ثالث من كن فيه وجد حالوة اإلميان؛ «: اإلميان، قال الرسول

احملبـة والصـداقة

١٠

أن يكون اهللا ورسوله أحب إليه مما سوامها، وأن حيب املرء ال حيبه إال هللا، وأن يكره أن يعود يف الكفر كما يكره أن يقذف يف

.)١(»النارحمبة حمرمة، تصل بصاحبها إىل الشرك األكرب، : النوع الثاين

، وقد توعد اهللا من -تعاىل- وهي تسوية حب املخلوقات مبحبة اهللا ساوى حبه حبب املخلوقات بالعذاب الشديد، وبين أن املؤمن

.يكون حبه هللا أعظم مما سواهالله أندادا ومن الناس من يتخذ من دون: - تعاىل- قال

ينى الذري لوو لها لبح دوا أشنآم ينالذو الله بكح مهونبحي يددش أن اللها ويعمج لهة لأن القو ذابن العوروا إذ يظلم

].١٦٥: البقرة[ العذابن دون اهللا ندا؛ وهو الصنم، وساوى حمبته فهذا حال من اختذ م

.مبحبة اهللاحمبة مباحة، وهي فطرية يف اإلنسان؛ مثل حبه : النوع الثالث

-قال . لبلده وحبه للنساء والولد والذهب والفضة وحنو ذلكزين للناس حب الشهوات من النساء والبنني والقناطري : - تعاىل

مقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ال: آل عمران[ ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب

ولكن هذه احملبة إذا عظمت يف القلب، وساواها أو فضلها ،]١٤ .بة شركية حمرمةعلى حب اهللا كانت حم

.رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة وأمحد (١)

١١ احملبـة والصـداقة

األمور اليت تكون سببا يف حب اهللا لعبده

:اتباع الرسول : أواللعبده، -سبحانه وتعاىل-شرطا حملبة اهللا واتباع الرسول

قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله : - تعاىل-قال ، فال ]٣١: آل عمران[ لله غفور رحيمويغفر لكم ذنوبكم وا

ألنه ال يأمر إال مبا حيب اهللا، ؛يكون حمبا هللا إال من اتبع الرسول وال ينهى إال عن ما يبغض اهللا، وال يفعل إال ما حيبه اهللا، وال خيرب

.إال مبا حيبه اهللا، وفيه خري هلذه األمةوأولياء اهللا؛ ألن حمبة فوجب على اإلنسان حمبة األنبياء مجيعا

وعلى املسلم تصديق الرسول . حمبوب احملبوب من متام حمبة احملبوب وحمبته . فيما أخرب، ويطيعه فيما أمر، ويقتدي به فيما فعل

قال الرسول : قال -رضي اهللا عنه- من كمال اإلميان، عن أنس :» والذي نفسي بيده ال يؤمن أحدكم حىت أكون أحب إليه

عليه الصالة -يوضح لنا ؛)١(»ده وولده والناس أمجعنيمن والوقد ذكر . أن حمبته واجبة، وأن من مل حيبه ناقص اإلميان - والسالم

عليه الصالة - أن حمبته ال تكون إال باتباع الرسول -تعاىل-اهللا قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني : -تعاىل-، قال - والسالم

: آل عمران[ بكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيميحب٣١.[

.رواه البخاري ومسلم (١)

احملبـة والصـداقة

١٢

:حمبة لقاء اهللا: ثانيا

أحبه اهللا وأحب لقاءه، قال -سبحانه- ومن أحب أن يلقى اهللا :»إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه، وإذا : قال اهللا تعاىل

.)١(»كره لقائي كرهت لقاءه :حمبة أصحاب الرسول : اثالث

عليكم بسنيت وسنة «: جتب حمبتهم واالقتداء م، قال اخللفاء الراشدين املهديني من بعدي؛ عضو عليها بالنواجذ، وإياكم وحمدثات األمور، فإن كل حمدثة بدعة، وكل بدعة

.»ضاللة :وحنبهم ألمور

عليه الصالة - ألم أحبوا اهللا وأحبوا رسول اهللا : أوال . وناصروه، وبذلوا أرواحهم يف نشر هذا الدين - والسالمحني قال يف احلديث الذي رواه ملكانتهم عند الرسول : ثانيا

ال تسبوا أصحايب؛ فلو «: ، قال-رضي اهللا عنه-أبو سعيد اخلدري .)٢(»أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم وال نصيفه

:حمبة األنصار: رابعاواجبة، وهي من كمال اإلميان، وقد ورد يف وجوب حمبتهم

آية اإلميان «: قوله : حمبتهم وعدم بغضهم أحاديث كثرية منها

.رواه البخاري ومسلم (١) .صحيح البخاري ومسلم (٢)

١٣ احملبـة والصـداقة

األنصار «: ، وقوله »حب األنصار، وآية النفاق بغض األنصارال حيبهم إال مؤمن وال يبغضهم إال منافق، فمن أحبهم أحبه اهللا،

.»ومن أبغضهم أبغضه اهللا : أهل بيت الرسول حمبة: خامسا

علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل آل: وأهل البيت هم، وما حيب فتجب حمبتهم ألن حمبتهم من حمبة الرسول . العباس

ووجوب حمبتهم . جيب أن حنبه - عليه الصالة والسالم- الرسول والذي نفسي بيده ال «: للعباس قوله : وارد يف األحاديث ومنها

ميان حىت حيبكم هللا ورسوله، ومن آذى عمي يدخل قلب رجل اإل .»فقد آذاين وإمنا عم الرجل صنو أبيه

:اإلميان والعمل الصاحل: سادسامها سببان يف حمبة اهللا تعاىل لعباده الصاحلني، فإذا أحب اهللا

- عبده، رضي عنه وأرضى عنه الناس، وجعله مقبوال بينهم، قال وعملوا الصالحات سيجعل لهم إن الذين آمنوا : - تعاىل

: ؛ والود هو احلب، وقال الرسول ]٩٦: مرمي[ الرحمن وداإن اهللا حيب فالنا فأحبه، فيحبه : إذا أحب اهللا عبدا نادى جربيل«

إن اهللا حيب فالنا فأحبوه، : جربيل، فينادي جربيل يف أهل السماء .)١(»ع له القبول يف أهل األرضفيحبه أهل السماء، مث يوض

.أخرجه البخاري (١)

احملبـة والصـداقة

١٤

حب األنصار للمهاجرين

والذين تبوءوا الدار والإميان من قبلهم : - تعاىل-قال يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا

و كان بهم خصاصة ومن يوق شح ويؤثرون على أنفسهم ول ].٩: احلشر[ *نفسه فأولئك هم المفلحون

فهم من كرمهم وطيب أنفسهم حيبون املهاجرين، وال .حيسدوم، ويؤثروم على أنفسهم، ولو كان هلم حاجة لذلك

بعض السمات اليت حيبها اهللا يف اإلنسان

:اجلهادحانه وتعاىل حيب ااهدين املقاتلني يف سبيله، الذين فاهللا سب

-، قال -سبحانه-بذلوا أرواحهم وأمواهلم من أجل إعالء كلمته إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان : - تعاىل

وصصرم ]٤: الصف.[ : الصرب

هللا، وترك احملرمات، وحتمل األذى يف وهو الصرب على طاعة اوالله : - تعاىل-سبيل األمر باملعروف والنهي عن املنكر، قال

ابرينالص بحي ]١٤٦: آل عمران.[ :اإلحسان

بذل األموال يف وجوه اخلري، واإلحسان للفقراء واملساكني،

١٥ احملبـة والصـداقة ، فإنه واإلنفاق يف سبيل اهللا، وكل ما فيه نفع لإلسالم واملسلمني

لنا، وقد أمر به وبين أنه حيب أهله؛ قال -تعاىل-يقربنا إىل حمبة اهللا ].١٩٥: البقرة[ وأحسنوا إن الله يحب المحسنني: -تعاىل-

:القسط: -تعاىل-وهو العدل بني الناس باحلق، ال يظلم أحدا أبدا، قال

إن قسطالم بحي اللهني ]كما أن القسط سبب ]٨: املمتحنة ، اعدلوا هو أقرب للتقوى: -تعاىل-للتقوى ومقرب إليها، قال

].٨: املائدة[ :التوكل على اهللا

إن الله يحب : -تعاىل- وذلك يف مجيع األمور، قال نيكلوتالم ]لعبادة ، وقد قرن سبحانه التوكل با]١٥٩: آل عمران

، كما أمر ]١٢٣: هود[ فاعبده وتوكل عليه: -تعاىل-يف قوله وتوكل على الحي الذي لا : -تعاىل- يف قوله -عز وجل- به

وتمي ]٥٨: الفرقان.[ :العفو ولني اجلانب

من ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا: -تعاىل- قال كلوح ]تعاىل-وقال ،]١٥٩: آل عمران- : فواعليو

لكم الله رفغون أن يبحوا ألا تفحصليو ]؛ فجعل ]٢٢: النورالعفو عمن أساء إليك والصفح عنه سبب يف الغفران، ولذلك قال

".ا ربنابلى واهللا إنا حنب أن تغفر لنا ي: "- رضي اهللا عنه- الصديق

احملبـة والصـداقة

١٦

:إتقان العمل

أيا كان نوعه؛ سواء كنت جنارا أو حدادا فعليك إتقان عملك؛ : - تعاىل-ألن اهللا قد أتقن صنع الكون، وحيب من أتقن، قال

الله عناب صحالس رم رمت يهة وداما جهبسحال تى الجبرتو، وقال ]٨٨: النمل[ إنه خبري بما تفعلونالذي أتقن كل شيء

.)١(»إن اهللا حيب إذا عمل أحدكم عمال أن يقتنه«: الرسول : التوبة

وهي اإلقالع عن الذنوب واملعاصي، كبريها وصغريها، فهذا إن الله يحب التوابني: -تعاىل-مما حيبه اهللا يف اإلنسان، قال

].٢٢٢: البقرة[ : الطهارة

يف البدن وامللبس وكل ما حيتاجه اإلنسان، كما أا ال تقتصر على ذلك، بل تتعدى إىل الطهارة يف العقيدة؛ بأن تكون خالصة هللا

والله : - تعاىل- ، سليمة من املعتقدات الفاسدة قال -تعاىل-رينطهالم بحي ]١٠٨: التوبة.[

: التقوىعل بينك وبني عذاب اهللا وقاية، وهي سبب يف وهي أن جت

، ]٢٨٢: البقرة[ واتقوا الله ويعلمكم الله: - تعاىل-العلم، قال إن المتقني في : -تعاىل- وقد وعد اهللا املتقني باجلنة يف قوله

.رواه أبو يعلى (١)

١٧ احملبـة والصـداقة

ونيعو اتنج ]وأكد على هذا كله حمبته هلم، ]. ٤٥: احلجر ].٧٦: آل عمران[ فإن الله يحب المتقني: -تعاىل-ه بقول

: األمر باملعروفكنتم : -تعاىل-وهذه الصفة سبب يف أفضلية هذه األمة؛ قال

خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر من رأى «: ، وقال الرسول ]١١٠: آل عمران[ هوتؤمنون بالل

منكم منكرا فليغريه بيده، فإن مل يستطع فبلسانه، فإن مل يستطع -وقد وعظ لقمان ابنه، قال ،)١(»فبقلبه وذلك أضعف اإلميان

يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن : خمربا عنه - تعاىل: لقمان[ ر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمورالمنك

إن «: ، وقد ورد يف احلديث حب أهل املعروف، بقوله ]١٧ . »أحب عباد اهللا إىل اهللا من حبب إليه املعروف وحبب إليه فعله

:احلب يف اهللاقت ح: قال اهللا تعاىل«: فيما يرويه عن ربه قال الرسول .)٢(»حمبيت للمتحابني يف : حسن اخللق

فاإلسالم دعا إىل حسن اخللق، وبين أن أكمل املؤمنني إميانا أكمل املؤمنني إميانا «: أصحاب األخالق احلسنة، قال الرسول

.رواه مسلم (١) . أخرجه أمحد (٢)

احملبـة والصـداقة

١٨

ادفع بالتي : وأمر اهللا مبحاسن األخالق فقال ،)١(»أحسنهم خلقا

فإذا الذ نسأح يهيممح يلو هة كأناودع هنيبو كنيي ب فضل حسن اخللق يف أحديث ،وبني الرسول ]٣٤: فصلت[

: وقال عليه الصالة والسالم،)٢(»الرب حسن اخللق«: كثرية منها .)٣(»إمنا بعثت ألمتم مكارم األخالق«

ول ، قال الرس- تعاىل-وحسن اخللق من السمات احملببة إىل اهللا :» ا يوم القيامة أحاسنكمإن من أحبكم إيل وأقربكم مين جملس

ويدعو إليه هو من متام حمبة فكل ما حيب الرسول ،)٤(»أخالقا .اهللا ورضاه

:بعض السمات اليت يكرهها اهللا يف اإلنسانوبعد التحدث عن بعض السمات احملببة إىل اهللا، سأذكر بعض

ناف من الناس، وهي مكروهة أو السمات اليت هي موجودة يف أص ..، فإىل ذلك-سبحانه وتعاىل-حمرمة عند اهللا

:اجلهر بالسوءوهو الدعاء من املظلوم على الظامل، وفضيحة سرائره، وبيان ما

- خفي عن الناس منه، فهذا العمل مبغوض إال من كان حمقا، قال القول إلا من ظلملا يحب الله الجهر بالسوء من : - تعاىل

.رواه أمحد وأبو داود (١) .ه البخاريروا (٢) .رواه البخاري يف األدب املفرد (٣) .رواه البخاري (٤)

١٩ احملبـة والصـداقة

].١٤٨: النساء[ : الكفر

ومن فعل ذلك . وهو اإلشراك باهللا، وأن تعبد من دون اهللا ندا- تعاىل- فإن اهللا قد توعده بالعذاب الشديد، وحرم عليه اجلنة، قال

:ةنالج هليع الله مرح فقد بالله ركشي نم هإن ]٧٢: ملائدةا[ ،: الروم[ إنه لا يحب الكافرين: - تعاىل- ونفي عنه احملبة، قال

آل [ فإن الله لا يحب الكافرين: -سبحانه- ، وقال ]٤٥ ].٣٢: عمران

: الظلمومنه ظلم النفس وأظلمه اإلشراك باهللا، وهو أعظم أنواع

، ]١٣: لقمان[ شرك لظلم عظيمإن ال: -تعاىل- الظلم،قال والله لا يحب الظالمني: - تعاىل-وهو مبغوض عند اهللا، قال

إنه لا يحب الظالمني: -سبحانه-، وقال ]١٤٠: آل عمران[ ].٤٠: الشورى[

: الفساد يف األرضعبث يف كل سواء كان الفساد يف األرواح أو املمتلكات؛ بأن ي

ما هو نافع للناس؛ من ماء وحرث وزرع، اليت ال يعيش اإلنسان والله لا : -تعاىل-قال . بدوا، فإن اهللا ال حيب من عمل ذلك

ينفسدالم بحي ]سبحانه- ، وقال ]٦٤: املائدة - : لا اللهوادالفس بحي ]وقال]٢٠٥: البقرة ، : إن الله بحلا ي

ينفسدالم ]٧٧: القصص.[

احملبـة والصـداقة

٢٠

: االعتداء

ويدخل يف ذلك ارتكاب املناهي؛ من الغلول، وقتل النساء : - تعاىل-والصبيان والشيوخ، وإحراق األشجار، وحنو ذلك، قال

يندتعالم بحلا ي إن الله ]١٩٠: البقرة.[ : اإلمث: البقرة[ حب كل كفار أثيموالله لا ي: - تعاىل-قال

؛ أي كفور القلب، أثيم القول والفعل، ظلوم آمث يأكل ]٢٧٦ .أموال الناس بالباطل

: اخليانةواخليانة ال تقتصر على خيانة األصحاب أو اخليانة يف أي عمل

ومن أنواعها خيانة اهللا ورسوله . من األعمال، بل هي أكرب من ذلكإن : -تعاىل-قال . ذا النوع أبغض األنواع إىل اهللاواملؤمنني، وه

عز -، وقال ]١٠٧: النساء[ الله لا يحب من كان خوانا أثيماكما ]. ٥٨: األنفال[ إن الله لا يحب الخائنني: -من قائل

إن : -تعاىل-يدخل يف اخليانة عدم الوفاء بالعهود واملواثيق، قال ؛ والكفر هو اجلحود ]٣٨: احلج[ الله لا يحب كل خوان كفور

.للنعم فال يعترف ا : الفخر والتكرب

فخورا الإن الله لا يحب من كان مختا: - تعاىل-قال -؛ يعين أنه بعدما أعطاه من نعم فهو ال يشكر اهللا ]٣٦: النساء[

٢١ احملبـة والصـداقة

عليها، ويتفاخر على الناس مبا أعطاه اهللا، وهو ذا قليل - ىلتعاالشكر هللا، معجب بنفسه فخورا على غريه، وقد نفى اهللا تعاىل

إنه لا يحب : - تعاىل-احملبة عمن اتصف ذه الصفة؛ بقوله كبرينتسالم ]عز وجل- ، وبقوله ]٢٣: النحل- : لا إن الله

بحور يال فختخكل م ]١٨: لقمان.[ : اإلسراف

احلد ملأكل واملشرب وامللبس، فإذا تعدىومنه اإلسراف يف اوكلوا واشربوا ولا : أصبح حمرما؛ ألن اهللا ى عن ذلك بقوله

نيرفسالم بحلا ي هرفوا إنست ]ومنه اإلسراف ]. ٣١: األعرافب واملعاصي، فإن العبد إذا أسرف على نفسه وتاب فإن يف الذنو

اهللا يتوب عليه، فال يقنط من رمحة اهللا من تاب توبة صادقة، وإن - قال . عظمت ذنوبه وكثرت، فإن باب الرمحة والتوبة واسع

قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من : - تعاىلمحريمحالر فورالغ وه ها إنيعمج وبالذن رفغي إن الله الله ة

.]٥٣ :الزمر[ :الفرح مبا لديه من أموال

؛ ]٧٦: القصص[ إن الله لا يحب الفرحني: -تعاىل- قال أي الذين يتكربون على الناس باملال، وال يشكرون اهللا على ما

فمن كانت هذه حاله فليعلم أن اهللا سوف ينتقم . اهم من رزقأعط .منه

احملبـة والصـداقة

٢٢

أنواع احملبة يف نفس اإلنسان

احلب يف النفوس خيتلف من إنسان آلخر؛ فتجد عباد اهللا املتقني حيبون اآلخرة وما قرب إليها من قول أو عمل، ويفضلون ذلك على

ذون من حب الدنيا وما فيها من نعيم زائل، ومع هذا جتدهم يأخالدنيا ما فيه نفع هلم، وال ينبذوا خلف أظهرهم وينقطعون للعبادة

ولا تنس : -تعاىل-فقط، وذا يكونون عالة على اتمع، قال ، بينما هناك آخرون حيبون ]٧٧: القصص[ نصيبك من الدنيا

االتفاخر واخليالء والتكبر، وهؤالء فعلهم هذا مذموم شرع. :ىل بعض هذه األنواعفإ

. حب نصرة دين اهللا: النوع األول وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب: -تعاىل- قال

؛ أي إذا قاتلتم يف سبيله أعطاكم ما حتبون وهو ]١٣: الصف[حتى إذا فشلتم : -سبحانه-نصركم على أعدائكم، وقال

متعازنتون وبحا تم اكما أرم دعب نم متيصعر وي الأمف ] آل .؛ والذي حيبونه هنا هو نصرة دين اهللا على الشرك]١٥٢: عمران

. حب اإلميان: النوع الثاينولكن الله حبب إليكم الإميان وزينه في : -تعاىل- قال

قلوبكم ]؛ واملعىن أنه حببه إىل النفوس، وزينه يف ]٧: جراتاحل .القلوب

. حب الطهارة: النوع الثالث

٢٣ احملبـة والصـداقة

: التوبة[ فيه رجال يحبون أن يتطهروا: - تعاىل- قال ؛ ويعين بالطهارة هنا كال النوعني؛ احلسية مثل طهارة امللبس ]١٠٨

.يوحنوه، واملعنوية كالطهارة من الذنوب واملعاص . حب املال: النوع الرابع

، ]٢٠: الفجر[ وتحبون المال حبا جما: - تعاىل- قال ؛ ]٨: العاديات[ وإنه لحب الخير لشديد: - سبحانه-وقال

وحب املال تارة يكون للفخر واخليالء، والتكرب . واخلري هو املالوتارة يكون . هذا مذموم شرعاعلى الضعفاء واجلرب على الفقراء، ف

.للنفقة يف القربات ووجوه الرب وصلة األرحام، وهذا حممود شرعا .حب الدنيا: النوع اخلامس

، ]٢٠: القيامة[ كلا بل تحبون العاجلة: -تعاىل-قال م إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءه: -سبحانه- وقال

؛ والعاجلة هي الدنيا، فهم منشغلون ]٢٧: اإلنسان[ اليوما ثقي .ا عن اآلخرة

.حب الشهوات: النوع السادسأخربنا سبحانه أنه زين للناس أنواع املالذ؛ من نساء وبنني ومال وخيل وأنعام وحرث، وكل ما فيه فتنة للناس يف هذه الدنيا الفانية،

: - تعاىل- قال . اة الدنيا، وما عند اهللا خري وأبقىوأوضح أن هذا متاع احلي نم ةطرقنري الماطالقنو ننيالباء وسالن نم اتوهالش باس حلنل نيز

اةيالح اعتم كذل ثرالحام وعالأنو ةموسل الميالخو ةضالفب والذه ].١٤: آل عمران[ لدنيا والله عنده حسن المآبا

احملبـة والصـداقة

٢٤

. حب املدح مبا مل يفعل: النوع السابع

لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون : -تعاىل- قال نم ةفازبم مهنبسحلوا فلا تفعي ا لموا بمدمحأن ي ملهذاب والع

يمأل ذابع ]م ]١٨٨: آل عمرانعون أ؛وهؤالء هم الذين يد .فعلوا كذا، ليحمدهم الناس، وهم كاذبون

. حب اجلمال: النوع الثامن- قال .وأعين احلب األعمى الذي رمبا أوقع صاحبه يف املعصية

المرأة ؛ وهذا ما حصل]٣٠: يوسف[ قد شغفها حبا: - تعاىلفراودته عن -عليه السالم-عزيز مصر، حينما شغفها حب يوسف

.نفسه، ولكنه امتنع من ذلك؛ خوفا من اهللا ورجاء ثوابه . حب السجن على املعصية: النوع التاسع

قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني : -تعاىل-قال هإلي ]عليه -ة، وذلك أن يوسف ؛ أي الفاحش]٣٣: يوسف

.عصمه اهللا، فامتنع منها واختار السجن على ذلك -السالم .حب فضيحة عورات الناس: النوع العاشر

إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين : -تعاىل-قال ةرالآخا ويني الدف يمأل ذابع موا لهنآم ]؛ فهؤالء ]١٩: لنورا

الصنف من الناس، والذين حيبون نشر الكالم السيء يف االس .وبني العامة، قد توعدهم اهللا بعذاب أليم

٢٥ احملبـة والصـداقة

احلب ليس سببا يف هداية من حتب

إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي : -تعاىل-قال حممد، إنك لن تستطيع هداية ؛ أي يا ]٥٦: القصص[ من يشاء

فاإلنسان مهما كانت قرابته منك، . من أحببت وهو عمه أبو طالبوحمبته عظيمة يف قلبك فإنك لن تستطيع أن تسيره كما حتب

.وتريد، ألن ذلك مبشيئة اهللا اإلنفاق مما حنب سبب يف دخول اجلنة

آل [ وا مما تحبونلن تنالوا البر حتى تنفق: - تعاىل-قال ].٩٢: عمران

احلب يف اهللا

اعلم أخا اإلسالم أن احلب يف اهللا والبغض يف اهللا باب عظيم من أبواب اخلري، وهو سبب يف تذوق حالوة اإلميان يف الدنيا، فال يظن البعض أن هذا احلب متعلق بالقلوب وال أحد يستطيع التحكم

تابع للفطرة اليت هي دين اهللا احلق، فيه، فإن من املعلوم أن القلبفنجد من ولد وسلم من املؤثرات اخلارجية ـ واليت رمبا تصرفه عن دينه؛ كأن يكون أبواه غري مسلمني ـ نشأ وهو مؤمن باهللا ربا،

نبيا ورسوال، وباإلسالم دينا، ونشأ وهو حيب من أحب وحممدا . له اهللا ورسوله، ويبغض من أبغض اهللا ورسو

احملبـة والصـداقة

٢٦

وكل حمبة يف هذه الدنيا زائلة، ومنقلبة إىل عداوة، إال حمبة اهللا

من األنبياء ، وحمبة من أحب اهللا ورسوله له وورسوالصاحلني، فإن حمبتهم باقية إىل يوم القيامة؛ ذلك اليوم الذي يتخاصم فيه كل األخالء الذين كانت حمبتهم للدنيا وزينتها، بينما

يف اهللا على منابر من نور، ال خوف عليهم وال هم جند املتحابني الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا : - تعاىل-قال . حيزنوننيقتالم ]ا ]٦٧: الزخرف؛ أي كل صداقة وصحابة لغري اهللا فإ

فإنه دائم - عز وجل-تنقلب يوم القيامة عداوة، إال ما كان هللا وقال إنما : لقوم - عليه السالم-ه، وهذا كما قال إبراهيم بدوام

موي ا ثمينالد اةيي الحف نكمية بدوا مثانأو الله وند نم مذتخاتالن اكمأوما وضعب كمضعب نلعيض وعبب كمضعب كفري ةاميالق ار

ريناصن نم ا لكممو* ]٢٥: العنكبوت [ رضي اهللا عنه-وروي عن علي- : مهضعب ذئمولاء يالأخنيقتإلا الم ودض ععبلخليالن مؤمنان، وخليالن كافران، : ؛ قال

فالنا اللهم إن: "فتويف أحد املؤمنني وبشر باجلنة، فذكر خليله فقالخليلي كان يأمرين بطاعتك وطاعة رسولك، ويأمرين باخلري وينهاين

اللهم فال تضله بعدي حىت تريه مثل . عن الشر، وينبئين أين مالقيكاذهب فلو :"، فيقال له"ما أريتين، وترضى عنه كما رضيت عين

مث ميوت : ، قال"تعلم ما له عندي لضحكت كثريا وبكيت قليالليثن أحدكما على صاحبه، فيقول : رواحهما، فيقالاآلخر فتجتمع أ

نعم األخ، ونعم الصاحب، ونعم : "كل واحد منهما لصاحبه ".اخلليل

٢٧ احملبـة والصـداقة

: وإذا مات أحد الكافرين وبشر بالنار، ذكر خليله فيقولاللهم إن خليلي فالنا كان يأمرين مبعصيتك ومعصية رسولك، "

اللهم فال . أين غري مالقيكويأمرين بالشر وينهاين عن اخلري، وخيربين ده بعدي حىت تريه مثل ما أريتين، وتسخط عليه كما سخطت

فيموت الكافر اآلخر فيجمع بني أرواحهما، فيقال: ، قال"علي :ليثن كل واحد منكما على صاحبه، فيقول كل واحد منهما

.)١("بئس األخ، وبئس الصاحب، وبئس اخلليل: "لصاحبهصارت : "وجماهد، وقتادة - اهللا عنه رضي-وقال ابن عباس

ومن هنا يتبني أن األخالء .)٢("كل خلة يوم القيامة عداوة إال املتقنييف الدنيا يعادي بعضهم بعضا يوم القيامة، ووجدوا األمور اليت كانوا فيها متحابني وأخالء سببا لعذام، فصاروا أعداء، وينبع هذا

الدنيا؛ فهم كانوا يف الشر سواء، العداء من مكان ودادهم يف احلياة . ويف الضالل أحباء، ويف العداوة للمؤمنني أخالء

فاليوم وبعد رؤية العذاب يتالومون ويكفر بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضا، فيأكل الظامل يده حسرة وندامة على ما كان

يديه ويوم يعض الظالم على: -تعاىل-قال . عليه من خلة فاسدةيا ويلتى ليتني لم * اليقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبي

لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان * الأتخذ فلانا خلير ، ويروح يتحس]٢٩- ٢٧: الفرقان[ الالشيطان للإنسان خذو

.رواه ابن أيب حامت (١) .تفسري ابن كثري (٢)

احملبـة والصـداقة

٢٨

. ومير يف صوته متندما، لكن والت حني مناص

إال (ويستثىن من ذلك املتقون، املتحابون على اخلري والتقوى ، فهم أخالء يف الدنيا واآلخرة، ومودم باقية، فقد كانوا )املتقني

. جيتمعون على اهلدى ويتناصحون على اخلري، وعاقبتهم إىل النجاة، أحدمها باملشرق واآلخر لو أن رجلني حتابا يف اهللا«: قال

هذا الذي أحببت : يقول. باملغرب، جلمع اهللا بينهما يوم القيامة .»يف

وكذلك جند أن الصحبة واألخوة يف اهللا ال يقتصر أثرها على الفرد، بل جندها من العناصر املثبتة له على دين اهللا، فهل هناك نعمة

أكرب من نعمة الدين؟ :املعىن اإلمجايل

بني اآلية الكرمية أن الناس صنفني من األصحاب؛ صنف تكاملسك جمالستهم بركة، ومصاحبتهم خري ونعمة، إذا اقتربت من أحدهم وجدت كل ما يسعدك، ويشرح قلبك، ويسري بك إىل

.خريي الدنيا واآلخرةوصنف آخر جمالستهم داء ووباء ودمار وبالء، فهم يفتحون

. اد، وهم الرفقة السيئةملن جيالسهم أبواب الشر والفسفشتان بني هذين الصنفني، وفرق شاسع بينهما، وما أحسن ما

مثل اجلليس «: مثال هلذين الصنفني فقال ضربه لنا الرسول الصاحل واجلليس السوء كحامل املسك ونافخ الكري، فحامل املسك إما أن حيذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن جتد منه رحيا

٢٩ احملبـة والصـداقة

افخ الكري إما أن حيرق ثيابك، وإما أن جتد منه رحيا ون. طيبة .)١(»خبيثة

فجليس الربكة دائما هو خري ونفع لك ومغنم، مثل حامل املسك الذي ينفعك مبا عنده، ويف أقل األحوال إن مل تبتع منه

.وجدت عنده رحيا طيبة، فتجلس عنده وأنت مسرور وقرير العنيإال ما به ضرر بك، وهذا خري بعكس اآلخر الذي ال جتد عنده

مثال هلذين الصنفني، واإلنسان مطبوع على التقليد واالقتداء : يقول جبليسه، وموسوم بسمات من رافقه وجالسه، وجند النيب

.)٢(»املرء على دين خليله فلينظر أحدكم من خيالل« :يقول القائل

عن املرء ال تسـأل وسـل عـن قرينـه ــارن يق ــرين باملقـ ــل قـ ــديفكـ تـ

إذا كنــت يف قــوم فصــاحب خيــارهمـ ـتردى مـحب األردى فـوال تص رديـع ال

فانظروا إىل فرعون معه هامان، وانظروا إىل احلجاج معه يزيد بن معاوية بن أيب سفيان، أشر منه، وانظر إىل سليمان بن عبد

:امللك، صحبه رجاء بن حيوة فقومه وسدده أنــت يف النــاس تقــاس

ــيال ــرت خلـ مبـــن اختـ

ــو ــار تعل ــحب األخي فاص

ــيال ــرا مجـ ــل ذكـ وتنـ

.متفق عليه (١) .رواه الترمذي وابن ماجة وأبو داود (٢)

احملبـة والصـداقة

٣٠

ما يستفاد من اآلية

.وصف املتحابون يف اهللا باملتقني .إن احملبة باقية دنيا وأخرى

.اإلنسان حيشر مع من حيب .دعاء املتحابني بعضهم لبعض باخلري

.زائلة بيان أن احملبة يف غري ذات اهللا .اهللا أم أعداء وصف األخالء يف غري ذات

.بيان ختاصم رفقاء السوء يوم القيامة، وأنه يلعن بعضهم بعضا كيف تدوم احملبة يف اهللا

اعلم أيها احلبيب يف اهللا، أن لتوثيق عرى احملبة ودوامها أسباب :منها

:إخبار من أحببته أنك حتبه يف اهللا -١ن ، حني أخرب أن على اإلنساوهذا امتثال حلديث الرسول

إذا أحب «: إذا أحب أخا له يف اهللا أن يعلمه بذلك، بقوله ويقول املسلم إذا أخربه أنه حيبه ،)١(»أحدكم أخاه فليعلمه أنه حيبه

.»أحبك الذي أحببتين فيه«: يف اهللا

".األدب املفرد"أخرجه البخاري يف (١)

٣١ احملبـة والصـداقة

: إفشاء السالم -٢وهي حتية أهل اجلنة، وسبب يف دخول اجلنة كذلك، والسالم

ال تدخلوا اجلنة «: ؤمنني، قال جيلب احلب والبشاشة بني املحىت تؤمنوا وال تؤمنوا حىت حتابوا أو ال أدلكم على شيء إذا

.)١(»فعلتموه حتاببتم؟ أفشوا السالم بينكم : اهلدية -٣

فتبادل اهلدايا بني األحباب أمر مطلوب، وله التأثري يف ميل .)٢(»ادوا حتابوا«: القلوب وتآلفها، قال

:سائل والزياراتتبادل الر -٤فالصديق يرسل لصديقه ويزوره يف اهللا، وذا تقوى الصداقة

،)٣(»زر غبا تزدد حبا«: وتزداد حمبة كل صديق لصديقه، قال إن رجال زار أخا له يف قرية أخرى فأرصد اهللا له على «: وقال

أريد أخا يل يف : أين تريد؟ قال: مدرجته ملكا فلما أتى عليه قالال، غري أنين : هل لك عليه من نعمة ترا؟ قال: قال. ه القريةهذ

فإين رسول اهللا إليك بأن اهللا قد : قال. عز وجل-أحببته يف اهللا .)٤(»أحبك كما أحببته فيه

:النصح واإلرشاد -٥

.أخرجه مسلم (١) ".األدب املفرد"أخرجه البخاري يف (٢) .ح اجلامع الصغريصحي (٣) .أخرجه مسلم (٤)

احملبـة والصـداقة

٣٢

فهما سببان يف دوام احملبة، فال يرضى من أحب أخاه يف اهللا أن

لنصح واإلرشاد، وقد أخربنا يراه يقع يف املعاصي والذنوب دون ا ١(»الدين النصيحة«: بقوله(.

:فضل املتحابني يف اهللا

وردت أحاديث كثرية يف فضل احلب يف اهللا، وفضل أهله، ومنها املتحابون يف جاليل : قال اهللا عز وجل«: فيما يرويه عن ربه قوله

يف أي وقال ،)٢(»هلم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداءتبارك - ما حتاب رجالن يف اهللا «: املتحابني يف اهللا أفضل لصاحبه، قال

.)٣(»إال كان أفضلهما أشدمها حبا لصاحبه - وتعاىل الصداقة احلقيقية

الصداقة احلقيقية هي اليت تبقى بني الصديقني، وال تزول ألي *سبب من األسباب، وليست صداقة دنيوية؛ بأن يقضي حاجته منك

الصداقة تقوى عندما حيتاج إليك صديقك وقت مث يتركك، بلالشدة، وهذا ما نراه يف هذا العصر، أن الصديق يتخلى عن صديقه

:يف الشدة، أما يف الرخاء فما أكثرهمــر األصــحاب حــني تعــدهم مــا أكث

ولكنـــهم يف النائبـــات قليـــل

. رواه مسلم (١) .أخرجه الترمذي (٢) " .األدب املفرد"أخرجه البخاري يف (٣)

٣٣ احملبـة والصـداقة

وهؤالء األصناف من األصدقاء هم خائنون ألصحام، وما وما أكثر أساليب التزييف اليت يتقلدوا؛ -رهم اهللاال كث- أكثرهم

فعلى اإلنسان . ليوقعوا من صاحبهم يف شباكهم اليت ال ترحم أحداأن خيتار صاحبه، ولكنه سوف يتعب؛ ألن الصاحب الصاحل مثل املعدن الثمني، وقل ما جتده، فرمبا غشك بائع مبعدن مزيف مدع أنه

.من املعادن الثمينةــن ــهموم ــوان يقل ــن اإلخ ــتش ع يف

ــوان ــر خ ــذا العص ــوان ه ــل إخ فج الصداقة احلقيقية تولد احملبة والبشاشة بني األصدقاء، وجتلب * الص

هلم السعادة والطمأنينة، ويكون الصديق مع صديقه متكاتفا معه، .حمبا له، حافظا له كرامته

كل والصداقة ختفف اهلموم واألحزان عن األصدقاء؛ ألن واحد منهم يشكو لآلخر ما به من هم أو حزن، وذا حياوالن حل

.ذلك، والتعاون مع األصدقاء يف حل مثل هذه اهلموموعلى اإلنسان أن خيتار صديقه، فهذا أمر ضروري؛ فعليه أن *

خيتار األصدقاء الصاحلني الناصحني، أصحاب األخالق الكرمية . واملروءة والشهامة :قال الشاعر

ــالح ــه ص ــالق مرجع ــرك لألخ أم

ــتقم ــاألخالق تس ــنفس ب ــوم ال فق

ذا عن أصحاب األخالق الشرسة، وكل من فيه مبتعدا

احملبـة والصـداقة

٣٤

.رذيلة، الذين يضرونه وال ينفعونه واملرء لصاحبه ينسب

ــاخرا ــطفيه تف ــك واص ــر قرين واخت

ــب ــارن ينسـ ــرين إىل املقـ إن القـ

اقة ا يف معناها ومن عالمات الصداقة واليت تكون الصد* ومن وحفظ . احلقيقي، أن الصديق ال يفشي سر صديقه، وال يضره

السر أمر واجب، وهذا يدل على كرامة الصديق وأنه خملص على الصديق عدم إفشاء : حقا لصديقه، ولكن مع هذا نقول

أسراره مجيعها، بل عليه أن حيتفظ ببعضها وخاصة اليت تكون .خطرة عليه

ــر وشــ ــودع الس ــهال ت ــوح ب اء يب

ــدو ســرحان فمــا رعــى غنمــا يف الب

فعليك أيها الصاحب أن حتفظ سر صديقك، وال تبح به، فهو وثق بك وأعطاك أسراره، فكن عند حسن ظنه، وكن مثل هذا

: الصديق الذي وصفه الشاعر بقولهــة ــو ثق ــيس يل أخ جل

ــربه ــه خ ــأن حديث ك

ــاهر ــن ظ ــرك حس هيس

وحتمــد منــه خمتــربه ــتر ــاحبه ويس ــب ص عي

ويســتر أنــه ســـتره

وال تكن مثل العدو؛ ينقلب على جاره ويسلبه ما لديه من ممتلكات وأموال، وذلك بسبب غضبه منه، فانتقم من جاره وصديقه، ولذا حنذر الصديق بأن حيذر من صديقه؛ ألنه يعلم إذا

. أراد االنتقام أين يضع نابه ومىت يضعه

٣٥ احملبـة والصـداقة

:ذرا من ذلكوقال الشاعر علي بن عيسى حمــر ــدوك م ــذر ع ةاح

واحذر صديقك ألف مـرة

ــديق ــب الص ــا انقل فلرمب

ــرة ــم باملض ــان أعل فكقا للشر؛ قال أن يكون مفتاحا للخري مغال وأهم صفة للصديق*

:»ا مفاتيح للخري، مغاليق للشر١(»إن من الناس أناس(. ء، كما أن الصديق يكون مساندا إلخوانه يف السراء والضرا

أمورهم، وأن اليفرح لفرحهم وحيزن حلزم، مناصرا هلم ومسهخري األصحاب عند اهللا «: يدعو هلم باخلري والصالح؛ قال

.)٢(»خريهم لصاحبهومن عالمات الصداقة الوفاء بني األصدقاء، وحسن الصحبة، *

وعلى كل صديق أن يتحمل ما يأتيه من إساءة من صديقه؛ ألن فالصديق ال يؤذي صديقه، بل يبذل ما يستطيع .ذلك عن غري قصد

. إلسعادهــوم ــار ق ــحبت خي ــت إذا ص كن

صـــحبتهم وشـــيميت الوفـــاء ــنوهم ــن حمس ــني يحس ــن ح فأحس

ــاءوا ــاءة إن أسـ ــل اإلسـ وأحتمـــني ــيبهم بعـ ــا يصـ ــر مـ وأبصـ

ــاء ــوم غطـ ــن عيـ ــا مـ عليهـ

.حديث حسن (١) . رواه الترمذي (٢)

احملبـة والصـداقة

٣٦

وعليه كذلك أن يعفو عن زالت صاحبه، فال يقطعه إذا

.رتكب معصية، بل يعظه رجاء أن يتوب فيتوب اهللا عليهاــك يف ــيكن ل ــيء فل ــاء مس وإن أس

عــروض زلتــه صــفح وغفــران ومن يعاتب أصحابه كلما رأى منهم خطأ عاش بال أصحاب، و

وذلك أن اإلنسان مهما بلغ من حسن السرية واخللق ال بد أن طائني كل ابن آدم خطاء وخري اخل«: يقول خيطئ، والرسول

. »التوابون :والشاعر يقول

وكنــت إذا الصــديق أراد غيظـــي

ين علـــى حنـــق بريقـــيقوأشـــر

غفــرت ذنوبــه وعفــوت عنــه

خمافـــة أن أعـــيش بـــال صـــديق

: ويقول بشار ــا ــور معاتب ــل األم ــت يف ك إذا كن

ــه ــذي ال تعاتب ــق ال ــديقك مل تل ص وإن أنت مل تشرب مـرارا علـى القـذى

ــت ــاربه؟ظمئ ــاس تصــفو مش وأي النــه ــاك فإن ــل أخ ا أو صــد ــش واح فع

مقـــارف ذنـــب مـــرة وجمانبـــه

٣٧ احملبـة والصـداقة

والصديق احلق هو الذي يسعى دائما أن يثبت احملبة يف صدر *أخيه، ومن أسباب مثبتات احملبة واأللفة بني األصحاب؛ أن ختاطبه

رضي - بأحب األمساء إليه، وتبدأه بالسالم، كما قال عمر بن اخلطابثالث يثبنت لك الود يف صدر أخيك؛ أن تبدأه بالسالم، : "- اهللا عنه

، وعلى الصديق أن ال "وتوسع له يف الس، وتدعوه بأحب األمساء إليهيكلف صاحبه فوق طاقته، ويدعي أنه إذا مل يعمل ذلك فليس بصديق،

لا وسعهالا يكلف الله نفسا إ: يقول - سبحانه وتعاىل- واهللا :فعليك الرفق بصديقك وال تشق عليه]. ٢٨٦: البقرة[

ــن ــور فل ــق يف كــل األم ورافــق الرف

ينــدم رفيــق ومل يذممــه إنســان

:يف من كانت هذه صفته - رمحه اهللا-ويقول الشافعي وــا ــاك إال تكلفـ ــرء ال يرعـ إذا املـ

فدعــه وال تكثــر عليــه التأســفا يف التـرك راحــة ففـي النـاس أبـدال و

ويف القلـب صـرب للحبيــب ولـو جفــا ــه فمــا كــل مــن ــواه يهــواك قلب

وال كل مـن صـافيته لـك قـد صـفا ــة ــوداد طبيع ــفو ال ــن ص إذا مل يك

فــال خــري يف ود جيــيء تكلفــا ــه ــون خليل ــل خي ــري يف خ وال خ

ــا ــودة باجلف ــد امل ــن بع ــاه م ويلق

احملبـة والصـداقة

٣٨

ــده ــادم عه ــد تق ــا ق ــر عيش وينك

ويظهر سـرا كـان بـاألمس قـد خفـا ــا ــدنيا إذا مل يكــن ــى ال ســالم عل

صديق صـدوق صـادق الوعـد منصـفا والصاحب الصاحل ال حيب وال يبغض إال هللا، كما يف احلديث

من أحب هللا وأبغض هللا وأعطى هللا ومنع هللا فقد «: قال .»استكمل اإلميان

ومن واالمها، لرسوله فالصاحب التقي دائما حمب هللا وومعاد من عادامها، آمرا باملعروف ناهيا عن املنكر، متآلفا مع من

: قالت - رضي اهللا عنها-أحب غري متنافر، ويف احلديث عن عائشة األرواح جنود جمندة فما تعارف «: يقول مسعت رسول اهللا

.)١(»منها ائتلف وما تناكر منها اختلفؤتلفون ومتعاونون، ال تقبل أرواحهم من فاملؤمنون الصاحلون م .خالفهم ومل ينهج منهجهم

: وجند السلف الصاحل يوصون بالصحبة الطيبة؛ فيقول أحدهمعليك بصحبة أهل اخلري، ممن تسلم منه يف ظاهرك، وتعينك رؤيته "

".على اخلري، ويذكرك اهللا يا بين، إذا أردت: "ويقول آخر، موصيا ابنه ملا حضرته الوفاة

صحبة إنسان فاصحب من إذا خدمته صانك، وإذا صحبته زانك،

.رواه البخاري (١)

٣٩ احملبـة والصـداقة

أصحب من إذا مددت يدك للخري مدها، وإن رأى منك حسنة عدها، وإن رأى منك سيئة سدها، اصحب من إذا حاولت أمرا أعانك ونصرك، وإن تنازعتما يف شيء آثرك، فإن يسر اهللا لك

".لنواجذصاحبا من هذا الطراز فحافظ عليه، وعض عليه باوبعد ما ذكرت بعض األمور اليت ال بد أن تتوفر يف الصاحب الصاحل، سأذكر بعضا من أصناف الناس الذين جيب على اإلنسان االبتعاد عنهم، وهم كثريون، وسأشري إىل أخطرهم والتحذير من

:مصاحبته، ومن هؤالء :الكذوب

نهما فالكذوب ال جتد له جليسا إال مثله، ولرمبا أوقع كل مباآلخر، واإلسالم حذر منه وأمرنا باالبتعاد عنه، فمن األوىل عدم

. مصاحبته وجمالسته ودع الكذوب فال يكـن لـك صـاحبا

ــحب ــال يص ــئس خ ــذوب لب إن الك : اللئيم

؛ من مصاحبة مثل هذا النوع من الناس، الذي لن حذار حذارعل، ففر منه فرارك جتد منه إال شرا، ولن ينفعك أبدا مهما قال أو ف

. من األسد واحــذر مصــاحبة اللئــيم فإنــه

األجـرب يعدي كما يعـدي الصـحيح

احملبـة والصـداقة

٤٠

: األمحق

نعم واهللا أمحق، يريد أن ينفعك فيضرك، يريد إنقاذك فيغرقك، .فيا له من أمحق، ال حيسن التصرف وال القول، فعليك باالبتعاد عنه

:وقد وصفه الشاعر فقالــق األمحــق أن ت صــحبهات

إمنا األمحق كالثوب اخللـق

كلما رقعـت منـه جانبـا

حركته الريح وهنا فـاخنرق ــس ــته يف جمل وإذا جالس

أفسد الس منـه بـاخلرق

كحمار السـوء إن أشـبعته

!رمح الناس، وإن جاع ـق أو كعبد السوء إن جوعتـه

!سرق اجلار، وإن يشبع فسق

التقوى الصداقة الدائمة هي صداقة

إن كانت احملبة يف اهللا ال من أجل جاه وال مال، فإن اهللا يؤلف إن أوثق «: بني قلوب املتحابني يف جالله، ويقوي عراهم، وقال

.)١(»عرى اإلميان، أن حتب يف اهللا وتبغض يف اهللافاإلنسان مبصاحبته للطيبني يرتفع إىل ما يصبو إليه من مكارم

ب يشجعك على اخلري حمبا لك ما األخالق؛ ألن الصاحب الطيال يؤمن أحدكم حىت حيب ألخيه ما حيب «: حيب لنفسه، لقوله

مذكرك باهللا، وناصحك عن املعاصي إذا فكرت فيها، ،)٢(»لنفسه .والنصح دائما على لسانه، وهذه من عالمات الصداقة القوية

.رواه أمحد (١) .متفق عليه (٢)

٤١ احملبـة والصـداقة

مل يبق من العيش إال ثالثة؛: "- رمحه اهللا-قال احلسن البصري أخ لك تصيب من عشرته خريا، فإن زغت عن الطريق قومك، وكفاك من عيش ليس ألحد عليك فيه تبعة، وصالة يف مجع تكفي

. »سهوها وتستوجب أجرها، والنصيحة ضرورية للمؤمن : وقد أنشد

ـ أخي ال ن فلنـا قـدوة تل تقدم فأنت ال

ــأزم ــك يف امل ــي ومثل ملثل الشـجاع تقدم فأنت األيب

تتــهيب وال حتجــم وال

عليك دي الرسول الكـرمي

ــم ــه احملك ــهاج قرآن ومن فال حتجزن عن الكرامـات وال

وال ت وال تتشــاءم وال تســأم

وال تبتئس من مسوم الضـالل وال ختشى من ش

وال ختش من شة األرقـم وال تك مـن معشـر تافـه

يقيس السـعادة بالـدرهم

تبحث عن الصاحب الصاحل، عليك أخا اإلسالم، يا من فلن تضل إن متسكت ما، واحبث عن بكتاب اهللا وسنة رسوله

.من يعمل ما، فهو خري صاحبوسأذكر هنا قصة شاب تأثر بنصيحة أحد الصاحلني، فأقلع عن

خرجت ذات يوم بسياريت : ما كان يفكر به؛ يقول راوي القصةالفرعية اهلادئة قابلين لقضاء بعض األعمال، ويف إحدى الطرق

شاب يركب سيارة صغرية، مل يرين، ألنه كان مشغوال مبالحقة بعض الفتيات يف تلك الطريق اخلالية من املارة، كنت مسرعا

أأعود فأنصح ذلك : فتجاوزته، فلما سرت غري بعيد قلت يف نفسي !الشاب، أم أمضي يف طريقي وأدعه يفعل ما يشاء؟

احملبـة والصـداقة

٤٢

عدة ثوان فقط اخترت األمر األول، وبعد صراع داخلي دام

عدت ثانية، فإذا به قد أوقف سيارته وهو ينظر إليهن، ينتظر منهن نظرة أو التفاتة، فدخلن يف أحد البيوت، أوقفت سياريت جبوار سيارته نزلت من سياريت واجتهت إليه، سلمت عليه أوال، مث

ك أو ختيل أن هؤالء الفتيات أخوات: نصحته، فكان مما قلته لهقريباتك فهل ترضى ألحد من الناس أن يالحقهن أو يؤذيهن؟ كنت أحتدث إليه وأنا أشعر بشيء من اخلوف، فقد كان شابا ضخما ممتلئ اجلسم، كان يستمع إيل وهو مطرق الرأس، ال ينبس ببنتت شفة، وفجأة التفت إيل، فإذا دمعة قد سالت على خده،

ا، وكان ذلك دافعا يل ملواصلة النصيحة، لقد زال فاستبشرت خرياخلوف مني متاما وشددت عليه يف احلديث، حىت رأيت أين قد أبلغت النصيحة، مث ودعته، لكنه استوقفين وطلب مين أن أكتب له رقم هاتفي وعنواين، وأخربين أنه يعيش فراغا نفسيا قاتال، فكتبت

.له ما أرادوجهه وتبدلت مالحمه؛ وبعد أيام جاءين يف البيت، لقد تغري

جلست معه، فجعل . فقد أطلق حليته وشع نور اإلميان من وجههيف الشوارع ) التسكع(حيدثين عن تلك األيام اليت قضاها يف

والطرقات، وإيذاء املسلمني واملسلمات، فأخذت أسليه، وأخربته - تعاىل–واسع املغفرة، وتلوت عليه قوله - سبحانه وتعاىل-بأن اهللا

: ةمحر نطوا مقنلا ت فسهملى أنفوا عرأس ينالذ يادبا عقل ييمحالر فورالغ وه ها إنيعمج وبالذن رفغي إن الله الله ]الزمر :

فانفرجت أسارير وجهه، واستبشر خريا، مث ودعين وطلب ]. ٥٣

٤٣ احملبـة والصـداقة

من يعينه على السري يف الزيارة، فهو يف حاجة إىلأرد مين أن . الطريق املستقيم، فوعدته بالزيارة

مضت األيام وشغلت ببعض مشاغل احلياة الكثرية، وجعلت أسوف يف زيارته، وبعد عدة أيام، وجدت فرصة وذهبت إليه طرقت الباب، فإذا بشيخ كبري يفتح الباب، وقد ظهرت عليه آثار

سألته عن صاحيب، أطرق برأسه إىل . ى، إنه والدهاحلزن واألسيرمحه اهللا ويغفر له، : األرض، وصمت برهة، مث قال بصوت خافت

.حقا، إن األعمال باخلواتيم: المث استطرد قائمث أخذ حيدثين عن حاله، وكيف أنه كان مفرطا يف جنب اهللا

ه بأيام، لقد بعيدا عن طاعة اهللا، فمن اهللا عليه باهلداية قبل موتتداركه اهللا برمحته قبل فوات األوان، فلما فرغ من حديثه عزيته

.)١(ومضيت، وقد عاهدت اهللا أن أبذل النصيحة لكل مسلم خطر اجلليس السوء

سبحان اخلالق الذي خلق كل شيء وقدره، فما خلق سبحانه من خملوق إال وله ضد، النار وضدها املاء، واحلياة وضدها املوت،

.سعادة وضدها الشقاء، والفرح وضده البكاءوالوجند أن الصاحلني وضدهم الطاحلني، صحبة طيبة مع الطيبني، وتعاسة مع اخلبيثني؛ فقرناء السوء أعظم خطر على حياة اإلنسان، وأعظم سبب يؤدي باملرء إىل الفساد، ويوقعه يف الضالل، فعليكم

.حملمد املسند) العائدون إىل اهللا(هذه القصة موجودة يف كتاب (١)

احملبـة والصـداقة

٤٤

. أن حتذروا رفقاء السوء ! يا شباب اإلسالم

جتنب من جتده دائما طاعنا يف الدين وأهله، مستهزئا * . بالصاحلني

. جتنب من ال هم له إال رضا نفسه، واتباع شهواته وأهوائه*جتنب من ال هم له إال السعي يف هذه الدنيا، حالال جمع أم * .حراماجتنب من ال يبايل بالوقت؛ فيضيع عمره وشبابه ما بني هلو * . ولعب . نب من ال يبايل ما ارتكب من ذنوب ومعاصيجت* . جتنب من أفكاره وعقيدته فاسدة، حيمل معه أمراضا فتاكة*

فكم من شخص حتطم وانتكس، وتبلد حسه، ووهنت .مشاعره، والسبب الرفقة السيئة

وكم من إنسان دمت حياته وانسلخ من دينه وأخالقه، كم أهله وأقربائه، وأخذ من إنسان نسي ربه، وعق والديه، وترك

ينغمس يف ملذات الشهوات، والسبب الرفقة السيئة، كم من شاب ، وأضاع الصلوات )أعاذنا اهللا منها(تعاطى املسكرات واملخدرات

أن نبتعد عنها، -سبحانه وتعاىل-بسبب رفقة السوء، اليت أمرنا اهللا .ثاموال جنالسهم وال ندخل جمالسهم امللوثة بأدران املعاصي واآل

وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى : - تعاىل- قال

٤٥ احملبـة والصـداقة

نيمم الظالالقو عم ]بل إن وحدة اإلنسان أفضل ]. ٦٨: األنعام .من جليس السوء ورفيق الشيطان

:قال الشاعرــري ــان خ ــدة اإلنس وح

من جلوس السـوء عنـده

ــري ــدق خ ــيس الص وجل

من جلـوس املـرء وحـده :أخي

رفيق السوء أخطر من السم، وأخطر من أي سالح فتاك، أنت ترى السالح فتهرب منه، ولكن رفيق السوء يهرب وراءك ليدمرك بكل ما يستطيع من وسائل، وإليك هذه القصة اليت راح ضحيتها

. شاب بسبب الرفقة السيئةمدينة الرياض، نشأت يف بيت متدين جدا، يف حي من أحياء

ل وكان شديد التدين، فلم يكن يسمح بدخ -رمحه اهللا-والدي شيء من آالت اللهو والفساد يف البيت، ومضت األيام وجتاوزتمرحلة الطفولة الربيئة، وملا بلغت الرابعة عشر من عمري حدث يف حيايت حادث كان سببا يف تعاسيت وشقائي فترة من الزمن؛ فقد

من رفقاء السوء، فكانوا ينتظرون الفرصة )ةشل(تعرفت على املناسبة إليقاعي يف شباكهم، وجاءت الفرصة املناسبة فترة االمتحانات، فجاءوين حببوب بيضاء منبهة، فكنت أسهر عددا من الليايل املتواليات يف املذاكرة دون أن يغلبين نعاس، أو أشعر حباجة

!! قإىل نوم، وانتهت االمتحانات وجنحت بتفووبعد االمتحانات داومت تعاطي هذه احلبوب البيضاء،

احملبـة والصـداقة

٤٦

) الشياطني(فأرهقين السهر، وتعبت تعبا شديدا، فجاءين أولئك

إا : ، وقالوا يل)خمدرات(وقدموا يل يف هذه املرة حبوبا محراء _ تطرد عين السهر وجتلب يل النوم والراحة، ومل أكن ـ لصغر سين

وهذا التآمر وهذا املكر اخلبيث من هؤالء أدرك حقيقة هذه اللعبة، . الشياطني، شياطني اإلنس

هذه احلبوب احلمراء يوميا وبالعشرات، وبقيت أخذت أتعاطىعلى هذه احلال ثالث سنوات تقريبا أو أكثر، وفشلت يف دراسيت، ومل أمتكن من إمتام املرحلة املتوسطة من الدراسة واحلصول على

من مدرسة إىل مدرسة علي أحصل عليها، الشهادة، فصرت أتنقلع الذي كان سببه هذه ولكن دون جدوى، وبعد هذا الفشل الذري

ومة، فكرت يف االنتقال إىل مدينة أخرى، حيث يقيم احلبوب املشؤ .عمي وأوالده يف حماولة أخرية إلمتام الدراسة

ويف ليلة من ليايل الشتاء الباردة ـ وكان والدي قد اشترى جديدة ـ أخذت هذه السيارة دون علم والدي، وتوجهت سيارة

إىل تلك املدينة، وكنت أمحل يف جييب كمية كبرية من هذه احلبوب .احلمراء

ويف الطريق توقفت عند بعض األصحاب، ويف تلك الليلة أسرفت يف تناول هذه احلبوب حىت أصبحت يف وضع يرثى له،

ريقي، وما هي إال وقبيل الفجر، ركبت السيارة وانطلقت يف طدقائق حىت غبت عن الدنيا، ومل أفق إال وأنا يف املستشفى يف حالة سيئة؛ قد كسرت ساقي اليمىن وأصبت جبروح كثرية، بعد أن

٤٧ احملبـة والصـداقة

فقد كان حادثا شنيعا؛ . مكثت يف غرفة اإلنعاش مثان وأربعني ساعةحيث دخلت بسياريت حتت سيارة نقل كبرية، ومن رمحة اهللا يب أن

يل احلياة، ومنحين فرصة جديدة لعلي أتوب وأقلع عما أنا كتب .فيه، ولكن شيئا من ذلك مل حيدث

نقلت من املستشفى إىل بيت والدي بالرياض، ويف البيت كنت .أتعاطى هذه احلبوب النكدة

كيف حتصل على هذه احلبوب، وأنت على : قد تسألين وتقول ! فراش املرض؟

ياطني يأتون إيل يف البيت، لقد كان أولئك الش: فأقولفيعرضون علي بضاعتهم، فأشتري منهم، على الرغم من حاليت

. السيئةبقيت على هذه احلال أياما، حىت أحسست بتحسن بسيط،

يف إكمال الوكانت فكرة السفر تراودين حىت تلك اللحظة؛ أم .دراسيت املتوسطة

رية من هذه ويف عصر أحد األيام، وبعد أن تناولت كمية كباحلبوب، خرجت أتوكأ على عكازي، وأخذت أحبث عن سيارة تنقلين إىل تلك املدينة، حاولت أن أوقف عددا من السيارات إال أن أحدا مل يقف يل، فذهبت إيل موقف سيارات األجرة واستأجرت

.سيارة أوصلتين إىل هناكوهناك، بادرت بالتسجيل يف إحدى املدارس املتوسطة بعد

ود بذهلا عمي وغريه يف قبويل، وحصلت على شهادة الكفاءة جه

احملبـة والصـداقة

٤٨

وكنت أثناء الدراسة مستمرا على تعاطي املسكرات، إال أنين

، ويف الوقت نفسه )اخلمر(تركت املخدرات ووقعت يف الشراب كنت أقوم بترويج تلك احلبوب احلمراء، وبيعها بسعر مضاعف،

فقد كان مهي مجع املال ومل أكن أدرك فداحة هذا األمر وخطورته، -أسأل اهللا أن يتوب علي-.

مث بعد ذلك يف احلشيش وأدمنته، وكنت أتعطاه عن طريق التدخني، فكنت أذهب إىل املدرسة وأنا يف حالة هستريية، فأرى الناس من حويل كأم ذئاب أو حشرات صغرية، لكين مل أكن

انا خياف من أتعرض ألحد، ألن الذي يتعاطى هذا البالء يكون جب .كل شيء

بقيت على هذه احلال سنتني تقريبا، وكنت آنذاك أسكن .مبفردي يف بيت يقع يف مكان ناء يف طرف البلد

ويف يوم من األيام جاءين اثنان من شياطني اإلنس الذين أعرفهم، وكان أحدمها متزوجا، فأوقفت سياريت وركبت معهم،

ور وندور يف شوارع وكان ذلك بعد صالة العصر، فأخذنا ندالبلد، وبعد جولة دامت عدة ساعات، أوقفوين عند سياريت، فركبتها واجتهت إىل البيت فلم استطع الوصول إليه، فقد كنت يف

.حالة سكر شديد !!ظللت مدة ساعتني أو أكثر أحبث عن البيت فلم أجده

فلما رأيته ... ويف اية املطاف وبعد جهد جهيد وجدتهشديدا، فلما مهمت بالنزول من السيارة، أحسست فرحت فرحا

٤٩ احملبـة والصـداقة

بأمل شديد جدا يف قليب، وبصعوبة بالغة نزلت ودخلت البيت، ويف .تلك اللحظات تذكرت املوت

نعم، واهللا أيها اإلخوة لقد تذكرت املوت كأنه أمامي يريد أن يهجم علي، ورأيت أشياء عجيبة أعجز عن وصفها اآلن، فقمت

شعور، ودخلت دورة املياه وتوضأت، وبعد مسرعا من غري خروجي من الدورة عدت وتوضأت ثانية، مث أسرعت إىل إحدى الغرف وكبرت ودخلت يف الصالة، وأتذكر أين قرأت يف الركعة

وال أتذكر ما قرأته يف ،*قل هو الله أحد األوىل بالفاحتة و .الركعة الثانية

!!ة بسرعة شديدة قبل أن أموتاملهم أنين أديت تلك الصالوألقيت بنفسي على األرض، على جنيب األيسر، واستسلمت للموت، فتذكرت يف تلك اللحظات أنين مسعت أن امليت من ااألفضل أن يوضع على جنبه األمين، فتحولت إىل اجلنب األمين، وأن

.أحس بأن شيئا ما يهز كياين هزا عنيفامن سجل حيايت احلافل ومرت يف خاطري صور متالحقة

.بالضياع واون، وأيقنت أن روحي قد أوشكت على اخلروجحركت قدمي ظات كنت انتظر فيها املوت، وفجأةومرت حل

فتحركت، ففرحت بذلك فرحا شديدا، ورأيت بصيصا من األمل يشع من بني تلك الظلمات احلالكة، فقمت مسرعا وخرجت من

.ت إىل بيت عميالبيت وركبت سياريت وتوجهدفعت الباب ودخلت، فوجدم جمتمعني يتناولون طعام

احملبـة والصـداقة

٥٠

.العشاء، فألقيت بنفسي بينهم

. إن قليب يؤملين: فقلت له!! ما بك؟: قام عمي فزعا وسألينفقام أحد أبناء عمي وأخذين إىل املستشفى، ويف الطريق أخربته

نه أن حبايل، وأنين قد أسرفت يف تعاطي ذلك البالء، وطلبت ميذهب يب إىل طبيب يعرفه، فذهب يب إىل مستوصف أهلي، فلما كشف علي الطبيب وجد حاليت يف غاية السوء؛ حيث بلغت نسبة

ال بد من : ، فامتنع عن عالجي، وقال%٩٤الكحول يف جسمي حضور رجال الشرطة، وبعد حماوالت مستمرة وإحلاح شديد

للقلب، مث بدأوا وإغراءات وافق على عالجي، فقاموا بتخطيط .بعالجي

كان والدي يف ذلك الوقت موجودا يف تلك املدينة، فلما علم أين يف املستشفى جاء ليزورين، وقد رأيته وقف فوق رأسي، فلما

.شم رائحيت ضاق صدره، فخرج ومل يتكلمأمضيت ليلة حتت العالج، وقبل خروجي نصحين الطبيب

.حاليت سيئة جدا باالبتعاد عن املخدرات، وأخربين بأنوخرجت من املستشفى، وأحسست بأين قد منحت حياة أخرى جديدة، وأراد اهللا يب خريا، فكنت فيما بعد كلما مشمت رائحة احلشيش أصابين مثل ما أصابين يف تلك الليلة وتذكرت املوت، فأطفئ السيجارة، وكنت كلما منت بالليل أشعر بأن أحدا

ستيقظ وأنا أنتفض من اخلوف، فأتذكر قم، فأ: يوقظين ويقول يلاملوت واجلنة والنار والقرب، كما كنت أتذكر صاحبني يل من رفقاء

٥١ احملبـة والصـداقة

السوء لقيا حتفهما قبل وقت قصري، فأخاف أن يكون مصريي كمصريهم، فكنت أقوم آخر الليل فأصلي ركعتني، ومل أكن أعرف صالة الوتر يف ذلك احلني، مث بدأت أحافظ على الصلوات

فروضة، وكنت كلما مشمت رائحة احلشيش أو الدخان أتذكر امل .املوت فأتركهما

وبقيت على هذه احلال أربعة أشهر أو أكثر، حىت قيض اهللا يل أحد الشباب الصاحلني فالتقطين من بني أولئك األشرار، وأخذين معه إىل مكة املكرمة ألداء العمرة، وبعدها وهللا احلمد تبت إىل اهللا

ونصيحيت للشباب املسلم أن حيذروا كل احلذر من . وعدت إليهشياطني اإلنس، ورفقاء السوء، الذين كانوا سببا يف شقائي وتعاسيت سنوات طويلة، ولوال رأفة اهللا ورمحته حيث أنقذين من بني أيديهم

. لكنت من اخلاسرينواسأل اهللا أن يتوب علي، وعلى مجيع املذنبني والعاصني إنه

.)١(تواب رحيمفهذه نتيجة ملصاحبة األشرار، فمصاحبتهم هدم لألخالق

.والقيم، واالحنراف إىل الضالل والشر والفسادفرفقاء السوء منسون لذكر اهللا، ومشجعون على الكسل،

.خبيثو النفس، كثريو احلسد، حريصون على الدنيا وزخرفهافصحبتهم ليست هللا، وإمنا لغاية معينة إذا انتهت انتهت

خيونون من رافقهم، ويفسدون من : قال بعض السلف. صحبةال

.حملمد املسند )العائدون إىل اهللا(القصة موجودة يف كتاب هذه (١)

احملبـة والصـداقة

٥٢

صادقهم، فداؤهم أعدى من اجلرب، البعد عنهم من استكمال

: وصدق من قال". الدين، واملرء يعرف بقرينهــرى فضــيلة صــاحب وإذا أردت ت

ــه ــن رفقائ ــث ع ــني البح ــانظر بع فــه فـــاملرء يطـــوى علـــى عالتـ

طــي الكتــاب وصــحبه عنوانــه احب السوء دائما ضار لصاحبه، وال يأيت له خبري يف يوم فص ف

.من األيام، بل يأتيه بكل ما فيه ضرر عليه وعلى دينهفصور ماجنة، وأشرطة شيطانية، وألفاظ سيئة، فهل هذا يأيت

يا هلا من خسارة، فعلينا حماربته ! خبري لنفسه أو ملن صاحب؟ .ريومقاطعته، لننجو بأنفسنا من هذا الداء اخلط

٥٣ احملبـة والصـداقة

اخلامتة

ويف اخلتام أدعو اهللا أن جيعلنا من املتحابني يف جالله، املستظلني بظله يوم ال ظل إال ظله، وأن جيعلنا خري األصحاب، وأن يؤلف

.بني قلوبنا بالتقوىواحرص أخا اإلميان أن حتب هللا، وتكون صداقتك خري صداقة

فإن .ه عن املنكرلصديقك؛ معاونا له وناصرا له، آمره باملعروف ناهيفعلت هذا ظفرت باألصحاب الصاحلني، وفزت برضى الرمحن يف

.الدنيا واآلخرةاللهم اجعلنا هداة مهتدين، ال ضالني وال مضلني، واجعل عملنا خالصا لوجهك الكرمي، وصلي اهللا وسلم على سيدنا وقدوتنا

ن عبد اهللا، وعلى آله وصحبه ومن سار على منهجه واقتفى بحممد .ثره إىل يوم الدين، واحلمد هللا رب العاملنيأ

احملبـة والصـداقة

٥٤

الفهرس

٥ ................................................................. إهداء ٦ ................................................................ املقدمة

٨ ........................................................... تعريف احملبة ٨ ............................................................. أمساء احملبة ٩ ............................................................ أنواع احملبة

١١ ................................ ون سببا يف حب اهللا لعبدهاألمور اليت تك ١٤ ............................................. حب األنصار للمهاجرين

١٤ ................................ بعض السمات اليت حيبها اهللا يف اإلنسان ٢٢ ........................................... أنواع احملبة يف نفس اإلنسان

٢٥ ..................................... احلب ليس سببا يف هداية من حتب ٢٥ .................................. اإلنفاق مما حنب سبب يف دخول اجلنة

٢٥ ......................................................... احلب يف اهللا ٣٠ ................................................... ما يستفاد من اآلية

٣٠ ............................................... كيف تدوم احملبة يف اهللا ٣٢ ................................................ :فضل املتحابني يف اهللا

٣٢ ..................................................... الصداقة احلقيقية ٤٠ ..................................... مة هي صداقة التقوىالصداقة الدائ

٤٣ .................................................. خطر اجلليس السوء ٥٣ .............................................................. اخلامتة

٥٤ ............................................................. الفهرس