nosos.netnosos.net/nososmoasera/wp-content/uploads/e26-27.d… · web viewولستُ معنيّاً...

االجتهادوالتجديد

فصلية مختصة بقضـــايا االجتهاد والفقــهاإلسالمي

العددان السادس والسابع والعشرون، السنةالسابعة

هـ1434م، 2013ربيع وصيف

:شروط النشرترحب المجلة بمســاهمات البــاحثين

في مجاالت الفقه اإلسالمي وأصــوله،ــات ــال، ومراجع وعلم الحديث، والرج

الكتب، والمناقشات.يشـــترط في المـــادة المرســـلة أن

ــول البحث العلمي على ــ ــتزم بأص ــ تل مختلـــــــف المســـــــتويات: المنهج، المنهجيــة، التوثيــق، وأن ال تكــون قــد نشرت أو أرسلت للنشر في كتــاب أو

دورية عربية أخرى.ــة ــادة المرســلة لمراجع تخضــع الم

هيئــة التحريــر، وال تعــاد إلى صــاحبها،نشرت أم لم تنشر.

يحــق لهيئــة التحريــر إعــادة صــياغة النصوص الــتي تــرد إليهــا إذا اقتضــت الضرورة ذلك، شرط أن ال يــؤدي إلى

اإلخالل بمقصود الكاتب.ــواد ــر الم ــادة نش ــق إع ــة ح للمجل

المنشورة منفصلة أو ضمن كتاب.

رئيـس التحـريرحيـدر حب الله

مدير التحريرمحمد عباس دهيني

المدير العام علي باقر الموسى

المدير المسؤولربيع سويدان

)الهيئة االستشارية (أبجديا

اجخرتنضيد وإpapyrus

تصميم الغالفIdea Creation

د. أحمد الريسوني

د. محمدخير قيرباش

أوغلو

د. محمد سليم

العوا

الشيخ محمد علي

المغرب

تركيا

مصر

إيران

:المراســالتباسم رئيس التحرير

25 / 327لبنان ــ بيروت ــ ص. ب: www.nosos.net

[email protected]البريد اإللكتروني

:التنفيذ الطباعي ومركز النشر

مؤسسة دلتا للطباعة والنشر، لبنان ـ بيروت، الحدث، قرب مستشفى السان تريز،

مفرق ملحمة كساب، خلف المركز الثقافي اللبناني،

بناية عبد الكريم وعطية، 009615464520تلفاكس:

[email protected]البريد اإللكتروني:

كلمة التحرير

:وكالء التوزيع لبنان ـ شركة الناشرون لتوزيع الصــحف

والمطبوعات: بيروت، المشــرفية، مقابــل

.4وزارة العمل، سنتر فضل الله، ط

:(9611)277007/277088 هاتف+25/184ص. ب:

ــة ــركة العربي ــبريس( الش ــ )س ــرب ـ المغ

ــحافة: ــر والص ــع والنش ــة للتوزي اإلفريقي

زنقة سجلماسة.70الدار البيضاء،

مصر ـ مؤسسة األهرام: القــاهرة، شــارع

.الجالء

:5786100 هاتف683/13ص. ب:

.إيران ـ مكتبة الهاشمي: قم، كذرخان

:(98251)7743543 هاتف+ــاب«، قم، ــات »بوســتان كت ــتر تبليغ ودف

چهار راه شهدا.

:(98251)7742155 هاتف+

البحرين ـ شركة دار الوسط للنشر

.والتوزيع

فصلية مختصة بقضـــايا االجتهاد والفقــه اإلسالميتصدر عن مركز البحوث المعاصرة في بيروت

مطالعــة في زوايــا جديــدة للمفهــوم، البدعة ومبدأ التحــذر الــديني الحلقة األولى والتطبيق

حيدر حب الله

دراساتاألصول والضوابط، في حقيقة االجتهاد

13................................................د. أحمد السلطانــبروجردي ــام ال ــد اإلم ــادي عن ــة من ،المنهج االجته ــع نخب ــوار م ح

المراجع والفقهاء38.....الشيخ أبو طالب تجليل التبريزي/ حسين النوري الهمداني الشــيخ/ انيگلبايگــالحوار مع: الشــيخ لطــف اللــه الصــافي

قراءة نقدية ،نظريات الدولة في فقه الشيعة80..................................................د. صادق حقيقت

تأويل الخطاب االشتباهي عند اإلمام الشاطبي113...............................................د. البشير التهالي

المجتمع والممارسة الدينية عند الشيخ البهائي،نقد السلطة 132...........................................د. الشيخ خنجر حمية

« قراءة تحليلية، «من كذب علي متعمدا...حديث153......................................د. بكر قوزودشلي أوغلو

في آي الكتاب المجيد|عتاب النبي األكرم 189.........................................د. الشيخ محمد علوان

أسلحة الدمار الشامل من منظور فقهي إسالمي218............................................د. الشيخ علي ناصر

منظور تحليلي ونقدي مقارن ،نظرات في أدبيات الفرقة الناجية254.................................أ. مشتاق بن موسى اللواتي

الطرق المباشرة إلثبات الهالل287...........................................الشيخ خالد الغفوري

بحث حول تقدير المسافة في السفر الشرعي

311......................................الشيخ كاظم قاضي زادهنماذج فقهية، األحكام الحكومية في الفقه اإلسالمي

356............................................الشيخ محمد النجارمحاولة قراءة مختلفة ،نجاسة الكلب في الفقه اإلسالمي

382...........................................الشيخ أحمد عابدينيدراسة في الفلسفة الهيدونية ،التعذيب وعلم األخالق

395.................................................د. حميد صادقياتحاد القارات الثالث في إثبات بداية الشهر القمري

406........د. علي مظهر قراملكي / أ. مهدية فيض اإلسالمــوانين اإلســالمية ــه والق ــالي في ضــوء الفق ــه، :الفســاد الم ماهيت

وتعريفه431......................... د. محسن ملك أفضلي / موسوي ركني د. علي أصــغر / د. علي مظهر قــراملكي / أ. أحمد مرتاضي

قراءات نحو نظرية جديدة في علم االجتماع الديني» قراءة في كتاب»

463...................................أ. د. عبد األمير كاظم زاهد

البدعة ومبدأ التحذر الدينيمطالعة في زوايا جديدة للمفهوم والتطبيق

ـ الحلقة األولى ـ

حيدر حب الله

تمهيدــدين، ــة في ال ــريم البدع ــا على تح ــلمون جميع ــق المس يتفق بالــدين، وال ويرونهــا خلقــا لطقــوس أو عــادات أو مفــاهيم تلصــ عالقة للدين بها. فأي إقحــام لمــا ليس من الــدين في الــدين يعــد عندهم بدعة، على كالم وتفصيل بينهم في حدود تعريــف البدعــة،

ومعاييرها، ليس هو محل نظرنا اآلن. كمــا يتفــق المســلمون في مــا يبــدو على تصــحيح الحــديث النبوي القائل: »كل بدعة ضاللة، وكل ضــاللة في النــار«، ويــروند من مساحة داللته ـ البدعة الدينيـة، أنه يعني ـ في المقدار المؤك أي اختالق شيء ما ليعتبر دينا، في الــوقت الــذي ال عالقــة للــدين

في واقع األمر به.ــة لقضــية ولست معنيا هنا بالدخول في الموضــوعات الفقهيــر البدعة، والتي عالجت قسما منها في كتابي المتواضع )فقه األم

(، بقــدر مــا أريــد أن431 ـ 411بــالمعروف والنهي عن المنكــر: س البدعــة وتحــذرها«. أقف على مفهــوم ســوف أســميه: »تحســ وأقصد بهذا المفهوم أن الثقافة الدينية الــتي قــدمتها لنــا نصــوصس ظــاهرة ــق حس جمــاعي يتحســ ــاب والســنة تســعى لخل الكت

ــراد ابتكــاره على االبتداع في الحياة الدينية. وكــأن هنــاك جهــازا ي مستوى العقل الجمعي لألمة، وهو يقضي بــأن يرصــد أي ظــاهرةــو ن السوي ه عها، ويبدي حساسيته تجاهها. فالتدي بدعية ليقوم بتتبــو ن الذي يستشعر حاالت االبتداع؛ ألن هذا االستشعار ه ذاك التديــرد، جزء من النظام الثقافي والوجداني الذي يخلقه الدين في الف وفي الوسط االجتماعي ألنصاره؛ كي يحمي نفسه من خالله أمام محاوالت االبتداع في الــدين، والــدس فيــه، واالختالق، ونســبة مــا ليس من الــدين إليــه، وخلــق أعــراف وعــادات وتقاليــد ومفــاهيمــراد لهــا االنتســاب للـدين، والــدين ال علم لــه بهــا وال ومسلكيات ي

خبر. لقــد رأينــا هــذا الحس الــديني موجــودا عنــد المســلمين في مواقع كثــيرة، والحمــد للــه. وقــد بــرز عــبر التــاريخ مجموعــة منــدعا في الــدين، وتحملــوا في العلماء الذين حــاربوا مــا اعتــبروه ب

سبيل ذلك المصائب، وألوان الطرد والنبذ والتوهين. هـــ(،790وعلى سبيل المثال: اإلمام أبو إســحاق الشــاطبي)

منظر المذهب المقاصدي في االجتهاد الشرعي، والذي يعتــبر من رواد مشروع محاربة ظواهر البدع داخل مجتمعه ومذهبه وقومــه، فضال عن اآلخرين، حتى ألف في ذلك كتاب »االعتصام« الشــهير. لقد نبذ وحورب؛ ألنه اعتبر ـ سواء قبلنا بمــا قــال أم رفضــنا ـــ أن الدعاء للخلفاء األربعة وللسلطان في خطبة صــالة الجمعــة بدعــة لم ترد في الدين، حتى لو كانوا يستحقون هذا الدعاء في الواقــع،ة يعتاد النــاس عليهــا، لكن جعله في خطبة الجمعة، وصيرورته سنــا، ســوف في الوقت الذي تكــون فيــه خطبــة الجمعــة شــعارا ديني يفضي إلى عـادة دينيـة جديــدة ال أصــل لهــا في الــدين من وجهـة

نظره. كما رأينا الكثير من العلماء يحاربون العادات المختلقة باسم

البدعة ومبدأ التحذر الديني، مطالعة في زوايا جديدة للمفهوم والتطبيق / •الحلقة األولى

ــؤتى بهــا غــير الدين هنا وهناك، فضال عن العادات األخــرى الــتي يمنسوبة إلى الدين، وال تكون متوائمة معه.

من الجميل أن يكون لدى العلمــاء والعــاملين حس التصــفية للدين من اإلضافات الزائدة عليه دوما من قبل الثقافــة الشــعبية، ولو أدى ذلك إلى بذل التضحيات في هــذا الســبيل. إن هـذا األمــرــدين ــاريخ، فقــد يكــون ال يحــول دون والدة دين متضــخم عــبر الت بســيطا، لكن التهــاون أمــام مظــاهر تضــخيمه، وإلصــاق العــاداتمه وإعاقته، والمفاهيم والتقاليد به باستمرار، سوف يؤدي إلى تورليصبح أنموذجا آخر من الدين، يثقل كاهل الناس، ويثقلون كاهله. ورغم كـــل هـــذه اإليجابيـــات في قضـــية مواجهـــة البدعـــة والتحسس منها، فقد رأينا في الوقت عينه تشوهات عرضت علىــه ــارة إلى تفعيل ــاعي؛ أدت ت ــردي والجم ــديني الف ــذا الحس ال هن؛ وأخــرى إلى بطريقة خاطئة انعكست ســلبا على الــدين والتــدي تعطيله بطريقة ذكية، وهو ما سأشــير باختصــار إلى نمــاذج قليلــة

منه في النقاط التالية:

ــة س البدع ــدأ »تحســ ــاطئ لمب ــل الخ ــاالت التفعي أوال: حوتحذرها«

هناك عدة حاالت تم فيها اســتخدام مفهــوم البدعــة بطريقــةغير سليمة. وسأذكر هنا بعض النماذج األساسية:

ــ االبتـداع بين تصـفية اآلخـر وحمايـة االجتهـاد، معضـلة1التوفيق

ـه ـ المشــكلة التاريخيــة والحاليــة عنــد بعض المســلمين أن يستخدم مفهوم البدعة لتصفية الحسابات مع التيارات الفكرية أو

، الســـنة الســابعة، ربيــع وصــيف27 ـ 26ـ العـــددان االجتهــاد والتجديد7هـ1434م ـ 2013

حيدر حب الله•

ــوم ــذا المفه ــه، بحيث إن ه ــع على خالف مع ــتي تق ـة ال ـ المذهبيــه هم شخصــا بأن )البدعة( أخــذ ينحــو المنحى التصــفوي. فعنــدما تتــك تعمــد إلى تصــفية مبتدع، أو مقولة ما بأنها بدعة، فهذا يعــني أن اآلخــر وحرقــه بمثــل هــذا المصــطلح. ومــع األســف فقــد تحــول مصطلح البدعة ومشتقاته؛ بسبب هذا االستخدام السلبي لــه، من بعده اإليجابي ـ الذي هو الحماية للــدين من اإلضــافة عليــه ـــ إلىل في قتــل مبــدأ تعــدد االجتهــادات، واعتبــار كــل بعــد ســلبي، تمث اجتهاد مخالف لي بمثابة البدعـة، أو على األقـل بعض االجتهــادات

التي أختلف معها.ــة بين المـــذاهب ــذه الحالـ ــافا إلى وفـــرة تطـــبيق هـ ومضـ والطوائف اإلسالمية، نحن نجــدها أيضــا داخــل التيــارات الفكريــة. فالمعتزلة مبتدعة عند أهل الحديث والسلفية، والسنة أهــل بدعــة عنــد الشــيعة، وبــالعكس، والفالســفة مبتدعــة عنــد أهــل األديــانــك من والكالم، كما فعلها الغزالي، وأراد تصفيتهم بها، إلى غير ذل

التطبيقات.س البدعـة« من حالـة صـحية، عندما يتحـول مفهـوم »تحســــة مرضــية، يراد لها الحد من تضخم الدين على يد البشر، إلى حالــراد لهــا تصــفية اآلخــر وســد بــاب االجتهــاد، وقتــل منافــذ العــذر ي لآلخرين، فإن فكرة البدعة ستصــبح كارثــة، بعــد أن كــانت حمايــة

صحية سليمة.ــدين ــدفاع عن ال إن ما أفهمه من فكرة البدعة هو محاولة ال إزاء الركام الملقى عليه عبر الزمن، والذي يزيــده ثقال هــو بــريءــة منه، وال أفهم فكرة البدعة بأنها عنــوان تصــفوي، أو قاتــل لحري الرأي واالجتهاد، وال سيما أن العلماء والفقهاء المسلمين أنفسهم قد أخرجوا من البدعة حاالت االختالف االجتهادي، إال أن تطــبيقهم

، السـنة السابعة، ربيع وصيف27 ـ 26ـ العـددان االجتهاد والتجديد8هـ1434م ـ 2013


ــتي وضــعوها في هــذا ــة أطــاح بكــل التنظــيرات ال لقضــية البدعهم طبقوا المفهــوم بطريقــة صــحيحة في السياق، وسنرى كيف أن

مكان، دون آخر. وعليه، فإذا أوصلني اجتهــادي إلى اعتبــار أمــر مــا بدعــة في الدين فإن من واجبي محاربة البدع، لكن هذا ال يعــني إال ضــرورةــة الوزينــة الــتي تحفــظ مواجهــة ظــاهرة البدعــة بــالطرق العلمي حرمات اآلخرين وحقوقهم. فليس كل ابتداع هو خبث قصدي نشأــة، ومــع ذلــك لزمــني عند صاحبه، بل قد يكون ناشئا عن حسن ني

محاربته. ومعنى محاربتــه ليس فتح النــار عليــه، بــل هي محاولــة ردهــة على هــذه بالطرق السلمية الصحية الحضارية. إن الردود العلمي الفكرة أو العادة التي أعتبرها بدعة هي بنفســها محاربــة للبدعــة، وال يقف مفهوم محاربة البدعــة عنــد أســاليب التصــفية، والهجــوم العــنيف، وإعالن الغضــب، وأمثــال ذلــك، خالفــا لمــا بــاتت ثقافتنــا الدينية المغلوطة تفرضه علينـا من الربـط والتواشـج المزعـومين بين محاربة البدع من جهة وتصفية اآلخــر من جهــة أخــرى، وكــأن مفهوم محاربة البدعة يعني إعالن حرب وجهاد تسقط في ظلهما

مات والمحظورات. الكثير من المحر ال بــد من تصــحيح المفــاهيم؛ لكي نصــل إلى تصــور صــحيح.ــا ــتي يرفعه وتصحيح المفاهيم هنا يبدأ من الكشف عن الحمولة ال

ن مثل مصطلح »بدعة«. لنا مصطلح معي إنني أريد هنا أن أميز بين مفهوم »البدعــة« ومفهــوم »أهــل

البدعة«. ففي اللغة العربية، التي هي مدار االســتخدام في النصــوص



ــرع الــذي ال الدينية، ال تعني كلمة »البدعــة« ســوى الشــيء المختــة سابق له، فعندما يقول النص: اترك البدعة، فهذا يعــني المطالب

بترك األمور المخترعة في الدين، وليس للدين عالقة بها. ــاريخ ولكن كلمة »البدعة« تطورت حمولتها المعنوية عبر الت اإلسالمي في القــرون الثالثــة األولى ومــا بعــد؛ إذ عنــدما ظهــرتــدع«، تيارات عرف عنها االبتداع في الــدين جــاء عنــوان »أهــل البــه يعــني أولئــك الــذين عرفــوا واشــتهروا فصــار عنوانــا ســلبيا؛ ألنــراء، دون أن باختالق المفاهيم التي ينسبونها للدين، والدين منها بلت يقع اختالقهم هذا بطريق الخطأ عن طريق االجتهاد )كمــا فصــــوم هذه النقطة في كتابي المشار إليه آنفا(. فليس كل بدعة مفهــدع« مفهــوم ــا، بــل »أهــل البدعــة« أو »أهــل الب تصــفوي تاريخي تصفوي؛ ألنه يوحي بأن السياق الفكري لهؤالء هو سياق مرفوض

معوج غريب، ال أن هذه الفكرة عندهم بدعية أو تلك فحسب. ــار فكلمة »أهل البدعـة« ال تعــني وجــود مــذهب أو دين أو تي يشتمل في تفكيره على بدعــة مــا، بــل تعــني أن هــؤالء يســيرونـدع، ال عن ـدعي عـام، وينهجـون نهج اختالق الب فكريا في سـياق ب

طريق األخطاء االجتهادية.ــيرة في ــورا كث ــنفهم أم ــية س ــذه القض ــا إلى ه ــو التفتن ولـدع، ومن ثم فال يكـون النصـوص حــول موضـوع البدعـة وأهـل الب الفقيه الفالني مبتدعا وصاحب بدعة، من وجهة نظر الفقيه اآلخر، بهذا المعنى السلبي للكلمة، بل إنما يكون كــذلك عنــدما يقــع فيـة في فكـره، بحيث تكـون سـياق عـام تـتراكم فيـه األمـور البدعي

البدع هي أساس فكره ونهجه وعمله. تماما كما نقول: »أهل الحديث«، فهذا ال يعني أن كــل عـالم



ــارا يأخذ بالحديث هنا أو هناك هــو من أهــل الحــديث، بــل يعــني تيـــة ا صـــار الحـــديث هـــو اإلطـــار العـــام لمنظومتـــه الفكري خاصـــ واالجتهادية. وكذلك عندما نقــول: ســرقة، فهــذا يعــني أن الكلمــة تطلق على حالة السرقة الواحدة، لكن عندما نقول: أهل السرقة واالختالس، فهذا يعني أن هؤالء عادتهم ومنهجهم هو ذلك. فيمكن التمييز بين الكلمة في حالتها العادية والكلمــة بعــد إضـافة عنـوان »أهل« أو »صاحب« أو »أصحاب« وما شابه ذلك إليهــا، كــالتمييز بين اسم »شرك« في القرآن الكــريم واســم الفاعــل »مشــرك«هم ليســوا ركا، لكن عنــد بعض العلمــاء، فــإن عنــد أهــل الكتــاب شــــة مشركين بنحو اســم الفاعـل. ومثــل هــذا كثـير في اللغـة العربي والعرفية وغيرها. ولست أريد اإلطالة هنا في هــذا الموضــوع، بــل

أحيله لدراسة بحثية أخرى. إذن أول مشاكل مفهوم البدعة في الممارسة اإلسالمية هيــد كــل اختالف، مشكلة استخدام هذا المفهوم بطريقة تصفوية عن وإخراجــه عن حالتــه الصــحية. وعليــه فال يعــني رفضــنا اســتخدام تعابير أهل البدع على اآلخرين اليوم ـ لكونها تعابير تصفوية ــ أننــا نريد سد باب التحسس من البدعة في الحياة الدينية، بــل العكس هو الصحيح؛ ذلك أننا نريد فتح هذا البــاب مهمــا كــانت التســميات الممكنة له اليوم، وفي الوقت عينه االبتعاد عن الثقافة التصفوية،

التي تهدر حرمة االجتهاد، وحق التفكير في األمور الدينية. نعم، التيارات التي تنهج نهج اختالق البدع ـ ال بطريقة خاطئةـة بال دليـل أو مسـتند ـ ـة ذاتي نتيجة اجتهاد مــا، بـل بطريقـة ادعائي يمكن اســتخدام أســلوب آخــر معهــا، شــرط أن يكــون نافعــا في

التأثير، على كالم في هذه النقطة األخيرة.



إن تطبيق عنوان البدعــة ومحاربتهــا علىوخالصة القول:ــدع ـ مقولة ما ال يعني أن من يتبنى هذه المقولة هــو من أهــل البــا أن حرصــنا على ــ بالضــرورة. كم ــة ـ ــالمعنى التصــفوي للكلم ب ممارسة الجميــع حــق االجتهــاد، وقلقنــا من االســتخدام التصــفوي لتعبير البدعة ومشــتقاتها، يــدفعنا أيضــا إلى عــدم اســتخدام هــذه المصطلحات، لكن في الوقت عينه عــدم غض الطــرف عن واقــعبعوهــا أهــل بدعــة، بــل ــدعا في الــدين، ولــو لم يكن مت مــا نــراه ب

بعوها عن حسن نية واجتهاد خاطئ. ات

ــة )بين الــداخل2 س البدع ــ أزمــة التحيز في مبــدأ تحســ ـالمذهبي والخارج اإلسالمي(

واســتكماال للنقطــة أعاله، نجــد تشــوها آخــر في اســتخدامز لهــذا المفهــوم. ففي مقولة البدعــة أيضــا، وهــو التطــبيق المتحي الوقت الذي يجد فيه األشعري مثال أنه من السهل عنــده توصــيفها بدعة، نراه يصعب عليه توصــيف نة قالها المعتزلي بأن فكرة معيته ومذهبه بهذه الصفة، فال يقول عن قضــية مــا عنــد أهــل أهل مل

مذهبه بأنها بدعة، بل يراها اجتهادا خاطئا، يؤجر صاحبه عليه.ز غــير الموضــوعي هــو الخلــط إن سبب هذا التطبيق المتحي المتقدم المشار إليه. فنحن بتنا نتصور أن افتراض بدعية عادة مـا عند أهل مذهبنا سيعني ذلــك أن أهــل مــذهبنا هم أصــحاب بدعـة،ــا، وعليه فمذهبي هو مذهب بدعة، وهــذا يعــني الطعن في علمائن

وفي تاريخنا، وفي مذهبنا، مع أنه ال يوجد أي تالزم!! فمن الممكن أن تكون عند المذهب األشعري أو اإلمــامي أو السلفي أو الزيدي بدعــة مــا دون أن نحســب أهــل هــذا المــذهب



ــل وعلماءه أصحاب بدعة؛ لما قلناه قبل قليل، من أن عنوان »أهــدعي، البدع« عنوان يقصد منه السياق العام لهؤالء، فهو ســياق ب ال أن فكرة ما عندهم هنا أو هناك هي بدعة في الدين، وال أساس

لها فيه، وأنها اختلقت فيه عن حسن نية أو سوئها. وعليه، فال دليل يمنــع عن اعتبــار فكــرة مــا أو ســلوك مــا أوــه ال تنــاقض بين ــا يكن ـــ بدعــة؛ ألن عادة ما في مذهب الحــق ــ أيوا بالتناقض بين كونه المذهب الحق وبين المفهومين. وألنهم أحس وجود بعض البدع فيه صاروا ينفون دوما عن مذهبهم وجود البدع، د حسا نقديا إيجابيا من الغــير، وتغاضــيا ويلصقونها بغيرهم، مما ولــه، وهي عن الوالدات المتواصلة للبدعة داخل المذهب الحق نفس

المشكلة الثانية التي واجهها المسلمون. ومقتضى العدالة واإلنصاف والحق والموضوعية هو أن يظل مبدأ »التحذر من البدع« ساري المفعول في مقابــل كــل األفكــارــر في محيطي ــتي تظه ــك ال ــواء تل ــلكيات، س ــادات والمس والع المذهبي الخاص أم تلــك الــتي تنشــأ في منــاخ محيــط مــذهبي أو

طائفي أو فكري آخر مختلف عني. وبهذه الطريقة أحمي اإلســالم من البدعــة عــبر نقــد اآلخــر،س وأحمي مــذهبي الخــاص منهــا عــبر نقــد الــذات، وعــبر التحســ

المشار إليه. لهذا نحن نشجع على توصيف األمور بصفاتها، ولو كــانت في اإلطار المذهبي الخاص، شــرط عــدم اســتخدام هــذه التوصــيفاتــل، وإال فلن بطريقة تصفوية لمذهب ما أو ألهله، كما قلنا قبل قلي نخرج سوى بمقولة عصمة مذهبي الخاص أو مــذهبك الخــاص من



ه البدعة، وكأن يد العناية اإللهية حمت هــذا المــذهب من أن تمســ األخطاء، فصرنا نقول بعصـمة علمائـه وأبنائـه، وأنهم ال يجتمعـون

على خطأ! إن معذورية اآلخر في تبنيه فكرة أو عادة ما نراها بدعـة فيــ أي ــا ـ ــة، لكنه ــه الشخصــية أو الجماعي ــه حرمت ــظ ل ــدين تحف ال المعذورية ـ ال تحفظ للبدعة التي يحملها عن حسن نية أي حرمة،ــا ــا لبدعتــه من نقــدنا ومواجهتن وال يكــون انتمــاؤه المــذهبي حامي

بالطرق الالزمة، التي تراعي الحرمات كلها والواجبات.

ـ يتبع ـ


في حقيقة االجتهاد، األصول والضوابط•

األصول والضوابطفي حقيقة االجتهاد(**()د. أحمد السلطان

إشكال أولي عــبر أصــول الفقــه عن أهم المشــاغل التشــريعية الــتي لقد

ــا ــة وتطوره ــيرورتها التاريخي ــالمية في ص ــارة اإلس واجهت الحضــاء ــة علم ــتأثرت بعناي ــتي اس ــاغل ال ــذه المش ــاري. ومن ه الحض

.«تناهي النص الشرعي دون تناهي وقائع البشر »األصول والفقه ولحل هذا اإلشكال التشريعي دعا علمــاء أصــول الفقــه إلىــائع ــاع الوق ــك بإرج ــاد؛ وذل ــق االجته اســتثمار الخطــاب عن طري والنوازل غير المنصوص عليها وإلحاقها بأصولها، عن طريق العلل

القياسية، والكليات المصلحية، والمقاصدية...

االجتهاد: حقيقته، ضوابطه، أنواعه، مراتبه فمن أبــرز خصــائص الشــريعة اإلســالمية أنهــا شــريعة حيــة ومرنة، بمقدورها االستجابة لكل جديد، والتفاعل مــع كــل حــديث. فقد استطاعت أن تستجيب لمشــاكل الماضــي، وهي اآلن قــادرةــو ــذي ه على االستجابة لحاجيات الحاضر. وهذا بفضل االجتهاد، الــاة رمز خلودها وبقاء أحكامها، واستمرار تشريعاتها باستمرار الحي

البشرية. فاالجتهاد من ألزم األمور التي تحتاجهــا األمــة اإلســالمية في

باحث متخصص في العلوم الشرعية، من مصر.)*(*( ، الســـنة الســابعة، ربيــع وصــيف27 ـ 26ـ العـــددان االجتهــاد والتجديد

15هـ1434م ـ 2013

د. أحمد السلطان•

العصر الراهن. والذي يجعله من ألزم األمور هو المستجدات التي يفرزها الواقع المعاش، والتي تتطلب أحكاما شرعية مناسبة لكل

واقعة. ــود ــاوم الجم ــد، ويق ــاد والتجدي ــدعو إلى االجته فاإلســالم ي والتقليــد، ويــؤمن بمواكبــة التطــور ومواصــلة التقــدم. والشــريعة اإلســالمية ال تضــيق بالجديــد، وال تعجــز عن إيجــاد حــل للمشــاكل

الطارئة. ومن ثم فاالجتهاد ضــرورة تشــريعية، تقتضــيه المســتجدات، وتوجهه كثرة الحوادث والنوازل. وهذا ما يجعل الخطاب الشرعي مســتمرا باســتمرار الحيــاة البشــرية... واالجتهــاد في اإلســالم يتأسس على مجموعة من الضوابط والشروط، كلهــا مؤصــلة في كتب علم أصول الفقــه. ومن ذلــك أن لكــل حادثــة حكمــا شــرعياحا به في الكتاب مستمدا من الدليل، سواء أكان هذا الدليل مصر والســنة أم مســتنبطا من النص، مثــل: القيــاس، واالستصــالح،

والمقاصد... كــل مــا نــزل: »هـــ( في الرســالة204قال اإلمام الشــافعي)ــه حكم الزم ــلم ففيـ ــرعي(1)«بمسـ ــق طلب الحكم الشـ . فطريـ

للنوازل واألقضية هو النص الشرعي الصريح. لكن إذا غــاب النص الشرعي الصريح فإن المقتضى المنهجي يلــزم المجتهــد المصــير

إلى االجتهاد، بأنواعه المتعددة، وأشكاله المختلفة. اص جاء في كتاب الفصــول في علم األصــول، لإلمــام الجصــ

إذا ابتلوا بحادثة طلبوا حكمهــا من النص، ثم إذا عــدموا »الحنفي: النص نزعــوا إلى االجتهــاد والقيــاس، وال يســوغون ألحــد االجتهــاد

. (2)«واستعمال القياس مع النص واالجتهاد سائغ في المسائل والقضايا التي ال نص فيهــا؛ إذ ال



وجـد نص أو إجمـاع سـقط جـواز »اجتهــاد مـع وجــود النص، فـإذا. (3)«االجتهاد

فاالجتهاد ضرورة حياتية؛ الســتمرار حيــاة النــاس المتجــددة،. (4)وبقاء إيمانهم باإلسالم وفاعليته

ــريعة ــة الش د مرون ــ ــتي تجس ــات ال ــاد من أهم اآللي فاالجتهــات ــتجابتها للحاجي ــع، وفي اس ــع الواق ــا م ــالمية في تفاعله اإلس

الجديدة والوقائع المتجددة. واالجتهاد ال يلغي النص، وإنما هو إعمال للنص الشــرعي في

الوقائع الطارئة والجديدة. ومن الطـــبيعي أن يختلـــف المجتهـــدون في تلقيهم لداللـــة النص، وتنزيلهــا على الوقــائع الجديــدة. واختالفهم هــذا يرجــع إلى

؛ وكــذا|عدة أسباب، أبرزها: اختالف فهومهم لكالم الله وسنة نبيه قدراتهم في االســتنباط واالســتدالل؛ واختالف أحــوالهم وأزمــانهم وأمكنتهم وثقافتهم وأفكارهم. ومما قرره علماء أصول الفقــه في

. «أنه ال إنكار في مسائل االجتهاد »هذا الباب:ــاد هــو الســبيل للنهــوض بالفقــه اإلســالمي ومن ثم فاالجته المعاصر؛ وذلك بتقديم الحلــول للوقــائع الجديــدة، ممــا يتفــق مــع

روح الشريعة اإلسالمية وأصولها ومقاصدها في التشريع. ر ومما يلزم المجتهد اليوم هو معرفة علوم عصــره، إن تيســ له ذلــك؛ فــإن تعــذرت هــذه المعرفـة وجب عليــه استشــارة أهــل االختصاص؛ ألن هذه االستشارة من شــأنها أن تعينـه على معرفــة

. (5)الحكم الشرعي للنوازل الطارئة إن المجتهــد في عصــرنا هــذا بحاجــة ماســة إلى االســتعانة واالستشارة مع أهــل االختصــاص، وهم العلمــاء العــارفون بمجــالنون من علوم العصر. وهو ما جرى بــه العمــل تخصصهم، والمتمك



عند متقدمي الفقهاء وأهل االجتهــاد، فقــد كــانوا يستفســرون عن حقائق األشياء التي لهــا صــلة وقرابــة بالنازلــة الــتي هي موضــوع

االجتهاد. وهذه المعرفة ضرورية. وقد عبر عن هــذا اإلمــام الشــاطبي

فال بــد أن يكــون المجتهــد عارفــا ومجتهــدا من تلــك »عندما قال:ل الحكم الشــرعي على وفــق ذلــك الجهة التي ينظــر فيهــا؛ ليتــنز

. (6)«المقتضى

تعريف االجتهاد لغة واصطالحااالجتهاد في اللغة هو استفراغ الوسع في تحصيل الشيء.

وفي االصـــطالح هـــو اســـتفراغ الوســـع في درك األحكـــامــا يقصــده »الشــرعية. وبصــيغة أخــرى: هو ــود في م ــذل المجه ب

ــه اختص بــالعرف بأحكــام الحــوادث الــتي المجتهد ويتحــراه، إال أن ليس للــه تعــالى عليهــا دليــل قــائم، يوصــل إلى العلم المطلــوب

. (7)«بها والمقتضــى التشـــريعي في ضــرورة االجتهـــاد هـــو تنــاهي النصوص الشرعية، دون تناهي وقائع البشــر. فاألصــول الشــرعية

. وهــذا مــا يلــزم منــه المصــير إلى(8)معدودة، والحوادث ممــدودةاالجتهاد.

ومن أنصــف من »جــاء في كتــاب البرهـان إلمــام الحــرمين: نفسه لم يشــكل عليــه إذا نظــر في الفتــاوى واألقضــية أن تســعةــق لهــا أعشــارها صــادرة عن الــرأي المحض واالســتنباط، وال تعل

. (9)«بالنصوص والظواهر ومن أبرز األدلــة الشــرعية الــتي اســتعان بهــا علمــاء أصــولــاهي ــية تن ــه قض ــذي تطرح ــريعي ال ــكال التش ــل اإلش ــه لح الفق



ــاس: ــل القي ــائع البشــر، دلي ــاهي وق النصــوص الشــرعية، دون تن فالضــرورة داعيــة إلى وجــوب القيــاس؛ ألن النصــوص متناهيــة،»

والحوادث غير متناهية. وال بد أن يكون لله تعــالى في كــل حادثــةــاس ــا القي ـا إذا تركن ـ ــرى أن ــل... أال ت ــريم؛ أو تحلي ــا بتح حكم؛ إم لتعطلت أحكــام الحــوادث، فصــح قولنــا: إن الضــرورة داعيــة إلى

. (10)«استعمال القياس فاالجتهـاد من خصــائص هـذه الشـريعة اإلســالمية، الـتي من مواصفتها االستمرار مع حياة البشر. فاإلسالم يــدعو إلى االجتهــادــدم، وال يعجــز عن إيجــاد حــل ــة التطــور والتق ــد، ومواكب والتجدي

للمشاكل الطارئة. ــة في ــه الفكري ــه قصــارى طاقت ــذل الفقي د بب ــاد يتقي فاالجته دراســـة النص الشـــرعي؛ بحثـــا عن الحكم الـــذي يحملـــه النصــذا ــاس، وك الشرعي؛ من أجل تنزيل هذا الحكم على تصرفات الن

على الواقع الذي يعيش فيه هؤالء الناس. فاالجتهــاد في التطــبيق ال يقــل أهميــة عن االجتهــاد في فهم النص الشــرعي؛ ألن نتــائج التطــبيق منوطــة بتحقيــق مقاصــد

الشريعة. فال فقه للنص بال فقه لمحل النص. ومحــل النص هــو الواقــع

بأبعاده المختلفة ومكوناته المتعددة.

أشكال االجتهاد وأنواعه إن االجتهاد في الشريعة اإلسالمية يأخذ عدة أشكال:

فقد يكـون قياســا، وهـو إلحـاق واقعــة غـير منصـوص عليهــابواقعة منصوص عليها؛ الشتراكهما في علة جامعة.

بل من األصــوليين من خص االجتهــاد بالقيــاس. قــال اإلمــام



فمــا القيــاس؟ أهــو االجتهــاد أم »هـ( في الرسالة:204الشافعي). (11)«هما مفترقان؟ قلت: هما اسمان لمعنى واحد...

اص الحنفي. فاالجتهــاد ونفس االختيار أخــذ بــه اإلمــام الجصــ استخراج علة من أصل، يرد بها إلى الفــرع. ويحكم لــه »عنده هو

.(12)«بحكمه، وهو الذي نسميه قياسا وقــد يكــون االجتهــاد استصــالحا؛ ذلــك أن المجتهــد إذا وجــد للواقعة نظــيرا لجــأ إلى القيــاس وحكم، أمــا إذا لم يجــد للواقعــة نظيرا حكم بالمصلحة، بناء على أن الشريعة اإلسالمية جاءت إمــا

لتحقيق مصلحة أو دفع مفسدة. وقد يكون االجتهاد حكما بمقاصــد الشــريعة اإلســالمية. فقــد دل االستقراء أن الشريعة اإلسالمية لم تنص على حكم كل جزئية على حدة، وإنما أتت بقواعد وكليات شرعية، مجــردة عن عــامليــائع ــات والوق ــا على الجزئي ــان، بحيث يمكن تنزيله ــان والمك الزمر للخطــاب اإلســالمي أن ــات يتيســ الجديــدة. وبفضــل هــذه الكلي

يستوعب جميع الجزئيات ويغطي جميع المستجدات. ــو أن الحكم ــد ه ــالح والمقاص ــاد بالمص ــل في االجته واألص الشرعي على النوازل إن كان مالئما لتصرفات الشارع، وشــهدت به كلية من كليات الشــريعة، فهــو صــحيح، يبــنى عليــه االســتداللــوازل ــه في الحكم على النـ ــع إليـ على الوقـــائع الجديـــدة، ويرجـ

الطارئة. ــه، ــتجالء دالالت ــرعي، واس ــاب الش ــاد فهم الخط ومن االجته وتمثل معناه؛ لتمهيد استنباط الحكم الشرعي منه. وهو المســمى عند علماء أصول الفقه بـ )فقه الخطــاب الشــرعي(، أو )االجتهــاد

ــاني( ــة؛ ألن النص الشــرعي نص(13)البي ــة العربي ــه اللغ . ومرجعيتــة ــة العربي ــد اللغ ــوم بقواع ــو محك ــه، ومن ثم فه ــوي في بنائ لغ



وقوانينها في اإلفهام. ومن االجتهاد معرفة الواقع بجميع مالبساته ومكوناته؛ وذلــك بتنزيــل األحكــام الشــرعية وإيقاعهــا في هــذا الواقــع عن طريــقــة للشــريعة اإلســالمية. ــة واألصــول العام ــد الكلي تطــبيق القواع

هو اإلجراء العملي لما حصل على مستوى الفهم »وبعبارة أخرى:. (14)التجريدي لألحكام الشرعية

وعلى هـذا االختيـار فـإن االجتهـاد دائمـا يســير في طــريقين لطلب الحكم الشرعي: طريــق النص؛ وطريــق الواقــع. وال يمكن

.(15)«الوصول إلى المطلوب الشرعي إال من الطريقين معا... واالجتهاد في جميع أشكاله وأنواعــه يــدور في محــور النص،ــدو أن فقد ظل مرتبطا به، وخاضعا له، وباحثا عنه. فاالجتهاد ال يع يكون استجالء لمــدى صـحة النص، أو استكشـافا لمعنـاه وداللتـه، من حيث العمـــوم والخصـــوص، واإلطالق والتقييـــد، واإلجمـــال

والبيان، ومدى قابلية النص للتأويل...

االجتهاد في النص الشرعي ــل الداللــة اللغويــة يقصــد باالجتهــاد في النص الشــرعي تمثــل من إعانـــة ـ والشـــرعية للنص الشـــرعي؛ لمـــا في هـــذا التمث

ومساعدة على استنباط األحكام الشرعية. فالمجتهد ال يحل له أن يمارس االجتهــاد في النص الشــرعي إذا لم يكن من جهة على علم بوجوه داللة النصوص الشرعية فيــق، ــد المطل ل، والمقي ــ ــل والمفص ــوص، والمجم ــوم والخص العم واإلثبات والنفي، والمحكم والمتشابه، والناسخ والمنســوخ؛ وعلىــدها ــاني، في بع ــاظ على المع ــة األلف ــرى بدالل ــة أخ علم من جه

المطابقي، والتضمني، واللزومي.



فالمقتضى المنهجي في تمثل داللة الخطاب الشــرعي يجب أن تكون البداية فيه بالخدمــة اللغويــة أللفاظــه، من حيث اإلفــراد

. (16)والتركيب، والوضوح والخفاء، واالستعمال واإلهمال... هذه األهمية التي اكتسبها اللفظ في الدرس األصولي قادتع اللفظ، مفردا ومركبا، مطلقا ومقيدا، علماء أصول الفقه إلى تتب

خاصا وعاما، حقيقة ومجازا. ــا، بحيث ــات والزواي ــع الجه ــة من جمي ــذه المتابع ــانت ه وك يصعب الوقوف على جميع هذه الجهات والزوايا التي كانت محور

دراسة علماء أصول الفقه للفظ. ــاب البرهــان إلمــام الحــرمين: اعلم أن معظم »جــاء في كت

الكالم في األصول يتعلق باأللفاظ والمعــاني. أمــا األلفــاظ فال بــد. (17)«من االعتناء بها؛ فإن الشريعة عربية

ــاظ، ومن االجتهاد في النص الشرعي التحقق من داللة األلف من حيث الوضوح والخفاء؛ وضبط المعجم الشرعي، وهو األلفاظ المنقولة من اللغة إلى الشرع. فتحصيل داللة األلفــاظ من لــوازم االستدالل ومقتضيات االستنباط. فالمعاني التي تؤول إليها ألفــاظب س عليهــا أحكــام في غايــة األهميــة، وتــترت القرآن الكريم تتأســ

عليها عدة آثار. ر والمجتهد في النص الشرعي على علم وحتى يكون المفس ومعرفة بهذه األلفاظ فقد قام علماء أصول الفقــه بإحصــاء لهــذهــة األلفاظ، وإيداعها في كتب خاصة؛ حتى يكون المستدل على بين

هـــ( في322منها. ومن هذا القبيل ما قــام بــه أبــو حــاتم الــرازي) . والكتــاب عبــارة(18)«الزينة في األلفاظ العربية اإلســالمية »كتابه

عن متابعة واسعة ورصــد كبــير ألهم األلفــاظ المنقولــة من اللغــةإلى الشرع.



ومن التحقـــق من داللـــة األلفـــاظ الفصـــل بين المشـــتركوالمترادف من األلفاظ.

فالمشــترك مــا كــان فيــه اللفــظ واحــدا، والمعــاني متعــددةومختلفة، اختالف تباين أو تضاد.

والمترادف ما كانت ألفاظه متعددة، والمعاني واحدة. ومن التحقق من داللة األلفاظ معرفة األلفــاظ المنقولــة من

الحقيقة إلى المجاز. فاأللفاظ الواقعة في التركيب قد تخرج من المعنى األصلي،ــل في ــاز. واألص ــو المج ــنى التبعي، وه ــة، إلى المع ــو الحقيق وه

، وإنما القرائن والســياق(19)األلفاظ أنها ال تنبئ عن المعاني بذاتها همــا الطريــق المرشــد إلى الفصــل بين مــا هــو حقيقي ومــا هــو

. (20)مجازي، وما هو أصلي وما هو تبعي... ونظرا لهذه األهمية التي يكتســيها التحــول الــداللي لأللفــاظ على مســتوى فهم الخطــاب الشــرعي، وعلى اســتنباط األحكــام الشرعية، فقد قام علماء أصــول الفقــه بإيــداع هــذه األلفــاظ فيفات خاصة؛ حتى تكون في متناول كــل من اختــار االســتدالل مصن

. (21)على األحكام الشرعية، أو فهم الخطابفــات جملــة من الكليــات والقواعــد كما استوعبت هذه المؤل اللغويـــة، الـــتي بواســـطتها يفهم الفقيـــه معـــنى النص، ويـــدرك مقصديته، مثل قاعــدة: )ال يلجــأ إلى الســياق إال عنــد عــدم قــدرة الوضــع على الوفــاء بــالمعنى(؛ )ال يصــار إلى التأويــل إال بــدليل(؛ــو ــنى النص فه ــع مع ــل يرف ــل تأوي ــل(؛ )ك ــل خالف األص )التأوي

مردود(؛... ره علماء أصول الفقه في دراستهم للفظ أن األصل ومما قر

ـرد »في وضع األلفاظ هو تحقق اإلفادة والبيان، وأنه ـ ال يجوز أن ي



ــبحانه في القرآن ما ليس له معنى أصال، وهو المهمل. والباري سه عن أن يخاطبنا بما ال يفهم . (22)«منز

ومن التحقق من داللة األلفاظ معرفة حروف المعاني، وهي ؛ ألن النص الشــرعي، الــذي هــو األصــل في االجتهــاد،(23)الروابط

ر فائدته تبعا للحروف الداخلة والسند في االستنباط، كثيرا ما تتغيعليه.

ــه المعتمــد: ــو الحســين البصــري في كتاب اعلم أن »قــال أب الكالم لما انقسم إلى: االسم؛ والفعل؛ والحـرف، وكـان الخطـابر فوائده تبعا للحروف الداخلة عليه. وكان أكــثر الغــرض بهــذا تتغي

. (24)«الكتاب ذكر الخطاب الذي يستدل به على األحكام وتوصف حروف المعاني عند كثــير من علمــاء األصــول بأنهــا

ـة، وتشــتد الحاجــة إليهــا. من هنـا »مدار وأساس المسـائل الفقهيــان هــذه الحــروف، وذكــر الطريــق في تخــريج ــد من بي كــان ال ب

. (25)«المسائل عليها ومن مظاهر التحقق من داللة األلفاظ ضرورة انتقاء األلفاظرة عن المعاني، كما دل على ذلك الوضع اللغوي، واصــطالح المعب

فلكــل اســم»التخاطب؛ احترازا من اللبس؛ وبعدا عن الغمــوض. مسمى يختص به، ويتبين بــه المــراد؛ ليقــع بــه التفــاهم... ولــو لم

. (26)«يكن ذلك لما كان تفاهم أبدا، ولبطل خطاب الله تعالى لنا إن حمل اللفظ على غير معناه فهو مدعاة للبس والغموض، وطريــق إلى إفســاد البيــان الــذي يقــع بــه التفــاهم. وعليــه يقــع التكليف. فإن علماء األصول يرفضون إخراج األلفــاظ عن معانيهــاــة، كمــا دل على ذلــك اصــطالح التخــاطب، وهــو الوضــع الحقيقيــة اللغوي، إن كان ذلك اإلخراج عاريا من الدليل. فاألصل في اللغ

د به ــالقبيل من ا الشرط هوذأنها تفيد البيان، وإن عدم التقي إبط



. (27)«وإفساد الحقائق والشرائع »الكالم كله، وعليه فإنه يجب أن يكــون المنطلــق في )مدارســة( دراســة

األلفــاظ الــتياألصوليين للخطاب الشرعي هــو التحقق من داللة تقع عليها المعاني، ســواء أكــان هــذا التحقــق معجميــا أو شــرعيا، لغويــا أو عرفيــا، حقيقيــا أو مجازيــا...، مــع االســتعانة بالســياق أو المقام التي وردت فيه هذه األلفاظ. وبما أن اللفظ في الــتركيب قد يحتمل أكثر من معنى فإن النظــر في الســياق الــذي ورد فيــهــة ن اللفظ هو الذي يقطع هذه االحتماالت. فالسياق هو األداة المعي

فال يفهم معــنى، »والمساعدة على بيان المعنى المراد من اللفظ. (28)«كلمة أو جملة إال بوصلها بالتي قبلها، أو بالتي بعدها

ــة، ــة اللفظي ــرعي إدراك الدالل ــاد في النص الش ومن االجته وهي العالقة الجامعة والمتبادلة بين األلفاظ والمعاني، بأقســامها:

المطابقي؛ والتضمني؛ واللزومي... فال بد في التفسير من إدراك سليم، ومعرفة عميقة بدالالتر الــذي يطــرأ على داللــة الخطــاب، األلفاظ على المعاني، وبالتغي تبعا للسياق المحيط بالخطاب. ولهذا الغرض نظــر علمــاء أصــولــرفت ــا انص ــاني. كم ــا بالمع ــاظ من حيث عالقته ــه في األلف الفق عنايتهم إلى اإللمام بالمقتضــيات المحيطــة بالخطــاب؛ ألن الكالم الواحد تختلف داللته تبعا للمقتضيات المحيطة به، وهو مــا يعــرف

بـ )علم الوجوه والنظائر(. ويعد مبحث الدالالت من أهم البحوث التي يبتني عليها صرح

. (29)علم أصول الفقه وهــذا مــا كشــف عنــه علمــاء أصــول الفقــه عامــة، واإلمــام

ح في المستصــفى بــأن علم505الغزالي) ة، الــذي صــر هـــ( خاصــ ألنــه ميــدان ســعي »الــدالالت هــو قطب علم أصــول الفقــه؛



ــا من ــولها، واجتنائهـ ــام من أصـ ــاس األحكـ ــدين في اقتبـ المجتهـ . فالــدالالت هي مجموعــة من القواعــد األصــولية(30)«أغصــانها

واللغويــة الــتي ترســم منهج االجتهــاد في اســتثمار كافــة طاقــات وهو من أهم البحـوث الـتي يقـوم »النص في الداللة على معانيه.

. (31)«عليها استنباط األحكام ومما يــدل على مبلــغ العنايــة واالهتمــام الــتي أوالهــا علمــاءر على ضرورة تمكن أصول الفقه لجهة الدالالت تنصيصهم المتكرــتدالل أو رام ــد االسـ ــو قصـ ــة إن هـ ــة العربيـ ــد من اللغـ المجتهـ

القــول بضــرورة اإلحاطــة باللســان مشــعر »االســتنباط؛ ذلــك أن. (32)«بالداللة اللفظية

ــا في فهم الخطــاب الشــرعي، ــا طريق ــدالالت؛ باعتباره وال ومسلكا في التفسير والبيان، ومنهجا الستجالء المعنى لغويـا كـان أو شرعيا، تعد من أهم اآلليات المعينة للمجتهــد والمســتنبط على اكتساب معــنى الخطــاب؛ ألن المعــنى المكتســب من اللفــظ قــد يكون معنى مطابقيا أو تضمنيا أو لزوميا، وقد يكون منطوقــا وقــد

يكون مفهوما من المنطوق، وقد يكون أصليا وقد يكون تبعيا...

النظر في سياق الخطاب ومن مقومات التحقق من داللة األلفاظ في بعدها المعجمي والســياقي ضــرورة االحتكــام إلى ســياق الخطــاب، بنــاء على أن األلفــاظ لم تقصــد لــذاتها، وإنمــا المرجــع في تعــيين المعــنى هــو سلطة المتكلم ومراده من الخطاب. ومن ثم كـان شـرط القصــد

من مقومات الداللة في الدرس األصولي. ويراد بسياق الخطاب أســلوبه ومجــراه. تقــول: وقعت هــذه العبارة في سياق الخطاب، أي إنها جاءت متفقة مع مجمل النص



. (33)ومضمونه ويتحدد السياق في كونه هو المحيــط اللســاني الــذي أنتجت فيه العبارة أو الخطاب، ويندرج في سياق الخطاب فهم الخطــاب الشرعي في مستواه الكلي، وذلك بــرد أولــه إلى آخــره، والنظــر في أحواله وأطرافه، وسوابقه ولواحقــه، بحيث ال يصــح االقتصــار

ــل المعـــنى على بعض أجزائـــه دون البعض اآلخـــر. ـ فال »في تمث محيص للمتفهم عن رد آخر الكالم على أولــه، وأولــه على آخــره.

ق النظر في أجزائه فال يتوصل إلى مراده . (34)«فإن فر وتحكيم سياق الخطاب يســتلزم الجمــع بين النصــوص الــتيد، تشترك في الموضوع الواحد، وذلك بحمــل المطلــق على المقي والعــام على الخــاص، والمجمــل على المــبين. فــالنص الشــرعي

سلسلة واحدة موصولة الحلقات. ومن متعلقــات الجمــع بين النصــوص اعتبــار القــرآن الكــريم والحــديث النبــوي كلفظــة واحــدة. فال يحكم بآيــة دون أخــرى، وال

بــل يضــم كــل ذلــك بعضــه إلى بعض؛ إذ ليس »بحديث دون آخر، بعض ذلك أولى باالتباع من بعض. ومن فعل غــير هــذا فقــد تحكم

. (35)«بال دليل اعتبــار الخطــاب(36)ومن شــروط تحكيم ســياق الخطــاب

كالصورة الواحدة، بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها »الشرعيها، ومطلقهــا المحمــول المترتبة عليها. فعامها المرتب على خاصــ

ر على مبينها ــ ــا المفس ــدها، ومجمله ــرره(37)«على مقي ــا ق . ومم علمــاء أصــول الفقــه في هــذا البــاب أن االكتفــاء بنص واحــد في

.(38)االستدالل وتفسير الخطاب يعد سقوطا منهجيا في االستداللك بنص ــار من عــواقب التمســ ويحــذر اإلمــام ابن حــزم النظ واحد في االستدالل؛ لما في ذلك من خطورة على اكتساب معنى



فال تأخــذ بعض الكالم دون »:«التقــريب »الخطاب. قال في كتابه بعض؛ فتفسد المعاني. وأحذرك من شغب قوم في هــذا المكــان، إن ناظروا ضبطوا على آية واحدة أو حديث واحــد. وهــذا ســقوط

. (39)«جديد، وجهل مفرطــدما صــرح في ولم يشذ عن هذا المعنى اإلمام الشاطبي عنــة من جزئيــات الموافقــات مخطئــا من أخــذ بنص واحــد في جزئي الشريعة، دون أن يعمد إلى الرجوع إلى كليات الشريعة، الــتي تمــوص اكتسابها واستخالصها عن طريق استقراء مجموعة من النصــه ال يجــوز االســتدالل الشرعية. فالذي عليه محقق من العلمــاء أن بالنص الوحيد من القرآن الكريم والسنة النبوية، منفــردا ومعــزوال

عن غيره من النصوص.

االجتهاد والدليل ــا بين علمــاء أصــول ــق عليه ومن المســائل األصــولية المتف الفقه أن لكل حادثــة حكمــا شــرعيا، مســتمدا من الــدليل، ســواءحا به أم مستنبطا من الــدليل، وهــو القــرآن أكان هذا الدليل مصر

والسنة واإلجماع. وكــان من آثــار اقــتران الوقــائع والنــوازل بــالحكم الشــرعي معارضة علماء أصول الفقه لكل اســتدالل جــاء عاريــا من الــدليل الشرعي؛ ألن منشئ األحكام هو الله تعالى. فاالجتهاد سائغ ما لم يوجــد نص أو إجمــاع؛ فــإذا وجــد نص أو إجمــاع ســقط جــواز

.(40)االجتهاد حا بــه فهــو نقلي؛ وإن كــان مســتنبطا والدليل إن كان مصــر فهو عقلي. والعالقــة الجامعــة بينهمــا هي عالقــة التــابع بــالمتبوع.

ألن االستدالل بــالمنقول ال بــد فيــه؛ »فكل قسم مفتقر إلى اآلخر



من النظـــر. كمـــا أن الـــرأي ال يعتـــبر شـــرعا إال إذا اســـتند إلى. (41)«النقل

األدلة الشرعية ضربان: أحدهما:»وفي هذا يقول الشاطبي: ما يرجع إلى النقل؛ والثاني: ما يرجع إلى الــرأي. وهــذه القســمة هي بالنسبة ألصول األدلــة، وإال فكــل واحــد من الضــربين مفتقــر

. (42)«إلى اآلخر ويتحدد الدليل النقلي في القرآن الكريم؛ والسنة؛ واإلجماع،ــدليل العقلي في القيــاس؛ واالستصــالح؛ والمقاصــد... ويمكن وال

«،أصل األحكــام كلها »إرجاع جميع األدلة إلى القرآن الكريم، فهووجميع األدلة، نقلية كانت أم عقلية، تابعة له، وملحقة به.

ومن لوازم االجتهاد اقترانه بالدليل. فاالجتهــاد ال يصــح إال إذا ؛ ألن منشئ األحكام هو الله تعالى، وكــل اجتهــاد(43)اقترن بالدليل

عري من الدليل فهو اجتهاد مردود. وتمثل المعنى الشرعي للخطاب عن طريق العلل، بقسميها الجزئي أو الكلي، أو اللغوي أو الشرعي، يأخذ عدة أشكال، منها:

القياس؛ واالستصالح؛ واالجتهاد المقاصدي. وهذا التنوع في طرائق االجتهــاد دليــل على قــدرة الخطــاب الشرعي على االســتجابة لكـل جديـد، والتفاعـل مــع كــل حــديث.ــاب ــة يمنح للخط ــة أو الكلي ــة الجزئي ــق العل ــاد عن طري فاالجته الشــرعي قــدرة خالقــة في تلبيتــه لحاجيــات اإلنســان المعاصــر؛ فالنصوص الشرعية متناهية، ووقائع البشر غــير متناهيــة، وحتى ال تضيق الشريعة اإلسالمية بالمستجدات فإن المقتضــى التشــريعي

يقتضي فتح باب االجتهاد، بجميع مكوناته وأشكاله وأنواعه. االجتهــاد القياســي، واالستصــالحي،: ومن أبرز هــذه األبــواب

والمقاصدي، والتنزيلي. وهذه االجتهادات مشــروطة بغيــاب النص



الصريح في النازلة؛ إذ ال اجتهاد مع النص.

ــاب ــق في فهم الخطـ ــق، دور المنطـ ــاد والمنطـ االجتهـالشرعي

ــات المســاعدة علىو يعد علم المنطق من أهم الطــرق اآللي تفهم المعنى، واستجالء الداللة. فهو يعمل على تقنين طرق داللة الخطاب، بجميــع مكوناتــه وأقســامه، ســواء أكــانت هــذه الطــرق

صريحة أم مضمرة، منطوقة أم مفهومة، أصلية أم تبعية... وقد نبعت الحاجة إلى دراسة المنطــق من الرغبــة في تفهم الخطاب الشرعي، وتمثل داللته، باعتبار داللة اللفظ على المعنى قد تكون مطابقة، أو تضمنا، أو التزاما. وهذا ما قاد علماء أصــولــع ــاني في جميـ ــاظ بالمعـ المنطـــق إلى البحث في عالقـــة األلفـمستوياتها، ووضع المقاييس التي بموجبها تنضبط أنواع الدالالت. فاالهتمام بالمســتويات البيانيــة للمنطــق كــان اســتجابة لمــاــة وصــرامة، وذلــك تتطلبــه عمليــة االســتنباط واالســتدالل من دق، إلى القضـــية باالنتقـــال من الخطـــاب الشـــرعي، باعتبـــاره داال

الشرعية، باعتبارها مدلوال. فالتوجه نحو المعطيات اللغوية للمنطق يعود إلى كــون هــذا العلم هو الطريق الــذي بـه تؤخــذ األلفـاظ على مقتضـاها، وكيـف يعرف الخاص من العــام، والمجمــل من المفصــل، وبنــاء األلفــاظ

. (44)بعضها على بعضــة ــرز المناطق ــاهري من أب ــي الظ ــزم األندلس ــد ابن ح ويع المسلمين الذين عملوا على تأصيل وتقعيد القواعد واالســتدالالتده مقدمــة كتابه المنطقية، وتوجيهها توجيها بيانيــا. وهــذا مــا تجســ

ــتي«التقريب لحد المنطق» ، فهو من أهم المصنفات المنطقية ال



عملت على تقريب الدرس المنطقي إلى علم أصــول الفقــه؛ من أجـــل تفهم الخطـــاب الشـــرعي، واســـتجالء داللتـــه، واســـتنباط

. (45)أحكامهح اإلمــام ابن حــزم األندلســي، في مقدمــة كتابــه وقــد صــرــتنبط ــد والمس ــروري للمجته ــق علم ض ــريب، أن علم المنط التقب والمسـتدل والفقيـه، وأن الجهــل بـه أو التقصـير في طلبـه يجن

صاحبه الصواب، ويعرضه للخطأ في االستدالل. وليعلم العالمون أن من لم »جاء في مقدمة كتاب التقريب:

، ولم يجز|به، وعن النبيريفهم هذا القدر فقد بعد عن الفهم عن لــه أن يفــتي بين اثــنين؛ لجهلــه بحــدود الكالم، وبنــاء بعضــه علىــا ــوم بهـ ــتي يقـ ــائج الـ ــاج النتـ ــدمات، وإنتـ ــديم المقـ بعض، وتقـ

. (46)«البرهان فالقواعد والطرق األصولية المخصصة لالستنباط، والمتعلقة بفقه الخطاب، لها عالقة بعلم المنطق، الذي موضــوعه المعــاني،

وهذا ما جعل صــناعة المنطــق »والمعاني ال تنكشف إال باأللفاظ،. (47)«تتجه نحو األلفاظ في عالقتها بالمعاني

ومن محاور التالقي بين علم أصول الفقه والمنطــق صــياغة علماء األصــول لمجموعــة من المبــاحث األصــولية والفقهيــة على شــكل قواعــد كليــة منطقيـــة، يغلب عليهـــا اإليجـــاز في البنــاءــتي ــات في الجزئيــات ال ــتركيب، بحيث يتم إعمــال هــذه الكلي والــه للخطــاب، أو في ــد، ســواء في تفهم ــترض المفــتي والمجته تع

استدالله على األحكام. ــا من ل جانب دة على االســتقراء، وهي تمث وهذه القواعد مشي طمـــوح علمـــاء األصـــول في تقـــنين وضـــبط الطـــرق وقواعـــد

االستدالل. ومن هذه القواعد:



ــل ــرد دلي ــا لم ي ــه م ــري على عموم ــام يج ــ الع ـيخصصه.

ـ كل حكم أمكن تعليله فالقياس جائز فيه. ـ ال يحمل اللفــظ على العمــوم إال بعــد البحث عن

المخصص. ـ األصل في الكالم الحقيقة، وال يعدل عن الحقيقة

إال بذلك. . (48)ـ التأويل خالف األصل

ـ محال أن يكون لفظ واحد مســتعمال في موضــعه ومعــدوالبه عن موضعه في حالة واحدة.

ــه يعينــه على ومما يقدمه علم المنطــق للفقيــه والمجتهــد أن الجمع بين النصوص ذات الموضوع الواحد، برد أولهــا إلى آخرهــا،ــق على ــام على الخــاص، والمطل ــا، وحمــل الع ــا إلى أوله وآخرهد، والمجمل على المبين؛ ألن من شأن التمســك بنص واحــد المقي في االســتدالل، دون رده إلى أطرافــه وأجزائــه، وكــذا إلى بــاقي النصوص ذات الموضــوع الواحــد، قــد يــؤدي إلى إفســاد المعــنى،

. (49)وتحريف النتائج، وقلب الحقائق... فالمعرفة بالمنطق، وخاصة ما تعلق بالجانب البياني، شــرط ضــروري للمجتهــد في تفهمــه للنص الشــرعي قصــد بيــان الحكم

فال بــد للمجتهــد. »الشرعي منها، وتنزيــل هــذا الحكم على الواقع أن يعرف تقرير األدلة، وما يتقوم ويتحقق به نصب الدليل، ووجــه داللته على المطلوب. وال بـأس بــأن يكـون عالمــا بشــيء من فن المنطق، ال أن يكــون متــوغال فيــه؛ ألنــه يعين على تــرتيب األدلــة،

. (50)«ويحتاج إليه في القياس احتياجا كثيرا



ال مساغ لالجتهاد في مورد النص من القواعد األصولية التي لها صلة باالجتهاد ومجاالته قاعدة

. وقــد وردت هــذه القاعــدة«ال مســاغ لالجتهــاد في مــورد النص». (51)«ال اجتهاد في مورد النص »بصيغة أخرى، وهي

ــاد مشــروع إذا ــذه القاعــدة أن االجته ــام له والمضــمون العانتفت الموانع، وتوفرت هذه الشروط:

ـ أن تكون المسألة المجتهد فيها غير منصوص عليها بنص1 قاطع أو مجمع عليه.

ــرعي، عملي أو علمي، »والنص القطعي هو ــ ــل حكم ش ــ ك. (52)«يقصد به العلم

اعلم أن قاضي القضاة ذكــر في »قال أبو الحسين البصري: العمد أن ما عليــه داللــة قاطعــة فليس هــو من مســائل االجتهــاد.

. (53)«والحق واحد فيه، ال يحل خالفهــدة ــة، من عقي ــالثوابت الديني ــق ب ــة تتعل ــوص القطعي والنص وشريعة وبعض المعامالت التي جاءت بنصوص قطعية في داللتهـاــق كــذلك بكليــات ــات تتعل وثبوتها أو كانت محل اإلجماع. والقطعي الشريعة، وأصولها األساسية في الحياة، وقيمها الخالدة الــتي بهــا

قوام االجتماع اإلنساني، وعليها مدار العمران البشري. 2 ـ أن يكون النص الوارد في النازلــة محتمال للتأويــل، وقــابال

ألكثر من معنى. ـــ أن تكــون المســألة المجتهــد فيهــا من النــوازل والوقــائع3

الطارئة، أو ما يمكن وقوعه، والحاجة إليه ماسة. واالجتهاد ال يمس النصوص القطعية في داللتها؛ ألن قطعيتها

. (54)تنفي عنها االحتمال في المعنى، والتعدد في الداللة والنصــوص القطعيــة في الــدالالت تأخــذ عنــد األصــوليين



مصطلح النص، وهو اللفظ الذي يدل على معنى واحد، وال يحتملغيره.

وإخضاع هذه النصوص القطعية لالجتهــاد من شــأنه أن يهــدر داللتها اللغوية، ويلغي ميثاق التواصــل والتفــاهم الــذي يجــري في

. لكن االجتهاد في هذه النصـوص يـأتي من جـانب(55)اللغة العربية الفهم، وتمثل المعنى الذي تحمله هذه النصوص، وكــذا في تنزيـل هذه النصوص على الواقع، وذلك بـالنظر في المنـاط الـذي يحـفر في الحكم الــذي تأخــذه هــذه النازلــة تبعــا للحــال بالنازلة، ويــؤث

والمآل. ـــ أن يكــون االجتهــاد في النصــوص المتعلقــة بــالمتغيرات،4

ــرعية ــوص الشـ ــالمتغيرات النصـ ــراد بـ ــوابت. ويـ وليس في الثـــه المؤسســة على مصــلحة أو مقصــد شــرعي أو عــرف شــهد ل الشرع بالقبول، وأقره في التصــرفات والمعــامالت؛ بســبب عــدم

معارضته ألصل من أصول الشريعة. فهذه النصوص ليست مرادة لذاتها، وإنما مرادة للمصلحة أوــذه ــام ه ــإن أحك عت. ومن ثم ف ر ــ ــه ش ــذي من أجل ــد ال المقص النصوص تدور مع علتها وجودا وعــدما. فــالحكم يكــون معتــبرا إذار عنه اإلمام العز بن وجدت العلة، ويختفي إذا اختفت. وهذا ما عب

، والــذي حمــل«قواعد األحكام »عبد السالم في أحد فصول كتابه فصل في مناسبة العلل ألحكامها، وزوال األحكــام بــزوال »عنوان

، وفيه يكشــف اإلمــام العــز بن عبــد الســالم أن النص(56)«أسبابها الشرعي إن كان قائما على مصلحة مشهود لها باالعتبــار، أو على عرف غير مصــادر ألصــل شــرعي، فــإن ذلــك النص يكــون مــرادا

. (57)لمصلحته، ويدور معها من حيث الوجود والعدم ـ أن ال يكون االجتهاد في النصوص المتعلقة بالثوابت، وهــو5



كل ما ال خالف عليه بين المسلمين، ويمثل األحكام القطعية التيـة األحكـام. وكـل مــا يجــري من اجتهــادات، سـواء عليها مـدار بقيأكانت فردية أو جماعية، ال بد أن يكون المرجع فيه هذه الثوابت. ــك ــة الفهم، وذل ــأتي من جه ــوابت ي ــذه الث ــاد في ه واالجته باستجالء الداللــة، واستكشــاف المعــنى، وهــو المســمى باالجتهــاد

البياني. وحفاظا على مــا هــو قطعي وثــابت في النصــوص الشــرعية فإنه من الضروري على المجتهد أن يراعي الموقع التي تحظى به هذه النصوص في الخطاب الشرعي؛ ألن من شأن هذه المراعاة

ده بقاعــدة ــأمن في تقي ــاد في »أن تجعــل المجتهــد في م ال اجته. (58)«مورد النص

االجتهاد في المذهب الشيعي ــر ــه ومدارســه، يق ــف مذاهب ــذهب الشــيعي، بمختل إن الم بمشروعية االجتهاد، ويعــترف بضــرورته التشــريعية في مســايرته

للمستجدات وتلبيته للحاجيات. والناظر في أدبيات الفقه الشــيعي المعاصــر يالحــظ بشــكلــرورة واضح مدى إصرار أغلب المنتمين إلى هذا المذهب على ضــق تفعيل آليات االجتهاد، بجميع أشكاله وأنواعه؛ من أجل أن يتحق

ر. التفاعل والتعايش بين النص الشرعي الثابت والواقع المتغيز الكتابات الفقهية المعاصرة ذات النزوع الشيعي هو وما يميــادات واآلراء إجماعها على رفض الجمود والتقليد وتقــديس االجتهــآرائهم ــق ب ــليم المطل ــيعي والتس ــذهب الش ــة الم ــة ألئم الفقهي وأفكارهم؛ ألن هذا التقديس في حد ذاته إهمال وإغفال للخلفيات الثقافية والفكرية والحضارية الــتي تحكمت في هــذه االجتهــادات،



وعرقلة للتجديد التي تحتاجــه األمــة اإلســالمية في مواجهتهــا لمــا. (59)يحدث في الواقع المعاصر من مستجدات وطوارئ

ــذه ــة ه ــتلزم مراجع ــة تس ــرورة المنهجي ــإن الض ــا ف من هن االجتهــادات، وذلــك بتمحيصــها وإرجاعهــا إلى ظرفيتهــا التاريخيــة ولحظتها الثقافية؛ ألنها اجتهادات تحمل همــوم عصــرها ومشــاكلــة ــة أصــحابها، وهي خلفي ــة بخلفي ــا محكوم ــا، فضــال عن أنه زمنه

، وما هــو ذاتي مــع(60)يتداخل فيها ما هو ثقافي مع ما هو سياسيــاء ــاوى الفقه ما هو موضوعي. ومن ثم كان من الالزم مراجعة فت

بما يناسب العصر، ويحقق مقاصد التنزيل. ــان، ــان ومك هذا المعطى يشعر بضرورة االجتهاد في كل زمــتي تحــدث في ــرات والتحــوالت ال ــار التغي مــع األخــذ بعين االعتبر في عمليــة االجتهــاد. وهــذا مــا يشــعر بــأن الفقــه الواقــع، وتــؤث الشيعي هو اآلخــر يــراعي الواقــع في حالــه ومآلــه، وفي حركيتــهره. وهــو مــا يــوجب على المجتهــد أن ال وسكونه، وفي ثباتــه وتغيــة ــا الزماني ــا وتوابعه ــردة عن مناطه ــة وهي مج ــر إلى النازل ينظرات؛ من أجـل والمكانية، بل ال بد له من مراعـاة كـل هــذه المتغي

تقرير الحكم المالئم للوضع الجديد. د االجتهــاد بمــا لــه صــلة واألدبيات الشــيعية المعاصــرة ال تقي باألحكام الشرعية، وإنما تعممه ليشمل كل مــا لــه صــلة بالحيــاة. فاالجتهاد هو أداة للتجديد في فقه األفراد، وأداة للتجديد في فقــه

. (61)المجتمعــه ومن شأن هذا االقتران بين االجتهاد وبين الواقع في تجليات أن يجعل الخطاب اإلسالمي مستمرا مع جميع األجيــال، وفي كــل

زمان ومكان. والذي يمكن تقريـره واسـتنتاجه من خالل قراءتنـا ومتابعتهــا لألدبيات الشيعية المعاصرة في حديثها عن االجتهاد، واتفاقها على



هذه المعطيات: أـ تقريرها لتناهي النص الشــرعي، دون تنــاهي واقــع البشــر

في كل يوم. ب ـ إيمانها بأن استمرار الخطاب الشرعي باستمرار الحيــاة البشرية يتوقف على تفعيل االجتهاد، بجميع أصنافه وأشكاله. فهو

األداة لمالحقة التطورات، واإلجابة عن المشاكل الحادثة. ج ـ إن االجتهاد مفتوح لكل من توفرت فيه الشــروط، ورأى

في نفسه أهلية االجتهاد. فالفقــه الشــيعي المعاصــر حقق نقلــة واقعيــة في تأصــيالته ــرا لالجتهــاد، من حيث الضــوابط والشــروط، بحيث لم يجعلــه حك

على فئة معينة.

الجتهاد اراهنية تزداد الحاجة إلى االجتهــاد بشــكل أكــثر؛ ألن الظــرف الــذي نعيش فيه يمتاز بمجموعة من التقلبات والتحوالت، وهو ما يفضي إلى تزايد الحوادث والمستجدات بشكل أكثر، وهــذه المســتجدات

بحاجة إلى بيان حكم الشرع فيها. إذن فالحاجة إلى االجتهاد حاجة دائمة وملحة ما دامت وقائع الحياة تتجدد، وأحوال المجتمع تتطور، وما دامت شــريعة اإلســالم صالحة لكل زمان ومكان، وحاكمة في كل أمر من أمور اإلنسان.ر الهائــل وعصرنا بخاصة أحوج إلى االجتهاد من غــيره؛ نظــرا للتغي

. (62)الذي دخل الحياة االجتماعيةــات ــه من اآللي ن ومن الضروري للمجتهد اليوم، فضال عن تمك والضوابط والشروط التي يتوقف عليهــا فهم الخطــاب الشــرعي،رات التي أن يكون بصيرا عارفا بما يجري في الواقع، وكذا بالمتغير في ســلوك أفــراده، من حيث نمــط تقــع في هــذا الواقــع، فتــؤث



ر ببيئتهم وواقعهم. عيشهم وطبائعهم، التي تتأث ومن ثم فتنزيل الحكم الشــرعي من النص إلى الواقـع ال بـد أن تراعى فيــه مجموعــة من الشــروط، أبرزهــا: معرفــة األحــوال

ر في الواقع، وتنقله من حال إلى آخر. رات التي تؤث والمؤثــو ــل ه ــد مقاصــد التنزي ــه المجته ــذي يحقق في ــاد ال واالجته

الذي يقع في خضم الواقع، وهو الذي يتعامل مع الواقــع »االجتهاد. (63)«في ثباته وحركيته...

والمعرفــة بــالواقع الــذي هــو محــل تنزيــل الحكم الشــرعي نــا من علــوم العصــر، مطلعــا يقتضي من المجتهد أن يكــون متمك على كل ما هو جديــد في هــذه العلــوم، وال ســيما الــتي لهــا صــلة

بالنوازل والمستجدات، التي هي موضوع االجتهاد. وينبغي للمجتهـــد اليـــوم أن ال يبقى مشـــدودا الجتهـــادات

االجتهــادات مــرآة »واســتنباطات المجتهــدين الســابقين؛ ألن تلك صادقة لواقع عاشه هؤالء العلماء األجالء. فلم يكن المجتهد آنذاك

. (64)«إال انعكاسا لما يجري في مجتمعهــع في ــون المرج ــاروا أن يك ــذين اخت ــون ال ــير هم المفت فكث فتاواهم هو الكتب، وليس الواقع. وبعبارة األستاذ الفاضل العالمة

يفتون في الكتب، وال يفتون في الواقــع، بــل »:يوسف القرضاوي. (65)«هم غائبون عن فقه الواقع، وفقه الواقع غائب عنهم

فاالجتهاد بهذه الشروط والمواصفات، التي تلزم المجتهد أن يكون ملما بثقافة عصره، حتى ال يعيش منعزال عن واقعــه، فضــال عن االطالع على علوم العصر، الــتي تعينــه على معرفــة مجتمعــه

ــية والدينية ، ليس(66)بظروفه ومشكالته وتياراته الفكرية والسياس باستطاعة الفرد الواحد تحصيله. وعليــه فــإن المقتضــى المنهجي والعلمي يلزم تفعيل االجتهاد الجماعي، وهو االجتهــاد الــذي يلتقي



فيه فقهاء النص بخبراء الواقــع. وعلى حــد تعبــير الــدكتور عصــام فالصــيغة المثلى لقضــايا األمــة المعاصــرة هي االجتهــاد»البشير:

الجمــاعي، الــذي يجمــع بين فقهــاء الشــرع وخــبراء العصــر؛ ألن الفقهاء يعلمــون النصــوص ومقاصــدها، والخــبراء يعرفــون الواقــعب من العلم بالنصــوص بمشاكله وتحدياته، والحكم الشرعي مــرك

. (67)«والعلم بالواقعــة، من حيث(68)والــذي يجعــل االجتهــاد الجمــاعي أكــثر فاعلي

االســتجابة للحاجيــات، والتفاعــل مــع المســتجدات، كونــه تفــاعالــدين والخــبراء وتكــامال ومشــاركة بين عــدد من العلمــاء والمجته ز عن االجتهــاد الفــردي في كونــه أكــثر اســتيعابا المختصين. ويتميــثر شــموال في الفهم ــه، وأك ــع جوانب ــا بالموضــوع في جمي وإلمام والتنزيل، وأكثر دقة في االسـتنباط، وأكـثر إصـابة للحــق. كمـا أن رأي الجماعة أقرب إلى الصواب من رأي الفــرد، وخاصــة في مــا

. (69)يتعلق بالقضايا العامة والمصيرية إن االجتهاد بهذه األوصاف واألشكال والضــوابط يبقى حاجــة ملحــة، تفرضــها حاجــات العصــر، وتلزمهــا أحــد ثــوابت الخطــاباإلسالمي، وهو استمرار هذا الخطاب باستمرار الحياة البشرية.

وبغياب هذه الشروط واآلليات، أو التقصير في أحد مكوناتهاــات، وتغيب أســرار وشروطها، ستستمر المجازفات، وتهدر الطاق

التشريع ومقاصده.

استنتاج وتعليق ــارية، وإن أي توقف عن إن الحاجة إلى االجتهاد ضرورة حض االجتهاد والنظر يعني معاصرة الخلود، وتجميــد الشــريعة، والحكم



بعدم صالحياتها لكل زمان ومكان، وإزاحــة لهــا عن واقــع النــاس، ووضعها في خانة التاريخ، وإعطــاء العقــل المســلم إجــازة عطلــةن اآلخــر من امتــداد قوانينــه وقيمــه إلينــا، وراحة، األمر الــذي يمك ويتحول العقل المسلم إلى المساهمة في إنتاج اآلخر، عوضــا عن

. (70)أن يساهم في إنتاج الذات...بعض آثار تعطيل االجتهاد

رأينا في مقال سابق حول أسباب تجميــد ملكــة االجتهــاد أن علماءنا وفقهاءنــا اتخــذوا التقليــد األعمى للســلف الصــالح ذريعــة للنأي بالفكر اإلسالمي وبالسلوك عن الشــبهات. وفهمنــا أن هــذه الذريعة لم تكن في محلها؛ ألن ذلك المنحى أوقع الفكر اإلسالمي في مطب عميق، أشبه بالكمين، شل حركته وعطلــه، وعاقــه عن

التطور والتجدد، وعن مواكبة العصور المتالحقة. صحيح أن السلف الصــالح كــان صــالحا بكــل معــنى الكلمــة، ولكن صــالحه كــان محكومــا بــأمور وشــؤون وظــواهر ومقــاييس ومعايير من بنات عهوده، وال تمت بأي صلة إلى مــا صــارت عليــه

أجيال تعاقبت بعده، من األبناء واألحفاد وأحفاد األحفاد. إن السلف الصالح لم يعــرف الطــائرات، وال الغواصــات، وال الســيارات المتدحرجــة في كــل مكــان، وال الصــواريخ العــابرة لألمداء. ولو كان قــد اطلــع على هــذه المصــنوعات بمــا لديــه منــار، ومنــه الفهم لقال: إنها من الجان؛ إذ منه الغــواص، ومنــه الطي

عابر األقطار، إلخ. والسلف الصالح لم يعرف وسائل االتصال والتواصل القائمة حاليا. ولو كان قد عرفها، على سبيل المثــال، لكــان التــوقيت بين كل األقطــار اإلســالمية موحدا. ال أقــول: التــوقيت الزمــني، فهــذا تحكمـه ظـواهر كونيـة خارجــة عن إرادتنـا وقـدراتنا، وإنمـا أقصــد



الشعائر واألعياد والمناسبات اإلسالمية؛ إذ لو كان السلف الصالح حاضرا اليوم لما أجاز أن تحتفل دولتان إسالميتان متجاورتان بعيد من األعياد الدينية، أو أن تــؤدي شــعيرة من الشــعائر، في يــومين مختلفين، بينما ال يتجاوز الفرق بينهما في التوقيت الزمني دقــائق معدودة، أو بعض ساعة، أو سويعات قالئل، الشيء الذي ال يفعــل سوى أنه يفرق و يشرذم، ويطبــع عالقتنــا ببعضــنا بطــابع الفصــام

رين. والنشاز غير المبر لو كان السـلف الصـالح مقيمـا بيننـا اليـوم ألقـام الــدنيا ولم يقعدها إلى أن يعلم جميع المســلمين، ويعملــوا بمــا علمــوه، بــأن عيد الفطر مثال ليس عيــدين أو ثالثــة أعيــاد، حــتى يحتفــل بــه في ثالثة أيــام متفاوتــة، في بلــدان ال يفصــل بينهــا ســوى بعض اليــومــد واردة إال في مكــان ــة الهالل لم تع ــأن رؤي ــزمن، وب بحســاب ال القبلة أو في أي نقطة تكون محط اتفاق المجتمع اإلسالمي كلــه، كما في خط غرينتش الدولي على سبيل المثال، وبعد ذلك تعمــل وسائل اإلعالم واألخبار واالتصال عملها، ليعلم كــل المســلمين أنــد يتطلب من الهالل قد ثبتت رؤيتــه أو عــدمها. وهــذا األمــر لم يعأجل أن يعمم في مجموع المعمورة سوى دقيقة أو بعض دقيقة. لو كان السلف الصالح حاضرا اليــوم لنــادى بتوحيــد القــراءة )بخصوص نص القرآن(؛ وتوحيد التفســير؛ وتجديــد المصــطلحات، مــا دام األســاس اللغــوي واحــدا، ومرجعــه قــائم إلى يــوم الــدين )القرآن الكريم(؛ وتوحيد التشريعات، مــا دامت مرجعيتهــا واحــدةــنة؛ واإلجمـــاع(؛ وتوحيـــد االنشـــغاالت واآلمـــال )الكتـــاب؛ والسـ والمطامح، ما دام عبء الدعوة اإلســالمية قائمــا على كاهــل كــلــا من آكــد مسلم، ومطلب الدفاع عن حمى خريطة اإلســالم واجب الواجبات، ومسؤولية تطوير وتجديد وتحديث دولة اإلسالم الكبرى



وسيلة وغاية في آن واحد، وفي كل األمكنة واألزمنة. ــنا إذن كل هذه نقط وأفكار للمناقشة، استوجبت من تقاعســون الفهم ــه الســلف الصــالح من فن ــان يأخــذ ب عن األخــذ بمــا ك والبحث والتحليل والتمحيص واالستنباط، واكتفائنا في مقابل ذلكــه في عهــوده باألخــذ بمــا كــان ذاك الســلف يمارســه ويقضــي ب وعصـــوره األولى، رغم اختالف الظـــروف والظـــواهر والعالئـــق، وأسباب البحث والفهم، ووســائلهما، اآلخــذة في التبــدل والتطــور يوما بعد يوم، بل ساعة بعــد أخــرى، حتى ال أقــول: في كــل وقت

وحين، وهو عين الواقع. ولو كانت هذه وما يشابهها ويماثلها من الظواهر واألمور هي كل ما جنيناه من تعطيلنا لعقولنا، وتجميــدنا لملكــة االجتهــاد فينــا،نا، ويسيرا على العالج، ولكن الطامة أن هذا لم يعــد لكان األمر هي يمسنا نحن المسلمين فحســب، بــل صــار يهــدد عقيــدتنا، بعــد أن أثبتنا بما نحن عليه من الجمـود الفكـري والعطـل اإلبـداعي، ومن العجز عن التجديـد واالبتكـار، أن اإلسـالم هــو اآلخــر ــ وهـذا عين الباطل ـ عــاجز عن مســايرة ركب العصــر، وعن مواكبــة مســيرة

وبـــاحثون وأســـاتذة نتغنى«علمـــاء »الحداثـــة، حـــتى صـــار بيننا بأسمائهم وإنجازاتهم ينادون بعلمنة اإلسالم، مع مـا تشـتمل عليـهــل ــدعوة من مظــاهر الفصــام، والســقم الفكــري، والجه هــذه ال المقيم، ليس بشؤون اإلسالم وروحــه ومضــمونه الفكــري العقلي المتفوق والمتعالي على الجهد اإلنساني برمته فحسب، بــل أيضــاــدعوة بشؤون العلم والعلمانية، الشيء الذي جعل أصحاب هذه ال هؤالء يـرون العلم الوضـعي بنظرياتـه النسـبية، والقابلـة للتعـديلــة ــير، والتصــويب والتصــحيح، يتعــالى على الحقــائق العلمي والتغيــة؛ الدينية الواردة في كتاب الله العزيز. هكذا وبكل صفاقة ووقاح



لمجرد كــونهم ـــ عفــا اللــه عنهم ـــ منبهــرين إلى الجــذور بأضــواء الحضارة العلمية القائمة )بل الغربيــة(، وألوانهــا، وإغراءاتهــا، مــع علمهم بــأن هــذه الحضــارة لم تجئ على الصــعيد اإلنســاني إال بالتفكك األسري، واالنحالل األخالقي، والعبث الفكري، لم تــأت إال

بالخسران في الدنيا قبل اآلخرة. إن أخطــر نتــائج تعطيلنــا لالجتهــاد الفكــري في فهم الشــأن الديني على حقيقته، ال كما نراه في منطلق قصــورنا وعجزنــا، أن المغرورين من علمائنا وأساتذتنا بدأوا يرون أن شريعة اإلســالم ال تساير التطور القائم، وال تجاريه، وال تسير مع الــزمن في سـرعته وصيرورته. ولذلك ألقوا هذه الشــريعة وراء ظهــورهم، ومــا زالــوا يفعلون، وانكبوا على شرائع اآلخرين، من غير المسلمين، ينقلــون عنها ويقلدون، كما كــانوا بــاألمس نــاقلين ومقلدين ألســاليب فهمــالكثير ــه ب ــل الجــائز على عالت الســلف الصــالح. فاســتبدلوا القليــالمنا، ــدا على إس ــرنا ض ــوائه، حتى ص ــه وأض ــد رغم ألوان الفاســر ــق فك ــاهم من منطل ــل ونتف ــل، نعيش ونتعام المعلن على األق دخيــل، ونتحــاكم إلى قــوانين ال عالقــة لهــا بعقيــدتنا وبعاداتنــا وتقاليـدنا، ونقــرأ ونعلم أجيالنـا الناشــئة أمــورا تقلب حياتنــا رأســا على عقب؛ من قبيـــل: نظريـــة دارون المتهالكـــة في النشـــوءبقية ــ ــة في ش ــد المنقوع ــيرات فروي ــل: تنظ ــاء؛ ومن قبي واالرتق جنسية مريضة، وباعثــة على الرثــاء، حتى ال أقــول: الغثيــان؛ ومن طينة فكرة النظام العالمي الجديد، التي يعلم الله سبحانه وتعالى كم سيمضي على العقل العــربي واإلســالمي من الــوقت قبــل أنــة ــة حديث ــاق جاهلي ــا ليســت ســوى دعــوة إلى اعتن ــه إلى أنه ينتب متطورة، تتخذ أصنامها أشكاال جديــدة مبتكــرة، منهــا: الحاســوب، ومنها: بورصات القيم، ومنها: محاور للــدفاع ولألمن، تــزن األمــور



بميزان العجــل الــذهبي الــذي تركــه الســامري قائمــا في العقــولـة...، ـ وفي القلــوب، المطبــوع عليهــا بــالوقر، والمغلولــة باألكن

وللحديث صلة.

الهوامش

البروجردي المنهج االجتهادي عند اإلمامحوار مع نخبة من المراجع والفقهاء

انيگلبايگالحوار مع: الشيخ لطف الله الصافي الشيخ حسين النوري الهمداني

*(*()الشيخ أبو طالب تجليل التبريزي

ترجمة: كاظم خلف العزاوي نتنــاول في هــذا البحث األســلوب االجتهــادي للفقيـه المتبحر

، والــذي يعــد من مفــاخر حــوزة&والعــالم العظيم الــبروجردي االجتهاد الشيعية، وذلك حسب ما جاء على لســان تالمذتــه الــذين

لمع نجمهم على يديه. ــافي ــه ص ــف الل ــيخ لط ــل من: الش ــكر الجزي ــدم بالش ونتق الكلبايكاني؛ والشيخ حسين النوري الهمداني؛ وأبــو طــالب تجليــل

موا عناء المشاركة في هذا البحث. التبريزي، الذين تجش ثالثة من الفقهاء والمراجع البارزين اليوم، وثالثهم قد)*(*(

توفي مؤخرا رحمة الله عليه. ، السـنة السابعة، ربيع وصيف27 ـ 26ـ العـددان االجتهاد والتجديد44

هـ1434م ـ 2013


نتقدم بالشكر الجزيــل مــرة أخــرى من األســاتذة العظــام الــذين منحونــا هــذه الفرصــة مــع قلــة وقتهم. الســؤال األول هــو: يقــال: إن الـبروجردي يعتــبر دليــلــة االنسداد قد وجد من الناحية التاريخية دليال على حجيــدليل على خبر الواحد. وهذا خالف الذين يعتبرون أن ال الحجيــة مطلــق الظن. فالرجــاء بيــان األمــر حــول هــذا

الموضوع. &: أحــد أســاليب األســتاذ األعظم الــبروجرديالكلبايكـاني

التحقيقية أنه كان يقوم بتحقيــق البحــوث العلميــة جــذريا، ويبحث في تطور أي مسألة وإن كان قد تم خالل عــدة قــرون. في دليــل االنسداد استعمل كذلك نفس األســلوب من البحث، وفي النتيجــة توصل إلى الدليل الذي أثبت به في آخر األمر حجية خــبر الواحــد. إلى هنا نالحظ أنه قد عدل عن األصــل الــذي أقيم لحجيــة مطلــق الظن. لذلك في مجلس درسه، الذي تشــرفت بتــدوين تقريراتــه،

ــه البحثاألولنرى أنه قد عنون دليل االنسداد بفصلين: ن في : بي على مســلك المتــأخرين عن زمن الخوانســاري، وعلى الخصــوص الشيخ األنصاري والمحقق الخراساني. وقد استوفاه ضمن خمس

ــه إلىالثانيمقدمات، ومن ثم تعرض إلى أجوبتهم؛ ــرض في : تع مســـلك المحققين الـــذين تنـــاولوا هـــذا الـــدليل قبـــل المحقـــقن المقــدمات الــتي لم يقومــوا الخوانســاري. ومن خالل كلماتــه بي بــذكرها، وفي النهايــة أثبت حجيــة خــبر الواحــد، ال حجيــة مطلــقنه في هذا الدليل التقرير التالي: بمقتضى آية النفر الظن. ومما بيــار تعليم وأمثالها من اآليات األخرى ـ كآية الكتمان ـ، وبحسب أخب وتعلم األحكام الكثيرة واالستفتاءات والقضاء والواجب، وحيث إنه



ــدنيا واآلخــرة، وألن ــان في أمــور ال ــق العن ال يوجــد من هــو مطل الشارع المقدس ال يرضى أيضا بــزوال ثمــرات كــل تلــك األحكــام التي في الكتاب والسنة، والتي قد تم ذكرها في أبواب كثيرة، لذا فإن المقصود من هذه األحكام هي الــتي تتــدخل في جميــع أمــور الناس المعاشية والمعادية، وهي أيضا مالك وميزان من أجل رفع الخالفات وفض الخصــومات وحفــظ األنظمــة وغيرهــا من األمــور األخرى. فمن أجل أن ال ينقض غرضها التي أنزلت من أجلــه، وأن ال يكون تنزيــل الكتــاب وإرســال الرســل دون أدنى فائــدة، ولكيــر ــرية على م ــل إلى البش ــة، وتص ــرات محفوظ ــذه الثم تبقى ه العصور والقرون، ويكون تعلمها وتعليمها واجب، ويعد كتمانها منمات، فإذا كان باب العلم بهذه األحكــام مســدودا، والطــرق المحر اليقينية إليه كذلك، أو يجب أن نقول: إنه ال يجوز االكتفاء باألحكامــات على المعلومة والمسلم بها، والتي دلت بصريح اآليات والرواي ديمومة وبقاء الدين اإلسالمي إلى يوم القيامة، لــذا فــإن االكتفــاء بهذا المقدار القليل، إذا لم نقل: إنه منتــه بــزوال جميــع الثمــرات المستفادة من األحكام، فقطعا إن أغلبها سوف يــزول مــع مــرور الزمــان، أو نقــول: إن هــذه األحكــام يجب أن تحــرز من الطــرقــاس ــة كالقي الظنية المتعارف عليها ـ وليس من الطرق غير الظني ـــ؛ لــدوران األمــر بين األخــذ بــالطريق الظني المتعــارف ومتابعــة الظن أو متابعة الــوهم، وال شــك في كــون العقــل قاطعــا بحجيــةــذه ــارع ه ــارف، وإمضــاء الش ــق المتع الظن الحاصــل من الطريــالطريق ــا ب ــام وتعليمه م األحك ــك أن تعل ــة. وال يخفى علي الطريق المعروف، والقــول واإلفتــاء بــه، ليس قــوال بغــير علم، فهــو العلمــالى: المأثور الذي أطلق عليه العلم في الكتاب والسنة، كقوله تع

﴿ ــارة من علم ــة﴾أو أث ــة إلى المقدم ــان ال حاج ــذا البي ــع ه . وم



األولى والثالثة والرابعة والخامسة، ويثبت به حجيــة الخــبر والظن الحاصل منه؛ ألنه هــو الطريــق المتعــارف عليــه في عصــر النــبي

ــارف،^واألئمة إلى زماننا هذا. وال يشمل الدليل إال الطريق المتع فال حاجة في إخراج مثل القياس عن شــموله لــه إلى االســتدالل؛ ألنه ليس من تلك الطــرق. وبالجملــة فــإن بين هــذا البيــان وبيــانــد المحقق ــداد بع ــل االنس ــوا دلي ــذين عنون ــام ال المحققين العظــرات بحث ــا في تقري ــد أوردته ــيرة، ق ــات كث ــاري اختالف الخوانس

األستاذ األعظم.

البروجردي كان محيطا بأقوال أئمة العامة، وآراء الصحابة؛ وذلك العتقاده أنــه في حالــة عــدم أخــذ العلم من بيئة صدور الرواية فــإن البحث والفهم الكامـل لهـارا، وال يســتفاد إال من المعــنى الظــاهري ال يكون ميســ أللفاظها. فهل كان هــذا األســلوب من ابتكاراتــه؟ ومــا مدى تأثير اإلحاطــة بفقــه العامــة ومعرفــة بيئـة صــدور

الرواية في االجتهاد؟ ــاوىالكلبايكـــاني: ــ ــك إن االطالع على الفت ــ من دون ش

وأقوال الصــحابة والتــابعين من علمــاء العامــة لــه تــأثير كبــير في الفهم واالســتفادة الصــحيحين من المجموعــات الروائيــة، وكــذلك على ما لعلمائهم من وجهات نظر حول هذه األقوال، وكــذلك فيرة. وعليه في كل مكان، وفي فهم جهة صدور تلك الروايات المؤث

ــة^كل رواية من المحتمل أنها ال تتضمن أقوال أهل البيت ، أو جه صــدورها غــير معروفــة، يصــبح من الضــروري االطالع على هــذهــاء ــدماء الفقه ــان ق ــذي ك ــو العلم ال ــذا ه ــوال. وه ــاوى واألق الفت متبحرين فيه، وكانوا يولونه أهميــة كبــيرة. وإثــر هــذا قــام الشــيخ



بتأليف كتاب ليس له نظــير في هــذا المجــال، أســماه&الطوسي الخالف، وكان للعالمة الحلي كتاب باسم تذكرة الفقهاء. وفي هذا العصر المتــأخر لم يعــد هــذا العلم متــداوال في المحافــل العلميــةــه، وأصــبح ــا يتطــرق إلى بحث ــدرس والبحث، أو قلم وجلســات ال متروكا تقريبا. نفس كتاب الخالف هــذا لم يكن في متنــاول اليــد، وكــان متروكــا غــير متــداول. والــبروجردي هــو من أمــر بطباعتــه

محيطا إحاطــة عجيبــة&ونشره، وقد شرع بتداوله من جديد. كان بأقوال الصــحابة وعلمــاء اإلســالم من كــل الفــرق. وقــد اتضــحت أهمية هذا العلم، وحاجة الفقهاء إليه، بحيث إن كتاب الخالف بعــد الطبعة األولى والثانية، التي طبعت بأمر منه، أعيدت طباعته عدةــه مرات. الثمرة األخرى التي تجــنى من دراســة هــذا العلم هي أن

ن قـوة فقــه أهــل^بمقارنة فقه أهل البيت مع فقــه اآلخــرين يتـبي، واستقامته، وابتناؤه على الكتاب والسنة. ^البيت

مع ما كان يملكه من تســلط على األصــول، ومــا كان له من ابتكارات في ذلك المجال أيضا، إال أنــه كــان قليال ما يتمسك باألصــول في مقــام االســتنباط. فهــلــا ــه؟ وم ــد بعض طالب ــك األســلوب موجــودا عن ــرى ذل ن

السبب في ذلك؟ك&: كما هو معلــوم، كــانالكلبايكاني قليال جــدا مــا يتمســ

باألصول العملية. والسبب في االستغناء عنها راجــع إلى تخصصــه ودقته المتناهية في التعامــل معهــا، ومــاالكامل في فهم الروايات،

كان له من ذوق حســن في رفــع التعــارض بين األخبــار المتعارضــة.ــاج ــول، واحتي ــة علم األص د على دراس ــان يؤك ــوقت ك وفي نفس الــة الفقيه إليه، والدليل على ذلك الحاشية المفصلة والدقيقة والعميق



التي كتبها على كفاية أستاذه.

ــذه ــذي اتخ ــان القــول: إن النمــط ال هــل باإلمك الـــبروجردي في االجتهـــاد ــــ كالهيمنـــة على الفقـــه، والتعامل مع األصول بصورة أقل ـ أنتج لديه وثوقا أكثر

في تحصيل حكم الشارع؟ــتنباط،الكلبايكاني : إن النمط الذي اتخذه في الفقه واالس

ــا. ــان حتم ــل اطمئن ــان مح ــروج من المســائل، ك ــدخول والخ وال فاإلحاطة بإسناد الروايات، والرجال، والطبقات، واإلحاطة بـأقوالــة في ــدماء منهم، والدق ــوص الق ة، وعلى الخص ــ ــة والخاص العام مضامين الروايات، وحتى في تعــدادها، كمــا في البــاب الــذي في

إلى عــدة&الوســائل، ويشــتمل على عشــرين حــديثا، وقــد أرجعه أحاديث، فمن المالحظ أن النمط الذي قد اتخذه كان ممتازا. فقد أصبح كتاب مثل مفتاح الكرامة، الذي قلما كان يرجع إليه؛ بفضـل النمط الذي اتخذه في التدريس، والعناية في بحث وتحقيق أقوالــك ــبح ذل ــدماء منهم، أص ــوص الق ــيعة، وعلى الخص ــاء الش الفقهــادة ــة، وم ــوزة العلمي ــين، وفي الح س ــداوال بين المدر ــاب مت الكت

للمراجعة. ما هي الفوائد المترتبة على التصنيف الذي قــام

بــه في فهم الروايــات، وتشخيصــه للصــحيح والســقيم منها؟ وهل هناك من فقهاء الشــيعة من قــام بتصــنيفــه قــد ــه؟ وهــل أن ــذي اتبع الرجــال بنفس األســلوب ال

اقتبس هذا األسلوب من العامة أم هو من ابتكاراته؟ــرواةالكلبايكاني ــال وال : من الواضح أن علم طبقات الرج

له دخل في تعيين صحة وسقم األحاديث. أحيانا نرى حديثا معنعنــا ، الســـنة الســابعة، ربيــع وصــيف27 ـ 26ـ العـــددان االجتهــاد والتجديد

49هـ1434م ـ 2013


أو متصــل اإلسـناد بسـند ظـاهر، ولكن عن طريـق علم الطبقــات يتضح عــدم اتصــال بعض إســناده، فيصــبح مكانــه خانــة األحــاديث المرسلة. باإلضافة إلى ذلك كل األحاديث موصولة اإلسناد مع أنهاــذف بعض معنعنة في الظاهر لكن هذا ال ينفي احتمال سقوط وح أسانيدها، ومن ثم إرسالها. ومن خالل علم الطبقـات يتضــح عـدم إرسالها، وليس هناك من حاجة إلى إعمال األصول الظنية، مثــل: أصل عدم الخطأ واالشتباه؛ وأصل عدم الحــذف. وأمــا هــل يوجــدف الرجــال بهــذا األســلوب قبــل ذلــك من فقهــاء الشــيعة من صــنــذا ــل ه الرجل العظيم؟ فليس لي أي علم بذلك. كما أن وجود مث األســلوب في الجملــة في فقــه العامــة ليس بــدليل على أنــه قــد اقتبســه منهم؛ وذلــك أن هــذا الفكــر يعــد ابتكــارا، ويــأتي تلقائيــا

ع للروايات واألسانيد، كالسيد البروجردي. للشخص المتتب

ــرواة مع مالحظة النقل بالمعنى، وتنوع حديث ال من حيث المعلومات والكبر في السن والحداثة، وكذلك من ناحية الجنس، واللغــة إن كــان عربيــا أو أعجميــا...، فهل يمكن االعتماد على ألفاظ الروايات في مثل هذه

الحالة؟ : مع مالحظة إحراز الشروط التي تنطبق على الراوينوري

في نقل الحديث، مثــل: الضــبط والعدالــة والوثاقــة و...، يجب أن تؤخذ هنا ألفاظ الروايات بعين االعتبــار، وأن تــولى عنايــة خاصــة. وفي حالة الشك يكـون الحــاكم أصـل عـدم السـهو، وأصـل عـدم الغفلــة، وأصــل عــدم النســيان، وأصــل عــدم الزيــادة والنقصــان،ل بالنســبة إلى غســل الطــرفين وأمثال ذلك. مثال: في باب الغســ األيمن واأليســر يوجــد لــدينا مجموعتــان من الروايــات: في بعض



الروايـات الطـرف األيســر معطـوف بـالواو على الطـرف األيمن؛ وفي روايــات أخــرى توجــد لــدينا كلمــة »فــاء« أو »ثم«. وكلمتــاب نوعا ما، مع أنه أحيانا ال »فاء« و»ثم« تدل على الترتيب والترتــة على ــه دالل ــذي ليس ل ــواو« ال ــة، بعكس »ال تعطي نفس الداللــه يعتمــد ب والتعاقب نوعا ما. لذا فإن الســيد الخــوئي بمــا أن الترت الروايات صحيحة المبنى، وال يولي اهتمامــا للمشــهور ومــا يبنــون عليه، فإنه يستند إلى الروايات التي بها كلمــة »واو«، ويقــول في الغسل: ال يلزم أن يتقــدم الطــرف األيمن على الطــرف األيســر؛ ألن الرواية التي تحتوي على كلمة »واو« مرجحــة على الروايــات األخرى من حيث السند، ومن حيث معيار الصــحة وســقم الروايــة

أيضا، من ناحية القبول وعدم القبول. ولكن من وجهة نظرنــا بمــا أن ســند هــذه الروايــات حســن، وظواهر األلفــاظ حجــة أيضــا، فال يمكن اإلفتـاء كمــا أفـتى الســيد الخــوئي، بــل يجب القــول كمــا المشــهور: في حالــة الغســل من

الضروري الترتيب بين اليمين واليسار. نعم، لو أن ظواهر األلفاظ كــانت بصــورة غــير قابلــة للجمــع ففي هذه الحالــة لهــا حكم آخــر. وذلــك أن الكتب القديمــة كــانت تكتب بالخط الكوفي، الذي ال يحتـوي على نقــاط، فـإذا مــا رفعنــا النقاط من بعض الحروف يصبح شبيها لها، بل نفســها. لــذا إذا مــا دققت في كتب الروايات أحيانا يكتب فوق الكلمة حرف »خ«، أوــة في حرف »ل خ«. ويعني حرف »خ« أنه قد كتبت بهذه الطريق نسخة، و»ل خ« يعني أنها كتبت في عدة نسخ بهذه الطريقــة. أي إنه إذا كانت هذه الكلمة في عدة نسخ مطابقــة للمتن ففي عــدة نسخ أيضا النسخة التي تكون بدال لها مطابقة لهــا أيضــا. مثال: فين الشيخ األنصاري في األصول، هناك ثالث إحدى الروايات، كما بي



صور قد وردت: يوجد لــدينا في إحــدى النســخ: من حــدد قــبرا...؛ــة: ويوجد لدينا في نسخة أخرى: من جدد قبرا...؛ وفي نسخة ثالث من جدث قبرا...، وتختلف كلمة جدث في المعنى عن كلمة حدد؛ وذلك ألن كلمة »حدد قبرا« تعني أنه جعل أعلى القبر على هيئــة هرم، وتقريبا يكون بصورة ذات قداســة. أمــا كلمــة »جــدد قــبرا« فتعني أن القبر كان قديما فجدد. أما كلمة »جــدث قــبرا« فتعــني

أن القبر قد بني لآلخرين.

،إن الدليل على حجية الظواهر هو سيرة العقالء ة في المــوارد الــتي ال تنقــل نفس وهم ال يرونهــا حجــــه من جهــة يحتمــل أن رواة الحــديث األلفــاظ. وبمــا أن ينقلونه بالمعنى؛ ومن جهــة أخــرى هنــاك أحــداث تقــع لهم مما يضــطرهم لالعتمــاد على حــافظتهم في جمــع تلك الروايات، كما حدث البن أبي عمير؛ ومن جهة ثالثة يختلف الرواة في قدرتهم على تحمل األحاديث، فكيف يمكن االســتناد واالعتمــاد على األلفــاظ، مثــل: الفــرقــاء«، بحيث إن الذي وضع بين كلمة »الواو« وكلمة »الف »الفاء« تدل على الترتيب، أو بين كلمة »الفاء« و»ثم« يوجد فرق كذلك، وهو أن »الفــاء« تــدل على التعــاقب،

أما »ثم« فتدل على التراخي؟ كبرى القضية صــحيح، فــإذا كــانت بهــذا الشــكل الالنوري:

يمكن االعتماد على األلفاظ. ولكن إشــكالنا في الصــغرى. ليســت المســألة كمــا تظنــون؛ فــإن الــرواة كــانوا أصــحاب ألــواح، يعــني بحسب المتعارف اليوم ورق وقلم، وبعبـارة أخــرى: كــانت لــديهم

ــومون ــذي يتكلم المعصـ ــوقت الـ ــة، وفي الـ ــائل للكتابـ أو^وسـ



يتفوهــون بحــديث يدونونــه في الحــال. وال ينبغي أن يكــون هنــاك شك في هذا األمر؛ ألن كلمة الراوي تطلــق على الشــخص الــذيــة أو لديه ملكة الحفظ، ويتقن ضبط الروايات كما هي، دون نقيص زيــادة، وفي غــير هــذه الصــورة ال يســتحق أن يطلــق عليــه اســم )راوي(. لذا فـإن رواة األحــاديث كــانوا يحفظـون حتى مقامــاتهم،ــة في بيت ــد األحذي ــكان يجلس عن ــه بن مس ــد الل ــان عب مثال: ك

، ويقول: مع وجود العظام من القوم هذا مكاني. نعم، في×اإلمامــل هــذه األمــور، ولكن في األعم ــراعى مث بعض المــوارد قــد ال ترون معهم األغلب كــان األمــر هكــذا؛ حيث إن الــرواة كــانوا يحضــ وسائل الكتابة المعروفة في زمانهم، ويقومــون بتســجيل وتــدوين

.^نفس الكلمات التي ينطق بها المعصومون مع أن الكتب األربعة تعتبر من أهم كتبنا الروائية

الجامعــة، ولكن يوجــد اختالف كبــير في متن الروايــات في النســـخ المختلفـــة، وهـــذا االختالف في كثـــير من الموارد يكون سببا في تغيــير المعــنى. فألي حــد يمكن

االستناد إلى ألفاظ هذه الروايات في اإلفتاء؟ أنا ال أعتقد أن األمر بهذا الشــكل الــذي ذكرتمــوه.النوري:

ــاول ــان في متن ــك الزم ــة في ذل ــع الكتب المتداول فلم تكن جمي الكليني والصدوق. وأيضا الروايات التي كانت موجــودة في كتــاب )التهذيب( لم تكن موجودة في )الكافي( للكليني، مع أن الفاصلةــني إلى ــاج الكلي ــنة، واحت ــة وثالثين س ــرب من مائ ــا يق ــا م بينهم عشرين سنة كي ينهي كتابة )الكــافي(، الــذي لم يكن يحتــوي أي رواية من روايات من ال يحضــره الفقيــه. أمــا كتــاب )االستبصــار( فهو يحتوي نفس الروايات التي في كتــاب )التهــذيب(. فــإذا كــان



هناك من اختالف في المتن الخبري فــإن )الكــافي( يعتــبر أضــبط من الكتابين األخــيرين. هــذا إذا تم نقــل الخــبر في الكتب الثالثــة. مثال: إذا وردت كلمة »من جدد« وكلمــة »من حــدد« وكلمــة »من

جدث« بهذه الصورة يكون الكليني مقدما على اآلخرين.

ــه يجب أن تكــون عن ــاب الشــهادة أن جــاء في بــبر حجــة، ال أن تكــون عن ، فــإذا كــانت كــذلك تعت حس حدس. فبما أنها تعتبر حجة فقط إذا ما كــانت عن حسي فكيــف يتم توجيــه شــهادة أمثــال: النجاشــي والكشــ |والطوســـي والحلي بالنســـبة إلى أصـــحاب الرســـول

، علما أنهم لم يشهدوا ظهور النص؟^واألئمة هذا البحث تناوله علم الرجــال بإســهاب. وهــل أنالنوري:

الرجوع إلى أقوال الرجاليين: أمثال: النجاشي والطوسي والحلي وغيرهم، من باب الشهادة أم من بــاب الرجــوع إلى أهــل الخــبرةــديهم ــال، ول ــلعين في علم الرج ــدون من المتض والفن؛ ألنهم يع

مهارات يعتد بها؟ إن الرجوع إلى قــول الرجــالي من بــاب الشــهادة: فإذا قلنا

فال بد من اشتراط عدالة الشاهد، وأحيانا يشترط تعدده أيضا؛ أما إذا قلنا: إنه من باب الرجوع إلى أهــل الخــبرة والفن فال تشــترطــار العدالة، وال التعدد، بل أحيانا ال يشترط اإلسالم أيضا؛ ألن المعي والميزان في الرجوع إلى الخبراء أنه يولد الثقة واالطمئنان. نعم،ص يجب أن يكــون بالمســتوى الــذي من ناحيــة الحرفيــة والتخصــص المــاهر يمكن ــا. فمثال: الطــبيب المتخصــ يكــون كالمــه مطمئن الرجــوع إليــه، وإن كــان غــير مســلم. وكــذلك يمكن الرجــوع إلى

م للسلع. المقي



دا يعتقد صاحب المعـالم أن قـول الــراوي حجـة إذا كـان مؤي بعدلين. ويعتبر الخبر صحيحا إذا كان راويه عدال؛ ألنه يعتــبر حجيــة قول الرجالي من باب الشــهادة. وفي المقابـل يعتــبر الــبروجردي الرجوع إلى أقوال الرجاليين من باب الرجــوع إلى الخــبراء وأهــلي ــ ــي والكشـ ــاليين، كالنجاشـ ــك: إن الرجـ ــول في ذلـ الفن، ويقـ وغيرهما؛ لتمرسهم في الــتراجم، وقــرب زمــانهم من زمــان رواةــبرة الحديث، وكون القرائن واضحة عندهم، فقد أصبحت لديهم خ في معرفة رجال الحــديث. وبمــا أن المعيــار هــو حصــول الوثــوقــبرتهم، تولد ــبب خ ــام؛ بس ــؤالء العظ ــوال ه ــإن أق ــان ف واالطمئن

اطمئنانا.

إذا كان الرجوع إلى أقوال الرجاليين من باب بناء العقالء، الذين يرجعون بــدورهم إلى أقــوال أهــل الفن والخــبرة، ففي هــذه الحالــة ال يجب أن يكــون هنــاك اختالف بين شهادة الرجاليين، أي إنـه ال يجب أن يكـون هنــاك اختالف بين الحلي والنجاشــي؛ ألنهمــا من أهــل

الفن في هذا العلم؟ هــذا إذا كــان الرجــوع في هــذا األمــر إلى أقــوالالنـوري:

الرجاليين من باب الرجوع إلى أهل الفن والخبرة. ولكن السؤال:ــاك ــون هن ــال، بحيث تك ــبراء علم الرج ــد اختالف بين خ ــل يوج هــوال على ــترجح أقـ ــر، فـ ــلية للبعض منهم على البعض اآلخـ أفضـ أقوال؟ من الطــبيعي أن يكــون الجــواب نعم؛ ألن الخــبراء ليســوا كلهم سـواء، بـل هم مـراتب، كـالعلم والظن. وعليـه فقـول مثـل النجاشي يكون موجبا لالطمئنان أكــثر من غــيره، ممن ال يصــلون

إليه في المرتبة.



هل المالكات في باب جرح وتعديل الراوي تعبدية أو عقالئية؟ وإذا كانت عقالئيــة فهــل باإلمكــان التعــديــان ــال؟ وإذا ك ــذكورة في كتب الرج ــات الم من المالك التعدي جائزا، كما قال الشيخ في مالكات باب التعــادله الجمود على الشهادة والوثاقة؟ والتراجيح، فكيف يوج

ــديا؛ ألن المالك فيالنوري: الظاهر أن هذا األمــر ليس تعب حجية أخبار اآلحاد هــو بنــاء العقالء. فبنــاء العقالء في الحيــاة على أن أي خــبر يحصــل لهم بــه وثــوق يعملــون بــه، ويعتبرونــه حجــة.ــولى، ــدى الم ــد ل ــة العب ــه« من ناحي ــا يحتج ب ــني »م ــة يع والحج وبــالعكس. فــإذا مــا خــالف العبــد فللمــولى أن يحتج عليــه: لمــاذان الخالف فللعبــد أن يحتج خالفت ذلك األمــر؟ وإذا مــا عمــل وتــبي

عليه. فبناء العقالء على أن الخبر إذا حصل منــه وثــوق يكــون هــو همــا أكــثر وثوقـا الحجة. ولذا في حالة تعــارض خــبرين أو أكــثر فأي

تكون له األرجحية على األخبار األخر. ه الجمــود الــذي يطــرأ على ألفــاظ كيــف يوج

ــة. فبعض األشــخاص، ــاليين في الشــهادة والوثاق الرجه: »أول من كإبراهيم بن هاشم، الذي يقولـون في حقـ

ــالي ــر حـــديث الكـــوفيين في قم«، ألن الرجـ ين لمنشـ يشهدوا بوثاقته ال يوصف حديثه بالصحيح؟

هنا يجب توضيح أمور، وهي:النوري: إن الشهادة ال تعتبر معيارا، إنما المعيار هو الرجوع إلى أهل

الخبرة.وهناك صغرى وكبرى.



ــاء أما الكبرى فهي: أي خبر يوجب االطمئنان على أساس بنالعقالء يكون حجة.

وأما الصغرى فهي: أي خبر يوجب االطمئنان؟ الخبر الذي يكون راويه عادال إماميــا يكــون صــحيحا. والخــبرـه غــير إمــامي، بـل كــان فطحيـا أو الذي يكون راويـه عـادال، ولكن ناووسيا أو واقفيا، إلخ، ويحصل من خبره االطمئنان، يكــون حجــة

كذلك. فالعدالة ليست هي المالك، إنما المالك هو الوثاقة. إذن أي خبر يحصل من كالم راويه االطمئنان يكون حجة.

ق، والحســـن، ففي التقســـيمات األربعـــة )الصـــحيح، والموث والضعيف( كون الراوي ممدوحا ليس مالكــا للحجيــة، وإنمــا ينبعيق يحصـــل منـــه أن ال يكـــون كـــذابا. لـــذا فـــإن الصـــحيح والموث االطمئنان، أما الحسن فال يحصــل منــه اطمئنــان. أي إن اإلمــامي الممدوح ال يوجب الوثوق، بل يجب أن يحصل االطمئنــان بــه. لــذاق حصــرا، أي أن يكــون فــإن الوثــوق حاصــل في الصــحيح والموثقا. لــذا لــو أن الخــبر كــان بحالــة شــديدة من الضــعف، عادال وموثــه كــانت لــديهم قــرائن ولكن فقهاءنا عملوا به، فإن هذا يكشف أن

على صدوره، مما أدى بهم إلى العمل به. نعم، يولي السيد الخوئي هنا أهمية للخــبر نفســه، ولصــحته ووثاقتــه. أمــا طبــق نظــر الــبروجردي فيكتفي بــالوثوق بالصــدور.ــحة، ولكن ــة من الص ــان في أعلى درج ــبر إذا ك ــإن الخ ــه ف وعلي أعرض عنــه األصــحاب، فهــذا اإلعــراض يــوجب ضــعفه؛ ألنــه غــير

موجب للوثوق واالطمئنان. ويقوم مبــنى الســيد الخــوئي على االعتقــاد بأهميــة العدالــة

والوثاقة في المخبر. أما نحن فنعتبر أن المالك هو بناء العقالء. أما بالنسبة إلى إبراهيم بن هاشم فالسيد البروجردي، رغم



ـه أول من نشـر حــديث ي بأن اطالعه على قـول النجاشـي والكشـ الكوفيين في قم، ال يقبل كالمهما؛ ألن مدينــة قم كــانت في ذلــك الوقت مركزا للعلماء، وأحاديث األئمة كانت منتشرة قبل قدومــه

كــانوا يــترددون عليــه،×إليهــا. فــالقميون في زمن اإلمــام البــاقر ويروون الحديث عنــه، قبــل إبــراهيم بن هاشــم. وطبـق التصــنيفــراهيم بن هاشــم من الطبقــة ــبر إب ــبروجردي يعت فه ال ــذي صــن ال الســابعة، والكليــني من الطبقــة التاســعة، وعلي بن إبــراهيم منــاد بن عثمــان من ــه بن مســكان وحم ــد الل ــة، وعب الطبقــة الثامنــة ــبزنطي من الطبق ــر ال ــد بن أبي نص ــة، وأحم ــة الخامس الطبق

من الطبقــة^السادسة. فالرواة الذين كانوا يــترددون على األئمة الخامسة والسادسة، لذلك ال يمكن القول: إن إبــراهيم بن هاشــم

هو أول من نشر حديث الكوفيين في قم. ومن جهة أخرى فجميع الروايات التي قــد نقلهــا إبــراهيم بن هاشم كانت معروفــة، وقــد ذكرتهــا في كتــابي المعنــون بطبقــات الثقات، الذي كتبته في زمان البروجردي، وقد ذكرت فيه إبــراهيم

بن هاشم. وهنـاك مســألة أخــرى، وهي أن إبــراهيم بن هاشـم رواياتـه صحيحة. فقد أثبت السيد بحر العلــوم، وهــو عم جــد الــبروجردي،ة في كتابه الفوائد الرجالية ـ ويولي السيد البروجردي عناية خاصــ بهذا الكتاب ـ أن إبــراهيم بن هاشــم عــادل إمــامي، وكــذلك أثبتــه يعــد من الســيد الــداماد أيضــا في كتابــه الرواشــح الســماوية أن

العدول.

بالنســبة إلى المعرفــة الــتي تمتلكهــا عن الســيد البروجردي، وما لــك من وجهــة نظــر في بحث الرجــال



والدراية، وكذلك مكانتك بين أهل التأليف، فإن األسئلة التي سـنقوم بطرحهــا سـوف تكـون في هـذا المجـال.

يهتم ويقـدر علم الرجـال&إلى أي حد كان الـبروجردي على أنه مقدمة الستنباط األحكام الشرعية؟

ــل: طريقــة خاصــة في&كــان للعالمــة الــبروجرديتجلي االستنباط، على خالف ما هــو معمــول بــه فعال بين الفقهــاء، حيث كانوا يأتون بالحديث، ويجرون عليه الجرح والتعــديل، وبعضــها يتم

فكــان يلقي نظــرة على&قبولــه، والبعض اآلخــر يــرفض. أمــا هود على هذا األمر، وهو أنه يوجــد جميع الروايات، وكثيرا ما كان يؤك عدة أحاديث تتحدث حول موضوع واحد. وتعدد األحاديث بالنســبة إلى موضوع يؤدي إلى تأكيد توثيقه. أحيانا تصل الروايات إلى حــد

فيد القطع بصدورها؛ وفي بعض األحيان ال تصل حــديالتواتر، مما التواتر، وإنما توجب الوثوق، الذي هو معيار في حجيـة خـبر الثقـة أيضا. فالوثوق من أي شيء حصل فهو حجة. والتعدد وكــثرة نقــل الحديث بين الرواة منفردا إنما يفيــد الوثــوق. لــذا كــانت طريقتــه تعتمــد على عــد الروايــات، ومن ثم إرجاعهــا إلى بعضــها البعض؛ ليتأكد من أنها فعال عشرة روايات تتحــدث عن هــذه المســألة، ثم

بعد ذلك يقوم باالستنباط منها. ــا من الناحيـــة الرجاليـــة فإنـــه يعطي أهميـــة لمعرفـــة أمـــرف ــانيد تع ــة هي أس ــانيد المعلول ــة«. واألس ــانيد المعلول »األس إشــكاالتها بــالرجوع إلى »الطبقــات«. إذا مــا الحظت الســند في )وسائل الشيعة( ترى أن الرواة ثقات، ولكنه يقول: ال، هذا السند غــير صــحيح؛ حيث إن هــذين الــراويين ال يمكنهمــا أن ينقال عن بعضهما؛ إذ إنهما ليسا من طبقة واحــدة. وعليــه فــإن هــذا الســند

يعتبر معلوال، مع أن رواته ثقات.



هل تقصد أنه يجب أن يكون الراوي والمروي عنه من طبقة واحدة؟

ــةتجليل: نعم، يجب أن تتفق الطبقات مع بعضها من الناحي ــا ــراويين أن ينقال من بعضــهما؛ طبق ــدما ال يمكن ل ــة. فعن الزماني للطبقات، فيكون معلوما أن هناك راو قد سقط، غير أنه ال يعرفــة من هو الساقط. ومن هنا نالحظ أن علم الرجــال يشــكل مقدم

لالستنباط.

ما هو االبتكار الخاص للسيد البروجردي في علم الرجال؟

كان ابتكاره في الطبقــات، ولم يكن لــدينا من قبــلتجليل: مثل هــذا الــترتيب في تصــنيف الرجــال. طبعــا كــان هنــاك رجــال

في هــذا المجــال. فــإن لديــه كتــابين: أحــدهما:&الشيخ الطوسي الفهرســت؛ واآلخــر: الرجــال. ورجــال الطوســي لــه التفــات إلى

« في سجل|مسألة الطبقات، فقد ذكر »من روى عن رسول الله منفـرد عن البـاقين من الـرواة، أي إن كتابـه كـان بهــذا الـترتيب:

«،’«، »من روى عن الحســـنين×»من روى عن أمـــير المؤمـــنين «، إلخ، ويكمل بهــذا الــترتيب، وأخــيرا لــه×»من روى عن السجاد

ــرو عنهم بال واســطة«. وهــذا^بــاب أيضــا تحت عنــوان »من لم ي العمل يشــبه مــا قــام بــه الســيد الــبروجردي، ولكن في المرحلــة االبتدائية من الطبقات. أما المرحلــة النهائيــة فهــو الــترتيب الــذي

قام به السيد البروجردي.

ــر ــة« في نظ ــطالح »الطبق ــنى اص ــو مع ــا ه م



البروجردي؟ وما هــو الفــرق بينهــا وبين الطبقــة الــتي ذكرها الشيخ الطوسي؟

لم يرد مصطلح الطبقة في رجال الطوســي، وإنمــاتجليل:م الــرواة إلى هو من مصــطلحات العالمــة الــبروجردي. وقــد قســ

طبقات وفق الترتيب التالي: مباشرة.|: الرواة عن رسول اللهاألولى |: الرواة الذين ال يستطيعون الرواية عن رســول اللهالثانية

مباشرة، وإنما يروون عمن روى عن رسول الله مباشــرة، ويقــاللهم: )التابعون(.

الطبقة الثالثة: الرواة الذين يروون عن الطبقة الثانية.ويكون الحديث المعنعن برواية كل طبقة عن سابقتها.

إلى زمن الشــيخ|وقد بلغت الطبقات منذ هجرة رسول الله سنة ـ اثنتا عشرة طبقة. ولو اعتبرنا460الطوسي ـ أي في مدة

35 ســنة فــإن كــل راو يعيش 70أن العمر المعهود لإلنســان هــو سنة مع الطبقــة الــتي بعــده.35سنة معاصرا للطبقة التي قبله و

وبناء عليه لو كان متوسط عمــر الــراوي ســبعين ســنة فــإن عــدد إلى وفـاة الشـيخ الطوسـي تبلـغ|الطبقات منذ هجرة رسول الله

ســنة35 طبقة؛ وذلك أن كل طبقة تعيش سبعين سنة، منهــا 12 مشتركة مع الطبقة المتأخرة،35مشتركة مع الطبقة المتقدمة و

منا السبعين إلى اثــنين ســينتج )وهي11، ونضــربه بـ 35فلو قس ،385الحصــص المشــتركة بين كــل طبقــة وأخــرى(، فســينتج

سنة من عمــر الطبقــة األولى، الــتي لم تشــترك35ونضيف إليها سنة من عمر الطبقة الثانية عشرة، التي لم35مع شيء قبلها، و

سنة، وهو يساوي455تشترك مع شيء بعدها، فيصبح المجموع: تقريبا سنة وفــاة الشــيخ الطوســي. هــذا هــو المعيــار في تقســيم



العالمة البروجردي للرواة إلى طبقات. وهــذا لم يــذكره الــبروجردي، وإنمــا اســتنبطناه، ويعتــبر من

ابتكاراته. أال يوجد في كتب الرجال المتقدمة شيئا من هذا

القبيل؟ عنــدما كنت منشــغال بكتابــة »معجم الثقــات« كنتتجليل:

أبحث في الكتب الرجاليــة، فصــادفت بينهــا كتابــا خطيــا لم يؤلف بصورة جيدة، أي إنه لم يكتب بطريقة منظمــة. ومن المعلــوم أن هذا الكتاب كان مقدمة للتأليف. هــذه المقدمــة كــانت عبــارة عن كتــاب يحمــل اســم طرائـف المقــال في معرفــة الرجــال، مؤلفــه السيد علي أكبر بن محمد شـفيع الموســوي، الــذي كــان معاصـرا

. كتب هذا الكتاب بخط صــغير جــدا، وهــو نفس&للشيخ األنصاري كتاب الطبقات الذي يعد كتابا نفيسا. والعمل الذي قام به العالمة البروجردي نفسه كان قد قام به هــو أيضــا، ويختلــف عن طبقــاتــه بــدأ بهــا من نفســه، إلى أن أوصــلها إلى الســيد الــبروجردي أن

. وبهــذا المعــنى من التصــنيف جعــل الطبقــة األولى|رســول الله المؤلف نفســه، ثم الطبقــة الثانيــة أســتاذه، إلى أن يصــل إلى

ــة الثالثين. ولكن|أصحاب رسول الله ، فيكون قد وصل إلى الطبقــدأ بــالعكس، حيث جعــل الطبقــة المرحــوم الســيد الــبروجردي ببهــا إلى أن وصــل إلى شــيخ األولى أصحاب رســول اللــه، وقــد رتفها طبقة طبقة، ومكانه الطائفة، ومنه إلى الطرف اآلخر، وقد صن من بينهم في الطبقة الثانية والثالثين. وتتضح فائدة هذه الطبقاتــه في استخراج األحاديث المعلولة. فعندما تقرأ األسانيد تالحــظ أن يقول: إن السند خطأ، وإن كان كل رواته ثقات. وكــان اصــطالحه

الذي يستعمله في ذلك »معلول«.



هذا السن المشترك، والذي قــدر بخمس وثالثين ســنة على أقــل تقــدير، ال يمكننــا احتســاب عشــرة إلىــا ســن اثنــتي عشــرة ســنة من النصــف األول على أنه روائي. مع أنه قيــل في ابن عبــاس عنــد وفــاة رســول

: كان لــه من العمــر بنــاء على قــول إحــدى عشــرة|الله سنة، وعلى قول آخر ثالث عشرة سنة.

على أي حال بعد ســن الثانيــة عشــرة يحــق لــه أنتجليل: ينقل الحديث. أما مقدار الزمان فغير مهم. وعليــه فإننــا نحتســبــا أن نــرى الزمان في أربعمائة سنة وخمسمائة ســنة، ويجب علين

كم طبقة يكتنف هذا الزمان الذي قد احتسبناه.

إن وجهة نظرنا هي أن بين ســن الثانيــة عشــرة والخامسة عشرة ال يحتسب سنا روائيا. وبناء على هــذا فكل راو يعاصر الطبقــة الــتي قبلــه عشــرين عامــا كي

يحتسب راويا معاصرا.ــا متعاصــرين في خمس وثالثين ســنة،تجليل: ولكنهمــا كان

والمفيد بالنسبة لنا هو عشرون سنة من عمــرهم. وعلى أي حــال يجب أن تنتهي االثنــتي عشــرة ســنة كي يصــل إلى الــوقت الــذي

يكون أهال لتحمل الحديث.

وهذا يعــني أنــه على الفقيــه أن ينتبـه جيــدا إلى ترجمة الراوي، وعلى سبيل المثال: »السكوني« ما هو تاريخ والدته كي يروي الحديث عن الراوي الــذي قبلــه؟

وعند نقله للحديث هل كان في سني تحمله للحديث؟



نعم، طبعــا في تعــدد الطبقــات يكــون األمــر كمــاتجليــل: أوضحت، وبهذا الترتيب.

ما سبب اعتبار الشيخ الطوسي أن الطبقات اثنتا عشرة؟

السبب في ذلك أن الشيخ الطوســي آخــر من كتبتجليل: ــالكليني الكتب األربعة، وأساس أحاديثنا في هذه الكتب األربعة. فــد في في الطبقة التاسعة، والصدوق في الطبقة العاشرة، والمفي الطبقــة الحاديــة عشــرة، والشــيخ الطوســي في الطبقــة الثانيــة

عشرة.

ــزات الســيد الــبروجردي هي قلتم: إن إحــدى ميــان الســند إرجاع أكثر من رواية إلى رواية واحدة، إذا ك

متعددا. والسؤال هو: أوال: ما هي الطريقة التي يتبعها في اإلرجاع؟ وما

هي معاييرها؟ــة ــدد الرواي ــتوجب تع ــند يس ــدد الس ــا: إن تع وثانيــدد ــدل على تع ــند ي ــدد الس ــرف، أي إن تع ــب الع بحس

الرواية، فكيف كان يجمع بينهما؟ هذا األمر صــحيح، ولكن إرجاعــه كــان مــع مالحظــةتجليل:

الســند. ولهــذا نــرى أحيانــا أن جميــع رواة الســند من بدايتــه إلى نهايته مشتركين فيه، ومثل هذا األمر قليـل جــدا؛ وأحيانـا يكونـون مشتركين مــع بعضــهم البعض بمقــدار من الســند؛ وأحيانــا أخــرى يشترك الرواة المتأخرون مع بعضهم أيضا. ويدل هذا كله على أنــك لوجــود اشــتراك طــبيعي في مقــدار من ــة واحــدة؛ وذل الرواي



ــيخ والكليـــني ــال الشـ ــة، أمثـ ـاب الكتب األربعـ ــ ــند؛ وألن كت الســـبة إلى ــتقل بالنس ــند مس ــه س ــد منهم لدي ــل واح ــدوق، ك والص المجاميع األولية واألصول األربعمائة، ولكن هــل أن هــذه األســانيد المتعددة، والــتي تنتهي بالمجــاميع األوليــة، يكــون حــديثها متعــددا أيضــا؟ والحــديث الــذي نقلــه صــفوان بن يحــيى في كتابــه يختصــذيب ســنده. بنفس السند. وقد دون الشيخ األعظم في كتابه التهــه ن في مشــيخة من ال يحضــره الفقي وكــذلك الصــدوق قــد عي أســانيده. والكليــني نــراه يكتب الســند في المتن بشــكل واضــح. ويختلف الكافي عن الثالثة الباقين أنه يكتب السند كــامال دون أن ينقص منــه شــيئا. فنحن عنــدما نفتح كتــاب الوســائل نــرى أن األسانيد متعددة، وهذا ال يدل على أنها ثالثة أو أربعة أحاديث، بــلنالحظ أنه حديث واحد، قد نقله كل واحد منهم بطريقته الخاصة. كما نالحظ أحيانا أن هنــاك فرقــا في الســند ككــل. والســند في الكــافي من أولــه إلى آخــره نقلــه راويين اثــنين فقــط، أو أن الكافي والتهــذيب ذكــراه، ولكن كــل على طريقتــه، ويختلــف عن اآلخر. ولكن لنفــترض أن آخــر راو كــان معاويــة بن عمــار فهــذا الــان يعني أن الراوي فقط رجل واحد، وهو معاوية بن عمار، إنما ك هو أحد أســاتذة الحــديث، وكثــير من الــرواة ـــ كمــا أشــارت كتب

الرجال ـ قد أخذوا منه. ففي الوقت الذي نقل فيه معاوية بن عمــار ألحــدهم حــديثا في أحد المجالس قد يقابل في مجلس آخر شخصــا ثانيــا، وينقــل إليـــه نفس ذلـــك الحـــديث، أو أن هنـــاك مجموعـــة من الـــرواة مجتمعين في مجلس واحد نقلوا الحـديث مباشـرة عن أسـتاذهم، فهل هذا دليل على أن األستاذ نطــق بهــذا الحــديث أربــع مــرات؟ ليس هذا بدليل، إنما هو حــديث واحــد نقلــه مجموعــة من الــرواة



في مجلس واحد. لــذلك فــإن االشــتراك في جميــع الســند أو في ( إلى آخر راو مشترك في ذلك×بعضه )والبعض ينتهي بالمعصوم

السند ينفي التعدد. وبطبيعة الحال هذا لو كان المتن واحدا. وأحيانا يوجد أيضا متن كامل منقســم إلى قســمين، وعنــدهاد أنهمـا حــديثان. جـاء معاويـة بن عمــار في أحــد يصــبح من المؤك

، وأخذ منه حــديثا، وفي يــوم آخــر جــاء×األيام إلى اإلمام الصادقوأخذ منه حديثا آخر، وفي هذه الحالة يصبح الحديث متعددا.

ولكن أحيانا يكون المتن واحدا، وإنما يوجد اختالف في كلمة واحدة منه، فيصبح معلومــا أن هــذه الكلمــة قــد تجــر على رأســه الويالت؛ فهي إما أن تكون قــد اختلفت من نســخة إلى أخــرى؛ أو أنه قد وقع اختالف عنــد تــدوين الــرواة للمتن. لــذلك فــإن وثوقنــا

قــد×بالنسبة إلى هذه الكلمة يعتبر سلبيا، فهل أن اإلمام الصادق تلفظها بهذا الشكل أم ال؟ وهذه الكلمــة المختلفــة من الجــائز أنــالي، تسقط من االعتبار، ولكن سقوطها ال يسلب منا العلم اإلجمــاع إنما يصبح نفيا ثالث؛ أما تحديدا ال يثبت أي من الحديثين. فإرج

األحاديث له هذه الفائدة. الفائدة الثانية لإلرجــاع هي أن تعــدد األحــاديث يحصــل منــهــذه ــدينا ه ــون ل ــدد يجب أن تك ــل أن نثبت التع ــوق. فمن أج الوث

اإلرجاعات؛ كي نثبت أن هذه األحاديث متعددة أو ال.

إذا نقل أحد الــرواة موضــوعا ناقصــا، ونقلــه راو آخر كامال، كيف يكون عليه الحال عندئذ؟

ال يوجــد هنــاك أي إشــكال في هــذا، بحيث إن أحــدتجليل: الرواة ينقل نصف الموضوع، وراو آخر ينقل األحاديث كاملة، حتى وإن حدث هذا األمر في مجلس واحد. لذا نرى أن أكثر األحــاديث



ال تسقط من االعتبــار. فنحن ال نأخــذ الفقــه فقــط من الروايــات، بحيث نقوم فقط بمراجعة الروايات، وعلى إثرها نســتنبط الحكم،ــات. بل نعتقد أن علم الفقه مستمر لم ينقطع في وقت من األوق

وتتناقلــه ،^فقد تناوله األصحاب يــدا بيــد منــذ زمــان المعصــوميناب من دون الحــديث؛ الصدور إلى أن وصل إلينـا. وهنــاك من الكتــل حفظــه عن ظهــر قلب، ولكن سلســلة ــدون، ب ومنهم من لم ي الفقهـــاء لم تنقطـــع في أي زمن من األزمـــان، وبعض المســـائل مســلمة، وال تحتــاج إلى دليــل. واآلن إذا اســتنبطت أنــا شــيئا من إحــدى الروايــات فهنــاك روايــات أخــرى لــديهم مــا تــزال باقيــة.

إلى×فالفتوى المستقرة في فقــه اإلماميــة من زمــان المعصــوم وقتنا الحاضر ال يمكن مخالفتهــا بواســطة إحــدى الروايــات ـــ وإنــرك وتســقط من ــا تت ــة المعــرض عنه ــ. والرواي ــانت صــحيحة ـ ك

االعتبار. تعــد نظريــة اعتبــار »األصــول المتلقــاة« من

نظريات السيد البروجردي المعروفة. فــبرأيكم لمــاذا ال يوجد في بعض األصول المتلقاة رواية معتــبرة، أي إنــهــدينا روايــة صــحيحة أو موثقــة، مــع أن هــذه ال يوجــد ل

األصول المتلقاة موجودة أيضا؟الجواب عن هذا السؤال يتضح بثالث نقاط: تجليل:

ـ يقول العالمة البروجردي ـ والواقــع هــو كمــا يقــول ـــ: لم1ـرى بهــا يكتب كتاب توثيــق بين القـدماء، والكتب الرجاليــة الــتي ي التوثيقات إنما هي استطرادية، قــد كتبت ويقصــد بهــا شــيء آخــر

كتبــه من أجــل توضــيح&غير التوثيق. فمثال: رجــال شــيخ الطائفةب أصــحاب كــل إمــام في ^الطبقات، وقـام بتصــنيف الــرواة، ورت

قسم من األقسام بشكل منفصل. وبنــاء على هــذا لم يكن هدفــه



من كتابة كتاب الرجال التوثيق، بل أراد أن يعين الطبقات. أما فهرسته فمن الواضح أيضا أنه إنما كان لتسجيل أســماءفين فين الشــيعة، وفي بدايتــه قــام بتســجيل أســماء المصــن المــؤلفين فقــط. واســتطرادا قــد يوجــد تعبــير )الثقــة( في أحــد والمــؤلــه ــه. وبنفس األســلوب ســار النجاشــي في كتاب األمــاكن من كتاببعــة فين. طبعــا العــادة المت الرجالي. فهو عبارة عن فهرست مــؤل في فهارس أزمنة المتأخرين أن تفهــرس أســماء الكتب بــالترتيبــاك ــان لم يكن هن ــك الزم ــوقت، ولكن في ذل ــك ال ــع في ذل ب المتفين. ترتيب بأسماء الكتب، بل كان الــترتيب حســب أســماء المــؤلبع في المكتبــات الكبــيرة؛ حيث ومن المالحظ أن هذا األسلوب مت

فين مع أسماء الكتب. إنهم قد أدرجوا أسماء المؤلفين فــإنهم في في تلك األزمنة أحيانا عندما يـترجمون للمــؤلــرواة نفس الوقت يدونون توثيقهم. أما رجال الكشي فإنه يذكر ال

. وبناء على^الذين يروون األحاديث التي ينقلونها عن المعصومين هذا ال يوجد لدينا بتاتا كتاب توثيق، بحيث نقول: إن هــذه توثيقــات القدماء من الرواة. وفي هــذه الحالــة إذا لم يكن أحــد بين أولئــكق. وهناك الكثير من الثقاة الذين لم يصلنا توثيقهم. فهو غير موث

في الطبقات بعد الشيخ كــان المحــدثون عبــارة عن العلمــاءــة. ففي بوا األثر حسب األحــاديث المروي والفقهاء أنفسهم. وقد رتــذي ال يحــرز أحــد بصــورة مســلمة توثيــق الفقهــاء فال ــوقت ال ال يعملـون بحديثـه. فليس معـنى الوثاقـة أنـه جــاء حــول فالن: هـذا الرجــل ثقــة، فأحيانــا الوثــوق بــالكالم وصــدق القــول يحصــل من العدل وغيره، وهذا كــاف لنــا؛ ألن حجيــة خــبر الثقــة لــدى العقالء ليست تعبدية، وعليه فالوثوق أيضــا معيــار للحجيــة. ومــتى حصــل الوثوق تمت الحجة، مهما كانت الجهة التي يحصــل منهــا الوثــوق.



وقد ذكر صاحب الوسائل قرائن كثيرة تفيد في حصول الوثوق. ــد ــاء بع النقطة الثانية في الموضوع أن اصطالح »صحيح« ج

رأس سلســلة&العالمة، الــذي يعـد من المتـأخرين. كــان المحققــديث المتأخرين، وهو أستاذ العالمة. فاصطالح »صحيح« يقال للح الــذي يكــون جميــع رواتــه عــدوال، فــالمطلوب العدالــة، ال مجــرد

ــاري ــيخ األنص ــد الش ــا بع ــة. طبع ــرة، فحلت&الوثاق رت النظ تغي الوثاقة محل العدالة. وقيــل: كلمــة »الثقــة« في كلمــات القــدماء أخص من كلمــة العــدل، وربمــا اســتفادوا من كلمــة الثقــة مكانــة أسمى مما يستفيدونه من كلمة العدالة. لذلك في تحقــق العدالــة يكفي لإلنســان أن يجتنب عن الكبــائر، وال يصــر على الصــغائر، ولكن في الوثاقة باإلضافة إلى ذلك يعتبر وجود الضابط أيضــا، أي

دة على الحفظ، ويكون ضابطا لما قد حفظ. الذي له قدرة جي أما قبل العالمة فقد كان لكلمة »صحيح« في الحديث معنىــة، من أي جهــة آخر. والصحيح هو الحديث المعتبر، والذي له حجي كانت. وال فرق بين أن يكون راويه عادال أم ال. فمن أي جهة تثبت حجيته، ولو بعمل األصحاب، حيث نقــول: إن عملهم يجــبر ضــعف السند، من أي جهة تثبت لنا صحة الحــديث يكــون صــحيحا. وغــير

قا أم ال. مهم أن يكون هذا الحديث موث النقطــة الثالثــة هي أن مبــنى العالمــة الــبروجردي حــولم فتــاوى »األصول المتلقاة« كانت بهذا الترتيب، وهو أنه قــد قســ

الفقهاء إلى ثالث مجموعات، هي: ــاة مناألولى ــيعة المتلق ــاء الش ــاوى الفقه ــألف من فت : تت

مباشرة، تناقلتها األيدي يدا بيد سالمة لم يطــرأ عليهــا×المعصومــاوى، تغيير. حتى أنهم لم يدخلوا شيئا من تعبيراتهم على تلك الفت

في&ولم يطرأ عليها أي تغيــير. وقــد قــال عن هــذا: كتب الشــيخ



ــأنهم ال يبــدون أول المبسوط: لقد رأيت من ينتقد فقهاء الشيعة بفاتهم، بل هم يذكرون فقــط كــل مــا يأخذونــه من آراءهم في مؤل

ــوم ــاب×المعصـ ــاد كتبت كتـ ــذا االنتقـ ــذلك كي أجيب على هـ ، لـالمبسوط، وقد بدأت بالتفريع.

ــاس ــ ــدون بالقيـ ــ ــيعة ال يعتقـ ــ ــاء الشـ ــ نحن نعلم أن فقهـــذون مســائلهم ــذلك هم يأخ ــا، ول ــذ به ــة يؤخ واالستحســان كحج

دية كما هي من دون تدخل من المعصوم ــرى في×التعب . فعندما ن كتــاب فقهي فتــوى ممتــدة لعصــور يتضــح أن هــذه المســألة قــد

. فهل من حديث من هــذه األحــاديث الــتي×صدرت من المعصومبين أيدينا له داللة على ذلك أم ال يوجد؟

ــة ال تؤخــذ من أي ــاوى الفقهــاء في المســائل التعبدي إن فت وهم ليسوا فقيهــا واحــدا أو اثــنين،،^مصدر آخر غير المعصومين

وإنما هذه حال الفتوى منهم في جميع العصــور، وهي كاشــفة عن ، وتعتبر لنا حجــة. ويعتــبر هــذا النــوع من مســائل×قول المعصومالشهرة حجة.

وباإلضافة إلى هذا، من األحاديث الفعليــة المتداولــة ال يوجــدقة فمن الجــائز أن ق يدل عليها. أما األحاديث غير الموث حديث موث يكون لها داللة على ذلك. فمن أين لك أن تدعي أن هــذا الحــديث الذي ال توثيق لبعض رواته ال يكون أولئك الرواة ثقات واقعــا؛ ألن التوثيقات ليست هي الوحيدة التي وصلت إلينا. وثانيا: إذا لم يكن الراوي نفسه ثقة، وثبت من طريــق آخــر أن كالمــه كــان صــادقا،

فمن المسلم أنه سوف يحصل الوثوق. ــلوبالثانية ــت كأس ــيرية. فهي ليس ــاوى التفس : وهي الفت

، ولكن هنـاك مســتندات×اقتبس من نفس مأثور ألفاظ المعصومــوم ــات المعص ــوص في كلم ــاموا×ونص ــد ق ــاء ق نعلم أن الفقه



بتفسيرها. ومن البديهي أن تفسير هؤالء ليس له حجية لدينا. ــه وجــود في األحــاديث. ــير الســفر( ليس ل ــوان )كث مثال: عن فبعض قدماء الفقهــاء جــاؤوا بتعبــير كثــير الســفر، والبعض اآلخــر منهم قـالوا: من كــان ســفره أكــثر من حضــره. وكــل واحــد منهم استنبطه بطريقته الخاصة، ولكن الذي جــاء في النصــوص: شــغله السفر، وكذلك يوجد فيها من كان بيته معــه. وعلى هــذا األســاس فإن السيد اليزدي في العروة الوثقى ترك تعبــير القـدماء، ووضـع المعيار العنوانين اللذين جاءا بعد ذلك. وهناك فقهاء آخرون اتبعوا ما سار عليه السيد اليزدي. إذن القسم الثاني الذي هو عبارة عن

التفسير ليس بحجة لدينا أيضا. ـــؤثر عنالثالثة : الفتـــاوى التفريعيـــة. وهـــذا النـــوع لم ي

نفســه، ولكنهــا اســتنبطت من المســائل األصــلية، ثم×المعصــومــد حصــل عت بعد ذلك. وفي هذا التفريع من الجائز أن يكون ق فرــدماء ال خطأ أيضا، لذا فإن التفريع الذي كان موجودا في كتب الق

يعتبر لنا حجة، ويجب علينا أن نبحث في صحته.

هل أنهم اجتهدوا واقعا؟نعم لقد اجتهدوا. تجليل:

لتم به في النقاط بناء على ذلك، وبعد الذي تفض الثالث، فــإن إبــداء رأيهم ينتهي عنــد الفتــاوى األصــلية التعبديــة، الــتي هي بمحــل حكم العقــل وبنــاء العقالء،

وهذه غير موجودة فيها. إن استقرار فتاوى الفقهــاء في مســألة مــا كاشــفتجليل:

. ومن المسلم أن عــدالتهم ال تســمح لهم أن×عن قول المعصوم ، الســـنة الســابعة، ربيــع وصــيف27 ـ 26ـ العـــددان االجتهــاد والتجديد

71هـ1434م ـ 2013


يكـــذبوا عليـــه. وهم ال يعتـــبرون االستحســـان والقيـــاس كحجـــةدهم، بالصــورة يعتمدون عليها في علمهم، إلى هذا الحــد كــان تعبـه ليس لهم رأي التي جعلتهم موضـع طعن فقهـاء أهــل الســنة بأن

مستقل.

ــهرة ــان يهتم بش ــبروجردي ك ــيد ال ــع أن الس مرين، وال ــأخ ــراه ال يهتم بشــهرة المت ــا ن القــدماء، إال أن حتى إجماعهم، فهل كان يتصــور الشــهرة بين القــدماء

بعنوان األصول المتلقاة؟ ^نعم؛ وذلك ألنهم أخــذوا األحكــام عن المعصــومينتجليل:

يدا بيد. أما المتأخرون فقد استنبطوها؛ إذ ليس لديهم شيء جديد يضيفونه. فالموجود هو نفسه الــذي بين أيــدينا. فــإذا مــا أردنــا أنــنا في نستنبط يجب أن نرجع إلى األزمنة السابقة، فنفترض أنفس زمن العالمة ومــا قبلــه وزمــان شــيخ الطائفــة. لــذلك فــإن األدلــة الموجودة هي هي التي كــانت بيــد المتقــدمين. وعلى أســاس مــا

تقدم فإن شهرة المتأخرين ال تعتبر حجة لنا. ــرق بين كتب الفهرســـت والكتب ــو الفـ ــا هـ مـ

ــك ح الطبقــات وتل لتم أن هذه توض الرجالية؟ فكما تفض تذكر فهرست المــؤلفين. ولكن بمــا أن بعض األســاتذةــل يميل أكثر إلى كتب الفهرست والتوثيقات، في مقاب

كتب الرجال، فما هو برأيكم مبناهم في ذلك؟ الكتب الرجالية بين القدماء كانت من قبيــل: رجــالتجليل:

الشيخ الطوســي، وفهرســت النجاشــي، أمــا غــير هــذه الكتب فاليوجد بين أيدينا شيء منها.



ــرق بين ــد ف ــه يوج ــدروس أن ــتردد في بعض ال يــال رأي المؤلف الرجال والفهرست؛ حيث إنه في الرجــافة ــت باإلض ــات، ولكن في الفهرس مركز على الطبق إلى ذلك يتم شرح حــال المؤلف أيضــا. وبنــاء على هــذا تكون اآلراء المقدمة في الفهرست أكثر دقــة من كتب

الرجال. في الفهرست ال يشــرحون الحـال، إنمــا يفهرسـونتجليل:

فين. أسماء المؤل يعتني النجاشي كثــيرا في أن يكــون ســنده متصــال بصــاحبــا. في ــود إطالق ــير موج ــق فغ ــبة إلى التوثي ــا بالنس ــاب. أم الكت الفهرســت ال يبحث وثاقـة الــراوي، وإن كــان أحيانـا يــذكر وثاقتــه استطرادا؛ إذ لم يكن هدف الكتـاب التوثيـق. وبنـاء عليـه ال يوجــد لدينا كتاب رجال بهذه الصورة، فقط رجال الشيخ، وهذا أيضــا بــه

توثيقات قليلة. هناك أمور يكون الراوي فيها ـ بنظر كتب الرجال

ــه يكــون موجــودا في ســند والفهرست ـ مجهوال، مع أن الروايات، ولكن عنــد مراجعــة كتب الرجــال نــرى أنــه ال

يوجد له فيها توثيق. ذكرت سابقا أن النجاشي قد دون في كتابه أســماءتجليل:

فين. أمــا فين فقــط، وكثــير من الــرواة لم يكونــوا من المــؤل المؤلــال اإلســترآبادي، الرجاليون المتأخرون ـ بعد عصر العالمة ـ، كرج ورجال المامقاني، وحتى الذين كانوا قبلهما، فقــد كــانت فكــرتهمــة ــدون من الناحي ــانوا يع ــرواة. وحيث إنهم ك ــع ال ــتيعاب جمي اس



الزمانية من المتأخرين فقد قاموا بتسجيل أسماء كثير من الرواةالذين وردت أسماؤهم في األزمنة المتأخرة.

ــا: وبتتبعهم لألســانيد قــاموا باســتخراج األســماء؛ فمنهم ثاني المؤلفون؛ ومنهم غير ذلك. وعلى هــذا األسـاس، وبمــا يحضـرني، فقد ســجل المامقــاني مــا يقــارب ســتة آالف راو في رجالــه، في الوقت الذين كانوا في كتب القدماء أقل من هذا العدد بكثير. إذن من الرواة الذين قمنا بتدوين أسمائهم في كتب الرجــال رواة قــدــان لهم ــات ولم يســبق أن ك ــرت أســماؤهم في إســناد الرواي ذك وجود. فإذا ذكرت في كتب الرجال فهذه غنيمـة مضـافة إلى كتبــماؤهم، ولكن ال الرجال. وهناك الكثير من الرواة الذين وردت أســانت أســماؤهم في األســانيد ــد ك ــوالهم. فق ــد شــرح عن أح يوج واضحة للعيان، وكذلك وردت في كتب الرجال، ولكن في حال لمــا يثبت ــود م ــدم وج ــرح بهم؛ لع ــيء فال يمكن الج ــذكر عنهم ش ي

الجرح.

من هنا؛ وحيث إنه يوجد نقــل بــالمعنى واختالف ــون، فهــل يوجــد حــل ــات والمت في النســخ بين الرواي للمشاكل الناتجة عن مثل هذه األمور؟ ولتوضــيح األمــر أكثر نقول: حيث إن اختالف النســخ أحيانــا يكــون ســببا في تغيير المعنى فما الــذي تقترحونــه كي تكــون هــذه

الروايات حجة؟ ــاك اختالف في النســخ فســوف يصــبحتجليل: لــو كــان هن

عندنا علم إجمالي وشــك في شخصــية الــراوي، من هــو؟ والحــل الذي من خالله نستطيع أن نشخص صحة الروايــة من عــدمها هي التمرس في دراسة األسانيد، ومن خاللها تتضح شخصــية الــراوي. فمن الجــائز أن هــذا الســند يــذكر في خمســين حــديثا من أبــواب



الفقه المختلفة. فبكثرة المراجعة والتمرس في دراســة األســانيدــد النســخة الصــحيحة. وعلى ســبيل ــا يتم التوصــل إلى تحدي ربم المثال: نالحظ أن هذا األمر موجود في عبد الله بن سنان ومحمد بن سنان. فكالهمــا ابن ســنان، ولهــذا من الجــائز أن يكتب مكــانــع ــالعكس. ولكن م ــنان، أو ب ــد بن س ــنان محم ــه بن س ــد الل عبــام ــل عن اإلم ــذي ينق ــانيد نعلم أن ال ــة األس ــرس في دراس التم

ــد.×الصادق من دون واسطة هو عبد الله بن ســنان، وليس محمــه ينقــل عن اإلمــام الصــادق بواســطة×أمــا محمــد بن ســنان فإنواحدة. وعلى أي حال هذه المسألة تعرف بالتمرس.

وهل يختلف الرواة؛ مثال: عبد الله بن سنان نـوع

ــة، وأســئلة محمــد بن ســنان في البحــوث أسئلته فقهي الفقهية والكالمية؟

مع أنه يوجــد لمحمــد بن ســنان أحــاديث كثــيرة فيتجليل: أبواب الفقه، إال أن بعض المتأخرين يضعفونه، وهو محــل إشــكال لــديهم. ولكن مــع فحص اإلســناد ســوف لن يكــون هنــاك مجــال

للتضعيف. أمـــا إذا كـــان في متن الحـــديث اختالف فأفضـــل طريقـــة لمعرفة الصــحيح هي مراجعــة فتــاوى الفقهــاء، فهم أوصــلوا إلينــا األحاديث يدا بيــد، ونحن على ضــوء فتــواهم نصــدر فتوانــا. وبهــذا

يتضح أن النسخة التي كانت بأيديهم هي النسخة الصحيحة.

ما التغيير الذي يطرأ على المعنى جــراء مشــكلة النقل، وخصوصا أنه عندما نراجــع الروايــات نالحــظ أن الــراوي إن كــان عربيــا ذا معرفــة وعلم تكــون عباراتــهحة، أما إذا كان أعجميــا، أو غــير قــادر على إيصــال منق



كالمه؛ لضعفه لغويا، فمن الطبيعي أن عبارته لن تكونحة. فكيف يمكننا حل هــذه المشــكلة، مــع مالحظــة منق جواز نقــل الحــديث بــالمعنى؟ وكيــف يمكننــا أن نعتمــد

على ألفاظ الروايات؟ــاكتجليــل: ــالمعنى إذا لم يكن هن ــات ب ــل الرواي ــوز نق يج

إشكال في النقل، ليس في األحــاديث فقــط، بــل بكــل إخبــار عن مسألة يكون النقل بهذه الطريقــة. فالــذي يخــبر عن روايــة مــا ال يجب عليه أن ينقل ألفاظها حرفيا؛ فربما نقلهـا مترجمـة إلى لغـة أخرى، أو أنه نقلها بنفس اللغة ولكن بألفاظ أخرى تكون متداولة بين النــاس. وفي هــذا المجــال جــوز العقالء االكتفــاء بترجمــة األلفاظ، أي إنه نفس اللفظ، ولكن يستخدم معناه في لغـة ثانيـة، ال أنه يستنبط وينسب استنباطه إلى اإلمام؛ إذ في هــذه الحالــة ال يجوز قطعا. وكذلك في باب الشهادة يجــوز عقال النقــل بــالمعنى.، أي إنه يجب أن مثال: في الشهادة نقول: ال بد أن تكون عن حســه يســتنبطه، ــه، ومن ثم يقــوم بنقلــه، ال أن يكــون قــد ســمعه بأذني ويقوم بتكرار اســتنباطه. فاالســتنباط خطــأ. والنقــل بــالمعنى هــو أنهم يقولون: ماء ونحن نقول: آب. ففي بــاب الحجيــة ـــ إن كــان في باب الشهادة أو في باب آخر ـ هذا المقدار من النقل بالمعنى يجوزه العقالء، ولكن يوجد احتمال الخطأ في نقل المعــنى. وعلى

أي حال أصل عدم الخطأ أحد األصول العقالئية الجارية هنا.

المشكلة األساسية هي أن النــاس يختلفــون في ــهادة. ــون في تحمل الشـ ــا يختلفـ ــديث كمـ تحمل الحـ فالواقعة يراها عدة أشخاص، ولكن عند نقل نفس هذه الواقعة الملموسة، ومع أنه ال يوجد فيها مجال للكــذب؛



لتعدد الذين شــهدوها، ونعلم بوثاقــة النــاقلين، ولكنهــا كحادثــة واحــدة نقلت بطريقــتين. وفي قضــية تحمل الحديث أيضا تجري الصورة نفسها. فمثال: زيد الشــحام

ومحمد بن مسلم يختلفان من ناحية تحمل الحديث. من الطبيعي أنه في حال وجود تعــارض من الجــائزتجليل:

أن نعــول على هــذه األمــور. فمن كــان أوثــق، وعنـده قـدرة على تحمل للحديث، يمكن االعتماد عليـه أكــثر. مثال: عمــار الســاباطي كان أعجميا، وأحيانا يرى في حديثه اضــطراب. مثــل هــذه الحالــةــة يجب ــه، ففي هــذه الحال ــارض ل ــان يوجــد مع موجــودة، وإذا ك

الترجيح.

بااللتفات إلى أنه ليس جميع الرواة كانوا أصحاب ألواح، وكل واحد منهم قد سمع مســألة في مجلس منــك المســائل المجالس، وقام بنقلها، وفي سماعهم لتل لم يقصدوا أن يكـذبوا، وينســبوا ذلـك الكـذب أيضـا إلى

األئمة، فكيف ينبغي حل هذا المسألة الصعبة؟ ال، إن الرواة كانوا يــدونون جميــع األحــاديث. فليستجليل:

كــان يتكلم ســاعة كاملــة، وهم بــدورهم×األمر أن اإلمام الصادق يكتبون ما يقــول في عــدة أوراق. فغالبــا مــا يأخــذ الحــديث الــذي يتفضل به اإلمام سطرين أو ثالثة، فيقوم األصحاب بتدوينه. وكــان

أربعمائة نفر يكتبون الحديث، وبعــده×من أصحاب اإلمام الصادقــان×؛ ألن اإلمام موسى بن جعفر^أصبحوا أصحابا لثامن األئمة ك

ــانوا أصــحاب ــا أنهم ك ــثر من الحــديث. كم ــه ال يســمح أن يك وقتــا مؤلفات وكتب. وباإلضافة إلى أنها كانت أحكام الله، ودقتهم فيه أكثر من األمور األخـرى، فـإنهم يحـاولون أن ال يجــروا أقـل تغيـير



على النص، وذلك بأن يدرجوه كما هو. ولكن يوجد مثل هذا األمر، وهــو أن يقــوم راو بنقــل مســألة من المسائل، ويأتي آخر ويسجل نصفها، وال يوجد في هــذه األمــر أي مشكلة. فالمقدار الذي نقاله يعتبر حجة، ولكن الجزء الذي لم

أم ال. ×ينقاله ال نعلم إن كان قد قاله اإلمام في أخبار الثقة بــنى العقالء على العمــل بخــبر الثقــة، وينفي العقالء هذه االحتماالت ـ الخطأ والزلل والزيــادة والتغيــير ـــ. ومنــا، ولكن ال ينبغي أن يكــون ــال النقص يبقى قائم د أن احتم المؤك عدم نقل جزء من الحديث مؤديــا إلى خلــل في المعــنى، أمــا في

احتمال الزيادة فإن العقل يقول: نجري أصالة عدم الزيادة.

لتم به يتضــح أن العقالء لــديهم بناء على ما تفض شــك في هــذه المســائل؛ ألن موضــوع األصــول يبتــني على الشك. فهنــاك احتمــال للخطــأ والنقص والزيــادة، ومثــل هــذه األشــياء موجــودة، ولكن العقالء ال يعتنــون

بهذه النوعية من االحتماالت. ــل: نعم، األمــر كــذلك، كحجيــة الظــواهر مثال. فمنتجلي

المحتمل أن المتكلم يريد خالف الظاهر، وهذا يحدث كثيرا، إال أنبون على هذا االحتمال أي أثر. العقالء ال يرت

نسلم ببناء العقالء على قبول خبر الثقــة عنــدما ــل تنقل نفس العبارة واأللفاظ، ولكن عندما يكون النقــاء من العقالء، أو على ــد بن ــه ال يوج ــا أن ــالمعنى فإم ب

األقل ال نحرز وجود مثل هذا المبنى.تجليل: ــون أوال ليس األمر بهذا الشكل؛ فإن بناء العقالء يك



على جواز النقـل بـالمعنى، وثانيــا على حجيـة النقــل، سـواء كــان النقل بالمعنى أم باللفظ نفسه. وفي النقل بالمعنى ليس لنا حق التصرف، واإلنسان الثقــة ال يســتنبط شــيئا من أحكــام المعصــوم ومن ثم ينسبه إليه، بل يجب عليه أن ينقــل نفس الكلمــات الــتي

. ×قد تلفظ بها المعصوم

:إذن يمكننــا تفســير النقــل بــالمعنى بطــريقين إحداهما أن المراد من النقل بالمعنى الترجمة.

ال يجوز أكثر من هذا الذي تفضلتم به. تجليل:

الصورة الثانية أن يصاغ مضمون ومحتوى الجملة في قالب آخر.

هذا يعد استنباطا. وال يمكن نسبته إلى المعصوم. تجليل: ليس من الضــروري أن يســتنبط. فعنــدما ينقــل

الجملة بــالمعنى فــإن رونقهــا األصــلي ســوف يختفي.ــ« يضــع ــ« تصــبح »ثم«، أو مكــان »فـ فمثال: كلمــة »فـ

»ثم«. الرواة أهل لسان فصيح وعرف. والمفهوم العــرفيتجليل:

ــه عنــدما ينقــل اللفــظ يجب أن يــأتي بنفس معنــاه، ال أن يــأتي أن بجزء منه ويحذف الجزء اآلخر ويأتي بقرينة تدل عليه. فمثل هــذه األشــياء ال يســمح بهــا العقالء، وال نعتــبر مثــل هــذا الشــخص ثقــةر المسائل من نفســه بالصــورة وعادال. كيف نتصور أن شخصا يغي

ر في تغيير قصد اإلمام من الحديث؟! هــذا خالف أصــل×التي تؤث لم يمنعــه،×العقالء. طبعا االستنباط غير ممنــوع؛ حيث إن اإلمــام

ولكن يجب أن ال ينسب إلى اإلمام. والترجمــة أيضــا أحيانــا تكــون



بلغة أخرى، وأحيانــا بنفس اللغــة، ولكن يتم التعبــير عنهــا بألفــاظأخرى.

تعتــبر الكتب الفقهيــة بالنســبة إلى متــون الحــديث مرجعــا ومســتندا، ويعتمــد عليهــا في تشــخيص متــون األحــاديث، كمــا أن

فة الكتب الرجالية. المستند في تشخيص نسخ األسانيد المحر

إلى أي مــدى بإمكــان كتب مثــل: جــامع الــرواة؛ ومعجم رجال الحديث؛ وأمثالها، أن تحل مشــكلة إســناد

فة؟ الروايات في النسخ المحرن هنا أن كتاب جامع الــرواة من أفضــلتجليل: أحب أن أبي

الكتب الــتي يقصــد منهــا تعريــف »من روى عنــه الــراوي« و»من يروي عنه«. فكلما جــاء باســم راو من الــرواة يــذكر عمن يــروي، ويسلسل األسانيد المأخوذ عنها من األول إلى اآلخر، ويـذكر أيضــا األشخاص الذين رووا عنه. وهـذا العمـل نالحظـه بصـورة أدق في كتاب معجم الرجال. لذا بعد أن تمت طباعة جــامع الــرواة أصــبح هذا األمر أسـهل. باإلضـافة إلى هـذا فالظـاهر أن السـيد الخــوئي كان قد كلف مجموعة بمتابعة هذا العمل، ولعــل أهم فائــدة لهــذا الكتاب أنهم قد استطاعوا فعال تمييز المشتركات. فمثال: أحمد بن محمد هو عبارة عن شخصين في طبقة واحــدة، وهمــا: أحمــد بن محمــد بن عيســى األشــعري؛ وأحمــد بن محمــد بن خالــد القمي. ولكن عنــدما نقــارن بين الــراوي والمــروي عنــه في كال الــراويين نعلم الذي يفرق أحدهما عن اآلخــر. وكــذلك األمــر في محمــد بن يحيى. وأفضل فائدة لهــذا العمــل هي تميــيز مشــتركات الرجــال، الذي يعتبر عمال مهما جدا. طبعا قام البروجردي أيضـا، ومن خالل بحث دقيق، بنفس هذا العمل الموجــود في األســانيد. كــان يقــول



في وقت من األوقات: أنا سابقا لم أر كتاب جامع الــرواة، ولكنيــان من ــا ك ــه م ــذا االســم، فظننت أن ــا به ــاك كتاب ســمعت أن هند تلك المشقة، وعندما انتقلت إلى قم أحضــرت الضروري أن أتكب نسخة منه؛ ألطلع عليها، فالحظت أن المعلومات التي قد أوردتهــا في رجالي غير موجودة في جامع الرواة. بعــد ذلــك أمــر بطباعــة

ذلك الكتاب.

مع مالحظة الكتابين اللذين ذكرا سابقا يوجد لكم ــد ــا هي الفوائ ــات. فم ــوان معجم الثق ــاب تحت عن كت والمعلومات التي نســتفيدها منــه وال نجــدها في الكتب

الرجالية السابقة؟ــذيتجليــل: ــة )معجم الثقــات( هــو أن ال الغــرض من كتاب

يدرس الفقه يجب عليه أن يبحث في األسانيد المتعلقة بالحــديث. فالذي يريد أن يراجع خالل استنباطه الفقهي ال يوجد لديــه مجــالـرت كي أسـهل العمـل أن لة. ففك كي يراجـع الشـروحات المفصـ أضع فهرستا بأسماء الثقات. ولكي يصبح العمل أفضل أذكر بعض المعلومات عنهم بصــورة مختصــرة. والعمــل الثــالث الــذي أقــومــة تميــيز المشــتركات. وأفضــل ســبيل لــذلك كــان بتدوينه هو كيفي ترتيب الطبقــات، وهي نتيجــة لمــا قــام بــه معجم الرجــال وجــامع الرواة. ففي الوقت الذي كنت أكتب جــامع الثقــات لم يكن هنــاكــدت أن جــامع الثقــات مكمل لعمــل الخــوئي، معجم الرجال، فتأك وأشمل من جامع الــرواة. فالعمــل الــذي قــام بــه الفاضــالن كــان األساس لتحديد الطبقات، وقد نتج عن تحديد الطبقات كتابا جامعــان الثقات. فمن خالل البحث عن الراوي والمروي عنه يظهر للعي أن هذا الراوي من أي طبقة هو. وعندما يستنبط ترتيب الطبقــات



ن من هـو راوي الطبقـة األولى ومن هــو في الثانيـة والثالثـة، يتــبي وهكذا. وهذا عمل ممتاز جــدا، وينبغي أن يتم إنجــازه بعــد العمــل الذي قام به هذان الفاضالن. وهــذا العمــل لم أقم أنــا بأدائــه، بــلــني وفي الذي قام به هو العالمة البروجردي. وقد ذكرت ســابقا أن أثناء تأليفي لكتاب طرائـف المقــال الحظت أن هــذا نفس العمـل الذي ســبق وقــام بــه. ولكن لألســف ال توجــد منــه نســخة، وهــذه النسخة قد أخذتها من الشيخ النجفي. وبعد ذلك نويت السفر إلى الحج، ولم أشأ أن تبقى هــذه النســخة النفيســة في بيــتي، فقمت بتسليمها إليه. ولم أجدها في فهرست النســخ الخطيــة الموجــودة في المكتبـــة، وال أعلم أين هي اآلن! وعلى أي حـــال لم يكمـــل تأليفها. ومجموعة من الطبقــات الــتي لم أجــدها هنــا اســتخرجتها بنفسي. وبعــد أن طبــع كتــاب الــبروجردي تجريــد األســانيد هنــاكــه أضــفتها إلى الطبعــة مجموعــة من الطبقــات قــد كتبت في أول الثالثة من معجم الثقات، بحيث إذا كــان هنــاك اختالف في تنظيم الطبقات يتضح في هذه الطبعــة. فمــا كنت أتصــور أن كتابــا بهــذا الحجم القليــل، ككتــاب معجم الثقــات، يكــون كــامال في تســجيل

أسماء الرواة.

في باب الشهادات يقبلون الشهادة الحسية، وال تقبل الشهادة »عن حدس«. وبناء على هذا كيف تكــون شـــهادة أمثـــال النجاشـــي وابن الغضـــائري وبقيـــة

عن حس؟^الرجاليين بالنسبة إلى األئمــة المعصــومين وباإلضافة إلى هــذا فــإن النجاشــي وأمثالــه لم يــذكروا

سلسلة سندهم المتصلة بالشاهد. بمــا أن الشــهادة عن حس تعــد معتــبرة فال يوجــدتجليــل:



هناك مجال للشك. فيقال: إن الشهادة الــتي تكــون عن حس إمــا أنها محسوسة أو قريبة من الحس. هناك بعض األشــياء باطنيــة ال ترى بالعين المجردة، مثل: الشجاعة وحســن الخلــق وغــير ذلــك؛ ألنها قريبة من الحس، وآثارها القريبة مشــهودة، وبنــاء على ذلــك

فإنها تحتسب أيضا من قسم المشاهدات عن حس. والســؤال هنــا هــو: حيث إن فاصــلة زمانيــة تبلــغ مئــتين إلى

، ومن&ثالثمائـــة ســـنة تقـــع بين النجاشـــي والـــرواة، والطوسيبعدهم، فكيف نعتمد على هذا التوثيق؟!

الجواب عن هذه الشبهة يكون بهذا الشكل: إن أصل مسألةوا على أنــه يجب الرجــوع اشتراط وثاقة الراوي هو أن األئمة نصــ

: يــا بن رســول×إلى الثقــات. وفي بعض الروايــات يســأل اإلمــام : نعم، ثقــة، قــال: آخــذ عنــه×الله، زكريا بن آدم ثقة؟ فيرد اإلمام

معالم ديني؟ قال: نعم. وهكذا يجب أخذ معالم الــدين عن طريــق الثقــات. وهــذا األمــر هــو بنــاء عقالئي، وقــد كــان محــل اهتمــام

. ^األئمةــان األئمة ـه في زم ـ ــبيعي أن ــه من الط ــرواة^وعلي ــان ال ك

قون بعضهم بعضــا. فهنــاك أشــخاص يعتــبرونهم ثقــة، يأخــذون يوثــات، ــبرونهم ثقـ ــاك من ال يعتـ ــان هنـ ــا كـ ــات؛ وربمـ منهم الروايـ ويحجمون عنهم. مثال: يسألون اإلمام عن الفطحية: يا بن رســول الله، كتبنا مألى من أحاديثهم، فماذا نعمل بانحراف مذهبهم؟ قال

: خذوا ما رووا، وذروا ما رأوا، أي اتركــوا عقائــدهم، ولكن×اإلمامخذوا رواياتهم، يعني بذلك أنهم ثقات يجوز لكم العمل برواياتهم. وعلى أي حــال كــانت هــذه المســائل موجــودة بين أصــحاب

ــق لم تكن^األئمة ــألة التوثي ــة أيضــا. فمس ــة الالحق ، وفي األزمن وليدة الساعة في زمــان الطوســي والنجاشــي. ومن المســلم أن



ق في زمن األئمة فــإن الطبقــات تتــوالى بعــد ذلــك على الذي يوث توثيقه، وبهذه الصورة على طول الزمان يتصـل عصـر بعصــر إلى

أن يصل إلى زمان الطوسي والنجاشي. ــا وهذا االحتمال القريب هو أن النجاشي والطوسي كان لهم رأي بتوثيقات الذين كــانوا قبلهمــا، وال يبــديان اهتمامــا بالــذين لم ــأتى إال ــق ال تتـ ــألة التوثيـ ــك أن مسـ ــدمون؛ وذلـ قهم المتقـ ــوث يـ بالمعاشرة، ومن المسلم أن الشيخ والنجاشي لم يكونا في عصر

كي يعاشــرا الــرواة، وعليــه فــإن توثيقــات الــرواة تصــبح^األئمة بصورة يقينية مقبولة لدى أمثــال الشــيخ والنجاشــي؛ لمعاصــرتهم

^األئمة . وطبق ما ذكره الخوئي يحتمل أنهم أخذوا الحديث كــابرا عن كابر، كما ســبق أن أخــذوه من قبــل، ومن ثم قــاموا بــدورهم بنقله إلينا. وبناء على هذا ال يمكننــا أن نقــول بصــورة جازمــة: إن توثيقــاتهم عن حــدس، ال عن حس، فمن المحتمــل أن تكــون هي نفســها توثيقــات الســابقين لهم. وفي مســألة الحجيــة يكفي هــذا األمر بالنسبة إلى العقالء. فإذا ما أدلى أحــد بشــهادته لــدى قــاضقــا أحــدا فال يســأله من أين لــك هــذه المســألة؟ من القضــاة موثب القاضي على كالمه األثر، مع أنه فعندما يكون الشاهد عادال يرت يوجد احتمال أن الشاهد الذي قد شــهد بوثاقــة راو من الــرواة لم يكن قد عاشــره، ولكن هنــاك من قــد عاشــره ممن يثــق بكالمــه، فأخــذ منــه توثيقــه. وهــذا االحتمــال ال يقــدح في حجيــة الشــهادة،

بحيث نقول: إنها ليست عن حس. ــال: ــاليين، أمث ــات الرج ــبر توثيق ــا نعت ــذا فإنن ــاء على ه وبن النجاشي؛ والطوسي، حجة. أما التوثيقــات الــتي قــد جــاء بهــا من جاء بعدهم، أمثال: العالمة الحلي؛ وابن الغضائري؛ واآلخرين، فقد أخذوها من هــذين الفاضــلين، أو عن طريــق الحــدس. مثال: ينقــل



ــوال بعض ــات من أح ــه بعض الرواي ــا ذكرت ــرون م ي واآلخ الكشــــه الــرواة، أو أنهم يســتنبطون حــالهم من الروايــات الــواردة، أو أن يعرفـــون حـــالهم من ســـيرتهم وأوضـــاعهم، أو ألنهم من شـــيوخ

الرواية، فيستفيدون منها في توثيقهم.

يوجد هنا سؤاالن حول هذا الموضوع: نطرح هذا الســـؤال حـــول القســـم األول من جـــوابكم: إذا كـــان النجاشي أو شيخه قد بينا الشهادات فيكونــان قــد بينــا سلسلة الشهود، أو أن تلــك الشــهادات كــانت موجــودة

في الكتب واألصول. إلى هنا كان األمر جيدا، ولكن نــرى أنهمــا لم يبينــا تلك الشهادات، وال نحن وجدنا مثل هذه الشــهادات في كتب األصول والجوامــع، على فــرض أنهم عــدول، ومن أهــل الخــبرة، ومبــنى العقالء ينطبــق أيضــا على ذلــك، بمعنى أن خبر الثقة حجة إذا علمت الوثاقة بطريقة ما،ــذي وصــلهما كــان عن حس أو ونحن ال نعلم هــل أن ال

حدس؟ وثانيا: على فرض أن الشهادة كانت عن حس فــإذا ما تم لنا توضيح تلك الشهادات فمن الجائز أن نســتفيد من تلك العبــارة مـا يخــالف رأي الطوسـي والنجاشـي. على ســبيل المثــال: ابن قولويــه في أول كتــاب كامــل الزيارات يشــهد أن الــرواة الــذين ينقــل عنهم جميعهم من المشايخ والفضالء، ويوثقهم. وهنا نسأل: هــل هــو توثيق للرواة المباشــرين فقــط أو يشــمل الــرواة غــير المباشــرين؟ وقــد وقــع االختالف بين العلمــاء في هــذا



المجال. مثال: السيد الخوئي، في البدايــة ولمــدة ثالثين ســنة، كــان رأيــه أن شــهادة ابن قولويــه تشــمل جميــع المشايخ )المباشرين وغيرهم(، وفي أواخر عمــره كتبــه في طهــران يقــول فيهــا: إني قــد رســالة إلى وكيل عدلت عن هذا القول، وهذه الشــهادة تشــمل المشــايخــو المباشــرين ال غــير. والمقصــود من هــذا هــو أنهم لحوا لنا الشهادة فمن الجائز أن نستفيد منها غير ما وض

استفاده النجاشي أو الطوسي. إن سبب عدم النقل هو أنه لم يكن قبــل النجاشــيتجليل:

والطوســي كتــاب رجــالي مــألوف، وإنمــا كــانوا يســجلون متــون األحاديث فقط. ولم يكن هناك شيء آخر يدونونه يختص بالرجال. فكل الموجود كان نفس األحاديث المسجلة، وإذا كان هناك شيء حول الــراوي فهـو مـا يكـون قـد دون في الحــديث. مثال: إذا كــانــا أن هناك مدح أو قدح فإنهم يقومون بتدوينه، لكنه لم يكن مألوفــة من صــدر يكتبوا كتابا إلثبات التوثيقات، بل كانوا يتناقلون الرواي

10إلى صدر. وعلى سبيل المثال: أحد الشيوخ قد عاشر شيوخه سنة فأخذ منهم أشــياء كثــيرة لم يســجلها في كتــاب، ولكن15ـ

هي معلومات قد تلقاها من شيخه. بهذه الطريقة جــاءت األحكــامعـــوا أمـــر والتوثيقـــات. فمبـــنى العقالء ينصـــب على أن ال يتتبــوس ــر محس ــادل عن أم ــبر الع ــل المخ ــدما ينق ــهادات. فعن الشــالخبر ــد اســتنبطه، ف ـه ق ـ ــه، وكــذلك إن كــان يحتمــل أن يقبلون

المحسوس والقريب من الحس مقبول عندهم. نعم، إذا كــان األمــر غــير محســوس ال يقبلــه العقالء بعنــوان شهادة. وفي مسألة غــير المحســوس إذا كــان الـراوي خبــيرا، أي

ممن لديه خبرة في الرواية، ال شهادة، يقبل كالمه.



ل مثــل هــذا الكالم ففي آخــر األمــر ينجــر وثانيــا: لــو لم يتقب الموضوع كله إلى االنسداد, ونحن في االنسداد نصبح مضــطرين، وال يوجد لدينا غير هذه الروايات التي بين أيــدينا. فنضــطر إمــا أنــل نضــع كالمهم في ــط الغث والســمين ببعضــه، أو على األق نخلب األثــر على ميزان التمييز. فعند باب االنسداد يجب علينا أن نــرت توثيقاتهم. وما هو األفضل للشيء، أن يكون أو ال يكون؟ فإذا كان هناك شيء أفضــل من هــذا فهــو، ولكن لم يوجــد. فــالموجود بين

أيدينا حاليا هو هذا ال غير.

.البعض بسبب الشبهات وصلوا إلى باب االنسداد وهم لهذا السبب على األقل قبلوا االنسدادالسندي.

االنسداد عبارة عن مراحل، وال ينبغي أن نتبع الظنتجليل: المطلق مباشرة.

لقد ذكرنا انسداد السند. فإذا لم يكن مألوفا بين القــدماء تــدوين التوثيقــات فســتبقى مشــكلة وشــبهة، وهي أنه إذا دونوا لنــا لحن الشــهادة ففي هــذه الحالــة قــد يكــون اســتنباطنا غــير الــذي اســتنبطه الشــيخــ: إن هــذا هــو والنجاشي، ما لم نقل ـ كما قلتم أخيرا ـ

بناء العقالء. كل يوم يحضــر مجموعــة من الــرواة في المجلس،تجليل:

وهذا الشخص تصدر منصب »شيخ الرواية« خمسين سنة، فكيفيجهل شخصه؟!

هناك جماعة من الرواة كانت لهم معرفة شخصــية بــإبراهيم بن هاشم، فكيف يمكن أن يعقل أنه إنســان غــير معــروف. لــذلك



نقول: إن أحد مآخذ توثيقنا هي هذه. ولربما كــانت هــذه الطريقــةبعة لدى القدماء. من أهم الطرق المت

شيخ الرواية ـــ وليس هــو نفســه شــيخ اإلجــازة ـــ هــو الــذي يذهب إليه الرواة كل يوم، ويأخذون منه الرواية. وهناك مجموعــة

من رواتنا كانوا هكذا. وعلى أي حال فالنقطة التي تســتحق التوقف عنــدها هي أن فقهاءنا ومحدثينا اعتمدوا على هــؤالء، ومألوا كتبهم ممــا اســتقوه من أحاديثهم. فمثال: أورد الكليني أحاديث كثيرة نقلها عن الــراوي الفالني، وذكر في أول كتابــه يقــول: إن األحــاديث الــتي جئت بهــا

صحيحة. واعتماده هذا يكون مستند استنباط الوثاقة. ــه ال ينبغي أن نكتفي ــبروجردي يقــوم على أن كــان مبــنى الــيخ ــال الش ــالتي أدرجت في رج ــات، ك ــدار معين من التوثيق بمق

على&والنجاشي وأمثــالهم. إن اعتمــاد القــدماء، أمثــال: الكليــني أحاديث بعض الرواة، وقد أفتى على ضــوئها، لهــو أفضــل الطــرق

إلحراز الوثاقة.

ــر رين عن عص ــأخ ــهادة المت ــول ش ــتم قب رفضــا ــة الحلي. وهن الطوســي والنجاشــي، كشــهادة العالمــه وعــادل وثقــة، نسأل: إن العالمة مثل الطوسي، فقي وقــد قــل نظــيره بين العلمــاء عمومــا، وهــو من أهــل الخبرة والثقة والفن وغير ذلك، وعندما يــدلي بشــهادة عن حس تقبــل شــهادته، وإن أدلى بهــا عن حــدس فالــدلون ــالء يـ ــؤالء الفضـ ــور أن هـ ــف نتصـ ــل، فكيـ تقبـ بشهادتهم بوثاقة الراوي عن حــدس، وهـذا يختلــف عن



موقفهم في الفقه؟ ال يقول: إن شهادتي حجة؛ كي ال يقال: قد ســلكتتجليل:

على خالف مبناك. فقد كتب في الرجال لقــد ثبت عنــدي أن هــذاق، قــد فهمت األمــر بهــذا الشــكل، ال أن يكــون لــك الشــخص موث حجة. بالضبط مثلما كتب في الكتب الفقهية: إن الذي ثبت عنــدي

أن حكم الله هكذا.

:وفي النهايــة في كتابــه الرجــالي مــا الــذي دونــه نفس الشهادة أم الفتوى والرأي؟

يجب أن نرى هل باإلمكان احتساب الذي ذكره فيتجليل: كتابه الرجالي من قسم الشهادات أم ال؛ حيث إن كل الذي يملكهــتي من معلومــات اســتنباطي. فوثائقــه محصــورة في األشــياء ال

بأيدينا، وليس لديه شيء جديد يضيفه.

.من المحتمل أنه يوجد لديه شيء ال، ال يوجد لديه شيء، ولو كان لديــه شــيء لكتبــه.تجليل:

نعم، توجد هنــاك كتب غــير متــوفرة لنــا، ولكن وصــلت إلى أيــدي الفقهــاء الكبــار، كــابن إدريس. فكتــاب »مدينــة العلم« للصــدوقــه لم يصــل إلى العالمــة الحلي ضاع، ولم يصــل إلينــا، والظــاهر أن

أيضا. ــون من ـه يكـ ــ ــدا فإن ــة أحـ ــق العالمـ ـ ــال إذا وث وعلى أي حـدين، أي إنه يؤدي إلى حسن ظننــا. وإذا جمعنــا حســن الظن المؤي هذا لربما يوجد الوثوق. ليس مثلما يتصور أن هــذا الظن ليس لــهــه، ــه أن يكتفي ب ــة، ولكن ال يجب على الفقي ــه قيم ــل ل ــة، ب قيمع ــا أن يتتب ــو أيض ــه ه ــل يجب علي ــوئه، ب ــوى على ض ــدر فت ويص



الموضوع. باإلضافة إلى هذا، ال نذكر أن العالمة كان ينفرد بتوثيق أحــد، بــل كــان دائمــا مــا يقتــدي بالطوســي والنجاشــي في هــذا األمــر. المتأخرون، كالمامقاني واإلســترآبادي والبهبهــاني وغــيرهم، كــانواــة في يستنبطون أحيانا، وإال فإن مبنى الرجال ينصب على المتابع ــا التوثيق. وكل واحد منهم في توثيق الرجال يتابع الذي قبله. طبع توثيق رجال العالمة له فائدة أخرى، وهي إثبات أن نســخة رجــالــا صــحيحة؛ وهــذا ــتي وصــلت إلين النجاشــي ورجــال الطوســي الــة هي نفســها التصحيح والتوثيق يكشف أيضا عن أن نسخة العالم

النسخة التي بين أيدينا. عقال يمكن االعتماد على قول الثقة، والشارع يمضيها أيضــا. وألجل هذا فإن كيفية الوثوق عقالئيــة أيضــا. فاإلنســان الســاذج ال يجب االعتماد على وثوقه وتوثيقــه، وكــذلك اإلنســان كثــير الشــك أيضا إذا لم يحصل له اليقين يجب أن يتحقق هل يحصل لآلخــرين اليقين مما قيل أم ال؟ وعلى هذا المســتوى نســتطيع أن نســتنبط وثاقة كثــير من األشــخاص الــذين لم ينص على وثــاقتهم. وهــذا ال ينكره أحــد. فكيــف يمكن التصــديق أن شخصــا تعاشــره عشــرين سنة، وفي كل يوم تأخــذ منــه حــديثا، فــإذا مــا كــذب على اإلمــام

ووضع األحاديث ال يعرف؟ ×الصادق فبهذه األوصاف الفريدة التي كان عليها شــيخ الروايــة يعتــبر

ثقة بال إشكال، وهذه المسألة ليست موردا للقدح والطعن.

ــل ــق، ه ــي توثي ــي والنجاش إذا لم يكن للطوســازة أن نستطيع إذا كان المترجم شيخ رواية أو شيخ إج

نوثقه لذلك؟



نعم، وخصوصا أن الشيخ والنجاشي عنــدما أرادا أنتجليل: يجمعا الثقات جمعا معهم أيضا بعض األشخاص اآلخرين.

إذن يمكننا أن نصل إلى هذه النتيجة، وهي أنه ال ــاليين على ــاظ الرجـ ــود في ألفـ ــه الجمـ ــا توجيـ يمكننـ

الشهادة والوثاقة توجيها آخر.ــالجمود، من الجــائزتجليل: ال يوجد أحد من الفقهاء عمل ب

أن يكون هناك شخص واحد كان كذلك.

ــدنا في قم في توقف األســاتذة الموجــودين عن مسألة إبراهيم بن هاشم.

: لم يكن من ابتكاراتهم. هذا الكالم قد قاله آقا رضــاتجليل الهمداني من قبل في مصباح الفقيه، حيث إنه في أي مكان يصل فيه السند إلى إبراهيم بن هاشم نــراه يــتردد. يقــول: صــحيحته أو حسنته موضع شك، ولهــذا لم يــأت توثيــق بالنســبة إليــه، ولكن ال يوجد أي مجال للشك. والشاهد على هذا نظــر فقهائنــا الــذين هم على مر العصور يعملون طبق أحاديثه. وينقل المامقاني في فالح

ــل ــائل الفص ــند20 أو 19الس ــان س ــاووس ك ــديثا عن ابن ط ح قــال:الرواية فيه إبراهيم بن هاشــم، وبعــد أن نقــل هــذا الحــديث

ورواة هذا الحديث ثقات باالتفــاق. وعنــدما كــان الــبروجردي يصــححــم. نحن ال األسانيد كان يصحح السند الذي يأتي فيه إبراهيم بن هاش

أن اسمه لم يــرد في رجــالنستطيع أن نرفع اليد عنه فقط بمجردالنجاشي، ولم يكتب إلى جانب اسمه )ثقة(.

المقصــود من الجمــود نفس هــذا المعــنى الــذي يقول: في حال لم يوثق الراوي في كتب الرجال يصبح



لدينا شك فيه.نعم. تجليل:

وإن كان تعبــير »أول من نشــر حــديث الكــوفيين بقم« لم يكتمل حول إبراهيم بن هاشم؟

ــل: نعم، ليس لألمـــر عالقـــة باالكتمـــال، ولكن هـــذهتجلي المسألة توصل إلى المشيخة، وقد ذكرت أن منصب شيخ الرواية كان مهما. فلقد كان القميون دقيقين جدا، فبمجرد أن أحد أولئــك األفاضــل قــد نقــل حــديثا من راو ضــعيف أخرجــوه من قم. كيــفلوه. فقبوله معناه الوصول إلى ثقتهم بــه. علي يسوغ لهم أن يتقبق جميـع بن إبراهيم بن هاشـم نفسـه في أول كتـاب التفســير يوث الذين نقل عنهم األحــاديث. وفي الــوقت نفســه كثــير من أســانيدــراهيم بن هاشــم. وثلث ــوي على إب ــراهيم تحت تفســير علي بن إب أحاديث ذلك الكتاب نقلها عن والــده. فكيــف ال يكــون والــده ثقــةــل من كتبهم ــذين نق ــع ال ــه؟! فجمي ق ــدوره يوث ــخص ب ــذا الش وه

األحاديث بدون أي إشكال كانوا ثقات.

بما أننا في باب الطبقات نقول بالتواتر بالصورة التي تجعل التواطــؤ على الكــذب محــاال، فهــل يجب أن نأخذ الطبقة على ضوء اصطالح البروجردي أو بالصورةــا ــدير من أنه التي ذكرها العالمة األميني في حديث الغ قــرن عن قــرن. فهــو يقــول: إن التــواتر لخالفــة أمــير المؤمنين في األحاديث يجب أن يؤخــذ قرنــا بعــد قــرن.

فهل يعتبر التواتر مكتمال بهذه الطريقة أم ال؟ تعريف التواتر هو أنه يفيد القطــع. ففي حالــة تعــددتجليل:



األسانيد بحيث إنهــا تنتهي بشــخص واحــد، ســواء كــان في وســط السند أو في آخره، ال يفيــد القطــع؛ ألنــه يرجــع إلى خــبر الواحــد.ــديث عن ــوا الح ــخص نقل ــة ش ــاك مائ ــال: هن ــبيل المث فعلى س خمسين، وهــؤالء جميعهم نقلــوه عن شــخص واحــد، وهــذا بــدوره نقله عن آخرين، حتى وإن كان هذا الشــخص ينقلــه عن خمســين شخص أيضا، يكون الحديث خبر واحــد. التـواتر الــذي يفيـد اليقين هو الذي تكون كثرة أسانيده وتعددها تــورث العاقــل اليقين، ال أن

يحصل عنده اليقين من قرائن أخرى. ــد اليقين، ــتي تفي وهــذه الكــثرة يجب أن تكــون بالصــورة ال بحيث إنها ال تنتهي بشخص واحد، فــإذا مــا انتهت بشــخص واحــد، سواء كان في وسط السند أم في آخره، يصبح خــبر آحــاد، وليس

تواترا. ــواتر أقســاما؛ ــواترأحدهاوالمسألة األخــرى هي أن للت : الت

ن يصدر عن اإلمام في جلســة×اللفظي، وهو عبارة عن لفظ معينــة واحدة. فعلى سبيل المثال: في اليــوم الفالني وفي ســاعة معي

حــديث الغــدير أمــام جماعــة من|في غــدير خم قــال رســول الله أصحابه. هذا قسم من أقسام التواتر. وإثبــات التــواتر لمثــل هــذه

ــل&المسألة يحتاج إلى نطاق واسع. فاألميني ؛ من أجل أن ال يطي العمل في كتابه، أخذ بدراسة الرواة مائــة ســنة مائــة ســنة. وفي كل قرن سجل أسماء األشخاص الذين نقلوا حــديث الغــدير. وفي اعتقاده أنه ينبغي لضبطهم جميعا التدقيق في كل مائة سنة علىــة حدة، وإال فإن كل مائة سنة تشتمل على ثالث طبقات؛ ألن كتاب التاريخ لوفاتهم من أجل تسهيل عمــل القــرون، ال أن مبنــاه كــان

هكذا. من التواتر لفظي أيضا، وهــو عبــارة عن لفــظالنوع اآلخر



ن ينقل متواترا ولكن ليس في جلسة واحدة. كالحــديث الــذي معي ذكــر حــديث الثقلين ثالث مــرات|نقله أهل السنة أن رســول الله

ــدما أراد قة. آخر مرة كانت عن في أماكن مختلفة في أوقات متفرــه ــرة في حيات ــر م ــجد آلخ ــر إلى المس ــاس، فحض ــودع الن أن ير هنــاك حــديث الثقلين أيضــا. وهــذا أحــد أنــوع الشريفة، وقــد كــر |التواتر الــذي يثبت أن صــدور هــذا الحــديث عن الرســول األكــرمــه في مــرة متواتر ولو على نحو اإلجمال، أي يصبح من المسلم أن

من هذه المرات الثالث ذكر مضمون الحديث. القسم الثالث : التــواتر المعنــوي. وهــو عبــارة عن حكم

ــة مختلفين، وفي ــل عن أئم ــل نق ــد، ب ــام واح ــواتر، ال عن إم مت جلسات وتواريخ، وبعبارات وألفــاظ مختلفــة أيضــا. ولكننــا عنــدما نضع كل هذه األمور إلى جانب بعضــها نقطــع بأصــل الصــدور من

. ×اإلمام المعصومــم الرابع : التـــواتر اإلجمـــالي. وهـــو عبـــارة عن أنالقس

الروايات التي تنقل ليست بمعنى واحد، وكل واحد منها له معنى، ولكن عند جمعها مع بعضها يحصــل لنــا يقين أن بعضــها قــد صــدرد به كل مجموعة عن اإلمام، وهذا تواتر للمشترك بينها ال لما تتفر من الروايات. وكثيرا ما نجد أمثال هذا التــواتر في كتب الحــديث. فمثال: وجد أخيرا من يــدعي أنــه يســتفيد من ظــاهر القــرآن بهــذا الشكل، وهو أن صالة القصــر تختص بالمواضــع الــتي يكــون فيهــا المصــلي خائفــا، وفقــط في األوقــات الــتي يحس فيهــا المصــلي بالخوف بإمكانه أن يصلي قصرا. ومهما طــال الســفر العــادي فال

يستوجب قصر الصالة. وأحد الردود أن أحاديث التقصير التي نقلها في كتاب الصالة في األبواب المختلفة من صالة المســافر تقــدر بمئــتين وخمســين



ـه يجب ـ حديثا تقريبا، وتواترها إجمالي، وعليه يحصل عندنا يقين أن على المسافر أن يقصر في صالته، في الوقت الذي توجد رواياتــة؛ والبعض عن المســافة؛ مختلفة؛ بعضها تتحدث عن قصد اإلقام وقسم منها مستثنيات جاءت مع بعضها، وجميعهــا تشــترك في أنــه األصل في قصر الصــالة مســلم للمســافر. وأضــيف إلى هــذا أن

يستفاد ذلك من ظاهر القرآن الكريم.

في األســئلة الســابقة ذكرنــا اختالفــا بين مبــنى البروجردي ومبنى الخوئي، وهــو أن مبــنى الــبروجردي قائم على أن إعراض األصحاب يــوجب ضــعف الحــديث، وعملهم يجبر ضــعف الســند: كلمــا ازدادت صــحته ازدادــل ــحته. ولم يقب ــه ازدادت ص ــا ازداد وهن ــه، وكلم وهن الخـــوئي بهـــذه المســـألة، فهـــو ال يعتـــبر أن إعـــراضــابرا. ــا أو أن عملهم يكـــون جـ األصـــحاب يـــوجب وهنـــة الخــوئي يقــول بالتفصــيل، ولكنهم والبعض من طلبــا، لكنهم ال يعتــبرون أن إعــراض األصــحاب يــوجب وهن يعتبرون أن عملهم يجبر ضعف السند. نريد أن توضحواــه، والمقــدمات لنا نظرية البروجردي بالنسبة إلى مباني

التي يحتوي عليها. ــنى،تجليل: من النجفيين فقط ينفرد الخوئي بمثل هذا المب

وإال فالسيد الحكيم وصاحب الجواهر وآقا رضــا الهمــداني وجميــع الفقهاء المشهورين، والــذين كــانوا في النجــف األشــرف، لم يكن لديهم مثل هذا الرأي. وحسب علمي فإنه ليس هناك من الفقهــاء من قد تبنى مثــل هــذا المبــنى. هــذه الشــبهة قــد جــاءت في رأي الخوئي، ومن ثم تبعه اآلخرون. طبعا في بداية المسألة يعد كالمه



مقبوال. فعندما نرى أن هناك ســندا ضــعيفا قــد ثبت لــدينا ضــعفه، وقد قبل من فقيه آخر، فليس بإمكاننــا اتبــاع ذلــك الفقيــه. فمثال: في المسائل الفقهية إذا ما استنبطت مسألة من المسائل، وبعــد ذلك وجدت من اســتنبط خالف مــا قمت بــه، فال يعتــبر اســتنباطه حجة لك أو عليك. ومن الطبيعي أن الخبير ليس بإمكانه أن يرجع

إلى الخبير، بل يجب عليه أن يقوم باالستنباط بنفسه. ــه ولكن عندما ندقق أكثر في جهات حصول الوثوق نالحظ أن يحصـــل وثـــوق للعقالء من عـــدة جهـــات، ومن جملتهـــا: توثيـــق اآلخرين. فعندما نــرى أحــدا من أهــل الخــبرة والمعرفــة بالرجــال والدراية فإنه يصبح موضع اعتمادنا، ويحصل لنا منــه وثــوق أيضــا. وقد ذكرت سابقا أن الفقهاء بدون حجــة ال يفتــون في حكم اللــه: »من أفتى بغير علم فليتبوأ مقعده من النار«. ومن وجهة نظــري أن الفتوى من غير علم من أكبر الكبــائر. ففي وقت من األوقــات يرتكب اإلنسان معصية، وتبقى بينه وبين الله، وال يجــر أحــدا آخــر معه في تلك المعصية، أما إذا جر معه اآلخرين في المعصية فهذا

من الصعب أن يغفر له الله. وبما أن فقهاءنا، ولقرون طويلة، قد أفتوا طبق هذا الحــديث

نكتشف أنه كان محل وثوق لهم ؟ وبنــاء على هــذا فالفقهــاء الــذين كتبــوا عن الســند: ضــعيف،ــه يــوجب لهم التوثيــق، ــوا، فهــذا كاشــف عن أن وعلى أساســه أفتن من أجــل قبــول وعلى األقل بإمكانهم أن يكــون لهم توجيــه معي

هذا الحديث. أما بالنسبة إلى مسألة اإلعراض فيجب القول: إن اإلعــراض أيضا بنفس الطريقــة. من الجــائز أن يكــون اإلنســان صــادقا، ولمــرة ــره، ولكن من الممكن أن يخطئ م ــول عم ــذب ط ــود الك يتع



واحدة في حياته، وهذا الخطأ عن غير عمد، إنما نقله ســهوا، كمــاــأمر آخــر، لو أنه لم يسمع الحديث جيدا، وحواسه كانت منشغلة ب

يتحدث، فلم يسمع جيدا، وبعد ذلك ال عن عمد أيضا، بل×واإلمامــه×كــان معتقــدا أن اإلمــام قــد قــال هكــذا، وهــو عكس مــا قال

، ولكن عنــدما يقــول المحيطــون باإلمــام، وحســب تعبــير×اإلمــامبــون، يقولــون: العالمة البروجردي: بطانــة اإلمــام وأصــحابه المقر ليس القول كمــا يقــال، وبمــا أنهم يعــدون من أهــل الســر، وعلى علم تام بفحوى كالم اإلمام يقولون: ال، ليس األمر بهــذا الشــكل،

أنت مخطئ، يتحصل بالنتيجة النهائية أن الموضوع شيء آخر. حوا لنــا وجهــة مهمــا أمكن، وبكالم مختصــر، وضــ

نظركم حول كتاب كامل الزيارات. عندما بدأت بكتابــة معجم الثقــات كنت مصــمما أنتجليل:

أجمع جميع الثقات. وعلى هذا األساس نقلت رواة كامل الزيارات وتفسير علي بن إبراهيم. عالوة على هــذا فــإن الشــيخ الطوســي في عدة مواضع من كالمه جاء بأسماء ثالثة رواة هم: صــفوان بن يحيى؛ وابن أبي عمير؛ وأحمد بن أبي نصر البزنطي، وقـال عنهم: عرفوا بأنهم ال يروون إال عن ثقة. وكلمــة »عرفــوا« ليس معناهــا أني أراهم »ال يروون إال عن ثقة«. »عرفوا« أي بين الفقهاء بهــذا الوصف. وهذا رأي مشهور الفقهاء بالنسبة إلى الــذين نقــل عنهم هؤالء الثالثة األفاضل. وال نرى هذا الكالم في النسخة الحاليــة منــه عدة األصول. وقد شهد صاحب وسائل الشيعة بهذا األمــر، ونقل بنفسه، وهو مطمئن به، وعليه فهو يفتح أمامنا طريقا للسير على

منهاجه. وعلى هذا المبنى فقد استقصيت من يروي عنه صــفوان بن يحيى ومن يروي عنه ابن أبي عمير ومن يروي عنه البزنطي. عند



ذلك فإن تلك األسانيد المنتهية بصفوان وابن أبي عمير والبزنطي يجب أن يكون الرواة فيها ثقات. ويجب أن تكون سلســلة الســند

إلى صفوان صحيحة.ــدوا ــة، أي إنهم أوج ــتنبطي الوثاق ــأتي دور مس ــك ي ــد ذل بعــد في للمتأخرين دليال يستنبطون الوثاقة على أساسه. فالذي يوج حقه رواية أو مدح، أو أن هناك جهــة معينــة بحيث يمكن اســتنباط الوثاقة منها، وإن كان هنــاك من ال يمكنــه االســتنباط ومن يمكنــه االستنباط، كل أولئك قمت بجمعـه على حـدة. وأولئـك الـذين قـدلوا أربـع قـوا على الخصــوص قـد جمعـوا أيضـا، بحيث إنهم شــك وث

مجموعات. ــة على ــا آراء مختلف ــإن لهم طبع ــاء ف ــالرجوع إلى الفقه وب حسب المباني الموجــودة في الرجــال والدرايـة. فمن الممكن أن هناك من ال يقبل أصال توثيقات كامل الزيارات، ومنهم من يقبلها،

ودونت كل فئة منهم بشكل منفصل. : الــذين تم تــوثيقهم بالخصــوص وهم بحــدودالقسم األول

مائة ونيف. : أولئك الذين روى عنهم صفوان والــبزنطيالقسم الثاني

ــند ــع الس ــرة، م ــورة مختص ــجلتهم بص ــد س ــير. وق وابن أبي عم والدليل. طبعــا اكتفيت من الكتب األربعــة بكتــاب الــوافي؛ وذلــك ألنه قد جمعها جميعــا، ولم يجمعهــا الوســائل كلهــا، جمــع الفــروعبت بجــانب فقط، ولم يجمع األصــول؛ وألن أســانيد الــوافي قــد رت بعضــها، ممــا أدى إلى ســهولة مراجعتهــا، لــذا جعلت الــوافي هــو

المقياس. : أولئــك الــذين روى عنهم كامــل الزيــارات؛القسم الثالث

ألننا ال نعتمد على استنباط وثاقته، لذلك قمنا بكتابته بخط رفيع.



وكــذلك بالنســبة إلى تفســير علي بن إبــراهيم كتبنــاه بنفسالطريقة.

: أدلــة اســتنباط وثاقــة األشــخاص الــذين لمالقسم الرابعح بوثــاقتهم. وبهــذه األوصــاف الــتي قــدمناها من الممكن أن يصر

تستنبط وثاقتهم. وكذلك قمنا بجمع أدلتهم. فوجهة نظري حول كتاب كامــل الزيــارات هي حيث إنــه منــاتذته ــايخه وأس ــاب مش ــيرا بانتخ ــام أخ ــوئي ق ــل أن الخ المحتمقهم، فإني أستبعد هــذا األمــر؛ ألنــه يجب أن المباشرين فقط، ووث نرى ما الذي يريد أن يقوله ابن قولويه في مقدمته. فعندما ندققـه يريـد أن يثبت أن الكتب واألحـاديث الـتي في مقدمته نالحـظ أن قام بجمعها معتــبرة، وهــذا ال يمكن تصــوره، حيث إن كــل حــديث يصلنا نجمعــه من دون تحقيــق. يريــد ابن قولويــه أن يثبت اعتبــارــدة كتابه، ولكن بمجرد أن ينقل راو ثقة عن ضعاف فمــا هي الفائ

ب على هذا العمل؟ والثمرة التي تترتــه يوجــد رواة ضــعاف أيضــا في ومن ناحيــة أخــرى نــرى أنــد تم تضــعيفهم صــراحة، ــذين ق ــارات، من ال ــل الزي أســانيد كام والمشهورين بالفسق أيضا، وهم غير خافين على ابن قولويه، فما

العمل بهذه؟ ــه ليس األمــر كمــا قــال الخــوئي. فــالمراد من وفي نظرنا أن الوثاقة كما جاء به صاحب كامــل الزيــارات هي الوثاقــة في نقــل الحديث، بحيث تثبت له بالقرائن. فافرض أن واحــدا من مبغضــي

نقل عنهم فضيلة يصبح من المعلوم أنه صادق في هـذا|آل محمدالقول.

أما في مسألة محمد بن سنان وجماعــة على شــاكلته، ممن يضعفهم بعض العلماء، فلنا هنا توضيح أيضــا. يقــال في محمــد بن



ـه كـــذاب، فكيـــف يمكن أن يعمـــل بأحاديثـــه؟ وقـــد ــ ســـنان: إنــني، استبعدوها، ولكن من جهة أخرى نرى أن القدماء، مثل: الكليــبرة(، الذي يقول في أول الكافي: إني أنقل أحاديث صحيحة )معت

قد نقلوا عن محمد بن سنان أحاديث كثيرة. الطريف في األمــر أن األشـخاص الـذين هم مثـل محمـد بن سنان، والذين يوجد في مذهبهم خلل، كالغالة مثال، يوصف غلوهم بالكذب. والكـذاب هنـا ليس بمعــنى كثـير الكـذب، بـل بمعـنى أن كذباته التي يطلقها كبيرة ال تحتمل، لذلك فهم يقولون أشــياء عنــه نقــل األئمة ال نقولها نحن. وعندها هل من اإلنصاف أن نقول: إن موضوعا كذبا؟ نحن نعرف من هم األئمة، فلذلك نخاف أن نكذب عليهم، فكيف يجوز لهم أن يأتوا بأشــياء كــذب عنهم. طبعــا توجــد

هناك أشياء تثبت الغلو، أشياء وضعت للمصلحة، وال نقبلها.

، السـنة السابعة، ربيع27 ـ 26ـ العـددان االجتهاد والتجديد100هـ1434م ـ 2013وصيف

نظريات الدولة في فقه الشيعة، قراءة نقدية•

قراءة نقديةنظريات الدولة في فقه الشيعة*(*()د. صادق حقيقت

ترجمة: صالح البدراوي

رأت الطبعة األولى من كتــاب )نظريــات الحكومــة في فقــهــنة ــ ـديور س ــ ـ ــن ك ــ ــدكتور محس ــ ــد ال ــ ــور على ي ــ ــيعة( الن ــ الش

ق المؤلف في بداية المقدمة إلى مواضيع(71)هـ.ش1376 . ويتطرنــة، من قبيــل: مراحــل تطــور الفقــه السياســي للشــيعة، معي وتقسيمها إلى نظريــات بالواســطة؛ وأخــرى بال واســطة؛ ومن ثمم جميع تلك النظريات إلى تسعة مجموعات، وهي: الحكومــة يقســة ــة التعييني ــاء، الوالي ــة للفقه ــة العام ــة التعييني المشــروعة، الواليــاء، ــة للفقه العامة لشورى مراجع التقليد، الوالية التعيينية المطلق الحكومة الدستورية، خالفة الناس تحت إشراف المرجعية، الوالية دة للفقيــه، الحكومــة اإلســالمية المنتخبــة، وأخــيرا المنتخبــة المقي

الوكالة المشاعة للمالكين. ــات م، وألول مــرة، نظري ــه قســ والصفة األبرز لهذا الكتاب أن الفقه السياسي للشيعة بشكل جامع وشامل. يضاف إلى ذلك أنه ســهل عمليــة الفهم الــدقيق للنظريــات، بإعطائــه األدلــة الكاملــة والرصينة لكــل نظريــة، والتميــيز بين أركانهــا ومبانيهــا وتقريراتهــان وبشكل جلي وواضــح أنــه ال توجــد قــراءة المختلفة. ما تقدم يبي

محقق وباحث إسالمي، وأستاذ مساعد لمادة العلوم)*(*(السياسية في جامعة المفيد، من إيران.


د. صادق حقيقت•

واحدة فقط في الفقه السياسي الشيعي؛ وأنه ال بــد من الحــديث دائما عن وجـود عـدة قـراءات مختلفـة، بـل ومتعارضـة في بعض األحيان. وقد القى هذا الكتاب الترحيب منذ البداية، وأصبح مرجعاع بــه من للكثير من الدراسات في ميدان الفقه الشيعي؛ لمــا يتمت

الدقة واإلتقان والمصادر الكثيرة. ــة في ــاط التالي ومن حيث المضــمون يمكن أن تســاهم النقضبط الكتاب، واالرتقاء بمستواه العلمي، وإضفاء الرصانة عليه:

ـ لو سلمنا بأن نطلــق على النظريــات المــذكورة مصــطلح1ــاني«النظرية» )من باب التسامح(، فهي نظريات )الحكم(، أو مب

.«الحكومة»، وليس نظريات «الشرعية»وأسس د، من أن مــراد الكــاتب من وبناء على هــذا االفــتراض المؤكــول: إن الحكومة ليس السلطة التنفيذية، يمكن أن نذهب إلى الق المراد بالحكومة إما المعنى الحديث ـــ وتشــمل األرض والمجتمــع والسيادة والحكومة ـ؛ أو المعنى غير الحديث لها. ولكن من حيث

األساس فإن نظريات الفقهاء ليست بمعنى نظرية الحكومة. ويمكن أن نذكر سببين لهــذا الموضــوع: ففي المقــام األول؛ـات، يمكن أن نســتنتج أن المراجــع ـ ــذه النظري ــالرجوع إلى ه وب العظام، أمثال: الشيخ األراكي والســيد الكلبايكــاني وأمثــالهم، لم يتبنوا نظرية الدولة )حتى بالمعنى غير الحــديث لــذلك(. بــل األدقــة ــدورهم طــرح نظري ــاء الشــيعة لم يكن بمق ــك أن الفقه من ذل الدولة أساسا؛ ذلك أنهم لم يوافقوا على ضــرورة تشــكيل الدولــة على أساس الشــريعة على مــر التــاريخ، وبنــاء على ذلــك لم يكن بمقــدورهم مناقشــة فقــه الدولــة، والتنظــير لمواضــيع من قبيــل: تقسيم السلطات؛ بسبب )تصلب السنة(. وعلى العكس من ذلــك فإن أهل السنة والجماعة، الذين كانوا على احتكاك بهذه المسألة



منذ البداية، اخترعوا فقه الدولة، ومواضــيع من قبيــل: المصــلحة. وليس غريبا أن نجد موضوع المصلحة متداوال بين أهل السنة منذــة ــود الثالث ــوى في العق ــه س ــرون، في حين لم يتم تناول ــدة ق ع

األخيرة من عمر الجمهورية اإلسالمية، وبشكل ضعيف. ـــه 7ــــ منهج هـــذا الكتـــاب في ص2 ر على أن منهج»، يفســـ

؛ في حين أنـــه ليس بـــالتحليلي الـــدقيق، وال«التحليـــل النقـــدي النقــدي. ومســتوى هــذا المصــنف هــو الوصــف والتبــويب، وليس التحليل، وأكــثر منــه النقــد. ولعلــه كــان من األفضـل القــول منهج

. (72)تحليل الكالمــر السياســي3 ــة في مجــال الفك ــات متداول ــذه النظري ــ ه ـ

للشــيعة، وليس فقــط في الفقــه السياســي للشــيعة. فــالفكر السياســي؛ طبقــا لتعريفــه، يشــمل الفلســفة السياســية والفقــه

السياسي. نظرية خالفة الناس للشهيد الصدر، وباألخص نظرية الوكالــةــتنادهما إلى ــالرغم من اس ــيزدي، وب ــائري ال ــدي الح ــدكتور مه للـــة فقهيـــة. فهاتـــان األســـس الفقهيـــة، ال يمكن اعتبارهمـــا نظري

النظريتان لم يتم تقديمهما على أساس المنهج الفقهي.ــا ال ـتين، ولكنه ـ ــدتين فقهي ــتند إلى قاع ــة تس ــة الوكال نظري تستعين بالمنهج الفقهي، وبناء على ذلك تعتــبر نظريــة في مجــال

الفلسفة السياسية للشيعة. ويسعى الفقه أساســا للكشــف عن مــراد الشــارع المقــدس في خصوص األحكام الخمسة. وبما أن كتــاب الحكمــة والحكومــة

(73)«عــدم إمكــان الجعــل في األمــور التشــريعية»يطرح موضــوع

فإنــه يعتــبر جعــل الواليــة ألي شــخص كــان من قبــل اللــه تبــارك وتعــالى أمــرا محــاال، ليس على أســاس المنهج الفقهي، بــل على



أساس االستدالل العقلي. كما أن المقارنة التي قام بها الحــائري بين نظريتــه ونظريــة العقد االجتماعي لجان جاك روسو دليل على أن نظريتــه يجب أنقــة بــدائرة الفلســفة السياســية. تعــد في زمــرة النظريــات المتعل أضف إلى ذلك أن الدكتور الحائري يشــير بنفســه إلى أن نظريتــه

أقــرب&أقرب إلى الفلسفة السياسية، ونظريــة اإلمــام الخميــني. (74)إلى الفقه السياسي

ــاب إلى4 ــوان الكت ــير عن ــو تم تغي ــ ل ــي »ـ ــر السياس الفكــيعي ــل:«الش ــه، مث ــرى ل ــات أخ ــافة نظري ــة » ألمكن إض نظري

للـدكتور عبــد الكـريم ســروش،«، الحكومة الدينيــة الديموقراطيةونظرية العالمة الطباطبائي على وجه الخصوص.

ـ يمكن أن نضيف إلى النظريات المتقدمة نظرية )الحسبة5 الحكوميـة،«التــدابير »الحكومية( أيضا. وطبقا لهذه النظرية فـإن

ولربما إقامة الحكومــة اإلســالمية، تعــد واجبــة من بــاب الحســبة. ورغم عدم وجود دليــل على شــمول واليــة الفقهــاء فــإن التــدابير واإلجراءات الحكومية، أو إقامة الحكومــة، تصــبح واجبــة من بــاب

على أنــه من( 76). ويمكن أن نذكر الشيخ جواد التبريزي(75)الحسبةبة تشــمل إدارة البالد أصحاب هذه النظريــة، فهــو يــرى أن الحســ

والدفاع أيضا. ـ يذكر الدكتور كديور نظرية الشــيخ عبــد الكــريم الحــائري6

بة، في ونظرية الشيخ محمد علي األراكي، القائلين بنظرية الحســ عداد نظرية السلطة المشروعة. وفي نفس الــوقت ربمــا يمكننــاــة أيضــا. إعطاء مفهوم جماهيري لسلطة الشعب من هــذه النظريــدر ــع بالق ــؤون المجتم ــإدارة ش ــديرين ب ــاء ج ــو لم يكن الفقه ول المتيقن يمكن عندها إحالة األمر الى النــاس أنفســهم. ولعلــه من



هذه النقطة يمكن القــول: وفقــا لهــذا التفســير يبــدو أن النظريــة المتقدمة أكثر شبها بالنظريات اإللهية ـ الجماهيرية. كمــا يبــدو أن نظرية اآلخوند الخراساني، التي تطرق إليها الدكتور كديور نفســه بعد تأليف هذا الكتـاب، ذات أهميـة بالغـة من هـذا الجـانب أيضـا، فهي ال تقول بأي نوع من الواليـة للفقهــاء في المجـال السياسـيواالجتماعي، ويمكن اعتبارها نظرية من نظريات سلطة الشعب.

ـ تم طرح النظرية األولى )الســلطة المشــروعة أو الواليــة7ــلم ذي ــلطة المس بية وس ــ ــور الحس ــاء في األم ــيبية للفقه التنص الشوكة( بشكل يوحي وكــأن أصــحاب هــذه النظريــة يقولــون في الحقيقــة: إن اللــه تعــالى فصــل بين الــدين والدولــة، ومنح األمــر األول للفقهاء، والثاني للملوك. في حين من المفــروض أن يصــارــيات الفعـــل ــاء عن مقتضـ ــر السياســـي للفقهـ إلى فصـــل الفكـ السياسـي لهم. وتجـدر اإلشـارة إلى أن المؤلف ملتفت إلى هــذه

ــوان ــا بعن ــدث عنه ــال يتح ــألة، ولكن على أي ح :«نظرية »المس يمكن اعتبار هذا الفصل ]بين دائرتي األمور الشرعية والعرفيــة[»

مـا ال »مما تقتضيه ظروف العصر. وتفسير فعل الفقهاء من بـاب . إال أن«الميسور ال يسقط بالمعسور» و«،يدرك كله ال يترك جله

ن أن الفقهاء سخروا شوكة السالطين لخدمة الشواهد القادمة تبي المذهب من جهــة، وأن الســالطين؛ بــاعترافهم وإقــرارهم بقــدرةــريحات الفقهاء في األمور الشرعية، حظوا بدعمهم المهم... التص واألقــوال الــتي ســتأتي في الســطور القادمــة تخــبر عن نــوع من

. (77)«التفسير الفقهي للواقع الخارجي والبدل االضــطراري هــو« التفسير الفقهي للواقع الخارجي»

غير الفكر السياسي بحد ذاته. فلو أن أحــد العلمــاء مكن حكومــة السالطين والملوك عمليــا، أو أعطاهــا الصــفة الشــرعية ولــو من



ــني الناحية الفكرية، من باب عدم القدرة واألحكام الثانوية، فال يع ذلك االعتقاد األساسي بتلك المسألة. ومن الممكن أن يعتبر هــذا

الصنف من الفقهاء حكومة الملوك غير مشروعة أساسا. ولمزيد من التوضيح في هذا الباب سنمر اآلن بشكل ســريع

(.1267 ـ 1191على الفكــر السياســي للســيد جعفــر الكشــفي)م فهــو يبـدأ دراسـته من المخلـوق األول وفلسـفة التـاريخ. ويقسـ التاريخ إلى مرحلتين، همــا: مرحلــة النبــوة )من هبــوط آدم وحتى

(؛ ومرحلــة الواليــة )مرحلــة ظهــوره(. ففي#ظهور اإلمــام الحجة عصــر النبــوة ينبثـق المنهج الظــاهري للعقــل، وفي عصــر الواليــة المنهج الباطني للعقل. وفي عصر سيادة الحكمــة )عصــر الغيبــة( إما أن يصبح المجتهد سلطانا؛ وإمــا أن يتعلم الســلطان االجتهــاد.ــد نوعــا من الحكومــة األصــولية، لم ــتي تع ورئاســة الحكمــة، وال

؛ ألن الفقهــاء؛ وألســباب#تتحقق في عصر غيبة اإلمام المعصــوم متعددة، ابتعدوا عن السياسة والمجتمع. ويرى الكشفي أن ميزان شرعية الدولة الدينية في عصر الغيبــة يتوقف على أمــرين، همــا: مقــدار االرتبــاط بــالروح المحمديــة )أو العقــل الفعــال(؛ وإشــاعةــاب الخيرات وإزالة الشرور. وفي هذه الحالة فالحكومة هي من بــك، ورغم كــون شــرعية ــاء على ذل ــة. وبن الضــرورة، وليس النياب

ــه يمكن القــول بفصــل(78)حكومة القاجاريين مدعاة للتساؤل، فإن والية الفقهاء بالتنصيب في األمور الشرعية عن حكومة السلطان ذي الشوكة في األمور العرفية. ولهذا الســبب يــذهب إلى القــول بالفصل بين الحكومة الحقة األوليــة والثانويــة. ويمكن أن نســتنتج من هذه الدراسة أن النقاش النظــري والفكــري بشــأن الحكومــة

اإلسالمية ينبغي أن يفصل عن موضوعة التنفيذ واالضطرار. ــة8 ـــ يصــح مــا يشــبه االنتقــاد المتقــدم كــذلك بشــأن نظري



الحكومـــة الدســـتورية؛ اذ يـــرى النـــائيني أن شـــرعية الحكومـــة الدستورية تنطلق من أن الظلم في الحكومة االستبدادية يرد في ثالثة موارد: حق الله تعالى؛ وحق اإلمام المعصوم؛ وحــق النــاس؛ وفي الحكومة الدستورية يــرد في مــورد واحــد فقــط، وهــو )حــقــأتي اإلمام المعصوم(. ومن هنا فإن شرعية الحكومة الدستورية ت من باب دفع األفسد بالفاسد، وليست لها مشروعية ذاتيــة. تجــدرــا. ــكال نظري ــوع ش ــذا الموض ــائيني أعطى له ــارة إلى أن الن اإلش النظرية األصــلية للنــائيني، وكمــا تستشــف من كتــاب تنبيــه األمــة

بة(79)وتنزيــه الملة عة. وعلى أســاس الحســ بة الموســ ، هي الحســ الموسعة فإن األمور التي ال يرضى الشارع المقدس بتركها، وكما سبقت اإلشارة إلى ذلك، ال تقتصر على مسائل الصغار واليتــامى فقط، بــل تتعــداها لتشــمل األمــور االجتماعيــة والسياســية أيضــا.ــة ـتي الحكومـ ــ ــة بين نظري ــراء المقارنـ ــار إلى إجـ ــدما يصـ وعنـ

ــوهم(80)المشروعة والمشروطة )الدستورية( فمن المحتمل أن يت أن هــاتين النظريــتين همــا من جنس واحــد، فتمت مقارنتهمــا مــع

ــروطة أو ــهما، في حين أن المشـ ــتورية»بعضـ ــد«الدسـ هي قيـللحكومة، وليس للوالية.

ــات للشــهيد الصــدر:9 ـــ ذكــرت في هــذا الكتــاب ثالث نظريــس ــدأ الشــورى )في األس ــة على أســاس مب الحكومــة المنتخبــاج ــاء )في منهـ ــة للفقهـ ــيبية العامـ ــة التنصـ اإلســـالمية(؛ والواليـ الصالحين والفتاوى الواضحة(؛ وخالفة الناس بإشــراف المرجعيــةــاة، ولمحــة فقهيــة عن مشــروع دســتور )في اإلســالم يقــود الحي

الجمهورية اإلسالمية، وخالفة اإلنسان وشهادة األنبياء(. وحسب اعتقاد الشيخ كديور فالنظرية األخيرة هي خليط من النظريتين السابقتين، وهي بمثابة رأيه النهائي. وبناء على أســاس



النظريــة األخــيرة فقــد جعــل اللــه تعــالى اإلنســان خليفــة لــه في األرض؛ وأوكل إليه تولي األمور السياسية وإدارة شؤون المجتمع. واختار شهداءه )األنبياء واألئمــة وعلمــاء الــدين(؛ لغــرض الحفــاظ على الخالفــة اإللهيــة لإلنســان. وبنــاء على ذلــك فاألمــة تمــارسة خالفتها على أساس قاعدتين: األولى: قاعدة الشــورى )المختصــ باألمور غير المنصوص عليها(؛ والثانية: والية المؤمنين والمؤمنات على بعضهم البعض بشــكل متسـاو. وتمــارس األمـة حقهــا اإللهيــلطة ــاب رئيس الس ــة: انتخ ــرق التالي ــة من خالل الط في الخالف

التنفيذية؛ وانتخاب أعضاء السلطة التشريعية.ــوانين ــة ســن الق ــة تصــبح عملي وعلى أســاس هــذه النظري المطلوبـــة في منطقـــة الفـــراغ هي من مســـؤولية الســـلطة التشريعية. الجمهورية اإلسالمية هي خالفــة النــاس تحت إشــرافدة بالقــانون؛ ذلــك أن الشــرع لــه الســيطرة على المرجعية، ومقي رئيس الدولة والناس على حد ســواء. المرجعيــة الصــالحة عبــارةد شــخص. والســلطة القضــائية تقــوم عن مؤسسة، وليست مجــرــة، وهي المؤسســة الوحيــدة بــدورها بإشــراف مؤسســة المرجعي الواقعة خارج خالفة الناس. وهذا األمر يضــمن األرضــية المناســبة

لفصل السلطات، وسالمة السلطة السياسية وإسالميتها. الظاهر من عبــارات الكتــاب أن الشــهيد الصــدر طــرح ثالث نظريات مختلفة؛ والنظرية الثالثة عبارة عن تــركيب أو مــزيج منــه يجب الســعي قــدر ــيين. والمهم في المقــام أن ــتين األول النظري اإلمكان لحمل األقوال المختلفة ألحد العلماء على بعضــها البعض؛ لكي ال ننســب إليــه النظريــات المتباينــة، بــل المتضــادة. وبمــا أنر للتناقض، بل وحتى التطــوير، األصل هو أن ال يتعرض فكر المفك

وجب الجمع بين عباراته قدر اإلمكان.



ــع بين ــار إلى الجم ــد يمكن أن يص ــال: ق ــبيل المث وعلى س نظريــة الواليــة التنصــيبية العامــة للفقهــاء ونظريــة خالفــة النــاســة للســيد الشــهيد محمــد بــاقر بإشراف المرجعية. النظرية الفقهيــة التنصــيب؛ الصــدر في كتـاب الفتــاوى الواضــحة هي نفس نظري ولكن بما أنه يهتم بدور الناس أيضا نــراه يطــرح النظريــة الثانيــة. والدليل على الجمع المذكور أنه يقول: إن األمة تمارس حقها في الخالفة على أساس قاعدتي الشورى ووالية المؤمنين والمؤمنات لبعضهم البعض، وهذا األمــر تحقق في الجمهوريــة اإلســالمية في

إيران )كتجسيد لنظرية التنصيب لإلمام الخميني(.ــديور لــو يتم طــرح وطبقــا للتحليــل الــذي طرحــه الســيد ك النظرية الثالثة أيضا في نظرية خالفة اإلنسان وشــهادة المرجعيــة )خالفـة اإلنســان وشــهادة األنبيـاء(، وينظــر إليهــا على أنهــا شـرح لدستور الجمهورية اإلسالمية )لمحة فقهيــة تمهيديــة عن مشــروع

(81)دستور الجمهورية اإلســالمية( ، فيجب أن يكــون مفادهمــا أمــرا واحدا؛ في حين أن اإلشراف )الشهادة( في الجمهورية اإلســالمية

في إيران لم تكن لـ )المرجعية(. ــه يمكن الجمــع بين وعلى هذا المنوال ربما أمكن القــول: إن رأي الصدر في األسس اإلسالمية ونظرية خالفة االنسان وشهادةــه تم طــرح نظريــة الحكومــة المرجعية. وباعتقاد الدكتور كديور أن اإلســالمية المنتخبــة في هــذا الكتــاب؛ في حين يمكن القــول: إن عنصــر الشــورى وتطــبيق األحكــام الشــرعية يشــيران إلى خالفــة

اإلنسان وشهادة المرجعية بالترتيب.ــه ال ــدم أن وتجدر اإلشارة إلى أنه ليس المراد بالتحليل المتق يجب أن يالحظ أي تغيير أو تطور في نظرية الشــهيد الصــدر، بــلــه ال يوجــد أي دليــل على أن تكــون هــذه اآلراء إثبــات لمســألة أن



متباينة بالضرورة. ــرأي10 ــا لل ــ وخالف ــرفت ـ ــادي مع ــد ه م الشــيخ محم ــ قي ـ

المشهور ـ رأي الشيخ األنصاري والسيد الخوئي في واليــة الفقيــهــابي ــ ــكل إيج ــ ــة في الكتب(82)بش ــ ــالنظر إلى اآلراء المتباين ــ . وب

المختلفة للشيخ، وبالنظر إلى محورية فكره بين الفقهاء الشــيعة،كان من األفضل للدكتور كديور أن يعرض تحليال عن ذلك.

كــان من الــواجب تنــاول آراء الشــيخ األنصــاري حــول واليــة الفقيه في كتبه الفقهية بشكل مستقل؛ ليتســنى دراســة إمكانيــة مقارنتها، واحتمال التغيير فيها أيضــا. ففي كتــاب المكاســب، بعــد

م واليــة الفقهــاء إلى^أن يطرح الوالية العامة للمعصومين ، يقســق ــراه يضــي ثالثة أقسام، هي: اإلفتاء؛ والقضاء؛ والوالية العامة، ونــا. وفي هــذه المقالــة أيضــا لم يتم البحث في القســم الثــالث حق

ق للقسمين األول والثاني. التطر وبناء على رأي الشيخ يبدو أن إثبات والية الفقيــه على غـرار

ــه#اإلمام المعصوم يعد أمــرا ممتنعــا، ودونــه خــرط القتـاد )أي إن يشبه سحب اليد على أشواك ساق الــورد بعكس اتجاههــا(. ولكن توجد بعض األمور في هــذا الصـدد يجب أن تحقق بـأي شــكل منــر عنهــا بــاألمور األشكال ـ ولو على يد غــير الفقهــاء ـــ، والــتي يعب

الحسبية.ــالتوقيع الشــريف ــاب، ك ــات الب ،(83)ويشــير الشــيخ إلى رواي

ــادرين على ــتيقن من الق ــدر الم ــاء هم الق ــة؛ ألن الفقه والمقبول التصدي لهذه األمور: »فقد ظهر مما ذكرنا أن ما دلت عليــه هــذه األدلة هو ثبوت الوالية للفقيــه في األمــور الــتي تكــون مشــروعية إيجادهــا في الخــارج مفروغــا عنــه، بحيث لــو فــرض عــدم وجــود

. (84)الفقيه كان على الناس القيام به كفاية«



ــب ــيخ في المكاس ــني بين كالم الش ــو الحس ــع علي أب وجمــذا النحو ــاة به ــاب الخمس والزك ينفي الشــيخ في موضــوع »وكت

نــا من الواليــة عن شــخص ا ومســتوى معي المكاســب نوعــا خاصــ الفقيه، كان النبي واألئمة المعصــومون يمتلكونهــا، وفقــا لالعتقــاد الشيعي... وأما التصرفات التي يقوم بها حكام المجتمــع بصــفتهم يمتلكون زمام األمور، والمتصدين لقيادة النــاس؛ بهــدف الحفــاظ على مصــالحهم االجتماعيــة والسياســية، والــتي بــدونها يتوقفــا، فهي جــائزة ومشــروعة الحــراك االجتمــاعي والسياســي تمام

.(85)«للفقيه أيضا ويرى الشيخ محمد هادي معرفت هو اآلخــر أن الرجــوع إلى الفقهاء وفقا للتوقيع ال يقتصر على السؤال عن األمــور الشــرعيةــمل العــزم واتخــاذ اإلجــراءات في المســائل فقــط؛ وإنمــا يشقــة السياسية واالجتماعية، وإقامة النظــام، ومطلــق األمــور المتعل

.(86)بالشؤون العامة وبحسب رأيه لو استعرنا القضية الصغرى من الشيخ )إقامــة

، واســتخرجنا القضــية الكــبرى(87)النظام من الواجبــات المطلقــة( الواليــة »للموضوع من المسائل المــذكورة، ســيتم إثبــات مســألة

بشكل واضح. واإلشكالية األساسية الموجــودة في«العامة للفقيه االستنتاج المتقدم هو قول الشيخ بأن واليــة الفقهــاء تقتصــر على األمور الحسبية. وإن ما يــرمي إليــه من قولــه )إقامــة النظــام( ال يعني شيئا سوى األحكــام التنظيميــة الــتي يتوقف عليهــا المجتمــع اإلسالمي بنحو مــا، بحيث إن لم يقم بهــا الفقيــه فإنهــا تجب على

غيره. وطبقا لما جاء في التعريف فاألحكام التنظيميــة تعتــبر نوعــا

هي هــذه األمــور،«إقامة النظام»من األمور الحسبية، والمراد بـ



وليس إقامـة النظـام والحكومـة اإلسـالمية. فـأين القيـام بـاألمورب ـ الحسبية واألحكام التنظيمية ـ من بــاب القــدر المــتيقن فحســ

من إثبات الوالية العامة للفقهاء؟! وال يرى الشيخ األنصاري في كتاب القضــاء أن ســريان حكم الفقيه يقتصر على القضــاء والفصــل، بــل يتعــداه ليشــمل األمــور العامة )ومنــه يظهــر كــون الفقيــه مرجعــا في األمــور العامــة(؛ إذ

قــة بالقضــاء:« الحكم» بـدال من «حــاكم»اســتعملت كلمــة المتعل وجوب الرضا بحكومته في الخصومات بجعلــه×»إن تعليل اإلمام

حاكمـــا على اإلطالق، وحجـــة كـــذلك، يـــدل على أن حكمـــه فيــة، الخصومات والوقائع من فروع حكومته المطلقة، وحجيته العام

.(88)فال يختص بصورة التخاصم« ويــذكر األســتاذ معــرفت دليال من نهج البالغــة يــدل على أن

تستخدم في األمور السياسية واالجتماعية أيضــا؛«الحاكم»لفظة وال تختص باألمور القضائية والخصومة فقط.

، ويرتبــط«واليــة الفقيه»وكل الكالم هنا ينعقد حــول معــنى به. ويمكن استخدام هذا المصطلح في ثالثة معان:

في&ـ طبقــا للمصــطلح الــذي اســتخدمه اإلمــام الخميــني1 هــو«واليــة الفقيه »السنوات األخيرة من عمره فإن المقصود بـــ

ر فقــط«المصلحة »ممارسة الوالية على أساس ، والــذي ال يفســ في زمرة األحكام الثانوية المعهودة، بل يعتبر من ضــمن األحكــام

األولية، ومقدم على بقية األحكام األولية. وال شك في أن هذا المعنى لم يكن مــراد الشــيخ األنصــاري. ولعله لم يسبق أن تم استخدام هذه الصيغ التعبيريــة قبــل اإلمــام

الخميني. ــــ إطالق الواليـــة على جميـــع األمـــور العامـــة واألحكـــام2



السياســية واالجتماعيــة، وعلى النحــو الــذي اســتنتجه األســتاذمعرفت.

ــه في ــذا االحتمــال هــو عــدول الشــيخ عن قول ــداعي له وال المكاسب. كما أن أمثال األستاذ معــرفت ال يقولــون بــذلك أيضــا. أضف إلى ذلك أنه ال ينســجم مــع شـواهد عبـارات الشــيخ في كال

كتابيه. ــــ إن الغـــرض من اإلطالق شـــموله لجميـــع األبـــواب في3

بية واألمــور التنظيميــة، وعــدم االقتصــار على بــاب الــدائرة الحســالقضاء أو أي باب آخر.

وهذا االحتمال يجمع بين أقــوال الشــيخ في أمــاكن مختلفــة،وينسجم مع شواهد عباراته.

وباعتقاد الشيخ األنصاري لو اختــار أحــد الســالطين نائبــا لــهقــة بــذلك. ولكن على سيمنحه الصالحيات في جميع األمــور المتعل

نة. أي حال هذا اإلطالق نسبي، ويتحدد في دائرة معي كما أن األستاذ معرفت ال يرى تباينا أساسيا بين مفــاد كتــاب المكاسب وكتاب القضاء للشيخ، ويــرى أن الشــيخ صــوت في كال

الكتابين للوالية العامة للفقهاء. ونحن نـــرى أن واليتـــه في الكتـــابين محـــدودة في األمـــور

من جملــة األمــور اإلضــافية، ويجب أن نــرى«اإلطالق»الحسبية. عند المقارنة بــأي شــيء تؤخــذ بنظــر االعتبــار. ففي كالم الشــيخ

ــدم المقصــود من ــة«اإلطالق»المتق ــدم االختصــاص بحال ــو ع هبية الخصومة والفصل، ولكنها ال تذهب إلى أبعد من األمــور الحســ

واألمور التنظيمية.ــة كالمــه إلى والملفت هنا أن الشيخ معرفت يخلص في نهاي

الشيخ قال في كتابي المكاسب والقضاء ما قاله الفقهاء منذ»أن



اليــوم األول عن واليــة الفقيــه، وهــو أن األمــور المرتبطــة بإقامــة النظــام، والــتي ال يمكن تعطيلهــا، من مســؤولية الفقهــاء جــامعي

.«الشرائط القيام بها على نحو الواجب الكفائيــالث، وهذه النتيجة التي يخلص إليها تنسجم مع االحتمــال الث

وال تنسجم مع االحتمالين األول والثاني ـ وفرضية مقالته ـ. والفقهاء الذين جاؤوا قبل الشيخ كانوا يرون اقتصــار الواليــة

على األمور الحسبية. وسار الشيخ على نفس الطريقة.ــف ــ بتعري ولكن تجدر اإلشارة إلى أنه يراد باألمور الحسبية ـقة )أمــور الصــغار واليتــامى ومــا شــاكل واحد ـ دائرتان: دائرة ضيــتي ال ــة ال ذلك(؛ ودائرة واسعة )وهي األمور السياسية واالجتماعيــمل يرضى الشارع بتركها(. وعلى أي حال حتى الدائرة الثانية تش نسبة قليلة من ساحة الوالية العامــة للفقهــاء، وبطريــق أولى من

الوالية المطلقة.ــاة ومن هنا يتضح لنا مقصود الشيخ في كتاب الخمس والزك أيضا: »وربما أمكن القول بوجوب الــدفع للمجتهــد؛ نظــرا لعمــوم نيابته، وكونه حجة اإلمام على الرعيــة، وأمينــا عليــه، وخليفــة لــه،

. »ولو طلبها الفقيه فمقتضى(89)كما استفيد ذلك كله من األخبار« أدلة النيابة العامة وجوب الدفع؛ ألن منعــه رد عليــه، والــراد عليــه

. ومع ذلــك فــإن عمــوم نيابــة الفقيــه في(90)راد على الله تعالى«عصر الغيبة تنحصر في حدود األمور الحسبية.

ويصح هذا الكالم بحق صاحب الجواهر المشهور بالدفاع عنــأن(91)والية الفقيه . فرغم أنه يقبل بعمومية والية الفقيه، ويعتقد ب

ــه ال يقصــد تأســيس من ينكر ذلك كأنه لم يذق طعم الفقــه، إال أنــه يســتثني الجهــاد، واألمــور الــتي وإقامة الحكومــة اإلســالمية؛ ألنــاج إلى ــدعوة المحت ــاد ال ــل: جه ــادل، مث ــاكم الع ــاج إلى الح تحت



وإال لظهــرت دولـة الحــق،»السلطان والجيوش واألمراء، ويقول: : لو أن لي أنصارا عــدد هــذه الشــويهات×كما قال اإلمام الصادق

. (92)«)أي أربعين شخصا( لخرجت ـ ويرى األستاذ مهدي هادوي هو اآلخر أن الســيد الخــوئي11

يقول بوالية الفقيه كاإلمام الخميني، ولكن الفرق كان في أدلتهما.(93)فقط

وفي خصــوص التشــابه الكامـل لنظريـة الســيد الخــوئي مــع نظرية اإلمام الخميني يشير إلى أن الســيد الخــوئي أفــتى بتعــيين

ــه مــارس1991حكام للشرع في انتفاضة عام ح قـائال: إن م؛ وصرــراد من ــام. والم ــة إلحالل األمن والنظ ــة»الوالي ــة المطلق الوالي

. (94) هو ذات اإلطالق الوارد في علم األصول«للفقيهــه بــاإلطالق في النقطة األولى هي أن اإلطالق هنا ال عالقة لــه في علم األصـول تتم علم األصول بتــوفر مقــدمات الحكمــة؛ ألن دراسة األمر التالي، وهو أن المخــاطب إذا أمـر بشــيء، وتـوفرت مقدمات الحكمة، يجب األخذ بإطالق قوله. على سبيل المثال: لو أمر المتكلم بأداء إحدى الصلوات، فبتوفر مقدمات الحكمة يمكنة ـــ، في حين أن اإلتيان بمطلق الصالة ـ دون االعتناء بقيــود خاصــ

ال يعــني أن الشــارع«اإلطالق»الغرض في والية الفقيــه من قيــد أمر بذلك، ونأخذ بإطالقه بتوفر مقدمات الحكمة.

ــه قــول غــير الهدف من الوالية المطلقة للفقيــه ـــ باعتبــار أن مسبوق، وخاص باإلمــام الخميــني ـــ هــو ممارســة الواليــة بمعيــار

باعتبار أنه أحد األحكام األولية التي لها األولوية على«، المصلحة»دة، ألمثــال غيرها من األحكام األوليــة. وفي المقابــل الواليــة المقي السيد الكلبايكـاني، هي تقييــد الواليــة باألحكــام األوليــة والثانويـة، بحيث إن الحاكم طبقا لــذلك يســتطيع العبــور من دائــرة األحكــام



ــرورات»األولية في حالة وجود عناوين ثانوية فقط، ـ وبحدود الض فحسب ـ.«تقدر بقدرها

مــا يقــال من أنــني قلت: إن»: &يقــول اإلمــام الخميــني الحكومة مخولة في إطار األحكام اإللهية مخــالف تمامــا ألقــوالي؛ ألنه لو كان هناك مثل هذا التحديــد فــإن الدولــة ســتكون مكتوفــةــود الشــرعية األيدي. فبإمكان الحكومة أن تلغي المعاهدات والعق التي عقدتها مــع النــاس من جــانب واحــد في حــال مخالفــة ذلــك العقــد لمصــالح البالد واإلســالم؛ وبإمكانهــا أن تقــف ضــد أي أمــر مخالف للدين اإلسالمي، سواء كان عباديا أو غــير عبــادي، طالمــا

. (95)«كان بهذه الصفةــتنبط رأي ــوص هي أن نس ــذا الخص ــة في ه ــة الثاني والنقط الســيد الخــوئي من خالل كتبــه المتعــددة، ونكشــف عن مــدى ارتباطها بعمله السياسي. فهو يحدد شأن الفقيه باألمور الحسبية:بية... فهي ثابتــة للفقيــه الجــامع »أمــا الواليــة على األمــور الحســ

. فالظــاهر أنــه(96)الشرائط؛ إذ إن فصل الخصومات بيــد الفقيــه« يرى تدخل الفقيه في هذا الشأن يــأتي من بــاب التصــرف، وليس من باب الوالية: »إنما الثابت أن له التصرف في األمور التي ال بد

.(97)من تحققها في الخارج«ــاء ال ــ أن الفقه ــوئي ـ ــيد الخ ــ كالس ــاء ـ ــرى بعض الفقه ويــه بية، ويــرون أن يمتلكون الوالية الشــرعية حتى في األمــور الحســ

. (98)مجاز بالتصرف بعنوان القدر المتيقن فقط أمــا أن يكــون الســيد الخــوئي قــد تــدخل أحيانــا في األمــورــائم ــرف في الغن ــق التص ــه ح ــه ل ــرى أن الفقي ــية، أو ي السياس

، فذلك يتضح من خالل التفسير، ووجه الجمع الحاصــل(99)الحربيةبين األقوال المختلفة للشيخ األنصاري.



وطبقا لرأي السيد الخوئي فإن الفقيه هو الشــخص المؤهل؛بية؛ ويمكن بالقدر المتيقن، القادر على التصرف في األمور الحســــية ــؤون السياسـ ــا من الشـ بية بعضـ ــ ــور الحسـ ــمل األمـ أن تشـ

واالجتماعية أيضا. وعلى أي حال تجدر اإلشارة إلى أن الذي يقول بــأن الواليــةبية فإنمــا يتحــدد بهــذا أو تصرف الفقيه يقتصر على األمــور الحســ المقدار، ويبتعد عن نظرية مثل نظريــة الواليــة المطلقــة للفقيــه. هــذا االســتنتاج ال يتنــافى مــع اســتدالله بعمــوم المصــلحة وإطالق الــدليل؛ إذ إن الواليــة في كــل األحــوال تتحــدد بــاألمور الحســبية واألحكام التنظيمية. وطبقا لرأيه فالفقيه يســتطيع تنفيــذ األحكــام

: تطبيق األحكــام التنظيميــة فيأوالالتنظيمية اإلسالمية لسببين: إطــار المصــلحة العامــة، وللمحافظــة على االنضــباط، والحــد من الفســاد والظلم المشــرعن. وبنــاء على ذلــك ليس في وســعه أن

يكون معنيا بفــترة معينــة. : أســباب األحكــام التنظيميــة لهــاثانيا إطالق زماني واجتماعي. وال شــك في أن أفــراد المجتمــع ليســواــل في ــه سيحصــل الخل من المخاطبين بهذا التكليف بأجمعهم؛ ألنف إلى ذلــك أن هنــاك بعض النظــام العــام في تلــك الحالــة. أضــ الروايـــات، كـــالتوقيع الشـــريف، تـــأمر النـــاس بـــالرجوع إلى

.(100)الفقهاء وعليه يمكن أن نستنتج خالف ما يذهب إليه الشيخ معــرفت، وقوله: إن اإلطالق في نظرية اإلمام الخميــني والشــيخ األنصــاري

متشابه، والقــول: إن حفــظ النظــام )األحكــام( 101)والسيد الخوئي التنظيمية( بالرغم من أنه من الواجبات المطلقــة )حفــظ النظــامــذا اإلطالق ــا(، إال أن ه ــد له ــتي ال تقيي ــات المطلقــة ال من الواجب يتحدد باألحكام الحسبية والتنظيمية، ويختلف اختالفــا أساســيا مــع



الوالية المطلقة )التي عبر عنها اإلمام الخميني(. على العكس من استنباط الشيخ معرفت، القائل: إن الســيد الخوئي هو كاإلمام الخميني يــرى أن دليــل اإلمامــة ينطبــق بعينــه

)فــدليل اإلمامــة بعينــه دليــل على لــزوم( 102)على واليــة الفقهــاء (، يجب أن نقــول: إن اإلمــام(103)#الحكومــة بعــد غيبــة ولي األمر

ــه الخميني يقول بسريان جميع شؤون اإلمام المعصــوم إلى الفقي بناء على أساس دليل التنزيل؛ في حين أن الســيد الخــوئي يقــولبية واألمــور التنظيميـة في بجواز تصرف الفقهاء في األمور الحســ

حدود القدر المتيقن فقط. من»والملفت أن األستاذ معــرفت يســتنتج بنفســه مــا يلي:

هنا ففي الواجبات العسكرية وتنفيذ األحكام االنضــباطية؛ وبســبب عدم تعيين مســؤول محــدد، يجب على الفقيــه الجــامع للشــرائط التصدي لتحمل المسؤولية ـ بعنوان القدر المتيقن، وبنحو الواجبنا... وإن دائــرة واليــة الفقيــه الكفائي ـ؛ وهذا ال يستوجب حقا معيــبرى لألئمــــة ــ ــة الك ــ ــاء ليســــت بســــعة الوالي ــ ــرأي الفقه ــ ب

. وبعبارة أخرى: تصرف الولي الفقيه في األمور(104)«المعصوميند حكم الحسبية ال يعد منصبا له عند السيد الخــوئي؛ بــل هــو مجــرــه ال تكليفي ـ ومن باب القدر المتيقن، والواجب الكفائي ـ، ودائرتـديور تتساوى مع دائرة والية األئمة المعصــومين. ويشــير الســيد كــة بوضوح إلى أن نظريات جواز تصرف الفقيــه هي البــديل لنظري

. (105)والية الفقيه، وال ينبغي الخلط بينها وبين النظريات الوالئية ـ يرى الدكتور كديور أن الفقــه السياســي تراجــع بعــد أن12

بلغت أفكار النائيني ذروتهـا إبـان الثـورة الدســتورية، إال أن األمـر عند انتهاء مرحلة الركود والــتراجع يمكن اإلشــارة إلى»المهم أنه

آراء السيد البروجردي فقط. فهــو ال يقــول بكفايــة األدلــة النقليــة



الواردة إلثبــات الواليــة التنصــيبية العامــة للفقهــاء، ويقــول بثبــوتد، وألول مــرة، على المسألة من خالل إقامــة الــدليل العقلي. وأكــدبير ــبرا المســائل السياســية وت ــدين والسياســة، معت ــتزاج ال ام

.(106)«الشؤون االجتماعية للمجتمع اإلسالمي من واجبات الفقهــاء ويرى الشيخ محسن كديور أن الســيد الــبروجردي يقــول بالواليــة

. (107)العامة للفقهاء ولدراسة هذا القول ال بد من القيــام بنقـل أبحاثـه من كتـاب

البدر الزاهر بالتحديد، ومن ثم تحليلها. فقـــد جـــاء في الكتـــاب المـــذكور تـــذييالن، تحت عنـــوان:

ــير«،تذنيبان» بشأن إجازة الفقهاء بإقامة صالة الجمعة؛ حيث يش التذنيب األول بشكل إجمــالي إلى حــدود واليــة الفقيــه؛ والتــذنيب الثاني جاء في خصوص شروط صالة الجمعــة. وينقــل في البدايــة رأي الشيخ في خصوص تالزم موضوع جعــل الحكومــة مــع إقامــة صالة الجمعة. ويرى أنه إذا اعتقــد المــرء أن على الفقهــاء إقامــةـام ـ ــات الحك ــع واجب ــك لجمي ــد ذل ــدي عن ــة فعليهم التص الحكومــام المسلمين قطعا، وتعد إقامة صالة الجمعــة أحــد واجبــات الحك |المسلمين، كما كان هذا الموضوع شائعا في عهــد النــبي األكــرم والخلفاء الراشدين. وعليــه ليس من واجب الفقهــاء إقامــة صــالة الجمعة في الــوقت الحــالي، وهنــاك إشــكاليات قويــة في األخبــار

؛ ألن البعض يقولــون: إن إقامــة صــالة(108)الدالــة على الــترخيصـة واليـة الجمعـة من واجبـات الفقيـه، مســتندين في ذلــك إلى أدل الفقيه، ويتناول السيد البروجردي في هــذا الصــدد موضــوع واليــة

الفقيه، ويشير في البداية إلى مقدمات عقلية بقوله: ال شــك في أن هنــاك جملــة من األمــورالمقدمة األولى:

في المجتمع ليســت من واجبــات أفــراد المجتمــع، وال عالقــة لهم



بهــا، بــل هي من األمــور االجتماعيــة العامــة الــتي تتوقــف عليهــا مســألة المحافظــة على النظــام االجتمــاعي، من قبيــل: القضــاء،ــة على الغــائب والعــاجز، ومــوارد صــرف أمــوال اللقطــة والوالي والمجهولــة المالــك، والمحافظــة على النظــام الــداخلي، وأمن الحدود، وأمر الجهاد والدفاع عند هجــوم األعــداء، وغــير ذلــك من األمــور الــتي تتعلق بسياســة المجتمــع، وليس لهــا شــخص خــاص يتصدى لها؛ بــل هي من واجبــات ولي المجتمــع، والشــخص الــذي بيده أزمة األمور المهمة للمجتمع، ويجب عليه التصدي لمسؤولية

الرئاسة والخالفة. من يتنــاول القــوانين اإلســالمية بــالبحثالمقدمة الثانية:

والتحقيـــق لن يبقى لديـــه أدنى شـــك في أن اإلســـالم هـــو دين سياسي ـ اجتماعي، وال تنحصر أحكامه في العبادات فقط؛ لتأمين السعادة األخروية لألفراد، بل إن أكــثر األحكــام اإلســالمية جــاءت من أجـــل إدارة المجتمـــع، وتنظيم األمـــور االجتماعيـــة، وتـــأمينــدارين، السعادة في هذه الدنيا، أو أنها ترتبط بالســعادة في كال ال مثــل: أحكــام الحــدود، والقصــاص، والــديات، واألحكــام القضــائيةــة والشرعية إلنهاء الخصومات، أو األحكام المتعلقة بضرائب الدولــق الخــاص والعــام على ضــرورة وجــود ــا يتف اإلســالمية. ومن هنر ألمــور المســلمين في المجتمــع السياسي المقتدر والقائد المــدب اإلسالمي، بل هــو من ضــروريات اإلســالم، رغم أن هنـاك اختالفـا في وجهات النظــر بشــأن الشــروط الــواجب توفرهــا في القائــد،

ن من قبل النبي أو باالنتخاب؟ وخصائصه، وهل أنه يعيــعالمقدمـــة الثالثـــة: ــؤون المجتمـ ال يخفى أن إدارة شـ

وتطــبيق األبعــاد االجتماعيــة في الــدين اإلســالمي ال تنفصــل عن المســائل المعنويــة الروحيــة، والقضــايا المرتبطــة بتبليــغ وإرشــاد



ــذ الصــدر المسلمين، بل إن السياسة كانت متداخلة مع الديانة من كان يتابع أمور المسلمين، ويديرها شخصيا،|األول. فالنبي األكرم

ويقضي في الخصومات، ويختار الحكام والوالة للمــدن المختلفــة، ويطالبهم بالخراج. وكانت المساجد تبــنى في الســابق إلى جــانب دار اإلمارة، والحكام ومبلغو الدين إلى جوار بعضهم البعض. وهذا النمط من امتزاج األبعاد الروحانيــة والمســائل السياســية هي من

زات الدين اإلسالمي. خصائص ومميبات االجتماعية وخالصة القول: إنه لدينا مجموعة من المتطل

.أوالالتي تعد من واجبات قائد المجتمع، هذا ــدين اإلســالمي المقــدس لم يكن ليتهــاون فيوثانيا : إن ال

توضيح هذه األمور، بل اهتم بها غاية االهتمام. ومن هنا فقد فوضــير من القــوانين ــذ الكث الحــاكم اإلســالمي صــالحية تشــريع وتنفي

واألحكام. وثالثا : لم يكن الحاكم اإلسالمي في صــدر اإلســالم شخصــا

، وخلفائه من بعده. |آخر غير شخص النبي األكرم لم يــترك|نحن نعتقــد أن النــبي األكــرمالمقدمة الرابعة:

ــا ن اإلمام علي لهــذا األمــر. وانتقلت×أمر الخالفة من بعده، بل عي . والمعــروف أن^الخالفة واإلمامة بعد ذلك إلى أبناء اإلمــام علي

حقــوقهم غصــبت. وعليــه نجــزم بــأن المرجــع في متابعــة وإدارةــو األمور االجتماعية المهمة التي ذكرناها هم األئمة االثنا عشر، ول كـــانوا يملكـــون الســـلطة لتنفيـــذها لكـــانت تعـــد من واجبـــاتهم

. (109)الخاصة ويقول بعد ذكر المقدمات: كان األئمة المعصــومون يعلمــون أن أغلب الشيعة في زمن الحضــور، وجميعهم في زمن الغيبــة، الق الشــيعة في المــدن المختلفــة، يمكنهم االلتقاء بهم. ونظرا لتفر



نوا أفرادا، مثل:^وعدم بسط يد األئمة د أن األئمة عي ، فمن المؤكزرارة ومحمد بن مسلم وأمثالهم؛ للتصدي لهذه األمور.

ويضـيف قـائال: مــع معرفـة األئمـة أن االلتقـاء بهم أمـر غـير ممكن فهـل يصـح أن يمنعـوا الشــيعة من الرجـوع إلى الطـاغوتــور ــه في بعض األم ــوع إلي ــدا للرج ــوا أح ن ــور وال يعي ــاة الج وقض المهمة، من قبيل: فصــل الخصــومات، وأمــوال الغــائب والعــاجز،

والدفاع عن بيضة اإلسالم؟! ولذا نحن على يقين قــاطع أن أصــحاب األئمــة ســألوهم عن الذين يمكن أن يكونوا مراجع للشيعة في هذه األمور، وأن األئمــة أجابوهم، وعينوا لهم أفرادا ليرجعوا إليهم عند الحاجة، وعند تعذر االلتقاء باألئمة. وغاية األمـر أن هــذه الروايـات واإلجابـات حـذفت من الكتب الروائية، ولم يصلنا منها سوى رواية ابن خديجة وعمــر

.(110)بن حنظلةــا أن وبعــد أن يســتعرض المواضــيع الســابقة يســتنتج قاطع

لم يتركوا هذه األمور الهامة، الــتي ال يرضــى^األئمة المعصومينة أنهم على درايــة باحتياجــات الشــيعة في الشارع بتركهــا، وخاصــ

عصر الغيبة، ولذلك تم تنصيب الفقيه لهذه األمور.ل إلى تنصـيب الفقيـه: ومن خالل القيـاس االسـتثنائي يتوصـ تدور القضية بين أمرين: إما أن األئمة لم ينصبوا شخصا معينــا؛ أو

نصبوا الفقيه. واألولى باطلة، فتكون الثانية صحيحة. وحسب اعتقاده يمكن أن نفهم من خالل هذه المقدمات أن

»كلمة ــه» في مقبولة عمر بن حنظلة، في عبارة «حاكما قد جعلت إنمــا هي في جميــع األمــور االجتماعيــة، وال يمكن«عليكم حاكمــا

اعتبــار ذلــك واجب شــخص محــدد، كمــا أن الشــارع المقــدس الــارة إلى يرضى بإهمال ذلك، ولو كان في زمن الغيبة. وتجدر اإلش



أن التصدي لهذه األمور ال يختص بالقاضــي أيضــا، وإن كــان عمــلــدوام ــا وعلى ال ــترن عرف ــومات اق ــل في الخص ــاء والفص القض

. (111)بالتصدي لسائر األمور التي هي محل ابتالء المجتمع بهاــ: ويقول في تتمة الموضوع األساسي ـ يعني إقامة الجمعة ـ يبقى أن نقول: هل أن إقامة الجمعة من تلك األمور العامــة الــتي هي محل ابتالء المجتمع بها، والــتي ال يرضــى الشــارع بتركهــا، أم

ال؟ هنا يتكون جــانب آخــر من اســتدالله، والــذي بقي خافيــا عن أنظــار الكثــير من البــاحثين والمحققين. ويقــول لــدى إجابتــه عن واجب الفقيه في إقامة الجمعــة: إن واجب اإلمــام على قســمين:ــل: القسم األول هو الواجبات التي تتعلق باإلمام مبسوط اليد، مث الحفـــاظ على األمن الـــداخلي، وســـد الثغـــور في البالد، واألمـــر بالجهاد والدفاع، وما شابه ذلك؛ والقسم الثاني هو الواجبات التي ال ينبغي لإلمام أن يتركها، ولو كان غير مبسوط اليد؛ ألنه يستطيعــأموال القيــام بهــا بتفــويض غــيره من األفــراد، مثــل: التصــرف ب اليتــامى والمجــانين، والفصــل بين النــاس، والتصــرف بــأموال

المفقودين.ــة من ــة الجمع ــاهر أن إقام ــه: والظ ــة كالم ــول في تتم ويقــدر ــة؛ ألن الق ــة الجمع ــه إقام ــذا ال ينبغي للفقي ــم األول. ل القس المتيقن من أدلة واليــة الفقيــه تختص بالقســم الثــاني، أي األمــور

. (112)التي ال يرضى الشارع بتركها، وال يعد بسط اليد شرطا فيهان أن النقطة المهمــة هنــا أن المقدمــة األولى لالســتدالل تــبيــذكر في األمور االجتماعية العامة أوسع من النتيجة النهائية. فهو ي المقدمة األولى أن األمور االجتماعية العامة، وهي الــتي ليس لهــا شخص خاص لكي يتصدى لها، هي الواليــة على الغــائب والعــاجز،



وتحديــد وجــه صــرف أمــوال مجهــول المالــك، والمحافظــة على النظام الداخلي، وأمن الحدود، وأمر الجهاد والــدفاع. وعليــه فــإنل بالتصدي لهذه األمور العامــة والمهمــة، والــتي مهمة الفقيه تتمث تضــم المهــام السياســية والحكوميــة أيضــا، ســواء فهم من ذلــك

أو الوالية العامة للفقهاء.( 113)الحسبة الموسعة ولكن طبقا لما جاء في البحث األخير نجــد أن دائــرة األمــوربية مضــيقة للغايــة. والحفــاظ على النظــام الــداخلي، وأمن الحســبية، الحدود، وأمر الجهاد والـدفاع، تخـرج من دائـرة األمــور الحســ وتبقى بعض األمور، من قبيــل: التصــدي ألمــوال الغــائب والعــاجز

وفصل الخصومات فقط. ويرى الدكتور كديور، وهــو الــذي اكتفى بالمقــدمات العقليــة

فقط، أنه يؤمن بالوالية التنصيبية العامة. ــثر شــبها ــبروجردي أك ــارات الســيد ال وباإلضــافة إلى أن عبــه ال بــد أن عة منها بالوالية التنصيبية العامــة، إال أن بالحسبة الموس نقوم بإزالة التناقض بين هاتين الفقرتين من عبارتــه بنحــو مــا؛ إذــدخل أمــورا معينــة، كالجهــاد مثال، في دائــرة إن المقدمة األولى ت واليــة الفقهــاء، وتخــرج القســم األخــير من هــذه األمــور من هــذه

الدائرة. ومن أجل إزالة هذا التناقض من الممكن أن نتصــور أنــه في المبحث األول في صـــدد االســـتدالل العقلي على واليـــة الفقيـــه )األمور التي هي محل ابتالء المجتمع بها، وال يقبل الشارع تركها(،ــات ولكن عندما يثار المبحث النقلي يرى أن المســتفاد من الرواي هو التضــييق )األمــور الــتي يبتلي بهـا المجتمــع، وال يقبـل الشــارع تركهــا، وال تســتلزم بســط اليــد(. وبنــاء على ذلــك فقــد كــان في القسم األول في صدد إثبات والية الفقيه من زاوية األدلة العقلية؛



وفي المبحث الثـاني كــان في مقــام تحديـد داللــة األدلــة النقليــة،فاكتفى بالقدر المتيقن منها.

فه الشــيخ منتظــري في ويبدو أن كتاب البدر الزاهر، الذي ألمرحلة تبلور االسالم السياسي، يحمل نفس هذا االستنتاج.

ولكن يمكن تناول هذا الموضوع من زاوية أخرى أيضا؛ وذلك أن كل ما تناوله يثبت أمرا واحدا. ولذا يجب النظــر الى الدراســة السابقة ككــل واحــد؛ وتحليلهــا كمجموعــة واحــدة. فهــو ليس في صدد إعطاء أدلة عقلية مجتزأة، بل يسعى إلى إثبات مقدار داللــة الروايــات على دائــرة تطــبيق الواليــة باالســتفادة من المقــدماتــات، وليس ــدمات فهم الروايـ ل مقـ ــا تمث ــع أنهـ ــة. والواقـ العقليـ مقدمات الدليل العقلي المستقل. وكأن منهجه في دروس البحث الخارج ضــم المقــدمات الخارجيــة والعقليــة لفهم الروايــات. ومن هــذه الزاويــة، ومن خالل المقــدمات العقليــة، يمكن التكهن أن اإلمــام لم يــترك المســائل محــل االبتالء، وأعطى النيابــة للفقيــه؛

لتنظيم تلك الدوائر.ــا ولكن يبقى أن نعرف كم من هذه المسائل التي ورد ذكرهــاب ــاء من ب ــات الفقه ــا من واجب ــدمات يمكن أن نعتبره في المق

تطبيق الوالية؟ــه يمكن وهنا تثار مسألة القدر المتيقن؛ التي يعتقد جازمــا أن جعــل األمــور الــتي هي محــل ابتالء ضــمن دائــرة تطــبيق الواليـة،دية ـ كصــالة الجمعــة ـــ خارجــة عن هــذه الــدائرة. والمسائل التعب والنتيجة أنه على أساس االحتمال األخير لم يكن في صدد إعطــاء دليل عقلي مســتقل، بــل ذكــر جملــة من المقــدمات لفهم األدلــة

النقلية والشرعية. وعليه تصبح النتيجة كالتالي: ال والية للفقيه سوى في األمور



ــا، وال ــدس على تركه ــارع المق ــق الش ــتي ال يواف ــة، ال االجتماعيتستلزم بسط اليد.

ــا اســتنتجه ــع م ــبر م واالحتمــال األخــير يتناســب بشــكل أكاشتهاردي من الفكر السياسي للسيد البروجردي.

وعلى هذا األساس فإن الخوض في السياســة، حتى لألنبيــاءــير آخــر: ال يعتــبر من^واألئمة ، يبقى في حــدود الضــرورة. وبتعب

ــومين ــك إن المعص ــد من ذل ــية. وأبع ــاتهم األساس ــانوا^واجب كلون في السياسة عند المصلحة، والواقع أن الوالية السياسية يتدخ لم تكن من شؤونهم الذاتية؛ بل إن شــأنهم األساســي هــو األمــور

. وبالتالي ال بد من القول: إن نظرية(114)المرتبطة بالمبدأ والمعادــد من السيد البروجردي حول مسألة والية الفقيه بحاجــة إلى مزي

التدقيق. إلى الشــهيد«نظرية االنتخاب»ـ وفي هذا الكتاب نسبت 13

دة للفقيــه ولــدت مطهري. ورغم أن نظرية الوالية االنتخابية المقي على خلفيــة النقــاش بين الشــيخ حســين علي منتظــري والشــيخ

، وانتقــادا لنظريــة&الشهيد مطهري حــول درس اإلمــام الخميــنيمة للشيخ الشهيد أقــرب إلى نظرية التنصيب، إال أن العبارات القي

.«الوالية» من نظرية «اإلشراف»ــه في الواليــة ترجــع الفرق بين نظريتي الوالية واإلشــراف أن الشرعية في النهاية إلى الفقيه، ســواء بالواســطة أم بــدونها؛ في حين أن األمور التنفيذيــة في نظريــة اإلشــراف توكــل إلى النــاس أنفسهم، ويشــرف الفقيــه أو )الفقهــاء( على التنفيــذ أو التشــريع. وهذا اإلشراف يمكن أن يكون على النحو الذي يقــوم فيــه النـاس بوضع الضمانات التنفيذيــة لــه؛ ويمكن أن تكــون الواليــة بالشــكل التنصيبي أو االنتخابي. فالتنصــيب واالنتخــاب هي أنمــاط وأشــكال



للوصــول إلى الســلطة؛ رغم مــا لهــا من تــأثير في حــدود الواليــةأيضا.

وعلى أي حال فإن مراد مطهري من ذلــك أن الفقيــه، كــأيــي: ــكل أساس ــور بش ــرف على األم ــد، يجب أن يش منظر ومرش

واليــة الفقيــه ال تعــني أن يكــون الفقيــه على رأس الســلطة» والدولة، ويحكم بصورة عملية. دور الفقيــه في أي بلــد إســالمي ـ أي البلد الذي آمن فيه الناس بالدين اإلسالمي كنظرية، والــتزموا بها ـ هــو دور المنظر، وليس دور الحــاكم. ومســؤولية المنظر هــو أن يكون له اإلشراف على التطبيق والتنفيذ الصحيح للمنهج. فهــو يشرف، ويدرس صالحية منفذ القانون، والشــخص الــذي يريــد أن يتبــوأ منصــب رئيس الدولــة، ويصــبح من ضــمن الكــادر الفكــري

.(115)«اإلسالمي والملفت هنا أن األســتاذ مطهــري يرجــع فهم هــذه المســألة

تصــور»واستيعابها إلى فهم الناس في عصــر الدســتور، ويقــول: ــاس في الناس في ذلك الوقت ـ المرحلة الدستورية ـ، وكذلك الن هذا الوقت، لواليـة الفقيـه لم ولن يصـل إلى أن يمـارس الفقهـاء

.(116)«الحكم، ويديروا شؤون البالد بأنفسهم ولكن تجدر اإلشــارة إلى أن الظــاهر من بعض اآلراء األوليــة

أنها كانت تشير أيضا إلى هذه النظرية، وترجعها&لإلمام الخميني نحن ال نقــول بوجــوب أن تكــون»أيضا إلى المرحلــة الدســتورية:

ـدار الحكومــة بالقــانون الحكومة بيد الفقيه، بـل نقــول: يجب أن ت اإللهي الذي فيه صالح البالد والعباد، ولن يتم ذلـك بـدون إشـراف الفقيه. وكما صـوتت الحكومــة الدســتورية أيضـا على هــذا األمــر،

.(117)«وصادقت عليهد النظريات التي تتبــنى الواليــة على الفــرد، وبشكل عام تؤك



د نظرية اإلشراف على المؤسسة بشكل أكبر. وتؤك من »ففي نظريــات النــوع األول، وعنــد اإلجابــة عن ســؤال

نجد أنها تطرح شخص الفقيه؛ ولكن في نظرية اإلشراف«الذي؟ الفرضية التالية واردة، وهي أن األمور التنفيذية أوكلت إلى الناســل المتخصصــين أنفسهم، ويجب أن تحظى بالتأييد والــدعم من قب من رجــال الــدين فقــط. ولــو افترضــنا األخــذ بمســألة اإلشــراف ألســلمة األمــور فال داعي على اإلطالق الكتفائنــا بإشــراف الفــرد؛ ألن إشــراف مجموعــة الفقهــاء يبــدو أقــرب إلى الصــواب. ولهــذاــثر ــة أك السبب بالضبط نجد أن الفرد في النظريات القائلة بالوالي

تبنيا مما هو في النظريات التي تقول باإلشراف. والظاهر أن الدكتور كديور التفت إلى هذا التبــاين في كتــاب )حكومت واليي(، أي حكومة الوالية، ويذكر األستاذ مطهري ضمن

. (118)القائلين بنظرية اإلشرافــة14 ــة المطلق ــة الوالي ــة في تفســير نظري ــ النقطــة التالي ـ

على جانب كبير من األهميــة، وهــو أنــه &التنصيبية لإلمام الخميني يعطي الوالية المطلقة للحكومة، وليس للفــرد. ولعلــه ألجــل هــذاـــة إلى يمكن القـــول: إنـــه يالحـــظ في فكـــره عبـــورا من الفرديــني لحــدود صــالحيات ــدى توضــيح اإلمــام الخمي المؤسســاتية. ول

ــة ذات»الحكومة قال بكل صراحة: القول بأنني قلت: إن الحكومــا من ــة على العكس تمامـ ــام اإللهيـ ــار األحكـ صـــالحيات في إطـ

أن الحكومــة ـــ الــتي تعــد». ويـرى اإلمــام الخميــني (119)«أقــواليــة لرســول الله ــة المطلق ــ هي إحــدى|شــعبة من شــعب الوالي ـ

األحكام األساسية للدين اإلســالمي، ومقدمــة على جميـع األحكـام . إن الكالم في جميـع(120)«الفرعيـة، حتى الصـالة والصـوم والحج

العبــارات الســابقة يــدور حــول الحكومــة وصــالحياتها، وليس عن



الفرد. ولمــا كــان رأيــه أن ال فـرق بين رفض األحكــام الثانويـة بعــد تشـــخيص الموضـــوع بواســـطة عـــرف الخبـــير ورفض األحكـــامــة األساسية بال سبب، وأن األحكام الثانوية وحدها غير كافية للواليــيانة المطلقة للفقيه، وأنه بعد تصويت المجلس وإقرار مجلس ص الدســتور ال يحــق ألي شــخص أن يرفضــه، ويجب على الحكومــة

ــني(121)اتخاذ اإلجراء الالزم بدون أي نقاش ، جاء رأي اإلمام الخميــار رأي ثلــثي أعضــاء مجلس الشــورى اإلســالمي حجــة في باعتب

المواضيع العرفية، التي يعتمد في تشخيصها على العرف.ــة لإلمــام الخميــني على أنهــا وكان ينظر إلى الرؤية الحكومي نقـــد لبعض الفقهـــاء التقليـــديين القـــائلين بـــأن للفقيـــه )وليس لمؤسسة الدولة( الوالية في األمور العامة المحددة بإطار أحكــام

الشرع. خذوا دور الزمان والمكان »:&وعندما أوصى اإلمام الخميني

بعين االعتبار؛ ألن األبحاث والنقاشات الدائرة في حلقات الــدرس ، لعله جاء في(122)«ال تلبي الطموح، وتؤدي بنا إلى طريق مسدود

.«المؤسسة » إلى«الفرد »ثنايا أفكاره ونهاياتها عبوره من هي التي تحدد فلســفة«الحكومة »ويرى اإلمام الخميني أن

التصدي للشرك والكفـر، وهي مفتـاح الحـل للمعضـالت الداخليـةوالخارجية.

ويــرى اإلمــام الخميــني أن مصــلحة النظــام ترتبــط بالواليــةــام المطلقة، وأن الحكومة اإلسالمية تستطيع إيقاف العمل باألحك األولية والثانوية )بصورة مؤقتة(، بناء على أساس المصلحة. ومن هــذه الناحيــة فــإن قــوانين الدولــة ومصــلحة النظــام تتقــدم على

األحكام الشرعية األولية والثانوية.



ــان ــا أن كي ــا بالضــبط يبــدو لن يتم«مؤسســة الدولة»وهنــديره ــخص وتق ــرارات الش ــه؛ إذ إن ق ــارة ل ــه واإلش ق إلي ــر التط للمصلحة ليست بــالتي تعطل العمــل باألحكــام الشــرعية، بــل إنــتي لهــا هــذه المســاحة من الصــالحيات. ــة هي ال مؤسســة الدولــازل الفــرد في الفقــه السياســي عن موقعــه لصــالح ــدما يتن وعنــة الدولــة من حيث الفلســفة المؤسســة تظهــر الحاجــة إلى نظريــة في علم الفلســفة ن ــة معي ــاك نظري ــو لم تكن هن السياســية. ولــدم فســتبقى ــار الموضــوع المتق ــدد مس السياســية يمكن أن تح مصلحة الدولة ومصلحة نظــام الحكم بــدون ســند نظــري، ويغــدو ممكنا استنتاج أفكار متباينة منها، بل وأحيانا متقاطعة من الفهم ـــ. وعلى العكس من ــدرة ـ ــة المقت ــذهاب إلى فكــرة الدول حتى ال من علمي الفقــه السياســي والفلســفة السياســية ذلك، لو أن كالــاغم ــا تن ــان بينهم ة، وك ــا الخاصــ ــام بمهامهم اقتصــرا على االهتم

كما يقال، لتحولت من زاوية الفلسفة السياسية إلى(123)وانسجامنظرية ناضجة وداعمة للفقه السياسي في باب إدارة الدولة.

ــني ــام الخمي ــر اإلم ــإن فك ــال ف في خصــوص&وعلى أي ح الجمهوريـــة»الحكومـــة، والـــذي يمكن أن نـــذكره تحت عنـــوان

، يمكن اعتبــاره محاولــة(124)«اإلسالمية القائمة على واليــة الفقيه في إطار إيجاد المواءمة بين المفاهيم القديمة والجديدة، وبخاصة الواليــة والجمهوريــة. ومن هــذه الزاويــة يعتــبر اســتمرارا للمنهج

. (125)الفكري للمجتهدين الدستوريين، أمثال: الشيخ النائينيــام15 ــري لإلم ــرأي النظ ــرى أن ال ــرى ن ــة أخ ــ ومن ناحي ـ كــان في حاجــة إلى التوضــيح. وبشــكل عــام يمكن أن &الخميــني

نستخلص استنتاجين من نظرية التنصيب: : أن يكون مبـدأ التنصـيب مشــروطا بـرأي النــاس، أواألول



على األقل أن يؤخذ بــرأي النــاس عنــد اكتســاب التنصــيب صــفتهالفعلية، ويعتبر شرطا في ذلك.

ــاني ــيب اإللهي، وأن رأيالث بون بالتنص ــ ــاء منص : أن الفقهر فقط في إقامة نظام الحكم. الناس مؤثد االســتنتاج األول: &والتأمل في كلمات اإلمــام الخميــني يؤك

الحكومة اإلسالمية حكومة وطنيــة، حكومــة تســتند إلى القــانون» اإللهي وآراء األمة. وتتحقق بآراء الشعب، ومــتى مــا عملت خالفــا

. وكل ما تطرحه األكثريــة(126)...لرأي الشعب فإنها ستسقط حتما من آراء فهي محترمــة، حــتى لــو كــانت مخالفــة، وتعــود بالضــرر عليهم. فالديموقراطيــــــة هي أن تكــــــون آراء األكثريــــــة هي

. وعندما أعلن عن التصويت كان رأيي هو حكومة(127)المحترمة...روا عن الجمهوريـــة اإلســـالمية، إال أن النـــاس أحـــرار في أن يعب رأيهم، ويقولوا بأننــا نريــد نظــام الحكم الملكي، وأن يقولــوا بأننــا نريد عودة محمــد رضــا بهلــوي. إنهم أحــرار في أن يقولــوا: نريــدـا، ولكن ليس ــــ نظـــــام الحكم الغـــــربي، وأن يكـــــون جمهوري

. (128)«إسالميا النظرية المتقدمة من الديموقراطية وحكم الشــعب بمكــان؛ بحيث إنها مســتعدة لتســليم الســلطة السياســية في حالــة رفض

الشعب لإلسالم ولرجال الدين. ولكن على أساس االستنتاج الثاني يمكن أن تكون صالحيات

، وأن تكتسب(129)الولي الفقيه أوسع من الدستور االنتخابــات شــكلها الصــوري والدســتوري بــرأي ولي األمــر، وتصبح مسألة تعيين الحكومة مثار التساؤل. وفي نظام كهذا تحل

. وبــدال من أن يتمكن النــاس من« الحقــوق» محــل «التكــاليف» المشــاركة في األمــور االجتماعيــة والسياســية بشــكل حــر، على



ــام بأعمــال ــوجب عليهم القي أســاس الرضــا وممارســة حقهم، يت خاصة على أســاس التكليــف. ووفقــا لهــذا التفســير يصــبح نظــام الحكم الوالئي نظاما جمعيا، ويصــبح الفــرد فيــه مســتحيال، ويفقــد استقالليته، وفي المقابل تتغلب الدولة بكل قوة على الفــرد، بنــاء

. (130)على مبدأ المصلحةــفت16 ـ رغم أن نظرية الشيخ منتظري في هذا الكتاب وص

ــه بأنها نظرية الوالية االنتخابية المقيدة للفقيــه بشــكل واضــح، فإن في الطبعة الجديدة لكتاب نظريات الحكومــة في الفقــه الشــيعي )نظريه هاي دولت در فقه شــيعه( كــان ال بــد من اإلشــارة كــذلك

إلى نظرياته األخيرة )نظرية اإلشراف، وحتى شورى القيادة(. «الفــرد»ويبدو أنه يمكن أن نطرح أيضـا مسـألة العبـور من

في االختالف الموجود بين كتاب )دراسات في« المؤسسة »إلى وكتـاب )الدولــة الدينيـة( 131)والية الفقيه وفقــه الدولـة اإلســالمية(

.(132)وحقوق اإلنسان(ــدة»وال شك في أنه تم طرح نظرية الواليــة االنتخابيــة المقي

في الكتاب األول، ولكن يبدو أن المقــترح غــير المكتــوب«للفقيه للمؤلف في الكتاب الثاني كان في العبور الجميــل من الفــرد إلى المؤسسة. وبناء على ذلك ال بد من أخذه بعين االعتبــار في وضــع

نظرية جديدة ـ وليس قراءة جديدة لنظرية الوالية االنتخابية ـ. ومع أخذ الفرضية التالية بنظر االعتبار، وهو أنه لم يقل شيئاــتين في آن واحــد(، ــا النظري ــؤمن بكلت ــه ال ي متناقضــا )بمعــنى أنــة المؤلــف )والقــرائن الخارجيــة األخــرى(، يمكن وبــالنظر إلى ني القــول: إنــه يالحــظ في اآلراء األخــيرة وجــود تحــول جــوهري من

. وفي هذا السياق نشير إلى جملة من«اإلشراف» إلى «الوالية»دة لهذا القول: النقاط المؤي



ــراف: ــة واإلش ــة الوالي ــ ماهي ـــة الواليـــة غـــيرأـ ماهي نــوع من الســلطة والقــدرة للقيــادة والتــولي«الوالية»اإلشراف.

ــنين؛ في حين أن ــ ــخاص معي ــ ــدة أش ــ ــخص أو ع ــ ــاة لش ــ المعطــراف» ــام«اإلش ــاق األحك ــدى انطب ــييم م ــة تق ــارة عن عملي عب

واألعمال الموجودة في حكومة ما على أســاس الشــريعة، والــتيتحصل عادة بناء على طلب األمة.

ــه باعتبارهــا ــة الفقي ــه األولى تم النظــر إلى والي ففي نظريت المرتبــة الكاملــة للواليــة التشــريعية»اســتمرارا للواليــة اإللهيــة:

ة بالــذات اإللهيــة المطهرة، ومراتبهــا األدنى لبعض األنبيــاء الخاصــ ، وفي زمن الغيبــة للفقيــه^والنــبي األكــرم واألئمــة المعصــومين

العادل العالم بأحوال الزمــان، ومن لــه الدرايـة بمشــاكل العصـر،. (133)«والقادر على التصدي لها وحلها

وعلى أساس نظرية الوالية المنتخبـة للفقيـه لم يتم تنصــيبــالى ن من قبل الشارع المقدس للوالية، بل إن الله تع شخص معي أخذ بعين االعتبار وجود صفات معينة للحاكم اإلسالمي. ومن هنــا،ــرد الجــامع ورغم أن الشارع المقدس وافق على مبدأ انتخاب الف للشـــروط من قبـــل النـــاس؛ إال أن شـــكل الحكومـــة، وطريقـــة االنتخاب، وخصــائص النــاخبين، وكيفيــة إجرائهــا، قــد وضــعت بيــد

العقالء. وعلى أساس هذه النظريــة تعتــبر البيعــة الوســيلة اإلنشــائية للتولية. وتستند شرعية الحكومة في إطار الشرع في زمن الغيبة

إلى األمة. ويمكن تقييــد صــالحيات الحــاكم بالدســتور، بآليــة الشــروط الواردة ضمن العقد. كما يمكن تحديد واليــة الحــاكم بمــدة معينــة )عشر سنوات مثال(. ويمكن عــزل ولي األمــر في إحــدى حــالتين:



فقدانــه الصــفات المطلوبــة، أو عــدم إيفائــه بتعهداتــه )الشــروطالواردة في العقد في إطار الدستور(.

والحكومــة مســؤولة عن األمــور العامــة للمجتمــع، والنــاس أحرار في ممارسة حياتهم الخاصة وأمورهم الشخصــية. ورغم أنــة ــاء على نظري ــاكم، بن ــا على الح ــة ليس واجب ــاع رأي األكثري اتب الوالية االنتخابية المقيدة للفقيه، إال أنه يستفيد من آليــة الشــورى

والتشاور. ويشرف الفقيه على السلطات الثالثة. ويمكن تقنين مســألة

الفصل بين السلطات بشكل نسبي في الدستور. ، وليس لجميــع«للفقيه»واستنادا إلى هذه النظرية فالواليــة

الفقهاء، وال لشورى الفقهاء. ويمكن مقارنــة نظريــة الواليــة التنصــيبية المطلقــة ونظريــة الوالية االنتخابية المقيدة للفقيــه من خالل األمــور التاليــة: مصــدر الشرعية، الصفة اإلسالمية، دور األمة، البيعة، جمهورية الحكومة، تنصيب الحاكم وعزله، الدستور، إمكانية اإلشــراف وكبح الســلطة السياســية، إطالق صــالحيات الحكومــة وتقييــدها، مــدة الحكم، مصلحة النظام، توحيــد الحكومــات اإلســالمية وتعــددها، المجتمــع

.(134)المدني ودائرة الحريات وعلى العكس من ذلك فإن كتاب الحكومــة الدينيــة وحقــوقــال فصـــل ــرية في مجـ ــازات البشـ ــان، الـــذي يهتم باإلنجـ اإلنسـ السلطات وتقسيم السلطة، ينفي بصريح العبارة والية الفقيه في

ــال التنفيذ ــذا(135)مج ــد في ه ــر المهم الوحي ــإن األم ــا ف . ومن هن السياق هو تطبيق أحكام الشــريعة، ال غــير، وليس لواليـة شـخص

ــة الجديــدة ال(136)الفقيه أي مدخلية في هذا المجــال . وفي النظريضرورة ألن يكون الفقيه على رأس الهرم.



والية الفقيه بمعناهــا العــام هيب ـ حدود دائرة الوالية: عبارة عن إجماع الفقهاء.

وقد أقر الجميع امتالك الوالية على األقل في دائــرة الفتــوىبة. ولكن والقضاء و الوالية )أو جواز التصرف( ضمن دائـرة الحســـة ــنى امتالك الوالي ــه بمع ــة الفقي ــؤمن بوالي ــط ي البعض منهم فق

السياسية الواسعة إلقامة الدولة. ضـمن حــدود«للفقيه»نظرية الوالية المنتخبة تحــدد الواليـة

ــتي الشــرع المقــدس، وضــمن حــدود عقــد البيعــة والشــروط ال يتضمنها العقد )من قبيل: مدة عشر سنوات، أو الشروط الواردة في الدستور(. ومن هنــا فهي تقــول بــدائرة أضـيق للفقيــه قياســا

جميع األمور المتعلقــة»بنظرية الوالية التنصيبية المطلقة للفقيه: بالمجتمع اإلسالمي كمجتمع تقـع على عـاتق الحـاكم اإلسـالمي...

حراســة الــدين»كما ويمكن تلخيص واجبات الحاكم بهذه الجملة: . ويقـــول: إن الواليــة ليســت كاإلشــراف(137)«وسياســة الــدنيا

. وتشــمل دائــرة(138)المعمول به في النظم الملكية مثل: بريطانيا .(139)والية الفقيه الجهاد االبتدائي في زمن الغيبة أيضا

ــة أصــال ولكن على أساس نظريته األخيرة فليس للفقيه والي )إذا أراد النــاس«يشــرف»لتشــكيل الحكومــة وإدارتهــا، وســوف

وال تعــني»ذلك( على التطـبيق الصـحيح ألحكـام الشــريعة فقـط: .(140)«واليته أنها ثابتة وسارية في دائرة التنفيذ

د في كلمته عام هـ.ش على هذا األمر1376كما سبق أن أك نــة«الناس». ولكن بإمكان (141)أيضا ــات معي طبعــا أن يقــترحوا آلي

ليصبح هذا اإلشراف مصحوبا بضمان التنفيذ. كما أن الشيخ النــائيني الــذي كــان يقــول بالواليـة في حــدود

عة بة الموســ ، ويعتقــد بإشــراف خمســة فقهــاء على(142)الحســ



التطبيق الصحيح لألحكام )على أساس دستور الثورة الدستورية(،لم يكن لديه هو اآلخر سوى هذا االعتقاد أيضا.

بة في ولعلـه لهــذا السـبب تنـاول منتظـري موضـوعة الحسـ لــو أن النــاس لم يقــدموا»كتاب )حكومت ديني وحقوق إنسان(:

في مكان ما أو في زمن ما على إقامة السلطة الالزمة، وبالتــالي ظهرت الفوضى وفقدان األمن وتضييع الحقــوق والقتــل والســلببت والنهب، أو كانت هناك حكومة ظالمة على رأس السلطة، تسب في تضييع حقوق الناس، أو كانت مناوئة للقيم اإلنسانية والدينيــة،ــا الحــالتين يجب على الفقهــاء العــدول بالدرجــة األولى، ففي كلتبة أن ــاب الحســ ــة، ومن ب وعلى عــدول المؤمــنين بالدرجــة الثانيــدر اســتطاعتهم، يبادروا إلى إقامة السلطة الالزمة والضرورية بق

. (143)«وتصبح إعانتهم كذلك واجبة على الناس الشروط الواجب توفرهاج ـ شروط الحاكم اإلسالمي:

في الحاكم اإلسالمي وفقــا لنظريــة الواليــة المنتخبــة تختلــف عننظرية إشراف الفقيه )أو الفقهاء(.

ففي النظرية األولى هناك عــدة شــروط للحــاكم اإلســالمي، وهي: العقل الوافي، اإلســالم واإليمــان، العدالــة، الفقاهــة والعلم االجتهـــادي باألحكـــام اإلســـالمية، بـــل األعلميـــة )باعتبارهـــا أهم

.(144)الشروط(، التدبير، عدم البخل، الرجولة، وطهارة المولد في حين أشار كتاب الدراسات، وبشكل صــريح، إلى شــرط

واليــة». وجاء في كتــاب الحكومــة الدينيــة: (145)الفقاهة واألعلمية ،( 146)«الفرد أو األفراد الفقهــاء في هــذا المجــال ال موضــوعية لها

. (147)وإن شرط األعلمية حدد في مجال اإلفتاء فقطــةد ـ فردية أو جماعية هذه المســؤولية: ــا لنظري وفق

الوالية المنتخبة المقيدة للفقيه فإن فقيها واحدا فقــط لــه الواليــة



ــات القائلــة بالتنصــيب: ــة»بالفعــل، على العكس من النظري نظريــة، وليســت واليــة والية الفقيه هي المعمــول بهــا في هــذه النظري

.(148)«الفقهاء. فالفقهاء غير المنتخبين يفتقدون للوالية الفعليةـة األولى: ــــ رئيس الحكومـــــة»في حين جـــــاء في النظري

؛ وفي(149)«اإلســالمية عبــارة عن فــرد، وليس شــورى القيــادة النظريــة الثانيــة يمكن أن يتم اإلشــراف من قبــل فقيــه واحــد أو

وفقا لفرضيتنا فــإن فقيهــا واحــدا من بين»مجموعة من الفقهاء: الفقهاء من ذوي الفتوى ـ أو عدة فقهاء منهم على نحو الشورى ـ له الحــق في اإلشــراف على قــوانين البالد، وأن يــرفض القــوانين المخالفــة للشــرع أحيانــا. ويجب أن يصــار كــذلك إلى اتبــاع رأيــه

.(150)«وفتواه، وله مثل هذه السلطة وعلى»ويرى أن شورى القيــادة تقلل من خطــر االســتبداد:

أي حال يبدو أن السلطة السياسية إذا لم تنتقل إلى شخص واحد أفضل؛ ألنه في الشخص الواحد يكون خطر االستبداد أكــثر... إذن مــا المــانع في أن تصــبح الســلطة السياســية بيــد جميــع المراجــع الذين يتم تعيينهم بصفة شورى القيــادة من قبــل مجلس الخــبراء

ــة الكريمــة: ورى بينهم﴿بمقتضــى اآلي ــذلك﴾وأمــرهم شــ ؟ وب .(151)«سيكون خطر االستبداد أقل وقوعا حتما

ويجب البحث عن سبب هذا األمر في التفاوت الموجــود بين» وغير المعصوم، واحتمال الوقوع في الخطأ: #المعصوم انطالقــا

من األوضاع السياسية المعقدة السائدة في عــالم اليــوم، ونظــرا إلى النضج السياسي للشــعوب والعالقــات الدوليــة، والحاجــة إلىرة في مختلــف المجــاالت، االختصاصات المختلفة والعقــول المفك فإن وضع جميع مفاصل السلطة بيد فرد واحد غير معصوم وجائزر بــأفراد من ذوي الصــالح في الظــاهر الخطأ، ولربمــا قابــل للتــأث



. (152)«والطامعين والمتملقين، ليس في صالح اإلسالم والبلد رغم أن الشــرعية فيهـــ ـــ مصــدر شــرعية الفقيــه:

ــه يمكن ية أساســا من قبــل األمــة فإن نظرية الوالية االنتخابية متأت اعتبار الشرعية في هذه النظرية ـ من جهة تحديد صــفات الــواليــة هي األخــرى؛ ذلــك أن اللــه تعــالى حــدد صــفات الحــاكم ـــ إلهي

اإلسالمي )ومنها: الفقاهة(. إن الشرعية في النظريات التنصــيبية )مثــل: نظريــة الواليــة المطلقة للفقيه( هي من قبل اللــه تعــالى، وآراء النــاس محترمــةــة حتما من جهة أنها مقبولــة. أمــا شــرعية واليــة الفقيــه في نظري االنتخاب فهي تستند إلى رأي األمة من جهة أن النــاس هم الــذين

لألمــة حــق االنتخــاب، ولكن»يميلون نحو أحد الفقهــاء ويبايعونــه: .(153)«ليس بشكل مطلق، بل بأخذ الصفات الالزمة بنظر االعتبار

ويقوم الفقيه )أو الفقهــاء( في نظريتــه األخــيرة، وكمــا تمت اإلشــارة إليــه، باإلشــراف فقــط، وليســت لــه الواليــة لممارســة الحكم؛ لكي يصار إلى البحث في نوعها. كما أن شــرعية إشــرافه تنبثق من الناس بالكامل، ويقــوم بهــذا األمــر عنــدما يريــد النــاس

ذلك فقط. يمكن أن نستشــرفو ـــ هيكــل الحكومــة اإلســالمية:

ــة االنتخــاب طبقــا هيكــل الحكومــة اإلســالمية على أســاس نظري للصيغة الــواردة في دســتور الجمهوريــة اإلســالمية. فــرغم وجــود الســلطات التنفيذيــة والتشــريعية والقضــائية الثالثــة في النظريــة األولى إال أنها جميعا تكتسب قيمتها في ظل والية الفقيه. ويقول:

ــز» ــتراض تمرك ــاء على اف ــات ج ــاب الدراس ــر في كت ــا ذك إن م . وجــاء التصــريح بالهيكــل(154)«الســلطات في الســلطة الدينية

الفــرد المسـؤول»الهرمي للسـلطة في هـذه النظريـة كمـا يلي:



والمكلف األصلي في الحكومة اإلســالمية هــو الحــاكم اإلســالمي،ــو في ــه، وه ــواعده وأيادي ــارة عن س ــة هي عب ــلطات الثالث والس الحقيقة يقف على رأس الهرم المخروطي للسلطة والمسؤولية، ويشـــرف على جميـــع أجـــزاء هيكـــل الحكومـــة بشـــكل كامـــل

.(155)«تماماــه ليس للفقيــه الواليــة في ولكن في نظريته األخــيرة بمــا أن األمور التنفيذية يمكن الحديث عن نموذج الفصــل بين الســلطات

ــإن»بشكل أكثر واقعية: بناء على أساس التجربة وحكم العقالء فــوم ـ ــير معص ــخص غ ــدأ في ش ــلطات من حيث المب ــز الس تمرك وبخاصة في الظروف الحالية للمجتمعات ـ يمهد األرضـية الالزمــةــرة لالستبداد والفساد. ووفقا لفرضية فصل السلطات ستكون دائ واليــة الفقيــه الجــامع للشــرائط محــدودة بطبيعــة الحــال باإلفتــاءــك أن ــني ذل ــوانين في البالد، وال يع واإلشــراف على شــرعية الق

طبقا لنظرية فصل». (156)«تكون واليته ثابتة في المجال التنفيذي الســـلطات ال يلـــزم أن يكـــون المتـــولي للســـلطة التنفيذيـــة

. وباإلضافة إلى ذلك يضــيف قــائال: إن نمــوذج إشــراف(157)«فقيها ال غــير، وهــو بحاجــة إلى تفســير من«مقــترح»الفقيه عبارة عن

ذوي الخبرة. وبناء على ذلك بإمكان المتخصصين استبداله بنماذج. (158)أكثر فاعلية

دراسات في والية الفقيه»وخالصة القول: عند مقارنة كتاب «حكومت ديــني وحقــوق إنســان» وكتاب «وفقه الدولة اإلسالمية

يمكن أن نالحــظ نوعــا من الميــل من النظريــة الفرديــة )الواليــةــدة للفقيــه( نحــو النظريــة المؤسســاتية )نظريــة االنتخابيــة المقيــة هي ــة الوالي اإلشراف(؛ لستة أسباب على األقل، وهي: إن ماهيــا ــة األولى له ــة في النظري ــدود الوالي ــة اإلشــراف؛ وح ــير ماهي غ



شمولية أكبر قياســا بالنظريــة الثانيــة؛ في حين أن الشــرط األهم للحـاكم اإلســالمي وفقـا للنظريـة األولى هــو الفقاهـة واألعلميـة، والفقيه في النظرية الثانية ليست له واليــة تنفيذيــة أساســا؛ وفيــه واحــد فقــط )وليس شــورى ــة لفقي ــاك والي ــة األولى هن النظري الفقهاء(، أما في النظرية األخيرة فيمكن إحالة اإلشراف لشــورى الفقهاء كذلك؛ مصدر شــرعية الفقيـه وفقــا للنظريـة األولى تــأتي من قبــل األمــة، وإن كــانت صــفات الحــاكم تحــدد من قبــل اللــهــة ــه والي ــيرة ليســت للفقي ــة األخ ــاء على النظري ــالى. ولكن بن تع تنفيذية؛ لكي يدور الحديث عن مصــدر شــرعيتها؛ تكتســب عمليــة الفصل بين السلطات معناها ـــ وفقــا للنظريــة األولى ـــ في ظــلــع ــول: إن جمي ــك يمكن الق ــاء على ذل ــط، وبن ــه فق ــة الفقي والي السلطات موجودة في الواقـع، ولكن في النظريـة الثانيـة بمـا أن الفقيه ليست له والية تنفيذية فإن فصل السلطات يتحقق بشـكل

أفضل.ــة وقد انحــازت اآلراء األخــيرة للشــيخ منتظــري باتجــاه نظري

اإلشراف وشورى المراجع. وعلى أي حــال فالمالحظــات المتقدمــة ال تقلل من قيمــة الكتاب، وبخاصة النقطة األخيرة، التي تعتبر بمثابة مقترح لإلصالح

في الطبعات التالية.

الهوامش


تأويل الخطاب االشتباهي عند اإلمام الشاطبي•

الشاطبي تأويل الخطاب االشتباهي عند اإلمام*(*()د. البشير التهالي

تقديم لإلمــام الشــاطبي في تحليــل االشــتباه في القــرآن الكــريمــل العيب في وجهة نظر خاصة، مبنية على اعتبار اإلشكال من قبيه عنه خطاب الله تعالى لخلقــه. وهــو بــذلك ينفي الكالم، مما يتنزــع السمة البالغية التي تلتبس بالخطاب حال كونه اشتباهيا. وهو م اعترافه بوقوع االشتباه في هذا األصل أنكر كونه عاما؛ وذلك »أنــك ــد ذل المتشابه لو كان كثيرا لكان االلتباس واإلشكال كثيرا، وعن ال يطلق على القرآن أنه بيان وهــدى...، والمشــكل الملتبس إنمــاــرة، ال بيــان وهــدى. لكن الشــريعة إنمــا هي بيــان هو إشــكال وحي

. (159)وهدى، فدل على أنه ليس بكثير«ــذلك ــاب ك ــار الخط ــرط في اعتب ــبين أن الش ــه يت ومن قولــه فيمــا يبــدو إنمــا يقصــد الخطــاب ســالمته من االشــتباه. على أن الشــرعي الـذي تتعلق بـه األحكـام، ويتوقف تطبيقـه على وضـوح معناه بالكامل. وهو وإن ورد في بعض المواضع متشابها من جهــة العموم واإلجمال واإلطالق »فال تشابه فيها بحسب الواقع؛ إذ هي قد فسرت بالعموم المراد بـه الخصـوص، قـد نصــب الــدليل على

أستاذ مساعد في جامعة موالي إسماعيل )المغرب(، في)*(*(الكلية متعددة التخصصات في الرشيدية.


د. البشير التهالي•

ن المراد به. وعلى ذلك يدل قول ابن عباس: ال عام تخصيصه، وبي إال مخصص. فـأي تشـابه فيـه وقـد حصـل بيانـه؟...، وإنمـا يكـون

. (160)متشابها عند عدم بيانه«ــعين ــرف وض ــتباهي يع ــاب االش ــه أن الخط ويفهم من كالم

اثنين: : قبل البيان، وهي مرحلــة عــدم التحقق، حســب رأياألول

الشاطبي؛ إذ ال يمكن اعتبار الخطاب االشــتباهي في ذاتــه خطابــاتترتب عليه فائدة تداولية شرعية.

: بعد البيان، وهي مرحلة التحقق، حيث ينتقــل العــامالثانيد، ويتضــح المــراد بهمــا. يقــول إلى الخــاص، والمطلــق إلى المقي الشاطبي: »ولــذلك ال يقتصــر ذوو االجتهــاد على التمســك بالعــام مثال حتى يبحث عن مخصصه، وعلى المطلق حتى ينظــر هــل لــهد أم ال؛ إذ كــان حقيقــة البيــان مــع الجمــع بينهمــا. فالعــام مــع مقي خاصه هو الدليل، فإن فقد الخاص صار العام مع إرادة الخصــوصص وعــدم فيه من قبيل المتشابه، وصار ارتفاعــه ]إهمــال المخصــ

. (161)األخذ به[ زيغا وانحرافا عن الصواب« ومن هنا يتضـح أن الشـاطبي ال يعــترف بالبنيـات االشــتباهية بوصفها بنيـات مسـتقلة لهـا داللتهـا، وبعـدها البالغي، بـل يعتبرهـاــاء قاصرة تستوجب االستناد إلى بنيات أخرى تحدد المراد بها. وبنر لـه ـه المفسـ على ذلك يصير اجتماع الخطـاب االشـتباهي بمقابل خطابا واحدا، ينطوي على حقيقــة مشــتركة، تنفي االحتمــال عنــه

في حالته االشتباهية، بل إنها تمنع قابليته لذلك في األصل.

ـ مفهوم الدليل وتمفصل االشتباه والتفسير1 من منطلق ما سلف ذكره توجه الشاطبي إلى إعادة النظــر



في مفهوم الدليل؛ ليصــير نتيجــة لتمفصــل نــوعين من الخطــاب: الدليل القطعي، وهو يحمل صفة البيان، وال منفــذ لالشــتباه إليــه؛

والدليل االشتباهي مستلزما لما يرفع عنه بواعث اإلشكال. ويمكن تمثيل هذا النوع بالرسم اآلتي:

دليل واحدرالخطاب المفسالخطاب االشتباهي

خطاب منجزخطاب كامن ق الخطاب،فيكون اجتماعهما أو تمفصلهما هو المسوغ لتحق

ويكون انفصالهما ناقضا له. وليس األمر كما ذهبنا إليه في الســابق، وكمــا اســتفدناه من جهود األصوليين المتقدمين، الذين ال يخلــون الخطــاب االشــتباهي

من داللته، وال يخرجونه من مفهوم الخطاب تبعا لذلك. في عالقته بالخطاب االشتباهي(162)كما أن الخطاب المفسر

ــة متعــددة ينفتح عليهــا يصير احتماال واحدا من بين احتماالت داللي هذا الخطاب، ويكتسب بموجبها صــورته البالغيــة، الــتي تنحــاز بــه عن الخطابات المطابقة التي تنغلق صــيغتها على حقيقــة واحــدة،ورتها. وعلى ذلــك فالخطاطــة المناســبة يتذبــذب التأويــل دون ســ

لتمثيل ما ذهبنا إليه تصير على هذا الشكل: دليل

الخطاب غير االشتباهيالخطاب االشتباهير نوع منه()المفس

داللة لفظية دالالت تداولية ن أن تصــور الداللــة في وفي المقارنــة بين الخطــاطتين يتــبي



ر، ب في الخطـاب المفســ األولى أفقي يسير في اتجاه واحـد يصـــذلك يتحــول الخطــاب ــة. وب ــا مغلق ــة فيه ــا يجعــل الدالل ــذا م وهنه، فينتقــل من خطــاب متحقــق االشتباهي إلى خطاب تابع لما يبيــات ــا تمنح البني ــة فإنه ــة الثاني ــا الخطاط ــامن. أم ــاب ك إلى خط ســم بالتعــدد، وتتخــذ وضــعا االشتباهية داللتهــا المســتقلة، الــتي تت عموديا بالنظر إلى اختالف مساقات التــداول، وبــذلك تنفــك عنهــا صفة كونها تابعة لغيرها. فعوض أن ترتهن داللتها إلى صيغ لفظيةــد المتلقي ــا في الخطاطــة األولى، تصــبح نتيجــة لجه أخــرى، كم

المشروط بظروف تلقيه للخطاب.

ـ أقسام المتشابه بين الوضع واالستعمال والتداول2ــه إلى نقض م الشــاطبي المتشــابه قســمة تخــدم هدف قســ االشتباه في األدلة، فجعله على ثالثة أضــرب: اثنــان يرجعــان إلى

ل عليه األحكام. الصيغة؛ والثالث إلى المناط الذي تتنزــه لم ــاه راجــع إلى أن ــا األوالن فأحــدهما حقيقي: »ومعن فأمب لنــا دليــل على المــراد يجعل لنا سبيل إلى فهم معنــاه، وال نصــاها وجمــع منــه، فــإذا نظــر المجتهــد في أصــول الشــريعة وتقصــ أطرافها لم يجد فيها ما يحكم له معناه، وال ما يدل على مقصودهــه قليــل ال كثــير...، وال يكــون إال في مــا ال ومغزاه، والشــك في أن

. (163)يتعلق به تكليف سوى مجرد اإليمان به«ه هــذا إحالــة إلى مــا ســبق أن أشــرنا إليــه من أن وفي نصــ الشاطبي يحتكم في بنائه للمفهوم إلى إمالءات الحكم الشرعي، التي تقتضي أن تكـون الداللـة عليـه مباشـرة، ال تحتمـل التأويـل، وأن يكـون تحصـيلها على سـبيل الفهم التـام، الـذي ال منفـذ إليـه الحتمـــال أو اختالف. وعلى ذلـــك يمكن القـــول: إن مـــا اعتـــبره



الشــاطبي ممــا ال يحكم معنــاه قــد ال يعــني انتفــاء الداللــة عنــه، وانتقاض كونه خطابا، بل إننــا نحســب أن داللتــه في هــذه الحالــةــه ــة إلى اختالف المتلقين في تأويل ــة، راجع ــة إعجازي ــير بالغي تص وتوجيــه معنــاه، وأن ســبيل إدراكهــا هــو الــذوق واالستحســان، القــة بحســب الفهم، واستدالل العقل. ومعلوم أن سبل الذوق متفر

طبائع أهلها، واختالف استعداداتهم وقدراتهم. والضرب الثاني سماه الشــاطبي: المتشــابه اإلضــافي، وهــو »ليس بداخل في صــريح اآليــة، وإن كــان في المعــنى داخال فيــه؛ ألنه لم يصر متشابها من حيث وضع في الشريعة؛ من جهة أنه قد حصل بيانه في نفس األمر، ولكن الناظر قصر في االجتهاد أو زاغ عن طريق البيان اتباعا للهـوى، فال يصـح أن ينسـب االشـتباه إلى األدلــة، وإنمــا ينســب إلى النــاظرين التقصــير، أو الجهــل بمواقــع

. (164)األدلة«ــرض التلقي، والشاطبي في هذا النص يضع الخطاب في معــا إلى ــد الكالم اإللهي، منتهي ــوح في مقاص ــد الوض ــبوقا بتأكي مس براءته األصلية من االشتباه، وإنمــا هــو وصــف إضــافي الحــق ينتجــك. عن عيب في المتلقي يحجب عنه المعنى، وال يد لألدلة في ذلــة الكالم ولعل مذهبه هذا موافق لبعض ما نميل إليه من كون دالل أو الخطاب، بصــفة عامــة، مرتبطــة بســياق التــداول الــذي يجعــلز باالتفــاق المتلقي مركــزا لــه خــارج الداللــة الوضــعية الــتي تتميفا في الوضــع ــد تصــر والثبات، وخارج الداللة االستعمالية الــتي تع

بأساليب مختلفة. غير أن اإلمام الشاطبي ـ كمــا يفهم من كالمــه ـــ يحــاول أن يجعـــل العالقـــة بين الـــدالالت الثالث: الوضـــعية؛ واالســـتعمالية؛ والتداولية، على صــورة خطيــة واحــدة، تحــد من إمكانيــة احتمــال



الخطاب لغير ما أريد له في أصل االستعمال الــذي يجــري بــدورهــرا على فهم ــك يكــون المتلقي مجب على أصــل الوضــع، وعلى ذل داللــة واحـدة، ال يجــوز توقعهـا على غـير مــا هي عليـه في تصــور المستعمل للخطاب؛ احــترازا من التعــدد الــذي يقــود إلى الهــوى،

بعبارة الشاطبي. وعلى هذا المذهب يحمل قــول الشــاطبي: »الشــريعة كلهــاــر الخالف. كمــا أنهــا في ترجع إلى قول واحد في فروعها، وإن كث

. والــدليل عليــه من(165)أصولها كذلك. وال يصــلح فيهــا غــير ذلــك« ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه﴿القرآن قوله تعالى:

ــة،82 )النساء: ﴾اختالفا كثيرا (، فنفى أن يقع فيــه االختالف البت ولو كان فيه ما يقتضي قولين مختلفين لم يصدق عليه هذا الكالم

ردوه﴿على حــال. وفي القــرآن: يء فــ فإن تنــازعتم في شــسول (، »وهــذه اآليــة صــريحة في59 )النســاء: ﴾إلى الله والر

ــه رد المتنــازعين إلى الشــريعة، وليس رفع التنازع واالختالف، فإن ذلك إال ليرتفع االختالف، وال يرتفع االختالف إال بالرجوع إلى شيء

.(166)واحد« ولئن كــان الشــاطبي يــومئ في كالمــه إلى نــوع من التعــدد الــداللي يوقــع األدلــة في التنــاقض، ويعمى بــه النــاظر عن قصــدــا نقصــد الشارع، وخاصة في ما له مساس واضح بالتكــاليف، فإنن إلى نوع آخر من االشــتباه، مجــرد عن موضــوعه، تكليفيــا كــان أو سواه، مما ال يخل بانســجام الخطــاب ووحدتــه حتى ولــو اختلفتــة الدالالت الثالث: الوضعية؛ واالستعمالية؛ والتداولية، حــول حقيق الخطاب. ونحن نعتبر األمر، فوق ذلك، من بواعث بالغة الخطاب، وارتفاع قيمتــه األســلوبية الــتي دارت حولهــا جهــود علميــة كثــيرة قــادت إلى تأســيس مبــاحث البيــان والمعــاني الواصــفة لمجــاري



الخطــاب اإللهي وأســاليبه. والشــاطبي في مذهبــه الســابق إنمــاــا إلى يعمل على توسيع مساحة التقاطع بين الدالالت المشار إليه

نه في الرسم التالي: أقصى حدودها الممكنة على نحو ما نبي

ــه في شــأن هــذه العالقــات حيث ــذهب إلي ــا ن على خالف مــمح ــتي تس ــدود ال ــدالالت الثالث في الح ــداخل بين ال ــر الت نحص

باالنتقال من داللة إلى أخرى، وفق الخطاطة التالية:

والضرب األخير من التشــابه أرجعــه الشــاطبي إلى المنــاط،ل له بقوله: »فالنهي عن أكل الميتة واضح، وليس إلى األدلة، ومثــة حصــل واإلذن في أكل الذكية كذلك، فإذا اختلطت الميتة بالذكيــه أو تحريمــه، لكن االشتباه في المأكول، ال في الدليل على تحليل جاء الدليل المقتضي لحكمه في اشتباهه، وهو االتقاء، حتى يتــبين

. (167)األمر، وهو أيضا واضح ال تشابه فيه«ن ال مدخل له إلى بنية الخطاب، بــل يقــع وهذا النوع كما يتبي خارجها، مما ال يسمح ببناء تصور لغــوي أو بالغي حولــه يقــود إلىــاطبي على فهم طبيعة االشتباه فيه وآلياته. وقد ساقه اإلمام الشــتباه عن ــف لنفي االش ــتداللي الموظ ــقه االس ــز نس ــبيل تعزي س

زه الصريح بالكل. الخطاب القرآني، واستبعاده عن حي ويتعلق بنـــوعي المتشـــابه: الحقيقي؛ واإلضـــافي ــــ على التعريف المسند إليهما ـ، شكل من أشكال التأويل، حــاول اإلمــام الشاطبي تقييده أكثر مــا يمكن انســجاما مــع مذهبــه القــائم على


ــــــــــة دالـلاستعمالية

داللــــــــــةسياقية

داللةوضعية

داللة وضعيةداللة استعماليةداللة سياقية


تنزيه الخطاب القرآني من االشتباه. فالمتشــابه اإلضــافي يلحقــه التأويــل في صــورته التفســيرية المطابقة لمقصد االستعمال وحقيقته، والــتي ال تخضــع لتــداعياتلة في مســاقات التــداول. التلقي، وال تســتجيب لتوجهاتــه المرســ فالتأويل في هذه الحالة ال يتجاوز وظيفة التبيين بخطــاب يشــارك الخطاب االشتباهي في تشكيل الدليل الــذي ال يمكن أن يؤسســه أي منهما في صورته الفرديــة المســتقلة. فالعــام بنيــة اشــتباهية، والخاص بنية تفســيرية، وتمفصــلهما يفضــي إلى بنــاء دليــل واحــد يوصف باإلحكــام. وكــذلك الشــأن مــع المطلــق والمقيــد ومــا في

معناهما. ويمكن تمثيل ذلك على هذا النحو:خطاب محكم

الخاصالعام

بنية تفسيريةبنية اشتباهية وقــد يصــح إســقاط هــذه الخطاطــة على ســائر البنيــاتن، يوجه إلى إدراك حقيقتهــا االشتباهية المفتقرة إلى خطــاب مــبي

ذات البعد الواحد، كما نفهم من كالم الشاطبي. أما المتشابه الحقيقي الذي ســبق أن أشــار الشــاطبي أن ال مطمع في فهمه للناظر، مع مبالغته في تقليب القــرائن، ومقابلــةز بعضها ببعض ـ كما أشار إلى أن الغــالب عليــه وقوعــه خــارج حيــاطبي د الش التكليف؛، بمعنى خلوه من األحكام الشرعية ـ فقد أكــه إمــا أن يقــع بيانــه بــالقرآن الصــريح، أو عدم لــزوم تأويلــه؛ »ألن بالحديث الصحيح، أو باإلجماع القاطع، أو ال. فإن وقــع بيانــه بأحــدــافي. وإن هذه فهو من قبيل الضرب األول من التشابه، وهو اإلض لم يقع بشيء من ذلك فالكالم في مراد الله تعالى من غــير هــذه



. لـذلك يأخــذ(168)الوجوه تسور على ما ال يعلم، وهو غير محمـود« على بعض من امتد نظره إلى ما ال يقبـل هــذا اإلجــراء التــأويلي ـ حسب اعتقاده ـ قياسا على ما يفهم من اتساع العرب في كالمها من جهة الكناية واالستعارة والتمثيــل وغيرهــا من أنــواع االتســاع؛

تأنيسا للطالبين، وبناء على استبعاد الخطاب بما ال يفهم.

ـ تأويل البنيات االشتباهية3 والظاهر أن مفهــوم اإلمــام الشــاطبي للتأويــل ال يخــرج عنــا ــابق نواي ــذي يط ــاب ال ــلي للخط ــنى األص ــا عن المع ــه بحث كون

المستعمل، وال ينفك عنها.ــاطبي على ــا يفهم من كالم الشـ ــذا البحث كمـ ــري هـ ويجـدرجات، تغني السابقة منها عن الالحقة في الوصول إلى المراد.

ــورتهوأوالها ــ ــتباهي إلى ص ــ ــاب االش ــ ــان رد الخط ــ : إمكة في ــنى، وخاصــ ــاء المع ــة أســباب خف ــة بإزال ــة المحكم الطبيعي

المتشابه اإلضافي. : تحري البنيــات التفســيرية داخــل األصــلوثانية الدرجات

القرآني، لتنضم إلى نظيرتها االشتباهية؛ لتشــكيل الــدليل المحكمذي المعنى الواحد غير القابل للتعدد.

والثالثة : ترك الــدليل االشــتباهي على حالــه وهيئتــه؛ تجنبــا للوقوع في الزيغ، »فـإن الســلف الصــالح من الصــحابة والتــابعين ومن بعــدهم من المقتــدين بهم لم يعرضــوا لهــذه األشــياء، وال تكلموا فيها بما يقتضي تعيين تأويــل من غــير دليــل، وهم األســوة

ا﴿والقدوة. وإلى ذلك فاآلية مشـيرة إلى ذلـك بقولــه تعـالى: فأمابه )آل عمــران:﴾الذين في قلوبهم زيغ فيتبعــون مــا تشــ

7»)(169) .



وبناء على هذا التصور الخاص لمفهوم التأويل عند الشاطبي فقــد وضــع أمــام المــؤول شــروطا محــددة تضــمن المطابقــة بين المعــنى المســتنبط وبين المــراد من الخطــاب، وتصــحح هــذه

المطابقة أيضا، ومنها: على معنى1 ـ أن يكون االحتمال الذي توجه إليه المؤول داال

صحيح يقبله اللفظ، ويوافق في اآلن نفسه المعنى المقصــود من اللفظ. فالشــاطبي ينظــر إلى هــذه الموافقــة من جهــتين اثنــتين:ــزم المــؤول بــإخراج جهــة اللفــظ؛ وجهــة المعــنى المقصــود. ويلــل هــذه الموافقــة ــتين. ويمكن تمثي ــا للجه ــداللي طبق ــه ال احتمال

بالرسم التالي:

وعلى ذلـــك يســـتنتج الشـــاطبي أن اللفـــظ إذا جـــرى علىــه، ــل ل ــظ قاب ــاره؛ ألن اللف ــكال في اعتب ــا »فال إش ــتين مع الجه والمعنى المقصود من اللفــظ ال يأبــاه، فاطراحــه إهمــال لمــا هــو

. (170)ممكن االعتبار قصدا«ــه،2 ـ أن يكون المعنى المؤول به مما يصح حمل الدليل علي

سواء من جهة اللفظ أو المعـنى. وبنـاء على هـذا الشـرط يخطئ واتخذ﴿الشاطبي تأويل من حمل لفظ )الخليل( في قوله تعالى:

( على معنى الفقـير، وتأويـل125 )النساء: ﴾الله إبراهيم خليالــالى: ــه تع ــوى( في قول ــظ )غ ــل لف ى آدم ربه﴿من حم وعصــ

م من121 )طــه: ﴾فغــوى ــ ــوي الفصــيل )إذا بش ( على معــنى غ شــرب اللبن(؛ ففي األول ال يصــح التأويــل من جهــة اللفــظ، وفي


الخطا المعنىالمقصود

مطابق

المعنىالمؤول به


الثاني ال يصح من جهة المعنى. كل شيء﴿ومما جمع بين خطل الجهتين قول من تأول آية

وجهه ( بــأن ذات اللــه فانيــة، مــا عــدا88 )القصــص: ﴾هالك إال الوجه، الذي استثني في اآلية بصريح اللفظ، »وإنما المراد بالوجهرين فيه تأويالت، وقد هذا القائل ما ال هنا غير ما قال، فإن للمفســراد بــه يتجه لغة وال معنى. وأقرب قول لقصد هذا المســكين أن ي ذو الوجه، كما تقول: فعلت هذا لوجه فالن، فكأن معنى اآلية: كل

ه﴿شيء هالك إال هــو. ومثلــه قولــه تعــالى: إنما نطعمكم لوجــ. (171)(«9 )اإلنسان: ﴾الله

والخالصــة أن مفهــوم التأويـل عنـد الشــاطبي ال يعــدو كونـهــه في االســتعمال، وأن حمال للفظ على معناه المطلق المطابق ل كل جهــد في تلقي الخطــاب محصــور بحــدود العالقــة بين صــورة الخطاب وبين معناه المقصود الــذي يحيــل في النهايــة على نوايــا

المستعمل. على أننــا إذا نظرنــا في المرتكــزات الشــرعية الــتي ينطلــقــة منها الشاطبي )مقاصد الشرع(، وفي المقتضيات الداللية المبني عليها )قطعية الخطاب(، وجــدنا لهــذا التوجــه مســوغه المناســب. فمن الصنف األول قول الشــاطبي: »وأمــا مواضــع االجتهــاد فهي راجعــة إلى نمــط التشــابه؛ ألنهــا دائــرة بين طــرفي نفي وإثبــات شرعيين، فقد يخفى هنالك وجه الصواب من وجــه الخطــأ. وعلى كل تقدير إن قيل بأن المصيب واحد فقد شهد أرباب هــذا القــولــة من حجج ــو حجـ ــال االختالف، وال هـ ــع ليس مجـ ــأن الموضـ بـ االختالف، بل هو مجــال اسـتفراغ الوسـع، وإبالغ الجهـد في طلب

. (172)مقصد الشارع المتحد« وكذلك قوله: »إن االجتهاد إن تعلق باالستنباط من النصوص



فال بـــد من اشـــتراط العلم بالعربيـــة، وإن تعلق بالمعـــاني من المصالح والمفاسد، مجردة عن اقتضاء النصــوص لهــا أو مســلمة من صـــاحب االجتهـــاد في النصـــوص، فال يلـــزم في ذلـــك العلم

. (173)بالعربية، وإنما يلزم العلم بمقاصد الشرع جملة وتفصيال« ــأويال ــل إال ت ومضمون هذا القول أن البنيات االشتباهية ال تقب واحدا، يفضــي إلى مقاصــد الشــريعة الــتي بــنى عليهــا الشــاطبي نظره في األصول، فما وافق هذه المقاصد اعتد به احتماال سليما

للخطاب، وما أوقع في خالف ذلك فهو ضرب من الهوى والزيغ.

ـ المعيار القصدي في تأويل البنيات االشتباهية4 ومن الصنف الثاني قـول الشـاطبي: »كـون الشـارع قاصـدا للمحافظة على القواعد الثالث: الضرورية؛ والحاجية؛ والتحسينية، ال بد عليه من دليل يستند إليه. والمستند إليــه إمــا أن يكــون دليالــه أصــل من أصــول ــا باطــل، مــع أن ــه ظني ــا. وكون ــا أو قطعي ظني الشريعة، بل هو أصل أصولها، وأصول الشريعة قطعية حسب مــا

ن في موضعه؛ فأصول أصولها أولى أن تكون قطعية« . (174)تبيــه ال تحصــل في صــورة ــة بالنســبة إلي غــير أن هــذه القطعي الدليل أو الخطاب على وجه الحصر؛ ألن األمر يقتضــي أن يكــونــد حصــرها ــة، وق ــل االشــتباه بالكلي ــا من عوام ــدليل خالي ــذا ال ه

الشاطبي في عشر مقدمات: ـ نقل اللغات وآراء النحو. 1ـ االشتراك. 2ـ المجاز. 3ـ النقل الشرعي أو العادي. 4ـ اإلضمار. 5



ـ التخصيص للعموم. 6ـ التقييد للمطلق. 7ـ الناسخ. 8ـ التقديم والتأخير. 9

ـ المعارض العقلي. 10 وإذا كان خلو الدليل من إحدى هذه المقدمات عسيرا ونادرا فإن مـأتى القطعيــة عنـده من وجــه آخــر، يعتـبره الشــاطبي روح المسألة، وطريقــه مــا اصــطلح عليــه باالسـتقراء المعنـوي، الــذيــوال ــا من األح ــا يعتريه ــع م ــظ، م ــيغة واللف ــدود الص ــاوز ح يتجــذا ــع. وهـ ــة في الظن، ال القطـ ــة، والموقعـ ــتباهية المختلفـ االشـ االستقراء المعنوي عنده »ال يثبت بدليل خاص، بل بأدلة منضــافها إلى بعض، مختلفــة األغــراض؛ بحيث ينتظم من مجموعهــا بعضــــة... فلم يعتمــد النــاس في إثبــات أمر واحد تجتمع عليه تلــك األدل قصد الشارع في هذه القواعد على دليل مخصوص، وال على وجهــات ــواهر والعمومـ ــك من الظـ ــل لهم ذلـ ــل حصـ ــوص؛ بـ مخصـة في أعيــان مختلفــة، ــات الخاصــ والمطلقات والمقيدات، والجزئي ووقــائع مختلفــة، في كــل بــاب من أبــواب الفقــه، وكــل نــوع من أنواعه، حتى ألفوا أدلة الشريعة كلها دائرة على الحفظ على تلك القواعد. هذا مع مـا ينضــاف إلى ذلـك من قـرائن أحـوال منقولـة

. (175)وغير منقولة« وبناء على ما سبق يصح القول: إن اعتبــار المقاصــد العامــةــرد إليــه كافــة الظــواهر الدالليــة للخطاب اإللهي هو المبدأ الذي تــدد. التي تلتبس على نحو من االشتباه يخفي القصد أو يقرنه بالتعة في تحقق الخطــاب وهذا المذهب إنما يســتند إلى قاعــدة خاصــــاب ــة الخط ــابق على بني ــد س ــا أن القص ــاطبي، مفاده ــد الش عن



ــة تلقي ومعناه، ومنفصل عنهما في آن. ونتيجة هذا األمر أن عملي الخطـــاب ينبغي أن تتعـــدى ظـــروف التـــداول، وتتجـــاوز معـــنى الخطاب، لتتوجه إلى القصد الذي يعتــبر آنــذاك االحتمــال الــدالليـة، ـ الوحيد للبنية الكالمية قيد التداول، سواء كانت اشتباهية أو جلي ويتم تحصــيله على الجملــة، ال على التفصــيل. وهــذا معــنى قــول الشاطبي: »فالالزم االعتناء بفهم معنى الخطــاب؛ ألنــه المقصــود والمراد، وعليه ينبني الخطاب ابتداء. وكثيرا ما يغفــل هــذا النظــر بالنسبة إلى الكتــاب والســنة، فتلتمس غرائبــه ومعانيــه على غــير الوجه الــذي ينبغي، فتســتبهم على الملتمس، وتســتعجم على من

. (176)لم يفهم مقاصد العرب« ويتأسس على ذلك أن المستعمل عنصر مركــزي يتحكم فيــافرية ــا التض ــداولي، ويوجه حركته ــام الت ــرى للمق ــر األخ العناصــفات ــو من ص ــ وه ــد ـ ــا أن القص ــاب. كم ــة الخط ــكيل دالل لتش المستعمل ـ يتحول بدوره إلى مرجع أساسي تعــرض عليــه جميــع االحتماالت الداللية المفترضة، وخاصة في البنيات االشتباهية التي تسمح بهذا التعــدد. وبــالنظر إلى هــذا )القصــد المــرجعي( تتحــددــة، الــتي يــذهب ــات المنصوص الداللــة المناســبة. أمــا في البني، فإن المعــنى الشاطبي إلى أنها الغالبة على خطاب الله عز وجل

فيها يطابق القصد القبلي المحصل ابتداء. وفوق ذلك وجدنا اإلمام الشاطبي يحصر معنى الخطاب فيد أن االعتناء بالمعاني المبثوثة في الخطاب القصد ذاته، حيث يؤك هـو المقصــود األعظم، »بنـاء على أن العـرب إنمـا كــانت عنايتهــا بالمعاني، وإنما أصلحت األلفــاظ من أجلهــا. وهــذا األصــل معلــوم عند أهل العربيــة. فاللفــظ إنمــا هــو وســيلة إلى تحصــيل المعــنى المراد؛ والمعنى هو المقصود، وال أيضا كل المعاني، فــإن المعــنى



ــا ــبي مفهوم ــنى التركي ــان المع ــه، إذا ك ـأ ب ـ ــد ال يعب ــرادي ق اإلف . ويمكن تمثيل العالقـة بين القصـد والخطـاب والمعــنى(177)دونه«

حسب تصور الشاطبي في هذه الخطاطة:

ــنى ــون معـ ــاب، وينبغي أن يكـ ــرتقم في الخطـ ــد يـ فالقصـ عليــه، ومطابقــا لــه، حتى إذا الخطاب المستخرج أثناء التلقي داالــذي تعددت المعاني التي يحتملها الخطاب كان األنسب منها هو ال يحيل على القصد مباشــرة. على أن تصــحيح العالقــة بين المعــنى والخطاب ـ وهو الخطوة الممهدة إلدراك القصد ـ إنما يرجــع فيهــاــإن للعــرب في إلى معهود العرب »الذين نزل القرآن بلسانهم، ف لسانهم عرف مستمر، فال يصــح العــدول عنــه في فهم الشــريعة. وإن لم يكن ثم عــرف فال يصــح أن يجــري في فهمهــا على مــا ال تعرفه، وهذا جار في المعاني واأللفاظ واألساليب. مثال ذلــك: إنــا على ــد محافظته ــدا عن ــاظ تعب ــرى األلف ــرب أن ال ت ــود الع معه

. (178)المعاني، وإن كانت تراعيها أيضا« وترتيبا على ذلك فـإن كافــة أشــكال االشــتباه في الخطــاب،ــاب؛ الناتجة عن اختالل العالقة بين العناصر الثالثة السابقة )الخطــتي ال والقصد؛ والمعنى( يمكن ردها إلى وحدة المعنى والقصد، ال يزري بهــا خــروج الكالم على خالف األحكــام والقــوانين المطــردةــور والمنظــوم، ــداخل أســاليب المنث ــوابط المســتمرة، وت والض واالستغناء ببعض األلفاظ عمـا يرادفهــا أو يقاربهـا. »وال يعـد ذلـك

.(179)اختالفا وال اضطرابا إذا كان المعنى المقصود على استقامة«


الخطاب

المعنى

القصد


وإذا شئنا أن نستطلع كيف تعامل اإلمام الشاطبي مع التعدد المعنـوي في الخطـاب؛ الختبـار مــا ســبق التصــريح بــه في شــأنــنى؛ والقصــد، ــه المتالزمين: المع ــة بين الخطــاب ومفهومي العالق يكفي النظر إلى المسألة التي صــاغها اإلمــام في هــذه الــدعوى:ــارين: من ــنى اعتب ــه على المع »إذا ثبت أن للكالم من حيث داللت جهة داللته على المعــنى األصــلي؛ ومن جهــة داللتــه على المعــنى التبعي، الــذي هــو خــادم لألصــل، كــان من الــواجب أن ينظــر في الوجــه الــذي تســتفاد منــه األحكــام، وهــل يختص بجهــة المعــنى

. (180)األصلي، أو يعم الجهتين معا؟«

ـ الداللة األصلية والداللة التبعية في الخطاب الشرعي5 وعند هذه المسألة يتضح أكثر ما سبق اإللمــاع بــه من تــأثير اقتضاءات الحكم الشرعي في تحليل الشاطبي الشتباه الخطاب، وهي التي قادته إلى نفي ذلك عن كالم الله عز وجــل عن طريــق تعميم )حكميتــه( الموجبــة لتحصــيل المعــنى في صــورة مباشــرة وصريحة ال يشوب صفاءها تعدد أو غرابة أو إبهــام. وفي المســألةــيين: ــارض بين معن ــا من التع ــاطبي نوع ــا يقيم الش ــار إليه المش الخطاب في داللته على الوضع من جهة؛ وداللته على معــنى الزم اقتضته الصــيغة أو المفهــوم من جهــة ثانيــة. والتعــارض المــذكورــادة ــلي( و)التبعي( إلف ــام لفظي )األص ــتعمال اإلم ــائم على اس ق الــداللتين. فعن األصــلي تتمخض صــفة اإلطالق، الــتي نســبها إلى داللة الخطاب على الحكم الشرعي ابتداء: »فال إشكال في صحة اعتبارها في الداللة على األحكام بإطالق، وال يسع فيه خالف علىــات ــواهي، والعمومـ ــر والنـ ــيغ األوامـ ــك: صـ ــال ذلـ ــال. ومثـ حـ والخصوصات، وما أشبه ذلك، مجردا من القرائن الصارفة لها عن



. (181)مقتضى الوضع األول« على معنــاه موقــوف على أمــرين: ــه داال أما التبعي فإن كون التعلق باألصـلي؛ والزيـادة عليـه. ويظهـر أنهمـا صـفتان موجبتـان إلغناء داللة الخطاب، وتعزيز بالغتــه، دون إخالل بمعنــاه االبتــدائي المقصود. وهذا األمر جار مع حجة اآلخذين بداللــة التبعي في »أن االستدالل بالشريعة على األحكام إنما هو من جهــة كونهــا بلســان العرب، ال من جهة كونها كالما فقط. وهذا االعتبار يشــمل مــا دل بالجهة األولى، وما دل بالجهة الثانية. هذا وإن قلنا: إن الثانيــة مــع األولى كالصفة مع الموصوف، كالفصل والخاصة، فــذلك كله غــير ضــائر. وإذا كــان كــذلك فتخصــيص األولى بالداللــة على األحكــام، دون الثانية، تخصيص من غير مخصص، وتــرجيح من غــير مــرجح. وذلك كله باطل؛ فليست األولى إذ ذاك بأولى للداللة من الثانيــة،

ن« . (182)فكان اعتبارهما معا هو المتعيــلي والتبعي وهي حجة تكتسب قوتها من وجوب تضافر األصــر؛ ــدهما على اآلخ ــديم ألح ــير تق ــاب، من غ ــنى الخط ــادة مع إلف الستحالة تحديد مــا يصــح أن يكــون من قبيــل الجهــة األولى، ومــا يكون من قبيل الجهة الثانية من بين معاني الخطاب، إال إذا فهمنا )األصلي( على أنه المعنى الوضعي الذي يدرك من جهة مــا اتفــقــارة. عليه من نسبة المعاني إلى األلفاظ وأصول التركيب في العب وبهذه المطابقة بين )المعنى الوضعي( و)المعــنى األصــلي( يمكنن المعاني الثواني التي تقترن بالخطاب، وتجمعها بــالمعنى أن نتبي األصــلي عالقــة خدمــة وتبعيــة. لكن المعلــوم أن الغــالب على الخطاب البليغ، والقـرآن الكـريم منــه، أن ال يتبــع ســنة المطابقــة تلك، بل يلجأ مســتعمله إلى تشــكيل قانونــه االســتعمالي الخــاصــأثير في ــة للت ــة المحدث ــراتب البالغي ــنم م ــله إلى تس ــذي يوص ال



ــتعمالي ــنى االس ــة المع ــدوره إلى مواجه ــه ب ــا يلجئ ــامع، مم الس بقـــوانين دالليـــة مغـــايرة، تســـند إلى الخطـــاب معـــنى مخالفـــا لالستعمال أو زائــدا عليــه. وهــذا وجــه تســميتنا لــه باالحتمــالي أو االشتباهي. وهذه الحقيقة أيضــا مبعث اســتحالة تصــنيف الــدالالتــتعمل الخطابية وتقسيمها إلى: أصلية؛ وتبعية. فاألصلية عند المســذان بالزم ــا يأخ ــا مع ــوم أنهم ــد المتلقي، ومعل ــذلك عن ليســت ك المعنى. فداللــة االسـتعمال الزمـة عن الوضــع؛ وداللــة االســتقبال الزمة عن االستعمال. وبناء على ذلك فكل داللة من الثالث أصلية

بالقياس إلى منتجها، ال إلى ما تلزم عنه. ولتوضيح هذه الفكرة التي نأتم بها في هذه المســألة نوظف

الرسم التالي: داللةأصلية

داللةأصلية

داللةأصلية

المتلقيالمخاطبالجماعةــة مع اإلشارة إلى أن األولى معجمية، والثانية والثالثــة تداولي

ناتجة عن إخضاع األولى لمقام التواصل.ــد ــاطبي إلى تأكيـ ــام الشـ ــذهب اإلمـ ــك، يـ وعلى خالف ذلـ المطابقــة الــتي أشــرنا إليهــا بين المعــنى الوضــعي والمعــنىــدائرة ــد على ال االستعمالي، على نحو يمنع من استفادة شيء زائ األولى للخطـــاب. وهـــو يأخـــذ بحجج من يســـقط داللـــة التبعي، وأهمها: »أن وضع هذه الجهة على أن تكــون تبعــا لألولى يقتضــي أن ما تؤديه من المعنى ال يصح أن يؤخذ إال من تلــك الجهــة. فلــو


االستعماالوضعل

االستقبال


جــاز أخــذه من غيرهــا لكــان خروجــا بهــا عن وضــعها. وذلــك غــير صحيح. وداللتها على حكم زائد على ما في األولى خــروج لهــا عن كونها تبعا لألولى، فيكون استفادة الحكم من جهتها على غير فهم عربي. وذلك غير صحيح. فما أدى إليه مثله، وما ذكر من استفادة األحكــام بالجهــة الثانيــة، غــير مســلم، وإنمــا هي راجعــة إلى أحــد

. (183)أمرين: إما إلى الجهة األولى؛ وإما إلى جهة ثالثة غير ذلك«م الجوزيـة مـا يصـح التمثيـل بـه لهـذه وقد وجدنا عند ابن قيز بين المعــنى والزم الحجــة بتفاصــيلها المــذكورة؛ وذلــك حيث يمي المعنى في تفسير القرآن )األصلي والتبعي في كالم الشــاطبي(، ويقـدم األول على الثـاني. يقـول في تفســير سـورة ق: »ثم عـاد

ــالخلق األول﴿سبحانه إلى تقرير المعاد بقوله: ــا ب )ق:﴾أفعيين (، يقـال لكـل من عجــز عن شـيء: عيي بـه، وعيي فالن بهــذا15

األمر، قال الشاعر: وا بأمرهـم كما عييت ببيضتها الحمامهعي

(،33 )األحقــاف: ﴾ولم يعي بخلقهن﴿ومنه قولــه تعــالى: قال ابن عباس: أفعجزنا؟ وكذلك قــال مقاتــل. قلت: هــذا تفســيرــاني ــول: أعي بالزم اللفظة، وحقيقتها أعم من ذلك؛ فإن العرب تق أن أعــرف كــذا، وعــييت بــه؛ إذا لم تهتــد لوجهــه، ولم تقــدر على معرفتــه وتحصــيله، فتقــول: أعيــاني دواؤك؛ إذا لم تهتــد لــه، ولم

. (184)تقف عليه. والزم هذا المعنى العجز عنه«ــا الشــاطبي في النص ــتي تحــدث عنه ــة ال ــا الجهــة الثالث أم الســابق فهي الــتي أســماها في موضــوع آخــر بــاآلداب الشــرعية والتخلقــات الحســنة، وهي الــتي جعلهــا اإلمكانيــة الوحيــدة الــتي تسوغ الحديث عن داللة تبعية إلى جانب أخرى أصلية. ويظهر من



حديثه عنها أنها ال تبلغ درجة الداللة؛ ألنها ليست الزمــة عن صــيغة الخطاب، كما هو الحال في الداللة األصلية، ولكنها تــدرك بالعقــل واالعتبار، وهي وحدها التي يجري عليها جواز التعــدد. ومــع كونهــا زائدة فإن ذلك ال يفضي إلى ثنائية الداللة على النحو الــذي ينفيــه

الشاطبي. وتأسيسا على هذه اإلضافة يمكن تقسيم الــدالالت في رأيــهحها في هــذه إلى ثالثــة أقســام، تجمــع بينهــا العالقــات الــتي نوضــ

الخطاطة:

آداب شرعية تخلقات الوضع حسنة

وفي شــأن هــذه المعــاني االعتباريــة أورد الشــاطبي ســبعةأمثلة:

يتعلق األول بترك حرف النداء في اآليات التي تتضــمن نــداءه عن التنبيــه الــذي يفيــده حــرف العبد لربه؛ ألن اللــه تعــالى مــنزــة على البعيــد، النــداء في األصــل. كمــا أن أكــثر أدوات النــداء دالــه قــريب من ومنها )يا(، وقد أفاد الله ســبحانه في غــير مــا آيــة أن

عباده. ويتعلق الثــاني بــورود النــداء القــرآني من المخلــوق للخــالق بلفظ )الــرب(؛ تنبيهــا وتعليمــا ألن يــأتي العبــد في دعائــه باالســم المقتضي للحال المدعو بها؛ وذلك أن الرب في اللغــة هــو القــائم

.(185)بما يصلح المربوب«


داللةاعتبارية

داللة تبعية داللةأصلية


ويتعلق الثالث بالكناية الني يلجأ إليها الخطــاب القــرآني فيــة عن ــا، كالكناي ــع االســتحياء من التصــريح به ــتي يمن ــاني ال المع الجماع باللباس والمباشرة، وكالداللة على قضاء الحاجة بالمجيء

من الغائط. ويعتبر الشاطبي أن داللة هذه األلفاظ على المعاني المشــار إليهــا إنمــا تتم بــالتبع، ال باألصــل. وبتحليــل هــذا المثــال يتــبين أن الكناية عبارة عن بنية اشتباهية اقتضاها عنصر مقامي، وهو هاهنــا االستحياء من التعبير المباشر عن المعنى، باعتبــار تعلقــه بمرجــع داللي ال يقبل التصريح. ويتم تلقي هذه البنية االشــتباهية من لــدن الســامع عن طريــق إخضــاع الصــيغة التعبيريــة للعنصــر المقــامي المذكور الذي يؤدي دورا ضابطا، وبه يتم اكتناه المعنى المقصود. وهي عملية، كما يالحظ، تستوجب االستعالء عن المعنى المباشــر للفظ للوقوف على المعنى المقصود، أو قل: إن األمــر يســتدعي نوعا من االنتقال بين الصورتين الدالليتين، في الــوقت الــذي يقــعــتحياء ــو االس ــال، وه ــذا االنتق ــامي له ــوجب المق ــه إدراك الم فيــة االشــتباهية في ــه يمكن القــول: إن البني والتمــاس األدب. وعلي غياب العنصر المقامي الســالف، أو في حالــة الغفلــة عنــه، تظــل كذلك إلى أن يتدخل أطراف المقام لحــل هــذا اإلشــكال. ولنــا أن

نوضح ما سلف ذكره بواسطة التخطيط التالي:

داللة استعمالية عنصر مقامي ضــابط داللــةتداولية

على أن اإلمام الشاطبي في تحليله ألمر االنتقال بين الداللة


السامع

المتكلم

اللباس الجماعاالستحياء


االســتعمالية والداللــة التداوليــة في هــذا المثــال يعتــبر أن إفــادة )اللبــاس( لـــ )الجمــاع( تابعــة للداللــة األصــلية، الــتي تعــد شــرطا لوجودها، كما أنها ال تعدو أن تكون »أدبــا لنــا اســتنبطناه من هــذه المواضـع«، على حـد تعبـيره، الـذي يـوحي بانتظـام هـذه اإلفـادة خارج مفهوم )الداللة(، أو قــل: إنهــا قاصــرة عن القيــام في هيئــة داللة مستقلة وثابتة. والوجه عندنا أن تكون هذه البنية االشــتباهية تجليا بالغيا للمعنى، يستفاد بعيدا عن هاجس المطابقة بين اللفظ المستعمل والمعنى المراد به. فــإن تخيــل هيئــة )المالبســة( دالــة على معنى الجماع، واالنتقال منها إليه أبلغ من تصور الجماع قبــل ورود معنى المالبسة على الــذهن، وإن كــان األول أصــال، والثــاني فرعا. ونحن نقصد أن بالغة هذه البنية االشتباهية قائمة على قلبــذهن، ــابع )المالبســة( أصــال يســبق إلى ال الموضــعين ليصــير الت واألصل تابعا يدرك مع األول بالضرورة؛ باعتباره مقصودا ال لذاته؛بل مع غيره الذي يتوقف على ما تمليه عناصر المقام التداولي.

ورابع األمثلــة: االلتفــات. وهــو أيضــا من البنيــات االشــتباهية القائمــة على المخالفــة في خطــاب واحــد بين ضــميري الخطــابب داللــة بالغيــة قاربهــا اإلمــام الشــاطبي في والغياب. وعنها تــترت

عبس وتولى * أن﴿: |عدة شواهد، منها: قوله تعالى عتابا للنبيــتي1 )عبس: ﴾جاءه األعمى (، التفاتا من الحضور إلى الغيبة، ال

تقتضي تقليص حدة العتــاب، على خالف ضــمير الخطــاب المفهمل من ذلــك أن داللــة للمعنى على وجه أشد وأكثر كثافــة. ويتحصــ االلتفات من نوع الــدالالت المقاميـة الــتي يرجــع فيهــا إلى تحليـل

المقتضيات التداولية للخطاب، دون اعتبار لداللته المباشرة.ــد ــات الحســنة عن ــال الخــامس من اآلداب والتخلق ــا المث أم الشاطبي فإنه يلتمس في البنيات اللغوية التي وقع فيها السكوت



، مع أن هــذه البنيــات تحتمــل عما ال يليق نسبته إلى الله عز وجلر الشــاطبي عن ذلــك دخول المسكوت عنــه في معناهــا. وقــد عبــه ــرك التنصــيص على نســبة الشــر إلى الل ــه: »األدب في ت بقول

ــه: ــد قول قل﴿تعالى، وإن كان هو الخالق لكل شيء، كما قال بعــك ــزع المل اء وتن اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشــاء بيــدك الخيــر ن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشــ ﴾مم

(، ولم يقل: )بيدك الخــير والشــر(، وإن كــان قــد26)آل عمران: ذكر القسمين معا؛ ألن نزع الملك واإلذالل بالنسبة إلى من لحــق

. (186)ذلك به شر ظاهر« وفي المثال الســادس يحلل اإلمــام الشــاطبي مجموعــة من الشواهد يمكن إدخالها في باب االشــتباه المقصــود لغايــة تداوليــة ــالرد كفاحــا ر عنها اإلمام باألدب في المناظرة: »أن ال يفاجئ ب عب

ــة والمســامحة« ــه تعــالى:(187)دون التقاضــي بالمجامل . ففي قولحمن ولد فأنــا أول العابــدين﴿ )الزخــرف:﴾قل إن كان للر

ــام81 ( جرى التعبير عن معنى يخالف مقتضى العقيدة، لكن المق التداولي المحيط بهذه البنية يقود إلى أن المقصود خالف المعــنى المذكور؛ أو قل: إن اإلقرار به متعلق بالفائــدة المقاميــة الناجمــة

عنه، وهي التي سبق اإللماع بها. ر المتكلم العــالم بمصــير وسابع اآلداب عند الشاطبي أن يعب أمر من األمور على نحو ينبئ بجهله هــذا المصــير، كمــا في قولــه

﴿تعــالى: ــك ربك مقامــا محمــودا )اإلســراء:﴾عسى أن يبعث (، »فإن الترجي واإلشفاق ونحوهمــا إنمــا تقــع حقيقــة ممن ال79

يعلم عواقب األمور، والله عليم بما كان ومــا يكــون، ومــا لم يكن أن لو كان كيــف يكــون، ولكن جــاءت هــذه األمــور على المجــرى

. واالشــتباه في هــذه البنيــات قــائم على(188)المعتــاد في أمثالنــا«



معرفة حالة المتكلم المســتعمل للخطــاب، وإدراك المفارقــة بين علمه المطلـق وبين مــا يـدل عليـه خطابـه من وقوعـه في صـف العامة والجمهور، الذين يحيط علمهم فقط بما ال يتجــاوز قــدرتهم

المحدودة. واإلمام الشاطبي بعد ذلك كله يخلي هذه األمثلة جميعــا مند أن األمــر إفـادة الحكم »من جهــة وضـع األلفــاظ للمعـاني، ويؤك حادث من جهة االقتداء باألفعال«؛ بمعنى أنه يخرجهــا من مفهــومــيات الحكم ــاال لمقتض ــه؛ امتث ــارة إلي ــبقت اإلش ــا س ــة، كم الدالل الشرعي، التي أجبرته على نفي التعدد الداللي للخطــاب، وقادتــه إلى فهم خاص للداللة يستند إلى الوحدة والمطابقــة بين الصــيغة والمفهوم، مما يثبت صعوبة تحليــل البنيــات االشــتباهية وتجلياتهــا

البالغية، بإعمال آليات النظر التي يوظفها الشاطبي.

الهوامش

البهائي المجتمع والممارسة الدينية عند الشيخنقد السلطة*(*()د. الشيخ خنجر حمية

أوال: إيران في عهد البهائي ـ على سبيل المدخل ـ كاتب وباحث وأستاذ في الحوزة والجامعة، له مؤلفات)*(*(

عدة قيمة، من لبنان. ، السـنة السابعة، ربيع27 ـ 26ـ العـددان االجتهاد والتجديد164

هـ1434م ـ 2013وصيف


مقدمةــة، ــية والديني ــائي السياس ــيخ البه ــف الش ال يمكن فهم مواق وآرائه المعرفية وأفكــاره، وال اســتيعاب رؤاه ومقاصــده، من غــير أن تتوضح لنا بصورة مجملة طبيعة الظروف واألحــوال واألوضــاع التي حفل بها عصره، واضطربت بها اآلفاق من حوله، في مجمل ميادين الحياة، في الســلطة والــدين والمجتمــع والثقافــة... فلقــدــه، طبعت أحوال هذا العصر مواقفه بطابعها، ووجهت رؤاه وتأمالت وألقت بظالل وارفة على أفكاره وحياته الشخصية. وسوف يتبدى ذلك أكثر ما يتبدى في مواقفه النقدية، التي انطــوى عليهــا كتابــهن والنفــاق بلســان القــط المشار إليه في العنـوان، أعـني: »التــدي

، والذي سنحلله في ما يأتي في هذا النص بإجمال.«والفأر

ـ السلطة، الدين، والمجتمع، زمن البهائي1 سيطر الصفويون ـ المنحدرون من ساللة صوفية في شمال إيــران ـــ على إيــران الحاليــة بأكملهــا بعــد وقت قصــير جــدا من اندفاعهم من تبريز، مدعومين بقبائل تركمانية ذي نزعــة صــوفية، عرفوا فيما بعد بالقزلباش، أو أصــحاب القبعــات الحمــراء. وبغض النظــر عن الظــروف المحيطــة فلقــد أخــذت تلــك االندفاعــة في طريقهـا أرواحــا كثـيرة، ودمـرت واليـات ودوال، وشـابتها مــذابح ال تفسر إال في سياق رغبة عارمة في السيطرة والنفوذ والهيمنة... فما أن اســتولى إســماعيل الصــفوي ـــ المنحــدر من حيــدر ــ أول ملوكهــا على أردبيــل بعــد عودتــه من منفــاه في جيالن حتى قتــل حاكمها، ثم سار بجيشه من القزلباش نحو تبريز، واستولى عليهــا بعد حرب طاحنة، وقتل ملكهــا ألونــد مــيرزا، والكثــير من أتباعــه،

ع لعلي مذهبا للدولــة الناشــئة، ثم توجه×وأعلن منها رسميا التشي



إلى مازنــدران فأخضــعها، ثم إلى يــزد فســيطر عليهــا بعــد قتــال مدمر... فشــاع الفــزع حينهــا في أرجــاء إيــران، وعم الخــوف منــول ــذاكرة مآســي المغ ــد إلى ال ــذي راح يعي بطش إســماعيل، ال المهولة والمروعة. وفي حروب متواترة متدافعة سيطر إسماعيلــوع، ــران بالخض ــه إي ــدين ل ــفهان، لت ــويزة، ثم على أص على الح

ولتدخل تحت سلطانه إلى غير رجعة. ولقــد طمح الصــفويون فيمــا بعــد إلى العمــل على ترســيخــدار من خاللهــا شــؤون المملكــة سلطانهم في عاصــمة مركزيــة تــائم وجــودهم الناشئة، فجعلوا أصفهان مركز حكمهم، ووطدوا دعدوا على ــة محكمــة. وليؤك في األطــراف من خالل ســلطة مركزي مشروعية دينية ـ مذهبية لسلطانهم راحــوا يــدفعون باتجــاه تأكيــدع مــذهبا رســميا للدولــة والمجتمــع، فســاعدوا على إنشــاء التشــيــدعاة في ــر ال ــز العلم، ونش ــدارس ومراك ــة والم ــد الديني المعاه األصقاع، واســتقدموا للغايــة هــذه علمــاء من مراكــز علم شــيعية معروفة، كجبل عامل؛ والبحرين، ومنحــوا العلمــاء ســلطات دينيــة واســعة. ولم يســتقر لهم ذلـك على نســق متـواتر إال زمن الشــاهــاس، بعــد جهــود بـذلها أســالفه في الســياق، وخصوصــا الشــاه عبع مذهبا راسخا، يدين به السواد طهماسب، ليصبح في زمنه التشيــة، ــزت ســلطات الدول ــرانيين. وفي أصــفهان ترك األعظم من اإلي ومركــز حكمهــا، وفيهــا كــان مقــر الســلطان، ومشــيخة اإلســالم،

ر الحكم، وترعاه، وتشرف عليه. واإلدارات األساسية، التي تسي وعلى أي حال فالمنــاخ العــام في إيــران الصــفوية كــان قــدــة ونافــذة، تمــد ســلطانها في ــة قوي اســتقر على حكومــة مركزي مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وتملــك من القــوة والنفــوذ ما يساعدها على تأمين استقرارها النسبي إلى حين، اســتنادا إلى



وحــدة دينيــة ـــ مذهبيــة تمنحهــا المشــروعية، وإلى نزعــة صــوفيةــا، وإلى شــعور قــومي وفره ترســخ قداســتها في نفــوس رعاياهــار ــيرا من آث ــانى كث ــعب ع ــدة ش ــق بتحقق وح ــاس العمي اإلحس التشتيت والتفكك والصراع بين قبائل وشعوب، استمر طــويال في

أطراف إيران المترامية، وفي ما أحاط بها من أصقاع.

ـ المعرفة، الثقافة، والعلم2 ولقد كان من الطبيعي لسلطة ناشــئة تعي بعمــق المحتــوى األيديولوجي ـ الديني لنشوئها، واألســاس المــذهبي لمشــروعيتها، أن تكون حريصة على أن تؤصل لوجودهــا في شــكل من أشــكال الثقافــة ينبثــق عن رؤيتهــا، أو فلنقــل عن مصــالحها األيديولوجيــة، ورغبتهــا في االســتمرار، وتــأمين االســتقرار، ودوام النفــوذ. وألن التصوف كان أساس وجودها، والقوة التي أمنت اندفاعتها األولى،ــاخ المالئم؛ فلقد شجع الصفويون الطرق الصوفية، وأمنوا لها المن لتعظم وتتكاثر في ارتباط وثيق بالسلطة، واستنادا إليها. فشاعتــادت ثقافة الخوارق والمعجزات ـ كما سوف يأتي ـ، واختفت أو ك المعرفة النقديــة المتجــاوزة. وبالتــالي احتجب التفكــير الفلســفير، الذي لم يجد لنفسه المكـان المالئم لالنتشــار والشـيوع، المتحر والظروف المناسبة لممارسة حضوره، بالرغم من محاوالت كــان

مصيرها على الدوام اإلدانة واالتهام، ومن ثم العزل واالستبعاد. ع كان أساس مشــروعية الســلطة فقــد انتشــرت وألن التشي الثقافة المذهبية وتعمقت. وتضخم نفوذ رجــال الــدين الرســميين، المكلفين نشر المذهب وحمايتــه، وتطــبيق رؤاه وتصــوراته، ومنح السلطة مشروعية ممارساتها. وأسست مشيخة لإلســالم، ترعــاه وتحرص على نشره وضمان وجوده، في رعاية مباشرة كذلك من



الســلطة، وتحت نظرهــا. وجعــل العلم الـديني في خدمــة ترســيخ أيديولوجيا مذهبية تمنح السلطة اعتبار وجودهــا، أكــثر ممــا تطمحد عن إلى الحقيقة أو المعرفة الشرعية، في ســياق البحث المجــرــاة، العلم، أو بدافع توفير شروط استثماره مستجيبا لتحديات الحي وأصــبح رجــال الــدين ســلطة تتطلب لنفســها على الــدوام رهانــا

لوجودها واستمرارها، وبقاء سلطانها، واستتباب نفوذها. وإذا كان مثل هذا األمر قد وفر للسلطة استقرارها إلى حين فســوف يخلــق فيمــا بعــد من حولهــا مشــكالت جمــة، وصــراعات راحت تتعاظم شيئا فشــيئا، بين تناقضــات كــان يحتويهــا االجتمــاعــروف ــخمتها ظ ــره، ثم ض ــا من أول أم ــوي عليه ــفوي، وينط الص التاريخ واألحــداث والممارســات والوقــائع. صــراعات بين الفقهــاء أنفسهم، وبينهم وبين المتصوفة والفالسفة، ثم صــراع المتصــوفة فيمــا بينهم، الــذي جــر إلى كــوارث لم يعتــبر من نتائجهــا. بين حيــدريين ونعمــة اللهيين وجالليين، ليــؤثر كــل ذلــك فيمــا بعــد في

بنيان السلطة نفسها، فيضعفها...، ويشتت قواها، ويفككها.

ثانيا: تجربة البهائي في هذا العهدـ البهائي والسياسة1

انخـــرط البهـــائي بـــاكرا في التجربـــة السياســـية للســـلطة الصفوية. فهو بالرغم من كونــه وصــل إيــران يافعــا بصــحبة أبيــه، الحســين بن عبــد الصــمد الحــارثي، ثم امتهن مهنـة رجــل الــدين، كوالده، لكنه كان لزاما عليه من أول نشــأته؛ بحكم مكانــة والــده الدينية؛ وبحكم العالقة الجذرية بين السياســي والــديني في دولــة تقوم مشروعيتها على الدين، أن يكون على تماس مع السياسي. وإذا كان أسالفه من العلماء ــ كأبيــه أو الكــركي أو الشــيخ لطــف



د، ومن الله العاملي ـ قد اندفعوا في خدمة السلطة بحمــاس مؤك غير تردد، فإننا مع البهائي ســوف نقــع على فتـور؛ إذ الواضـح من سيرة حياته أنه كان يعاني موقفا مضطربا لم يستقر به على حال إلى آخر أيامه. فهو مقرب من السلطة، منــدرج في دائــرة الــذين وفروا لها الحماية الدينية بعلمهم وبوجودهم؛ وهو من جــانب آخــر كان ينفر من طبيعة الممارسة السياســية الــتي كــان يراقبهــا عنري شــؤون المجتمـع من حـولهم كثب، للحكام، ولحاشيتهم، ولمدب من رجال البالد والقضاة والوالة والمباشرين وقــادة الجنــد، وكــان يلمس بيده مفاسد ما يقــترفون، وســوء مــا يفعلــون، والظالمــاتــة، ــوفر العدال التي يرتكبونها ويقدمون عليها، وانعدام القيم التي ت وتقلل فرص الظلم واالستبداد والهيمنة. وهي قيم كان عقله الحر يؤمن بضرورة توفرها في كل اجتمــاع بشــري يطمح إلى الرفعــة والقوة والتقدم. ولقد كان يبدو عليه شيء من النقمة وهو يتحدث عن الحكام ومفاسد ســلطانهم، وســوء ســيرتهم، وزوال العدالــة؛ بسبب ممارساتهم، وانتهاك كرامــة اإلنســان، وتــدمير إرادتــه، فيــردد ــول: إن ت مواضع من الكتاب الذي بين أيدينا. وفي خالصة القــل البهائي هذا بين مكانة وجد نفسه فيها؛ بحكم طبيعة عمله وعم والده وقربه من الحكام، وبين عقله الحر الذي يدعو إلى االنتقــاد،ــه، وفي ــاس من حول ــه والن ــوال مجتمع ــرد في أح ــه المج وتأمل السلطة، والدين، لم ينته قـط. وظني أن البهــائي لم يقـدر لــه أنخــذ قــراره الــذي يمتلــك شــجاعة الموقــف ليحســم خياراتــه، وليت ينسجم مع رؤاه وقناعاته وحرية عقلــه، نتيجــة أوضــاع جــد معقدة

ترتبط بأساس تكوينه، وبالظروف التي نشأ فيها وترعرع.

ـ البهائي والمشاركة العلمية2



ولم تكن المكانة السياســية للبهــائي لتطغى على مشــاركاته العلميـة. فهـو كـان يملـك من اإلمكانـات مـا يسـمح لـه بمجــاوزة السائد المألوف. ولقد كــان يــدرك بعمــق أحــوال الفكــر في زمنــان يعي الصفويين ـ يتبدى لنا شيء من ذلك في هذا الكتاب ـ، وك إلى أي مــدى ســاد التقليــد، وهيمن على العقــول، وإلى أي حــدود، المجرد عن المنــافع، الطــامح إلى الحقيقــة... انحسر الفكر الحر وكيـــف تبـــدلت قيم الـــدين من قيم إيجابيـــة، تحث على العمـــل والمكابدة والفعل واإلنجاز، وتمنح اإلنســان قــدرة التغيــير بإرادتــهرة وعقلـــه المتحفز، إلى قيم ســـلبية، تمجد التكاســـل المتحـــرــة، وتســلم زمــام اإلرادة للخرافــة واألوهــام والشــعوذات، والعزل وتستلب العقــل في إطــار شــامل من الجمــود والتحجر... وألجــل ذلك سخر جهدا من جهده إلعــادة االعتبــار لالجتهــاد العقلي الحــر في قبال التقليد، وللعلم في قبال الخرافة والجهل، وللتواضع فيــة ــدل العزل قبال الزهد الفارغ األجوف، وللمشاركة في األحداث ب والتقوقع وإهدار الطاقــات في طقــوس شــكلية ال معــنى لهــا، وال

فاته يندرج في هذا السياق. داللة، وال مضمون. وكثير من مؤل لكن بالرغم من كل ذلك بقي جهد البهائي محــدودا، وذا آثــارقة كــذلك في الســياق العــام لفكــر عصــره وثقافتــه، وجهــوده ضي كامن مجرد همس خجــول في خضــم صــخب ال يتوقف، وهــدير ال

يكاد ينتهي. على أن جهد البهائي األكبر يكمن في تراثه العلمي، بالمعنى الخاص للكلمة، فهو رجل حضارة وعمــران وتمــدن. وكــان يعــرف بدقة أن االزدهــار ال تــوفره ســلطة مســتقرة نافــذة تملــك القــوةر، بـل علم فحســب، وال ثقافـة رائجـة، وال علم ديـني رتيب ومكـر تجريبي راسخ على قدم، يقدم للمجتمع وســائل عمرانــه، وآليــات



ــه، في اإلدارة والعمــران تقدمــه وتطــوره، وأدوات ازدهــاره ورقي والفن والهندســة وعلــوم الحســاب والفلــك وعلم الطبيعــة...إلخ. ولقد كانت مساهماته في السياق نظرية وعلمية معا، قدم عبرهــا جهودا غير مسبوقة، سوف تبقى آثارهــا ماثلــة إلى اآلن، من غــير أن تحدد قيمتها التفصيلية في سياق علــوم عصــرها ونتاجــه، ومن

غير أن تدرس نتائجها بدقة واعتبار.

ـ البهائي في ميدان المعرفة الفلسفية3ــفهان ــة أص ــدة مدرس ــد أعم ــان أح ــائي ك والملفت أن البهر ــيني، المفك ــاد الحس ــع الميردام ــاهم م ـة، س ـ ــفية والديني الفلســا. ــد مكانته ــا، وتأكي ــع دعائمه ــورتها، ورف ــورة ص ــه، في بل والفقي والظاهر أنها إنما أسست لتكون مركز التعليم األساسي في زمن الصفويين، وخصوصا الشاه عباس، ولتجمع ضمنها علماء المملكة الكبـار، الـذين يقـدمون المشـورة والـرأي للســلطان، ويشـتغلون على إنتــاج العلمــاء والمبلغين لخدمــة الشــريعة والعلم الــدينيــ وفي زمن والوعظ واإلرشاد. وهي مدرسة سوف تنتج فيما بعد ـ الشاه عباس ـ أحد أعظم فالســفة إيــران الصــفوية ـــ أعــني المالــة عن ــة كافي صدرا الشيرازي. لكننا ـ في الحقيقة ـ ال نملك معرف مقــدار مســاهمة البهــائي في تأصـيل بنيـان هــذه المدرســة، وفي رسم مالمح توجهاتها العلميـة، وال نكـاد نقــف بتفصـيل على مـدىــة، وال ــدان التعليم والتنشــئة والتربي مســاهماته الفلســفية في ميرين ذوي على الجهـــود الـــتي بـــذلها في تكـــوين جيـــل من المفكرة، وخصوصــا أن أصــفهان فقــدت ــات الفلســفية المتحــر ع التطل وهجها بعد أن تركها مال صدرا بتــدخل مباشــر من الشــاه عبــاس، وبتحــريض من العلمــاء الرســميين القشــريين ـــ كمــا كــان يقــول

بنفسه ـ، وخمد نتاجها، وفقدت وهجها وتألقها وبريقها. ، الســـنة الســابعة، ربيــع وصــيف27 ـ 26ـ العـــددان االجتهــاد والتجديد

171هـ1434م ـ 2013


وال نعرف كذلك على وجه الدقــة مقــدار مــا نهلــه مال صــدرا على يد البهائي من علوم المعقول، بالرغم من اعتــداده بأسـتاذه،فاته، وإقــراره بمــا قدمــه لــه وإشارته إليه في غير موضع من مؤل

من نفع في سياق تكوينه. ــة غايــة مــا نعرفــه أن مــديح مال صــدرا لــه يكشــف عن عقليرة، وذهنه الوقاد، وطموحه إلى االجتهــاد البهائي الفلسفية المتحرـة ـ والتجاوز، وموسوعية ثقافته الدينية والفلسفية والصوفية واألدبي

والعلمية.

ـ البهائي والسلطة الدينية4ــة زمن ــلطة الديني ــزأ من الس ــزءا ال يتج ــائي ج ل البه ــك ش الصفويين، وكــان واحــدا من أولئــك الــذين وفروا للســلطة غطــاءــدوام ـه لم يكن على الـ ــ ــاتها. لكن ــروعيتها ولممارسـ ــامال لمشـ كـ منسجما مع هذا الدور الذي قدر له أن يمارسه، أو أن يقوم به؛ إذ وجد نفسه في خضم مناخ يتنافى قليال أو كثــيرا مــع طباعــه الــتير واالستقاللية، ويتعارض بشكل أو بآخر مع ملكاته تميل إلى التحر التي كانت تحفزه على الدوام على تخطي المألوف الشائع؛ ومــعــاد الــذي كــان يــدرك مكــامن الخلــط والخلــل في كــل عقلــه النق ممارسة سلطة، أو في كل ثقافة؛ ومع قيمه التي كانت تميــل بــه

إلى التواضع والزهد، وتنفره من المناصب ولوازمها ومقتضياتها. وهــو كــان يــرى في الســلطة الدينيــة وجهــا آخــر من وجــوه السلطة بإطالق، وكل سلطة عنــده نزاعــة إلى النفــوذ واالســتئثار والتملك، طموحة إلى الهيمنة واالستالب، تتطلب لنفســها الرفعــة

والمنزلة. هذا في الجوهر، أما في الظاهر والشكل فهو كان يــرى بــأم



عينه ما كان يخالط هــذه الســلطة من ضــروب الفســاد وأشــكاله ومظــاهره، ومــا كــان يحيــط بهــا من أصــناف الرفاهيــة والــتزلفــافر ــه من صــنوف التن ــدفع إلي ــانت تولده وت ــا ك ــاء...، وم والكبريــوبها والتنافس على المآرب والمكاسب والمصالح...، وما كان يش على الــدوام من ادعــاء فــارغ انحــط بــالعلم الــديني إلى أدنىــورع ــ ــه، حتى زال ال ــ ــه، وأدنى درجات ــ ــتوياته، وأوهن مراتب ــ مس والتقوى، واندرست الفضيلة، وأصــبحت الشــهرة مطلبــا، والــرزقــدمت دا، وانعـ ــا مؤك ــبيل طموحـ ــاب من أي سـ ــدفا، واالكتسـ هـز الخــبيث من المقــاييس الــتي بهــا يحــدد الصــالح والطــالح، ويمي الطيب، وتصــدى للمكانــة الدينيــة من ليس لهــا أهال، وال يملــك أدواتها، وال شروطها، وال يتوفر على الشــيء اليســير ممـا تتطلبـه

وتستوجبه من قيم ومبادئ وقواعد. ولقد قضى البهائي ـ فيما يبدو ـ وهو يتحسر على مــا أصــاب العلم الديني وأهله من خمول، وما داخله من شوائب وهنات، وما اختلط به من مفاسد وموبقات، يائسا من صــالح حالــه واســتقامة

طريقه. ر عن ذلــك في الكتــاب الــذي بين أيــدينا خــير تعبــير، وهو عب حين افترض »أن الجهل شاع باسم العلم، وكثرت الدعاوى، وحل الترف وطلب الدنيا مكان الزهد والقناعة، حتى عند رجــال الــدين أصحاب المكانـة والمنزلـة، وشـاع التنـافس والتبـاغض والتحاسـدــذه والرياء والمداهنة والكذب في مثل هذا المناخ«. وفي سياق ه الحيــاة المضـــطربة في أوضــاعها، المشوشــة في رؤاهـــا، كتب ن والنفــاق(؛ ليكــون وثيقــة للتــاريخ، وشــاهدا البهائي كتابه: )التــدي على الحال التي يمكن الجتمــاع بشــري أن يبلغهــا في انحطاطــه، وتـــدهور قيمـــه، وانحالل مبادئـــه، وســـوء اختياراتـــه، في الـــدين



والسياســة والثقافــة، وثيقــة لم تبلــغ حــد تأســيس رؤيــة واضــحةلمخرج يركن إليه، ولسبيل نجاة يمكن ترسمه والسير عليه.

ثالثا: نقد السلطة والمجتمع والممارسة الدينية من خاللكتاب: »التدين والنفاق«

ـ في الشكل 1أـ تكوين الكتاب: شكله؛ وأسلوبه

ن والنفــاق كتـاب حــوار يجــري على لســان القـط كتاب التديــدة، ــذ أزمــان بعي والفــأر. وهــو شــكل من أشــكال األدب، راج منل وعرفه األدب الهندي القــديم، ثم األدب الفارســي كــذلك، يتوســ فيه منشؤه التلميح، على لسان الحيوانات، إلى مفاســد المجتمــعن، أعــني لمــا ال يســتطيع ــدي والســلطة، وإلى آفــات الثقافــة والت التعامل معه بنقد صريح أو باعتراض ظــاهر. ولقــد لجــأ إلى مثلــه مصلحون لم تكن تسمح لهم الظروف بإبداء رأي حر في ما كــانــي ــتراث الفارس ــرف ال ــاع. وع ــؤون االجتم ــه رأي من ش لهم في المتأخر مثله ـ ونصنا هذا موضوع بالفارسية ـ، كما هو الحــال مــعــدي، أو ــالتراث الهن ر ب ــأث ــ المت ــة( ـ ــة ودمن ابن المقفع في )كليلــير من المنحول عليه، أو المقتبس منه ـ، الذي ضمنه صــاحبه الكثــات، ــات على لســان الحيوان ــال والحكاي ــظ واألمث الحكم والمواع قاصدا منهــا تــرويج فكــرة، أو تــوهين رأي، أو تســخيف ســلوك أو

اعتقاد، أو الدعوة إلى قيمة. نا إذن يندرج في أدب الوعظ في معناه العــام الشــامل، فنصــه أو في المواعظ على نحو أدق، أو في كتب الحكم واألمثال، لكنر الحكمــة أو القيمـة ليس وعظا مباشرا على كل حال، فال هو يقر في وضوح وجالء، وال هو يسترسل في بيــان طبيعتهــا وآثارهــا، وال



ــة صــريحة في بيــان منافعهــا ن هــو يســتعمل طريقــة متناســقة بيب عليهــا في مــا يتصــل باإلنســان وفوائدها، وما يجنى منها أو يترت والمجتمع، وال هو يقدم موقفه النقدي بأسلوب مباشر وقاطع، بلل التلميح واإلشــارة ر كــل ذلــك بأســلوب حــواري يتوســ هــو يقــر والرمز، ويوحي إلى مــا يريــده من طــرف خفي، ال يقــع معنــاه إال لمن يتأمل في ما وراء الحكاية أو المثــل أو القصــة أو الحكمــة أو الموعظة. وهو حوار كذلك يـوارب ويجـانب ويســير على الحــوافــذات، با للسالمة، ورغبة في األمن على ال قة؛ تطل والهوامش الضيصــين؛ إذ يســتعمل الحكايــات المشــيرة والحــوادث وتضليل المتربــرة الملغزة المعبرة، التي تومئ من طرف خفي إلى معنى أو فك أو أمثولة أو قصد، من غير أن يثير حفيظة من يقصدهم، أو يشــير إليه من قريب أو بعيد. ثم هــو كتــاب ســهل يســير، يتوجه للعامــة وللخاصة، ظاهره اإلمتاع والتسلية، بلغة عفويــة، ال تكلف فيهــا وال غموض، وال صــعوبة تكتنفهــا وال تعقيــد. فهــل كــان يــروم المؤلف إيصــال رســالة من خالل لغــة كهــذه إلى أكــبر نســبة من القــراء؛ لغرض في نفسه يتجاوز النصيحة والنقد معا؟ أعني هل كان يروم هــدفا إصــالحيا؟ هــذا شــيء مســتبعد هنــا... فالكتــاب ليس كتابــال ــة أو يؤصــ إصالحيا بالمعنى الشامل للكلمة، وال هو يؤسس لرؤيـبرز رسـالة محـددة المعـالم تأخــذ لطريقة شاملة، ولموقف، وال ي حلقاتهــا بعضــها في ســياق بعض، تتضــمن تعــاليم صــاحبها ورؤاه وفلسفته في السياسة والمجتمع والــدين واإلنســان، وهــذا شــيء

سنوضحه بعد قليل. ــار ــاس بانهي ــف، ولده إحس ــاب إعالن موق ــا أراه أن الكت مـدع والخرافــات واألســاطير ـ القيم، وزوال المبــادئ، وشــيوع الب المؤسسة باسم الدين، وانطالقا منــه، وترهل العقــول وتكاســلها،



ــرؤى ــو ال ــاد أعمى لإلرادات نح ــل مقيم، وبانقي ــا إلى جه وركونه والشعوذات واألحالم الفارغة. وألجل ذلك يحسن تصــنيف الكتــاب في ســياق موعظــة بليغــة، وموقــف يحث على االعتبــار والتأمل،ــاع ــياق اجتم ــوهن في س ــل وال ــاطر الخل ــرخة تلفت إلى مخ وص بشري محدد، يخشى عليه أن يتهاوى؛ لتهــاوي قيم اإلنســان فيــه؛ ولتشــوه تعــاليم الــدين في ســياقه، من خالل الممارســة الســلبية لمضامينه والفهم المشوه ألبعاده ومقاصده، وتشــير إلى المزالــق التي يقود إليها استبداد السلطة، وفساد حالها، ومجانبتهــا مقاصــد العدل، وتجاوزها حدود الكرامة البشرية. والمؤلف في سياق ذلكــا ر حولها مواقفه، وما يتصل به يركز على معان محددة عامة، يكرــياق من حكم وأمثال وحكايات وقصص، تندرج في عمومها في س

الوعظ والتوجيه. زون ـ من ذلك نقده لعلماء الرســوم المقلــدين، الــذين ال يميــاذ إلى دين بظاهر األحكام من غير نف بين الرأي واالجتهاد، والمتعبكون بطقوس جوفاء ال قيمة لها، وال مغــزى باطنها، أو الذين يتمســع ــو الحــال م ــا ه ــد، كم ــادة والتقلي ــا بالع رونه ــه، يكر تكشــف عنــرقص ــات ال ــوف إال حلق ــدون من التص ــذين ال يجي ــوفة ال المتص

والدوران، والذكر الذي ال يجاوز اللسان. ـ ومنها الدعوة إلى الزهــد في الــدنيا، والتحــذير من اإلقبــال على ملذاتها وما تدعونا إليه، إقباال ال حدود له، واندفاعا ال ضوابط

ده أو تردع عنه. تقيــا، ــزاد له ــير ال ــترغيب في العمــل لآلخــرة، وتوف ــا ال ــ ومنه ـ

واالستعداد لتقرير الميل إليها. ـ ومنها نقد تعلق العوام باألســاطير والخرافــات، وانــدفاعهمــة فهم، وتأمل ر أو تفكــير، أو روي وراء القيل والقال، من غــير تــدب



عقل. ـ ومنها نقد المتظاهرين بالورع والتقوى؛ لمــآرب أو أغــراضــزورون ــاديث، وي ــعون األح ــذين يض ــة، وال ــابرة وآني ــداف ع أو أه

الشرائع؛ من أجل مصالحهم وأهوائهم. ـ ومنها نقد السلطة، ومؤسساتها، والمحيطين بها؛ من رجالنــون لهم ســوء بون إلى الحكام بالخديعــة والمكــر، ويزي بالط، يتقر أفعالهم، وفساد ظلمهم، وسوء حالهم؛ ليبقى نفوذهم وسلطانهم؛ ولتــدوم النعمــة عليهم، والجــاه الــذي بــه يرفلــون، فيقــدمون مصالحهم على كلمة حق ينصحون بها سلطانا، أو يردونــه بهــا عن جوره؛ ومن قضاة، يجــافون الحــق والحقيقــة في قــولهم وفعلهم، ويحكمون بأهوائهم؛ حفاظا على مكانتهم وتأكيدا للعز الذي ســاقهعــون بــه، أو القدر إليهم، من غير موهبة يملكونها، أو استعداد يتمت منزلــة يســتحقونها، واســتغالال للنــاس، وســلبا ألمــوالهم، وخــداعا

للعامة منهم. ــاظ الــذين يتســربلون بســرابيل ولم يكن نقــد البهــائي للوع الــورع في الظــاهر، وهم أبعــد الخلــق عنــه، أقــل من نقــده لكــل أولئك، فهم يقولون بـأفواههم مــا ال تصــدقه أيـديهم، أو تـؤمن بــه

ــارز لقولــه تعــالى: لم تقولون مــا ال﴿قلــوبهم، وهم مصــداق بــيل،﴾تفعلون . مثل هذا المقاصد سنفحصها هنا بشيء من التفص

ــائي ــر البه ــا، في فك ــوم عليه ــتي تق ــرة ال نين أسســها، والفك مبيوثقافته ورؤيته القيمية.

ب ـ بنية الكتاب المعرفية والمفهومية يكشــف النص الــذي بين أيــدينا عن بنيــة معرفيــة ومفهوميـة محددة، كــانت توجه آراء المؤلــف وقصصــه وحكاياتــه، وتفرضــها.



ا لهــا بمــا هي فهــو في موقفــه من الســلطة يــبرز مفهومــا خاصــ محققة للعدالة، وآلة لتأكيد الحق، ووسيلة لتوفير األمن والكرامة،ــه ينزع رجالها إلى خدمة المجتمع، وتوفــير رفاهيتــه، وأســباب رقي وتقدمه، ويسعون جهد طاقتهم في سبيل رفعتــه، يحــافظون على ثـروة األمــة وخيراتهــا، ويوازنـون بين مصــالح الســلطان ومصــالح الرعية، من غير ميل أو جور أو استئثار. وسلطة ال تــرى الســلطةــة إال سطوة وقوة واســتئثارا بــالثروة والنفــوذ على حســاب الرعي

المهمشة والمستبعدة هي بنظره سلطة غير مشروعة. وهو يرى ـ كذلك ـــ الــدين توازنــا بين الظــاهر والبــاطن، بينــا ــامية وأبعاده ــدها الس ــه وبين مقاص ــا تعلن عن ــريعة في م الش القصية. ويعتقد بضرورة أن يكون الدين ميدان تأمل العقــل الحــرـه ال ـ د عن الهوى، الطامح إلى الفهم والباحث عن الحق؛ ألن المجر

حياة له إال بذلك. والبهائي ـ وهو يؤسس ذلك ـ غمز من قنــاه علمــاء الرســوم المقلدين، الــذين ال يملكــون قــدرة االجتهــاد في الــدين، وال رغبــة ذلك، وال يوفرون لهذا السبيل أدواته ووسائله، وال يدركون معنــاه،

وال منافعه. وهــو إذ يرمــق مجتمعــه من طــرف خفي يــرى أن المجتمــع ينبغي أن ينتهض على العلم والمعرفـــة الحـــرة، ال على الخرافـــة والسحر، وأن استقامة حياة الناس إنما تكون بالركون إلى العمل والفعل، وإلى ما يقود إليه العقل، ال إلى حكايات األســالف، أو مــا استقرت عليه الحياة من شــعوذة مذمومــة وتخييــل بغيض. ومثــلر كالبهــائي أن يــدفع بهــا إلى هذه البنية المعرفية كان يمكن لمفكس عليهــا رؤيــة شــاملة متماســكة ومســتوعبة، نهاياتها، وأن يؤســــه لم يفعــل ذلــك، واكتفى بــاإلعالن عنهــا شــذران في صــميم لكن



خطــاب وعظي، يكتفي بتقريرهــا من غــير تأصــيل، ويطمح إلىإبرازها من غير تبرير نظري في نسق معرفي عقلي محكم.

ـ في المضامين والمقاصد ـ على سبيل التفصيل ـ 2أـ فساد السلطان وآفاته

كان البهائي يدرك ما كانت تعاني منه السلطة في زمنــه من فساد مقيم، فضال عن الخلل الذي كان يصيب أصــل مشــروعيتها. فهو رأى بعينيه المــآثم الــتي اقترفهــا الصــفويون بحــق شــعوبهم،ــات ــا، والموبق والفساد الذي كان يخترق قصورهم، ويعشعش فيه التي كــانت تــرتكب تحت مظلــة من التــبرير الــديني ـــ المــذهبي، والتجاوز الذي بلغ أقصى مداه في حق مبادئ العدالة واالستقامة، ال فرق في ذلك بين الحكام ومعــاونيهم وزبــانيتهم ورجــال بالطهمــيخ ــآربهم وترس ــق م ـنين لتحقي ـ ــاتهم المعي ــهم وقض ــادة جيش وق

مشروعية حكمهم. والبهائي ـ بعلمه الواســع الغزيــر وذهنــه الوقــاد ـــ كــان يعلم جيدا أي نوع من المفاسد يجر مثل هذا النمط من السلطان. وهوــة ــالم في السياس ــة اإلس ــه على تجرب ــدرك؛ بحكم اطالع ــان ي ك والحكم، منذ نشوئه إلى وقته، وعلى تجربة الممالــك الــتي كــانتع نقص المشــروعية في الســلطة ــف يشــر ــه، كي ــة من على مقرب السياسية الباب على القالقل والصراعات، وكيف يدفع الســلطان إلى التعويض عنه، عـبر ممارسـات إخضـاع وهيمنـة وقهـر وقمـع؛ لسد أبـواب االعــتراض أو االحتجـاج، احتكامـا إلى القــوة الماديــة، ولمنع أي رغبة في التغيير، أو االنتهاض به، أو السعي إليــه؛ وعــبر انتهاك منظم للحريــة، ولإلرادات الحــرة وللعقــول باســم الحفــاظــك إلى على السلطة، وتأمين وحدتها. وكيف ينتهي المجتمع إثر ذل



الكسل أو ما يشبهه، لتتهاوى كل أحالم الرغبــة في أن يكــون لهــا حيــاة أفضــل. وهــو كــان يعــرف بوضــوح ال لبس فيــه كيــف يمكن لفســاد الممارســة السياســية في دوائــر الســلطة من أعالهــا إلى أدناهــا أن يقــود إلى فســاد القيم، وتهــافت األخالق في االجتمــاع برمته، وإلى تفتيش الرذيلة، وانحالل الفضــيلة، وإلى زهــد النــاس

بالعمل والمبادرة ما دام يشك في قدرتهما على إحداث تغيير. لكن الملفت أن نقد السلطة عند البهائي ـ في هذا الكتاب ـــة، يتخذ أسلوب الموعظة الحسنة، وطريق الرفق واللين والمهادن من غير تنديد صريح، أو اتهام واضح، أو قسوة مندفعة، بخالف ماــاة أو ــاظ أو القض ــاء أو الوع ــه للفقه ــد مهاجمت ــراه عن ــوف ن سب إشــعال أي موقــف ــة في تجن الصوفية. ولعل ذلك كان منه رغببته طويال، وأحسنت إليه، وخــدمها في مجمــل ضده من سلطة قر تجربتها، على الرغم من مظاهر فسادها التي لم تكن لتخفى علىــريب ــه الق ــذي عم حتى علم ــه، أو مالمح اســتبدادها ال ــل مثل رج والبعيد، أو نقص عدالتها الـذي عايشـه وعاينـه في أحيـاء الفقــراءــاهم، مطلعــا على يا إي يا قاطنيهــا، مســل التي كان يتردد عليها، معز سوء أحوالهم، في ما ترويه لنا كتب تــاريخ العهــد الصــفوي. فهــلــام الصــفويين؛ خوفــا منهم على نفســه، كان البهــائي يــداري الحك وميال منه إلى السالمة، أو ركونا إلى الدعـة والتكاسـل في مسـارــ كمــا التغيير واإلصالح الذي كان يرى ضرورته؛ أو ألنه كان يــرى ـــ أن في الســكوت على مظــالم الصــفويين ــيرون ـ ــرى كث ــان ي ك مصلحة أكبر من مصلحة أن يصدع بــالحق في وجههم، أو يعــارض في العلن سياســاتهم، ويعــترض عليهــا، ويعــرض بهــا، ويــدعو إلى تغييرها؟ قد يكون شيء من ذلــك هــو الصــحيح، وقــد تكــون كلهــاــه لم يكن يــرى وراء مثل هذه الليونة في الموقــف تجــاههم. فلعل



في نفسه قدرة على إحداث أي تغيير في ظل مناخ عام ال يسمح به، وخصوصا أن الشيخ البهائي كان يدرك بدقة أنه لم يكن ينتمي إلى السياق العام لمنظومة السلطة في الدولــة الصــفوية في مــا يشكل الجوهر منها، فهو مهاجر، كما والــده من قبــل، كــان ينظــر إليهم كمنافسين غرباء على الرياسة الدينية والســلطان، وبالتــاليل أرضــية راســخة لــدعوة لم يكن يتوفر لهم من األدوات ما يشــكـه كــان يـرى من جـانب آخـر أن قصـد نشــر شـاملة للتغيـير. ولعلع وترويجــه أســمى من قصــد االعــتراض على ســلطان في التشــي سياسة يمارسها، أو سطوة يبديها، أو إدارة فاســدة ينهض بهــا، أو

استبداد موقف يعلن عنه.

ب ـ العلماء القشريون وشيوع البدع ولقد كان نقد البهائي لرجال الــدين أكــثر حــدة وقســاوة منده العصــر في نقده للسياسيين والحكام؛ ألنه أدرك بوضوح مــا ولــربلون ســـياق أحداثـــه من رجـــال دين منتفعين مرتـــزقين، يتســـه، وال سرابيل التقوى، ويلبسون لبــاس أهــل العلم، ويــتزينون بزيــاهر ــورع إال مظ ــد وال ــور، ومن الزه ــون من العلم إال القش يملكــوم على ــة، وال تق ــوي على قيم ــة، ال تنط ــكال براق ــة، وأش خاويك البهــائي نحــو هــذا النمــط من النقــد مضمون... ولقد كــان يحــر العنيف سـبب وراء مــا كــان يحملـه هــؤالء من ادعـاء خــادع، ومن زيف طبع حياة جماعة كبــيرة من رجــال الــدين في عصــره، وهــولون ــ التنافس البغيض على المكاسب والرياسات والمصالح، يتوس إليها مظاهر التقديس الدينيــة، والمناصــب الشــرعية، والكرامــات المدعاة، والحيل والشعوذات، وهي أمور راحت تطغى وتشيع في البيئة الصفوية كما تنتشــر النــار في الهشــيم، في ظــل منــاخ من



الترهل الديني في العلم والممارسة، وفي ظــل انعــدام المــوازين التي بها يميز الصالح عن الطــالح، والعــالم عن الجاهــل المــدعي،ــل ــأرب يبتغى، وفي ظ ــوي وم ــرض دني ــد عن المتزهد لغ والزاه فقــدان الجهــة الــتي تملــك زمــام إدارة هــذا الشــأن اســتنادا إلى

معايير العلم والورع الحقيقيين، وسلطة ذلك. ومثل هذا الموقف من أنصاف المتعلمين أو علماء الرســوم،فين إلى ــدين، المــتزل الواقفين على حدود المظاهر، المتاجرين بالرين بالعامـة، الجـاهلين بجـوهر الحقيقـة الدينيـة، السلطان، المغر وبمقاصد الدين ومعانيــه وأهدافــه، الخاليــة قلــوبهم من العرفــان،لون إليهــا مظــاهر الزهــد الخادعــة، الطامعين في المناصب، يتوسره البهــائي في كثــير من وعالمات التقوى الموهمة المضللة، يكــرــاف المتعلمين ــي مثال ينعى على أنص ــعره الفارس ــه. ففي ش كتب وقــوفهم على الظــاهر، وإعراضــهم عن جــوهر اإلســالم، فيقــول: »الذين قل علمهم، وخلت قلوبهم من العرفان، والذين يدعون ما

.(189)ال يعرفون، ويستغلون مناصبهم من أجل مآربهم الخاصة«ن والنفاق يــرى البهــائي أن العــالم الحقيقي وفي كتاب التديــوى، وأن من ال حــظ هو الذي يجمع إلى علمه الزهد والورع والتق له من الزهد ال ينفعه علم. مثال: يقول الفأر للقـط، الــذي يتظـاهرنين، وأنا ال بالعلم، في حوار معين: »إن الزهد من خصائص المتدي

.(190)أرى ذلك منك« ويقـــول في الكشـــكول: »فســـد الزمـــان وأهلـــه، وتصـــدر

.(191)للتدريس من قل علمه، وكثر جهله«ن والنفــاق، بلســان القــط وهو في نص موح كذلك، في التدين كيــف يســتغل العلمــاء معــاونيهم في ســبيل مــآربهم والفأر، يــبية، فيقـول على الضــيقة، ومصــالحهم العــابرة، ومقاصـدهم الخاصـ



ــأر ــا على الف ــيطر به ــة يس ــذي يفكر في طريق ــط، ال ــان الق لس ويستغله ـ والقــط هنــا مثــال العــالم المســتغل لعلمــه، المتظــاهر بالمعرفة ـ: »سأسيطر عليه، وآخذه بالحجــة، مســتندا إلى األدلــةــوال المتصــوفة، ــا فســأورد أق ــذا ممكن الشــرعية؛ وإن لم يكن ه

.(192)وأقبض عليه...« وأسوأ من هذا كله بنظر البهائي العالم الذي ال يعمل بعلمه،ر ذلك على لســان ويقول ما ال يفعل، ويبطن ما ال يظهر. وهو يقرــة ــد والقناع ــاء الزه ــظ، وادع ــط من الوع ــثر الق ــأر، حين يك الفــالب علم، واالكتفاء بالوحدة واتخاذ الصبر مذهبا، فيقول: »أنت ط

. (193)ولكن لم ال تعمل بما تقول؟! لم تقولون ما ال تعملون؟!« وكما ينتقد البهائي هؤالء؛ لسوء ســلوكهم، وفســاد طــويتهم؛ والستغاللهم الــدنيء للــدين؛ والدعــائهم األجــوف للزهــد والقناعــة وسعة العلم، فهو ينتقد كــذلك رواة الحــديث، الــذين ـــ جهال منهم وقلة دراية ـ يروون ما ال يقبله عقــل، وال يدعمــه نص موثــوق مندون في الرواية؛ اعتقــادا منهم أنهم يحســنون كتاب أو سنة، ويتزيــط: »إن ــا الق ــأر مخاطب ــان الف ــائي على لس ــول البه ــنعا، يق ص

األحاديث التي تذكرها مروية فعال، ولكنها غير مقبولة عقال«. ترغب|ويروي القط، المدعي للعلم، روايات عن رسول الله

الفأر في الكرم وحسن الضيافة، ثم يزيد عليها بما يكفل له إقناعــا|الفأر بإعطائه ما يحتاجه، وينسبها إلى رسول الله كذلك، مع أنه

.(194)تنضح كذبا أو مبالغةــاطة ــدة جهلهم، وبس ــاريين؛ لش ــائي من األخب ــخر البه ويسزوا الصـــالح من الطـــالح، عقـــولهم؛ وألنهم عـــاجزون عن أن يمي والصـــحيح من الكـــاذب من األخبـــار، والعلم من الجهـــل؛ وألنهم يخلطــون في مــا يــروون بين المتعارضــات، ويجمعــون األحــاديث



المتناقضة في مكان واحد، من غير روية عقل، وال تبصر فهم، والــروي الفــأر مثال حــديثا في فضــل مشــورة ــة علم. فحينمــا ي دراي النساء يعارضه القط بحــديث ينــاقض رأيــه، ثم يــروي كــل منهمــاد مذهبــه، تشــيع بين العامــة، وتنســاق قصة مختلقة موضــوعة تؤيــزات ــالخوارق والمعج ــون ب ــذين يؤمن ــال، ال ــان الجه ــا أذه وراءهــرآن لن ــتخرت الق ـني اس ـ ــأر: »إذا قلت: إن ــول الف ــحر. يق والســيقول: ال يصدقني ـ يقصد القط ـ؛ وإذا قلت: استشرت العلماء س قيمة لالستخارة بغير القرآن، وســيقول: من أين جئت بالعلمــاء؟!

.(195)لذلك سأقول له: إنه قد ورد في الحديث« والعالم الظاهري، المتمسك بظــواهر النصــوص، يشــبهه فيــون ف ــاس، المتكل رون على الن ــرورون المتكب ــاء المغ ســوئه العلم للمكانة والمهابــة والتبجيــل، والــذين يطمحــون إلى انقيــاد النــاســالغرور ــهم ب ــذين امتألت نفوس ــديهم، وال ــوعهم بين أي لهم، وخضــاتهم على لســان ــة هــؤالء ورغب ــائي عن طبيع ر البه والكــبر. ويعب القط، فيقول: »إن من ال يحب طالب العلم ال دين له، وال إيمــان. وكل من رفض العلماء رفض األئمة والرسل، ورفض أوامــر اللــه،

. (196)والكتب المنزلة، والمالئكة، واألحكام، والثواب والعقاب« وهو ينتقد العلم الناقص الذي يفاخر به أصــحابه على لســان القطـ، فيقول: »أيها الفأر، يجب أن تعاني الكثير من التعب واأللم في خدمة علماء الدين؛ لتعرف مســألة عقليــة واحــدة، وتتعلمهــا؛ لكي ال يعدك الناس من الجهلة، قليلي اإلدراك؛ ألن الذين أصبحوا علمــاء تعبــوا كثــيرا قبــل الوصــول إلى الطريــق الصــحيح. ويتــابعقا: »إن بعض مدعي العلم مــا إن يحفظــوا حــديثا أو آيــة حتى معلــة ــ ــوق والمدرس ــ ــدل والبحث العقيم في الس ــ ــأوا إلى الج ــ يلج والمســـجد، وهـــذا األســـلوب غـــير مستســـاغ لـــدى العلمـــاء



. (197)الحقيقيين«

ج ـ الطرق الصوفية، وفساد القيم اإليجابية للدينــديني وفساد الممارسة الدينية ال تقتصر على فســاد العلم ال وأهله، بل تتجاوزه إلى الممارسة الشــكلية للطقــوس والعبــادات، وإلى استغالل مظاهر دينية من أجل تشويه عقول العامة، وإفساد طويتهم، وتعطيل قـدراتهم وطاقـاتهم، وتـرويج الخرافـة والســحرــاهر التقـــديس الفـــارغ بينهم. وهـــذا إنمـــا يتحقق مثال في مظـ لألشخاص والرموز، ونشر ثقافة الرقى والتعاويذ والرجم بــالغيب،ــات والمســتور، وادعــاء علم الرؤيــة والســماع. والبحث عن الغيبي ومثل هذه الممارسة تجسدت خير تجسيد ـ حسب البهــائي ـــ فيل الزهــد الشــكلي ومظــاهر الــورع التصوف الكاذب، الــذي يتوســ المضلل والفتنة طريقا إلى قلوب الناس وعقــولهم، وإلى ترســيخــم ــ ــق باس ــ ــدعي النط ــ ف على اإلرادات، ي ــلطان روحي مزي ــ س المقدس، والحكم استنادا إليه، والزعامــة نيابــة عنــه. ومثــل هــذهــا في محيطــه ــاش تجاربه ــائي بنفســه، وع ــا البه المظــاهر عاينه القريب، في طرائق صــوفية راســخة ومتنفذة، بعضــها قــام عليــهــات ــحاب القبع ــاش أو أص ــهم، كالقزلب ــفويين أنفس ــلطان الص س الحمراء، الذين انقلبوا بعد تزايد نفــوذهم إلى طائفــة تســعى وراءل في ســبيل مكانتها، وتطمح إلى إرضاء أهوائها ومصالحها، تتوســ ذلك أسوأ األساليب، وأحط الطرق. وهؤالء ال يأتي الخطــر منهم ـــه من مســلك أو رأي أو ــ من ســوء مــا هم علي ــائي ـ حســب البه ممارسة فحسب، بل كذلك من تعلق العامة بهم، وجريهم خلفهم، وانصياعهم في إثر رغائبهم، وتقديسهم ألشخاصهم. ولقد جر نفوذ الصوفية في زمن الصفويين إلى صراعات دموية، لم يقدر لها أن



تنتهي إال على ويالت ال توصـــف، وعلى فتن أخـــذت في طريقهـــا الفقهــاء والمحــدثين، والــدراويش والزهــاد والعبــاد، وجــذبت إليهــاــا آالف المحتالين والدجالين والمشعوذين والمستهترين، ووقع فيهائيين، والعلمــاء، مجتهــدين وأخبــاريين، الفالسفة، إشراقيين ومشــهم بالكفر والنفاق والفسق...، وانتشر العمل بالتنجيم وشاعت الت

والسحر، واألخذ باألساطير واألوهام. إذن لقــد تــرك نفــوذ المتصــوفة آثــاره على غــير صــعيد، فيد الثقافة والسياسة، الدين والمجتمــع، العلم والفلســفة...إلخ، وول مناخا لم يكن يمكن لسلطة ناشئة أن تكون بمنأى عنه، فضال عن

أن تكون قادرة على إيقافه، أو التحكم به. ــدع والشــيع، ولقد راجت في مثل هذا المناخ المضــطرب الب وشاع الدجل، وانتشــر الــدجالون، وتحلق حــولهم أتبــاع منــدفعون غرائزيون، روعوا العامة، وأشاعوا فيهــا الخــوف والــرعب. حصــل ذلك في إيران نفسها، وفي ما جاورها من بلدان أو أصــقاع كــانتــام الســلطان على صلة وثيقة بأحداثها، كما حصل في األناضول أي سليم العثماني، حين أظهر الجالليون بدعتهم، وانتقلوا إلى إيــرانــد زمن الشاه عباس بعد مقتل زعيمهم. أو كالنقطوية، بدعة محم نامي، الذي سكن أحــد مســاجد قــزوين زمن طهماســب، وأطــالقى والدين، واشتهر أمره، والتف حوله النــاس. لحيته متظاهرا بالت وهي بدعة قضى عليهــا طهماسـب، واختفت زمنــا، ثم عـادت إلىــة، ــا بال رحم الظهور زمن الشاه عباس، مما اضطره للقضاء عليه

والقبض على رؤسائها. والسلطة الصفوية نفسها ادعت نسبا صــوفيا، وفــاخرت بــه، ونشرته في العامة، ورسخته في أذهــانهم، واســتندت في حكمهــا إليه، وارتقت من خالله إلى حــدود رفيعــة من القداســة والمهابــة،



ممــا جعــل العامــة تعامــل ملوكهــا معاملــة المعصــومين، وتنصــاع إلرادتهم بال تردد أو تشكيك، وتنســب إليهم الكرامــات والمعــاجز، كشـــفاء المرضـــى وعلم الغيب، وأن دعـــاءهم مســـتجاب، وأنهم يفتحون األبواب الموصــدة. حصــل ذلــك مــع الشــاه عبــاس الــذيبين إليه. عرف بالبطش والشدة والقسوة، حتى على أقرب المقر ونسب الكثيرون الخوارق إلى جــده طهماســب، وقبلــه إســماعيلس الدولــة الصــفوية. فلقــد رفعت العامــة هــؤالء إلى رتبــة مؤســــرف ــادرين على التص ــر، الق ــير البش ــالكين لمص ــين، الم القديســوفية، راحت ــة ص ــتنادا إلى نزع ــالغيب؛ اس ــالمين ب ــدار، الع باألق تتفشى وتطغى على العقول فتعطلها، وعلى الفكر فتشله، تنشــر ثقافة التواكل والعجز والتسليم، وترسخ قيم الخوارق والشعوذاتبــة العقــل، معطلــة والكرامات، مقصــية العلم إلى الهــوامش، مغي الطاقات واإلرادات، ساجنة اإلبداع في إسار ال فكاك منه، ممجدةفة الفارغة والرؤيويات والنبوءات واألحالم. الجهل والدعوات المزي ولقد كان البهائي يدرك إلى أي مدى يخلخل هذا النمــط من الثقافة الدينية جوهر ما يقوم عليه الدين من مبادئ وقيم، ويدرك كذلك المفاسد التي تولدها مثل هذه الظواهر الخطـيرة في حيـاة البشــر، وإلى أي درك من االنحطــاط والتخلف والجهــل يمكن أن تقودهــا. وألجــل ذلــك كــان نقــده للتصــوف، أو لظــاهرة التصــوف الشكلي، عنيفا، ال فرق بين الظاهرة وبين آثارها وممارساتها التي

ولدتها في سياق نشوئها وترسيخ وجودها واكتمالها. ولقد أشار البهائي في طــرف خفي إلى التــأثير المــدمر لمــا تروجه الصــوفية من أخالق زائفــة، وعلم مــدعى، وزهــد مصــطنع،ف يخفي وراءه رغبة عارمة في الجــاه والمــال والســلطان، وتقشخذ من الدين ذريعة لدنيا، والتقوى وسيلة لجشــع، والزهــد آلــة ويت



الكتناز الثروة. فهــؤالء بنظـره »يـدعون الزهـد والتقـوى من أجــل العز والجاه، ويعتمدون المكر والخديعة والحيلــة لتســخير العــوام، وإغواء الســلطان، ويلبســون لبــاس الــدراويش، ويتظــاهرون أنهمــا يلبس ــت بم ــة ليس ــوى الحقيقي ــلوك، ولكن التق ــل الس من أه اإلنسان، وإنما بما يعتقد، وال يصل الساعي إلى الحــق إال إذا كــان

ظاهره كباطنه«. ن والنفــاق بلســان القــط، وهــو يعــرض بهم في كتــاب التــدي فيقول: »أيها الفأر، إن من يعد نفســه من أهــل الحقيقـة يجب أنــاس يبتعد عن دنس الدنيا، ومنازع النفس األمارة والهوى؛ ألن أنف

. (198)الدنيا...إلخ« ويعرض كذلك بمظاهر التصوف الشكلية على لســان الفــأر، فيقول: »أنا مــاهر في التصــوف إلى درجــة عاليــة، فــإذا اســتطاع شــخص أن يــدور دورة واحـــدة فأنــا أســتطيع أن أدور ثالثين أوما: »أال تعلم عن التصوف سوى أربعين دورة«، فيجيبه القط متهك الدوران؟! إن القفز والدوران والسماع والكــذب ليس من العقــل

. (199)والكرامة« ويصف البهــائي إقبــال هــؤالء على الــدنيا، وولعهم بهــا، على لسان الفأر، فيقول: »أنا أيضا من أهل التصوف، وهـذه الفرقـة ال تقتصر على أكل )نعمة الله(...، وهم في أثناء االعتكاف والسلوك ال يأكلون سوى الخبز والشعير والخل، وأحيانا ال يأكلون شيئا، أمــاــه ــذي تبقى في ــد ال ــأكلون إلى الح ــإنهم ي ــانوا في ضــيافة ف إذا ك

. (200)بطونهم مألى إلى اليوم التالي« وهو ينتقد ادعاءاتهم المعاجز والكرامات، فيقول على لســانــه أيهــا الفــأر من كرامــات المتصــوفة محض القــط: »إن مــا ذكرت خرافة، وإن الناس الذين يؤمنون بهذه الخرافات جهلــة، وال عقــل



ا قائمـــا على الشـــعوذة،(201)لهم« . »وهم يمارســـون دينـــا خاصـــده عقل وال نقل، وإنما هو مبني على التقليــد ويقولون كالما ال يؤي

. »وهم إنما يحــدث لهم ذلــك(202)وهوى النفس وخداع الشيطان« من أثر الشراب والترياق الذي يشعر الجاهل بسببه بجذبة يشمئز منها العلماء العقالء، ومثل أولئك المجذوبين كمثل رجــل في بحــر عميق بعيد القرار، وهو بال يدين أو رجلين، وال يعــرف الســباحة... وأدعيــاء التصــوف أولئــك ألقــوا أنفســهم في بحــر الفكـر العميـقــارب ــد، دون أن يســتعينوا بســفينة الشــريعة، أو ق ــال البعي والخيــون ــو يجهل ــد، وه ـان المرش ـ ــدون مالح العلم، والرب ــة، وب الحقيقــر ــة بح ــوا فريســة تمســاح الشــيطان، في دوام الســباحة، فوقع

. وإذا كان البهائي ينتقد المتصوفة بهــذه القســوة؛(203)البطالن...« لآلفات التي تجلبها دعوتهم، فهــو ينتقــد بنفس الدرجــة من يجــريــالحمق؛ بع خطواتهم من مريدهم، الــذين يصــفهم ب في إثرهم، ويت لتصديقهم دعاوى شيوخهم، واعتبــارهم كالم مرشــدهم أعظم من

ــا إن يصــدقوا×كالم عيسى ، وأن دعاءه مستجاب...إلخ. وهؤالء مــوا بشــطحاتهم ذلك من مشايخهم حتى يدخلوا في طريقهم، ويبتل وأكاذيبهم وخرافــاتهم، ويصــبحوا أســرى الظن والــوهم. واألحمــق الجاهــل األعمى قليــل الــذوق واإلحســاس، كمــا هــو حــال هــؤالءــعورهم، وهم المريدين، لن تجلو الحقائق اإللهية صدأ عقولهم وش

ال يحصلون مما يمارسون سوى الهم والغم والنحول...إلخ. وال ينبغي استنادا إلى مثل هذا الموقف الشديد القســوة من التصوف أن نفهم رفض البهائي للتصــوف في جملتــه، فلقــد كــان هو نفسه صوفيا بمعنى مـا؛ إذا فهمنـا التصـوف نمطـا في العيشــاس في مالذ ب االنغم ــوى وتجن ــورع والتق ــد وال ــه الزه يغلب عليــه في ــد ب العيش وأطايبه؛ إذ البهائي كان على شيء من ذلك معت



تجربة حياته؛ أو إذا ما فهمنا التصوف رؤية قلبية تمتلئ بها النفس بجالل الوجود اإللهي وجماله، كما كان الحــال مــع متصــوفة كبــار، كان البهــائي يجلهم، ويقــدر تجــربتهم، ويستشــهد بهــا، ولقــد كــانــعاره البهائي نفسه على شيء من ذلك، قل أو كثر، نطقت به أش العرفانية الوجدانية العميقة، ســواء منهــا الفارســي والعــربي. مــا كان ينتقده إذن هو التصوف الشــكلي، أو مــا كــان ينتشــر ويــروج باسم التصوف، من طرق شعوذة وطقوس شكلية، راحت تترسخ منذ زمن في بيئة المسلمين، مترافقة مع خواء وانحدار في القيم األخالقية ال سابقة لهما، ومع انهيار لمكانة العقــل ودوره، ولقيمــة المعرفــة، ومـــع اختالل في الممارســـة السياســـية، وتشـــوه في المعارف الدينية والمعتقدات... ما أعنيه باختصــار هــو أن البهــائيــرؤى ــات وال ــاوى الكرام ــان يقصــد الطــرق والشــعوذات، ودع كبات وما شابه ذلك، ممــا كــان لــه واألحالم والخوارق والعلم بالمغي أبرز األثــر في مســار التجربــة التاريخيــة للمســلمين، وفي مســار

حضارتهم.

د ـ الوعظ والطريق الوسط ـ على سبيل الخاتمة ـ كل شيء إذن كان يشي في عصر البهائي بالتطرف، تطرف في الدين، وتطرف في السياســة، وتطــرف في الزهــد، وتطــرفف في الجشع، واندفاع في الغرائز. ولم يكن في الطقوس، وتطر البهائي يجد مخرجا من ذلك إال باتباع الوسطية واالعتــدال طريقــا يقلل من أخطار االنحراف والتزمت والتقوقع والغلو، فــراح يــدعوــه ال يملــك حلولهــا إليها بلغة الواعظ الذي يدرك عمق األزمة، لكن الواقعيــة. والوعــظ موقــف شــعور أكــثر ممــا هــو موقــف عقــل، وموقف تأوه وإحساس مأزوم يشي بالعجز واإلحباط أكثر مما هو



ــير، مــع وضــوح رؤيــة وثقــة موقــف. موقــف إرادة شــجاعة للتغي والبهــائي يعلن عن الوســطية وطبيعتهــا من خالل تقســيم النــاســدنيا ــة أقســام، فيقــول: »إن جماعــة ال هم لهم ســوى ال إلى ثالث وجمــع المــال والمنــال؛ وجماعــة انصــرفوا إلى العمــل من أجــلفون على اآلخرة، ونفضوا أيديهم من الدنيا، وهم ليل ــ نهـار يتأسـ سوء أحــوالهم، وال يفكرون إال في الحيــاة الثانيــة، وجــدوا الخالصــيان، ــا النسـ ــاف في زوايـ ــاس، وفي االعتكـ ــاد عن النـ في االبتعـ واإلنسان الذي يختار العزلة، ويقفل على نفسه األبــواب، محــروم

: »خــير األمــور|ويائس من جميع الكماالت، وقد قــال رســول الله . فهل كانت تنهيدة البهــائي تلــك تنهيــدة يــائس من(204)أواسطها«

تغيير الحـال؟ وهـل قـدر لهـا أن تجـد صـدى في عـالم مضـطرب مندفع نحو انهياره المحتوم على غير صعيد، كمــا كــان حالــه زمنــافت ــوت الخ ــذا الص ــبر ه ــه، ع ــان يمكن ل ــل ك ــفويين؟ وه الص المعترض من طــرف خفي على أوضـاع عصــره، أن يقـول واثقــا:

»اللهم إني قد بلغت«.

الهوامش


د. بكر قوزودشلي أوغلو•

«من كذب علي متعمدا...»حديث قراءة تحليلية*(*()د. بكر قوزودشلي أوغلو

ترجمة: سامي خليفة

مقدمة منذ القرن التاسع عشر اتسعت دائرة الحوار في شأن صحةـة في العــالم اإلســالمي، لتصــل إلى البــاحثين ـ األحــاديث النبوي الغــربيين، الــذين لم يجــدوا أســاليب نقــد الحــديث الــتي وضــعها المسلمون مقنعة بشكل كاف، مما نتج عنــه مناقشــات عن ســبل تقــييم األحــاديث وأصــولها. بعض هــؤالء البــاحثين الغربــيين حــاول اقــتراح بعض المنــاهج لتقــييم األحــاديث. ومن األمثلــة على هــذه المناهج هو منهج حجة الصمت أو غيــاب الــدليل، الــذي ربمــا تجــد

.(205)بعض اإلشارات إليه في كتب الباحثين المسلمين الكالسيكيةــاحثين ورغم شعبية هذا المنهج، التي ترجع إلى استخدام الب الغربيين له بكثرة في أبحاثهم، إال أننا هنــا لســنا في صــدد البحث عما إذا كان منهج حجــة الصــمت قـد نبـع من المصــادر اإلســالمية الكالسيكية أم ال، وإنما يهدف هذا المقال إلى تقييم استخدام هذا المنهج، كما قدمه الباحث األلماني جوزف شــاخت، والمستشــرق

، في نقد األحاديث.پولالهولندي جوني «من كــذب علي...»ولتوضيح حجــتي سأســتفيد من حــديث

كمثال. باحث وأستاذ في علوم الحديث الشريف، من تركيا.)*(*(


حديث »من كذب علي متعمدا...«، قراءة تحليلية•

يعد جوزف شاخت أحد أبــرز مســتخدمي مبــادئ منهج حجــةــات أن الصمت في أبحاثه، ويشرحه كالتالي: إن أفضل وسيلة إلثبــه تقليدا أو حديثا لم يكن موجــودا في زمــان معين هــو أن تثبت أنــة اإلشــارة لم يستخدم كحجة قانونيــة في مناقشــة تضــمنت حتمي

. (206)إليه إذا كان موجودا ووفقا لهذا الرأي فإنه إذا لم يتم استعمال الحديث الــذي لــه صلة بالموضوع في المناظرة فإن ذلك دليــل واضــح على أن هــذا

الحديث قد تم تعميمه بعد فترة من الوقت من تلك المناظرة. ويدعي شاخت أن اســتعمال هــذه النظريــة الــتي تقــول: إن االحاديث التي تتعلق باألحكام ليســت صـحيحة، وأنهـا ظهــرت في القـــرون الســـابقة، قـــد أثـــارت نقاشـــا حـــول اســـتخدام هـــذه

. (207)النظرية ومنــذ أن اقــترح شــاخت هــذا المنهج تم إخضــاع العديــد منــدي ــاديث إلى البحث في إطــاره، حيث أصــدر الهولن ــام األح أحك

بع منهج شاخت، أكثر األعمال شمولية في هذاپولجوني ، الذي ات ،«من كــذب علي...»المجال. وربما أهمها هــو مــا يتعلق بحــديث

الذي أجمع علماء المسلمين المتخصصون على أنه حديث متواتر. ومن أجل إثبات أن الروايـات المــذكورة في كتب األحــاديث

، وإنما وردت في القرون الالحقة|الكالسيكية لم ترد عن الرسول أسلوب الحجــة من الصــمت )أســلوبپولللرسول، اعتمد جوني

يعتمد غياب األدلة إلثبات الشــيء( في تحديــد أول تــاريخ النتشــار.(208)الحديث موضوع البحث «من كــذب علي...»في دراسة حديث پوللقد اعتمد جوني

إلثبات صحة استعماله نظريــة الحجــة من الصــمت لتحديــد تــاريخ الحديث. وقد اعتمد فرضية أن جــامعي األحــاديث المســلمين قــد



أدخلوا جميع الروايات والمــواد الــتي جمعوهــا من أســالفهم خالل عملية جمع األحاديث، لهذا تعتبر هــذه النصــوص كســجالت كاملــة

ن في وقت معين . (209)للروايات المتوفرة في خصوص حدث معي ورغم ما تقدم من أن عالمين اثنين فقط قد استعمال نظرية الحجة من الصمت في كتبهم وأعمــالهم، فــإن هنــاك العديــد ممن

اعتمدوا على هذا المبدأ. فعلى سبيل المثال: ذكر نورمان كالدر في ما يتعلق بحــديث نظافة الماء، الــذي شــربت منــه الهــرة، أن هــذا الحــديث لم يكن معروفا في زمن المالكي، ولم يظهــر في مدونتــه. وهــو اســتنتاج

ــدر أن هــذا الحــديث(210)مبــني على هــذه النظرية . لقــد وجــد كال موجود فقط في كتاب الموطأ. وحسب مــا يــدعي إذا كــان مالــك قــد عــرف هــذا الحــديث كــان يجب عليــه أن يكــون موجــودا في

الكتابين: الموطأ؛ والمدونة، وليس فقط في الموطأ. على(211)وكانت العديــد من األعمــال، في الماضــي والحاضر

ــديث ــالتحقق من ح ــا ب ــامت أيض ــد ق ــواء، ق ــد س ــذب»ح من ك . في حين قام علماء المسلمين بشكل عام باختبار طرق«علي...

.(212)هذا الحديث، حيث شكك بعض العلماء المعاصرين في صحتهز بشــكل خــاص على منهجيــة جــوني إال أن هذا المقال سوف يرك

؛ للتحقق من مدى إمكانية استخدام طريقته في علــوم روايــةپول الحــديث، أي إن هــذا المقــال ســوف يقــوم بإغفــال آراء العلمــاء

. «من كذب علي...»اآلخرين حول حديث

...»إزاء أصول حديث پول مزاعم جوني «من كذب علي إزاء أصول هــذا الحــديث كمــاپوليمكننا إيجاز مزاعم جوني

يلي:



من كــذب»ـ في منطقة الحجــاز ومصــر لم يظهــر حــديث 1 هـــ، حيث لم يتم تــدوين180 ضمن كتابات ما قبــل عــام «علي...

هـ /197هذا الحديث في الكتاب الجامع لعبد الله بن عبد الوهاب)م(. 795هـ / 179م(، فضال عن موطأ مالك بن أنس)813

ن ظهــور عند النظر إلى كتب علماء آخرين حول الحجاز يتــبيــرة من خالل كتب الشــافعي) ــ /204الحــديث ألول م م(،820هـ

ــدي) ــ ــ / 219والحمي ــ ــد834هـ ــ ــز بن محم ــ ــد العزي ــ م(. وإن عبــدراوردي) ــ / 187ال ــر في بعض803هـ ــد ظه ــان ق ــذي ك م(، ال

أحاديث الشافعي، وأساتذته الذين ذكــروا في أســانيد الــدراوردي،ــير إلى ــذى يش ــك بن أنس، األمــر ال ــانوا أيضــا من مصــادر مال ك الشخص الذي جلب الحـديث سـالف الــذكر للتـداول في الحجـاز.

فــإن كــان مالــك قــد ســمع بهــذا الحــديث منپــولووفقا لجــوني . (213)محدثيه لكان قد أورده في كتابه ـ إن كان حقا قد سمع به ـ

ح جــوني أن مالــك روى بعضپــول وفي نفس الــوقت يصــر األحاديث الرافضة للكذب والوضع، أحدها يرجع إلى حــديث لعمــر

ــول. ووفقا لجوني (214)بن الخطاب، مستخدما لفظة )تقول( ــدپ يع في الكتابــات«من كذب علي... »هؤالء الرواد للعديد من أحاديث

. (215)العراقية ولقد ذكر الحميدي )جامع أحــاديث آخــر من الحجــاز( حــديث

مرة واحدة في مسنده. «من كذب علي...» فقد روى الحميدي هــذا الحــديث )بضــعفپولووفقا لجوني

فيه(، ولكن بإسناد قوي: الحميدي، عن سفيان بن عيينــة، عن من.|ال أحصي، عن أبي هريرة، عن النبي

وعندما نأخذ في الحســبان حقيقــة أنــه قــام أربعــة اشــخاص فقط بنقل هذا الحديث عن أبي هريــرة، وحتى إذا كــانوا في زمن



من ابن عيينــة كاجتهــاد منــه؛«من ال أحصي»البخاري، تبدو كلمة إلخفاء إســناده الضــعيف. وعالوة على ذلــك فمن الممكن فهم أن

. (216)ابن عيينة لم يستطع تقوية الحديث بإسناد أقوىــيرة وبمالحظة منطقة مصر، وعلى الرغم من العــادات الكثــدم التي تأمر بالنهي عن الكذب، ففي كتاب الجامع البن وهبة )أق

ــة( فشــل في ذكر ــذه المنطق ــاديث في ه ــع أح ــذب »تجمي من ك.«علي...

ويجـد المؤلف أيـضا أنه مـن الغريـــب أن ال يظهـــر الحــديث م(، الذي قضى قسطا كبــيرا من915هـ / 303في سنن النسائي)

في مصــر«من كــذب علي... »حياته في مصر، فقد عرف حديثفي الفترة التي عاش فيها، ولحوالي قرن كامل.

وفي األسـانيد الـتي وجـدناها في المصـادر األخـرى يفهم أنــذا هــذا«من كــذب علي...»معلمي النســائي هم رواة حــديث . ل

الموقف نتج من الحقيقة التالية: إمــا أن النســائي لم يتســلم هــذامه )مثال: قتيبة بن سعيد(؛ ألنه أسند بالخطــأ الحديث أبدا من معل إلى األخــير، بعــد أن تــرك المســند إليــه الســابق مصــر، أو نبــذه

. (217)النسائي؛ لعدم الثقة به وفي األساس لم يبــدأ هــذا الحــديث في االنتشــار في مصــر قبل نهاية القرن الثاني، وفي األغلب أنه لم ينتشر فيها قبل نهايــة

. (218)القرن الثالث وبذكر لمحة عن العراق المجاور لوحــظ أن هــذا الحــديثـ 2

م(، وهو واحــد من أقــدم819هـ / 204وجد في مسند الطيالسي)ــولالتجميعــات الســندية في المنطقــة. ووفقــا لجــوني فــالزعمپ

ــ / 150بظهور هذا الحديث في مسند أبي هريــرة) م( غــير767هـ مقبول؛ ألن مصادر السيرة الخاصة بأبي حنيفة تظهر عدم مباالته



باألحاديث، فقد روي أنه استهزأ بأحاديث نبوية، والذي تحول فيمــا بعد إلى حقائق قانونية عامة أو شعارات. يرجع الســبب غالبــا إلى الصدام بين أهل الرأي وأهل الحديث، فربمــا قــام أتبــاع المــذهب

. (219)الحنفي المتأخرين بإسناد الحديث ذي الصلة إلى أبي حنيفةد المستشرق جــوني أنــه باســتمرار دراســة الكتبپــولويؤك

العراقية لم يجــد أثــرا لهــذا الحــديث في جــامع عــرابي بن حــبيب . (220)أيضا

وبالنظر إلى مسند الطيالسي يظهر أن الحــديث الــذي نحن في صدده تمت روايته بأسانيد مختلفة. وتبدأ خمسة من األســانيد السبع المشار إليها في هذا الكتاب بالطيالسي، وشعيبة. واستنادا

د جــوني على أنپــولإلى كلمة )تقول( الموجودة في الموطأ يؤكــا في ــتي تمت روايته ...(، ال ــال علي ــ )من ق ــة بـ ــاديث البادئ األح

. (221 )«من كذب علي...» الطيالسي أقدم من أحاديث التالي:پول من هذا التحقيق استنتج جوني

ــا زادبادئ ذي بدء ــيرة كلم كلما كانت تفاصيل الحــديث كثتداولها. وهذا ينطبق أيضا على األسانيد.

ــا ــأثور ثاني ــول الم ــد أن الق ــذب علي...»: ال ب ــان« من ك ك حديث الســاعة في العــراق في الفــترة الزمنيــة الــتي تخللت بين وفاة عرابي بن حبيب والطيالســي. وهــذا يعــني أن هــذا كــان في

النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة. : تطورت الصياغة الحقيقيــة للقــول المــأثور من )قــال،ثالثا

. (222)تقول( إلى )كذب(، وحتى )افترى( من» بمقارنــة أســانيد پــول في الخطوة التاليــة قــام جــوني

الـــتي تمت روايتهـــا في مقدمـــة ابن الجـــوزي)، «كـــذب علي...ــأ، مــع تســعة كتب تقــوم عليهــا1201هـــ / 597 م( لكتــاب الموط



جوانب االتفاق. وقد تمخض هذا عن النتائج التالية: باســتثناء ثالثــة ، تتــوافر جميــع أســانيد الكتب التســعة في(223)من هــذه األســانيد

كتاب الموطأ. ومن ثم يبدو أن تلك األســانيد البــالغ عــددها واحــدا وثالثين إســنادا، الموجــودة في الكتب التســعة، والمــذكورة في كتاب الموطــأ، تم افتراؤهــا في الفــترة التاليــة للقــرن الرابــع من

. (224)الهجرة

...»حــديث ــاب «من كــذب علي ــات وغي ــل الكتاب في أوائاألدلة

ل إلى اسـتنتاجاته منپولكما ذكر جوني بوضـوح فقـد توصـ خالل غياب األدلة. وفي مــا يلي ســوف ننــاقش إلى أي مــدى من المصداقية والثقة قد وصل هذا األسلوب، الذي تم اســتخدامه من

، عندما تم تطبيقه على علوم رواية الحديث. پولقبل جوني ــة يضــفي ــ المتقدم مراجعــة الحــديث من مصــادره األولى ـ

ــولغشاء من الشك على النتيجة التي توصل إليها جوني ــكپ ؛ وذلــوللعــدم جــدارة أبحاثــه. وعلى ســبيل المثــال: زعم جــوني أنپ

الحديث الذي يثار حولــه التســاؤل لم يظهــر في جــامع الربيــع بن. (225)الحبيب

وبالتالي فإن هذا الحديث لم يكن متــداوال في ذلــك الــوقت. ولكن عن طريــق الفحص الــدقيق لهــذه المجموعــة يكشــف عن

وجود هذه الرواية الواردة في هذا التساؤل. وعالوة على ذلــك هنــاك فصــل خــاص تم افتتاحــه من قبــل الربيع تحت عنوان )خطيئة رجــل يــدعي باســم النــبي(. وفي هــذا

الفصل يروي الربيع حديثين بإسنادين:ــاس، أن1 ـــ عن أبي عبيــدة، عن جــابر بن زيــاد، عن ابن عب



. «متعمدا فليتبوأ مقعده من النار من كذب علي» قال: |النبي ـ عن يحيي بن كثير، عن عتاب السايب، عن عبد اللــه بن2

الحارث،....ــه أكــثر تفصــيال، وهــو يتضــمن أما اإلسناد األخــير فيبــدو وكأنئل عن ســبب روايــة رواية عن عبد الله بن الحارث، الــذي قــد ســ

متعمدا فليتبــوأ مقعــده من كــذب علي» للحديث الشــريف |النبي ، فــذهب إلى إلقــاء الضــوء حــول دافــع قــول الحــديث«من النــار

. (226)الشريف )سبب الورود(ــذا(227 )م(770 ـ 713هـ / 153 ـ 95روى معمر بن راشد) ه

الحديث قبــل الربيــع بن حــبيب بفــترة طويلــة. ولكن المستشــرق غض نظره عن هذه المجموعة.«پولجوتيه جوني »

أخبر معمــر بن راشــد ثالثــة«|الكذب على النبي»وفي باب أحاديث، وهي:

ـ أخبرنا عبد الــرزاق، عن معمــر، عن أبي هــارون العبــدي،1 من كــذب علي»: |عن أبي سعيد الخدري، قال: قــال رســول الله

.«فليتبوأ بيتا في النار |ـ أخبرنا عبد الــرزاق، عن معمــر، عن الحســن، عن النــبي2

ــال: ـه ق ـ »أن ــذب علي متعمدا ــرج، ولكن من ك ــدثوا عني وال ح ح.«فليتبوأ مقعده من النار

ـ أخبرنا عبد الـرزاق، عن معمـر، عن رجـل، عن سـعيد بن3 جبير، قال: جاء رجل إلى قرية من قرى األنصار فقال: إن رسول

أرسلني إليكم، وأمركم أن تزوجوني فالنــة، فقــال رجــل من|الله ، أنزلــوا الرجــل|أهلها: جاءنا هذا بشيء ما نعرفه من رســول الله

ــبي ، فــذكر ذلــك لــه،|وأكرمــوه حتى آتيكم بخــبر ذلــك، فــأتى الن عليا والزبير، فقال: اذهبا فإن أدركتماه فاقتاله، وال|فأرسل النبي



ــة فقتلتــه، فرجعــا أراكما تدركاه، قال: فذهبا فوجداه قد لدغته حي| فأخبراه، فقــال النــبي|إلى النبي : من كــذب علي متعمدا فليبتــوأ

مقعده من النار. وبالشكل المتعارف عليه يذكر وجه اختيار اللفظ. (228)بشكل مفصل ومستفاض

ــرزاق) ــد ال ف، لعب ــر في المصــن ــ / 126 ـ 211وذك ـ744هـق له جوني 827 قط.پولم(، الحديث قيد النقاش، الذي لم يتطر

أورد التالي: أنبأنا األوزاعي:«باب مسألة أهل الكتاب»وفي حدثنا حسان بن عطية: حدثني أبو كبشة السلولي أن عبد الله بن

ــه ســمع رســول الله غــوا» يقــول: (229)|عمرو بن العاص حدثه أن بل عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل وال حــرج، ومن كــذب علي

.«متعمدا فليتبوأ مقعده من النارــال: أخــبرنيو ــر بن ســليمان، ق ــرزاق، عن جعف ــد ال عن عب

عمرو بن دينار األنصاري أنه قـال: حـدثني بعض ولـد صـهيب، عن أبيهم، قــال: ســألوه بنــوه، فقــالوا: مــا لــك ال تحــدثنا كمــا يحــدث

؟ قال: أما إني سمعت كما سمعوا، ولكني سمعت|أصحاب محمدف أن يعقـد شـعيرة|رسول الله يقــول: من كـذب علي متعمدا كل. (230)«وإال عذب

وعالوة على ذلك فالجدير بالذكر في بــاب تغليــظ من كــذب أن عبــد الــرزاق أخبرنــا في الحــديث الــذي نقلــه عن|على النــبي

قــال:|معمر بن راشد، عن رجــل، عن ســعيد بن جبــير، أن النــبيــدهم عن النبي» ــذب أح ــير: |ك ــول لعلي والزب ــال الرس إذا»، فق

نوا منه واقتلوه . (231)«وجدتموه تمك ومن ناحية أخرى فقــد ســجل هــذا الحــديث أبــو الحســن بن

/ــ 209موســى الشــياب) م(، وهــو شــخص أقــام في بغــداد825 والموصــل وطبرســتان والــري، في كتابــه الجــزء، حيث ذكــر هــذا



ــارة: ــديث بعب ــا من»الح ــوأ بيت ــل فليتب ــا لم أق ــذب علي م من كــبى بن«،جهنم عن ابن لهيعة، عن أبي عشان المعافيري، عن عق

. (232)أمير، عن النبي وإضــافة إلى العيــوب الــتي نشــأت من البحث غــير الــدقيقــارزين في ــاء ب ــرب لمنهج علم ــأثيرا للفهم المق ــاك ت ــدو أن هن يب الحديث، وفي تاريخ الفقه والحديث، في استخدام الحجة الناجمــة

مــع أبيپــولعن الصمت. وفي هــذا الســياق يعتــبر خالف جــوني حنيفة مثاال بارزا.

وبعيدا عن جداله في خصوص منهج أبي حنيفة للحديث فقد أن اإلسناد والمتن ال يمكن تأليفهمــا في النصــفپولادعى جوني

األول من القرن الثاني. ويبــدو أن هــذا الخالف قــد شــكل مدخلــهإلى مسند أبي حنيفة. وهكذا يبدو أن استخدام كتب أبي يوســف)

م(، وهما تلميــذا805هـ / 189م( ومحمد الشيباني)798هـ / 182ــة من أبي حنيفة، وعلى عالقة مقربة بأهــل الحــديث، أكــثر منطقي مناقشة مفهوم أبي حنيفة للحديث بصــورة مباشــرة؛ حيث إن كال من أبي يوسف والشيباني ـــ اللــذين دونــا موطــأ مالــك بن أنس ـ

من أستاذهم أبي حنيفة. في حين«من كذب علي...»نقال حديث أن أبا يوســف ســجل الحــديث المعــني بهيئتــه المتعارفــة عن أبي

. كمــا روى الحــديث(233)زعبي، عن أبي سعيد الخدري، عن النــبي محمــد بن الحســن الشــيباني بالصــيغة ذاتهــا عن أبي حنيفــة، عن

ـــة العـــوفي، عن أبي ســـعيد الخـــدري، عن النـــبي . وكال(234)عطي . وتندر المعلومــات عن(235)اإلسنادين موجود في مسند أبي حنيفة

ــذي أشــار،(236)الراوي أبي رؤية الموجود في إسناد أبي حنيفة وال من االلتبــاس فيپــولإليه أبو يوسف بأبي ضبا. وقد تحقق جوني

ر الكتاب هذا االسم في كتاب اآلثار، ألبي يوسف، وبمساعدة محر



بأن االســم قــد يكــون في الواقــع أبــاپــولالمذكور، وصرح جوني . ومن المثير لالهتمام بصورة كبيرة، عنــد تــدوين جــوني(237)رواق

لإلسناد المعني بدقة، ذاكرا الصفحة والرقم من كتــاب اآلثــار،پول الموجود في اإلســناد اآلخــر،«من كذب علي...»أنه أهمل حديث

دا أن . ونتيجــة(238)« هنــاك«من كــذب...»ال وجــود لحــديث »مؤك لذلك يفهم من شــهادتي تلميــذي أبي حنيفــة المعــروفين بقربهمــا

من كــذب»من أهل الحــديث أن أبــا حنيفــة قــد نقــل فعال حــديث . «علي...

ــل جــوني ــه يمي ــوقت ذات ــولوفي ال ــول هــذاپ إلى عــدم قبالحديث في بعض المجموعات؛ وذلك لشكه في مصداقيتها.

ح جــوني ــولوبنفس الطريقــة صــر ــدأ فيپ ــأن الحــديث ب بــالث؛ بحجــة عــدم االنتشار في مصر في وقت ال يتجاوز القرن الث

في جامع ابن وهب )بـالرغم من«من كذب علي...»وجود حديث أن الحديث لم يكن موجودا في ســنن النســائي(. ومــع ذلــك فــإن جزءا آخر، متعلقا بصورة خاصة باألحكام من الكتــاب الجــامع البن وهب، قد تم اكتشافه ونشره. وقد سجل الحديث المعني في هذا الكتاب بإسناد ابن لهيعة، عن ابن حبيرا، عن شــيخ، عن أبي تميم الجيشــاني، عن قيس بن سـعيد بن عبـادة، عن النـبي، وذلـك في

.(239)الجزء التمهيدي لحديث يختص بتحريم الخمر النص كمخطوطة إشارة لمصــدر م. ج.پولكما درس جوني

كستر.ــولوبالرغم من أن جوني لم يجد النص معقــوال في مســندپ

أحمــد بن حنبــل فــإن الحــديث المعــني قــد روي عن الحســن بن موسى، عن ابن لهيعة...، بدال عن: )ابن وهب، عن ابن لهيعة...(،

ــديث ــر حـ ــمن نفس المتن )يظهـ ــذب علي...»حيث تضـ «من كـ



م الخمر(. متبوعا بجمل تحرــأريخ المصــنفپولجوني ووفقا ل ففي أحسن االحوال يعود ت

المجهول لهذه المجموعات إلى وسط القرن الثالث.ز إدانة جــوني هي عــدمپــولومن النقاط المالحظة التي تعز

ــة، ورود ذكر أي راوي في جامع ابن وهب اآلخر، ما عــدا ابن لهيعالمذكور في أسانيد المخطوطة.

ــدا عن االعــتراض على مــزاعم جــوني وخالصــة القــول: بعيد(240)پول عندما نأخذ في االعتبار اإلسناد المذكور آنفــا فمن المؤك

ــة تطــوير ــده لعملي ــالث، بجــانب تأيي ــرن الث ــه ال ينتمي إلى الق أنر ذكرها. اإلسناد التي تكر

ــاب »الرجــال ــا من«في كت ــان طالب ــيرة ك ــل: إن ابن هب قيــا يجعــل(241)طالب أبي تميم الجيشــاني ، وهــو شــيخ مغمــور، مم

اإلسناد عنه يعتبر ضعيفا، وغير ضروري.ــالث رويت وكما في كتب الحديث التي جمعت في القرن الث العديد من األحــاديث مســندة إلى ابن لهيعــة، عن ابن هبــيرة، عن

.(242)أبي تميم الجيشاني وعالوة على ذلـــك، وفي العديـــد من المجـــاالت، ومنـــذ ابن

ــذب علي...»لهيعة، تم تأكيد حديث بنفس اإلســناد، ولكن« من كمن مصادر أخرى.

وعلى سبيل المثال; في كتاب فتوح مصــر: ابن عبــد الحكم) م(، عن أبيــه عبــد اللــه بن عبــد الحكم، وصــوال إلى871هـ / 257

. (243)ابن لهيعة م(: عن نــادر بن عبــد890هـ /277في كتاب تاريخ الفسوي)

.(244)الجبار أثبت أن إسناد ابن لهيعه متين وقوي م(، وبعــده في919هـــ / 307وبجانب هذه الكتب أبــو يعلى)



م(، وابن الجوزي )مستخدما طريق971هـ / 360كتاب الطبراني)دوا هذا اإلسناد . (245)ابن حنبل والفساوي(، جميعهم أي م(1436هـ / 840 أما مجمع الزوائد، الذي جمعه البوصيلي)

م(، فإنه تم تأييد هذا الحديث من أحمد1449هـ /852وابن هاجر) م(، مــع ســند الحســن بن موســى إلى ابن858هـ / 244بن منيع)

لهيعة، كما كان الحال في مسند ابن حنبــل، ولكن اســم أبي تميم. (246)الجيشاني لم يظهر في أي من أسانيد أحمد بن منيع

والحقيقة أن أبا تميم كان راوي أحــاديث موثوقــا بــه، إال أن األحاديث التي يعتقد أنها ضعيفة تم إغفالها. وأيا كان اإلسناد الذي يؤخذ في االعتبار فإن اإلسناد محل التشكيك ال نستطيع أن نجــزمقة حتى جاء ابن الجوزي. ولــو بقوته. وقد ظلت هذه المسألة معل

عن أصول هــذا اإلســناد مقبولــة لكــان تمپولكانت نظرية جوني تعديل هذا اإلسناد أيضا.

ــادم من ــل الق ــه أن الجي ــارف علي ــذلك من المتع وكنتيجــة لدوا اإلسناد أيضا. وهكــذا تم نقــل نفس اإلســناد البن العلماء قد أك

ــولوهب دون أدنى مشـــكلة. ويعتقـــد المستشـــرق جـــوني أنپـــاب ــذكر في كت ــة بالحــديث لم ت البن«الجــامع»القضــية المتعلق

ما انتشار حديث من خالل اإلشارة«من كذب علي... »وهب، مقي. (247)إلى ابن وهب على أنه حدث مثير لالهتمام

ــارون واإلسناد الذي يقصده هو إسناد أحمد بن حنبل، عن هــام بن بن معروف، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن هش

عن مسلمة بن مخلد، عن عقبة بن عــامر الجهــني،،(248)أبي رقيةعن النبي.

ــهپول وكما ذكر المستشرق جوني فإن هذا اإلسناد تم تناقل من قبـل ابن الجـوزي من خالل ابن وهب بنفس األسـلوب. فعلى



ســبيل المثــال: إســناد ابن وهب عن عمــرو بن الحــارث، عن أبــوــذكر في كتــاب البن«الجــامع »أوشانة، عن عقبة بن األمــير، لم ي

ــا للمستشــرق جــوني ــولوهب. ووفق ــار شــكوك حــول هــذهپ تث االستشهادات. ولــذلك من المحتمــل أن هــذا اإلســناد تم انتشــاره من خالل اإلمام أحمد بن حنبل. وعلى ســبيل المثــال: هــارون بنــذين معروف، و/أو بحر بن ناصر، أو واحد أو أكثر من األشخاص ال

. (249)يستخدمون أسماءهمــام ــارث، عن هش ــرو بن الح ــناد بن وهب عن عم ولكن إســذي ذكــره المستشــرق ــة بن األمــير، وال )عن مســلمة(، عن عقب

ــوني ب؛ ولكنپــولج ــ ــل فحس ــل ابن حنب ــه من قب ، لم يتم تناقل الفسوي قام أيضا بروايته مع إسناد عبد العزيــز بن عمــران وزيــد

.(250)بن بشر، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث... وذكر أبو يعلى الحديث نفســه من خالل حســن بن معــروف،

.(251)عن ابن وهب...ــان، من خالل عبــد اللــه بن محمــد«الصحيح»وأيضا البن حب

.(252)بن سالم، عن حرملة بن يحيى، عن عبدالله بن وهب... في حين أن الطبراني ذكــر في أحــد كتبـه إســناد أبي اليزيـد يوســف بن اليزيــد، عن عبــد اللــه بن عبــد الحكم، عن ابن وهب، وقام في كتاب آخر بنقل إســناد الخــير بن العرفــة المصــري، عن

. (253)عبد الله بن عبد الحكم، عن ابن وهب... وفي الـــوقت نفســـه ورد إســـناد عقبـــة بن عـــامر عن أبي أوشانة، عن عمرو بن الحارث، عن ابن وهب، الذي ذكــره جــوني

في المصادر التي تسبق ابن الجوزي.پول وحسب إســناده الســابق روى ابن حنبــل هــذا الحــديث مــرة

.(254)أخرى عن هارون بن معروف، عن ابن وهب



ــالح، عن ابن ــ ــد بن ص ــ ــناد عن أحم ــ ــاني بإس ــ وأورده الري.(255)وهب

وورد هذا الحديث عند الطبراني عن أحمــد بن رشــدين، عن.(256)أحمد بن صالح، عن ابن وهب

وفي صحيح ابن حبان ورد مرة أخرى عن عبد الله بن محمد.(257)بن سالم، عن حرملة بن يحيى، عن ابن وهب

والحقيقة أنه في كال اإلسنادين )عمــرو بن الحــارث، عن أبي أوشانة، عن عمرو بن الحارث، عن هشــام بن أبي رقيــة( اللــذين من طريق ابن وهب يظهر اسم راو آخــر؛ بســبب ورود عمــرو بن الحــارث بــدال من ابن وهب، وال يوجــد سـبب يقــول: إن أحمــد بن حنبل، أو أســتاذه هــارون بن موســى، أو الــراوي الــذي ذكــره ابن حبان في إسناد عبد الله بن محمد بن سالم عن حرملة بن يحيى، يذكرون هشام بن أبي رقية بدال من أبي أوشانة، أو العكس. وفي

. (258)الختام كال الراويين من مصر، وثقة وفي نفس الوقت نسب علماء آخــرون، غــير ابن وهب، هــذا

الحديث إلى الراويين: هـــ(، عن ابن209رواية عقبة بن عــامر نقلت عن الصــاحب)

.(259)لهيعة، عن أبي أوشانة، عن عقبة وروي عن أحمد بن حنبل، عن الحســن بن موســى، عن ابن

؛ وعن ابن عبـــد الحكم، عن عبـــد(260)لهيعـــة، عن أبي أوشـــانة....(261)الملك بن مسلمة، عن ابن لهيعة، عن أبي أوشانة...

ــرو ومن ناحية أخرى روى الفسوي في مكان آخر بإسناد عمــرو بن الحــارث، بن الربيع بن طارق، عن يحيى بن أيوب، عن عم

وفي موضع آخر عن ســعيد بن أبي مــريم، عن.(262)عن أبي رقية يحيى بن أيوب، عن الحسن بن ثوبان، عن عمرو بن الحارث، عن



.(263)أبي رقية... وباإلضافة إلى ذلــك يجب أيضــا ذكــر إســناد ابن عبــد الحكم،ــة، عن يزيــد بن أبي ــد الملــك بن مســلمة، عن ابن لهيع عن عب

. (264)حبيب، عن أبي رقية، عن عقبة بن مالك وقد نتج عن ذلك أن األسانيد ال تقتصر على التي وجدت عن طريق ابن وهب، ولكن هناك أســانيد أخــرى عــبر رواة مصــريين، ويفهم من ذلك أن هذا الحديث كــان مشــهورا في مصــر في هــذا الوقت، مع أن ابن وهب ظهــر في مصـادر متـأخرة كــراو لحــديث

. وحقيقة فــإن الحــديث موضــوع التحقيــق لم«من كذب علي...»ــه ــوا من كتب يوجد في كتابه الجامع، مما يعني أن العلماء قد انتفع

األخرى، أو أن هذه المخطوطة التي بين أيدينا ليست كاملة. لقد أضحى من المفهوم أن ابن وهب أحد رواة هذا الحديث. والحقيقــة أن علمــاء آخــرين، مثــل: األشــيب، رووا حــديثا ممــاثال، وفوق ذلك فإن المصري ابن عبد الحكم دونه في كتــاب آخــر هــو

ر بالسلب على تأريخ جوني .پولفتوح مصر، والذي أثــاب ــتنبطة من غي ــة المس زت على النتيج ــة رك ــاك دراس هن

ــة، وتطبيقهــا على حــديث لت إلى،«من كــذب علي...»األدل توصــالنتائج التالية:

ــولبناء على عدم كفاية التحقيق الذي قام بــه جــوني فــإنپ االستنتاج بأن الحديث موضوع التحقيق انتشر في النصــف الثــانيــد مقبــوال. وإن الحــديث ذكــر في كتــاب من القــرن الثــاني لم يع الجــامع، لمعمــر بن راشــد، في نســخته المشــهورة، ومــع ســببفات ن أن هذا الحديث تم تدوينه ـ على األقل ـ في مصن الورود يبي

في النصف األول من القرن الثاني. ومن ناحية أخرى فإن وجــود هــذه الكلمــات في كتب الربيــع



ــذي يخلص إلى وابن يوسف ومحمد الشيباني أبطلت استنتاجه، ال قــال،»أن صيغة الكلمات الفعلية في القــول المــأثور نشــأت من

.«افترى»وحتى «، كذب » إلى«قول، وتقولــة ــ ــة الطويل ــ ــإن المتن، وحتى الرواي ــ ــوقت ف ــ وفي ذات ال للحديث، تمت روايتها في روايــة معمــر بن راشــد وربيــع. كمــا أن الكتب الالحقة تنافي بالكامل القول الــذي يــرى أن المتــون زادت

مع الوقت. وزيادة على ذلك، وكما ذكرنا سابقا، فإن تلميذه عبد الرزاق

روى المتن الذي روي من قبل معمر بطريقة مختزلة. ومن منظور آخر، وبما أن التحقيق بــدأ حتمــا من المعــدوم، بدال عن الموجود، فإن هذا المنهج يحتاج إلى التحليــل، واحــدا تلــو اآلخر، لكل مصــنف كتب منــذ الفــترات األولى. وبغض النظــر عنل إلى وقتنــا هــذا، صــعوبتها العمليــة فــإن وجــود كتب لم تصــ واحتمالية المعرفــة عنهم، دفعتنــا إلى التصــرف بحكمــة، كمــا هــو واضح في مثال ابن وهب، مع أن هناك حديثا واحدا فقط لم يذكر في كتابه. وإذا ذكــر في مصــنفات الحقــة فــذلك يعــني في غــالبــا، أو ينقصــه الظن أن الكتاب الذي دون فيه الحديث لم يصل إلين

بعض التفاصيل، وليس حديثا موضوعا.

...»حــديث مؤلفــات في وغيــاب األدلة «من كــذب عليالحقة

بين إسناد ابن الجــوزيپول كما ذكر سابقا فقد قارن جوني ــه تم ابتــداع 31وإسناد الكتب التسعة ورسالة الشافعي مــدعيا أن

إســنادا إضــافيا في كتــاب ابن الجــوزي بعــد القــرن الرابــع. وإلى فــإن الكتب التســعة ورســالةپــولجــوني جانب االعتقاد المضلل ل



الشافعي تتناول القرون األربعة األولى فقط، علما أنه قارنهــا مــع ابن الجوزي. وتبرز هنا أيضا مشكلة منهجية من أســلوب »الحجــة

؛ نظــرا ألن الصــمت )غيــاب األدلــة( يعتمــد«الناجمة عن الصــمت على مبدأ أن البــاحث يــذكر كافــة الطــرق المســتخدمة في زمنــه واألزمنة السابقة. وبالتالي ينبغي التحقيق في اإلجابة عن األســئلة

النظرية التالية:ف واحد كل األسانيد المنقولة سابقا؟ ـ هل جمع مؤل

ر بلوغ تلك األسانيد كافة؟ ـ وإذا فعل ذلك هل قر أضف إلى ذلك أن إحدى المســائل الــتي أضــيفت ناتجــة عن

فات مؤلفي الكتبپولاستخدامات جوني ، وهي: هل تنحصر مصنالتسعة فقط في أولئك المتوافقين منهم؟

وفي هــذا الصــدد ســنحقق أوال في اإلجابــة عن الســؤال ، ومن ثمپــولاألخير، الذي ينبع من عــدم كفايــة تطبيقــات جــوني

ننتقل إلى أسئلة أخرى.فات ويعد كتاب النســائي مثــاال ممتــازا على حقيقــة أن مصــن

مؤلفي الكتب التسعة ال تتضمن فقط تلك المتوافقة. استند إلى غياب هذا الحــديث فيپولوكما ذكرنا فإن جوني

ـه بـدأ تداولــه في مصــر في وقت ال كتاب سنن النسائي، مدعيا أنــة»يسبق نهاية القرن الثاني، ومن المحتمل أن ال يكون ــل نهاي قب

.«القرن الثالثــرى من ــاك كتب أخ ــل هن ــدم: ه ــؤال المتق ــد إلى الس فلنع مؤلفات النسائي، غــير كتــاب الســنن، الــتي لم تصــل إلينــا؟ وفي

تم نقل األسانيد الــواردة عن علي بن«كتابه »كتاب السنن الكبيرــك ــرة وأنس بن مالـ ــوام وأبي هريـ ــير بن العـ ــالب والزبـ أبي طـ

. (265)وصحابي آخر لم يذكر اسمه



وفي تلك الحالــة يبقى احتمــال واحــد، وهــو أن عــدم ظهــور هــو على الحديث في كتاب السنن الصغرى، المعروف بــالمجتبى،

ة ــ األرجح نقص في اإلسناد أو المتن، أو نتيجة أحد األسباب الخاصبفكر المؤلف.

فعلى سبيل المثــال: إن غيــاب كتــاب العلم أو المقدمــة فيـه كتـاب السـنة( ــ حيث كتاب سنن النسـائي )أو مـا يفهم على أن نقل مؤلف الكتب الستة ذاك الحــديث المعــني في هــذا القســم ـ

.(266)قد يعد سببا لعدم ذكرهــدوين د أن ت وبغض النظر عن كل هذه االحتماالت، من المؤك

لتاريخ مصــر ليس صــحيحا؛ نظــرا ألن ابن عبــد الحكمپــولجوني المصري الجنسية كان قد روى الحديث نفسه قبل النسائي.

ــاري) ــق على البخـ ــه ينطبـ ــر نفسـ ــ /256واألمـ م(،870هــم(، ومؤلفين آخرين.892هـ /279والترمذي)

فعلى سبيل المثال: نقل البخاري إسنادا واحدا عن عمــار بنــير ــاريخ الكب ــه الت ــه لم يظهــر في كتابــه(267)ياســر في كتاب ، إال أن

الصحيح. وعلى نحو مماثــل روى الترمــذي إســنادا واحــدا عن أبيــه ــدم شــموله في كتاب ــرغم من ع ــه اإليالء، على ال ــر في كتاب بك

. (268)الجامع وبالنتيجــة من الواضــح أن أســلوب »الحجــة الناجمــة عن

ــتي«الصــمت ــوفرة ال ــل المصــنفات المت ــدقيق في ك يتطلب التتنتمي إلى مؤلف واحد.

ــاديث ــاحثين المهتمين باألحـ ــع البـ ــره أن جميـ ــدير ذكـ والجـفين ـ وال سيما مؤلفي كتابي الصحيح والســنن يفترضون أن المؤل

. (269)ـ لم يدونوا كل األسانيد، بغض النظر عن معرفتهم بها أو الر على وســائل الحــديث، أو وعند اكتشاف الفوارق الــتي تــؤث



عندما تهدف إلى إظهار جانب محدد من اإلســناد، فــإن المــؤلفين يــوردون طرقــا أخـــرى. وبعـــد تــدوين األحـــاديث الـــتي تتعلـــق بمواضيعهم فإن حقيقة ذكر مؤلفي السنن بشــكل متــواتر لعبــارة

ــذا القسم» ــودة في ه ــاديث عن فالن وفالن موج ــدل على«أح ي أنهم يعرفون المزيد من األسانيد، ولديهم المزيــد من المعلومــات حول تدويناتهم الفعلية. وهكذا فإن إجراء مقارنــة بين أحــد أجــزاء

من كــذب علي»كتب الطــبراني، حيث تــرد فيــه طــرق «، متعمدا وبين سوابقه ومعاصريه وبين ابن الجوزي قــد يســاعد هــذا األمــر في اإلجابة عن السؤال المتقدم، مع اإلشارة إلى أن تسمية كتابــه يهــدف إلى ذكــر كــل طــرق أحــاديث »من الطــبراني تعــني أن

. «كذب من63 إســنادا عن 175وفي هــذا الشــأن نقــل الطــبراني

لپــولالصحابة، أما مقارنة كتابه ـــ الــذي ذكــر جــوني ــه لم يصــ أنفات سابقة فستظهر مدى فائدة (270)إليه ــاب األدلة» ـ مع مؤل «غي

في علوم الرواية. وعلى الرغم من أننا قارنا كل األحاديث الواردة في كتاب الطبراني مع مؤلفات أخــرى، إال أن عــرض كــل النتــائج لن يكون محتمال. وبالتالي ستتم دراسة األسـانيد الـواردة عن أبي

هريرة كأمثلة على المسائل التالية. طريقا عن أبي هريرة، وهي: 13دون الطبراني في كتبه

ــداإلســـناد األول: ــلمة بن عبـ ــرة، عن أبي سـ ــو هريـ أبـــز بن محمــد، عن ــد العزي ــرحمن، عن محمــد بن عمــر، عن عب ال القعنــبي )عبــد اللــه بن مســلمة(، عن علي بن عبــد العزيــز، عن

. (271)الطبرانيــاني: ــناد الث أبــو هريــرة، عن أبي ســلمة بن عبــداإلس

ــاد، عن أحمــد بن ــر، عن أنس بن إي ــد بن عم ــرحمن، عن محم ال



. (272)صالح، عن عبيد بن رجال، عن الطبراني عندما يراد البحث في مجموعة النصوص والوثائق المفسرة

في أول ثالثة قــرون نجــد أن هنــاك أربعــة كتب|ألحاديث الرسولــرة، ونصوص مختلفة وردت في هذا الصدد، مثل: مقدمة أبي هريرة أبي ســالمة، محمــد بن عمــرو. وطبقــا لهــذه النصــوص المفســ

ــد بن بشر ــطة محمـ ــناد بواسـ ــة اإلسـ ،(274)، ويزيد(273)تمت روايـ . هذا غير تفســير عبــد(276)، وابن أبي عادي(275)وعابدة بن سليمان

ــذي وجــد العزيز بن محمد، وأنس بن عياد، وعابد بن سليمان، وال والــذي تم تســجيله بعــد ذلــك بواســطة ابن،(277)في إســناد حمــاد

. وقد روى الشافعي هذا الحديث في أول أربــع روايــات،(278)حبان . وفي كتــاب ابن الجــوزي(279)والموجودة في أول إسناد الطبراني

.(280)تبعه طارق مع محمد بن سليمان بعد محمد بن عمروــرة، عن أبي صــالح، عن أبياإلســناد الثــالث ــو هري : أب

حسين، عن شعيب، عن عمرو بن مرزوق، عن يوسف بن يعقوب. (281)القاضي، عن الطبراني

ــذا ــدو أن ه ــالبحث في كتب الطــبراني يب ــدما نقــوم ب وعن اإلسناد يستمر بعد أبي هريرة، أبو صالح، أبــو حســن، شــعبة، مــع

، والذي ذكر شعبة وأبو عوانة. واستعمل أيضا أنس(282)الطيالسي (284). محمد بن جعفر(283)هذا الطريق، كما في كتاب السنن الكبير

وقد روي في كتاب الطارق، عن عمرو بن(285)وسليمان بن داوود م(، المعاصـــر979هــــ / 358مـــرزوق، عن أبي بكـــر القـــاتي)

. (286)للطبرانيــد بن وقد سجل ابن الجوزي من خالل محمد بن جعفر وأحم

.(287)حنبل : أبو هريرة، عن أبي صالح، عن أبي حسن،اإلسناد الرابع



عن أبي عوانة، عن خلف بن هشام، عن علي بن عبد العزيز، في. (288)كتاب الطبراني

د أن إسناد محمد بن أبيد ابن حســاب، عن في الطبراني يؤكــة أبي محمد بن عبد الله الحضرمي، قد روي بتغيير بداية من رواي

. عوانة وفي النصوص الموجودة قبل الطــبراني جــاء هــذا الحــديث، بعد أبي هريــرة، عن أبي صــالح، عن أبي حســن، عن أبي عوانــة،

.(289)والذي نقل عن موسى بن إسماعيل ومثل ما ذكـر في كتـاب الطـبراني ومســلم وأبي يعلى تمت

. (290)روايته من خالل الطارق من محمد بن أبيد في كتابهم ابن الجوزي سجل نفس الرواية عن الطارق من أبي عوانة، عن حلــــف بن هشــــام، كمــــا في اإلســــناد األول من كتــــاب

.(291)الطبراني : عن أبي هريرة، عن سعيد بن المسيب،اإلسناد الخامس

هري، عن عبد الــرزاق بن عمــر، عن أبي صــالح الحــراني، عن الزــدام بن داوود، في ــ ــالح، عن مق ــ ــان بن ص ــ ــيى بن عثم ــ عن يح

. في ما رواه عن الهيثمي؛ أن رواية البزار كانت قــد(292)الطبراني . وقـد تطـابقت كلتـا الروايـتين للــبزار(293)سبقت رواية الطـبراني

والطبراني مع ما نقل عن المحدثين األربعة األوائل. وفي كتاب البزار ينتهي اإلسناد مع يحيى بن حسن، بــدال عن

أبي صالح.ر ــ وفي نفس الـــوقت قـــد روى ابن العاضـــي، وهـــو معاصـهري، للطبراني، بسند أبي هريرة، عن سعيد بن المسيب، عن الز

.(294)عن نعمان بن رشيد.... (295)وقد رواه ابن الجوزي بسند ابن العاضي



: عن أبي هريــرة، عن ابن ســيرين، عناإلسناد الســادســيبي، عن مة النص ــ ــه بن عص ــد الل ــليمان(، عن عب ــل )بن س مقاتــين موسى بن أيوب النصيبي، عن محمد بن إبراهيم سارية، وحس

.(296)بن صميدي األنطاكي، في الطبراني وعلى قدر ما توصلنا إليه من أبحاث فإن هذا اإلســناد ال يقــع

في مجموعة النصوص السابقة للطبراني. وقد نقل ابن العاضي، وهو المعاصر للطبراني، هذا الحــديث

. وقــد(297)باإلسناد ذاته، إال أنه ذكــر اســم معلمــه محمــد بن أحمد. (298)رواه ابن الجوزي بسند ابن العاضي

ــان بن جــازع، عناإلسناد السابع : عن أبي هريرة، عن حب زينب بنت طعلق، عن أبي عاصــم، عن أبي مســلم الكاشــي، عن

.(299)الطبرانيــرين ــناد في كتب المعاصـ ــذا اإلسـ ــور على هـ ولم يتم العثـ للطبراني، وال في مجموعة النصوص الواردة في الكتب الســابقة

. له. وكذلك لم يقم ابن الجوزي بروايته : عن أبي هريــرة، عن كثــير بن عبيــد، عناإلسناد الثــامن

ــاس ابن ولده عنبساء بن ســعيد، عن أبي وليــد التيالســي، عن عب. (300)بن فضل األسفاطي، في الطبراني

ــذا وعلى قدر ما توصلنا إليه من أبحاث لم يتم العثور على ه اإلسناد في كتب المعاصرين للطبراني، وال في مجموعة النصوص الـــواردة في الكتب الســـابقة لـــه. وكـــذلك لم يقم ابن الجـــوزي

. بروايته : عن أبي هريرة، عن عطاء بن الســائب،اإلسناد التاسع

ــلمة، عن ــد بن س ــرحمن بن زي ــد ال ــلمة، عن عب ــد بن س عن زي.(301)إسماعيل بن زكريا، عن عبدان بن أحمد، في الطبراني



وقد نقل هذا اإلسناد، والذي يبدو مشــوقا للغايــة، في روايــة أبي هريرة عن أعتاب بن يسار، عن طريق أحمــد بن حنبــل، قبــل

.(302)روايته في الطبراني. ولم يروه ابن الجوزي. وسيتم تقييم اإلسناد في ما يلي

ــناد العاشر : عن أبي هريـــرة، عن أعـــراج، عن أبـــواإلس أزيناد، عن أبو أميمة بن يعالء، عن سليمان بن داوود الشاذاكوني،

.(303)عن محمد بن نصير األصفهاني، في الطبرانيــذا وعلى قدر ما توصلنا إليه من أبحاث لم يتم العثور على ه اإلسناد في مجموعة النصوص السابقة للطبراني. وكــذلك لم يقم

. ابن الجوزي بروايته : عن أبي هريــرة، عن كيســان بناإلســناد الحــادي عشر

ســعيد، عن ســعيد بن أبي ســعيد، عن ابن أبي زئيب، عن شــعيبــار، في بن إســحاق، عن هشــام بن خالــد، عن أحمــد بن علي األب

.(304)الطبرانيــذا وعلى قدر ما توصلنا إليه من أبحاث لم يتم العثور على ه اإلسناد في كتب المعاصرين للطبراني، وال في مجموعة النصوص

الواردة في الكتب السابقة له.. وكذلك لم يقم ابن الجوزي بروايته

ــرة، عناإلسنادان الثاني عشر والثالث عشر : أبو هري أبي عثمان الطنبــذي، عن ابن أبي نعيمــة المعــافري، عن بكــر بن عمرو، عن يحيى بن أيوب، عن سعيد بن أبي مريم، عن أبي يزيد

.(305)القراطيسي، في الطبراني وفي اإلسناد الثالث عشر للطــبراني، الــذي رواه عن مســند أبي هريرة: أبو عثمان مســلم بن يســار، عن بكــر بن عمــرو، عن سعيد بن أبي أيوب، عن أبي عبد الــرحمن المقــرئ، عن بشــر بن



موسى، دون ذكــر اســم ابن أبي نعيمــة بين أبــو عثمــان وبكــر بن.(306)عمرو

ــاب أحمــد بن حنبل الحــديث في األول(307)وحيث تضــمن كت )بمــا في ذلــك ابن أبي نعيمــة( فنحن نــرى أن اإلســناد الثــاني )باستثناء ابن أبي نعيمة( كانت تتم روايته على نطاق أوسع. حيث

م( وإســـحاق بن راهويـــه)849هــــ / 235رواه ابن أبي شـــيبة) م(، بدال من رواية أبي عبـد الــرحمن المقــرئ الــتي853هـ / 238

.(308)تظهر في مسند الطبراني ورواه البخاري من خالل راو آخر، أي من خالل عبــد اللــه بن

. ولقــد اقتبس ابن(309)يزيــد، بــدال من أبي عبــد الــرحمن المقــرئ. (310)الجوزي هذا الحديث من البخاري

وعندما نراجع أسانيد الطبراني نجد أن أسانيده الثالثة عشر احتوت على ثمان من مرويات القرن الثالث الهجري، وخاصة في كتاب المسند البن حنبــل. فمن الطــرق الخمس الــتي ذكــرت من قبل في كتب الطبراني، روى إسنادا واحدا من قبل ابن عدي، أما األسانيد األربعــة األخــرى، وبقــدر مــا أمكننــا التحقق، فال يمكن أن يكون جمعها في مجموعات الحــديث األساســية قــد تم بالصــدفة. فقــد روى ابن الجــوزي ســبع أســانيد فقــط عن أبي هريــرة. وقــدــك وردت هذه األسانيد في المجموعات األساسية. وعالوة على ذلفين )الكتاب( المتاحــة كتبهم فقد روى خمسة منها من خالل المؤل في الوقت الحاضر. وكــان ابن الجــوزي قــد روى اإلســناد الوحيــدــالح، ــو ص ــرة، أب ــو هري ــو: أب ــبراني، وه ــر في الط ــذي لم يظه ال

ــول. وحسب وجهة نظر جــوني (311)األعمش، أبو معاوية... ينبغيپ لهذا اإلسناد أن يكون األكثر انتشارا ورواجا بعــد الطــبراني، ولكنــو ابن ــبراني، وه ــاب الط ــوارد في كت ــديث ال ــناد والح ذات اإلس



. ، قد أشار مرة أخرى إلى خطأ وجهة نظره(312)عدي ومن الجدير بالــذكر على الجــانب اآلخــر أن ابن الجــوزي لم

يورد األسانيد الستة التي ذكرها الطبري في كتابه.ــه بعقــد مقارنــة بين الكتــابين علىپــولوكما يقول جوني : إن

أساس عدد األسانيد سنصــل إلى نتيجــة واحــدة، أال وهي أن تلــك األسانيد لم يتزايد عددها عند ابن الجوزي عنها عند الطبراني، بــل

على العكس. وينطبق هذا أيضا على مؤلفات أخرى. فعلى ســبيل المثــال:

،(313)قام الطــبراني بنقــل ثمانيــة أســانيد عن أبي ســعيد الخــدري بينما نجد أن عدد ما أورده ابن الجوزي عنه في كتابـه من أســانيد

. وبالنسبة إلى هذا الحديث الذي نحن في صدد(314)هو أربعة فقط دراسته نجد أن الطبراني أخرجه عن عبــد اللــه أبي عمــرو بســتة

ــط في كتابه ،(315)أسانيد، بينما أورده ابن الجوزي بثالثة أسانيد فقح مسندا عن األعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. وهذا يوضــ

. ـ كما ذكرنا من قبل ـ صحة أمثاله المتعارضة أيضا في مــا يتعلق بالحجــة الناجمــة عن الصــمت هنالــك نقطــةو

ــاح الطــبراني في ــدار نج ــار، أال وهي مق ــذها بعين االعتب يجب أخــه محاولته أن يورد كل األسانيد، الصحيحة منها والضعيفة، فنجد أن

. أفرد كتابا كامال لهذا الغرض «لكن بفحص األسانيد األخــرى لحــديث »من كــذب علي...و

عن أبي هريرة نجد أن الطــبراني لم يســتطع، حتى في كتبــه، أن يجمع كل األسانيد في تصنيفه للقرون الثالثة األولى. فعلى ســبيل المثال: تمت رواية هذا الحديث في مســند أحمــد بن حنبــل بســندــاد، عن عاصــم بن كليب، عن ــد الواحــد بن زي ــان، عن عب عن عف

.(316)كليب، عن أبي هريرة...



ورواه أيضا إسحاق بن راهويه بنفس السند، باستثناء الراوي.(317)األخير، أي عفان...

ــدارمي) ــند ال ــديث في مس ــذا الح ــك ورد ه وعالوة على ذل م( بسند عن أبي معمر إســماعيل بن إبــراهيم، عن868هـ / 255

صالح بن عمر، عن عاصم بن كليب، عن كليب، عن أبي هريرة... وذلك على الرغم من أن الطبراني لم يــورد هــذا الســند في، (318)

كتابه )طرق من كــذب علي متعمدا(، وأيضــا لم يكن موجــودا فيفاته األخرى . مؤل

فــات أخــرى، غــير و ــتي وردت في مؤل أســانيد الطــبراني ال:)طرق من كذب علي متعمدا(، هي

عن جعفر، عن نعيم بن حماد، عن نوح بن أبي مريم، عنـ 1. (319)السدي الكبير ـ عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي ـ...

ــر بن حطب2 ــد بن يوســف العصــفري، عن عم ــ عن محم ـ السجستاني، عن محمد باكثير، عن ابن شوذب، عن عبــد اللــه بن

. (320)قاسم، عن أبي هريرة... وهناك أيضا إسنادا آخر رواه الحميدي، لكنه لم يرد ال فيـ 3

فاته األخرى (، للطبراني، وال في مؤل . (321))طرق من كذب علي ولكن هــذا اإلســناد، والــذي يعتــبر هامــا، يتطلب المزيــد من

ــند عن أبيپولالفحص. وقد طرح جوني هذا اإلسناد كالتالي: بس هريرة، عن من ال أحصي / عدد كبير من الرواة، عن ســفيان، عن

الحميدي. فإنه عنــد األخــذ بعين االعتبــار أن هــذاپولوكما أشار جوني

الحديث تم نقله عن أبي هريرة عن طريـق أربعــة رواة فقـط فيـــه ال بــد من تفســـير مقولـــة ســـفيان )من ال زمن البخـــاري، فإن أحصي...( على النحو التالي: »لم يكن ابن عيينة حتى هذا الوقت



. (322)«قادرا على تفسير األحاديث الموردة بسند ضعيفــدي شــديدة األهميــة.پولوكما ذكر جوني فإن أســانيد الحمي

ــذا ــناده ه ــيجد أن إس ــنده س ــدهم مس ـه حين يفحص أح ـ ــير أن غ »...الحميدي قال: حدثنا سفيان: وحــدثني من ال أحصــي، عن أبي

قـال الحميـدي: أخبرنـا سـفيان عن العديـد من الـرواة«هريرة....(323)الذين ال يسعني إحصاؤهم قد نقلوه إلي

ــولوفهم جوني لهذا اإلســناد مختلــف بشــكل جــوهري عنپــه ســمعه من العديــد من الــرواة، ــدي أن ذلــك، حيث يســجل الحمي

إضافة إلى معلمه ابن عوينة. ؛ حيث قــارن هــذاپــولوتشير هذه القضــية إلى خطــأ جــوني

التعبير مع تالمذة أبي هريرة بدال من المعاصرين لسفيان.ــدي وعلى الجانب اآلخر حين يضع المــرء في ذهنــه أن الحميــدة ــديث بع ــك الح ــل ذل ــذي نق ــافعي، وال ــذة الش ــد تالم ــو أح ه

، يبــدو األرجح وكــأن األول قــد ســمع هــذا الحــديث من(324)أسانيدمصادر أخرى.

وباعتبار ذلك فالمهم هنا أن الحميدي لم يســع لنقــل حــديث معلمــه كإســناد مرفــوع. وتشــير تلــك القضــية إلى ميــل العلمــاء

المسلمين إلى األمانة في ما يتعلق بمصادرهم. وعالوة على ذلك ـ وبقدر ما اســتطعنا البحث ـــ فــإن حقيقــةر أن اإلسناد المشكوك فيه لم يظهر في التجميعــات األحــدث يــؤث

،«سلبيا في نظرية أن األسانيد »تــزداد صــحتها مــع مــرور الــزمن في مكان آخر.پولكما يشير لذلك جوني

عن العديد من»وفي هذه القضية فإن تعبير الحميدي، أعني ينبغي النظــر إليــه باعتبــاره«،الرواة الــذين ال يســعني إحصــاؤهم

عالمة على انتشار روايته في ذلك الوقت.



ــم بن ســـالم) ــة أن قاسـ ــذلك فحقيقـ ــ / 224وكـ م(839هــ المعاصر له لم يدون أي إسناد، قد ذكــر »أال تعلم أن النــبي قــال:

دا ذلك الرأي«»من كذب علي... . (325)، مؤي وحقيقة أن الطبراني لم يجمــع كــل األســانيد في كتبــه، وأن الكتب المجمعة سابقا لم يتم تقييدها باألســانيد المنتهيــة عنـد أبي

هريرة فحسب. إســناد ســعيد بن زيــد حتى قيس(326)فمثال: بينما روى البزار

بن أبي علقمة، فإنه غير مــذكور في طــرق الطــبراني. وبقــدر مــا استطعنا البحث فـإن اإلســناد المتســاءل عنــه لم يظهــر في بقيــة

مجموعاته. ذكر الطبراني في كتابه الطرق إسنادين ألبي بكر:

األول: عن جابر بن عبد الله، عن أبي بكر..(327)والثاني: عن عبد الخير بن يزيد، عن أبي بكر

ولكن في كتب الحديث المتقدمة نقلت نفس الرواية بإســناد ،(328)أبي كبشــة األنمــاري، عن أبي بكــر...، عن طريــق الترمــذي

. وبالرغم من أن الطبراني ذكر(330) وأبي بكر المروزي(329)والبزارــه لم يــذكره في كتابــه(331)هذا اإلسناد في المعجم الوسيط ، إال أن

. الطرقــالرغم من أن ــد بن األرقم فب ــا يتعلق بأســانيد زي ــا في م أمــان، اإلسناد الوحيد الذي ذكره الطبراني عنــه هــو عن يزيــد بن حي

ــد بن األرقم... ــناد أبي(332)عن زي ــديث بإس ــد دون نفس الح ، فقــير . في(333)إسحاق السبيعي، عن زيد بن األرقم، في المعجم الكب

حين أن المؤلف ذكــر إســناد هنيــدة، عن المغــيرة بن شــعبة، في. ، إال أنه لم يذكره في كتابه الطرق(334)المعجم الكبير

ــان ــان بإمك ــل ك ــو: ه ــرح ســؤال، أال وه ــد من ط ــا ال ب وهن



فــه الطرق؟ بــالرغم الطبراني الوصول إلى هذه األسانيد بعــد مؤل من إمكانية حدوث هذا األمر نظريا، إال أنه أمــر غــير منطقي؛ ألن األسانيد المعنية والموجودة في كتــاب الطرق وجــدت في العديــد

. من كتبه األخرى وبمالحظــة محــاوالت الطــبراني، والـــذي قصـــد تجميــع

ــحديث »من كــذب علي... ــة من األســانيد لـ ،«المجموعــة الكاملضــح أنهــا بــاءت بالفشــل، ســواء في مــا يتعلق بأســانيد كتبــه أو اتفــات الســابقة لــه، ولهــذا ال يصــح تطــبيق مبــدأ بغيرهــا من المؤلــة النقاش الصامت على الكتب األخرى، والتي لم تتعمد جمــع كاف

األسانيد لهذا الحديث. فــات الســابقة لــه إن الوضع القائم بين الطبراني وبين المؤل أشبه ما يكون بالوضع القائم بينه وبين ابن الجوزي. وبمعنى آخر: في حين أن بعض األسانيد الــتي لم تــذكر عنــد الطــبراني وجــدتــل ــل لم يســتوعب ابن الجــوزي ك ــد ابن الجــوزي ففي المقاب عن

. األسانيد المذكورة عند الطبراني وعنــد النظــر بعين فاحصــة إلى الروايــة المنقولــة عن أبي

هريــرة من منطلــق اإلســناد والمتن، والــتي دونهــا الطــبراني فيــة ــذه الطريق ــناد األول دون به ــد أن متن اإلس ــه الطرق، نج كتاب الموضحة هنــا: »...من قــال علي مــا لم أقــل فليتبــوأ مقعــده من

.«النار...ــه، وأبي يعلى، فقــد أما األخبار المنقولة عن هناد، وابن ماجـ

.«تم تدوينها كالتالي: »...من تقول... من»...وأما تلك المنقولة عن ابن حبان فقد دونت كالتــالي:

.«قال... ومن ناحيــه أخــرى رواهــا ابن حنبــل كالتــالي: »...من يقــول



.«علي... ويتضح من خالل كــل هــذه المنقــوالت اتفــاق الــرواة الثالثــة األول )على سبيل المثال: عن محمــد بن عمــرو، عن أبي ســلمة،ر عن أبي هريرة(. مع العلم بأنه ال توجد شبهة بــأن هــذا المتن تغي

من )قال( إلى )كذب(. ولقــد دون ابن الجــوزي هــذا االســناد بمتن »...من كــذب

. ومع ذلك لم ينقله فقط في نهاية إسناد أبي سلمة، عن«علي... أبي هريــرة، ولكن أيضـــا في إســنادين آخـــرين ذكــرا في المتن المحول. ومن هنا يتضح لنا أنه ليس باإلمكان أن نصــل إلى نتيجــة

. دامغة؛ نظرا لعدم وجود شرح واف لكل متن وإسناده اإلسناد الثاني في متن الطـبراني هــو من كـذب علي. وعلى الرغم من أن أول ثالثة رواة يقدمون اإلســناد بنفس الطريقــة، إالــه يحفظــه بشــكل منفصــل، ربمــا يرجــع ذلــك إلى االختالف في أن

المتن.ــا ــدر م ــد بن رجــال المصــري راو في اإلســناد، وبق لكن عبي أمكننــا البحث لم نتمكن من العثــور عليــه في كتب الرجــال. وقــد

. أشار إليه فيه بالمجهول، ويبدو أن هذا التغيير كان بسببه ويكمل اإلسـناد طريـق أبي هريـرة، عن أبي صـالح، عن أبي حسن، عن شعبة )اإلسناد الثالث(، وهــو الشــكل المتعــارف عليــه

.«في الحديث »من كذب علي...ــير في« وقد وردت رواية »من كذب علي... من دون أي تغي

كتب الطالمسي، وابن حنبل، والنسائي، وابن الجوزي. وبنفس الطريقة واإلســناد، عن أبي هريــرة، عن أبي صــالح،ــلم، عن أبي حسن، عن عوانة، ذكر بالتسلسل في البخاري، ومس

ــير.« وأبي يعلى، والطــبراني: »من كــذب علي... من دون أي تغي



وهذا ما ينطبق أيضا على متن ابن الجوزي. هــ /101ومن الجـدير بالــذكر أن اســم أبي صـالح الســمان)

م( لم يســـجل بين أبي هريـــرة وأبي حســـن في كتـــاب ابن720الجوزي.

وعلى الرغم من أنه في أول وهلــة تشــير هــذه القضــية إلى ، إال أن العكس هــو الصــحيح.پولسالمة اإلسناد، كما ادعى جوني

وبقــدر مــا يمكننــا التحقق فــإن أبــا حســن عثمــان بن عاصــم بن م( ال يظهر بين تالمذة أبي هريرة. لــذا فــإن745هـ / 127حسين)

عدم وجود أبي صالح السمان حول اإلسناد إلى منقطع، قد يكــونــه خطـأ بســيط من عن طريق الخطأ، ومن األفضل قبولــه على أن

الراوي. أما متن اإلسناد الخامس، الذي رواه أبو هريرة، عن ســعيد

ــرون ريح ــة ال ي ــة )ثالث بن المســيب، عن الزهــري، فيختلــف للغاي الجنة: رجل ادعى إلى غير أبيه، ورجــل كــذب علي، ورجــل كــذب

.(335)على عينيه( م( وابن الجــوزي نجــد هــذا905هـــ / 292وفي زوائد البزار)

المتن، وإن كانت هناك تغييرات صغيرة )كذب على نبيه، بدال من:كذب علي(.

ــة القائلــة بــأن المتــون كــانت تتطــور في وإذا كــانت النظريــولمجرى الزمن، كقاعدة عامة، كما ادعى جوني ــا أنپ ، ينبغي لن

ــيزة انعكســت على هــذا المتن، وتم نتوقع أن نجــد أن نفس المــه ظهــر في الكتب في«تســجيله بشــكل »من كــذب علي... ؛ ألن

عصر الحق. وحادثة أخرى تظهر هنــا، فاإلســناد محــل التســاؤل نقــل من

، كتاب الهيثمي)«كشف األستار على زوائد البزار والكتب الستة»



م(، وليس من مســند الــبزار المتــاح في الــوقت1405هـــ / 807 الحالي. وهذا يعني أنه يمكن العثور على الحديث محــل التســاؤلــوقت ــا في ال ــل إليه ــتي لم نص ــة، وال ــات القديم في المخطوط

. (336)الحاضر، أو لم تتمكن من البقاء إلى الوقت الحالي ولذلك ليس صحيحا اعتبار األسانيد التي ذكرها ابن الجوزي،ــا، ليس ــة حالي ــرة والمتاح ــات المبك ــدها في الكتاب ــتي لم نج وال صحيحا أنها نشرت بعد القرن الرابع. وعلى سبيل المثال: استعان

م(898هـــ / 285ابن الجوزي بإسناد إبراهيم بن إسحاق الحــربي) في الطرق التي تقارب العشرين. ومن المعــروف أن إبــراهيم بن

.(337)قبل الطبراني« إسحاق حاول جمع أسانيد »من كذب علي...ــذي930هـ / 318وينطبق األمر نفسه على ابن سعيد) م(، ال

استشهد به ابن الجوزي في أكثر من خمس عشــرة مناســبة؛ ألن يحــيى بن محمــد بن ســعيد قــد حــاول هــو اآلخــر جمــع األســانيد

.(338)المتعلقة بالحديث محل الدراسة قبل الطبراني ومن المفهوم أن مؤلفات الحديث تلك، والتي لم تصل إلينا،

. هي من ضمن المصادر التي اعتمد عليها ابن الجوزيــل وكل ذلك يؤدي إلى االعتقاد بعدم موثوقية االفتراض القائفــات المتاحــة بأن األسانيد ـــ الــتي لم يتم العثــور عليهــا في المؤل حاليا، والتي ترجع إلى ما قبل القـرن الثـالث، والـتي اسـتند إليهـا ابن الجوزي من خالل إبــراهيم بن إســحاق وابن ســعيد ـــ أن تلــك

. األسانيد تعود إلى قرون تالية إن المتن المــذكور في إســناد مقاتــل، عن ابن ســيرين، عن أبي هريرة...، هو أيضا مختلف: »...من أحدث حدثا، وآوى محدثا، فعليه لعنة الله ومالئكته أجمعين، ال يكتب منــه صــرف، وال عــدل،

.(339) «وعلى من كذب علي...



وفي أسانيد ابن عادي وابن الجوزي احتفــظ الحــديث بنفس ، والــتي«الصيغة، ما عــدا عبــارة: »ال يكتب منــه صــرف وال عــدل

. حذفها كالهما وبينما نجد أن المتن في اإلسناد السابع هــو: »من قــال علي

، فــإن المتــون في اإلســناد«ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النــار... الثــامن والتاســع والحــادي عشــر تــأتي على الشــكل المعــروف لـ

. وبما أننا لم نستطع العثور على هذا اإلســناد«»من كذب علي...ــه من المســتحيل تقريبــا الوصــول إلى في الكتب األخــرى يبــدو أن

. نتيجة تثبت ما إذا كان المتن قد خضع لتحسين أم ال ويبــدو أن اإلســناد التاســع، والــذي يســتهل بإســناد زيــد بن

إسالم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، مثير لالهتمام بشــكل كبــير؛ ألن هــذا اإلســناد روي عن أحمــد بن حنبــل في مســند أبي

سعيد الخدري، )وليس في مسند أبي هريرة(. وتقول تلك الرواية أن الرســول قــد أقــر حــديث »من كــذب

ــياء«علي... ــدوين أش ــحابة ت ـه ال ينبغي للص ـ د على أن ــد أن أك بع.«أخرى غير القرآن، وأنه يمكنهم النقل عن »بني إسرائيل

ولكن هذا الحــديث روي عن أبي ســعيد الخــدري، وليس عن أبي هريرة. ولذلك فإن أحمد بن حنبل ومسلم نقال نفس الحــديث

عن عطــاء بن يســار، عن أبي ســعيد...،(340)بسند زيــد بن إســالم ويتضح من ذلك أن أحمد بن حنبل ـ مــدركا أن الحــديث مغلــوط ـــه نــوى ذكره بنفس اإلسناد الــذي روي عن معلمــه. ولكن يبــدو أن اإلشارة إلى ذلك الخطأ عن طريـق نقــل الحــديث في مســند أبي

سعيد الخدري. أما بالنسبة إلى كتاب الطبراني فإن االسم المذكور فيه هــو عطاء بن الصعيب، بدال من عطاء بن يســار. ويبــدو أن ذلــك كــان



خطأ من الكاتب، أكثر من كونه تغيــيرا متعمــدا؛ وذلــك ألن عطــاء م( كان صغيرا جدا، وال يمكن أن يكون754هـ / 136بن الصعيب)

ــذلك(341)قد روى إال عن والده من الصحابة في منتصف العمر. وب ال يبدو أن التغيير محل الدراسة هو تعديل مقصود؛ ألنــه ال يــرتقي

. باإلسناد إلى طريق أقوى وفي اإلسنادين الثاني عشر والثالث عشــر، اللــذين وردا في

، في الكتب األخرى:..«متن ابن أبي شيبة والبخاري: »من تقول. . وقــام ابن الجــوزي بتســجيلها عن طريــق«»من قــال علي...

البخاري. ومرة أخرى يشــير هــذا اإلســناد إلى الخطــأ الــذي وقــع فيــه

بمقارنة كتاب ابن الجوزي مــع كتــاب الرســالة، لإلمــامپولجوني الشافعي؛ وذلك ألن اإلسناد الذي نقلــه ابن الجــوزي من البخــاري

، وليس في الجـــامع الصـــحيح.(342)ورد في كتابـــه األدب المفـــرد الذي بخس من قدر هذه المســألة كــان قــد قبــل بهــاپولجوني ف

. كمنتج ظهر في القرن الرابع وبالتحقيق في أسانيد أبي هريــرة مــع المتن يمكن فهم أن

ر في راو أو راويين )أو ثالثـــة( ـــر في المتـــون ينشـــأ عن تغي التغيرات في«قـــال» بـــدال من: «كـــذب»)مثال: (، ولكن ال يوجـــد تغي

القرون المتتابعة، باستثناء المشاكل الناشئة عن الناقلين الضعفاء لألحاديث. بينما تتناسب هذه المسألة مع العمليات قبـل النظاميـة والنظاميــة لروايــة الحــديث، ويبــدو هــذا متناقضــا مــع حقيقــة أن

. (343)الحديث موضع البحث ورد ذكره على أنه متواتر لفظي القول الحقيقي للقول الفصــل»ونتيجة بحثنا في ادعاء أن

: يمكن إيجازه كما يلي«تطور من )قال( و)قول( و)تقول( بـــدال من القيـــام بتحليـــل الحـــديث على مســـتوى أفقي



ــاموا لمجموعات الحديث، دون األخذ في االعتبار الصحابة الذين قــذب ــديث »من ك ــعفها ح ــتي أض ـة ال ـ ــ النظري ــديث ـ ــة الح برواي

ــة«،علي... الذي قام بروايته معمر ـ، يبدو أن األصح أن تأخذ رواي. كل صحابي شكل الطريقة العمودية

ــدو ــون من الوســيلة تب ــال: األســانيد الثالث فعلى ســبيل المث .(344)« أو »إن من أعظم الفـرى....«بأشكال »إن أفـرى الفــرى..

وهذا المتن هو نفسه في كتب الشافعي، والتي قــام هــو بروايتهــاــاب في البداية بنفسه؛ وفي كتب الطبراني؛ وكــذلك في كتب الكت

.(345)الذين عاشوا في الزمن الواقع بين الشافعي والطبراني صحيحة فيپولوإذا كانت عملية االدعاء التي قام بها جوني

«تاريخ الحديث، لكنا وجدنا هذا الحديث فقط: »من كــذب علي...فات الالحقة . في المصن

التقييم والنتيجة ، باسـتخدامپــول يبـدو أن النتيجــة الــتي توصـل إليهــا جـوني

»منالنتيجة المستنبطة من غياب األدلة كدليل على تأريخ حديث ــذب علي... ــافي،، «ك ــير الك ــك إلى البحث غ ــع ذل ــة؛ ويرج معيب

والطريقــة الــتي اعتمــد عليهــا؛ ألن الــدليل من الصــمت يبــدأ من المفقود، وليس الموجود، فهذا يتطلب بحثا شـامال في كـل مؤلف

من المحتمل أن يتضح فيه أي حديث مفصل. فالمــدى الزمــني المطلــوب في الفحص يشــمل على األقــل قرنين أو ثالثة قــرون، ويتســع المكـان الــواجب فحصــه لجغرافيــة

ممتدة من مصر إلى اليمن، وإلى بخارى.ــاع طريقــة الصــمت تجعــل ــة باتب إن تلــك الجــوانب المتعلق التطبيق العملي لها صعبا، وتثير الشــكوك حــول النتــائج المرجــوة



منها.حان أوجــه القصــور ذات الصــلة وهنــاك أيضــا حقيقتــان توضــ

بالطريقة الصامتة:: لم تصل إلينا معظم الكتب المؤلفة في هذا العصر.أوال

: ال يزال جزء هــام من الكتب مجــرد مخطوطــات فيوثانياالمكتبات.

ومع وجود هذه العيــوب في طريقــة الصــمت يبــدو الوصــولـة ـ إلى نتيجة محفوفا بالمخاطر، ومسعى مبالغا فيه، إذا كانت مبنيــحيحة، ــعيفة والص ــاديث الض ــا عن األح ــة حالي على الكتب المتاح

وتحديدا إذا لم تصلنا. وإضافة إلى تلك العيوب المتقدمة يجب أن نضيف أن عالمــا واحدا ال يستطيع أن يعرف كل أسانيد عصــره وجغرافيتــه. وحــتى إذا افترضنا أنه فعل ذلك فربمــا لم يــدونها. وعلى ســبيل المثــال: بحجة أن الحديث لم يكن معروفا في منطقــة الحجــاز في القــرنــأ مالــك، مــا ــه لم يكن موجــودا في موط الثاني الهجري؛ نظــرا ألن يعني مساواة معرفة مالك إلى أحـاديث الموطـأ فقـط، ومســاواة

معرفة منطقة الحجاز إلى اإلمام مالك والموطأ. ــولويجب إضــافة أخطــاء جــوني في تطــبيق الــدليل منپ

الصــمت إلى العقبــات النظريــة لهــذه الطريقــة المــذكورة. وهــذا.«»من كذب علي...يتطلب إعادة فحص نتائجه عن حديث

ــه قــارن بين أســانيد ابن الجــوزي ل أحد أخطائــه في أن ويتمث متجاهال المؤلفات األخرى.،«الرسالةفي »وأسانيد الشافعي

ــاء أن واحــدا وثالثين إســنادا إضــافيا من ثه بادع وأيضــا تشــبــركت بعــد األسانيد الواردة في أسانيد أحاديث ابن الجوزي قــد فب

القرن الرابع.



قــد «»من كــذب علي...وعالوة على ذلك ربما يكون حديث ذكر في كتب التفسير والتاريخ، باإلضافة إلى مصادر الحديث.

من جهة أخرى إن األحاديث التي يــدونها المؤلف في كتابــهوف فه بالدرجة األولى. وبناء على ذلك قــد يبــدأ المصــن تخضع لتصر )المؤلف( القســـم )الكتــاب في اصــطالح المحــدثين( بمســمىــه قــد ال ينقــل خطيئة الكذب، ويروي أحــاديث كثــيرة هنالــك، ولكن

بسبب اختياره وتفضيله.؛ «»من كذب علي... حديث فعلى ســبيل المثــال: مــع أن هــذا الحــديث لم يوجــد ضــمن

،(346)المرويات المحرمة للكذب في كتاب الزهد لوكيع بن الجــراح. (347 )فقد ذكر على نطاق واسع في كتاب الزهد لهناد بن السري

لكن الحديث محل البحث ال يظهر بصــورته المشــهورة في ــان األجزاء المطبوعة من كتاب ذم الكذب البن أبي الدنيا، الذي كــل والبخــاري وغــيرهم من ــذا البن أبي شــيبة وأحمــد بن حنب تلمي العلمـــاء المتـــأخرين. ولكونـــه تلميـــذا لهم كـــان من المتوقع أن

.(348)يعرفه وعالوة على ذلــك فبــالرغم من أن الخــرائطي، الــذي عــاش في مرحلة متأخرة نسبيا خصص فصال لألحاديث المحرمة للكــذب

ــد(350)، فإنه لم يضمن هذا الحديث كتابه(349)في كتابه ــا ق . لذا فإنن «»من كذب علي... ال نصل إلى استنتاج مقنع لو توقعنا أن حديث

يجب أن يوجد في كل قسم يذكر فيه األحاديث المحرمة للكذب. بأن الحــديث محــل البحث بــدأپــولوكنتيجة فإن زعم جوني

ــرة، ــد الهج ــاني بع ــرن الث ــاني من الق ــف الث ــتفيض في النص يســل معمــر بن واستنتاجاته األخرى، تبدو غير مقبولة؛ ألن مصادر مث

راشد وحبيب بن الربيع نقلوا الحديث ذاته.ــه؛ وبســبب االنتقــادات المنهجيــة الــتي ولكن هــذا ال يعــني أن طرحت )النتائج المستنبطة من غياب األدلة(، فإن حجج سيلينتو ال



نفع منها بالنسبة إلى علــوم الروايــة، حجج الســيلينتو من الممكن أن تستخدم كدعم إضافي، مع عــدم إغفــال أوجــه قصــورها، جنبــا

إلى جنب مع توظيف وسائل أخرى.

ملخصــدأ الســيلينتو )النتيجــة ــق مب ــو تحقي ــة ه ــذه المقال هــدف ه المستنبطة من غياب األدلة(، الذي اســتعمل في الغــرب، ومــا إذا كــان فيــه توافــق مــع قواعــد روايــة الحــديث في القــرون الثالثــة

األولى. وباإلضافة إلى كيفية دعمها بالمعلومات المتوافرة حاليا فإن

باســتخدام هــذا المبــدأ«»من كــذب علي...تجربــة تــأريخ حــديث يعطينا فكرة عن فائدته.پولبواسطة جوني

»من كــذبومن ثم ففي هذه المقالة قد تم تحقيــق حــديث ــديث »في ســياق كتب الطــبراني «علي... ــرق ح ــذبط »من كــديث،««،علي... ــرى للحـ ــية أخـ ــادر أساسـ ــافة إلى مصـ باإلضـ

حول الحديث قيد االختبار.پولومكتشفات جوني وهذا البحث يقدم أيضا فرصا لتحديد كيف كان يعالج اإلسناد

والمتن في القرون األولى.

الهوامش

المجيد في آي الكتاب|عتاب النبي األكرم ، السـنة السابعة، ربيع27 ـ 26ـ العـددان االجتهاد والتجديد230



*(*()د. الشيخ محمد علوان

مقدمة القضية التي نبحث عنهــا في هــذه الســطور هي: هــل يوجــه

؟ |القرآن الكريم عتابا للنبي األكرم وقد تشابهت أقوال المفسرين من جميع المذاهب اإلسالمية

في القــرآن الكــريم، وإن اختلفــوا|في وقوع العتاب للنبي األكرمــه في موجب ذلك العتاب؛ فبين من يرى بأن الله تعالى يعــاتب نبي

على زلة صــدرت منــه، وأمــور أخطــأ بفعلهــا، وذكــروا في|األكرمم ما أحــل﴿ذلك آيات، منها: قوله تعالى يا أيها النبي لم تحر

، وبين من يــرى أن﴾عفا الله عنــك لم أذنت لهم﴿ و﴾الله لك أعلى شأنا وأرفـع مقامــا من أن يقــدم على الخطــأ؛|النبي األكرم

ــه معصــوم على اإلطالق، وإنمــا يحملــون عتــاب اللــه ســبحانه ألن على أنه ترك األولى. |وتعالى له

ولكننا من خالل البحث نسعى إلى إثبــات قــول مغــاير تمامــارين في هذه المسألة، فنقول، واللــه لما توافق عليه أغلب المفس

أعلى وأســمى من أن يعاتبــه|المستعان: إن مقــام النــبي األكــرم ال يمكن أن يصدر عنه ما يعاتب|الله تعالى في كتابه المجيد؛ ألنه

الله سبحانه عليه.

ـ مفهوم العتاب 1ــاء ــة: )عتب( العين والت ــاييس اللغ ــول صــاحب معجم مق يق

دكتوراه في التفسير المقارن، وأستاذ وباحث في العلوم)*(*(اإلسالمية، من سلطنة عمان.



ــه إلى األمــر فيــه بعض الصــعوبة، من والباء أصل صحيح، يرجع كل. (351)كالم أو غيره

ــاب العين: العتب: الموجــدة. عتبت على فالن وجــاء في كت. (352)عتبا ومعتبة، أي وجدت عليه

وقال ابن األثير: يقال: عتبــه يعتبــه عتبــا، وعتب عليــه يعتب،ــدة ويعتب عتبا ومعتبا. واالسم المعتبة، بالفتح والكسر، من الموج

. (353)والغضب. والعتاب: مخاطبة اإلدالل ومذاكرة الموجدة وقال األزهري: العتب والمعاتبة والعتاب: كــل ذلــك مخاطبــةــراجعتهم، ــ ــن م ــ ــالبين حس ــ ــدلين أخالءهم، ط ــ اإلدالل وكالم الم

.(354)ومذاكرة بعضهم بعضا ما كرهوه مما كسبهم الموجدة وجاء في مجمع البحرين: عاتبه معاتبة، وعتب عليه عتبا، من

. (355)باب قتل وضرب، فهو عاتب: وجد عليه، والمه في سخطهــدة، ــكون، الموج ــروس: والعتب، أي بفتح فس ــاج الع وفي ت

. (356)بكسر الجيم، وهو الغضب الذي يحصل من صديقــيء من ــد وش ــف عن وج ــاب يكش ــدنا أن العت ل عن ــ فيتحص الغضب، يعتمل في قلب الصديق والحبيب تجــاه صــديقه وحبيبــه، ــه بشــيء من الوجــد والمالمــة، مشــوبا ممــا يدفعــه إلى مخاطبت

بشيء من الخشونة في الكالم؛ لما كرهه منه.

|ـ مفهوم عصمة النبي األكرم2 يقول الحكيم الرباني الشيخ جوادي اآلملي في كتاب الــوحي

ــول األعظم ــوة: وحيث إن الرس ــتى|والنب ــوما من ش ــان معص كــبحانه: ــه س ــه الل ــا قال ــه م ــدق في ــد ص ــواحي فق إنك لمن﴿الن

تقيم ك بالذي﴿، ﴾المرسلين * على صراط مســ فاستمســتقيم راط مســـ ــك إنك على صـــ ــهو﴾أوحي إليـ ؛ إذ إن السـ



ــراط ــه على ص ــيء من ــك ليس بش ــو ذل ــير ونح ــيان والتغي والنس مستقيم؛ ألن كل واحد من هــذه األمــور عــوج وضــالل وغي، وأين

.(357)ذلك من الصراط المستقيم؟!ــبي ــة من أن الن ويقــول أيضــا: مــا هــو معــروف بين اإلمامي

ــرك األولى(^ وأهــل بيتــه الطــاهرين|األكــرم ال يرتكبــون حتى )تة، وكلمــا كــان دون بروح القدس بصفة خاصــ ليس ببعيد؛ فهم مؤيــبي والملكــوتي أكــثر كــانت العصــمة ــد والمــدد الغي مــيزان التأيي

. (358)والمصونية أشد وأكثرــة ــاء لكلم ــر العلم ــر: ذك ــوع آخ ــماحته في موض ــول س ويق )الرجس( معاني كثيرة، مثل: الشك والشــرك والســهو والنســيان والخطــأ والتذبــذب والجحــود والوسوســة والغفلــة وعــدم الرضــا والجهــل والقصــور والتقصــير... وهــذه كلهــا من قبيــل المصــاديق

والنماذج. ومن هنا فإنه يمكن أن يقال في بيان معــنى )الــرجس(: إنــه كــل شــيء ال يناســب وال يليــق بحــال اإلنســان، ويعتــبره العــرف

الصحيح والعقل السليم قبيحا جدا. : )الــرجس( يعــني&وكما يقول األســتاذ العالمــة الطباطبــائي

القذارة، وهي هيئة توجب النفور واالشمئزاز واالنزجار، سواء كان﴿هذا النفور ظاهريا، مثل: أن يكون ميتة أو دما مسفوحا إال

، أو باطنيا أو معنويا، مثل: الشــرك﴾أو لحم خنزير فإنه رجســوبهم﴿والكفــر وآثــار األعمــال القبيحــة: ا الذين في قل وأم

ــاتوا وهم هم ومـ ــ ــا إلى رجسـ زادتهم رجسـ ــ ــرض فـ مـ﴿، ﴾كافرون يقا حرجــا دره ضــ ومن يرد أن يضله يجعل صــ

جس على ماء كــذلك يجعــل الله الــر عد في الس كأنما يص. ﴾الذين ال يؤمنون



جس﴿وباإلضافة إلى ذلك فإن )ال( في كلمة المذكورة﴾الرــل في اآلية المباركة تفيد عموم الجنس أو االستغراق، وتشــمل ك

.(359)أنواع الرجس، أعم من المكروهات وترك األولى و... ويقــول في كتــاب )مراحــل األخالق في القــرآن(: إن النــبي

يقــول: إنــه يســتغفر اللــه ســبعين مــرة في اليــوم. وفي|األكــرم الحقيقة فإن هذا االستغفار من اإلنسان الكامــل إنمــا هــو )دفــع(، وليس )رفعا(، فهو يســتغفر لكي يمنــع الحجب عن أن تــرين على

. (360)قلبه، ال أنه يستغفر ليرفع الحجب عن قلبه أن من مقتضـــيات عصـــمة النـــبي&ويـــذكر العالمـــة الحلي

أن النبي تجب متابعته، فإذا فعــل معصــية فإمــا أن تجب» |األكرم متابعته أو ال. والثاني باطــل؛ النتفــاء فائــدة البعثــة. واألول باطــل؛

. (361)«ألن المعصية ال يجوز فعلها لمــا يعــاتب|وهذا يصدق أيضــا في حــال فعــل النــبي األكــرم

ــه ــترتب علي عليه، ويكره منه؛ فإن على الناس اتباعه في ذلك، وي وقوعهم في ما هو مكروه عند اللــه. فينبغي عليهم عــدم متابعتــه فيه، وهذا خالف ألمر الله سبحانه باتباعــه، كمــا هــو صــريح قولــه

. ﴾قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله﴿تعالى: ــه إذا فعل معصــية وجب اإلنكــار عليــه؛|وذكر العالمة أيضا أن

لعموم وجوب النهي عن المنكر، وذلك يستلزم إيذاءه، وهــو منهي. (362)عنه. وكل ذلك محال

مــا يكـره|وهذا يصدق أيضا في حــال ارتكـاب النـبي األكــرم منهي عنــه|وينفر ويعاتب عليه من قبل ربه، وإيذاء النــبي األكــرم

ــريم: ــرآن الك ــريح الق وله﴿بص ــه ورســ ــؤذون الل إن الذين ي رة وأعــد لهم عــذابا مهينــا ﴾لعنهم الله في الدنيا واآلخــ

(.57)األحزاب:



ه عن الــذنوب&ويقول الشيخ المظفر : والمعصــية هي التــنز والمعاصــي، صــغائرها وكبائرهــا، وعن الخطــأ والنســيان، وإن لم ها يمتنع عقال على النبي أن يصدر منه ذلك، بل يجب أن يكون منز حتى عما ينافي المروة، كالتبذل بين الناس، من أكل في الطريق

. (363)أو ضحك عال، وكل عمل يستهجن فعله عند العرف العامــه|ومما ال شك فيه أن فعل النبي األكرم مــا يعاتبــه عليــه رب

؛ فتــارة|أمر مستهجن عند العــرف العــام؛ إذ يفتح بابــا للطعن فيهع ال ينتظر أمــر اللــه| كان عجوال؛ وتارة يقال: إنه|يقال: إنه متسر

ال يقدر على تشخيص المصلحة العليا... |تعالى؛ أو يقال: إنه |وال ننســى أن من أقــوى األدلــة على عصــمة النــبي األكــرم

ــالى: ــه تع وحي﴿قول ــق عن الهــوى * إن هــو إال ومــا ينط ، التي يفيد إطالقها أن كل ما يقوله النبي األكرم، بما يعم﴾يوحى

القرآن الكريم وغيره، إنما هو وحي من الله تعــالى، ومن ثم فهــوغير قابل ألن يكون مخالفا لما يرضاه الله سبحانه ويحبه.

ـ مفهوم الخطأ 3ــاجم اللغة ــو(364)الخطأ هو نقيض الصواب، كما تقول مع ، وه

بمعــنى ارتكــاب الــذنب عن غــير عمــد في مــا يتعلق بــاألمور. (365)الدينية

وقد اتفقت كلمــة علمــاء مــذهب اإلماميــة على تنزيــه النــبي عن الخطأ، قبل البعثة وبعــدها. وقــد ذكرنــا بعض أقــوالهم|األكرم

في بيان مفهوم العصمة. ــرم يبعث|ومما ال خالف عليه أن صدور الخطأ من النبي األك

، وعدم االنقياد لــه، وفي ذلــك نقض|على عدم اعتماد الناس عليهلنا من﴿لغرض البعثة؛ إذ إن الله سبحانه تعالى يقول: وما أرســ



ليطاع بإذن الله (. 64 )النساء: ﴾رسول إال

ـ مفهوم ترك األولى 4 مما ورد من األجوبــة في صــفحة مركــز األبحــاث العقائديــة،ــرك األولى من ــدور تـ ــتاني: ولم يعلم صـ ــيد السيسـ ــابع للسـ التـ

. ولــو صــدر فــإن ذلــك ال يقــدح في^، وكــذلك عن أئمتنا|رســولناعصمتهم؛ لما هو المعلوم من أن ترك األولى ال يضر بالعصمة.

يقــول الســيد محســن الخــرازي في كتــاب )بدايــة المعــارف اإللهية(: وقد يعبر عنه بترك األولى. وال بأس به. نعم، قد يراد منــو وإن لم يكن ــوح. وه ــل مرج ــروه أو عم ــل مك ــرك األولى فع ت معصـــية وتخلفـــا عن القـــوانين، وال يكـــون رذيلـــة من الرذائـــل األخالقيـــة، ولكن ال يناســـب صـــدوره من عظمـــائهم، كرســـولنا

. (366)، إال لجهة من الجهات، كبيان األحكام ونحوه^وأئمتنا ويقول الشيخ الصافي في كتاب )رســالتان حــول العصــمة(:

، فحيث^، وأوصــيائه وخلفائــه االثـني عشر|وأما بالنســبة إلى نبينا إنهم في أعلى مراتب القوة القدسية والنورانية الربانيــة... فعــدم صدور ترك األولى عنهم كعدم صدور المعاصي في نهاية الوضوح،ــة، وأخالقهم ــاتهم النوراني ــاريخ حي ــل من درس ت ــك لك ــر ذل يظه

.(367 )اإللهية، وأدعيتهم ومناجاتهم وخشيتهم... في شــرح حــديث&ويقول السيد محمد الحسيني الشيرازي : )الــرجس(، فيكــون|الكســاء الشــريف: فــالالم للجنس في قوله

، الظــاهر منــه^ طلبــا إلذهــاب كــل أنــواع الــرجس عنهم|دعــاؤهم منــه والبـاطن، الــروحي والجســمي، المــادي والمعنـوي، المحــر

والمكروه. وهــذا يــدل على مــا فـوق العصــمة؛ ألن العصــمة عبــارة عن



االعتصام عن الذنب والسهو والخطأ والنسيان والجهل ومــا أشــبهــرك األولى، ذلك، واإلطالق يدل على ما فوق ذلك، ويشمل حتى ت

ــة أنهم ــا في بعض الكتب الكالمي ــد ذكرن ــرك×وق هون عن ت ــنز م . (368)األولى أيضا

ثم إن عمدة ما يدفع بعض العلماء إلى القــول بصــدور تــركــرم ــبي األك ــو أنه|األولى من الن ــرعي| ه ــذلك الحكم الش ن ب ــبي ي

ــرم ــبي األكـ ــتزام النـ ــحيح؛ إذ إن الـ ــه على فعـــل|الصـ ومواظبتـ المستحبات قد يــوهم المســلمين بوجوبهــا، فكــان ال بــد أن يــترك

فعلها في بعض األحيان ليندفع ذلك التوهم. ــرم ــبي األك ــني أن الن ــذا يع ــلحة تعليم|وه ــخص أن مص يش

المسلمين الحكم الصحيح أولى من مصلحة فعل المستحب، وهنا قــد أخطــأ في تشــخيص|ال نملك إال أن نقــول بــأن النــبي األكــرم

ــه محــال بعــد القــول قضية تتعلق بتبليغ الرسالة، وهــذا باطــل؛ ألن على فعل األولى،|؛ وإما أن الله تعالى يعاتب نبيه األكرم|بعصمته

قد ترك األولى، فهو أيضا باطل. |وهذا خلف، فالفرض هو أنه هذا مع التسليم بــأن طريــق تبليــغ الحكم الشــرعي منحصــر

للمستحب، وإال فإننا في سعة من القول بذلك؛ إذ إن تبليغ|بتركهــراره ــحيح يمكن أن يتم من خالل إقـ ــرعي الصـ لمن|الحكم الشـ

يترك المستحبات من الصحابة، أو يفعل المكروهات، وال شك فيأن عددهم ليس بالقليل.

|ـ مفهوم تأديب الله تعالى لنبيه األكرم5ــه|لنعلم أوال أن ما يتناقله الناس مما يناســب رســول الله أن

ــال: ــأديبي»ق ــني ربي فأحســن ت ــه الكتب«أدب ــديثا ذكرت ليس حــد ــة المجلســي في المجل ــره العالم ــد ذك ــبرة. وق ــة المعت الروائي



ــره في طي الكالم، من السادس عشر من )بحار األنوار(، وقد ذك.(369)دون أن يذكر رواته

كمــا ذكــره الشــيخ الحــويزي في تفســيره، وأيضــا لم يــذكر. (370)رواته

ــه وال يبعد أن يكون هــذا الحــديث صــحيحا؛ إذ ممــا ال شــك أنــربيتهم،×صحيح المعنى، فالله تبارك وتعالى يتولى تهيئة أنبيائه وت

ــه موسى ولتصنع على﴿: ×وقــد قــال في كتابــه المجيــد عن نبي (. كما أن هذا هــو مقتضــى االصــطفاء واالجتبــاء39 )طه: ﴾عيني

والتعليم، الذي يمتن بــه اللــه ســبحانه وتعــالى على جميــع أنبيائــهــل﴿: ^الكـــرام ــك من تأويـ ــك ربك ويعلمـ ــذلك يجتبيـ وكـ

ا ــ ه األحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمحاق إن ربك عليم ــ ــراهيم وإس ــل إب ــك من قب على أبوي

ــ 6 )يوســف: ﴾حكيم ــه﴿(، ــك ورحمت ل اللــه علي ــوال فضــ ولهم أنفســ لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إالــاب ــك الكت ــه علي ــزل الل يء وأن ــ ونك من ش ر ــ ــا يض ومــك والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله علي

(. 113 )النساء: ﴾عظيما فعلى فرض صـحته فـإن هــذا التـأديب اإللهي الخـاص لســيد أنبيائه وخاتم رسله وصــفوته من خلقــه يعــني إيصــاله إلى أقصــى درجات الكمال البشري؛ ليكون قدوة وأسوة حسنة للناس كافــة، كما أرسله اللــه تعــالى للنــاس كافــة، فال يســبقه إلى فضــيلة، وال

يلحقه في منقبة، أحد ممن مضى، وال ممن يأتي. ثم ال يغيبن عن بالنا أن الكون ال ينحصر في اإلنســان. فاللــهح تعالى قد خلق من الكائنات ما ال نعلم، وكــل تلــك العــوالم تســبح بـذلك كتـاب اللـه المجيـد: لله وتعبده وتـأتمر بـأمره، كمـا يصـر



ــك﴿ موات ومــا في األرض المل ــه مــا في الســ بح لل ــ يســز الحكيم دوس العزيـ ــ ــة: ﴾القـ ــ 1 )الجمعـ ــه﴿(،ـ بح لـ ــ تسـ

يء إال بع واألرض ومن فيهن وإن من شــ ماوات الس الســا يسبح بحمده ولكن ال تفقهون تسبيحهم إنه كان حليم

(. 44 )اإلسراء: ﴾غفورا وعندئذ ينبغي أن ننظر إلى الكمــال الــذي أعــده اللــه تبــارك وتعالى لســيد خلقــه وأكــرمهم عليــه، على ســعة الكــون واختالف

الكائنات، ال أن نحصره في دائرة البشر، ونضيقه بصغر الدنيا. ــه ــأديب الل وبعبارة أخرى: إنه ليس من الضروري أن يكون ت

ــه ليس|تعالى لنبيه األكرم باتها؛ إذ إن في هذه الدنيا وبحسب متطل محصورا بهذه الدنيا، بل يمكن أن نقول: إن الدنيا ليست إال أصغر حلقات الكون، وأهونها على الله، في حين أن الكمال أمــر ال يحــد

وال يحصر، فهو يمتد ويسمو بتسامي حلقات الوجود.

|، واتباعه|ـ مفهوم الحق الذي عليه النبي6 للوحي مطلقا بأنه على الحق المــبين:|يصف الله تبارك وتعالى نبيه األكرم

ــه إنك على الحــق المبين﴿ ــل: ﴾فتوكل على الل (،79 )النمــه: ــونن﴿وهذا الحق ليس إال من عند الل الحق من ربك فال تك

(. 147 )البقرة: ﴾من الممترين :× يقــول في حــق أمــير المؤمــنين|فــإذا كــان النــبي األكــرم

ــردا علي» ــان حتى ي ــع علي، ال يفترق ــق م ــق والح ــع الح علي مــع علي،» وفي رواية أخرى: (371)«الحوض علي مع الحق والحق م

، فــإن األولى أن يكــون الحــق(372)«والحــق يــدور حيثمــا دار عليمالزما لسيد الخلق طرا من األولين واآلخرين.

|فإذا تم لنا ذلك فإننا ال نجــد محمال ألن يفعــل النــبي األكــرم



شيئا يعاتبه عليه ربه؛ ألن ذلك يعني أحد أمرين: على فعل الحق. |ـ إما أن الله تعالى يعاتب نبيه األكرم1ــتوجب|ـ وإما أن النبي األكرم2 فارق الحق في فعله لما اس

به عتاب ربه. وكالهما باطل؛ ألن األول يخالف حكمــة اللــه تعــالى؛ واآلخــر خالف للفرض )مالزمة الحق للنــبي(، وهــو محــال؛ ألن الشــيء ال

ر عند العقالء. ينقلب على نفسه، كما هو مقرــع أتم|ثم إن القــرآن الكــريم يشــهد للنــبي األكــرم ب ــه مت بأن

وإذا﴿ ال يفعل شيئا من عنده: |االتباع لما يوحى إليه من ربه، وأنهــوحى لم تأتهم بآية قالوا لوال اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوم إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهــدى ورحمــة لقــ

ــل: 203 )األعراف: ﴾يؤمنون ــز من قائ ﴿(، ويقول ع إن أتبع إالــوم يت ربي عــذاب ي اف إن عصــ ــوحى إلي إني أخــ مــا ي

(. 15 )يونس: ﴾عظيم |فال يبقى بعد ذلك مجال لقائــل أن يقــول: إن النــبي األكــرم كان يستعجل في فعل بعض األشياء قبل أن ينزل إليه الوحي من

ربه، ويكون في ذلك مخطئا، فيعاتبه الله تعالى على ذلك. د﴿ونقرأ في سبب نزول قوله تعالى في سورة المجادلة: قــ

تكي إلى ا وتشــ ــك في زوجهــ سمع الله قول التي تجادلير ــ ميع بص ــ ــه س ــا إن الل مع تحاوركم ــ ــه يس ــه والل ﴾الل

ــرأة أتت1)المجادلة: فق عليه بين المفسرين، أن ام (، كما هو مت فقالت: يا رسول الله، إن فالنا زوجي، وقد نثرت له بطني،|النبي

وأعنتــه على دنيــاه وآخرتــه، لم يــر مــني مكروهــا، أشــكوه إليــك، فقال: فبم تشكونيه؟ قالت: إنه قال: أنت علي حرام كظهر أمي،

:|وقد أخرجني من منزلي، فانظر في أمري، فقال لها رسول الله



ــا ما أنزل الله تبارك وتعالى كتابا أقضي فيه بينك وبين زوجك، وأن أكره أن أكون من المتكلفين، فجعلت تبكي وتشــتكي مــا بهــا إلى

، وإلى رســول الله ، وانصــرفت، قــال: فســمع اللــه|الله عز وجــل في زوجها، ومــا شــكت إليــه،|تبارك وتعالى مجادلتها لرسول الله

ــا: ــك قرآن ــه عــز وجــل في ذل ــزل الل حمن﴿وأن م الله الــر بســحيم ا * الر ــك في زوجهــ ول التي تجادل مع الله قــ قد ســ

. (373)﴾وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما

واالقتداء به |ـ مفهوم وجوب اتباع النبي7 ، بل إن|فالقرآن الكريم صريح في وجوب اتباع النبي األكرم

ليطــاع بــإذن اللــه﴿قوله تعالى: وما أرسلنا من رسول إالتغفروا اللــه اؤوك فاســ هم جــ ولو أنهم إذ ظلمــوا أنفســابــا رحيمــا * فال سول لوجــدوا اللــه تو واستغفر لهم الر وربك ال يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم ثم ال ليما ــ ا قضيت ويسلموا تس ﴾يجدوا في أنفسهم حرجا مم

ن أن هنــاك تالزمــا بين بعثــة األنبيــاء65 ـ 64)النساء: وبين^( يبي طاعتهم، فال معنى إلرسال الرسل إذا كانوا ال يطــاعون. وقــد ورد

ــنين ــير المؤم ــال: ×عن أم ــه ق ــاع» أن . فال(374)«ال رأي لمن ال يطبعا؛ إذ ال خير في رأي ال قيمة لرأي الحصيف ما لم يكن مطاعا مت

يتحقق على أرض الواقع. وكما قلنا فــإن القــرآن المجيــد زاخــر باآليــات اآلمــرة باتبــاع

ــل إن كنتم تحبون﴿ واالقتداء به، كقوله تعالى: |النبي األكرم قر لكم ذنــوبكم واللــه اتبعوني يحببكم اللــه ويغفــ اللــه فــسول فإن تولوا فإن غفور رحيم * قل أطيعوا الله والر

ــان﴿(، و32 ـ 31 )آل عمــران: ﴾الله ال يحب الكافرين د ك لقــ



نة لمن كــان يرجــو اللــه لكم في رسول الله أسوة حســ وأطيعــوا﴿(،ــ 21 )األحــزاب: ﴾واليوم اآلخر وذكر الله كثيرا

وله إن كنتم مــؤمنين (، وغيرهــا من1 )األنفــال: ﴾اللــه ورســ اآليات الكريمة. وبنــاء على ذلــك كيــف يمكن أن يقــال: إن النــبي

يفعل ما ال يرضى الله، فيعاتبه عليــه، وفي الــوقت نفســه|األكرم ، ويتبعــه؛ ليفــوز برضــوان اللــه|يجب على المــؤمن أن يقتــدي بهتعالى، ويكسب محبته سبحانه؟!

وال يجدي القول بعــد ذلــك: إن هــذا العتــاب ليس على فعــل المكروه، وإنما هو على ترك األولى...؛ إذ إن المحصلة ال تختلــف؛ــرم ،|فإما أن نقول بأن الله تعالى يأمر عباده بأن يتبعوا النبي األك

ــه فيفعلوا مــا يفعلــه، ثم يعــاتبهم على فعلهم!؛ وإمــا أن نقــول بأن في بعض أفعالــه؛ ألنهــا|ســبحانه ينهــاهم عن اتبــاع النــبي األكــرم

ن لهم تلــك األفعــال، فيبقى محل عتاب من اللــه تعــالى، ثم ال يــبي ، ال يــدري|المؤمن حائرا أمام كــل فعــل يصــدر من النــبي األكــرم

ــالى: |أيقتدي به ــه تع وما﴿ أم ال؟! فهل يبقى بعد ذلك معنى لقولوا انتهوا واتقــ ــه فــ اكم عن سول فخذوه وما نهــ آتاكم الر

(؟! 7 )الحشر: ﴾الله إن الله شديد العقاب

اآليــات الموهمــة بصــدور العتــاب من اللــه تعــالى للنــبي |األكرم

نستعرض في ما يلي بعض اآليات الشريفة التي حملها بعضــه رين، من كال الفريقين، على معنى عتاب اللــه تعــالى لنبي المفس

، وهي: |الكريمك به لسانك لتعجل به﴿ـ 1 (. 16 )القيامة: ﴾ال تحرا اللـــه عنـــك لم أذنت لهم حتى يتبين لـــك﴿ـ 2 عفـــ



(.43 )التوبة: ﴾الذين صدقوا وتعلم الكاذبينرى حتى يثخن في﴿ـ 3 ما كان لنبي أن يكون له أســ

رة واللـه األرض تريـدون عـرض الـدنيا واللـه يريـد اآلخـ(. 67 )األنفال: ﴾عزيز حكيم

ــه﴿ـ 4 ــه وأنعمت علي ــه علي ول للذي أنعم الل وإذ تقــك مــا ك واتق اللــه وتخفي في نفســ ــك زوجــ أمسك عليا اه فلم ى الناس واللــه أحــق أن تخشــ الله مبديه وتخشــــون على ا لكي ال يك ــرا زوجناكهــ ا وط ــد منهــ ى زي قضــوا منهن ــ ــائهم إذا قض رج في أزواج أدعي ــ ــؤمنين ح الم

(. 37 )األحزاب: ﴾وطرا وكان أمر الله مفعوالم مـا أحـل اللـه لـك تبتغي﴿ـ 5 ر يا أيها النبي لم تحـ

(. 1 )التحريم: ﴾مرضاة أزواجك والله غفور رحيمـادوا ليفتنونـــك عن الذي أوحينـــا إليـــك﴿ـ 6 ــ وإن ك

ــوال أن ــذوك خليال * ول ــره وإذا التخ ــا غي ــري علين لتفتيئا قليال * إذا ألذقنــاك ثبتناك لقد كــدت تــركن إليهم شـ ﴾ضعف الحياة وضعف الممات ثم ال تجد لك علينا نصيرا

(. 75 ـ 73)اإلسراء: ــأت بمــا غــل﴿ـ 7 وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل ي

بت وهم ال ــ ــا كس ــل نفس م ــوفى ك ــة ثم ت ــوم القيام ي(. 161 )آل عمران: ﴾يظلمون

ولنتأمل في هذه اآليات، ولننظر في مختلف األقوال الواردة في تفسيرها، ثم لنحكم، هل يمكن الخروج بنتيجــة نهائيــة مفادهــا

ه األكرم في كتابه المجيد؟! |أن الله تعالى يعاتب نبيل بــه﴿اآلية األولى: انك لتعجــ ك بــه لســ ر )القيامــة:﴾ال تحــ

16 )



، في سبب نزولها، أن رسول&ورد في تفسير الشيخ القميــاس، وأخــبرهم|الله دعا إلى بيعة علي يوم غدير خم، فلما بلغ الن

في علي ما أراد اللــه أن يخــبر، رجــع النــاس، فاتكــأ معاويــة على المغيرة بن شــعبة وأبي موســى األشــعري، ثم أقبــل يتمطى نحــو أهله، ويقول: ما نقر لعلي بالوالية أبدا، وال نصـدق محمـدا مقالتـه

فال صدق وال صلى * ولكن كذب﴿فيه. فأنزل الله جل ذكره: أولى ،﴾وتولى * ثم ذهب إلى أهله يتمطى * أولى لك فــ

ال﴿ المنبر وهو يريد الــبراءة منــه، فــأنزل اللــه |فصعد رسول اللهــه ل ب انك لتعجــ ــه لســ ك ب ر ، ولم|، فســكت رســول الله﴾تحــ

. (375)يسمهــه للقــرآن| أن النبي&ويرى الشيخ الطوسي كان؛ لشــدة حب

ك به لسانه، أي يقرأه مع جبرائيــل ، فنهــاه×الكريم، يتعجل فيحر. (376)الله سبحانه عن ذلك

ــيخ الطبرسي ــه الش ــق مع ــالى: &ويتف ــه تع ال﴿ في أن قولك به لسانك لتعجل به عن االستعجال، سواء| نهي للنبي﴾تحر

. (377)كان في تلقي الوحي أو في تبليغه أو في استنزاله أن هذه اآلية الشــريفة ومــا&وهكذا يرى العالمة الطباطبائي

أن يتأدب به حين يتلقى|حولها تتضمن أدبا إلهيا رفيعا، كلف النبيــرأ ما يوحى إليه من القرآن الكريم، فال يبادر إلى قراءة مــا لم يق

بعد، وال يحرك به لسانه، وينصت حتى يتم الوحي. م )المــيزان في ويقول العالمة الطباطبائي في تفســيره القي

ك به لسانك لتعجل به *﴿تفسير القرآن(: قوله تعالى: ال تحراتبع قرآنــه * ثم إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأنــاه فــ

ــا من:﴾إن علينا بيانه الذي يعطيه سياق اآليات األربع، بما يحفه اآليات المتقدمة والمتأخرة الواصفة ليوم القيامــة، أنهــا معترضــة،



أن يتــأدب بــه حين يتلقى مــا يــوحى|تتضمن أدبا إلهيا، كلف النبي إليه من القرآن الكريم، فال يبادر إلى قــراءة مــا لم يقــرأ بعــد، وال يحرك به لسانه، وينصــت حتى يتم الــوحي. ويمثــل العالمــة لــذلك بأنه يجري مجرى قول المتكلم منا أثناء حديثه لمخاطبــه، إذا بــادرــل أن يلفــظ إلى تتميم بعض كالم المتكلم باللفظة واللفظتين، قبد لإلنصــات، فيقطــع المتكلم بها المتكلم، وذلك يشــغله عن التجــر حديثه، ويعترض ويقول: ال تعجل بكالمي، وأنصت؛ لتفقه ما أنــزل

. (378)لك عن االســتعجال في إبالغ الــوحي هــو مــا|ونهي النبي األكرم

يراه الشيخ مكــارم الشــيرازي في هــذه اآليــة المباركــة. ويمضــي لقــد تضــمنت: »سماحته في الحديث عن هذا االستعجال، فيقــول

اآليات األخيرة دروسا تعليمية، ومن جملتها: النهي عن العجلة عندــون كالم ــيرا مــا لوحــظ بعض المســتمعين يقف ــوحي. وكث تلقي ال المتحدث أو يكلمونه قبل أن يتمه هو، وهذا األمر ناشــئ عن قلــة الصبر أحيانا، أو ناشئ عن الغرور وإثبات وجود أيضــا، وقــد يكــون العشق والتعلق الشديد بشيء جديد يدفع اإلنسان ــ أحيانـا ــ إلى هذا العمل، وفي هذه الحالة ينبعث عن حافز مقدس. غير أن هذا الفعل نفسه ـ أي العجلة ـ قد يحدث مشاكل أحيانــا. ولــذلك فقــد نهت اآليات آنفة الذكر عن العجلة، حتى ولو كان المراد أو الهدفــتي تنجــز ــو األعمــال ال من هــذا الفعــل صــحيحا. وأساســا ال تخل

باستعجال من العيب والنقص غالبا. ومن المسـلم بـه أن فعـل النـبي؛ لمـا كـان عليـه من مقـام العصمة، مصون من الخطأ، إال أنه ينبغي عليــه أن يكــون في كــل شيء مثال وقدوة للناس؛ ليفهم الناس أنه إذا كان االســتعجال فيذ فال ينبغي االســتعجال في األمــور األخــرى تلقي الوحي غــير محب



. (379)«من باب أولى أيضاري أهــل الســنة ويــورد ابن جريــر الطــبري، وهــو من مفســ وعلمــائهم، في تفســيره جــامع البيــان أقــوال عــدد من الصــحابة

ــل﴿والتابعين في تفسير قوله تعالى: ك به لسانك لتعج ال تحرــه األكــرم﴾به على اســتعجاله|، ومفادها أن الله سبحانه عـاتب نبي

. (380)في تلقي الوحيــبي ــمرقندي أن الن ــروي الس ــا ي ــإجراء|وفي م ــتعجل ب اس

القصاص على رجل لطم زوجته، من قبــل أن يــنزل عليــه الــوحيــون على﴿بالحكم في تلك الحادثة، بقوله تعالى: ام جال قو الر

. (381)﴾النساءن في اســتعراض األســباب المحتملــة ــه يتفن وأما الــرازي فإن

ــه﴿لهذا النهي في قوله تعالى: ل ب ك به لسانك لتعجــ ،﴾ال تحرــه تعــالى حكى عن»حتى يصل به الحــال أن يقــول: وخامســها: أن

ال وزر * إلى﴿الكافر أنه يقول: أين المفر؟، ثم قال تعالى: كالــه كــان12 ـ 11 )القيامة: ﴾ربك يومئذ المستقر (. فالكــافر كأن

ــك في طلب حفــظ يفر من الله تعالى إلى غيره، فقيل لمحمد: إن القرآن تستعين بالتكرار، وهذا استعانة منك بغير الله، فاترك هذه

.«الطريقة، واستعن في هذا األمر بالله... عن ارتكــاب^ويذكر الرازي في معرض تنزيه ساحة األنبيــاء

الذنوب أن هـذه اآليـة الشـريفة ممـا يســتدل بـه القـائلون بجـواز. (382)^صدور الذنب عن األنبياء

في تلقي الــوحي،|وأما اآللوسي فإنه يــرى أن تعجــل النــبي ، كــان يمكن أن يــؤدي إلى إشــغال×وذلــك بقراءتــه مــع جبرائيل

بكلمة عن سماع ما بعدها، ولذلك نهي عنه في قول|النبي األكرمك به لسانك لتعجل به﴿الله تعالى: . (383)﴾ال تحر



القول المختار ولكننا نقول: إن ســياق الســورة المباركــة ال يــأبى أن يكــون

ك به لسانك لتعجل به﴿المراد في قوله تعالى: هــو﴾...ال تحر قراءة الكافرين لكتبهم يوم القيامة. ويدل على ذلك ما قبــل هــذه اآليات الكريمة وما بعدها؛ إذ إن الحديث في السورة كلها، ابتــداء

وانتهاء، يدور حول يوم القيامة. ــب إلى ــيره، ونس ــول في تفس ــذا الق ــرازي ه ــر ال ــد ذك وق

فهذا وجه حســن، ليس» أنه عقب عليه، بعد أن ذكره: (384)القفال. «في العقل ما يدفعه، وإن كانت اآلثار غير واردة به

ــرأي، فقــال: ــائي هــذا ال ــة الطباطب ــر العالم وعن»وقــد ذكــرد القــرآن، ــه لم ي بعضهم في معنى هذه اآليــات الــذي اختــاره أن وإنما أراد قراءة العباد لكتبهم يوم القيامة. يدل على ذلك ما قبلهــه القــرآن، وال شــيء من وما بعده، وليس فيه شيء يــدل على أن أحكام الــدنيا. وفي ذلـك تقريـع وتـوبيخ لــه حين ال تنفعـه العجلـة،ك لسانك بما تقرأه من صحيفتك الــتي بهــا أعمالــك، يقول: ال تحر يعني اقرأ كتابك وال تعجل، فإن هذا الذي هــو على نفســه بصــيرةت؛ إذا رأى سيئاته ضجر واستعجل، فيقال له توبيخا: ال تعجل، وتثببع مــا جمــع لتعلم الحجة عليك، فإنا نجمعها لك، فــإذا جمعنــاه فــاتــه ال يمكنــك عليك، باالنقياد لحكمــه، واالستســالم للتبعــة فيــه، فإن

. «إنكاره، ثم إن علينا بيانه لو أنكرت، انتهىــول: ــرأي؛ إذ يق ــذا ال ــرده له ــة ل ــل العالم ولنتأمل في تعلي

ويدفعه أن المعترضة ال تحتــاج في تمــام معناهــا إلى داللــة ممــا»ــه: ــاكلة قول ــه، على أن مش ــدها علي ــا بع ــا وم وال تعجــل﴿قبله

ــه في ســياقه لهــذه﴾بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحي



د مشاكلته له في المعنى. اآليات تؤيــالقرآن﴿وقد تقدم في تفسير قوله: ــذا﴾وال تعجل ب أن ه

ــات من أن ــا ورد في الروايـ د مـ ــالقرآن يؤي ــل بـ النهي عن العجـ|للقرآن نزوال على النبي .(385)« دفعة، غير نزوله تدريجا

فالعالمة ال يخالف في أن سياق السورة المباركة يدور حولـه يـرى أن هـذه اآليـات معترضـة، القيامـة ومــا يجــري فيهـا، ولكن

|خارجة عن سياق السورة الكريمة؛ لتعلم النبي األكرم ا أدبا خاصــفي تلقيه الوحي.

وكذلك نرى أن الشيخ ناصر مكارم الشيرازي يقول، بعــد أنــة أقــوال: ــة ثالث ــذهبالثالثيذكر أن في تفسير هذه اآلي : ولم ي

إليه إال القليل، وهو أن المخاطبين في هذه اآليــات هم المــذنبون، وذلــك في يـوم القيامــة، حيث يــؤمرون بمحاســبة أنفســهم وذكــر أعمالهم، ويقال لهم: ال تعجلوا في ذلــك، ومن الطــبيعي في ذلــكــا ــد ذكــرهم لســيئاتهم، ويمــرون عليه أنهم ســوف يتضــجرون عن باستعجال، فيؤمرون بالتأني في قراءتها، واتباع المالئكة عند ذكــر

المالئكة ألعمالهم. وطبقا لهذا التفسير ال تكون هذه اآلية كجملــة معترضــة، بــلــا تتحــدث عن مرتبطة مع اآليات السابقة والالحقة لها، ألن جميعه أحــوال القيامــة والمعــاد، وأمــا التفســير األول والثــاني فيناســبان

شكل الجملة المعترضة. ة مــع االلتفــات إلى ذكــر ولكن التفسير الثــالث بعيــد، وخاصــ اســم القــرآن في اآليــات الالحقــة. ويشــير ســياق اآليــات إلى أن

المراد هو أحد التفسيرين السابقين. وال إشكال في الجمــع بينهمــا، بــالرغم من أن ســياق اآليــات

د التفسير األول، أي المشهور . (386)الالحقة يؤي



ر ولنا وقفة تأمل مع هذا الكالم. فالعالمــة الطباطبــائي يفســ كلمة )قرآنه( في هذه اآلية الكريمة بنحو آخــر، إذ يقــول: وقولــه:

ــه﴿ ــا مصــدر، كالفرقــان﴾:إن علينا جمعــه وقرآن القــرآن هاهن والرجحان، والضميران للوحي. ال تعجل به؛ إذ علينــا أن نجمــع مــا

ــه عليك ــه إلى بعض، وقراءت ــم بعض أجزائ ــك بض ــه إلي .(387)نوحي فالمقصود من كلمة )قرآنه( ـ كما يفهمه العالمة ـ هــو جمــع بعض

. |أجزائه إلى بعضه اآلخر، وقراءته على النبي األكرم ثم إنـه يحق لنا أن نتساءل عـن مدى خطورة هذه القضــية ـــتي ــية ال ــون القض ــ؛ إذ يجب أن تك ــالقرآن ـ ــبي ب اســتعجال الن |تستوجب نزول آيات معترضة سياق السورة لتعاتب النبي األكرم

بدرجة كبيرة جدا من الخطورة. وهــل فعال يوافــق العالمــة على مــا طرحــه اآللوســي من أن

للــوحي النــازل عليــه|ذلك من شأنه أن يخل بتلقي النــبي األكــرم في|من ربه؟! وكيف يكون ذلك مع القول بعصــمة النــبي األكــرم

تلقي الوحي؟! من أبـــرز القـــائلين بـــالنزولين: التـــدريجي؛&ثم إن العالمة

يفــترض بــه أن|والدفعي، للقــرآن الكــريم، وهــذا يعــني أن النــبي يفــترض|يعرف محتوى القرآن الكريم، ولو بنحو اإلجمــال، أي إنه

ــل به أن يعرف أن الله تعالى يريد منه أن ال يعجل بالقرآن من قبأن يقضى إليه وحيه.

ه النــبي إلى هــذه|أضف إلى ذلــك أن القــرآن الكــريم قــد نبــه ســبحانه: فتعــالى اللــه﴿المســألة في ســورة طــه، في قول

ــك الملك الحق وال تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إلي (، فإذا قلنــا بــأن هــذه114 )طه: ﴾وحيه وقل رب زدني علما

ك به لسانك لتعجل به﴿اآلية هه16 )القيامة: ﴾ال تحر ( أيضا تنب



ر صدور هذا إلى المسالة نفسها، وتعاتبه فيها، فهل يعني ذلك تكر رغم التنبيه؟! |الفعل منه

فمع األخذ في االعتبار أن سورة القيامة هي السورة الحاديةــزوال، والثالثون نزوال، كما أن سورة طه هي الخامسة واألربعون نــك ــل نفهم من ذل وكلتاهما مكيتان، وبينهما أربعة عشر سورة، فه

على اسـتعجاله الـوحي،|أن سورة القيامــة عـاتبت النـبي األكـرم لم يرتدع، بل أعاد الفعل المنهي عنــه أخــرى، فــنزلت آيــة|ولكنه

ر معاتبته ؟! سبحانك، هذا بهتان عظيم. |سورة طه؛ لتكرــذا ــ ــائلين أن ه ــ ــذكرها بعض الق ــ ــتي ي ــ رات ال ــبر ــ ومن الم

للوحي، وتحريك لســانه بقراءتــه من|االستعجال من النبي األكرمـه، ألنه ـ ــه وحي ــى إلي ــل أن يقض ــاه، وال|قب ــى أن ينس ــان يخش ك

. (388)يحفظه...|ولست أدري هل يقصدون بذلك أن النبي األكرم ليس واثقا

سنقرئك فال﴿من وعــد اللــه تعــالى لــه؛ إذ يقــول لــه ســبحانه: ى ــة، وهي6 )األعلى: ﴾تنســ ــورة األعلى مكي ــوم أن س (. والمعل

الثامنة نزوال، فهي قبل نزول سورة القيامة، وسورة طه، بكثير.

(43 )التوبة: ﴾عفا الله عنك لم أذنت لهم...﴿اآلية الثانية: رين في بيان المقصود من هذه ومن بين جميع أقوال المفس

من كــل|اآلية الكريمــة يــأتي القــول بتنزيــه ســاحة النــبي األكــرم شائبة أو نقص أو خطــأ أو مخالفــة للــه تعــالى، بــل وحــتى توجيــه

ــبي األكــرم ــاب إلى الن رين|العت د بعض المفســ ــترك األولى، يؤك لاألكابر على استبعاده.

فهذا الشيخ القمي يذكر أن هذه اآلية الكريمة نزلت بلسان:.«إياك أعني، واسمعي يا جارة»



ــام الرضا&وقد ذكر الشيخ الحويزي ــا× رواية عن اإلم ، ينقله بإسناده إلى علي بن محمد بن الجهم،»: ×عن عيون أخبار الرضا

ــأمون:×قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا ، فقال له الم يا بن رسول الله، أليس من قولك: إن األنبيــاء معصـومون؟ قـال:

: ا الله عنــك﴿بلى...، قال: فأخبرني عن قول الله عز وجــل عفـــاك أعــني،×؟ قــال الرضا﴾لم أذنت لهم ـ : هــذا ممــا نــزل بإي

ه ، وأراد بـه أمتـه،|واسمعي يا جارة. خاطب اللـه تعـالى بـذلك نبي : لئن أشركت ليحبطن عملــك﴿وكــذلك قــول اللــه عــز وجــل

ــه: ﴾ولتكونن من الخاسرين د﴿، وقول ــاك لقــ ــوال أن ثبتن وليئا قليال قــال: صــدقت يــا بن رســول﴾كدت تــركن إليهم شــ

. (389)«الله ؛ إذ يقول:&وهذا القول هو ما يذهب إليه العالمة الطباطبائي

واآلية ـ كما ترى، وتقدمت اإلشارة إليه ـ في مقام دعوى ظهــور» كذبهم ونفاقهم، وأنهم مفتضحون بأدنى امتحان يمتحنون به. ومنــاب إلى المخــاطب، وتوبيخــه، ــاء العت ــام إلق مناســبات هــذا المق واإلنكار عليه، كأنه هو الذي ســتر عليهم فضــائح أعمـالهم، وســوءن بــه ظهــور األمــر سريرتهم. وهــو نــوع من العنايــة الكالميــة يتــبيــان على ــك. فهــو من أقســام البي ــد من ذل ــراد أزي ووضــوحه، ال ي

. «طريق: إياك أعني، واسمعي يا جارةــدليل على هــذا الــذي»ويستدل العالمة لرأيه هذا بقوله: وال

ــات: ــد ثالث آي ــالى، بع ــه تع ــا قول ــو خرجــوا فيكم مــا﴿ذكرن لعوا خاللكم يبغـــونكم الفتنـــة خبـــاال وألوضـــ زادوكم إال

اعون لهم إلى آخر اآليتين. ،﴾وفيكم سم فقد كــان األصــلح أن يــؤذن لهم في التخلف؛ ليصــان الجمــعن أن يقعــدوا فال ق الكلمــة. والمتعي من الخبال وفساد الرأي وتفــر



يفتنوا المؤمنين بإلقاء الخالف بينهم والتفتين فيهم، وفيهم ضعفاءــرعون إلى ــماعون لهم، يس ــوب، وهم س ــى القل ــان ومرض اإليم المطاوعة لهم، ولو لم يؤذن لهم، فأظهروا الخالف، كــانت الفتنــة

ق في كلمه الجماعة أوضح وأبين. أشد، والتفرــه لم لم يكــف عن فكيف يصح أن يعاتب هاهنا عتابا جــديا بأنــيز ــاقهم، ويمـ ن لهم نفـ ــبي ــالهم، حتى يتـ ــتعلم حـ اإلذن، ولم تسـ المنـــافقين من المؤمـــنين؟! فليس المـــراد من العقـــاب إال مـــا

. (390)«ذكرناه وهذا ما يحتمله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي؛ إذ يقول: كما يحتمل في تفسير اآلية أن العتاب من الخطاب المذكور آنفــا إنمــا

«،تــرك األولى»هو على ســبيل الكنايــة، ولم يكن في األمــر حتى بل المراد بيان روح النفاق في المنافقين، ببيان لطيف وكناية في

المقام. ويمكن أن يتضــح هــذا الموضــوع بــذكر مثــال. فلنفــرض أن ظالما يريد أن يلطم وجه ابنك، إال أن أحــد أصــدقائك يحــول بينــه وبين مراده، فيمسك يده، فقد تكون راضيا عن سلوكه هــذا، وبــل وتشعر بالسرور الباطني، إال أنك؛ وإلثبات القبح الباطني للطــرف المقابل، تقول لصديقك: لم ال تركته يضربه على وجهه ويلطمــه؟ وهدفك من هذا البيــان إنمــا هــو إثبــات قســاوة قلب هــذا الظـالم

.(391)ونفاقه، الذي ورد في ثوب عتاب الصديق ومالمته من قبلك؟ وجاء في تفسير ابن الجوزي: وقال ابن األنباري: لم يخاطب بهذا لجــرم أجرمــه، لكن اللــه وقره، ورفــع من شــأنه، حين افتتح

كما يقول الرجل لمخاطبــه﴾عفا الله عنك﴿الكالم بقوله تعالى: إذا كان كريما عليه: عفا الله عنك، ما صنعت في حاجتي؟ ورضي

. (392)الله عنك، هال زرتني



ــه على عصــمة ــة الروعــة، يســتدل ب ــرازي كالم في غاي ولل عن تــرك^، وهو يكفي أيضا للداللة على تنزيــه ســاحتهم^األنبياء

إنهم كانوا يسارعون﴿وثامنها: قوله تعالى: »األولى؛ إذ يقول: (، ولفظ الخــيرات للعمــوم، فيتنــاول90 )األنبياء: ﴾في الخيرات

الكــل، ويــدخل فيــه فعــل مــا ينبغي وتــرك مــا ال ينبغي، فثبت أن األنبياء كانوا فاعلين لكل مــا ينبغي فعلــه، وتــاركين كــل مــا ينبغي

تركه، وذلك ينافي صدور الذنب عنهم. طفين﴿وتاسعها: قوله تعــالى: وإنهم عنــدنا لمن المصــ

(. وهذا يتناول جميــع األفعــال والــتروك؛ بــدليل47 )ص: ﴾األخيارــار، إال في ــتثناء، فيقــال: فالن من المصــطفين األخي جــواز االس الفعلة الفالنية. واالستثناء يخرج من الكالم ما لــواله لــدخل تحتــه،

. (393)«فثبت أنهم كانوا أخيارا في كل األمور

رى﴿اآليــة الثالثــة: ـان لنبي أن يكــون لــه أســ ﴾...مــا كـ( 67)األنفال:

يقول العالمة الطباطبائي في تفنيد قــول من قــال بــأن اللــه وأما قوله: ومن عتابه» في هذه اآلية المباركة: |يعاتب نبيه األكرم

في خطئه في اجتهاده ما تقــدم في ســورة األنفــال، من|لرسولهـان لنبي﴿عتابه في أخذ الفدية من أسارى بدر، حيث قال: ما كـ اآلية، ففيه: ﴾...أن يكون له أسرى حتى يثخن في األرض

ن الذي ال يرتــاب فيــه أنأوال : إنه من سوء الفهم. فمن البي اآلية بلفظها ال تعاتب على أخــذ الفديــة من األســرى، إنمــا تعــاتب

رى﴿على نفس أخذ األسرى: ،﴾ما كان لنبي أن يكون له أســر،|ولم تنزل آية، وال وردت رواية، في أن النبي ــ كان أمرهم باألس

لما أمر بقتل بعض األسرى|بل روايات القصة تدل على أن النبي



خاف الناس أن يقتلهم عن آخرهم، فكلموه وألحوا عليــه في أخــذ الفدية منهم؛ ليتقووا بذلك على أعداء الــدين، وقــد رد اللــه عليهم

. ﴾تريدون عرض الدنيا والله يريد اآلخرة﴿ذلك بقوله: وهذا من أحســن الشــواهد على أن العتــاب في اآليــة متوجه

، أو يشــاركهم|إلى المؤمنين خاصة، من غــير أن يختص بــه النــبي فيه. وإن أكــثر مــا ورد من األخبــار في هــذا المعــنى موضــوعة أو

. (394)«مدسوسة

ــة: ــة الرابع اه﴿اآلي ــه أحــق أن تخشــ ى الناس والل ﴾وتخشــ( 37)األحزاب: أي مظهره.﴾وتخفي في نفسك ما الله مبديه﴿وقوله:

ذيــل اآليــات، أعــني﴾وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه﴿ون﴿قوله: ــ الذين يبلغون رساالت الله ويخشونه وال يخش

الله ــاس لم تكن خشــية في|، دليل على أن خشيته﴾أحدا إال النــه لــو أظهــره الله، فأخفى في نفسه ما أخفاه؛ استشــعارا منــه أن ــرا ــك أث ر ذل عابه الناس، وطعن فيه بعض من في قلبه مرض، فأث سيئا في إيمــان العامـة. وهـذا الخـوف ــ كمـا تـرى ــ ليس خوفـا مذموما، أو خوفــا في اللــه، بــل هــو في الحقيقــة خــوف من اللــه

سبحانه. ى الناس﴿فظــاهر العتــاب الــذي يلــوح من قولــه: وتخشــ

مســوق النتصــاره، وتأييــد أمــره، قبــال﴾والله أحق أن تخشاه طعن الطاعنين ممن في قلوبهم مرض. نظير: ما تقدم في قوله:

ــك الذين﴿ ــك لم أذنت لهم حتى يتبين لـ ــه عنـ ا اللـ ــ عفـ(. 43 )التوبة: ﴾صدقوا وتعلم الكاذبين

ومن الدليل على أنه انتصار وتأييـد في صـورة العتـاب قولـه



ا قضى زيد منها وطرا زوجناكها﴿بعد: ، حيث أخبر عن﴾فلم واختيــاره، ثم قولــه:|تزويجه إياها كأنه أمر خارج عن إرادة النــبي

﴿ . ﴾وكان أمر الله مفعوال لكي ال يكون على المؤمنين حرج في أزواج﴿وقوله:

وا منهن وطــرا تعليــل للــتزويج ومصــلحة﴾أدعيائهم إذا قضــ﴿للحكم. وقوله: مشــير إلى تحقيــق﴾وكان أمــر اللــه مفعــوال

ــبي ــه|الواقع وتأكيد للحكم. ومن ذلك يظهر أن الذي كان الن يخفيــه الشــديد في نفسه هو ما فرض اللــه أن يتزوجهــا، ال هواهــا وحبرين، واعتــذروا لها، وهي بعد مزوجة، كما ذكــره جمــع من المفســ

عنه بأنها حالة جبلية، ال يكاد يسلم منها البشر؛ فإن فيه: : منع أن يكون بحيث ال يقوى عليه التربية اإللهية. أوال

: إنه ال معنى حينئذ للعتــاب على كتمانــه وإخفائــه فيوثانياب ــاس، والتشــب ــل الن ــذكر حالئ ــوز في االســالم ل نفســه، فال مج

. (395)بهن وفي مقابل هذا التفسير نقــرأ للطــبري قولــه: يقــول تعــالى

؛ عتابا من الله له: واذكر يا محمد إذ تقــول للــذي أنعم|ذكره لنبيه الله عليــه بالهدايــة، وأنعمت عليــه بــالعتق، يعــني زيــد بن حارثــة،

ق الله. |مولى رسول الله : أمسك عليك زوجك، وات ،|وذلــك أن زينب بنت جحش في مــا ذكــر رآهــا رســول الله

فأعجبته، وهي في حبال مواله، فألقي في نفس زيد كراهتها؛ لمــا علم الله مما وقع في نفس نبيه ما وقع، فأراد فراقها، فذكر ذلــك

ك عليـك زوجــك،| زيـد، فقــال لـه رسـول الله|لرسول الله : أمســق اللــه وخــف اللــه|وهو يحب أن تكون قد بانت منه؛ لينكحها، وات

في الواجب له عليك في زوجتك. ــول: وتخفي في﴾وتخفي في نفسك ما الله مبديه﴿ يق



نفسك محبة فراقه إياها؛ لتتزوجها إن هــو فارقهــا، واللــه مبــد مــاتخفي في نفسك من ذلك.

اه﴿ ــالى﴾وتخشى الناس والله أحق أن تخشــ ــول تع يق ذكره: وتخاف أن يقول النــاس: أمــر رجال بطالق امرأتــه، ونكحهــا

حين طلقها، والله أحق أن تخشاه من الناس. يــا للعجب ال يعــرف المــرء ألي جــزء من هــذا الكالم يحملــه

على محمل الخير!! فكله ال يقبل كل محامل الخير... ولست أدري هل يقبل هؤالء أن يقال: إن إمام أحد المساجدب بزوجــات المؤمــنين الــذين يصــلون خلفــه، ويــرغب في أن يشب

يطلق الواحد منهم زوجته؛ لينكحها من بعده؟! ــه األكــرم ــه يهــوى|ثم كيف يأمر الله نبي أن يظهــر للنــاس أن

زوجة رجل مؤمن، وأنه يرغب أن لو يطلقها؛ ليتزوجها من بعده. انظروا إلى أي درجة من االنحطاط يصــل اإلنســان بابتعــادهــه ليصــور ســيد األنبيــاء عن ينابيع العلم والمعرفــة الحقــة، حتى إن وخــاتم المرســلين، الــذي يزكيــه اللــه تبـارك وتعــالى، ويقــول في

ــه: إنك لعلى﴿(، و4 )القلم: ﴾وإنك لعلى خلـــق عظيم﴿مدحـتقيم ــه ذو لســانين، يبطن67 )الحج: ﴾هــدى مســ (، يصــوره بأن

شيئا قبيحا ويظهر خالفه؛ خشية من الناس! سبحانك اللهم، هذا بهتان عظيم...

ــك﴿اآلية الخامسة: م مــا أحــل اللــه ل ر يا أيها النبي لم تحــ(1 )التحريم: ﴾تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم

في قولــه×أورد الشيخ القمي في تفسيره عن أبي عبد اللهــك﴿تعالى: م ما أحــل اللــه ل ــة،﴾...يا أيها النبي لم تحر اآلي

وهــو مــع ماريــة، فقــال|قال: اطلعت عائشة وحفصة على النــبي. (396): والله ما أقربها، فأمره الله أن يكفر يمينه|النبي



يا أيها النبي لم﴿ويقول العالمة الطباطبائي: قوله تعالى: م ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور تحر

لنفسه بعض ما أحل الله| خطاب مشوب بعتاب؛ لتحريمه﴾رحيمن مــا هــو؟ ومــاذا كــان؟ غــير أن ح تعالى به، ولم يــبي له، ولم يصر

ــه: اة أزواجــك﴿قول ــ ــان عمال من﴾تبتغي مرض ـه ك ـ ــومي أن يلة التي يقترفها النــبي قن|األعمال المحل ال ترتضــيه أزواجــه، فضــي

ــه؛ حتى أرضــاهن بــالحلف على أن يتركــه وال يــأتي بـه عليه، وآذينبعد.

علق الخطاب والنداء بوصف النبي،﴾يا أيها النبي﴿فقوله: دون الرســول؛ الختصاصــه بــه في نفســه، دون غــيره؛ حتى يالئم

وصف الرسالة. م مـا أحـل اللــه لـك﴿وقوله: المــراد بــالتحريم:﴾لم تحر

ب إلى الحرمة بالحلف، على ما تدل عليه اآلية التاليـة؛ فـإن التسب | اآليــة أنه﴾...قد فرض الله لكم تحلة أيمــانكم﴿ظاهر قوله:

حلف على ذلك، ومن شأن اليمين أن يوجب عـروض الوجـوب إن كان الحلف على الفعل، والحرمة إن كان الحلف على الــترك. وإذ

م مــا أحــل اللــه لــه|كان حلف على ترك ما أحل الله له فقــد حــر على نفســه الحرمــة في|بالحلف، وليس المراد بالتحريم تشريعه

ما شرع الله له فيه الحلية، فليس له ذلك. ــك﴿وقولــه: اة أزواج ــ أي تطلب بــالتحريم﴾تبتغي مرض

م...﴿رضاهن، بدل من ، أو حال من فاعله. ﴾تحرــة متوجه إليهن، ــاب بالحقيقـ ــة على أن العتـ ــة قرينـ والجملـ

ده قولــه خطابــا لهمــا: غت﴿ويؤي د صــ إن تتوبــا إلى اللــه فقــ. (397)﴾والله غفور رحيم﴿ اآلية، مع قوله فيه: ﴾...قلوبكما

ويقول الشــيخ مكـارم الشــيرازي: البدايــة كــانت خطابـا إلى



ــك تبتغي﴿الرسول م مــا أحــل اللــه ل يا أيها النبي لم تحر ومن الواضــح أن هــذا التحــريم ليس تحريمــا﴾.مرضاة أزواجك

م من قبـل شرعيا، بل هو ـ كما يستفاد من اآليات الالحقــة ــ قسـم على تــرك بعض الرســول الكــريم، ومن المعــروف أن القســ

المباحات ليس ذنبا. ــة ــإن جمل ــذا ف ــاء على ه م﴿وبن ر ــوبيخ﴾لم تحــ ــأت كت لم ت

وعتاب، وإنما هي نــوع من اإلشــفاق والعطــف، تمامــا كمــا نقــول لمن يجهد نفسه كثيرا؛ لتحصيل فائدة معينة من أجــل العيش، ثم ال يحصل عليها، نقــول لـه: لمــاذا تتعب نفســك وتجهــدها إلى هــذا الحد دون أن تحصل على نتيجة توازي ذلك التعب؟ ثم يضيف في

، وهذا العفــو والرحمــة إنمــا هــو﴾والله غفور رحيم﴿آخر اآلية: ــل ــ ــك العم ــ بن ذل ــول الالتي رت ــ ــات الرس ــ ــاب من زوج ــ لمن ت

. (398)وأعددنهــادة، قولــه: ا﴿ويقــول الطــبري في تفســيره: عن قت يا أيهــ

ك اة أزواجــ م ما أحل الله لك تبتغي مرضــ ﴾النبي لم تحرمها عليــه، وحلــف ال يقربهــا، فعــوتب قال: كان الشعبي يقول: حر

في التحريم، وجاءت الكفارة في اليمين. م ما أحــل﴿قال ابن زيد في قوله: يا أيها النبي لم تحر

رســول| قال: إنه وجــدت امــرأة من نســاء رســول الله﴾الله لك مع جاريته في بيتها، فقــالت: يــا رســول اللــه، أنى كــان هــذا|الله

: اســكتي، ال|األمر، وكنت أهونهن عليــك؟ فقــال لهــا رســول اللهــدا، فقــالت: تذكري هذا ألحد، هي علي حرام إن قربتها بعد هذا أبم عليك ما أحل الله لك، حين تقول: هي يا رسول الله، وكيف تحر

ــه: ــدا، فقــال الل ا﴿علي حرام أبدا؟ فقال: والله، ال آتيها أب يا أيهــم ما أحل الله لك اآلية، قد غفرت هذا لــك،﴾...النبي لم تحر

ــه( قد فــرض اللــه لكم تحلة أيمــانكم واللــه﴿وقولك: )والل ، السـنة السابعة، ربيع27 ـ 26ـ العـددان االجتهاد والتجديد258



. (399)﴾موالكم وهو العليم الحكيم يا سبحان الله...، أيصل األمر بهؤالء القوم أن يجعلوا واحــدة

؛ إذ تقول له استنكارا: كيف| أعلم من رسول الله|من نساء النبيم ما أحل لك؟! وتنزل اآلية الكريمة لتصدق قول تلك المــرأة، تحر

ــه| على هذا التحريم، ولتقول له|فتعاتب النبي األكرم : قد غفر الللك...، كما ورد في هذا التفسير!

ــة السادســة: ــا﴿اآلي ــك عن الذي أوحين وإن كــادوا ليفتنونــوال أن ــره وإذا التخــذوك خليال * ول ــا غي إليك لتفتري علينــاك يئا قليال * إذا ألذقن ــركن إليهم شــ ــدت ت د ك ــاك لقــ ثبتن يرا ــا نصــ ــك علين ﴾ضعف الحياة وضعف الممات ثم ال تجد ل

( 75 ـ 73)اإلسراء: يذكر الشيخ الحــويزي في تفســيره، عن عيــون األخبــار، في

× عند المأمون في عصمة األنبياء×باب ذكر مجلس الرضا ، حــديثا : فأخبرني عن قول اللــه تعــالى:×طويال يقول فيه المأمون للرضا

ــك لم أذنت لهم﴿ ــزل× قــال الرضا﴾عفا الله عن ــا ن : هــذا ممه ،|بإياك أعني، واســمعي يــا جــارة، خــاطب اللــه تعــالى بــذلك نبي

: ركت ليحبطن﴿وأراد به أمته، وكذلك قوله عــز وجــل لئن أشــــالى: ﴾عملك ولتكونن من الخاسرين ــه تع ــوال أن﴿، وقول ول

ــا﴾ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليال ، قال: صــدقت يبن رسول الله.

في أصول الكافي: محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمــد،ــد الله ــير، عن أبي عب ــه بن بك ــد الل ×عن علي بن الحكم، عن عب

قال: نزل القرآن بإياك أعني، واسمعي يا جارة. قــال: معنــاه مــا عتب×وفي رواية أخــرى عن أبي عبــد الله

الله عز وجل به على نبيه فهو يعني به ما قــد قضــى في القــرآن،﴿مثل: قوله: يئا ــركن إليهم شــ ولوال أن ثبتناك لقد كدت ت



. (400)، عنى بذلك غيره﴾قليالــاك﴿ونقرأ في تفسير الميزان: قوله تعالى: ــوال أن ثبتن ول

يئا قليال : التثــبيت ـــ كمــا يفيــده﴾لقد كــدت تـركن إليهم شــ لقد﴿السياق ـ هو العصــمة اإللهيــة. وجعــل جــواب )لــوال( قولــه:

دون نفس الركون ـــ والركــون هــو الميــل، أو أدنى﴾كدت تركن لم يركن، ولم يكد. |الميل، كما قيل ـ دليل على أنه

ده إضافة الركــون إليهم، دون إجــابتهم إلى مــا ســألوه. ويؤكتناك بعصــمتنا دنــوت من أن تميــل إليهم قليال، والمعنى: لوال أن ثب لكنا ثبتناك فلم تــدن من أدنى الميــل إليهم، فضــال عن أن تجيبهم

|إلى ما سألوا، فهو لم يجبهم إلى ما ســألوا، وال مــال إليهم شــيئا. (401)قليال، وال كاد أن يميل

وفي تفسـير األمثـل نقـرأ: بـالرغم من أن بعض الســطحيين أرادوا االستفادة من هذه اآليات لنفي العصمة عن األنبياء، وقالوا:ــا، إن ــة به ــنزول المرتبط ــباب ال ــات أعاله، وأس ــا لآلي ـه؛ طبق ـ إن

قد أبدى ليونة إزاء عبدة األصــنام، وأن اللــه عاتبــه على|الرسول ذلــك. إال أن هــذه اآليــات صــريحة في إفهــام مقصــودها، بحيث ال تحتاج إلى شواهد أخرى على بطالن هــذا النــوع من التفكــير؛ ألن

د كـدت﴿اآليــة الثانيــة تقــول وبصــراحة: ولـوال أن ثبتنـاك لقـيئا قليال ــركن إليهم شــ ــذي﴾.ت ــبيت اإللهي، وال ــوم التث ومفه

من التوجه إلى مزالق عبدة|نعتبره بأنه العصمة، منع رسول الله مــال إلى|األصــنام. وال يعــني ظــاهر اآليــة ـــ في حــال ـــ أنه

. (402)المشركين، ثم نهي عن ذلك بوحي من الله تعالى وفي مقابل هذا الرأي نجد ابن جرير الطبري ينقل لنا أقــواال

يســتلم الحجــر|أخرى؛ إذ يقول: عن سعيد، قال: كان رسول الله األسود، فمنعته قريش، وقــالوا: ال ندعــه حتى يلم بآلهتنــا، فحــدث



نفسه، وقال: ما علي أن ألم بها بعــد أن يــدعوني أســتلم الحجــر، وإن كادوا﴿والله يعلم أني لهــا كــاره، فــأبى اللــه، فــأنزل اللــه:

﴾...ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتــري علينــا غيـرهاآلية.

ــركن إليهم﴿وعن قتادة: ــدت ت د ك ولوال أن ثبتناك لقــــة إلى|: ذكر لنا أن قريشا خلوا برسول الله﴾شيئا قليال ذات ليل

الصبح، يكلمونه ويفخمونه ويسودونه ويقاربونه، وكان في قــولهم أن قالوا: إنك تأتي بشيء ال يأتي به أحد من النــاس، وأنت ســيدنا وابن سيدنا، فما زالوا يكلمونه حتى كاد أن يقارفهم، ثم منعه الله

ــركن﴿وعصمه من ذلك، فقال: ــدت ت د ك ولوال أن ثبتناك لقــ. (403)﴾إليهم شيئا قليال

ويذكر الطــبري في محــل آخــر من تفســيره، عن محمــد بن في نــاد|كعب القرظي ومحمد بن قيس، قــاال: جلس رســول الله

من أنديــة قــريش كثــير أهلــه، فتمنى يومئــذ أن ال يأتيــه من اللــه والنجم إذا هــوى * مــا﴿شيء فينفروا عنه، فأنزل اللــه عليــه:

ــا رســول الله﴾ضل صاحبكم وما غــوى ــغ|، فقرأه ، حتى إذا بلــة األخــرى﴿ ــاة الثالث ى * ومن رأيتم الالت والعــز ألقى﴾أفــ

ــفاعتهن ــة العلى، وإن ش ــك الغرانق ــتين: تل ــيطان كلم ــه الش علي لترجى، فتكلم بها، ثم مضى فقرأ السورة كلهــا، فســجد في آخــر السورة، وسجد القوم جميعا معه، ورفع الوليــد بن المغــيرة ترابــا إلى جبهته فسجد عليه، وكان شيخا كبــيرا ال يقــدر على الســجود، فرضوا بما تكلم به، وقالوا: قد عرفنا أن الله يحــيي ويميت، وهــوــا الذي يخلق ويرزق، ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده؛ إذ جعلت له

، فعرض عليــه×نصيبا، فنحن معك. قاال: فلما أمسى أتاه جبرائيل السورة، فلما بلغ الكلمتين اللتين ألقى الشــيطان عليــه قــال: مــا

: افــتريت على اللــه، وقلت على|جئتك بهاتين، فقــال رســول الله ، الســـنة الســابعة، ربيــع وصــيف27 ـ 26ـ العـــددان االجتهــاد والتجديد

261هـ1434م ـ 2013


ــه: ــه إلي ــك عن﴿الله ما لم يقل، فأوحى الل وإن كادوا ليفتنونــره ــا غي ــري علين ــك لتفت ــه: الذي أوحينا إلي ، إلى قول ثم ال

. (404)﴾تجد لك علينا نصيراــه أشــد النفي، وقد تصدى الرازي للرد على هذا القول، ونفي مســتعينا في ذلــك باألدلــة العقليــة والنقليــة من القــرآن والســنة الشريفة؛ إذ يقول: ذكر المفسرون في سبب نزول هــذه اآليـة أن

لمــا رأى إعــراض قومــه عنــه، وشــق عليــه مــا رأى من|الرسول مباعدتهم عما جاءهم به، تمنى في نفســه أن يــأتيهم من اللــه مــا يقارب بينه وبين قومه؛ وذلك لحرصــه على إيمــانهم، فجلس ذات يوم في ناد من أندية قريش كثــير أهلــه، وأحب يومئــذ أن ال يأتيــه من الله شيء فينفروا عنه، وتمنى ذلك، فأنزل الله تعالى ســورة

ــغ|(، فقرأهــا رســول الله1 )النجم: ﴾والنجم إذا هوى﴿ ، حتى بلى * ومنــاة الثالثــة األخــرى﴿قولــه: ﴾أفرأيتم الالت والعــز

(، فألقى الشيطان على لســانه: )تلــك الغرانيــق20 ـ 19)النجم: العلى، منها الشفاعة ترتجى(، فلما سمعت قــريش ذلــك فرحــوا،

ــا، فســجد،|ومضــى رســول الله في قراءتــه، فقــرأ الســورة كله وسجد المسلمون؛ لســجوده، وســجد جميـع من في المســجد من المشركين، فلم يبق في المسجد مؤمن وال كافر إال سجد، ســوى الوليد بن المغــيرة وأبي أحيحــة ســعيد بن العاصــي، فإنهمــا أخــذا حفنــة من الــتراب من البطحــاء ورفعاهــا إلى جبهتيهمــا، وســجداقت عليها؛ ألنهما كانا شيخين كبيرين، فلم يستطيعا السجود. وتفرهم مــا ســمعوا، وقـالوا: قـد ذكــر محمـد آلهتنـا قـريش، وقـد ســر

ــاذا× أتاه جبريل|بأحسن الذكر، فلما أمسى رسول الله ــال: م فقــك بــه عن اللــه، وقلت مــا لم صنعت؟! تلوت على الناس ما لم آت

|أقل لك؟! فحزن رسول الله حزنا شديدا، وخــاف من اللــه خوفــالنا من قبلــك من﴿عظيما، حتى نــزل قولــه تعــالى: وما أرســ



يطان في إذا تمنى ألقى الشــــــ ول وال نبي إال رســــــــل﴾...أمنيته رين الظاهريين، أما أه اآلية. هذا رواية عامة المفس

التحقيق فقد قالوا: هذه الرواية باطلــة موضــوعة، واحتجــوا عليــه. (405)بالقرآن والسنة والمعقول

ــبي في ــه القرط ــا كتب ــرأ م ــة لنق ــة الكريم ــود إلى اآلي ونع تفسيرها، الذي بعد أن يذكر أقواال من شــاكلة مــا نقلــه الطــبري،

، وباطنــه أخبــار عن ثقيــف.|يقول: وقيــل: ظــاهر الخطــاب للنــبي والمعنى: وإن كادوا ليركنونك، أي كادوا يخـبرون عنـك بأنـك ملتــل: ــول لرج إلى قولهم، فنسب فعلهم إليه مجازا واتساعا، كما تقــره كدت تقتل نفسك، أي كاد الناس يقتلونك؛ بسبب ما فعلته، ذك

المهدوي. ــان رســول الله ــاس: ك ــال ابن عب ــذا|وق معصــوما، ولكن ه

تعريف لألمة بأن ال يركن أحد منهم إلى المشركين في شـيء من.(406)أحكام الله تعالى وشرائعه

( 161 )آل عمران: ﴾وما كان لنبي أن يغل﴿اآلية السابعة: وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما﴿وأما قوله:

فــإن هــذه نــزلت في حــرب بــدر، وهي مــع﴾غل يوم القيامــة اآليات التي في األنفال في أخبار بدر، وقد كتبت في هذه السورة

مع أخبار أحد. وكان سبب نزولها أنه كان في الغنيمة التي أصابوها يوم بدر

: مــا|قطيفة حمراء، ففقدت، فقال رجل من أصحاب رســول الله أخذها، فأنزل اللــه|لنا ال نرى القطيفة، ما أظن إال أن رسول الله

ـان لنبي أن يغـل﴿في ذلــك اآليــة، فجــاء رجــل إلى﴾ ...وما ك رسول الله، فقال: إن فالنا غــل قطيفــة، فأخبأهــا هنــا لــك، فــأمر

. (407) بحفر ذلك الموضع، فأخرج القطيفة|رسول الله ، الســـنة الســابعة، ربيــع وصــيف27 ـ 26ـ العـــددان االجتهــاد والتجديد

263هـ1434م ـ 2013


ومــا كــان لنبي﴿ويقول العالمة الطباطبائي: قوله تعــالى: ما كــان﴿: الغل هو الخيانة. قــد مــر في قولــه تعــالى: ﴾أن يغل

( أن هذا السياق79 )آل عمران: ﴾لبشر أن يؤتيه الله الكتاب معناه تنزيه ساحة النبي عن السوء والفحشاء بطهارته، والمعــنى: حاشا أن يغل ويخون النبي ربه أو النــاس، وهــو أيضــا من الخيانــةــه بخيانتــه، ثم تــوفى نفســه مــا للــه، والحــال أن الخــائن يلقى رب

كسبت. ــه ثم ذكر أن رمي النبي بالخيانة قياس جائر مع الفــارق؛ فإن متبع رضوان الله ال يعدو رضا به، والخــائن بـاء بســخط عظيم من

ــه: أفمن﴿الله، ومأواه جهنم وبئس المصير، وهذا هو المراد بقولاآلية. ﴾ ...اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله

ويمكن أن يكــون المــراد بــه التعــريض للمؤمــنين بــأن هــذه األحوال من التعرض لسخط الله، واللــه يــدعوكم بهــذه المواعــظ

. (408)إلى رضوانه، وما هما سواء وفي مقابل هذا نجد الطبري يــذكر في تفســيره قــوال شــائنا

ــبي األعظم ــو شــأنه؛ إذ|يمس ســاحة الن ــه وعل ــال من نزاهت ، وين يقول: وقال آخرون ممن قرأ ذلك كذلك، بفتح اليــاء وضــم الغين:

ــه،|إنما نزلت هذه اآلية في طالئع كان رسول الله وجههم في وجــة|ثم غنم النبي ، فلم يقسم للطالئع، فأنزل الله عز وجل هذه اآلي

، يعلمه فيها أن فعله الذي فعله خطأ، وأن الواجب عليه|على نبيهفه الواجب م لغيرهم، ويعر في الحكم أن يقسم للطالئع مثل ما قيــه ليس لهــا عليه من الحكم في ما أفاء الله عليه من الغنــائم، وأن له أن يخص بشيء منها أحدا ممن شهد الوقعة أو ممن كــان ردءا

. (409)لهم في غزوهم، دون أحد وللشيخ ناصر مكارم الشيرازي كالم جميل في تفســير هــذه



اآلية الكريمة، يرد فيه مثل هذه األقاويل الشائنة، التي ال تصف إالقــة قائلها: بالنظر إلى اآلية السابقة التي نزلت بعــد اآليــات المتعلري الصــدر بوقعة أحد، وبــالنظر إلى روايــة نقلهــا جمــع من مفســ األول، تعتبر هذه اآلية ردا على بعض التعلالت الواهية التي تمسك بهــا بعض المقــاتلين، وتوضــيح ذلــك هــو: إن بعض الرمــاة عنــدما أرادوا ترك مواقعهم الحساسة في الجبــل؛ لغــرض جمــع الغنــائم، أمرهم قائدهم بالبقاء فيها؛ ألن الرسول لم يحــرمهم من الغنــائم، ولكن تلك الجماعة الطامعة في حطام الدنيا اعتذرت لـذلك بعـذر يخفي حقيقتهم الواقعية؛ إذ قالوا: نخشى أن يتجاهلنــا النــبي عنــدــوا على جمــع ــالوا هــذا، وأقبل ــا، ق ــائم، فال يقســم لن تقســيم الغن الغنائم، تاركين مواقعهم التي كلفهم الرسول بحراستها، فوقع مــا وقع من عظائم األمور وجالئل المصائب. فجــاء القــرآن يــرد على

، أي﴾وما كــان لنبي أن يغــل﴿زعمهم وتصورهم هــذا، فقــال: إنكم تصورتم وظننتم أن النبي يخونكم، والحال أنه ليس لنــبي أن

يغل، ويخون أحدا. ه في هذه اآلية جميع األنبياء والرسل من إن الله سبحانه ينز الخيانـة، ويقــول: إن هــذا األمــر ال يصــلح ــ أساســا ـــ لألنبيــاء، وال يتناسب أساسا مع مقــامهم العظيم. يعــني إن الخيانــة ال تتناســب مــع النبــوة، فــإذا كــان النــبي خائنــا لم يمكن الوثــوق بــه في أداءــة تنفي عن الرسالة وتبليغ األحكام اإللهية. وغير خفي أن هذه اآلي األنبياء مطلق الخيانة، سواء الخيانـة في قســمة الغنـائم أو حفـظــاد. ومن ــه للعب ــوحي وتبليغ ــذ ال ــاس وودائعهم، أو أخ ــات الن أمان العجيب أن يثــق أحــد بأمانــة النــبي في الحفــاظ على وحي اللــه، وتبليغه وأدائه، ثم يحتمــل ـــ والعيــاذ باللــه ـــ أن يخــون النــبي في غنائم الحرب، أو يقضي بمــا ليس بحــق، ويحكم بمــا ليس بعــدل،



. (410)ويحرم أهلها منها من غير سبب هذا مرور سريع على بعض مظان قضية ورود العتــاب للنـبي

في القرآن الكريم. وقد تجلى لنـا الحــق الواضـح فيهـا؛ إذ|األكرم بــان لنــا أن جميــع هــذه اآليــات الكريمــة غــير تامــة الداللــة على

المدعى، بل إن حملها على غير ذلك أوجه وأرجح.

الهوامش


أسلحة الدمار الشامل من منظور فقهي إسالمي•

فقهي إسالمي أسلحة الدمار الشامل من منظور*(*()د. الشيخ علي ناصر

مقدمة لعل ما يصعب على الباحث، أيها القارئ العزيز، هــو معالجــة موضوع جديــد، قليــل المصــادر، ولم يتم عالجــه من قبــل بــاحثينــه بحث جديــد وغــير مطــروق على سابقين بالشكل المطــروق. إن المستوى الفقهي االســتداللي، وال ســيما على المــذهب اإلمــامي. إنه من األبحاث العلمية الواســعة، والعميقــة، والمعقدة، وهــو منــام في ــيما النظ ــالم، وال س ــتي تهم الع ــتحدثة ال ــائل المس المس الجمهورية اإلسالمية اإليرانية. ومن الواضح أيضا أن ملكة االجتهاد تتجلى أمام هذه المسائل المستحدثة، دون المســائل الــتي بحثت

ــواهر ــاب »الجـ ــل، ودونت في كتـ ــروة«من قبـ ــاب »العـ ، أو كتـــوثقى ــولى«، أو »شــروح العــروة«ال ــدة يت . بــل هي مســألة جدي

المجتهد بنفسه البحث عن أدلتها الفقهية، والقواعــد الالزمــة لهــا، وتطبيقهــا عليهــا. وفي حــال لم يكن البــاحث مجتهــدا فهــو يقــوم

بمحاولة جدية على طريق تحصيل بعض آليات االستنباط. لقد واجه الباحث عقبة رئيسة، وهي ندرة المصادر والمراجعقت إلى هــذا البحث. ولــذلك فقــد لجــأ البــاحث الفقهية التي تطــر أيضـــا إلى اســـتفتاءات تم توجيههـــا عـــبر لقـــاءات مباشـــرة، أو

باحث في الشريعة والقانون الدولي، من لبنان.)*(*( ، الســـنة الســابعة، ربيــع وصــيف27 ـ 26ـ العـــددان االجتهــاد والتجديد

267هـ1434م ـ 2013

د. الشيخ علي ناصر•

ــة بالمراسلة، إلى العديد من العلماء المجتهــدين، والمراجــع الدينيــة العلم قم ــيما في مدين ــران، وال س ــة في إي ــوزة العلمي في الح المقدســة، وكــذلك في الحــوزة العلميــة في العــراق في النجــف

األشرف، واألزهر الشريف في جمهورية مصر العربية. وقد عمــل البــاحث على اســتنطاقها، وتحليلهــا، واستكشــاف أدلتها اللفظية، والعقليــة، ونقاشــها، ونقــدها أو نقضــها، أو تأييــدها

جزئيا، أو إبرامها. لقــد تم االعتمــاد في هــذا البحث على منهج البحث الفقهي، الذي يقوم على تعــيين موضــوع البحث، وتحديــد موضــوع الحكم،

ــرف ، وال ســيما(411)بناء على النصوص الشرعية، والرجوع إلى العفي منطقة الفراغ التشريعي، أي إذا لم يكن هناك نص شرعي.

ويقــوم المنهج الفقهي أيضــا على جمــع النصــوص المرتبطــة بالحكم، والمالبسة له، ودراستها، وتقويم المتن، سواء كــان النص آية أو رواية، في ضوء قواعد ونتــائج علم تحقيــق الــتراث؛ إضــافة إلى استفادة داللــة النص على الحكم في ضــوء القواعــد اللغويــة،زة بــالقرائن االجتماعيــة، والتاريخيــة، واألصــولية، والفقهيــة، معــز

والتفسيرية؛ واستخالص الحكم وصياغته.ــوع إلى األصـــول ــوم المنهج الفقهي على الرجـ ــذلك يقـ وكـ العملية، والقواعد الفقهية، في حــال فقــدان النص، أو إجمالــه، أو تعارضه مع نص آخر تعارضا محكمــا يــؤدي إلى ســلب كــل منهمــا حجية اآلخر. فمنهج االســتنباط الفقهي يقــوم على إرجــاع الفــروع إلى األصول، واكتشاف أو بيان األدلة الشــرعية، ومحاولــة الجمــع

بينها في حاالت التعارض غير المستقر.ي، ــدليل النصــ ــا اعتمــدنا على ال ــد من اإلشــارة إلى أنن وال ب كالكتاب والســنة، وعلى الـدليل العقلي. أمــا أقـوال العلمــاء فقـد



د، وليس كدليل إضــافي، وال ســيما أنهــا وردت اعتمدنا عليها كمؤيــة الفقهيــة، تحت عنــوان المنطلقــات الفقهيــة، الــتي تشــمل األدل

وغيرها. ــد من وفي ســياق العالج الفقهي االســتداللي للموضــوع ال ب

إطاللة على الدليل الشرعي، الذي يتألف من ثالثة أقسام: ـ إما عقلي بجميع مقدماته: الــدليل العقلي المحض، الــذي1

ال يتوقف على السمع أصال. ـ أو نقلي بجميــع مقدماتــه: الــدليل النقلي المحض، وال بــد2

فيه من صدق المخبر، حتى يفيد العلم بالمدلول. ب منهمــا: ونســميه بالــدليل النقلي؛ لتوقفــه على3 ـ أو مــرك

النقل في الجملة. والعقل أساس التكليف؛ ألنه هو الذي يدرك معاني النصوص الشرعية، وما المراد منها، وبفقده ال معنى لتكليف اإلنسان. واللهــة ــه آل ن فضــله، وأن ــيرة، وبي ــالى مــدح العقــل في نصــوص كث تع

إن﴿االستنباط، ولوال العقــل لكــان النــاس كالبهــائم، قــال تعــالى: ــون م البكم الذين ال يعقل ــه الصــ ــد الل ــدواب عن ر ال ﴾شــ

من هنا نجد أن الدليل النقلي ال يصلح في مســألة.ــ (22)األنفال: إثبات وجود الله لمن ال يؤمن بــه؛ وإنمــا هــذا األمــر تتم مناقشــته

معه بالدليل العقلي. داللة في العقلي، كما الــدليل مع النقلي الــدليل يتطابق وقد

:|األكــرم الرســول العلم، كقــول بــذل وجــوب على األخبــار بعض كتم »من .(412)نار« من بلجام الله ألجمه علما

وقد يتعــارض الــدليل اللفظي غــير الصــريح مــع دليــل عقلي قطعي يقيني، ففي هذه الحال يقدم الدليل العقلي على اللفظي؛

ألن الدليل العقلي القطعي يؤدي إلى العلم بالحكم الشرعي.



والـــدليل النقلي القطعي ال يمكن أن يعارضـــه دليـــل عقليــك إلى×قطعي؛ ألنه إذا عارض نصا صريحا من المعصوم أدى ذل

ــوم ــذيب المعص ــتحيل×تك ــو مس ــه، وه ــد من(413)، وتخطئت . وال بــه ــحيح، والحكم بمطابقت ــري الص ــل الفط ــة العق ــريح بحجي التص

. (414)للشرع، ومطابقة الشرع له وعندما ال يجد الفقهاء دليال لفظيا، من كتاب أو ســنة، يكــون المرجع عندهم حينئذ األصول العملية، التي قامت األدلة الشرعية

على الرجوع إليها في موضع الشك وعدم الدليل.ــان وهذه األصول تختلف بحسب اختالف مورد الشك؛ فإن ك الشك في أصل التكليف، كمن يشك في حرمة التدخين، أو يشــك في وجـوب أمـر مــا أو عـدم وجوبـه، فهـل يكـون المـورد مجـرى

ألصالة البراءة أو يكون موردا ألصالة االحتياط؟ــوع إلى ــد من الرج ــؤال ال ب ــذا الس ــة عن ه ــرف اإلجاب ولنعــا إطاعــة المــولى، وهــو العقــل؛ ألن المصــدر الــذي يفــرض علين اإلنسان يــدرك بعقلــه أن للــه ســبحانه حــق الطاعــة على عبيــده،م علينا عندئذ أن ندرس حدود هذا الحــق المولــوي: هــل هــو فيتحت حق في نطاق التكاليف المعلومــة فقــط من قبــل اإلنســان أم أن من حق الله سبحانه علينا االحتيــاط في التكــاليف المحتملــة، إلى الدرجة الـتي تـدعو إلى إلــزام المكلف بـترك مـا يحتمــل حرمتـه، وبفعل ما يحتمل وجوبه؟ والصحيح في رأي بعض علمــاء األصــول

. (415)هو االحتياط؛ نتيجة لشمول حق الطاعة للتكاليف المحتملة إن أكثر ما يستفز اإلنسان في هذا العصــر هــو فكــرة وجــود أسلحة في عالمنـا المعاصـر، يمكن لإلنســان من خاللهـا أن يقتـلــاة في أخاه اإلنسان بهذا الشكل المروع، بل إن خطرها يهدد الحيــات، أو ــان، أو النبـ ــتوى اإلنسـ ــواء على مسـ ــوكب األرض، سـ كـ



الحيوان، أو الماء، أو الهواء. فأســلحة الــدمار الشــامل، وال ســيمال أقــوى وأخطــر األســلحة على وجــه الكــرة السالح النووي، تشك األرضية. لذلك فإن األصل اإلسالمي، واإلنساني، يقضي بمواجهــة

إنتاج، وانتشار، واستعمال، هذا النوع من األسلحة. صــنع اإلســالمية، كباكســتان، إلى البلــدان بعض وصــلت لقد تتطلب الشــامل، الــتي الــدمار بأسلحة المسماة األسلحة وتخزين

ــة، أو عالية، كاألسلحة تكنولوجيا ــة، أو النووي ــة. البيولوجي الكيميائي كما أن الملف النووي اإليراني بات حديث كل وســائل اإلعالم في

ــالم. ــذلك الع ــإنول ــذا أن يتصــدرمن المهم ف ــاث البحث ه األبحالفقهية، والقانونية، والسياسية. اإلسالمية

وال بــد أيضــا من االســتفادة من أحكــام قتــل غــير المقاتلــة،ــه الفتح، ومــا يمكن أن إضافة إلى جواز محاربة العدو بما يرجى ب نجــده من موقــف للفقــه اإلســالمي من أســلحة الــدمار الشــامل

القديمة والحديثة. لقائــد الجمهوريــة اإلســالمية(416)وقد صــدرت مــؤخرا فتــوى

أو«اإليرانيـــة الســـيد علي الخـــامنئي تقـــول بحرمـــة »إنتـــاج السالح النــووي. وســتكون هــذه الفتــوى وغيرهــا من«»استخدام

الفتاوى ـ كفتوى األزهر الشريف ـ موضــع نقــاش علمي في هــذه المقالة، ســواء على مســتوى األدلــة النقليـة للقـائلين بـالجواز، أو للقائلين بعدمه، أم على مستوى القواعد الفقهيــة القائلــة بحرمــةــير حــق، وحرمــة ــل اإلنســان بغ اإلفســاد في األرض، وحرمــة قتــة، وحرمــة تصــرف اإلضرار بالبيئة، وحرمة هــدر المصــادر الطبيعي

اإلنسان في ما ال يملك، ووجوب حفظ النظام العام. ــيله من آراء ــ ــد أو تم تحصـ ــ ــا وجـ ــ ونلفت إلى أن أغلب مـ واجتهادات فقهية ال يعــدو كونــه فتــاوى مختصــرة، ال تتعــرض إلى



األدلة بالتفصيل، وال تناقشها، أو ترد عليهــا بالــدليل، الــذي يســتند إليه الفقيه في استنباط الحكم الشرعي؛ وهــو إمــا أن يــؤدي إلىــا؛ وإمــا أن ال العلم بالحكم الشرعي، فيسمى دليال تامــا، أو قطعيــا. يؤدي إلى العلم بالحكم الشرعي، فيســمى دليال ناقصــا، أو ظنيــه، ــه، وأمــر باالســتناد إلي ــدليل الظني إذا حكم الشــارع بحجيت وال

م على الفقيه االعتماد عليه. أصبح كالدليل القطعي، وتحتــاب،األولوالدليل نوعان: : دليل اجتهادي، يعتمــد على الكت

والسنة، واإلجماع، والعقل.ــاني ــة،والث ــول العملي ــز على األص ــاهتي، يرتك ــل فق : دلي

. (417)كاالستصحاب، والبراءة، واالحتياط، والتخيير امتالك أســلحة الــدمارنتناول في هــذه المقالــة موضــوع وس

الشامل، مستعرضــين المنطلقــات الفقهيــة لنظريــة تحــريم إنتــاج أسلحة الدمار الشامل مطلقا، ولنظرية جواز، بل وجـوب، إنتاجهــا

مطلقا. ونقصد بهـذا البحث معرفـة هـل يجـوز للدولــة اإلسـالمية أنــر عن ــامل بصـــرف النظـ ــدمار الشـ ــلحة الـ ــاج أسـ ــعى إلنتـ تسـ

ــوى تختلف اســتخدامه؟ وهل ــانت حــال في الفت ــدول ك واألمم ال الــدمار أســلحة صــنع يحــرم الســالح؟ وهل هــذا تمتلك ال األخــرى

القوة، وال سيما أسباب اآلخرون فيه يمتلك واقع ظل الشامل في ذلــك؟ وهل على والعقلية النقلية األدلة هي الســالح النــووي؟ وما

ق الهجـومي؟ وهـل أن اإلضـرار والهـدف الـردعي الهدف بين يفر بالبيئة سبب من أسباب تحريم إنتاج هــذه األســلحة، وال ســيما أن

ــان ــماوية دعت األديـ ــان السـ ــة، على المحافظة إلى اإلنسـ البيئـمت أجله، وسخرها من خلقها الله وإفسادها؛ ألن تلويثها عليه وحرومنفعته؟ لخدمته



الــدمار أســلحة إنتــاج تحــريم لنظرية الفقهية المنطلقات الشامل

تاريخيا وتطوره السالح تعريفـ 1 وبيــان كيفيــةبداية ال بد من تعريف السالح لغــة واصــطالحا،

العــالم، وال ســيما أســلحة في والحــروب األسلحة تطور وخطورة، وأنواعها، ونتائج استعمالها. الدمار الشامل

:ســلح هو الســالح لكلمة اللغــوي : الجــذرـ السـالح لغـة1ر؛ ألنه السالح وتســلح.. تأنيثــه. ويجــوز... أســلحة على يجمع مــذك قــوم: ســالح، والمســلحة معه: سالح السالح، ورجل لبس: الرجل

ورد وقد. (418)سالح ذوو الح: سلح: أيضا لحان الســ بالكســر، والســــرب، وفي آلة: بالضم ــ ــباح الح ــ ــرب في به يقاتل ما: المص ــ الح

ــدافع، أو ــ ــدها، أي وي ــ ــان ما حدي ــ ــد. من ك ــ به خص ربما.. الحدي تســمى والعصا... «الســيف والــرمح» مثل: والمســلحة.. .ســالحاــرقب، وجمعه «الثغر» ــالح، وهي والمـ ــة. مواضع المسـ ..المخافـ

والمسلحة رصــد، قد عــدة، بموضع في «ســالح ذوو القوم»: أيضا يطــرقهم لئال العــدو يرقبــون أقوام فيه يكون.. .ثغر بإزاء به وكلوا ابن وقــال. له ليتــأهبوا أصــحابهم؛ أعلمــوا رأوه غفلــة، فــإذا على

لهم أيــديهم، ينفضــون بين لهم خطــاطيف: الجند مســلحة: شميلــق، ويتجسســون ــبر الطري ــون خ ــدو، ويعلم يهجم علمهم، لئال الع

يدعون عليهم، وال المســلمين، بالد عليهم يــدخل العــدو من واحدا. (419)المسلمين أنذروا جيش جاء وإن

اإلنســان بها يســتعين هو اآللة الــتي: ـ السالح اصطالحا2 يريد عــدو وجه في مفــترس، أو حيوان وجه في نفسه عن للدفاع

للهجــوم وبلده، أو شعبه ماله، أو عرضه، أو على االعتداء قتله، أو



السالح كلمة تستعمل وقد. ما مجموعة ما، أو شخص على مجازا سـالح :يقــال المــؤمن، كما سـالح الدعاء :فيقال: عديدة أمور في

الكذب، وســالح والحجة، وسالح المنطق واإلعالم، وسالح الدعاية لم من وجه في التكفير البيان، وسالح إليهم. ينتم

الفردية األسلحة كانت: ـ أسلحة الدمار الشامل3 قــديماــارة ــهم عن عبـ ــرمح، والسـ ــيف، والـ ــر، والسـ ــر، والخنجـ .الحجـ

ــتعملت ــلحة واس ــتطيع قد أس ــلحة»: اسم عليها نطلق أن نس أس جماعي، بشكل البشر على تقضي ، التي«القديمة الشامل الدمار

والعقــارب األفــاعي المنجــنيق، وإلقــاء المياه، واستعمال كتسميمــازل في ــراق المن ــرى، وإح ــازل والق ــات المن في أما. والمزروع

سالح: أي بأنه الشامل الدمار سالح فيعرف الراهن عصرنا : ويراد به الســالح النــووي. وهــو أخطــر أســلحةذريـ 1ـ 3

د األسلحة النووية قدرا الدمار الشامل، وأشدها تدميرا وفتكا. وتولرات التي تقــع في هائال من الطاقة المتفجرة، التي تنجم عن التغيب األسـلحة النوويـة خســائر تـركيب نـواة المـواد المشــعة. وتســب كارثية، بداية بسبب درجات الحرارة العاليــة والصــدمات األرضــيةبها، وبعد ذلك بسبب اإلشعاع الــذي يمتــد أثــره لســنوات التي تسب كثيرة. فاألسلحة النووية قادرة على تدمير مدن بأكملها عن بكــرة أبيها، وقتل وجرح الماليين من البشر. ونشير في هذا الصــدد إلى

أن هناك ثالثة أنواع من األسلحة الذرية، هي: : وفكرتها تعتمد على انشطار اليورانيــومأـ القنبلة الذرية

دون االســـتعانة بالنيوترونـــات لبـــدء،ـــ 239 أو البلوتونيـــوم 235التفاعل المتسلسل.

ــا علىب ـــ القنبلــة الهيدروجينية ــد انفجاره ــتي يزي : الانفجار القنبلة الذرية االنشطارية من مائة إلى ألف مرة.



ــا يكــونج ـ القنبلة النيوترونية : حيث إن معظم مفعولهــة، وتـؤدي إلى على شكل أشــعة نيوترونيــة تخــترق األجســام الحير في المنشــآت بشــكل يــذكر، وذلــك قتلها في الحال، بينما ال تــؤث

. (420)على العكس من األنواع األخرىBiological): بيولـــوجي ــــ أو2ـ 3 Weapons)ــالح ، أي السـ

البكتيريولوجي. وترجــع خطورتهــا إلى أنهــا تســتخدم الجــراثيم، أوــرى سمومها، في المعارك. والجراثيم هي كائنات حية صــغيرة ال تر، ومن أمثلتهــا: البكتريــا، دة، وإنمــا بالمنظــار المكب بالعين المجــرــيرة، ــ ــراض الخط ــ ــيرا من األم ــ ب كث ــب ــ ــات، وهي تس ــ والفطريــراض ــير من األم ــيرا. والكث ــة، والكول ــاعون، والحمى الخبيث كالطــام قليلــة. وقــد زادت الناجمة عنها تؤدي إلى الوفاة في غضون أي التطورات الحادثة في علم الهندســة الوراثيــة من الخطــر الماثــل بهذه األســلحة، حيث أصــبح من الممكن تطويرهــا وتعــديلها بحيث تصبح أكــثر فتكــا وقــدرة على البقــاء والتكــاثر. أمــا على مســتوى

ــة لألســلحة البيولوجيــة ــاآلتي:الخــواص الحربي فيمكن تلخيصــها ب القــدرة على االنتشــار على مسـاحات شاســعة، وفقــدان التحــذير )يمكن أن تنتشر مع الريح(، والتأثير المتأخر )تحتاج الجــراثيم إلىــدرة على ــرض(، والق ب الم ــب ــم كي تس ــانة في الجس وقت حض اخــتراق اإلنشــاءات من دون تــدميرها )يمكن اســتعمالها الحقــا(، التأثيرات المرحلية )إعاقة، وشلل مؤقت، وتشوه، ومــوت(. ولقــد

فت نشــرة الجيش األمــيركي الحوليــة عــام م األســلحة1956عــر اســـتخدام عســـكري»الحيويـــة )البيولوجيـــة( على هـــذا النحـــو:

للكائنات الحية، أو منتجاتها السامة؛ لتسبب الموت، أو العجــز، أوــت ــه. وهي ليس ــة، ونباتات ــه األليف ــان، أو لحيوانات ــدمير، لإلنس الت قاصرة عن استخدام البكتيريا، بل تشمل أيضــا اســتخدام كائنــات



«دقيقة أخــرى، ونباتــات، وأنــواع أخــرى من األحيــاء، كالحشــرات(421) .

وهي غازات حربية، سامة، وحارقة. قــد: كيماوي أوـ 3ـ 3ــلبة. وهي تكون غازية، أو سائلة سريعة التبخر، ونادرا ما تكون ص تستعمل في الحروب لغرض قتل أو تعطيل اإلنسان، أو الحيــوان. وتقسم الغازات الحربية إلى: غازات ســامة قاتلــة؛ وغــازات شــل القدرة، وغازات اإلزعــاج، والغــازات الخانقــة، والغــازات الكاويــة،

ئة، ــازات المقي ــلوالغ ــازات ش ــدموع، وغ لة لل ــي ــازات المس والغــية، ــازات النفس ــدرة أو الغ ــتمرالق ــتمرة )يس ــير مس ــازات غ وغ

12 غازات مستمرة )يستمر مفعولها منمفعولها لبضع دقائق(، و ساعة إلى عدة أيام(، وغازات سريعة التأثير )كغازات األعصــاب(،

. (422)وغازات ذات تأثير مؤجل )كالغازات الخانقة(ــدد متاحة األسلحة هذه جعل الحديثة التقنيات وتسهل من لع

إيقــاع على قــدرتها من تزيد قبــل، كما ذي من بكثــير أكــثر الدول.باألرواح أكبر خسائر

ـورت وقد ــذه طـ ــلحة ه ــير، وزادت األس ــكل كب إمكاناتها بش.(423)الحية بالكائنات الفتك على التدميرية، وقدراتها

ــدول عـــدد زاد كما ــ ــا، وتطـــورت المنتجة ال ــ ــاليب له ــ أس فمن. قـذفها إطالقهـا، أو في المسـتخدمة استخدامها، والمعـدات

الصـــواريخ باســـتخدام الشـــامل الـــدمار أســـلحة إطالق الممكن المدفعيـــة، أو الطـــائرات، أو كـــروز، أو صـــواريخ الباليســـتية، أو

.األرضية المركبات المختلفــة، تثــير الشــامل، بأنواعها الــدمار أســلحة وأصــبحت

جدال د ومعــارض إلنتاجهــا، واســتخدامها بين شديدا ، وال ســيمامؤي.القرن بدايات هذا منذ استخدمتأنها



من انتشــارا أكــثر أصــبحت أنها إال الدولية المعاهــدات ورغم.عليها الحصول قبل، وتيسر ذي

رت األسلحة في السياسة العالمية واإلقليمية منذ أن تلك وأثظهرت في بداية القرن العشرين.

لم تحظ قضــية من القضــايا بهــذا القــدر من االهتمــام الــذيحظيت به قضية أسلحة الدمار الشامل.

وهي ما زالت تستخدم في الحروب المعاصرة؛ للتــأثير علىمسرح العمليات، سواء على المستوى اإلقليمي أو المحلي.

ونذكر على سبيل المثال، ال الحصر: إنه تم غزو العــراق من قبل القوات األنجلو ـ أميركيــة تحت زعم امتالكــه لهــذه األســلحة،

وتهدد؛ بسببه، حاليا إيران، وكوريا الشمالية.

ـ الدليل النقلي: حرمة اإلضرار بالبيئة 2 فمعنــاه الــدليل المنقــول من«أما مصــطلح »الــدليل النقلي

ــه: »القــول، ة. وقد عرف الشهيد الثــاني النص بأن ن الكتاب، أو الس أو الفعل، الصادر عن معصوم، الراجح، المــانع من النقيض، وغــير

. وال بــد من العلم بعــدم المعــارض العقلي(424)«المنصوص بخالفه الــدال على نقيض مــا دل عليــه الــدليل النقلي؛ إذ لــو وجــد ذلــكــدليل النقلي عن المعارض لقدم على الدليل النقلي، بأن يــؤول ال

ــه تعــالى: ــه: قول ــاه إلى معــنى آخــر. ومثال حمن على﴿معن الــر (، فإنه يدل على الجلوس، وقد عارضه5 )طه: ﴾العرش استوى

ــه تعــالى، ــدال على اســتحالة الجلــوس في حق ــدليل العقلي ال ال فيؤول االستواء باالستيالء، أو يجعل الجلــوس على العــرش كنايــة عن تســلط اللــه، وإحاطتــه الكاملــة بعــالم الوجــود، ونفــوذ أمــره

. فالعقل أدرك بــأن ظــاهر هــذا(425)وتدبيره في جميع أنحاء العالم



النص غــير مقصــود؛ ذلــك ألن القاعــدة الشــرعية المســتفادة منة، تفيــد تنزيــه اللــه عن ن نصوص كثيرة محكمة في الكتــاب، والســ مشــابهة المخلوقــات، وعن الحلــول فيهــا. وهنــاك أمثلــة أخــرى،د الله بها رسله وأنبياءه، والتي كلمنا الله عنها كالمعجزات التي أيــل هي في القرآن الكريم. فالمعجزة ليست بأمر مستحيل عقال، ب أمر خارق للعادة، لم يألفه الناس، وال يستطيعون القيام بــه، فــإذا

ــونالدليل النقليقام السليم عليه فينبغي قبوله واإليمان به. فيكالدليل النقلي دون ما يقتضيه الحكم بثبوت الــدليل العقلي إبطــاال

ــق لألصل بالفرع؛ إذ إن النقل ال يمكن إثباته إال بالعقل؛ ألن الطري إلى إثبات الصانع، ومعرفة النبوة، وسائر مــا يتوقف صــحة النقــل

. (426)عليه، ليس إال بالعقل

أوال: الكتاب يؤدي اإلضرار بالبيئــة إلى اإلخالل بالحيــاة اإلنســانية، فالبيئــة هي الهواء الذي يستنشقه اإلنســان والحيــوان والنبــات، والطعــام الذي يتناولــه، والمــاء الــذي يشــربه، فــإذا تلــوثت البيئــة انتشــرت األمراض واألوبئة، وعاش اإلنسان مدة من الــزمن أســير المــرضــاة ــة الحي وطــريح الفــراش، وصــوال إلى المــوت. وحيث إن نوعي الراهنة هي مسؤولية البشــرية جمعــاء فال بــد لكــل فــرد أن يأخــذ دوره مهما كان بسيطا في مجال حماية البيئــة ورعايتهــا. فقضــايا البيئة، رغم تشعبها، تشكل وحدة متكاملة؛ ألنها اإلطار الــذي يحيــا فيه اإلنسان، ويستمد منه كل مقومات حياته. وقد غدا هذا اإلطار يتعـــرض لالنتهـــاك، واالســـتنزاف، بقســـوة، مـــا أدى إلى ظهـــور مشــكالت أخــذت تهــدد ســالمة الحيــاة البشــرية، منهــا: »مشــكلة

. وقد أحدثت«، و»المشكلة السكانية«، و»مشكلة الغذاء«التلوث



ة في مجتمعــات الرفاهــة، وانعكســت ة قوي هــذه المشــكالت هــزــة آثارها السلبية على كل المجتمعات البشرية بما فيهــا تلــك الغنيــة الطاقــة المنتجــة، بالطاقة، علما أن مشــكلة البيئــة تتعلق بنوعيــكلة ــا بالمشـ ــا وثيقـ ــة ارتباطـ ــة المرتبطـ ــق الطاقـ وليس بمطلـ

االقتصادية. إن حماية البيئة ال تعني عــدم تحقيــق اســتفادة اإلنســان من الموارد الطبيعية، وترك كنوز األرض التي وهبنــا اللــه تعــالى إياهــا في مواقعها، والتحريم المطلــق لصــيد حيوانــات الــبر والبحــر، وال التحريم المطلق لقطـع األخشـاب؛ للصـناعة واإلنشــاءات، بـل إنــتنزاف، في حماية البيئة تعني استثمارها، من دون إسراف وال اس

إطار توازن طبيعي. ن القــرآن الكــريم في آيــات عديــدة أهميــة المحافظة وقد بي

البيئة ـ وال سيما أن من الثابت علميا التفاعــل المســتمر بين علىصحة اإلنسان، وبيئته، والتنمية ـ، ومنها:

ـ 1 يجب المحافظة على الثروة الحيوانية التي تشكل عنصرا مكونا لبيئة اإلنسان؛ لما لها من أهميــة في حيــاة اإلنســان، ســواء على مســتوى اللبــاس الــذي يصــنع من جلودهــا، أو على مســتوى الطعام الذي يصنع من لحمهــا، أو على مســتوى األجبــان واأللبــان التي تصنع من حليبها، أو على مســتوى حركــة التنقل الــتي كــانت تعتمد بشكل أساس على الحمار، والحصــان، والجمــل، وال ســيما

ــالى: ا دفء﴿في الصحراء. قال تع ا لكم فيهــ واألنعام خلقهــ (. والمحافظــة على األنعــام5 )النحــل: ﴾ومنافع ومنها تأكلون

تعني أيضــا المحافظــة على طعامهــا الــذي يتكــون من األعشــاب،د أهميــة المحافظــة وعلى شرابها الذي يتكــون من المــاء، مــا يؤك على التربــة أيضــا، وعــدم دفن أي مــادة ســامة في التربــة؛ ألنهــا



تسممها، وتضر بالمزروعات، وباألنعام، وبطعام اإلنسان وشــرابه،فتشكل خطرا على حياته.

ــتيـ 2 ــة، ال كما يجب المحافظة على البيئة في الحياة المائي يســتخرج منهــا طعــام اإلنســان أيضــا، أي األســماك، والحيوانــاتــا األحجــار ــا، ويســتخرج منه ــتي يحــل أكله ــة، ال ــة، والنهري البحري الثمينة، كاللؤلؤ. كما تعد السفن، الــتي تعــبر البحــار واألنهــار، من

وهو الذي﴿أهم وسائل النقــل في حيــاة اإلنســان. قــال تعــالى: ر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية سخله تلبسونها وترى الفلك مــواخر فيــه ولتبتغــوا من فضــ

فالمحافظــة على البيئــة في (.14 )النحــل: ﴾ولعلكم تشكرون الحيــاة المائيــة تعــني المحافظــة على طعــام اإلنســان، وشــرابه، وزينتــه، وتنقلــه، مــا يؤكــد أهميــة عــدم رمي النفايــات، وال ســيماامة منها في البحار واألنهار؛ ألن ذلــك يــؤدي إلى فســاد حيــاة الس

اإلنسان. ــا الترابـــط الحاصـــل على مســـتوىـ 3 والجميـــع يعلم أيضـ

ــل مكونات البيئة، سواء منها الهواء أو الماء أو الحرارة. وهناك مث مشهور علميــا، وهــو كيفيــة صــناعة النباتــات الخضــراء لطعامهــا؛ لتنمو وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، فهي تأخذ الماء من األرض، وتأخذ الطاقة من حرارة الشمس، وتأخذ ثــاني أوكســيد الكربــونـــة في مـــادة الكلوروفيـــل من الهـــواء، فتتم التفـــاعالت الكيماويع السكريات، وتطلق األوكســجين في الهــواء، في الخضراء، فتصن

اللــه﴿. وما قولــه تعــالى: (Photosyntheseعملية بيوكيميائية تسمى )ماء مــاء ماوات واألرض وأنــزل من الســ الذي خلــق الســــك ر لكم الفل خ ــه من الثمــرات رزقــا لكم وســ أخرج ب فــ

ار ر لكم األنهــ خ ر لكم لتجري في البحر بأمره وســ خ وسـ



ار ــ ــل والنه ر لكم اللي خ ــ ــر دائبين وس مس والقم ــ ﴾الش ( إال دليل على أهمية الحفــاظ على البيئــة؛ ألن33 ـ 32)إبراهيم:

الله تعالى لم يخلق السماء، والماء، والثمرات، والبحار، واألنهــار،عابثا، بل لحكمة اقتضاها، فسخرها في خدمة اإلنسان.

ولم يكتف اإلسالم ببيان أهميــة الحفــاظ على البيئــة علىـ 4 مستوى الحياة الدنيا، بل إن الكثير من اآليات القرآنية التي تصورة ــنى الجن ــا غ ــور لن ــزول، تص ــا من نعيم ال ي ــا فيه ة، وم ــا الجن لن

دائق﴿بالحدائق واألعناب. قال تعالى: ــ إن للمتقين مفازا * ح وال ننسى الماء الذي يرمز في الرؤية (.32 ـ 31 )النبأ: ﴾وأعنابا

وجعلنــا من﴿اإلسالمية إلى أصل الحياة؛ لقوله سبحانه وتعــالى: . (30 )األنبياء: ﴾الماء كل شيء حي أفال يؤمنون

ـ وخيرات األرض كافية. وقد أتقن اللــه صــنع البيئــة، وأودع5ي﴿فيها كل مقومات الحيــاة. قــال تعــالى: ا رواســ وجعل فيهــ

ا في أربعــة ا أقواتهــ در فيهــ ا وقــ من فوقها وبارك فيهــائلين لت: ﴾أيام سواء للس واللــه تعــالى جعــل من (.10 )فصــ

غايات بقاء اإلنسان اســتعمار الكــون ماديــا، ومعنويــا، فخلــق هــذا الكون، وسخره بما فيه، لإلنسان، وأراد أن يكون بيتــا آمنــا لــه؛ إذ حمى األرض بغالف جـــوي يحيـــط بهـــا، ويضـــم مجموعـــة منــظ الكــرة األرضــية الطبقات، لكل منها وظيفة خاصة تؤديها، فحف من مخــاطر اإلشــعاعات الكونيــة الفضــائية، والشــهب، والنيــازك،ــتي تنــدفع من الفضــاء الخــارجي نحــو األرض، ولكن المشــكلة الــه تكمن في طمــع اإلنســان، وفي ارتكابــه األعمــال الــتي تضــر ب

ــه. قــال تعــالى: ﴿وببيئته ضررا معتدا ب قفا ماء ســ وجعلنا الســ (.41 )الروم: ﴾محفوظا وهم عن آياتها معرضون

ـ وال شك أن هدر المصادر الطبيعية، واالســتهالك المفــرط6



لمصادرها، واستهالك اإلنسان الزائد عن حاجته للثروات الطبيعية،م في اإلسالم؛ ألنـه يتجـاوز حـد االعتـدال، ويهـدد هو إسراف محر

ــة وإنســانية. قــال تعــالى: أ جنات﴿بكارثــة بيئي وهـو الذي أنشـرع مختلفا أكله معروشات وغير معروشات والنخل والزان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره م يتون والر والزرفوا إنه ال يحب اده وال تســ ه يوم حصــ إذا أثمر وآتوا حق

(. وال بــد من احــترام هــذه القاعــدة،141 )األنعــام: ﴾المسرفين ؛ لحمايــة البيئــة، وحفــظ«وهي: »حرمــة هــدر المصــادر الطبيعية

التوازن فيها.

نة ثانيا: الس وال يكتفي اإلسالم بتحميــل اإلنســان، وهــو خليفــة اللــه على األرض، المســؤولية عن حمايــة البيئــة وحفظهــا، بــل ويــدعوه إلى االقتراب منها وإحيائها، واالستفادة المباشــرة من خيراتهــا، وذلــك من باب الرزق الحالل، وتجنيبه الوقــوع في الكثــير من المشــاكل

، في مــا يتعلق|الصحية النفســية والجســدية. فقــد ورد عن النــبي :|، كمــا قــال«بالفاكهة، أنه قال: »أكرموا عمتكم النخلة، والزبيب

ــا(427)«»خلقت النخلة، والرمان، والعنب، من فضل طينة آدم . كم ، في ما يتعلق بالحيوان، الذي يســتفاد من لحمــه ولبنــه،|ورد عنه

ــياه ــان، وثالث شـ ــاتان بركتـ ــة، والشـ ــاة بركـ ــال: »الشـ ــه قـ أنـ. (428)«غنيمة

وال ننسى الملك العام، كالمياه الطبيعية المكشوفة، كالبحــار واألنهــار، والعيــون الطبيعيــة، وكــذلك الهــواء، والكأل، وغيرهــا منــتركة بين ــور المش ــادن، وهي من األم ــة، كالمع ــثروات الطبيعي ال الناس، التي ال يــأذن اإلســالم لفــرد خــاص بتملكهــا، وإنمــا يســمح



لألفراد جميعا باالســتفادة منهــا. وقــد ورد في الحــديث الشــريف: . والملك العام(429)«»الناس شركاء في ثالث: النار، والماء، والكأل

هــو ملــك للمســلمين على امتــدادهم التــاريخي، فال يجــوز للجيــل السابق أن يتصرف فيهــا أي تصــرف يحــول دون اســتفادة الجيــل الالحق منها، من قبيل: قطع أشجارها بما يــؤدي إلى تصــحرها، أو فعل ما يوجب نضوب الماء فيهــا، أو يلــوث بيئتهــا بــأي شــكل من أشكال التلوث. وعلى ولي األمر أن يمنع كــل تصــرف مضــر بهــا؛

. (430)حفظا لحق األجيال الالحقة فيها وقد اهتم المسلمون بالبيئة، ويظهر ذلك بوضوح في العمارةلت المباني بمختلف أنواعهــا، والطــرق، نســيج اإلسالمية؛ إذ »شكــة المدينة اإلسالمية القديمة... وبتكامل الحلول والمعالجــات البيئين المسلمون من مواجهــة الظــروف المناخيــة القاســية، ومن تمك تهيئة بيئة صالحة للمعيشة في المــدن والمبــاني الــتي أقاموهــا... ولقد حرص المصمم المسلم على تهيئــة الراحــة الحراريــة داخــل

. (431)«مباني المدينة اإلسالميةــدكتور وفي هــذا الســياق أجــاب عن(432)واصل فريد نصر ال

اإلســالم موقف حــول، م7/6/2006بتــاريخ: إليه، وجه (433)سؤال األديان، لكل الخاتم الدين باعتباره اإلسالم؛ البيئة: »إن تلويث منــدعوهم على المحافظة على الناس كل الناس يحث جاء البيئة، ويــدم إلى ــادها أو تلويثها ع ــدة... إفس ــرعية والقاع ــتي الش وضع ال

تنظيف |جعل كما. «ضــرار وال ضــرر، ال» أنه |الله رسول أساسها الضارة، النقل وسائل القاذورات، والقمامة، وعوادم من الشوارعــا، مما األذى وإماطة ــال به يحصل عنه ــواب، فق أبيتم إذ»: |الث إال

ــوس ــأعطوا الطريق في الجلـ ــالوا حقه، الطريق فـ ــق وما: قـ حـ الســالم، وإماطة البصــر، ورد غض اللــه؟ قــال رســول يا الطريق



ــة األذى وإماطة. (434)«الطريق عن األذى ــل جامعة كلم فيه ما لكــلم وعلى. والطرقات الشوارع يستعملون ممن الناس إيذاء المس

يكون أن الحــنيف، وأن دينه تعــاليم تنفيذ على الحرص كل حريصاـــدرك إدراكا ي وحرمة البيئـــة، نظافة على المحافظة أهمية كـــامال

يكون األسباب، وأن من سبب ألي إفسادها ــه، وأن على غيورا دين من خالية وتظل فيها؛ لتبقى يعيش التي البيئة نظافة على يحافظ. (435)«أعلم والجماعات، والله باألفراد تضر التي األمراض وسائل

ثالثا: القواعد الفقهية ونســتطيع القــول: إن اإلنســان هــو الضــحية األولى للتلــوث البيئي. ومن هنا يكون االهتمــام بالبيئــة وتحســين وضــعها اهتمامــا

ــة بصــحته. و»حفــظ النفس اإلنســانية هــو أحــد«باإلنســان وعنايــا، وهي: النفس، المقاصد الخمسة التي لم يأت تشريع إال بحفظهم اإلســالم قتــل والدين، والعقل، والنسب، والمال. ولهذا فقد حــر النفس البشرية، ولو في بداية الحيــاة عنــدما تكــون نطفــة، وكــذام اإلضرار بهــا واالعتــداء عليهــا، بــل أوجب إنقاذهــا ومــداواتها، حرــه، أو نفس ودفع األذى والضرر عنها، سواء كانت نفس المــرء ذات الغير. فاإلنسان مــأمور بحفــظ نفســه من المهالــك، وإبعادهــا عن

ال تلقوا بأيــديكم إلىو﴿مواقع الضــرر الكبــير؛ لقولــه تعــالى: واإلضرار بالبيئة هو إضرار باإلنسان. (.195 )البقرة: ﴾التهلكة

فــق عليهــا وهناك قاعدة أخرى تعد من الكليات الفقهيــة المت عند فقهاء المســلمين، وهي: »حرمــة تصــرف اإلنســان في مــا ال

ــع«يملك ؛ إذ إن لإلنســان ســلطنة على ملكــه، ومن حقــه أن يمنفات، وإن لم يكن الغير من التصرف فيه بمــا ال يرغبــه من التصــر

يــا﴿مضرا به، فكيف إذا كان مضرا به، ومؤذيا لــه؟! قــال تعــالى:



ــوتكم حتى ــر بي ــا غي ــدخلوا بيوت ــوا ال ت ا الذين آمن ــ أيهــر لكم لعلكم ا ذلكم خي لموا على أهلهــ ــ وا وتس ــ تستأنس

رون (. إن تصــرف اإلنســان في ملكــه الخــاص ال27 )النور: ﴾تذك يجــوز إذا كــان مصــداقا لإلســراف، أو مســتلزما لإلضــرار بــالغير، فكيف يجوز له اإلسراف أو تســبيب الضــرر في ملــك غــيره؟ وإذاــدخن ســيجارة في دار غــيره مــع منعــه كــان ال يجــوز للمــرء أن يــات في داره، فكيف يجوز له أن يقطع شجر الغير، أو يرمي النفايــات أو بستانه، أو يلقي في أرض غيره مادة كيميائية تحول دون نب

زرعه، أو تؤدي إلى موت أشجاره؟! ،واإلسالم يوجب على أتباعه تقدير البيئة المحيطة باإلنســان ورعايتها، وحفظها. وكل عمل في هذا االتجاه هــو عبــادة، ويصــب

والمجتمع. الفرد مصلحة في ، التي تأمر المكلف«وهناك فرق بين »حرمة اإلضرار بالبيئة

،«بعدم ارتكاب أي فعل يضــر بالبيئــة، وبين »وجــوب حفــظ البيئة األعم من األولى، والتي تأمر المكلف باالمتناع عن أي فعل يــؤدي إلى عدم الحفاظ على البيئة، بل بفعل كل ما يلزم لحفــظ البيئــة، فهــو أمــر مســتمر يســتوجب من كــل أفــراد المجتمــع اإلنســاني السعي الدائم والدؤوب لفعل كــل مــا يســاهم في تحســين البيئــةــات وتطويرهــا، واالبتعــاد عن كــل مــا يضــر بهــا، وال ســيما النفاي

السامة التي تنتج عن المفاعالت النووية. العلمــاء؛ وال بد لنا في هذا المجال من االستفادة من أقــوال

ــه ينظم عالقتــه ألن اإلسالم كما ينظم عالقة اإلنســان بخالقــه، فإنــراغ ــالم ف ــه. وإذا لم يكن في اإلس ــة من حول ــالمجتمع والطبيع ب تشريعي فال بد أن يستجيب لكل القضــايا المســتحدثة، ويضــع لهــا الحلول بما يمتلكه من قواعد مرنة. ولكن ذلك رهن بقدرة الفقيه



على استنطاق النصــوص، ومــدى فهمــه لــدور الــدين في الحيــاة،ــات االجتهــاد الــتي تجعــل اإلســالم مواكبــا لألحــداث وإمســاكه بآلي

والتطورات. السيد وفي هذا السياق تتوجه األنظار بقوة إلى كل ما يقوله

ــمية من ــة رسـ ــه أو عن أي جهـ ــدر عن مكتبـ ــامنئي، أو يصـ الخـــة تصريحات؛ كونه الرجل السياسي والجهادي األول في الجمهوري اإلسالمية اإليرانية، بــل في العــالم. وقــد أطلــق ســماحته موقفــهم فيــه إنتــاج، وتخــزين، واســتخدام الــديني السياســي الــذي يحــر

النووية، وفق التالي: األسلحة الخــامنئي اإلمــام أن عن اإليرانية الخارجية وزارة ـ كشفت1. (436)النووية األسلحة «استخدام» بتحريم فتوى أصدر

د ـ وقد2 الديني الموقف الخامنئي علي السيد الثورة قائد أكم النووي، السالح من والشرعي . (437)حيازته وحر

حسن اإليــراني النــووي الملف عن مســؤولال أعلن ـــ كما3ــد[ روحــاني ــة فيمــا بع ــة اإلســالمية اإليراني أن ]ورئيس الجمهوري

ــالمية الجمهورية ــوى ملتزمة اإلس ــيد األعلى المرشد فت علي الســة. وأوضح المعاهدات من أكثر الخامنئي فتــوى أن روحــاني الدوليم المرشد . (438)«النووية األسلحة إنتاج، وتخزين، واستخدام» تحر أحمدي محمود اإليرانية اإلسالمية الجمهورية رئيس ـ سئل4 في األعلى الـــديني القائد أصـــدر هل: نيويـــورك مدينة في نجـــادــدمار النوويــة، وأســلحة األســلحة اســتخدام تمنع فتــوى إيــران ال

فتــوى ال يصــدر وعنــدما. صــحيح هــذا: األخــرى؟ فأجــاب الشــامل أي ســن عن عــاجز البرلمــان أن يعني وهذا. مناقشتها ألحد يمكن

ــانون، والحكومة ــاجزة ق ــذا موازنة أي تحديد عن ع ــوع له من الن. (439)الدين شرعي، وضد غير يعد األمر النشاط؛ ألن



هو اإليــراني النــووي البرنــامج أن الخــامنئي الســيد ـ أعلن5 من تمنعها اإلســـالمية الجمهورية مبـــادئ ســـلمية، وأن ألغـــراض

هم إنه بل. الذرية األســلحة اســتخدام إلى اللجوء بـــ األميركــيين اتــراني النووي البرنامج صعيد على «الكذب» قلنا»: اإلي إننا :مــرارا

رون لكنهم، وصــناعية سلمية ألغراض النووية الطاقة نريد أن يكــر أعـــوام منذ... النووية القنبلة على الحصـــول إلى تســـعى إيـــران

ــررت ــؤولوال أمتنا كـ ــذا نريد ال أننا فيها ونمسـ ــلحة. هـ األمر أسـ. (440)«نريدها ال فإننا ثمنها لنا دفعوا لو حتى. اإلسالم يحظرهــيد6 د الس ــ أك ــامنئي علي ـ ــليم حفل خالل، الخ البحرية تس

،(441)«جمــران» اسم تحمل محلي إنتــاج من مــدمرة أول اإليرانية. إلى امتالكه تسعى وال، الذري بالسالح تؤمن ال طهران أن

ــ قــال7 ــورة األعلى المرشد ـ ــران في اإلســالمية للث علي إي من يــوم الــذري، بعد الســالح إلنتــاج تسعى ال طهران إن: خامنئيــداء ــال من قلقها الذرية للطاقة الدولية الوكالة إب ــون أن احتم تك

الرســمي التلفزيــون ونقل. نووية قنبلة صــنع على تعمل طهــرانــاس ال الغرب اتهامات» إن :قوله خامنئي عن اإليراني من لها أس

ــحة؛ ألن ــداتنا الصـ ــتخدام من تمنعنا الدينية معتقـ ــذه مثل اسـ هـ. (442)«األسلحة إن: خــامنئي الســيد علي اإليــراني األعلى الــزعيم ـــ قــال8ــران ــعى ال إي ــاج تس ــالح إلنت ــووي س ــوم بعد وذلك ،ن إعالن من يــدة لألمم التابعة الذرية للطاقة الدولية الوكالة ــيتها المتح من خش

ــون أن ــالمية الجمهورية تكـ ــور اإلسـ تطـ ــاروخا صـ ــا ونقل. نوويـــات» قوله: اإلمام الخامنئي عن اإليراني الرسمي التلفزيون اتهام

من تمنعنا الدينية معتقــداتنا نألالصــحة؛ من لها أســاس ال الغرب وال ،الذرية باألســلحة نــؤمن ال... األســلحة هــذه مثل اســتخدام



. (443)«لذلك نسعىح سماحته بالتالي: »اسم9 يــدل ما بمقــدار الــذرة ـ كما صر

ر البشري العلم تقدم على التــاريخ، في واقعــة بــأقبح لألسف يــذك .البشر عند العلم لمكتســبات اســتغالل عامة، وأسوأ مذبحة وأكبر

أن مع نت أنتجت عديدة بلدانا في حــد وهــذا، النــووي السالح وخز الســالم يهــدد الجــرائم، ومما الرتكاب مقدمة يكون أن يمكن ذاته

ــالمي ــدة الع ــتخدام... بش ــالح اس ــذري الس ــؤد لم ال القتل إلى يب، بل الشــامل والدمار ق ولم وحســ من الشــعب أفــراد بين يفــر

ــكريين ــغار عس ــدنيين، وص ــاء وم ــار، ونس ــيوخ وكب ــال، وش ورج والجغرافية، السياسية الحدود الالإنسانية آثاره وأطفال، واجتاحت

أي يعــد تعــوض، لــذلك ال بخســائر الالحقة األجيــال حتى وأصــابــذا االســتخدام من شــكل ــالح، وحتى له باســتخدامه، التهديد الس ــا خرق ــادا القواعد ألوضح ج ــداقا ــانية، ومص اإلنس ــارزا ــرائم ب لج، أنه نعتقد. الحرب ل السالح عن فضال صــنوف ســائر النــووي، تمث كاألسلحة ،الشامل الدمار أسلحة الكيميائية، والميكروبيــة، خطــرا حــرام، األسلحة هذه أن استخدام نرى إننا... البشرية على حقيقيا

على واجب الكبــير البالء هــذا من البشر أبنــاء لحماية والســعي .(444)«الجميع عاتق

ح اإلطار هذا وفي إنتــاج بــأن (445)الله نصر حسن الســيد صر يجوز استعماله، ال النووي، أو السالح إن أقول: عندما أنا»: شرعار المقبلة الحرب روا المنطقة، وأكــثرهم وجه ستغي الســيد أن فســ

عندنا ما والله ال، نووي عنده صار نمتلك أن يجــوز ال نــووي، أصــال الخــامنئي اإلمــام يقوله نوويــا، والــذي نستعمل أن يجوز نوويا، وال

شــرعي، وليس حكم هو إن: يقــول هكــذا سياســيا، وفقهنا كالمــا ،الســالح من النــوع هــذا السالح، واســتخدام من النوع هذا امتالك



حرام . (446)«شرعا وبالتـالي، العــدو ميـاه تسميم بأن أخرى مناسبة في وأضاف

إحــدى في»: اإلســالم في جــائز غــير أمر الشــامل، الدمار أسلحة هــذا وفي، حصن هناك: له ، وقالوا|النبي وسألوا قوم جاء المرات علينــا، مقاتلين، ورجال، ونساء، وأطفال، واستعصى يوجد الحصن الحصــن، أهل منها الحصن، ويشــرب إلى تدخل ماء ساقية وهناك

م نلقي أن الله رســول يا تســمح هل ،(447)الســاقية مــاء في الســ ذلــك، من |الله رســول أهله؟ فمنعهم الحصن، ويستسلم فيسقطمه ــيد. عليهم وحر ــامنئي الس ــدما الخ ــدث عن ــارات عن يتح االعتب

النووي، هو الشامل، والسالح الدمار أسلحة موضوع في الشرعية يتحدث سياسة، وإنما يتحدث ال من شــرعية فقها، ودينا، وأحكامــا

.(448)«|محمد الله رسول زمن

ـ الدليل العقلي 3ــه ويرى بعض العلماء أن األحكام الشرعية توقيفية، بمعنى أن ليس للعقول فيها مسرح، بــل المرجــع فيهــا إلى الكتــاب العزيــز،

ة المطهرة ن . أضف إلى ذلك أن هناك الكثــير من العلــوم(449)والسع منها علوم أخرى، وهي تزداد ســعة وعمقــا مــع مــرور التي تتفرــزمن، بحيث يعجــز اإلنســان عن اإلحاطــة بهــا إحاطــة تامــة أو الــك أن ــدة. زد على ذل شاملة؛ إذ أصبح في كل علم تخصصات عديــة عقل اإلنسان قاصر عن إدراك الكثير من األمـور، ومنهــا: »ماهي

وح من﴿. قال تعالى: «الروح وح قـل الـر ويسألونك عن الـر(. 85 )اإلسراء: ﴾أمر ربي وما أوتيتم من العلم إال قليال

ــرآن ــد حث الق ــد، فق ــل ال تخفى على أح ــة العق ولكن أهمي الكريم، وهو أهم مصدر من مصــادر اســتنباط األحكــام الشــرعية،



الناس على استعمال عقولهم؛ ليعرفوا اللــه من خالل ذلــك. قــالــل﴿تعالى: ماوات واألرض واختالف اللي إن في خلق الســ

ع الناس ر بمــا ينفــ والنهار والفلك التي تجري في البحــماء من ماء فأحيــا بــه األرض بعــد وما أنزل الله من السحاب ياح والس موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرــون وم يعقل ــ ــات لق ماء واألرض آلي ــ ر بين الس خ ــ ﴾المس

(. 164)البقرة: ــاس ال ــأنيب لشــريحة من الن ــوم والت ــالى الل ــه تع ويوجه اللرون في خلق الله، ينظرون إلى روعة الخلق من حولهم، وال يتفك

ــالى: ــال تع ـر. ق ـ ــذون العب يروا في األرض﴿وال يأخ ــ أفلم يسا معون بهــ ا أو آذان يســ ــون لهم قلــوب يعقلــون بهــ فتكــوب التي في ار ولكن تعمى القل ــ ا ال تعمى األبص ــ فإنه

دور وهكذا نرى أن الله تعالى ذكر العقــل في(.ــ 46 )الحج: ﴾الصمواضع كثيرة في كتابه العزيز.

وال بد لنا في هــذا البحث الفقهي من االســتفادة من الــدليل العقلي وحجيته، إضافة إلى بعض المسائل األصــولية الــتي تــدخل كقضايا كبرى في القياس المنطقي الذي سنعتمد عليه في الدليل العقلي إلثبــات الحكم الشــرعي في قضــية إنتــاج أســلحة الــدمار

ــدليل ــامل. وال ــذي العقلي الش ــتدل ال ــاج حرمة على به سنس إنتــراد الشــامل الدمار أسلحة عقال، على أن قــبيح هو ما تحــريم به ي

ــإذا. الحسن والقبح صفتان واقعيتان يدركهما العقل ــه، ف وبناء عليم كان اإلسالم القاذورات، والقمامة، رمي عبر بالبيئة اإلضرار يحر

ــاب فمن م صــنع(450)أولى ب ــر ــاء أن يح ــتخدام واقتن ــلحة واس أس: كالتالي المعادالت الشامل. فتكون الدمار

: ـ المعادلة األولى1



ـ القضية الصغرى: اإلضرار بالبيئة ضررا معتدا به قبيح عقال.ــ القضــية الكــبرى: مــا يحكم العقــل بقبحــه يحكم الشــرع ـ

بحرمته. ـ النتيجة: اإلضرار بالبيئة حرام شرعا.

ــاء الجنس ــأن بق لقد شهدت السنوات األخيرة وعيا متزايدا ب البشري أصبح محفوفا بأخطــار كبــيرة؛ بســبب تــأثير اإلنســان في البيئة. وبالتالي فإن اإلضرار بالبيئة ظلم، والظلم قــبيح عقال، ومــامه الشرع. إن عملية إنتاج أسلحة الدمار الشــامل حه العقل حر قب تشوبها المخاطر الكبــيرة والخطــيرة على البيئــة، وعلى البشــريةعة االحتيــاط الالزم يبقى خــذت الــدول المصــن جمعاء، فحــتى لــو اتــة مــع احتمال وقوع كوارث بيئية ناتجة عن تسرب إشــعاعات نووي

الزمن أمرا واقعيا. : ـ المعادلة الثانية2

يضر بالبيئة. الشامل الدمار ـ القضية الصغرى: إنتاج أسلحة حرام بالبيئة اإلضرار: الكبرى ـ القضية . شرعا

ـ النتيجة: إنتاج أسلحة الدمار الشامل حرام شرعا. قد يقال بأن جواز إنتاج أسلحة الدمار الشامل أمر مشــروطد بأن ال يكــون الســعي إلنتــاج هــذه األســلحة مضــرا بالبيئــة، ومقيــة، بحيث يلحق الضرر باإلنسان، حتى على مستوى األجيال الالحقــه إلى أو بالحيوانات، أو بالنباتات. واألمر في هذه القضية يرجع في أهل الخبرة. والمقصود بهذا القيد أن الطبيعة ليست ملكا شخصيا إذا نظرنــا إليهــا بمجملهــا، بــل هي ملــك اإلنســان، بمــا في ذلــك األجيال الالحقة. وعنـوان الضـرر ال يختص بإلحاقـه بمن هم أحيــاء اليوم، بل يصدق عرفا أيضا على األجيــال الالحقــة. فــإذا كــان في إنتاج هذه األسلحة إنتاجا لنفايات سامة تلحق ضررا بالبيئة العامــة



لألرض، األمر الذي يؤدي تدريجيا إلى إلحاق الضــرر بالنــاس، ولــو على مستوى األجيال القادمة، حــرم األمــر. وفي ســياق ذلــك قــد

يضــر الشــامل الــدمار يسأل بعض النــاس: هــل أن إنتــاج أســلحة بتجارب القيام إلى يحتاج األسلحة بالبيئة؟ والجواب: إن صنع هذه

معلوم. هو كما ،بالبيئة مضرة

ــة وجــوب إنتــاج أســلحة المنطلقــات الفقهيــة لنظريالدمار الشامل

بحسب هذه النظرية ال يوجد دليل يمنع ذلـك، بـل إن الـدليل هو على خالفه. وبناء عليه فإن إنتاج وصنع أسلحة الدمار الشامل جــائز، بــل واجب، شــرعا وعقال، مــع القــدرة على ذلــك. ويمكننــا

االستدالل على ذلك بالتالي:

ـ الكتاب: وجوب اإلعداد للقوة وإرهاب العدو 1 والعلم، ويــــدفع العقل عن يــــدافع اإلســــالم أن شــــك ال

اإلحســاس عــدم الــذاتي، وإلى االكتفاء إلى اإلسالمية المجتمعات والتصــميم العقل امتالك في سواســية والضعف. فالنــاس بالنقص

﴿: تعالى قوله في ذلك واإلرادة، ويتجلى وأن ليس لإلنسان إال للــدفاع. والخطــوة التهيؤ يجب (، وبالتــالي39 )النجم: ﴾ما سعى

لحظــة. أي في النفس عن للــدفاع الــدائم التهيؤ هي فيه األولى عزيزا، مهابا، قويا، كما في قولـه يبقى أن يجب المؤمن فاإلنسانبيل اللــــه﴿: تعـــــالى اتلون في ســــ ومــــا لكم ال تقــــ

ــدان الذين اء والول ــ ال والنس ــ ج عفين من الر ــ والمستضا ــة الظالم أهلهــ ــا من هــذه القري ــا أخرجن ــون ربن يقول يرا ــا واجعــل لنــا من لــدنك نصــ ﴾واجعل لنا من لدنك ولي



. (75)النساء: وال بد من مالحظة الفارق بين تعلم تكنولوجيــا إنتــاج أســلحة الــدمار الشــامل وامتالك هــذه األســلحة، كمــا أن هنــاك فرقــا بين تعلم السحر، فهو جائز؛ لــدفع كيــد الســاحرين، بخالف اســتخدامهمــا. فمجــرد ــة بــاآلخرين، فيكــون محر ابتداء، وترويجه إللحاق األذي تحصيل القدرة على إنتــاج هــذا الســالح وامتالكــه؛ بهــدف إحــداث الرعب في مجتمع العدو، وردعه عن اســتخدامه ضــد المســلمين، هو أمر محبوب عند الله تعــالى. ولــذلك فــإن الســعي لــذلك أمــر مرغوب في نفسه، بل قد ندعي أنه واجب؛ بناء على أن اللــه قــد

الخيـل. أمــر المســلمين بإعــداد مــا اســتطاعوا من القــوة وربــاطــا﴿وصيغة األمر ظاهرة في الوجوب. قال تعالى: وأعدوا لهم م

ة ومن ربـاط الخيـل ترهبـون بـه عـدو استطعتم من قوــه ــونهم الل رين من دونهم ال تعلم ــ ــدوكم وآخ ــه وع اللــوف ــه ي بيل الل يء في ســ وا من شــ يعلمهم ومــا تنفقــ

.(60 )األنفال: ﴾إليكم وأنتم ال تظلمون لقد أمر الله تعالى المؤمنين بإعداد ما قدروا عليه من القوة للجهاد، وعلق ذلك باالستطاعة؛ لطفــا منــه تعــالى. وصــيغة األمــر

. وهو مــا يســتفاد من حكم العقــل بلــزوم(451)ظاهرة في الوجوب إطاعة أمر المولى، ما لم يرخص نفس المولى بــالترك، فيســتفادــا عن ده ــدير تجر ــدب، على تق ــوب، ال الن ــر الوج ــيغة األم من ص القرينة على إذن اآلمر بالترك. وفي ذلــك يقــول الشــهيد الصــدر:ر بين األصوليين عادة هو القول بأن هذه الصيغة تدل لغة »والمقر على الوجوب... وليس معنى دخول اإللــزام والوجــوب في معــنى الصيغة أن صيغة األمر ال يجوز استعمالها في مجال المســتحبات، بل قد استعملت كثيرا في مجال االســتحباب، كمــا اســتعملت في



مــوارد الوجــوب، ولكن اســتعمالها في مــوارد الوجــوب اســتعمالــه، عت ل ــ ــذي وض ــه اســتعمال للصــيغة في المعــنى ال حقيقي؛ ألنره الشــبه واستعمالها في موارد االستحباب استعمال مجازي، يــبر القــائم بين االســتحباب والوجــوب. والــدليل على أن صــيغة األمــر موضوعة للوجــوب هــو التبــادر؛ فــإن المنســبق على ذهن العــرف

ــداد، وامتالك(452)«ذلك . وبناء عليه فإن اآلية تدل على وجوب اإلعأسباب القوة، ومنها: إنتاج أسلحة الدمار الشامل.

ــمير في ــون، والض ــة هم المؤمن ــذه اآلي ــاطبون في ه والمخ )لهم( عائـد إلى الكفـار، وهم المـأمور بحـربهم في ذلـك الـوقت، ويعم من بعدهم، ويعود على الذين ينبذ إليهم العهد بلحاظ ســياقــتفاد اآليات التي سبقت هذه اآلية، والظاهر العموم في كل ما يس منه لكسر شوكة األعــداء. والمــراد بــالقوة كــل مــا يقــوي شــوكةــالرمي، فــإن معظم القــوة وأنكاهــا المســلمين على أعــدائهم، ك للعدو الرمي، وجــاء في فضــل الــرمي أحــاديث، وركــوب الخيــل،ــرب دة، وآالت الح وقوة القلوب، واتفاق الكلمة، والحصون المشيا في فضــل ربــاط كما ونوعا، والمالبس البهية. كمــا أن هنــاك نصــــود ــير معق ــروب، والخ ــا في الح ــاد عليه ــان االعتم ــل؛ إذ ك الخي بنواصــيها، وهي مــراكب الفرســان الشــجعان. ولعــل الربــاط من الخيــل الخمس فمــا فوقهــا، فربــاط الخيــل جمــع ربــط، وال يكــثرــط في ســبيل ربطها إال وهي كثيرة. والرباط اسم للخيل التي ترب اللــه. ويجــوز أن يكــون الربــاط مصــدرا من ربــط، كمــا يجــوز أن تسمى بالرباط الذي هــو بمعــنى المرابطــة. وقيــل: ربــاط الخيــل الذكور منهــا؛ لمـا فيهــا من القــوة والجلـد على القتـال، والكفـاح،ــار إذا علمــوا بمــا أعــددتم والكر، والفر، والعدو. والمعنى أن الكفــار ــوا من يليهم من الكف ــل خوف ــاط الخي ــوة ورب ــرب من الق للح



وأرهبوهم؛ إذ يعلمونهم ما أنتم عليه من اإلعداد للحرب، فيخــافوا منكم، وإذا كانوا قد أخافوا من يليهم منكم فهــو أشــد خوفــا لكم.

. (453)وبفزعهم ورهبتهم غنى كبير في ظهور اإلسالم وعلوه وأما في عصرنا الراهن فقد تعددت الخيـول؛ فمنهــا: البريـة، كالسيارات العسكرية، وناقالت الجند، والـدبابات؛ ومنهــا: الجويـة،ــة. كمــا تعــددت أســباب القــوة. وال كالطائرات المروحية، والحربي شك في أن إنتاج السالح اليوم، سواء كان على المستوى الكمي،ــات المجاهــدين إيجابــا، وفي أو النوعي، له تأثيره البالغ في معنوي معنويات األعداء يأسا وإحباطا. ولقد جاء أمر التسلح مطلقــا، ولمـة الســالح الـذي ينبغي على المســلمين تحـدد اآليـة الكريمـة نوعير على معنويــات التسلح به، بــل نحن مــأمورون بالتســلح بمــا يــؤثــوبهم، ومن المنطقي أن عب في قل ــر األعــداء، ويبث الخــوف وال الســالح التقليــدي ـــ في العصــر الحــديث ـــ لم يعــد مصــدر رهبــة لألعداء، مقارنة باألسلحة غير التقليدية. ولذلك فإن حيازة أســلحة دمار شامل أصـبح أمـرا ال منـاص منـه، وال سـيما في ظــل نظـام عــالمي يتســم بمنطــق القــوة والبطش، فال بــد ألمــة اإلســالم أن يكون لها القدرة على الحفاظ على وجودها، والــدفاع عن نفســها، وأن يكـــون لهـــا شـــأن بين األمم. وهـــذا يعـــني أن تملك الـــدول اإلسالمية لتلك األســلحة أصــبح مطلبــا شــرعيا، وال ســيما أن هــذازا، وسياسـة المطلب يحقق لهـا وضـعا اسـتراتيجيا وعسـكريا مميــوازن القــوى على المســتوى ــوع من ت ــؤدي إلى إحــداث ن ردع، ت

الدولي. د الشيخ القرضاوي ذلك التفسير آلية ، قــائال:﴾وأعــدوا﴿ويؤي

ــل »لم تعد الحرب مقصورة على إعداد القوة العسكرية وحدها، ب ال بد معها من قوى وجوانب أخرى، تعتبر ضرورية لكسب الحرب.



ومن هذه الجوانب: الحرب النفسية، ويقصــد بهــا: دراســة نفســية العدو، ومعرفة نقاط الضعف فيها؛ للتسلل إليها، ومحاولــة التــأثير عليها سلبا، بوسائل شتى، كلها تصب في اتجاه قذف الــرعب في قلوبهم، وتخــويفهم من المســلمين، وتيئيســهم من النصــر عليهم، ونقل الحكايات عن روائع بطوالتهم، وأنهم ال يبالون بــالموت، بــل يرحبون به، وأن لديهم من القدرات والخصائص والقــوى مــا ليس عند غيرهم. واإلسالم ال يغفل هــذا األمــر، بـل يوليــه عنايـة بالغــة؛ر األول في لعلمه أن الجانب النفســي )الســايكولوجي( هــو المــؤثــة من سلوك اإلنسان، وهذه العناية تشمل جانب التحصين والوقاي الغــزو النفســي لألعــداء، وجــانب الهجــوم والتــأثير عليهم نفســيا

.(454)«أيضا ويرى السيد حسن نصر الله أن اإلعداد للحرب النفســية هــو

، التي تشير إلى أهمية إرهــاب العــدو؛ وأن﴾وأعدوا﴿مصداق آلية وضــعنا الــداخلي هــو تثــبيت األولى بالدرجة النفسية الحرب هدف

ــوي، وتحقيق ــ ــي، والمعن ــ ــزة النفس ــ ــة، وذلك والكرامة الع ــ لألم يقال، ويســتهدف إيماننــا وعقيــدتنا، وذلك ما كل مواجهة بواسطة

نعتقــده، وما بــه، وما ما نــؤمن في بالشك يقال، ال ما في بالشك الطــرف نعرفه. أما هدفنا الثاني من الحرب النفسية فهو إرعــاب

ــد من استسالمه، أو إلى يؤدي اآلخر، وإخافته، بما انســحابه. وال ب بــأدوات، ووســائل، العــدو يشــنها الــتي النفســية الحــرب مواجهة

أحيانا. ولكنه يضيف شرطا آخر قلما يلتفت إليه وأساليب، مبتكرة اآلخــرون، الــذين يريــدون قهــر العــدو كيفمــا كــان، حيث يــرى أن

ال بــد أن تتم بــأدوات العــدو يشــنها الــتي النفسية الحرب مواجهة قيمنـــا، وثقافتنـــا، وأخالقنـــا، وضـــوابطنا مع منســـجمة ووســـائل

العســكرية، أو قتالنــا، ودفاعنــا، ومواجهتنــا، ســواء الشرعية. وكل



تكــون أن النفســية، يجب السياســية، أو االقتصادية، أو األمنية، أو اإليمانيــة، والدينيــة، والعقائديــة، والشــرعية، خلفيتنا مع منســجمة

واألخالقيــة، قــائال: »نحن في طبيعــة الحــال في مواجهــة الحــربــا، النفسية أيضا الهدف األول بالنسبة إلينا هو تثبيت شعوبنا، وأهلن وإرادتنا، وعزيمتنا، وقوتنا، وقدرتنا، أي منع الحرب النفســية الــتي يشنها العدو من تحقيق أهدافها، أي منعها من إيصالنا إلى اليأس، ومنعهـــا من إخافتنـــا، وإرعابنـــا، ومنعهـــا من إخضـــاعنا؛ لفـــرضــا االستسالم علينا، أو انسحابنا من الساحة، ومنعها من إقناعنا بأننــا، ــا، أو خياراتن ضعفاء، ومنعها من إيجاد الشك واالرتباك في فكرن أو انتمائنا، أو تجسيدنا الخارجي... المطلوب أيضا ـ في المقابــل ـ كما يعمــل هــذا العــدو على إخافتنــا وإرعابنــا يجب أن نعمــل علىــاع مجتمعــه بضــعفه، ــه، ويجب أن نعمــل على إقن ــه وإرعاب إخافت

. وهــل هنــاك(455)«وعلى إيجاد الشك والترديد تجاه جيشه وقيادتهــلحة وسيلة إلخافة الناس وإرعابهم أكثر من التهديد باستعمال أس الــدمار الشــامل ضــدهم؟ وهــل يمكن رد هــذا التهديــد إال بتهديــد

مماثل، وبنفس المستوى؟ ويمكن أن نســـأل: هـــل أن الحـــروب النفســـية هي تحطيم لكرامة اإلنســان، وإرادتــه، وتفكــيره، وحتى أحالمــه، بحيث يتحكم فيه إنسان آخر، فيصير جسدا بال روح؟ وأنك كما قد تقتــل إنســانا برصاصة فقد تقتل روحه وجسده بكلمــة؟ فــالحرب النفســية هيــائج ــا إلى نت تدمير لإلرادة الداخلية للمجتمع، والفرد. وإننا لو نظرن الحروب المادية سنجدها نتائج محسوسة، قد تؤدي إلى االستقرارــا الحــروب مع مرور الزمن، ويمكن طي صفحاتها بكل سهولة. أم النفسية فهي تجعل اإلنسان ميت اإلرادة، قليل الحيلة. ويرد عليهـه أن كل حرب فيها خسائر بشرية، ومعنوية، وماديـة، وزمنيـة، وأن



ر أمــد الحــرب، كلما قلت هذه الخســائر بمختلــف أشــكالها، وقصــ، وأنين. وإن الحروب النفســية قــد ، وغم كلما ارتاح العالم من هم تعــد مظهــرا من مظــاهر التقــدم اإلنســاني، وال ســيما أنهــا تتخــذف إلى ذلــك سياسة حقن الدماء، وحفظ األنفس من الضياع؟ أضــ أنه ال بد من مقابلــة األعــداء بالمثــل، ومن إتقــان فنــون الحــروب الـتي يشــنونها علينـا، ومنهـا: الحـرب النفسـية، الـتي تختلـف عن الحــرب العســكرية، واالقتصــادية، فهي تســتهدف عقــل اإلنســان، وعقيدته، ومعنوياته، وثقتــه بنفســه، وال تســتهدف باألصــالة جســد

اإلنسان أو ماله. وبناء على ما تقدم فإننا نستدل بالقضــايا المنطقيـة الــتي تم تركيبها؛ لتكون حجة ودليال على جواز صنع أسلحة الدمار الشامل، مع لفت النظر إلى أن اإلعداد ال يعني االستخدام، وال يعــني عــدم االســتخدام عنــد الضــرورة، فهــو يهــدف إلى إرعــاب العــدو كي ال

يعتدي علينا، فتكون القضايا كالتالي: : ـ المعادلة األولى1

ـ القضية الصغرى: وأعدوا: فعل أمر. ـ القضية الكبرى: صيغة األمر ظاهرة في الوجوب.

ـ النتيجة: اإلعداد للقوة واجب. : ـ المعادلة الثانية2

ـ القضية الصغرى: أسلحة الدمار الشامل ترهب العدو. ـ القضية الكبرى: كل قوة ترهب العدو يجب اإلعداد لها؛ ألن

إرهاب العدو واجب. ـ النتيجة: إنتاج أسلحة الدمار الشامل واجب.

ففي عصرنا الراهن كل دولة تمتلك السالح النووي، ويمكنها إيصاله إلى العدو، ســواء عــبر الصــواريخ البعيــدة المــدى، أو عــبر



الطائرات، هي دولة مرهوبة الجانب، وال تتجــرأ دولــة أخــرى على االعتداء عليها. وبناء عليه فإن إنتاج أسلحة الدمار الشامل هو من أهم عناصــر القــوة في عصــرنا الــراهن، الــتي توقــع الــرعب فيــق ــون القل ــاتهم، وتجعلهم يعيش ــعف معنوي ــداء، فتض ــوب األع قل

ر، فتهزمهم نفسيا. والتوت

نة 2 ـ السدت السنة الشــريفة مفــاد اآليــات القرآنيــة، فــالمؤمن لقد أك

نفســه، وعرضــه، ومالــه، كمــا في عن يــدافع كما قيمه عن يدافع ولمــا. (456)«عليه يعلى وال يعلــو، اإلســالم»: |الرسول األكرم قول

كان علو اإلسالم ال يتحقق بدون األخذ بأسباب القوة بحســب كــل زمــان ومكــان وجب على المســلمين تحقيــق عــزتهم عــبر األخــذــوة، بأسباب القوة، ومنها: إنتاج هذه األسلحة؛ ألن أكثر األسلحة ق وفتكا، وتدميرا، وإرهابا، هي أسلحة الدمار الشامل، وبالتالي فــإن من يمتلكها يرعب أعداءه، ويحقق النصر المعنــوي عليهم، ويحــددــردع. ســقف المعركــة، إن لم يكن للطــرف اآلخــر قــدرة على ال فيكون السعي لتحصيل تكنولوجيا إنتــاج أســلحة الــدمار الشــامل،ــه وال سيما النووية منها، وصنعها أمرا واجبا شرعا، إال ما خــرج من

بدليل، وال دليل على خالفه. ×أضف إلى ذلك مـا ورد عن اإلمـام علي ، الـذي كــان حزينـا

لما آل إليه وضع المسلمين، فقام بواجبه كإمام لهذه األمة، وولي ألمور المسلمين، فأكثر تــأليبهم، أي تحريضــهم، وإغــراءهم بقتــال األعداء، وتأنيبهم، أي أشد اللوم، ولكنهم ضعفوا، وفــتروا، بــالرغمــاقلوا، وال من أن ممالكهم تزوى، أي تقبض. فطلب منهم أن ال يتث يقــروا بالخســف، أي أن ال يعــترفوا بالضــيم، ويصــبروا لــه، وأن ال



يبوؤوا بالذل، قائال: »أال تــرون إلى أطــرافكم قــد انتقصــت، وإلىــزوى، وإلى بالدكم تغــزى! أمصاركم قد افتتحت، وإلى ممــالككم تــاقلوا إلى األرض ــدوكم، وال تث ــال ع ــه إلى قت ــروا رحمكم الل انف فتقروا بالخسف، وتبوؤوا بالذل، ويكون نصيبكم األخس، وإن أخــا

. (457)«الحرب األرق، ومن نام لم ينم عنه، والسالم أن المـؤمن المجاهـد«ومنطوق جملة »ومن نام لم ينم عنه

ينبغي له أن ال ينـام أثنـاء الحـرب، فال بـد من مجموعـات تحـرس المجموعات التي تستريح أثناء الحــرب، وفي أرض المعركــة. أمــا مفهوم هذه الجملة، في كل زمان، فهو أن المؤمــنين المجاهــدين ال بد لهم من اليقظة الدائمة على مستوى تحصــيل معلومـات عن خطط العدو، وأسلحته، كمــا ونوعــا، بــل ال بــد من تحصــيل أنــواع أفضل من أسلحة العــدو، تتفــوق عليهــا، وكميــة أكــبر؛ كي يتمكن المجاهــدون من االســتمرار في المعركــة، وتحقيــق النصــر. ففي عصــرنا الحاضــر ال معــنى لليقظــة من دون العمــل على تحصــيلر أسباب القوة، التي تردع العدو، أو تلحق به الهزيمة في حال قــر شن هجوم على بالد المسلمين، وهــذا يعــني أن العــدو إذا امتلــك أسلحة دمار شامل فال بــد من امتالك المســلمين لهــذه األســلحة؛ كي يتحقق تــوازن الــرعب، وإال وقــع المســلمون فريســة األعــداء المتوحشين، الذين ال يراعون قانونا دوليا، وال إنسانيا، حين ينــوون

غزو بالدنا؛ طمعا بخيراتنا، وأرضنا، وعرضنا، وأموالنا. علمــاء أقــوال وال بد لنا في هــذا المجــال من االســتفادة من

ة. فقد ن دخــول بعض الفقهــاء الحظ المســلمين من الشــيعة والســ المحقة، الحــرب في اســتخدامها فأجازوا، المستجدة القضايا هذه القــوة. إعــداد لزوم لدليل المشمولة الواجبات من ذلك جعلوا بل

الســبق في مباحثهم في الحرب آالت في التطور هذا الحظوا كما



الوسائل بمختلف والرماية السبق إلى ذلك عمموا والرماية، حيث باإلعــداد يتصل مما أنه على البــاب هــذا فهمــوا الحربيــة؛ ألنهم

. للحروب واالستعداد أن القيــام(458)ويرى السيد محمد سعيد الطباطبــائي الحكيم

بالتجارب النووية، وصنع أسلحة الــدمار الشــامل، أمــر جــائز، وأند نســبي، ولكنه أمر بالبيئة اإلضــرار حفظه على القــدرة على يؤك: به والتحكمة ال الصنع »نفسـ 1 .لــذلك اآلخــرين امتالك مع يحرم، خاصــ

ــد ال ،نعم ق من ب ــام التوث ــدقيق الت ــأن وال ــدي الســالح يقع ال ب بأيل حرمات تستبيح دكتاتورية أو متساهلة أنظمة ذلك اآلخرين، ويمث هــذا في صــارمة قــوانين من بــد وال. الصــنع أمــام رئيســية عقبة

ق ولو الســالح ـ اســتخدام عــدم ضــمان من التــام المجــال، والتوث . المشروعة القصوى الضرورة غير في ـ الحقا

التجارب على يقتصر ال درجاته، وهو تختلف بالبيئة ـ الضرر2ـة، وال ومالحظة الموازنة من الحـــــــــاالت كل في بد النوويــــــــ

د النتائج التي وصلت إليها هــذه(459)«األولويات . وكالم سماحته يؤيالمقالة.

النــووي، الســالح صنع (460)گراميالشيخ ويجوز صــنع»: قــائال ،العــدو إرهــاب جهة من ؛جــائز النووي السالح :تعــالى بقوله عمال

ة﴿ ا استطعتم من قو .(461)«(60 )األنفــال: ﴾...وأعدوا لهم مد أيضا النتائج التي وصل إليها هذا البحث. وكالم سماحته يؤي

دت إنتــاج «وجــوب» الشــريف بــاألزهر الفتــوى لجنة كمــا أك المتطــورة؛ األســلحة من النووية، وغيرها لألسلحة اإلسالمية األمة

بيد األســلحة هذه وجود ظل في نفسها، وخاصة عن الدفاع بهدفــدائها ــوى. أع ــة الفت وأوضــح الشــيخ عالء الشــناويهي، عضــو لجن



باألزهر، أن اإلسالم أوجب على األمة اإلسالمية أن تكون متيقظــة عارفــة بعــدوها؛ لتتمكن من االســتعداد بمــا يتالءم مــع قــوة هــذا

ــالى: ــه تع تطعتم من﴿العدو؛ امتثاال لقول وأعدوا لهم مــا اســباط الخيل ة ومن ر . ﴾قو

ــ كــان|ويرى الشناويهي أن الرسول ـ وهو القدوة الحســنة ـ يتحضر ويتقدم في كيفية االستعداد للعدو بكل الوســائل المتاحــة. وعليه فلو استعدت األمة اإلســالمية بشــيء أقــل ممــا يتســلح بــه عدوها فإنها تأثم؛ لتقصيرها في هذا الجانب. وأضــاف عضــو لجنــة الفتوى باألزهر أن اإلسالم عندما أمر بالتطور واالستعداد والتسلحــة ــبح األم ــه أن تص ــة لم يكن هدف ــوة والطاق ــاليب الق ــل أس بك اإلسالمية أمة مفســدة في األرض، وإنمــا كــان هدفــه مــا ورد في

رين من﴿قوله تعالى: ترهبون به عــدو اللــه وعــدوكم وآخــ ، وحتى يشــعر الجميــع بــأن﴾دونهم ال تعلمونهم الله يعلمهم

األمة اإلسالمية لديها من القوة والمنعة ما يجعلها قادرة على صــدأي عدوان يوجه إليها.

ــة ـه يجب على جميـــع الـــدول العربيـ ــ ــناويهي أن ــد الشـ وأكـــا مرفوعــة ــتي تجعله واإلســالمية أن تتســلح بأحــدث األســلحة الــام من الهامة، محفوظة الكرامة، مشيرا إلى أن ما نراه هــذه األي هــوان لألمــة هــو أكــبر دليــل على تخلفهــا؛ بســبب عــدم تســلحها بأفضل األسلحة، في وقت ابتكر فيه أعداؤنا وسائل عديدة لتدمير

وإبادة المسلمين المستضعفين. ــوى من جهته وافق الشيخ علي أبو الحسن، رئيس لجنة الفت باألزهر الشريف، على الفتوى، مطالبا الــدول اإلســالمية بالســعي إلنتاج األسلحة النووية وغير النوويـة؛ ممـا يـرهب عـدوها، ويمنعـه من االعتــداء عليهــا. ويــرى أبــو الحســن أن معرفــة العــدو واجب



ديني، وأن اإلعداد له فريضة شرعية، وأنه إذا ظهر السالح في يد أمـــة من العـــالم، ســـواء كـــانت صـــديقة أو معاديـــة، لـــزم على المسلمين أن يمتلكوا نفس هذه األسلحة، أو أسلحة أقــوى منهــا، وأن ذلك ما أجمع عليه الفقهــاء. وأضــاف رئيس لجنــة الفتــوى أنــذه الفقهاء أجمعوا أيضا على أنه إذا ترك المسلمون اقتناء مثل هــاذ األسلحة فإنهم آثمون شرعا، وعليه فإن اإلعــداد لألعــداء، واتخــة الوســائل الممكنــة للــدفاع عن النفس، فريضــة واجبــة، وال كاف يجوز تركها شرعا؛ ومن ثم فــإن ســعي الــدول اإلســالمية المتالك

. (462)كافة أنواع األسلحة الحديثة، نووية أو غيرها، واجب شرعيــيخ ــرى الش ــدكتور وي ــاوي يوسف ال ــالم(463)القرض أن اإلس

يوجب على األمة المسلمة أن تمتلك هــذه األســلحة الرادعــة، مــا دام غيرها يملكها، ويمكن أن يهددها به، وأن األمة اإلسالمية ال بــد

ــو يتطلب ــكري: »وهـ ــداد العسـ ــا من اإلعـ ــداتلهـ ــداد المعـ إعـ ، وهو ما أمر به القرآن األمة أمرا صريحا في قــول اللــهواألسلحةــالى: ــاط﴿تع ب ة ومن ر و تطعتم من قــ ا اســ وأعــدوا لهم م

وهذا األمر يشملـ. (60 )األنفال: ﴾الخيل ترهبون به عدو الله إعداد كل وسائل القوة العسكرية الالزمــة لتحقيــق االنتصــار على العدو، ومنهــا: ربـاط الخيـل. والمـراد بربـاط الخيـل: ربـط خيـول المجاهدين على الثغور، ومنافذ البالد، التي يمكن أن يتســلل منهـا األعداء. وقد جاء عدد من األحاديث الصحيحة تنوه بمــا في إعــداد الخيل للجهاد من أجر ومثوبة عند الله. ونقول هنــا: إن النص على الخيل ـ باعتبارها وسيلة من وسائل القوة في العصــور الماضــية ـ ال يلزمنا بأن نقف عند هذه الوسيلة، فلكل عصر خيلــه وفرســانه.ــفحات، ــدبابات، والمصـ ــرنا هي: الـ ــل عصـ ــد أن خيـ ــذا نجـ ولهـ، بل يشمل هذا ات المقاتلة في البر والمجنزرات، وغيرها من اآللي



المعــدات البحريــة، من الســفن، والبــوارج الحربيــة، والغواصــات، وغيرها، وهي من أهم آليات الحرب في عصرنا. بــل يشــمل ذلــك الوسائل الجوية، من الطائرات، واألقمــار الصــناعية، والصــواريخ، وغيرها. وهناك األسلحة النووية، التي استخدمتها أمريكا في نهاية الحرب العالمية الثانية ضد اليابــان، في هيروشــيما، وناغــازاكي... نرى أن أمة اإلسالم يجب أن تمتلك هذه األسلحة غير المشروعة؛ لتكون ســالح ردع وتخويــف ألعــدائها. وهنــاك فــرق بين اســتخدامضــة هــذه األســلحة وامتالكهــا؛ فــإن امتالكهــا ضــروري ألمــة معر للعدوان من القوى التي تعادي المسلمين. وقــد أثبتت الوقــائع أن

لم .(464)«امتالك مثل هذه األسلحة هو ضمان للســدكتور عبد وردا على السؤال نفسه الذي وجه إلى األستاذ ال

ــاريخ،(465)حريز المعز ، حــول موقــفم12/3/2003: من قطر، بتــع اإلسالم من الحرب الكيميائية، أجاب سماحته بأن اإلسالم ال يمن المســلمين من إنتــاج األســلحة الكيميائيــة على أنهــا أســلحة ردع. وتفصــيل جوابــه هــو التــالي: »بســم اللــه، والحمــد للــه والصــالة والسالم على رسول الله، وبعد، فإن اإلســالم يحافــظ على البيئــة في الحرب والسلم، وهذا ال يمنع المســلمين من امتالك األســلحة الكيميائيــة على أنهــا أســلحة ردع... األســلحة الكيميائيــة وغيرهــا،ــة ــق الدول ــوب في ح ــذا الوج ــا ه ــا في زمانن ــل في امتالكه األص

ا استطعتم من﴿اإلسالمية؛ امتثاال لقوله تعالى: وأعدوا لهم مباط الخيــل ترهبــون بــه عــدو اللــه وعــدوكم ة ومن ر قو

رين من دونهم ال تعلمــونهم اللــه يعلمهم )األنفــال:﴾وآخــ ولهذا فإن هذه األسلحة يتوجب علينا السعي المتالكها؛ حتى (.60

نكون أمة لهــا رهبتهــا في بالد الكفــر، فال يتمــاأل أهــل الكفــر على. (466)«المسلمين...



إنتــاج (467)البوطي رمضان سعيد محمد الدكتور ويجوز الشيخ أسلحة الدمار الشامل؛ لتتكافأ قوتنا مع قوة األعداء، قائال: »يجوزــة: ــة القرآني ــا، عمال باآلي ــدمار الشــامل واقتناؤه صــنع أســلحة ال

بــاط الخيــل﴿ ة ومن ر و تطعتم من قــ ا اســ وأعــدوا لهم م (، كمــا يجب أن ينهض60 )األنفــال: ﴾ترهبون به عــدو اللــه...

العالم اإلسالمي ليقول: إن على المسلمين إعداد القــوة في هــذان في«إســرائيل»المجال؛ لتتكافأ قوتنا مــع قــوة األعــداء، فـ تتفنــة أنواعها د تصــريحه(468)«صــنع واقتنــاء هــذه األســلحة بكاف . ويؤي

ز بين عنــف المظلــوم الشفهي هذا بتصــريح خطي آخــر، حيث يمي عندما يضطر إليه الستعادة حقه من الظالم، أو الدفاع عن نفسه،

ــه تعــالى: ر عمال بقول ــف مشــروع ومــبر وإن عــاقبتم﴿فهــو عنــه... ــوقبتم ب ــا ع ــل م ــاقبوا بمث ــل: ﴾فع (، وبين126 )النح

. ويعطي(469)اإلرهــاب الــذي تتم ممارســته ضــد األبريــاء واآلمــنين مثاال من فقه الجهاد، وهو أنه في حالة وطأ األعــداء دار اإلســالم، وأقاموا فيها أو في جزء منها على وجــه الغصــب والعــدوان، فمنــه يجب على المســلمين في فق عليه عند علماء المسلمين أن المت هــذه الحالــة التصــدي لهم، والنهــوض لصــد عــدوانهم بــأي ســبيل ممكن، قائال: »ال يجوز للمسلمين ـ حكاما ومحكومين ـــ إقــرارهمسوا به من االغتصاب لحقوق عينية ثابتة، بــأي وجــه على ما قد تلب من الوجوه. وال منــاص للمســلمين من العمــل على ردع العــدوانبل واســــتعادة األرض المغتصــــبة إلى أصــــحابها بكــــل الســــ

بل الممكنة(470)«الممكنة ــ ــل السـ ــطلح »بكـ ــك أن مصـ «. وال شـ يشــمل أســاليب المواجهــة، واألســلحة المســتعملة في التصــدي للعدو المعتدي، وبالتالي فهو يشمل األسلحة غير التقليدية، ومنها:

أسلحة الدمار الشامل.



م،1/6/2005وردا على سؤال وجه إليه من العراق، بتاريخ: ــه من حــق الدولــة المســلمة(471)أحمد أبــو الوفا أجاب الدكتور بأن الشامل: »بســم اللــه، والحمــد للــه، والصــالة الدمار إنتاج أسلحة

ــه، وبعــد: ســبقت الشــريعة اإلســالمية والســالم على رســول اللــاظ على القانون الدولي العام في مبادئ العدل واإلحسان، والحف الحقوق واألبدان، والتي منها وضــع قيــود في اســتخدام األســلحة،ــعيفة من ــة البالد الضـ د البالد القويـ ــر ــذا أن تجـ ــنى هـ وليس معـ األسلحة، فلها حق امتالكها؛ للردع والدفاع عن نفســها. ومــع ذلــكــه من حــق الدولــة المســلمة امتالك نص فقهاء المسلمين على أن األسلحة... وهذا من العدل، بعكس امتالك دولــة واحــدة لألســلحة

. (472)«المتطورة، ووأد كل محاولة في العالم المتالكها أســلحة إنتــاج بجــواز (473)حمــد الفهد بن ناصر الشــيخ ويفتي

الــدمار المســتوى على «بمكيــالين الكيل» عن الشــامل، متســائال جعلــوا إنما هــذا زمننا في الكفار أن المعلوم ومن»: الدولي، قائال

«؛ردع أســلحة» الشــامل الــدمار بأســلحة المسماة األسلحة هذه هذه باستخدام ببعيد للعراق عنا أمريكا تهديد غيرهم. وما لتخويف

يبيحها الـــذي فما... «إســـرائيل» العـــراق هـــاجمت لو األســـلحةمهاألمريكا، ــار، ويحر يتشــدقون الــذين المســلمين؟! إن على والكفــا، هم ،الشامل الدمار أسلحة انتشار بمحاربة أول كأمريكا، وبريطاني

الكيمـاوي الســالح اسـتخدمت األسـلحة. فبريطانيا هذه استخدم منــيين ضد ــ ــرب في العراق ــ ــتخدمت األولى، وأمريكا العالمية الح ــ اس

أن الثانيــة، كما العالمية الحــرب في اليابــان ضد النــووي الســالح. (474)!«األسلحة بهذه مليئة اليهود مع ترسانتهم

ـ الدليل العقلي 3



ــدرك ال يســتقل العقــل في إدراك األحكــام ومالكاتهــا، بــل يــابت شــرعا، أو عقال، وبين حكم شــرعي ــة بين الحكم الث المالزمــه. ونلفت إلى أن ــواجب ومقدمت ــة بين ال ــه بالمالزم ــر، كحكم آخ

األصوليين قسموا المقدمة إلى قسمين: ــا نفســــ المقدمـــة الوجوبية1 ــا يتوقف عليهـ : وهي مـ

الوجوب، بأن تكون شرطا لــه. ومثالهــا: االســتطاعة بالنســبة إلى الحج، والبلــوغ والعقــل بالنســبة إلى التكليــف. ويســمى الــواجب

بالنسبة إليها )الواجب المشروط(. ــة الوجودية2 ــ المقدم : وهي مــا يتوقف عليهــا وجــودـ

الواجب، فيكون الوجوب بالنسبة إليها مطلقا، فال بد من تحصــيلها كمقدمة لتحصيله، كالوضوء بالنسبة إلى الصالة، والسفر بالنســبةــدار بحث ــ ــة هي م ــ ــة الوجودي ــ ــك أن المقدم ــ إلى الحج. وال ش

. (475)الوجوب ونبــدأ بمســألة وجــوب مقدمــة الــواجب، فــإذا كــان اإلتيــانــه، كالوضــوء بالنســبة إلى ــالواجب يتوقف على حصــول مقدمات ب الصــالة، والســفر بالنســبة إلى الحج، فال بــد لإلنســان العاقــل من تحصيل تلك المقدمات، التي هي عبــارة عن علــل، أو شــروط، أو رفــع موانــع. فالعقــل ال شــك يحكم بوجــوب مقدمــة الــواجب، أيـة العقليـة يدرك لوازمها. وقـد أجمـع األصـوليون على هـذه الالبدي للمقدمة التي ال يتم الــواجب إال بهــا. ولكن هــل يحكم أيضــا بأنهــا واجبة عند المولى الــذي أمــر بــالواجب الــذي يتوقف عليهــا؟ لقــد كــثرت األقــوال والنقاشــات في المســألة، وليس المقــام مناســباف باتجــاه اإلتيــان لمناقشتها. فوجوبها العقلي كاف لتحريــك المكلــف لإلتيــان بكــل مــا بها، ومع فرض وجود الداعي في نفس المكلــر من يتوقف عليه المأمور به تحصيال له ال تبقى حاجة إلى داع آخ



ــه ــه عبث ولهــو، بــل يمتنــع ذلــك ويســتحيل؛ ألن ــل المــولى؛ ألن قب. (476)تحصيل للحاصل

ــا ــوة م ــداد للق ــر اإللهي في اإلع ــال لألم ــك أن االمتث وال ش استطعنا إلى ذلك سبيال يـوجب علينـا العمـل على األخــذ بأسـباب القوة، ومنها: أسلحة الدمار الشامل، التي تعـد من أقـوى أسـلحة هــذا العصــر. والحصــول على هــذه األســلحة إمــا أن يكــون عــبر شرائها، وهو أمر صعب جدا، حيث يفــرض حظــر دولي كبــير على بيعها؛ وإما عبر إنتاجها محليا، وذلك باالعتماد على قــدرات الدولــة

اإلسالمية الذاتية، ويمكن االستعانة بخبراء من دول أخرى. إن أســلحة الــدمار الشــامل هي من أبــرز مصــاديق اإلعــداد للقــوة في عصــرنا الــراهن، لــذلك فــإن إنتاجهــا هــو أهم مصــداق لمفهوم اإلعداد للقوة الذي أمرنا الله تعــالى بــه في محكم كتابــه

الكريم، فيكون الدليل كالتالي: مقدمــة الشــامل الــدمار ـ القضــية الصــغرى: إنتــاج أســلحة

ضرورية لواجب اإلعداد واألخذ بأسباب القوة. : الكبرى ـ القضية . مقدمة الواجب واجبة عقال

ـ النتيجة: إنتاج أسلحة الدمار الشامل واجب. ــذي ــو ال ــدليل العقلي بطريقــة أخــرى، فه ويمكن صــياغة الــد يوجب إنتاج أسلحة الدمار الشامل كمقدمة لدفع الضرر الذي ق ينتج عن مهاجمة البالد والشعوب بأسلحة الدمار الشامل، فالعقلــوة. يحكم بوجوب دفع الضرر كمقدمة وجودية لوجوب اإلعداد للق فبعد أن بينا مفهوم الدليل العقلي وحجيته ال بد لنا من بيــان بعضب من ــرك ــدليل العقلي الم ــلب ال ــدخل في ص ــتي ت ــائل ال المســل على قضيتين ونتيجة، والذي سنعتمده في البرهنة على جواز، بــيما وجوب، صنع أسلحة الدمار الشامل في عصرنا الراهن، وال س



بعد إنتاج دول أخــرى لهــذه األســلحة، وفي ظــل عــالم ال يفهم إال بالقوة، عالم تسوده شريعة الغاب، فيقهــر فيــه القــوي الضــعيف،

والغني الفقير. فتكون المعادلة كالتالي: ـــ القضــية الصــغرى: إنتــاج أســلحة الــدمار الشــامل مقدمــة

وجودية لتحقيق الدفع. ـ القضية الكبرى: العقل يحكم بوجوب دفع الضرر.

ـ النتيجة: إنتاج أسلحة الدمار الشامل واجب لدفع الضرر.

الهوامش

منظور تحليلي ونقدي مقارننظرات في أدبيات الفرقة الناجية*(*()أ. مشتاق بن موسى اللواتي

ــة، في ــة الناجي ــديث الفرق ــتراق، أو ح ــديث االف ــد ورد ح لق مصـادر متعـددة للحـديث عنـد المســلمين من مختلـف المـدارس

الفكرية. فقد أخرجه الربيع بن حبيب في مسنده؛ كما رواه أحمــد في مســنده، وكــل من الترمــذي وابن ماجــة وأبي داوود في ســننهم؛

ورواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين. وأخرجه الكليني في الكافي؛ والصدوق في الخصال ومعاني

باحث مهتم بالفكر العربي اإلسالمي، من سلطنة عمان.)*(*( ، الســـنة الســابعة، ربيــع وصــيف27 ـ 26ـ العـــددان االجتهــاد والتجديد

309هـ1434م ـ 2013


األخبار.وأقدم نص وردنــا منــه هــو مــا في مســند الربيــع بن حــبيب)

ه: 175 ســتفترق أمــتي على ثالث وســبعين»هـــ(. وهــذا هــو نصــهن إلى النــار، مــا خال واحــدة ناجيــة، وكلهم يــدعي تلــك فرقــة، كل

. (477)«الواحدة وقد تعددت طرقه، وتنوعت ألفاظــه وألســنته. وعلى الــرغم من ذلك فقد واجهت رواياتــه بعض المشــكالت، ســواء من ناحيــةــند، والمتن، السند أو المتن. كما تعرضت لنقود عدة من جهة الســه اختلفت ــاء علي ــة. وبن ــا في األم ــتي تتركه ــار ال والتطــبيق، واآلث

تقييمات العلماء والمحدثين له، على النحو التالي:

حون له، والمحتجون به أوال: المصحــدثين، ــة من المح ــه جماع ن بعض روايات ــ ــحح وحس ــد ص فقـان في ـ ــننه، وابن حب ــذي في س ــتدركه، والترم ــاكم في مس كالح صــحيحه. ولكن تجــدر اإلشــارة إلى أن الروايــة الــتي علق عليهــا الحاكم بأنها كثيرة األصــول، وصــححها الترمــذي، لم تشــتمل على

. كمــا أن الــذهبي تعقب الحــاكم«كلها في النار إال واحــدة»عبارة ما احتج مســلم بــه»حول أحد رواتها، وهو محمد بن عمرو، قائال:

.(478)«منفردا، بل بانضمامه إلى غيرهــامع ــنده أو في الج ــبيب في مس ــع بن ح ــه الربي ــا أخرج كم الصحيح الذي يعتبر أصح كتب الحديث رواية، وأعالهــا ســندا، عنــد

ح الشيخ السالمي في تنبيهاته على الكتاب. اإلباضية، كما صرــبر واعتبر شارحه السالمي الحديث من أعالم النبوة؛ ألنه أخ

.(479)عن شيء من الغيب، فوقع مشاهدا وسئل ابن تيمية عنه فأجاب بأن الحديث صحيح مشــهور في



السنن والمساند، كسنن أبي داوود والترمذي والنسائي وغــيرهم.ــتفترق وأشار إلى بعض ألفاظه، منها: ما اشتمل على عبارة »وس

؛«هذه األمة على ثالث وســبعين فرقــة، كلهــا في النــار إال واحــدة وفي رواية: قالوا يا رسول«؛وفي لفظ: »على ثالث وسبعين ملة

: من الفرقة الناجية؟ قــال: من كــان على مثــل مــا أنــا عليــه|الله هي الجماعــة، يــد اللــه على» وفي رواية: قــال «؛اليوم وأصحابي

.(480)«الجماعة واستدل به الفقيه المقاصدي الشاطبي في الموافقــات، فيــالقول: ــارحه ب ــه ش ــحابة. وعلق علي ــنة الص ــة س ــه عن حجي بحثــاظ ــحابة، بألف ــير من الص ــة كث ــيرة، من رواي ــرق كث ــديث ط للح متقاربة، وممن رواه أبو داوود والترمذي وابن ماجة وأحمد، وقال

.(481)الترمذي: إنه حسن صحيحــات ــه على إحــدى رواي ــة المجلســي تعليق ونقــل عن العالم

إن أصــل هــذا الخــبر في غايــة الوثاقــة واالعتبــار على»الصدوق: .(482)«طريقة القدماء، وإن لم يكن صحيحا بزعم المتأخرين

وممن صــححه من المعاصــرين المحــدث الســلفي األلبــاني،ــة ــحيحة. وعلق على الرواي ــاديث الص ــلة األح ــه في سلس وأدرج

»األخرى للترمذي، والتي اشــتملت على عبــارة كلهــا في النــار إال ، قــال«ملة واحدة، ولما سئل عنها، قال: »ما عليه أنــا وأصــحابي

نه الترمــذي األلباني في تعليقه: »ضعيف بهذا الســياق. وقــد حســــه في ــذلك أوردت في بعض النسخ، وهو ممكن باعتبار شواهده، ول

. وعلق على روايــة معاويــة بن أبي ســفيان، وهي«صحيح الجــامعــدة، وهي ــار إال واحـ ــا في النـ ــارة »كلهـ ــتمل على عبـ ــا تشـ أيضـ

. ولم يعبــأ األلبــاني باشــتمال ســندها« بقولــه: »صــحيح«الجماعةــه ب، و ذكــر بأن صــ على أزهر بن عبد اللـه الهــوزني المعــروف بالن



قه العجلي وابن حبان. و قال فيه األزدي: يتكلمون فيــه، و قــال وث ابن حجر في التقريب: صدوق، تكلموا فيه؛ للنصب. ولم يصــححه الحافظ في تخريجه على الكشاف، بــل اكتفى بتحســينه. غــير أنصب مجرد رأي، ولم ير مانعا من تصحيحه طالما األلباني اعتبر الن

. (483)كان صدوقا واستشهد به الشيخ أبو زهــرة في ســياق حديثــه عن اختالف المسلمين، وذكر بأن علماء السنة تكلموا في صحة هذا الحــديث، الـذي روي بعــدة روايـات مختلفـة. وأضـاف: ولقـد قـال المقبلي: رواياته كثيرة يشــد بعضــها بعضــا، بحيث ال يبقى ريب في حاصــل

ولكن تجدر اإلشارة بأن النص الذي أورده لم يشتمل.(484)«معناه.«على عبارة »كلها في النار إال واحدة

في االقتــداء بالســلف،|واعتبره الدكتور البوطي وصية النبيـد بمبـادئهم. واسـتدل واالنضباط بقواعـد فهمهم للنصـوص، والتقي بما رواه الترمذي من حــديث عبــد اللــه بن عمــرو، وذكــر أن فيــه اإلفريقي الذي ضعفه أكــثر علمــاء الحــديث، ولكن رواه الترمــذي وابن ماجة وأبو داوود بطرق أخرى من حديث أبي هريرة، بألفاظ

. (485)قريبة، وصححه الترمذي، وقال: حسن صحيحح الكاتب الهاللي بأنــه مســتفيض، فقــد ورد من حــديث وصر أبي هريرة ومعاوية وأنس بن مالك وأمامة الباهلي وسعد بن أبيــة ــدرداء ووائل وقاص وعمرو بن عوف وعبد الله بن عمرو وأبي ال بن األســقع، وروايــة هــذا الجمــع، الــذين يســتحيل تواطــؤهم على

. (486)الكذب، ترقى بالحديث إلى حد التواتر أو ما هو قريب منه ونظرا إلى كثرة طرقه ورواياته في مصادر المسلمين ادعى بعضهم، كابن البطريــق، اإلجمــاع عليــه. وذهب الســيد نعمــة اللــه

. وذهب بعض المتــأخرين من الزيديــة،(487)الجزائــري إلى تــواتره



مثل: الشيخ أحمد بن سليمان في حقائق المعرفــة، إلى أن األمــة مجمعة على صحته. ورأى الشيخ يحيى بن حمــزة أن األمــة تلقتــه

. (488)بالقبول وأورد العالمة المجلسي جملة من روايات افــتراق األمــة مندها بمــا ورد عنــد الفــريقين أيضــا عن إخبــار مصادر الفــريقين، وأي

حــول اتبــاع هــذه األمــة ســنن األمم الســابقة شــبرا بشــبر،|النبي. (489)وذراعا بذراع، مشيرا إلى تواتر األخيرة

ولكن السيد الخــوئي رد الــدعوى بتواترهــا بقولــه: »ودعــوىـة ال دليـل عليهــا، ولم يـذكر من هــذه الروايـات التواتر فيها جزافي

ــا أن بعض دعــاوى، (490)«شــيء في الكتب األربعة ح لن ممــا يوضــ التواتر ليست موضع اتفاق العلماء، بل وقعت مــورد نقــد ورد من

بعض العلماء المختصين. ومما سبق يتضح لنا أن أكــثر الــذين صــححوا هــذه الروايــات سلكوا طرقا تصحيحية غير مباشرة، أقرب إلى منهج الوثوق منــه إلى منهج الوثاقة وصحة اإلسناد؛ وذلك بالنظر إلى كثرة الروايات والطرق واأللفاظ، وتعاضدها وشد بعضها بعضــا، وانجبــار ضــعفها، أو تحقق مصاديقها في الواقع حسب نظرهم، أو تأييــدها بروايــات

أخرى، وما إلى ذلك من القرائن والشواهد.

هة إلى سنده ثانيا: النقود الموج لقد وجهت إليه نقود كثيرة من ناحية السند. واختلف العلماء في صــحته، إلى درجــة أن بعضــهم يقــول: إنــه ال يصــح من جهــة اإلسناد أصال؛ ألنــه مــا من إســناد روي بــه إال وفيــه ضــعيف، وكــل

. ومن القــائلين بــذلك(491)حديث هذا شأنه ال يجــوز االســتدالل به»الفقيه الظاهري ابن حزم األندلسي، الــذي يقــول: ذكــروا حــديثا



|عن رسول الله أن القدرية والمرجئة مجوس هذه األمــة، وحــديثا آخر: تفترق هذه األمــة على بضــع وســبعين فرقــة كلهــا في النــار

ــحان«، حاشا واحدة، فهي في الجنة ثم قال: وهذان حديثان ال يص أصال من طريق اإلسناد، وما كان هكذا فليس حجة عند من يقــول

. ومع ذلك فقد احتج ابن(492)«بخبر الواحد، فكيف بمن ال يقول به حزم بإحــدى روايــات افــتراق األمــة في بطالن القيــاس في كتبــه

تفــترق أمــتي»األصولية والفقهية. ففي اإلحكام استشهد بحــديث على بضــع وســبعين فرقــة، أعظمهــا فتنــة قــوم يقيســون األمــور

مــون الحالل ح بوثاقــة أحــد«، برأيهم، فيحلون الحرام، ويحر وصــرب عنــد علمــاء الحــديث، وهــو حريــز بن صــ رواتــه المعــروفين بالن عثمان. وقال عنه: إنه ثقة، وقد روينا عنه أنه تبرأ مما نســب إليــه

من االنحراف عن علي. كمــا احتج بــه في المحلى. غــير أن المحقــق األســتاذ أحمــد

ــه: ــامش بقول ــه في اله ــاكر عقب علي ــد ش ــناد»محم ــال إس رج ــر آراء عــدد«، الحديث ثقات كلهم، إال أنه حديث ضعيف جدا وذك

من أئمة الجرح، كأبي زرعــة، ويحــيى بن معين، بأنــه ال أصــل لــه، ــا وأن نعيم بن حماد قد اشتبه عليه، ونسبه بعضهم إلى الوهم. وأي كان فيالحظ أن هــذه الروايــة لم تشــتمل على الزيــادة المختلــف

ح بهالك الجميع، ما عدا واحدة. فيها، والتي تصرنــا نقــاط ضــعفها وتناول السيد السقاف كثيرا من طرقــه مبي من ناحيــة الســند. فــذكر بــأن هــذا الحــديث روي عن أبي هريــرة

مرفوعا، وفي إسناده محمد بن عمرو بن علقمة، وهو ضعيف. وروي عن معاوية مرفوعــا، وفي الســند أزهــر بن عبــد اللــهدنا الوزني، وهو أحد كبار النواصب، الذين كانوا ينتقصــون من ســي

، وله طامات وويالت، كما أورده ابن الجارود في الضعفاء.×علي



ــا ضــعيفة، وال وروي عن أنس بن مالك من سبعة طرق، كلهتخلو من كذاب أو وضاع أو مجهول.

ـاد بن ـ ــنده عب ــا، وفي س ــك مرفوع ــوف بن مال وروي عن عيوسف وهو ضعيف، أورده الذهبي في ديوان الضعفاء.

وروي عن عبــد اللــه بن عمــرو بن العــاص مرفوعــا عنــد الترمذي في السنن، وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد اإلفــريقي،

وهو ضعيف. وروي عن ابن أمامة مرفوعا عند ابن أبي عاصم في السنة، وفي إسناده قطن بن بشــير، وهــو ضــعيف ومنكــر الحــديث. وقــد

قال عنه البخاري: منكر الحديث.دنا علي) ( عند ابن أبي عاصــم فيكرم اللــه وجههوروي عن سي

. (493)«السنة، وفي إسناده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف جدا وناقش العلماء بعض الطرق التي استند عليها الفريــق األول

في تعزيز طرق الحديث. فقال الشيخ زاهد الكوثري: »وأما ما ورد بمعناه، في صحيحــد ــانيده عب ــا، ففي بعض أس ــبيهقي وغيرهم ــنن ال ــة وس ابن ماج الــرحمن بن زيــاد بن أنعم، وفي بعضــها كثــير بن عبــد اللــه، وفيـاد بن سـيف وراشـد بن سـعيد، وفي بعضـها الوليـد بن بعضـها عب

. (494)«مسلم، وفي بعضها مجاهيل، كما يظهر من كتب الحديثــرة ــير المباش ــحيح غ ــرق التص ــاوي ط ــيخ القرض ــد الش ونق المتقدمة، ولم يقبلهــا. فالحــديث وإن قــال فيــه الترمــذي: حســنــرو ــد بن عم صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم، مداره على محم بن علقمــة بن وقــاص الليــثي، ومن قــرأ ترجمتــه علم أن الرجــلقه على اإلطالق، وكل متكلم فيه من قبل حفظه، وأن أحدا لم يوث ما ذكروه أنهم رجحــوه على من هــو أضــعف منــه، ولهــذا لم يــزد



الحافظ في التقريب على أن قــال: صــدوق، لــه أوهــام، والصــدق وحده في المقام ال يكفي ما لم ينضم إليه الضبط، فكيف إذا كانـان والحـــاكم من ــ معـــه أوهـــام. ومعلـــوم أن الترمـــذي وابن حب المتساهلين في التصحيح. وقد روي الحــديث بهــذه الزيــادة، وهي

من طريق عـدد من الصـحابة، عبـد بن«كلها في النار إال واحدة» عمــرو ومعاويــة وعــوف بن مالــك وأنس، وكلهــا ضــعيفة اإلســناد، وإنما قووها بانضمام بعضها إلى بعض. والتقوية على كثرة الطرق ليست على إطالقها، فكم من حديث له طرق عدة ضــعفوه، كمــا يبدو ذلك في كتب التخريج والعلل وغيرها، وإنما يؤخذ بهــا في مـا

. (495)«ال معارض له، وال إشكال في معناهــة ــة إلى تقوي ــة الســبحاني مــال في البداي ويظهــر أن العالم سنده، وجبر ضعفه، بناء على تضافر نقله، واستفاضة روايتــه، في كتب الفريقين: الشــيعة؛ والســنة، وبأســانيد مختلفــة، ربمــا تجلبــد البحث في ـه، وبع ـ ــه. ولكن ــان ب ــة اإلنس ــوجب ثق ــاد، وت االعتم مضامين الروايــات، وفحص نصوصــها، الحــظ اختالفهــا من جهــات

شتى، بحيث ال يمكن االعتماد على واحد منها. ويلتقي الشيخ الخشن مع هذه النتيجة، فيرى أن دعوى تواتر الحــديث مجازفــة، ولــوال المالحظــات الــواردة على متنــه، منــوق اضطراب وعالمات الوضع وغيرهما، لم يكن بعيدا حصول الوث

. (496)بصدوره، بعد تضافر روايته من طرق الفريقين أما بالنسبة إلى ما رواه الصدوق في الخصــال فــإن العالمــةــتراق انتهى إلى أن كال ــديث االفـ ــه حـــول حـ الصـــافي في بحثـ الطــريقين للصــدوق فيهمــا عــدة مجاهيــل، ومجــروحين ال اعتبــار

. (497)برواياتهم وإحدى روايات الصــدوق تنص على افــتراق األمــة على ثالث



وسبعين فرقة. وهذه في طريقها بكر بن عبد الله، وهــو مجهــول.ــره ــد ذك ــول، فق ــو مجه ــول، وه ــا اشــتملت على تميم بن بهل كم التستري في قاموس الرجال، وأشار إلى أن حديثــه منكــر، وذكــر في ترجمة أبيه أنــه ليس لــه، وال البنــه، ذكــر في الرجــال، وقــال: خبرهم منكــر. ومن رجــال هــذه الروايــة بكــر بن عبــد اللــه، وهــو

. (498)مجهول أيضا والرواية الثانية تنص على افتراق األمة على اثنـتين وســبعين فرقــة، وهي من طريــق ســعيد بن أبي هالل، عن أنس بن مالــك. وهي نفس الرواية التي رواها أحمد في المسند، مع اختالف يسير جدا في بعض األلفاظ، من قبيل: إن رواية أحمــد كــرر فيهــا لفــظ الجماعة مــرتين، بينمــا في روايــة الصــدوق ثالث مــرات. كمــا أن رواية أحمد في طريقها خالد بن يزيد، بينمــا روايــة الصــدوق فيهــاــرد ذكــر مجاهد بن أعين، ومحمــد بن الفضــل، وأبــو لهيعــة، ولم ي لألول واألخير في األصول الرجالية. وسعيد بن أبي هالل تكلم فيه أحمد، وضعفه ابن حزم، كما أن روايته عن أنس مرسلة، كما في

.(499)التهذيب واللسان والجــدير بالــذكر أن للصــدوق روايــة ثالثــة بســند آخــر، وقــد ســبقت اإلشــارة إليهــا، لم يلتفت إليهــا كثــير من البــاحثين؛ ألنهــا وردت في بـــاب مختلـــف. وقـــد أوردهـــا الصـــدوق عن أمـــير

، ضمن رواية طويلة جاوزت خمســا وعشــرين صـفحة،×المؤمنينــالي تضمنت إحدى فقراتها مضمون حديث االفتراق على النحو الت »افترقت بنو إسرائيل على اثنتين وسبعين فرقة، وسـتفترق هــذهــة«. أمــا ســندها األمة على ثالث وســبعين فرقــة، واحــدة في الجن فهو: حدثنا أبي )والد الصدوق( قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال:ــني، عن القاســم بن ــد اليقطي ــد بن عيســى بن عبي ــدثني محم ح



يحــيى، عن جــده الحســن بن راشــد، عن أبي بصــير ومحمــد بنــه،×مسلم، عن أبي عبد الله قال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائ

أن أمير المؤمنين...«. . ولكن البحث في(500)وقــد وصــفها الشــيخ وهــبي بــالمعتبرة

رواتها يكشف عن وجود اختالف بين العلماء في ذلك.ــة وقد نقل عن العالمة المجلسي أن أصل هذا الخبر في غاي الوثاقة واالعتبار على طريقة القدماء، وإن لم يكن صـحيحا بـزعم

المتأخرين«.ــح ــا سيتض ــدا، كم ــع أن الخالف في ســندها ليس جدي والواق الحقا، وإن كانت طريقة القدماء في التوثيق يغلب عليهــا أســلوب الوثـــوق بـــالخبر المعتمـــد على القـــرائن المحفوفـــة والشـــواهد الموصلة إلى الوثوق بصدورها، من قبيل: ورودها في أحد األصولــا المشهورة، وكون رواتها من شيوخ اإلجازة، وتلقي األصــحاب لهــل، بالقبول، وعدم تعارضها مع الكتاب والسنة المقطوع بها والعقــة ــد على وثاق ــير منهم اعتم ــأخرون فكث ــا المت ــك. أم ــا إلى ذل وم الطريق، طبقا للتقييمات الرجالية، جرحا وتعديال، وبناء على توافر

شروط الحجية وعدمها. وعلى كل حال فقد اختلف في اثنين من رواتها، وهم: محمد

بن عيسى اليقطيني؛ والقاسم بن يحيى.قه النجاشي، وقال: »ثقة، عين، جليل في أصحابنا، فاألول وثي: كــان الفضــل بن كثير الروايــة، حســن التصــانيف. وقــال الكشــــل ــه. ولكن نق ــل إلي ــه، ويمي ــه، ويمدح ــني علي ــه، ويث شــاذان يحبد به النجاشي عن الصدوق، عن شيخه ابن الوليد، أنه قال: ما تفر محمد بن عيســى من كتب يــونس وحديثــه ال يعتمــد عليــه. األمــرح بتضعيفه. وقيل: إنه كان يذهب الذي جعل الشيخ الطوسي يصر



مذهب الغالة. وناقش السيد الخــوئي ذلــك، وانتهى إلى أن عمــدة تضــعيفهد بـه عن مستند على اسـتثناء ابن الوليـد شـيخ الصـدوق لمـا تفـر يونس. وهذا يعني أن النقاش ليس فيه شخصيا، إنما في ما يرويه عن يونس بإسناد منقطع، إال أن يونس يرويه مرسال. وممــا يؤكــدــد ذلك أن الصدوق روى عنه في الفقيه من غير طريق يونس. وقــني على ــه مب ــد ل ــأن اســتثناء ابن الولي ل الشــيخ الطوســي ب تخي

.(501)تضعيفه، وهو ليس كذلك، بل هو مبني على اجتهاد ابن الوليد أمــا القاســم بن يحــيى فقــد ضــعفه ابن الغضــائري، وتابعــه العالمــة الحلي على ذلــك. ولكن جمعــا من العلمــاء ال يعتــدون بتضعيفاته؛ لعدم ثبوت نسبة كتاب الضعفاء إليه؛ وألسباب أخــرى.قــوه، كالبهبهــاني في وفي المقابل نجد أن بعض المتأخرين قــد وث تعليقته الرجالية، والسيد الخوئي في معجمـه، كــل حســب مبنـاه.قــه بنــاء على عــدد من الشــواهد، من قبيــل: روايــة فالبهبهــاني وث األجلة عنــه، وكــثرة رواياتــه، واإلفتــاء بمضــمونها، وعــدم تضــعيفقه المشايخ الماهرين بأحوال الرجال له. أما السيد الخوئي فقد وثد ذلــك بنــاء على توثيــق ابن قولويــه لرجــال كامــل الزيــارات، وأي

في الفقيه عن×بحكم الصدوق بصحة ما رواه في زيارة الحسين الحسن بن راشد، وفي طريقه إليه القاسم بن يحيى، بل ذكر أنها

. وتجـدر اإلشـارة إلى أن الســيد الخـوئي(502)أصح الزيارات عندهــارات، ــع رواة كامــل الزي ــاه األول بتوثيــق جمي قــد عــدل عن مبن

مكتفيا بتوثيق شيوخه المباشرين. وهكذا نجد أن هذا السند أيضا وقع مــوردا لألخــذ والــرد، ولم

يسلم من االختالف بين العلماء، بين مصحح ومضعف. وبالنسبة إلى ما رواه الصدوق في معانيه، عن عبــد اللــه بن



ــني ــا أتى على ب ــتي م ــيأتي على أم ــا »س ــتي مطلعه ــر، وال عم إسرائيل، ويحدد في نهايتها الملة الناجيــة بقولــه: »مــا نحن عليــه

ــل(503)اليوم أنا وأصحابي« ، فيظهر أنها نفس الرواية التي رواها ك من الترمــذي والحــاكم عن عبــد اللــه بن عمــرو بن العــاص، مــع اختالف يسير في سندها ومتنها. فسند الصدوق ينتهي إلى عبد بنــع ــد الجمي عمر، ولعله تصحيف في أحدهما. كما أن في سندها عن اإلفريقي عبد الرحمن بن زياد، عن عبـد اللـه بن يزيـد، وقـد ذكــر الحفاظ أن الحديث بهذا اللفظ ال يعرف إال من طريــق اإلفــريقي،ر ـه حــديث مفســ عن ابن يزيد، عن عبـد اللـه، فقــال الترمــذي: إنــه غريب، ال نعرف مثل هــذا إال من هــذا الوجــه. وقــال الحــاكم: إنوا على ــة. ونصــ ــه حج ــوم ب ــو ممن ال تق ــريقي، وه ــه اإلف د ب ــر تف

. ويالحــظ أن روايــتين من(504)تضــعيفه، ومنعــوا من االحتجــاج به أصل أربع روايات أوردها الصدوق في كتابيه في هــذا الصــدد همــا

من طرق غير اإلمامية. أما سند الكليني في الكافي فقــد ذكــر الشــيخ الخشــن بأنــه

. كمــا أن(505)ضــعيف بــأبي خالــد الكــابلي، الــذي لم تثبت وثاقته البهبودي لم يدرج هذه الرواية في كتابه )زبدة الكافي( أو )صحيح

الكافي(. وفي المقابل وصف الشيخ وهبي سند الكافي لهــذه الروايــة

. (506)بالمعتبرــق ولعل مرد ذلك إلى اختالف العلماء في بعض قواعد التوثيــه لم يــرد في الكــابلي توثيــق أو مــدح والتضــعيف. فقــد يقــال: إن صريح بهذا االسم في أي من األصول الرجالية. بــل قــال عنــه ابن

.(507)شهرآشوب: »ينتمي إليه الغالة، وله كتاب« : كــان ســعيد بن×نعم، ورد في الكــافي عن أبي عبــد الله



المسيب والقاسم بن محمــد بن أبي بكــر وأبــو خالــد الكــابلي من.×ثقاة علي بن الحسين

. وفي(508)ولكن الرواية ضــعيفة؛ بجهالــة إبــراهيم بن الحسن رجال الكشي ما مفاده أنه كان يعتقد بإمامــة محمــد بن الحنفيــة، ولمــا عــرف حقيقــة اإلمــام الســجاد شــكر اللــه تعــالى، واعتقــد بإمامته، وزار اإلمام، فعرفه، وأخبره باسمه من دون لقــاء ســابق بينهما. ولكن قد يقال: إن غاية ما تدل عليه هذه الواقعة بأنه كان

صحيح االعتقاد في اإلمامة، وال تدل على التوثيق. وفي المقابل ذكر السيد الخــوئي أن أبــا خالــد الكــابلي روى

. وهــذا قــد يدرجــه(509)عنه عبد الحميد الطائي في تفسير القمي ضمن التوثيق العام للقمي. وذكر في ترجمــة كنكــر أنــه يكنى أبــا

. وصـرح(510)خالد الكابلي، روى عنه ضريس في كامـل الزيـارات في مورد آخر بوثاقته، قال: »وعلى فــرض الترديــد بين كــون أبي خالد القماط كنية ليزيــد أو كنكــر ال يضــر؛ فــإن كــل واحــد منهمــا

د بأن أبا خالد(511)ثقة . أضف إلى ذلك قد يقال بوجود شواهد تؤك الكـابلي هـو نفسـه أبـو خالـد القمـاط، الـذي نص النجاشـي على

. هذا عن حال سند هذه الروايات. وهناك روايات أخرى(512)توثيقه في هـــذا الموضـــوع، في بعض كتب األمـــالي وبعض المصـــادر

المتأخرة، ولكن ال تخلو أسانيدها من مقال. ومما سبق نخلص إلى القول بأن أبرز روايات اإلمامية حــولــة هي األخـــرى لم تســـلم من المناقشـــة والنقـــد، افـــتراق األمـ واالختالف في التقييم من حيث اإلسناد، كمــا اتضــح من الشــواهد

المتقدمة. وهنا أود تسجيل اســتغرابي ممــا انتهى إليــه الكــاتب خميس العــدوي، حيث اسـتنتج رأي اإلماميـة من خالل رأي أحـد البـاحثين



منهم، وعممه على اإلمامية بشكل عام! قال: »والحق لم أقف على تحليلهم السندي لهذه الروايات، حتى ألقي عليه هنا لمحة، ولكني اكتفي بمــا كتبــه مالــك وهــبي«. وبعد عرضه لبعض ما نقلــه الشــيخ وهــبي من روايــات الفــريقين، ولبعض دعاوى اإلجماع أو التواتر في نقلها، قال: »ومن كالمه هذا يظهر أنه ال علــة في ســند الحــديث عنــد الشــيعة، وإن كــان يبــدو مشككا في دعوى إجماع نقل كافة األمة له، وكذلك من تواتره«! ــيرا وقال في مورد آخر: »وقد ناقش الكاتب ـ وهبي ـ بعد ذلك كث دالالت المتن، وهذا ما يقودنا إلى تقرير موقــف لــدى الشــيعة هــورناه عن اإلباضية، وهو أن المجال العلمي يســمح أقرب إلى ما قر

. والواقع أنه ال ضير في االكتفــاء(513)لديهم بمناقشة متن الرواية«ــه ــه إلى مذهب ــبة رأي ــاحث منهم، ولكن من دون نس ــإيراد رأي ب ب بشكل عام، أو تعميمه على المدرسة الفكريــة الــتي ينتمي إليهــا، وال ســيما مــع العلم بوجــود اختالفــات غــير قليلــة في االجتهــاداتع آراء ــة من استقصــاء وتتب الفكرية والفقهية. وال بد في هذه الحال فقهائهم وعلمائهم في ذلك. وقد كنت أتمنى على الكاتب العدويع قليال في بحثــه عن موقــف علمــاء اإلماميــة حيــال هــذه أن يتوس الروايات، ليجــد عن كثب مناقشــاتهم ونقــودهم، ســواء للســند أو المتن، ويالحظ أن مجال التحليل النقدي والبحث االجتهادي لديهم متاح للمتأهلين، ليس فقط في متون الروايات وإسنادها، بل حتىــة نفســها، كمــا ســبقت اإلشــارة إلى في المناهج والقواعــد النقدي

نماذج منه.

هة الى المتن ثالثا: النقود الموجــتي هناك جملة من النقود التي وجهت إلى متون الروايات ال



ــا نكتفي ــير أنن ــة. غ ــة إلى ســبعين فرق ــتراق األم وردت حــول افباإلشارة إلى أهمها:

ـ مخالفة القرآن الكريم 1

يرى بعض الناقدين لهذه الروايات أن بعض المضامين الــتي تحملها هذه الروايات ال تنسجم مع القــرآن الكــريم. ومن البداهــةن في بمكان أن القرآن والسنة ال يتنافيــان وال يتكاذبــان. فــاذا تــبي

أنه يتعارض في مدلوله مع مــدلول النص|بعض ما روي عن النبي القــرآني تعارضــا عميقــا مســتحكما ومســتقرا، بحيث يتعــذر معــه توجيهه أو معالجته وتفاديه حسب قواعد الجمع العرفي، فعندها ال يمكن قبول مثل هــذه الروايــات، وال بــد من التوقف عن االعتمــاد عليها على أقل التقــادير. فمثال: لــو كــان العمــوم القــرآني ممــا الا في مدلولــه ال يحتمــل الخالف، وال يقبــل التخصــيص؛ لكونــه نصــن القول بإســقاط الخــبر؛ الســتحالة صــدور ل قرينة عليه؛ لتعي يتقب التناقض من الشارع، وحيث إن الكتاب مقطوع الصدور ومقطــوع الداللة ـ في الفرض المذكور ـ فال بد من أن يكون الكذب منسوبان لذلك طرحــه. وهــذا المبــدأ المنهجي األصــولي إلى الخبر، ويتعي تقتضيه مسلمات العقيدة اإلسالمية؛ ألن القــرآن والســنة ينتهيــاننــة لــه، دة للقــرآن، ومبي إلى مصدر إلهي واحد. والســنة تــأتي مؤكــها ــانب تأسيس ــه، إلى ج ــارحة لعمومات ــه، وش لة لمجمالت ــ ومفص

وما ينطق عن الهوى * إن﴿. يقول تعالى: (514)ألحكام جديدةــوحى وحي ي ــو إال ــول: 4 ـ 3 )النجم: ﴾ه ــاكم﴿( ويق ــا آت وم

انتهوا ــه فــ اكم عن سول فخذوه ومــا نهــ (،7 )الحشــر: ﴾الرل إليهم﴿ويقول ﴾وأنزلنا إليــك الــذكر لتبين للناس مــا نــز

(، وغيرها من اآليات الدالة على ذلك. وال يمكن بحــال44)النحل:



ــه من األحوال أن تتصــادم الســنة مــع القــرآن، أو تخالفــه، وإال فإن يعني أن الله تعالى ورسوله يتعارضان ويتخالفان مع بعضهما. كما ال يمكن أن يتعارض القرآن مع نفسه، أو السنة مع نفسها، فإنهما

ولو كان من عند غير اللــه لوجــدوا فيــه﴿من مصدر واحد: ــيرا ــا كث ــود إلى82 )النســاء: ﴾اختالف ــذا من شــأنه أن يق (، وه

ــا التشكيك فيهما ـ النص القرآني؛ والسنة ـ، وفي مصــدريهما، مم يــؤدي في النتيجــة إلى نقض الغــرض اإللهي من إرســال الرســلب مفاســد أخــرى، وإنزال الكتب لهداية البشرية، مضــافا إلى تــرت

مما يحيلها العقل، وتأباها أصول اإلسالم ومصادره األصلية. دة^ وأهــل بيته|وقد ورد عن النــبي روايــات مستفيضــة مؤك

لهذا المبدأ.ــه ــد الل ــني، عن أبي عب ــافي، للكلي ــا ورد في الك ــا: م فمنه

بمــنى فقــال: أيهــا النــاس، ماجــاءكم| قال: خطب النبي×الصادق عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم

.(515)«أقله كل شيء مردود إلى» أنه قال: ×وعن أبي عبد الله الصادق

«.الكتاب والسنة، وكل حــديث ال يوافـق كتـاب اللـه فهــو زخــرف.(516)والرواية صحيحة سندا

أيضا: »كل حديث مردود إلى الكتــاب والســنة، وكــل×وعنه وعنــه: »مــا لم يوافــق«.شيء ال يوافق كتــاب اللــه فهــو زخــرف

«.الحديث القرآن فهو زخرف . (517) وهما صحيحتان سندا ، قــال: »إنكم|كما ورد في مسند الربيع بن حبيب، عن النبي

ستختلفون من بعدي، فما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب اللــه،.(518)«فما وافقه فعني، وما خالفه فليس عني

ع األصوليون في بحث هذه الروايات، صدورا وسندا وقد توس



ــد ــد تحدي ــوا طــويال عن فوها إلى مجموعــات، وتوقف ــة، وصــن وداللدالالتها ومراداتها، وموارد تطبيقها، وشروطه.

ر السيد محمد باقر الصــدر في بحث ع الفقيه المفك وقد توس يمكن»مفاد هذه الروايات في تسع نقاط، وختم بحثه فيها بقوله:

ــاث تفسير مفاد هذه األخبار بنحو آخر، ال يحتاج معه إلى جل األبح المتقدمة، وذلك التفسير هو أنه ال يبعد أن يكون المراد من طــرح ما خالف الكتاب الكريم، أو مــا ليس عليــه شــاهد منــه، طــرح مــا يخالف الروح العامة للقرآن الكريم، وما ال تكون نظائره وأشباهه موجودة فيه. ويكون المعــنى حينئــذ أن الــدليل الظني إذا لم يكن منسجما مع طبيعة تشـريعات القـرآن، ومــزاج أحكامــه العـام، لم يكن حجة. وليس المراد المخالفة والموافقــة المضــمونية الجديــة

.(519). كما اختار بعض العلماء ذلك«مع آياتهــدد وهناك آراء أخرى في هذا الموضوع، غير أننا لسنا في ص

بحثها هنا. يذكر أن جماعة من المحدثين رفضوا التسليم بحديث عرض الروايات على القرآن. فقد اعتبره بعضهم، كيحيى بن معين وعبــد

الرحمن بن مهدي، بأنه من وضع الزنادقة.د رأيــه هــذا ــه أي ر عدم صحته، ولكن والغريب أن الشافعي قر

سول فقد أطاع الله﴿بتعارضه مع قوله تعالى: ﴾من يطع الر(520).

ولعل منشأ الرفض عند بعضهم هو عدم االلتفات إلى المراد الدقيق من الحديث، أو لسد الباب على محاوالت توظيفه بشــكل غير سـليم، بحيث يـؤدي إلى رد كـل روايـة لم يـرد مضـمونها في

القرآن الكريم. ويظهر أن هذا الموقف من بعض المحدثين كان في مواجهة



بعض االتجاهـــات الفكريـــة، كالمعتزلـــة، الـــذين أنكـــروا بعضالمرويات؛ لتعارضها مع القرآن الكريم، حسب منظورها.

روا على المســتوى ب الفجوة أن بعض العلماء قر والذي يقرــا روي عن ــل بمضــمونه، مســتندين على بعض م التطــبيقي العم السيدة عائشــة، الــتي كــانت تــرد مــا يخــالف القــرآن ممــا يرويــه

ــاء|الصحابة عن النبي . فعندما سمعت حديث أن الميت يعذب ببك أين أنتم»أهله عليه، أنكرته، وحلفت أن الرسول ما قاله، وقالت:

. وكــذلك﴾وال تزر وازرة وزر أخــرى﴿من قول اللــه ســبحانه: ه؟ قالت: |حين سئلت إن كان النبي » رأى رب من حدثك أن محمدا

ــالى: ــه تع ه فقد كذب، ثم قرأت قول ار﴿رأى رب ــ ال تدركه األبص.(521)﴾وهو يدرك األبصار وهو اللطيف الخبير

وأيا كان األمــر فلسـنا في مضـمار بحث هـذه المســألة هنــا، ولكن رأينا تقديم نبذة موجزة عنها؛ ليكون القــارئ على علم بهــا؛ تمهيدا لطرح ما وجه إلى روايــات الفرقــة الناجيــة من نقــود على

هذا األساس.

ما قيل حول أوجه التعارض مع الكتاب ــاء على ــة، بن ومن النقود التي وجهت إلى حديث افتراق األمر أن هـذه هذا المبدأ، أن معناه باطـل بصـريح القـرآن، الــذي يقـرـه ـ األمة هي خير األمم وأفضلها، وأنها خير أمة أخرجت للناس، وأن جعلها أمة وسطا، في حين جعلها هذا الحــديث أســوأ، وأســوأ منــة هــذه األمــة، وكونهــا اليهــود والنصــارى. فمضــمونه ينــافي خيري

لة، وأنهــا أمــة مرحومة ة(522)مفضــ . كمــا أن هــذا الحــديث، وخاصــ مخــالف لألحــاديث الكثــيرة«،بزيادته: »كلهم في النــار إال واحــدة

ــهادتين ــهد الش ــتي تنص على أن من ش ــا ال ــواترة في معناه المت



ــو بعــد حين من العــذاب، كمــا في البخــاري ــة، ول ــه الجن وجبت ل. (523)ومسلم. وإن الفرق المختلفة قليل فيها يكفر ببدعته

والواقع أن مــا ذكــروه في هــذا المضــمار؛ لــرد روايــات هــذا الحديث، هو موضع تأمل، وقابل للمناقشة والرد؛ إذ قد يرد عليهملـة في بأن هذا الحديث يـدل على أن األمــة المرحومــة هي المتمث

.(524)الفرقة الناجية، وبالتالي فال منافاة بينهماــة األمــة ومن جهة أخرى هل يمكن أن يلــتزم أحــد بــأن خيريــد ــات ومفاس ــا مخالف ــدر منه ــو ص ــا، حتى ل ــون على إطالقه تكدة بضــوابط ومنكرات تتصادم مع الخيرية، أم أنها مشــروطة ومقي وشروط، منها: اإليمــان، واالســتقامة، واألمــر بــالمعروف، والنهي عن المنكر، والعمل بمقتضاهما؟! يقول العالمة المقداد السيوري

ــالى: ــه تع ــد المــراد من قول رجت﴿في تحدي ة أخــ كنتم خير أمــران: ﴾للناس ــة،110 )آل عم دا بالخيري ــودهم مقي ــون وج (: فيك

دة باألمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمــراد من والخيرية مقي.(525)«ذلك أن من شأنهم األمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ثم إن تقرير حتمية خيرية أمة من األمم مهما صدر منهــا من مخالفات وانحرافات ال يمكن االلتزام به؛ لمــا يســتلزمه من نتــائج

فاسدة، تصطدم مع مبادئ العدل واإلنصاف. أما ما ذكر من تعارضه مــع الروايــات الكثــيرة األخــرى الــتيــة فيمكن رده بــأن روايــات ر دخول من يشهد الشــهادتين الجن تقرر خلــود الفــرق الهالكــة في النــار أبــد اآلبــدين. االفــتراق لم تقــر والروايات الكثيرة الواردة حول الشهادتين يقال فيها ما قيل حول مسألة األمة المرحومة، فال تفهم على إطالقها، وال تــرتب النتيجــة المذكورة على مجــرد التلفــظ بهمــا فقــط، بــل ال بــد من تقييــدها

في روايات أخرى، من|بالعمل بموجبات الشهادتين، كما ورد عنه



ــة إال من أبى،»قبيل: مــا روى البخــاري: كــل أمــتي يــدخلون الجنــة، قالوا يارسول اللــه، ومن يــأبى؟ قــال: من أطــاعني دخــل الجن

وكذا بمــا رواه مســلم: إن رجال قــال؛(526)«ومن عصاني فقد أبىــة ويباعــدني من|للنــبي ني على عمــل أعملــه يــدنيني من الجن : دل

النار، قــال: تعبــد اللــه ال تشــرك بــه شــيئا، وتقيم الصــالة، وتــؤتيك|الزكاة، وتصل ذا رحمك، فلما أدبـر قـال رسـول الله : إن تمســ

ــه دخــل الجنة ك.(527)«بمــا أمرت ــه ال بــد من التمســ وهــذا يعــني أنــآل بموجبات الشهادتين كسبيل للنجاة. وهناك من حملها على المن إمكانية الجمع بين هاتين األخير لمن يشهد الشهادتين. وبهذا يتبيالمجموعتين من الروايات، وعدم وجود تعارض مستحكم بينهما.

ـ اضطراب المتن 2 إن الناظر والمتأمل في متون روايات افــتراق األمــة يالحــظ وجــود اختالفــات كثــيرة بين مضــامينها، حيث تختلــف ألفاظهــافق بعضها في المعنى. ويتضح من مقارنة وألسنتها إلى درجة ال تت نصوصــها أن أجــواء الصــراع بين الفــرق واالتجاهــات الفكريــة والفقهية والسياسية قــد انعكســت عليهــا، بالحــذف واإلضــافة في

متونها؛ بغية التأكيد على شرعيتها وصدقيتها وإقصاء غيرها.ـه ـ ومن األمثلة التي تكشف عن اضطراب متونها واختالفها أن ورد في بعضها، في ما رواه ابن أبي عاصــم: »أال وإن هــذه األمــة

وفي بعضها: »لم«؛ستفترق على ثالث وسبعين فرقة في األهواء وفي بعضـــها: »كلهـــا في النـــار إال الســـواد«؛ينج منهـــا إال ثالث

«.األعظمــان: »إن اليهــود افــترقت على وفي بعضها، كما عنــد ابن حبــل ــنين وســبعين فرقــة، والنصــارى على مث إحــدى وســبعين أو اث



ــتين وســبعين«، ذلك ــه ســتفترق إلى اثن وجــاء في بعضــها أن أمت فرقة، كما عن الصــدوق؛ وفي أخــرى: إلى ثالث وســبعين فرقــة؛

وهناك روايات تشير إلى ثالث فرق، كما عن الحاكم. ومن جهة أخرى إن بعضها تســتثني فرقــة واحــدة من النــار؛

ر هالك واحدة ونجاة البقية. وبعضها العكس تماما، تقرــارة وفي روايــة أشــير إلى االفــتراق وعــدد الفــرق، دون عب

. «»كلها في النار إال واحدةــرق ــقاط بعض الف ــدافع إس ــه؛ ب ــغ التالعب في متن ــد بل وق واالتجاهــات المعارضــة للنظــام السياســي واالجتمــاعي والثقــافي

ها وأخبثها الشيعة»القائم، أن أضاف بعضهم في آخره: «؛من أضلنــا أهــل الــبيت ويخــالفون»وفي رواية: هم الــذين ينتحلــون حب شر

شـــرهم الـــذين يقيســـون األمـــور» وأضـــاف آخـــرون: «؛أعمالناــة«،بآرائهم في إشارة إلى الحنفية؛ وفي بعضــها: »كلهم في الجن

. «إال الزنادقة» إشارة إلى المعتزلة؛ وفي بعضها: «،إال القدريةــة، وال ــة هي الجماع ــة أن الناجي ــل ورد في رواي وفي المقاب يبعــد أن تكــون إشــارة إلى عــام الجماعــة، أو النظــام السياســي القائم آنذاك، كما في جملــة من الروايــات المحــذرة من الخــروج

ــل(528)على الجماعة . وجاء في رواية: قيل: ومن الناجية؟ قال: أه.(529)السنة والجماعة

ويذكر الدكتور الجــابري أن إحــدى الروايــات تضــمنت عبــارة »ثم تتبع الفتن بعضها بعضا، حتى يخرج رجل من أهل بيــتي يقــال

أي إنها تعتبر الفرقة الناجية من«،له: المهدي، فإن أدركته فاتبعهالشيعة ـ حسب تعبيره ـ.

ونقــل عن ابن المرتضــى، صــاحب المنيــة واألمــل، أنــه أورد«.أتقاها وأبرها المعتزلة»رواية في آخرها:



بينما يورد مصدر خارجي الحديث بصــيغة»وأضاف الجابري: . (530)«تجعل الفرقة الناجية هي الخوارج بالذات

ــارة وتجدر اإلشارة إلى أن العالمة فضل الله استظهر أن عب ، الواردة في بعضها لإلشــارة إلى أنهــا الفرقــة«وهم شيعة علي»

الناجيــة، ليســت من أصــل الحــديث، وإنمــا هي شــرح أو بيــان أون في كثير من األحــاديث الســبل|تطبيق له. ورأى بأن النبي قد بي

ــاب وأهـــل ك بالكتـ لـــة بالتمســـ ــلة إلى الحـــق، والمتمث الموصـ. (531)^البيت

ـا كـــان فـــإن من المعلـــوم أن بعض تصـــنيفات الفـــرق ــ وأي ، وال في عصـــر|ومســـمياتها لم تكن معروفـــة في عصـــر النـــبي

لت آنذاك. الخلفاء األوائل، ولم تكن الفرق والمذاهب قد تشكــر|ويالحظ هنا، على الرغم من أن النبي كان يخبرهم عن أم

خطير يؤول إليه حال األمة من الفرقــة والضــعف في المســتقبل،ب لديهم أي استغراب أو تعجب. ومع ذلك فإنه لم يسب

،|ثم هل يعقل أن ترد كل هذه الروايات المتضاربة عن النبيــري دون أن تكون قد عبثت فيها األيدي، في مناخات الصراع الفك

والسياسي الذي شهده المسلمون؟! وجاء في بعضها، كما أخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو: »كلها في النار إال ملة واحــدة، قــالوا: ومن هي يــا رســول

.«الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي وقد نقد الباحث السقاف هذه الرواية من منظــور الحــوادث

ــل|التاريخية التي وقعت بين الصحابة بعد وفاة النبي ؛ إذ كيف يعقــع الخلفــاء|صدورها من النبي ؟! ألن الصحابة افترقوا في عهد راب

دنا وموالنا أمير المؤمنين علي إلى ثالثة فرق: فرقة الراشدين سي معه، وهي التي على الحق بنصوص األحاديث الكثيرة المقطوعــة؛



وفرقة قعدت ولم تناصر إمام الحق، ولم تقاتل مع أحد الفريقين، وقد نــدم أفرادهــا؛ وفرقــة مــع معاويــة، وهي الفئــة الباغيــة، بنص

عمار تقتلــه الفئــة الباغيــة، يــدعوهم إلى»رواية البخاري ومسلم: وتساءل الســقاف: وعليــه فــإن عبــارة«.الجنة ويدعونه إلى النار

مــع أي فرقــة من هــذه الفــرق الثالث«مــا عليــه أنــا وأصــحابي». (532)تكون؟

ــيخ ــات انتهى الش ــذه الرواي ــون ه ــارب في مت ــرا للتض ونظ إن مشــكلة اختالف نصــوص الحــديث ال»الســبحاني إلى القــول:

ق إليــه االختالف من يقــل إعضــاال من مشــكلة ســنده، فقــد تطــر.(533)«جهات شتى، ال يمكن معه االعتماد على واحد منها

ــه على الــرغم من هــذا ولكن من جهــة أخــرى قــد يقــال: إنــة ــات الفرق ــير من رواي ــوظ في كث ــطراب واالختالف الملح االض الناجية، مما قد يثير عالمات استفهام مشروعة تجاهها، إال أنه في نفس الوقت يالحظ بأن ثمة قاسما مشتركا يكاد يكون قائما بينها أو بين أغلبها، وهو الذي يشير إلى مسألة افــتراق األمــة إلى ثالث وسبعين فرقة. وقد يقال بأن واقع الفرقــة بين المســلمين يشــهد

بصدقها. ولكن على فرض صحة ذلك فإنه ال يعني أنه لم يشــكك أحــدح في حــديث افــتراق األمــة إلى ثالث وســبعين فرقــة، كمــا صــر

إذ ليس من المعقــول إغفــال كــل هــذا الجــدل؛(534)الباحث وهبيحوله.

ــو ــا ه ــا فم ــه اتفاق ــول روايات ــدل ح ــذا الج ــا ه ثم اذا اعتبرناالختالف إذن؟

كما أن الكاتب العدوي، وعلى الرغم من حشده المالحظاتــائج خطــيرة على ب عليها من نت على هذه الروايات، وبيان ما يترت



األمــة، ومــع تناولــه لمــا يعتــور متونهــا من اختالف كبــير، بحيث ال يمكن أن تكون ـ حسب تعبيره ـ نبوية خالصة، مع ذلــك ذكــر بأنــه

، بحسب إحدى الروايــات الــورادة عن|يستسيغ صدورها من النبي ، مشيرا إلى الرواية الموافقة لما في مسند الربيع. غير أنـه|النبي

أضاف: ولكن ال على نحو اإلنباء بالغيب المستقبلي، بــل من جهــةر استشراف المستقبل والوعي الحضاري لمسيرة البشرية، والتدب

. (535)العميق لمنطق القرآن الكريم لبعض|ولسنا هنا في صدد مناقشة فكرة استبعاد إنباء النبي

المغيبات المستقبلية، وال ســيما إذا كــانت عن طريــق إطالع اللــه. (536)تعالى له عليها، فذلك موكول إلى الدراسات العقدية

|ولكن ما نود إثارته هنا أنه من غير المنطــق أن يخــبر النــبي ق المســلمين إلى فــرق كثــيرة ال ينجــو منهــا إال الصحابة عن تفــرــوم القيامــة، دون أن يحفزهم إلى االستفســار عن تلكم واحــدة ي الفرقـة الناجيـة، وعن أوصـافها، ومعالمهـا، وعن الفــرق الهالكـة، وأسباب هالكها، وعن أسباب الفرقــة. أمــا أن تمــر الواقعــة هكــذاف أو اســتفهام لــدى المســلمين دون أن تثير أي استغراب أو تأس األوائل، سوى سؤاال عاديا مفاده: ومن هي الناجية؟ ثم يرد عليهم

بأنهــا مــا عليــه هــو وأصـحابه، أو الجماعـة، ومــا شــابه من|النــبيفق مع منطق االجتماع البشري. الردود غير الشافية، فهذا ال يت

إال إذا قيل بأن شيئا من ذلك قد حصل، ولكن الرواة حذفوه؛ــه سيشــكل لدواعي االختصار وما شابه. ولكن هذا ـ إن صح ـــ فإنف بالحذف في هذه المرويات، ممــا يفتح شاهدا على وقوع التصر

الباب الفتراض حذف أمور أخرى منها. ومن جهة أخرى دأبت االتجاهات اإلقصــائية والتكفيريــة لــدىــا ــيز على م خي الفرق والمقاالت وبعض المحدثين على الترك مؤر



،«كلهــا في النــار إال واحــدة»ورد في ذيــل بعض الروايــات، وهــو وجرت محاوالت تطبيقها على بعض التيارات الفكرية. والواقــع أن هذه االتجاهات المتشددة تغفل حقيقــة أن بعض روايــات الحــديث لم تتضــمن هــذه العبــارة، واكتفت بــذكر االفــتراق، وعــدد الفــرق

فقط. وهذا حديث أبي هريرة، الذي رواه أبو داوود والترمـذي وابن

افترقت اليهود على إحدى ـ أو اثنتين»حبان والحاكم، وفيه يقول: قت النصــارى على إحــدى ـــ أو اثنــتين ـ ـــ وســبعين فرقــة، وتفــر

.(537)«وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثالث وسبعين فرقة وقــد شــكك عــدد من العلمــاء في هــذه الزيــادة؛ فقــال ابن

كلهــا هالكــة»وإياك واالغــترار بـ »الوزير في العواصم والقواصم: فإنها زيادة فاسدة، غــير صــحيحة القاعــدة، وال يــؤمن«؛إال واحدة

.«أن تكون من دسيس المالحدة.«إنها موضوعة، غير موقوفة، وال مرفوعة»وقال ابن حزم:

ــعفها ــادة ض ــذه الزي ــير، أن ه ــوكاني، عن ابن كث ــر الش وذكجماعة من المحدثين.

أما ابن الوزير فإنه صــحح روايــة معاويــة بهــذه الزيــادة، في كتابــه الــروض الباســم. وإن تضــعيفه ليس من جهــة الســند، بــل

. غير(538)المتن؛ فإنه استشكل على دخول معظم المسلمين النار أن كلمة ابن الوزير السابقة تشدد على فســاد الزيــادة، واحتمــال

كونها مدسوسة.ه غـــير واحـــد على ســـهو الســـخاوي في المقاصـــد وقـــد نب الحسنة، حيث ذكر حــديث أبي هريــرة بالزيــادة المــذكورة. وتبعــهــد ــا، والشــوكاني في الفوائ ــوني في كشــف الخف ــك العجل في ذل

.(539)المجموعة



وعلى نقيض االتجاهــات التكفيريــة واإللغائيــة، الــتي حــاولت فرض وصايتها على األمة، معتــبرة نفســها القاعــدة واألصــل لهــذا الدين، واالتجاه الــذي يمتلــك الحقيقــة كلهــا دون غيرهــا، وحكمتخت شــرعيتها باالســتناد إلى ــوار، ورســ ــالهالك والب ــا ب على غيرهــد ــة، وج السلطة السياسية وأجهزتها اإلعالمية والفكرية والتنظيريــة ــارات األم ــاة لمعظم تي ــد النج ــامح، اعتق ــل ومتس ــاه متفائ اتج واتجاهاتها الفكرية ومدارسها الفقهية، على ما بهــا من اختالفــات.

ومن ثم ظهرت روايات تؤيد هذه النزعة التفاؤلية. يقــول الــدكتور عبــد الحليم محمــود، شــيخ األزهــر األســبق:ــاح ويثلج الصــدر أن الشــعراني في ــدعو إلى االرتي ــا ي »ولكن مم ميزانـه قـد روى من حــديث ابن النجــار، وصـححه الحــاكم بلفــظ:

ــا في«»غريب ف وسبعين فرقة، كله ، وهو: ستفترق أمتي على ني . وأضاف العجلوني في كشف الخفا أنه رأى في«الجنة إال واحدة

ــظ ابن هامش الميزان في تخريج أحاديث مسند الفردوس، للحافــبي ــتي على بضــع وســبعين|حجــر، عن أنس، عن الن ــترق أم : تف

.(540)«فرقة، كلها في الجنة إال الزنادقةــيوطي في ــدثين، كالس ــير بعض المح ــكك في األخ ــا ش بينم

.(541)الآللئ المصنوعة، حيث قال: ال أصل له، أي بهذا اللفظ.(542)وحكم عليه األلباني بالوضع

ــات كما قد يرد عليه بأنه يؤدي إلى فتح الباب واسعا لالختالفالدينية، وتبريرها، حتى لو كانت متضادة.

خ المعــروف المقدســي) ح المــؤر هـــ(،380وفي المقابل صر صــاحب أحســن التقاســيم، أن هــذا الحــديث أصــح إســنادا، بينمــا

ر نجاة فرقة واحدة أشهر . (543)الحديث اآلخر الذي يقر وإذا صح هذا الكالم فإنه قد يعــزى إلى الظــروف السياســية



المتوترة، والبيئات الثقافية المتشددة، الـتي تلقي بثقلهـا وتأثيرهــاخين والمحدثين والكتاب والخطباء واألدباء واإلعالمــيين على المؤرــار، ــات واألخب ــات والحكاي زون على بعض الرواي ــيرك ــاهج، ف والمن ويتناولونهــا في كتبهم ومقــاالتهم وخطبهم ودروســهم، حتى تحــوز على الشهرة والذيوع، إلى درجة تغدو معها ثقافـة عامـة راسـخة، يرددها الجميع، حتى الصبيان في الكتاتيب. وفي ظل هذه األجواءــارات واالتجاهــات تتشكل االنطباعات والنظرات الســلبية إلى التيــه إلى هــذا أشــار األخــرى المخالفــة لهــا في الــرأي والفكــر. ولعل

ــه: ــبق، بقول ــر األس ــلتوت، شــيخ األزه ــيخ ش ــور»الش ولكن عصــا من ــا بغيض ــلمين تراث ــنيف حملت المس ــذهبي الع ب الم ــ التعص التراشق بالتهم، والترامي بالتعصب والفســوق والضــالل، فتبــادل الفقهاء ـ أصحاب الفروع ـــ نوعــا من التهم، وتبــادل المتكلمــون ـ أصحاب العقائد ـ مثل ذلك، وتلقف المخــدوعون من الخلــف هــذههم، ومألوا بها كتبهم، وأســرفوا في االعتــداد بهــا، حتى جعلوهــا الت

. (544)«مقياس ما يقبل من اآلراء أو يرفضــة ــات الفرق ــول رواي ــدل ح ــذا االختالف والج ــم ه وفي خض الناجية وطرقها وأسانيدها، وما يكتنف متونها من اضطراب وعلل قادحــة، بحيث أدت إلى ارتبــاك مواقــف بعض العلمــاء، وتضــاربرين حيالها، يطالعنا العالمة محمد جواد مغنية ـــ كعادتــه آراء المفك

ــه قــال:|اشــتهر عن النــبي»ـــ، فيحســم موقفــه منهــا بقولــه: أن افـترقت اليهــود على إحــدى وســبعين فرقـة، وافـترقت النصــارىــتين وســبعين فرقــة، وتفــترق أمــتي على ثالث وســبعين على اثن فرقة. وقد كثر الكالم وطال حول هــذا الحــديث؛ فمن قائــل: إنــه ضعيف ال يعول عليه؛ وقائل: إنه خبر واحــد، وهــو ليس بحجــة في الموضوعات؛ وقال ثالث: إن كلها في النار من دسائس المالحدة؛



ــة إال للتشــنيع على المســلمين؛ ورواه رابــع بلفــظ: كلهــا في الجن الزنادقة. ثم قال: ونحن على شــك من هــذا الحــديث؛ ألن األصــل

حتى يثبت العكس. ولكن إذا|عدم األخذ بما ينســب إلى الرســولرنا بين »كلهــا في النــار ــة« وبين »كلهــا في الجنة«خي نختــار الجن

: إنها أقرب إلى رحمة الله. أوالعلى النار؛ : إن الفرق اإلسالمية على أساس االختالف في األصولثانيا

فرقة، واالختالف في الفــروع ال يســتدعي الــدخول في73ال تبلغ النار؛ ألن الخطــأ فيهــا مغتفــر إذا حصــل مــع التحفظ، وبعــد الجــدــذا الحــديث ــا بين ه ــا أبعــد م ــه: وم ــاد. وختم كالمــه بقول واالجته

وقــول ابن عــربي في كتــاب الفتوحــات: ال|المنســوب إلى النــبي. (545)^ ببركة أهل البيت|يعذب أحد من أمة محمد

بــع بــع المنهج العلمي المت ورب قائل: إن الشــيخ مغنيــة لم يت في نقد الروايات، من ناحية البحث في أســنادها وطرقهــا، ومــدىــديل. ومن اتصالها، وسالمتها من النقد، حسب قواعد الجرح والتع جهة أخرى إنه لم يدرس متون الروايات، ولم يقم بــأي مقارنــة أو موازنة أو تحقيق في هذا المضمار، بل أغفل دراسة مجمل عملية النقد الداخلي والخارجي، ومن ثم فــإن مــا انتهى إليــه من رأي ال

يعدو أن يكون مجرد وجهة نظر شخصية استحسانية! عــه للروايــات وأســانيدها، ضح لنــا مســتوى تتب ورغم أنه لم يت فإنه يظهر من كالمه المتقدم أنه أشار إلى مــا انتهى إليــه الجــدلــه حول سنده، وأنه في أحسن الظروف فإن خبر الواحد ال يحتج ب في الموضــوعات ـــ حســب رأيــه ـــ، وكــذا حســب بعض المبــاني

ــه من.(546)العلمية ــيرا من متون ــه لم يغفــل مــا يعــتري كث كمــا أن اضطراب، حيث ذكر أهم ما قيل في هذا الشأن. وبعد أن رأى أنم على مروياته، سواء من جهة الســند أو حالة الشك واإلرباك تخي



المتن، فإن المرجع عندها هو أصل عــدم األخــذ بــه، والتوقف عن االحتجاج به. والواقع أنه قدم خالل فقــرة مــوجزة خالصــة جامعــة

لبحوث مطولة.

ـ إشكالية العدد بين الروايات والواقع التاريخي 3ــتراق، أو حــديث من اإلشــكاالت الــتي واجهت حــديث االف الفرقة الناجية، حقيقة األعداد التي وردت فيهــا. وعلى الــرغم من االختالف واالضطراب في بعض متونها من هذه الناحية أيضا، كمــا اتضح في ما سبق من البحث، فــإن المشــهور منهــا ينص على أن اليهود انقسموا إلى إحدى وسبعين، والنصارى إلى اثنين وسبعين،

وسوف ينقسم المسلمون إلى ثالث وسبعين فرقة. وأول ما يلفت النظر هنا الترتيب العددي التصاعدي المتدرج

فرقة. وأول االسئلة73ـ، 72ـ، 71النقسام أتباع الديانات الثالث: التي ترد على البال: ما هي طبيعة هــذا الــترتيب العــددي؟ ومــدى واقعيته؟ وهذا بدوره يقود إلى عدد من التســاؤالت والتفســيرات. ومما قيل في ذلك: إن األعــداد ليســت مقصــودة في نفســها، بــل ذكرت على ســبيل المبالغــة، والتــدليل على عمــق الخالف وكــثرة االنقسام، وهو ما تعارف عليه العــرب في محــاوراتهم وأســاليبهم

ــرآن الكــريم: ــا جــاء في الق ده م تغفر﴿في الكالم. ويؤي إن تســر اللــه لهم ة فلن يغفــ (، حيث88 )التوبــة: ﴾لهم سبعين مر

ذهب بعض المفسرين إلى أن المقصود من العدد هنا المبالغــة، ال . (547)العدد المخصوص

ورد هذا القول بأن الروايات وردت فيها أعداد معينة محددة، ممــا يــوحي بأنهــا مقصــودة، وليســت لمجــرد المبالغــة. فلــو كــان الغرض منها مجرد اإلشارة إلى كثرة الفرق لكــان اكتفى بــالقول،



على سبيل المثال: إنهــا ســتفترق إلى ســبعين فرقــة أو أكــثر من ســبعين فرقــة، كمــا افــترقت األمم الســابقة. ولكن مــا معــنى أنــاعدي ــددي تص ــترتيب ع ــا ل ــذه األمم طبق ــام ه ــير إلى انقس يشــة. ن؟! إنه بكل بساطة يوحي وكــأن األعــداد المــذكورة حقيقي معي

وهذا ما يثير الغرابة واالرتباك في فهم هذه الروايات. وفي المقابل يطــرح تســاؤل مفــاده: إذا لم يقصــد من هــذه األعداد اإلشارة فقط إلى كــثرة الفــرق وكــثرة االنقســامات الــتيــة ــداد من الناحي ــذه األع ــة ه ــدى واقعي ــا م ــة، فم ســتقع في األم

التاريخية؟ــة، ــبعين فرق ــدى وس ــل إلى إح ــود بالفع ــم اليه ــل انقس ه

والنصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة؟ ودعنا من هؤالء، فهـل انقسـم المسـلمون بالفعـل إلى ثالث

وسبعين فرقة؟ ثم مــا هــو تعريــف الفرقــة هنــا؟ ومــا المقصــود منهــا؟ هــل المقصود اإلشارة إلى االنقسامات الحاصلة على مستوى األصــولــة؟ ــول الفقهي ــتوى األص ــلة على مس ــا الحاص ــة أم أيض االعتقادي وباإلضافة إلى االنقسامات الواقعة على مستوى التفاصيل، سـواءــدة أو الفقــه، هــل تقتصــر االنقســامات على المــذاهب في العقي العقدية والكالمية أم كذلك تشمل المذاهب الفقهية؟ وهل تشمل الخالفات التي تقع ضمن التيار الفكري العقــدي والفقهي الواحــد، كمــا هــو الحــال بالنســبة ألهــل الحــديث واألشــعرية والماتريديــة

والسلفية والصوفية والزيدية واالثني عشرية وما شابه؟ كمــا قــد تطــرح تســاؤالت عن مــدى شــمول هــذه الروايــات للخالفــات الــتي تقــع على صــعيد المنــاهج والــبرامج العمليــة في

اإلصالح والتغيير بين جماعات العمل السياسي؟



قد يقال بـأن هــذه وأمثالهـا غــير مشــمولة؛ ألنهــا ال تعــدو أن تكون مجرد وجهات نظر في القراءة الميدانية لمختلف الساحات، وتقدير األولويات فيها، ممــا ال تســتلزم النجــاة والهالك األخــرويين

اللذين تتحدث عنهما هذه الروايات. ولكن يمكن اإلجابة عنها بأنها وإن كانت ال تعدو االختالف في تقــدير األســاليب والوســائل، ولكنهــا في بعض األحيــان تقــود إلىــا، بحيث تنتهي إلى ــا وقياداته ــادة بين أتباعه ــامات ح ــاد انقس إيج تبادل اتهامات خطيرة، ووصف بعضها بعضا بأوصاف منفرة، تصل إلى الخيانة والعمالة، بل يلجأ بعضها إلى التفسيق والتضليل أيضا. وقد ينتهي بها األمر في بعض األحيان إلى التقاتــل ومــا إلى ذلــك. فإذا كانت هذه الروايات تهدف في ما تهدف إليه إلى التحذير منــة الفرقــة واالنقســام في صــفوف المســلمين؛ للحيلولــة دون مغب وقوع الوهن والضعف في جسم األمة، كما ذكر بعضهم، فإن مثل تلكم الخالفات العملية العميقة ال تكــون بمنــأى عنهــا، على األقــل

من هذه الجهة. ــة، ومن جهة أخرى، وبناء على كون األرقام المــذكورة حقيقي فهل المقصود منها وقوع هذه األعداد من الفـرق والجماعـات في زمن معين أم أنها سوف تظهر خالل الفترة الزمنية الممتــدة منــذ

إلى يوم القيامة؟|رحيل النبي وهل الهدف منها هــو اإلخبــار واإلنبــاء بــالوقوع الحتمي لهــذاــز االفتراق في جسم األمة أم الغرض هو التحذير من وقوعه وحفــاذ تــدابير تحــول دون وقوعــه؛ ألن من شــأنه األمــة للســعي التخ

إضعاف األمة وإفشالها وإخفاق دورها الرسالي؟ ثم إن الفرقة التي ضـمنت الجنـان والنجــاة في اآلخــرة هــل ضمنتها لكل أفرادها منذ نشأتها وإلى يوم القيامة؟ وما هــو معيــار



د االنتماء الموروث أم أن المســألة االنتساب إليها؟ هل يكفي مجرتخضع لموازين الفهم والقناعة والصالح واالستقامة؟

وفي المقابل هل الفرق الهالكة يكون كــل أفرادهــا هــالكين،د انتسابهم الدموي والوراثي إليها؟ ولكن التساؤل وبالجملة؛ لمجر الذي يثور هنا هو: ما مصــير المستضـعفين والغــافلين، والـذين لم تبلغهم الحجة ولم يبلغهم البيان أصال؟ هل يعقل أن يعامــل هــؤالء نفس معاملة الجاحدين والمكذبين والمكابرين في إنكار الحقيقة؟ تظل التساؤالت السالفة وأمثالها مطروحة؛ لغرض فهم هذه المرويات ودرايتها، دون إجابات حاسمة عليهــا. األمــر الــذي يزيــدرا في دراية حديث الفرقة الناجيــة وتطبيقــه، الموقف ارتباكا وتحي ومن ثم صعوبة االســتناد إليــه وحــده لتقريــر أحكــام خطــيرة، من قبيل: الحكم على كل فرق المسلمين بالهالك والبوار في اآلخرة،

والتكفير أو التضليل ـ على أقل تقدير ـ في الدنيا. ــارات المســلمين وفي سياق متصل فإن من المعروف أن تي الفكريــة لم تجمــع على عــدد من المســائل الخالفيــة في هــذا المجال، من قبيل: مصير مــرتكب الكبــيرة، ومــدى حتميــة الوعــد والوعيد اإللهيين. فقــد ذهب األشــاعرة إلى أنــه ال يجب على اللــهــة ومن ر المعتزل ــر ــك ق ــك. وعلى عكس ذل ــيء من ذل ــالى ش تعــة ــات بال توب ــاب العاصــي إن م ــع وعق ــواب المطي ــأن ث وافقهم ب واجبان على الله تعالى. بينما ذهب الشــيعة اإلماميــة إلى أن اللــهــه مقتضــى تعالى يجب عليه الوفاء بالوعد، وهو ثواب المطيــع؛ ألن العدل واإلنصاف، وال يجب عليه عقاب العاصــي وتحقيــق الوعيــد؛

. (548)ألنه حق الله تعالى، فيجوز عليه إسقاطه ولكن في خضم هيمنة مفاهيم التضليل والتكفير غــابت مثــلــاء ــرق ووعي علم ــؤرخي الف ــرة م ــد واآلراء عن ذاك ــذه القواع ه



ــة، الكالم، وال سيما عند محاوالتهم المتكلفة الحتكار الفرقة الناجي ورمي معظم تيارات المســلمين في أتــون النــيران، مــع أنــه كــان األجدر بهم ترك الخوض في هذه المسألة المتعلقة بمصير البشــر

األخروي لمالك يوم الدين. خي الفرق والمقاالت لهــذه الروايــات، لقد تحمس بعض مؤر ووجــدوا فيهــا ضــالتهم نحــو تقســيم المســلمين إلى فــرق ضــالةــأليف ــدفعوا في ت هالكة، واحتكار النجاة والجنان لفريق معين، وان كتب خاصة عن فرق المسلمين وتياراتهم، وتعسف بعضهم؛ بغيــةــة، إال أن تلكم المحــاوالت ــدد إلى ثالث وســبعين فرق إيصــال الع

أخفقت، ولم تحظ بالنجاح. «،فأبو الحسن األشعري، صاحب كتاب »مقاالت اإلســالميين

ح بأن أصول الفرق عشرة، وعند تعداده لها ذكر إحدى عشرة صر فرقــة! وفي المحصــلة النهائيــة تجــاوز عــدد الفــرق عنــده المائــة

فرقة! بلغ عــدد«،الملل والنحل»وعند الشهرستاني، صاحب كتاب

الفرق ســتا وســبعين فرقــة، تفــرعت عن أصــل أربــع فــرق، هي:القدرية؛ والصفاتية؛ والخوارج؛ والشيعة.

وقد تأرجح العدد عند الخوارزمي بين ثالث وخمسين واثــنينوسبعين فرقة.

، فقــد عــدها خمس«الفصل»أمــا ابن حــزم، صــاحب كتــاب فرق رئيسة، وهي: أهل السنة؛ والشــيعة؛ والمعتزلــة؛ والمرجئــة؛

والخوارج. في حين عدها الملطي أربع فرق، هي: القدريــة؛ والمرجئــة؛

والشيعة؛ والخوارج.ــتزلي هي ــار المع بينما الفرق الرئيسة عند القاضي عبد الجب



خمس: المعتزلة؛ والخوارج؛ والمرجئة؛ والشــيعة؛ والنــوابت، وهمأهل الحديث.

أما النوبختي فإن أصول الفــرق عنــده أربعــة، هي: الشــيعة؛. (549)والمعتزلة؛ والمرجئة؛ والخوارج

وذكر ابن تيميــة في مجمــوع الفتــاوى، عن ابن أســباط وابن المبارك، بأن أصول البدع أربعة: الروافض؛ والخــوارج؛ والقدريــة؛ـة من الكفــار، فال يـدخلون في الفــرق والمرجئـة، واعتـبرا الجهميــق من أصــحاب أحمــد، ــه فري ــتين والســبعين. ووافقهمــا علي االثن وخالفهمــا فريــق آخــر، فقــالوا: هم داخلــون في الفــرق االثنــتين

فعلى قول هــؤالء يكــون»والسبعين. وعلق عليه ابن تيمية بقوله: كل طائفة من المبتدعة الخمسة اثنتــا عشــرة فرقــة، وعلى قــول األولين يكون كل طائفة من المبتدعة األربعة ثماني عشرة فرقة.بة الصــحيحة، فجعــل من مجمــوع وهكذا ذهل هو اآلخر عن الحســ

. (550)الفرق ـ بناء على كون أصولها خمسة ـ ستين فرقة! أن يوصلها بطريقة«تلبيس إبليس»وحاول ابن الجوزي في

فها إلى متكلفة غير واقعية إلى ثالث وســبعين فرقــة، بعــد أن صــنــال: ــة، فق ــرى فرعي ــة؛ وأخ ــرق رئيس ــرق هي»ف ــول الف إن أص

ــال الحرورية والقدرية والجهمية والمرجئة والرافضة والجبرية، وق بعض أهــل العلم: أصــل الفــرق هــذه الســت، وقـد انقســمت كــل

. (551)فرقة منها اثنتا عشرة فرقة، فصارت اثنتين وسبعين ولم يخبرنا ابن الجوزي لماذا اقتصرت الفرق األصــلية عنــده على ست فرق؟ وما الذي جعل كل هذه الفرق الرئيســة تنقســمع بنفس العدد، لتصل إلى عدد الفرق الهالكة حسب روايات وتتفر

الفرقة الناجية؟ــة أقــرب إلى عمليــة حســابية إنهــا في الواقــع محاولــة نظري



بة من القســمة والضــرب، يعوزهــا الــدليل التــاريخي والســند مركالواقعي.

ويالحظ أن تركيزه انصــب على تكملــة عــدد الفــرق الهالكــة فقط؛ لتتطابق مع روايات االفــتراق، وبصــرف النظــر عن التحقق

الفعلي والتاريخي.ــه: فوقــع»وعلق الشيخ السالمي، عند شرحه للحديث، بقول

|مشاهدا، فإن افتراق األمة قــد كــان على مــا وصــف رســول اللهــة؛ وأربــع على ثالث وســبعين فرقــة؛ فعشــرون منهــا في المرجئ وعشرون في الشيعة؛ واثنتا عشرة في المعتزلــة؛ وســبع عشــرة

.(552)«في المحكمة، وقيل في تفصيلهم غير ذلك ويالحظ أنه اختار تقســيم الفــرق الرئيســة على أربــع فــرق،لة عت منها أعداد مختلفة، لتنتهي في المحصــ وفاقا للنوبختي، تفر

األخيرة إلى ثالث وسبعين فرقة، حسب رواية الفرقة الناجية. وهكذا تضاربت اآلراء والتحليالت، سواء في أصول الفــرق أوخين والمحدثين والفقهاء. في فروعها أو في أسمائها، بين المؤر

وللخروج من هذا المأزق وهذا االرتباك، الــذي يفــرض اتخــاذــات؛ أو ــا رد الرواي ــة، وهي: إم ــف الثالث ــد المواق ــف من أح موقــة التصريح بإجمالها، وعدم إمكانية فهمها؛ أو تقديم تأويالت مخالف

لظاهرها.فــة، ومن وبالفعل فقد سلك بعضهم مسلك التــأويالت المتكل أبرزهــا: مــا ذهب إليــه الــرازي، الــذي يقــول: »إن قيــل: إن هــذه الطوائف التي عــددتها أكــثر من ثالث وســبعين، ورســول اللــه لم

من ذكــر الفــرق|يجوز أن يكون مراده»يخبر بأكثر؟ وأجاب قائال: «.الفرق الكبار، وما عددنا من الفرق ليســت من الفــرق العظيمة

ولمــا أدرك بــأن هــذا التفســير ال يحــل اإلشــكال بين العــدد الــذي



حددتــه الروايــات واألعــداد الفعليــة المزعومــة الــتي ذكرهــا هــو، وذكرهــا غــيره؛ ألنهــا لم تصــل إلى هــذا العــدد، وليس معلومــا إن كانت ستصل إليــه أو تتجــاوزه أو تظـل أقـل منــه في المســتقبل،

ــون»استدرك، فقدم تأويال غريبا، فقال وأيضا فإنه أخبر أنهم يكون على ثالث وسبعين فرقة، ولم يجز أن يكونوا أقل، وأمـا إن كـانت

ــثر فال يضــر ذلك ــائال: «أك ــذا»، وأردف ق ــذكر في ه ــف، ولم ن كي المختصر كثيرا من الفرق المشهورة، ولو ذكرناها كلها مستقصـاة

.(553)«لجاز أن يكون أضعاف ما ذكرنافقــوا في تعــدادها، وهكذا اضــطربت األعــداد عنــدهم، فلم يت سواء على مستوى الفـرق الرئيسـة أو الفرعيـة. وظهـر أن أغلب ــكا ف؛ تمس ــ ــة على التكلف والتعس ــانت قائم ــاوالت ك تلكم المح

بروايات الفرقة الناجية. ر أحد الباحثين المختصين أن أصول الفرق ال والواقع كما يقرــرق تصل إلى هذا العدد، بل ال يبلغ نصفه، وال ربعه، وأن فروع الف

يختلف العلماء في تعريفها. وأنت في حيرة حين تأخذ في العد. وعلى فرض صحة الحديث ال ينحصــر االفــتراق في مــا كــانــؤالء العلمـــاء األعالم ــور األولى، وقبـــل أن يـــدون هـ في العصـ

فاتهم . (554)مصن ولهــذا لجــأ الــرازي إلى هــذا التفســير التصــالحي بين قبــول رواية الفرقة الناجية وبين إشكالية العدد الــتي تواجههــا. وبموجبــه فتح البــاب على مصــراعيه لمحــاوالت التفريــع والتفــريخ والتكثــير ألعداد الفرق، وقدم تبريرا لكــل المحــاوالت غــير المنهجيــة وغــيرــرق والملــل لفه من مــؤرخي الف ــا ســ ــتي قــام به الموضــوعية ال والمقاالت، ومن نحا نحــوهم فيمــا بعــد. وفاتــه بــأن تأويلــه هــذا ال يبقي أي معنى لتحديد العــدد في الروايــات، وال ســيما إذا جاوزهــا



ــه مــع هــذا الوضــع الواقــع إلى يــوم القيامــة بأعــداد مضــاعفة؛ ألن سيكون ذكر العدد ـ على فرض قصده ـ لغويــا وعبثيــا! كمــا فاتــه، من جهة أخرى، أنه في كال الفرضين اللذين ذكرهمــا ســيكون مننة على أنها هي المقصودة؛ وذلــك الصعوبة بمكان تحديد فرق معي

لغياب المعيار الموضوعي في الرواية. والنتيجــة الوحيــدة الــتي تنتج من تأويــل الــرازي هــو تشــجيع األمــة على التنــافس إلنتــاج مزيــد من خطــاب التبــديع والتضــليل،

وتبادله بين مذاهبها وتياراتها.ــرق ــ ــوث الف ــ ــاب المنهج العلمي في بح ــ ــدفاع وغي ــ إن االنخين والمتكلمين في هــذا المــأزق. والمقاالت والملل أوقــع المــؤرخذ بعضهم من روايات االفتراق تكــأة إلنتــاج تــراث غــدا في لقد ات جانب منه وباال على األجيــال؛ لمــا يقــوم بــه من توســيع الفجــوة،

ونشر الكراهية بين تيارات المسلمين. وأيا كان فإن مما يثير العجب والدهشة لدى الدارس إغفــالخين والمتكلمين للواقع التـاريخي الفعلي والميــداني للفــرق المؤر والتيــارات الفكريــة، بــل وتجــاهلهم لعــاملي الجغرافيــا والتــاريخ، وقفزهم على عامل الزمن، بــل إلغائــه من حســابهم تمامــا، أثنــاءــة إليصــال ــة والبحثي لهاثهم هذا وراء تحشيد كــل إمكانــاتهم الفكري عدد الفــرق إلى ثالث وســبعين فرقــة. لقــد ذهلــوا عن حقيقــة أنــزمن ال تتوقف حركة التاريخ ال تنتهي عند عصرهم، وأن عقارب الــه هب أن هــذه األعـداد من الفــرق، الــتي عند أزمنتهم. وفــاتهم أن جهدوا للوصــول إليهــا، قــد وجــدت بالفعــل حتى عصــورهم، فهــل ستتوقف عملية التوالد واإلنتاج لفرق وجماعات أخرى بعدهم؟ إن هذا الوضع يتسق تمامـا مـع طبيعـة األجـواء المشــحونة بالعصـبية واالنفعال واالندفاع، التي من شأنها أن تفقد المرء وعيه وانتباهــه



ب والســجال التبــديعي، ألمور واضــحة. إن ســيطرة أجــواء التعصــ ودعاوى امتالك الحقيقة كل الحقيقة من قبل فئة دون غيرها، هي

حتى يومنا هذا.التي تقف وراء إنتاج هذا النوع من التفكير

كلمة الختامــذه ــال ه ــابق ح ــتعراض الس ــا من خالل االس ــح لن ــد اتض لق الروايات من جهة اإلسناد والمتون، من منظــور مختلــف التيــارات الفكرية للمسلمين. وتابعنا الجدل حول مدى صحتها ومدى صدور بعض ألفاظها. كما الحظنا بعض التطــورات الــتي مــرت بهــا بعض ألفـــاظ الروايـــات، والزيـــادات الـــتي أضـــيفت إليهـــا تحت دواع أيديولوجية وسياسية. ورصــدنا المحــاوالت المتكلفــة الراميــة إلىن من ــبي ــا بشــكل إقصــائي على فــرق المســلمين. لقــد ت تطبيقه البحث أن هناك جدال من غير دليــل حــول بعض أســانيد الروايــاتــع وتطبيقاتها، بل حول أصل صدور بعض ألفاظها الخطيرة. والواقــات حجــة في ــل هــذه الرواي خــذ مث ــف تت أن المــرء يســتغرب كي اإلقصاء في الدنيا، وضمانا الحتكار مقاعد الجنان لفريق دون آخــر

في اآلخرة.وفي ختام البحث نود التأكيد على األمور التالية:

ـ إن أهل الفقه في الرواية والدرايــة مــدعوون إلى تكــثيف1 الجهد نحو إعادة البحث في مثــل هــذه الروايــات، بــل في عمــوم المرويات، وال سيما المشابهة لها، وذلك وفق منهج تاريخي يرصد التطــورات والزيــادات الــتي طــرأت عليهــا مــع الــزمن، ودراســة خلفياتها الفكرية والسياسية واالجتماعية، وعدم االكتفاء بدارسـتهاز أو تقتصــر على بحث سالســل اإلســناد، حسب القواعد التي ترك وتهمل مراجعة ونقد المتون، أو تقلل من شأنها، مــع إغفــال كبــير



للمنهج التاريخي في النقد. ـ أهمية القيام بمراجعــة نقديــة لمصــادر البحث في الفــرق2

والمقاالت والملل والنحل، واألدبيــات والمفــاهيم والشــروح الــتي تأسست عليهــا، وضــرورة قراءتهــا في ضــوء ســياقاتها ومناخاتهــا االجتماعية والسياسية والثقافية والتاريخية، وعــدم التعامــل معهــاــوق بهــا في دراســة وتقــييم المــذاهب ــات مســلمة، موث كمرجعي

والفرق والتيارات المتعددة للمسلمين ولفكرهم. ـ التوقف عن اتخاذ روايات الفرقــة الناجيــة قاعــدة للنظــر3

والتعامل مع تيارات ومذاهب وفرق المسلمين بعضــهم مــع بعض.ــة، ــة التفرق ــريس ثقاف ــتندا لتك ــورا ومس ــا مح ــف عن جعله والك

والنفي، وتعميق الهوة بينهم. ـ ليس من الصــواب إغفــال الجوامــع الكــبرى والمســاحات4

ــروع، في ــول أو الف ــواء في األص ــلمين، س ــتركة بين المس المشــرة ــة، في غم ــة األخالقي ــة القيمي ــه أو المنظوم ــدة أو الفق العقيــاء على االنشغال بالمسائل الخالفية بينهم. بل من المفترض االتكــبر منهج علمي ــائل الخالف عـ ــتركات، وبحث مسـ ــدة المشـ قاعـــن، ــالتي هي أحسـ ــدال بـ ــوار والجـ ــلوب الحـ ــوعي، وبأسـ موضـوباستخدام خطاب خال من االستفزاز والتجريح واإللغاء والنفي.

ـ إن التوظيف اإلقصائي لهذه الروايــات وتغــييب القــراءات5ــة. المعتدلة لها عبر التاريخ أسهم في إيجاد بيئة التعصب والكراهي فمن األهمية بمكان أن يجد الرأي اآلخــر حيالهــا، والتفســير اآلخــر والقراءة المعتدلـة لهـا، الطريـق إلى النـاس، سـواء عـبر المنـابرــات ــاد اتجاه ــديني؛ إليج ــف ال ــه والتعليم والتثقي ــائل التوجي ووســة، وهي مســـؤولية العلمـــاء متوازنـــة وثقافـــة معتدلـــة في األمـرين والكتاب ومجامع الفقه وجوامــع العلم ومراكــز البحث والمفك



وأهل القرار في مجتمعات العرب والمسلمين. ــارات6 ـ ال خيار أمام المسلمين من مختلــف المــذاهب والتي

أينما وجدوا إال احترام هذا التنوع المذهبي المتجذر، والتعامــل مــع بعضهم طبقه، ونبذ مفاهيم اإللغــاء واالستئصــال، وتركــيز مفــاهيمــة التعارف والتعايش والتعاون في المجتمع، وترسيخ مبادئ العدال والمساواة في الحقوق والواجبات، وتكافؤ الفرص، وتعميق ثقافة

المواطنة في بلدان المسلمين.

الهوامش


الطرق المباشرة إلثبات الهالل•

الطرق المباشرة إلثبات الهالل*(*()الشيخ خالد الغفوري

تمهيد لقد كان البحث حول مســألة ثبــوت الهالل، وال يــزال، مثــاراــة، ولم للجدل بين المسلمين بمختلف مذاهبهم ومدارسهم الفقهيــل طفح على ينحصر البحث فيها داخل األروقة التخصصية فقط، ب السطح االجتماعي بعرضه العريض، بحيث يتداول الجميع بحماس وجديــة الحــديث حــول هــذا األمــر في العــام مــرتين أو ثالثــا على األقــل؛ نظــرا لمــا تتركــه هــذه المســألة من آثــار ملحوظــة تمس

الواقع االسالمي والشرعي في الصميم. ولم يكن هذا الموضــوع طارئــا على الوســط اإلســالمي، بــل ترجع جــذوره إلى أزمنــة ســابقة من الناحيــة التاريخيــة. وهــذا مــا

ــالى: يسألونك عن األهلة قــل﴿ يستشف من قوله تبارك وتع ؛ فــإن وقــوع هــذا(189 )البقرة: ﴾هي مواقيت للناس والحج

ــه مح األمــر مــوردا للســؤال، وكون ــاس، يكشــفال للبحث بين النــاد بوضوح عن أنه كان موضع اهتمام لديهم في الزمن األول، ومفــة تنظيم الجــدول الزمــني الجــواب القــرآني أن الحكمــة من األهل

للحياة في نفسها وواقعها، وكذلك برمجتها باللحاظ الشرعي. رة تفتقــر إلى النظم ومن الوضوح بمكان أن الحياة المتحضــ

باحث وأستاذ في الحوزة العلمية، ورئيس تحرير مجلة)*(*(، من العراق.^فقه أهل البيت ، الســـنة الســابعة، ربيــع وصــيف27 ـ 26ـ العـــددان االجتهــاد والتجديد

349هـ1434م ـ 2013

الشيخ خالد الغفوري•

والجدولــة الزمنيــة في مختلــف زواياهــا، ولــذا فمن الطــبيعي أن توجد جملة من مقررات الشريعة قد صــممت على ضــوء العامــل الزمني وبحسب عنصر الوقت، باعتبار أن الشريعة جاءت لصياغة

الحياة اإلنسانية من دون الغض عن الواقع وحيثياته ومتطلباته. ومن خالل نظرة سريعة إلى مجموع األحكام الشرعية يتضح لنا أن طائفة منها قد ربط بنحو ما بعنصر الزمــان. فنحن نــرى أند وجوبهـــا بحركـــة األرض بالنســـبة إلى فريضـــة الصـــالة قـــد قي

مس﴿الشمس، قال سبحانه وتعالى: الة لــدلوك الشــ أقم الصر رآن الفجــ . كمــا أن(78 )اإلســراء: ﴾إلى غسق الليــل و قــ

ا﴿الصــيام مشــروط بحركــة القمــر بالنســبة إلى األرض: يــا أيهــــدودات... * يام... * أياما مع الذين آمنوا كتب عليكم الص شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن... فمن شهد منكمفر فعــدة مه ومن كــان مريضــا أو على ســ هر فليصــ الشر ــد بكم العســ ر وال يري ــ من أيام أخر يريد الله بكم اليســوا العــدة ولتكبروا اللــه على مــا هــداكم ولعلكم ولتكمل

كرون ــرة: ﴾تشــ ــ 185 ـ 183 )البق ــال بالنســبة إلى(. ــذا الح وكنة في السنة، قــال مناسك الحج التي يشترط إيقاعها في أيام معي

فهــذه أمهــات(.ــ 197 )البقرة: ﴾الحج أشهر معلومات﴿تعالى: العبادات في اإلسالم شرعت بنحو ال يمكن امتثالها إال بعــد إحــراز

الوقت، ومنه الهالل. ــه رغم أهميــة هــذه المســألة اكتفى القــرآن ومن المالحظ أنع الكريم بذلك المقــدار من البيــان اإلجمــالي المتقــدم، ولم يتوســ

في توضيح كيفية إحراز الشهر. |لكننا نرى في ما وصل إلينا من الــتراث الحــديثي عن النـبي

الكثير من البيانــات لهــذه المســألة، من عــدة جهــات،^وأهل بيته



وبأساليب مختلفة ومتنوعة، أوضــحها مــا صــرح فيهــا بــأن الصــيام من|واإلفطار يتوقفان على رؤية الهالل، نظير: مــا ورد عن النــبي

ــه قــال: »صــوموا لرؤيتــه، وأفطــروا لرؤيتــه؛ فــإن غبي ]غمي[ أن ×؛ وما ورد في كتاب علي(555)عليكم فأكملوا عدة شعبان ثالثين«

. «صم لرؤيته، وأفطر لرؤيته»من قوله: وقـــد تنـــاول الفقهـــاء هـــذه الروايـــات وأمثالهـــا بالـــدرس والتمحيص، وبنوا فتاواهم على مقــدار مــا يفهمونــه ويســتظهرونهــات نظــرهم في نمــط الســير في البحث، ــق وجه ف ــا. ولم تت منه وطريقة المعالجة الفقهية من الناحيــة النظريــة، كمــا هــو ديــدنهمــائج حــد النت المألوف في بحث سائر القضايا الفقهية. وكذلك لم تتــف العملي ــالي اختالف الموق ــا، وبالت ــتي ينتهى إليه ــرعية ال الش المترتب عليها، كــالبحث في وحــدة أفــق الرؤيــة أو تعــدد اآلفــاق، والبحث في كفاية الرؤية بالعين المســلحة، والبحث في اشــتراط

الرؤية الحسية وعدم كفاية الحدس والحساب ونحو ذلك. مقدمة

نتعرض فيها إلى أمرين:

األمر األول: في بيان الظاهرة التكوينية للهالل ـ يتحدد الشهر القمري بسبب وجود منظومة كونيــة تتــألف1

من ثالثة من األجرام السماوية، هي: القمر؛ واألرض؛ والشمس. فاألرض تدور حول الشمس، والقمــر يــدور حــول األرض. ثم إن للقمر حركــتين: في الحركــة األولى يــدور حــول نفســه يوميــا؛ــا، وفي الحركة الثانية يدور حول األرض في مسار إهليليجي تقريب ويبدأ حركته الثانية من جهــة المغــرب إلى جهــة المشــرق، وهــذه



الدورة هي التي تشكل ما يسمى بالشهر القمري. 2 ـ إن القمر كوكب غير مضيء في نفسه، وإنما يكون قــابال

للرؤية؛ النعكاس ضوء الشمس عليــه. وبســبب شــكله الكــروي اليكون منيرا بجميع جهاته، بل يكون منيرا في الجهة المقابلــةدائما

للشمس فقط، أي نصفه تقريبا، في حين يبقى النصف اآلخر منــهمظلما، فال يمكن رؤيته. هذا وضع القمر بالنسبة إلى الشمس.

ــدو ــر من األرض فيب ــة النظــر إلى القم ــا بالنســبة لزاوي وأم للناظر بأشــكال مختلفــة؛ فــإذا صــار بين األرض والشــمس قابلنــا بوجهــه المعتم، ويســمى حينئــذ بالمحــاق أو االقــتران، وهــذا إنمــا يكون في نهاية الشهر؛ وإذا صارت األرض بينه وبين الشــمس فيــذ منتصف الشهر القمري قابلنا بكل وجهه المضيء، ويسمى حينئ بدرا؛ وفيما بين هذين الوضــعين فهــو في الــتربيع األول في نهايــة األسبوع وبدايــة األســبوع الثـاني من الشــهر؛ وفي نهايـة األســبوع الثــالث وبدايــة األســبوع الرابــع يســمى باألحــدب. وهكــذا تتــوالى

.(556)أشكاله في كل شهر قمري ( درجة تمامــا،180والجزء المضيء من سطح القمر ليس )

بل إن هذه القيمة تزيد قليال. ـ إن المعدل لمدة دورة القمـر حـول األرض بلحـاظ تنـوره3

( يومــا وأكــثر من نصــف29( يوما، أي ما يعادل )53089,29هو ) اليــوم بقليــل. وهــذا هــو الــذي يطلـق عليــه )الشــهر االقــتراني أواالصطالحي(، وهذا هو الشهر العرفي، وهو الذي نبحث عنه هنا.

حقيقة بلحاظ نقطة معينة في الفضاءوإن كانت دورة القمر بالنسبة إلى األرض أقــل من ذلــك، فلــو انطلــق من تلــك النقطــةــتغرق في ـه يس ـ ــة فإن ــود إلى نفس النقط ــية إلى أن يع االفتراض

( يوما وأكثر من ربع اليوم. 27دورته هذه مدة )



المقدار المضيء من القمــر هــو دائمــا بمقــدار نصــفـ إن 4 كرة القمر تقريبا، ولكننا ال نرى ذلك إال في أواســط الشــهر حيث نرى الضــوء مســتوعبا لتمــام الــدائرة، ثم يأخــذ بالتنــاقص إلى أن يختفي حينما يصبح تحت شعاع الشمس، ومقارنا له، ثم يولد مرة أخرى عنـد خروجـه من خـط المقارنـة ويكـبر، حـتى تتم الـدائرة، وهكذا؛ والســبب في ذلــك هــو اختالف موقــع القمــر بالنســبة إلى األرض؛ فإن الناظر منها ستختلف زاوية نظره إلى القمر بحســب

ذلك. وعليــه يتفــاوت مقــدار النــور المنعكس على ســطح القمــر؛ــذي يكــون بين الشــمس واألرض، فال ــارة يقــع في الموضــع ال فتــاه ــيء باالتج ــرف المض ــوع الط ــار وق ــة باعتب ــابال للرؤي ــون ق يك المعاكس لألرض، ومواجهة الطرف المظلم لهــا، وهــذه هي حالــة المحــاق؛ وبعــدها يبــدأ يتحــرك، فيبــدو منــه شــيء قليــل، ثم يبــدأــذ ــدر؛ ثم يأخ ــة الب ــا، وهي حال ــه تمام ــل دائرت ــد حتى تكم بالتزاي بالتناقص حتى يضمحل مقــدار الضــوء المــرئي إلى أن يــدخل في

المحاق، وبذلك تكمل دورته حول األرض. ــة5 ـ ثم إن القمر عندما يخرج من المحاق ومن خط المقارن

ر عن هذه الحالة عرفا بوالدة الهالل. وهــذه الــوالدة تكـون في يعبــة ــة الحديث ــا، ال بالوســائل العلمي ــة إطالق ــة للرؤي ــدء غــير قابل البدة، ثم بعد مرور فــترة لسكوب، فضال عن الرؤية بالعين المجر والت زمنية ـ تقــدر بســاعة وتســعة أعشــار الســاعة ـــ تـزداد المســاحة المضيئة، ويأخذ باالبتعاد عن شعاع الشمس بالنسبة لزاوية النظــرمن األرض، ويظهر عليه نور الشمس بمقدار ضئيل جــدا بنســبة )

ــرى حتى بــالعين1/180 (. ونظــرا لضــعفه الشــديد يســتحيل أن يكوب، لســ دة، ولكنه يكون قابال للرؤية باألجهزة الحديثــة والت المجر



ثم يأخذ باالبتعاد عن شــعاع الشــمس بالتــدريج، وبعــد حين يصــبحدة، وذلك بعد مضي عدة ساعات عادة. قابال للرؤية بالعين المجر وبعبــارة أخــرى: يمــر الهالل بثالث مراحــل بعــد خروجــه من

دة. المحاق حتى يكون قابال للرؤية بالعين المجر ويسمى القمر بــالهالل من أول خروجــه من المحــاق إلى أنيزداد ضوؤه، وعندها ال يطلق عليه الهالل عرفا، بل يسمى قمرا.

األمر الثاني: في بيان كيفية تبويب البحثــت لبحث الهالل إن كل من يراجع الكتب الفقهية التي تعرضــة الــورود فيــه، وفي وطرق ثبوته يحس بأن ثمة تشويشا في كيفي

كيفية تفريع الفروع. بحســب تصــوري فــإن البحث في هــذه المســألة لم يبــوبو

تبويبا فنيا: ــا،أـ ــ يســردون الطــرق جميع ــروة ـ ــ كصــاحب الع ــإنهم ـ ف

ويطرحونها في عرض واحد، فيعدون طرق ثبــوت الهالل الرئيســةكالتالي:

رؤية المكلف نفسه. : األولالتواتر. : الثانيالشياع المفيد للعلم. : الثالثمضي ثالثين يوما من هالل الشهر السابق. : الرابع

نة الشرعية، وهي شهادة عدلين. : الخامس البيحكم الحاكم. : السادس

وضمن ذلك يتعرضون أيضا إلى بحث بعض الطــرق األخــرىضــون إلى وحــدة األفــق وتعــدده، وســائر الفرعية، وبعد ذلــك يتعر

.(557)المسائل



ب ب ـــ هم فــأجرى بعض التعــديالت، فــرت وقــد التفت بعضــالطرق كما يلي:

العلم الحاصل من الرؤية أو التواتر أو غيرهما. : األولاالطمئنان الحاصل من الشياع وغيره. : الثانيمضي ثالثين يوما من الشهر السابق. : الثالثشهادة عدلين. : الرابع

. (558)حكم الحاكم: الخامسبها ثالث كما يلي: ج ـ ورت

العلم الحاصــل من الرؤيــة أو التــواتر أو الشــياع، أو: األولمضي ثالثين يوما من الشهر السابق.

شهادة العدلين. : الثاني .(559)رؤيته قبل الزوالالثالث:

ورتبها رابع كما يلي: د ـــالعين المجــردة؛ أواألول: ــة ب ــا بالرؤي العلم الوجــداني؛ إم

بالتواتر. االطمئنان الحاصل من الشياع. الثاني: مضي ثالثين يوما من الشهر السابق. الثالث: نة. الرابع: البي

.(560)حكم الحاكمالخامس: هـ ـ ر من هذه المنهجية تغييرا أساسيا وحاول خامس أن يغي

إلى حد ما، فعالج البحث في مرحلتين: ــهالمرحلة األولى: ــد موضــوع الحكم الشــرعي، وأن تحدي

الهالل الشرعي المتوقف على أمرين: خروج القمر من المحاق ومواجهة جزء من نصــفهأحدهما:

المضيء لألرض.



دة. اآلخر: إمكان رؤية هذا الجزء بالعين المجروقد تعرض ضمن ذلك إلى وحدة األفق وتعدده.

تحديد طرق إثبات الهالل الشرعي: المرحلة الثانية: الرؤية المباشرة بالعين المجردة. األول: شهادة اآلخرين بالرؤية، بشرط كثرة العدد أو وجودالثاني:

البينة. مضي ثالثين يوما من الشهر السابق. الثالث: حكم الحاكم. الرابع:

كــل جهــد علمي يــؤدي الى اليقين أو االطمئنــانالخامس: . (561)بإمكان الرؤية

ــا فينبغي تنظيم مفاصــلو لو أردنا تبويب البحث تبويبا منطقيالبحث كما يلي:

ــذ موضــوعا للحكمأوال: ــذي أخ ــد الهالل ال البحث في تحدي بدخول الشهر، الذي يترتب عليه جملــة من األحكــام، كالصــيام أود أو هــو الهالل اإلفطار وغيرهما. فهــل هــو الهالل الطــبيعي المتول

ك هالل واحد لجميع الدنيا أو أن لكــل بلــدالقابل للرؤية؟ وهل هناهالال؟

كالبحث في طرق إثبات ذاثانيا: الهالل المــأخوذ موضــوعاة للشــارع أو أن الهاللللحكم الشــرعي. فهــل هنا ك طــرق خاصــ

يثبت بأي طريق كان؟ ها يمكن تقســيم البحث فيهـاثالثا: ثم إن هذه الطـرق نفسـ

قسمين: إلى الطــرق المباشــرة. هــل اشــترط الشــارعالقسم األول:

نة إلثبات الهالل، كالرؤية البصرية، أو ال؟ طرقا معي الطرق غير المباشرة. هل أن الهالل يثبتالقسم الثاني:



شرعا بكل واسطة أو أن الشارع حدد وسائط خاصة؟ فمثال: هــل يثبت بإخبار الثقة الواحد أو ال بــد من البينــة، وهي شــهادة عــدلين

اثنين؟ ــة تنظيم محــاور ضــح األســاس في كيفي وبعــد هــذا البيــان يت

البحث، وتبويب جهاته. وسوف نعالج البحث في الجهات المتقدمــة على مســتويين:ة؛ وأخــرى في ضــوء األدلــة والقواعــد تارة في ضوء األدلة الخاصــ

العامة. وإليك تفصيل البحث:

الجهــة األولى: البحث في تحديــد موضــوع الحكم بــدخولالشهر

إنه بحسب النظر العقالئي يحتمل هنا احتماالن أو ثالثة: ــذياألول: ــو ال ــبيعي، وه ــو الهالل الط ــوع ه ــون الموض ك

( يوما. 27تستغرق دورته قرابة )ــدليل: ــوال ــوظ ه ــأن الملح ــه ب ــتدل ل من الممكن أن يس

لة بحركة كــوكب القمــر من تحت شــعاع الظاهرة الطبيعية المتمث الشمس بعد غيبوبته خلفه، فيدخل الشهر بأول لحظة يخرج فيهــا

القمر من حالة المحاق. كون الموضوع هــو الهالل العــرفي أو االصــطالحي،الثاني:

وهو حال تنور القمــر بعــد خروجــه من المحــاق، ومن الواضــح أن التنور ال يحصل لحظة خروجه من المحـاق، بـل يحصـل ذلـك بعـد والدة الهالل الطبيعية بفــترة زمنيــة، وهــذه الفــترة الزمنيــة تقــدر

كوب، وبـــ ) لســ ــرى بالت (13بساعة وتسعة أعشــار الســاعة حتى يدة، كمــا تقــدم ساعة تقريبا حتى يكون قابال للرؤية بــالعين المجــر



توضيحه. ـ إن الهالل لغة وعرفا هو غرة القمر، أي أول بدو1: الدليل

هــذا الجــرم الســماوي وظهــوره، ولم يثبت أن للشــارع اصــطالحاخاصا. ـ النصوص الشرعية ـ كتابا وسنة ـ الــتي اســتخدمت الهالل2

بما له من مفهوم عرفي: ــالى: ــه تع ــاب فقول يسألونك عن األهلة قــل﴿أـ أما الكت

؛ فإن التعبــير بــأن(189 )البقرة: ﴾هي مواقيت للناس والحج ليكشف عن إرادة األهلة المتعارفة بين﴾مواقيت للناس﴿األهلة

ـا في ـ ن النــاس في جميــع الشــهور، أي الهالل االقــتراني كمــا بيالمقدمة.

، وقـد×بـ ـ وأما الســنة فمنهــا: قـول أبي عبـد اللـه الصــادقئل عن األهلــة؟ فقــال: »هي أهلــة الشــهور، فــإذا رأيت الهالل ســ

ــه فــأفطر« م، وإذا رأيت . فصــدر الروايــة واضــح في كــون(562)فصــع كالمــه المعنى الملحوظ هو أهلة الشهور المتعارفــة، وعليــه فــر

حول هالل شهر رمضان. دالثالث: بــا من الهالل الخــارجي المقي كــون الموضــوع مرك

بالرؤية أو ما قام مقامها. وسيأتي بحثه الحقــا في تحقيــق المــرادمن الرؤية، هل هو الموضوعية أو الطريقية؟، فانتظر.

الموقف ـ إنه يـرد على االحتمـال األول أن الهالل وإن كــان ظــاهرة1

كونية خارجية، وليست قضية اعتباريـة، فتكـون ملحوظــة بمـا لهـاــف أو ال، إال أن من تحقق وثبوت في نفسها، سواء علم بهــا المكل الكالم في تعيين تلـك الظـاهرة مــا هي؟ فهــل هي خــروج كـوكب القمر من تحت قرص الشمس أو هي تنور الكوكب بعــد ظلمتــه؟



فربما يقــال بــاألول، وربمــا يقــال بالثــاني. فمن يــذهب إلى األول يعتقــد بـأن الموضـوع هــو الظـاهرة الطبيعيـة؛ والــذي يـذهب إلى

الثاني أيضا يعتقد بأن الموضوع هو الظاهرة الطبيعية أيضا. ـ لــو كــان الموضــوع هــو الهالل الطــبيعي ألصــبح الخطــاب2

الشرعي خطابا غير عرفي، بل هو موجه للمتخصصين من علمــاءالفلك، الذين يدركون هذه الظاهرة غير الواضحة للعرف العام.

ــاتالجهة الثانية: البحث في تحديد الطرق المباشــرة إلثبالهالل

فقد تعرضت الروايات لطريق إثبات الهالل، أال وهــو الرؤيــة،وسوف نبحثه بعدة لحاظات:

اللحاظ األول: ما هو المراد بالرؤية؟ إنه بحسب النظر العقالئي يحتمل هنا احتماالن:

األول: كون المراد الرؤية بالعين المجردة. الظاهر األولي لروايات الباب؛ فقد ورد فيها عنوانالدليل:

الرؤية في ثبوت الهالل، والرؤية تنصرف إلى الرؤية العرفية، كمــاهو الشأن في سائر العناوين المأخوذة في أدلة الشرع. ، مجــردةالثاني: كون المراد الرؤيــة بــالعين مطلقــا

كــانت أو مســلحة، والمــراد بــالعين المســلحة العين المجهزة، أيلسكوبات، وليس منها استعمال األجهزة، كالمراقب والنواظير والت

العوينات )النظارات الطبية(. ــةالدليل: د بنوع خــاص من الرؤي إطالق األدلة؛ فإنها لم تقي

أو بوسيلة خاصة.



الموقف لكن يرد على االحتمال األول:

ـــ عــدم تماميــة دعــوى االنصــراف؛ لكونــه ناشــئا من غلبــة1 كــانت تتم غالبــا بواســطة العينكالوجود، باعتبار أن الرؤيــة آنــذا

دة. أجل، لو كانت الغلبة ناشــئة من غلبــة اســتعمال اللفــظ المجر في معــنى خــاص أضــيق من المعــنى الموضــوع لــه اللفــظ لتمت

حينئذ دعوى االنصراف. ــه فــرق بين البحث المفهــومي والمصــداقي؛ فبالنســبة2 ـ إن

ــة إلى البحث المفهومي يقال عادة بــأن العنــاوين الــواردة في أدلــ ك الكالمالشرع تحمل على معانيها العرفية؛ لكن ال يصح مثــل ذل

في البحث المصــداقي، وإال لمــا بقي عنــدنا إطالق بــالمرة، ولمــا إلثباتـ( 1 )المائدة: ﴾أوفوا بالعقود﴿صح التمسك بقوله تعالى:

مشروعية العقود المستحدثة، وال وجوب الوفاء بها. وكذا ما نحن فيــه؛ فــإن البحث في الرؤيــة تــارة يكــون بحثــا مفهوميا، فنقول بأن المراد بها معناها العرفي، وهو رؤية الشــيءة البصــر، بــأن تنعكس الخــارجي وإدراكــه بــالعين الجارحــة وحاســــة في صورة الشيء على شبكة العين، ال الرؤية بالقلب، وال الرؤي

المنام وفي عالم الرؤيا. وأخرى يكون بحثا مصداقيا، فنقــول: جميـع مصــاديق الرؤيـة داخلة في العنوان، وتكون مشمولة بالدليل، سـواء أكـانت بـالعين الطبيعية المجردة أم مع استعمال النظارة المتعارفة اليوم أم من

لسكوب،خالل المجهر والميكروسكوب أم من خالل ال نواظير والتــة األشــياء ــة، من دون فــرق بين رؤي ــا مصــاديق للرؤي ــذه كله فه الصغيرة والكبيرة، وبين رؤية األشياء القريبة والبعيــدة. فمن رأىكوب لســ ـه رآه، ومن رآه بالت دة يصـدق عليـه أن الهالل بعينه المجر



ة البصــر، وال يمكن للنــاظر ــه قــد رآه بحاســ أيضــا يصــدق عليــه أنلسكوب أن ينفي رؤيته للهالل، وال يقال: إنه سمعه أو ذاقــه أو بالت

. كلمسه أو غير ذل وعليه فإنه ال محيص عن القول بثبوت الهالل إذا تمت رؤيتــهكوب، حتى لـــو جمـــدنا على لفـــظ )الرؤيـــة( الـــوارد في لســـ بالت

النصوص.

إيضاحات ـ إنه بناء على االحتمــال األول ال ينبغي الفــرق بين الــرائي1

ــدق دة الحاد البصر وبين ذي البصر العادي؛ لص للهالل بعينه المجرالرؤية عرفا.

ـ ال يصح اإليراد على االحتمــال األول بصــحة إســناد الرؤيــة2لسكوب إلى الناظر فيه؛ ألن االحتمــال األول ليس مبتنيــا على بالت

.(563)دعوى عدم صحة اإلسناد؛ كي ينقض عليه بهذا النقض ـ وأيضا ال يصــح اإليــراد على االحتمــال األول بعــدم الفــرق3

ــة العين ــل رؤي ـارة تجع كوب؛ ألن النظـ ــ لس ـارة وبين الت بين النظـلألشياء رؤية طبيعية.

ـ وكذا ال يصح اإليراد على االحتمال الثــاني بـأن الالزم منــه4ــو رأى أحــد بعــد وضــوئه من خالل المجهــر أن ثمــة نقطــة ــه ل أن مجهرية لم يصل إليها المــاء فيلــزم الحكم ببطالن وضــوئه حينئــذ؛

لوا﴿ألن الــوارد في دليــل الوضــوء ـــ وهــو قولــه تعــالى: فاغســل(، ال عنــوان(ــ 6 )المائدة: ﴾وجوهكم وأيديكم ـ عنــوان )الغســ

ــذل ــة(؛ كي ينقض ب لك)الرؤي ــ ل( الغس ــ ــوان )الغس ــراد بعن ، والم كنقطة في البدن ال تدرك غسل العرفي، وهو متحقق حتى مع تر

بالعين المجردة.



ــه5 ـ وأيضا ال يصح اإليراد على االحتمال الثاني بأن الالزم من القول ببلوغ حد الترخص حال رؤيتــه بالنــاظور؛ ألن المــراد ببلــوغ حد الترخص هو بلوغ مسافة معينة والوصول إليها، ال رؤيــة مكــان

ن؛ كي ينقض بذل . كمعي ـ كما ال يصح دعم وتأييـد االحتمــال الثـاني بحالـة انكشــاف6

نقصان شهر رمضان عن تسعة وعشــرين يومــا مــع رؤيتــه بــآالتدة ــر ؛(564)الرصد في الليلة األولى، وعدم إمكان رؤيته بالعين المج

فإن هذا ال يثبت المدعى، وإال فلو فرض انحصار رؤيتـه في الليلـةــرى هــل نــة غــير المعدلــة فيــا ت األولى بإخبار الفاسق وشهادة البينــة غــير المعدلــة، ونحكم بثبــوت تثبت حجيــة قــول الفاســق والبي

الهالل حينئذ؟!

ــو ــأخوذة على نحـ ــة مـ ــل إن الرؤيـ ــاني: هـ ــاظ الثـ اللحـالموضوعية؟

احتماالن: كفيه كذل ،األول: كون الرؤية مأخوذة على نحــو الموضــوعية

أي انحصار ثبوت الهالل شرعا بالرؤية فقط وفقط. بــا من الهالل وهذا تــارة يكــون بــدعوى كــون الموضــوع مركد بالرؤية أو ما قــام مقامهــا. وأخــرى بــدعوى أخــذ الخارجي المقي

الرؤية قيدا في الحكم بالصيام. ـ إنه الظاهر من أدلة البــاب؛ ألخــذها قيــد الرؤيــة1الدليل:

وإليك بعض هذه الروايات: في الحكم بالصيام واإلفطار. صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن» أنه قال: |أـ عن النبي

. (565)«غبي ]غمي[ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثالثينــه قــال: |ب ـ عن النبي ال تصــوموا حتى تــروا الهالل، وال» أن



. (566)«تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأقدروا لهــاقر »إذا قــال: ×ج ـ عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر الب

رأيتم الهالل فصــوموا، وإذا رأيتمــوه فــأفطروا، وليس بــالرأي، وال. (567)بالتظني، ولكن بالرؤية«

د ـ عن سماعة قال: »صــيام شــهر رمضــان بالرؤيــة، وليس. (568)بالظن«

ــه×هـ ـ عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللــه الصــادق ، أنــاب علي ــال: »في كت ــاك×ق ــه، وإي ـر لرؤيت ــه، وأفطـ م لرؤيت : صــ

. (569)والشك والظن...«ئل عن×ما تقدم من قول أبي عبد الله الصادق و ـ ، وقـد سـ

م، وإذا األهلة؟ فقال: »هي أهلــة الشــهور، فــإذا رأيت الهالل فصــ. (570)رأيته فأفطر«

، في×ز ـ عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي عبــد اللــه الصــادق حــديث: »إن شــهر رمضــان فريضــة من فــرائض اللــه، فال تــؤدوا

. (571)بالتظني« فإن الظاهر من هذه الروايات وغيرها هو لحاظ الرؤية بنحــو

فية؛ وذل لعدة قرائن: كالطريقية والمعر تكـــرار لفـــظ الرؤيـــة، والتأكيـــد عليـــه، كمـــا فياألولى:

األحاديث السابقة. جعله في مقابل الظنون. الثانية:

ــة لكــان األنســب اختيــارالثالثــة: لــو كــان المــراد الطريقين واالســتبانة والعلم، ــالتبي األلفاظ الدالة عليها، أو المشعرة بها، كر األحاديث ووحدة التعبــير فيهــا، فهــذا يــدل على وال سيما مع تكر كون الرؤية محط نظر الشارع على نحو الخصوص، وتعلق غرضه

بها.



ـ ما أفاده بعض أهــل اللغــة من أن الهالل هــو غــرة القمــر2 ، أي حين ينظرون إليــه. مضــافا إلى مــا قالــه(572)حين يهله الناس

بعض بأن تسميته بالهالل إنمــا كــانت لرفــع النــاس أصــواتهم عنــدرؤيته. ـ إن الرؤية هي القدر المــتيقن، وســائر الطــرق مشــكوكة،3

ك ال يمكن الحكم بــبراءة الذمــة عن التكليــف، وال الحكمومع الشبثبوت التكليف.

الثاني: كون الرؤية مأخوذة على نحو الطريقية. إن المفهوم عرفــا من الرؤيــة في مثــل المقــام ـ1الدليل:

ــة، نظــير القــول: إن رأيت فقــيرا فأعطــه درهمــا، فال هو الطريقيب، فلــو ســمع يفهم منــه أن المــراد خصــوص رؤيــة الفقــير فحســ صوته أو صافحه بيده، دون أن يراه بعينه، أترى أنه ال يحكم بلزوم

ك بأن المراد هنا الحكم بلزوم اإلعطاء متىإعطائه درهما؟! ال ش ما علم بالفقير، سواء أكان من خالل الرؤية أم غيرها من الطرق.

ــد عين ــو قيـــل: إن رأيت الفيلم الفالني فأبعـ ــل، لـ عنكأجـ شاشـــة التلفـــاز، فيفهم منـــه أن المـــراد خصـــوص رؤيـــة الفيلم فحسب، فلو سمع صوته دون أن يراه بعينه فال يحكم بلزوم إبعــاد

العين عن التلفاز. في موارد، منها: ـ داللة الروايات األخرى2

: مضـي ثالثين يومــا من الشــهر الســابق، فهنــا يلـتزماألولبثبوت الهالل في الليلة الالحقة وإن لم ير.

: لو انكشف آخر الشهر كونه ثمانية وعشــرين يومــا،الثانيفهنا يلتزم بثبوت الهالل في الليلة السابقة عليها وإن لم ير.

: وكذا لو رؤي الهالل كبيرا كبرا فاحشا، فهنا ال شــكالثالثفي االلتزام بثبوت الهالل قبل ذلك.



إن هذا يكشــف عن كــون المــدار ليس هــو الرؤيــة بمــا هي، وبما لها من خصوصيات، بل إنها مأخوذة مثاال لكل طريق كاشــف

عن ثبوت الهالل.

الموقف الصحيح هو االحتمال الثاني. وأمــا االحتمــال األول

فيرد عليه: ـ إن عنوان الرؤية المأخوذ في الروايات ال يراد منه التقييد1

با من جــزءين: بالمرة؛ ال تقييد موضوع الحكم بالرؤية، وجعله مرك وجود الهالل؛ والرؤية؛ وال يراد منه تقييد الحكم، بــل الغــرض منــهــرق اإلرشاد إلى سلوك الطرق التي تفيد إحراز الهالل، وترك الطــة. والتأكيــد على عنــوان )الرؤيــة( في األحــاديث وتكــراره الوهميــر العقالء، ألجل بيان حتمية االعتماد على الطرق المعتبرة في نظ

في مقابل الظنون. ـــ ثم إن وجــود ألفــاظ أكــثر صــراحة في التعبــير عن إرادة2

مطلق الطرق الكاشفة عن ثبوت الهالل لم يســتعملها الشــارع الينفي ظهور الرؤية في المدعى.

3 ـ وكلمات اللغويين من ذكر رؤية الناس للهالل ليس تقييــدا له، بل هو تعبير أضيف بلحاظ الحالة الغالبـة وقتــذاك، حيث كــانواعــون أوائــل الشــهور، ويهتمون بهــا اهتمامــا كبــيرا؛ نظــرا إلى يتتب

أسباب معيشية واعتقادية. وكــذا القــول بــأن تســميته بـالهالل إنمــا كــانت لرفــع النــاس أصواتهم عنــد رؤيتــه؛ فــإن كــون منشــأ التســمية ذلــك ال يســتلزم

تقييده، فهذه حيثية تعليلية، وليست تقييدية. م لرؤيتــه،×ـ إنه ال فــرق في نظــر العــرف بين قوله4 : »صــ



الة لــدلوك﴿وبين قولــه تعــالى: (573)وأفطــر لرؤيتــه« أقم الصــر رآن الفجــ مس إلى غسق الليل وقــ (،78 )اإلســراء: ﴾الش

حيث يبــني العقالء على تحقق دلــوك الشــمس الــواقعي وطلــوع الفجر الواقعي حتى مع تعذر الرؤية، كما لو كانت الســماء غائمــة أو مغبرة؛ لكونهم يبنون على الواقع الخارجي، ولم يخطر ببالهم ـــ أن موضــوع الصــالة مــركب من تحقق الظــاهرة ــاال ـ ــو احتم ول

الكونية مع إمكان رؤيتها. ــا كاشــفة عن وتعبير الروايات بعنوان )الرؤية( إنما هو لكونه وجود الهالل في الواقع الخارجي ـــ وهــو الهالل الطــبيعي ـــ؛ فــإنــير: ــا، نظ ة اللمس أو غيره ــ ــه بحاس ــف عن الهالل ال يمكن الكش

؛ إذ ال يراد منه أخذ الرؤية(574): »صلوا كما رأيتموني أصلي«|قوله جـزء الموضـوع، وال قيـدا في الحكم، بـل المـراد اإلتيـان بالصـالة

والعــرف هنــا الأي صلوا كصالتي المتحققة في الخــارج، ، |كصالته يهتم بعنــوان )الرؤيــة( بــالمرة، وال يحتمــل دخالتهــا، ولــو احتمــاال

ضئيال. ومــا نحن فيــه كــذلك. ومن هنــا نجــد أن بعض الروايــات لم

×تتحدث عن الرؤية، بل نهت عن سلوك الطــرق الوهميــة، كقوله في حديث: »إن شهر رمضان فريضة من فرائض اللــه، فال تــؤدوا

. (575)بالتظني«ر غير الرؤية في عرف المخاطبين ال تأثير له على وعدم تيس تعيين المراد من اللفظ، ال سلبا وال إيجابا، كتعـارف االعتمـاد على الوسائل البدائية وغير الدقيقة في تعيين جهــة القبلــة ســابقا، فيــة ــيين جه ــة؛ لتع ــوم وســائل في منتهى الدق ــا الي ــوفرت لن حين تر شــيئا من مفهــوم القبلــة، وجهتهــا ســعة القبلــة، فــإن هــذا ال يغيــد المــراد باالســتقبال، رغم التفــاوت ر على تحدي ــؤث وضــيقا، وال ي



ــاوت وســائل وطــرق ــاجم عن تف ــة الن ــائج العملي ــير في النت الكبــا. الكشف عن موضوع الحكم الشرعي من ناحية درجة الدقة فيهـة على فثمة محاريب في مساجد نائيـة عن المســجد الحـرام مبني

غير اتجاه القبلة؛ اعتمادا على الوسائل المتاحة آنذاك! ضــح بــذلك عــدم صــحة القــول بتقييــد الحكم بالصــوم5 ـ وات

بالرؤيــة، ال تقييــد الموضــوع؛ فــإن هــذا خالف الظــاهر عرفــا مناألدلة. وال يبطــلالظهــور، ـ إن وجود القدر المتيقن ال ينفي حجية 6ن حين الالتمس ك به؛ فإن االقتصار على القــدر المــتيقن إنمــا يتعي

يكون لدينا سبيل لتعيين المراد، كموارد اإلجمال.

اللحاظ الثــالث: بنــاء على كــون عنــوان )الرؤيــة( مــأخوذاــوص ــراد خص ــل الم ــة فه في ــة والمعر ــو الطريقي على نح

الطرق الحسية؟ االحتمال األول: إرادة الطرق الحسية خاصة.

إنه الظاهر من عنوان )الرؤية( في روايــات البــاب،الدليل: ــل الطــرق ــرأي، أي في مقاب ــالظن وال ــا ب ــع مقابلته وال ســيما م

الحدسية. ه على ما يلي: وننب

ية وإن كــانت فعال منحصــرة برؤيــة نــور1 ـ إن الطرق الحســية أخــرى، القمر أو جرمه، لكن من الممكن أن تبتكــر طــرق حســ كــأن تكتشــف وســيلة علميــة حديثــة تنعكس عليهــا حركــة القمــر ومنازله على شكل صــور أو رمــوز أو إشــارات أو ذبــذبات ترســلــائية، وكــــذا العين ــ ــار الصــــناعية أو المحطات الفض ــ من األقم اإللكترونية، كمــا هــو متحقق اآلن من اســتعمال بعض الكــاميرات



ــ ) ــا كــاميرات مــزودة برقــائق كمبيوتريــةDCCالمســماة بـ (؛ فإنه حساسة تجــاه النــور، وبوصــل هــذه الكــاميرات بالمرصــد الفلكي يشرق النور ـ على فرض وجوده ـ بعد مــدة وجــيزة على الرقيقــة

ــالها، الكمبيوترية فتعمل كما تعمل الكاميرات العادية، ثم بعد إيص بــالكمبيوتر، وتكريــر قــراءة المعلومــات المســجلة على الرقيقــة الكمبيوترية، تظهــر صــورة الجســم المضــيء من خالل الكمــبيوتر

على صفحة الكمبيوتر العاكسة. فإذا فرض أن استخدام هــذه اآللــة يــتيح رؤيــة صــورة الهاللــز على صفحة الكمبيوتر، بتقوية درجة النــور، حتى في صــورة تمي نور الهالل عن نور السماء بأدنى درجة من القــوة، فيكــون لرؤيــة

(DCCصــورة الهالل على صــفحة الكمــبيوتر باســتعمال الكــاميرا )حكم رؤيته بالعين.

ــرق الح2 ــ إن الط ــة ـ ــرق العلمي ــبرة هي الط ــية المعت دس المبتنية على أساس المحاسبات الدقيقة فقط، وربما تكــون بعض خطواتها حسية، كما لو تم رصد حركة القمر قبل دخولــه المحــاقــاق، لسكوب، ثم إجراء بعض المحاسبات لفترة بقائه في المح بالت أو االستعانة برصد حركة جرم آخــر مالزم لحركــة القمــر، بــل قــد

ها حسية، بل ومرئية. تكون كل إذن فبناء على لحاظ )الرؤية( على نحو الطريقيــة ال محيصي، ولـو بـالعين حينئـذ من القــول بثبـوت الهالل بكـل طريــق حســ

اإللكترونية. االحتمال الثاني: إرادة مطلق الطرق الكاشــفة عن

، حسية كانت أو حدسية. الهاللــه المــراد من مقابلــة )الرؤيــة( مــع )الظن( فيالــدليل: إن

روايات الباب، أي إرادة الطرق العلمية، حسية كــانت أو حدســية،



ومنهــا الحســابات الفلكيــة؛ فإنهــا طــرق صــحيحة وعقالئيــة، وفيمنتهى الدقة، في مقابل الطرق غير العلمية.

الموقف ـــ الصــحيح هـو االحتمــال الثــاني. وأمــا االحتمــال1

: إنه ليس المقصــود بمقابلــة عنــوان )الرؤيــة(األول فيرد عليهمع )الظن( ما ذكر، بل المقصود أمور أخرى، من قبيل:

تنجز التكليف ــ بالصـوم أو اإلفطـار ــ على المكلفاألول: إذا رأى الهالل، ولو لم يره اآلخرون.

صــات والطــرقالثاني: عــدم التعويــل على األوهــام والتخرغير العلمية وغير المعتبرة لدى العقالء.

عدم التعويــل على أقــوال الفلكيين، الــتي ال تخــرجالثالث: عن إحدى الحاالت التالية:

كونها مبتنية على المحاسبات غير الدقيقة. األولى: كونها مبتنية على الوسائل واآلالت البدائية. الثانية: كونها غـير معلومــة المنشــأ؛ نظـرا الختالط كلمــاتالثالثة:

ومثل هذه الحالة ال يعول عليهاك مع كلمات الكهنة، الفلكيين آنذاــة ــة العاطفيـ ـرت عليهم من الناحيـ ــ ــا أث ــانت ربمـ العقالء، وإن كـ

والنفسية. وعليــه فيتم القــول بثبــوت الهالل تعــويال على الحســابات الفلكية العلمية؛ فإنها طرق صحيحة وعقالئية، وفي منتهى الدقــة،دة، التي ما أكثر وقوع االشتباه فيها. بخالف الرؤية بالعين المجر

ــة، أو مفيــدة2 ـ إن الطرق العلمية الحديثة هي طــرق قطعي لالطمئنــان على األقــل. وأوضــح دليــل على ذلــك مــا يقدمــه علمــوف ــاهرتي الخسـ ــد ظـ ــوارد تحديـ ــات في مـ الفلـــك من معطيـ



والكسوف، من ناحية تحديد زمانهما، وموقــع رؤيتهمــا من األرض،يين أو جزئيين، ومــدة بقائهمــا وانجالئهمــا، وغــير ذلــك. وكونهما كل

ولم نر وقوع أي خطأ في مثل هذه الموارد. أجــل، قــد يثــار بحث صــغروي حــول مــدى االطمئنــان بهــذهــة الســابقة مجــال ــه إن كــان في األزمن ــات جميعــا، إال أن المعطي

فال مجال لهذه التشكيكات اليوم، بعد أن قطــعك في ذلكللتشكي ك في بعض الحـاالتالعلم أشواطا كبيرة. ولو فـرض تحقـق الشـ

ر على حركــة القمــر فهنــا نســلم ــؤث الطارئــة، كمــرور نجم، قــد ي باستثناء هذا المورد الخاص، فال يعول على تلك الطــرق الحدســية

د فرضية ذهنية ال أكثر. حينئذ، لكن هذا مجر ـ ومن الجدير بالذكر أن ثمة برامج كمبيوترية دقيقة أعدت3

ن وضــع الهالل، ودرجــة ين تســتطيع أن تعي من قبل بعض المختصــ تنــوره، في أي نقطــة من العــالم، وفي أي وقت كــان، ســواء في

الحال أو االستقبال أو الماضي. ــه ال يصــح االلــتزام بمعطيــات علم4 ـ وممــا تقــدم يتضــح أن

الفلك في جــانب النفي، ال في جــانب اإلثبــات، كمــا اختــاره بعض الفقهاء؛ فإننــا إمــا أن نعتقــد باعتبارهــا مطلقــا، أو بعــدم اعتبارهــاــتزام ــع أن االل كذلك، وال وجه للفرق بين حالتي النفي واإلثبات، م

بها في النفي مبتن على كونها تفيد القطع أو االطمئنان. ـ ال يتوهم من ذلك أن القول بمشروعية التعويل على قول5

د علماء الفلك في ثبوت الهالل يستلزم القول بثبوت الهالل بمجــر خروجه من المحاق، وإن لم يتنور بعد؛ إذ ال مالزمــة بين األمــرين؛ ألن الحســابات الفلكيــة تقــدم لنــا تعــيين كال األمــرين: أي لحظــةــيين خروج القمر من المحاق؛ وأيضا لحظة تنوره. وعلى الفقيه تع

موضوع الحكم الشرعي، هل هو األول أو الثاني؟



وكذا ال يتأتى هذا التوهم أيضــا بالنســبة إلى القــول بإمكانيــة التعويــل على الرؤيــة بــالعين اإللكترونيــة ونحوهــا من الطــرق

الحسية؛ لعين ما ذكرناه توا.البحث في ضوء األدلة والقواعد العامة

إن موضــوعات األحكــام الشــرعية يمكناإلثــارة األولى: ثبوتا أن تكون لها إحدى حاالت ثالث:

ــالغنىاألولى: ــة، ك ــة عرفي ــوعات اعتباري ــون موض أن تك المأخوذ موضوعا لبعض األحكام، كوجوب زكاة الفطرة عليه. وهنا

ال بد من مراجعة العرف لتحديده، وتشخيص ثبوته وانتفائه. بالثانية: ســ أن تكــون موضــوعات اعتباريــة شــرعية، كالن

ــد من مراجعــة ــا ال ب المــأخوذ موضــوعا لحرمــة النكــاح مثال. وهن الشــارع لتحديـد ثبوتـه وانتفائـه، نحــو: ثبـوت البنـوة بـإقرار األب،

وانتفائها باللعان. ــة، كصــفتيالثالثــة: ــة خارجي أن تكــون موضــوعات تكويني

الذكورة واألنوثة، اللتين يــترتب عليهمــا بعض األحكــام، كالتفــاوتر. في حصص اإلرث، أو لزوم التست

فلو شككنا في موضوع ما هل هــو من القســم الثــاني أو ال؟ في الجعل والتشريع،كفإن األصل يقتضي عدم كونه منه؛ ألنه ش

.كواألصل عدمه، إال إذا دل الدليل الخاص على ذل وفي ما نحن فيه لو شــككنا هــل الهالل موضــوع شــرعي أم

ال؟ ــه؛ بحســب مقتضــى القاعــدة، ال يكــون كــذل ك، بــل هــوفإن

موضوع خارجي تكويني. ــة: ــارة الثاني ــاماإلث ــوعات األحك ــات موض إن طــرق إثبالشرعية ثبوتا لها حالتان:



وجود طرق خاصة محددة من قبل الشارع. األولى: ة إلثبــاتالثانية: عدم تصــدي الشــارع لتحديــد طــرق خاصــ

موضوعات األحكام. ة أو ال فلــو شــككنا في كــون الشــارع قــد حــدد طرقــا خاصــ فاألصل يقتضي العــدم، إال إذا دل دليــل خــاص على اعتبـار طــرق خاصة أو عدم اعتبارهــا. وفي مــا نحن فيــه لــو شــككنا في وجــود

طرق شرعية خاصة إلثبات الهالل فيحكم بانتفائها. ت بعض األدلة على عــدم اعتبــار بعض الطــرق غــير أجل، دل المباشرة، كشهادة النســاء. وهنــا نقتصــر في االســتثناء على هــذاــة، حيث المقــدار ال أكــثر، نظــير: إبطــال الشــارع للمعاملــة الربويــاقي يقتصر في إبطال المعامالت على هذا المقدار فقط، وأما الب

فاألصل يقتضي الحكم بالصحة. إذن فعدم قبول بعض الطرق ـ كشهادة النساء ـــ، لــو ســلم،

فهو ال يثبت أن للشارع نظرا خاصا لثبوت الهالل. وأمــا مــا دل على اعتبــار حكم الحــاكم ضــمن الطــرق غــير

: كالمباشرة فهو ال يدل على جعل طريق خاص؛ وذل ـ ألن حكم الحاكم ليس بأقل كاشــفية من خــبر الواحــد، أو1البينة. ك الطــرق، بــل هــو فيـ ليس حكم الحــاكم في عــرض تلــ2

طولها؛ فإن عد حكم الحاكم ضمن الطرق لبيان جانب اإللزام فيه للمكلفين، كسائر أحكامــه الوالئيــة، وإن اشــتمل في هــذا المــورد

على كاشفية عن الواقع. إن وظيفة الشارع من حيث هو شــارع هــواإلثارة الثالثة:

ــة جعل األحكــام وتشــريعها، وال شــأن لــه بالموضــوعات، وال بكيفيــا، إال في تحققها، وال بكيفية وصول المكلف إليها، وال بطرق إثباته



الحاالت االستثنائية، من قبيل: ــا ال1 ــه، فهن ـ التصدي إلدارة المجتمع، واإلشراف على حركت

مانع من تصديه لشيء مما تقدم، ووضع بعض التحديدات. ـ أن يتعلق غرضه بها، كما نجده في باب القضاء، وهي كما2

ترى مسألة عملية. ـ أن يتحفظ الشارع ويخشى فوات أحكامه، كما في رفضه3

ــار الكــافر، وإن كــان ثقــة، في المســائل الــتي التعويــل على إخبيحتمل خيانته فيها.

ــاب وأما ما ورد من بيان بعض الطرق، ورد أخرى، فهو من ب كاإلرشاد إلى اعتماد الطرق المفيدة والعقالئية، والتنبيه من سلو

الطرق غير العقالئية. إذن فالديدن العام للشارع هــو هــذا. ومنــه مــا نحن فيــه منــارة والنجاســة ــوت الطه مســألة الهالل؛ إذ ال فــرق بين طــرق ثب

وثبوت التذكية وغيرها. في ضوء مـا تقــدم يمكن تحديـد الموقـفاإلثارة الرابعة:

تجاه مسألة اتحــاد وتعــدد األفــق؛ باعتبــار أن والدة الهالل ظــاهرة طبيعية، ال تختلف بحسب الموقع الجغرافي لبلد الرؤية، وال تتعــددــدان، ــد ثبت في ســائر البل ــو ثبت الهالل في بل ــاق، فل ــدد اآلف بتع ويكون الهالل هالال للناس أجمعين، ولكافــة أهــل األرض، لكن مــع

مراعاة بعض النكات، من قبيل: ـ لو فرض أنه ولد الهالل ليال، ورئي أول والدته في بلــد مــا1

ليلة الجمعـة، فيثبت أن الجمعــة هـو أول يـوم من الشـهر الجديـدــبة إلى لكل أقطار األرض. ولكن مبدأ الحساب قد يختلف، فبالنس هذا النصف من األرض، الذي فيه بلد الرؤية، وهو النصــف المعتمــة، ــد الرؤي الذي أخذ يصير بالتدريج منيرا بدءا بالنقطة المقابلة لبل



فتحسب الليلة األولى في كافة البلدان الواقعة غــرب بلــد الرؤيــة والمشتركة بالليل معه، والتي يبدأ نهارها تدريجا، وعنــدها يحســب

يوم الجمعة أول الشهر. وأمــا بالنســبة إلى النصــف الثــاني المنــير، الــذي أخــذ يصــير معتما بالتدريج، والــذي يقــع غــرب بلــد الرؤيــة، فهــذا ينقســم إلى

قسمين تقريبيين غير متساويين: القسم الذي يشترك مع بلد الرؤية بجزء من الليل ـاألول:

وهو الجزء األعظم ــ، فجميـع البلـدان الواقعــة فيـه يحســب فيهــا ليلتها أول ليلة من الشهر. فحالها حال البلدان الواقعـة غـرب بلـد

الرؤية. القسم الــذي ال يشــترك مــع بلــد الرؤيــة بجــزء منالثاني:

الليل ـ وهو الجزء األقل ـ، فيحسب الليلة القادمة هي أول الشهر فيه، وإن كان سوف يرى الهالل فيها كبيرا؛ لمضي ساعات عديدة

على والدته. ـ إن البلـدان المشــتركة في الليـل مــع بلـد الرؤيــة ليســت2

ــنة؛ ففي ــول الس ــب فص ــف بحس رة، وتختل ــل هي متغي ــة، ب ثابت الصيف؛ نظرا لطول الليل، تكون المنــاطق المشــتركة في الليــل أكثر، وأما في الشتاء؛ حيث يكون الليــل قصــيرا، تكــون المنــاطق

المشتركة في الليل أقل.

نتائج البحث ــ إن المــأخوذ موضــوعا لألحكــام الشــرعية هــو موضــوع1 ـ

ــدى ــطلح ل ــو الهالل المص ـا، وه ـ ، وليس اعتباري ــني ــارجي تكوي خ العرف، أي خروج القمر من حالة المحاق وتنوره بضــوء الشــمس

بعد ظلمته.



ـ إن المراد برؤية الهالل في الروايات مطلــق الرؤيــة، بمــا2ة البصـر، لها من مفهوم عرفي، وهو إدراك صــورة الشــيء بحاســـد. دة أو بالمراص من دون أي فرق بين تحقق الرؤية بالعين المجر وعليه فال بد من االلتزام بثبوت الهالل حتى مع الجمود على لفــظ )الرؤية( الوارد في النصــوص. وهــذا هــو الحــد األدنى من مــدلول

األدلة الشرعية. ــة3 ــو الطريقي ــة على نح ــذت في األدل ــد أخ ــة ق ــ إن الرؤي ـ

ي كاشــف عن فية، ال الموضــوعية، فيكفي أي طريــق حســ والمعرتحقق والدة الهالل وتنوره، ولو كان بالعين اإللكترونية.

ـة ملحوظـــة مطلقــا، ال خصـــوص الطــرق4 ـ ـــ إن الطريقيها محــرزة الحسية، فالطرق الحسية والحدسية والملفقة منهما كل للموضوع. وعليه فال مناص من االلتزام بثبوت الهالل اعتمادا على

الحسابات الفلكية. ـ ال يشترط اتحـاد بلـد الرؤيـة في ثبـوت الشـهر، بـل يثبت5

الهالل لجميع أقطار األرض، إسالمية كانت أو غير إسالمية.

الخاتمة ر1 ـــ يتضــح ممــا تقــدم أن هــذه التعدديــة في المبــاني، وتكث

الفتــاوى، يعــود إلى أســباب عميقــة ودقيقــة. وهــذا مــا يــدعو إلىرات احترام جميع وجهات النظر تلك، مــا دامت مســتندة إلى مــبرــذا على الصــعيد البحــثي النظــري، وداخــل ــة وشــرعية. ه منهجي

األروقة الفقهية والعلمية. ــع بيد أن الحالة التي يعيشها المسلمون في كيفية التعامل مــة هذه القضية الشرعية خارجا يصعب تبريرها على أساس التعددي في االجتهاد. وهــذا مــا ال يكــاد يقنــع الجمهــور المســلم، وال يشــبع



الوجدان الرسالي، ولم يقطع سيل التساؤالت المتداعية في ذهنــدم ــ ــوا قلقهم وع ــ ــون ليخف ــ ــواعي، ولم يكن المؤمن ــ المثقف ال

ارتياحهم هذا. فأبنــاء األمــة اإلســالمية يــرون أن والدة الهالل أمــر طــبيعي ثابت في الواقع، وليس أمرا يختلف حســب األنظــار واالعتبــارات،ـة. وأيضـا يمكن وقابل للضبط والتحديد بحسـب الحسـابات الفلكي أن تحدد إمكانية رؤيته وعدمها فلكيا، وكذلك الــوقت الــذي يخــرج فيه القمر من حالة المحاق على وجــه الدقــة. وكــذا يمكن تحديــد

النقطة الجغرافية التي يمكن للناظر أن يرى الهالل منها. ــذ يصــعب وإذا كان األمر قابال للتشخيص إذن فاالختالف حينئــل أبنــاء األمــة، وتــبريره، وال ســيما أن الشــريعة لم تحملــه من قب تتصــرف في مفهــوم الشــهر أو الهالل، بــل هي نــاظرة إلى نفس

المفهوم المتعارف لدى الناس. ــإن وجــود والبد من أن يحسب لهذه المسألة ألف حساب؛ ف

مثل هذه الحالة قد تخفض من مستوى الحماس الديني. ــك يتحــرك2 ــ إن التطــور العلمي في مجــال الرصــد والفل ـ

كوب لســ ــة. فالت ــتخدمة للرؤي ــات المس ــة اآللي بســرعة من ناحي الحديث فيه من القابلية الكبرى والقدرة الهائلة بحيث يمكن رصد األجرام النائية التي هي في غايــة البعــد، وال ســيما بعــد القفــزاتـة الحســاب الفلكي. كــل ذلــك يثـير الكبيرة الــتي حــدثت في كيفي تســاؤال عن مــدى إمكانيــة اإلفــادة من هــذه المعطيــات العلميــة، وتوظيف التقنيــة الحديثــة؛ لحــل هــذا المعضــل الشــرعي، مــع أنــة جــدا إلى األرض، وال توجــد مشــكلة القمــر من األجــرام القريب حقيقية في تشخيص موقع هذا الجرم السماوي علميا، فلماذا كل

رة أمام هذه الظاهرة الكونية وتحديدها؟! هذه الحيرة المتكر



وفي هـــذا الصـــدد أشـــيد بالتـــدابير المهمــة الـــتي اتخـــذها الحريصون على اإلسالم والمسلمين. كما أود أن أنوه بــالخطوات الجادة التي قامت بها الجمهورية اإلسالمية في تشــكيل عشــرات من فــرق الرصــد المــزودة بأحــدث األجهــزة والطــائرات؛ لضــبط

مسألة الهالل داخل إيران وخارجها. ـ ال مجــال إلقحــام عنصــر االختالف المــذهبي لتــبرير تعــدد3

المواقف تجاه مسألة ثبوت الهالل؛ لكون المسألة تعــود إلى أدلــةــة، أال وهي القــرآن؛ والحــديث النبــوي مســلمة بين المــذاهب كاف

المعروف في الهالل. ـ كما ال يصح جعل المسألة تدور مدار مدى المنهج االجتهاد4

ى؛ فبنــاء على المســلك النصوصــي ينحصــر ثبــوت الهالل المتبندة؛ وبناء على اجتهاد الرأي ال تنحصر الطرق بالرؤية بالعين المجردة، وحينئــذ يمكن التعــدي إلى الحســابات ــالعين المجــر بالرؤيــة بــة فهم النص، كمــا ــة؛ وذلــك ألن المســألة تــدور مــدار كيفي الفلكي

تقدم. ـ إنه مما ال يكــاد يخفى على مســلم مــدى الحــرص الكبــير5

الذي تحمله الشريعة الغراء تجاه قضية وحــدة الصــف اإلســالمي، وضرورة انسجامه، وال سيما في إطار ممارسة الشعائر األساسية التي تهــدف إلى توحيــد األمــة في ممارســة عباديــة موحدة، وفيــدين، فكيــف يمكن حركة متناسقة، كشعيرة الحج أو مراســم العي قبول حالــة التفكك والتبعــثر والتشــويش الــتي تصــاب بهــا األمــة؛ط واالضطراب في تحديــد األهلــة، ومــا ينجم عن ذلــك نتيجة للتخب من آثار وخيمة، ذات انعكاســات عمليــة وأيديولوجيــة واجتماعيــة، تؤدي إلى إضعاف المجتمع اإلسالمي من داخلــه، وكــذلك تضــعف

موقفه تجاه سائر المذاهب واألديان األخرى.



أال يستحق هذا األمر اتخاذ التدابير المناسبة، بحيث يتحاشــى الفتن واألخطــار، ويتم توظيــف هــذه الظــاهرة لمــا يكــرس حالــة التكاتف والتالحم بين أبناء األمة، ويزيد في عظمتهــا وقوتهــا أمــام

اآلخرين؟! ــه والكلمة التي نقولها في صــدد التســاؤلين األول والثــاني أنـة، وعن طريـق من خالل عقد الندوات وإقامـة المـؤتمرات العلميــك، يمكن التغلب على نســبة ــاء وعلمــاء الفل التواصــل بين الفقه

كبيرة من العقبات والعقد المستعصية. ل بتفعيــل ر بأيدينا يتمث وأما التساؤل األخير فإن الحل المتيس أحد المباني الفقهية المشــهورة، وهــو القــول بثبــوت الهالل بحكم الحاكم الشــرعي؛ فــإن الحــاكم في مثــل هــذه الحــاالت يســتطيع التصدي الحاسم، فيقول كلمة الفصل، وبـذلك ينغلـق بـاب الفتنــة

واالختالف والتشرذم. ــة6 ــد من العمــل على توعي ــه ال ب ــ وتجــدر اإلشــارة إلى أن ـ

ــات ــا، وإحــاطتهم بحيثي المكلفين، وضرورة تثقيفهم شــرعيا وعلمي هذا الموضوع الهام، وأيضا ترغيبهم بمختلــف األســاليب في إحيــاء

سنة االستهالل. ــدنك﴿ ربنا ال تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من ل

اب (8 )آل عمران: ﴾رحمة إنك أنت الوه ــوة إال ، وال حول وال قوالحمد لله أوال وآخرا. بالله.



الهوامش


الشيخ كاظم قاضي زاده•

السفر الشرعي بحث حول تقدير المسافة في*(*()الشيخ كاظم قاضي زاده

مقدمة إن السفر الشرعي بقيوده يكون موضــوعا لقصــر الصــلوات الرباعية ولإلفطار غالبا. ومن القيــود المعتــبرة في تحقــق الســفر الشرعي قطع المسافة، والمشهور خصوصا في القــرون األخــيرةــك وال يقولون بأن المسافة الشرعية ثمانية فراسخ، ال أقل من ذل

أكثر. لوجــدنا^ولو رجعنا إلى الروايات المنقولة عن المعصــومين

مالكات أخرى في تقــدير المســافة الشــرعية، غــير مــا يــدل على كون المسافة ثمانية فراسخ. يــذكر في بعضــها »بيــاض يــوم«، أو »مســيرة يــوم«، أو »بريــدان«، أو...؛ وفي بعض الروايــات يجمــع بين اثنين منها، أو ثالث؛ وفي بعض آخر يـذكر مــا يختلـف بحســب التقدير مع جميع ما أشرنا إليه، مثال: يذكر في بعض »مسيرة يوم

وليلة«، أو »يومين«، أو »ثالثة برد«، ونحوها.ــة، يجب الفحص عن ومن الواضــح أن المســألة شــرعية نقلي المداليل المذكورة والسعي في الجمع بينها، أو تــرجيح بعض على

اآلخر؛ كي نصل إلى ما يقتضيه االستنباط في المسألة.

أستاذ الدراسات العليا في الحوزة العلمية في مدينة قم،)*(*(ورئيس مؤسسة فهيم الثقافية، من إيران.


بحث حول تقدير المسافة في السفر الشرعي•

وفي بدايــــة البحث ينبغي أن نلتفت تاريخيــــا إلى تحــــول الوسائل النقلية والمــراكب المتعارفـة في القـرون الحديثـة. ومن ــة ليس إال ــرون المتمادي الواضــح أن مــركب المســافرين في القــة، وتلــك األنعــام وإن اختلــف مقــدار المســافة الــتي األنعام األهلي تقطعها في اليوم، ولكن يقطع المركب المتعارف في تلك األزمنة

ثمانية فراسخ. وأمـا في العصـر الحاضـر، وبعـد اخـتراع الســيارة والطـائرة والقطار، فالمراكب العادية لعامة الناس تقطع في اليــوم مقــدارا يختلف كثيرا عما يقطعه الجمال والقوافل السابقة. فاليوم تقطــع

فرســخا( في160السيارات المتعارفة والباصات ألــف كيلومــتر ) يوم واحد أو أكثر، وهذا معناه أن مسيرة يــوم في العصــر القــديم

يقطع في أقل من نصف ساعة في العصر الحديث. وعلى هذا فمــا يوجــد في بعض الروايــات والكلمــات من أن السير في اليوم ينطبق دائما أو غالبا على ثمانية فراســخ ال يصــحــة الســير في في عصــرنا الحاضــر، اللهم إال أن يحمــل على كيفي

زمن صدور الروايات. ولتنقيح البحث ينبغي أن نتعرض إجماال إلى كلمات األصحاب وفتاواهم في المسألة، ونذكر االحتماالت المتصورة، ثم نرجع إلى طوائف الروايات، والجمع بينها، واستنباط الصــواب منهــا، حســب

فهمنا القاصر.ح بأن العصمة منحصرة بأهلها، وفي نهاية هذه المقدمة نصر والفتوى مختصة بأهلهــا، وهم الفقهــاء العظــام، ولكن هــذا البحث ليس إال مجهودا متواضــعا ممن اشــتغل بتحصــيل العلــوم الالزمــة

لالجتهاد. ومن الواضــح أن الالزم على المقلدين العمــل بمــا يفــتي بــه



مقلدهم. وما ذكر في هــذه الرســالة ليس إال مــا تقتضــيه صــناعةالبحث، على حسب فهمنا القاصر، عصمنا الله من الزلل.

كلمات األصحاب في المقام، وتطور البحثــة فراســخ«؛ ذكــر قــدماء األصــحاب في حــد الســفر »ثمانيحوا بتســـاوي وبعضـــهم عطفـــوا عليهـــا »البريـــدين«، أو صـــر

»البريدين« مع »ثمانية فراسخ«. ففي الفقــه الرضــوي: من ســافر فالتقصــير عليــه واجب إذاــة وعشــرون ــو أربع ــدين، وه ــة فراســخ أو بري ــان ســفره ثماني ك

.(576)ميالــه ــذي يجب في وفي رسائل الشريف المرتضى: حد السفر ال

.(577)التقصير بريدان، والبريد أربعة فراسخ، والفرسخ ثالثة أميال وقال في االنتصار: مما انفردت به اإلمامية تحديدهم الســفرــة ــد أربع ــدين، والبري ــالة بري ــير في الص ــه التقص ــذي يجب في ال

.(578)فراسخ وقال الصدوق في المقنــع: والحــد الــذي يجب فيــه التقصــير »مسيرة بريدين ذاهبا وجائيا«، وهــو مســيرة يــوم. والبريــد أربعــة

.(579)فراسخ وقال في الهداية: الحد الذي يوجب التقصــير على المســافر

.(580)أن يكون سفره ثمانية فراسخ ولئن لم يتعرض الصــدوق في كالمــه في الهدايــة إلى نســبةح الفرسخ مع البريد، أو مسيرة اليوم، ولكن في عبارة المقنع صر

بأن مسيرة بريدين ومسيرة اليوم متساويان. وقال الشيخ في النهاية: التقصير واجب في السفر إذا كانت

.(581)المسافة ثمانية فراسخ



ــة ــا أربع وفي كافي الحلبي: والمسافر أقل من بريدين، وهم.(582)وعشرون ميال...، فرضه التمام

ــة ــدين، ثماني ــير ]في[ البري ــه التقص ــم: يجب ل وفي المراس.(583)فراسخ

. وقال السيد أبو المكارم(584)وفي الوسيلة البن حمزة مثله.(585)ابن زهرة في الغنية أيضا مثلهما

وقال ابن إدريس في السرائر: وحد الســفر الــذي يجب فيــه.(586)التقصير بريدان، والبريد أربعة فراسخ، والفرسخ ثالثة أميال

وقال المحقق في الشــرائع: ...المســافة. وهي مســير يــوم، بريدان، أربعة وعشرون ميال، والميل أربعة آالف ذراع بذراع اليــد،ــاس، أو طوله أربعة وعشرون إصبعا، تعويال على المشهور بين الن مــد البصــر من األرض، ولــو كــانت المســافة أربعــة فراســخ وأراد

.(587)العود يومه فقد كمل مسير يوم، ووجب التقصير ظاهر عبارة المحقق هو أن االصل في التقدير مسير اليــوم، وينطبق هذا التقدير على البريدين و... ولــذا ذكــر في آخــر كالمــهــة بأنه إذا ذهب أربعا، وأراد العود من يومه، وجب التقصير من جه

سفره في مسيرة اليوم. والمحقق في بعض كتبــه، وبعض من تــأخر عنــه، ذكــروا في كلماتهم مسيرة اليوم؛ إما منفردا؛ وإمــا عــدال لثمانيــة فراســخ أو

بريدين.ــبر والمــدارك ــاح الكرامــة: في المعت قــال العــاملي في مفت والــذخيرة والريــاض وظــاهر المنتهى والتــذكرة وكشــف االلتبــاســا يجب ــه إنم ــة اإلجمــاع على أن ــدرة والكفاي ومجمــع البرهــان وال

.(588)التقصير في مسيرة يوم، بريدين، أربعة وعشرين ميال قــال المحقق في المعتــبر، بعــد أن تعــرض ألقــوال مــذاهب



العامة في تقدير المســافة، حيث إنهم مختلفــون بين قائــل يقــول بأنه مسيرة يومين قاصدين ـ وهو الشافعي والمالكي ــ، وبين منــال يقول بأنه مسيرة ثالثة أيام ـ وهو أبو حنيفة ـ، قال جوابا؛ إلبط أقوالهم وإثبات الحق، ما لفظه: لنا أن مسير يـوم يسـمى سـفرا،

: ال يحل المرأة×فيثبت معه القصر، أما مسير اليوم سفرا فلقوله تؤمن بالله واليوم اآلخر أن تسافر مسير يــوم إال مــع ذي محــرم؛ــا زاد؛ ألن ــع م ــا ثبت م ــوم لم ــو لم يثبت مســير ي وألن القصــر لــل؛ وقــد روى الفضــل بن شــاذان عن ــزول براحــة اللي مشــقته ت

قال: إنمــا وجب التقصــير في ثمانيــة فراســخ ال أقــل من×الرضا ذلــك وال أكــثر؛ ألن ثمانيــة فراســخ مســير يــوم للعامــة والقوافــل

: ولــو لم تجب في×واألثقال، فوجب التقصير في مسير يوم، قال مسير يوم لما وجب في مسير ألف سنة؛ وألن كل يوم يكون بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليــوم، فلــو لم يجب في هــذا اليــوم لمــا وجب في نظــيره؛ وألن مقتضــى الــدليل وجــوب القصــر مــع السفر كيف كان، ترك العمل في ما نقص عن يوم فيعمل بــه في

.(589)اليوم وكالمه وإن اشــتمل على االســتدالل بمســيرة اليــوم تقــديراــه ليس في مقــام للســفر، ولكن بعــد التأمل في كالمــه يظهــر أن االفتراق بين مسيرة اليوم وثمانية فراسخ، وتــرجيح أحــدهما على اآلخــر، بــل كــان في مقــام إبطــال تقــدير الفرســخ بثالثــة أيــام أو يومين. ولذا ذكــر بعــد هـذا الكالم بعض الروايـات المشــتملة علىــه. ــدين دليال على مذهب ــخ أو بري ــة فراس ــافة بثماني ــدير المس تق وأصرح من هذا أنه ذكر في أول المقصد: المقصــد الخــامس: في صــالة المســافر...: األول: المســافة، وهي أربعــة وعشــرون ميال،

.(590)مسيرة يوم تام، وهو مذهب علمائنا أجمع



ــذي يظهــر من كلمــات األعالم إلى زمــان الشــهيد هــذا، والضــوا ألحــد المالكين على نحــو يظهــر786األول) هـــ( أنهم لم يتعر

ــوم؛ أو ــيرة ي ــان )مس ــل المالك ــر، ب ــرح اآلخ منهم أنهم أرادوا ط بريدان وثمانية فراسخ( عندهم ينطبقان على مسافة واحدة. ولذا ذكر بعضهم ثمانية فراسخ منفردا؛ وبعضهم عطفوا عليــه مســيرة

يوم، كما في بعض الروايات، على ما سيأتي إن شاء الله. ولكن أول من تعرض الختالف المالكين أحيانا، وكيفية تقــديمــأخر أحدهما على اآلخر، هو الشهيد في الذكرى، وتبعه بعض من ت

عنه.ض الشهيد في الذكرى إلى تقدير المسافة، وهي ثمانية وتعر فراسخ، وعينه على حســب شــعر اإلبــل ومــد البصــر...، ثم قــال: يثبت المسافة باالعتبــار بــاألذرع، وحينئــذ ال فــرق بين قطعهــا في يوم أو أقل أو أكثر، ولو لم يتيقن ذلك فـإن مســير يـوم كــاف فيــه، وعســر ــار ب ــدل؛ لنطــق األخب ــة والســفر المعت األرض المعتدل

.(591)المساحة ويظهــر من كالمــه أن األصــل في التقــدير هــو الفراســخ الثمانية، المقدرة باألذرع، ولكن مسير اليوم يعتبر عند الشــك في المالك األصلي، ومن جهة عسر المساحة، ولذا لــو علم المســافر بأنه لم يقطع ثمانية فراسخ، ولكن بلغ مقدار الســفر إلى مســيرة

اليوم ال يجوز القصر واإلفطار. ووصل الدور إلى الشهيد الثاني، واعتقــد باالكتفــاء بأحــدهما، بل اعتقد بأن األصـل هـو مسـيرة يـوم معتـدل السـير والمـركب، حيث ذكــر أن المســافة ثمانيــة فراســخ، وقــال: وقــد ورد تقــدير المسافة بثمانية فراسـخ معلقـا في خــبر الفضـل بن شـاذان، عن

، قال: إنما وجب التقصير في ثمانيــة فراســخ، ال أقــل من×الرضا



ذلك وال أكثر؛ ألن ثمانيــة فراســخ مســيرة يــوم للعامــة والقوافــل واألثقال...إلى آخر الخبر. وقـد علم من ذلـك أن المســافة مسـيرــة يوم بسير األثقال، ولما كان ذلك يختلف باختالف األرض واألزمنــوان مســير والسير حمل على الوسط في الثالثة، فيعتبر من الحي اإلبل؛ ألنها الغــالب في القوافــل... وعلى هــذا فيكفي الســير عنــر؛ عمال بظــاهر ــه في نفس األم ــق قصــوره عن ــدير، وإن اتف التق األخبار. نعم، لو اعتبرها بالتقدير فــإن وافــق الســير فواضــح؛ وإنــة النص عليهمــا، اختلفــا أمكن االجــتزاء بكــل واحــد منهمــا؛ لداللــار ــوى؛ إذ ليس لالعتب ــه أق ــة النص علي ــير؛ ألن دالل ــديم الس وتق بــاألذرع على الوجــه المــذكور نص صــريح، بــل ربمــا اختلــف فيــه األخبار وكالم األصحاب. وقد صنف السـيد جمـال الـدين أحمـد بنــق ــدير الفراســخ، وحاصــله ال يواف ــردا في تق ــا مف طــاووس كتابف وجماعــة في المشهور؛ وألن األصل الــذي اعتمــد عليــه المصــن تقدير الفراسخ يرجع إلى اليوم؛ ألنه استدل عليه في التذكرة بأن المسافة تعتبر بمسير يوم لإلبل السير العام، وهــو يناســب ذلــك،

.(592)قال: وكذا الوضع اللغوي، وهو مد البصر من األرض والشهيد وإن تردد في كالمه بين االكتفاء بأحــدهما أو تقــديم الســير، ولكن مــع مالحظــة مــا ذكــره أخــيرا من عــدم وجــود نصــديره، ــدير األذرع، واختالف األعالم في تقـ ــدل على تقـ ــريح يـ صـ وتناسب أصل تقدير الفرسخ والوضع اللغــوي مــع أصــالة مســيرةــه مــال إلى أصــالة الســير في مقابــل التقــدير اليوم، يظهر منه أن

بالفراسخ. واختار حفيده )صاحب مدارك األحكــام( في كتابــه مــا يشــبه مختار الشهيد الثاني، وإن لم يتردد في النظــر كمــا تــردد الشــهيد

في روض الجنان.



وبيان ذلك أنه ذكر أوال إجمــاع العلمــاء على أن القصــر إنمــاــه عن يجب في مسيرة يوم تام، بريدين، أربعة وعشرين ميال. نقل جماعــة، منهم: المحقــق الحلي في المعتــبر. وتعــرض ثانيــا ألدلــة المسألة، بحيث يظهر من كالمه أن كل واحــد من المالكين معتــبرــة الســير والمــركب، برأسه، والشاهد على ذلك ما ذكره من كيفي ومن المراد من اليوم، هل هو يوم الصــوم أم غــيره؟ ومن تعقيبــه جمــع بين الروايــات بـــ »أو«، ال »الــواو«. كالمه بما يدل على أنــذكور؛ قال: تعلم المسافة بأمرين: االعتبار باألذرع على الوجه الم

. (593)ومسير اليوم ثم تعرض لمســألة االختالف بين المالكين، وقــال: الثــاني: ال ريب في االكتفاء بالسير عن التقدير، ولو اعتــبرت المســافة بهمــاــوغ المســافة ــر ببل ــزوم القص ــاء في ل ــاألظهر االكتف واختلفــا ف بأحدهما. واحتمل جدي في بعض كتبه تقديم الســير؛ ألنـه أضـبط،ف في تقــدير الميــل، وهــو وألن األصل الــذي اعتمــد عليــه المصــن مناسبته لمسير اليوم، يرجع إليه. وربمــا الح من كالم الشــهيد في

.(594)الذكرى تقديم التقدير، ولعله ألنه تحقيق، واآلخر تقريب وأما صاحب الحدائق الشيخ يوسف البحراني فهو أيضا ممن ذكر نقل اإلجماع على أن المســافة الموجبــة للقصــر هي مســيرة

ــه(595)يوم تام، بريدين، ثمانية فراســخ، أربعــة وعشــرين ميال . لكنــة على مختــاره تعــرض لمــوارد اختالف بعــد نقــل الروايــات الدال السير والتقدير، وقــال: ال خالف وال إشــكال في االكتفــاء بالســير، كما تكاثرت به األخبار. وكذا ال إشكال في ما لو اعتبرت المسافةر ــل يتخي بالتقدير فوافق السير. إنما اإلشكال في ما لو اختلفا، فههما كان، ولزوم القصر ببلوغ المسافة بأحدهما، في العمل على أيــه أضــبط، أو يقــدم التقــدير؟ احتمــاالت. ــه يقــدم الســير؛ ألن أو أن



اســتظهر أولهــا في المــدارك. والظــاهر أن وجهــه ورود النصــوص بكل منهمــا. واحتمـل في الـروض تقـديم السـير، قـال: ألن داللـة النص عليه أقوى؛ إذ ليس العتبارها بــاألذرع على الوجــه المــذكور

.(596)نص صريح، بل ربما اختلفت فيه األخبار وكالم األصحابــد؛ بــالنظر إلى داللــة أقول: ال ريب أن االعتبار بكل منهما جيــدير من حيث النصوص المتقدمة عليهما، إال أن اإلشــكال في التق االختالف في تفسير الفرسخ، كمــا عــرفت من اضــطراب كالمهم في الميل، والرجوع إلى االحتياط بالجمع، والتقصــير واإلتمــام في

موضع االشتباه طريق السالمة، والله العالم.ــاط يظهر من كالمه هذا بأنه وافق صاحب المدارك، وإن احتــه في ــا هــو دأب ــة االختالف في الفرســخ، كم ــدير من جه في التق الكتاب، ولكن ليس معنى احتياطه لــزوم رعايــة مجمــوع المالكينــا أو أكثرهما، بل احتياطه ليس إال في التقدير، ولذا لو كان أكثر م يحاسب به الفراسخ أقــل من مســيرة اليــوم ال ريب في االعتمــاد

عليه. والشاهد أن السير عنده مالك برأسه تعرضــه لكيفيــة اليــومــه ذكــر: المــراد بــاليوم على مــا ذكــره والسير والمــركب، حيث إن األصحاب يوم الصوم، والمراد بالسير فيه ما هو المتعارف الغالب من سير اإلبل القطار وسير عامة الناس؛ فإنه الــذي يحمــل عليــه اإلطالق، مضافا إلى مــا صــرحت بــه األخبــار... واعتــبر الشــهيداند ــال في المــدارك: هــو جي ــوقت والســير والمكــان، ق ــدال ال اعت بالنسبة إلى الوقت والسير، أما المكان فيحتمل قويا عــدم اعتبــار ذلك فيه؛ إلطالق النص، وإن اختلفت كمية المسافة في الســهولة

والحزونة. أقــول: مــا ذكــره من االحتمــال؛ إلطالق النص، مــع اعترافــه



ــوقت باختالف كمية المسافة في السهولة والحزونة، يجري في ال أيضــا؛ فــإن النصــوص مطلقــة شــاملة بإطالقهــا لجميــع األوقــات، فقصــير النهــار وطويلــه ممــا تختلــف بــه الكميــة أيضــا، فال وجــه لتسليمه لهما ذلـك في الـوقت ومناقشـته في المكـان. وبالجملـة فغاية ما يستفاد من النصوص هو اعتدال السير كما عــرفت، ومــاــإن حمــل إطالق النصــوص على الحــد األوســط بين عــداه فال، ف ــا طرفي الزيادة والنقصان واإلفراط والتفريط؛ ليكون ضــابطا كلي ال يختلف بالزيادة والنقصان، ففي الجميع، وإال فال معــنى لتســليم ذلك في فرد والمناقشة في اآلخر. وإلى ما ذكرنا يشير كالم جده في الروض، حيث قــال: ولمــا كــان ذلــك يختلــف بــاختالف األرضــو ــة، انتهى. وه ــط في الثالث ــل على الوس ــير حم ــة والس واألزمن

.(597)جيد ويظهر من كالمه، وما نقله من األعالم، أن من قال بمالكيــة

السير في قبال التقدير تعرض لكيفية السير. والمحقق األردبيلي، وإن وافــق صــاحب المــدارك والحــدائقــان ـه ادعى أن المالكين يتطابق ـ ــل، إال أن ــاء باألق ــزوم االكتف في ل ظاهرا. قال في مجمع الفائدة والبرهان ما نصه: الثالث: التفاضل بينهمــا غــير ظــاهر، إال أن اليــوم أقــرب إلى فهم األكــثر وأســهل، بخالف الفراســخ. والظــاهر أن أحــدهما كــاف، وإن لم يصــل إلىــو ــة ه ــد حقيق ــذ الح ــون حينئ ــل، ويك ــدير التفاض ــر على تق اآلخ

.(598)األقلــه، وإن اعتقــد بــأن الســير هــو ويظهر من صاحب الجواهر أن األصــل في المســافة، ولكن الشــارع؛ دفعــا الختالف ســير اليــوم بحسب األزمنة واألمكنـة والــدواب و...، قـدره بالبريـدين، بعــد أن كانا متقاربين في الواقع. ولذلك أتى بالروايات الدالة على الســير



أوال، وتعرض لكون اليوم هو يوم الصوم أو أقـل من ذلــك، وقـال: هي )المسافة( مسير يوم تام، كيــوم الصــوم؛ ]للروايــات الكثــيرة المشتملة على بياض اليوم[، الظاهرة في إرادة يوم الصائم منــه؛ح بعضهم، بل لم نعثر على خالف للتعبير فيها ببياض يوم. وبه صر فيه. ولوال ذلك )هذه الروايات( ألمكن إرادة ما بين انتشار الضــياء إلى انكسار سورته بانحدار الشمس إلى الغــروب من اليــوم، مــع استثناء القيلولة في القيظ وغيرها مما ال يقــدح في صــدق الســير يوما عرفا. لكن ال بأس باألول بعــدما عــرفت من داللــة النصــوص

.(599)المعتضدة بما عثرنا عليه من الفتوى عليه وعقب كالمه بــالتعليق على مــا ذهب إليــه صــاحب المــدارك والحدائق، بل الشهيد الثاني، بمــا يظهــر منــه أن الســير والتقــديرــاني متساويان في المسافة، والفرق بينهما أن األول تقــريب، والثــدير في ــير والتق ــألة اختالف الس ــرح مس ــنى لط ــق، فال مع تحقي المسافة رأسا. قال ما نصه: وعلى كل حال فهو )التقدير( تحقيقــدين في تقريب، كما في نظائره، فالترديد بين بياض اليــوم والبري في خــبر أبي بصــير الســابق ترديــد في مــا يســهل على المكلــف اعتباره، وإال فهما شيء واحــد في نظــر الشــارع، ال أنهمــا أمــران مختلفــان؛ كي يتجــه البحث في أن مــدار المســافة عليهمــا معــا، بمعنى كون المعتبر فيها اجتماعهمــا...؛ أو أن المــدار على مســيرــدير اليوم، وإن قصر عن البريدين؛ ألنه األصل في المسافة، والتق بالبريدين تقدير له...؛ أو أن المــدار على التقــدير بالبريــدين، كمــا عساه يلوح من الذكرى؛ ألنه تحقيق، واآلخر تقريب؛ أو أن المــدار على حصول أحدهما؛ عمال بكل من الــدليلين، كمــا اســتظهره في المدارك، ضرورة أن ذلك كله مبني على أنهما تقــديران مختلفــان مسافة، أما بناء على ما ذكرنا من أنهما شيء واحد عند الشارع ـ



فمسير اليــوم عنــده عبــارة عن قطــع بريــدين، وبــالعكس، ومــتى تحقق أحدهما تحقق اآلخر في نظره ـ فال يتــأتى شــيء من ذلــك؛ إذ فرض مسير البريدين في بعض اليوم أو نقصان المســير اليــوم عنهما حينئذ غــير قــادح في المــراد شــرعا؛ ألن األول مســير يــوم

.(600)عنده، بخالف الثاني، كما هو واضح وكالمه المذكور مشتمل على االحتماالت المتصورة واألقوالـة كـل من المذكورة في المقـام، مــع إشـارة إلى مختصـر من أدلف االحتماالت وكل من األقوال. ولكن ال يخفى أن ما ادعاه المصن في قبال األقوال المتعددة هو وحدة المالكين واقعا، وأن المسافة بحسب السير تكون تقريبا، وبحسب التقدير تكون تحقيقيــا، وهــذا

الكالم ينفعنا في ما سيأتي، فانتظر. ولكن لم أر غير صــاحب الجــواهر )من متــأخري المتــأخرين، والمعاصرين( من تعرض الختالف المالكين، وكيفية تقديم أحــدهما، أو على اآلخــر، بــل لم أر من تعــرض لمالك ســير اليــوم مســتقالحون بأن المسافة ثمانيــة عطفا على ثمانية فراسخ، بل الكل يصر

فراسخ فقط. نعم يظهــر من عنــوان البــاب في الوســائل أن الشــيخ الحــر العاملي يكون ممن قال بأن أحد المالكين يحقق السفر، فإنه قال في عنوان الباب: »باب وجوب القصر في بريدين ثمانية فراســخ،

أو مسيرة يوم معتدل السير«. ولتتميم البحث نــــذكر بعض عبــــارات األعالم المتــــأخرين

والمعاصرين:ــة ــع ثماني ــق بقط ــافة وتحق ــاء: ...المس ــف الغط ــال كاش ق

.(601)فراسخ وقال السيد محمد كــاظم الطباطبــائي: أمــا شــروط القصــر



ــق على(602)فأمور: األول: المســافة، وهي ثمانيــة فراسخ . وال يعل.(603)كالمه أحد من المحشين على العروة

وما يظهر من تأليفات المعاصــرين أو تقريــراتهم أنهم ادعــواضــوا اإلجماع، بل االتفاق على التقدير )بثمانية فراســخ(، ولم يتعرــوم لمالك السير، وإن ذكر بعضهم روايات بياض اليوم ومســير الي

فاتهم .(604)في مصن هذه نبذة من أقوال األعالم. ونقل عن ولد المؤسس للحوزةــه جمــع بين القصــر العلميــة في قم الشــيخ مرتضــى الحــائري أنــيرته ــدين في س ــا بين الح ــوم في م ــاط في الص ــام، واحت واالتم

العملية.فين: إن المســافة الشــرعية في يومنــا وقــال بعض المــؤل

كيلومــتر، وفي الحقيقــة هي عين المســافة1200الحاضر تكــون الشرعية في مسيرة يوم مع الباصات المتعارفــة للســفر، وحــدده

.(605)بالمسافة المذكورة ولكنه مع سعيه في استناد نظره إلى األدلة المعتبرة لم يأت بما ينبغي أن يذكر في المقام. ولعلنا نتعرض فيمــا بعــد لبعض مــا

.قاله، وتمحيص كالمه، وصرفه إلى ما يقتضيه النظر، فانتظر

األقوال واالحتماالت المتصورة في المسألة األقوال المذكورة أو المتصورة في المقام تنتهي إلى الستة،ــة عنــد بعد أن أغمضنا عن بعض التقديرات التي تحمــل على التقي

الجميع.ــة فراســخ أواألول ــدير )ثماني ــو التق : إن مالك المســافة ه

بريدان( فقط. وما في بعض الروايــات من الســير )بيــاض يــوم أوــا أن مسيرة يوم( ليس إال أمارة على تحقق التقدير. ولذا لو علمن



سفرنا يبلغ إلى التقدير ال اعتبار للسير أصــال. هــذا هــو المشــهور،فق عليه في كلمات الفقهاء، وخصوصا المتأخرين منهم. بل المت

: إن المالك هــو الســير المتعــارف )مســيرة يــوم أوالثـاني بياض يوم(، والتقدير عالمــة وأمــارة على تحقق مســيرة يــوم في السفر، ولكن ليس كل من ســافر مســيرة يـوم بـأي كيفيــة وبـأي وسيلة وفي أي يوم يقصر ويفطر، بل المعيار هو السير المتعارف مع الوسائل النقلية المتعارفة في الزمــان، وفي يــوم معتــدل من السنة، في هذا االحتمــال يمكن طــرح احتمــاالت كثــيرة من جهــة اعتدال الســير، والمــركب، واليــوم؛ ومن جهــة أن اليــوم هــو يــوم الصوم أو أقـل من ذلــك، من طلــوع الشــمس إلى غروبهــا، ولكن حيث إن هذه االحتمــاالت تطــرح بعــد إثبــات أصــل مالكيــة الســير أو عــدال للتقــدير نحيــل طرحهــا واختيــار الحــق بينهــا إلى مســتقال موضع آخر، بعد إثبات أصل المالكية، فانتظر. وهذا مــا يميــل إليــه

الشهيد في روض الجنان، كما سبق.د فيــهالثــالث : إن المالك هــو الســير، كالثــاني، ولكن ال تقي

للمتعــارف أصــال. ولــذا لــو قطــع المســافران مســافة واحــدة في التقدير، ولكن قطـع أحـدهما المســافة بالسـفينة، ومن جهــة بطء ســرعة الســفينة قطعــه في أكــثر من اليــوم، واآلخــر قطعهــا فيــة، فيتم الــراكب الــذي يرجــع من يومــه صــوما، بعض اليــوم بالداب

ويقصر صاحب السفن. تــدل على هــذا االحتمــال روايــة مرســلة نقلهــا الصــدوق في

المقنع. : المالك أحد التقديرين، األول والثاني. وليس أحدهماالرابع

أمارة على اآلخر، بــل همــا مالكــان مســتقالن. فلــو ســافر ثمانيــة فراسخ في مدة قليلة قصر وأفطر، وإن لم يبلغ إلى مسيرة يوم؛



ولو سار مسيرة يوم ولم يبلغ ثمانية فراسخ قصر أيضــا، كمــا قــد يقال في مسألة خفاء الجدران وعــدم ســماع األذان بالنســبة إلى حــد الــترخص. وهــذا هــو الــذي اســتظهر من المــدارك، وقــال بــه

صاحب الحدائق والمحقق األردبيلي، كما سبق. : المالك مجموع التقــديرين األول والثــاني، وإنهمــاالخامس

، بـل وإن لم يكونا أمارة، ولكن ليس كل واحد منهما مالكا مستقالــق مالك المســافة الشــرعية. ولــذا يجب القصــر مجموعهمــا يحق واإلفطار في صورة واحــدة، وهي بلــوغ المســافة ثمانيــة فراســخ

(606)ومضي مسيرة يوم من بــدء الســير، ولكن في الصــور الثالثةالباقية ال يجوز القصر واإلفطار.

ــادس ــذا الالس ــا. ول ــان دائم ــير ينطبق ــدير والس : إن التقهمــا األمــارة على اآلخــر؟ بــل هما هو المالك؟ وأي موضوع للنزاع أي أحدهما تحقيق، واآلخر تقريب. وهذا مختار صــاحب الجــواهر، وإن استظهر من أول كالمه أنه اعتقد بأن المالك األصــلي هــو الســير،ــير ــادة االختالف في الس ــم م ــدين ليس إال لحس ــديره بالبري وتقال، ــا كالمــه مفصــ ــدواب، كمــا ذكرن بحســب األزمنــة واألمكنــة وال

فراجع. هذه هي األقوال واالحتماالت المطروحة في المسألة، الــتي يمكن االعتناء بها في الجملة، وإال فالفروض المتصورة أكــثر ممــا ذكرنا، ولكن ال يســعنا في هــذا المختصــر التعــرض لهــا، وإبطالهــا

بعده. ومن المعلــوم أن أشــهر الســتة هــو األول، وأبعــدها الثــالث. ولكن مع ذلك لكل من االحتماالت الستة أدلة ذكرها القائلون بها، أو يمكن أن تذكر لهم، ولكن قبل التعرض لألدلة، واختيار بعضــها،

زة فيها. وإبطال البعض اآلخر، نتعرض للروايات والطوائف الممي



نظرة إلى الروايات وطوائفهاــواب من الروايات التي ترتبط بالبحث توجد غالبا في ثالثة أب أبواب صالة المسافر من الكتابين الجليلين: الوسائل؛ ومستدركه. ومجموع هذه الروايات تبلغ أربعة وخمسين روايـة. ومن الطريـفق أو ــحيح أو موث ــبر، من ص ــات معت ــذه الرواي ــثر ه ــناد أك أن إس مصحح. وفي كل طائفة من الطوائف يوجد خبر أو أكثر يكون من جهــة الســند تامــا. وعلى مــا أحصــيت وتفحصــت فــإن الروايــات

المعتبرة منها تبلغ ثالثين. وأمــا من جهــة المــدلول فمختلفــة جــدا، بحيث لــو لم ينضــمــود على ــع الجم ــنى فم ــارب المع ــة تق ــها إلى بعض من جه بعضــفر ــق الس ــا على تحق ــرين مالك ــثر من عش ــد أك ــوص يوج النص الشرعي. ومن المناسب للمقــام أن نــذكر هــذه المالكــات؛ ليعلم

إجماال ما ذكر في النصوص، وهي هذه: ـ مسيرة يوم أو3ـ بريدان أو مسيرة يوم. 2ـ مسيرة يوم. 1

ـ5ـ مسيرة يـــوم أو ثمانيـــة فراســـخ. 4بريدان أو ثمانية فراسخ. ـ مسيرة7ـ مسيرة يـوم على سحـب سير القطار. 6بياض يـوم.

ـــ مســيرة يــوم أو بريــدان أو8يوم على حسب مركب المسافر. ـــ مســيرة يــومين.10ـ مسيرة يوم وليلة. 9أربعة وعشرون ميال.

ـــ ثمانيــة فراســخ.13ـ بريدان أو ثمانية فراســخ. 12ـ بريدان. 11 ـــ أربعــة وعشــرون ميال أو اثنــا16ـ أربعــة فراســخ. 15ـ بريد. 14

ـــ مــا يعلل فيــه19ـ ثالثــة بــرد. 18ـ عشر فراسخ. 17عشر ميال. ـــ مــا يســتأنس منــه بــأن الشــدة20ثمانية فراسخ بمسيرة يــوم.

موجبة للقصر. هذا ولكن بعض المالكات المذكورة في الروايات يحمل على



ــة، التقية قطعا؛ لمعارضته للمالكات األخر، وموافقته ألقوال العام كمــا في »مســيرة يــومين« أو »يــوم وليلــة«؛ وبعضــها يرجــع إلى بعض، أو يجمع بينهما جمعا عرفيا، كما في الجمع بين مالك ثمانية فراسخ وأربعة فراسخ أو بريدان وبريد، حيث إن المراد من البريد هو مقدار مسافة من أراد أن يقطع بريدا ذاهبا ويقطع بريدا جائيا، فيصير المجموع بريدين، فال تعارض بينهما، وكما في موارد الجمع بين مالك البريدين وثمانية فراسخ وأربعة وعشرين ميال، حيث إن منها ينطبـق على األخــر. وبعــد إرجــاع مـا يمكن أن يرجــع إلى كالــة، تصــير طوائــف الروايــات الواحــد، وطــرح مــا يحمــل على التقي

المذكورة ستا، وهي ما يلي:ـ ما يدل على أن المالك هو زمان السير )مسيرة اليوم(.1ــ مــا يــدل على أن المالك هــو تقــدير الفراســخ )مســافة2 ـخاصة(.ــوم3 ــيرة الي ــق على مس ــدل على أن المالك منطب ــا ي ــ م ـ

وثمانية فراسخ. ـ ما يدل على أن المالك أحدهما، من مسيرة اليوم وثمانية4

فراسخ.لــة أو المستأنســة من الحكمــة المــذكورة5 ـ الروايــات المعل

فيها بأن المالك األصلي هو الزمان. ـ ما يدل على منشأ جعل الترخيص للمسافرين، وهو ســفر6

إلى ذي خشــب و... وهــذه المســافة تكــون مســيرة|رســول اللهيوم، بريدين، ثمانية فراسخ.

وعند النظر إلى الطوائف المذكورة نقول إجماال: ، وجعــل|إن الطائفة األخيرة من جهة أنهــا نقلت فعــل النــبي

الحكم من جهة فعله، وما قطعه النــبي ينطبــق على مالك الســير



والتقدير، ال تفيد للجمع بين الطوائف السابقة. والطائفة الثالثة الدالة على انطباق المالكين، خاصة بمسيرة اليــوم في األزمـان الســابقة، ولكن ال تصــح لالنطبـاق في عصـرنا الحاضر، فإن مسيرة يوم في العصر الحاضر يبلــغ اليــوم أضــعافــو ثمانية فراسخ، اللهم إال أن يقال بأن المراد من مسيرة اليوم ه مسيرة يوم للســفر مــع الجمــل واإلبـل في كـل عصــر وزمـان، ال

مسيرة يوم للسفر بالوسائل النقلية المتعارفة في كل زمان.ــمون، وإن وأما الطائفة الخامسة فتتحد مع األولى في المضــتمل على تفاوتت معها في قوة الداللة؛ حيث إن هذه الطائفة تش

التعليل. فيبقى التعـــــارض بين ثالث طوائـــــف: األولى؛ والثانيـــــة؛ والخامسة، وتكون الطائفــة الرابعــة شــاهدا للجمــع بين األولــيين،. فلو وتصير النتيجة أن المالك أحدهما من السير والتقدير مستقالر؛ ولــو سافر مسيرة يوم ولم تبلــغ المســافة ثمانيــة فراســخ قصــر أيضـا. ولكن بعض سافر ثمانية فراسـخ في أقـل من اليـوم قصـ القرائن الخارجية والتعليـل المـذكور في الطائفـة الخامسـة تـأبى هـذا الجمـع. ولـذا نحتـاج إلى تعمـق في أدلـة األقـوال المختلفـة،

والقرائن الخارجية، حتى نحكم بما يقتضيه التحقيق في المقام.

ذكر االحتماالت وأدلتها تفصيالأدلة القول األول »تحديد المسافة بالتقدير«

ــأخرين، إن القــائلين بهــذا القــول هم جــل المتقــدمين والمت بحيث كاد أن يكون إجماعا. وبمــا أن هــذا القــول هــو المشــهور ال يستند أكثرهم إلى دليل خاص. وإنما تعرضوا لمقداره بحســب مــا يقدر به المسافة في العصور المتقدمة، كاإلصــبع والــذراع وشــعر



ــاق ــة انطب ــل، وكيفي ــدير المي ــة تق ــوا في كيفي ض ــبرذون. وتعر ال المالكات، للتقدير بعضــها على بعض. ومــع هــذا يمكن أن يســتفادــة ــافة ثماني ــدليل على أن المس ــاء أن ال ــات بعض الفقه من كلم

فراسخ هو اإلجماع؛ والروايات الواردة في الباب. قال السيد الحكيم: ]المسافة وهي ثمانية فراسخ[. فال يعتبر الزائد عليها؛ إجماعا منا. حكاه غــير واحــد. وتــدل عليــه النصــوص

ق سماعة: في كم يقصر الصــالة؟ فقــال :×المستفيضة؛ ففي موثــة ــة فراســخ. وفي رواي في مسيرة يوم، وذلك بريدان، وهما ثماني الفضل: إنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ، ال أقل من ذلك وال أكثر. وفي صحيح الكاهلي: بريد في بريــد، أربعــة وعشــرون ميال.ــون ثمانيــة ــة ابن الحجــاج: أربعــة وعشــرون ميال، يك وفي رواي فراســخ. وفي صــحيح أبي أيــوب: »في بريــدين أو بيــاض يــوم«، ونحوها وغيرها. وأما ما ورد في تحديدها بمسيرة يوم وليلــة، كمــا في صحيح زكريــا بن آدم، أو مســيرة يــومين، كمــا في روايــة أبي بصير، أو ثالثــة بــرد، كمــا في صــحيح الــبزنطي، فهــو مطــروح، أو

.(607)محمول على ما ال ينافي األول، أو على التقيةوكالمه مشتمل على كل من الدليلين: اإلجماع؛ والروايات.

ــات ولكن ال يخفى أن ما يراه دليال على المطلوب من الرواي يكون بين ما يدل على التقدير فقط وما يــدل على أن المالك إمــا التقدير أو السير، وبين ما يدل على أن المالك هــو مســيرة اليــومــدير، المنطبق على التقدير. ولكن الظاهر عنده أن األصل هو التق

ولذا يكون السير عنده عالمة على تحقق ثمانية فراسخ.ا لمســيرة يــوم في ــه ال يــرى اعتبــارا خاصــ والشــاهد على أنضــه في ذيــل كالمــه للروايــات المتعارفــة عــرض التقــدير هــو تعر لمختاره. وفي هذا المقام ذكــر ثالثــة روايــات ليس فيهــا مــا يــدل



على مسيرة يوم أو بياض يوم، بل الروايات إما أن تدل على ثالثة.(608)برد، أو أكثر من يوم واحد من السير

وقـــال الســـيد الخـــوئي: »ال إشـــكال، كمـــا ال خالف بين المسلمين ـ إال من شذ من العامة ـــ، في اعتبــار المســافة، وأنهــا ثمانية فراسخ، ال أقل من ذلك وال أكــثر ـــ حــدا ـــ. والنصــوص بهــاقــات، متكاثرة، بل لعلها متواترة، ولو إجماال، وفيها الصحاح والموث على اختالف ألسنتها، من التعبير بثمانية فراسخ، أو بريدين ـ وكل بريد أربعة فراسخ ـ، أو أربعة وعشرون ميال ـــ وكــل فرســخ ثالثــة أميال ـ، أو الســير في بيــاض النهــار المنطبــق في الســير العــادي

.(609)على ثمانية فراسخ ما ذكره السيد الخوئي يشبه مقالة السيد الحكيم، ولكن هــو يدعي أكثر من إجماع الفرقة المحقة، بل ادعى عــدم الخالف بينح ببعض المسلمين، إال من شذ من العامة. ومن جهــة أخــرى صــر المالكــات المــذكورة في الروايــات، وادعى انطبــاق جميعهــا على ثمانية فراسخ، ومن جملتها: الســير في بيــاض النهــار، أو مســيرة اليوم. والظاهر من كالمه أن السير المعتبر هو السير العــادي في الزمــان الســابق، أو الســير مــع القطــار واألثقــال، المنطبـق على

ثمانية فراسخ، ولذا عطف على الثمانية، وال يكون أصال برأسه.؛ ولكن ما ادعاه من عــدم الخالف بين المســلمين ليس بتــام ــه، إال ــا ال خالف في ألنه إما أن يريد بأن مسألة اعتبار المسافة ممــه بهــذا من بعض العامــة، بال نظــر إلى تقــدير المســافة، ففيــه: إن المقدار ينطبق عليه إجمــاع الكــل، وال يخالفــه حتى بعض العامــة؛ وإما أن يريد بأن تقديرها بثمانية فراسخ مما ال خالف فيــه، إال من بعض العامة، ففيه: إن العامة يجمعــون على خالفــه، وإن اختلفــوا في التقدير أيضا. نقل عبدالرحمن الجزيري أقوالهم في المسألة،



وقال: يشترط لصحة قصر الصالة شروط، منها: أن يكون الســفر مسافة تبلغ ستة عشــر فرســخا ذهابــا فقــط، مســيرة يــوم وليلــة بسير اإلبل المحملة باألثقال سيرا معتــادا. وتقــدير المســافة بهــذافق عليه بين األئمة الثالثة، ما عدا الحنفية... والحنفية قالوا بأن متــام الســنة، ــام من أقصــر أي المسافة مقدرة بالزمن، وهــو ثالثــة أيــزوال، ــباح إلى ال ــا من الص ــوم منه ــل ي ــافر في ك ويكفي أن يس والمعتبر السير الوسط، أي سير اإلبل ومشي األقدام... وال عبرة بتقديرها بالفراســخ على المعتمــد، وال يصــح القصــر في أقــل من هذه المسافة، وبعض الحنفية يقدرها بالفرسخ، ولكنه يقــول: إنهــا

. (610)أربعة وعشرون فرسخا، فهي ثالثة مراحل، ال مرحلتين وقال ابن قدامة في المغني: وإذا كانت مسافة ســفره ســتةر. عشر فرسخا، أو ثمانيــة وأربعين ميال بالهاشــمي، فلــه أن يقصــ قال األثرم: قيل ألبي عبد الله: في كم تقصــر الصــالة؟ قــال: في أربعة برد، قيل له: مسيرة يوم تام؟ قال: ال، أربعة برد ستة عشر

.(611)فرسخا، ومسيرة يومين ولم يحضـــرني اآلن غـــير المغـــني البن قدامـــة الحنبلي منــا من ــا ذكرن ــر مم ــذاهبهم. ولكن ظه ــائر م ــة بس الكتب المرتبط الكتابين المذكورين أن ما نسبه الســيد الخــوئي إلى العامــة ليس، ولكن ادعــاءه إجمــاع اإلماميــة أو مشــهورهم فليس ببعيــد، بتــامــأخرين، كصــاحب المــدارك ــأن بعض المت وخصوصــا مــع القــول بهم ــوم، ولكن ــة مســيرة الي ــالوا بكفاي ــاني و...، وإن ق والشــهيد الث

اعتقدوا بأن ثمانية فراسخ أيضا يكفي لتحقق قطع المسافة.

نقد أدلة القول األول أما اإلجماع فال اعتبار له في المقام. وعدم اعتباره ليس من



جهة احتمال كونه مستندا إلى الروايات الموجودة عندنا فقط، بلــه ال يوجــد إجمــاع في المســألة رأســا؛ ألن من شــرط من جهة أن تحقق اإلجماع في المسألة كونها معنونة عنــد األصــحاب، وملتفتــا إليها من جانبهم. ولكن األصحاب قديما وحديثا ال يــدعون اإلجمــاعــدعون ــل هم ي على ثمانية فراسخ في قبال القول بمسيرة يوم، ب اإلجماع عليها في قبــال أقــوال العامــة، أي في قبــال ســتة عشــرــذا فراسخ، أو ثالثة برد، أو مسيرة يومين، وثالثة أيام، ونحوهــا. ول عطـف بعضـهم ثمانيـة فراسـخ على مسـيرة يـوم أو بيـاض يـوم، بحيث يظهر منهم عدم التفرقة بينهما، بل عندهم أصل واحد، وهو

ثمانية فراسخ، وإن عرف ذلك بمسيرة يوم أحيانا. وعلى هذا األساس لو قيــل بــأن المالك هــو مســيرة يــوم، ال ثمانية فراسخ، ال يمكن إبطاله بأن هــذا خالف اإلجمــاع. نعم، هــذا يخالف كلمــات المعاصـرين، الـذين واجهـوا السـيارات المتداولـة، ولكن مع ذلك حكموا بأن المالك ثمانية فراســخ، ال أقـل وال أكــثر،ــة على مســيرة يــوم أو بيــاض يــوم على ــات الدال ــوا الرواي وحمل مســيرة يــوم عــادي في زمن صــدور الروايــات، ال في كــل زمــان

بحسبه، وهذا ما نتعرض له في ما يأتي. وأما الروايـات فـإن في بعضـها مــا يـدل على أن المالك هـو

،×التقدير فقط؛ كما في صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفرــبي ــه، عن النـ ــدين|عن أبيـ ــير يجب في بريـ ــال: التقصـ ؛(612)، قـ

: أدنى مــا×وصــحيحة معاويــة بن وهب قــال: قلت ألبي عبــد الله ؛(613)يقصر فيه المسافر الصالة؟ قــال: بريــد ذاهبــا، وبريــد جائيــا

: والتقصــير في ثمانيــة×ومصححة الفضــل بن شــاذان، عن الرضا ، إال أنهــا معارضــة بمــا(614)فراسخ وما زاد، وإذا قصرت أفطــرت

ــوم، كمــا في صــحيحة علي بن دل على أن المالك هــو مســيرة ي



ــا الحســن األول ــال: ســألت أب عن الرجــل يخــرج من×يقطين ق سفره وهو في مسيرة يوم؟ قال: يجب عليه التقصير في مسيرةــرحمن بن ــد ال ــه؛ وفي صــحيح عب ــدور في عمل ــان ي ــوم، وإن ك ي

.(615)، قال: جرت السنة ببياض يوم×الحجاج، عن أبي عبد اللهــه وإن وقــع في بعض الروايــات هــذا التعبــير،ولــو قيل : إن

ــه. وفي ــا برأس ــت مالك ــارة على تحقق المالك، وليس ــا أم ولكنه الواقــع إن الشــارع الحــظ حــال النــاس، وعــدم إمكــان تقــديرهمــة، ــقة العظيمـ ــبع واألذرع و... إال بالمشـ ــير باإلصـ ــافة السـ مسـ فسامحهم، وجعــل لهم أمــارة غالبيــة على تحقق ثمانيــة فراســخ،ــه في وهي مسيرة يــوم تــام للمــركب العــادي. والشــاهد عليــه أنــدهما على بعض الروايات انطبق أحدهما على اآلخر، أو عطف أح اآلخر، وهو دال على أن أحدهما تفسير لآلخــر مصــداقا، ومنطبقــا

عليه.ر ــ قة سماعة قال: سألته عن المسافر في كم يقص ففي موث

.(616): في مسيرة يوم، وهي ثمانية فراسخ×الصالة؟ فقالقة أخرى له ـ ومن المحتمــل قريبــا وحــدتها مــع مــا وفي موث

: في مســيرة يــوم، وذلــك بريــدان، وهمــا ثمانيــة×ســبق ـــ قــالفراسخ.

قال: سألته عن×،وفي صحيحة أبي أيوب، عن أبي عبد الله.(617)التقصير؟ قال: في بريدين، أو بياض يوم

: يمكن أن يقال في هذا المجال، ومع قطع النظر عمــاقلت يلي: إنه ال دليل على أصالة التقدير؛ ألنه كمــا يمكن أن يكــون مــاــادي في فرضــتم صــحيحا يمكن أن يكــون المالك هــو الســير الع اليوم، ولكن بمــا أن المــراكب مختلفــة، والــركب أيضــا قــد يســير سريعا وقد يسير بطيئــا، وبعض المســافرين ال يقطعــون الطريــق



ر الشــارع ثمانيــة فراســخ أمــارة من الطلوع إلى الغروب و...، قر وقتية آنـذاك لهم، بحيث لـو علمـوا أن سـفرهم بلـغ مسـيرة يـوم

قطعا فال اعتبار باألمارة عليه. وأما الشاهد المذكور ففيه أن مــا يــدل على االنطبــاق يمكن أن يكون انطباقا وقتيا آنــذاك، ومــا يتضــمن انطبـاق أحــدهما على اآلخــر يمكن حملــه على مــا ســبق، أو حملــه على أنهمــا مالكــان مستقالن، يدل كل منهما على تحقق السفر الشــرعي، فليس في

الروايات شاهد على مدعاه. : االعتبــار بثمانيــة فراســخ دون مســيرة يــوم؛ ألنال يقــال

األول تحقيق، والثاني تقريب.ــال ــه يق : ال يســـتدل في الشـــرع على أســـاس هـــذهألن

االستحسانات، وإال يمكن أن يقال بأن السـير مقـدم في االعتبـار؛ألنه في األزمنة السابقة كان أضبط من التقدير.

إشارة إلى االحتمال الثاني بما أن هذا االحتمــال هــو المختــار عنــدنا، ويحتــاج إثباتــه إلى إبطال بعض األقوال، وإلى مقــدمات أخــر، نحيــل البحث فيــه إلى

آخر هذا المقال، فانتظر.

دليل االحتمال الثالث وهو أن المالك مسيرة يوم مطلقا، سواء كان المركب بطيئاد بكون السير أو سريعا، وبعبارة أخرى: مطلق مسيرة يوم بال تقي

والمركب والطريق عاديا. وما وجدت لهذا االحتمــال قــائال، ولكن تكــون على مضــمونه

×رواية مرسلة، نقلها الصدوق في المقنع، قال: سئل أبو عبد الله



ــبع( عن رجل أتى سوقا يتسوق بها، وهي من منزله على أربع )ســة أتاهــا في بعض يــوم، وإن ركب فراسخ، فإن هو أتاها على الداب السفن لم يأتها في يوم؟ قال: يتم الراكب الــذي يرجــع من يومــه

.(618)صوما، ويقصر صاحب السفن وبما أن مفادها مخالف لغيرها من األخبار والفتاوى فقد قالـة ـ صاحب الوسائل في مقام الجمع: ولعل وجه إتمام صاحب الداب أنه يرجع قبل الزوال، أو يخرج بعده؛ لما يأتي في الصــوم، بخالف

.(619)صاحب السفينةــة ولكن ال يخفى أنه ال شاهد لحمل مطلــق الكالم في الرواي

ده، وهذا من أوضح موارد الجمع الشرعي. على ما قي

نقد االحتمال الثالث ــه ال دليــل عليــه، إال ولكن األولى رد هذا االحتمال من جهة أنــة بهــذه رواية مرسلة سندا، ومعرض عنها عند األصــحاب، والروايــذه ــافا إلى أن ه ــرعي، مض ــلح دليال للحكم الش ــاف ال تص األوصــة على عــدم االعتبــار الرواية معارضة بالروايــات الصــحيحة، الدال

بكيفية السير، بل المالك هو السير العادي.ــاذان، عن الرضا ــل بن شـ ــححة الفضـ ــد×ففي مصـ : ...وقـ

ــرس يختلف المسير، فسير البقر إنما هو أربعة فراسخ، وسير الف عشرون فرسخا، وإنما جعل مسير يوم ثمانية فراسخ؛ ألن ثمانيــة فراسخ هو سير الجمال والقوافل، وهو الغالب على المسير، وهو

.(620)أعظم المسير الذي يسيره الجمالون والمكاريونــادق ×وفي صحيحة عبد الله بن يحيى الكاهلي أنه سمع الص

يقول: في التقصــير في الصــالة بريــد في بريــد، أربعــة وعشــرون ميال، ثم قال: كــان أبي يقـول: إن التقصـير لم يوضـع على البغلـة



.(621)السفواء والدابة الناجية، وإنما وضع على سير القطار وفي صحيحة أخرى لعبدالرحمن بن الحجاج قــال: قلت لــه ـ

ـــ: إن بيــاض اليــوم يـــختلف، يســير الرجــل خمســة×أي للصادقــوم، ويســير اآلخــر أربعــة فراســخ وخمســة عشــر فرســخا في ي

: إنه ليس إلى ذلك ينظر، أما رأيت×فراسخ في يوم؟ قال: فقال سير هذه األثقال )األميال بين مكة ومدينة(، ثم أومــأ بيــده، أربعــة

وعشرين ميال يكون ثمانية فراسخ. هذه الروايات كلها معارضة للمرسلة المذكورة، وال أقــل من

التعارض والتساقط.ــا دل على أن ــة بم ــة معارض ــذه الرواي ــرى ه ــة أخ ومن جه المسافة تقدر بثمانيــة فراســخ، وال تنهض هــذه الروايــة المرســلة

في قبال المعارضات قطعا.دليل االحتمال الرابع

من التقــدير والســير مالك مســتقل ملخص االحتمــال أن كال برأسه، ويكتفي بأحدهما في وجوب القصر. فلو سافر عاديا طول اليوم ولم يقطع ثمانية فراسخ قصر؛ ولو سافر ثمانية فراسخ فيــار المحقق ــو مخت ــول ه ــذا الق ر. وه ــ ــا قص ــوم أيض ــل من الي أق األردبيلي وصــاحب المــدارك وصــاحب الحــدائق، وإن ادعى األول

بأنهما يتطابقان ظاهرا.ــار، ويمكن تقريــره والدليل على مختارهم ظــاهر بعض األخب

بوجهين: : توجــد في األخبــار الصــحيحة طائفتــان رئيســتان:األول

إحداهما تــدل على أن المالك هــو التقــدير؛ والثانيــة تــدل على أن المالك هو مسيرة يوم أو بياض يوم، وتصير المسألة من صغريات المسألة األصولية المعروفة: »إذا تعــدد الشــرط واتحــد الجــزاء«.



وفي هــذه المســألة األصــولية تــذكر أربعــة احتمــاالت للجمــع . واألصح منها الجمــع بينمـا بــ »أو«. فمثال: في مســألة(622)بينهما

ر، إذا خفيت ــ ــان: إذا خفي األذان فقص ــد روايت ــترخص يوج ــد ال حر. وفي المقــام يجمــع بينهمــا بــأن يقــال: إذا بلغت الجدران فقصــــفر ــوم فيتحقق الس ــيرة ي ــخ أو مس ــة فراس ــافة إلى ثماني المس

.(623)الشرعيــاني : توجــد إلى جنب الطــائفتين المــذكورتين طائفــةالث

أخرى، فيها روايات صحيحة تــدل على المطلــوب، وتكــون شــاهداــد ــوب، عن أبي عب ــع بين الطــائفتين، وهي: صــحيحة أبي أي للجم

: في بريــدين أو×، قــال: ســألته عن التقصــير؟ قــال: فقــال×الله ؛ وصحيحة أخــرى ألبي بصــير قــال: قلت ألبي عبــد(624)بياض يوم

.(625): في كم يقصر الرجل؟ قال: في بياض يوم أو بريدين×الله

إشكاالت على أدلة االحتمال الرابع أما التقريب األول فإنه وإن قبلنا كــبرى البحث في األصــول، ولكن في المقــام خصوصــية ال يمكن معهــا تطــبيق تلــك الكــبرى عليه، والخصوصية هي أنه من المظنون، بــل المطمــأن، أن مالك السفر ليس إال واحـدا منهمــا، ولــذا ال بـد أن يحمــل أحــدهما على المالك، واآلخر على أمارة عليها، أو يحمل كالهمــا على األمــارتين

لشيء ثالث غيرهما. ومن تفحص الروايات تماما، ويرى ما ينطبق المعياران فيــه، ونظــر في انطباقهمــا في عصــر الشــارع غالبــا، ال يبقى لــه أدنى ترديــد في مــا قلنــا. ولنــذكر بعض مــا يــدل على أن المالك واحــد

فقط، ال اثنين:ــه ســمعه×ففي مصــححة الفضــل بن شــاذان، عن الرضا ، أن



ــك وال ــل من ذل يقول: إنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ، ال أق أكثر؛ ألن ثمانية فراسخ مسيرة يــوم للعامــة والقوافــل واألثقــال،

: وإنما جعل مسير يوم ثمانية فراسخ؛ ألن ثمانية×وفي ذيلها قال.(626)فراسخ هو سير الجمال والقوافل

ر ــ قة سماعة قال: سألته عن المسافر في كم يقص وفي موث الصــالة؟ فقــال: في مســيرة يــوم، وذلــك بريــدان، وهمــا ثمانيــة

.(627)فراسخ ، قال: سألته×وفي صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر

ــه ذهب بريــدا، عن التقصير؟ قال: في بريــد، قلت: بريــد، قــال: إن.(628)ورجع بريدا، فقد شغل يومه

فهذه الروايات وأشباهها تنادي بأعلى صــوت بعــدم اســتقالل كــل من التقــدير والســير، وأنهمــا ينطبقــان، ويشــيران إلى مالكن. فكما ال يحتمــل أحــد واحد؛ هو إما أحدهما، أو الثالث، كما سنبي أنه يمكن القول بأن أحد المالكات من البريدين أو ثمانيــة فراســخ أو أربعة وعشرين ميال يكفي في تحقق السفر، بــل يقولــون بأنهــا جميعها تدل على مالك واحد، وهو تقدير المسافة من جهــة طــول المسافة، كذلك ال ينبغي أن يحتمل استقالل مالك مســيرة اليــوم،

والتقدير، كما ال يخفى.ــه وبهذا الجواب يظهر ما في التقريب الثاني لالســتدالل؛ فإن بعد ما ذكرنا من الروايات، التي يظهر منهــا وحــدة المالكين ال بــد

ــوم على أن(629)أن يحمل ما يدل على أن الحد بريدان أو بياض يــا دال على مالك أحدهما تفسير لآلخر، أو أمارة عليه، أو أن كليهمــدل على ــو خليت ونفســها ت آخــر. نعم، كلمــة »أو« في نفســها ل الترديد أو التفريع ظــاهرا، وفي المقــام ظــاهر في التنويــع، ولكنــا على غــير بقرينة ما يوجد في الروايات المذكورة ال بد من حمله ظاهرهــا. وبعــد حمــل الروايـة على مــا ذكــر ال تكـون ظـاهرة في



ــا من ــع بين غيرهـ ــاهدا للجمـ ــير شـ ــتقالل المالكين، وال تصـ اسـالروايات.

دليل االحتمال الخامس، ونقده وهو أن المالك مجموع التقدير والسير، كما قد يقال في حدالترخص بأن المالك خفاء الجدران وعدم سماع صوت األذان معا. ولكن ال نجد بــه قــائال، وإن تعــرض لــه صــاحب الجــواهر في

عداد االحتماالت. ويمكن أن يستدل عليه بأنه بعد القول بأن المورد من مواردــع بين ــا أن الجم ــار كبروي ــزاء« نخت ــاد الج ــرط واتح ــدد الش »تع الشرطين إما أن يكون بالتصــرف في انحصــارهما أو اســتقاللهما، وبما أن التعارض يكون بين المنطوقين نرفع اليد عن اســتقاللهما،

وتصير النتيجة أن المالك هو مجموع التقدير والسير.ــدوفيه نا في محله أن مركز التعارض هو معارضة أح : قد بي

المنطوقين ومفهوم اآلخــر، وبعبــارة أخــرى: لــو لم يكن لكــل منــارض بين المنطوقين مفهوم فال تعارض أصال، ولكن اآلن وقع التع منطوق كل منهما وإطالق مفهوم اآلخر، ويجب رفع التعــارض من جهة وروده، ال من جهة أخرى، ولو كان ممكنا. وهذا مما يحكم به العرف. وفي المقام لو تعمقنــا في الكالم نفهم أن اإلشــكال نشــأ من اإلطالق المقابل لألول ]االستقالل[، ال اإلطالق المقابــل للــواوــاني، ــا، دون الث )االنحصار(، ولذا يرفع اليد عن اإلطالق األول عرفــ أن الحكم فتصير النتيجة ـ لو صرف النظر عن إشكال الصغرى ـ

في الكبرى هو الحكم باستقالل كل منهما، ال بجمعهما.ــ ليس من ــع ـ ولكن المقام ـ كما سبق في رد االحتمال الراب مصاديق الكبرى المذكورة، من جهة خصوصــية المــورد، فال نعيــد،



فراجع.

دليل االحتمال السادس وهو ادعاء انطبــاق أحــد المالكين على اآلخــر واقعــا، فــيرتفعــار صــاحب الجــواهر، ومســتظهر كالم . وهــذا هــو مخت ــنزاع كال الــأن الظــاهر من كالم األردبيلي، كمــا ســبق. بــل يمكن أن يقــال بضوا للخالف بين التقدير والســير هــو هــذا األصحاب الذين لم يتعرــان في القول، وخصوصا مع ذكر المالكين على طريق عطــف البي كلماتهم. قال في مفتاح الكرامة: في المعتبر والمدارك والذخيرة وظاهر المنتهى والتذكرة وكشف االلتباس ومجمع البرهان والدرةــه إنمــا يجب التقصــير في مســيرة يــوم، والكفاية اإلجمــاع على أن

.(630)بريدين، أربعة وعشرين ميالــه اعتقــد بــأن هــذا ويظهــر من أول كالم صــاحب الجــواهر أن المالك هــو الســير، ولكن بعــد أن يكــون الســير مختلفــا بحســبــل ــه، ب األمكنة واألزمنة والسائرين ودواب السير والجد فيه وعدم ربما حصل فيه اختالف أيضا في تقديره لو وقع بالليــل، أو الملفق منــه ومن النهــار؛ إذ لم يعلم أن المقــدار يـوم تلــك الليلـة أو يــوم آخر، قدره الشــارع بالبريــدين؛ دفعــا لهــذا االختالف، بعــد أن كانــا

.(631)متقاربين في الواقع وقال: على كل حال فهــو ]أي التقــدير[ تحقيــق في تقــريب، كنظائره. فالترديد بين بياض اليوم والبريــدين في خــبر أبي بصــير السابق ترديد في ما يسهل على المكلف اعتباره، وإال فهما شيء

.(632)واحد في نظر الشارع، ال أنهما أمران مختلفان والــدليل على االحتمــال على مــا يظهــر من كالم صــاحبــد ــا بع ــع بينه ــات، والجم ــتظهار من الرواي ــواهر ليس إال االس الج



مالحظة ما ذكره من اختالف السير، وكونه تقريبا، واآلخر تحقيقا،جعله الشارع معيارا على المسافة.

وملخص أدلة صاحب الجواهر بتوضيح منا ما يلي:ــدر1 ــافة تق ــة على أن المس ــات الدال ــاهر بعض الرواي ــ ظ ـ

بالبريــدين، وظــاهر مــا يــدل على أنهمــا شــيء واحــد، كمصــححةر عنها صاحب الجــواهر بحســنة الفضــل بن الفضل بن شاذان )عب

شاذان(.ــد،2 ـ النصوص الكثيرة الدالة على تحقق المسافة بقصد بري

لة بأنه يتم له شغل يومه بإرادته الرجوع، فيكــون بريــدا ذاهبــا معل وبريدا جائيا، حتى على ما فهمه األصحاب منها من إرادة الرجــوع ليومه، ضرورة عدم صدق شــغل اليـوم حقيقــة بالســفر إذا تخلــل بين الذهاب واإلياب الجلوس لقضاء الحاجة ونحــوه، فال بــد حينئــذ

من إرادة مقدار ذلك، وهو البريدان.ك بإجمــاع الطائفــة على أن التقصــير متحقق في3 ـــ التمســ

.(633)قطع البريدين، وإن كان في بعض اليوم

إشكاالت أدلة االحتمال السادس نحن نوافقه بأن السير تقريب والتقدير تحقيق لشــيء واحــدنهــا في زمان الشارع؛ ونوافقه أيضا بــأن ثمانيــة فراســخ أمــارة بي الشارع لمن قطع المسافة على تحقق مســيرة يــوم واحــد، ولكن ذلك بعد أن كان السير والتقدير متقاربا في الواقــع. وأمــا بعــد أن صار مقدار مسيرة يــوم بســير الوســائل النقليــة العاديــة أضــعاف ثمانية فراسخ فال نســلم أن تعــيين الشــارع جــار في هــذا الزمــان أيضـا، بـل يفهم من الروايـات والقــرائن أن تقــدير مســيرة اليـوم بالبريدين أو ثمانية فراســخ ليس إال بيــان مــا هــو مطــابق للواقــع



غالبا، وعلى تعبير صاحب الجواهر: هو تحقيق في التقريب. وعلى هذا األساس تقدير مسيرة اليوم بثمانية فراسخ أمارةــة مناســبة مــع عصــرنا ن أمــارة وقتي وقتيــة آنــذاك، وعلينــا أن نــبيطا لســير الوســائل النقليــة الغالبــة في الحاضــر، وتقــديرا متوســ

الزمان، تقديرا للسفر، وتحقيقا في تقريب. نعم لو كنا في عصر صاحب الجواهر نحكم بما حكم بــه هــو؛ إذ كانت المراكب في زمانه مشابهة للمراكب المعمولة في زمان الشارع من جهة السرعة والبطء؛ ألن مناقشــتنا في كالمــه يرجــعــانين ــثر من ثم ــع أك ــر تقط ــرنا الحاض ــراكب في عص إلى أن المــأن فرسخا في يوم واحد، فكيف يمكن أن يقال في هذا الزمــان ب

ثمانية فراسخ تحقيق في تقريب، كنظائره؟! اللهم إال أن يقال: ليس المراد من مسيرة يوم أو بياض يـوم مسيرة يوم من المراكب العادية في كل زمان بحسبه، بل المراد مسيرة يوم بسير مراكب عصر الشارع فقط، ولذا ال يتخلف سير

اإلبل والجمال و... عن ثمانية فراسخ أصال.

عود إلى االحتمال الثاني وأدلته وهو القول بأن المالك هو مسيرة يــوم أو بيــاض يــوم عــاديــة في األســفار العرفيــة ط في كــل زمــان بــالمراكب العادي متوســ

النوعية. ومال إلى هذا القول صــاحب روض الجنــان الشــهيد الثــاني،ــو ــواهر أن األصـــل في المالك هـ ــاحب الجـ ــر من كالم صـ ويظهـ المسير، وإن ألحق بكالمه ما يــدل على وحــدة المالكين في نظــر

الشارع، فراجع.



ما يستفاد من كلمات الشهيد قال الشهيد في ذكر أدلة هذا القول، الذي مال إليه، مــا يلي

ملخصا: ـ علل في خبر الفضل بن شاذان ثمانية فراسخ بأنها تكون1

ص يعلم أن مــا مســيرة يــوم للعامــة، وبمــا أن العلــة تعمم وتخصــيحقق السفر هو مسير يوم بسير األثقال.

ـ داللة النص على السير أقوى من داللته على الفراسخ؛ إذ2 ليس العتبارهــا بــاألذرع على الوجــه المــذكور نص صــريح، وربمــا

اختلفت فيه األخبار.ف ]العالمــة[ وجماعــة3 ـ أصــل تقــدير الفرســخ عنــد المصــن

يرجع إلى اليوم، وقال في التذكرة بأن المسافة تعتبر بمسير يوم.(634)لإلبل، وكذا الوضع اللغوي، وهو مد البصر من األرض

ونسب صاحب المدارك دليال آخــر إلى كالم الشــهيد، وإن لمنره في الروض وهو:

.(635)ـ إن مسيرة يوم أضبط من الفراسخ4 ، إال ــتقال ــة دليال مس ــة األربع ــد من األدل ــل واح ولكن ليس ك األول منها. أمــا الثالثـة األخــيرة فغايـة مــا يســتفاد منهـا التأييـد أو االستئناس فقط؛ فإنه لو ذكر لمســألة معيــاران مســتقالن، وكــان أحدهما أوضح أو أضــبط، فال دليــل على تقــدم األضــبط، وال دليــل

على كون األوضح أقوى داللة من اآلخر. ومــا قــد يقــال في كيفيــة تقــدير الفرســخ في األصــل )علىــاني ــبر في مع ــدم الســير؛ ألن المعت ــوجب تق ــدير صــحته( ال ي تق اللغات هو ما يفهمه العرف، ال من جعل اللغة. والعــرف إذا واجــه كلمة الفرســخ ال يفهم إال التقــدير بحســب األذرع ومــا شــابهها، ال

بحسب سير اإلبل و...



على أن ما ذكره من أصــل تقــدير الفرســخ ال يســتند إال إلى بعض الفقهاء. وكالم بعض اللغويين ال يوجب علمــا أو اطمئنانــا إذا

خالفهم الباقون، فضال عن كالم بعض الفقهاء.وما ذكر من تقدير الفرسخ بمد البصر من األرض ففيه:

ــو ثلثأوال ــر من األرض، وه ــد البص ــرف بم ــل يع : أن المي الفرسخ، قال ابن المنظــور: والميــل من األرض: قــدر منتهى مــد

والفرسخ ثالثة أميال. .(636)البصر : إن مد البصــر من األرض ال يرجــع إلى الســير أصــال؛وثانيا

ألن المقصود به إذا نظر نــاظر متعــارف إلى الطريــق ورأى راجالزهمــا أوال، حــتى إذا وصــل وراكبا يجيئان من أقصى المكان ال يتمي إلى حد يميز الراجل من الراكب فهذا الحد يسمى ميال، وهو أحــد طرق تقــدير المســافة في األزمنــة الســالفة. وبعــد االلتفــات إلىــه ال يرتبــط بالســير، وإن معنى »قــدر منتهى مــد البصــر« يعلم أن

ارتبط بالراكب والراجل. هذا، ولكن الذي يقتضيه النظــر هــو تقــديم االحتمــال الثــانيــا ــا مم على باقي االحتماالت؛ بما ذكره الشهيد الثاني أوال، وبغيره

يبدو في النظر. وهذا يحتاج إلى مقدمات.ــائل ــوم بالوس ــيرة ي ــو مس ــتدالل على أن المالك ه إن االس النقلية المتعارفة في كل زمان بحسبه يحتاج إلى تشييد مقدمات،

هي:: إن مالك تحقق السفر ليس إال شيئا واحدا.األولىــالمركب المتعــارف في زمــانالثانية : مسيرة يوم ال يقيد ب

الشارع. : إن التقدير بثمانية فراسخ يختلـف مـع مســيرة يـومالثالثة

عادي دائما في العصر الحاضر.



: إن المالك هو السير، دون التقدير بثمانية فراســخ،الرابعةمن جهة:

ـ أن التعليل المذكور في روايات التقدير بالفراسخ.1ـ إرجاع موضوع ثمانية فراسخ إلى شغل اليوم.2ـ النظر إلى كلمة جعل الترخيص في الصالة والصوم.3

تقريب االستدالل، وإثبات المقدماتالمقدمــة األولى : إن مالك تحقيــق الســفر ليس إال شــيئا

واحدا؛ هو إمــا التقــدير بالفراســخ؛ أو الســير مســيرة يــوم؛ أو مــايكون التقدير والسير عالمة عليه.

وقد حققنا هذه المقدمــة جوابــا الحتمــال الرابــع والخــامس، وقلنا: إنه من نظر إلى الروايات وانطباق مسيرة يــوم والفراســخ في بعضها، ونظر إلى القـرائن الخارجيـة الدالـة على أن المالكين ينطبقــان غالبــا في عصــر الشــارع، وأن أحــدهما تحقيــق، واآلخــر ــدا ــار ليس إال واحـ ــردد في أن المعيـ ــه أي تـ ــريب، ال يبقى لـ تقـ

.(637)منهماــة الثانية ـــد بـــالمركبالمقدم : إن مســـيرة اليـــوم ال تقي

المتعارف في زمان الشارع.د بخصوصـــية والـــدليل عليـــه أن المفـــاهيم الكليـــة ال تقيــفر ــا أن الس ــان، فكم ــان دون زم ــة في زم ــاديق المتعارف المصد بمن قطع الطريــق بالوســائل النقليــة والمــراكب الشرعي ال يقي المتداولــة في عصــر الشــارع، بــل كــل من قطــع الطريــق، ولــود مســيرة اليــوم بالسيارات المتسجدة يعــد مســافرا، كــذلك ال تقي بالسير مع الجمال والقوافل ونحوها... وهذا أصــل شــايع في كــل المفاهيم المستعملة في لسان الشارع. ولذا اشتهر بأن المفاهيم



د وال تخصص بالمورد والمصاديق، دون مصاديق أخر. الكلية ال تقي وأكثر الروايات الصحيحة الدالــة على حــد الســفر ليس فيهــاـــوب وأبي بصـــير ذكـــر »بيـــاض أي تقييـــد؛ ففي صـــحيحة أبي أي

قــة ســماعة ذكــر »مســيرة يــوم«(638)يوم« ؛ وفي(639)؛ وفي موث ؛(640)صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج: »جرت السنة ببياض يوم«

ــحيحة(641)وفي صحيحة علي بن يقطين: »مسيرة يوم« ؛ وفي صــوم أن صــدق(642)محمــد بن مســلم ذكــر »شــغل يومــه« . ومعل

ــع ــف م ــا يختل ــوم ونحوه ــيرة ي ــوم أو مس ــاض الي ــفر في بي السالمصاديق الشائعة في عصر الشارع.

ونظير هذا ما قد يقــال في النقــود المســكوكة، فــإن ضــربــود السكة يختلف بحسب كل عصر ومصر، ولكن لو حكم في النق المسكوكة الرائجة بشيء جرى في كل نقد مسكوك رائج في كل

عصر ومصر بحسبه.ــوم ــيرة ي ــات بمس ــوم في بعض الرواي ــير الي د مس نعم، يقي للقوافل واألثقال والجمــال ومــا شــابهها، ولكن يظهــر منهــا عرفــا بواسطة القرائن الداخلية والخارجية أن المقصود هو تقييد الســيرــالفرس، بالسير المتوسط، وفي قبال السير بالمركب الســريع، ك أو البطيء، كالبقر، وبما أن مصداق السير المتعارف ينطبق على سير الجمال واألثقال أشير في الروايات غالبا إلى مصداق الســيرــا المتعارف، دون عنوانه الكلي. والذي يوجب االطمئنان بمــا ذكرنــا االلتفات إلى سياق هذه الروايات، فنذكرها بأجمعها، ونعلق عليه

ما يقتضيه النظر:ــه ســمعه×ففي مصــححة الفضــل بن شــاذان، عن الرضا ، أن

ــك وال ــل من ذل يقول: إنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ، ال أق أكثر؛ ألن ثمانية فراسخ مسيرة يــوم للعامــة والقوافــل واألثقــال،



فوجب التقصير في مســيرة يــوم... وقــد يختلــف المســير؛ فســير البقر إنما هو أربعة فراسخ؛ وسير الفرس عشرون فرسخا، وإنما جعل مسير يوم ثمانية فراسخ ألن ثمانية فراسخ هو سير الجمـال والقوافــل، وهــو الغــالب على المســير، هــو أعظم المســير الــذي

.(643)يسيره الجمالون والمكاريون والبحث عن سند الرواية يأتي عن قريب، وأما من جهة متند مســيرة يــوم بســير العامــة والقوافــل الروايــة ففي صــدرها قيــة ــدير الســير بثماني ــة تق ــام كيفي ــه يكــون في مق ــال، ولكن واألثقط فراسخ، ومن المعلوم أن القوافل والجمال تسير بســير متوســده أيضا بسير العامة، في زمان الشارع. والشاهد على ذلك أنه قيد بزمــان الشــارع وال أظن أحدا يلتزم بــأن ســير العامــة أيضــا مقي مطلقا، أي يكون حــد الســفر للعصــر الحاضــر هــو مســير العامــةــع ــا م ــراكب يومن ــاوتت م ــودون في زمن الشــارع، وإن تف الموجع عليه بقوله: فــوجب مراكبهم من جهة متوسط السرعة. ولذا فر

دا بالقوافل و... التقصير في مسيرة يوم مطلقا، ال مقي هذا ما يرتبط بالصدر، وأما الذيل فــأمره أوضــح من الصــدر؛ ألن السؤال فيه يرجــع إلى أن ســير المــراكب والــدواب مختلفــة؛ فسير البقر )الذي يكون أبطأ الــدواب( أربعــة فراســخ في اليــوم؛ وسير الفـرس الـذي يكـون أسـرع الـدواب عشـرون فرسـخا في

ــه ليس إلى ذلــك ينظــر، بــل المعتــبر×اليــوم، وأجــاب اإلمــام بأن مسيرة يوم بسير الجمال والقوافل، أي الســير الغــالب. ويســتفاد من الرواية عرفا أن المــراد ليس ذكــر خصوصــية لســير الجمــال،

: إن×ولذا لو فرضنا أنه سأل سائل اليوم بعــد أن قــال المعصــوم الحد هو مسيرة يوم، فقال: يا بن رسول الله، قد يختلــف الســير؛ فالطائرة تسير في اليوم أكثر من ألف فرســخ؛ وبعض الســيارات



تسير في اليـوم خمسـين فرسـخا، فمـاذا يقـول في جوابـه؟ هـل : ليس إلى ذلــك ينظــر، بــل ينظــر إلى ســير الجمــال×يقــول

والقوافل، وهو الغالب على المسير؟! وفي صحيحة عبد الله بن يحيى الكــاهلي: ...إن التقصــير لم يوضع على البغلة السفواء والدابة الناجية، وإنمـا وضـع على سـير

.(644)القطار ،×وفي صحيحة عبد الــرحمن بن الحجــاج، عن أبي عبــد الله

: جرت الســنة×قال: قلت له: كم أدنى ما يقصر فيه الصالة؟ قال ببياض يوم، فقلت له: إن بياض يوم يختلف؛ يسير الرجــل خمســة عشر فرسخا في يوم؛ ويسير اآلخر أربعة فراسخ وخمسة فراسخ

ــه ليس إلى ذلــك ينظــر، أمــا رأيت ســير×في يوم، قال: فقال : إنــة(645)هذه األثقال )األميال( بين مكة والمدينة، ثم أومأ بيده، أربع

.(646)وعشرون ميال يكون ثمانية فراسخ والروايتــان أيضــا تــدالن على أن المالك هــو ســير المــراكب العامة، فيعبر عنه بسير القطار، أي قطار اإلبل، أو ســير األثقــال،

وإن كان×أي الجمال مع ما يحمل عليها. ومن الطريف أن اإلمام في مقام البيان والجواب عن السـؤال ال يتعــرض إلى مــا يســاوي السير من التقدير بالفراسخ في الرواية األولى، وأمـا الثانيـة فقـد ذكر في ذيلهــا أربعــة وعشــرون ميال يكــون ثمانيـة فراسـخ، ولكن الظاهر أن الذيل، وخصوصا جملة »يكــون ثمانيــة فراســخ«، ليس

أشار بيده إلى الطريق أو جهته،×من الرواية، والظاهر أن اإلمامــراوي فهم من ــال، ولكن الـ ــل واألثقـ ــار إلى بعض القوافـ أو أشـ

أنه أشار إلى المتعارف من سيرهم، وهو ثمانيــة فراســخ،×كالمهوأربعة وعشرون ميال.

ــتظهرنا ـ ــا اس ــ على م ــراوي ـ ــذيل من كالم ال ــان ال وإذا ك



فليســت الروايــة الثانيــة مشــتملة على الفراســخ أيضــا، وإشــارة من هــذه اإلشــارة التنبيــه×اإلمام تكون من فعله، ولعل مقصوده

إلى أن المعيار هو السير مع المراكب العادية المنطبقــة في ذلــكالزمان على األثقال.

: إن ثمانيــة فراســخ يختلــف عن مســيرةالمقدمـة الثالثةــة أن يوم عادي دائما في العصر الحاضر، بعد إثبات المقدمة الثاني المراد من مسيرة اليوم هو مسيرة اليوم في السفر في كل يــوم بحسبها، فال إشــكال وال ترديــد بـاختالف مســيرة اليــوم في عصــر السيارات والطائرات عن ثمانية فراسخ؛ فإنه لو فرضنا سير أقــلــام القصــيرة، فيقطــع ال أقــل من النقليات، وفرضنا اليــوم من األي مئة فرسخ في اليوم، وهذا يكون أكثر من ثمانية فراسخ بأضعاف

مضاعفة.ــالتخيير، أو الجمــع بين ع على ذلك أنه ال يمكن القول ب ويتفر المالكين؛ ألن أحدهما يحصل دائمــا قبــل اآلخــر، وال معــنى للقــول باستقالل المالكين في تحقق السفر، أو لزوم تحققهما في تحققه

في صورة حصول أحدهما قبل اآلخر غالبا، بل دائما.ــق في ع أيضا عليها بأنه لو قلنا بأن ثمانية فراسخ تحقي ويتفرــر ــه في العص ــول ب ــوم ال يمكن أن نق ــيرة الي ــير مس ــريب س تق الحاضر؛ ألن تحقيق مســيرة اليــوم في الحــال يبلــغ إلى أكــثر منــة في مئة فرسخ؛ ولو قلنا بــأن ثمانيــة فراســخ تكــون أمــارة وقتيــزمن ــه في الـ ــول بـ ــر على المكلفين ال يمكن القـ ــهيل األمـ تسـ

الحاضر.ــة الرابعة ــديرالمقدم ــير، دون التق ــو المس : إن المالك ه

بثمانية فراسخ. وهذه المقدمة مقدمة أساسية إلثبـات المطلــوب.ــا ــا ال يبقى أي شــك في صــحة م ــال، بم ــا المق ــذا نبســط فيه ول



اخترناه، فنقول: الذي يستفاد منه صحة هذه المقدمة أمور ثالثة:

أولها: ذكر السير علة لثمانية فراسخــه ينطبــق مســير اليــوم على ثمانيــة فراســخ في قد ذكرنا أن زمان الشارع غالبا، ولذا قد يذكر في تعــيين الحــد ثمانيــة فراســخ فقط، أو بريــدان، أو بريــد ذاهبــا وجائيــا، ومــا شــابهها. وفي بعض الروايات يسأل عن علة جعـل الحــد ثمانيـة فراســخ فيجــاب بأنهــاــة في جعلهــا ثمانيــة فراســخ هــو تنطبق على مســير اليــوم، فالعل كونها مطابقة لمسير اليوم. وبما أن العلة تعمم وتخصص موضوعــوم، دون الفراســخ ــو مســير الي ــة يعلم أن المالك ه الحكم حقيق

الثمانية.ــل ــه نق ــل الشــرائع ومن ال يحضــره الفقي ــون وعل ففي العي الصدوق رواية مفصلة، تعرف بروايــة العلــل، عن عبــد الواحــد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطــار، عن أبي الحســن علي بن

ــاذان، عن الرضا :×محمد بن قتيبة النيسابوري، عن الفضل بن ش فإن قال ]قائـل[: فلم وجب التقصـير في ثمانيـة فراسـخ، ال أقـل من ذلك وال أكثر؟ قيــل: ألن ثمانيــة فراســخ مســيرة يــوم للعامــة والقوافل واألثقال، فوجب التقصــير في مســيرة يــوم. فــإن قــال:ــه لــو لم يجب في فلم وجب التقصير في مســيرة يــوم؟ قيــل: ألن

.(647)مسيرة يوم لما وجب في مسيرة ألف سنة...ــف فيهــا عنــد األعالم، من جهــة صــحة وبما أن الروايــة مختل

السند والداللة، فلنبحث عنها في كال الجهتين.أما السند فوقع فيه ثالثة من النيسابوريين:

ــاءأحــدهم ــحابنا الفقه ــو من أص ــاذان. وه ــل بن ش : الفض والمتكلمين،وقدره أشهر من أن يوصف، كما قال النجاشــي، ولــه



ف مئــة وثمــانين كتابــا، وقــال ــه صــن كتب متعددة. قال الكشي: إنفات . ولــو(648)الشيخ: هو فقيه متكلم جليل القدر، له كتب ومصــن

ــالنظر في أردت أن تعرف مكانته العلمية وفهمه الراقي فعليــك ب ما نقله الكليني في باب الفــرق »بين من طلــق على غــير الســنة وبين المطلقة إذا خرجت وهي في عدتها أو أخرجهــا زوجهــا« منـوب بن نـوح وعلي بن أجوبة أجــاب بهـا بعض األصـحاب، منهم: أي

، وقس جــواب الفضــل بــأجوبتهم؛(649)راشد والفضــل بن شــاذان فإنه في ذلك الزمان طرح مسألة الفــرق بين بــاب اجتمــاع األمــر والنهي، وباب النهي عن الشيء يقتضي الفســاد، وهــذا يــدل على

دقته وعلمه.ــه ال ينقــل عن الرضا ، وعــده الشــيخ من×ولكن قد يقــال: إن

أصحاب الهــادي والعســكري، وأبــوه شــاذان بن الخليــل نقــل عن ، وحيث خص النجاشــي والــده بالنقــل×، ونقل عن الرضا×الجواد

عنهما يفهم منه عدم نقله عنهما.ــه ال إشــكال في نقلــه عن الرضا . والــدليل×ولكن الظاهر أن

؛ ومن×عليه أن الصدوق نقل عنه روايات كثــيرة نقلهــا عن الرضا أيضــا، وال×جهــة أخــرى فــإن والــده روى عن أبي الحســن األول

ــد الكــاظم )الرضا ــده عن ول (. ويمكن×إشــكال إذن في نقــل ول ‘الجمع بين ما ذكره الشيخ من أنه من أصحاب الهادي والعسكري

بأن يقال: بما أن مدة إقامــة األئمــة األخــر×وبين نقله عن الرضا ليست طويلة فإذا فرضنا أن الفضــل عمــر ســبعين ونيفــا فلــه أن

في أواخــر× في الشباب، واإلمام العســكري×يدرك اإلمام الرضاالعمر.

: علي بن محمــد بن قتيبــة النيســابوري. وهــو راويــةثانيهم كتب الفضل، وصاحبه، وله كتب، كما قال النجاشي. وقال الشيخ:



ــحة ــة بص ــل. وحكم العالم ــاذان، فاض ــل بن ش ــذ الفض ــو تلمي هــروفين في(650)روايته ــات المعـ ــل من الثقـ ــاهر أن الرجـ . والظـ

ــه نقــل عنــه مــرارا في توثيــق قه، ولكن عصره؛ ألن الكشي لم يوث . ومن جهــة أخــرى هــو صــاحب كتــاب، وكــل من كــان(651)الرواة

صــاحب كتــاب، وخصوصــا في ذلــك الــوقت، فقــد كــان مشــهورا،وحيث لم يصل إلينا قدح فيه تنكشف وثاقة الراوي.

: الواسطة بين الصــدوق وعلي بن محمــد بن قتيبــة،ثالثهم وهو عبد الواحد محمد بن عبدوس النيســابوري. وهــو من مشــايخ اإلجازة له، وترضى عليه كثـيرا، ونقــل عنـه روايـات عديـدة، وفيــة من الروايتين أصل برأسه. فرواي كتب مختلفة، وخصوصا أن كال علل الشرايع تبلغ ثالثين صــفحة، وروايــة محض اإلســالم وشــرائع

الدين تكون خمس صفحات.ــره ــا ذك ــات م ــان من الثق ــل ك ــهد على أن الرج ــا يش وممــدين، فــإن ــه محض اإلســالم وشــرائع ال ــل روايت الصــدوق في ذي الصدوق ذكر في العيون، بعد أن روى هذه الروايــة بطريــق آخــر،ــد الواحــد بن محمــد بن مــع اختالف، مــا هــذا نصــه: وحــديث عب

عبدوس عندي أصح، وال قوة إال بالله. وظــاهر كالمــه أن الســند اآلخــر صــحيح عنــده، وروايــة عبــد الواحد أصح. وهذا يدل على توثيقه من جانبه. قال السيد الخوئي: كالم الصدوق ال يدل على توثيق عبد الواحد، وال على حسنه؛ فإنــه يــدل على حجيتــه عنــده؛ ألصــالة تصحيح الصدوق خبره غايته أن العدالة الــتي يبــني عليهــا غــير واحــد، وأمــا التوثيــق أو المــدح فال

.(652)يستفاد من كالمهــة فهي أقول: إن قول الصدوق لو كان من جهة أصالة العدال تجري في حق من وقع في الطريق اآلخــر بعينــه، فــإن من ذكــره



ــبر بن علي بن ــد؛ وقن ــزة بن محم ــر، وهم: حم ــق اآلخ في الطري شاذان؛ وأبيه؛ لم يضعفوا من جانب أحــد من األعالم، فتجــري فيــة أيضــا. هــذا يكشــف عن أن حكم الصــدوق حقهم أصــالة العدال

بترجيح رواية عبد الواحد ال تستند إلى أصالة العدالة.ــه اجتهــاد نعم، يمكن أن يقال: إن ظــاهر كالمــه يــدل على أن منه، ال شهادة؛ ألنه قال: رواية عبد الواحــد أصــح عنــدي، ومعلــوم

أن اجتهاد الصدوق ليس حجة لنا. ومن جهــة أخــرى يمكن أن يكــون كالمــه نــاظرا إلى متنــد الواحــد الرواية، ال سندها؛ ألنه قيل: إن الحكم بأصحية رواية عب

تذكر في مواضع الخالف بين المتنين. ولكن مع مالحظــة مجمــوع مــا ذكــر ال يبعــد الحكم بتوثيقــه.دين في الحكم بتوثيقــه، مــع مــا ذكرنــاه من القــرائن. ولسنا متفرــة في قــه العالم ــز، فممن وث فمن حكم بوثاقــة الرجــل ليس بعزي التحرير، والشهيد، والمامقاني في تنقيح المقال، ويظهــر من كالمــاني حكم ــي الث ــه، والمجلس ــل إلى توثيق ــدارك المي ــاحب الم ص

ر صاحب الجواهر عن الرواية بحسنة الفضــل بن(653)بحسنه ، وعبر عنها صاحب الرياض بأنها روايــة ســندها قــريب(654)شاذان ، وعب

ــاري(655)من الصحيح ، وقال صاحب جامع المدارك أحمد الخوانس ، وقال الرجالي المعاصـر موســى الزنجــاني(656)بأن سندها معتبر

.(657)أيضا بصحة السند واعتباره وأما فقه الحديث فما أجاب به اإلمــام ظــاهر في بيــان علــة الحكم، وهذا مــا يقتضــيه الســؤال بـــ »لم«، والجــواب بـــ »ألن«. ونظيره: لو سأل المريض الطبيب: لم تمنعني عن أكــل الرمــان؟ فأجابه: ألنه حامض. وظهور العلة أقوى من ظهور الموضوع، ولذاــد عن ــع الي ــة، وترف ــدم العل ــل تق ــالمفهوم، ب ــة ب ص العل ال تخصــ



ر في تعــارض مفهــوم آيــة المفهوم، عند التعارض معه، كما قد قر النبأ والتعليل المــذكور في انتهــاء اآليــة، فراجــع مــا ذكــره الشــيخ

.(658)األعظم في المقام نعم، قد يذكر هذا السياق وال يراد منه إال بيان حكمة الحكم،ــه ال يـدور مــدار حكمتـه. ال علتـه. والحكم يـدور مــدار علتــه، ولكن

ــهأوالولكن بعد قبول بيان الحكمــة في بعض المــوارد نقــول: : إنــدل على أن ــة ت ر ظهور الكالم إذا لم يحتف بقرين ليس بمقدار يغي

ما يذكر في الجواب ال يمكن أن يكون علة. وثانيا : في المقام قرائن تدل على أن الجــواب ال يصــلح إال

للتعليل؛ فــإن اإلمــام بعــد هــذا البيــان قــال: فــوجب التقصــير فيــوم تكــون موضــوعا للحكم ــوم أن مســيرة ي ــوم، ومعل مســيرة ير ــام غي ــر: إن اإلم ــير آخ ــواب، وبتعب ع على الج ــر ــير المتف بالتقص موضوع الحكم من ثمانية فراسخ إلى مسيرة يوم، وكأنه يريــد أن يقول بأنه لــو قـدر حــد اليـوم بثمانيــة فراســخ فليس إال ألنهــا هيــة. مصداق مسيرة يوم في الزمان مع المراكب العادية. هذه قرينع على هــذا والقرينة األخرى هي أن كيفية فــرض الســؤال المتفــر الجــواب تشــعر بــأن المخــاطب ينبغي لــه أن يفهم أن الموضــوع لوجوب التقصير هو مسيرة يوم، ولــذا ســأل: فلم وجب التقصــيرـه حكمــة في مســيرة يـوم؟ وأجـاب اإلمــام بجــواب يظهــر منـه أن

الحكم، ال علته، ولذا نتعرض له فيما بعد.ــوفإن قيل ــراوي فــرض في أول الكالم أن الحــد ه : إن ال

ا في أن الحــد هــو ثمانية فراسخ، ال أقل وال أكثر، وهذا يكــون نصــ الثمانية، دون أي شيء آخر، وكل مــا ذكــرتم لــو ســلم يكــون من

الظاهر الذي ال يقاوم النص.ــافيأوال: قيل له : لو حمل الحد على األمارة الوقتية فال ين



ــوع الكلي نصوصية الصدر في ثمانية فراسخ، وال ينافي أن الموض للحكم واقعا هــو مســيرة اليــوم، وإن انطبقت آنــذاك على ثمانيــة فراسخ. ونحن ـ كما سيجيء ـ نحمل الصدر على األمــارة الوقتيــة

على تحقق مسيرة يوم. ــه بعــد أن كــان مســيروثانيا : يمكن أن يفرض في الصدر أن

اليوم يختلف بحسب المراكب المختلفة فكيف يكون أمارة ثابتــة؟ وهذا ما سأله بعض السائلين في الروايات األخــر، فأجــاب اإلمــام بأن المالك ليس مطلق مســيرة يــوم من أي مــركب وراكب، بــل مسيرة يوم للعامــة الــتي تغلب على المســير. وفي ذيــل الروايــة

ــو×قال : إنما جعل مسير يوم ثمانية فراسخ؛ ألن ثمانية فراسخ هسير الجمال والقوافل، وهو الغالب على المسير.

ومعلوم لمن تعمــق في الســياق، ونظـر في ذيـل الكالم، أن علة تعيينه في ثمانية فراسخ هـو أن ثمانيـة فراســخ مســيرة يـومدا لمــا فهم للغالب. وهذا ـ لو لم يكن في نفسه دليال ــ يصـلح مؤي

من الصدر.

الثاني: إرجاع ثمانية فراسخ إلى شغل اليوم من األدلة القوية التي دلت على أن األصل هــو مســيرة يــوم

قة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر ، قال: ســألته×ما ذكر في موثــه ذهب بريــدا، عن التقصير؟ قال: في بريد، قلت: بريد؟! قــال: إن

.(659)ورجع بريدا، فقد شغل يومهق ال بأس به. والسند موث

، ولذا×والمتن يظهر منه أن الراوي تعجب من جواب اإلمامر كالمه، ولكن اإلمام يوضح له بأنه ليس مراده بريدا فقط، بل كر بريد ذاهبا، وبريد جائيا، وإذا سافر بهذا الحــد يحقق مالك الســفر،



قــال: من ذهب بريــدا، وجــاء×وهو شغل اليوم في السفر. وكأنهــه التقصــير، بريدا، فقد شغل يومه، وكل من شغل يومه يجب علي

فيجب على هذا التقصير.ــان، بــلال يقال ــه ليس من هــذه الجهــة في مقــام البي : إن

المقصود من الرواية ليس إال بيــان أن المــراد ليس بريــدا واحــدا،بل بريدان.

: لو كان هذا مرادا ينبغي لــه أن يقــول: لــو ذهبألنه يقالــه بريدا، ورجع بريدا، فقد سافر بريدين أو ثمانية فراســخ، وبمــا أنر التعبير إلى شغل اليوم يفهم منه أن للشغل تمــام خصوصــيته غيــو المالك ــه ه في تطبيق الصغرى، وهذه الخصوصية ال تكون إال أن

األصلي. وشغل اليوم يكون عبارة أخــرى عن مســيرة يــوم، أو بيــاض

يوم. وقد أورد السيد البروجردي في المقام كالما يشبه مــا قلنــاه

&في الرواية، وإن لم يكن من جهة مرادنا في مقـام البيـان. قـال صغرى لكبرى مطوية من ســنخها،×بعد نقل الرواية: إن ما ذكره

ــل فكأنه قال: إذا ذهب بريدا، ورجع بريدا، شغل السفر يومــه، وك من شغل السفر يومه قصر، فيعلم بذلك أن موضــوع القصــر في

.(660)المقام هو شغل السفر ليوم المسافر، وهو المطلوب

ــوم ــترخيص في الص ــل ال ــة جع ــالث: النظــر إلى حكم الثوالصالة

إن الحكم وإن لم يكن دائرا مدار الحكمة، ولكن ال يمكن أن يخلو من حكمة جعله بالمرة، والنظر إلى حكمــة جعــل الــترخيص

يرشد إلى أن قول المشهور في تعيين الحد غير سليم.



ففي القرآن ليس من داللــة على تقصــير الصــالة للمســافر، بل اآلية دلت على لزوم التقصير عند الخوف من فتنــة الكــافرين،

ربتم في األرض﴿وإيــذائهم في الحــرب، قــال تعــالى: وإذا ضــالة إن خفتم أن فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصــ ﴾يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا

(.101)النساء: ــانت ذات وقال السيد الطباطبائي في تفسيره: الفتنة وإن ك معان كثــيرة مختلفــة، لكن المعهــود من إطالقهــا في القــرآن فيــرب أو ــل أو ض ــذيب، من قت ــركين التع ــار والمش ــوص الكف خصد ذلــك. فــالمعنى: إن خفتم أن نحوهمــا. وقــرائن الكالم أيضــا تؤي يعذبوكم بالحملة والقتل. والجملة قيــد لقولـه: )فال جنـاح عليكم(، وتفيد أن بدء تشريع القصر في الصالة إنما كان عند خوف الفتنة، وال ينافي ذلك أن يعم التشريع ثانيا جميع صور الســفر الشــرعي،نت ن قسما منه، والســنة بي وإن لم يجامع الخوف؛ فإنما الكتاب بي

.(661)شموله لجميع الصور، كما سيأتي في الروايات ومن نظر إلى اآليات الثالثة التي تلي هذه اآلية المبينة كيفية صالة الخوف يجزم بما نقلناه عن الســيد الطباطبــائي، ويفهم من بدء تشــريع القصــر أن مالكــه هــو الخــوف وتعب الــروح والنفس، ولكن ألحــق الســفر بــالخوف من جهــة أن الســفر مــوجب لتعب الجسم غالبا؛ كــأن األصـل عنـد اللـه هـو تعب خــاص بكال الجســم والروح؛ أو ألحدهما. وقد ذكــر الخــوف في اآليــة، وهــو راجــع إلى

خوف البدن، وهو تعبه تعبا نوعيا، بخوف|النفس، فألحق الرسول.(662)الروح

د ما ذكر هو بيان حكمة اإلفطــار في الســفر، قــال والذي يؤين أيام﴿تعــالى: فر فعــدة م ومن كــان مريضــا أو على ســ



ر ر وال يريــد بكم العســ )البقــرة:﴾أخر يريد الله بكم اليســ185.)

ــافر ــار للمسـ ــة اإلفطـ ــوح أن حكمـ ــة بوضـ ويفهم من اآليـر الصــوم منهمــا،وبمــا أن والمــريض في شــهر رمضــان هي تعســ التقصير واإلفطار متالزمان، إال في موارد خاصة، يعلم أن الحكمة في ترخيص هذين المتالزمين إرادة اليسر عليهما في موارد يوجدر نــوعي في الســفر، وهــو الســفر في مســيرة يــوم أو غالبا تعســ

أكثر.ــأن الســفر المــوجب ــات أيضــا ب ويســتأنس من بعض الرواي للقصر هو السفر الشديد، أي ذو التعب على صاحبه. ففي معتبرة

ــه قــال ألبي عبــد الله : إن أهــل مكــة يتمــون×معاوية بن عمــار أن الصالة بعرفات؟ فقال: ويلهم، أو ويحهم، وأي سـفر أشـد منـه، ال

.(663)تتم .(664)هذه الرواية تنقــل في الكتب األربعــة بأســانيد صــحيحة

ونقلها المفيد في المقنعة مرســال، ولكن مــا نقلــه المفيــد يختلــف : ويل لهؤالء الذين يتمون الصالة بعرفــات، أمــا×بيسير، قال: قال

: وأي سفر أشد منه؟!×يخافون الله؟ فقيل له: فهو سفر؟! فقال(665) .

ــون هذا ما يستفاد من الروايات، ومع انضمام ذيل رواية العي والعلل ال يبقى تردد في أن حكمة جعل الــترخيص للمســافر ليس

إال تعبه بسبب طي الطريق. ففي ذيل مــا نقلنــا صــدره من مصــححة الفضــل بن شــاذانــه لــو جاء: فإن قال: فلم وجب التقصير في مسيرة يوم؟ قيل: ألن لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة ألــف ســنة؛ وذلــكــو لم يجب في ألن كل يوم بعد هذا اليوم فإنما هو نظير اليوم، فل



هــذا اليــوم فمــا وجب في نظــيره، إذا كــان نظــيره مثلــه ال فــرق.(666)بينهما

ــه بمــا أن المســافرين والمراد منــه ـــ واللــه العــالم ـــ هــو أن ينامون في الليل غالبا، ويستريحون، فكأن تعب سير اليــوم يــزولــذي عند استراحة الليل، ولذا يصير اليوم التالي كاليوم الحاضر، الــه من التعب، بدأ المسافر سفره فيه من جهة مقدار ما يعرض فيــوم الحاضــر ال يجب في ــوجب القصــر في مســيرة الي ــإذا لم ي ف مسيرة اليوم التالي، وال بمجموعها؛ ألن مــا يعــرض للمســافر من

التعب ال يزيد كثيرا بعد استراحة الليل.ــد ــه يري ــفر، وعلم أن الل ــر في الس ــة القص ــإذا فهم حكم ف بالمؤمنين اليســر، وال يريــد بهم العســر، ولــذا حكم بالتقصــير فيــال سفر يكون له تعب نوعي لعامة المسافرين، فهل يمكن أن يق بأن األسفار العادية في عصرنا الحاضــر، في بريــد ذاهبــا، وجائيــا، تتناسب مع حكمــة الجعــل؟ فــاآلن، في عاصــمتنا طهــران، يعمــل آالف من العمال، ويتعلم في الجامعات آالف من الطالب، والحال أن مساكنهم تكون في بلدة كرج، وبعدها عن طهران يكــون أكــثرــرج من بريد. فلو سألنا أكثرهم: هل تحسون تعبا في السير من ك إلى طهران، والرجـوع منهــا إليهـا، في كـل يـوم؟ يقولــون: ال، والــل إشكال؛ ألن ما يسافرون في اليوم ليس من جهة الزمان إال أق

من ساعة واحدة. فإذا احتملنا أن المالك إمــا ثمانيــة فراســخ مطلقــا وفي كــل زمان؛ أو مسيرة يوم عادي بحسب كل عصر، ونظرنـا إلى حكمــة جعل الترخيص، ومناسبات الحكم والموضوع والحكمة، نحكم بــأن

ما يناسب الحكمة ليس إال مسيرة يوم، ال ثمانية فراسخ. ، السـنة السابعة، ربيع27 ـ 26ـ العـددان االجتهاد والتجديد428



وهــذه األدلــة وإن لم يكن كــل واحــد منهــا أو بعضــها يــوجب االطمئنان، ولكن مالحظة مجموع ما ذكر يثبت المطلوب إن شــاء

الله. وبعد ثبات مسيرة يــوم ال يســتفاد من الروايــات الدالــة على أن الحـد ثمانيـة فراسـخ أكـثر من أنهـا أمـارة وقتيـة على حسـب متوسط السير العادي في اليــوم، يرشــد إليــه الشــارع، أو يجعلــه لهم تسهيال للمكلفين؛ فــإن بعض المســافرين ال يبــدأون ســفرهم من أول اليوم، أو يستريحون في األثناء أكثر ممــا يكــون متعارفــا، أو يسيرون مــع الســفن البطيئــة جــدا، أو مــع المــراكب الســريعة

الناجية.ــه ال اعتبــار بســفرهم مســيرة يــوم في ويفهم ممــا ســبق أنــوم شــرعا، ــدير المعل ــوا إلى التق تحقق القصــر، فعليهم أن يرجع

موافقا لمتوسط سير من سافر مع المراكب العادية. نعم يبقى في المقام نكتة هي التحقيق في القيــود المعتــبرة في السير المتعارف من جهة المركب والمســير واليــوم وغيرهــا،

وتعيين مقداره بحسب الفراسخ والكيلومتر في اليوم الحاضر.القيود المعتبرة في تقدير مسيرة يوم

لو قلنا بـأن المالك هـو مســيرة يـوم متعــارف لسـير العامـة يجب أن نبحث عن قيود تحققها، بحيث لو سافر أحــد، ولكن ليس في ســفره قيــود الســير المتعــارف أو بعضــها، رجــع إلى الســفر

المعيار في تحقق السفر الشرعي. ومن الواضح أن اختالف الســير في اليــوم يرجــع إلى أمــور،ــة منها: نوع المركب؛ وكيفية المكان؛ وطول اليــوم؛ وســرعة الداب

أو بطئها. ، الســـنة الســابعة، ربيــع وصــيف27 ـ 26ـ العـــددان االجتهــاد والتجديد

429هـ1434م ـ 2013


ونعرض للمسألة بنــاء على أن مســيرة اليــوم مالك مســتقلعلى تحقق السفر.

قال الشــهيد: فـإن مســيرة يــوم كافيــة في األرض المعتدلــة.(667)والسفر المعتدل

وقــال الشــهيد الثــاني: قــد علم من ذلــك )خــبر الفضــل بن شاذان( أن المسـافة مســير يـوم بســير األثقـال، ولمـا كـان ذلـكط في يختلف باختالف األرض واألزمنــة والســير حمــل على الوســ

.(668)الثالثة وقال صاحب المدارك، بعد نقــل كالم الشــهيد المــذكور: هــوـا عـدم د بالنسبة إلى الوقت والمسير، أما المكان فيحتمـل قوي جي اعتبار ذلــك فيــه؛ إلطالق النص، وإن اختلفت كميــة المســافة في

.(669)السهولة والحزونة وقال صاحب الحدائق، جوابا عمـا اختـاره صـاحب المـدارك: ما ذكره من االحتمال إلطالق النص، مــع اعترافــه بــاختالف كميــة المسافة في الســهولة والحزونــة، يجــري في الــوقت أيضــا؛ فــإن النصوص مطلقة شاملة بإطالقها لجميــع األوقــات، فقصــير النهــار وطويله مما تختلف به الكمية أيضا، فال وجــه لتســليمه لهمــا ذلــك في الوقت، ومناقشته في المكان. وبالجملة فغاية ما يســتفاد من النصوص هو اعتدال السير، كما عرفت، وما عداه فال؛ فـإن حمـلــان إطالق النصوص على الحد األوسط بين طرفي الزيادة والنقصــادة ــف بالزي ــا ال يختل ــابطا كلي ــون ض ــط؛ ليك ــراط والتفري واإلفــرد ــك في ف ــنى لتســليم ذل ــع، وإال فال مع والنقصــان، ففي الجمي

.(670)والمناقشة في اآلخرــاني ــار الشــهيد الث ــا يشــبه مخت ــال صــاحب الجــواهر بم وق وصاحب الحدائق، إال أنه صــرح بــأن المــركب المعتــبر هــو اإلبــل،



قــال: إن المــراد ]من الســير[ الســير العــام لإلبــل؛ لخــبر البجلي في حسنة الكاهلي: كــان أبي يقــول: لم×السابق، وقول الصادق

يوضع التقصير على البغلة السفواء والدابة الناجية...الحديث. وإنــار ــنى اعتب ــان، بمع ــير والمك ــوقت والس ــدال من ال ــراد االعت الم الوسط من الثالثة، كما صرح به بعضهم، وإن ناقش في المــداركــه إلطالق النص فيــه، مــع عــدم في ذلك بالنسبة إلى األخــير، ولعلــة الســير في ــك، بخالف األولين؛ لغلب ــده في ذل ــداعي إلى تقيي ال

.(671) الليل، وعدم التواني والجد في السفر، وهو كما ترى! أقول: هـذه كلمـات األعالم في المقـام. وعنـد االلتفـات إلى

الروايات يستفاد منها نكتتان: : ليس في الروايات قيد من جهة كيفية اليــوم أو الســيرأوال

ح في بعضها بالدابة المعتــادة، حيث إنهــا لم أو المكان، ولكن يصر تكن بغلة ســفواء، أو دابــة ناجيــة، أو بقــرا، أو فرســا، بــل هي مــا استخدمه القوافل والجمال أو ما شابهها، مما يكون مركبا للعامــةد صاحب الجواهر كالمه به، وقال: ولغالب المسافرين. وهذا ما قي المراد به السير العام لإلبل. ولكن بعــد مــا اخترنــاه في مــا ســبق نقول: إن المراد بما يــذكر هــو اعتبــار مــا يغلب على المســير فيــل ــق في عصــر الشــارع على اإلب به، وإن انطب ــان بحســ ــل زم ك والجمــال. ففي زماننــا هــذا يكــون مصــداقه الباصــات المتعارفــة، ويمكن أن يصـــير مصـــداقه فيمـــا بعـــد الطـــائرات و...؛ حيث إن الطائرات تستعمل في األسفار إال أنها ليست وســيلة نقــل لعامــة الناس، بل األغلب، وفي أغلب األســفار، يســتفيدون من الباصــات

والسيارات. ــا ــل و...(وثاني ـام الســنة والســير )من اإلب ـ : إن اختالف أي

والمكان أوجب اختالف مــا يقطــع في اليــوم، ولكن في الروايــات



التي تعرض لتقدير مسيرة يوم ال يتعرض لهذا، ويذكر في الجميــعمقدار ثابت، وهو ثمانية فراسخ، أو بريدان.

ــارة شــرعية على تحقق المالك ونفهم من ذلك عند جعله أمن منهــا، وليس هــو أنه يلحظ من الوقت والسير والمكان حــد معي إال المعتدل في جميعها؛ إذ لو كــان الملحــوظ إطالق اليــوم فيجب أن يقدر المسافة مثال بســبعة فراســخ، حــتى تســعة فراســخ؛ ألن اختالف األيام في الصيف والشتاء ليس مما يغمض عنه، بل األيام

الطويلة تكون أكثر من القصيرة بربع أو ثلث. وعليــه لــو جعــل اليــوم أمــارة على تحقق الســفر الشــرعيــدل، وفي ــوم المعت ــة، في الي فليس إال الســفر بالســيارات العادي

مكان معتدل، وبسرعة معتدلة. ولكن هذا إذا لم يعلم المسافر مقدار سيره بحسب الزمان،ــه ســافر مســيرة يــوم بحســب الزمــان، فال معــنى وأما إذا علم أن

للرجوع إلى األمارة الوقتية لتعيينه، بعد أن علمها بنفسه. وفي هذه الحالة لو كــان ســفره بــالمراكب العاديــة والســير المعتدل والمكان المعتدل قصر الصالة إذا سافر مسيرة يوم، ولوــال كان يومه أقصر األيام؛ ألن مسيرة يوم للعامة والقوافل واالثق منصرفة إلى اعتدال السير والمكان، وخصوصـا مــع االلتفــات إلىـام ــ ــراف إلى األي ــا أي انصـ مكـــان بيـــان الحكم، ولكن ليس فيهـد بزمــان دون المعتدلة، بل تشمل جميع األيام؛ ألن األســفار ال تقي زمان. وعليه لو سافر مسيرة يــوم أو بيــاض يــوم فلــو فرضــنا أن مسيرة اليوم مع اعتدال السير والمكان والســيارة تصــير ثمانمئــةـــام القصـــيرة ال تبلـــغ أكـــثر من ســـتمئة كيلومـــتر، ولكن في األي كيلومتر، يجب التقصير لمن علم كون سفره مسيرة يوم في هذا

المقدار أيضا.



ويبقى الســؤال عن مســألة أخــرى، وهي: إن المــراد بــاليوم يوم تام، من أول الفجر إلى المغرب، أو أن المراد ما بين انتشــار الضياء إلى انكسار سورته بانحدار الشمس إلى الغــروب، أو أقــل

من ذلك، من الصباح إلى الزوال مثال؟رون عنــه بمســيرة ظاهر عبارات القــوم هــو األول؛ حيث يعبح صاحب الحدائق به، حيث قال: المراد باليوم على يوم تام. وصر

.(672)ما ذكره األصحاب يوم الصومح أيضا به صاحب الجــواهر، واســتدل عليــه بــأن ظــاهر وصر بعض األخبار يدل على أن الحد »بياض يوم«، وبياض اليوم يطلــقــه ال يخفى ميلــه إلى االحتمــال على ما بين الفجر والمغــرب. ولكن الثاني لوال هذه األخبار، حيث قال: ولوال ذلــك ]أخبــار بيــاض يــوم[ ألمكن إرادة مــا بين انتشــار الضــياء إلى انكســار ســورته بانحــدار الشمس إلى الغروب من اليوم، مــع اسـتثناء القيلولــة في القبض

.(673)وغيرها، مما ال يقدح في صدق السير يوما عرفان خصوصية أقول: إن الروايات الدالة على مسيرة يوم ال تعي اليوم، ولذا يحمل على ما يتعــارف من الســير طــول اليــوم. ومن المعلــوم أن شــغل اليــوم والســير في مســيرة يــوم وبيــاض يــوم يصــدق على من ســافر من الطلــوع إلى غــروب الشــمس عرفــا. وإطالق بيــاض اليــوم على طــول اليــوم من الفجــر إلى المغــرب حقيقة، وعلى غيره مما يكون أقصر مجــازا. وانصــرافه إلى األول

عند اإلطالق غير معلوم.ــرض ــام، وإن من تع ــالة التم ــل في الص ــا أن األص ولكن بم للمسألة أفــتى صــريحا أو ضــمنا بــأن المقصــود هــو يــوم الصــوم، فاألحوط إن لم يكن أقوى احتساب يوم تام، كيوم الصوم، العتبار

تحقق السفر الشرعي.



نعم، ال يلزم أن يكــون المســافر من حين طلــوع الفجــر إلى المغرب في حال الحركـة، بـل يغتفــر مـا يصـرف عرفـا في أثنـاء اليوم لقضاء الحاجة وأداء الفريضة وأكل الطعام و...؛ ضرورة أن المســافرين خصوصــا في زمن الشــارع يقفــون عنــد الحاجــة إلى

األمور المذكورة. وإلى هنا تم ما أردت إيراده في تعيين الحد للسفر الشرعي

في العصور الحاضرة. ولئن كان ما اخترته يـرمى بالشــذوذ من جــانب بعض األجالءرات الزمــان رة بتغي ــأث أحيانا فكم له من نظير. وكم من مسألة مت والمكان تعرف في أول طرحها قوال غريبا غير مقبول، ولكن بعــد فترة من الــزمن تعــرف قــوال ممكنــا ومحتمال عقالئيــا، وبعــد حين تعرف قوال بديعا مقبوال، وربما صار المنكرون لهــا محــامين عنهــا،ــرون بل يدعون أنهم هم الذين يذهبون إليها أوال، بل يكفرون وينك

من أنكرها! وفي الختام نرجــو من القــراء الكــرام أن ينظــروا فيهــا بعين الدقــة والتحقيــق؛ فــإن رأوا فيهــا خلال أرشــدوني إليــه، والعصــمة

ألهلها، وما توفيقي إال بالله الموفق والمعين.

الهوامش


األحكام الحكومية في الفقه اإلسالمي، نماذج فقهية•

اإلسالمي األحكام الحكومية في الفقهنماذج فقهية

*(*()الشيخ محمد النجار

األحكام الحكومية ــا ــلمين تحقيق ــر المس ــذها ولي أم ــتي يتخ ــرارات ال »هي الق لمصلحة المجتمع المسلم. وهــذا اللــون من األحكــام تــابع لظــروف المجتمــع المســلم، ورهن بهــا. ومن هنــا فهي قابلــة للتغيــير إذا مــا

. (674)قضت ظروف أخرى مغايرة لذلك« أو هي القــرارات الــتي يتخــذها ولي األمــر؛ مراعــاة لمصــلحة دائمية أو آنية في ضوء األحكـام الشـرعية الثابتـة، ومبـادئ اإلسـالم العليا، وهي تابعة لوجود المصلحة، وزائلة بزوالها. ولما كانت الحيــاةبع في تبــدل ر دائم كــانت هــذه األحكــام بــالت ومصــالح األمــة في تغي

مستمر. ــام ــ )األحك ــل بـ ــمى من قب ــام تس ــذه األحك ــانت ه ــد ك »وق الســلطانية(، ويقصــدون بهــا األحكــام الــتي تتقــوم بــرأي الســلطة

.(675)الحاكمة، النابع من شروط المحيط ومتطلباته«ويطلق عليها اليوم )األحكام الوالئية، والتدبيرية، واإلدارية(.

ــاء ــاب القضـ ــين في بـ ــيعة الماضـ ــاء الشـ ــا علمـ ــد بحثهـ وقـة بــه، وســريانها بالدرجــة األولى والخصومات، رغم أنها غــير مختصــ على أبواب إدارة الدولة وتنظيمها؛ ويعود سبب ذلك حقيقــة إلى أن

أستاذ جامعي، وكاتب في الفقه اإلسالمي، من العراق.)*(*( ، الســـنة الســابعة، ربيــع وصــيف27 ـ 26ـ العـــددان االجتهــاد والتجديد

435هـ1434م ـ 2013

الشيخ محمد النجار•

الشــيعة على طــول التــاريخ لم يكن لهم دولــة ونفــوذ، ولم يكونــوا مبسوطي اليد، وهو ما دعا أيضا إلى قصر البحث في هــذه األحكــام

على القضاء، دون توسعتها بما يشمل إدارة الدولة. وهي ال تختص بجانب محدد من جوانب الحياة، وإنما تمتد على امتداد رقعة المساحة العبادية، واالقتصادية، والتجارية، والسياســية،ــق ــو تحقي ــا ه ــاط فيه ــاء، و... والمن ــع، والقض ــرة، والمجتم واألس المصــلحة، ودرء المفســدة عن األمــة والنظــام والحكم، من دون

تعسف أو ظلم، مع مراعاة أحكام الشريعة الثابتة. واألحكام الحكومية في الحقيقة تبتني على مســألة »أن للنــبي

: بوصفهم مبلغين للعناصـر الثابتــة عناألولى شخصيتان: ^واألئمةــالمي،واألخرىالله سبحانه؛ : بوصفهم حكاما وقادة للمجتمع اإلس

رات العامــة كة التي يســتوحونها من المؤشــ يضعون العناصر المتحر لإلسالم، والروح االجتماعيــة واإلنســانية للشــريعة المقدســة. وعلى

كة^ واألئمة|هذا األساس كان النبي يمارسون وضع العناصر المتحر.(676)في مختلف شؤون الحياة«

ــال »والثمرة في ذلك أن تلك التدبيرات اآلنية غير ملزمة لألجي التي تأتي فيما بعد. وهذا أمر طــبيعي جــدا. وهــذه التــدبيرات اآلنيــة

.(677)تعتبر سنة فرضتها االحتياجات الراهنة القائمة آنذاك« »فما كان يمارسه النبي بوصفه مبلغا يعتبر حكما شــرعيا ثابتــا لكل زمان ومكان، ومــا كــان يمارســه بوصــفه حاكمــا يــدل على أننــه من وضــع أحكــام تتناســب مــع المرحلــة، وال للحاكم صالحية تمك تتنافى مع األحكــام الثابتــة، فهي لهــا مــداليل )عدالــة( ثابتــة، ال نص

.(678)ثابت«ــول الله ــغ|إذن إن رس ــة تبلي ــتين: وظيف ــوم بوظيف ــان »يق ك

ــريم والســنة ــرآن الك ــق الق ــك عن طري ــاس، وذل ــام إلى الن األحك



الشريفة؛ ووظيفة رئاسة دولة المسلمين، يدير شــؤونهم، ويســوســاديث ــا هي أح ــه من حــديث بصــفته مبلغ ــا صــدر من ــورهم. فم أمع بالواليــة تشريعية؛ وما صدر منه بصفته رئيس الدولــة وحاكمــا يتمت

.(679)العامة هي أحاديث إدارية« شخصيات متعددة، فهو نبي|»والعلماء متفقون على أن للنبي

مكلف بالتبليغ وبيان التشريع العــام للنــاس في كــل زمــان ومكــان؛ وفي نفس الوقت هو حاكم يقضــي بين النــاس..، وكــذلك هــو أمــير في الجيش، وهو حاكم في نفس الوقت. وال شك أن هنــاك أحكامــا مختلفة من حيث إنها من التشريع العام أو من السياسية الشرعية؟ أي هذه األحكام هل صدرت بصفته نبيا أم بصفته حاكما وقائدا ووليا

. (680)وأميرا؟« لمــا ســار إلى بــدر|وأحد األدلة على ذلك هو أن رســول الله

ــاب ــه الحب نزل على أدنى ماء هناك، أي أول ماء وجده، فتقدم إلي بن المنذر، فقال: يا رسول الله، هــذا المــنزل الــذي نزلتــه مــنزلــاه، فليس لنــا أن نجــاوزه، أو مــنزل نزلتــه للحــرب أنزلــك اللــه إي

ــال ــدة؟ فق ــدة«|والمكي ــه للحــرب والمكي ــنزل نزلت ــل م .(681): »ب آ إلى|والتاريخ التشريعي الممتد من زمان رســول الله خــر حــاكم

إسالمي في عصرنا اليوم مليء باألحكــام الحكوميــة. »فكثــير منـة، بـل تتضـمن مــا نصوص الســنة ال تتضــمن أحكامــا شــرعية إلهي

.(682)يسمى تدبيرات، وهي أحكام تنظيمية إدارية...« وقد أوردت في هذه الدراسة ـــ كمثــال ـــ أكــثر من خمســين

ــالم محمد ــبي اإلس ــدر من ن ـا ص ـ ــا حكومي ،^، أو من األئمة|حكم.وكذلك ما صدر من فقهائنا األعالم المتأخرين عن عصر النص

الحكومية^ واألئمة|أحكام رسول الله



ـ حفر الخندق1 وهو يوم األحزاب، في السنة السادسة بعد مقدم رسـول اللـهــة بخمســة وخمســين شــهرا. وكــانت قــريش تبعث إلى إلى المدين اليهود وسائر القبائل، فحرضـوهم على قتـال رسـول اللـه، فـاجتمع خلق من قريش إلى موضـع يقـال لـه: سـلع، وأشـار عليـه سـلمان الفارسي أن يحفر خنــدقا، فحفــر الخنــدق، وجعــل لكــل قبيلــة حــدا يحفرون إليه، وحفر رسول الله معهم، حتى فرغ من حفـر الخنـدق، وجعل لـه أبوابـا، وجعـل على األبـواب حرسـا، من كـل قبيلـة رجال، وجعل عليهم الزبير بن العوام، وأمره إن رأى قتاال أن يقاتل. وكانت عدة المســلمين ســبعمائة رجــل. ووافى المشــركون، فــأنكروا أمــرــام، الخندق، وقالوا: ما كانت العرب تعرف هــذا. وأقــاموا خمســة أي فلما كان اليــوم الخــامس خــرج عمـرو بن عبـد ود وأربعــة نفــر من المشركين: نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخــزومي، وعكرمــة بنـــاب الفهـــري، وهبـــيرة بن أبي وهب أبي جهـــل، وضـــرار بن الخط المخزومي، فخرج علي بن أبي طالب إلى عمرو بن عبد ود، فبارزهه، وقتله، وانهزم الباقون، وكبا بنوفل بن عبد الله بن المغــيرة فرســ ــه عــز وجــل على المشــركين ريحــا ــه. وبعث الل فلحقــه علي فقتل وظلمــة، فانصــرفوا هــاربين ال يلــوون على شــيء، حــتى ركب أبــو سفيان ناقته، وهي معقولة، فلما بلغ رسول الله ذلــك قــال: عوجــل

.(683)الشيخ وحفر الخندق كما هو واضح هو عمل تدبيري، اقتضــته الحــربــوم والمكيدة، ومتطلبات الحال والزمان والمكان، وال يمكن ألحد الي

وحفره الخندق سنة نبوية|ـ أيا كان ـ أن يقول بأن عمل رسول اللهأو حكم شرعي.



ـ صلح الحديبية، والحلق والنحر في الحل2 خرج رسول الله في الســنة السادســة للهجــرة يريــد العمــرة، ومعه ناس، وساق من الهـدي سـبعين بدنـة. وسـاق أصـحابه أيضـا. وخرجوا بالسالح، فصدته قريش عن البيت، فقال: مـا خــرجت أريـد قتاال، وإنما أردت زيارة هذا الــبيت. وقــد كــان رســول اللــه رأى في المنام أنه دخل البيت، وحلق رأسـه، وأخــذ المفتـاح. فأرسـلت إليـه قريش مكرز بن حفص، فــأبى أن يكلمــه، وقــال: هــذا رجــل فــاجر. فبعثوا إليه الحليس بن علقمة من بني الحارث بن عبد منــاة، وكــان من قوم يتألهون، فلما رأى الهدي قد أكلت أوبارها رجــع، فقــال: يــا معاشر قـريش، إني قـد رأيت مـا ال يحـل صـده عن الـبيت. فبعثـواــه: بعروة بن مسعود الثقفي، فكلم رسول الله، فقال له رســول الل يا عروة، أفي الله أن يصــد هــذا الهــدي عن هــذا الــبيت؟ فانصــرف إليهم عروة بن مسعود، فقال: تالله، ما رأيت مثـل محمــد لمــا جــاء له. فبعثوا إليه سهيل بن عمرو، فكلم رســول اللــه وأرفقــه، وقــال: نخليها لك من قابل ثالثـة أيـام. فأجــابهم رسـول اللـه، وكتبـوا بينهم كتـاب الصـلح ثالث سـنين، وتنـازعوا بالكتـاب لمـا كتب: بسـم اللـه الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله، حتى كـادوا أن يخرجـوا إلىــك رســول الحرب. وقال سهيل بن عمرو والمشركون: لــو علمنــا أن الله ما قاتلناك، وقال المســلمون: ال تمحهــا. فــأمر رســول اللــه أنــا فكتب: باسـمك اللهم، من محمــد بن عبــد اللـه، يكفــوا، وأمــر علي وقال: اسـمي واسـم أبي ال يـذهبان بنبـوتي. وشـرطوا أنهم يخلـون مكة لـه من قابـل ثالثـة أيـام، ويخرجـون عنهـا حتى يـدخلها بسـالح الراكب، وأن الهدنة بينهم ثالث سـنين، ال يـؤذون أحـدا من أصـحاب رسول الله، وال يمنعونه من دخول مكة، وال يؤذي أحــد من أصـحاب رسول اللـه أحـدا منهم، ووضـع الكتـاب على يـد سـهيل بن عمـرو.



فأمر رسول الله المسلمين أن يحلقوا، وينحــروا هــديهم في الحــل،يب، فحلق رسول الله ونحر، فحلــق فامتنعوا، وداخل أكثر الناس الر المسلمون ونحروا. وانصرف رسول الله إلى المدينــة، ثم خــرج منــة على ناقــة بســالح الــراكب، قابل، وهي عمرة القضاء، فــدخل مك وأخلتها قريش ثالثا، وخلفـوا بهـا حـويطب بن عبـد العـزى، فاسـتلم

. (684)رسول الله الركن بمحجنه، وصدق الله رسوله الرؤيا بالحق|فأمر رسول الله بالحلق والنحر في الحل ليس حكما شــرعيا

إلهيا، وإنما هو عمل تدبيري اقتضاه الموقف في ذلك الحين.

عن أكل لحم الحمر األهلية يوم خيبر|ـ نهي رسول الله3ــبر، ــة المســلمين في معركــة خي ــة حمول كــانت الحمــر األهلي

عليها من النفاد، فنهى عن أكلها، ولم يكن أكلها|فخشي رسول اللهحراما؛ ويشهد لذلك الروايات الكثيرة الواردة في ذلك، منها:

، أنهمـا×ما روي عن محمـد بن مسـلم وزرارة، عن أبي جعفر عنهــا|»نهى رســول الله سأاله عن أكل لحوم الحمر األهلية؟ قــال:

وعن أكلها يـوم خيـبر، وإنمـا نهى عن أكلهـا في ذلـك الـوقت؛ ألنهـام اللــه عــز وجــل في كــانت حمولــة النــاس، وإنمــا الحــرام مــا حــر

.(685)القرآن« عن|»نهى رسول الله قال:×وفي رواية أخرى عن أبي جعفر

أكل لحـوم الحمـير، وإنمـا نهى عنهـا من أجـل ظهورهـا؛ مخافـة أن قل ال أجــد في﴿يفنوها، وليست الحمير بحرام، ثم قرأ هذه اآلية:

أن يكون ميتة ما على طاعم يطعمه إال ما أوحي إلي محرقا أهـل أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فســ لغير الله به فمن اضطر غير باغ وال عاد فإن ربك غفــور

حيم .(686)(«145 )األنعام: ﴾ر



.×ووردت أيضا عن اإلمام الكاظم كما أخرجها كل من البخاري ومســلم في صــحيحيهما، عن ابن

ــاس، قــال: ــه كــان عب »ال أدري أنهى عنــه رســول اللــه من أجــل أنمــه في يــوم خيــبر، حمولة الناس، فكره أن تذهب حمــولتهم، أو حر

.(687)يعني لحوم الحمر األهلية«ــل رســول الله |فتحريم الحمــر األهليــة من قب لم يكن تحريمــا

تشريعيا، وإنما هو إجراء اتخذه رسول الله في وقت معين، وهو في معركــة؛ من أجــل الحفــاظ عليهــا، واســتخدامها لغــرض الحمولــة.نــة من ونستفيد من هذه الحادثــة اليــوم في تحــريم صــيد أنــواع معي

األسماك والطيور في أوقات خاصة، وهي أوقات تكاثرها مثال. عن منع فضل الماء والكأل|ـ نهي رسول الله4

بين أهـــل| قـــال: »قضـــى رســـول الله×عن أبي عبـــد اللهــه ال يمنــع نفــع الشــيء، وقضى بين|المدينة في مشارب النخل أن

.(688)أهل البادية أنه ال يمنع فضل ماء؛ ليمنع به فضل كالء«ــبيعوا|»وقضى في أهل البوادي أن ال يمنعوا فضل ماء، وال ي.(689)فضل الكالء«

»ومقتضى الجمـود على النص هــو تحـريم منـع فضـل المـاء وفضل الكأل عمن يحتاج إليهما؛ فإن التعبــير بـــ »قضــى«، وظــاهرــدم النهي المحكي، هو التحريم. ولكن المشهور بين الفقهاء هو ع حرمة منع مالك الماء والكأل لما يفضل عن حاجته منهمــا، بــل لــه أن يمنع ذلك عن غيره، وهذا يقتضي عدم الجمود على النص، بــل فهم النهي على أنه إجراء تنظيمي، ال أنه حكم تحريمي، فقد كان

في أشــد الحاجــة إلى إنمــاء|المجتمــع المســلم في عصــر النــبي ـ باعتباره حاكمــا وولي األمــر ـ|الثروة الحيوانية والزراعية، فألزم

من يملــك فائضــا عن حاجتــه من المــاء والكأل ببذلــه لمن يحتاجــه



.(690)لري زرعه ورعي ماشيته وسقيها«

عن ادخار لحوم األضاحي بعد ثالث|ـ نهي رسول الله5 »من ضــحى منكم فال يصــبحن يوم األضحى: |قال رسول الله

بعد ثالثة وفي بيتـه منـه شـيء، فلمـا كـان العـام المقبـل قـالوا: يـا رسول الله، نفعل كما فعلنا العام الماضــي؟ قـال: كلــوا، وأطعمــوا، وادخــروا؛ فــإن ذلــك العــام كــان بالنــاس جهــد، فــأردت أن تعينــوا

.(691)فيها«

بتغيير الشيب|ـ أمر رسول الله6روا الشيب...«: |ففي الحديث عنه ــدل على»غي . والحديث ال ي

خــذه حكم شــرعي بــالوجوب، وال باالســتحباب، وإنمــا هــو إجــراء ات الرسول إلدخــال الــرعب في قلــوب المشــركين المحــاربين. ويــدل

ئل عن قــول رســول اللــه:×على ذلك قول أمير المؤمــنين حين ســــاليهود« هوا ب روا الشــيب، وال تشــب ــا قــال ذلــك :×، فقــال»غي »إنم

ــا ، وأما اآلن، وقد اتسع نطاقه، وضرب بجرانه، فامرؤ وم والدين قل.(692)اختار«

ــول الله ــا أن حكم رسـ ــتفيد هنـ ــاء|ونسـ اإلداري ينتهي بانتهـ.×مقتضاه، كما في هذا المثال؛ بصريح قول أمير المؤمنين

ـ زكاة الخيول7.(693) الزكاة على الخيل«×»فرض أمير المؤمنين

»فـإن الصـيغة التشـريعية الثابتـة وضـعت الزكـاة على تسـعة أنه وضــع الزكــاة×أقسام من األموال، غير أنه ثبت عن اإلمام علي

ك في عهده على أموال أخرى أيضا، كالخيل مثال. وهذا عنصر متحــر



يكشف عن أن الزكاة كنظرة إسالمية ال تختص بمال دون مال، وإنــراه ــال ي ــة في أي مج ــذه النظري ــر أن يطبق ه ــق ولي األم من ح

.(694)ضروريا«ــاة على بعض ــرض الزك ــوم ف ــوز الي ــل يج ــا: ه ــؤال هن والســاط، وبعض الحبــوب، كــالحمص والفاصــولياء...، أم المعادن، كالمط

يقتصر على الموارد التسعة المذكورة فقط ال غير؟!

ـ زكاة أرز العراق8ــد الله :×باإلسناد عن حريز، عن أبي بصير، قال: قلت ألبي عب

ــال: ــيء؟ فق ــل في األرز ش ــة لم تكنه ــال: إن المدين »نعم، ثم قــه يومئذ أرض أرز فيقال فيه، ولكنه قد جعل فيه، وكيف ال يكــون في

.(695)وعامة خراج العراق منه«

عن بيع الثمرة قبل نضجها|ـ نهي النبي9ئل عن الرجــل يشــتري الثمــرة×عن اإلمــام الصــادق ــه ســ أن

»قــد: ×المسماة من أرض، فتهلــك ثمــرة تلــك األرض كلهــا، فقــال ، فكانوا يذكرون ذلك، فلمــا رآهم|اختصموا في ذلك إلى رسول الله

ــدعون الخصــومة نهــاهم عن ذلــك الــبيع حتى تبلــغ الثمــرة، ولم ال يمه، ولكن فعل ذلك من أجــل خصــومتهم« . فــالمنع عن بيــع(696)يحر

الثمــرة قبــل نضــجها إجــراء تنظيمي إداري، وليس بشــرعي ثــابت؛مــه«،: ×بــدليل قــول اإلمــام وإنمــا كــان لفض الخصــومة»ولم يحر

ــيرا من ــدقيقا كب ــا وت ــة يتطلب تمحيص ــذا في الحقيق ــزاع. وه والنـــرعية الصــادرة من ــة والش ــام الحكومي ــيز بين األحك ــه؛ للتمي الفقي

.|النبيـ األمر بالتحنك10



وردت روايات أن حنك العمامة ينبغي أن يلقى تحت الرقبة، ال »الفرق: |في الصالة فحسب، بل دائما، ومن ذلك ما ورد عن النبي

.(697)بين المسلمين والمشركين التلحي بالعمائم« ويتمسك البعض بهذا الحديث ليقول بـأن هـذا يسـري في كــل األزمنة دائما. ويغفـل هـؤالء أن هـذا األمـر صـدر كـإجراء لمعارضـةكون، بل كانوا يشــدون العمامــة توجه المشركين الذين ما كانوا يتحن على رؤوسهم، وهو ما يسمى باالقتعاط، وقد التفت فقهــاء الشــيعة

: وذلـك في أول&المتقدمين أمثال الشيخ الصدوق إلى ذلـك، فقـال.(698)اإلسالم وابتدائه

ــا... وإال فــاليوم؛ فليس األمــر بالتحنك إذن حكمــا شــرعيا نهائي وبغياب هذا الشعار للمشركين، وبعد أن أصبح الجميع يربطون حنك العمامـــة إلى األعلى، فـــإن التحنك من لبـــاس الشـــهرة، وهـــو

.(699)حرام«

ـ من أحيا أرضا فهي له11ــه« أنه |ورد في الحديث عن النبي ،(700)»من أحيا أرضا فهي ل

.(701)»من أعمر أرضا فهو أحق بها«أو مــا يقــول: ×وعن محمد بن مسلم قال: ســمعت أبــا جعفر »أي

.(702)قوم أحيوا شيئا من األرض وعمروها فهم أحق بها، وهي لهم« هنا: »فالمبــدأ التشــريعي القائــل&يقول السيد الشهيد الصدر

مثال: إن من عمل في أرض، وأنفــق عليهــا جهــدا حتى أحياهــا، فهــو أحق بها من غيره، يعتبر في نظر اإلســالم عــادال؛ ألن من الظلم أن يساوى بين العامل الــذي أنفــق على األرض جهــده وغــيره ممن لم يعمل فيها شيئا. ولكن هذا المبدأ بتطور قدرة اإلنسان على الطبيعة ونموها يصــبح من الممكن اســتغالله. ففي عصــر كــان يقــوم إحيــاء



األرض فيــه على األســاليب القديمــة لم يكن يتــاح للفــرد أن يباشــر عمليات اإلحياء إال في مساحات صــغيرة، وأمــا بعــد أن تنمــو قــدرةــه وســائل الســيطرة على الطبيعــة، فيصــبح ــوفر لدي اإلنســان، وتت بإمكان أفراد قالئل ممن تؤاتيهم الفرصة أن يحيوا مساحة هائلة من األرض، باسـتخدام اآلالت الضـخمة، ويسـيطروا عليهـا، األمـر الـذي يزعزع العدالة االجتماعيـة ومصـالح الجماعـة، فكـان ال بـد للصـورة

.(703)التشريعية من منطقة فراغ يمكن ملؤها حسب الظروف«

ـ تحديد األسعار12دة×جــاء في عهــد اإلمــام علي إلى مالــك األشــتر أوامــر مؤك

إلى×بتحديد األسعار، وفقا لمقتضيات العدالــة. فقــد تحــدث اإلمــام »واعلم أن ذلــك بقولــه: ×واليه عن التجار، وأوصــاه بهم، ثم أعقب

في كثير منهم ضيقا فاحشا، وشحا قبيحا، واحتكارا للمنافع، وتحكمــا في البياعات، وذلك باب مضــرة للعامــة، وعيب على الــوالة، فــامنع

|من االحتكار؛ فــإن رســول الله محا منــع منــه، وليكن الــبيع بيعــا ســــائع ــ ــالفريقين، في الب ــ ــف ب ــ ــعار ال تجح ــ ــدل، وأس ــ ــوازين ع ــ بم

.(704)والمبتاع« والشــريعة تـتيح للبـائع الــبيع بـأي سـعر. فـأمر اإلمــام بتحديـد األسعار، ومنع التجار عن الــبيع بثمن أكــبر، صــادر منــه بوصـفه ولي األمــر، فهــو اســتعمال لصــالحياته في ملء منطقــة الفــراغ، وفقــا

.(705)لمقتضيات العدالة االجتماعية التي يتبناها اإلسالم«

ـ إيجاب الخمس في الذهب والفضة13 »...وإنمــا أوجبت: ×ففي روايــة طويلــة عن اإلمــام أبي جعفر

ة الــتي قــد حــال عليهم الخمس في سنتي هذه في الــذهب والفضــ



.(706)عليهما الحول...« على هـذه الروايـة بقولـه: »إن لـولي&ويعقب السيد الخـوئي

األمر الوالية على ذلك، فله إسقاط الخمس عن التجارة، وجعله في الذهب والفضة، ولو مؤقتا؛ لمصلحة يراهــا، مقتضــية لتبــديل البعض

.(707)بالبعض...«

عن إيجار األرض|ـ منع رسول الله14 عن أمـر كـان لنـا|عن رافع بن خـديج قـال: نهانـا رسـول الله

نافعا، إذا كانت ألحــدنا أرض، أن يعطيهــا ببعض خراجهــا أو بــدراهم،.(708)»إذا كانت ألحدكم أرض فليمنحها أخاه، أو ليزرعها«: |وقال

»من كانت: |وفي رواية أخرى عن رافع أيضا: قال رسول الله له أرض فليزرعهــا، أو ليزرعهــا أخــاه، وال يكاريهــا بثلث وال بربــع وال

.(709)بطعام مسمى«ــذا النهي »فعقد إجارة األرض جائز شرعا، كما هو مشهور. وه

|ليس حكما شرعيا، وإنمـا نهى عن ذلـك بوصـفه ولي أمـر؛ حفاظــا على التوازن االجتماعي؛ وللحيلولة دون نشوء كسب مترف ال يقوم على أساس العمــل، في الــوقت الــذي يغــرق فيــه نصــف المجتمــع

.(710))المهاجرون( في ألوان العوز والفاقة«

ـ إعطاء الوالي من عنده للفقراء والمساكين15 »إن الوالي يأخــذ المــال فيوجهــه الوجــه: ×عن اإلمام الكاظم

الذي وجهه الله له على ثمانية أسهم، للفقراء والمســاكين يقســمها بينهم بقدر ما يستغنون في سـنتهم، بال ضـيق وال تقيـة، فـإن فضـل من ذلك شيء رد إلى الوالي، وإن نقص من ذلك شيء، ولم يكتفوا بــه، كــان على الــوالي أن يمــونهم من عنــده، بقــدر ســعتهم، حتى

.(711)يستغنوا« ، السـنة السابعة، ربيع27 ـ 26ـ العـددان االجتهاد والتجديد446



ــاء على ــريعة في القض ــدف الش د على ه ــديث يؤك ــذا الح وه الفقر، ومحاولة جعل المجتمع في طبقات متقاربة اقتصاديا، وهو ماــير د على أن الفقير ليس هو من ال يملك قوت يومه، وإنما هو غ يؤك الملتحـق بمسـتوى المعيشـة في بلـده. ومن هنـا جـاءت التأكيـدات

الكثيرة على إعطاء الزكاة داخل البلد، وعدم جواز إخراجها.نـة »فـرب مسـتوى من القـدرة المعيشـية يعتـبر في بيئـة معي فقــرا، وفي بيئــة أخــرى غــير ذلــك؛ ألن الغــنى عبــارة عن وجــدان المستوى المتعارف من المعيشة لدى عامة النــاس. والفقــر عبــارة

. »واإلســالم لم يعــط للفقــر مفهومــا مطلقــا،(712)عن فقدان ذلك« ومضمونا ثابتا في كل الظروف واألحـوال، فلم يقـل مثال: إن الفقـر هو العجز عن اإلشباع البسيط للحاجات األساسية، وإنما جعل الفقر بمعنى عدم االلتحاق في المعيشة بمستوى معيشة الناس، كما جــاء في النص، وبقدر ما يرتفع مستوى المعيشة يتسع المدلول الواقعي

. لذا فإن مصداق فقير أثيوبيا يختلف عن مصــداق فقــير(713)للفقر«ــا المهم الكويت مثال، وال يمكن أبدا إعطاء تعريف واحد للفقير، وإنم في األمر هو تحقيـق تقــارب في مســتوى المعيشــة بين أبنــاء البلـد

الواحد، وما لذلك من آثار اجتماعية عظيمة، كما ال يخفى.

ـ أسرى الحرب16 لإلمام أن يختار في أسرى الحرب التي تكـون بإذنـه العفـو؛ أو

ــة أو إطالقهم؛ أو االســترقاق ــذ الفدي ــو(714)أخ ــر ه . »وإن ولي األم المسؤول عن تطبيق أصــلح الحــاالت الثالث على األســير، وأوفقهــا

.(715)بالمصلحة العامة«

ـ خمس فاضل المؤونة17 »ألمح الشـــيخ منتظـــري في كتـــاب )الخمس( إلى أن خمس



ـل األئمـة المتـأخرين ]أي بعـد^فاضل المؤنة ضريبة فرضت من قب[ بصفتهم حكاما؛ لحاجة الشيعة لذلك.×اإلمام الرضا

قــال في الكتــاب المــذكور: »ويمكن أن يقــال أيضــا: إن هــذاــة القسم من الخمس وظيفة وميزانية حكومية جعلت من قبل األئم

حسب االحتياج، حيث كانت الزكوات ونحوها في اختيار^المتأخرين محللين له تارة، ومطالبين أخرى.^خلفاء الجور. ولذلك ترى األئمة

.(716)وللحكومة الحقة هذا النحو من االختيار«

ـ قلع نخلة ابن جندب18ة اعتبر بعض الفقهاء أن قلع نخلة سمرة بن جنــدب في القصــ

ــة، وهي: »ال ضــرر، والالمعروفة التي أنتجت لنا أوسع قاعــدة فقهي ، عمل حكومي، اسـتخدم فيـه رسـول اللـه(717)ضرار، في اإلسالم«

.(718)صالحياته كولي أمر وقائد دولةــني على وأعتقــد أن هــذه القاعــدة المشــهورة، والــتي »لــو ب

، هي حكم(719)العمل بعموم هذه القاعــدة حصــل منــه فقــه جديــد« لنخلـة سـمرة بن|حكومي، وليس ثانويا، بمعنى أن قلع رسـول الله

، كــان عمال نابعــا من ســلطة(720)جنــدب، كمــا في مشــهور الحادثة ، وحكمه الحكــومي المقتضــي لمصــلحة أكــبر. ولم يكن|رسول الله

حكمـا ثانويـا، بمعــنى أن قلـع النخلــة من دون إحــراز رضـا صـاحبها حرام، ولكنه في حالة الضرر يأتي حكم ثــانوي يحلل هــذه الحرمــة. والمســألة تحتــاج إلى تأمل وتــدقيق ومجــال بحث أوســع من هــذه

الدراسة.

ــلمين19 ــرة من المس ــل من يعلم عش ــ إطالق ســراح ك ـالقراءة والكتابة



ــل|إن حكم رسول الله ــدر مقاب بإطالق سراح أسرى معركة ب أن يعلم كــل واحــد منهم عشــرة من المســلمين، الــذين ال يجيــدون القراءة والكتابة، كان عمال تدبيريا حكوميا، ال شــرعيا ثابتــا، اقتضــته الحاجة الماسة التي كان يعيشها المسلمون آنــذاك من الجهــل، مــعــام احتياجهم الشديد إلى العلم والقــراءة والكتابــة، وخصوصــا في أي

نزول الوحي، وتعلم قراءة القرآن وحفظه.

ـ تخريب بيوت بني البكاء وسط السوق20 عن األصبغ بن نباتــة المجاشــعي: إن عليــا خــرج إلى الســوق،ــر بت فسويت، قال: وم فإذا دكاكين قد بنيت بالسوق، فأمر بها فخر بدور بني البكاء، فقال: هذه من سوق المسلمين، قال: فــأمرهم أن

.(721)يتحولوا، وهدمها

ـ جعل الطريق سبعة أذرع21ــاجعلوه ســبعة: |عن رســول الله ــق ف »إذا اختلفتم في الطري

فإذا صح هذا الحديث سيكون من المسلم به أن رسـول.(722)أذرع«|الله أراد أن يحل نزاعا حول الطريق، ولم يشــأ ســن قــانون وحكم

ثابت لجميع العصور، وإال فال يمكن اليوم تصور شــارع عرضــه ثالثــة أمتار ونصف، أو حتى سبعة أمتار، وال يمكننا القول أبدا: إن الشــارع الشرعي أو المستحب هو سبعة أمتار، وما أكــثر فهــو خــارج نطــاق الشــرع؛ ألن تحديــد هــذه المقــادير تــابع لعوامــل الحيــاة والطبيعــة والزمان والمكان. فسبعة أمتار تكفي لعربات الخيل، بينمــا اليــوم ال يكفي سبعون مترا ــ في بعض المـدن ــ لسـير السـيارات، وغـدا ال يكفي أكثر من ذلك؛ نظرا لتزايد عــدد المركبــات، وتطــور أشــكالها،

وآلية حركتها.



ـ طلب الرزق في مصر22ــتيمي، عن علي بن ــ ــن ال ــ ــة عن علي بن الحس ــ ففي الرواي

قال: ذكرت له مصــر: فقــال:×أسباط، عن رجل، عن أبي عبد الله.(723): اطلبوا بها الرزق...«|»قال رسول الله

واليوم أهل مصر يطلبون الرزق في بلــدان العــالم. فهــو حكم حكومي ناظر إلى ذلك الوقت الذي كانت فيه مصر محطــا للتجــارةت وتمــر والزراعة والصناعة. وكذا العــراق وجميــع دول العــالم، مــر باستمرار بأيام خير ونعمة، ثم ما تلبث أن تنتكس وتتقهقر، ثم تعــود

وتزدهر، وهكذا...

المتعــة على عمــار وســليمان×ـ تحريم اإلمام الصادق23بن خالد ما داما في المدينة

عن علي بن أسباط ومحمد بن الحسين جميعا، عن الحكم بن لي ولسليمان بن خالد:×مسكين، عن عمار، قال: قال أبو عبد الله

.(724)»قد حرمت عليكما المتعة من قبلي ما دمتما بالمدينة...«

ـ قطع نخيل بني النضير وحرقها24 أمــر بقطــع نخيــل بــني النضــير،|ما ذكره الزهــري أن النــبي

فشــق ذلــك عليهم، حتى نــادوه: مــا كنت ترضــى بالفســاد يــا أبــا مــا قطعتم﴿القاسم! فما بال النخيل تقطع؟! فأنزل الله تعــالى

ــإذن اللــه ولها فب من لينة أو تركتموهــا قائمــة على أصــ . ومن الواضــح أن الحكم(725)(5)الحشر: ﴾وليخزي الفاسقين

األولي هو المنع من قطــع األشــجار، كمــا ورد في الروايــات: »وال ، »وال تقطعــوا شــجرة(726)تقطعوا شــجرا، إال أن تضــطروا إليهــا«



ــاجون ــدرون لعلكم تحتـ ــا؛ ألنكم ال تـ ــوا زرعـ ــرة، وال تحرقـ مثمـ.(727)إليه«

على بعض قضايا السوق^ واألئمة|ـ حكم رسول الله25ــول الله ــوق^ واألئمة|حكم رسـ ــايا السـ ،(728) على بعض قضـ

لبعض الموضــــوعات، كمــــا في الروايــــة عن أبي^وتقــــييمهم الجنيد: ...فاشــتريت ســيفا، فعرضــته عليــه ـــ أي على أبي الحســن

ــه، وأخــذت: ×العسكري ـ فقال »رد هــذا، وخــذ غــيره، قــال: فرددت.(729)مكانه ساطورا، فعرضته عليه، فقال: هذا نعم«

ــوعات، وهي^هذه الرواية تدل على أن لألئمة رأيا في الموض حتما ليست أحكاما إلهية، وإنما أحكــام موضــوعية، أو قــل: تدبيريــة

حكومية.ـة الـتي سـنجدها في وهنـاك الكثـير من هـذه األحكـام التدبيري

إذا مــا محصــنا التـاريخ،^ واألئمــة األطهــار|عمــل الرســول الكـريموغصنا في أعماقه.

فتاوى الفقهاء الحكومية ـ فتوى الميرزا الشيرازي بتحريم التنباك 1

ــة الصــادرة من فقهــاء األمــة، وهي من أشهر األحكام الحكومي بـ »أن استخدام التنباك&حيث أفتى الميرزا محمد حسن الشيرازي

والتتن بأي شكل من األشكال يعــد محاربــة لإلمــام الحجــة صــلوات. (730)الله وسالمه عليه«

ــه في عــام م منح شــاه إيــران امتيــاز1892وخالصة القصة أن إنتاج وبيع التبوغ لشركة بريطانية لعدة سنوات، مقابل كميــة كبــيرة

من المال، كان الشاه بحاجة إليها في وقته. أن هذه الشركة اإلنجليزيــة واجهــة&وعرف الزعيم الشيرازي



ــة، وعمــل اســتعماري واســع في إيــران، لشبكة جاسوســية بريطانيم شــراء واســتعمال التبــوغ في إيــران، وأصــدر بــذلك فتــواه فحــر

المشهورة. ومــا إن أصــدرت المرجعيــة هــذا الحكم في وقتــه حتى امتنــع المســلمون في إيــران بكافــة طبقــاتهم من اســتعمال التبــوغ، حتىــركة ــع الش ــدها م ــتي عق ــدة ال ــاء المعاه ــاه إلى إلغ ــطر الش اض

.(731)البريطانية ورغم المحاوالت الكبيرة الـتي بـذلتها الشـركة البريطانيـة في استعمال التبوغ، وكسر المقاطعة الشعبية الواسعة، فإن المقاطعــة

ظلت قائمة. مــؤامرة كبــيرة حيكت ضــد&وبذلك أفسد المــيرزا الشــيرازي

األمــة اإلســالمية؛ باســتخدامه صــالحياته داخــل منطقــة الفــراغالتشريعي، وتحريم ما هو مباح شرعا، بحسب حكمه األولي.

وفتوى الشيرازي هذه حكم حكومي واجب االتبــاع على جميــع.(732)الفقهاء، فضال عن عوام الناس

ـ التجنيد اإللزامي2 ، فلم يكن^ أو األئمة|وهـــــــو لم يكن في زمن الرســـــــول

المســلمون بحاجــة إليــه. وأمــا اليــوم؛ ومــع المخــاطر الــتي تحيــط بالمسلمين من كل صوب، فإن التجنيــد اإللــزامي المفــروض يعتــبر إعدادا للقوة المأمور بــه في القــرآن الكــريم. وقــد اعتــبره الشــهيد

ــدر ـر عنها&الص ـ ــتي عب ـة، ال ـ ــام الحكومي ــح لألحك ــال الواض & المث بالتعاليم، فقال: »ومثال التعاليم إلزام المسلمين القادرين بالتدريبــل ــا في ك ــرعيا ثابت ــا ش ــذا الحكم ليس حكم ــإن ه ــال، ف على القتنــة، ولــذا األحوال، ولم يدل عليه من األدلة األربعة بهذه الصفة المعي



.(733)«|ال يوجد إلزام بالتدريب أيام الرسول

ـ تعدد موارد االحتكار3 الرواية الواردة عصر التشريع في احتكار مــوارد بعينهــا، وهي: الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والزيت، وبعضهم يضــيف الملح، بينما اليوم تتعدى هذه الموارد إلى الحبوب واألدوية والفواكه والخضار. بل يوجد كالم في األصناف األربعة أو الخمسة المــذكورة،ــإن هل هي مرادة بعينها أم أنها كانت طعام المسلمين آنذاك؟ لذا ف احتكار الزبيب اليوم ال يشكل أزمة غذائية أو اقتصادية، بينما احتكــار الوقود اليوم في الشتاء، وأدوية بعض أمراض القلب، يســبب خلال ال

يمكن السكوت عنه بحال من األحوال. وأفتى الفقهاء قديما وحديثا بإجبار المحتكر على البيع، كما عن الشيخ األنصاري في مكاسبه: »الظـاهر عـدم الخالف ــ كمـا قيـل ـ

.(734)في إجبار المحتكر على البيع...، بل عن المهذب اإلجماع«

ـ جواز التسعير4 ذهب الفقهاء إلى مشروعية التسعير عندما تدعو الحاجة إليــه،

،(735)وإن لم يرد فيه تشريع خاص، بل ورد المنع في بعض الروايات . وينقل هذا الجواز ـــ على ســبيل الفــرض ـ(736)ورأي أكثرية الفقهاء

ع السيد محمد جواد الحسيني العاملي، في كتابه مفتاح الفقيه المتتب الكرامة، بقوله: »وفي المقنعة والمراسم أنه يسعر عليــه بمــا يــراهــة ــدروس واللمع ــاح وال ــف واإليض ــيلة والمختل ــاكم، وفي الوس الح والمختصر والتنقيح أنه يسـعر عليــه إن أجحــف في الثمن؛ لمـا فيـه

.(737)من اإلضرار المنفي«



ـ االكتفاء بذكر رقم المحضر العقاري5 بــدال من ذكــر حــدود العقــار من الجهــات األربــع، المشــروطة

سابقا في تحديد العقار.ــرة على تعليم القـــرآن، واألذان،6 ــذ األجـ ــواز أخـ ــــ جـ

والمجالس الحسينيةــا من بيت المــال ر الزمان، وانقطاع تخصيص العطاي نظرا لتغي

لمثل هذه األمور.

ـ جواز التجسس7 الـذي أصـبح اليـوم وسـيلة لحفـظ النظـام، بعـد تحريمـه بنص

سوا﴿قرآني: ــه يــدخل ضــمن(12)الحجرات: ﴾وال تجس ، ورغم أن األحكــام الثانويــة إال أن مبــادئ تشــريعه تــدخل ضــمن األحكــام

الحكومية، التي تراعى فيها مصلحة البالد.

ـ جواز بيع الدم، والتشريح8 أجمع فقهاء اليوم على جواز بيع الــدم، والتشــريح، بعــدما كانــا

مين. محروقد حرم بيع الدم؛ لنجاسته؛ ولكونه ال فائدة منه.

وأمــا التشـــريح فقـــد ورد النهي عن التمثيــل، ولـــو بــالكلب.(738)العقور

وأمــا اليــوم فقــد أصــبح الــدم ذا فائــدة عظيمــة، حيث يــدخلــه في العمليــات الجراحيــة كعنصــر أساســي ال يمكن االســتغناء عن

الطبية.ــة أيضــا، ال يمكن االســتغناء وأما التشريح فهو أداة علمية عملي

عنها في دراسة الطب. ، السـنة السابعة، ربيع27 ـ 26ـ العـددان االجتهاد والتجديد454



مقاطعة بعض البضائع األجنبية ـ9 من أجــل الضــغط السياســي واالقتصــادي على تلــك الدولــة

المنتجة أو المصدرة لتلك البضائع.

ـ إمكانية تحديد ملكية بعض األشخاص10ـه من ــ ــاكم أن ــخاص إذا رأى الحـ ـة بعض األشـ ــ ــد ملكي »تحديـ

. (739)المصلحة بحق تحديد تملك هذا الشخص«

ـ إيجاب االلتحاق بالجيش11ــالجيش في فتوى الشيخ عبد الحسين الري بأن من ال يلتحق ب

.(740)مقاومة اإلنجليز كأنما تخلف عن جيش أسامة

ـ تأميم النفط12 في تأميم النفــط أفـتى الســيد محمــد تقي الخوانســاري: »إن

.(741)«|رفض هذا الحكم بمنزلة الرد على رسول الله

ـ تحريم االنتماء إلى الحزب الشيوعي13 : ال يجوز االنتماء&الفتوى المعروفة عن السيد محسن الحكيم

إلى الحزب الشيوعي؛ فإن ذلك كفر وإلحاد، أو ترويج الكفر.

ـ تحريم االنتماء إلى حزب البعث14 بتحــريم&الفتــوى المعروفــة عن الســيد محمــد بــاقر الصــدر

االنتماء إلى حزب البعث. وتعتبر هذه الفتاوى المتقدمة أحكاما حكومية؛ ألنهــا تصــدر في



زمـان معين وظـرف خـاص، وتنتهي بانتهـاء ذلـك الزمـان وظروفـهالمحيطة.

في إدارة دولته&ـ فتاوى اإلمام الخميني15ــني ــام الخمي ــذها اإلم ــتي اتخ ــة ال ــام التدبيري ــة األحك مجموع

بتشــكيل&)الفقيه( في إدارة دولتــه اإلســالمية، والــتي منهــا: أمــره مجلس الشورى اإلسالمي، وتعيينه مهدي بازركــان رئيســا للــوزراء، وحكمه بمصادرة أموال الشاه محمــد رضــا بهلــوي، وتعيينــه الشــيخ محــيي الــدين أنــواري والشــيخ فضــل اللــه محالتي بعنــوان أمــراء الحجاج، والعفو عن المسجونين بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، وتأسيس مجمع تشخيص مصــلحة النظــام، ووجــوب المشــاركة في االنتخابات، و»تحديـد الحــاكم الشــرعي حــدا ال يســمح بتجــاوزه في عملية إحياء األرض أو غيرها من مصـادر الـثروة الطبيعيـة، فيمــا إذاــاج كان السماح المطلق مع نمو القدرات المادية واآللية لعملية اإلنت يؤدي إلى إمكان ظهور ألوان من االستغالل واالحتكار التي ال يقرهــا

، وتخريب بعض البيوت والمســاجد في ســبيل توســعة(742)اإلسالم«ــد ــة لعقائ ــة أو المتبني ضــة على الفتن ــدم المســاجد المحر البالد، وهــات في ــماك أو بعض الحيوان ــيد بعض األس ــع من ص ــة، والمن هدام أوقات تكاثرها، والحدود والجمارك، ومنــع دخــول بعض البضــائع منــرائب، ن، والض ــد معي ــادية لبل ــات االقتص ــدان، والمقاطع بعض البلــرئيس والــدواء، وتحديد أسعار بعض الحاجيات الضرورية، كالغذاء الــات ــة اإلنســان أوق ــد عن حاج ــذل الزائ ــزوم ب ــع، ول ــوق الطب وحق

المجاعة.ــاوى واليوم هناك الكثير من مستجدات العصر، التي تتطلب فتــاة ــر والحي ــات العص ــتجدات ومتطلب ــذه المس ــة ه ــب وطبيع تتناس



ــق أهــداف الشــريعة والمجتمــع من جهــة، مــع الحــرص على تحقيــة والسير باتجاه مؤشراتها وعدم التقاطع مع مبادئها العامــة من جه

أخرى. كمــا يمكن القــول: إن من مصــاديق األحكــام الحكوميــة أيضــامــة والواجبــة( في إمكانية تبدل بعض األحكــام المباحــة )غــير المحر المستقبل، وتعيين أحكام جديدة لمستجدات العصر ومتطلباته، كأنــترنت، يفتى في الغد بأن وجود فضائية إسالمية، أو العمــل على اإلن

واجب كفائي.ــه؛ ــتي أدرجت في الفق ــام ال ــة إذن هي األحك »فليســت قليل اســتجابة لحاجــات النــاس الملحــة، أو جــاءت جريــا على األعــراف

. (743)السائدة في زمان سابق«

الفرق بين األحكام الحكومية واألحكام اإللهية الشرعية ـ الحكم اإللهي ثابت دائم لكل الناس، في كل زمان ومكـان؛1

نين، وبزمــان ومكــان بينما الحكم اإلداري مؤقت، خــاص بأنــاس معي محدودين، ومرتبط بأسباب إيجاده وظروفه. وربما يمكن القول: إنــا الحكم ــة، بينم ــية الحقيقي ــو القض ــوع على نح الحكم اإللهي موض

اإلداري فهو على نحو القضية الخارجية.ــرة، فهي2 ـ األحكام األولية تنسب إلى الشارع المقدس مباش

أحكام إلهية؛ بينما تنسب األحكــام الوالئيــة إلى الشــارع بالواســطة،بمعنى وساطة أولي األمر الذين فرض الله طاعتهم.

تكتســب األحكــام الثانويــة إلزاميتهــا من ذاتهــا؛ ألنهــا حكم ـــ3 شرعي منصوص عليــه؛ بينمــا تكتســب أحكــام المســاحة المفتوحــة

إلزاميتها من لزوم طاعة أولي األمر.ـــة،4 ــــ إن مالكـــات األحكـــام األوليـــة هي المصـــلحة الواقعي



وتشخيصــها بيــد الشــارع المقــدس؛ أمــا مالك األحكـام الوالئيــة هــو.(744)المصلحة الظاهرية، والذي يشخص هذه المصلحة هو الحاكم

ـ كشف مالكــات األحكـام األوليــة يكـون بالــدليل أو األمــارة؛5بينما كشف مالكات األحكام الوالئية فعادة ما تكون عقلية أو عرفية.

ــه6 ـ موقف الفقيه من األحكام األولية هو الكشف؛ بينما موقفمن األحكام الوالئية هو التشريع.

ـ في األحكام األولية يرجــع كــل مكلف إلى مقلده؛ بينمــا في7 األحكـــام الوالئيـــة الحكوميـــة يجب على الجميـــع طاعـــة الحـــاكم

اإلسالمي. ـ مجـال األحكـام األوليـة ممتـد على كـل مسـاحة األحكـام 8

ــون في ــة يك ــام الحكومي ــال األحك ــا مج ــة؛ بينم ـة الخمس ـ التكليفيــروه(، على المباحات بمعناها األعم )أي بما يشمل المستحب والمك

رأي أغلب القائلين بها. ـ غالبا ما يكــون تكليــف األحكــام الحكوميــة صــادرا في حــق9

الجماعة؛ بينما يكون تكليف األحكام األوليــة على الفــرد والجماعــة، وإن كان االتجاه الفقهي السائد ـ ولألسف ـ هو فقه األفـراد، ال فقـه المجتمع واألمة، وهـو مـا أدى إلى حصـر آيـات الفقـه بالخمسـمائة. فالجهــاد مثال واجب عيــني على األمــة عنــد اقتضــائه، وكفــائي على

األفراد إذا بلغ النصاب المطلوب حده. وبعد هذه المقارنــة المختصــرة بين األحكــام األوليــة واإلداريــة الحكومية يتبين مدى أهمية التفريــق بين هــذين الحكمين من ناحيــةــا عملية في عملية استنباط الحكم، أو في عملية إصدار الحكم. وهن تأتي أهميـة الـدعوة الرائـدة لسـماحة الـدكتور الشـيخ عبـد الهـادي

»تدوين قوائم كاملة لألحاديث اإلدارية المنبثة في كتبالفضلي في الحــديث وموســوعاته، من خالل إحصــائيات وافيــة؛ لتكــون تلكم



.(745)القوائم المرجع في هذا المجال«

إشكال ودفع كـان مبلغـا ألحكـام اللـه سـبحانه|إن القـول بـأن رسـول الله

وتعالى من جهة، وحاكما ورئيس دولــة من جهــة أخــرى، فمــا صــدر بوصفه مبلغا يعتبر حكما شرعيا ثابتا، وساريا لكل جيل وزمــان|منه

|ومكــان، ومــا صــدر منه بوصــفه حاكمــا ورئيس دولــة يعتــبر حكمــا تنظيميا حكوميا، يمكن االســتفادة من أهدافــه الــتي راعاهــا رســول الله، وال يعتبر حكما شرعيا ثابتا لكل جيل وزمان ومكان، هذا القوله الكــريم ومهمتــه يتنافى وقول الله ســبحانه وتعــالى في وصــف نبي

ــوحى﴿اإللهية: وحي ي ــق عن الهــوى * إن هــو إال ﴾وما ينطسول فخذوه وما﴿ وقوله تعالى: (،4 ـ 3)النجم: وما آتاكم الر

.(7)الحشر: ﴾نهاكم عنه فانتهوا...هويجاب بأنه ال معارضة أصال بين تصرف النبي كحــاكم، وســن

لقوانين والئية، وبين اآليــة الشــريفة الــتي تنفي نطــق الرســول عن في هـذه|الهوى، فال أحد يتجرأ ـ والعياذ بالله ـ ويقـول بخطـأ النـبي

الحادثة أو تلك، وإنما نحن نقول: إن هذا الحكم ال يسري خارج هــذاــه وقوله ــذا المــورد؛|الموضــوع. ففعل صــحيح بال أدنى شــك في ه

ه ال يسري على غير هـذا المـورد؛ الختالف الموضـوع|لعصمته ، ولكنــه ال تالزم أو في الحقيقة، نتيجــة اختالف ظروفــه المحيطــة. كمــا أن

األحكـام التدبيريـة في ظـروف|ترابط بين سن وتشريع رسول اللهــر، وبين ــا وولي األم ــاره حاكم ــة؛ باعتب الحــرب أو العســر أو الحاجــة الشــريفة عن رســول الله ــه اآلي ــذي تنفي .|النطــق عن الهــوى ال

فحكمه التدبيري ليس )نطقــا عن الهــوى( قطعـا، وبال أدنى شــك أوريبة، وال يمكن بحال من األحوال الربط بين األمرين.



، واالنتهــاء عمــا نهانــا عنــه، يكــون|وأخذ ما أمر به رســول الله أيضا مختلفا باختالف طبيعـة الحكم؛ فمــا كــان حكمـا شــرعيا يؤخــذ على نحو االستمرار لكـل زمـان ومكـان وظـرف ومحيـط، من دون دخالة للظروف فيه؛ وما كان حكما حكوميا يطاع ويؤخذ أيضــا؛ لنص

، واألمر بأوامره واالنتهاء|اآلية القرآنية الشريفة بوجوب طاعة النبي بنواهيه، ولكن بنحو مؤقت بحسب تدخل عوامل الحــال والظــروف،

ــا في|بمعنى أن أوامره في ظرف الحرب تنتهي بانتهاء الحرب، كم األمثلة السابقة في حفر الخنــدق، أو النهي عن ذبح الحمــر األهليــة،

هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن الحكم الشرعي أو األمر الشــرعي يؤخــذــات العبــادات، والصــالة ثالث ركعــات ه، كمــا في جزئي بنفســه ونصــ للمغرب، وأربع للعشاء، وبجوهره وحكمته في مـا كـان قـوال أو فعال حكوميا، والتي تكون بنفس الوقت في أغلب األحيــان قواعــد عامــةــب اختالف كلية تشريعية، تطبق على مفردات أخرى مشابهة، بحسـات. فمن غـير المعقـول ــ مثال ــ أن نسـتن الزمـان والمكـان واآللي

ونحفر اليوم خندقا حول المدينة في محاربة العدو، وإنمــا أن|بسنته نستن بحكمته ونحصن المدينــة من دخــول األعــداء، بحســب طــرق التحصين باختالف األزمنة واألحوال، سواء كان ذلك خنـدقا أو سـورا أو إغالق المنافذ الحدودية أو باتفاقيات دولية أو معاهدات أو عالقات دبلوماسـية مـع دول الجـوار، واسـتمالتهم أو تهديـدهم حتى ال يتخـذ

العدو أراضيهم مقرا له لحربنا. باالســتفادة من ســلمان؛ لكونــه يمثل|كما يســتفاد من حكمته

ثقافة اإلمبراطورية الفارسـية األكـثر تطـورا من الناحيـة العسـكرية على التفكــير القبلي العــربي، فنســتفيد من هــذه الحكمــة بضــرورةــة العســكرية في حربنــا مــع العــدو االســتفادة من الخــبرات األجنبي



المتكافئ معنا، أو المتقدم علينا من ناحية الخبرة، كما كــانت حــرب الخندق تضم بين صفوفها اليهود المتفــوقين خــبرة على العــرب في

الدهاء والحرب. وال يمكن ألحد اليوم ـ أيا كــان ــ أن يقــول بحفـر خنــدق حــول

وما﴿، وتطبيقــا لقولــه تعــالى: |المدينة؛ اســتنانا بســنة رســول اللهسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا... .﴾آتاكم الر

فجميع األحكام الصادرة منه يجب طاعتها، واألخذ بها، واالنتهاء ، في|بنهيها، ولكن هذا األخذ واالنتهاء يكون بشكل دائم، وبنص قوله ، في|األحكــام الشــرعية، وبشــكل مــؤقت، وبحكمــة قولــه أو فعله

األحكام الحكومية. إن الفهم الضيق والمحــدود لمعــاني اآليــات الكريمــة والســننــد أو ــير، ويضــعه أمــام تهدي الشــريفة يصــغر من روح إســالمنا الكب

سخرية اآلخرين. مبلغا عن الله سبحانه من جهة،|كما أن عدم قبول كون النبي

وقائدا ورئيس دولة من جهة أخرى، أو بتعبير آخر: عدم قبول القول ينظــر إليهــا|بأن هناك نصوصا وأفعاال صــدرت من الرســول األكــرم

ر عن أحكام شرعية إلهيـة، وهنـاك أقـوال بصفة شرعية، أي إنها تعب لكونــه قائــدا ومــديرا لشــؤون الدولــة|وأفعــال أخــرى صــدرت عنه

را مسـتمرا، والطبيعة والمجتمع، الـتي تقتضـي بطبيعتهــا تحـوال وتغير بظروف دائمية أو مؤقتة، وأخذ كل فعــل يصــدر عنه على|كما تتأث

أنه حكم شرعي أو سنة نبوية يجب اتباعها أو االقتداء بها، يؤدي إلىــة، إفراطــا وتفريطــا، على في ــة، تنعكس بأشــكال تطر ــائج وخيم نت مســـتوى التشـــريع، فينتج الجمـــود على النص، أو األخـــذ بـــالرأي،فــة تــدعي والقيــاس؛ أو على مســتوى الواقــع، فتنتج حركــات متطر لنفسها اإلسالم، تأخذ ـــ من دون فهم وإدراك ـــ كــل مــا نســب إلى



قـه بحـذافيره في هـذا|رسول الله من قول أو فعل أو تقريـر، وتطبــروف ــال والظ ــع والح ــيات الواق ــاة مقتض ــر، من دون مراع العصـر على المحيطة والزمان والمكان؛ أو حركات علمانية )ال دينيـة( تنك

ــتي|رسول الله كل فعل رشيد، وتصمه ـ والعياذ بالله ـ وشــريعته الـة محضـة، وأفعـال أو قـوانين انتهت جاء بها بأنها مجرد طقوس ديني

عها. بانتهاء مقتضياتها، أو بوفاة مشرــية ــة في شخص ــذه النقط ــاء إلى ه ــات الفقه ــدم التف »إن ع الرسول، بوصفه حاكمــا وولي أمــر يقــوم على مصــالح المســلمين، وعالقتهـــا بالتشـــريع، قــد يــؤدي إلى تفســـيرهم لبعض النصـــوص اإلسالمية بشكل خاطئ، واستنباطهم منهــا أحكامــا إســالمية لعصــر غير العصر الخاصة بــه، مــع أن مضــمون هــذه النصــوص قــد يكــونخـذه النـبي عبـارة عن إجـراء معين محكـوم بظروفـه ومصـالحه، ات بوصفه ولي األمر المسؤول عن رعاية مصالح المسلمين في حــدود

.(746)واليته وصالحيته، فال يعبر عن حكم شرعي عام«ــبره معظم الفقهــاء ــد من إعــادة النظــر في مــا يعت »إذن ال بــا، بينمــا كثــير منهــا، أعــني األصوليين من الســنة حكمــا شــرعيا إلهي نصوص السنة، ال تتضمن أحكاما شرعية إلهية، بل تتضمن تدبيرات،ــة إداريــة. وقــد درج الفقهــاء على اعتبــار هــذه وهي أحكــام تنظيمي

. (747)أحكاما شرعية، وهي ليست كذلك« كما أن عدم التفرقة بين الحديث التشريعي واآلخر اإلداري جر إلى إيجاد تعارض بين األخبــار واألحــاديث، ال أســاس لــه. لــذا اعتــبر الشيخ الدكتور عبد الهادي الفضـلي التميـيز بين هـذين النـوعين من األحكام، أحد المرجحات التي تستخدم في رفع التعارض بين األخبار

. (748)واألحاديث نعم، إن عدم التفريق بين ما هو حكم شرعي ثــابت دائم لكــل



زمـان ومكـان ومـا مـا هـو حكم حكـومي صـدر بحسـب مقتضـياتع بصفة البقاء والــدوام، أدى على مــر العصــور إلى صدوره، وال يتمت نتائج سلبية، انعكست في الفتوى والواقــع، وذلــك من خالل عــد مــا ليس من الدين في الدين، أو عد ما هو في الدين خارجا عن الدين؛

نتيجة لعدم التفريق بينهما. لذا توجب على فقهــاء األمــة »تــدوين قـوائم كاملـة لألحــاديث اإلدارية المنبثة في كتب الحــديث وموســوعاته من خالل إحصــائيات

. (749)وافية؛ لتكون تلكم القوائم المرجع في هذا المجال« وتوجب على دعاة اإلسالم، والحركــات اإلســالمية على وجــهر من القصد والخصــوص، التميــيز بين مــا هــو ثــابت ومــا هــو متغيــة يقتــدى الدين، بين ما هو حكم شرعي يجب تطبيقه، وســنة نبوير المكــان ر بحســب تغي ويحتذى بها، وما هو موضــوع يســتجد ويتغي

والزمان، وحكم تدبيري اقتضته طبيعة المرحلة.

الهوامش


الشيخ أحمد عابديني•

محاولة قراءة مختلفةنجاسة الكلب في الفقه اإلسالمي*(*()الشيخ أحمد عابديني

مقدمة من المسائل المبتلى بها في عصــرنا الحاضــر مســألة نجاســة الكالب؛ إذ لألوروبيين؛ لعلــل ليس هنــا مجــال ذكرهــا، كالب تمشــي معهم في الشوارع واألسواق. وكثيرا مــا نــرى أن الكلب يــدخل فيــرش المــاء الماء، أو تمطر السماء عليه، ثم يحرك الكلب نفسه، وي إلى مكان بعيد، ويصيب أفرادا كثيرين. وأول سؤال يــرد في الــذهن

هو: هل كل الكالب أنجاس ذاتا؟ وعلى فرض كونها جميعا نجسـة ذاتـا فمعلـوم أن لعـاب فمهـا أيضــا نجس بال ريب، ولكن يمكن أن نســأل: هــل شــعرها وظفرهــا

ونحوهما أيضا نجس، أو بما أنها ال تحلها الحياة فهي طاهرة؟ــة كلهــا فنســأل: هــل أنهــا وأمــا إذا شــككنا في نجاســتها الذاتي

طاهرة كسائر الحيوان، أو أن لعابها نجس؟فهنا موارد من البحث يلزم أن نتعرض لها واحدا بعد آخر.

: هل الحكم بالنجاسة لكل الكالب أو يمكن التفصيل بينأولها الكالب، فنفرق بين الكلب الهــراش والعقــور وبين الكالب المفيــدة،

ككلب الصيد والحائط والبستان؟ والذي يلزم أن نتعرض له في االبتداء هو مـاذا يلـزم أن نعمـل

أستاذ الدراسات العليا في الحوزة العلمية في إصفهان،)*(*(من إيران.


نجاسة الكلب في الفقه اإلسالمي، محاولة قراءة مختلفة•

في تعارض اإلطالقين أو تعارض العموم واإلطالق. فــإذا كــان عنــدنا عمــوم بــأن كــل شــيء طــاهر إال الكلب والبــول والــروث من غــير مأكول اللحم و.... وكانت األدلة مطلقــة بالنســبة إلى الكلب، وليســراش أو لها عموم، فشككنا في أنه يشمل كل الكالب أو الكالب الهــه، العقور أو ما شابههما، فهل يقدم عموم الطاهر في المستثنى منــتثنى، فيحكم بحيث يشمل كلب الصيد ونحوه، أو يقدم إطالق المس بنجاسة جميع الكالب، أو نسكت في مــورد التعــارض؟ وعنــدها هــل

نرجع إلى العام الفوق؟ وما هو العام الفوق؟

قاعدة الطهارة الــذي ال شــك فيـه وال ريب أن القاعـدة األوليـة هي الطهـارة، فكل شيء طاهر واقعا إال ما أخرجه الدليل. فالــذي يــدعي الشــيعة إقامة الدليل على نجاسته عشرة موارد أو أكــثر، ولكن أهــل الســنة يرون نجاسة أربعة منها، ويختلفون في بعض آخر، ولكن ال يصل كل

ما يعدونه نجسا إلى السبعة، فضال عن العشرة أو األكثر. وفي بداية المجتهد ما ملخصه: اتفق العلمــاء من أعيانهــا على

أربعة:ـ ميتة الحيوان ذي الدم...1ـ لحم الخنزير.2ـ الدم المسفوح.3.(750)ـ بول ابن آدم ورجيعه4

»وقال الشوكاني: النجاسات هي غائط اإلنسان مطلقا، وبوله، ولعاب الكلب وروثه، ودم الحيض، ولحم الخنزير. وفي ما عدا ذلــك

. (751)خالف« وفي الفقه على المذاهب األربعة: أما األعيان النجسة فكثيرة،



منها: ميتة الحيـوان الـبري غـير اآلدمي، ومنهـا: أجـزاء الميتــة الــتي.(752)تحلها الحياة، ومنها: الكلب، والخنزير

وفي هامشه تحت الخط قال: المالكية قالوا »كــل حي طــاهر العين ولــو كلبــا. ووافقهم الحنفيــة على طهــارة عين الكلب مــا دام

.(753)حيا، إال أنهم قالوا بنجاسة لعابه حال الحياة« إذن فأهـل الســنة مختلفـون في نجاســة الكلب وعدمـه، وفي

نجاسة لعابه وعدمه. ولكن الشيعة متفقون إجماال على نجاسته.ــدوق ــيد(754)&ولكن الصـ ــيد، والسـ ــارة كلب الصـ ــال بطهـ قـ

.(755)المرتضى وجده قاال بطهارة ما ال تحله الحياة منها إذن فنجاسة الكلب مختلف فيها بين المسلمين، ونجاســة كــل

أصناف الكالب وكل أعضائها مختلف فيه عند الشيعة خاصة. فإن وجدنا دليال على نجاسة الكالب كلها فنقـول بهـا، ولكن إذا لم نجد دليال تامـا فبمقتضـى قاعـدة الطهـارة نقـول بطهارتهـا. وإن وجـــدنا دليال على نجاســـة الكلب إجمـــاال، أو بعض الكالب بصـــورة احتملنــا أنهــا قضــية شخصــية، أو وجــدنا دليال على نجاســة مطلــقــا قضــية شخصــية، أو وجــدنا دليال على ــا أنه الكالب بصــورة احتملن نجاسـة مطلـق الكالب ولكن احتملنـا أن يكـون الـدليل موسـميا، ال مطلقــا شــامال لكــل عصــر وزمــان، أو لم يكن إطالقــه يشــمل كــلــارة أو ــل هــذه الصــور فــالمحكم هــو قاعــدة الطه الكالب، ففي ك

أصالتها.

األدلة الدالة على نجاسة الكلب، ومدى داللتها من الواضح أن العقل ال يدل على هذه األمور الجزئية. ولو دل لدل على طهارة الكلب بقياس األولوية؛ إذ لو كان الــذئب وابن آوىــة والثعلب واألسد و... طاهرة فطهارة الكلب أولى؛ ألنه قابل للتربي



والتــدريب، ولــه وفــاء خــاص، وأيضــا هــو موجــود في حيــاة النــاس لصيدهم وبستانهم وبيتهم، وغير ذلك، وليس بسبع ضار، بــل مــؤدب

معلم، فالشريعة السهلة السمحة تعطي طهارته، ال نجاسته. وكتاب الله ليس فيه شيء يدل على نجاســة الكالب، بــل فيــه

ــه﴿ مــدح لبعض الكالب، كقولــه تعــالى: ط ذراعي ــ وكلبهم باسيد ــا، كقولـــه:18 )الكهـــف: ﴾بالوصــ ــا يعـــد غيرهـ (، وعـــدها كمـ

ة﴿ ــ ــ ــون خمس ــ ــة رابعهم كلبهم ويقول ــ يقولون ثالث ــ ــ ســامنهم بعة وث ــون ســ سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقول

(.22 )الكهف: ﴾كلبهم قل ربي أعلم بعدتهمــناف الكلب؛ وفي سورة المائدة ما يشم منها طهارة بعض أص

ــال: ا﴿إذ ق وارح مكلبين تعلمــونهن مم ومــا علمتم من الجــــه م الل ا أمسكن عليكم واذكروا اســ علمكم الله فكلوا مم

(؛ إذ لو كانت كــل الكالب أنجاســا، ويشــمل كلب4 )المائدة: ﴾عليهــوا ممــا أمســكن عليكم بعــد الصيد أيضــا، لكــان عليــه أن يقــول: كل غسله، فكما ذكر »اسم الله«، ولم يتركــه لوضــوحه، كــان عليــه أن يذكر نجاسته، وال يتركه لوضوحه. فقــول بعضــهم: )ال إطالق( قابــل

للنقاش. فالقرآن أيضا لو دل لدل على طهارة الكلب إجماال. أمـا اإلجمـاع فقـد ادعي اإلجمـاع في الكتب الفقهيـة الشـيعية على نجاســـتها، بحيث ادعى صـــاحب الجـــواهر أن نجاســـتها منل، بــل ضــرورة ضــروريات المــذهب، حيث قــال: ولإلجمــاع المحصــ

. (756)المذهب، والمنقول في الخالف، وعن غيره على الكلب وفي مستمســك العـروة: »إجماعـا، كمــا عن الغنيـة والمعتـبر

.(757)والمنتهى والتذكرة والذكرى وكشف اللثام وغيرها« وفي تنقيح العروة: »وأما الكلب فال إشــكال في نجاســته عنــد

.(758)اإلمامية في الجملة«



فوجود اإلجماع مما ال شك فيه. ولكن هل اإلجماع منعقد على الكالب، حتى كلب الصيد، وعلى كل الحاالت حتى مثــل يومنــا هــذا،ة، وأغذيــة الذي نرى فيه تنظيف الكالب وغسلها، ولها دكــاترة خاصــدي أو خاصة؟ وأيضا ـ وهذا هو المهم لدى الفقيه ــ هـل اإلجمـاع تعب

مستنده األخبار التي بأيدينا؟ الذي نظنه بل نطمئن به ـ وإن كان احتماله أيضا يكفي، فضــال عن ظنه ـ أنه ليس عندهم شيء آخــر غــير هــذه األخبــار الموجــودةديا، بــل ناشــئ تعب في كتبنا الروائية. فاإلجماع ال يكون دليال مســتقال

عن األخبار، أو إن لألخبار في انعقاده دورا أصليا.ــدركهم. وأيضــا نحن ــا أن نالحــظ م ــدركي. وعلين ــاع م فاإلجمــه؛ إذ من ــل لبي ال إطالق ل ـه دلي ـ ــاع؛ ألن ــاكون في إطالق اإلجم ش المحتمل أن إجماعهم كــان على الكلب العقــور والهــراش، والكالبــاة اليــوم. بة لألمــراض، دون الكالب النظيفــة المرب الوســخة المســب

فداللة اإلجماع بمفرده على نجاستها غير تامة.

األخبار األخبار ـ وهي العمدة في نجاسة الكلب ـ على طوائف، فيلزم

أن نتكلم حولها بالتفصيل.

األولى: ما يدل على أنه رجس نجس عن×ـ الفضل أبو العباس البقباق قال: ســألت أبــا عبــد الله1

ــال ــل والبغ ــار والخي ــل والحم ــرة واإلب ــرة والشــاة والبق فضــل اله والوحش والسباع، فلم أترك شيئا إال وسألته عنه، فقال: ال بأس به،ــله، أ بفضـ ــ ــال: رجس نجس، ال تتوضـ حتى انتهيت إلى الكلب؟ فقـ

. (759)واصبب ذلك الماء، واغسله بالتراب أول مرة، ثم بالماء



، وأنـا×ـ معاويـة بن شـريح قـال: سـأل عـذافر أبـا عبـد الله2 عنده، عن سؤر السـنور والشـاة والبقـر والبعـير والحمـار والفـرس والبغال والسباع، يشرب منه أو يتوضأ منه؟ فقال: نعم، اشرب منــه وتوضأ، قال: قلت له: الكلب؟ قال: ال، قلت: أليس هو بسبع؟ قــال:

.(760)ال، والله إنه نجس، ال، والله إنه نجس.(761)ونظيره عن معاوية بن ميسرة، عن أبي عبد الله

أقول: الروايات كالصريحة في نجاســة ســؤر الكلب، وبالتــاليح بالتفــاوت بين×في نجاسته، وال سيما عندما نــرى أن اإلمــام صــر

سؤر الكلب وغيره، وبمــا أن ســؤر ســائر الحيوانــات نظيــف شــرعافسؤر الكلب نجس شرعا، ولو لم يره العرف نجسا.

ولكن أول مــا في الــذهن هــو أن األصــحاب لمــاذا ســألوا عنم باســم×نجاسة الكلب بهذه الصورة؟ ولماذا أجــاب اإلمــام بالقســ

الجاللة؟ وهل هو من المسائل المهمة المحتاجة إلى القسم؟ عندما نطالع الجو الفقهي آنذاك نشــعر أن الجــو الغــالب كــان للحنفية والمالكية، والمالكي أفتى بطهارة كــل حيــوان، وأبـو حنيفــة

أن^، فكــان حقــا ألصــحاب األئمة(762)أفــتى بطهــارة غــير الخــنزير يشكوا في نجاسة الكلب بعد مــا رأوا فتــوى هــذين العلمين. وأيضــا كان العرف ـ وكذا األصحاب ــ ال يـرون نجاسـة عرفيـة للكلب أكـثر مما كانوا يـرون في سـائر السـباع. فـالفتوى بطهـارة الكلب كـانت موافقة للعرف، وال سيما آنذاك، حيث حيــاة البــدوي تقتضــي وجــود الكلب معهم في الصحارى وأطراف البيوت والخيم وغير ذلـك. فلـو

يفتي بنجاسة الكلب دون أي دليل مقبول عند العرف×كان الصادق فـإن هــذا تشــجيع للعــرف البســطاء على أن يميلـوا إلى فقــه أهــل

ــدأ الصــادق دا، وبعــد×الســنة. فب ــة واإلرشــاد؛ ثم قــال مؤك بالهداي القسم باسم الجاللة: إنه رجس، حتى يوقظ الناس من النوم، الذي



يرون فيه طهارة الكلب، وأنه مثــل ســائر الســباع، وال يلتفتــون إلىقذارته ورجسه.

ــان×فقوله ــو بي ــل ه ــا لحكم فقهي، ب : رجس نجس ليس بيان للقذارة العرفية حتى يفهم الناس. فلهــذا يحتــاج إلى قســم وتأكيــد،ـا في حتى يقبله العـرف العــامي والشــيعة البســطاء. وأيضـا مــر من البحث عن طهارة اإلنسان الذاتية تحقيــق حــول كلمتي »الــرجس«ـا هنــاك أن هــذين اللفظين كانــا يســتعمالن في ـ ن و»النجس«، وبيــرعي حتى في زمن ــنى الش ــة، ولم ينقال إلى المع ــذارة العرفي الق

، وأنهمـــا كانـــا يســـتعمالن في المعـــنى العـــرفي، دون’الصـــادقينالشرعي.

فطهـــارة الكلب أو نجاســـته يلـــزم أن يفهم من دليـــل آخـــر.ــالى ــه تع ــالكلب رجس أو نجس نظــير قول ركون﴿ف إنمــا المشــ

ــة: ﴾نجس ــه: 28 )التوب ر﴿(، أو نظــير قول إنمــا الخمــر والميســ(.9 )المائدة: ﴾واألنصاب واألزالم رجس

ــة على نجاســة ــة اآلي ــدم دالل ــا بع ــا ســابقا وقلن ــا بحثن ــع أن م المشركين. وأيضا من الواضح عند الجميع بأن الميســر ليس نجســا

فقهيا، بحيث ينجس الثوب المالقي له رطبا. فهاتان الروايتان، وال سيما الثانيـة، تـدالن على نجاسـة الكلب

العرفية.: ما الفرق بين النجاسة العرفية والشرعية؟اإلشكال

: النجاسة الشرعية رفعها بيد الشارع، فعلينا أن نطالعاإلجابة كيــف يرفــع النجاســة؟ وأيضــا مقــدار تنجيســها بيــد الشــارع؛ ولكن

النجاسة العرفية رفعها وتنجيسها كله بيد العرف. فـإذا كـان الكلب نجسـا عرفـا، والعـرف لم يـر نجاسـة للمـاء المنتثر من الكلب الممطور، فالماء المصيب للشـخص ليس نجسـا؛



ــه نجس بحكم ــر من رعا فالمــاء المنتث ــه نجس شــ ــا بأن ولكن إذا قلنرع. الش

الثانية: ما يدل على أن الله لم يخلق خلقا أنجس منه ـ عن بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن محمد بن القاســم،3

ل من البــئر×عن ابن أبي يعفــور، عن أبي عبــد الله قــال: ال تغتســــا، وهــو ال التي يجتمع فيها غسالة الحمام؛ فإن فيها غسالة ولــد الزنهما؛ إن الله لم يطهر إلى سبعة آباء، وفيها غسالة الناصب، وهو شر يخلــق خلقــا أنجس من الكلب، وإن الناصــب أهــون على اللــه من

.(763)الكلب ـــ في حــديث ـ×ـــ ...عن ابن أبي يعفــور، عن أبي عبــد الله4

ـاك أن تغتسـل من غسـالة الحمـام؛ ففيهـا تجتمـع غسـالة قـال: وإي اليهــودي والنصــراني والمجوســي والناصــب لنــا أهــل الــبيت، وهــو شرهم؛ فإن اللـه تبـارك وتعــالى لم يخلـق خلقــا أنجس من الكلب،

.(764)وإن الناصب لنا أهل البيت ألنجس منهــنى النجس ــبرين ليس بمعـ ــظ »أنجس« في الخـ ــول: لفـ أقـ الفقهي الشرعي؛ إذ في الفقه ال يوجــد »أنجس«، بــل الشــيء إمــا طاهر أو نجس. وأيضا الناصب الذي هــو أهــون أو أنجس من الكلب نحن تكلمنا حوله في البحث عن طهارة اإلنسان الذاتية، وقلنا هناك بأن كل إنسان طاهر ذاتـا، فالـذي نجاسـته أقـل من الناصـب ألهـل

البيت هو طاهر باألولوية القطعية. والــذي يهمنــا هــو أن الخــبرين في الواقــع خــبر واحــد؛ التحــاد الراوي والمــروي عنــه والمضــمون؛ »فــأهون على اللــه« هــو نفس »ألنجس منه«. وعلى أي حال هناك تناقض صــريح في كالم اإلمــام

قـال: »إن اللـه لم يخلـق×ال يمكن رفعه بسـهولة، وهـو أن اإلمـام



خلقا أنجس من الكلب«، فبعد هذا ال معـنى لقولـه: الناصـب أنجسمنه، أو أهون على الله منه.

كان في صــدد×وال يمكن حل التناقض إال بأن يقال: إن اإلمام إيجاد النفرة واإلزعاج في قـوم من الشـيعة والسـنة الجهالء. الـذين كــانوا يعتقــدون أن في مــاء البالوعــة أو غســالة الحمــام شــفاء من

ــرهم(765)العين، وكانوا يغتسلون في البئر البالوعة من الحمام . فزج ، ونهاهم، واســتدل عليهم، وقــال: الشــفاء من اللـه، والمــاء×اإلمام

بنفسه ليس فيه شفاء. فإذا أصاب الماء بدن اليهــودي أو النصــراني أو بدن ولد الزنا أو الناصب ـ أي العدو لألئمة األطهار ـ فكيف يصــبح

قابال للشفاء؟!ـة، منافيـة فنجاسة الناصـب أو الـزاني أو الكلب نجاسـة معنوي

للشفاء، ال نجاسة ظاهرية.ــا من وعلى هذا ال إشــكال في أن يكـون الشــيء أنجس معنوي

اآلخر. كما يمكن أن يكون شيء أطهر من اآلخر. هذا كله بعد صحة السند لهذين الخبرين. ولكن أنت خبــير بــأن األول مرسل، والثاني منقول عن علل الشرائع، الــذي هــو ليس في

الفقه بمثابة الكتب األربعة قيمة.

ه الكلب برطوبة الثالثة: ما يدل على وجوب غسل ما مس : إذا أصاب×ـ عن الفضل أبي العباس قال: قال أبو عبد الله5

ه جافــا فاصــبب عليــه له، وإن مســ ــك من الكلب رطوبــة فاغســ ثوب.(766) أمر بقتلها|الماء، قلت: لم صار بهذه المنزلة؟ قال: ألن النبي

، قــال:×ـ حمــاد، عن حريـز، عمن أخــبره، عن أبي عبــد الله6 ــا ســألته عن الكلب يصــيب الثــوب؟ قــال: انضــحه، وإن كــان رطب

.(767)فاغسله



، قال: سألته عن×ـ عن القاسم، عن علي، عن أبي عبد الله7.(768)الكلب يصيب الثوب؟ قال: انضحه، وإن كان رطبا فاغسله

ـ حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبـد8 عن الكلب يصيب شيئا من الجسد؟ قال: يغسل المكان الذي×الله

.(769)أصابه أقــول: يمكن أن ترجــع األخبــار األربعــة إلى خــبر واحــد، وهــو صحيحة الفضل أبي العباس، مع زيادة؛ ويمكن أن ال نرجعـه. والـذيص، يهمنا هــو أن صــحيحة الفضــل ذات تعليــل، والعلــة تعمم وتخصــ فبالنتيجة صنف من الكلب الذي أمر رسول الله بقتله هو النجس، ال

ــية، وال|كل الكالب؛ إذ إنه لم يأمر بقتل كلب الصيد، وال كلب الماشما شابههما، بل جعل لقتل كل واحد دية.

فالكلب الهراش أو العقور، الذي أمر بقتلـه، إذا أصـاب الثـوب منه شيء فيجب غسله. ووجوب غسل الثوب يدل على نجاسة هــذا

الصنف من الكلب. والنتيجة أن هذه الطائفــة تــدل على التفصــيل بين الكالب في

النجاسة وعدمها.

الرابعة: ما يدل على وجوب غســل اإلنــاء الــذي ولــغ فيــهالكلب أو شرب منه

ــد الله9 ــ محمــد بن مســلم، عن أبي عب ــال: ســألته عن×ـ ق.(770)الكلب يشرب من اإلناء؟ قال: اغسل اإلناء

ــد الله10 ــز، عمن أخــبره، عن أبي عب ــ حري ــغ×ـ قــال: إذا وله .(771)الكلب في اإلناء فصب

ــرت في ضــمن11 ــاس أيضــا م ــ صــحيحة الفضــل أبي العب ـ.(772)الطائفة األولى



أقول: وجوب غسل اإلناء أمــر ال اختالف فيــه بين المســلمين، حتى المـالكي وأبـو حنيفــة القـائالن بطهـارة الكلب؛ إذ األول يقـول

دا، والثاني يرى لعاب الكلب نجسا. بوجوب غسله تعبــالكي، ولكن فوجوب الغسل ال يدل على النجاسة في رأي الم

في رأي غيره يدل عليها بال ريب. وعليــه فلعــاب الكلب نجس، ولكن هــذا ال يــدل على نجاســتهــة؛ إذ يمكن أن يكــون للعابــه خصوصــية، كــالبول والــروث، وال الذاتي سيما عندما يخبر العلم الجديد عن الميكروبــات فيــه. ولكن نجاســةــده ــدما يطهر جس ــيما عن ــه، وال س ــة بدن ــدل على نجاس ــه ال ت لعاب بالصابونات المخصوصة، فجسد الكلب كسائر األجســام والجمــاداتيصبح نظيفا، ولكن لعابه الخارج من باطنه يبقى على حاله النجسة. والنتيجة أن هـذه الطائفـة تـدل على نجاسـة لعابـه، ال نجاسـةــأت جســده. ولكن بالنســبة إلى التفصــيل بين أصــناف الكلب لم ي

بشيء. فما قلته في كتاب طهارة اإلنسان الذاتية من أن الســؤال عن السؤر كان في الواقع سؤاال عن الطهارة الذاتية وعدمها يحتــاج إلى زيادة توضيح، وهو أن طهارة السؤر تدل على طهارة الجسد، ولكن

نجاسته ال تدل على نجاسة الجسد.

ما دل على طهارة الكلب، ولو بعضا أو احتماال الذي يقول بطهارة شيء ال يحتاج إلى دليل؛ إذ كالمــه مطــابق للقاعدة، ولكن الذي يدعي نجاسة شيء فعليه أن يأتي بدليل. فبعد النقاش في أدلة نجاسة الكلب ظهر أن لعــاب بعض الكالب أو كلهــا نجسة، وظهر أن جسد بعضها أيضـا نجس، ولكن نجاسـة اللعـاب أو

الجسد منها جميعا يحتاج إلى دليل إضافي، وال يوجد.



د الطهارة ـ ولو في بعضها ـ قوله تعالى: 1 ا﴿ـ ويؤي فكلــوا ممم اللـه عليـه كن عليكم واذكـروا اسـ (؛ إذ4 )المائــدة: ﴾أمسـ

إمساك الصيد ال يمكن إال بالمخلب والعض ومــا شــابههما، واللــه لم يأمر بغسله منهما، كما أمر بــذكر اســم اللــه، فلــو كــان الزمــا يجب

ذكره. : لم يأمر بغسل الدم الخارج من الحيوان أيضــا، مــعاإلشكال

أنه حرام أكله ونجس، واالصطياد مالزم لخروج الدم دائما.ــال:اإلجابة ــه، وق ــابقة علي ــة الس ــدم في اآلي : أعلن حكم ال

مت عليكم الميتة والـدم﴿ (. وأيضــا أعلن ذلــك3 )المائــدة: ﴾حر في مواضع أخر من القرآن، وأما بالنسبة إلى نجاسة الكلب أو فمــه

فلم يقل شيئا، ال في سورة المائدة وال في غيرها.: اإلطالق هنا ليس في مقام البيان من هذه الحيثية.اإلشكال

اإلجابة : القرآن حجة، بــل من أعلى الحجج، فمــا دام لم يــرد دليل قرآني أو عقلي أو نقلي مخـالف إلطالقـه فإطالقـه محكم، وال سيما بعدما رأينا أن أدلة نجاسة الكلب لم تكن تامة، وال عامــة، بــل

هي مجملة جدا.د الطهارة أيضا ما عن سـعيد األعـرج قـال: سـألت أبـا2 ـ ويؤي

عن الفــأرة والكلب يقــع في الســمن والــزيت، ثم يخــرج×عبد اللهحيا؟ فقال: ال بأس بأكله.

فيظهر منه أن بدن الكلب طاهر، بحيث بعد أن وقع في الزيتوخرج حيا فالزيت يؤكل.

ــزيت ولكن اإلشكال الذي يأتي في الذهن أن الفأرة تقع في ال كثيرا، ولكن وقوع الكلب فيه بعيـد، غايتـه أن الـزيت والسـمن كـان

في الخابية غالبا، ال في الحياض الكبيرة.ده أن الشــيخ ــا. ويؤي ــط هن في&فنظن أن لفــظ »الكلب« غل



. فلــذا لم نســتدل بــه، بــل(773)التهــذيب أيضــا لم يــأت بـــ »الكلب«دا. وأضبطية الكليني ، وأصالة عدم الزيادة، مفيــد لرفــع&جعلناه مؤي

الشك، ال لنفي الظن واالطمئنان.د الطهــارة أيضــا صــحيحة ابن مســكان، عن أبي عبــد3 ـــ ويؤي

، قال: سألته عن الوضوء مما ولغ فيه والسنور، أو شرب منــه×الله جمل أو دابة أو غير ذلك، أيتوضأ منــه أو يغتســل؟ قــال: نعم، إال أن

ه عنه .(774)تجد غيره، فتنزــه يمكن أن يكــون المــاء دا، ال دليال، أن والوجه في اعتبــاره مؤي كثيرا كرا وما فوقه؛ بقرينة شرب الجمل أو الدابة منه؛ إذ المتعارفــه« ــغ الكلب في شربه من الغدران وما شابهه، فـ »ما« في »مما ول

ليس منحصرا باإلناء وما شابهه، بل منصرف عنها.دات صــحيحة محمــد بن مســلم، ولكن في مقابــل هــذه المؤي

ته×قال: سألت أبا عبد الله عن الكلب الســلوقي؟ قــال: إذا مسســ.(775)فاغسل يدك

والسلوق قرية باليمن أكثر كالبها كالب صــيد معلمــة، فينســب إليها كل كلب صيد مجازا. وهذا ظاهر في نجاسـة كلب الصـيد، وبـه

دات. يجاب عن كل المؤي : ليس معلومــا أن المس وقــع برطوبــة؛ إذ اليــدأوال: أقــول

ــدونها والكلب كالهما جافان طبعا، فإثبات وجود الرطوبة مشكل، وبتكون الرواية حكما تنزيهيا.

: إن الكالب التي كانت مــوردا لبحثنــا فعال هي غــير كالبثانيا الصيد الســلوقي؛ إذ الكالب الــتي في عصــرنا ، وهي محــل لالبتالء،ة، وحمامــات خاصــة، و...، بينمــا كالب كالب نظيفة لها دكاترة خاصــ

السلوق كانت معلمة فقط، من دون تنظيف ورعاية أمور صحية.ـاة ـه تبقى حــال الشـك بالنســبة إلى الكالب المرب فمع هــذا كل



اليوم على حالها.

األصل العملي: أصالة الطهارة مرة ينظر الفقيه إلى هذه األمور بمالحظــة العــالم الخــارجي ـ أي الشعب األوروبي وأنسهم مع الكالب الخاصة، وأخــذها معهم في الشوارع واألبنية، وأنه يرى كالبا نظيفا لها دكاترة خاصة، والصــابون الخاص، وكذا الحمامات الخاصة، ولها رواتب معينة دولية، ولها تربيةـة خاصة، و... ـ فيطمئن بأن صنفا خاصا من الكلب طـاهر؛ إمـا لألدل التي مرت؛ أو للنقــاش في أدلــة النجاســة، فيفــتي بطهــارة صــنف، ونجاسة ما بقي منها؛ وأخرى ال يرى هذه األدلة بشيء، ويـتيقن أنهـا مخدوشة، ويرى أدلــة نجاســة جميــع الكالب في كــل األزمنـة تامــة،ر أو ها بحــوث الثــابت والمتغي وأنهــا من ســنخ ال تصــلها وال تمســ موسمية الروايات، فهـو أيضـا في فســحة، ويفـتي بنجاسـة كـل مـا

يسمى كلبا. وثالثة يشك في نجاسة بعض الكالب ـ كما شككنا ـ، سواء بعدــدور إلى األصــول ــا، فيصــل ال ــان بطهــارة البعض أو مطلق االطمئن

العملية.نا في كلب كــان واألصل الحاكم ليس استصــحابا؛ إذ ليس شــك نجسا، بـل شـكنا في داللـة الـدليل، وأنـه هـل يسـتفاد منـه نجاسـةــة على تخصــيص قاعــدة ــارة أخــرى: هــل األدل ــع أو ال؟ وبعب الجميص المنفصـل الـذي الطهـارة كـانت تامـة أو لم تكن؟ أو أن المخصـ خصص القاعدة خصصها بحيث أخرج كــل الكالب أو أخــرج بعضــها ـ الواجب قتلها ـ فقط؟ فهذا يصبح نظير: »أكرم العلماء«، و»ال تكرماق من العلمــاء«؛ فــإذا كــان المكلف شــاكا في أصــل صــدور الفســ الثاني أو في مفهوم الفساق، وأنه هل يشتمل المرتكب للصغائر أو



ينحصر في من يــرتكب الكبــائر؟ في هــاتين الصــورتين المحكم هــوعموم أكرم العلماء.

ففي ما نحن فيه أيضا المحكم هــو قاعــدة الطهــارة. فــالكالبالتي نشك في طهارتها داخلة تحت عموم قاعدة الطهارة.

: مــا الفــرق بين من تيقن بطهــارة بعض الكالب ومنإشكالشك في طهارتها؟

ــة لــذاكاإلجابة : الذي تيقن أو اطمأن يحكم بالطهارة الواقعيــة، البعض، ولكن الــذي يشــك يحكم بالطهــارة الظاهريــة، ال الواقعي

ولكن في العمل ال اختالف بينهم. وعلى أي حال فنحن في فسحة في أن نفتي بطهــارة جســد الكالب المعلمة، طبقا لألصـل أو القاعـدة، ووجـوب االجتنـاب عن

لعاب فمها.

الهوامش


التعذيب وعلم األخالق، دراسة في الفلسفة الهيدونية •

دراسة في الفلسفة الهيدونيةالتعذيب وعلم األخالق*(*()د. حميد صادقي

ترجمة: علي الوردي

مقدمة هل يجوز ـ طبقـا لمبـادئ علم األخالق ــ تعـذيب شـخص بغيـة إبعاد الضرر عن عدد أكبر من الناس أم ال؟ وهـل يجـوز لنـا التجـاوز على حقوق اآلخــرين بقصــد توفــير أعلى درجــات الســعادة للنــاس؛ والتقليص من وضعهم المأساوي إلى أدنى حــد ممكن؟ وهــل يجــوز أخالقيا التصدي لظاهرة تفشي الظلم والتجاوز على حقوق اآلخرين من خالل التعدي على حقوق اآلخرين أم ال يجوز لنا ذلك، حــتى لــو

علمنا أنه يحقق لنا نتائج كبيرة؟ ســنحاول اإلجابــة عن هــذه األســئلة وفقــا لمعطيــات النزعــة

الهيدونية، أو ما يسمى: بمذهب اللذة.ــا تمهيدا للخوض في هذا البحث يمكننا طرح السؤال التالي: م هو المعيار الصحيح الذي يعتمده أتباع مذهب اللذة لقياس الســلوكــه الصحيح؟ إن السلوك الجيد بالنسبة لهذا المذهب األخالقي الذي ل قوانينه الخاصة هو السلوك المثمر الــذي يحقــق للمجتمــع الســعادة والرفاه. وبعبــارة أخــرى: الشــخص المحظــوظ هــو الشــخص الــذي يشعر معظم األوقات بالرضا، وينعم بسعادة العيش. وبناء على ذلك

أستاذ جامعي متخصص في الحقوق واألخالق المعاصرة،)*(*(من إيران.


د. حميد صادقي•

فالسعادة تعني أن يتمتـع الفـرد بنصـيب وافـر من اللذائـذ. والعمـل الصحيح ـ من وجهة نظر هذا المذهب ـ هو العمل الذي يجلب الخير ويدرأ الشر. فكـل عمـل يجلب المتعـة يعـد عمال جيـدا، وكـل عمـل يؤدي إلى الحرمان منها يعــد ســيئا. وانطالقـا من ذلــك فــإن العمــل الذي يحقق أكبر قـدر من اللـذة، أو يـدفع أكـبر قـدر من األذى، هــو عمل جيد، وهو عمل يجدر بنا القيام به. فعلى سبيل المثــال: لــو أنــاقين، من خالل شخصا تمكن من إدخال السرور إلى قلب أحد المع اصطحابه إلى أحد المتنزهات، وتوفير كل ما يجلب له المتعــة، فمن الطبيعي أن قيام ذات الشــخص بإدخــال الســرور إلى قلب خمســة من المعاقين هو أفضل بكثير من فعله في المثال األول، وعمله هذا

ـ بدون أدنى شك ـ عمل صحيح يجدر القيام به. يرى أتبــاع مــذهب اللــذة أن اللــذة تنحصــر في الشــيء الــذي يكون ممتعا في ذاته، وبذلك يمكن االنطالق في تقييم بــاقي األمــور تبعا لهذا المبدأ. والمتعة قد تتحقــق بمــا هــو في متنــاول اليــد، وقــد

تتحقق بما سنصل إليه فيما بعد.ــز بين األمــر اإليجــابي ومن المناسب هنــا أن نعــرف كيــف نمي ــدفا كوسيلة وبين األمر اإليجابي كهدف، فإذا كان الشيء اإليجابي ه بحد ذاته فإن فوائده تعود عليه فحسب، في حين أنه إن كان وسيلة فإن ما يحققه من فوائـد سـيعود للغـير أيضـا. ويتفـق أتبـاع مــذهب اللذة على أن األعمال الصحيحة هي تلك األعمال التي تكون إيجابية كوسيلة، ال كهدف. وإنما يكون الفعل فعال صحيحا حقا إذا أريــد منــه تحقيق أهداف جيــدة ومحــددة. وبعبـارة أخــرى: األعمــال الصــحيحة

والمقبولة هي األعمال التي تحرز أهدافا جيدة. ويعتقــد الهيــدونيون التقليـديون بـأن قصــد الخــير وتحولــه إلى هدف كاف في تحقيق اللذة والسعادة و إقصاء األلم والمعانـاة. أمـا



ــه، المثاليون فيرون أن المتعة واللذة ليست أمرا إيجابيا في حــد ذات لكن امتزاجها باإليمان والمحبة والعلم والجمال، وتحولها ـ معا ـ إلى

غايات، يجعل منها أمرا إيجابيا. وعلى أي حال فإن الفـريقين يســلكان نفس الطريـق؛ ألن كال

منهما يعتقد أن اشتمال العمل على اللذة دليل على صحته. يقول رافائيل: إن القيمة األخالقية ـ بحســب الهيدونيــة ـــ على

يأخــذ نفس إنجــاز األعمــال الصــحيحة بالحســبان؛األول:نــوعين: الثــاني:وذلك ألن إنجاز العمل يكون بدافع اإلحساس بالمسؤولية؛

ــة، ــرى، كالعاطف ــدوافع أخ ــا ل ــاس وفق ــل يق ــاز العم إن نفس إنجواإلخالص، والشجاعة.

ويعتقــد التقليــديون من أتبــاع مــذهب اللــذة أن كــل حالــة من الحالتين هي بمثابة وسيلة جيدة. وقــد تقــدم أن األعمــال الصــحيحة بالنسبة لمذهب اللذة هي األعمال التي تتحدد قيمتهــا وفقــا للفائــدة التي تعود منها، ولذا فإن اعتيـاد القيـام بعمـل مـا بـدافع اإلحسـاس بالمسؤولية يعتبر أمرا مفيدا؛ ألنه يجعـل الفـرد ينجـز العمــل برغبـة وشـوق. إن أهميـة وقيمـة بعض المحفزات، كالشـجاعة، والعطـف، واإلخالص، تكمن في قدرتها على جلب السعادة ودرء التعاســة. لــذا فإن أهميتها تكمن في تأثيرها اإليجابي في رفــع مســتوى الســعادة،

والحد من التعاسة. وهنا سؤال قد يطرح نفســه: مــا هــو موقــع التضــحية والفــداء بالنسبة إلى النزعة الهيدونية؟ وهل تعــد التضــحية عمال صــحيحا في جميــع األحــوال؟ يعتقــد رافائيــل أن من يضــحي بســعادته من أجــل إسعاد اآلخرين فإن عمله يعد صالحا، بشـرط أن ال يمتلـك اآلخـرونــمى تطلعا نحو سعادة أسمى. ففي حال وجود تطلع نحو سعادة أس فإن التضحية تعد عمال خاطئا؛ إذ ليس هناك أي مــبرر للتضــحية من



أجل زيــادة نصــيب اآلخــرين من الســعادة. ومن األمثلــة على ذلــك: المعاناة والمأساة التي واجهها أولئك الذين وقفــوا إلى جــانب هتلــر عندما دفعوا ثمنا غاليا بتضحيتهم من أجل زيـادة نصــيب غــيرهم من

السعادة. وفي مقارنته بين التقليديين والمثاليين من أتباع مــذهب اللــذة يــرجح رافائيــل التقليــديين )الكالســيكيين( على المثــاليين، ويمنحهم مكانة أسمى؛ وذلك أن الكالســيكيين يســخرون نظــريتهم األخالقيــة لتكــريس اإلصــالح االجتمــاعي، في حين ال يتجــاوز المثــاليون قيمــة

الفرد، والجانب الجمالي. ــا للفلســـفة الهيدونيـــة من هـــو وقـــد يتســـاءل البعض: وفقـ

المستهدف بالسعادة؟ يرى التقليـديون أن السـعادة الفرديـة هي المعيـار المطلـوب. وبالطبع فـإن هـذه السـعادة ال تقتصـر على بـني البشـر فقـط، بـل

تشمل كل أنواع الحيوانات التي تعرف معنى السعادة والمعاناة. وفي مقابل أتباع االتجاه التقليدي، الذي يدعي أن تــوفر اللــذة أمر مرغوب وعدم توفرها غـير مرغـوب ــ وبغض النظـر عمـا ينجم عن ذلك ـ، يعتقد غير التقليديين من أتباع مذهب اللذة بأنه لــو تــردد أحــد في اتخــاذ القــرار الــذي ينشــده فال بــد أن يأخــذ بعين االعتبــار العواقب المحتملة لسعادة أو تعاســة أي شــخص أو أي كــائن يمكن أن يتأثر بهذا العمل، لكن ليس من الضــروري األخــذ بنظــر االعتبــار العواقب غير المباشرة التي قد يتعرض لها أناس آخرون في أمـاكن أخرى من العــالم. يقـول رافائيـل: إن البعض يتصـور أن الهيـدونيين يعتقــدون بــأن الواقــع النفســي هــو الــذي يتحكم بســلوك اآلخــرين،ــك بعض فيدفعهم لتحقيق أكبر قدر ممكن من السعادة، وقد دفع ذلــي والمنهج األخالقي ــي النرجس ــع النفس ــدمج بين الواق ـاب لل الكتـ



الهيدوني. وعلى الرغم مما قد يبدو عليه الدمج بين األمرين من غموض، إال أن السؤال الذي يبقى ملحا هنا هو: ما هــو الطريــق الــذي ينبغي ســلوكه من أجــل زيــادة نصــيبنا، وكــذلك نصــيب ســائر النــاس من

السعادة؟ الطريق بحسب الهيدونية هو تجنب كل أشكال الفوضى وعدم االنســجام. فالهيــدونيون يعتقــدون بــأن أي عمــل يــؤدي إلى زيــادة نصيب عامــة النــاس من الســعادة عمـل حســن وممتـع؛ إذ ال يمكنــق للعاقل االستغناء عن معونة غيره في أي وقت. وعليه فلكي يحق أكبر قدر من اللذة يحاول مساعدة اآلخرين بتقديم أفضل الخــدمات لهم؛ ليحصل على دعمهم ومساعدتهم مــتى شــاء؛ إذ كمــا قلنــا: إن

العاقل بحاجة مستمرة لمساعدة اآلخرين. وبتعبير أدق: إن رغب الشخص في تعزيــز قيمتــه الذاتيــة فمــا عليه سوى تلبية رغبات الناس، وتحقيق أكبر قدر من الســعادة لهم، وهذا النمط من األداء ضروري لكل من يحــاول الوصــول إلى غايتــه

المتمثلة في التوفر على أكبر قدر من اللذة. وطبقا لرأي رافائيـل فـإن الهـدف من األصـل األخالقي، الـذي يدعو اإلنسان لتلبية رغبات الناس، وتحقيق أكــبر قــدر من الســعادة لهم، هو أن مثل هذا السلوك ضروري للفــرد إذا كــانت غريــزة حب الذات ـ األسلوب األفضل لضمان المنــافع الشخصــية ـــ تتحــرك في

إطار اإلدراك العقالني. ووفقا ألتباع مذهب اللذة فإن باستطاعة اإلنسان تحقيق نفس المستوى من الجـودة في العمـل، سـواء كـان متضـمنا للدافعيـة أود من هــذه النتيجــة عــبر القيمــة األخالقيــة مفتقرا إليها. ويمكن التأكــاس، ليس عن لة بتحقيق أكبر قدر من السعادة للن الهيدونية، المتمث



طريق اإلحسان البسيط لهم فحسب، وإنما عبر الحـرص واالهتمـامبتلبية رغباتهم، وتحقيق ما يطمحون له.

ويبــدو أن مبــدأ األنويــة لم يكن خاليــا من التــأثير على االتجــاهــل الهيدوني؛ وذلك أن اهتمام األخير بالصلة بين القيم األخالقية ال يق

عن اهتمامه بالقانون والسياسة. ويعتقد أتباع هذا المذهب بأن العمل الصــالح هــو العمــل الــذي يرفع مستوى السعادة إلى أقصى ما يمكن، ويقلص األذى إلى أدنى ما يمكن. ومن المعلوم أن أكـثر النـاس يسـعون لتحقيـق سـعادتهم

الشخصية بدافع حب الذات. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ماذا على المرء أن يفعــل كي

يحقق لنفسه ما يريد ويلبي رغبات اآلخرين في آن واحد؟ يعتقــد رافائيــل ـــ وانطالقــا من الهيدونيــة ـــ أن أغلب جــوانب الحياة االجتماعية ال تشهد انسجاما طبيعيـا، أو نظامـا محـددا يجعـل

أمــرا ميســورا، ومن هنــا«،الدافعين»الجمع بين األمرين، أو لنقل: ــدول تســعى إليجــاد انســجام ــواعث» بين «وضــعي»فــإن ال «الب

عبر سن الدسـاتير وتشـريع القـوانين؛ لغايـة تتمثل في«الدوافع»و رفع مستوى الســعادة المجتمعيــة. فمثال: تحــاول اللــوائح القانونيــة، التي يتم المصادقة عليها من قبل الدول، تشويه صـورة الفعـل غـير المشروع، وإفراغه من العناصر التي تشد إليه من تسول لـه نفسـه ارتكاب مثل هذا الفعل، وبذلك يتغير انطباع األفراد تجاه هذا النمــط

من السلوك.ــات ــة عن العقوب ــدونيون اآلالم الناجم ر الهي ــف يفســ ــر كي ولن

الجزائية. ال شك أن كل فعل ينجم عنه األلم والمعانة هو فعل مرفوض، بل ال نجد ثمة من يتمنى حصول ذلك له. أما العقوبات الجزائية ومــا



رها تخليص ينجم عنها من آالم للمجرم فهي أمر ال مناص منه؛ إذ يبر المجتمع من فساد أكبر بكثير من حجم الفساد الذي يجــره الســوط

على جسد المجرم. وبحسب الهيدونية فإن عدالة القانون يجب أن تتحول إلى أمرــه ممتع. وبالتالي فإن الذي يجعــل المــذنب مســتحقا للعقــاب هــو أن

ــه«،غير ممتع»بارتكابه للجريمة اقترف أمرا من شأنه أن يقوض ب السعادة الفردية واالجتماعية، األمر الذي سيجعل من عقابه تكريسا للسعادة االجتماعية؛ إذ إن العقوبة ستشكل رادعـا لكـل من تسـول نفسه ارتكاب الجريمة الحقا. وبالتــالي ال بـد أن ننطلـق في تقييمنـا

للعدالة من حجم السعادة التي تحققها للمجتمع.ــا ـع به ـ ــتي تتمت ــة ال ــاهر اإليجابي ــرغم من بعض المظ وعلى ال الهيدونيــة، فــإن هنــاك عيوبــا كثــيرة تشــوبها. فهي مثال تعتمــد مبــدأــا على أخالقيا معينا، وتتجاهل باقي المبادئ األخرى، فتصب اهتمامه المبادئ التي تترتب عليها آثار مستقبلية، وتتجاهل المبادئ التي لهــا آثار ماضوية، كالوفاء بالعهد، أو المبادئ الـتي ال عالقـة لهـا بـالزمن،

كالصدق. ــعادة ــي للس ــدأ األساس ــذة أن المب ــذهب الل ــاع م ــدعي أتب ي يستوعب كافـة القــوانين األخالقيــة العامــة، أمــا القــوانين األخالقيــةــول الجزئية ـ وانطالقا من مبادئها الحميدة ـ فإنها تعتبر وسيلة للوص

إلى هدف محدد، وهو تحقيق السعادة العامة. وهنـا قـد يتبـادر لـدى البعض السـؤال التـالي: مـا هـو موقـف

الهيدونية عند تعارض أحد المبادئ األخالقية مع مبدأ أخالقي آخر؟ــة من والجواب ـ بحسب الهدونية نفسها ـ: ال بد في هذه الحال العودة إلى المبدأ األساســي للــذة، الــذي يســتوعب كافــة القــوانين األخرى. وبتعبير آخــر: المهم هــو أن يــدركوا أن الســلوك النــاتج عن



اللذة هو أبرز عامل من بين جميع العوامل األخرى التي تساهم في تحقيق أكبر قدر ممكن من السعادة للنـاس، وهــذا المبـدأ هـو مبـدأ أساسي يمكن عده معيارا قيميا، والرجــوع إليــه للفصــل في الكثــير

من النزاعات. ووفقا ألتباع هذا المذهب فإن الســلوك الصــائب هــو الســلوك الذي يحقق أعلى مستوى من السعادة ألكبر عدد من الناس. ولهــذا

إنه باعث على تحقيــق أكــبر قــدراألول:المعيار القيمي عنصران: إنه يدفع نحو بثهــا إلى أوســع نطــاقوالثاني:ممكن من السعادة؛

إن مبدأ اللذة الشهير، أو مبدأ تحقيــق أكــبر»ممكن. يقول رافائيل: قدر من اللذة، يتـألف في واقعـه من مبـدأ اللـذة مضـافا إليـه مبـدأ

.«العدالة، فهو عبارة عن مبدأ اجتماعي إلى جانب كونه مبدأ توزيع وهنا قد يتساءل القارئ: ما هو موقف الهيدونية )أتبــاع مــذهب

اللذة( فيما لو تعارض مبدأ اللذة ومبدأ العدالة؟ ال شــك أن أبــرز أوجــه التعــارض بين القيم األخالقيــة يعكســه التعارض بين اللذة والعدالة، لكن بحسب الهدونيين فإن مبــدأ اللــذة

يضم إلى دائرته مبدأ العدالة، ويهيمن عليه. كمــا أن الهيدونيــة تــرى أن الســلوك واألداء الممــدوح، والــذي يســتوجب تثمينـه، ودفـع األجـر مقابلـه، هــو الســلوك الــذي يعتـبره المجتمع نافعـا. إذن فـإن معيـار التثمين، هـو الفائـدة المترتبـة على األداء. وال يخفى ما للثمن أو األجـر من دور بـارز في تحفــيز النـاس

ودفعهم نحو أداء مفيد ومثمر. وفي مقابل ذلك هناك السلوك المذموم، وهو ما يــترتب عليــه ضرر أو مفسدة بحسب التقييم االجتماعي أيضا. ومثل هذا السلوك البــد من التصــدي لــه بالعقــاب. وال بــد من اإللفــات إلى أن الغايــة الوحيدة من العقاب والمؤاخذة هو ما يترتب عليهما من أثر إيجابي،



يتمثل في ردع المسيء وزجـره )أوال(، وجعلـه أمثولـة لسـواه ممن أراد أن يسلك سلوكا مماثال، يعــد بحســب المجتمــع ســلوكا ضــارا و

مفسدا )ثانيا(.ــه قــد يعــرض عــددا كبــيرا من وهنا قد يرد على هذا االتجــاه أن األبرياء للقصاص. فعلى سبيل المثال: افترضــوا أنــه طلب من أحــد

، أن يعــذب أو«ســام»أتباع النزعــة الهيدونيــة، ولنفــرض أن اســمه يقتل فردا بريئا، وهو يعلم أنه لو فعل ذلك فإنــه ســيدرأ الضــرر عن عدد كبير من الناس، أو ينقـذهم من مـوت محقق. في هـذه الحالـة سيحصل تعارض بين مبدأ اللذة وبين مبدأ العدالـة. فبالنسـبة لسـام يمكنه، ومن خالل موافقته على تعذيب وقتــل شــخص واحــد، إنقــاذ عشرة أشخاص، ومن ناحيــة أخــرى فــإن ســام يعلم بــأن الشــخص المراد قتله لم يقترف ذنبا يستحق معه مثل هذا العقــاب، وبحســب النزعـة الهيدونيـة فـإن العقـاب ال يكـون مجـديا إال في حـال شـكل عنصرا رادعا. والحال أن الشــخص في المثــال المــذكور لم يــرتكب عمال يستحق معه العقاب، ليكون العقاب بالنسبة له عنصـرا رادعـا.ر بأن مبـدأ را إزاء قرارين، ولكنه سرعان ما يتذك هنا يقف سام متحي اللذة لدى النزعة الهيدونية مقدم على مبدأ العدالة. ونتيجــة لــذلك؛ وانطالقا من رجحــان مســألة ســالمة األفــراد العشــرة على مســألة عقوبة أو قتل الشخص البريء يتخذ سـام قـراره بتعـذيب الشـخص البريء؛ لضمان سالمة عدد أكــبر من النــاس. وهــو يفعــل ذلــك ألن عقيدته تسمح لــه بإلحــاق األذى بشــخص بــريء؛ لقــاء دفــع الضــرر

والمعاناة عن عدد أكبر من األشخاص.ــمارت: ــول س ــكال في أن تتمخض عن»يق ــة إش ــد ثم ال أج

النزعة الهيدونية بعض النتائج الرهيبة، وذلك في ظل بعض الظروف. «االستثنائية



وفي حديث صريح وشفاف يقول كلوسكي: إن بإمكان الحاكم المحلي لمدينة صـغيرة أن يلجـأ الى إعـدام شـخص بـريء إذا كـان إعدامه يمنع من حدوث فوضى يـذهب ضـحيتها المئـات. وعلى هـذا األساس سيكون بمقدور الشــخص الــذي يتبــع النزعــة الهيدونيــة أنــير من الحــوادث المشــابهة، وبشــكل يتخــذ نفس الموقــف إزاء كث

طبيعي. ــرد على ســام، وعلى المعتــدلين من الهيــدونيين، أن وهنا قد ي التعرض للشخص البريء سيؤدي إلى تضاؤل تأثير العقوبة في الحد من الجــرائم؛ إذ إن المجــرم الحقيقي ســيحدث نفســه في هــذه الحالة، ويقول: إن الحكم صادر ال محالة، سواء ارتكبت الجريمــة أم لم ارتكبها، وبالتالي قد يفضل في نهاية المطاف ارتكــاب الجريمــة؛

طمعا بالفوائد التي قد تعود عليه منها. وقد يجيب الهيدونيون بأن ذلك غــير وارد؛ ألن احتمــال عقوبــة شخص لم يقترف ذنبا هو أقل بكثير من احتمــال عقوبــة من ارتكب

ذنبا. ــرد على النزعــة الهيدونيــة في هــذا والسؤال اآلخر الذي قــد ي اإلطار هو: هل من العدل معاقبة شخص مع علمنــا بأنــه لم يقــترف

ذنبا؟ واإلجابة المحتملة للهيدونيين )أتباع مذهب اللـذة(: إن مخالفــة العدالة بتعذيب أو إعدام شخص بريء قد تبدو أمرا بســيطا وراجحــا جدا إذا مـا قـورنت بمقـدار السـعادة واللـذة الـتي تحققهـا لألغلبيـة

الساحقة من الناس. إن السلوك أو الفعل الصائب ـــ في رأيهم ـــ هــو الفعــل الــذي يحقق السعادة واللـذة من أجـل أهـداف نبيلـة. ومن هـذا المنطلـقر التضحية بأشخاص ال ذنب لهم؛ لضمان سالمة عدد يصبح من المبر



أكبر من الناس. ومن ناحية أخرى، وبحسـب رافائيـل، فـإن الهيـدونيين يقـرون بأهمية القــانون العــام الــذي يمنــع القتــل واإلبــادة، ويعدونــه إيجابيــا ومفيدا بشكل مطلق، ولذلك فهم يعدون مثل هذا السـلوك ــ الـذي يقضي بقتل البريء، حتى مع ثبوت براءتــه؛ لغــرض ضــمان ســعادة عدد أكبر من الناس ـ سلوكا استثنائيا غير صحيح؛ نظرا لعدم توافقه مع مبدأ اللذة. وبالتالي فهــو ال يعــد مســوغا للتجــاوز على القــانون،

الذي ال تخفى عواقبه الوخيمة على أحد. وبحسب الهيدونيــة، فالســبب الــذي يــدعونا أحيانــا لنقض هــذا القانون ـ الذي بموجبه يمنع كل أنواع القتل واالعتداء على األبرياء ـ

بة على ذلك. هو حجم الفائدة المترتــه أو على لذا لو اعتقد شخص ما بأن نقض القانون سيعود علي اآلخرين بمنفعـة أكـبر، أو سـيحقق غايـة أسـمى، ففي هـذه الحالـةــذا ــيكون ه ــذة، س ــدأ الل ــا من مب ــا، وانطالق ــتثنائية« وأمثاله »االس

الشخص ملزما بخرق القانون.ــل وبعبارة أخرى: إن المبدأ األخالقي الذي يرفض معاقبة أو قت الشخص البريء هو مبدأ مفيد بشكل عام، لكنه غير مجد في جميــع الحاالت؛ وذلك أن هناك بعض الحاالت االستثنائية ال تخضع لألعراف

القانونية؛ ألنها استثنائية، وتختلف عن الحاالت العادية. ــا ــرق فيه ــتي يخ ــرغم من أن الحــاالت االســتثنائية ال وعلى ال القانون قد تعود بالنفع الكثير، إال أن نقض القانون يبقى سلوكا غــيرــه. ونســتنتج أخالقي بكل المقاييس، مهما بلغت الفائدة المرجوة منــا في من ذلك أن مبدأ اللذة والمتعة ال يمكن أن يكون معيارا أخالقي

حد ذاته.ــيره البعض حــول ــا يث ــالخوض في م ــأس ب ــا ال ب فــرص»وهن



)إحياء شخص عن طريق موت شخص آخر(. «البقاء هنــاك مريضــين )أ( و)ب( مشــرفين« أنهري سان»يفترض

على الموت، وأن )أ( بحاجة إلى قلب جديــد و)ب( بحاجــة إلى رئــة، وأن حياتهما تتوقف على إجراء عملية زرع العضو المطلوب )القلب أو الرئة(. ويفترض أن الجراحين يمتلكـون هـذه األعضــاء، وال يوجــد مريض ثالث إلى جانب هــذين المريضــين، وإن لم يبــادر الجراحــونــة يمكن لمساعدة المريضين المذكورين حتى يموتا ففي هــذه الحالــا. القول: إن المريضين قد فارقا الحياة بسبب إهمال الجراحين لهم لكن إن لم يمتلك االطباء أعضاء لزرعهـا فإنـه ليس بإمكـانهم إنقـاذ المريضين، وال أحد يلومهم على ذلك؛ ألن فرصة إنقاذ المريضين لم تكن متوفرة، ولهذا تركا المريضين )أ( و)ب( يموتـان. ومن البـديهيــاع من )أ( و)ب( ال يريدان أن يتركا حتى يموتا، ويسعيان إلقن أن كالــخص ــل ش ــرة قت ــان فك ــا، ويطرح ــل على إنقاذهم ــاء بالعم األطبــا، وإنقاذهمــا، ــاء زرعه ــتي يمكن لألطب واالســتفادة من أعضــائه، ال ويصران على األطباء للقيام بهذا العمل؛ إذ لو لم يقدم األطباء علىــإنهم ــا، ف ــل شــخص ســليم، واالســتفادة من أعضــائه؛ إلنقاذهم قت

سيقترفون ذنبا بحقهما؛ لعدم المبادرة إلى إنقاذهما.ــخص«هريس»يقول : إن من الفالسفة من يعتقد بأن قتل ش

بريء من أجل إنقاذ عدد أكبر من الناس هو أمــر مرفــوض أخالقيــا؛ وذلك أن هناك فرقا بين قتـل شـخص بـريء وتـرك الشـخص حـتى يفــارق الحيــاة ـــ كمــا في المثــال الســابق ـــ، وال شــك أن الــواجباألخالقي يحتم علينا أن ال نفرط بأحد على حساب إنقاذ حياة غيره.

ب() و)أ(وفي هذا السياق قد تبرز مشكلة، وهي أنه قــد يقــر بحرمة القضاء على شــخص بـريء، ويســلموا بخطــأ هــذا الســلوك، لكن ما ال يقرانه أبدا هو أن ذلك الشخص أفضــل منهمــا، فمن قــال



بأنهما أسوأ من ذلك الشخص؟! فصحيح أنهما يعترفان بحرمة قتل البريء، حتى مع إمكانية أنــالمة يؤدي إلى إحياء غيره، ولكنهما ال يجدون من العدل أن تقدم س

هذا الشخص على إنقاذهما من الموت. وإذا كــان الشــخص الســالم يســتحق البقــاء على قيـد الحيــاة؛ لكونه بريئا، وألنه لم يقترف خطـأ يسـتوجب القتـل، فكـذلك الحـال

بالنسبة إليهما. د تلـف أحـد إذن هـل يكـون السـبب في مـوت )أ( و)ب( مجـرــاة أعضاء جسم كل منهما؟ وبعبارة أخرى: لماذا يكون الموت والحي

)أ( و)ب( مجرد صــدفة، بينمــا يكــون الحفــاظ على حيــاة بالنسبة لـغالبية الناس« من الواجبات؟ »

ولمواجهة ذلك يقترح »هريس« توزيــع بطاقـات يانصــيب على كافة الناس، ومتى ما احتاج األطباء إلى أعضاء؛ النقاذ حياة اثنين أو أكــثر من المرضــى، ولم يكن بحــوزتهم مــا يزرعونــه من األعضــاء، أمكنهم إجــراء قرعــة بين النــاس عــبر حاســوب مركــزي، ومن ثمعين ــبر الرجوع إلى المعلومات التي يوفرها؛ للحصول على أحد المتع الذين يمكنهم تلبيــة حاجــة المــريض، وعندئــذ يمكن اختيــار المتــبر المناسب، ومن ثم قتله؛ لكي يتم إنقاذ حياة اآلخــرين. وهــذه فكــرةضــون لخطــر يمكن اعتمادهــا في إنقــاذ حيــاة عــدد من الــذين يتعر

الموت. لكن يرد على هــذه الفكــرة أن لهــا آثــارا جانبيــة وخيمــة جــدا، كاإلرهاب والخـوف والقلـق الــذي قـد يســاور الضــحايا، بـل وأفـراد المجتمع كافة. وإننا في هذه الحالة سـنتوقع المـوت في أي لحظـة،ــل، أو ونحسب أن كل طرقة باب، أو صوت يطرق أسماعنا في اللي

أي رسالة، هي ناقوس خطر وتهديد بالموت.



ــذه ــون: إن تطــبيق ه ــك، ويقول ــرد )أ( و)ب( على ذل ــا ي وربمـه سـيمنحهم الفكرة قد يحقق للناس قدرا أكبر من األمان؛ وذلـك أن

نصيبا أوفر بالبقاء أحياء حتى مراحل متقدمة من العمر. لكن مشكلة هذه الفكرة أنها تصطدم بدور الخــالق تعــالى في تقدير مصير اإلنسان؛ إذ ال يصح التالعب باآلجال الثابتة الــتي قــدرها الله. وبالتالي فلو فارق )أ( و)ب( الحياة؛ نتيجة المــرض، فــإن ذلــك سيكون أمرا طبيعيا، وال يمكن إلقاء تبعات ذلــك على أحــد. لكن لــو آل األمر إلى أن يقدم شخص بريء قربانا من أجل إنقاذ غـيره فـإن

ذلك سيكون أمرا غير طبيعي. أن االعــتراض األكــثر عقالنيــة على أي فكــرة«هــريس»يرى

تســتهدف قتــل شــخص بــريء من أجــل إنقــاذ حيــاة )أ( و)ب( هــو تناقضها مع مبدأ )الــدفاع عن النفس بالوســائل المشــروعة(؛ إذ لــو أعطيت نفسي الحق في قتل شخص بريء؛ من أجل إنقاذ حياة )أ( و)ب(، فإن معنى ذلــك أن لآلخــرين الحــق في قتلي إلنقــاذ شــخص

آخر. وإلى جانب اإلشكاالت الجدية التي تواجه هــذه النظريــة فإنهــا تصـــطدم بمعضــالت نظريــة ورؤيويــة كبــيرة، تتجلى في الواقــع التطبيقي لها. فتبني هــذه الفكــرة يجعــل المــرء في مــأزق حقيقي، فهل يجب عليه أن يجلب الشر لنفســه بيــده أم ال؟! وهــل ســيجعل

الناس أرواحهم رهينة القدر؛ للحفاظ عليها من الخطر؟! وهذه الفكرة هي أشبه بسالح بيد مجموعة من النـاس تسـعى لتحقيق مآربها بأي شكل من األشــكال، على الــرغم من أن مــذهب

اللذة )الهيدونية( يميل بهذا االتجاه.ــرد على الهيــدونيين، في مــا يتعلق بتــبريرهم إذن فأول مــا ي اللجوء إلى العنف؛ بغيــة إنقــاذ عــدد أكــبر من النــاس، هــو أنهم ال



الغير.«حق»يمتلكون الحق في االعتداء على


أ. مهدية فيض اإلسالم / د. علي مظهر قراملكي•

الشهر القمري اتحاد القارات الثالث في إثبات بداية*(*()أ. مهدية فيض اإلسالم

*(*()*د. علي مظهر قراملكي

ترجمة: حسن علي الهاشمي

مقدمة إن الكثـــير من األحكـــام والعبـــادات الفرديـــة واالجتماعيـــة للمسلمين ـ األعم من الواجبة والمستحبة ـ تقوم على أساس منــة من ــة، ويتم تحديــد بدايــة ونهايــة األشــهر القمري األشــهر القمري خالل رؤية الهالل. إال أن هذه الرؤيــة ـــ طبقــا للروايــات ـــ ليســت منظورة للشارع بوصفها فعال فرديا، بل إنمــا المعتــبر من الناحيــةن الشــخص الشرعية هو الرؤية النوعية. من هنا فحتى إذا لم يتمك من رؤية الهالل، وأقيمت البينة عنده على الرؤية ـ كأن يشــهد لــهــات ــا في إثب شاهدان عادالن برؤية الهالل بعينهما ـ، كان ذلك كافي

بداية الشهر له. هنــاك اختالف في الروايــات في مــا يتعلق بالبينــة، والحــدود

والمساحة المكانية للقبول بالشهادة على رؤية الهالل. وقد انعكس هذا االختالف على آراء الفقهــاء الشــيعة، قــديما وحديثا، في هذا الشأن أيضا؛ فهنــاك من يــرى كفايــة رؤيــة الهالل

طالبة في مرحلة الماجستير في جامعة طهران.)*( *(أستاذ مساعد في جامعة طهران. )**(*(


اتحاد القارات الثالث في إثبات بداية الشهر القمري•

في نقطة من األرض لتثبت بداية الشهر الجديــد في جميــع أنحــاء المعمورة؛ وهناك من يــرى أن رؤيــة الهالل في نقطــة إنمــا تكفي لثبوت الهالل بالنسبة إلى النقاط التي تشــترك مــع نقطــة الرؤيــة في جزء من الليل، وليس مطلقا وفي جميع أنحاء الكرة األرضية؛ وهنــاك من يــذهب إلى القــول بــأن رؤيــة الهالل في منطقــة إنمــا تكــون معتــبرة إلثبــات بدايــة الشــهر للمنــاطق الــتي تشــترك مــع منطقة الرؤية في األفق أو تكون قريبة منها، دون سائر المنــاطق األخرى؛ وهناك من يــذهب إلى تفصــيل آخــر؛ إذ يقــول بــأن رؤيــةـة أو ــ ــيوية أو األوروبي ــارة اآلسـ ــاط القـ ــة من نقـ الهالل في نقطـ األفريقية إنمــا تكفي لثبــوت بدايــة الشــهر بالنســبة إلى المنــاطقــتين الواقعة في هذه القارات الثالث فقط، دون القــارتين األمريكيــتين وأســتراليا إنمــا وأســتراليا، كمــا أن رؤيــة الهالل في األمريكي

تكفي إلثبات بداية الشهر فيها، دون القارات الثالث األخرى. ولكن حيث يستحيل دخول الشهر في جميع العالم في وقت واحد؛ بسبب كروية األرض، ال يمكن القول بكفاية رؤية الهالل فيــاط األرض ــع نق ــة الشــهر في جمي ــوت بداي نقطــة من األرض لثب

مطلقا. لذلك ال يبقى أمامنا ـ في إثبات حلـول الشــهر الجديـد ــ من طريق سوى القول بنوع من التبويب والتقدم والتأخر بين البلــدان في العالم. والسؤال المطروح هنــا: مــا هــو المالك والضــابط في

هذا التقديم والتأخير؟ ولإلجابة عن هذا السؤال هنــاك أقــوال متعــددة، هي حصــيلة قراءات متنوعة للروايات الواردة في هذا الشــأن. ومــع قليــل من التصرف وغض الطرف عن بعض الخالفات اليسيرة يمكن تقسيم

هذه األقوال إلى ثالث نظريات عامة، وهي:



ـ نظرية االشتراك في األفق. 1ـ نظرية االشتراك في الليل. 2ـ نظرية االشتراك في األرض. 3

ــات الثالث نسعى في هذه الدراســة إلى تحليــل هــذه النظري من خالل البحث في الروايات واألدلة الفقهية، لنصــل بعــد ذلــك ــات، ونقـدها من خالل استعراض آراء الفقهــاء بشــأن هــذه النظري ومناقشتها مناقشــة أصــولية دقيقــة ـــ إلى أصــح المالكــات بشــأن

تقسيم البلدان في إثبات بداية الشهر القمري.

ـ نظرية االشتراك في األفق 1ــتراك في ــون من االش ــا أنهم يجعل ــهور من فقهائن إن المش األفــق مالكــا لتقســيم البلــدان؛ حيث يعمــدون من خالل ذلــك إلىحــدة في تقسيم مناطق األرض إلى قسمين، وهما: المنــاطق المت األفق، والمناطق المختلفــة في األفــق. وقــالوا: إذا شــوهد الهالل في مدينة كان ذلــك كافيــا في إثبــات بدايــة الشــهر في المنــاطق ــا حدة معها في األفق أو القريبة من أفقها، وال يكون ذلك كافي المت

بالنسبة إلى المناطق المختلفة معها في األفق. بوحدة نصف النهــار، بمعــنى«وحدة األفق»وهناك من فسر

حدة في أن المدن الواقعة على خط طول جغرافي واحد تكون مت. (776)األفق

والمــراد من نصــف النهــارات الخطــوط المعروفــة بخطــوط الطول الجغــرافي ]الــتي تمتــد من القطب الشــمالي إلى القطب الجنوبي[، الموازية لنصــف النهــار المبــدأ. والمــراد من المــداراتـة المعروفـة، والـتي تـوازي مـدار خـط خطـوط العـرض الجغرافيــم األرض إلى النصــف الشــمالي ــذي يقس ــتواء األرضــي ]ال االس



والنصف الجنوبي[. ــك ومن باب المثال: قال السيد محسن الحكيم في مستمس

فمع العلم بتساوي البلدين في الطول ال إشكال»العروة الوثقى: نة على الرؤية في أحدهما إلثباتها في اآلخر. وكذا لو في حجية البيــق ـة بطري ـ ــه في الغربي ـه تثبت رؤيت ـ ــرقية فإن رؤي في البالد الش

. (777)«أولى إال أن كالم هؤالء مرفــوض بــالنظر إلى خرائــط رؤيــة الهاللــة؛ ــة الرقمي التي ترسم حاليا بواسطة أحدث وأدق األجهزة الفلكي ألن المنــاطق الــتي يمكن مشــاهدة الهالل فيهــا ـــ خالفــا لتصــورــة المتقدمين ـ ال تنفصل أبدا بواسطة الخطوط المستقيمة )األفقي أو العمودية( عن المناطق التي ال يمكن رؤية الهالل فيهــا، بــل إن الخطــوط الــتي يمكن رؤيــة الهالل فيهــا هي على الــدوام ذات أشكال منحنية، فلربما كانت هناك مناطق يمكن رؤية الهالل منهــا ومع ذلك ال يمكن رؤية الهالل من المناطق الواقعــة إلى الشــمال أو الشمال الغربي، أو الجنوب أو الجنوب الغــربي منهــا. وعليــه ال توجد هناك مالزمة بين رؤية الهالل في منطقـة ورؤيتـه في جميـع المناطق األخرى الواقعة على نفس خط طولها. كمــا ال يلــزم من ذلك رؤيته في جميع المناطق الواقعـة إلى الغــرب منهـا. وإن من الخطأ تجاهل العرض الجغرافي في هذا الشأن؛ وذلك لــدخل كــل

من الطول والعرض الجغرافي في مطالع الشهر.ــارة الســيد محســن الحكيم على ــا يجب تصــحيح عب ومن هنــه تثبت رؤيتــه النحو التالي: لو رؤي الهالل في البالد الشــرقية فإن في البالد الغربية بطريق أولى، بشرط أن تكون تلك البالد الغربية

واقعة في نفس العرض الجغرافي لمنطقة رؤية الهالل. بيد أن هنــاك بيانــا مختلفــا لبعض الفقهــاء اآلخــرين، كالســيد



إذا»السيستاني، في توضيح معنى االشتراك في األفق؛ إذ يقول: رؤي الهالل في بلد كفى في الثبوت في غيره مع اشــتراكهما في األفق، بمعنى كون الرؤية الفعلية في البلــد األول مالزمــة للرؤيــة في البلد الثــاني، لــوال المــانع من ســحاب أو غيم أو جبــل أو نحــو

. (778)«ذلكــه ال إن مراعاة السيد السيســتاني لتلــك المالزمــة بمعــنى أن يــرى أن وحــدة األفــق تعــني االتحــاد الطــولي البحت دون لحــاظــه كلمــا شــوهد الهالل في نقطــة كــان العرض الجغرافي، ويرى أن ذلك كافيا لرؤيته بالنسبة إلى المنــاطق الغربيــة، بشــرط اتحادهــا ــه ال يكــون كافيــا مع منطقة الرؤيــة في العــرض الجغــرافي، ولكن

بالنسبة إلى المناطق الشرقية. إال أن هــذا الكالم ال يخلــو من اإلشــكال أيضــا؛ ألننــا إذا بنينــا على القول بعدم اعتبار الرؤية في منطقة بالنســبة إلى المنــاطق الشرقية منها لزم من ذلك محذور آخــر، وهــو اختالق تقــويم غــير

متعارف وغير عقالئي.ــة فمن وبيان األمر أنه ـ وكما تقدم ـ حيث كانت األرض كرويــوع األرض في وقت ــع رب المحال أن يحل الشهر القمري في جميــه ــدان. وعلي واحد، وبالتالي ال يمكن تساوي التقويم في جميع البل ال بــد من افــتراض خــط على ســطح الكــرة األرضــية يفصــل بين الشرق والغرب بيوم واحد. وقد تم االلتزام حاليــا بهــذا الخــط في جميع التقويمات الراهنــة، وقــد تم االتفــاق على أن يكــون موضــع هذا الخط بحيث ال يضر بتنظيم العالقات والشــؤون وتنظيم أمــور الناس، وذلك بأن ال يمر على اليابســة مثال، فيقــع اختالف بمقــدار يوم بين بلدين مجاورين، فيختل تنظيم أوقاتهم وتقويمهم. من هنا فقد تم وضع هــذا الخــط في الحــد الفاصــل بين القــارة اآلســيوية



واألمريكية وفي وسط المياه. ولو صـادف مـرور هـذا الخـط على جزيرة وسط المحيـط فقـد عمـدوا إلى حرفـه عنهــا؛ ليكـون هـذاــة والمعيشــية الخــط على البحــر دائمــا، فال يخــل بــالبرامج اإلداري

للبلدان أبدا. ــط ــذا الخـ ــرافي لهـ ــع الجغـ ــره أن الموقـ ــدير ذكـ ومن الجـــد أن التقــويم االفتراضــي ثــابت في جميــع أنــواع التقــويم أبــدا. بير من شهر القمري القائم على فتوى أمثال السيد السيستاني يتغي إلى شهر، األمر الذي يؤدي إلى الهــرج والمــرج في حســاب عــدد

السنين واأليام. ظم ــة منســجما مــع الن وحيث كــان اإلســالم من هــذه الناحيظم؛ الفطري للبشر، بل إن الغاية من خلق القمر هو إيجاد هذا الن

ــرآن: ــل﴿إذ يقول تعالى على ما جاء في صريح الق هو الذي جعدره منــازل لتعلمــوا عــدد مس ضياء والقمر نــورا وقــ الش

نين والحساب ، فال يمكن الركون إلى مثل هذا(5)يونس: ﴾ الســام، الرأي، الذي يؤدي إلى الهرج والمرج في حساب السنين واألي ويضر بالقيام بالكثير من التكاليف واألحكام الشرعية ذات الصــلة بالتوقيت. وال يليق ذلك بشأن خــالق هــذا النظــام والكــون القــائم

على الموازين الدقيقة. يضاف إلى ذلك أنه طبقا لفتوى السيد السيســتاني يلــزم أن يحصــل في بعض األشــهر اختالف في يــومين عن التقــويم، وهــذا

ب عليه ـ بالنظر إلى األدلة المتقدمة ـ محذور أشد. يترت إال أننا نجد عددا كبــيرا من الفقهــاء ال يــأتون على ذكــر هــذه القيود والضوابط في تعريف وحدة واختالف اآلفاق، وإنما يكتفون ببضــع كلمــات، مثــل: التقــارب والتباعــد العــرفي، مــع ذكــر بعض المــدن كأمثلــة ومصــاديق لهــذا التقــارب والتباعــد. ويمكن لنــا أن



ــاء: الطوسي ــ ــؤالء العلم ــ ــمي من ه ــ ــزة(779)نس ــ ،(780)، وابن حمــة الحلي(781)والمحقق الحلي ــ ــهيد األول(782)، والعالم ــ ،(783)، والش، والكثير غيرهم. (785)، وصاحب المدارك(784)والشهيد الثاني

ــة الحلي في ــوى العالم ومن باب المثال نورد نص عبارة وفت إذا رأى الهالل أهــل بلــد، ولم يـره أهـل»التذكرة في هذا الشأن:

بلد آخــر؛ فــإن تقــاربت البلــدان، كبغــداد والكوفــة، كــان حكمهمــا واحدا: يجب الصوم عليهما معا، وكذا اإلفطار؛ وإن تباعدتا، كبغداد

. (786)«وخراسان، والحجاز والعراق، فلكل بلد حكم نفسه وأما سائر الفقهاء الــذين تقــدم ذكــرهم فلهم فتــاوى شــبيهة

بهذه الفتوى، مع فارق يسير في األلفاظ.ــاب ــة في ب ن هذا في حين أن جميع الروايات ذات الصلة بالبيــة على اشــتراط ــة أو مفهومي الصوم ليس فيهــا أي داللــة منطوقيــة الهالل، االتحاد في األفق في ما يتعلق باعتبار الشهادة على رؤي ولم يرد مثل هذا األمر ولــو في روايــة ضــعيفة، حتى قــال الســيد

ليس في األخبــار الــتي»عبد األعلى السبزواري في هــذا الشــأن: عندنا اسم من اتفاق األفق في البالد واختالفــه... ولم نظفــر على هذا التعبير أو ما يقاربـه في األخبـار بشــيء... ولــو كــان للتقــاربــار. ــر من األخب دخــل في الحكم أو الموضــوع ألشــير إليــه في خب

. (787)«وليس اعتبار التقارب معقد إجماع معتبر أصالــة االشــتراك في األفــق أدلــة على مــا هذا وإن ألنصــار نظري

ذهبوا إليه، ومن أهمها: انصراف الروايات. وفي ما يلي سنذكر ـ من بـاب المثـال ــ خمس روايـات هيــول ــات حل ــة في إثب ن ــة البي ــلة بحجي ــات ذات الص من أهم الرواي الشــهر، وهي صــحيحة ومعتمــدة من حيث الســند، وهي موجــودة

بأجمعها في كتاب وسائل الشيعة:



ــناده عن1 ـ صحيحة منصور بن حازم: محمد بن الحسن بإســور بن ــفوان، عن منص ــن، عن ص ــعيد، عن الحس ــين بن س الحس

ــه قــال: ×حازم، عن أبي عبد الله م لرؤيــة الهالل، وأفطــر» أن صــان بأنهمـــا رأيـــاه لرؤيتـــه، فـــإن شـــهد عنـــدك شـــاهدان مرضـــي

. (788)«فاقضهقة عبد الرحمن البصري: محمــد بن الحســن بإســناده2 ـ موث

عن الحسين بن سعيد، عن القاسم، عن أبــان، عن عبــد الــرحمن عن هالل شــهر×ســألت أبــا عبــد الله»بن أبي عبــد اللــه، قــال:

م رمضان يغم علينا في تسع وعشرين من شـعبان؟ فقـال: ال تصـ. (789)«إال أن تراه، فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه

ـ صحيحة هشام بن الحكم: محمد بن الحسن بإســناده عن3 سعد بن عبد الله، عن أحمــد بن محمــد، عن الحســين بن ســعيد، عن محمـــد بن أبي عمـــير، عن هشـــام بن الحكم، عن أبي عبـــد

إن كــانت لــه» أنه قال في من صام تسعة وعشــرين قــال: ×اللهنة عادلــة على أهــل مصــر أنهم صــاموا ثالثين على رؤيــة قضــى بي

. (790)«يوماــن بإســناده عن4 ــد بن الحس ــحيحة أبي بصــير: محم ــ ص ـ

الحسين بن سعيد، عن حماد، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي سئل عن اليوم الــذي يقضــى من شــهر رمضــان؟» أنه ×عبد الله

فقال: ال تقضه، إال أن يثبت شاهدان عدالن من جميع أهل الصــالة متى كان رأس الشهر، وقال: ال تصم ذلك اليــوم الــذي يقضــى إال

. (791)«أن يقضي أهل األمصار، فإن فعلوا فصمه ـ صحيحة محمد بن عيسى: محمد بن الحسن بإســناده عن5

كتب إليــه»محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، قال: ــه ربمــا×]أي إلى اإلمام الهادي [ أبو عمــر: أخــبرني يــا مــوالي، إن



أشكل علينا هالل شهر رمضــان، فال نــراه، ونــرى الســماء ليســتاب فيها علة، ويفطر الناس، ونفطر معهم، ويقول قـوم من الحســ قبلنا: إنه يرى في تلك الليلة بعينها بمصر وأفريقيا واألندلس، هــلاب في هــذا البــاب، حتى يختلــف يجــوز يــا مــوالي مــا قــال الحســ الفـــرض على أهـــل األمصـــار؛ فيكـــون صـــومهم خالف صـــومنا، وفطرهم خالف فطرنا؟ فوقع: ال تصــومن الشــك، أفطــر لرؤيتــه،

. (792)«وصم لرؤيتهــاب ال ــذا الب ــواردة في ه ــات ال ــه إلى أن الرواي ويجب التنوي تقتصر على هذه الموارد الخمسة فقط، بيد أننا أعرضــنا عن ذكــر سائر المــوارد؛ لشــبهها بهــذه المــوارد من حيث الداللــة، فلم تكن هناك من حاجة إلى التكرار، أو أنها تشكو من ضــعف في الســند،

فأعرضنا عن ذكرها لذلك. ــل: إن موضع البحث في الروايات المتقدمة مفردات من قبي

جميــع أهــل»، و«أهل األمصــار»، و«أهل مصر»، و«أهل بلد آخر» وما إلى ذلك.،«الصالة

ــارات، وبشــكل عــام في منطــوق ــوع من العب ــذا الن وفي ه الروايـــات المتقدمـــة، هنـــاك إطالق لفظي بالنســـبة إلى مكـــان

الشهادة على رؤية الهالل. إال أن البحث في اإلطالق اللفظي ال يحســم المســألة، بــل ينتقــل الكالم بعــدها إلى البحث في اإلطالق المقــامي. وفي هــذه المرحلة؛ باالستناد إلى كروية األرض، ينتفي اإلطالق المقامي في

الروايات بالنسبة إلى جميع آفاق األرض.ــك بيد أن بحث االنصراف يطرح من الناحية األصــولية في تل المرحلة من اإلطالق اللفظي. وقد قلنا: إن أنصــار االشــتراك فيــة تنصــرف ن األفق يعتقدون أن األخبار الواردة في باب شهادة البي



ــا ــتردد عليهـ ــان يـ ــتي كـ ــط، أي البالد الـ ــة فقـ إلى البالد القريبـ المســافرون في تلــك الفــترة بشــكل مــألوف. ويــذكر في العــادة

دليالن على هذا االنصراف: : ال يتبادر إلى الــذهن عنــد ســماع روايــات من قبيــل:األول

حجيــة الرؤيــة في بلــد نــاء عن بلــد«صم للرؤية، وأفطر للرؤية» المكلف، وإذا كان األمر كذلك كان هذا بمثابة انهدام أصل الرؤية.

: حيث لم تكن في تلــك الحقبــة وســائل إعالم، مثــلالثانيــة لإلعالن المبكر عن رؤيــة التلفــزة وغيرهــا، لم تكن هنــاك إمكاني الهالل بالنسبة إلى المناطق البعيدة، وحيث كان الســفر يســتغرق فترة طويلة تمتد ألشهر بعد انتهاء شهر الصيام تكون األذهــان قـد

تجاوزت التفكير بالهالل، ويتم االنصراف عنها تلقائيا. أما اإلجابة عن هذين اإلشكالين فهي:

أما الدليل األول الذي يقوم على التبــادر فهــو مرفــوض؛ ألن الــذي يثبت حجيــة رؤيــة األشــخاص اآلخــرين على المكلف هينــة، دون روايــات أصــل الرؤيــة. وعليــه ال يكــون محــل روايات البي

ــل: ــات من قبي ــر للرؤية»البحث رواي ــة، وأفط ــم للرؤي ــل«ص ، ب بلــد». والمتبــادر من «أهل بلــد آخر»الروايات الدالة على شهادة

ـ حيث ال وجود لقيد خاص ـ هو كل بلد. «آخر أما دليل االنصراف الثاني الذي هو ندرة األسفار إلى البلدان النائية فال يمكن أن يكــون دليال لالنصــراف عن اإلطالق؛ فقــد ثبت في علم األصول أن ندرة المصــداق الخــارجي ال تمنــع من انعقــادــة ــو غلب ــظ عن اإلطالق ه ــوجب انصــراف اللف ــذي ي اإلطالق. فال االستعمال، دون الغلبة في الوجود والتحقق الخارجي؛ فإن السفرــر ــد اآلخ ــه )البل ــان يغلب في ــر( وإن ك ــد آخ ــابق إلى )بل في الس القريب(، إال أن هذا ال يعني أن مفردة )اآلخر( من الناحية اللغوية



تختص فقط بـــ )البلـد اآلخــر القــريب(؛ بســبب كــثرة االســتعمال.ــدة للوجــود يكــون ــدما ال تكــون كــثرة االســتعمال مقي ــه عن وعلي

االنصراف منتفيا أيضا. ومضــافا إلى ذلــك فــإن القــول بنــدرة الســفر إلى المنــاطقــذا البعيدة والنائية في تلك الحقبة ال يخلو من نظر؛ إذ لم يستند ه القول إلى أي شاهد من التاريخ، بل الشواهد الموجودة بين أيدينا تثبت خالف ذلــك؛ إذ إننــا نــدرك من خالل أدنى تأمل في جغرافيــا التــاريخ اإلســالمي في تلــك الفــترة أنهــا كــانت تشــمل المنــاطق البعيـــدة جـــدا، وكـــان عصـــر الفتوحـــات مقارنــا لعصـــر األئمـــة

ة اإلمــامين البــاقر والصــادق^المعصــومين ، وهــو العصــر’، وخاصــ الذي صدرت فيه أغلب روايات محل بحثنــا. فقــد امتــدت خارطــة البالد اإلســالمية إلى أغلب المنــاطق في آســيا وأوروبــا وأفريقيــا، مثل: شبه الجزيرة العربية والعراق والشام وإيران والصين والهندــلمون في ومصر والمغرب واألندلس )إسبانيا( وروما، وكان المس

أقصى نقاط هذه األصقاع عرضة لالبتالء بهذه األحكام. وعليه فإن القول باالنصراف الذهني في هذا المقام ال يقــوم على أساس متين من الواقــع. وإذا كــان هنــاك من انصــراف فهــو من النــوع البـدوي الــذي يـزول بـأدنى تأمل. وبالتــالي فـإن مبـنى

االشتراك في األفق يواجه إشكاال، وال يمكن التمسك به.

ـ نظرية االشتراك في الليل2 إن مؤسس هذه النظرية هو السيد أبــو القاســم الخــوئي؛ إذــه ذهب في البدايــة إلى عــدم لــزوم اتحــاد اآلفــاق بشــكل يبــدو أنــواه في مطلق، وكفاية الرؤية اإلجمالية لجميع البالد. وهذا نص فت منهــاج الصــالحين، على مــا جــاء في نقــل الســيد محمــد حســين



إذا رؤي الهالل في بلــد كفى في الثبــوت»الحســيني الطهــراني: في غيره، مع اشتراكهما في اآلفاق؛ بحيث إذا رؤي في بلد الرؤية رؤي فيه. بل الظاهر كفاية الرؤية في بلــد مــا في الثبــوت لغــيره

. (793)«من البالد مطلقا ولكنه فيما بعد عمد ـــ إثــر اإلشــكاالت الكثــيرة الــتي أثــيرت على فتواه من قبل المخالفين، والمناظرات التي كــانت لهم معــه في هـذا الشـأن، بمن فيهم الســيد الحسـيني الطهـراني؛ إذ جمـع

ــوان: ــاب تحت عن ــاظرات في كت ــة»هــذه المن رســالة حــول رؤي ـ عمد إلى التراجع عن فتواه قليال، وجعــل االشــتراك في«الهالل

الليل مالكا لدخول الشهر. ومن هنا فقد غير فتــواه هــذه على مــا إذا رؤي الهالل في بلــد كفى»هــو موجــود في منهــاج الصــالحين:

في الثبــوت في غـيره، مــع اشــتراكهما في األفــق؛ بحيث إذا رؤي في أحدهما رؤي في اآلخر. بل الظاهر كفايــة الرؤيــة في بلــد مــا في الثبوت لغيره من البالد المشــتركة معــه في الليــل، وإن كــان

. (794)«أول الليل في أحدهما آخره في اآلخر إن مفهـــوم كالم الســـيد الخـــوئي أن الهالل إذا شـــوهد في لحظــة غــروب الشــمس في منطقــة ثبت أول الشــهر في جميــع المناطق الـتي تحقق فيهـا الليـل في لحظـة رؤيـة الهالل. والليـلــاثنتي يطلق على المدة من غروب الشمس إلى طلوعها، وتقدر ب

عشرة ساعة. وطبقــا لهــذا الــرأي حيث شــوهد الهالل في لحظــة الغــروب

درجــة من180كانت المساحة التي تبدأ من نقطــة الغــروب إلى ــتي تشــغل نصــف الكــرة األرضــية ــار إلى اليمين، وال نصــف النه الغارق في ظالم الليل، والــتي يكــون حــدها الثــاني النقطــة الــتي تقترن فيها لحظة غروب موضع الرؤية بلحظة طلوع الفجـر فيهـا،



كانت هذه المســاحة ذات حكم واحــد، وتكــون بدايــة شــهر جميــع المنــاطق الواقعــة في نصــف الكــرة األرضــية المشــمس ســاعة حصــول الرؤيــة هي اليــوم التــالي. ومن هنــا تتحقق بدايــة الشــهر القمري لجميع الكرة األرضية في ظرف يومين، يوم لنصف الكرة

األول، ويوم لنصف الكرة اآلخر. وفي الحقيقة فإنه استعمل الليل بمعناه العــرفي، وقــال: إن البالد التي تقع لحظـة رؤيــة الهالل في منطقــة ضـمن الليــل، ولم تخرج منه بعــد )نصــف الكــرة الواقعــة إلى يمين موضــع الرؤيــة(، حيث يطلق عليها الليل من الناحية العرفيــة والطبيعيــة، فال يكـون إطالق عنوان ليلة أول الشهر عليها اعتباطيا. هذا في حين أنها لم تشاهد الهالل في لحظة الغــروب عنــدها. ولكن في ذلــك النصــف من األرض الذي ال يزال واقعا ضمن النهار )نصف الكــرة الواقعــة إلى يســار موضــع الرؤيــة( ال يتعلق بــه عنــوان الليــل من الناحيــة التكوينية في تلـك اللحظـة. وعليـه يجب القـول بفصـل حكم هـذا

النصف من الكرة األرضية عن حكم ذلك النصف اآلخر منها. ويرد على هذه النظرية عدة إشكاالت:

ـ إن أول وأهم إشكال يرد على هذه النظرية هــو اإلشــكال1 الوارد على نظرية االشتراك في األفق. وهو افتقارها إلى الدعامةــة ــارة أخــرى: كمــا أن الروايــات ســاكتة عن نظري ــة. وبعب الروائي االشتراك في األفق فإنها ســاكتة أيضــا عن نظريــة االشــتراك في الليل. فال توجد روايــة واحــدة ـــ ولــو ضــعيفة ـــ تجعــل المالك في التفريق بين بلد وآخر بمعيار اشتراكهما واختالفهما في الليل. كما

د ذلك البتة. ال يوجد هناك ما يؤي ـ إن هــذه الفتــوى الــتي أفــتى بهــا الســيد الخــوئي تتنــافى2

وســائر آرائــه واالســتدالالت الــتي أوصــلته إلى هــذه النتيجــة، من



قبيل: عدم ارتباط طلوع الهالل باألرض، أو اتحاد ليلة القدر، ويوم العيد في جميع العــالم. فمثال: نجــد إيضــاحاته في مســتند العــروة واحدا من الموارد التي تزخر بالتناقضات الواضحة. ومن ذلك: إنه

إن الثبــوت في قطــر كــاف»يقــول في رد اعتبــار وحــدة اآلفــاق: لجميــع األقطــار... وهــذا القــول هــو الصــحيح؛ إذ ال نــرى أي وجــه العتبار االتحاد عدا قيــاس حــدوث الهالل وخــروج القمــر من تحت الشعاع بأوقات الصلوات، أعني شروق الشــمس وغروبهــا، فكمــا أنها تختلف باختالف اآلفاق وتفاوت البلدان، بل منصوص عليه في

: إنما عليك مشــرقك ومغربــك،...إلخ، فكــذا×بعض األخبار، بقولهل فاسد، وبمراحل عن الواقــع، بــل لعــل خالفــه الهالل. ولكنه تخي

مما ال إشكال فيه بين أهل الخبرة. إذن فتكـــون الهالل عبـــارة عن خروجـــه من تحت الشـــعاع بمقدار يكون قابال للرؤيــة ولــو في الجملــة. وهــذا كمــا تــرى أمــر واقعي وجداني، ال يختلف فيه بلد عن بلد، وال صقع عن صقع؛ ألنه كما عرفت نســبة بين القمــر والشــمس، ال بينــه وبين األرض، فالــة في جــو تأثير الختالف بقاعهــا في حــدوث هــذه الظــاهرة الكوني الفضاء. وعلى هذا فيكون حدوثها بداية لشهر قمري لجميــع بقــاعـر الهالل في ــ األرض على اختالف مشـــارقها ومغاربهـــا، وإن لم ي بعض مناطقهــا؛ لمــانع خــارجي، من شــعاع الشــمس، أو حيلولــة

الجبال، وما أشبه ذلك. جــه باإلضــافة إلى األقطــار المشــاركة أجــل، إن هــذا إنمــا يت لمحل الرؤية في الليل، ولو في جزء يسير منــه، بــأن تكــون ليلــة واحدة ليلة لهما، وإن كــانت أول ليلــة ألحــدهما وآخــر ليلــة لآلخــر المنطبق ـ طبعا ـ على النصف من الكــرة األرضــية، دون النصــف اآلخر الذي تشرق عليه الشــمس عنــدما تغــرب عنــدنا، بداهــة أن



ــهر ــة من الش ـه أول ليل ـ ــنى للحكم بأن ــدهم، فال مع ــار عن اآلن نهبالنسبة إليهم.

ــالى في قولــه: ــير ســبحانه وتع ـه إلى ذلــك يش رب﴿ولعلـــرحمن: ﴾المشرقين ورب المغربين ــار انقســام17 )ال (، باعتب

األرض بلحاظ المواجهة مــع الشــمس وعــدمها إلى نصــفين، لكــل منهما مشرق ومغرب، فحينما تشــرق على أحــد النصــفين تغــربــرقان ــا مشـ ــان لهـ ــالعكس. فمن ثم كـ ــر، وبـ ــف اآلخـ عن النصـ

. (795)«ومغربان وقــد أشــكل الشــيخ منتظــري على هــذا الكالم الــذي أفــاده السيد الخوئي بأنه قد خلط بين أصل حدوث حــاالت القمــر ونــوع

ــة»الحاالت الحادثة، فقال: ال إشكال في ما ذكره من عدم مدخلي لألرض في أصــل حــدوث الهالل وســائر الحــاالت، بــل هي تحــدثــة نســبة القمــر إلى الشــمس، بلحــاظ موضــع ــون من كيفي وتتك الناظر، من دون مالحظة الكـرة األرضـية أصـال، بحيث لـو فرضـناــكاله ال بأش ــك ــر متش ــان القم ــا لك ــاء عن األرض رأس ــو الفض خل ــاظرا المختلفة من الهالل والتربيع األول والبدر ونحوها لمن كان ن

إليه من موضع من الفضاء. خلط ظاهر بين أصل حدوث الحاالت وبين&ولكن في كالمه

ــة لألرض بعنــوان محــل نوع الحاالت الحادثــة؛ ففي األول ال مدخلي الناظر، بل األمــر كــذلك ولــو كــان النــاظر في الفضــاء؛ وأمــا فير ــة تامــة في تغي الثاني فال يصح ما قاله، بل ألمكنــة الرؤيــة مدخليــع ر موض ر بتغي ــاالت تتغي ــروض تلكم الح ــا، وإن ع ــاالت قطع الحــة أو ــادة أو قائم ــه، من ح ــاظر إلي ــة نظــر الن ر زاوي ــة، وتغي الرؤي

. (796)«غيرهما وعلى الرغم من الدقة الملحوظة التي بذلها الشيخ منتظري



في هذا المجال، إال أن كالمه ال يخلو من إشكال هــو اآلخــر أيضــا، والدليل على ذلك ما ذكره بنفسه قبل صفحتين من ذلك؛ إذ قال:

. (797)«إن القمر كرة صغيرة تابعة لألرض» وعلى هــذا األســاس إذا أردنــا أن نتصــور الفضــاء خاليــا من األرض لزم من ذلك أن نتصوره خاليا من القمر أيضا؛ ألن حركاتر عنــه القمــر وحاالتــه إنمــا تنشــأ من جاذبيــة األرض، وهــو مــا عب

القمر مجذوب بجاذبة األرض، مثل»الشيخ منتظري نفسه بقوله: . (798)«جذب ذرة حديد بآلة مغناطيسية، يدور معها حيثما دارت

وعليــه إذا لم تكن األرض موجــودة في الفضــاء فــإن القمــرخذ لنفسه مدارا آخر، بدوره سيخرج عن جاذبيتها وسلطانها، وسيتــنى ــا ال مع ــمس. من هن ــاالت من الش ــك الح ــه تل ــل ل ولن تحص للحديث عن حاالت الهالل والتربيع وما إلى ذلك من دون افتراض وجود األرض. وأما إذا كان المراد أنه حتى مــع وجــود األرض فــإن هــذه الحــاالت قابلــة للرؤيــة لمن ينظــر من األرض، وكــذلك لمن ينظــر من خارجهــا، مــع ذلــك ال يثبت االدعــاء الــذي أفــاده الســيدــدوث الهالل؛ ألن ـة لألرض في حـ ــ ــال: ال مدخلي ــوئي حيث قـ الخـــة األرض هي التي تشد القمر إلى مدارها، وعليه تكون لهــا مدخلي في حدوث الهالل حتى لمن يشاهده من خارجهــا. وعليــه ثبت فيــوع حــاالت الهالل كلتا الصورتين أن األرض ليس لها مدخلية في ن

فحسب، بل ولها مدخلية في أصل حدوث الهالل أيضا. ــرد على اســتدالل الســيد الخــوئي أما اإلشكال اآلخر الــذي يــة ــ ــدخل في علم الهيئ ــ ــألة الهالل ال ي ــ ــا في مس ــ ــو أن بحثن ــ فه والرياضيات، بل هو مجــرد بحث فقهي وشــرعي؛ وذلــك من حيث إن الله جعله وسيلة لتحديد وقت وموضوع األحكام الشرعية، من قبيل: الحج والصوم وغيرهما. ولذلك نجد أن الشارع رغم معرفته



بتقدم المعرفة، وقدرة اإلنسان على معرفة والدة الهالل الحقيقية في عصرنا بدقة، مع ذلــك جعــل الرؤيــة العرفيــة هي المنــاط فيــه مــع ذلــك إثبات بداية الشهر، دون لحظة الوالدة الحقيقية. إال أند هذه الرؤية العرفية بمرحلــة عجــز اإلنســان عن المعرفــة لم يقي الدقيقــة، ولــو بالوســائل الحديثــة، وإنمــا أطلــق القــول في ذلــك، وجعله ساريا في جميع الحاالت. من هنا عندما يكون ألصل الرؤيةــا من ــات أحكامه ــتخرج فروع ــاص يجب أن تس ــف فقهي خ تعريــة ــة والتكويني النصوص الفقهية أيضا، وليس من القــوانين الفيزيائيــان باإلمكــان االســتناد إلى هــذه القــوانين ــق، وإن ك لنظــام الخل

الفيزيائية في مقام التأييد واالستشهاد فقط. ــيد ـرد على كالم الس ـ ــذي ي ــالث واألهم ال ــكال الث ــا اإلش أم الخوئي فهــو التنـاقض الملحــوظ بين صـدره وعجــزه. وقـد شـرح

لــو لم تكن»الشيخ منتظــري هــذا اإلشــكال بوضــوح، حيث قــال: مدخلية لألرض في كيفية تلك األحــوال، كالبــدر والهالل ونحوهمــا،

ــو&فلم اقتصر على األقطار المشاركة لمحل الرؤية في الليل، ول في جزء يسير منه، بأن تكــون ليلــة واحــدة لهمــا، وإن كــانت أول ليلة ألحدهما وآخر ليلة لآلخر، المنطبقــة على النصــف من الكــرة األرضية، مع أن الزم كالمه أن يكون حــدوث الهالل وتكونــه بدايــة شهر قمري لجميع بقــاع األرض على اختالف مغاربهــا ومشــارقها،

حتى النصف اآلخر من الكرة. وعلى هذا فإذا كان التشــارك في النصــف الزمــا علم دخالــة أفـق األرض طلوعــا وغروبـا في ذلــك. وال ينـدفع هــذا النقض بمــا

به من اآليات الواردة في بيان تعدد المغــارب والمشــارق؛&أجاب إذ في هذا أيضا قياس حدوث الهالل بشــروق الشــمس وغروبهــا،

ل فاسد&وقد ذكر . (799)« في بدء كالمه أن هذا القياس تخي



ــل كما يرد نفس هذا التناقض على ادعاء السيد الخوئي القائ بوحدة ليلة القدر، وعيد الفطر أيضا. حيث يقول سماحته: إن ليلة القدر ليلة واحدة لجميع سكان الكـرة األرضــية، وهي الليلــة الــتي تكتب فيها األرزاق والباليا والمنايا. كما جاء في دعــاء يــوم العيــد:

« . فالنتيجـة«أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلتـه للمسـلمين عيـدا أن ليلة القدر ليلة واحدة ألهل األرض جميعا، ال أن لكل بقعة ليلة

. (800)خاصةــه يســتحيل أن هذا في حين أنه يصرح في بيانــه المتقــدم بأن يكون لجميع الكرة األرضية يوم أو ليلة واحدة في وقت واحد. بلــر إن يوم نصف الكرة األرضية يالزم على الدوام ليلة النصف اآلخ منها، وعليـه كيـف يمكن أن يقـال للنصـف الـذي يغــرق في ظالمــه يعيش يــوم العيــد؛ ألن هــذا اليــوم قــد اســتعمل بصــيغة الليل أن المفرد؟! وأيضا كيف يقال للنصف الذي يواجه قرص الشمس أنه يشهد ليلة القــدر؟! إذن بنــاء على قولــه األخــير يكــون تعــدد ليلــةــا، وهــذا يخــالف رأيــه، ومن هنــا ينشــأ القدر ويوم العيد ثابتا تلقائي

التناقض. ولألسف الشديد ال نجد توجيها لهــذا النــوع من التنــاقض في كلمــات الســيد الخــوئي. ولــذلك فــإن هــذا يعــرض أصــل نظريتــهــة االشــتراك في الليــل تســقط عن ــه فــإن نظري للتســاؤل. وعلي

االعتبار، كما هو الحال بالنسبة إلى نظرية االشتراك في األفق.

ـ نظرية االشتراك في األرض3ــاب فهي ــذا الب أما النظرية الثالثة واألخيرة المطروحة في هس هــذه النظريـة على مــا نظرية االشــتراك في األرض. إن مؤسـ يبدو هو السيد محمد سعيد الحكيم، وهو من الفقهاء المعاصــرين،



ــاج ــتى في رســالة )منه ــد أف ــاة. فق ــد الحي ــزال على قي ــو ال ي وه : وجــود الهالل في بلــد يــوجب دخــول99المســألة »الصــالحين(:

الشهر فيه، وفي جميع البلدان الغربية باإلضافة إليه، بل وكذا في البالد الشرقية باإلضافة إليه، إذا كان البلد الــذي ظهــر فيـه الهالل من بلدان العالم القديم ـــ وهــو القــارات الثالث: آســيا، وأفريقيــا، وأوروبا ـ دون بالد األمريكيتين ـ؛ فإن ظهور الهالل فيهــا ال يــوجب

. (801)«ثبوت الشهر في البالد الشرقية باإلضافة إليهاويرد على الجملة األولى من فتواه إشكاالن:

: إنه جعل وجود الهالل هو المناط في دخــول الشــهر،األولــة على نحــو الموضــوعية هي ــل الرؤي ــات تجع في حين أن الرواي

المناط. : إنه يرى كفاية دخــول الشــهر في نقطــة لثبوتــه فيالثاني

جميع المناطق الغربية، في حين أن قوسية خطوط الرؤية ال تـبيحمثل هذا التصور.

إال أن بحثنــا الــراهن ال يــدور حــول الجــزء األول من فتــواه، وإنما يدور حول الجزء الثاني منها، حيث عمد إلى التعريــف بمالك

ثبوت الهالل في البالد المتباعدة. وطبقا لــرأي الســيد الحكيم إذا شــوهد الهالل في نقطــة من القــارة اآلســيوية أو األوروبيــة أو األفريقيــة ـــ وهي القــارات الــتي كــانت تشــكل في األزمنــة القديمــة، أو بعبــارة أخــرى: في عصــر صدور روايات باب الرؤية، جميع المناطق المســكونة من األرض ـ فإن هذه الرؤية ستكفي في ثبوت الهالل بالنسبة إلى جميــع هــذه القـــارات الثالث، إال أنهـــا ال تكـــون كافيـــة بالنســـبة إلى أمريكـــا الشمالية وأمريكا الجنوبية. وهكذا إذا شوهد الهالل في نقطــة من هاتين القارتين )أمريكا الشمالية والجنوبية( كان ذلك كافيا لثبــوت



بداية الشهر في كلتا القارتين، ولكنه ال يكــون كافيــا لثبــوت بدايــةــنى أن ــة، بمع ــة واألفريقي ــارة اآلســيوية واألوروبي الشــهر في القــارتين للقارة األوروبية واآلسيوية واألفريقية حكما واحــدا، وإن للق

األمريكيتين الشمالية والجنوبية حكما واحدا في الجملة. والسؤال الذي يرد هنا: ما هو مناط هذا الحكم؟

لو أننا أمعنا النظر في روايــات بــاب الرؤيــة فســوف ال نجــد ذكرا لالشتراك في األفق، وال االشتراك في الليل، بين البالد الــتي

ــد»كانت في زمن صدور هذه األخبار والروايات مصداقا لـ أهل بلــارات.«أرض أخرى» أو «أهل األمصار» أو «آخر وأمثال هذه العب

ــام ــل إلى اإلم ــراوي ينق ــا×فمثال: إن ال ــة في أفريقي ــبر الرؤي خــورة، وســأله واألندلس، وكان اإلمام حينها يسكن في المدينة المن

عن العمل على طبق رؤيته،×كيف يكون الحكم؟ فلم ينهه اإلمامد على حصول االطمئنان من تلك الرؤية. إن بين األندلس وإنما أك والمدينة المنورة ال يوجد اشتراك في األفق، أو تقارب، أو ما إلىــه يتحقق أحيانــا، وال يتحقق في ذلك. وأما االشتراك في الليــل فإن أحيان أخرى. إال أنه يوجــد هنــاك اشــتراك بين هــاتين الحاضــرتين البعيدتين عن بعضهما بمسافة شاسعة جدا، وكذلك األمر بالنســبةــا إلى نة تصــل منه إلى جميع المدن األخرى التي كان الخبر أو البي

، وكانت الروايــات الصــادرة عن اإلمــام تشــتمل×اإلمام المعصوم ومــا إلى ذلــك، أال وهــو«أهــل بلــد آخر»على تعــابير من قبيــل:

. «االتصال واالشتراك األرضي»ــة، والــتي ــة والرئيســة في هــذه النظري إن النقطــة الجوهريزهــا ــة، والــذي يمي تعتبر في الحقيقة الفارق الرئيس لهــذه النظريــتراك من النظريتين السابقتين ـ أعني االشتراك في األفق، واالشــة تجعــل الفــارق والمعيــار في الليل ـــ أيضــا، هــو أن هــذه النظري



لتفصـــيل البالد في إثبـــات الحكم كامنـــا في األرض، وليس في السماء. ومن هــذه الناحيــة فــإن هــذه النظريــة ـــ خالفــا للمالكين السابقين، أي االشتراك في األفق، واالشتراك في الليل ـ ال يوجدــا هــو هــذه د هن دها أيضــا. والمؤي ــاك مــا يؤي مــا يعارضــها، بــل هن

،«أرض أخــرى»، و«أهــل بلــد آخر»التعبيرات الخاصة، من قبيل: دون«،األرض» وما إلى ذلك. وكلها ناظرة إلى ،«أهل األمصار»و

السماء. وإذا كان البناء على القول بالتســاوي واالتحــاد في إثبــات دخـــول الشـــهر بين البالد فيجب أن يقـــوم أساســـه على األرض؛ لينسجم مع سياق الروايات، وليس على األفق أو الليل من األموردات السماوية واألجنبية عن السياق. وباإلضافة إلى ذلك هناك مؤي روائية وعلمية أخرى لهذه النظرية أيضا، وسوف نتعــرض لهــا في

ختام هذا المقال إن شاء الله. ــة األرض، وحــاالت الليــل والنهــار، وعليــه فبــالنظر إلى كرويــا ة، وجغرافي ــيرات الخاصــ ــا من التعب ــا فيه ــات، وم وإطالق الروايل العالم اإلسالمي في عصر صدور الروايــات، يمكن لنــا أن نتوصــ بشكل عام إلى نتيجة مفادهــا أن إطالق الروايــات ال يشــمل أكــثر من البالد المعمــورة في ذلــك الزمــان، وهي عبــارة عن القــارات

الثالث: آسيا وأوروبا وأفريقيا فقط. وقد أفاد السيد محمد سعيد الحكيم هذه المسألة على النحو

ـه حيث كـان الظـاهر اتحـاد حكم البالد مـع اختالف»التـالي: ثم إنن االقتصـار على رقعـة آفاقها، تبعـا للنصـوص المـذكورة، فـالمتعيــدأ ــتي تب ــوص، وهي ال ــك النص ــدور تل فة حين ص ــ األرض المكتش بالشــرق األقصــى من بالد الصــين ومــا حاذاهــا ممــا يقــارب بعضــط األطلســي المحــاذي ــا بالمحي أمصــار المســلمين، وتنتهي غرب

لبعض أمصار المسلمين حينئذ في غرب أفريقيا واألندلس.



أما مــا اكتشــف بعــد ذلــك، من بالد أمريكــا ونيوزيلنــدا، فهــو خارج عن مفاد النصوص المتقدمة. وأما إلحــاق أمريكــا في تــاريخ اليوم بشرق المحيط األطلسي حتى صارت أقصى غــرب األرض، وعــدم بــدء تــاريخ اليــوم بهــا لتكــون أقصــى شــرقها، فهــو محض اصــطالح عــالمي متــأخر عن اكتشــاف البالد المــذكورة، ال مجــالــدة ــى القاع ــل مقتض ــام، ب ــوص المق ــائه من نص ــتفادة إمض الس المتقدمة عدم إلحاق بالد شرق المحيط األطلسي به لو بدأ ظهور الهالل من المحيــط المــذكور فمــا دونــه، فالحــظ. واللــه ســبحانه

. (802)«وتعالى العالمفة»إن مــراد الســيد الحكيم من هي«رقعــة األرض المكتشــ

ــة(. وأمــا اإلشــارة القارات الثالث وتوابعها العرفيــة )دون االعتباري التي أفادها إلى التاريخ والتقويم فتعود إلى مســألة خــط الزمــان. فهو يقول: إن تحديد المبدأ المكاني وتاريخ اليوم بلحاظ التقــويم،ــتي وفي أي ناحية يتقدم اليوم أو يتأخر، من المسائل االعتبارية الـا، وال يتعاقد عليهـا البشــر، وهي مسـألة يتم التوافـق عليهـا عالميــاريخ ــا: إن الت ــإذا قلن ــه ف ــا. وعلي تتوقف على إمضــاء الشــارع له القمري للقارة األمريكية يختلف عن القارات الثالث بيوم واحد، الفق عليــه في هــاتين المنطقــتين يشكلن علينا أحد بأن التاريخ المت شمسي أو ميالدي، وهو واحد، وعليه يكون مالكنا موضع إشــكال؛ وذلك ألن هذه المسألة تابعة لموقع خط الزمان، وهو الخط الذي ال مناص من وجوده على األرض؛ بســبب كرويتهــا، إال أن الشــارع لم يبادر إلى تحديده. وحاليا قد تم التعاقــد على وضــعه بين آســياب بتغيــير وأمريكا حيث يمتد عبر المحيط الهادئ. األمر الذي تســب التاريخ يوما واحدا عند السفر من شــرق آســيا إلى غــرب أمريكــا عـبر المحيـط الهـادئ، وليس عنـد الســفر من غـرب أفريقيـا إلى



شرق أمريكا عبر المحيــط األطلســي. في حين لــو أنهم تواضــعواــة وأمريكــا عـبر المحيـط على رسم هذا الخط بين القارة األفريقيــويم ــا. إذن ليس المالك في التق ــر تمام ــف األم ــي الختل األطلس

االعتباري، وإنما التقويم يتم تعريفه من قبل الشارع. ــانع وأما بلحاظ حاالت الليل والنهار فال يوجد لهذه النظرية مــا في نصــف من ــارات الثالث تقــع بأجمعه ــني أيضــا؛ ألن الق تكوي الكرة األرضية، بينما تقع القارة األمريكية في نصفها اآلخر. وعليه فإن دخول الشــهر القمــري يتم عــبر يــومين، وهــذا هــو مطلوبنــا. خالفا لنظرية االشتراك في األفق التي قد يستغرق دخــول القمــر

على كل األرض ـ طبقا لها ـ ثالثة أيام. وأمـا في مــا يتعلق بتطـبيق مســألة خــط الزمـان على هــذه ــا النظريات الثالث فهناك آراء ملفتة لالنتباه أيضا، وهي تنتهي أيضــتين ــرد النظري ــتراك في األرض، وت ــة االش ــد ودعم نظري إلى تأيي

األخريين. ــة االشــتراك في األفــق ـــ من كما قد أثبتنا في هــامش نظري خالل ذكــر دليــل قــرآني ـــ أن الهــدف الــرئيس للشــارع من وراء تقديره منازل القمــر هــو أن نعلم عــدد الســنين واأليــام واألشــهر

ياء﴿والحساب؛ إذ يقــول تعــالى: مس ضــ هو الذي جعــل الشــنين ــ ــدد الس ــوا ع ــازل لتعلم دره من ــ ــورا وق ــر ن والقم

(. وعليه فــإن مثــل هــذا الشــارع ال يجعــل5 )يونس: ﴾والحسابــل أحكام الشريعة بشكل ال ينسجم مع النظام التكويني لألمــور. ب نذهب إلى أكثر من ذلك، ونقول: إن الشارع قبل أن يكون شارعا هو خالق ومكون للوجود، وقد خلق نظـام التكـوين ليجعلــه ظرفـا لنظامه التشريعي. وعليه كيف يمكن لمن قام بكــل هــذا اإلعجــاز الــدقيق في نظــام عــالم التكــوين، وحركــة الشــمس والقمــر



والكـواكب في مـداراتها ــ بحيث ال يوجــد هنـاك عـالم فلكي علىــة الالمتناهيــة ـــ، وإذا وجه البسيطة إال ويبقى فاغرا فاه لهذه الدق به فجأة يصـدر في عـالم التشــريع حكمـا ال يرتبـط بـالنظم الــذي يحكم عالم التكوين بأي صلة؟! وبالنظر إلى هذه األمور يمكن لنــاــات الثالث تحديد ما هو األقــرب إلى اإلتقــان من بين هــذه النظري المــذكورة، أعــني: االشــتراك في األفــق، واالشــتراك في الليــل،

واالشتراك في األرض. إن وجود ظاهرة خط الزمان من بين تلك الظواهر التكوينية ن لهــا موضــعا ــة األرض. بيــد أن الشــارع لم يعي الناتجــة عن كروي محددا. من هنا عمد أفراد البشر إلى التواضع على انتخاب موضعــا أوال؛ ولكي ال يخــل محــدد لخــط الزمــان من قبلهم؛ ليكــون ثابت

بنظم أمورهم المعاشية ثانيا. وهنا ال نروم القول بأن الشارع يمضـي مــا قـام بـه اإلنسـان من التواضع واالتفاق على اعتبار الموضع الراهن هو خط الزمان،ظم المنظــور بـة على ذلــك الن إال أن كونه ثابتــا من اللـوازم المترت للشارع باللحاظ التقويمي الذي أشار لــه البــاري تعــالى في عــدةفنا مالك تساوي الحكم مواطن من القرآن الكريم. وعليه فإذا عر بين البالد في دخــول الشــهر بحيث يــؤدي ذلــك إلى تزحــزح خــط الزمان عن موضعه، أو تغيير تاريخ ذلك الخط من شهر إلى شهر،

فإن هذا سيكون منافيا لغرض الشارع. وفي مــا يلي ســنعمل على تطــبيق هــذه المســألة على كــل

واحدة من هذه النظريات الثالث، لنرى كيف ستكون النتيجة: ــة االشــتراك في األفــق فمعلــوم أمرهــا تجــاه هــذه أما نظرير موضــع خــط الزمــان من شــهر إلى شــهر المســألة؛ فإنهــا ال تغي فحسب، بــل إنهــا تــؤدي أحيانــا إلى افــتراض خطين زمنــيين على



الكرة األرضية، وهو الذي يعــني المــوارد الــتي يـدخل فيهــا القمــر على جميع األرض في ظرف يومين، وهو أمر ال يمكن قبوله بحال

من األحوال. ــة من وأما نظرية االشتراك في الليل فهي وإن كــانت مقبول ناحيــة أنهــا تعــرف خطــا زمنيــا دائمــا. ولكن حيث إن أول موضــع لرؤية الهالل ليس موضعا ثابتا في جميع األشهر، وإن نصف الكرةــر من ــه سـوف يتغي المظلم يتوقف على موضع الرؤيــة، لــذلك فإنــة؛ شهر إلى شهر. فمثال: نجده تارة يشمل القارات الثالث مجتمعــة؛ وتارة يشمل القارتين اآلسيوية واألمريكية، دون القارة األفريقي وتارة يشمل القارة األفريقيــة واألمريكيــة، دون القــارة اآلســيوية؛ــارة ــزءا من القـ ــارات الثالث وجـ ــزءا من القـ ــمل جـ ــارة يشـ وتـ را ــر متغي األمريكية، دون جزئيهما اآلخرين. وباختصار: سيكون األمر تبعــا لــذلك من حين إلى حين. وبالتالي فإن موضع الخط ســيتغيـة ـة المخلـ ـ ــاكل التقويمي ــك المش ــأ تل ــر، وتنش ــهر إلى آخ من ش

بالحسابات الزمانية. ـــة االشـــتراك في األرض فيمكن لنـــا أن وأمـــا طبقـــا لنظريــا زمنيــا على موضــع جغــرافي ثــابت؛ نفترض للكــرة األرضــية خط وذلك ألن هذه النظرية تجعل جميع القــارات الثالث القديمــة ذات حكم واحد ثابت على الدوام، كما تجعل لتينك القارتين الجديــدتين حكما واحدا آخر على نفس الوتيرة. وعليه فسواء افترضــنا وجــودــط ــوق المحي ــادئ أو ف ــط اله ــوق المحي ــني ف ــط الزم ــك الخ ذل األطلسي لن تكون هناك من حاجة إلى تغيير موضــع ذلــك الخــط من شهر إلى شهر، ولن تعرض أي مشكلة تقويمية من جراء ذلك

أيضا. ز إذن لو بقينا نحن ومسألة خط الزمان فإن مــا ذكرنــاه يعــز



ويدعم القول بنظرية االشتراك في األرض. ونحن ال ندعي أن هذال دليال على إثبات هذه النظرية فقهيــا؛ إذ إن النظريــة الكالم يشك الفقهية إنما يجب إثباتها بالــدليل الفقهي، ولكن الــذي نريــد قولــهدات الخارجية يمكنه أن يكــون دليال على صــحة هو أن وجود المؤي

وتقوية الرأي الفقهي. ــيد ومن الجدير بالذكر أن هناك فقيها معاصرا آخر ـ غير الس محمد سعيد الحكيم ـ ال يزال على قيد الحياة، وهو الميرزا محمــد العالمي الهشترودي، قد أصدر فتــوى شــبيهة بهــذه الفتــوى، وهيــذا موجودة في كتاب استفتاءاته الذي نشره باللغة الفارســية. وه

: لو شوهد الهالل في منطقة64سؤال »نص ترجمة تلك الفتوى: فهــل يكفي ذلــك في ثبــوت الشــهر بالنســبة إلى ســائر المنــاطق

األخرى أم ال؟ الجواب: لو شــوهد الهالل في منطقــة كفى ذلــك في ثبــوت حلول الشهر بالنسبة إلى جميع المناطق الواقعة إلى جهة الغربــة إلى ــاطق الواقع ــبة إلى المن ــا بالنس ــة، وأم ــة الرؤي من منطق الشرق منها فإنما تكون رؤية الهالل حجة على المنــاطق الداخلــة ضمن القــارات الثالث آســيا وأفريقيـا وأوروبـا )الـتي تشــترك مــع منطقــة رؤيــة الهالل في الليــل(، وال تكــون رؤيــة الهالل في تلــك المنطقة حجة على القارة األمريكية وأستراليا. وإذا شــوهد الهاللــتين وأســتراليا كــان ذلــك حجــة على جميــع في القــارتين األمريكي المناطق في تلك القارات، وال يكــون حجــة بالنســبة إلى القــارات

. (803)«الثالث األخرى إن عبارة )التي تشترك مــع منطقــة رؤيــة الهالل في الليــل( الواردة في فتوى الهشترودي ليست قيدا احترازيا، حتى يكون لهاــو ــل ه ــتراك في اللي ــراده من االش ــة في الحكم، وليس م مدخلي



المعنى الذي ذهب إليه السيد الخــوئي. فليس المعــنى أن الرؤيــة تثبت فقــط في المنطقـــة الـــتي هي جـــزء من القـــارات الثالث، بشرط أن تكون في لحظــة رؤيــة الهالل مشــتركة في الليــل مــعــة منطقة الرؤية؛ إذ لو كان هذا هو مراده لما كانت هناك من حاج إلى تسمية القارات الثالث. وعليه فهو قيد توضيحي، والمراد منـه أن هذه القارات الثالث يمكن أن تشترك في ليلة واحدة. وبعبــارةــوي على ــدة، وال تحتـ ــرة واحـ ــف كـ ــون في نصـ ــح: أن تكـ أوضـبــة على القــول بكفايــة نقطــة واحــدة المحذورات التكوينية المترت

بالنسبة إلى سائر بلدان الكرة األرضية. وإن الفقهاء الذين أشاروا إلى منع اختالف مطالع القمــر فيــاحب ــال: ص ــذاك، من أمث ــورة آن ــكون والبالد المعم ــع المس الرب

، ربمــا عمــدوا إلى تأييــد القــول(805)، والعالمــة الحلي(804)الجــواهر باالشتراك في األرض، دون قصــد منهم إلى ذلــك. فمثال: جــاء في

ليس االختالف»تقرير درس الســيد محمــد محقق الــداماد قولــه: بين المتباعدة من البلدان المعمورة مــا يـوجب االختالف الشــديد،

. (806)«بل ال يوجب ظاهرا التفاوت بيوم من هنــا وبــالنظر إلى مجمــوع مــا ذكــر يمكن اإلقــرار بقــوة نظرية االشتراك في األرض، في مقابل النظريتين األخريين، والله

العالم.

الشواهد والقرائن الروائية على اتحاد القارات الثالثــة ــة الداعمــة للنظري إن من الشواهد والقرائن الروائية القويــل المختارة الرواية التي تشير إلى اتحاد مدينة كربالء ومنطقة جب

عرفات في التقويم، وهي: إن اللــه تبــارك وتعــالى» أنه قال: ×روي عن اإلمام الصادق



عشــية×يبدأ بالنظر إلى زوار قبر الحسين بن علي بن أبي طالب. (807)«عرفة، قيل له: قبل نظره إلى أهل الموقف؟ قال: نعم

إن لبعض المحققين الفقهاء تعليق جدير بااللتفات، ذكره في طبقا لهذه الرواية فإن الله تبــارك»هامش هذه الرواية؛ إذ يقول:

وتعالى في ليلة عرفــة ينظــر إلى زوار مرقــد اإلمــام الحســين بن قبــل أن ينظــر إلى حجــاج بيتــه الحــرام. وإن التعبــير بـ×علي

، والقيام بهذه المقارنة بين هــاتين الطــائفتين، يناســب أن«قبل» تكون هاتين الطــائفتين تعيشــان ذات المناســبة )يــوم عرفــة( في وقت واحد، ومع ذلك يتم االبتداء بالنظر إلى إحداهما، ليصــار بعــد ذلك إلى النظر إلى األخرى. وإال فمع االختالف في التاريخ ال يبقى هناك معنى لمثل هــذه المقارنــة والــترجيح. فلــو افترضــنا مثال أن اليوم كان هو يوم عرفة في مدينــة كــربالء، وكــانت منطقــة جبــل عرفات قد شهدت عرفة في اليوم الســابق، فكيــف يمكن القــول بأن الله قد نظر إلى أهل كربالء قبل أن ينظر إلى أهل عرفــات؟ خاصة إذا التفتنا إلى أن جبل عرفات يقع إلى الجنوب الغربي من مدينة كــربالء، وعليــه طبقــا للكثــير من الفتــاوى، ســواء على رأي القائلين بنظرية االشتراك في األفق أم القائلين بنظرية االشتراكــوم ــو الي ــات ه ــل عرف ــوم في جب ــون الي ــل، يمكن أن يك في الليــوم التاســع العاشر من ذي الحجة، وفي مدينة كربالء يكون هو الي

من ذي الحجة، وهكذا... ربما أمكن لنا االستفادة من هــذه الروايــة ومثيالتهــا أن يــوم عرفة في أفق جبل عرفات ال يختلف عنه في أفـق مدينــة كــربالء أبدا، فإذا كان يوم عرفة ثابتا في منطقة جبــل عرفــات ثبت أيضــاــا. وال يمكن في مدينة كربالء، وإذا لم يثبت هناك لم يثبت هنا أيض أن يثبت يوم عرفـة في جبــل عرفــات بينمــا تشــهد مدينـة كــربالء



أجواء عيد األضحى. وفي هذه الصــورة ـــ مــع إلغــاء الخصوصــية عن يــوم عرفــة وشهر ذي الحجة ـ يمكن تعميم األمر على جميع الشــهور، وبــذلك نصل إلى قوة تلك النظرية التي تعتبر بداية الشهر القمري لجميع

. (808)القارات الثالث )آسيا وأفريقيا وأوروبا( في يوم واحدــال ــذا المق وفي الختام يجدر بنا التنويه إلى أن ما جاء في هـه التحقيقي ال يعني بلوغ الغاية، وأنه فصـل الخطـاب، بـل حيث إن يعتبر من هذه الناحية عمال جديدا وغير مسبوق في حقل البحــوثع، وخاصــة الفقهية فهو ال يزال بحاجة إلى مزيد من التحقيق والتتبــة في في مجال العثور على مزيــد من الشــواهد والقــرائن الروائيـــة، ويجب القيــام بمزيــد من البحث تأييــد وتعزيــز هـــذه النظريـه ـ والتنقيب العميق في الروايات؛ ليعطي هذا التحقيق العلمي أكل وثماره بحول الله وقوته، وأن ينتفع به جميع المســلمين في كافــة

أقطار العالم، إن شاء الله.

خالصة واستنتاج د1 ـ إن منطوق الروايــات الــواردة في بــاب رؤيــة الهالل يؤي

كفاية الرؤية في نقطة من األرض بالنسبة إلى سائر نقاط األرض األخرى؛ وذلك لوجود اإلطالق اللفظي في ما يتعلق بمكان شهادة

نة على رؤية الهالل. البيــات ال يمكن تســريته إلى2 ــ إن اإلطالق اللفظي في الرواي ـ

ك جميع الكرة األرضية؛ وذلك ألن كروية األرض تمنعنــا من التمســ بهذا اإلطالق، فال يمكن لجميع الكــرة األرضــية أن يكــون لهــا يــومــذه ــون له ــا ال يك ــد. ومن هن ــدة في وقت واح ــة واح ــد أو ليل واح الروايات إطالق مقامي بالنسبة إلى الشهادة على الرؤيــة. وعليــه



ال مندوحة لنا؛ طبقا للداللة االقتضــائية في الروايــات، من تقســيم مناطق األرض بشكل مناسب، والقول بالتقدم والتأخر فيمــا بينهــا

من حيث دخول الشهر، وإثبات الحكم. ــير من الضــوابط3 ــة الكث ــاء في كتبهم الفقهي ــر الفقه ــ ذك ـ

والمالكــات لتقســيم البالد. وباإلمكــان بعــد التغاضــي عن بعض الفوارق الطفيفة اختزالها في ثالثة ضوابط عامة، وهي: االشتراك

في األفق، واالشتراك في الليل، واالشتراك في األرض. ــة المشــهورة4 ـ إن نظرية االشــتراك في األفــق هي النظري

بين الفقهاء. وطبقــا لهــذه النظريــة لــو شــوهد الهالل في منطقــة كفى ذلك في إثبات حلول الشهر بالنسبة إلى المناطق المشتركة مــع منطقــة الرؤيــة في األفــق، أو المحاذيــة لهــا، وال يكفي ذلــك بالنسبة إلى المناطق البعيدة عن منطقــة الرؤيــة، والــتي تختلــف

معها في األفق. بيد أن هذه النظرية تواجه الكثير من المشاكل، ومن أهمهــا: عدم استنادها إلى دعامة روائية، وعــدم دقتهــا في تحديــد القــرب

والبعد. ومن هنا ال يمكن األخذ بها. ـ وأما نظرية االشتراك في الليل فإن أول من صدع بها هو5

السيد الخوئي. وطبقا لهذه النظرية فإن رؤيــة الهالل في منطقــةــاركة تكفي إلثبات دخول الشهر بالنسبة إلى جميع المناطق المشــل ــترن أول اللي لمنطقة الرؤية ولو في جزء من الليل، حتى لو اق

في منطقة مع آخر الليل في منطقة أخرى. وهذه النظرية تفتقر إلى الدعامة الروائية أيضا، فليس هناك دليل من الروايــات عليهــا. وباإلضــافة إلى ذلــك هنــاك الكثــير من التناقضات الواضحة في المســار االســتداللي الــذي أفــاده الســيدــة إلى الخوئي إلثبات هذه النظرية، وهي أمور تعرض أصل النظري



التساؤل والتشكيك. وعليه ال يمكن التمسك بهذه النظرية أيضا. ــرحت أول األمــر6 ـ وأما نظرية االشتراك في األرض فقد ط

من قبل السيد محمد ســعيد الحكيم ـــ الفقيــه المعاصــر، الــذي ال يزال على قيد الحياة ـ. وطبقا لهــذه النظريــة إذا كــانت المنطقــة التي شوهد الهالل فيها جزءا من العــالم القــديم، وهــو عبــارة عنــوت ــا في ثب القارات الثالث )آسيا وأفريقيا وأوروبا( كان ذلك كافي دخـول الشـهر لجميـع هـذه القـارات الثالث، دون العـالم الجديـد،ــة والشــمالية. كمــا أن ــتين الجنوبي المؤلف من القــارتين األمريكي رؤية الهالل في منطقــة من األمريكيــتين يكفي في ثبــوت الشــهر

في جميع أرجاء تينك القارتين، دون القارات الثالث األخرى.ــل: ــابير من قبي ــة، ومن خالل تع ــد»إن هــذه النظري أهــل بل

، تجعــل المالك في«أرض أخــرى»، أو «أهــل األمصــار»، أو «آخرـتين ــ ــا للنظري ــدان في إثبـــات الحكم ــــ خالفـ ــيل بين البلـ التفصـ الســابقتين ـــ في عامــل أرضــي، ال في عامــل ســماوي، كمــا هــو الحال بالنسبة إلى نظرية االشتراك في األفق أو نظرية االشتراكــا للدعامــة ــو امتالكه ــا ه ــدليل األهم على مقبوليته ــل، وال في اللي

الروائية. دات روائية أخرى للنظرية المختارة، أعني اتحاد7 ـ هناك مؤي

القــارات الثالث في إثبــات بدايــة الشــهر القمــري، خالفــا لســائرــات الضوابط والمالكات في تقسيم اآلفاق. ومن أوضح تلك الرواي وأبسطها تلك الرواية الــتي تتحــدث عن المقارنــة والمفاضــلة بين زوار اإلمام الحسين في كربالء والحاضرين في جبــل عرفــات في يوم عرفة، فهي تضاعف من قوة وإتقان هذه النظرية في مقابــلدات أخرى أيضا، ولكنها تحتاج إلى النظريتين األخريين. وهناك مؤيســع المجــال إلى ذكرهــا في هــذا المقــال تفصيل أكبر، وعليه ال يت



المختصر.

الهوامش


أحمد مرتاضي / د. علي مظهر قراملكي / د. علي أصــغر موســوي ركــني / أ. •د. محسن ملك أفضلي

والقوانين اإلسالمية الفساد المالي في ضوء الفقهماهيته، وتعريفه

*(*()أ. أحمد مرتاضي

*(*()*د. علي مظهر قراملكي

*(*()**د. علي أصغر موسوي ركني

*(*()***د. محسن ملك أفضلي

ترجمة: حسن علي مطر

مقدمة بااللتفات إلى اتساع الــدائرة المفهوميــة للفســاد االقتصــادي والمالي ـ على ما سيأتي تفصــيله وإثباتــه ـــ ليس هنــاك من شــك في أن هذه الظــاهرة قــد نشــأت منــذ بــاكورة الحيــاة االجتماعيــةــاس ألفراد البشر، حيث أخذت يد البغي والعدوان تطال أموال النــاه وممتلكاتهم. إال أن هذه الظاهرة مع ذلك لم تســتحوذ على انتب المجتمعات المختلفة بالشكل الذي ساد أوســاط العصــر الــراهن. ولذلك لم يتم التعرض في الكتب العلمية القديمة، بما فيها الكتب

طالب على مستوى الدكتوراه في الفقه ومباني القوانين )*(*(اإلسالمية في جامعة قم.

أستاذ مساعد في كلية الفقه والقوانين اإلسالمية في )**(*(جامعة طهران.

أستاذ مساعد في جامعة قم. )***(*(أستاذ مساعد في جامعة قم. )****(*(


الفساد المالي في ضوء الفقه والقوانين اإلسالمية: ماهيته، وتعريفه•

الفقهية والدساتير العريقة، لهذه الظاهرة بشكل تفصــيلي جــامع، ولم يتم تناول األسس واألطر التي تحــدد التعريــف الــدقيق لهــذه

الظاهرة.رين المعاصــرين في كــل هــذا في حين نجــد العلمــاء والمفك فرع من الفروع العلمية يعمدون ـ بما يتناسب وأبعــاد العلم الــذي

، وبيــان«الفســاد االقتصــادي»يبحثــون فيــه ـــ إلى إبــداء تعريــف ــذا ــة في ه ــات الهام ف ــير من المؤل ــا الكث ــوا لن ــد ترك ــه، وق ماهيت

المجال. وعلى الرغم من ذلــك، ورغم القــرار الصــادر من قبــل قائــد

ــاريخ: ــورة بت ــود،10/2/1380الث ــة بن ــمن لثماني ــ.ش، والمتض هـ ، ال يــزال هــذا المصــطلح«الفســاد االقتصــادي»محورها مكافحــة

مفتقرا إلى تعريف فقهي ـ قانوني. ( من قـــانون الخطـــة الرابعـــة للتنميـــة124وفي المـــادة )

االقتصادية تم التصريح بجملـة )الجــرائم االقتصــادية العامــة(، وتم اعتبار وزارة االستخبارات الضابط في تلــك الجــرائم، دون أن يتم

إيضاح المراد من الجرم االقتصادي، أو تحديد مصاديقه. ليس هناك من شك في أن غياب التعريف الصحيح لموضوعــير من ــه، ســيؤدي إلى الوقــوع في الكث ــد ماهيت مــا، وعــدم تحديبــة عليــه. هــذا في حين نشــاهد األخطاء عند تحديد األحكام المترت

ــداقا من«االختالس»في بعض الكتابـــات تصـــريحا باعتبـــار مصـ األمــوال هــو«اختالس»، مــع أن «الفســاد المــالي»مصــاديق

. «الفساد المالي واالقتصادي»المصداق البارز لـ ــف ــوص تعريـ ــا يتعلق بخصـ ــادي»وفي مـ ــاد االقتصـ الفسـ

من الزاوية الفقهية والتشريعية ـ وهو الســؤال الــرئيس«والمالي والمحوري في هــذا المقــال ـــ يجب القــول: إن هــذه المســألة لم



تطرح ـ تحت هذا العنوان ـ إال في عدد محدود من الكتب التي تمــد ــ بع ــنة. ولكن يمكن ـ ــل الس ــاء أه ــل بعض فقه ــا من قب تأليفه

أكل»مالحظة أربعة مبان ونقطة هامة ـ اعتبار المصطلح الفقهي . «الفساد االقتصادي» مرادفا لـ «المال بالباطل

ــال ــبراء في مج ــاء والخ ــارة إلى أن الفقه ــدر اإلش ــا تج كم «أكــل المــال بالباطل»القانون قلما بادروا إلى تعريــف مصــطلح

د ذكــر بوصفه مرادفا للفساد االقتصــادي، مكتفين من ذلــك بمجــر بعض المصاديق عند بيان الفروع الفقهية، وذلك بمــا يتناســب مــع

البحث الماثل بين أيديهم. ــام الرضا ــذكر أن اإلم ــدير بال ــبر ×ومن الج ــد اعت «الربا» ق

م الله عز»؛ إذ يقول: «الفساد المالي»مصداقا من مصاديق فحر.(809)«وجل على العباد الربا؛ لعلة فساد األموال...

في بعض الروايــات الــتي×هذا في حين نجــد اإلمــام البــاقرــالى: ــه تعـ ــا عن قولـ ئل فيهـ ــ ال تـــأكلوا أمـــوالكم بينكم﴿سـ

(، يقــول: إن188؛ وانظــر أيضــا: البقــرة: 29النساء: )﴾بالباطلــه عنــدما أراد(810)الربا من مصاديق أكل المال بالباطل . بمعــنى أن

ر الباطل، ويذكر مصداقا لــه، ذكــر الربــا بوصــفه مصــداقا أن يفسللباطل.

«الســرقة» و«الغصب» فسر ×وفي رواية عن اإلمام الرضاــه. فعن ســنان، عن«،أكل المــال بالباطل»بـ وأخــذه من غــير حل

ـة قطــع اليمين من×الرضا ، في مــا كتب إليــه من العلــل، وعلـ السارق؛ ألنه يباشر األشياء بيمينــه، وهي أفضــل أعضــائه وأنفعهــا له؛ فجعل قطعها نكاال وعبرة للخلق؛ لئال يبتغــوا أخــذ األمــوال منهــا؛ وألنــه أكــثر مــا يباشــر بيمينــه. وحــرم غصــب األمــوال غــير حلم؛ وأخذها من غير حلها؛ لما فيه من أنواع الفساد، والفســاد محــر



م الســرقة؛ لما فيه من الفناء، وغير ذلك من وجوه الفســاد. وحــر. (811)لما فيها من فساد األموال

ومن الجدير ذكره بطبيعة الحال أن مفردة )األكل( قــد تــأتي بمعنى الفساد، كمــا في قولــه تعـالى في وصـف أصــحاب الفيـل:

ف مــأكول﴿ (، بمعـــنى أنهم بعـــد5 )الفيـــل: ﴾فجعلهم كعصــــا إصابتهم بحجارة السجيل أصبحوا مثل أوراق الشجر التي يعتريهر عن الفســاد في الفساد والذبول. ولذلك نجــد األدب العــربي يعب بعض األشياء بمصــطلح التآكـل، كمـا في تآكـل األسـنان، أو تآكـل

الحديد عند الصدأ. ــالى: ــه تع ــير قول ــه يمكن تفس ــأكلوا أمــوالكم﴿وعلي ال ت

ــل ــرة: 29النســاء: )﴾بينكم بالباط ــا: البق ــر أيض (188؛ وانظ بمعنى: ال تفسدوا أموالكم باقتراف األعمال الباطلة. وبذلك يثبت

الفســاد» ومصــطلح «أكــل المــال بالباطل»تــرادف مصــطلح بشكل واضح. «والفساد المالي واالقتصادي

ــه فبااللتفــات إلى هــاتين المســألتين يمكن القــول: إن وعلير«أكل المال بالباطل»مصطلح يرادف المصطلح الــراهن والمعب

الفســاد»، ويمكن تعريــف ماهيتــه بـ (812)«الفساد المــالي»عنه بـ . «المالي واالقتصادي

ومن البديهي إذا تحول الفساد االقتصادي إلى شبكة واسعة، الفســاد في»وأضحى من وجهة نظر العرف والشــرع مصــداقا لـ

ق«األرض ــذي ســيطب ، فإن حد الحرابة واإلفساد في األرض هو العلى مرتكبه.

ــراد من ــك في أن المـ ــدة«األكل»وال شـ ــذه القاعـ في هـــق التصــرف وأنواعــه ــة هــو مطل ــات القرآني المســتنبطة من اآلي الكثيرة، والتي تعني بشكل عام مطلق االستيالء واالستحواذ على



ــه األموال. فمثال: عندما يقال: إن فالنا أكــل مــالي كــأن المــراد أن استولى عليه بالقوة والقهر والغلبة. وليس المــراد هــو األكــل في مقابــل الشــرب؛ ألن هــذا مــا ال يصــدق على الكثــير من األمــوال

. (813)المغتصبة، فال يمكن أكل الدار المغصوبة مثالــراد من ــول: إن الم ــار: يمكن لي الق ــال»وباختص ــل الم أك

ف المحسوس وغير المحسوس في» «بالباطل جميع أنواع التصر األموال الخاصة أو المملوكة لآلخرين على نحو غير شرعي أو غير

ــة: «عقالئي ــة التالي ــول الثالث ــك في الحق ــع ذل ــوارد». ويق ؛«المــاق»و ــ ــا أن (814)«االدخــــار» و؛«اإلنف ــ ــالي». كم ــ ــاد الم ــ الفس

يطلـق على هــذا المعــنى أيضــا، ويمكن تحققــه في«واالقتصـادي هــذه الحقــول الثالثــة أيضــا، وهــو مــا ســيأتي الكالم عنــه، ونثبتــه

بالتفصيل إن شاء الله. ـة»وبعد هذه المقدمة المقتضبة ندخل في تفصيل بيان ـ ماهي

، وتقــديم«الفساد المالي واالقتصــادي في ضــوء الفقــه والقــانون ؛ كي ال نقع في الخطــأ«الفساد المالي»تعريف فقهي ـ قانوني لـ

بة على هذا الموضوع؛ إذ ال شك عند تحديد الحكم والعقوبة المترت في أن الحكم إنما يدور مدار الموضوع، فهــو بالنســبة لــه بمنزلــة

. «الفساد المالي»العلة من المعلول، والموضوع في بحثنا هو

بحث وتحقيق ــة ــاد»إن كلم ــادة «الفس ــأخوذة من م د» م ــ ــنى«،فس بمع

؛ وأخــذ مــال الغــير ظلمــا وبــالقوة، ومنــع(815)االضمحالل والــزوالــالحة ــحيحة والص ــال الص ــام باألعم ــير من القي ــة،(816)الغ ؛ والفتن

.(817)والضرر، واإلساءة، وضد الصالح من» لغة فكان يطلق أول األمر على النقــدين «المال»وأما



ــذهب والفضة ــمل «ال ــاه ليش ــع معن س ــا»، ثم ات ــل عين يتملكه ك.(818)«الناس

ويطلق على الفســاد المــالي في اللغــة اإلنجليزيــة مفــردة )Corruptionر (، والتي تعــني النقض والكســر، والــذي ينقض أو يكســ

. وعليـه فـإن(819)في الفساد االقتصـادي هـو القــوانين والقـرارات كــل ظــاهرة تحــول دون تحقيــق مجموعــة مــا» يعــني «الفســاد»

ــدافها ومعطياتها ــطلح«أله ــدقيق لمص ــيزي ال ــرادف اإلنجل . والم(. Financial Corruption هو )«الفساد المالي»

ومن الجدير بالذكر أن ما شاع استعماله في األعوام األخيرة يشمل حتى أنواعا من«الفساد المالي واالقتصادي»تحت عنوان

ــاه الفساد األعم من الفساد اإلداري والسياسي واالقتصادي )بمعن . وأحيانا يتم اعتبــار الفســاد المــالي فرعــا من فــروع(820)األصلي(

.(822()821)الفساد اإلداريــا، ويجب أن ال وهذه التعبيرات بأجمعها مجانبة للصواب تمام تستعمل إال في معانيها األصلية والحقيقية الخاصة بها؛ ألن الفساد اإلداري أمر آخر عام، وال يشــمل الفســاد االقتصــادي إال في بعض مــوارده. بمعــنى أن الفســاد اإلداري لــو مارســه الموظفــون فيــذا ــد أن ه الحكومة أمكن من هذه الناحية اعتباره فسادا إداريا، بي الفساد الحاصل هو ـ على كل حــال ـــ فســاد اقتصــادي تحقق في دائرة الموظفين في الدولة، إال أن هذا غــير مــا نقولــه من اعتبــار الفساد اإلداري مرادفا للفساد المالي واالقتصــادي بشــكل كامــل. والشاهد على ذلك هو قانون متابعة المخالفات اإلدارية الوارد في

، وقــد ذكــر في«المخالفــات اإلدارية»الفصل الثاني تحت عنــوان مــوردا من مــوارد الفســاد اإلداري، ولكننــا38المادة الثامنة منــه

ــالي ــدخل في الفســاد الم ــا ي ــدرك أن م ــل من التأمل ن ــد قلي بع



واالقتصــادي من هــذه المــوارد ال يتعــدى المــوردين أو الثالثــة في الحــد األقصــى. وهــذه هي القائمــة الــتي تعــدد هــذه المخالفــات

اإلدارية: ـة المهنــة، أو المخالفــة1 ـ ـــ الممارســـات المخالفــة لماهي

للشؤون اإلدارية. ـ نقض القوانين والقرارات ذات الصلة. 2 ـ عدم إرضاء المراجع، أو عدم القيــام بخدمتــه، أو التبــاطؤ3

في القيام باألعمال القانونية دون سبب أو عذر وجيه. ـ االتهام واالفتراء وهتك األعراض وتشويه السمعة. 4ـ االبتزاز. 5ـ االختالس. 6ــة، أو7 ـ التميــيز أو المحابــاة أو إقامــة العالقــات غــير اإلداري

ــا على ــدم تطبيقهـ ــخاص وعـ ــوانين على بعض األشـ ــبيق القـ تطـاألشخاص اآلخرين.

ـ عدم القيام بخدمة المراجعين أثناء فترة العمل اإلداري. 8 ـ تكرار التأخر في المجيء إلى اإلدارة، والخروج منها قبــل9

انتهــاء فــترة العمــل، دون الحصــول على إذن رســمي من مــديرالدائرة. ـ التهاون في الحفاظ على األموال والوثائق والمستندات10

الحكومية، أو اإلضرار بأموال الدولة. ـ كشف األسرار اإلدارية الخاصة. 11ـ إقامة العالقات المشبوهة مع الجهات األجنبية. 12ــا13 د على القوانين الصادرة من الجهات العليا في م ـ التمر

يتعلق بحدود المسؤوليات اإلدارية. ــة14 ــف أو التســامح في أداء المســؤوليات الداخل ــ التطفي ـ



ضمن الخدمة. ـــ تهــاون المســؤول أو المــدير في رفــع تقريــر بمخالفــة15

الموظف العامل تحت إمرته. ـ تقديم تقرير كاذب ومخالف للواقع في ما يتعلق باألمور16اإلدارية. ــة والقــرارات17 ـ اســتالم األمــوال من غـير الطــرق القانوني

المحددة، أو أخذ كل مال يعد من الناحية العرفية رشوة. ـــ تســليم الوثــائق لغــير أصــحابها من الــذين ال يــبيح لهم18

القـــانون اســـتالمها أو االطالع عليهـــا، أو عـــدم تســـليم الوثـــائقألصحابها الذين يحق لهم الحصول عليها بحكم القانون.

رة. 19 ـ تعطيل الخدمة في األوقات اإلدارية المقرـ عدم االلتزام بالحجاب اإلسالمي. 20ـ عدم رعاية الشعائر والتعاليم اإلسالمية. 21ــراء22 ــع أو ش ــع أو بي ــل أو توزي ــظ أو حم ــاء أو حف ــ إخف ـ

المخدرات. ـ تعاطي المخدرات أو إدمانها. 23ـة أخـرى غـير مـا كــان لـه طــابع24 ـ ممارسـة مهنـة حكومي

تعليمي أو تحقيقي. ــب أو25 ــتغالل للمنص ــاءة االس ــواع إس ــوع من أن ــل ن ــ ك ـ

اإلمكانات أو أموال الدولة بشكل غير شرعي. ـ تزوير أو تغيير الوثائق أو العبث في األوراق الرسمية أو26

الحكومية. ــة،27 ـ التالعب في الشهادات أو األســئلة والــدفاتر االمتحاني

أو تسريب األسئلة أو تغييرها. ـ إعطاء درجة أو امتياز خارج األطر والضوابط القانونية. 28



ـ تكرار الغيبــة بشــكل متــوال أو متعــاقب على نحــو غــير29مبرر.

ـ إساءة استغالل المنصب والموقع اإلداري. 30 ـــ إيقــاف أو إخفــاء أو فتح الطــرود البريديــة أو إتالفهــا أو31

االطالع على محتوياتها دون إذن قانوني. د وبث الشــائعات وإجبــار اآلخــرين وإثــارتهم على32 ـ التمــر

د أو التظـــاهر خـــارج األطـــر القانونيـــة، أو التشـــجيع على التمـــرــة، ــير المرخص ــيرات غ ــروج في المس ن والخ ــ ــراب والتحص اإلضوممارسة الضغط الجماعي للحصول على أهداف غير مشروعة.

ـ االنتساب إلى عضوية إحدى الفــرق الضــالة والمنحرفــة33التي ال تحظى باعتراف من قبل الدين اإلسالمي الحنيف.

ـ التعاون مع جهاز السافاك المنحــل تحت عنــوان عنصــر34 ناشط، أو مصدر معلومــات، وممارســة النشــاط أو رفــع التقــارير

المعادية للشعب. ــداخلي على35 ــ االنتســاب إلى مؤسســة يقــوم نظامهــا ال ـ

مناهضة األديــان الســماوية، أو النشــاط والعمــل لصــالح معارضــةاألديان ونبذها.

ـ االنتساب إلى الجماعات المحاربة، أو العمل وممارســة36األنشطة التي تصب في مصلحة هذه الجماعات.

. (823)ـ االنتساب إلى المنظمات الماسونية37 ؛ ألن دائــرة(824)وهكذا األمــر بالنســبة إلى الفســاد السياسي

ــاد ــمل حتى الفس ــد تش ــعة بحيث ق ــي من الس ــاد السياس الفس االقتصادي في بعض جوانبها. بمعنى أن الفســاد المــالي إذا صــدر عن المســؤولين في الدولــة، وكــانت مناصــبهم السياســية تشــكل أرضية الرتكاب مثل هذا الفساد، أمكن تســميته من هــذه الناحيــة



فسادا سياســيا. وفي المجمــوع يجب االلتفــات إلى أن المهم هــو صدق الفساد السياسي والمــالي على أمــر مــا، ســواء أكــان هــذاــة أو ضــمن الفساد المالي يقع ضمن دائرة المســؤولين في الدول دائرة الموظفين فيها، أم ضــمن المؤسســات الخاصــة، أم ضــمن الحياة الشخصية لفرد أو مجموعة من األفراد؛ وذلك ألن المنظور لنا في هذا البحث، والــذي أثبتنــاه، هــو الفســاد االقتصــادي، يمكن وقوعه وتحققه ضمن واحد من األطـر الثالثـة الـتي تقـدم ذكرهـا،

، دون أن تكــون هنــاك«االكتنــاز»؛ و«اإلنفاق»؛ و«الموارد»وهي: أهمية لألرضية أو الفرصة التي يقع فيها هذا الفساد، وال يمكن لها ر عنوانه. وهذه نقطة هامــة ال بــد من االلتفــات إليهــا حتمــا أن تغي

ــانع لـ ــامع والمـ ــان التعريـــف الصـــحيح والجـ ــد بيـ ــاد»عنـ الفسـ، وخاصة تبيين ماهيته في ضوء الفقه والقوانين. «االقتصادي

وبعد هذه المقدمة، وقبل كل شيء آخــر، نســتعرض في مــا يلي تعاريف بعض الفقهاء أو علماء االقتصــاد من غــير المســلمين أو المسلمين ـ الذين أخذوا تعريفاتهم من مصادر الفقه اإلسالمي ـ حول الفساد االقتصادي؛ لنقوم بدراستها وانتقادها. وسوف نبادر بعد ذلك إلى تقديم تعريف جامع ومانع للفساد االقتصــادي، بحيث

يشمل معنى عاما يحتوي على جميع مصاديقه. وعليه نقول: ـ عمد البنك العالمي إلى تعريف الفساد المالي على النحو1ـة من أجــل»التالي: إساءة استغالل السلطة واإلمكانـات الحكومي

. (825)«تحقيق المصالح الشخصية ـ جاء في تعريف )المنظمة العالمية للشفافية( في تعريف2

إن المــراد من الفســاد المــالي هــو»الفســاد االقتصــادي قولهــا: ــلحة ــول على المص ــل الحص ــدرة من أج ــلطة والق ــتغالل الس اس

. (826)«الخاصة



ــام اإلداري،3 ــالمة في النظ ــاء والس ــانون االرتق ــد ق ــ عم ـ هـــ.ش،29/2/1387ومكافحــة الفســاد، المصــادق عليــه بتــاريخ:

هـ.ش، في الفقرة )أ( من المادة7/8/1390واإلعالن عنه بتاريخ: األولى من الفصــل األول )التعــاريف ومصــاديقها من األشــخاص(، عند بيــان التعريــف إلى الخلــط بين الفســاد والفســاد اإلداري من

إن الفســاد»جهة والفساد المالي من جهة أخرى، حيث جاء فيــه: ــخص أو في هذا القانون يشمل كل فعل أو ترك فعلي يقوم به ش جهة بشــكل فــردي أو جمــاعي، أو منظمــة تهــدف عن قصــد إلى الحصول على منفعة أو امتيــاز مباشــر أو غــير مباشــر، لنفســه أو غــيره، من خالل نقض القــوانين والقــرارات المصــادق عليهــا في البالد، أو اإلضرار باألموال والمصالح والمصادر، أو السالمة العامة واألمن العام، أو ضد جماعة من الناس، من قبيل: إعطاء الرشوةــب أو ــتغالل للمناص ــوء االس ــؤ وس ــاء واالختالس والتواط واالرتشــة والسياســية واإلمكانــات والمعلومــات، أو التــدول المكانة اإلداري بشأن المصالح العامة بشكل غير قانوني، وحيــازة هــذه المصــالح إلى أنواع التخصصات غــير المشــروعة، والقيــام بأعمــال الــتزويرـة ـ ــوابق اإلداري ــتندات والس ــائق والمس ــاء الوث ــويه أو إخف والتش

. «والمالية ـ عــرف المجلس التشــريعي الفلســطيني الفســاد المــالي4

ــه خــروج عن أحكــام القــانون أو األنظمــة»م قــائال: 1997عام إنــل الصادرة بموجبه، أو مخالفة السياسات العامة المعتمدة من قب الموظف العام؛ بهدف جني مكاسب له أو آلخرين ذوي عالقــة، أو اســـتغالل غيـــاب القـــانون بشـــكل واع للحصـــول على هـــذه

. (827)«المنافع ـ وقد عمد الســيد علي الخــامنئي، في كلمتــه الــتي ألقاهــا5



هـ.ش، إلى بيان19/10/1380وسط حشد من أهالي قم، بتاريخ: إن الفساد االقتصادي يعني أن يعمــد» قائال: «الفساد االقتصادي»

أشــخاص، من خالل التــذاكي وااللتفــاف على القــانون أو التملــق،. «إلى االستحواذ على بيت المال، وملء جيوبهم من موارده

ــالمي6 ـ وقال الدكتور الجابري ـ أستاذ الفقه واالقتصاد اإلسمــة ـــ في تعريــف الفســاد ـة المكر في جامعــة أم القــرى بمكـ

هــو ســوء اســتخدام الوظيفــة أو المنصــب عمومــا؛»االقتصــادي: . (828)«لتحقيق منفعة خاصة

ـــ وقــال الــدكتور محمــد عبــد الحليم عمــر ـــ مــدير مركــز7ــاد ــف الفس ــ في تعري ــر ـ ــة األزه ــالمي في جامع ــاد اإلس االقتص

ل اعتــداء على»االقتصادي: الفساد االقتصادي هو كل تصــرف يمث األمــوال على وجــه غــير شــرعي، بإتالفهــا أو ســوء اســتخدامها أو

. (829)«كسبها بدون وجه حق ـ وقال الدكتور حسين حسين شحاتة ـ األستاذ في جامعــة8

الفساد االقتصادي معناه»األزهر ـ في بيان ماهية الفساد المالي: ضياع الحقوق والمصالح بسبب مخالفة ما أمر بــه اللــه ورســوله، وأجمع عليه الفقهاء، أي االعتداء على حقوق األفراد والمجتمعات،

. (830)«وعدم االلتزام بما أمرنا الله به ورسوله ـ وأما عباس حميد التميمي فقد مازج بين الفســاد المــالي9

الفســاد المــالي واإلداري هــو»واإلداري، وقــال في تعريفهمــا: التغيير غير المرغوب فيه في المعاملة بين القطاع العام والقطاعــوانين ــا للق ــة، أو خرق ــة العام ــا للثق ل تقويض ــذي يمث ــاص، ال الخ والسياسات واإلجراءات التي توضع موضع التنفيذ للصــالح العــام؛ لغرض تحقيــق المنــافع الشخصــية على حســاب المجتمــع، وذلــك بإعطاء أو أخذ الرشــاوى أو االمتيــازات؛ وذلــك بإســاءة اســتعمال



. (831)«السلطة والنفوذ في المؤسسات الرسمية ـ وقالت مؤلفة كتاب )الفساد اإلداري وعالجه من منظور10

هــو ســوء اســتغالل الســلطة العامــة؛»إسالمي( في هذا الشــأن: . (832)«لتحقيق مكاسب خاصة

ـ وقال الدكتور يحيى غني النجــار ـــ الخبــير في االقتصــاد11ـة الفســاد المـالي: هـو الســلوك الـذي»اإلسالمي ـ في بيان ماهي

ــذي يفضــي إلى ة وال ــة أو الخاصــ ــة العام يســلكه صــاحب الخدم إحداث ضرر في البنــاء االقتصــادي للبلــد، من خالل هــدر المــوارد االقتصادية، أو زيادة األعباء على الموازنة العامة، أو خفض كفــاءة األداء االقتصــادي، أو ســوء توزيــع المــوارد؛ بقصــد تحقيــق منــافع شخصية، مادية أو غير مادية، عينية كــانت أو ماديــة، على حســاب

. (833)«المصلحة العامةــه: 12 إســاءة»ـ وجــاء في بعض تعــاريف الفســاد المــالي أن

استغالل السلطة واإلمكانــات والصــالحيات والمناصــب الحكوميــة )العامــة(؛ لضــمان المصــالح الشخصــية أو الفئويــة أو الحزبيــة أو

. «األسرية أو أي طبقة خاصةــارة عن تعمد عــدم ــارة أوضــح: إن الفســاد المــالي عب وبعب رعاية القوانين وأصــول الحيــاد من قبــل المســؤولين في الدولــة؛

بهدف االستفادة من المزايا لشخصه أو ألتباعه. ويمكن للفساد المالي أن يتحقق من خالل جمــاعتين، أو بين شخصين يتعاطيان الفساد المالي في وقت واحــد، كمــا في مثــال الرشوة واالبتزاز، أو أن يتحقق من طرف واحد فقط، كــأن يقــوم

مسؤول في الدولة بمفرده باختالس األموال العامة. وال ينبغي أن يؤدي بنا هذا التعريف إلى القول بحصر الفساد المــالي بالقطــاع الحكــومي، بــل قــد يتحقق الفســاد المــالي في



. (834)أنشطة القطاع الخاص أيضا ـ ويرى آخرون أن مصطلح الفساد االقتصادي يطلق على13

جميع أنــواع التصــرف غــير القــانوني في أمــوال الدولــة، وســوء» استغالل المناصب، واالستفادة غير القانونية للصالحيات والسلطة

. ومصــاديق ذلــك تظهــر في«في إطار توظيف اإلمكانــات المالية أمور من قبيل: االختالس، والرشوة، واالبــتزاز، والربــا، والتصــرفــة، ومــا إلى غير القانوني في األموال، وتوظيــف االمتيــازات المالي ذلــك من أشــكال الفســاد المــالي المختلفــة. وبعبــارة مختصــرة:

ــة» الفساد المالي هو إساءة استغالل المناصب والمواقع الحكومي. (835)«)العامة(؛ للحصول على المنافع الشخصية

ـ وأمــا من وجهــة نظــر الــدكتور يوســف محنت فــر فــإن14 نقض القــوانين؛ من أجــل الحصــول»الفســاد المــالي عبــارة عن:

. (836)«على المصالح والمنافع الشخصيةــوق كيفــري اقتصــادي(: 15 ــاب )حق ــال مؤلف كت ــ وق إن»ـ

المراد من الفساد المالي هو الفساد الذي يقترفه الموظفون في الدولة تجاه أموالها أو األمــوال المؤتمنــة عليهــا، أو الجـرائم الــتيــة، وتكــون يرتكبها الموظفون والعمال في إطار وظائفهم القانوني لها صبغة مالية، من قبيــل: االختالس، واالرتشــاء، والتصــرف غــير القانوني، والتدليس في المعامالت الحكومية، وأخــذ النســبة على

. (837)«المعامالت، وما إلى ذلك ـ وهنــاك من يعــرف الفســاد المــالي على النحــو التــالي:16

مة في» إن الفساد المالي يعني تحصيل الثروة من الطرق المحر الشــريعة اإلســالمية المقدســة. وإذا شــاعت هــذه الظــاهرة بين الناس والمسؤولين في النظام فإنها ستشــكل معضــلة اجتماعيــة

. (838)«وسياسية



ـ إننا إذا تصفحنا القوانين المناهضــة للفســاد في مختلــف17 بلدان العالم سنواجه بعض أوجه الشبه في القوانين؛ وفي الوقت نفسه هناك بعض االختالفـات األساســية والجوهريــة في اتجاهــات

الدول. أما المتشابه من القوانين فواضح. وإن أهم هذه المتشابهات

تكمن في العناصر األساسية المؤلفة لجريمة الفساد المالي. وهناك تفاوت مــاهوي يســير بين هــذه العناصــر في البلــدان المختلفة؛ فإن القوانين المناهضة للفساد في أكثر البلدان النامية مقتبسة من قوانين الدول األكثر نمــوا وتقــدما، ومن هنــا يبــدو أنفقــة على تعريــف جــوهري للفســاد أكــثر األنظمــة الدســتورية مت المــالي، حيث تجمــع هــذه البلــدان على تعريــف الفســاد المــالي

ــة: ــوم الموظف»قائل ــدما يق ــا يتحقق عن ــالي إنم إن الفســاد الم الحكــومي أو أي صــاحب مســؤولية عامــة، بالمطالبــة برشــوة، أولها إذا عرضت عليه، أو أن يقــوم شــخص آخــر بــدفع الرشــوة يتقب لهذا الموظف أو المسؤول في الدولــة، أو يعــده بهــا، شــريطة أنصفة بعنــوان مكافــأة أو أجــر بــإزاء فعــل أو تكون هذه الرشوة متــه ــ ــته لوظيفت ــ ــار ممارس ــ ــه الموظف في إط ــ ــوم ب ــ ــرك يق ــ ت

.(839)«الرسمية

نقد ومناقشة التعريفات المتقدمة من بين«الفساد المــالي»بعد االعتراف بأن أكمل تعريف لـ

التعاريف المتقدمة، من ناحيــة اإلطالق والشــمولية، هــو التعريــفــرقي ــانون ال ــراني في )ق ــه المجلس التشــريعي اإلي ــذي طرح ال وســالمة النظــام اإلداري ومكافحــة الفســاد(، يجب القــول: إن اإلشكال الجوهري على أغلب هذه التعريفات المطروحة من قبل



ــا ــط، فإنه ــد فق ــد واح ــا ذات بع ــا بأجمعه المفكرين يكمن في أنهــير، أي ــادي ال غ ــاد االقتص ــد الفس ــا على بع ــر في معالجته تقتص

؛ وإن الفقرة الثالثة من المادة«دائرة األموال الحكومية والعامة» من قــانون المحــاكم العامــة ومحــاكم الثــورة، الموســوم بـ188

ن طريقــة العقوبــة الــتي ينالهــا المرتكبــون،«قانون التشهير» يــبيلهذا النوع من الفساد المالي واالقتصادي.

د يضاف إلى ذلــك أن بعض هــذه التعــاريف قــد اكتفى بمجــرــد من العقوبـــات وأرضـــيات ظهـــور الفســـاد اإلشـــارة إلى واحـ

ــل: ــربح»االقتصــادي، من قبي ــاد«الكســب وال مثال، وأهمــل األبعــاد ــذا في حين أن الفس ــذا الفســاد. ه ــل ه ــور مث األخــرى لظهــة االقتصادي ـ كما سنثبت الحقا ـ ال يقتصر على األمــوال الحكومي والعامة فقط، بل يشمل حتى أموال المؤسسات غــير الحكوميــة،

واألموال الشخصية لألفراد. قــد«الفســاد االقتصــادي»كما يرى كاتب هــذه الســطور أن

من،«االســتهالك»، وفي دائــرة «األربــاح»يقع حتى بالنســبة إلى قبيــل: اإلســراف والتبــذير، ودفــع الرشــوة، واســتهالك المــال في

ــرام ــل:،«االكتنـــاز»، وكـــذلك مـــوارد (840)مـــوارد الحـ من قبيـ أيضا. (841)االحتكار

قال الشــيخ الطنطــاوي في بيــان ســعة مفهــوم أكــل المــالــر عنــه بالفســاد المــالي: هــا»بالباطــل، أو مــا يعب والمعــنى: يــا أي

المؤمنون، ال يحل لكم أن يأكل بعضكم مال غيره بطريقــة باطلــةــل لكم أن ــه ال يح ــا أن ــدين، كم ــا الشــرع، وال يرتضــيها ال ال يقرهفا منهيا عنه؛ بأن تنفقوها فوا في األموال التي تملكونها تصر تتصر في وجوه المعاصـي الــتي نهى اللـه عنهــا؛ فــإن ذلــك يتنــافى مــع

. (842)«طبيعة هذا الدين الذي آمنتم به



«التعريف الفقهي ـ القانوني لـ »الفساد االقتصادي بهــذه«الفساد االقتصــادي»تقدم أن أشرنا إلى أن مصطلح

الصيغة لم يرد في الكتب الفقهية والقانونيــة، ولم يبحث من قبــلــدد من ــة ع ــذين العلمين. ولكن يمكن من خالل مالحظ ــاء ه علم

«أكــل المــال بالباطل»المباني العلمية أن نعتبر مصطلح مرادفــا فقهيا وقانونيا لهذا العنوان. وعلى هــذا األســاس؛ ولبيــان الماهيــة

،«الفســاد المــالي واالقتصــادي»والتعريف الفقهي ـــ القــانوني لـ وبتبــع ذلــك العقوبــة المناســبة الــتي يســتحقها مــرتكب هــذهــاء ن علينا التدقيق في التعاريف التي ذكرها العلم المخالفات، يتعي

،«أكــل المــال بالباطل»المتخصصون في هذا المجــال لمصــطلح فنقول:

الفقهية ـــ التشــريعية«حرمة أكل المال بالباطل»إن قاعدة ــارك ــه تب ة قول ــة، وخاصــ ــات القرآني مســتنبطة ومقتبســة من اآلي

ا الذين آمنــوا ال تــأكلوا﴿وتعــالى في ســورة النســاء: يــا أيهــــراض ارة عن ت ــون تجــ أن تك ــل إال أموالكم بينكم بالباط ــا ـان بكم رحيم كم إن اللــه كـ ﴾منكم وال تقتلــوا أنفســ

(.29النساء: ) ؛ ولذلك أشكل فهم المراد(843)ولكنها من اآليات المتشابهات

منها، وخاصة أن هناك النزر القليل من الروايات الواردة في شأن ، مكتفيــة بــذكر عــدد(844)نزولها ونزول مثيالتها من اآليات األخــرى

من المصاديق التي ال تتجاوز عدد أصابع اليد. ولم يتم تعريف هذهون القاعدة والمعنى المراد منها. ومن هنــا بــادر العلمــاء المختصــــون، إلى بيــان في علم تفسير القــرآن، وكــذلك الفقهــاء والحقوقي المفهوم والمعنى المراد من هذه القاعدة القرآنية العامة والكلية.



وبطبيعة الحال كان لكل واحد منهم رأيــه الخــاص والمختلــف عنغيره، بالنظر إلى فهمه لهذه القاعدة العامة. وهذه اآلراء هي:

الرأي األول رين والفقهــاء وعلمــاء التشــريع ذهب جماعــة من المفســ اإلسالمي إلى االعتقاد بأن المراد من حرمة أكــل المــال بالباطــل

من«،حرمــة التصــرف غــير المشــروع في أمــوال اآلخــرين»هــو ــار ــرقة والقم ــب والس ــا والغص ــال والرب ــل: االختالس واالحتي قبيــامالت ــك من المع ــير ذل ــة والغبن والغش، وغ ــاء والخيان واالرتش الغررية، والمعامالت المشــتملة على جهالــة؛ بســبب عــدم تحديــد حدودها بشكل كامل، وشراء وبيــع البضــائع الــتي ال يســتفاد منهــا فائدة منطقية وعقالئية، وبيع وشراء آالت الفساد والمعاصي، وما

. (845)إلى ذلك من األمورــاحثين في حقــل التشــريع من ذهب إلى حــد ــاك من الب وهن

اإلثــراء بــالطرق غــير» هــو «أكــل المــال بالباطل»التصــريح بــأن استيفاء» أو «،استيفاء األموال دون سبب وجيه»، أو «المشروعة

ــاه مرادفــا لهــذه القاعــدة(846)«األموال من غير عدل ، معتــبرين إي.(847)الفقهية ـ التشريعية

طبقــا لقاعــدة )اإلثــراء»قال الدكتور إمامي في هذا الشأن: ــثراء من دون ســبب غير العادل( ال يمكن لشخص أن يصل إلى ال

وجيه، وعلى حساب اإلضرار باآلخرين. وقد اعتبر بومبونيوس ـ القانوني الرومي الشهير ـــ القاعــدةــوق ــا من الحق ــائي، وأنه ــاف القض ــة على اإلنص ــذكورة قائم الم

الطبيعية، وال تتجاوز كونها دستورا أخالقيا. وقــد وردت هــذه القاعــدة في القــرآن الكــريم بصــيغة أبلــغ،



ا﴿وعلى هيئة دستور تشريعي؛ إذ يقول الله تبارك وتعالى: يا أيهــ أن الذين آمنــوا ال تــأكلوا أمــوالكم بينكم بالباطــل إال تكون تجارة عن تراض منكم وال تقتلوا أنفسكم إن الله

نت29النساء: )﴾كان بكم رحيما (. وبذلك تكون هذه اآلية قد بي كل ما ينبغي ذكره من وجهة نظر التحليــل القــانوني في مــا تعلق

بالقاعدة المذكور، نفيا وإثباتا، بأبلغ عبارة وأقصرها. إن هذه القاعدة على الــرغم من كونهــا قاعــدة مســتقلة فيـة التشريعات المدنية، إال أنهــا أقـامت دعائمهـا على أسـاس نظري ســبب التعهد، القائلــة بعــدم إمكــان شــخص اإلضــرار بــاآلخر دون

سبب قانوني وجيه. إن زيــادة»ويقول الدكتور إمامي في إيضــاح هــذه القاعــدة:

ممتلكات شخص إنما هي نتيجة مباشرة لنقصان ممتلكات شخص آخر؛ إذ هناك عالقة بين الزيادة هنــا والنقصــان هنــاك، تقــوم على قاعدة العلية والمعلولية، وعليه يكـون هنــاك تناســب عكســي بين الزيادة هنا والنقصان هناك، وبنفس النســبة. وعلى هــذا األســاس إذا كانت الزيادة في هذا الطرف ال تقــوم على اإلضــرار بــالطرف

. (848)«اآلخر فإنها لن تكون مشمولة لهذه القاعدةوإن موارد اإلثراء من دون سبب وجيه عبارة عن:

أـ الحصول على األموال من طريــق الخطــأ، أو االحتيــال، أواإلكراه.

ب ـ الحصول على األموال نتيجة لعقد مبادلة باطلة. . (849)ج ـ استيفاء المنافع من مجهود أو مال اآلخر

رين فــإن ومن الواضح أنه طبقا لــرأي هــذه الفئــة من المفكــدة ــال بالباطل»قاع ــل الم ــرادف لـ «أك ــالي» الم ــاد الم «الفس

تشمل الموارد التالية: ، السـنة السابعة، ربيع27 ـ 26ـ العـددان االجتهاد والتجديد544



وتحصـــيل األمـــوال«االكتســـاب»: إنهـــا تقتصـــر على أوال .«االكتناز» وال حقل «،االستهالك»واألرباح فقط، وال تشمل حقل

ــا ــلثاني ــون من قب ــا يك ــيره إنم ــاد من غ ــد الفس : إن تحديــارع» ــوان«الش ــمولة لعن ــون مش ــتي تك ــوارد ال ــنى أن الم ، بمعــادي» ــاد االقتص ــادها«الفس ــارع بفس ــتي يحكم الش ــك ال هي تل

وبطالنها. وبعبارة أخــرى: إن المــراد من الباطــل في هــذه اآليــة ـ. «الباطل الشرعي»من وجهة نظرهم ـ هو

يكــون مفادهــا ]اآليــة»قال المحقق النائيني في هذا الشأن: ــه باطــل، إال فوا في أموالكم بنحو من األنحاء فإن الكريمة[ ال تتصر بالتكسب عن الرضا. فبــدون رضــا المالــك ال يمكن التصــرف في

. (850)«ماله، إال في الموارد التي رخص الشارع التصرف فيها أموال»: إن الفساد االقتصادي إنما يتحقق بالنسبة إلى ثالثا

ــة أو»، األعم من أن يكــون هــذا اآلخــر «اآلخرين مؤسســة حكومي ـ بمعنى أنها تشمل األفــراد والجهــات ـــ، وال تتحقق«غير حكومية

بالنســبة إلى األمــوال الداخلــة في ملــك الفــرد الــذي يقــدم علىارتكاب الفساد المالي.

ــالى: ــه تع ا﴿ذهب السيد البجنوردي، في تفســير قول يا أيهــ أن الذين آمنــوا ال تــأكلوا أمــوالكم بينكم بالباطــل إال

(، إلى القــول بــأن29النساء: )﴾تكون تجارة عن تراض منكم كــل تصــرف غــير مشــروع» هو «أكل المال بالباطل»المراد من

تجــارة» و«،بينكم». وقــد اتخــذ من عبــارتي: «في أموال اآلخرين مســتندا للقــول بعــدم شــمول هــذه القاعــدة لـ،«عن تــراض

فظاهر اآلية»؛ إذ يقول: «التصرف غير المشروع بأموال النفس»ع، في فات الباطلة، أي على وجه لم يشر هو النهي وتحريم التصرفات في أمــوال أموال النــاس؛ إذ ال شــك في جــواز جميــع التصــر



نفسه، إال أن يكون ذلك الســنخ من التصــرف حرامــا، كاإلســرافمــة الكثــيرة. وال يمكن أن فات المحر والتبذير وغيرهما من التصــرفات؛ يكـون المــراد من الباطــل في اآليـة هـذا القســم من التصـر

فات محرمــة وإن لم«بينكم»: بقرينة أوال ؛ ألن أمثال هذه التصــر﴿يكن غيره في البين فهذه الكلمة، خصوصـا مـع قولــه تعــالى: إال

ــراض منكم ارة عن ت ــون تجــ ــة على أن﴾أن تك ــون قرين ، تك المراد من األكل بالباطل هو التصرف في مال الغير من غير وجه شــرعي، وبغــير اســتحقاق، كالغصــب والخيانــة والســرقة والربــا، وبشهادة الزور أو باليمين الكاذبة أو بالرشوة أو بالبيوع الفاســدة،رع، كالبيع الغرري أو سائر المعــامالت الفاســدة الباطلــة في الشــ مثل: أنواع القمار، إلى غير ذلك من العقود والمعامالت الفاسدة،

. (851)«كالمعامالت التي تقع عن إكراه الطرف

الرأي الثاني وهناك طائفة أخرى منهم تذهب إلى القــول بــأن المــراد من

أن يكــون للفــرد ربح من دون ســبب»أكــل المــال بالباطــل هــو . وبعبــارة أخــرى: إن أكــل المــال بالباطــل هــو«شــرعي أو عقلي

ـ مثال ـــ أكــل«القمار»الحصول على األموال بشكل اعتباطي. فـ بيــع»للمال بالباطل؛ ألنه ربح من غير سبب منطقي أو شرعي؛ و

والربح الحاصل منه أكــل للمــال بالباطــل؛ إذ ليس فيــه«المسكرــرد منفعة، ال للفرد، وال للمجتمع، بل هو فساد يؤدي إلى هالك الف والمجتمع. وهذا قانون عــام يســري في جميــع أبــواب المعــامالت

لــو أخــذ شــخص مــاال في». وقال في موضــع آخــر: (852)اإلسالميةــة ال يســمى ذلــك مقابل عمل ضمن وظيفتــه اإلداريــة أو الحكومي رشوة، لكنه مع ذلك حرام على اآلخذ؛ ألن أخذ النقود بإزاء عمــل



.(853)«إداري يعد أكال للمال بالباطل ال يمكن لشخص أن يتقاضى أجـرا على امتثـال»وقال أيضا:

ــر حكم حكم شرعي. فمثال: إن األمر بالمعروف والنهي عن المنك شرعي، وال يمكن لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أن يأخذ

أكــل المــال»أجــرا على ذلــك، وإن أخــذه كــان داخال في قاعــدة . (854)««بالباطل

إن أصحاب هذه الرؤيــة من الــذين يــرون المالك في تحديــدــو ــادية هـ ــوعات االقتصـ ــاد والبطالن في الموضـ «العقل»الفسـ

ــرع»و ــول: «الش ــك إلى الق ــتندين في ذل ــل في»، مس إن للباط مقابل الحق مفهوما واسعا، ويشمل كل ما كان خارجا عن نطــاق

. (855)«الحق، ولم يكن له هدف أو أساســون على أن فق ــع المنظرين مت ــذكر أن جمي ــدير بال ومن الجفات المراد من األكل هنا معنى واسع، يشمل جميــع أنــواع التصــر المرتبطة باكتســاب األمــوال، األعم من األكــل واللبس والســكن.ــو فات، واألكل ه فهو في حقيقة األمر كناية عن جميع أنواع التصر

. كما هناك عالقة مصححة الستعمال مفــردة(856)المصداق األوضحب«األكل» للداللة على مطلق االكتساب؛ وذلــك ألن األكــل مســب

ب للداللــة عن االكتساب، فكان ذلك هو المصحح الستعمال المسب.(857)على السبب

هذا وإنهم على المستوى العملي اعتبروا باآليات الدالة على محور البحث والقاعدة المستنبطة منهــا. كمــا اســتندوا إلى أخبــارــير من دون رضــاه، اآلحاد الدالة على حرمة التصرف في مال الغ

ــه قــال:|كالرواية الواردة في تحف العقــول، عن النــبي األكــرم أن« ــه، إال ــال أخي أيها الناس، إنما المؤمنون إخوة، وال يحل لمؤمن م

ــال:|. وروي عن النبي األكرم(858)«عن طيب نفس منه أيضا أنه ق



المســـلم أخـــو المســـلم، ال يحـــل مالـــه، إال عن طيب نفس». (859)«منه

الرأي الثالث عين من ذهبوا ـ خالفا هناك من المفسرين والفقهاء والمشر

«أكــل المــال بالباطل»للــرأيين الســابقين ـــ إلى تســرية قاعــدة أيضــا، وذهبــوا إلى«االســتهالك» إلى دائــرة «الفســاد المــالي»و

ال تأكلوا أموالكم بينكم بشكل غير مناســب،»االعتقاد بأن المراد: من قبيل: السرقة والخيانة والغصــب والقمــار والرشــوة والعقــودــير ــكل غ ــوالكم بش ــتهلكوا أم ــك؛ أو ال تس ــا إلى ذل ــدة وم الفاس مشروع، كمــا في حالــة اســتهالك المــال في شــرب المســكر، أو ارتكاب الزنا، أو أنواع الفسق، واإلسراف والتبذير، ودفع الرشــوة

والمعــنى:». وقال الطنطاوي في هــذا الشــأن: (860)«وما إلى ذلك يا أيها المؤمنون، ال يحل لكم أن يأكل بعضكم مال غــيره بطريقــةــل لكم أن باطلة ال يقرها الشرع، وال يرتضيها الدين. كما أنه ال يحفا منهيا عنه؛ بأن تنفقوها فوا في األموال التي تملكونها تصر تتصر في وجوه المعاصـي الــتي نهى اللـه عنهــا؛ فــإن ذلــك يتنــافى مــع

. (861)«طبيعة هذا الدين الذي آمنتم به إن هذه الطائفة من المنظرين، ورغم توسعتها لدائرة حرمة

ــال بالباطل» ــل المـ ــالي» و«أكـ ــاد المـ ــرة«الفسـ ــمل دائـ لتشـ ، واصــلت«تحصــيل المــال واكتســابه» إلى جــانب «االســتهالك»

وحده هو المالك في تحديد مــوارد الفســاد، دون«الشرع»اعتبار في هذا المجال. «العقل»أن تدخل

الرأي المختار



أكل المال»يبدو أننا لكي نقدم تعريفا جامعا ودقيقا لمفهوم ــاه؛ لألدلــة الســابقة، مرادفــا لـ «،بالباطل ــذي اعتبرن الفســاد» ال

«االقتصادي في النصوص الفقهية ـ التشريعية، يجــدر بنــا، مضــافاــتعملة في ــة المس ــردات الرئيس ــاهيم المف ــدقيق في مف إلى الت عبارات هذه القاعدة الفقهية ـ التشريعية القرآنيــة، أن نلتفت إلى المصاديق المذكورة لهــا في نص الروايــات أيضــا. وباإلضــافة إلى هذين األمرين يجب علينا أن ندقق في المرادف الفقهي المــذكور

ــل» ونعني بذلك مفهوم ،«أكل المال بالباطل»في الروايات لـ أك، والمصاديق الكثيرة المذكورة له في الروايات أيضا. «السحت

وتوضيح ذلك أن النصوص اإلسالمية قد استعملت في الكثير أكــل المــال» للداللــة على «؛أكل السحت»من الموارد التعبير بـ

على موارد من قبيل: أكــل«أكل السحت». ويطلق (862)«بالباطل مــال اليــتيم، والمكاســب الحاصــلة من طريــق ممارســة الســحر،ــان واللهو واللعب، والرشوة، والقمار، والغصب، وبيع وشراء األعي النجسة )كالميتة(، وأخذ األجرة على ممارســة الفجــور والــدعارة،ــا، وثمن المسكرات، وكل شيء آخر ال يبيح الشرع امتالكــه، والرب

. (863)ومال السرقة أو الخيانة ،«القطع» و«االستئصــال» لغــة يعــني «الســحت»ورغم أن

، ولكنه حيث يحصــل من(864)وهو بذلك يختلف عن مفهوم الباطلــا من ــتي يتم الحصــول عليه ــوال ال ــرام واألم ب الح خالل التكســ

»الطرق المخالفة للشرع وبأساليب غــير عادلــة يســمى «؛ســحتا كــل كســب ال»باعتباره شبيها بالباطل. وأما اصــطالحا فقيــل: إن

. وإن الســحت مثـل الباطــل في عمومــه(865)«يحل فهــو الســحتــه ــات على تطبيق ــات والرواي ــار بعض اآلي ــموله. ورغم اقتص وش وتفسيره ببعض المصاديق الخاصة فإن الظاهر أنه ال يختص بتلــك



ــواع أكــل الحــرام ــوع من أن ــا يشــمل كــل ن المــوارد فقــط، وإنمواالكتساب الباطل أيضا.

وفي معـــرض تحليلنـــا للمســـائل نقـــول: إن اآليـــات الـــتيــارة ــتعملت عب ــال بالباطل»اس ــل الم ــادة«،أك ــحت هي م وأض

استحداث هذا المصطلح الفقهي، هي: ا﴿ـ 1 وال تــأكلوا أمــوالكم بينكم بالباطــل وتــدلوا بهــ

إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس باإلثم وأنتم(. 188البقرة: )﴾تعلمون

ــوالكم بينكم﴿ـ 2 ــأكلوا أم ــوا ال ت ا الذين آمن ــ ــا أيه يــوا ــراض منكم وال تقتل أن تكون تجارة عن ت بالباطل إال

(. 29النساء: )﴾أنفسكم إن الله كان بكم رحيماــه وأكلهم أمــوال﴿ـ 3 ــا وقــد نهــوا عن ب ذهم الر وأخــ

ــدنا للكــافرين منهم عــذابا أليمــا ــل وأعت ﴾الناس بالباط(. 161النساء: )

ــار﴿ـ 4 ــيرا من األحبـ ــوا إن كثـ ا الذين آمنـ ــ ــا أيهـ يـدون عن ــ ــل ويص هبان ليأكلون أموال الناس بالباط والرة وال ينفقونها سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفض

رهم بعذاب أليم (. 34التوبة: )﴾في سبيل الله فبش ومن هذه اآليات األربعــة نجــد اآليــة التاســعة والعشــرين من سورة النساء تجعل أكل المال بالباطل في مقابــل التجــارة الــتي تكون عن تراض، وبذلك يكون المفهوم الظاهر منها أن كل ما لم

أكــل المــال»يكن تجارة عن تراض من الطرفين فهــو مصــداق لـ . ومن هنا يجــدر بنــا تحليــل ودراســة هــذه اآليــة؛ لكونهــا«بالباطل

أشمل من اآليات األخرى التي تتضمن مــا يشــبه المفهــوم الــوارد فيهــا. ولــذلك ســوف نتعــرض إلى أربــع مســائل في هــذه اآليــة،



ونقول: ــةالمسألة األولى : لو اعتبرنا االستثناء الوارد في هذه اآلي

ــة على ضــابطين من نوع االستثناء المنقطع سنحصل من هذه االيــأكلوا أمــوالكم»: أحــدهماعــامين ومســتقلين عن بعضــهما: ال ت

ــة فيجبواآلخر؛ «بينكم بالباطل : إذا أردتم القيام بمعاملـة تجاري (29. بمعنى أن هذه اآليــة )النســاء: «تجارة عن تراض»أن تكون

قد اشتملت على قاعدتين عــامتين مســتقلتين، ال ربــط إلحــداهماــأن يكــون قولــه تعــالى: ال تأكلوا أمــوالكم﴿بــاألخرى، وذلــك ب

الواردة في هذه اآلية على غــرار العبــارة ذاتهــا﴾بينكم بالباطل ؛161؛ النســاء: 188الواردة في اآليات الثالثــة األخــرى )البقــرة:

ــة: ــة ـ34التوب ــا تحكي عن قاعــدة فقهي ــات بأجمعه (، وهــذه اآلي.«حرمة أكل المال بالباطل»تشريعية هامة، تحت عنوان

ــا من النــوع فســوف«المتصل»وأما إذا اعتبرنا االستثناء هنــة: ال يشتمل الدليل المتقدم على مفهوم سلبي، ويكون معنى اآلي تأكلوا أموالكم بينكم إال إذا كان من خالل تجارة عن تراض منكم؛ــع ــنى أن جمي ــل، بمع ــل باط ــذا األك ــل ه ــان مث ــا ك ــك ألن م وذل ــح إال مة وباطلة، وال يحل وال يص التصرفات في أموال الناس محر

. «التجارة عن تراض»تصرف واحد، وهو وقد اختار الميرزا النائيني القول بــأن االســتثناء هنــا هــو من

وقولــه تعــالى:»نوع االستثناء المتصل المفيــد للحصــر؛ إذ يقــول: كأنه جيء به لمكان التعليــل لنهي األكــل في مــا عــدا﴾بالباطل﴿

ــه قــال تعــالى: مــا عــدا مــورد مــورد التجــارة عن التراضــي، فكأنــل التجارة عن تراض أكل للمال بالباطل، وهذا ظاهر في حصر ح األكل بمورد التجارة عن تــراض؛ لداللتــه على كــون مــا عــداه أكال

. (866)«للمال بالباطل، ويصير االستثناء متصال، كما هو ظاهر



اف إلى التصــريح وفي المقابل ذهب الزمخشــري في الكشــ . كمــا ذهب اآللوســي في(867)بأن االستثناء في هذه اآليــة منقطــع

. وإلى ذلك(868)روح المعاني إلى اعتبار االستثناء هنا منقطعا أيضا إي ولكن»ذهب القرطبي في الجامع ألحكام القـرآن، حيث قـال:

ر كلمــة ،«تجارة عن تراض ــه فســ ،«لكن» بمعــنى «إال» بمعنى أن ــا ــتثناء منقطع ــبرا االس ــاء(869)معت ــر إلى ادع ــا ذهب ابن حج . كم

اإلجمــاع بين فقهــاء العامــة على اعتبــار االســتثناء في هــذه اآليــة . (870)منقطعا

رين الشيعة فقد ذهب الشــيخ الطوســي في وأما من المفس . وإلى ذلــك(871)التبيان إلى اعتبار االستثناء في هذه اآلية منقطعــا

وعلى هــذا»ذهب العالمة الطباطبائي في المــيزان أيضــا، فقــال: ــه: ــراض﴿فاالستثناء الواقع في قول ارة عن ت أن تكون تجــ إال

ــه لمــا نهى عن﴾منكم استثناء منقطع، جيء به لــدفع الــدخل؛ فإن أكل المال بالباطل ـ ونوع المعامالت الدائرة في المجتمع الفاسد التي يتحقق بهــا النقــل واالنتقــال المــالي، كالربويــات والغرريــاتــوهم والقمار وأضرابها باطلة بنظر الشرع ـ كان من الجــائز أن يت أن ذلك يوجب انهدام أركان المجتمع، وتالشي أجزائه، وفيه هالكعها أن تنظم الناس، فأجيب عن ذلــك بــذكر نــوع معاملــة في وســ

ــال: ارة عن﴿شتات المجتمع، وتقيم صلبه، فق أن تكون تجــ إال» وإن أداة االستثناء هنا ﴾.تراض منكم ال تريد أن تستثني ما«إال

ذكر سابقا، وإنما هو اســتثناء منقطــع، وإن المســتثنى غــير داخــل. (872)في المستثنى منه، وإنما هو لرفع دخل مقدر

والحق هو أن نعتبر االستثناء الوارد في هــذه اآليــة منقطعــا؛وذلك لدليلين:

: إن االســـتثناء المنقطـــع هـــو الـــذي ال يكـــون فيـــهاألول ، السـنة السابعة، ربيع27 ـ 26ـ العـددان االجتهاد والتجديد552



ــة ال ــه من جنس واحــد. وفي هــذه اآلي المســتثنى والمســتثنى من أكــل المـال» أن تكـون من جنس «التجـارة عن تـراض»يمكن لـ . «بالباطل

ــارة أخــرى:،«االســتثناء المتصل»: إن القول بـ الثاني وبعبــول بـ ــتلزم «الحصر»إن القـ ــا أن يسـ ــثرة»؛ أو «النسخ» إمـ كـ

. بمعــنى أننــا إمــا أن نلــتزم بجــواز التصــرف في(873)«التخصــيص موارد من قبيل: الوقف والهبة والصدقة وأرش الجناية والمباحات األولية ـ التي أباحهــا اللــه لكــل شــخص ـــ، حيث يمكن للموقــوفــة أن يتصــرف بهــذه ــه والموهــوب ومن يســتحق أرش الجناي علي األموال، في حين أنه ال شيء من هــذه األمــور داخــل في عنــوان

، بل ال ينطبق عليها عنوان التجـارة أصـال؛ أو«التجارة عن تراض» أن نلــتزم بــأن هــذه المــوارد من الوقــف والوصــية والهبــة وأرشــة ــذه اآلي ــزول ه ــد ن ــخت بع ــد نس ــة ق ــات األولي ــة والمباح الجنايــباب الشريفة، وعليه إذا حصل اإلنسان بسبب واحد من هذه األس على مال كان أكله باطال، وكان التصرف فيه بــاطال أيضــا. وإذا لم

، وال«كــثرة التخصــيص»نقل بالنسخ وجب المصــير إلى القــول بـ شك في أن كــثرة التخصــيص في كالم الشــارع قبيحــة، ولم يثبت أي نسخ في هذه الموارد. وعليــه يجب القــول بــأن االســتثناء في

هذه اآلية الشريفة منقطع؛ كي ال يفيد الحصر. ومن خالل إثباتنــا لهــذه المســألة األولى نصــل إلى نتيجــة مفادها أن جميع هذه اآليات األربعة تحكي عن قاعدة واحدة عامة

؛ وفي الــوقت نفســه«حرمــة أكــل المــال بالباطل»تحت عنــوان نتوصل إلى بطالن االدعاء القائل بــأن كــل شــيء ال يــدخل ضــمن

فهو مصداق ألكل المال بالباطل، بل«التجارة عن تراض»عنوان إن أكل المال بالباطل يمكن تصوره على كل حال، حتى في حقل



التجارة. ــة المســألة الثانية ــا كلم ــا اعتبرن ــو أنن «بينكم»: ل ــا ظرفــه: ــه لقول ــوال في ــأكلوا﴿ومفع ــة أكــل المــال(874)﴾ال ت فــإن حرم

بالباطــل ستقتصــر على خصــوص األمــوال الــتي تتم مبادلتهــا بينــتي»الناس؛ ألن معنى هذا المقطع من اآلية: ال تأكلوا أمــوالكم ال

ــا بينكم بالباطل ــا «تبادلونهـ ــا إذا اعتبرناهـ »؛ وأمـ ــفا أو(875)«وصـ« جميــع األمــوال الموجــودة» فإنهــا ستشــمل «أموالكم» لـ «حاال

، سواء تلك األموال التي يتم تبادلهـا أم غيرهــا؛«في حقل التداولــة: ــنى اآلي ــيكون مع ــديكم،»إذ س ــودة في أي ــوال الموج إن األم

رون أن«وتمتلكونها، ال يحل لكم أن تأكلوها بالباطل . ويرى المفك. (876)كال هذين االحتمالين وارد

هــو األعم من«بينكم»أما الدليل الثاني على أن المــراد من األموال الــتي يتم تبادلهــا والــتي ال يتم تبادلهــا، وأنهــا تشــمل حتىة، والتصــرف فيهــا بالباطــل، فهــو أن بعض أمــوال األفــراد الخاصــ

ال﴿ يذهبون إلى القول بأنه عندما نزل قوله تعالى: (877)المفسرين تصور النــاس أن حرمــة أكــل﴾تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل

المــال ال تقتصــر على أمــوال األصــدقاء واألقــارب والمعــارف منــا دون إذنهم، بل ال يحل لهم أن يأكلوا حتى أموالهم، ســواء أكلوهــون األكــل ــانوا يجتنب ــذلك ك على انفــراد أم بحضــور اآلخــرين، ول ونحوه، واستمر الوضــع على هــذه الحالــة حتى نــزل قولــه تبــارك

رج﴿وتعــالى: رج وال على األعــرج حــ ليس على األعمى حــــأكلوا من كم أن ت وال على المريض حرج وال على أنفســــوت اتكم أو بي ــ ه ــوت أم ــائكم أو بي ــوت آب ــوتكم أو بي بيواتكم أو بيــوت أعمــامكم أو بيــوت إخوانكم أو بيوت أخــــا ملكتم اتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خاالتكم أو م عم



ــا ــأكلوا جميع مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تكم تحية لموا على أنفســ أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فســــذلك يبين اللــه لكم اآليــات ــة ك من عند الله مباركة طيب

(. 61النور: )﴾لعلكم تعقلون إن»قال السيد الطالقــاني في بيـان المــراد من هــذه اآليـة:

األمـــوال الـــتي تعـــود إليكم جميعـــا )وتكـــون بينكم(، ال تأكلوهـــاــائال: يســتفاد من هــذا«)بالباطــل( أو بســبب الباطل . وأضــاف ق

التعبير المقتضب أصالن اقتصاديان قرآنيان، وهما: ـ إن أصل المال في حالته األولى هو ملــك للجميــع، ويجب1

أن يكون في متناول الجميع، وأن ال يكون حكرا على طبقة بعينها. ـ وحيث كان األمر كــذلك إذن يجب أن يكــون ألي نــوع من2

ــا أنواع التصرف الخاص وحيازته لجهة محددة من منشأ تعلق، حق كان هذا المنشأ أو باطال. ومنشأ التعلق والتصرف بحق هــو الــذي يقتصر على حدود الضرورة والحاجة، أو بسبب إيجاد ربح أو تبادلنت منفعة أو خدمة متبادلة تقوم بين األجير وصاحب المال. وقد بي الشريعة اإلسـالمية حـدودها، ومـا سـوى ذلــك هـو أكـل بالباطـل،

ال تأكلوا أمــوالكم بينكم﴿وتصــرف منهي عنــه بقولــه تعــالى: فا مضــرا بــالفرد أو﴾بالباطل ــا، أو يكــون تصــر ممــا ال يوجــد حق

ــار، واالحتكـــار، ــال، والقمـ ــع، من قبيـــل: الربـــا، واالحتيـ المجتمـ. (878)والسرقة

هي األموال الموجــودة«بينكم»ويالحظ أنه يعتبر المراد من في المجتمـــع وبين النـــاس، وليس خصـــوص األمـــوال الـــتي يتم تداولها، والتي تقع طرفا في المبادالت التي يقوم بها الناس يوميا

فيما بينهم. وعليـــه يمكن ألكـــل المـــال بالباطـــل أن يتحقق في دائـــرة



ـل الفـرد نفســه ة، والـتي يمتلكهـا الفـرد، ومن قب األمــوال الخاصـــا إلى ــار وم ــذير أو االحتك ــك من خالل اإلســراف والتب أيضــا، وذل

. (879)ذلكــه المســألة الثالثة ــاء في قول ــا الب «بالباطل»: إذا اعتبرن

االكتســاب والــربح بواســطة» فإن هذه اآليــة ستشــمل (880)سببية فقــط؛ وأمــا إذا ذهبنــا إلى مــا قالــه البعض من«األسباب الباطلة

حاال من فاعل )تأكلوا(، مــع الحفــاظ على«بالباطل»اعتبار كلمة سببية الباء، فعنــدها ســتكون حرمــة أكــل المــال بالباطــل شــاملة

ــوارد ــة: »لم ــنى اآلي ــيكون مع ــا؛ إذ س ــتهالك أيض ــأكلوا»االس ال ت أموالكم حــال إبطالهــا، والتصــرف فيهــا بشــكل غــير معقــول، وال

. «مشروع وبالباطل: في موضــع نصــب»قال العكبري في هذا الشأن:

بـ )تأكلوا(، أي: ال تأخذوها بالسبب الباطل. ويجـوز أن يكـون حـاال من األمــوال أيضــا، وأن يكــون حــاال من الفاعــل في )تــأكلوا(، أي

. (881)«مبطلين ،«حرمــة أكــل المــال بالباطل»وبذلك تثبت عمومية قاعــدة

بحيث يمكن القول: إن هذه القاعدة ومفادها يشمل جميع أقســامــتهالك»التصرف في األموال، حتى ما كان داخال في دائرة ،«االس

أيضا. «االكتناز»ورين ـــ منالمسألة الرابعة : يــذهب عــدد كبــير من المفســ

في قوله تعالى:«الباطل»العامة والخاصة ـ إلى القول بأن كلمة أن تكون تجارة عن﴿ ال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إال

، باستثناء اآللوسي«الباطل الشرعي» وأمثالها هو ﴾تراض منكمــرب حيث يقول: إن كلمة بالباطل تعني )بغير حق(، وهي بذلك أق إلى مفهوم )الباطل العرفي( إلى حد ما. فمثال: قــال الزمخشــري



اف: الباطــل مــا لم تبحــه الشــريعة من نحــو الســرقة»في الكشــ . وقــال اآللوســي في(882)«والخيانة والغصب والقمار وعقــود الربا

الباطــل مــا يخــالف الشــرع، كالربــا والقمــار»روح المعــاني: رين. وقــال أيضــا:«والظلم ، ثم نسب هذا القول إلى أحــد المفســ

وعن الحســن: هــو مــا كــان»، ثم قال: «وهو المروي عن الباقر» . ومن تفاسير الخاصة قــال الفيض الكاشــاني(883)«بغير استحقاق

. (884)«الباطل ما لم يبحه الشرع»في تفسير الصافي: هــو المعاملــة وأكــل المــال الــذي«الباطــل الشــرعي»إذن

رع، مثــل: الربــا والقمــار وســائر المعــامالت أبطــل من قبــل الشــ المنهي عنها من قبــل الشــارع. فـإذا اعتبرنــا الباطــل هــو الباطــل

ال تأكلوا أمــوالكم بينكم﴿الشرعي كــان معــنى قولــه تعــالى: رعا، من قبيــل: القمــار﴾بالباطل هو ال تأكلوا األموال الباطلة شــ

ــك، ــال ذل ــة والســرقة، وأمث ارة عن﴿والخيان ــون تجــ أن تك إال، فيجب أن يكون هناك تراض من الطرفين. ﴾تراض منكم

ــاقر في تفســير×وفي بعض الروايات المروية عن اإلمام البــه إذ أراد هذه اآلية اعتبــار الربــا أحــد مصــاديق الباطــل، بمعــنى أن تفســير الباطــل، وأراد أن يــذكر بعض مصــاديقه، ذكــر الربــا. وإن

في هذه اآلية الشــريفة واآليـات الشـبيهة«الباطل»الذين فسروا ــا بـ ــرعي»به ــل الش ــذه«الباط ــالب إلى ه ــتندوا في الغ ــد اس ق

الرواية. مــا ال»، وهــو عبــارة عن «الباطل العرفي»وفي مقابل ذلك

ب عليــه األثــر المطلــوب ــر عن الباطــل(885)«يــترت . وهنــاك من عب . بيد(886)«ما ال يشتمل على غرض صحيح عقالئي»العرفي بقوله:

ب عليــه» أن يقال: «الباطل العرفي»أن األدق في بيان ما ال يترت. «األثر المطلوب



وقد ذهب مشهور فقهاء اإلماميــة، ومنهم الشــيخ األنصــاري،.(887)«الباطل العرفي»إلى أن المراد منه هو

وهــذا مــا ذهب إليــه اإلمــام الخميــني أيضــا، حيث قــال بــأن ، وقال بأن احتمال أن يكــون المــراد«الباطل العرفي»المراد هو

.(888)هو الباطل الشرعي ضعيفا جدا وقد ذهب شيخ الشريعة اإلصــفهاني إلى أن المــراد هنــا هــو

إنــه يــدل على حرمــة»، وقال في توضيح ذلك: «الباطل العرفي» األكل بالباطل في أموال الناس في ما يسمى باطال عند العــرف، وأما الموارد التي يراهــا العــرف من قبيــل: األكــل بالباطــل، ومــعــا باألكــل، كمــا في حــق المــارة، وحــق ــك رخص الشــارع فيه ذل الشفعة مثال، فهي تكون مما خطــأ الشــارع فيــه العــرف في فهم البطالن، وإن ترخيصــه يكشــف عن عــدم بطالنــه، وإنمــا هي ممــا

له العرف كذلك . (889)«تخيــا أن المــراد من الباطــل في هــذه القاعــدة ــدو لن ــذي يب وال

؛ وذلك للدليلين التاليين: «الباطل العرفي»القرآنية هو ــأن 1 ــة ب ــة القائل ــدة الكلي ــ القاع ــاوين»ـ ــع العن ظــاهر جمي

ــاوين العرفية ــنى«المأخوذة في موضوعات األحكام هي العن ، بمع أن األلفاظ المستعملة في الكتاب والسنة محمولــة على المعـاني

لقد بني الكتــاب». وقال اإلمام الخميني: (890)العرفية، دون غيرهاــة الســائدة والمتداولة .(891)«والسنة على قواعد المفــاهيم العرفي

ــبيع﴾أحل الله البيع﴿بمعنى أن الشارع عندما يقول فهو يعني الــرفي؛ وعنــدما يقــول: فهــو يعــني العقــود﴾أوفوا بــالعقود﴿الع

العرفية. وإن هذه القاعدة العامة والهامة تثبت أن العناوين المــأخوذة

في موضوعات األحكام لها ظهور في المعنى العرفي. ، السـنة السابعة، ربيع27 ـ 26ـ العـددان االجتهاد والتجديد558



وهكذا األمــر في مــا نحن فيــه، بمعــنى أن المــراد من قولــهــل﴿تعــالى: ــوالكم بينكم بالباط ــأكلوا أم ــو الباطــل﴾ال ت ه

العرفي. وما جاء في الروايــات ـــ من ذكــر الظلم والربــا والقمــارــاك من والغرر ـ ما هو إال بيان للمصاديق. وفي المقابل ليست هن

أن تكون تجارة عن تراض منكم﴿خصوصية لقوله: فهــو﴾،إال. «سببا للحق»يشمل كل ما يراه العقالء

ـ الشاهد الثاني على هذا المــدعى هــو مــا رواه زرارة، عن2ــتي×اإلمام الصادق ، أنه سئل عن الشطرنج، وعن لعبة شــبيب ال

ــه ز الل يقال لها: لعبة األمير، وعن لعبة الثلث؟ فقال: أرأيت إذا ميهما يكون؟ فقلت: مع الباطل، فقال: فال بين الحق والباطل، مع أي

. (892)خير فيه بداهة أن سؤال اإلمام الراوي للحديث بشأن دخول أي واحدــل يحكي عن أن ــق أو الباط ــرة الح ــوارد الســؤال في دائ من مــل إلى فطــرة ألهمهــا اللــه معرفــة تقسيم هذين القسمين قد أوك

ــالى: ــول تعـ ــل؛ إذ يقـ ــق من الباطـ ا فجورهـــا﴿الحـ فألهمهـــــل،8الشمس: )﴾وتقواها (، وهذا يعني أن تمييز الحق من الباط

والفصل بين مصاديقهما، قد أوكله الشارع إلى العرف وفهمه.

استنتاج بعد االلتفات إلى هذه القواعد والمسائل األربعــة يتضــح لنــا، باإلضافة إلى خطــأ التعــاريف المتقدمــة لبيــان المفهــوم الفقهي ـ

،«أكـــل المـــال بالباطل» أي ،«الفســـاد المـــالي»التشـــريعي لـ الفســاد»إمكانية أن نقدم تعريفا فقهيا ـ تشريعيا جامعا ومانعــا لـ

الفســاد المــالي»، وذلــك على النحــو التــالي: إن «االقتصــادي من الزاوية الصحيحة ورؤية الفقــه والتشــريع عبـارة«واالقتصادي



ــير المحســوس في»عن ــواع التصــرف المحســوس وغ ــع أن جمي األموال الخاصة أو المملوكة لآلخرين على نحو غير شرعي أو غير

؛«اإلنفــاق»؛ و«المــوارد». ويقع ذلك في الحقول الثالثة: «عقالئي، من قبل األفراد أو الجهات. (893)«االدخار»و

االكتســاب»ويمكن لنــا أن نــذكر للفســاد المــالي في حقــل أمثلــة من اآليــات والروايــات والمصــادر اإلســالمية، من«والــربح

ــة عن ــثروة الناتج ــل: ال ــوة» و«االختالس»قبي ،«الربا»، و«الرشــار»، و«الســرقة»، و«الغصب»و ــامالت الغررية»، و«القم ،«المعــة»و الفوائد النسبية وأخــذ نســبة مئويــة على المعــامالت الحكومي

، وتهريب البضائع والعملة الصعبة، وغســيل«)الداخلية والخارجية( األمــوال، وتزويـر العمالت، وقـراءة الحــظ، والســحر، والشــعوذة، والغناء، والقــوادة، وقطــع الطــرق، واالبــتزاز، وأكــل مــال اليــتيم،

واالقتراض بنية عدم السداد، وما إلى ذلك من األمثلة األخرى.ــة في مــا يتعلق ــذكر بعض األمثل ــا أن ن بحقــلكمــا يمكن لن

االستهالك، من قبيل: اإلسراف والتبذير، وإنفاق المال على أمــور ، ودفع الرشوة، واستئمان المال عند شخصليست لها قيمة مالية

معروف بالخيانة، وما إلى ذلك. «االكتنــاز»وأما أمثلــة ومصــاديق الفســاد المــالي في حقــل

فيمكن لنا أن نذكر االدخار وما إليه. ــه بااللتفــات وعليه تتضح هذه النقطة المحورية أيضا، وهي أن

ــوم ومصــاديق »الفســاد المــالي ــاع مفه ــذا«إلى اتس ال يمكن له العنوان العام والواسع أن يقــع موضــوعا للحكم والعقوبــة الثابتــة،

بمفهومه العام، بل«فال يمكن معاقبة من أدين بـ »الفساد المالي ال بد أوال من تحديد نوع الفساد المالي الــذي قــد ارتكبــه، ومــا إذاــد نــوع ــتزازا مثال أو غــيره من المصــاديق األخــرى، وتحدي كــان اب



العقوبــة الــتي يســتحقها نتيجــة الرتكــاب ذلــك النــوع من الفســادــة واالقتصــادية المالي. يضــاف إلى ذلــك أن بعض المفاســد الماليــة ب عليهــا عقوبــة أخروي ليست لها عقوبة دنيوية أبدا، وإنمــا تــترت فقط، من قبيل: اإلسراف والتبذير أو االدخار واالكتناز. ولكن ذلك

.«ال يحول دون إدراجها ضمن مصاديق »الفساد الماليالهوامش


أ. د. عبد األمير كاظم زاهد•

«االجتماع الديني »نحو نظرية جديدة في علم قراءة في كتاب*(*()أ. د. عبد األمير كاظم زاهد

المعــارف موجــودة في»هنــاك مقولــة أكاديميــة تقــول بــأن عموم الفكــر الــديني، وفي العلــوم، وعلى كــل المســتويات، ومــا على الباحث إال اكتشاف منطقها، ومســار تطورهــا، ومكانتهــا في هيكل المعرفة، ومدى تأثيرها في اآلخرين، وتأثرها بما ســبقها من

.«آراء ونظريات وأفكارة معرفــة تاريخيــة متراكمــة، ــة بصــورة خاصــ والمعرفة الديني معتنى بها، تفسيرا وتدوينا، ويحوطها شعور بالقداســة واالحــترام،

زة باالنشداد إليها. وتبذل فيها جهود متميــط التلقي ــة تتطلب نم ـة معرف ـ ــة الديني ــانت المعرف ــد ك لقــل: النظــر الوجداني، حتى مع اعتماد المسالك األخرى للتلقي، مث العقلي، الذي يقــوم بتحليــل مركباتهــا وتحــري مكوناتهــا وأســباب ظواهرهــا، ومناقشــة رؤاهــا. ويعــد المســلك العقلي في الغــالب مقاربة غـير مــرحب بهــا، وال ســيما من اتجاهــات تحــول المعرفــة الدينية إلى )القدسي والمقدس(، على أنه ال ينفرد النظر العقلي، حتى من وجهة نظــر أغلب العقالنيين، في كونــه المســلك الوحيــد لتلقي هذه المعرفة، إنما ال بــد من التربيــة المقصــودة والموجهــة

أستاذ جامعي، وباحث متخصص في علم االجتماع الديني،)*(*(من العراق.


قراءة في كتاب »نحو نظرية جديدة في علم االجتماع الديني«•

عندما نتعلم الدين. ــة، ولعل هذا ما درج عليه عرف المشــتغلين بالمعرفــة الدينيــار ــع األفك ــود م ــري المعه ــل البش ــوانين التعام ــات من ق حتى ب والمفاهيم والنظريات الدينية. لكن هذا النـوع من التلقي يتعـارض مع متطلبات دراســة األديــان كظــاهرة اجتماعيــة؛ ألنهــا تســتبطن التعامــل مــع األديــان بوصــفها منتجــات المجتمــع، ونــواتج تجربتــه المصــاغة، وعلى وفــق مقاســاته، فهــو الــذي ينتجهــا، وهــو الــذي يســتهلكها. وهــذا المسـلك ليس من المسـالك الـتي تضـع نفسـها فوق النقد والتحليل، إنمــا يعاملهــا المســلك كظــاهرة حالهــا حــالـة الظــــواهر االجتماعيــــة، الــــتي تخضــــع ألدوات البحث ـــ بقي األنثروبولوجي والسوسيولوجي. وعلى هذا المسلك صــاغ يوســف شلحت كتابــه الــذي بين أيــدينا، ومن منطلــق إنتــاج محاولــة لعلم اجتماع ديني، وبضابط غير أيديولوجي، متجاوزا الســائد المعــرفي

وتداعياته.وعند التمعن في الكتاب تظهر التداعيات التالية:

ـ إن أول ميزة في هذا الكتاب أنه ينتقـل من مقـوالت علم1 االجتماع العام إلى مقوالت تخصصية في علم االجتماع الديني، ثملهــا على أســاس مقــدمات وطــرق ــة، ويحل يصف المقــوالت الدينيــة، البحث األنثروبولوجي، دون االهتمام بمقتضيات التجربة اإليماني واللوازم الميتافيزيقية، وضرورات االنقياد الروحي الحدسي لنبض

العقيدة. ـ يالحظ المؤلف يوسف شلحت أن الديانة كمفهوم كينوني2

عبارة عن تكليف مزدوج، يتكــون من مــزدوج )الحالل؛ والحــرام(، وأن العالم القديم انتقــل من الســحر الالزم والممنــوع إلى الــدين الحالل والحــرام، وأن قــوام األديــان جميعهــا خمســة عناصــر:



. واألســطورة«المعبد، والعقائد، والصــالة، والــذبائح، واألســاطير» مجموعة من المعارف والتوصيفات لألشــياء واألفكــار الــتي نقلهــاالت المجتمعــات، وجــزءا من ــل، فأصــبحت من متقب ــل عن جي جي

تراثه. ـ لقد تعرض كتــاب يوســف شــلحت إلى تســاؤالت مهمــة3

جدا، منها: ــة ـــ متعاليــة؟ أم ظــاهرة أـ هــل الــدين ظــاهرة وحيانيــة إلهي سوسيولوجية يمكن توظيفها على أصعدة األيديولوجيات المقارنة؛ لكي تدرس التداعيات اإلنســانية إزاء المقــوالت الدينيــة. هــذا هــو

المنطلق األساس للمؤلف. ب ـ ويتساءل هل ظاهرة عبادة األموات ظهرت قبل ظهــور فكرة المعاد والعالم اآلخر في الفكر الديني أو بعــده. وهــو هنــا ال يرى أن الديانة األولى نشأت كعبادة لألموات، إنمـا يعتقــد أن دفن الموتى وتقديس مقابرهم حصل في زمان يؤمن بوجود عالم آخر ينتقل إليه اإلنســان، فجعلت األضــرحة نقطــة للتواصــل مــع عــالمــان؛ إذ ــذي يحلل األدي ــاء. وهــذا عكس الســائد في الفكــر ال األحي

ينتقل فيه اإلنسان من الطوطمية إلى فكرة اليوم اآلخر. ج ـ ويضع شلحت سؤاال ثالثـا: هــل العقائــد صـناعة )أفـراد(، كرجال الدين، أو صــناعة مجتمــع؟ فــيرى شــلحت أن العقائــد هي )صــناعة مجتمعيـة(، وليســت نتـاج أفـراد، أقصــد )رجــال الــدين(؛ ــة، وال يخلقونهــا. وهــذا أيضــا فهؤالء يحترفون نقل المعرفــة الديني

موضوع يثير جدال واسعا. ر أن هنـاك مفــردات مشــتركة في الظـاهرة الدينيـة4 ـ ويقر

لكـــل األديـــان: ففي كـــل األديـــان هنـــاك الشـــعائر والمراســـمر عن ــاني معب ــلوك إنس ــاك س ــان هن ــل األدي ــوس؛ وفي ك والطق



االعتقاد، فحتى لو اختلف من حيث الشــكل فهــو متوحد من حيث الباعث، كالتطهر، ويتم بالماء أو النار أو الدم أو االعـتراف، وهـذه

من الظواهر المشتركة بين كل األديان. نة( والرؤيــة السوســيولوجية5 ـ إن الفارق بين الرؤية )المتدي

ــبي، ــدني نس ــق، والم ــدس مطل ــرى أن المق ــدين أن األولى ت للوالمقدس مهيمن على النسبي .

وترى أن العقيدة مقدمة على المنفعة اإلنسانية. فالتضحياتيجب أن تكون للعقيدة.

بينما ترى الثانية أن المــدني )ال متنــاه(، وأن الــديني محــدودلة هي تلــك الــتي بالنصوص وأفعال االقتداء، وأن العقيــدة المفضــ تجلب المنفعــة لإلنســان؛ ألن اإلنســان هــو غايــة العقيــدة، ومحــل

خطابها. ر الظاهرة الدينية كــأي ظــاهرة إن علم االجتماع الديني يفس اجتماعية على ضوء مبادئ التحليل األنثروبولوجي، أي إنه يفسرها من داخلهــا، وليس من خارجهــا، وال من فوقهــا، وهــذا هــو منطــق السببية االجتماعية. في حين أن هذا يفترق عن فقه األديان، الذيــة معتمـدا فقــط على نصــوص من خارجهـا، يفسر الظـاهرة الديني

زها. وأفكار غيبية تعز ـ في دراسة األديان منهجان: منهج دراسة، تتم فيه دراسة6

ــه دراســة ــديانات األخــرى؛ ومنهج تتم في كــل دين منفصــال عن ال األديان عبر تطورها التــاريخي كســاللة اعتقاديــة موصــولة بثقافــةبــات المنهج الثــاني أن ال يتم التعامــل مــع المجتمعات. ومن متطلل عن ــنز ــة، وذلــك بفصــل المت ــديانات كظــاهرة قدســية متعالي الــل ــبيق أدوات التحلي ــه، وتط ل إلي ــنز ل عن الم ــنز ــة، والم المنزلبات االجتماعيــة والتاريخيــة والمنتج والتفكيك، والربــط بين المســب



الديني. إذن فالمنطق االجتماعي للسلوك الديني هو أسلوب الباحث

د. يوسف شلحت في كتابه. ـــ يــرى الدارســون أن تحــري تــأثير الــدين على المجتمــع،7

ــابع من أفرادا ومجموعات بشرية، والبحث في آثار تنوع األديان، ن تنوع المجتمعات، ويتم تحديد نطاق هــذا التــأثير بال إطالق ســلبي،ــا يأخــذ كــل العوامــل أو إطالق تأثيري يتطلب منهجــا علميــا تحليلير الظــاهرة بنظــر االعتبــار، ويتعامــل مــع المنتج الــديني التي تفس

بوصفه معرفة استهالكية. ـ وينشغل المؤلف )يوســف شــلحت( بمحاولــة لإلجابــة عن8

مجموعة من اإلشكاليات، ومنها: أـ هل العلم الدنيوي ال قيمة له أمــام العلم الــديني في نظــر

المشتغلين بالمعرفة الدينية؟ ب ـ هــل العلم الــدنيوي يلغي المعرفــة الدينيــة في نظــرهم

أيضا؟ وما حقيقة هذا الفهم؟ نين ــدي ــدين تلغي جمهــور المت ــة من رجــال ال ــ هــل النخب ج ـ

ودورهم في تعزيز المعرفة الدينية؟ ــة( إلى اســتعمال ر لجــوء )مجموعــات ديني ــف نفســ ــ كي د ـــيما ــرى، وال س ــديولوجيات األخ ــة األي ــدين لمقارع ــديولوجيا ال أي السياسية، بأســاليب )النفي، واإلقصــاء، والتكفــير(، بحيث نشــهد تعاظمــا في اســتعمال السياســة للــدين كــأداة للصــراع، رغم أن

الدين ـ كما يفترض ـ هو الجامع للناس على سبيل التضامن. ــة وقفــة موضــوعية هـ ـ كيف يقــف العلم والمعرفــة البرهاني ومحايدة إزاء اآلراء المتعددة في مستقبل الديانات؟ وكيــف يقــدم

التنبؤ اإلحصائي العلمي مشهدا للدين في المستقبل؟



ـــ يــرى المؤلف أن الخلــق االجتمــاعي للــدين يتم عــبر9مجموعة من الطرق:

أـ اإلكراه االجتماعي. ب ـ األحداث االجتماعية الكبرى القابلة لكي تفسر غيبيا.

ج ـ الشعور المشترك. د ـ مادية الحدث االجتماعي.

ـ ويرى أن الديانة في علم االجتماع إما: 10أـ ديانات عاطفية فردية.

ب ـ ظاهرة اجتماعية مشتركة. ـــ ينقــل المؤلف تعريفــات الديانــة، فينقــل عــدة رؤى11

وتصورات، منها: فها فيور باخ بأنها غريزة تدفع اإلنسان للسعادة. أـ ما يعر

ــد فها برغسون بأنها شعور داخلي بالحقائق، ويع ب ـ وما يعررد فعل على االستعمال المفرط للعقالنية.

ج ـــ ومــا يــراه فــرازر من أنهــا اإليمــان بكائنــات عليــا، هي: األرواح، والجن، والقوى اإللهية. لذلك كان فرازر يــرى أن البوذيــة فلسفة، وليست ديانة؛ ألنه ليس فيها أرواح، فلما أدخلتهــا صــارت

دينا. م األشــياء إلى: حالل؛ أما دركايم فيعرفها بأنها كــل مــا يقســ

وحرام، وما يقسم المحرم إلى: طاهر محرم؛ ونجس محرم. بعــدة«أقــوام الــديانات »ـ ويحدد المؤلف مــا يســميه بـــ12

أمور، أبرزها في: : ويــرى أن فكــرة المعبــد المتحــول من الكهــف،أـــ المعبد

الــذي أصــبح فيمــا بعــد )المــدفن(، إلى هيكــل مقــدس قــد صــارــة مستودعا للقديسين )قبور العظماء المحاطة باإلجالل، والمتحول



ــتوى ــع من مس ــولت أرواحهم الى أرواح أرف ــزارات(، وتح إلى مع البشر. وقد نشأ هذا في ظل تصورات اإلنسان لعالم آخر، وتفــر

عن عقيدة تناسخ األرواح. ــة يمكن لإلنســان أن يســخرهاب ـ ألمانا : وهي قــوى روحي

(. manaلمصالحه )طاقات سحرية خالقه( )ـ يعتقد المؤلف أن قوانين تطور العقائد هي: 13

أـــ قــانون االنتقــال من النفي إلى اإلثبــات، مثــل: )ال إلــه إالالله(.

ـه ب ـ قانون الزيـادة. فالبابـا في األصـل مطـران رومـا، لكنر مصــير أصبح الرجل األول في الديانة المسيحية، فهو الــذي يقــر

الديانة، واقتضى أن يعد معصوما؛ ألنه الناطق لكلمة الله. ــوالىج ـ قــانون التعقيد ــدأ بســيطة، ثم يت ــان تب : إذ األدي

الجهد التفسيري، فيدخل عليها المزيد من التعقيد. ــود اآللهــة،14 ـ يعتقد المؤلف أن الذبيحة عبارة عن خطب ل

والذبيحــة البشــرية هي أقــدم الــذبائح، واألصــل في الضــحية أنهــاقربان لقوى خفية.

ن ب15 رهمــــ هنــاك مجموعـة ممن يـرى تفســير التـدي ا فســالمؤلف، وأهمها:

: إن االعتقاد بـأن النفــوس بعـد المـوت الأـ تفسير تايلور تضمحل، بل تتحول إلى أرواح متحركة وواعية وفاعلة، هو األصــل

ن. في تفسير التدي : يعتقــد أن اإلنســان محــاط باألســرار،ب ـ ماكس مولــير

ــة وألنه ال قدرة له على تفكيكها اضطر إلى أن يعبد القوى الالنهائين بانغماره في أسرار الكون. ر التدي والمطلقة، وبذلك يفس

ــه التعطش إلىج ـ تفسير نيتشه ن بواعث ــدي : يــرى أن الت



السعادة. : يــرى الديانــة غريــزة مضــمرة في الفطــرةد ـ برغســون

اإلنسانية. ر المؤلف أن العالقة بين الدين والسلطة متنوعة.16 ـ يقر

م بالمسار فيرى فرازر أن السحر أسبق من الدين في التحك البشري، فلقد تحول الساحر إلى كــاهن، ثم إلى الكــاهن األعظم، حتى دخل في مصاف اآللهة، وجمــع الســلطتين المدنيــة والدينيــةعة على النــاس، كــل فــرد يملــك معا، رغم أن السلطة كانت موزــة، وامتهن اإلنســان قــدرا منهــا، فلمــا حصــل انتقــالهم إلى القري الزراعة، أفرز هذا االستقرار رؤساء القبائل، فصار كل واحد منهمزت الســلطة ر والمحارب والمطاع، فــترك الحاكم والقاضي والمدب في فرد، رئيس العشــيرة، على مجموعـة من الفالحين. وبانـدماج

«،مجمــع للمأل»القبائــل تحــولت الســلطة من ســلطة الفــرد إلى ــل، من خالل ــة القبائ ر مصــائر مجموع ــر ــع يق ــذا المجم فصــار ه التحالفات أو االندماج المجتمعي، فظهــر نظــام نبالء المقاطعــات،ـة ـ ــة الملكي ــام الدول ــر إلى نظ ــور األم ــدويالت. ثم تط ــراء ال وأمــيحية، وحكمت ــاءت المس ــا ج ــد. فلم ــا بع ـات فيم ـ واإلمبراطوري

المقاطعات ودويالت األمراء، حكمت هذه الدويالت باسم الله. ويقــول المؤلف: لقــد كــانت المســيحية أول نشــأتها جمعيــة لإلصــالح الــديني، لكن لمــا اســتتب األمــر لهــا أملت إرادتهــا على السلطة الحاكمة، ثم ضمت لهــا الســلطة المدنيــة. فلمــا ضــعفت اضطرت للتخلي عما اكتسبت. واليوم تحــاول العــودة إلى ســابق

عزها بالتأثير على السياسات الكبرى للدول المسيحية. ـ يرى شلحت أن غاية اإلسالم عند إشراقته األولى كــانت17

ــك إال بالجهــاد المســلح؛ ألن ــه ذل ــه لم يتم ل ــوير العقــول، ولكن تن



الحرب كانت أشد الوسائل إقناعا عند قوم شأنهم الغزو والقتــال،ــه النهضــة ــاد ارتبطت ب ــارة عن جه ــة عب ــة الديني فصــارت الحرك القومية والسياســية في اإلســالم. لــذلك يتطــابق عنــد المســلمين

مفهوم الدولة ومفهوم األمة. ـ يتابع المؤلف أثر الديانة في الحياة اإلنسانية، فيبدأ من:18

ــدين ـ ــرى أن ال أـ الدين وتأثيراته على األصول الفلسفية. وير بهــا كالفلســفة ـــ مجموعــة متماســكة من المبــادئ الــتي يفســ

ــة: ــاك مقول إن ظهــور»اإلنســان أســرار الكــون. ويقــول: إن هنــرك.،«الفلسفة كان مع ظهور الديانة فهي الباعث والدافع والمح

فاألديان أوجدت بذور المعارف األولى، ومنهــا تشــعبت الفلســفة؛لتحلل وتراكم المعرفة.

ب ـ وإن الدين له أثره على األخالق. فالحياة الخلقية تستمد ، هو صنع اإلنسان«فللدين واألخالق هدف واحد»قوتها من الدين.

اإليجابي الذي يخلق السعادة. ــدين يســاعد على احــترام ــتراض الســليم أن ال ــ إن االف ج ـــة، ويــؤمن للفــرد ــة الفردي ــة، ويوطد دعــائم الملكي السلطة المدني أتعابه، ويخلـق الضــابط النفسـي لعـدم االعتـداء، ويشــكل الـدافع

للتعاون بني البشر . د ـ إن الدين يقوي في النفوس احترام األسرة، ويشدها إلى

ب عليها تنوع المجتمعات. ذاتها، ويترت هـــ ـــ إن الــدين والفن توأمــان يظهــران من خالل النقــوش،ــة. وقــد شــجعت البروتســتانتية الفن، حتى ــات المعماري والجمالي

همت بأنها ذات نزعة )وثنية(. ات ـ يرى شلحت أن قوانين التطور الديني في األديان كافة:19

أـ من القوانين رقي الديانات وتقهقرها، كما يعتقــد أوغســت



كونت أن التحوالت من الالهوتي إلى الميتافيزيقي إلى الوضعي. وتحــوالت العبــادة من عبـادة األشــياء الــتي يخــاف منهــا إلى عبادة اآللهــة المتعــددة، إلى عبــادة توحيديــة للــه الواحــد. ويعتقــدــمحالل، وأن العلم ــة إلى االض ــآل الديان ــايم( أن م ــو( و)درك )غويــا في سيحل محل الدين؛ ألنهما ينطلقان من أن الــدين يكــون قويــات الحضــارة؛ ألن الفــرد في ــداوة(، ويضــعف مــع بيئ نطــاق )الب الحضارة قد أمن احتياجاتــه، واطمــأن إلى عالمــه الخــاص، فــزالقــا بالــدين. لكن الحقيقــة اآلن أن عنــه الخــوف الــذي يجعلــه متعلــان النفســي، مــا ــات من تحقيــق االطمئن ــاك عجــزا في المادي هن

ن؛ للشعور بالسعادة. يشكل دافعا إلى التديفنحن هنا أمام عدة قوانين:

ـــ قــانون التوحيــد الــديني: األديــان تنتقــل من التعــدد إلى1الوحدانية.

ـ قــانون االتســاع: تعــاليم الــدين تشــمل مســتويات الفعــل2اإلنساني كله.

ـ قانون االنتقال من العام إلى الخاص.3ـ قانون االنتقال من الماديات إلى الروحانيات. 4

ـ يختم المؤلف كتابه بأن مستقبل الديانات، كمــا اســتقرأ20المؤلف الدراسات الخاصة في هذا الصدد، هو:

ــات، في ــات إلى الروحاني ــة من المادي ــ إن البشــرية منتقل أـحاضرها ومستقبلها.

ب ـ إن السلطة المدنيــة آخــذة في االســتقالل عن الســلطة الدينية، لكن يبقى الدين فعاال، وإن كان خـارج السـلطة في القيم

النفسية الفردية واالجتماعية. ج ـ إن العبادة قوة روحية تمنــع اليــأس من أن يتســرب إلى



ــرات، وترقيــة للــذوق، وترقيــة اإلنسان، وهذا خــير رادع عن المنك للــوعي، فــإذا رحــل الــدين حلت الخرافــة. لكن هــذا ال يمنــع منر العلمي. وهــذا يتطلب القول: إن العقل الصــحيح هــو وليــد التفكهــة عن الخرافــة. وإن من الضــروري أن تبقى ديانــة صــحيحة منزـة فعالـة في النفس اإلنسـانية، وأن يبقى اإلنســان العاطفـة الدينيــا، ــا به ل أن يبقى معجب ــل يفضــ ــاوة، ب ــثر نق ــا وهي أك يحتفــظ به وبالكون المملوء باإلبداع والجمــال والنفــع، وأن يتأمل في القــوى غير المتناهية، ويسعى دائمــا وراء هــدف اجتمــاعي وكــوني صــالح

ونافع. ــذي يجــد في طلب ــو ال ن الحقيقي ه ــدي ــو: المت ويقــول غوير فيها، ويحبها، ويسعى نحو نفع اإلنسان أينما كــان، الحقيقة، ويفك

وأي دين اعتنق. بهذا أستطيع القول: إني أقدم عرضا كافيا للكتاب، أرجــو أن

أكون قد قدمت خالصة وافية لمضمونه وخطابه النقدي.


قسيمة االشتراكمجلة االجتهاد والتجديد

أفراد مؤسسات ......................................................اســــم المشترك:

..........................................................العنوان الكامل: ..............................................................................

...................................الهاتــــف:.................فاكــــس: .................مدة االشتراك:....................... ابتــداء مـــن:

.........................المبلغ:......................عـــدد النســـــخ: .................نقـدا إلى:............................ شيك مصرفي:

..........................التــــاريــخ:.......................التوقيــــع:

االشتراك السنوي 200للمؤسسات دوالر 100لألفراد سائر الدول:

)خالصة أجور البريد(دوالر

ثمن النسخة ل.ل 5000لبنان ل.س 150سوريا ــار2.5األردن دين ــــــــــــــــــــــــــــويت ــــــــــــــــــــــــــــار 3الـك ديـن دينــار 3000العــراق درهمــا 30اإلمــارات العربيــة

ريــاال 30الســعودية ريــاال 30قطــر دينــار 3البحــرين جنيهـــات 7مصـــر ريـــاال 400اليمن ريـــال 3عمـــان

ــانير 5ليبيا شلنا 150الصومال دينار 200السودان دن درهمــا 30المغــرب دينــار 3تــونس دينارا 30الجزائر

5قـــبرص لـــيرة 20000تركيـــا أوقيـــة 500موريتانيـــا دوالر.10أمريكا وأوروبا وسائر الدول األخرى جنيهات

Al-Egtihad & Attagdeed

Editor-in-chief:

Haidar Hobballah

Editor-in-Director:

Mohamad Dohaini

General Director:

Ali Baqer AL-mousa

Responsible Director:

Rabie Sowaidan

Correspondence:

To the office of the Editor-in-chief

P.O.Box: 25 \ 327 Beirut – LebanonE-mail: [email protected]

Spring & Summer 2013 – 1434 7st Year – No. 26 - 27

. 477)( الشافعي، الرسالة: 1. 319: 2)( أبو بكر الجصاص الحنفي، الفصول في علم األصول 2 ال اجتهــاد في مــورد ». ولمزيــد من التفصــيل في قاعــدة346:ــ 3)( المصدر الســابق 3

. 239 يراجع: د. نجم الدين الزنكي، االجتهاد في مورد النص: «النص. 444: 1)( البحر المحيط: 4. 173)( د. مسفر القحطاني، منهج استنباط أحكام النوازل الفقهية المعاصرة: 5. 165: 4)( الموافقات 6. 9: 1)( الفصول في األصول 7. 10: 1)( السرخسي، األصول 8. 502: 2)( البرهان 9

. 85: 2)( السمعاني، قواطع األدلة 10. 477)( الشافعي، الرسالة: 11. 4: 1)( الفصول في األصول 12

هو القياس، وهو أحد أقسام »، البن رشد: الحد42: 1وفي كتاب المقدمات الممهدات . «االجتهاد

م. 2002، 74، كتاب مجلة األمة: «أصول وضوابط، فقه الواقع»)( د. أحمد بوعود، 13ــود جحيش، 14 ــر بن مل ــزيلي»)( د. بش ــاد التنـ ــة: «في االجته ـة األم ـ ــاب مجل ،94، كت

م.2002ــة األســرة: 15 ــاد المقاصــدي وإصــالح مدون ــادي، االجته ــا101)( د. إدريس حم ؛ إفريقي

. 206الشرق المغرب: ، الســنة1)( د. عبد الكريم مجاهد، الداللة عند األصوليين، مجلة الفكر العربي، العدد 16

ــة لفهم النص1986السابعة، م. ويراجع كذلك: د. عبد المجيد السوسة، األســس العام، السنة الثالثة. 99الشرعي، دراسة أصولية، مجلة التجديد الماليزية:

. 130: 1)( إمام الحرمين، البرهان في أصول الفقه 17 )( هذا الكتــاب حققــه حســن الهمــداني، وصــدر عن دار الكتــاب العــربي بمصــر ســنة18

م. 1957. 3: 3)( ابن حزم، اإلحكام في أصول األحكام 19ــد العــال مكــرم، المشــترك اللفظي في الحقــل القــرآني، مؤسســة الرســالة،20 )( عب

م. 1996فات يستحســن الرجــوع إلى: د. صــالح الضــامن، الوجــوه21 )( للوقوف على هذه المصن

م.2001، السنة التاسعة، 24والنظائر في القرآن الكريم، مجلة آفاق اإلماراتية، العدد . 444: 1)( البحر المحيط 22.85 يراجع: الجرجاني، التعريفات: .«هو ما دل على المعنى في غيره »)( الحرف23

ــة على النســبة،»ويطلــق المناطقــة الرابــط للداللــة على الحــرف، وهــو اللفظــة الدال. 92. يراجع: ابن سينا، العبارة: «وحكمها حكم األدوات

. 17: 1)( أبو الحسين البصري، المعتمد 24. 111: 1)( السرخسي، األصول 25 :38ـ: 3. وقد جاء في المصدر نفسه 20ـ: 8في أصول األحكام )( ابن حزم، اإلحكام 26 إن اللغات إنما رتبها الله عز وجل ليقع بها البيان، واللغات ليست شــيئا غــير األلفــاظ»

بة على المعاني المبينة على مسمياتها . «المرك. 6: 3)( ابن حزم، اإلحكام في أصول األحكام 27ــاء28 ــة اإلحي ــرآني، مجل ــياق في فهم النص الق ــر الس ــو دراع، أث ــرحمن ب ــد ال )( د. عب

م. 2007، 25المغربية، العدد )( اعتبر الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي مبحث الــدالالت لب علم أصــول الفقــه.29

. 162يراجع: البوطي، إشكالية تجديد أصول الفقه: . 7: 2)( المستصفى 30 )( د. فتحي الدريني، المناهج األصــولية في االجتهــاد بــالرأي في التشــريع اإلســالمي:31

268 .. 252)( د. عبد الحميد العلمي، منهج الدرس الداللي عند أبي إسحاق الشاطبي: 32

رين، مجلــة آفــاق33 )( د. محمد إقبال عروي، الوظيفة الترجيحيــة للســياق عنــد المفســم. 2001، السنة التاسعة، 35اإلماراتية، العدد

. 413: 3)( الموافقات 34. 117: 3)( ابن حزم، اإلحكام في أصول األحكام: 35ــيروت،36 )( نجم الدين قادر زنكي، نظرية السياق، دراسة أصولية، دار الكتب العلمية، ب

م. 2006164: 1)( االعتصام 37. 7: 2)( اإلحكام في أصول األحكام 38. 281)( التقريب لحد المنطق: 39. 146: 3)( الفصول في علم األصول 40. 41: 3)( الموافقات: 41ــوم42 ــار في العل ــة االعتب ــوي، نظري ــريم عكي ــد الك )( المصــدر نفســه. ويراجــع: د. عب

م. 2008اإلسالمية، منشورات المعهد العلمي للفكر اإلسالمي، . 231: 6)( البحر المحيط 43. 44: 1)( الفصل 44 )( يقع كتاب التقريب لحد المنطق في الجزء الرابع من رسائل ابن حزم، التي حققها45

د. إحســان عبــاس. كمــا قــامت دار الكتب العلميــة في بــيروت بتحقيــق هــذا الكتــاب،م. 2005وإصداره ضمن منشوراتها لسنة

. 22: 1)( التقريب 46. 11)( جعفر آل ياسين، المنطق السينوي: 47 )( يراجع: د. عبد الرحمن الكيالني، قواعد المقاصد عند اإلمام الشــاطبي، منشــورات48

المعهد العالمي للفكر اإلسالمي؛ د. الجياللي المريــني، القواعــد األصــولية عنــد اإلمــام، منشورات دار ابن عفان. 203الشاطبي:

. 95: 4)( التقريب لحد المنطق 49. 372: 1)( المدخل إلى مذهب اإلمام أحمد بن حنبل 50 ال متــاع لالجتهـاد مــع النص وعالقتهـا »)( يراجع: محمـد بن محمـد الصـاعدي، قاعـدة51

م. 2007، دار الكتب العلمية، «بسجل االجتهاد الفقهي. 227: 6)( الزركشي، البحر المحيط 52. 978: 2)( المعتمد 53ــة219)( د. عبد العزيز حريز، شرائط االجتهاد بين النظرية والتطبيق المعاصر: 54 ، مجل

م. 2002، 5الشريعة والدراسات اإلسالمية الكويتية، العدد . 17)( نجم الدين زنكي، االجتهاد في مورد النص، دراسة أصولية مقارنة: 55. 5: 2)( العز بن عبد السالم، قواعد األحكام 56 الحكم يــدور» و«ال اجتهاد مع وجــود النص »)( بشرى الشقوري، االجتهاد بين قاعدتي57

. 14، مجلة الحياة الطيبة، العدد «مع علته وجودا وعدماــانوا،58 ــطفى س ــع: قطب مص ــع )( يراج ــاعي المنشــود في ضــوء الواق ــاد الجم االجته

. 2006المعاصر، دار النفائس، ،167)( الشيخ حســن بن موســى الصــفار، االجتهـاد والتجديــد في الفقـه اإلســالمي: 59

هـ. 1426مكتبة الفجر الثقافية، ــالمي: 60 ــه اإلس ــد في الفق ــاد والتجدي ــدين، االجته ــمس ال ــدي ش ــد مه ،292)( محم

م. 1999المؤسسة الدولية للدراسات والنشر، )( الشــيخ ســامي الغزيــري، االجتهــاد وأثــره في الشــريعة اإلســالمية، مجلــة رســالة61

. ويراجع كذلك: زينب شوربا، نحو فهو معاصر لالجتهــاد، حــوارات في1التقريب، العدد ــة،2004االجتهــاد، دار الهــادي، ــد الشــيعة اإلمامي م؛ محمــد واعــظ زاده، االجتهــاد عن

. 26مصادره وضوابطه، رسالة التقريب، العدد . 124)( د. يوسف القرضاوي، االجتهاد في الشريعة اإلسالمية: 62. 63)( أحمد الريسوني ومحمد جمال باروت، االجتهاد: النص، الواقع، المصلحة: 63م. 2003، دار الفكر، 71)( د. رقية جابر العلواني، أثر العرف في فهم النصوص: 64ر الفتوى، برنامج )الشــريعة والحيــاة( على قنــاة65 )( د. يوسف القرضاوي، موجبات تغي

م. 2007، 6 إلى الحلقة 3الجزيرة، من الحلقة

. 60)( يوسف القرضاوي، االجتهاد في الشريعة اإلسالمية: 66 )( د. عصام البشير، الوسطية من خصائص األمــة اإلســالمية، درس حســني رمضــان،67

هـ. 1424 )( للوقوف على حقيقة هذا النوع من االجتهاد يستحسن الرجوع إلى: د. قطب سانو،68

م. 2006االجتهاد الجماعي المنشود في ضوء الواقع المعاصر، دار النفائس، .54)( مسفر بن علي القحطاني، منهج استنباط أحكام النــوازل الفقهيـة المعاصـرة: 69

ويراجع كذلك: د. عبد المجيد الشرفي، االجتهاد الجماعي في التشريع اإلسالمي، كتابهـ. 1418، 62مجلة األمة، العدد

ــة األمــة:70 )( من مقدمة األستاذ عبيد حسنة لكتاب في االجتهــاد التنـــزيلي، كتــاب مجل93.

. 1376محسن كديور، نظريات الحكومة في فقه الشيعة، طهران، دار نشر ني، )( 7172() analysis de discourse.

. 1995، لندن، شادي، 166 ـ 165مهدي الحائري، الحكمة والحكومة: )( 73 ، مجلة مــتين الفصــلية: درباره إمام خميني«گذراتأمالتي »مهدي الحائري اليزدي، )(ــ 74

(. 1377 )شتاء 1، العدد 378 ،20 ـ 14حكومتي در نظريــه حســبه«: ديدگاه »راجع: عباس علي عميد الزنجاني، )(ــ 75

(. 1376 )ربيع 3مجلة )حكومت إسالمي(، العدد ــبريزي(، )صــراط النجــاة في أجوبــة)(76 ــو القاســم الخــوئي )مــع تعليقــة: جــواد الت أب

والذي نقول به هو أن الواليــة على األمــور»:ــ 1384، قم، سرور، 10:ــ 1االستفتاءات ا،الحسبية بنطاقها الواسع، وهي ما علم أن الشــارع يطلبــه، ولم ن لــه مكلفــا خاصــ يعي

ومنها بل أهمها إدارة نظام البالد، وتهيئــة المعــدات واالســتعدادات للــدفاع عنهــا؛ فإنهــاثابتة للفقيه الجامع للشرائط«.

. 60كديور، المصدر السابق: )( 77إحدى األسر التي حكمت إيران. )( 78ــة: )(ــ 79 ، طهــران، شــركة انتشــار73محمد حســين النــائيني، تنبيــه األمــة وتنـــزيه المل

. 1378المساهمة، . 117كديور، المصدر السابق: )( 80. 129المصدر السابق: )( 81 الله خويي«، مجلة شيخ أنصاري وآيت ديدگاهواليت فقيه أز ، »محمد هادي معرفت)ـ( 82

(. 1378 )صيف 17)أنديشه حوزه(، العدد ، تصــحيح: علي أكــبر غفــاري، قم،484الصــدوق، إكمــال الــدين وإتمــام النعمــة: )(ــ 83

هـ.1405، قم. 557 ـ 54: 3 األنصاري، المكاسب )طبعة حجرية( )(84 ، طهران، مؤسسة دراسات التاريخ المعاصر131: سياستعلي أبو الحسني، تراز )( 85

. 1383إليران، . 251 ـ 250معرفت، المصدر السابق: )( 86. 251 ـ 250 األنصاري، المصدر السابق: )(87. 1373، قم، 49 األنصاري، كتاب القضاء والشهادات: )(88. 516 األنصاري، كتاب الخمس: )(89. 356 األنصاري، كتاب الزكاة: )(90 على سبيل المثال: السيد إيزدهي يعتبر أن صاحب الجواهر يؤمن بالوالية المطلقة)ـ( 91

ـ108للفقيه، كاإلمام الخميني )السيد سجاد إيزدهي، أنديشه سياسي صاحب جواهر: (، قم، دار نشر بوستان كتــاب. واســتدالله على النحــو التــالي: واليــة الفقيــه عنــد114

صاحب الجواهر تمتاز بالعمومية، وعلى حد قول األستاذ معرفت فالمقصود من الواليــة العامــة هي الواليــة المطلقــة؛ ولــذا فــإن مقصــود صــاحب الجــواهر هــو نفس الواليــة المطلقة لإلمام الخميــني. في حين أن اإلطالق في كالمــه يشــير إلى عــدم التقييــد في أمور معينة، كالقضاء، كما جاء في كتب الشيخ األعظم. كما أن للوالية العامة صورتين:

دة؛ والوالية المطلقة. الوالية المقي نعم لم يــأذنوا لهم في»، بــيروت: 397:ــ 21محمد حســن النجفي، جــواهر الكالم )(ــ 92

زمن الغيبة ببعض األمور التي يعلمون عدم حاجتهم إليها، كجهــاد الــدعوة المحتــاج إلى سلطان وجيوش وأمراء ونحو ذلك، مما يعلمون قصور اليد فيهــا عن ذلــك ونحــوه. وإال

بقولــه: لــو أن لي عــدد هــذه الشــويهات ـ×لظهرت دولة الحق كما أومأ إليــه الصــادقوكانت أربعين ـ لخرجت«.

: 21/9/85 بازتاب موقع هادوي، مهدي)( 93www. khobreganrahbari. com/modules. php?name=News&file=print&sid=201 14 ـ k ـ

. نفسه السابق المصدر )(94. 171: 20اإلمام الخميني، صحيفة النور )( 95(، المصدر السابق. والتبريزيالخوئي ))( 96 أبو القاسم الخوئي، التنقيح في شــرح العــروة الــوثقى )االجتهــاد والتقليــد(، بقلم:)(ــ 97

. 1410، قم، 424 ـ 423 جواد التبريزي: الميرزا. 1377، طهران، دار نشر ني، 52محسن كديور، حكومت واليي: )( 98. 379، 365أبو القاسم الخوئي، منهاج الصالحين: )( 99

، بيروت. 226 ـ 224: 1أبو القاسم الخوئي، مباني تكملة المنهاج )( 100. 261معرفت، المصدر السابق: )( 101. 256المصدر السابق: )( 102، قم. 461: 2اإلمام الخميني، كتاب البيع )( 103. 260معرفت، المصدر السابق: )( 104. 132 ـ 131كديور، المصدر السابق: )( 105. 20كديور، نظريه هاي دولت در فقه سياسي شيعه: )( 106. 21المصدر السابق: )( 107. 20المصدر السابق: )( 108. 54 ـ 52المصدر السابق: )( 109. 56المصدر السابق: )( 110. 57المصدر السابق: )( 111. 58المصدر السابق: )( 112عة طيف واسع من األمور االجتماعية التي ال يوافق الشارع)ـ( 113 المراد بالحسبة الموس

قة تقتصر فقط على مسائل معينــة من قبيــل: على تركها. وفي المقابل الحسبة المضيعة ــ أمور الغائب والقصر. ودائرة الوالية التنصيبية العامة أوسع من أمور الحسبة الموس

. «األمور التي ال يوافق الشارع على تركها»أيضا؛ ذلك أنها ال تتحدد بـ ــ 114 ــاب هفت ســاله چــرا صــدا درآورد؟: علي )( ــاه اشــتهاردي، کت ، قم،185 ـ 160پن

هـ. 1391العلمية للنشر، ، قم، صدرا. 86 ـ 82: پيرامون انقالب إسالميمرتضى مطهري، )( 115المصدر نفسه. )( 116، قم، مصطفوي للنشر. 222اإلمام الخميني، كشف األسرار: )( 117. 146كديور، حكومت واليي: )( 118. 170: 20اإلمام الخميني، صحيفة النور )( 119المصدر نفسه. )( 120. 199: 17المصدر السابق )( 121»60:ــ 21المصدر نفسه )(ــ 122 أنصح أعضاء مجلس صيانة الدستور نصيحة أبوية بــأنـ:

ــات؛ ذلــك أن إحــدى يأخذوا مصلحة النظام بعين االعتبــار قبــل الوقــوع في هــذه المطب القضايا المهمة للغاية في عالمنا المتالطم هو دور الزمان والمكــان في االجتهــاد ونــوعخذة. فالحكومة هي التي تحدد الفلسفة العملية الالزمة لمواجهة الشرك القرارات المت والكفر والمعضالت الداخلية والخارجية. وهذه النقاشات العلميــة في المــدارس ضــمن إطار النظريات ليست غير مجدية فحسب بل إنها تجرنا الى متاهات ال ســبيل للخــروج

. «منها123() confluence.

، مجلة العلوم السياسية الفصلية،«نظام سياسي ودولت در إسالم»، فيرحيداود )ـ( 124(. 1380 )شتاء16السنة الرابعة، العدد

، طهران، دار نشر ني. 331: مدرن موسوي، إسالم، سنت ودولت ميرسيد علي )( 125. 213: 5اإلمام الخميني، صحيفة النور )( 126. 304: 9المصدر السابق )( 127. 277: 6المصدر السابق )( 128 وفقا لما يراه ديننا. لدينا معيار واحد فقط للطاعة، وهو األمر الذي يأمر به ديننا.»)ـ( 129

)محمد تقي مصــباح الـيزدي، صـحيفة إيــران«.نحن غير مسؤولين أمام غير الله تعالى(. 1/5/1380وصحيفة خراسان،

ــ 130 ــة»)( ــول بالحكوم ــذه البالد يجب عليكم القب ــوع ه ــدون العيش في رب إذا كنتم تريــة اإلسالمية، حتى لو لجأت هذه الحكومة إلى استخدام القوة. وكل من يعارض الحكوم اإلسالمية مدان، ويجب محاربته، حتى لو بقي شــخص واحــد فقــط في البالد على هــذا

(. 5/3/1380 يزد، آفتاب. )محمد تقي مصباح، «المبدأ )( حســين علي منتظــري، دراســات في واليــة الفقيــه وفقــه الدولــة اإلســالمية، قم،131

هـ. 1411المرکز العالمي للدراسات اإلسالمية،

ن علي منتظري، حکومت ديني وحقــوق إنســان، قم، أرغــوان دانش، صــيفيحس)(ــ 1321387 .

:1)( حسين علي منتظري، مباني فقهي حكومت إسالمي، ترجمة: محمود صــلواتي 133. 1379، طهران، سرائي، 147 ـ 146

ــديور، دغدغــه هــاي حكــومت ديــني: )(ــ 134 ، طهــران، دار نشــر ني،74 ـ 64محســن ك1379 .

. 14 ـ 13منتظري، حكومت ديني وحقوق إنسان: )( 135المصدر نفسه. )( 136. 61: 3منتظري، مباني فقهي حكومت إسالمي )( 137. 105: 3المصدر السابق )( 138 الجهاد االبتدائي ووجوبه ـ وكما قالوا ـ مشروط بوجود»ـ: 38ـ: 1المصدر السابق )ـ( 139

اإلمام. ولكن على األقوى أن اإلمام ال ينحصر باإلمام المعصوم، ويكفي اإلمام العــادل، . «ويشمل ذلك طبعا الفقيه الجامع للشرائط أيضا. 14 ـ 13منتظري، حكومت ديني وحقوق إنسان: )( 140ــ 141 ــا،»)( توجد في دستورنا والية للفقيه. ولكن الفقيه وبالشروط التي يجب أن يمتلكه

. )حسـين«له واجبات محددة في الدسـتور، وواجبــه األساســي والمهم هــو أن يشـرف(. 23/8/1376علي منتظري، من كلمته في

الحسبة هي األمور التي ال يرضى الشارع المقدس بتركها. إحدى التصورات كانت)ـ( 142قة(. أمــا بة المضـي تقول: إن الحسبة تتحدد ببعض األمور مثل: الصغار واليتـامى )الحسـبة طبقــا لمفهــوم المحقق النــائيني فإنهــا تشــمل أمــورا من قبيــل: أمن المــدن، الحســ والدفاع عن الحدود، وجميع األمور التي تعد من واجبــات ســلطان أي بلــد من البلــدان. )محمد حسين الغروي النائيني، تنبيه األمة وتنـزيه الملة، مــع مقدمــة وحاشــية: الســيد

(. 1334، الطبعة الثالثة، طهران، 78، 46محمود الطالقاني: . 25منتظري، حكومت ديني وحقوق إنسان: )( 143. 150كديور، نظريه هاي دولت در فقه شيعه: )( 144 الرابع من شروط اإلمام: الفقاهة»ـ: 310ـ: 1 منتظري، دراسات في والية الفقيه )(145

راته، أو العالم بها تقليدا . «والعلم باإلسالم وبمقر. 23منتظري، حكومت ديني وحقوق إنسان: )( 146. 32المصدر السابق: )( 147. 157كديور، نظريه هاي دولت در فقه شيعه: )( 148. 37: 3منتظري، دراسات في والية الفقيه )( 149. 14 منتظري، حكومت ديني وحقوق إنسان: )(150. 1382، الطبعة الثالثة، قم، مكتب منتظري، 53: ديدگاههاحسين علي منتظري، )( 151. 45 ـ 44المصدر السابق: )( 152 كان لألمة حق االنتخاب، ولكن ال»ـ: 404ـ: 1منتظري، دراسات في والية الفقيه )ـ( 153

مطلقا، بل لمن وجد الشرائط والمواصفات المعتبرة. ولعــل إمامــة الفقهــاء في عصــر. «الغيبة من هذا القبيل

. 31 منتظري، حكومت ديني وحقوق إنسان: )(154. 106: 3منتظري، مباني فقهي حكومت إسالمي )( 155. 14 ـ 13 منتظري، حكومت ديني وحقوق إنسان: )(156. 25المصدر السابق: )( 157. 22 ـ 21المصدر السابق: )( 158 ، تحقيق: عبد الله دراز ومحمد عبد الله دراز،64ـ: 3)( الموافقات في أصول الشريعة 159

دار الكتب العلمية، بيروت..66: 3)( المصدر السابق 160.67: 3)( المصدر السابق 161 )( يعرف المسدي والطرابلسي »التفسير« كالتالي: »مفهـوم لغـوي عـام يعـني تنـاول162

ــان على األقــل، نفس المدلول بصياغة تعبيرية جديدة، بحيث يكون لمدلول واحد داالن اثنل في اإليضــاح؛ قصــد التأكــد من اإلبالغ، وال ســيما إن خيــف غمــوض أو أمــا غايتــه فتتمث التباس. على هذه األسس الداللية يعتبر التفسير وظيفة نحوية، مداره تحديد أجزاء الكالم

،159بعضــها بالنســبة إلى بعض«. )الشــرط في القــرآن على نهج اللســانيات الوصــفية: (.1985الدار العربية للكتاب بتونس، الطبعة األولى،

، تحقيق: محمد أبو الفضل36ـ: 3وينظر: بدر الدين الزركشي، البرهان في علوم القرآن إبراهيم، المكتبة العصرية، بيروت. وفيه يربط الزركشي التفسير بفوائده البالغية.

وينسجم هذا التصور مع فكرة التمفصل الداللي والتركيبـي الذي يــتيح اســتقالل الخطــاب

المفسر عن الخطاب االشتباهي من جهة التركيب، كما يتيح ارتباطهمــا من جهــة الداللــة.ب الجامعــة بين عناصــر ســ على أن هذا االرتباط نفسه يدل عليه اللفظ، وقد يفهم من الن

الخطاب..68: 3)( الموافقات 163.69: 3)( المصدر السابق 164)( المصدر نفسه.165.86: 3)( المصدر السابق 166.69: 3)( المصدر السابق 167.73: 3)( المصدر السابق 168 هـ(، كشف الفضــائح اليونانيــة632)( المصدر نفسه. وينظر: شهاب الدين السهروردي)169

ف النصــائح اإليمانيــة: ، تحقيــق: عائشــة يوســف المنــاعي، دار الســالم210 ـ 201ورشــ.1999بمصر، الطبعة األولى،

وفي مناقشة قواعد التأويل التي وضعها الشاطبي لضبط عملية استنباط المعنى القرآني بصفة عامة يستنتج د. محمد مفتــاح أن غايــة الشــاطبي كــانت هي التوفيــق بين رد اآلراءـه والنـزاعات واالختالفات حول الداللة الشرعية وبين االجتهـاد في اســتنباط األحكــام، لكنـه يسند هذه الوظيفة إلى الخاصة، الذين يمتلكون القـدرة العلميـة واآلليـة ألدائهـا، كمـا أن يخرج األصول العقدية من عمل التأويـل، ويحصـره في الجزئيـات، دون الكليـات. )ينظـر:

(.2001، المركز الثقافي العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 139التلقي والتأويل: .74: 3)( الموافقات 170 ، تحقيـق: محمـد رشـيد رضـا، مكتبـة الريـاض303:ـ 2)( ينظر: الشـاطبي، االعتصـام 171

الحديثة..92: 4)( الموافقات 172.117: 4)( المصدر السابق 173.37: 2)( المصدر السابق 174.39: 2)( المصدر السابق 175.67: 2)( المصدر السابق 176.66: 2)( المصدر السابق 177.62: 2)( المصدر السابق 178.63: 2)( المصدر السابق 179.72: 2)( المصدر السابق 180)( المصدر نفسه.181.73: 2)( المصدر السابق 182.77: 2)( المصدر السابق 183م، الفوائد: 184 .2000، المكتبة العصرية، بيروت، الطبعة األولى، 16)( ابن قي.79: 2)( الموافقات 185.80: 2)( المصدر السابق 186.81: 2)( المصدر السابق 187)( المصدر نفسه.188 ، تج ســعيد نفيســي، طهــران،156 ـ 122)( كليات آثار وأشعار بهائي )نان وحلوى(: 189

م.1982ن والنفاق: 190 .45)( التديم. 1983، األعلمي، بيروت، 208: 1)( كشكول البهائي 191ن والنفاق: 192 .47)( التدي.51)( المصدر السابق: 193.84)( المصدر السابق: 194.84، 117)( المصدر السابق: 195.82)( المصدر السابق: 196.122، 89)( المصدر السابق: 197.78)( المصدر السابق: 198.96، 79)( المصدر السابق: 199.80)( المصدر السابق: 200.136، 133، 82 ـ 81)( المصدر السابق: 201

.141)( المصدر السابق: 202.149 ـ 148)( المصدر السابق: 203.113 ـ 111)( المصدر السابق: 204 انظر على سبيل المثال: أبو بكر محمد بن أحمد السرخسي، أصــول السرخســي)(ــ 205 .1973، تحرير: أبو وفا األفغاني، دار المعرفة، 340: 1

، أكســفورد، مطبعــة كالرينــدون،140جوزيف شــاخت، أصــول الفقــه المحمــدي: )(ــ 2061975 .

،118السيد مصطفى العــزامي، في أصــول الفقــه المحمــدي لجوزيــف شــاخت: )(ــ 207 أصــالة التقاليــد: نقــد»؛ ظــافر إســحاق األنصــاري، 1985الرياض، جامعة الملك سعود ؛ هارالد موتسكي،1984، هامادارد اإلسالمية، 61 ـ 51: «حجة جوزيف شاخت الواهية

، ليــدن، أبريــل22 ـ 21أصول الفقه اإلسالمي، فقه المكية قبل المدارس الكالسيكية: 2002.

. هــذا133 ـ 108، دراســات في أصــول الــتراث المســلم: پــولج. هـــ. أ. جــوني )(ــ 208 المقال ال يذكر في أي المنــاطق روي هــذا الحــديث بانتشــار واســع، والتقــييم في هــذا

األمر، لذلك توزيع الحديث وفقا للمناطق هو موضوع مقال آخر. ،217«: تــأريخ الــتراث المســلم: دراسة»، موتســكي(، 98 )أ. ج. إي. پول جوني )(209

.2005، 2 / 52العربية، دراسة» استخدم الحجة من الصمت كمقال نفي. انظر: موتسكي پولويرى أن جوني

: نفي المــولى من ابنپــولدقيقة للوضع الــراهن والبحث الحــديث؛ ج. هـــ. س جــوني . 1996، 59 ـ 58: «دير اإلسالم»عمر، ومكانته في أدب الحديث اإلسالمي

ــدر، دراســات في فقــه المســلمين األوائــل: )(ــ 210 ، أوكســفورد، طبعــة26نورمــان كالــراف1993كالرندون برس، ؛ المتزكي، الرسول والقطة: في تأريخ مالك الموطأ واألع

(. 1988، )22، دار جيه إس إيه آي للنشر، ط24القانونية: انظر على سبيل المثال إلى كتاب جزء فيه الطرق حديث من كذب علي متعمدا،)ـ( 211

هـ(، تحرير: أستاذ محمد حسن الغماري، بيروت، دار360ألبي القاسم أحمد الطبراني) م. وسنشــير إلى ذلــك الكتــاب فيمــا بعــد باســم1997هـــ ـ 1417البشــائر اإلســالمية )

أبو عبد الله محمد أبي الفايز الكتــاني، نظم المتنــاثر من الحــديث المتــواتر،)الطرق(؛ ــة ) ــيروت، دار الكتب العالمي ــ ـ 1407ب ــ 37م، ط1987هـ ــاس، رواة؛ مصــطفى كارات

.2006، إسطنبول، دار اإلشارات والسنة للنشر، 73 ـ 69الحديث من حيث التقنية: ؛ وإلى كتــاب:59انظر على سبيل المثال إلى كتاب: فضل الــرحمن، اإلســالم، ط)(ــ 212

، طبعــة159دانيال براون، إعادة التفكــير في الحــديث في الفكــر اإلســالمي الحــديث: .1996جامعة كامبريدج،

.113 ـ 112، تراث المسلم: پول( جوني )213. إلى كلمة لعمر تم اقتباسها من الموطأپول لم يشر جوني )(214. 112، تراث المسلم: پول جوني )(215. 114المصدر السابق: )( 216. 110 ـ 109 المصدر السابق: )(217. 118 المصدر السابق: )(218

124 ـ 121( المصدر السابق: )219. 124المصدر السابق: )( 220. 129 ـ 125 المصدر السابق: )(221. 129 ـ 128 المصدر السابق: )(222

أن إسنادا في مسند الشافعي قد أضيف لهــا )المصــدر الســابق:پولذكر جوني )(ــ 223130 .)

. 130 المصدر السابق: )(224. 124 المصدر السابق: )(225

، تحرير: محمد إدريس، بيروت ـ عمان، دار283ربيع ب. حبيب، الجامع الصحيح: )ـ( 226م. 1995هـ ـ 1415الحكمة مكتبة االستقامة،

. 218تأريخ تراث المسلم: )( 227ف عبد الرزاق )( 228 :11معمر ب. راشد، جامع، أ. د. حبيب الرحمن األعظمي، مع مصن

م. 1983هـ ـ 1403، المكتبة اإلسالمية، الطبعة الثانية 261ف )ـ( 229 :5. ويكرر اإلسناد مع كلمات مماثلة في المصنف 111ـ: 6عبد الرزاق، المصن

، تحريـر: مصـطفى مسـلم محمـد ريـاض، مكتبـة آل رشـد205؛ تفسير القـرآن: 312م، الطبعة الثانية. 1990هـ ـ 1410

. 186: 6عبد الرزاق، المصنف )( 230. 308: 5المصدر السابق )( 231

. 43الشياب: )( 232ر: أبــو الفافــا207أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم األنصاري، كتاب اآلثار: )(ــ 233 ، )المحــر

. 1937هـ ـ 1355األفغاني(، متبعة االستقامة، ، كراتشي، إدارة القــرآن في العلــوم80محمد بن الحسن الشيباني، كتاب اآلثار: )(ــ 234

م. 1987هـ ـ 1407اإلسالمية ر: صفوة السقا. 27أبو حنيفة، المسند: )( 235 ، المحر سجل في بعض المصادر كأبو ربا أو أوبو رؤبــا. )انظــر: علي العقــاري، في شــرح)(ــ 236

؛ وابن حجــر،1983هـــ ـ 1405، بــيروت، دار الكتب العلميــة، 294مســند أبي حنيفــة: ــق(،174تعجيل المنفعة في زوائد رجال األئمة األربعة: ، )المحرر: أكرم الله أمداد الح

بيروت، دار الكتاب العربي. ــة بن)(ــ 237 ر أن هذا الشخص قد يكون عطي أبو الوفاء األفغاني، محرر كتاب اآلثار، يفس

ــرر(. ولكن في207الحارث الهمداني الكوفي )أبو يوسف، كتاب اآلثار: ، مالحظة المحن أن تفسـير إسناد أبي حنيفة تــدوين اســم أبــو ربــا باسـم شــداد بن عبــد الــرحمن يــبيــرحمن ر كان خاطئا. وفي ذات الوقت فقد ذكر ابن حجر ابن ربا شداد بن عبد ال المحر قد نقل الحديث المعني، وقد صنفه ابن حبان كأحد الرواة الثقــات. )ابن حجــر، تعجيــل

ر: ســيد شــريف الــدين354:ــ 4. وانظر كذلك: ابن حبان، ذكــاة 174المنفعة: ، المحــر پـولجـوني م(. ويفهم من ذلـك أن قـول 1975هــ ـ 1395أحمد، بـيروت، دار الفكـر،

،پــولجــوني بعدم تدوين اسم أبو ربي في أي من كتب السير الذاتية هو ادعاء باطل. )(. 123تراث المسلم:

(. 130 )رقم 123، تراث المسلم: پول جوني ()238م. 2005هـ ـ 1425، القاهرة، دار الوفي، 60ابن وهب، الجامع في األحكام: )( 239 غير صحيحة. على سبيلپولفي الواقع فإن بعض األسس التي استند إليها جوني )ـ( 240

على ما أورده ابن وهب الجامع من أن )عبــد اللــه( بن هبــيرةپولالمثال: وافق جوني كان معلما، وذكره كثيرا بوصفه معلما البن لهيعة )عبد الله بن وهب مســلم القرشــي،

، تحرير: مصطفى الحسن الحسين،741ـ، 643ـ، 323ـ، 321ـ، 57الجامع في الحديث: م.1996هـ ـ 1416المملكة السعودية، دار ابن الجوزية،

م. 1987هـ ـ 1404، بيروت، دار الفكر، 56ابن حجر، تهذيب التهذيب: )( 241 ؛ أحمــد بن حنبــل،44انظــر على ســبيل المثــال إلى: ابن أبي شــيبة، المصــنف: )(ــ 242

، إلخ. 145، 531، 320، 52المسند: ، تحرير: علي محمــد عمــر، مكتبــة303ابن عبد الحكم، فتوح مصر في المغرب: )(ــ 243

م. 1995هـ ـ 1415الثقافة الدينية، ، تحريــر: هليــل132أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي، المعرفة في التاريخ: )(ــ 244

م. 1999هـ ـ 1419منصور، بيروت، دار الكتب العالمية، ، تحرير: حسين سليم أحمد،36أبو يعلى أحمد بن علي المثنى التميمي، المسند: )( 245

؛ أبــو الفــرج عبــد343م؛ الطــبراني، الطــرق: 1984هـــ ـ 1404دار المأمون للــتراث، ــر:106الرحمن بن علي جوزيه، كتاب الموضوعات من األحــاديث المرفوعــات: ، تحري

م. 1997هـ ـ 1418نور الدين بن سوكرو بن علي بوياسيالر، إضافة السلف، أحمد بن أبي بكر البصــيري، إتحــاف الخــيرة المهــرة بزوائــد المســانيد العشــرة:)(ــ 246

، تحرير: أبي عبد الرحمن عادل بن سعد وأبي أســامة سـيد بن محمـود، الريـاض،280 م؛ ابن حجر، المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية:1998هـ ـ 1419مكتبة الرشد،

هـــ ـ1420، تحرير: قاسم بن صالح بن قاســم، الريــاض، دار العصــيم ودار غــايس، 34م. 2000

. 117 ـ 116، تراث المسلم: پولجوني )( 247 اكتشف أن هشام بن أبي رقية كان تلميــذ مســلمةپولعلى الرغم من أن جوني )(ــ 248

لها ابن حجر، فقد ذكر هشام كمجهول، مدعيا بن مخلد؛ باستخدام المعلومات التي سج أن هذا الرجل لم يذكر في مكان آخر، ولكن وهذا االفتراض هو أيضا غير صــحيح، فقــد

(،192:ــ 8سجل البخاري اسم هشــام بن أبي رقيــة في كتب الرجــال )التــاريخ الكبــير (. وشدد على أنه كان مصريا في كتب الحــديث ابن أبي شــيبة328:ــ 2و)تاريخ الثقات

، ونقلت األسانيد من684ـ: 1؛ والحاكم في المستدرك 233ـ: 7ـ؛ 47ـ: 6في المصنف خالل اسمه.

.117، تراث المسلم: پول جوني )(249.293: 2الفسوي، تاريخ )( 250.289: 3أبو يعلى، المسند )( 251 ، تحريــر: شــعيب آل أرنــاؤوط، بــيروت، مؤسســة252:ــ 12ابن حبــان، الصــحيح )(ــ 252

.م1991هـ ـ 1412الرسالة، ، تحريــر: حمــدي عبــد305:ــ 17؛ شــرح المعجم الكبــير 323الطبراني، الطرق: )(ــ 253

المجيد السيالفي، القاهرة، مكتبة ابن تيمية.. 159: 4أحمد بن حنبل، المسند )( 254 ، تحرير: أيمن علي أبو يماني،181ـ: 1أبو بكر محمد بن هارون الروياني، المسند )ـ( 255

. م1995هـ ـ 1417الرياض، مؤسسة قرطبة، مكتبة دار الراية، . 301: 17الطبراني، المعجم الكبير )( 256. 329: 3ابن حبان، الصحيح )( 257 . وهناك معلومات عن هشام بن أبي رقية وردت سابقا.63ـ: 3ابن حجر، التهذيب )ـ( 258

(. 432)انظر أيضا: ابن حجر، تعجيل المنفعة: ، تحرير: خالد بن قاسم،43أبو علي الحسن بن موسى األشيب البغدادي، الجزء: )ـ( 259

م. 1990هـ ـ 1410دار العلوم الحديث، .159: 4ابن حنبل، المسند )( 260. 322ابن عبد الحكم، الفتوح: )( 261. 293: 2الفسوي، المعرفة )( 262. 292: 2المصدر السابق )( 263

326( ابن عبد الحكم، الفتوح: )264 ، المحــرر:458 ـ 457:ــ 3انظر: علي، الزبير، أنس، كتاب السنن الكبير للنسائي )(ــ 265

م.1991هـــ ـ 1411عبد الغفار سليمان وسيد كسرواني، بــيروت، دار الكتب العلميــة، (. 444: 2انظر: الصحابي الذي لم يذكر اسمه )

روى كل من البخاري والترمذي وأبو داوود هذا الحديث في كتــاب العلم، ومســلم)(ــ 266«،المقدمة»وابن ماجــه نقلــوا الحــديث في إال أن هــذا الوضــع يعــني أن هنــاك فصــوال

أخرى لم تتضمن الحديث. ، تحرير: سيد هاشم الندفي، دار الفكر. 292: 4البخاري في كتاب التاريخ الكبير )( 267

، تحريــر: صــبحي340الترمــذي، علــل الترمــذي الكبــير )أبــو طــالب القاضــي(: )(ــ 268 هـــ ـ1409السامرائي، أبو المعاطي النــوري، محمــود محمــد الســعيدي، عــالم الكتب،

م.1989 . واألمر نفسه ينطبــق على أنــواع أخــرى118: «شاخت»األعظمي، حول أصول )(ــ 269

،273: «حيــاة محمد »من الكتب. انظــر مثال: جوزيــف هورويــتز، نمــو أســطورة محمدم. 1998تحرير: يوري روبان، الواليات المتحدة األميركية، أشغايت،

. 108، تراث المسلم: پول جوني )(270. 189 الطرق: )(271. 19المصدر السابق: )(272

)مقدمة(.34 سنن ابن ماجه: )(273

.501: 2 مسند ابن حنبل )(274ــار الفريفــاي،638:ــ 2حماد بن سريع، الزهد )(ــ 275 ، تحرير: عبد الــرحمن بن عبــد الجب

م. 1986هـ ـ 1406الكويت، دار الخلفاء للكتاب اإلسالمي، .506 أبو يعلى، المسند: )(276.857|243 د. )(277.210: 1 صحيح البخاري )(278.239المسند األول: )( 279.84ابن الجوزي، الموضوعات: )( 280.193 الطرق: )(281.318: 1 مسند الطيالسي )(282.458: 3 السنن الكبير )(283.469، 410: 2 مسند ابن حنبل )(284.519: 2 المصدر السابق )(285ــر:463، الجزء األلف: أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، الطارق)(286 ، تحري

.1993بدر بن عبد الله، الكويت، دار النفائس، .84: 1 ابن الجوزي، الموضوعات )(287.195 الطرق: )(288.38في كتاب البخاري: )( 289 ، تحريــر: حســين ســليم57 )مقدمة(؛ أبــو يعلى، معجم الشــيوخ: 2 صحيح مسلم: )(290

.م1989هـ ـ 1410أسد، بيروت، دار المأمون للتراث، .84 الطرق: )(291.196 المصدر السابق: )(292.116: 1 كشف األستار )(293.24: 1الكامل )( 294.86: 1ابن الجوزي، الموضوعات )( 295.198 الطرق: )(296.25: 1 الكامل )(297.86: 1 ابن الجوزي، الموضوعات )(298.200 الطرق: )(299.201المصدر السابق: )( 300.203 المصدر السابق: )(301.12: 3 مسند ابن حنبل )(302.205 الطرق: )(303.207 المصدر السابق: )(304.209 المصدر السابق: )(305.211 المصدر السابق: )(306.(321: 2. راجع اإلسناد الذى استمده من معلم آخر )365: 2 مسند ابن حنبل )(307 ، تحريــر: عبــد341:ــ 1؛ ابن راهويــه، المســند 296:ــ 5 ابن أبي شــيبة، المصــنف )(308

.م1991هـ ـ 1412الغفور بن عبد الحق البلوشي، مكتبة اإليمان، ، المحــرر: فــؤاد عبــد البــاقي، بــيروت، دار البشــائر100 البخاري، األدب المفــرد: )(309

.100 م1989هـ ـ 1409اإلسالمية، .85: 1 ابن الجوزي، الموضوعات )(310. المصدر نفسه)(311.282: 6 الكامل )(312. 227 ـ 213الطبراني، الطرق: )( 313. 96 ـ 95: 1ابن الجوزي، الموضوعات )( 314. 81: 1؛ ابن الجوزي، الموضوعات 169 الطبراني، الطرق: )(315.413: 2 مسند ابن حنبل )(316

.290: 1مسند ابن راهويه )( 317، المقدمة.50 مسند الدارمي: )(318ــ 3 الطــبراني، المعجم األوســط )(319 ــاهرة، دار338: ــر: طــارق الحســيني، الق ، تحري

م.1990هـ ـ 1410الحرمين، ر: حمــدي عبــد المجيــد الســيالفي،247:ــ 2الطبراني، مســند الشــاميين )(ــ 320 ، المحــر

م.1984هـ ـ 1405 ، تحريــر: حــبيب الــرحمن492:ــ 2أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميــدي، المســند )(ــ 321

األعظمي، بيروت القاهرة، دار الكتب العلمية، مكتبة المتنبي.. 114، تراث المسلم: پولجوني )( 322

. 492: 2الحميدي، المسند )( 323. 7: 5الذهبي، السيار )( 324 ، تحرير: محمد عبد المعيد خان،32ـ: 3أبو عبيد القاسم بن سالم، غريب الحديث )ـ( 325

ــه1976هـــ ـ 1396دار الكتب العربي، بيروت، م. والتعبــير المتقــدم ال ينبغي فهمــه بأن يعلم أي إسناد للحديث، بل على العكس من ذلك، فقد نقل الحديث من كتــاب فضــائل

، تحرير: مروان عطية، محسن68 ـ 67القرآن )قاسم بن سالم، كتاب فضائل القرآن: (. م1995هـ ـ 1415حربا، وفا تقي الدين، دمشق ـ بيروت، دار ابن كثير،

.100: 5 مسند البزار )(326.51 ـ 49 الطرق: )(327.340: 1 الترمذي، العلل )(328.167 ـ 166: 1مسند البزار )( 329.132 مسند أبي بكر: )(330.173: 3 المعجم الوسيط )(331.249 ـ 243 الطرق: )(332.191: 5 المعجم الكبير )(333.444: 20 المصدر السابق )(334.196 الطرق: )(335. 22؛ أصول موتزكي: 118األعظمي، أصول شاخت: )( 336. 37الكتاني، النظم المتناثرة: )( 337. المصدر نفسه)( 338.198 الطرق: )(339. 72؛ مسلم، الزهد والرقائق: 56، 39: 3ابن حنبل، المسند )( 340

. 183: 7ابن هاسر، التهذيب )( 341.100 األدب المفرد: )(342. سيتم التحقيق في هذا الموضوع في مقال آخر)( 343

؛ البخــاري،107 ـ 106:ــ 4،ــ 491 ـ 490:ــ 3انظــر: أحمــد بن حنبــل، المســند )(ــ 344. 215: 1؛ ابن حبان، الصحيح 4المناقب:

، إلخ. 358؛ الطبراني، الطرق: 239الشافعي، المسند: )( 345 ، تحرير: عبد الــرحمن عبــد الجبــار702 ـ 695:ــ 3وكيع بن الجراح، كتاب الزهد )(ــ 346

م. 1984هـ ـ 1404فريفاي، المدينة المنورة، مكتبة الدار، . 640 ـ 638: 2انظر: حماد، الزهد )( 347 عبد الله بن محمد القرشي ابن أبي الدنيا، ذم الكذب وأهله، تحرير: محمد غسان)ـ( 348

م. 1993نصوح أوزغو، دمشق ـ بيروت، دار السنابل، ــ 349 ــافي األخالق)( ــرائطي، مص ــامري الخ ــهل الش ــر بن س ــد بن جعف ــر محم ــو بك أب

، تحرير: مصطفى بن أبي النصر الشلبي، مكتبة الصفدي للتوزيــع،61 ـ 31ومضمونها: م. 1992هـ ـ 1412جدة،

ــافي االخالق: 40 تضمنت كتب ابن أبي الدنيا )ذم الكذب: )(350 (80( والخرائطي )مصــد حديث )من حدث بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين(. ولكن هذا الحديث قد وج

بأنه انتشر قبل حــديث )منپولجوني في هذا الشكل في جامع ابن وهب. وقد وصفه (. 116 ـ 115، تراث المسلم: پولجوني كذب علي(. )

. 225: 4ابن فارس، معجم مقاييس اللغة )( 351. 76: 2 الخليل الفراهيدي، كتاب العين )(352. 175: 3ابن األثير، النهاية في غريب الحديث )( 353. 577: 1ابن منظور، لسان العرب )( 354. 114: 3مجمع البحرين )( الطريحي، 355. 201: 2الزبيدي، تاج العروس )( 356. 161الوحي والنبوة: )( 357. 479: 5تفسير التسنيم )( 358. 48تجلي الوالية في آية التطهير: )( 359. 160مراحل األخالق في القرآن: )( 360.472 ـ 471العالمة الحلي، كشف المراد في شرح تجريد االعتقاد: )( 361المصدر نفسه.)( 362. 54محمد رضا المظفر، عقائد اإلمامية: )( 363.47: 1الجوهري، الصحاح في اللغة )( 364.220أبو هالل العسكري، الفروق اللغوية: )( 365. 257: 1بداية المعارف اإللهية )(366. 113 رسالتان حول العصمة: )(367. 141: 1من فقه الزهراء )( الشيرازي، 368. 210: 16انظر: المجلسي، بحار األنوار )( 369. 392: 5الحويزي، تفسير نور الثقلين )( 370. 314: 1 ×عزيز الله عطاردي، مسند اإلمام الرضا)( 371.29: 34بحار األنوار )( 372.272: 9تفسير نور الثقلين )( 373. 279: 34بحار األنوار )( 374. 397: 2تفسير علي بن إبراهيم القمي )( 375. 195: 10التبيان )( 376. 197: 10تفسير مجمع البيان )( 377. 111 ـ 109: 20 الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن )(378. 90 ـ 87: 10ناصر مكارم الشيرازي، األمثل في تفسير كتاب الله المنـزل )( 379. 235 ـ 232: 29جامع البيان )( 380. 414: 2تفسير السمرقندي )( 381. 222: 30تفسير الرازي )( 382. 268: 16تفسير اآللوسي )( 383إمام الشافعية في وقته. قال الحاكم: كان أعلم أهل ما وراء النهر باألصول. )( 384. 111 ـ 110: 20 الميزان في تفسير القرآن )(385. 216: 19األمثل في تفسير كتاب الله المنـزل )( 386. 109: 20الميزان في تفسير القرآن )( 387. 87: 10تفسير الثعلبي )( 388. 224 ـ 223: 2تفسير نور الثقلين )( 389. 289 ـ 284: 9الميزان في تفسير القرآن )( 390. 69 ـ 65: 6األمثل في تفسير كتاب الله المنـزل )( 391. 302: 3ابن الجوزي، زاد المسير )( 392. 10 ـ 7: 3تفسير الرازي )( 393. 289 ـ 284: 9الميزان في تفسير القرآن )( 394. 322: 16 المصدر السابق )(395. 375: 2تفسير علي بن ابراهيم القمي )( 396. 330 ـ 329: 19 الميزان في تفسير القرآن )(397. 445: 18األمثل في تفسير كتاب الله المنـزل )( 398

. 199: 28ابن جرير الطبري، جامع البيان )( 399. 198 ـ 197: 3تفسير نور الثقلين )( 400. 173: 13الميزان في تفسير القرآن )( 401. 76: 9األمثل في تفسير كتاب الله المنـزل )( 402. 162: 15جامع البيان )( 403. 244: 17المصدر السابق )( 404. 50 ـ 49: 23 تفسير الرازي )(405. 300: 10تفسير القرطبي )( 406. 127 ـ 126: 1تفسير علي بن ابراهيم القمي )( 407. 57: 4 الميزان في تفسير القرآن )(408. 207: 4جامع البيان )( 409. 759 ـ 758: 2األمثل في تفسير كتاب الله المنـزل )( 410

)( العرف عبارة عن كل ما اعتــاده النــاس، وســاروا عليــه، من فعــل شــاع بينهم، أو411 قول تعارفوا عليه. والعرف له دور في مجال فصل الخصومات، وفي مجال االستنباط.خذ التشريع مفاهيم كثيرة، ولكن ربمــا يعــرض اإلجمــال على مصــاديقها، فيكــون لقد ات العرف هو المرجع في تطبيقها على موردها؛ إذ إن لكل قــوم، وبلــد، أعرافــا يتعــاملون في إطارها، في كافة العقود، واإليقاعات. ولنعط مثاال على ذلــك: إذا اختلــف الزوجــان في أداء المهر، فلو جرت العـادة في مجتمعهم على تقــديم المهـر، أو جـزء منــه، قبــل الزفاف، فللحاكم أن يحكم على وفق العــرف الــدارج في البلــد، شــرط أن ال يتعــارض

183ذلك مع مبادئ اإلسالم. )راجع: جعفر السبحاني، مصادر الفقه اإلسالمي ومنابعه: م(.1999هـ ـ 1419، بيروت ـ لبنان، دار األضواء، 1، ط189ـ

.161: 1)( يوسف البحراني، الحدائق الناضرة 412 ، بيروت ـ لبنان، دار الكتــاب133:ــ 1)( محمد باقر الصدر، دروس في علم األصول 413

م.1986هـ ـ 1406اللبناني، )( إذا كان الدليل العقلي المتعلق بأمر ما بديهيا، مثل: الواحد نصف االثنين، فال ريب414

في حجيته.ــا415 ــه، وهي له ل في أصــول الفق ــذيل، مفصــ ــل ال ــذه األصــول طوي )( والبحث في ه

تطبيقات دقيقة واسعة، ذكرهـا الفقهـاء في كتب اسـتنباط الحكم الشـرعي. )المصـدر(.117 ـ 116: 1السابق

)( الفتوى هي رأي فقهي في موضــوع معين، وهي الحكم الشــرعي الكلي لألشــياء،416 وقــد تتعلق بمواضــيع عديــدة؛ شــرعية، واجتماعيــة، وسياســية، وجهاديــة، ممــا يواجهــه المسلمون في حياتهم اليومية. وتمثل الفتوى الرأي القانوني الديني للفقيه في مسألة

معينة. .117 ـ 116: 1)( محمد باقر الصدر، دروس في علم األصول 417لح، تحقيــق: أحمــد عبــد376 ـ 375:ــ 1)( أبو العباس الجوهري، الصحاح 418 ، مــادة ســ

هـ.1407، بيروت ـ لبنان، دار العلم للماليين، 4الغفور عطار، ط ، مادة سلح، تحقيق: علي شيري، ال.ط، بيروت94 ـ 92ـ: 4)( الزبيدي، تاج العروس419

م. 1994هـ ـ 1414ـ لبنان، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، www.ar.wikipedia.org راجع: )( 420)( راجع المواقع اآلتية:421

www.ar.wikipedia.org www.moqatel.com/openshare/Behoth/Askria6/AslhaDamar/sec06.doc_cvt.htm

www.ar.wikipedia.orgللمزيد من المعلومات يمكن مراجعة موسوعة ويكيبيديا: )( 422 أشد الشامل الدمار أسلحة تعتبر)(423 وأعظم فتكــا ســواء الحــرب، مســرح في تــأثيرا

.المدنيين أو المتحاربة، القوات مستوى على ، طبعة حجرية، قم ـ150)( علي زين الدين، روض الجنان في شرح إرشاد األذهان: 424

إلحياء التراث.^إيران، مؤسسة آل البيت ،201:ـ 3)( ناصر مكارم الشيرازي، مختصر األمثل في تفسير كتــاب اللــه المنــزل 425 ،×، إعــداد: أحمــد علي بابــائي، قم ـــ إيــران، مدرســة اإلمــام علي بن أبي طــالب1ط

هـ.1428 ، تحقيق: عبــد الــرحمن عمــيرة، بــيروت ـ1، ط208 ـ 203:ــ 1)( اإليجي، المواقف 426

م.1997هـ ـ 1417لبنان، دار الجيل، :23)( ورد الحديثان في المرجع التالي: حسين البروجردي، جــامع أحــاديث الشــيعة 427

هـ.1414، قم ـ إيران، 392.898: 16)( المرجع السابق 428 ^، بيروت ـ لبنان، مؤسســة آل الــبيت2، ط114:ــ 17)( النوري، مستدرك الوسائل 429

م.1988هـ ـ 1408إلحياء التراث، ، بــيروت ـــ لبنــان، دار التعــارف495 ـ 409)( محمــد بــاقر الصــدر، اقتصــادنا: 430

م.1991هـ ـ 1411للمطبوعات، لت التعمــير431 )( م. يحــيى وزيــري، العمــارة اإلســالمية والبيئــة ـــ الروافــد الــتي شــك

م.2004، الكويت، 105 ـ 104: 304اإلسالمي، عالم المعرفة، العدد )( مفتي مصر األسبق. 432 إتالفها أو البيئــة، تلــويث في الشــرع حكم ما: الناس من عدد يسأل: هو )( والسؤال433

خيرا. الله وجزاكم عليها؟ المحافظة وعدمــني وجــدت حــديثا نبويــا يفيــد نفس المعــنى، وهــو:434 )( ما ورد هو اقتبــاس عنــه، ولكن اإليمــان أربعــة وســتون بابــا، أعالهــا قــول: ال إلــه إال اللــه، وأدناهــا إماطــة األذى عن»

، بيروت ـ لبنان، دار صادر(. 379: 2. )راجع: مسند أحمد بن حنبل «الطريق)( إسالم أون الين ـ نت ـ اسألوا أهل الذكر ـ، موقف اإلسالم من تلويث البيئة. 435ــع:436 )( لكن الحظ بعض المراقبين أن هذا التحريم لم يشمل إنتاج هذه األسلحة. )راج

م، وجريـدة النهـار، العـدد13/9/2004مجلة الشـرق األوســط، العـدد الصــادر بتـاريخ: م(.13/9/2004الصادر بتاريخ:

ــبرادعي9/11/2004)( مجلة الحياة، العدد الصادر بتاريخ: 437 ــوان: ال م، مقالة تحت عن يأمل بتعهد واضح يعيد تعزيــز الثقــة الدوليــة بطهــران ـــ تســريب تفاصــيل عن االتفــاق

النووي اإليراني: تعليق للتخصيب مقابل مساعدات تكنولوجية. م.13/4/2005)( مجلة الحياة، العدد الصادر بتاريخ: 438م.22/9/2005)( جريدة البلد اللبنانية، العدد الصادر بتاريخ: 439ــاريخ:440 ــران بت ــاه في طه ــذي ألق ــه ال ــامنئي، في خطاب ــيد الخ ــتبق الس ــد اس )( وق

م، كلمة الرئيس األميركي بــاراك أوبامــا، الــتي ألقاهــا في القــاهرة، وتوجه4/6/2009 م،5/6/2009عبرها إلى العالم اإلسالمي. )راجع: جريدة السفير، العدد الصادر بتاريخ:

ــة»مقالة تحت عنوان: خامنئي: الشعارات ال تعوض المسلمين: لو دفعوا لنا ثمن القنبل ونلفت إلى أن جريدة السفير هي جريدة عربية تصدر من لبنان، يومية .«فإننا ال نريدها

باستثناء األحد، وتتناول مختلف األحداث السياسية، واالقتصادية، والثقافية، ســواء علىالمستوى العربي أو العالمي.

)( وهي مدمرة جديدة، مــزودة بصــواريخ بعيــدة المــدى، ورادارات حديثــة، وقــدرات441 طن. وأوضــحت مصــادر عســكرية إيرانيــة أن1400حربيــة الكترونيــة، وتــزن حــوالي

ــا من «جمران» شخصــا،140 إلى 120 مدمرة متعددة المهام، ويمكنها أن تقل طاقمــدات، إلى جانب أنواع عدة من الصواريخ المضادة للسفن، وصواريخ أرض جو، وطوربيــور، ومدفعيات بحرية حديثة، كما أنها مجهزة بجسر للمروحيات. راجع: موقع إذاعــة الن

www.alnour.com.lb/newsdetails.php?id=8187 م، 20/2/2010بتاريخ: ــ الموافق5/3/1431)( راجع: موقع قناة الجزيرة على اإلنترنت، بتاريخ: الجمعة 442 هـ ـ

م: 19/2/2010www.aljazeera.net/NR/exeres/19A57FBC 38ـ B1 4ـ C76 8ـ D6D 1ـ F5174CACD5F.htm

:2010 ـ 2 ـ 19)( راجع: موقع جريدة الوسط على اإلنترنت، بتاريخ: 443www.el ـ wasat.com/details.php?id=55576676

جل هــذا444 )( راجع: نداء السيد الخامنئي للمؤتمر الدولي لنـزع السالح النووي. وقد ســ م، وهــو ذو أهميــة بالغــة،23/4/2010 بتاريخ: المتحدة، األمم في رسمية كوثيقة النداء

وال سيما أنه صدر من مرجع ديني شــيعي، وقائــد الثــورة اإلســالمية في إيــران، الــولير فقط عن وجهة نظر، بل عن رؤية وعقيــدة أسســت الفقيه في هذا الزمن، وأنه ال يعبزت بنظامهــا السياســي عن األنظمــة لنظــام الجمهوريــة اإلســالمية اإليرانيــة، الــتي تمي السياسية األخرى المعاصرة، فال هو نظام رئاسي، وال هو نظــام شــبه رئاســي، وال هــو

نظام برلماني، وال هو نظام ملكي يتوارث.)( األمين العام لحزب الله، وقائد المقاومة اإلسالمية في لبنان. 445 )( تصريح لسماحته في خطاب ألقاه بمناسبة إحياء يوم القدس العالمي، في الجمعة446

م. 18/9/2009هـ، الموافق في 1430األخيرة من شهر رمضان المبارك، للعام )( كان السم يستخدم في الحروب القديمة؛ وذلــك إمــا عن طريـق إلقائـه في ميــاه447

األعداء، أو على ثمارهم، أو مخازن الطعام لديهم، وذلك بأسلوب خفي.ح ســماحته في خطابــه، الــذي ألقــاه بمناســبة إحيــاء يــوم الشــهيد، في448 )( صــر

م. راجع: 11/11/2009www.moqavemat.ir/?lang=ar&state=showbody_news&row_id=56013

.123: 3)( الحدائق الناضرة 449 )( وقياس األولوية هــو مــا كــان اقتضــاء الجــامع فيــه للحكم بــالفرع أقــوى منــه في450

األصل. ومثاله: ما ورد في الكتاب من النهي عن التأفف من الوالدين، القاضي بتحريم ضــربهما، وتوجيــه اإلهانــة إليهمــا. راجــع: محمــد تقي الحكيم، األصــول العامــة للفقــه

، بــيروت ـــ لبنــان، المؤسســة الدوليــة للدراســات والنشــر،4، ط303 ـ 302المقارن: م.2001هـ ـ 1422

م»، و«صل»، و«اذهب»، نحو «افعل»)( فهي كصيغة 451 ، تـؤدي مؤداهـا«جاهد»، و«صـفي الداللة على الطلب والبعث.

،288 ـ 287)( محمد باقر الصدر، دروس في علم األصول ـ مــع المعــالم الجديــدة: 452م.1989هـ ـ 1410، لبنان ـ بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1طان األندلســي، تفســير البحــر المحيــط: 453 ، تحقيــق: الشــيخ عــادل509 ـ 506)( أبو حي

، لبنــان ـــ بــيروت، دار الكتب1أحمــد عبــد الموجــود والشــيخ علي محمــد معــوض، طم.2001هـ ـ 1422العلمية،

)( راجع موقعه على اإلنترنت:454www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=7387&version=1&template_id=119&parent_id=13#_ftn2

الليلة الــتي ألقاهــا في م، وكلمته21/12/2009)( راجع: موقع قنــاة المنــار بتــاريخ: 455ــالي من الخامسة ــرم لي ــرام، مح ــيد مجمع في الح ــهداء، س ــاحية في الش ــيروت ض ب

الجنوبية: www.almanar.com.lb/NewsSite/NewsDetails.aspx?id=116350&********=ar

، إيــران ـــ قم، دار الحــديث1، ط1339:ــ 2 محمــد الريشــهري، مــيزان الحكمــة )(456هـ.1416للطباعة والنشر،

ــ 457 ــل قوله)( ــام. ومث ــذي ال ين ــام لم ينم عنه»: ×واألرق: ال ــع: ابن أبي«من ن . )راج ، تحقيق: محمد أبــو الفضــل إبــراهيم،2، ط226 ـ 225:ــ 17الحديد، شرح نهج البالغة

هـ(.1387م ـ 1965قم ـ إيران، دار إحياء الكتب العربية، )( أحد مراجع التقليد الشيعة في النجف األشرف. 458

ذو الحجــة21)( اســتفتاء أرســل إلى ســماحته من لبنــان إلى العــراق، بتــاريخ: 459هـ.1428 محرم 13هـ، وقد أجاب عليه بتاريخ: 1428

)( أحد الفقهاء الشيعة البارزين في مدينة قم المقدسة، في إيران. 460ــه،گرامي)( فتوى للشيخ 461 ــد البحث في مكتب ، أطلقها في مقابلة علمية أجراها معه مع

م.14/1/2008في مدينة قم المقدسة، بتاريخ القاهرة ـ خاص ـ إســالم أون الين ـــ نت،«واجب»)( فتوى: امتالك األسلحة النووية 462

م. 23/12/2002ة المعاصــرين، ورئيس االتحــاد العــالمي لعلمــاء المســلمين،463 ن )( من علماء أهــل الســ

ورئيس المركز األوروبي للبحوث واإلفتاء. راجع: موقع القرضاوي على اإلنترنت: )(464

www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=7287&version=1&template_id=119&parent_id=13. )( أستاذ الفقه، وأصوله، في الجامعة األردنية. 465)( نقال عن موقع إسالم أون الين ـ نت. 466

ة البارزين في سوريا. 467 ن )( من كبار فقهاء الس )( ورد ذلك في رد على سؤال وجهه إليه معد الرســالة، حـول جـواز أو حرمــة صــنع468

ــدائي، واستعمال أسلحة الدمار الشامل ضد األعداء، في حالتي الجهاد الدفاعي أو االبت أخالقيــات،»وذلك ضــمن أعمــال المــؤتمر الــدائم للمقاومــة، وفي نــدوة تحت عنــوان:

ة ن ــرآن، والســ ــاد في الق ــاء «وآداب، الجه ــاريخ: الثالث ــة16/12/2008، بت م، في القاع الثقافية لمعهد المعارف الحكمية، في بــيروت، حــارة حريــك، الشــارع العــريض، ســنتر

صولي. ـ316)( محمد سعيد البوطي، الجهاد في اإلسالم: كيــف نفهمـه؟ وكيــف نمارســه؟: 469

م.1997، دمشق ـ سوريا، دار الفكر، 2، ط317.231)( المرجع السابق: 470

)( أستاذ القانون الدولي العام في كلية الحقوق في جامعة القاهرة. 471)( إسالم أون الين ـ نت ـ اسألوا أهل الذكر. 472ة في السعودية، له رسالة في حكم استخدام أســلحة الــدمار473 ن )( من كبار فقهاء الس

هـ، ونشرها على اإلنترنت. 1424في شهر ربيع األول الشامل ضد الكفار، كتبها474() www.e ـ prism.org.

)( محمد رضــا المظفر، أصــول الفقــه ـــ في مبــاحث األلفــاظ، والمالزمــات العقليــة،475 ، تحقيــق: عبــاس علي الــزارعي276 ـ 275ومبــاحث الحجــة، واألصــول العمليــة:

هـ.ش.1380، إيران ـ قم، مؤسسة بوستان كتاب، 6السبزواري، ط.299 ـ 297)( المرجع السابق: 476، مكتبة االستقامة، مسقط، سلطنة عمان. 17الربيع بن حبيب األزدي، المسند: )( 477 ، دار المعرفة،6ـ: 1أبو عبد الله الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين )ـ( 478

ــ 5بيروت. وراجع: أبو عيسى الترمذي، الجامع الصحيح، سنن الترمذي ــاء41: ، دار إحي ، الطبعــة272التراث العربي، بــيروت؛ ويوســف القرضــاوي، تاريخنــا المفــترى عليــه:

، دار الشروق، القاهرة. 2006الثانية، ؛ عبــد اللــه بن حميــد الســالمي، شــرح الجــامع3مسند الربيع، تنبيهات السالمي: )(ــ 479

، الطبعة الثالثة. 67: 1الصحيح ، الشبكة اإلسالمية، اإلنترنت. 345: 3ابن تيمية الحراني، مجموع الفتاوى )( 480

ــ 481 ــات )( ــحاق الشــاطبي، الموافق ــو إس ــ 4أب ــة، 452: ــة الرابع م، دار1999، الطبعالمعرفة، بيروت.

)الهامش(، صححه وعلق عليه:611أبو جعفر محمد بن علي الصدوق، الخصال: )ـ( 482هـ، طهران. 1389علي أكبر الغفاري،

،358: 1؛ وكذا 1492، ح480: 3 ناصر الدين األلباني، سلسلة األحاديث الصحيحة )(483 ،260شــرح العقيــدة الطحاويــة: : ، موقع األلبــاني، الشــبكة المعلوماتيــة. وراجع204ح

ج أحاديثــه: ناصــر الــدين األلبــاني، الطبعــة الثامنــة، 383،ــ 261 م، المكتب1984، خــراإلسالمي، بيروت.

، دار الفكر العربي. 11محمد أبو زهرة، تاريخ المذاهب اإلسالمية: )( 484 ،11محمد سعيد رمضان البــوطي، الســلفية مرحلــة مباركــة ال مــذهب إســالمي: )(ــ 485

، دار الفكر، دمشق. 1988الطبعة األولى، سليم بن عيــد الهاللي، بشــارة المشــتاق بصــحة حــديث االفــتراق، األردن، موقــع)(ــ 486

النصيحة اإلسالمية. ، موقع علم اإلسالم، اإلنترنت. |مالك وهبي، التكفير وحديث افتراق أمة الرسول)( 487

، مركز التراث. 32محمد يحيى عزان، حديث افتراق األمة تحت المجهر: )( 488 ، مؤسســة الوفــاء، الطبعــة الثانيــة،20:ــ 28محمد باقر المجلسي، بحــار األنــوار )(ــ 489

م. 1983 م، دار1981، الطبعة الثامنة، 221أبو القاسم الخوئي، البيان في تفسير القرآن: )ـ( 490

الزهراء، بيروت. ــ 491 ــد،7عبد القاهر البغدادي، الفرق بين الفرق: )( )الهامش(، حققه: محمد عبد الحمي

دار المعرفة، بيروت. ، دار المعرفــة، بــيروت،248:ــ 3ابن حزم الظاهري، الفصــل في الملــل والنحــل )(ــ 492

، دار اآلفاق الجديــدة،25:ــ 8؛ وأيضا: اإلحكام في أصول األحكام 1975الطبعة الثانية، ، دار اآلفاق الجديدة، بيروت. 62: 1؛ وكذا المحلى 1983بيروت، الطبعة الثانية،

ــ 493 ــه الحــذاق ببطالن حــديث االفــتراق، موقعــه على)( حســن بن علي الســقاف، تنبي. 635 ـ 630اإلنترنت؛ وكذا كتابه صحيح شرح العقيدة الطحاوية:

هـــ، مطبعــة الخيــام،1410، الطبعــة األولى، 23:ــ 1السبحاني، بحوث في الملل )(ــ 494إيران.

، دار2006، الطبعــة الثانيــة، 273يوســف القرضــاوي، تاريخنــا المفــترى عليــه: )(ــ 495الشروق، القاهرة.

؛ حسين أحمد الخشن، العقل اإلسالمي24ـ: 1جعفر السبحاني، بحوث في الملل )ـ( 496، بيروت. 2005، دار القماطي، 71بين سياط التكفير وسبات التفكير:

صائب عبد الحميد، الوحدة اإلسالمية والمسار األحــدب، مجلــة رســالة التقــريب،)(ــ 497، مجمع التقريب، طهران. 7العدد

. 9محمد يحيى عزان، حديث افتراق األمة: )( 498. 14المصدر السابق: )( 499. |مالك وهبي، التكفير وحديث افتراق أمة الرسول)( 500 ، الطبعــة الثالثــة،117 ـ 116:ــ 17أبــو القاســم الخــوئي، معجم رجــال الحــديث )(ــ 501

م، دار الزهراء، بيروت. 1983 )الهامش(. 611؛ الخصال: 64: 14، 322: 4 المصدر السابق )(502 ، الطبعــة األولى، مؤسســة األعلمي،323أبــو جعفــر الصــدوق، معــاني األخبــار: )(ــ 503

. 1990بيروت، . 17محمد عزان، حديث افتراق األمة: )( 504. 71حسين أحمد الخشن، العقل اإلسالمي بين سياط التكفير وسبات التفكير: )( 505. |مالك وهبي، التكفير وحديث افتراق أمة الرسول)( 506

، دار األضواء، بيروت. 139محمد بن علي ابن شهرآشوب، معالم العلماء: )( 507. 134: 8أبو القاسم الخوئي، معجم رجال الحديث )( 508. 141: 21المصدر السابق )( 509. 130: 14المصدر السابق )( 510. 141: 21المصدر السابق )( 511. 103: 20المصدر السابق )( 512 ، الطبعــة األولى،32 ـ 31،ــ 28خميس بن راشد العدوي، رواية الفرقــة الناجيــة: )(ــ 513

، مكتبة الغبيراء، سلطنة عمان. 2009 ، الطبعـة الثانيـة،244،ـ 241محمد تقي الحكيم، األصول العامة للفقه المقـارن: )(ـ 514

، دار األندلس، بيروت. 1979 ، دار صعب1401، الطبعة الرابعة، 69ـ: 1أبو جعفر الكليني، األصول من الكافي )ـ( 515

ودار التعارف، بيروت. هـــ،1404، الطبعــة الثانيــة، ســنة 1، ج229محمد باقر المجلسي، مرآة العقول: )(ــ 516

دارالكتب االسالمية، طهران. محمود الهاشمي، تعارض األدلة الشرعية، تقريرا لبحث السيد محمد باقر الصدر:)ـ( 517

، دار الكتاب اللبناني، بيروت. 1975، الطبعة األولى، 315. 17الربيع بن حبيب، المسند: )( 518 ؛ منير الخباز، الرافد في األصول،251محمود الهاشمي، تعارض األدلة الشرعية: )ـ( 519

. 11تقريرا لبحث السيد السيستاني: ، بـيروت؛ وكـذا1999، دار المعرفـة، 402:ـ 4 أبو إسحاق الشـاطبي، الموافقـات )(520

، دار البحــوث1979، الطبعــة األولى، 251سالم البهنســاوي، الســنة المفــترى عليهــا: العلمية، الكويت.

النبوية بينمحمد ؛ وكذا:404ـ: 4ـ، 17ـ: 3 الشاطبي، الموافقات )(521 الغزالي، السنة ، دار الشــروق، القــاهرة؛1989، الطبعــة الرابعــة، 22،ــ 16أهل الفقه وأهل الحــديث:

، دار الشروق. 2002، 113القرضاوي، كيف نتعامل مع السنة النبوية: ؛ وكذا السقاف، تنبيه الحذاق. 273القرضاوي، تاريخنا: )( 522

المصدر نفسه. )( 523. |مالك وهبي، التكفير وحديث افتراق أمة الرسول)( 524 ، انتشــارات مرتضــوي،405:ــ 1المقداد السيوري، كنـز العرفان في فقه القرآن )(ــ 525

، طهران. وراجع الوجوه األخرى التي ذكرت في هذا الصــدد، ومناقشــتها: حيــدر1373. 2011، الطبعة األولى، 71حب الله، فقه األمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

ــ 526 ، بيت األفكــار7280، ح1388محمــد بن إســماعيل البخــاري، صــحيح البخــاري: )(. 1989الدولية،

. 1998، بيت األفكار الدولية، 14، ح39مسلم بن حجاج، صحيح مسلم: )( 527 حسن السقاف، تنبيه الحذاق؛ يحيى محمد عزان، حديث االفــتراق تحت المجهــر:)(ــ 528

11 .، دار المعرفة، بيروت. 13: 1عبد الكريم الشهرستاني، الملل والنحل )( 529 محمد عابد الجابري، الفرقــة الناجيــة وثقافــة الفتنــة، منتــديات المغــرب العـربي،)(ــ 530

اإلنترنت. ، دار المالك، بيروت. 191محمد حسين فضل الله، اتجاهات وأعالم: )( 531السقاف، تنبيه الحذاق. )( 532. جعفر السبحاني، بحوث في الملل والنحل)( 533. |مالك وهبي، التكفير وحديث افتراق أمة الرسول)( 534. 82، 56خميس بن راشد العدوي، رواية الفرقة الناجية: )( 535ــ 536 ــر)( ــريم، محاضــرات الشــيخ جعف ــرآن الك ــوة في الق ــالم النب ــادي، مع ــر اله جعف

، دار األضواء، بــيروت؛ أحمــد بن1984، الطبعة الثانية، 461،ــ 447،ــ 436السبحاني: ، مكتبة االستقامة، روي،1984، الطبعة األولى، 118: 1حمد الخليلي، جواهر التفسير

سلطنة عمان. . 272القرضاوي، تاريخنا: )( 537

عبد الكريم الشيرازي، الوحدة اإلسالمية، مقالة التقــريب بين المــذاهب ودراســة)(ــ 538ــعيدي: ــال الصـ ــد المتعـ ــد، عبـ ــة األعلمي، 88علم التوحيـ ــيروت؛1992، مؤسسـ ، بـ

. 204، ح358: 1؛ ناصر األلباني، السلسلة الصحيحة 373القرضاوي، تاريخنا: ؛ وكــذا يحــيى عــزان، حــديث204، ح358:ــ 1ناصر األلباني، السلسلة الصحيحة )(ــ 539

.8االفتراق: ، دار الكتــاب اللبنــاني،100عبــد الحليم محمــود، التفكــير الفلســفي اإلســالمي: )(ــ 540

ــة27؛ وكذا عبد الحسين شرف الدين، الفصول المهمة في تأليف األمة: 1982 ، الطبع السادسة، دار النعمان، النجف. وإسماعيل بن محمد العجلــوني، كشــف الخفــا ومزيــل

، المكتبــة اإلســالمية،644اإللبــاس عمــا اشــتهر من األحــاديث على ألســنة النــاس، حاإلنترنت.

. 1001العجلوني، ح)( 541، اإلنترنت. 1035ناصر الدين األلباني، سلسلة األحاديث الضعيفة، ح)( 542 عبد الكــريم الشــيرازي، الوحــدة اإلســالمية، مقالــة التقــريب بين المــذاهب، عبــد)(ــ 543

. 25: 1. وراجع: السبحاني، بحوث في الملل والنحل 88المتعال الصعيدي: ، دار1985، الطبعة الثالثة عشــرة، 56محمود شلتوت، اإلسالم عقيدة وشريعة: )(ــ 544

الشروق، القاهرة. ، دار العلم1981، الطبعــة الثالثــة، 30:ــ 2محمد جواد مغنية، التفســير الكاشــف )(ــ 545

للماليين، بيروت. ،2000، الطبعــة األولى، 71،ــ 68محمد الحسيني، مطارحات في قضايا قرآنيــة: )(ــ 546

دار المالك، بيروت. ، دار المعرفة، الطبعة األولى،84ـ: 5الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان )ـ( 547

، بيروت. 1986 ، دار القلم، الطبعــة الثانيــة،174محمد جواد مغنية، معــالم الفلســفة اإلســالمية: )(ــ 548

، بيروت. 1973 ، بيروت؛ الحسن1985، دار الوحدة، 354محمد عمارة، تيارات الفكر اإلسالمي: )ـ( 549

.1984، دار األضواء، بيروت، الطبعة الثانية، 17بن موسى النوبختي، فرق الشيعة: ، الطبعــة الثالثــة، دار الوفــاء، موقــع350:ــ 3ابن تيمية الحراني، مجموع الفتاوى )(ــ 550

مشكاة، اإلنترنت. . 98عبد الحليم محمود، التفكير الفلسفي في اإلسالم: )( 551

. 67: 1عبد الله بن حميد السالمي، شرح الجامع الصحيح )( 552 ، دار الكتب العلمية، بيروت،75فخر الدين الرازي، اعتقادات المسلمين والكفار: )ـ( 553

اإلنترنت. ، دار7محمد محي الدين عبــد الحميــد، الفــرق بين الفــرق، للبغــدادي، المقدمــة: )(ــ 554

المعرفة، بيروت. . 422: 2؛ مسند أحمد بن حنبل 124: 3؛ صحيح مسلم 229: 2)( صحيح البخاري 555، وما بعدها. 25)( انظر: العجيري، دورة الهالل: 556، وما بعدها. 628: 3)( انظر: اليزدي، العروة الوثقى 557

، وما بعدها. 278: 1)( انظر: الخوئي، منهاج الصالحين 558، وما بعدها. 346: 1)( انظر: محمد سعيد الحكيم، منهاج الصالحين 559، وما بعدها. 417: 1)( انظر: الفياض، منهاج الصالحين 560، وما بعدها. 501)( انظر: الصدر، الفتاوى الواضحة: 561 من أبواب أحكام شــهر رمضــان،3، باب 252:ــ 10)( الحر العاملي، وسائل الشيعة 562. 7، ح254، وانظر: 1ح

)( انظر: الشــيخ محمــد جــواد اللنكــراني، مقـال )اعتبــار األجهـزة الحديثــة في رؤيــة563الهالل(.

)( المصدر السابق؛ حيث جعل ذلك خير شاهد علی صحة هذا االحتمال. 564. 422: 2؛ مسند أحمد بن حنبل 124: 3: ؛ صحيح مسلم 2)( صحيح البخاري 565. 63: 2؛ مسند أحمد بن حنبل 122: 3؛ صحيح مسلم 229: 2)( صحيح البخاري 566. 2 من أبواب أحكام شهر رمضان، ح3، باب 252: 10)( وسائل الشيعة 567. 6 من أبواب أحكام شهر رمضان، ح3، باب 253: 10)( وسائل الشيعة 568. 11 من أبواب أحكام شهر رمضان، ح3، باب 255: 10)( وسائل الشيعة 569 ، وانظـر:1 من أبـواب أحكــام شـهر رمضـان، ح3، باب 252:ـ 10)( وسائل الشيعة 570

. 7، ح254. 16 من أبواب أحكام شهر رمضان، ح3، باب 256: 10)( وسائل الشيعة 571

حــدة ^أقول: إنه يتضح لكل من يالحظ األحاديث المنقولة عن أئمة أهــل الــبيت أنهــا مت ، وليست هي أحاديث أخری من حيث المضمون، مع التنبيه علی|مع المنقول عن النبي

أمرين، وهما: ثمة بعض االختالفات اليسيرة في بعض األلفاظ. : األولنفي الطرق غير العلمية. : الثاني

وعليه يتضح أنه ال ضرورة لحصر البحث في اإلطــار المــذهبي، بــل يمكن طــرح البحثــة المــذاهب اإلســالمية؛ نظــرا لوفــاء النص القــرآني في أفــق أرحب ينســجم مــع كاف

والحديث النبوي بعملية االستدالل. . 702: 11)( لسان العرب 572. 11 من أبواب أحكام شهر رمضان، ح3، باب 255: 10)( وسائل الشيعة 573 ؛ مسـند الشـافعي:76، ح85:ـ 3، وانظـر: 8، ح198:ـ 1)( اإلحسائي، عوالي الآللي 574

. 345: 2؛ البيهقي، السنن الكبرى 55. 16 من أبواب أحكام شهر رمضان، ح3، باب 256: 10)( وسائل الشيعة 575.151: 1 ×)( علي بن بابويه، فقه الرضا576.47: 3)( رسائل الشريف المرتضى 577.146)( المرتضى، االنتصار: 578 ، من كتاب الجوامع الفقهيــة، قم، منشــورات10)( محمد بن علي بن بابويه، المقنع: 579

مكتبة السيد المرعشي النجفي..52)( المصدر السابق: 580، قم، انتشارات قدس محمدي.122)( الطوسي، النهاية في مجرد الفقه والفتوى: 581.116: 1)( الحلبي، الكافي 582، من كتاب الجوامع الفقهية.572)( سالر، المراسم: 583، قم، دار الكتب العلمية.712)( ابن حمزة، الوسيلة: 584.495)( الجوامع الفقهية: 585، قم، مؤسسة النشر اإلسالمي.138: 1)( ابن إدريس، السرائر 586، المكتبة العلمية اإلسالمية، طهران.39)( المحقق الحلي، شرائع اإلسالم: 587، بيروت، دار إحياء التراث العربي.497: 3)( محمد جواد العاملي، مفتاح الكرامة 588، قم، مجمع الذخائر اإلسالمية.251)( المحقق الحلي، المعتبر في شرح المختصر: 589.250)( المصدر السابق: 590، قم، بصيرتي.257)( الشهيد األول، ذكرى الشيعة: 591، الطبعة الحجرية.383)( الشهيد الثاني، روض الجنان في شرح األذهان: 592

^، قم، مؤسسة آل البيت430ـ: 4)( محمد علي الموسوي العاملي، مدارك األحكام 593إلحياء التراث.

.433: 4)( المصدر السابق 594، طهران، المكتبة العلمية اإلسالمية.298: 11)( يوسف البحراني، الحدائق الناضرة 595.305: 11)( المصدر السابق 596.305 ـ 303: 11)( المصدر السابق 597 ، قم،366:ـ 3)( أحمد األردبيلي، مجمع الفائدة والبرهـان في شـرح إرشـاد األذهـان 598

مؤسسة النشر اإلسالمي. ، طهــران، المكتبــة العلميــة194 ـ 193:ــ 14)( محمد حسن النجفي، جــواهر الكالم 599

اإلسالمية..196 ـ 195: 14)( المصدر السابق 600 ، إصــفهان،271)( جعفر كاشف الغطاء، كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء: 601

انتشارات مهدوي. ،112:ــ 2)( محمد كاظم الطباطبائي، العــروة الــوثقى )مــع تعليقــات أعالم العصــر( 602

طهران، المكتبة العلمية اإلسالمية.)( المصدر نفسه.603 ؛ حســين علي504:ــ 8)( محســن الطباطبــائي الحكيم، مستمســك العــروة الــوثقى 604

المنتظري النجف آبادي، الدر الزاهر في صــالة الجمعــة والمســافر )تقريــرا لمــا أفــاده.67السيد البروجردي(:

ــنة: 605 ــاب والس ــاء بين الكت ــرة الفقه ــراني، تبص ــادقي الطه ــد الص ، قم،189)( محمإسماعيليان.

)( أي صورة عدم مضي مسيرة يــوم وإن بلغت ثمانيــة فراســخ؛ وصــورة عـدم بلــوغ606 ثمانية فراسخ وإن مضى يوم من سفره؛ وصورة عدم مضي مسيرة يوم وعدم بلوغــه

ثمانية فراسخ..5 ـ 4: 8)( محسن الطباطبائي الحكيم، مستمسك العروة الوثقى 607.5: 8)( المصدر السابق 608 :8)( مرتضى البروجردي، مستند العروة الوثقى )تقريرا لمحاضرات السيد الخوئي( 609

10. ، بيروت،473 ـ 472ـ: 1)( عبدالرحمن الجزيري، كتاب الفقه على المذاهب األربعة 610

دار إحياء التراث العربي.ــ 2)( موفق الدين ابن قدامة، المغني والشرح الكبير 611 ــاب91 ـ 90: ، بيروت، دار الكت

العربي..494: 5)( الحر العاملي، وسائل الشيعة 612.492: 5)( المصدر السابق 613.493: 5)( المصدر السابق 614)( المصدر نفسه.615)( المصدر نفسه.616.492: 5)( المصدر السابق 617.17، نقال عن المقنع: 502: 5)(المصدر السابق 618)( المصدر نفسه.619.491: 5)( المصدر السابق 620)( المصدر نفسه.621 )( المسألة المعنونة في أكثر الكتب األصولية، فراجع مثال: اآلخوند الخراساني، كفاية622

إلحياء التراث.^، قم، مؤسسة آل البيت201األصول: ــه ليس623 )( هــذا المثــال وإن اشــتهر في كتب األصــول مصــداقا للبحث المــذكور، ولكن

بمصداق واقعي لمسألة تعدد الشرط واتحاد الجــزاء، والبحث موكــول إلى محلــه. ولــو مثلنا بــه ال نريــد إال اإلشــارة إلى الكــبرى المشــهورة عنــد األصــوليين. )راجــع: مســتند

(.201: 8العروة الوثقى

.492: 5)( وسائل الشيعة 624)( المصدر نفسه.625.492 ـ 490: 5)( المصدر السابق 626)( المصدر نفسه.627.496: 5)( المصدر السابق 628: صحيحة أبي أيوب وصحيحة أبي بصير.492: 5)( المصدر السابق 629 ، بيروت، دار إحياء الــتراث497:ــ 3)( محمد جواد الحسيني العاملي، مفتاح الكرامة 630

العربي..195: 14)( محمد حسن النجفي، جواهر الكالم 631.196: 14)( المصدر السابق 632.201 ـ 195: 14)( المصدر السابق 633.383)( الشهيد الثاني، روض الجنان في شرح إرشاد األذهان: 634.430: 4)( محمد علي الموسوي العاملي، مدارك األحكام 635، بيروت، دار إحياء التراث العربي.236: 13)( ابن منظور، لسان العرب 636)( راجع اإلشكاالت المطروحة على أدلة االحتمال الرابع في هذا المكتوب.637.492: 5)( وسائل الشيعة 638)( المصدر نفسه.639.493: 5)( المصدر السابق 640)( المصدر نفسه.641.496: 5)( المصدر السابق 642 . وال يخفى أن ما نقلــه صــاحب الوســائل يختلــف391 ـ 390:ــ 5)( المصدر السابق 643

ــة ــه: ألن ثماني ــل ل ــا وجب... قي ــون، ففيهمــا: إن قــال: إنم ــل والعي ــا في العل قليال عم(.113: 2 ×؛ وعيون أخبار الرضا266فراسخ... )انظر: علل الشرائع:

.493، 491: 5)( وسائل الشيعة 644 )( ما وجدت الرواية في التهذيب؛ حتى أصــحح المتن، وأفهم أيهمــا أصــح، األثقــال أو645

األميال. وإن كانت األولى أولى..493، 491: 5)( وسائل الشيعة 646.436: 1؛ من ال يحضره الفقيه 113: 2 ×؛ عيون أخبار الرضا266)( علل الشرائع: 647.291: 13)( أبو القاسم الخوئي، معجم رجال الحديث 648.96 ـ 92: 6)( الكليني، الكافي 649 ،246ـ، 213ـ، 208ـ، 201ـ، 165ـ، 159ـ، 124ـ، 97ـ، 55ـ، 29)( انظر: رجال الكشي: 650

274 ،416 ،475 ،477 ،507 ،534 ،535 ،539 ،546..127: 2 ×)( عيون أخبار الرضا651.127: 13)( معجم رجال الحديث 652.233: 2)( انظر: المامقاني، تنقيح المقال في علم الرجال 653.199: 14)( جواهر الكالم 654ــاض المســائل 655 ــائي، ري ــ 1)( علي الطباطب ــبيت248: ــاء^، قم، مؤسســة آل ال إلحي

التراث.، قم، إسماعيليان.575: 1)( أحمد الخوانساري، جامع المدارك 656)( سألته عنه قبل أيام من كتابة هذه السطور في قم المقدسة.657، قم، جماعة المدرسين.119: 1)( انظر: مرتضى األنصاري، فوائد األصول 658.496: 5)( وسائل الشيعة 659ــبروجردي(: 660 ،96)( البدر الزاهر في صالة الجمعة والمسافر )تقريرا ألبحاث السيد ال

قم، دفتر تبليغات إسالمي.، قم، إسماعيليان.63: 5)( محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 661.185)( انظر: تبصرة الفقهاء: 662.499: 5)( وسائل الشيعة 663)( المصدر نفسه.664

.502: 5)( المصدر السابق 665.226؛ علل الشرائع: 113: 2 ×)( عيون أخبار الرضا666.257)( الشهيد األول، ذكرى الشيعة: 667.383)( الشهيد الثاني، روض الجنان في شرح إرشاد األذهان: 668.430: 4)( محمد علي الموسوي العاملي، مدارك األحكام 669.305 ـ 304: 11)( يوسف البحراني، الحدائق الناضرة 670.195: 14)( محمد حسن النجفي، جواهر الكالم 671.303: 11)( الحدائق الناضرة 672.194: 14)( جواهر الكالم 673 )( علي حب الله، دراسات في فلســفة أصــول الفقــه والشــريعة ونظريــة المقاصــد:674

م.2005، 1، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، ط513 )( محمد مهدي اآلصفي، صالحيات الحاكم وسلطاته، قضايا إسالمية معاصــرة، العـدد675م.1997، 208: 1

)( محمد باقر الصدر، صورة عن اقتصاد المجتمــع اإلســالمي، اإلســالم يقــود الحيــاة:676.هـ1403، طهران، 2، وزارة اإلرشاد اإلسالمي، ط47

)( محمد حسن األمين، منطقة الفراغ...، بين الملء وســلطة الســائد، مجلــة الــوعي677م.2000، 98: 2المعاصر، العدد

.47)( محمد باقر الصدر، اإلسالم يقود الحياة: 678 ، الغــدير551 ـ 550:ــ 2)( عبــد الهــادي الفضــلي، دروس في أصــول فقــه اإلماميــة 679

م.2006، 2للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ط ، إعــداد: محمــد الحســيني، الغــدير للطباعــة66)( مصطفى البغا، االجتهــاد والحيــاة: 680

م. 1996، 1والنشر والتوزيع، طــ 2)( تفسير ابن كثير 681 ، تحقيق: يوسف عبد الرحمن المرعشــلي، دار المعرفــة304:

م.1992للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ، إعداد: محمد الحســيني، الغــدير17)( محمد مهدي شمس الدين، االجتهاد والحياة: 682

م.1996، 1للطباعة والنشر والتوزيع، ط، دار صادر، بيروت.50: 2)( تاريخ اليعقوبي 683.55: 2)( المصدر السابق 684 ، دار الكتب اإلســالمية،246:ــ 6)( محمــد بن يعقــوب الكليــني، الفــروع من الكــافي 685

هـ.ش.1367، 3طهران، ط ، مؤسســة119:ــ 24)( الحر العاملي، وسائل الشيعة إلى تحصيل مســائل الشــريعة 686

هـ. 1414، 2 إلحياء التراث، قم المقدسة، ط^آل البيت ، باب غــزوة خيــبر، دار الفكــر للطباعــة والنشــر والتوزيــع،79:ــ 5)( صحيح البخاري 687

، باب تحريم أكل لحم الحمر اإلنسية، دار الفكر، بيروت.65: 6م؛ صحيح مسلم 1981.294: 5)( الكليني، الفروع من الكافي 688ســين في الحــوزة العلميــة،238:ــ 3)( الصدوق، من ال يحضره الفقيه 689 ، جماعة المدرهـ.1404، قم المقدسة، 2ط )( محمد مهدي شمس الدين، مجـال االجتهـاد ومناطـق الفـــراغ التشريعـــي، مجلـــة690

م.1996، تصدر عن مركز الغدير للدراسات اإلسالمية، 25: 3المنهـاج، العـدد .239: 6)( صحيح البخاري 691 ، شــرح: األســتاذ5:ـ 4( ×)( نهج البالغة )من كالم أمير المؤمنين علي بن أبي طــالب692

هـ.1412، 1محمد عبده، دار المعرفة، بيروت، طــريعة 693 ــائل الش ــيل مس ــيعة إلى تحص ــائل الش ــ 6)( وس ــاب 51: ــواب16، الب من أب

م. 1983، 5استحباب الزكاة في الخيل، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط.50)( محمد باقر الصدر، اإلسالم يقود الحياة: 694، دار إحياء التراث العربي.41: 6)( وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة 695.175: 5)( الكليني، الفروع من الكافي 696.226: 1)( الصدوق، من ال يحضره الفقيه 697

)( المصدر نفسه.698ــالم: 699 ــاد في اإلس ــري، االجته ــى مطه ــادق الخليلي،18)( مرتض ــر ص ــة: جعف ، ترجم

مؤسسة البعثة، طهران. ، المكتبــة المرتضــوية إلحيــاء آثــار271:ــ 3)( محمد بن الحسن الطوسي، المبسوط 700

الجعفرية.م. 1979، 11، دار التعارف للمطبوعات، ط445)( محمد باقر الصدر، اقتصادنا: 701.279: 5)( الكليني، الفروع من الكافي 702.725 ـ 724)( الصدر، اقتصادنا: 703.100: 3( ×)( نهج البالغة )من كالم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب704.728)( الصدر، اقتصادنا: 705، دار إحياء التراث العربي.394: 6)( وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة 706ــاب الخمس: 707 ــوثقى، كت ــو القاســم الخــوئي، مســتند العــروة ال ، المطبعــة203)( أب

هـ.ش. 1364العلمية، قم، ،2، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ط422 ـ 421ـ: 2)( سنن الترمذي 708

م.1983، دار الفكر، بيروت. 221: 8)( ابن حزم، المحلى 709.63)( الصدر، اإلسالم يقود الحياة: 710 إلحيــاء^، مؤسسة آل البيت266:ــ 9)( وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة 711

التراث. ، إعداد: محمــد الحســيني، الغــدير للطباعــة236)( كاظم الحائري، االجتهاد والحياة: 712

م.1996، 1والنشر والتوزيع، ط ، المنشــور ضــمن131)( محمــد بــاقر الصــدر، دور الدولــة في االقتصــاد اإلســالمي: 713

سلسلة اخترنا لك. ، دار النبــأ للنشــر332:ــ 1)( راجع مثال: الســيد علي الخــامنئي، أجوبــة االســتفتاءات 714

م. 1995، 1والتوزيع، الكويت، طــة فقــه715 )( محمود زماني، دور الزمان والمكان في االجتهاد لدى الشــهيد الصــدر، مجل

، دائرة المعارف اإلسالمية، إيران. 46، العدد ^أهل البيت ،552 ـ 551:ــ 2)( نقال عن: عبد الهادي الفضــلي، دروس في أصــول فقــه اإلماميــة 716

م. 2006، 2الغدير للطباعة، ط إلحيــاء^، مؤسسة آل البيت14:ــ 26)( وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة 717

التراث. م؛ وكــذا: علي حب اللــه،1999،ــ 84:ــ 8)( راجع: قضــايا إســالمية معاصــرة، العــدد 718

دراسات في فلسفة أصول الفقــه والشــريعة ونظريــة المقاصــد، دار الهــادي للطباعــةم.2005، 1والنشر والتوزيع، ط

، لجنــة تحقيــق تـراث الشـيخ األعظم465:ـ 2)( مرتضى األنصــاري، فرائـد األصـول 719هـ.1419، 1األنصاري، مجمع الفكر اإلسالمي، ط

^، مؤسســة آل الــبيت428:ــ 25)( وســائل الشــيعة إلى تحصــيل مســائل الشــريعة 720إلحياء التراث.

، دار الفكر، بيروت.151: 6)( البيهقي، السنن الكبرى 721 ، دار الكتب اإلســالمية،38:ــ 38؛ ونقله صــاحب الجــواهر 69:ــ 6)( المصدر السابق 722

هـ.ش.1362، 3طهران، ط، دار إحياء التراث العربي.342: 12)( وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة 723، دار إحياء التراث العربي. 450: 14)( وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة 724 ، دار المعرفــة للطباعــة والنشــر، بــيروت،32 ـ 31:ــ 10)( السرخســي، المبســوط 725

م.1986.27: 5)( الكليني، الفروع من الكافي 726.29: 5)( المصدر السابق 727 ، باب األسواق ودخولها، دار الفكر للطباعة والنشر751ـ: 2)( راجع: سنن ابن ماجة 728

والتوزيع؛ وســائل الشــيعة؛ جعفــر مرتضــى العــاملي، آداب التجــارة والســوق في ظــلالدولة اإلسالمية.

ــالب 729 ــاقب آل أبي ط ــوب، من ــ 3)( ابن شهرآش ــف519: ــة، النج ــة الحيدري ، المكتبم.1956األشرف،

، نقال عن: مجموعه آثــار كنكــره مبــاني فقهي100عميد الزنجاني، تحريم تنباكو: )(730 ، مؤسســه تنظيم ونشــر397:ــ 7حضرت إمام خميني )نقش زمان ومكان در اجتهــاد(

هـ.ش.1374آثار إمام خميني، )( محمد مهدي اآلصفي، صالحيات الحاكم وسلطاته، قضايا إسالمية معاصــرة، العـدد7311 :281.

، مؤسســه تنظيم ونشــر آثــار إمــام172)( روح الله الخميــني، الحكومــة اإلســالمية: 732م.1996، 1، ط&خميني

، المنشور ضمن:44: 8)( محمد باقر الصدر، أصول الدستور اإلسالمي، أساس رقم 733 شبلي مالط، تجديد الفقه اإلسالمي )محمــد بــاقر الصــدر بين النجــف وشــيعة العــالم(،

م.1998، 1ترجمة: غسان غصن، دار النهار للنشر، بيروت، ط ؛ وكــذا: المحقــق الحلي، شـرائع213:ـ 1)( مرتضــى األنصـاري، المكاســب الحرمــة 734

، منشورات األعلمي، طهران.21: 2اإلسالم ^، مؤسســة آل الــبيت431:ــ 17)( وســائل الشــيعة إلى تحصــيل مســائل الشــريعة 735

إلحياء التراث.ــة 736 ــاح الكرام ــاملي، مفت ــ 12)( محمــد جــواد الحســيني الع ، مؤسســة النشــر361:

هـ.1424، 1اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين، قم، ط ، مؤسسة النشر اإلسالمي التابعــة لجماعــة المدرســين،371:ــ 12)( مفتاح الكرامة 737

هـ.1424، 1قم، ط ^، مؤسســة آل الــبيت128:ــ 29)( وســائل الشــيعة إلى تحصــيل مســائل الشــريعة 738

إلحياء التراث.بات العصر، مجمع البحوث اإلسالمية، ط739 ،1)( راجع: مرتضى مطهري، اإلسالم ومتطل

.138: 10، في صحيفه نور &م. وبنفس هذا المعنى عن اإلمام الخميني1992بيروت، )( مجموعه آثار كنكره مبــاني فقهي حضــرت إمــام خميــني )نقش زمــان ومكــان در740

.293: 7اجتهاد( )( نقال عن: محمد رحماني، أحكــام حكومــتي وزمــان ومكــان، مجموعــه آثــار كنكــره741

.299: 7 )نقش زمان ومكان در اجتهاد( &مباني فقهي حضرت إمام خميني.70)( الصدر، اإلسالم يقود الحياة: 742 ،|، إصــدار معهــد الرســول األكــرم65:ــ 2)( كاتوزيان، كتاب الحياة الطيبة، تسلســل 743

م.2003، 1بيروت، ط )( علي حب الله، دراسات في فلســفة أصــول الفقــه والشــريعة ونظريــة المقاصــد:744

515..552: 2)( عبد الهادي الفضلي، دروس في أصول فقه اإلمامية 745.391)( الصدر، اقتصادنا: 746ــد: 747 ــدين، االجتهــاد والتجدي ــة87 ـ 86)( محمــد مهــدي شــمس ال ، المؤسســة الدولي

م.1996، 1للدراسات والنشر، ط.552: 2)( الفضلي، دروس في أصول فقه اإلمامية 748)( المصدر نفسه. 749

.20: 2)( راجع: ابن قدامة، المغني 750)( المصدر نفسه.751.13: 1)( الفقه على المذاهب األربعة 752)( المصدر نفسه.753.73: 1)( من ال يحضره الفقيه 754.218، نقال عن: المسائل الناصرية: 313: 1)( راجع: مختلف الشيعة 755.366: 5)( جواهر الكالم 756

.3631)( مستمسك العروة الوثقى: 757.31: 3)( تنقيح العروة 758.2، ح191؛ االستبصار: 29، ح225: 1)( تهذيب األحكام 759.3، ح19: 1؛ االستبصار 30، ح225: 1)( تهذيب األحكام 760.4، ح19: 1)( االستبصار 761.13، 10: 1)( راجع: الفقه على المذاهب األربعة 762.5، 4 من أبواب الماء المضاف، ح11)( راجع: وسائل الشيعة، الباب 763)( المصدر نفسه.764.3)( نفس الباب، ح765.45، 44، 43، 46، ح261: 1)( تهذيب األحكام 766)( المصدر نفسه. 767)( المصدر نفسه.768)( المصدر نفسه.769.29، 28، 27، ح225: 1)( تهذيب األحكام 770)( المصدر نفسه.771)( المصدر نفسه.772.97، 86: 9)( تهذيب األحكام 773.32، 226: 1)( تهذيب األحكام 774.12، ح553: 6)( الكافي 775

؛ منتظري، التعليقـة على العـروة الـوثقى:225:ـ 2انظر: اليزدي، العروة الوثقى )(ـ 776418.

.470: 8انظر: مستمسك العروة الوثقى )( 777.336: 1انظر: السيستاني، منهاج الصالحين )( 778.268: 1المبسوط )( 779.141الوسيلة: )( 780.181: 1شرائع اإلسالم )( 781.122: 6تذكرة الفقهاء )( 782.285 ـ 284: 1الدروس )( 783.52: 2مسالك األفهام )( 784.171: 6مدارك األحكام )( 785.122: 6تذكرة الفقهاء )( 786.273: 10مهذب األحكام )( 787.13346، ح254: 10الحر العاملي، وسائل الشيعة )( 788.13347المصدر السابق، ح)( 789.13381، ح265 ـ 264المصدر السابق: )( 790.13447، ح293 ـ 292المصدر السابق: )( 791.13459، ح297المصدر السابق: )( 792.7رسالة حول مسألة رؤية الهالل: )( 793.278: 1منهاج الصالحين )( 794.119 ـ 116: 2المستند في شرح العروة الوثقى )( 795.36األفق أو اآلفاق: )( 796.34انظر: المصدر السابق: )( 797المصدر نفسه.)( 798.38المصدر السابق: )( 799.284 ـ 283: 1انظر: الخوئي، منهاج الصالحين )( 800.347 ـ 346: 1 محمد سعيد الحكيم، منهاج الصالحين )(801.325 ـ 324مصباح المنهاج، كتاب الصوم: )( 802.23 ـ 22مجمع االستفتاءات الجديدة والمسائل المستحدثة: )( 803

.361: 16انظر: جواهر الكالم )( 804.255: 9انظر: منتهى المطلب )( 805.769: 2انظر: رؤية الهالل )( 806.3171، ح580: 2انظر: من ال يحضره الفقيه )( 807 أمير.313موقع معارف إسالمي، )( 808 ؛565:ــ 3؛ الصدوق، من ال يحضره الفقيــه 121،ــ 18:ــ 5الكليني، أصول الكافي )(ــ 809

.11: 100المجلسي، بحار األنوار ، انتشارات ناصر خسرو،3، ط59ـ: 3الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن )ـ( 810

.40: 2؛ قطب الدين الرواندي، فقه القرآن 1994طهران، ؛1409، قم، 1، ط^، مؤسسة آل الـبيت241:ـ 28الحر العاملي، وسائل الشيعة )(ـ 811

. 96: 2؛ الصدوق، من ال يحضره الفقيه 102: 6المجلسي، بحار األنوار .55: 5انظر: محسن قراءتي، تفسير نور )( 812 ؛104:ــ 8انظــر: عبــد األعلى الســبزاوري، مــواهب الــرحمن في تفســير القــرآن )(ــ 813

.125: 3الطنطاوي، التفسير الوسيط للقرآن الكريم ــ 814 ــرف)( ــ )التص ــات، بـ ــوارد والنفق ــني: الم ــوردين األولين، أع ــير عن الم ويتم التعب

المحسوس ]أو الفعل[(، وعن المورد الثالث، أي االدخار بـ )التصرف غــير المحســوس :1]أو ترك الفعل[(. )انظــر: المــروج الجزائــري، هــدى الطــالب في شــرح المكاســب

523.).288: 8انظر: الصاحب بن عباد، المحيط في اللغة )( 815: مدخل، )فساد(.11انظر: دهخدا، لغت نامه )( 816: حرف الفاء.2 معين فارسي فرهنگانظر: )( 817.344: 8انظر: الفراهيدي، كتاب العين )( 818ــ 819 ــانزي، مســأله فســاد )( ــو ت ــازار آزاد»انظــر: فيت ــتي وب ــاي دول ,Corruption )«فعاليته

governmental activities and markets،ترجمة: بهمن آقائي، مجلة اطالعات سياسي ـ اقتصادي ،) .183 ـ 182: 149العدد

.35 أبو الفضل همدمي، فساد مالي )علل وزمينه ها وراهبردهاي مبارزه با آن(: )(820821() Bureaucratic Corruption.

.114 انظر: إبراهيم رئيسي وآخرون، فساد مالي در حاكميت: )(822فات إداري بانضمام آئين نامه إجــرائيرسيدگيانظر: محمود عباسي، قانون )(ــ 823 به تخل

.32آن: 824() Political Corruption.

انظر: علي ربيعي، زنده بـاد فسـاد )جامعـه شناسـي فسـاد در دولت هـاي جهـان)(825 ور، بازشناســيپــال جــ؛ فرهاد رهبر؛ وفضل الله ميرزاونــد؛ غالم رضــا 29 ـ 28سوم:

. 102: 1عارضه فساد مالي Corruptionانظــر: أكرمــان ســوزان روز، الفســاد واالقتصــاد العــالمي ))(ــ 826 and the Global

Economy( ترجمه إلى العربية: محمد جمال إمام، مركز اإلهرام للترجمــة والنشــر،50:ــ ، القاهرة.

، منشــورات االئتالف من أجــل2 أحمــد أوديــة، الفســاد أســبابه وطــرق مكافحتــه: )(827.2004النـزاهة والمساءلة، الطبعة األولى، فلسطين ـ رام الله،

عبد الله بن حاسن الجــابري، الفســاد االقتصــادي، أنواعــه أســبابه آثــاره وعالجــه،)(828.1424، جامعة األزهر، 15: 21مجلة االقتصاد اإلسالمي، العدد

محمد عبد الحليم عمــر، اإلجــراءات العمليــة اإلســالمية لعالج الفســاد االقتصــادي،)(829.2000، القاهرة، «الفساد االقتصادي: الواقع المعاصر ـ العالج اإلسالمي»ندوة

حسين حســين شــحاتة، الفســاد االقتصــادي واإلصــالح اإلســالمي، مجلــة المــؤتمر)(830.1420، جامعة أم القرى، 2اإلسالمي الثالث:

ــالي)(831 ــد من الفســاد الم ــا في الح ــة ودوره ــات الحكوم ــد التميمي، آلي ــاس حمي عب.2001، 2: 1واإلداري في الشركات المملوكة للدولة

.2002، 4 هناء اليماني، الفساد اإلداري وعالجه من منظور إسالمي: )(832

ــدد)(833 د. يحيى غني النجار، اآلثار االقتصادية للفساد، مجلة كلية اإلدارة واالقتصاد، الع.2007، السنة الثالثة، جامعة بغداد، 3: 1

ور، بازشناســي عارضــه فســادپــال جفرهاد رهبر؛ فضل الله ميرزاوند؛ غالم رضا )(ــ 834.2003، مؤسسة نشر جهاد، طهران، 102: 1مالي

، كــانون أنديشــه جــوان،16؛ غالم علي معصــومي نيــا، ، فســاد مــالي: دادگر حسن )(835.2005طهران،

ــ 836 ــد توســعهوچگــونگييوســف محنت فــر، فســاد اقتصــادي )( ــا آن در فرآين ــارزة ب مب.3: 28 ـ 27اقتصادي، مجلة اقتصادي، العدد

.2011، طهران، جنگل، انتشارات 26 محمد رضا ساكي، حقوق كيفري اقتصادي: )(837 :52حسين عبد المحمدي، تأثير فساد مالي بر أمنيت ملي، فصلية معرفت، العدد )( 838

21 ،2003. با آتي أفوسو دبليو؛ راج ســوبرأمانين آمــاه، كيشــور آبــرتي، جارجوبهــاي حقــوقي)(839

، ترجمه إلى الفارسية: أحمــد رنجــبر، مركــز بجوهشــهاي101مقابلة با فساد )مالي(: مجلس شوراي إسالمي، طهران.

، مؤسســة أهــل101:ــ 3انظر: السبزواري، مواهب الرحمن في تفســير القــرآن )(ــ 840 :4؛ ابن حجر العسقالني، فتح الباري في شرح صحيح البخــاري 1409، بيروت، ^البيت.1379، دار المعرفة، بيروت، 289

ــ 841 ــ 2انظــر: ســيد قطب، في ظالل القــرآن )( ــيروت ـ17، ط639: ، دار الشــروق، ب ،19:ــ 5؛ محمود بن عبد الرحيم الصافي، الجدول في إعــراب القــرآن 1412القاهرة،

ــوي أز قــرآن1418، دار الرشيد، بيروت ـ دمشق، 4ط ؛ السيد محمود الطالقــاني، برت.1984، شركت سهامي انتشار، طهران، 4، ط75: 2

.125: 3الطنطاوي، التفسير الوسيط للقرآن الكريم )( 842ــ 843 ــه )( ــرآن ومختلف ــدراني، متشــابه الق ــ 2انظــر: ابن شهرآشــوب المازن ،1، ط21:

.1410انتشارات بيدار، قم، .161؛ النساء: 188انظر: البقرة: )( 844القرآن )ـ( 845 تفسير البيان في الطبرسي، مجمع ،245ـ: 1ـ؛ 114ـ: 5ـ؛ 225ـ: 2انظر:

، جامعة مدرسين حوزة علمية قم،138ـ: 2؛ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 587ــز العرفــان في فقــه القــرآن 1413قم، ــ 2؛ المقــداد الســيوري، كنـ ، انتشــارات33:

،427؛ أحمــد األردبيلي، زبــدة البيــان في أحكــام القــرآن: 1425، قم، 2مرتضــوي، ط :2المكتبة الجعفرية إلحياء اآلثار الجعفرية، طهران؛ فتح الله الكاشاني، زبدة التفاسير

؛ الكاشــاني، منهج الصــادقين في إلــزام1423، قم، 1، بنيــاد معــارف إســالمي، ط50 ؛ حســين بن1958، طهــران، 1، كتابفروشي محمــد حســن علمي، ط9:ــ 3المخالفين

،1 وانتشــارات إقبــال، طچــاپ، سازمان 59علي الكاشفي السبزواري، مواهب علية: ؛ محمد رضا الكلبايكاني، بلغة الطالب في التعليق على بيع المكاســب:1991طهران،

ــ 107 ــام، طچاپخانه،ـ ــرآن 1399، قم، 1 خيـ ــيد قطب، في ظالل القـ ــ 2؛ سـ ؛639:ـ ،3، دار الكتاب العــربي، ط502:ــ 1الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنـزيل

،1، دار المعرفــة، ط20:ــ 5؛ الطبري، جامع البيــان في تفســير القــرآن 1407بيروت، ، دمشــق،1، دار الفكــر، ط92:ــ 1؛ وهبــة الــزحيلي، التفســير الوســيط 1412بيروت،

1422.846() Unjust enrichment.

؛ ناصــر كاتوزيــان، إلزامهــاي خــارج أز353:ــ 1انظر: حسن إمامي، حقوق مدني )(ــ 847ــوق195 ـ 194قرار داد: ــه در حق ؛ عبد الحميد مرتضوي، قاعده دارا شدن غير عادالن

دانشــگاهرويز عامري، استيفاي نا مشروع، مجلة مطالعات حقوقي پ؛ـ 5إيران وكامن ال: .106: 3شيراز، العدد

.353انظر: إمامي، حقوق مدني: )( 848.355انظر: المصدر السابق: )( 849 ، المكتبــة المحمديــة،63:ــ 1انظر: النائيني، منية الطالب في حاشــية المكاســب )(ــ 850

.1995طهران،

.1422، قم، 1، نشر الهادي، ط215: 5انظر: البجنوردي، القواعد الفقهية )( 851 ، انتشــارات2، ط32انظــر: ناصــر مكــارم الشــيرازي، ربــا وبانكــداري إســالمي: )(ــ 852

:3؛ مكارم الشيرازي، استفتاءات جديد 1998، قم، ×مدرسه إمام علي بن أبي طالبهـ.1427، قم، 2، ط255

.216: 2مكارم الشيرازي، استفتاءات جديد )( 853 ، انتشارات مدرسه إمــام علي1، ط48:ــ 6انظر: مكارم الشيرازي، كتاب النكاح )(ــ 854

هـ.1424، قم، ×بن أبي طالب.355: 3انظر: المصدر السابق )( 855 ؛ مكارم الشيرازي،97ـ: 3انظر: السبزواري، مواهب الرحمن في تفسير القرآن )ـ( 856

.355، 3، 2المصدر السابق: .19: 5انظر: محمود بن عبد الرحيم الصافي، الجدول في إعراب القرآن )( 857.5: 12الحر العاملي، وسائل الشيعة )( 858ــ 859 ــة )( ــوالي الآللئ العزيزي ــائي، ع ــور اإلحس ــر: ابن أبي جمه ــ 3انظ ــيد47: ، دار س

.1405، قم، 1الشهداء، طــ 860 ــ 3انظــر: الســبزواري، مــواهب الــرحمن في تفســير القــرآن )( ؛ الكاشــفي101:

؛ الغروي )بانوي إصــفهاني، نهلــة )ســيدة نصــرت أمين(،59السبزواري، مواهب علية: ، نهضت زنان مسلمان، طهــران،1، ط227:ــ 227:ــ 2مخزن العرفان در تفسير قرآن

،44:ــ 4؛ سلطان محمد الكنابادي، تفســير بيــان الســعادة في مقامــات العبــادة 1983 ؛ غالم رضا خســروي حســيني، ترجمــة وتحقيــق1408، بيروت، 2مؤسسة األعلمي، ط ؛ ابن حجــر1987، طهـران، 2، انتشـارات مرتضــوي، ط181:ـ 1مفردات ألفاظ قرآن

، دار المعرفــة، بــيروت،289:ــ 4العســقالني، فتح البــاري في شــرح صــحيح البخــاري هـــ؛1419، بــيروت، 1، دار الكتب العلمية، ط8:ــ 5هـ؛ الماوردي، الحاوي الكبير 1379

، دار158محمد صديق خان البخاري القنوجي، نيــل المــرام في شــرح آيــات األحكــام: ، مؤسســة الرســالة،125؛ ابن الجوزي، نواسخ القرآن: 2003الكتب العلمية، بيروت،

، دار ابن كثــير ـ271؛ محمد علي السايس، تفســير آيــات األحكــام: 1405، لبنان، 1ط ؛ الطنطاوي، التفسير الوسيط للقرآن الكريم1422، دمشق ـ بيروت، 1دار القارئ، ط

3 :125.الطنطاوي، المصدر نفسه.)( 861ــ 862 ، مؤسسة الفكر اإلســالمي،277انظر: محمد الحسيني الشيرازي، فقه العولمة: )(.1423، بيروت، 1ط ؛ الراونــدي، فقــه1987، دار الكتب اإلسالمية، طهران، 127:ــ 5الكليني، الكافي )(ــ 863

.1405، قم، 2، انتشارات مكتبة السيد المرعشي النجفي، ط26: 2القرآن )ـ( 864 ولكن ال يقتصر إطالق السحت على هذين المعنيين فقط، بل يطلق السحت أيضا

على الحرام أو ما خبث من المكاسب، فلزم عنــه العــار. )انظــر: الفيروزآبــادي، معجم؛ وغيره من كتب اللغة( ]المعرب[.«سحت»القاموس المحيط، مدخل:

ــ 865 ــ 6انظر: أحمد بن محمد ميبدي، كشف األسرار وعدة األبرار )( . ولكن تقــدم119:أن هذا واحد من المعاني اللغوية للسحت، وليس من المعاني االصطالحية ]المعرب[.

:1؛ وأيضا: منية الطــالب في حاشــية المكاســب 462:ــ 1النائيني، فوائد األصول )(ــ 866199.

.492: 1انظر: الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنـزيل )( 867ــ 868 ــاني في تفســير القــرآن العظيم )( ــ 3انظــر: اآللوســي، روح المع ، دار الكتب15:

.1415، بيروت، 1العلمية، ط ؛ وكذلك: البخاري القنوجي، نيــل150:ــ 5انظر: القرطبي، الجامع ألحكام القرآن )(ــ 869

.165المرام في شرح آيات األحكام: .289: 4انظر: ابن حجر العسقالني، فتح الباري في شرح صحيح البخاري )( 870.179: 3انظر: الطوسي، التبيان في تفسير القرآن )( 871 ، جامعــة المدرســين في317:ــ 4انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القــرآن )(ــ 872

ــ 1؛ الخميني، كتاب البيع 1417، قم، 5الحوزة العلمية بقم، ط ، مؤسســة تنظيم177:

؛ محمد تقي الشيرازي، حاشــية المكاســب1421، قم، 1ونشر آثار اإلمام الخميني، ط.1412، قم، 1، منشورات الشريف الرضي، ط104: 2

،3، دار إحيــاء الــتراث العــربي، ط57:ــ 10انظر: الفخــر الــرازي، مفــاتيح الغيب )(ــ 873.1420بيروت،

، انتشارات1، ط13ـ: 2انظر: أمير أبو الفتوح الحسيني الجرجاني، آيات األحكام )ـ( 874.1404نويد، طهران،

:1انظر: سلطان محمــد الكنابــادي، تفســير بيــان الســعادة في مقامــات العبــادة )(ــ 875177.

.75: 2انظر: الطالقاني، برتوي أز قرآن )( 876 ،1، دار الكتب اإلســالمية، ط44:ــ 5انظر: محمد جــواد مغنيــة، تفســير الكاشــف )(ــ 877

ــ 3؛ الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنـزيل 1424طهران، ــر25: ؛ أبو جعف.1409، مكة المكرمة، 1، جامعة أم القرى، ط558: 4النحاس، معاني القرآن

.75: 2انظر: الطالقاني، برتوي أز قرآن )( 878، دار الكتب العلمية، ط267ـ: 1انظر: محمد بن إدريس الشافعي، أحكام القرآن )ـ( 879 ، دار إحياء التراث العربي،344: 4؛ أبو بكر الجصاص، أحكام القرآن 1400، بيروت، 1.1405، بيروت، 1ط ،4، دار اإلرشــاد، ط276:ــ 1انظر: محيي الدين درويش، إعــراب القــرآن وبيانــه )(ــ 880

.1415سوريا، ، دار الجيـل،50انظر: عبد الله بن الحسين العكبري، التبيان في إعراب القـرآن: )(ـ 881

.1407بيروت، .502: 1انظر: الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنـزيل )( 882ــ 883 ــرآن العظيم )( ــاني في تفســير الق ــ 3انظــر: اآللوســي، روح المع ؛ ابن حــزم15:

،2، دار الفكر، ط610: 2؛ السيد سابق، فقه السنة 936: 7األندلسي، علي بن محمد .158: 1؛ البخاري القنوجي، نيل المرام في شرح آيات األحكام 1403بيروت،

؛1415، طهران، 2، انتشارات صدر، ط44ـ: 1الفيض الكاشاني، تفسير الصافي )ـ( 884ـة: ؛ الحسـيني الجرجـاني، آيـات59وكذلك انظـر: الكاشـفي السـبزواري، مـواهب علي

،61؛ محمــد إمــامي الخوانســاري، الحاشــية األولى على المكاســب: 13:ــ 2األحكــام .110؛ محمد رضا الكلبايكاني، بلغة الطالب في التعليق على بيع المكاسب: 1332

؛ انظــر: البجنــوردي،457:ــ 2انظر: النائيني، منية الطالب في حاشية المكاســب )(ــ 885ــة ــ 1القواعــد الفقهي ــائي، مفــاتيح األصــول: 412: ، دار297؛ محمــد مجاهــد الطباطب

ــة(، طهــران، الطباعــة لمالكهــا الكــربالئي محمــد حســين الطهــراني، )الطبعــة الحجري1293.

.317: 4انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن )( 886 ، شرح: محمد كالنــتر، المــؤتمر20:ــ 5انظر: مرتضى األنصاري، كتاب المكاسب )(ــ 887

:3؛ محمــد صــادق الصــدر، مــا وراء الفقــه 1415، قم، 1العالمي للشيخ األنصــاري، ط ؛ مــير عبــد الفتــاح بن1420، بــيروت، 1، دار األضواء للطباعة والنشر والتوزيــع، ط15

؛ محمــد1417، دفتر انتشارات إسالمي، قم، 371:ــ 2علي المراغي، العناوين الفقهية ؛ علي بن1421، مؤسسة إســماعيليان، قم، ، 74:ــ 1كاظم اليزدي، حاشية المكاسب

ــرواني، حاشــية المكاســب ــد الحســين النجفي اإلي ــ 1عب وإرشــادفرهنگ، وزارت 113:.1406، طهران، 1إسالمي، ط

.171: 1انظر: الخميني، كتاب البيع )( 888 ، دار الكتــاب،42انظر: شيخ الشريعة اإلصفهاني، نخبة األزهار في أحكام الخيار: )(ــ 889.1398، قم، 1ط ، ترجمة: محمد58ـ: 8انظر: حسين علي منتظري، مباني فقهي حكومت إسالمي )ـ( 890

.1409، قم، 1صلواتي وأبو آل شكوري، مؤسسة كيهان، ط ، مؤسسة تنظيم ونشر آثار إمام خميني،97ـ: 2انظر: الخميني، الرسائل العشرة )ـ( 891.1420، قم، 1ط.238: 12انظر: الحر العاملي، وسائل الشيعة )( 892

ــ 893 ــرف)( ــ )التص ــات، بـ ــوارد والنفق ــني: الم ــوردين األولين، أع ــير عن الم ويتم التعبــوس المحسوس ]أو الفعل[(، وعن المورد الثالث، أي االدخار، بـ )التصرف غير المحس

:1]أو ترك الفعل[(. )انظــر: المــروج الجزائــري، هــدى الطــالب في شــرح المكاســب (. وقد تقدم هذا الهامش بعينه، وأعــدناه ـــ كمــا أعــاده صــاحب المقــال ـــ؛ رعايــة523

لألمانة ]المعرب[.

nosos.netnosos.net/nososmoasera/wp-content/uploads/e26-27.d… · web viewولستُ معنيّاً...

Documents