semiosis and interpretation production of meaning ... · 502 abdellah berrimi: semiosis and...

203 Semat. Vol 1 No1, 203-221 (May 2013)

© 2013 UOB

SPC, University of Bahrain

International Journal of Semat © 2012 NSP

http://dx.doi.org/10.12785/semat/010112

Semiosis and Interpretation Production of Meaning, Construction of

Reality and the Functioning of Society

Abdellah Berrimi

University Mawlay, Ismail College of Al-Rashidia, Maknes, Morocco

Email: [email protected]

Received: 12 Nov 2012; Revised :9 Jan- 20 Feb 2013; Accepted: 23 Feb 2013

Published online: 1 May 2013

Abstract: Usually Semiosis is regarded as involving two types of practices: production and interpretation. One of these patterns

belongs rather to the order of action, while the other belongs to the order of thinking. There is no evidence that this distinction is

subject to precise critical scrutiny. But we should not ignore its return. The value of this distribution starts from the operational

dimension, making the distinction between two kinds of description, and two lanes of theoretical developments from these

descriptions: the poetics and hermeneutics.

The assumption that I want to formulate is that the relation between the types of practices and their descriptions can be extended

according to all the analysis and according to the possible context between expression and content which means we are confronted

to an interpretative process governed by a strategy as long as it is related to what is discursif, which means engendering meaning and

investing in concrete and significant effects. It is not the structure of the human mind, that produces the Interpretation but the reality

that the semiosis builds up according to Umberto Eco.

Keywords: Semiosis, production, interpretation, critical, significant

Abdellah Berrimi: Semiosis and Interpretation Production of Meaning, Construction… 204

© 2013 UOB


إنتاج المعنى وبناء الواقع واشتغال المجتمع والتأويلالسميوزيس

عبد هللا بريمي د

المغرب/ جامعة موالي إسماعيل مكناس، الكلية المتعددة التخصصات الرشيدية

Received: 12 Nov 2012; Revised :9 Jan- 20 Feb 2013; Accepted: 23 Feb 2013

Published online: 1 May 2013

اإلنتاج: الممارسة من نوعين يتضمن نمطا باعتبارها السميوزيس إلى النظر يتم ما عادة :الملخص

هناك وليس. التفكير نظام إلى ينتمي اآلخر بينما الفعل نظام إلى ينتمي األنماط هذه أحد. والتأويل

فقيمة. مردوديته تجاهل ينبغي ال لكن دقيق، نقدي لفحص خاضع التصنيف هذا أن على دليل

مسارين باألحرى أو الممارسة، من نوعين منطلق يشكل إذ اإلجرائي؛ بعده في تتبدى الفحص

.والهرمينوسيا السميائيات هما نظريين

الفرضية التي أود صياغتها تتبدى في كون العالقة التي تربط بين كل أنواع الممارسات وأوصافها

العالقات الممكنة بين التعبير والمحتوى، وهو ما يمكن أن تمتد إلى كل التحاليل حيث تؤطرها

يعني مثولنا أمام عملية تأويلية محكومة باستراتيحية، ألنها تتعلق بما هو خطابي، أي بنحو لتوليد

ن التأويل ليس وليد بنية الذهن البشري ولكنه وليد ألالمعنى واستثماره في وقائع ملموسة دالة،

.ى حد تعبير إمبرتو إيكوالواقع الذي تشيده السميوزيس عل

واشتغال المجتمع إنتاج المعنى - السميوزيس والتأويل: الكلمات المفتاحية

International Journal of Semat © 2012 NSP

http://dx.doi.org/10.12785/semat/010112

http://naturalspublishing.com/show.asp?JorID=8&pgid=0

Abdellah Berrimi: Semiosis and Interpretation Production of Meaning, Construction…502

السميوزيس نسيج داخل ويدمر يبنى عالم العالمة، عليه تحيل الذي العالم إن

فيرون إليزيو

تقديم

الخطاب؛ تحليل بقضايا المهتمين لكل ساسيةألا تالشكاإلا بعض عن جابةإلا الدراسة هذه تحاول

عليه تحيل الذي العالم إنه .دال اشتغال كل على يحيل الذيالسميوزيس بعالم مرألا يتعلق

للتخيل قابل غير أو متخيال أو واقعيا كان سواء نسيجها، داخل ويدمر يبنى الذي العالم أي العالمة،

على تشتمل المضمار، هذا في بورس كتابات بأن أقترح أن وبالمناسبة،أود. طالقإلا على

لكتاباته، أعطيت التي والتأويالت الصعوبات فرغم. ستعمالالوا الدقة في غايةقرائية فرضيات

بل فحسب، لسانيا مفهوما ليس السميوزيس بأن راسخا انطباعا تعطينا التحليلية مقارباته أن الإ

والوجود، اليومية الحياة واكتشاف فهم تجعل التي المنطقية والشروط لياتآلا في تبحث سيرورة

علينا يقترح العالمات هذه إنتاج كنه نتمثل ولكي عالمات، إلى يستند فهم إنه.ممكنا أمرا بعامة،

اسم ويلبي يديال إلى رسائله في عليها أطلق التي البسيطة نسانيةإلا التجربة إلى العودة بورس

للتجربة المنتمية فكارألا وتصنيف بالوصف يقوم الذي العلم» :؛ أي Idéoscopieيديوسكوبيإلا

«بعدمها أو بصحتها هتمامالا دون العادية الحياة مع ارتباطها في طبيعيا تولد التي تلك أو العادية1

يمكن ال كما العالمة، سلطان عن يخرج ال نسانيةإلا بالذات يحيط ما كل أن على تدلنا التجربة هذه

تصور ضمن نسانيةإلا الظاهرة تأليف بإعادة تسمح تالمقو ثالث تداخل خالل من الإ يدرك أن

وصف بما هي Phanéroscopie بالفانيروسكوبيا تسميته على بورس اصطلح فينومينولوجي

صفة بأي الذهن في حاضر هو ما لكل الكلي المجموع» بورس عرف في بها والمقصود للظاهرة،

ال« أم واقعي شيء مع يتطابق هذا كان إذا ما اعتبار دون طريقة وبأي2

مرألا أول في فالظاهرة

بعد ثم عليه، وتدل تحيل بما اكتراث دون الذاتية خصائصها إلى بالنظر وإمكان كنوعية إليها ينظر

شكل على خيرألا في تدرك ثم وأشياء، وسلوكات وقائع في مجسد موجود كشيء إليها ينظر ذلك

.والوقائع الموجودات في وتتحكم توجه ومفاهيم قوانين

إنتاج إلى المؤدية والمنطقية ليةالستدالا العمليات من بمجموعة مرتبطة بورس حسب الحلقة هذه

استنتاجات إلى الوصول قصد شياءألا بين عالقات تشييد نستطيع بفضلها التي وتداولها لةالالد

من المشروع تعكس المنطقية السيرورة على حالةإلفا لذلك. التمثالت من صادقا يكون بما تتعلق

1 - Peirce (Charles Sanders). Ecrits sur le signe , rassembles, traduits et commentes par Gérard Deledalle,

ED. Seuil, Collection, L’ordre Philosophique, Paris, 1978.P 22.

2 - Peirce (Charles Sanders). Ecrits sur le signe. P 72.


© 2013 UOB


استداللية مسيرات بناء على قادرة توقعات تبني في وتساهم ما، لواقعة المسندة التأويالت من عدمه

. ممكنة تأويلية وعوالم

نسانية وكل مظاهر اليومي منظورا إليها من زاوية إلالتجربة ا) المطروحة القضايا بين تأليفا إن

هذه بداية في بإثارته قمنا ما إلى يرجعنا( فلسفية ظاهراتية ومحكومة بآليات منطقية قياسية

العادية تهالاستعما في سواء ،Référenciation”لإلحالة“ العام بالمفهوم مرألا يتعلق الدراسة؛

من تنهل والتي... اللغة وفالسفة والمناطقة والسميائيين اللسانيين تصورات في أو القاموسية

نسق كل بأن حسابها في تدخل أن النظرية هذه يلزم. مختلفة حيانألا بعض وفي متعددة مشارب

...مثاليا أو ماديا متخيال، أو واقعيا كان سواء ما عالم على يحيل المتعدد، استعماله في داَل،3

إنه ،

بل ستهالك،الوا للتداول بها يلقى موضوعات إنتاج حدود عند فقط يقف ال الذي السميوزيس عالم

.المستقلة وتحققاتها تلويناتها كافة تعطيها وقيمية وتاريخية ثقافية أنساق ضمن أيضا يدرجها

بينه الممكنة والنقدية اللسانيةو التمفصالت الفلسفية بالسميوزيس؟وأين تتبدى حدود نعني فماذا

السميائية والوظيفة( سوسير) العالمة قبيل منعنه مفارقة أو محايثة لهأخرى مفاهيم وبين

( كاسيرير) الرمزي الشكل وفلسفة (كريستيفا)والتناص( باختين) والحوارية( هيلمسليف)

بول )والمعنى المزدوج ( غادامير)والحوار الهرمينوسي ( جاكبسون) ستعارةالوا

.(دريدا جاك( )والمغايرة رجاءإلا) بمعنييه ختالفالوا(ريكور

األصل االشتقاقي والتاريخي: السميوزيس

جديدة، عالمة انبثاق إلى المؤدية السيرورة حركية به ويقصد سميائي مصطلح السميوزيس

السميوزيس عبارة هنا ومن لها نهاية ال نظريا، الحركية، هذه جديد، وافد هي دائما فالعالمة

مشتقة. نفسها العالمة وصياغة لبناء حركية أيضا إنها ،semiosis ad infinitum الالمتناهية

«action de signifier» التدليل فعل وتعني σημείωσις sèmeiôsis اإلغريقية من

إلى تاريخه يعود طويل نص في بورس ساندرس شارل األمريكي قبل من المصطلح هذا قدم

النص هذا يلق لم. البراغماتية تعريفه حول حاد نقاش سياق في النص هذا كتب حيث 1907 سنة

التي المقتطفات بعض باستثناء بورس حياة في النشر له يكتب ولم المعرفية، وساطألا في القبو

وتحديدا, Collected Papers الكاملة بورس أعمال من 1934 سنة الخامس المجلد في ظهرت

يظهر النص هذا في.العالمة نظرية قلب في السميوزيس مفهوم فيها وضع 5.484 الفقرة في

3 - Veron (Eliseo): ”La Semiosis et son monde “ in Langages 58 ,ED, Larousse.1984.


. التدليل فعل يعني sèmeiôsis سميوزيس مصطلح أن ذلك للكلمة، اليوناني األصل بورس

.semiosis الحديثة نسخته في المصطلح أيضا يستعمل كما اليونانية عن حرفيا بورس وينسخه

إلى وإدخالها بورس نصوص ترجمة و جمع في دولودال جيرار للفرنسي كذلك الفضل كان

نقل أعاد حيث Écrits surle signe 1978سنة العالمة حول كتابات عنوان تحت الفرنسية الثقافة

أمبرتو أدخل بالمقابل. sémiose هو بالفرنسية مقابال لها وأوجد semiosis اإلنجليزية عن الكلمة

سميوزيسي صفة Lector in Fabula1985 الحكاية في القارئ من بدءا كتاباته في إيكو

Sémiosique صفة عن سميوزيسي صفة وتختلف .السميوزيس سيرورة خاصية بذلك ليعين

وضع إما فتعني الثانية أما العالمة، حركية أو سيرورة تعني فاألولى ،sémiotique سيميائي

فهي السميائيات أما ظاهرة السميوزيس إن آخر بمعنى. العالمة نظرية إلى نتماءالا أو العالمة

. السميوزيسية الظواهر حول نظري خطاب

التداول اللساني والسميائي : السميوزيس

اإلنتاج: الممارسة من نوعين يتضمن نمطا باعتبارها السميوزيس إلى النظر يتم ما عادة

هناك وليس. الفكر نظام إلى ينتمي اآلخر بينما الفعل نظام إلى ينتمي األنماط هذه أحد. والتأويل

فقيمة. مردوديته تجاهل ينبغي ال لكن دقيق، لفحص نقدي خاضع التصنيف هذا أن على دليل

مسارين باألحرى أو الممارسة، من نوعين منطلق يشكل إذ اإلجرائي؛ بعده في تتبدى الفحص

.والهرمينوسيا الشعرية هما نظريين

إن الفرضية التي أود صياغتها تتبدى في كون العالقة التي تربط بين كل أنواع الممارسات

وأوصافها يمكن أن تمتد إلى كل التحاليل وفق سياق مخصوص تفرضه العالقة الممكنة بين التعبير

إنها عالقة بانية للتحليل السميائي، وهنا نكون أمام درس هيلمسليف بخصوص تصوره .والمحتوى

بد من حصولنا عنصر ال ( سميوزيس)لمفهوم الوظيفة السميائية؛ذلك أنه في كل سيرورة سميائية

وبذلك فالعالمة عند هيلمسليف لم )...( (المدلول)الذي يتضمن عنصر المحتوى ( الدال)التعبير

عد كما كانت في التقليد القديم، وهي أن يحّل شيء محّل شيء آخر ، بل إنها عبارة عن وظيفة ت

: وقد مثل إيكو لذلك في قوله. التعبير والمحتوى: تؤطرها العالقة المتبادلة بين موظفين اثنين هما

مة عال/ س/يجعل من الصوت ال قصد تعيين القمر / س/إن الفعل الذي يخّول لي استعمال صوت

إذا أقامت هذه القاعدة عالقة بين التعبير ال أكون أمام وظيفة سميائية إال للقمر؛ في هذه الحالة فإنني

)...( خر كذلكآلبوصفه هو ا” رضألكوكب ا“بوصفه موظفا لوظيفة سميائية والمحتوى / س/

تفكير في هذه فالتعبير والمحتوى كالهما ينتمي للوظيفة السميائية؛ فإذا فكرنا دون أن نتكلم فإن ال

صوات أليشكل محتوى لسانيا، وإذا ثبت العكس تكلمنا دون تفكير، فإننا سننتج سلسلة من اال الحالة


© 2013 UOB


على وظيفة للعالمة ال على تعبير لساني وال نحصل ال معنى لها، وفي الحالتين معا، فإننا ال التي 4.

لمعنى ويمنحه وجها فتراضية بين شكلي التعبير والمحتوى هو ما ينتج االإن هذه العالقة ا

لة التي تعمل على تحويله وترجمته من صيغته المبهمة ومن الانطالقا من تمفصالت الد مشخصا،

إن كل إنتاج » ختالفالغنجه إلى أشكال محققة تدرك ضمن وحدات سياقية ميزتها التعدد وا

ثانية للمعنى مرتبط بمادة مضمونية سابقة في الوجود على التحقق من جهة، ومرتبط من جهة

إن العمليتين معا تشكالن سيرورة التدليل، وفي غياب هذه . بسيرورة معينة للتعّرف واإلدراك

يستحيل الحديث عن بناء نصي، ولن تكون هذه السيرورة سوى الطريقة ( السميوزيس)السيرورة

ثار التي يتم بها تنظيم الوحدات المقتطعة من النسق الداللي الشامل وفق استراتيجية محددة لآل

«المعنوية المراد إنتاجها5.

فالسميوزيس سيرورة تدليلية منتجة لمعرفة أكثر عمقا وأكثر تطورا، وال يمكن للذات اإلنسانية

أو السيرورة التدليلية أو فعل " السميوزيس"ويطلق بورس . أن تفكر خارج مدار هذه السيرورة

عالمة، وهي سيرورة تتصل بقضايا العالمة على السيرورة التي يشتغل بموجبها شيء ما بوصفه

الفعل أو التأثير ( …)أقصد بالسميوزيس »: يقول بورس. الداللة وبكيفية إنتاجها وطرق اشتغالها

لها، وال يمكن لهذا الذي يستلزم تعاضد ثالثة عناصر، هذه العناصر هي العالمة وموضوعها ومؤوِّ

«شكال إلى أفعال بين أزواجالتأثير الثالثي العالقة أن يُختَزل بأّي شكل من األ6.

سيرورة ثالثية، –إن السميوزيس، ـ أو السيرورة التي يشتغل من خاللها شيء ما بوصفه عالمة

لذا ال ينبغي فهمها بعيدا عن اإلطار التداولي؛ أي دراسة أّي فعل كالمي كيفما كان نوعه داخل

ل من خاللها وفعل وصف داللة ما، معناه وصف السيرورة. سياق ثقافي ما المعرفية التي تؤوَّ

وداخل هذه السيرورة، ال يمكن للعالمة أن تحقّق وجودها وحضورها الفعلي إالّ من . عالمة ما

ل هذا األخير هو الذي ينتج شروطا تبين ربط . خالل عنصر التوّسط اإللزامي الذي يقوم به المؤوِّ

فهي . موضوع داخل الواقعة اإلبالغيةالشيء المبهم بالمجّسد، ويتيح فرصة إمكانية تمثيل ال

سيرورة ثالثية تقوم بتحريك وتفعيل ثالثة عناصر، ما يعمل بوصفه عالمة، وما تحيل عليه هذه

ل ( ثان)وموضوع ( أول)بين ماثول العالمة ثم األثر الناتج عنها؛ أي ( ثالث)ومؤوِّ

، ويمكن

4 - ECO (Umberto). - LE SIGNE, Histoire et Analyse d`un concept, adapte de L`italien par: Jean Marie

Klinkenberg. ED, Labor Bruxelle, 1988.P P120-121. 5

. 145:ص. 3002السميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها، منشورات الزمن، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء (: بنگراد)سعيد –6- PEIRCE (Charles Sanders): Ecrits sur le signe, OP.Cit, Page: 133.

ل"البّد من اإلشارة إلى أن – .الذي يؤّول الشخصهو عنصر مشكِّل للعالمة، وهو نفسه عالمة، وليس "المؤوِّ


هذه األخيرة، تتحول إلى نسق . لسيرورةالنظر إلى هذه العناصر بوصفها الحدود البانية لهذه ا

فهي تدّل ألنها تشتمل على " شجرة"ويمكن التمثيل لذلك بكلمة . يتحّكم في إنتاج الدالالت وتداولها

: العالقات اآلتية

متوالية صوتية تشتغل كتمثيل رمزي متعارف عليه عند مجموعة لغوية محددة –1»

؛"(شجرة"ة المجموعة اللغوية العربية في حالة كلم)

موضوع يستند إليه التمثيل من أجل إنتاج الصور الذهنية، وهو ما يشّكل أساس المعرفة، –2

فالمعرفة التي ال تستند إلى موضوع ال يمكن أن تكون معرفة؛

مفهوم يحّول الموضوعات إلى صور ذهنية تغنينا عن الوقائع، وتمكننا من التخلص من ربقة –3

«"ناآل"و" الهنا"و" األنا"7.

إن العالقة بين هذه العناصر الثالثة يجعل السيرورة منفتحة على احتماالت تأويلية،هذا االنفتاح

فالسميوز ال يمكن أن تكون تدبيرا لشأن خاص بعالمة مفردة، »هو المعادل الحقيقي للسميوزيس؛

ومظانّه، إنها إن السميائيات هي طريقة في رصد المعنى وتحديد بؤره . علما لعالمة معزولة وال

ولهذا فالسميوز ليست تعيينا لشيء سابق . أيضا طريقة في الكشف عن حاالت تمنّعه ودالله وغنجه

في الوجود وال رصدا لمعنى واحد ووحيد، إنها على العكس من ذلك إنتاج، واإلنتاج معناه الخروج

سلسلة من اإلحاالت إلى ما يحيل على التأويل باعتباره " الموضوعي"من الدائرة الضيقة للوصف

«المتتالية الخالقة لسياقها8

.

تدّل على أن االنتقال داخل السميوزيس من –وهي احتماالت سميوزيسية –إن هذه االحتماالت

عنصر آلخر يكسب العالمة تحديدات أكثر اتساعا وعمقا، سواء تعلّق األمر بالمعطيات التقريرية

بفعل إنتاج الداللة، أو المعطيات اإليحائية بوصفها نشاطا الحرفية بوصفها النشاط األول المرتبط

«فالعالمة شيء تفيد معرفته معرفة شيء آخر»ثانيا يقذف بالعالمة نحو عالم التأويل، 9

.

فما نحصل عليه في نهاية المسير التأويلي هو حّد بدئي لمعرفة عميقة تطرحها تصورات جديدة،

للتوالد الداللي الالمتناهي، هذا الالتناهي ال يفصل وهي تصورات تجعل من السميوزيس بؤرة

إن النشاط التأويلي، وفق الغايات » العالمة عن أصلها، بل يحافظ على هويتها وتماسكها،

تعيين )السميوزيسية، المعلنة أو الضمنية فعل كلّي، إن كانت آثاره المباشرة هي تعيين داللة ما

7

.167:السميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها، مرجع مذكور، ص(: بنگراد)سعيد –8

.34/35: المرجع نفسه، ص –9

.120:التأويل بين السميائيات والتفكيكية، مرجع مذكور، ص(: إيكو)أمبرتو –


© 2013 UOB


ت ذاتها التي تجعل من أي نسق سميائي بؤرة للتوالد الداللي ، فإن عمقه ال تحدده سوى اإلحاال(ما

«الالمتناهي10.

إن الالنهائي في هذا التوالد اإليحائي، وهذه السيرورة التدليلية ال يقيم قطيعة مع الحّد البدئي، إنه

.يقوم بتعميق تمثاّلتنا ومعارفنا التي وضعت للتداول في اإلحالة األولى

ورة السميوزيس سيرورة تأويلية المتناهية، فعلينا أن نفهم بأن عملية غير أنه إذا كانت سير

التأويل هذه ليست عملية حّرة، بل إنها حرية مشروطة؛ أي بقدر ما توهمنا عملية التأويل في أننا

ل أحرار فيما نقول، فإننا في الوقت نفسه نجد أنفسنا مجبرين على تأويل وذكر ما يرد الشيء المؤوَّ

. قوله

من منظور بورس، فال وجود لعالمة في ذاتها، بل يمكن لكل شيء ولكل ظاهرة أن تصبح و

فالسميائيات ليست علم »بهذا المعنى . والتحّول إلى عالمة يعني الدخول في السميوزيس. عالمة

«العالمات، بل هي علم السميوزيس11.

ة لهذه السيرورة، بدءا إن صياغة هذه السيرورة السميائية،معناه وصف سلسلة الحجج الباني

ل لموضوع هذه العالمة وهذا لن . بإدراك العالمة وانتهاء بحضورها في ذهن الشخص المؤوِّ

أي إنها تعيد إنتاج الموضوع نفسه في إطار . يتحقق إالّ عندما تستقّر هذه السلسلة في نقطة ما

.سيرورة المتناهية

المة، ومختلف عناصرها يجعل إمكانية فكّل عالمة هي موضوع تجربة، وإدراك نواة هذه الع

وأول ما تبتدئ به هذه السيرورة هو تأكيد حقيقة التمثيل، بعد ذلك، فإن كل . فهمها أمرا ذا أهمية

سيرورة استداللية تالية تقتضي إنتاج متوالية من العالمات أكثر تطورا؛ ذلك أن موضوع العالمة

كار البانية لهذه السيرورة تسعى في كل يصبح هو اآلخر موضوع بحث مستمر، والحجج واألف

ثم تتوقف . خطوة إلى تأمين المرور من تمثيل آلخر، من موضوع إلى موضوع آخر لم يُحّدد بعد

وفي كّل بحث نصطدم تارة . هذه السيرورة في لحظة ما، لتستمّر رحلة البحث عن المعنى من جديد

ا، أما الثاني فهو بحث مستمر حول هذا األول هو اختيار لتمثيل م: باإلنتاج وأخرى بالتأويل

بمعنى آخر،ترّكز هذه السيرورة الداللية على إعادة بناء النواة الخاصة بالموضوع الذي . االختيار

إن األمر يتعلق ببحث مستمر، وهو بحث يُفضي بنا إلى قضايا . يتم ربطه أو إيصاله دائما بالعالمة

. ذا البحث يولِّد لنا عادات في التأويلداللية أكثر عمقا، وأكثر تطورا، وتكرار ه

10 . 46:، ص1998السنة 10، مجلة عالمات، العدد "السميوزيس والقراءة والتأويل" (:رادبنگ)سعيد –

11– Francoise(Armengaud): La Pragmatique, que sais-je? N:2230, ED: Press Universitaires de France 1985,

P.19.


تنطلق هذه السيرورة من عنصر لتصل إلى عنصر آخر، وكيفما كانت طبيعة الظاهرة

المدروسة، فإن االنتقال من العنصر األول إلى العنصر الثاني ال يمكن أن يتم عن طريق الصدفة،

هذا االنتقال بوصفه معطى لذلك يجب التعامل مع. وإالّ أصبحنا أمام سيرورة غير متماسكة

ما في كل المسيرات التأويلية التي تربط بين العنصر األول والعنصر الثاني .توّسطيا بانيا ومتحكِّ

التحققات النقدية والفلسفية : السميوزيس

يعادل مفهوم العالمة عند بورس مفهوم الحوارية عند باختين كما صاغه وشرح حدوده في كتابه

لقد قدم المفهوم على أنه جسر يصل بين ذاتين ونقطة تقاطع يتم . ”وفلسفة اللغةالماركسية “

إنها فضاء جدلي يشع بالحياة للقاء والحوار تجسده التجربة . تعزيزها من قبل المتحاوين بكيفية ما

جتماعية التي يمليها النسانية في المعيش واليومي،حيث يتم بناء المعنى انطالقا من الشروط اإلا

. وما يصدق على الكلمة يصح في الخطاب أيضا. ظ مثلما تمليها التحققات الصوتية لفعل اللغةالتلف

–فالحوارية هي مبدأ يقوم على اعتبار الكون كله مؤسس على الحوار، إذ في أحاديثنا اليومية ننقل

يظل يمكن بتاتا لمعنى الكلمة أن ال أقوال اآلخرين ، لهذه الغاية –عن قصد أو عن غير قصد

يمكن توقعه، وهو ما ال حبيس المعيارية أو ثابتا، إنه يظل دائما مفتوحا على ممكنات وعلى ما

فالكلمة والخطاب . ستمرارية عند بورس بين فعل العالمة وحركية السميوزيساليطابق إلى حّد ما ا

.تالت والتحوالعند باختين هي ما يعادل العالمة وحركية السميوزيس عند بورس في كل الحا

لقد عّد مفهوم الحوارية عند باختين قطب رحى تدور حوله العديد من المفاهيم التي تؤثث فضاء

كتشاف مفهوم الدبية، فدراسته للروائي الروسي الشهير دوستويفسكي قادته ألعمال األمختلف ا

النظر، الرواية البوليفونية تلك الرواية التي تتعدد فيها الشخصيات المتحاورة، وتتعدد فيها وجهات

بمعنى إنها رواية حوارية . وتختلف فيها الرؤى اإليديولوجية، دون أدنى فكرة لحضور الهيمنة

دبي يؤسس لسميوزيس اجتماعية من جهة وخطابية ألفالعمل ا. تعددية، تنحى المنحى الديمقراطي

. من أخرى

ره سواء من وعلى نحو مماثل، قامت جوليا كريستيفا بتطوير مفهوم التناص الذي اشتق مصاد

من االقتباسات المتكاثرة المتآلفة " لوحة فسيفسائية"النص ف. نصوص باختين أو من كتابات بورس

والمتباينة في الوقت نفسه، حيث تتفّجر من داخل النص نصوص متداخلة ال تعّد وال تحصى

ناً وهكذا فالنص ليس مغلقاً وال محصّ . تسّربت إلى داخل النص بوعي من المؤلف أو دون وعي

ضد التدخالت الهائلة التي تأتيه من كل حدب وصوب، ومن هنا كان روالن بارث يؤكد، في مقالته

الكتابة هي هذا . ، أن الكتابة قضاء على كل صوت، وعلى كل أصل"موت المؤلف"الشهيرة عن

تضيع فيه كل البياض الذي –إنها السواد . الحياد، هذا التأليف والّلف الذي تتيه فيه ذاتيتنا الفاعلة


© 2013 UOB


أو قل ال أصل له –ترسم مجاال ال أصل له ( الكتابة)فهي »هوية، ابتداء من هوية الجسد الكاتب،

«غير اللغة ذاتها، أعني ذلك الشيء الذي ما ينفّك يضع األصل موضع سؤال12.

يقودنا هذا التصور، إلى تشييد تصور دينامي للنص باعتباره ظاهرة إنتاجية ترفض كل انغالق،

تعبِّر اللغة من خالله عن تفاعل بين الذات واآلخر، وبينها وبين النص المقروء عبر حركة اختالفية

تبرر هذا النسق التفاعلي، مما يفسر الدينامية المستمرة لتوليد المعنى وتناسله من خالل

وهو ما . االستراتيجية القرائية التي تتفاعل فيها معارف القارئ القبلية ومعارف النص الجديدة

.يفرض على القارئ تنويع مداخله القرائية

من هذا المنطلق سيتم النظر إلى المعنى بوصفه نتيجة اللقاء بين نصين النص المقروء ونص

ومن خالل هذا التعبير نريد أن نقول إن القارئ بدوره، يمكن أن يُحدَّد بوصفه نصا في . القارئ

ترب من النص هي نفسها متعددة، مشكَّلة من نصوص التي تق" األنا"إن هذه »نسق روالن بارث،

«(أصلها مفقود)أخرى، ومن ُسنن ال محدودة وبعبارة أدق هي تعددية ضائعة 13.

والتعاقب؛ ليس شيئا آخر سوى . إن تشتت المعنى وإنتاجية النص، هما نتيجة لتعاقب القراءات

: جية، وهو ما يعنيفالنص إذن إنتا». تعاقب للنصوص وتعاقب لصور وأشكال االختالف

ولذلك يمكن مقاربة النص (. هدم وبناء)أن عالقته باللسان الذي يتموقع فيه هي إعادة توزيع .1

.من خالل المقوالت المنطقية ال عبر المقوالت اللسانية الصرفة

في فضاء نص ما تتقاطع وتتصارع أقوال وملفوظات : إنه تحوير لنصوص أخرى وتناص .3

«أخرى مما يجعل بعضها يقوم بتحييد البعض اآلخر ونقضهعديدة مقتطفة من نصوص 14.

يفسِّر هذا َكْون النص أصبح شبكة مختلفة، نسيج من اآلثار االختالفية التي تشير وترمز بصورة

يتمفصل النص مع »النهائية إلى أشياء أخرى غير نفسها، إلى آثار اختالفات أخرى؛ حيث

«بل بصور اقتباسيةالمجتمع والتاريخ، ال بطرائق حتمية، 15.

بل إن لعب اختالفاته . وهكذا يجتاح النص كل الحدود المعينة له، وأصبح يعني أكثر مما يقول

ولكون النص ممارسة إنتاجية، فلم يعد النظر إلى . ذاتها يعكس إزاحته لنصوص أخرى سابقة عليه

ع األنساق في لعبة من المعنى بوصفه شيئا قاّرا في النص، بل سيرورة تدليلية تسهر على توزي

12

عبد السالم بنعبد العالي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء الطبعة، : درس السيميولوجيا، ترجمة: ضمن" موت المؤلف(: "بارث)روالن –

85:، الصفحة1993الثالثة، 13

–Roland (Barthes): S/Z. Paris; Seuil; 1970; Page: 16. 14

–Julia (Kristeva): Semiotiké: Recherche Pour Une Sémanalyse ; Ed ; Seuil; Paris 1966 , Page: 11. 15

–Roland (Barthes): L'aventure Sémiologique ; Ed ; Seuil ; Paris ; Page: 329.


أن تقرأ، معناه دائما أن تقرأ في عالقة وارتباط مع نصوص أخرى بأنساق »اإلحاالت الالمتناهية،

«أخرى بوصفها كيانات مسؤولة عن إنتاج نصوص، وتحاول بناءها ثقافيا16.

له، خير في صلب الممارسة التفكيكية نسبة لجاك دريدا فالنص ال مركز أليضعنا هذا التصور ا

ال يشكل بؤرة ثابتة، بل يعد وظيفة، أي ما يشبه الالموقع الذي تستبدل داخله »وهو، إن وجد

«العالمات المواقع فيما بينها 17

وهو ما يعني بعبارة أخرى، أن ال جدوى من البحث عن حقيقة أو .

فالنص . تأصل أو بداية، أو استعادة ما ضاع من خالل التمثيل، مادام كل شيء يتم داخل العالما

. عبارة عن مجموعة من الدوال التائهة المتملصة باستمرار من مدلوالتها ضمن لعبة تأجيل أبدية

يشكل غياب المدلول النهائي لعبا ال محدودا، أي تدميرا للوجود »واستنادا إلى هذه اللعبة الدائمة

.«الالهوتي لميتافيزيقا الحضور18

والمؤول التفكيكي . تحاول الدخول إلى كل متاهة نصية إن التفكيكية بوصفها طرازا في التأويل

يتوق عبر ذلك، إلى العثور داخل الواقعة المعروضة للدراسة على العنصر المجافي للمنطق،

وعلى خيط في الواقعة المعنية يكون كفيال بفّك كل الخيوط،أو على الحجر الهّش الذي سيقوض

التفكيكية تعدم األساس الذي ينهض عليه البناء، عن طريق واألحرى القول إن القراءة . البناء بأسره

.وأن بنية هذا النص قد فكت نفسها بنفسها. تبيان أن النص قّوض البناء لتّوه

هذه االستراتيجية جعلت من الممارسة التأويلية فعال ال متناهيا، دخل معها النص تجربة انفالت

فأن يكون التأويل ال »حتى أكثرها تناقضا،قرائي، وهي تؤّكد أن النصوص تحتمل كل تأويل

متناهيا معناه أن كل األفكار صحيحة حتى ولو تناقضت فيما بينها، وكل اإلحاالت ممكنة حتى ولو

أّدت إلى إنتاج مدلوالت عبثية وهذا أمر يتناقض مع المبادئ المؤسسة للعقالنية الغربية وقد يؤدي

«إلى تدميرها19

.

ذا النموذج التأويلي أصوال نظرية سحيقة تتمثل في تيارين فكريين وقد وجد أمبرتو إيكو له

تبحث –مثلها في ذلك مثل الغنوصية –لقد كانت الهرمسية »الهرمسية والغنوصية،:قديمين هما

فكّل كتاب كان . عن حقيقة ال تعرف عنها أّي شيء، وكّل ما تملك للوصول إلى ذلك هو الكتب

وهذا ممكن ألن اللغة . قة حتى ولو تناقضت هذه الكتب فيما بينهاعندها يشتمل على جزء من الحقي

16

– Jonathan (Culler) : THE PURSUIT OF SIGNS, Semiotics,Literature Deconstruction Cornell University

Press ; Ithaca ; New York ;1981, ; Page: 12.

17 –Jacques (Derrida): Ľecriture Et La Différence ; Paris ; Seuil ; Coll. Point ; P: 411.

18– Jacques (Derrida): De La Grammatologie ; OP Cit; Page:73.

19النص . 3000بعة األولى سعيد بنگراد، المركز الثقافي العربي الط: التأويل بين السميائيات والتفكيكية ، ترجمة وتقديم(: إيكو)أمبرتو –

.14:ص: مأخوذ من تقديم المترجم


© 2013 UOB


ال تشتمل إالّ على المجازات فهي تبدي عكس ما تخفي، فبقدر ما تكون غامضة ومتعددة،بقدر ما

«تكون غنية بالرموز واالستعارات20.

رها هذه األصول تفتح أّي نص أو أية حقيقة على مصراعيها لتقبل جميع التأويالت حتى أكث

مبدأ "تناقضا، وقد قضت بذلك شيئا فشيئا على أبسط مبادئ وبديهيات ومسلمات المنطق والعقل مثل

ومبدأ الثالث المرفوع"، "ومبدأ عدم التناقض"، "الهوية

يؤسس لمفارقة عجيبة فيما يتعلق بموقفه من اللغة –كما يالحظ إيكو –وهكذا فإن فكر هرمس

العالم كله إلى مسرح لغوي، ويحرم اللسان في الوقت نفسه من والنصوص، وتأويلها، فهو يحول

أية سلطة إبالغية محددة أو ثابتة21.

وكل Interprétabilité مثل هذا سيؤدي إلى تقويض مفهوم التأويل والتأويلية)...( إن موقفا »

هو أن يستعمل شخص ما نصوصا بطريقة أو بأخرى –على األكثر –( هذا الموقف)ما يسمح به

إلنتاج نص جديد، وبمجرد ظهور النص الجديد، فسيكون من باب المستحيالت الحديث عن

النصوص السابقة إالّ بوصفها مثيرات غامضة أثرت بصورة أو بأخرى في إنتاج هذا النص

ذلك شأن الوقائع الفيزيولوجية والسيكولوجية التي تكون بكل تأكيد أصال إلنتاج الجديد شأنها في

أي نص، والتي ال يحفل بها النقد عموما، باستثناء ذاك الذي يتيه في االفتراضات البيوغرافية

«والتخمينات النفسية اإلكلينيكية22.

ليس فعال –ا المنظورمن هذ –إن التأويل »ينسجم مع تصورات بورس ال شك أن موقفا مثل ال

مطلقا بل هو رسم لخارطة تتحكم فيها الفرضيات الخاصة بالقراءة، وهي فرضيات تسقط انطالقا

«من معطيات النص مسيرات تأويلية تطمئن إليها الذات المتلقية23.

فالعالمة شيء تفيد معرفته "»

دل على أن االنتقال من ت( بالمعنى البورسي للكلمة)افة ؛ إن هذه المعرفة المض"معرفة شيء آخر

مؤول إلى آخر يكسب العالمة تحديدات أكثر اتساعا سواء كان ذلك على مستوى التقرير أو على

إن التأويل باعتبار موقعه داخل نسيج السميوزيس الالمتناهية، يقترب أكثر فأكثر . مستوى اإليحاء

20 .14/15:ص: النص من تقديم المترجم المرجع نفسه، – وفق مبدإ أساسي مفاده؛ تعمل –سواء مع أفالطون أو أرسطو ومن يدور في فلكهما –إن المعرفة التأويلية التي تستند إلى مبدأ الحّد والعقل -

فلكي تكون قادرا على منح . إن تعريف هللا انطالقا من هذا الرابط، معناه تحديد سبب يقصي كل سبب آخر." بالسببأن المعرفة هي إمساك

يفترض غياب أية " ب"إلى " أ"إن وجود حركة تسير من . العالم تعريفا سببيا، يجب بالضرورة أن تستحضر فكرة وجود سلسلة وحيدة االتجاه

من هنا، ومن أجل تبرير الطابع الخطي األحادي االتجاه للسلسلة السببية، يجب االستناد إلى ". أ"إلى " ب" قوة قادرة للسير بهذه الحركة من

، ومبدأ الثالث المرفوع (في نفس اآلن" أ"وال " أ"يستحيل أن يكون الشيء )، مبدأ عدم التناقض "(أ"="أ: )"مبدأ الهوية: مجموعة من المبادئ

.26:ص التأويل بين السميائيات والتفكيكية والتفكيكية مرجع مذكور،(: إيكو)أمبرتو (. إما صحيحة وإما خاطئة" أ)"21

.34:التأويل بين السميائيات والتفكيكية مرجع مذكور، ص(: إيكو)أمبرتو – 22

–Umberto (Eco): les Limites De L’ interprétation; traduit de l’italien par;Myriem Bouzaher. ; Grasset ;

1990.:45. 23

.11:التأويل بين السميائيات والتفكيكية مرجع مذكور، النص من تقديم المترجم، ص(: إيكو)أمبرتو -


لة ما إلى معرفة خاصة بمضمون فالسيرورة التأويلية تنتهي، في مرح. من المؤول النهائي المنطقي

«الماثول أرقى من تلك التي شكلت نقطة انطالق هذه السيرورة24.

فالعالمة وفق هذا التصور ال تنتج داللة تكتفي بذاتها، بل إنها تّولد سيرورة تدليلية أكثر تطورا

هذه . انطالقا من فعل التمثيل وأشكال اإلحالة، والعالقات التي تتم بين عناصر هذه السيرورة

للسميوزيس المعرفة المضافة تدّل على أن االنتقال من عنصر داخل هذه السيرورة إلى آخر يعطي

فكل عالمة تؤّول أخرى ومن شأن أّي فعل . بعدها التوليدي في إنتاج سلسلة المتناهية من العالمات

تأويلي أن يتحّول بدوره إلى عالمة ويولّد سيرورة سميائية جديدة، وهو ما يجعلنا بصورة واضحة

.أمام مفهومي التوليد والتأويل في سميائيات بورس

إن المعنم »: هو ما يهمنا أكثر ألنه هو الذي يؤسس الفرضية القائلة –قيقة ح –إن مفهوم التأويل

«هو نص مفترض والنص هو امتداد آلثار معنوية 25

وتعّد هذه الفرضية أساسية، ألنها تفترض، .

وبصورة مسبقة، الدور الحقيقي الذي يُعهد للقارئ بوصفه المسؤول عن فعل التأويل، وبالتالي

.النصانخراطه في تحيين

لذا فإن الفرضية السالفة ليست جديدة، ففي سميائيات بورس ما يؤّكد وجود هذه الفرضية خاصة

تصّوره المنسجم والمتكامل لمفهوم السميوزيس الالمتناهية وغنى نظرية المؤوالت، لما لهذه

هيم المتعلّقة األخيرة من أهمية في عقد الصلة بمفاهيم متداولة كثيرا في الحقل التداولي، خاصة المفا

بمقامات وظروف التلفظ، وتلك التي لها عالقة بافتراضات الذات المؤولة واقتضاءاتها واالشتغال

وهو بذلك يفسح . هذا األخير يقتضي التحيين من قبل الذات المؤولة. االستداللي لتأويل النص

قدره التأويلي جزءا من منتوج يشّكل » المجال أمامها إلمكانات تأويلية متعددة، إنه بتعبير إيكو،

«آليته التوليدية26.

وال شّك أن توليد وتأويل نّص ما، في حالة بورس، يعني تشغيل استراتيجية

الماثول )سميوزيسية متعاضدة تراعي التأليف والتمفصل بين مختلف العناصر المشّكلة لها

(.والموضوع والمؤول

خر عالمة، بناء سميائيا قابال بدوره لتأويل ففي هذا المنظور، يصبح كل مؤول باعتباره هو اآل

آخر، هذه السلسة الالمتناهية من الـتأويالت، هي مجرد احتمال سميوزيسي ال يمكن أن يتحقّق إالّ

المتناهية، إالّ أن –بصورة مفترضة –فالسميوزيس »ضمن سياق محّدد أو من زاوية بعينها،

فمع . ف هذه السلسة غير المحّددة من اإلمكاناتأهدافنا المعرفية تقوم بتأطير وتنظيم وتكثي

24

–Umberto (Eco): Les limites de L’interprétation, OP.Cit, Page:371. 25

–UMBERTO (ECO):, LECTOR IN FABULA, Ou la coopération interprétative dans les textes narratifs,

Traduit de l`italien par MYRIEM BOUZAHER, ED, Grasset & Fasquelle, 1985.32. 26

–Ibid. pp: 68/70.


© 2013 UOB


«السيرورة السميوزيسية ينصّب اهتمامنا على معرفة ما هو أساس داخل كون خطابي محدد27

.

هذا الكون الخطابي هو الذي يحّد من حجم التأويل وامتداداته، إنه يشّكل فاصال بين التأويل

تحكمه ضفاف، والمسير التأويلي المحكوم الذي ال( نسبة إلى المتاهة)الالمتناهي والمتاهي

مما يعنى أن السيرورة التأويلية . بانتقاءات سياقية والذي له ضوابطه ومنطقه ونتائجه الداللية

فالعالمة تكتسب مزيدا من التحديدات كلما أوغلت في اإلحالة ».متناهية من حيث التجسيد العملي

لقات المشّكلة ألي مسير تأويلي تقود إلى إنتاج من هنا، فإن الح. واالنتقال من مؤول إلى آخر

وهكذا فإن ما نحصل عليه من . معرفة أعمق وأوسع من تلك التي تقدمها العالمة في بداية المسير

«معرفة في نهاية السلسة هو تعميق للمعرفة التي تطرحها العالمة في حّدها البدئي28

.

يديولوجية للمعنىإلاجتماعي والطبيعة النتاج اإلا: السميوزيس

إن التأويل عند بورس أعطى الصورة الحقيقية لمفهوم الذاتية، وذلك بأن نظر إلى هذه الذاتية

بوصفها المظهر والمكان المخصَّصين لشبكة منظمة من المؤسسات االجتماعية القابلة للمالحظة

له ال يمكن أن يكون هي التي تتكلم، لكن ما تنتجه وما تقو" األنا"إن »والوصف الموضوعيين،

هي مكان العالمات وبالضبط هي مكان المؤوالت وهو مكان ليس معزوال، " األنا"ذاتيا؛ أي إن

«على العكس إنه مكان يشكل حالة، وكل حالة هي حالة اجتماعية29.

وعندما يتعلّق األمر بالمجتمع فإننا نضع نصب أعيننا مقولة العادة باعتبارها قانونا؛ أي

إن . ا مجموعة بشرية تعّد ضمانة بيذاتية على مقولة الحقيقة كمعطى عرضي بلغة إيكوباعتباره

فكرة المجموعة البشرية تشتغل باعتبارها مبدأ ال يأتي قبل السيرورة التأويلية، بل بعدها، وهو مبدأ

يس وليد يسمح لها بتجاوز كل التصنيفات أو القصديات الذاتية والفردية للمؤول الفرد، ألن التأويل ل

بنية الذهن البشري ولكنه وليد الواقع الذي تشيده السميوزيس 30إن المجموعة البشرية عندما ».

تتفق على تأويل ما، فإنها تنتج مدلوال، إن لم يكن موضوعيا فهو بيذاتي، وسيتم، على أية حال،

«يهتفضيله على أي تأويل آخر لم يتم الحصول عليه نتيجة إجماع المجموعة البشرية عل31

وعلى .

الرغم من كل الصعوبات التي تثيرها القضايا المتصلة بالمعنى سواء من لحظة انبثاقه من أصله

هذه . إلى لحظات تلقيه وتأويله، فإن هذا المعنى يظل محكوما وموجها بواسطة أنساق وقواعد

لتأكيد، على ال تحيل با»والموضوعية . القواعد واألنساق هي ما يؤكد األبعاد الموضوعية للمعنى

كما ال . مادة مضمونية قارة وكلية مودعة داخل النص بشكل سابق على القراءة وعلى فعل التأويل 27

–Umberto (Eco): Les limites de L’interprétation, OP.Cit, Page:371. 28

.47/48:، ص1991السنة 10مجلة عالمات، العدد " والتأويلالسميوزيس والقراءة (: "بنگراد)سعيد –29

–GERARD (DELEDALE): THEORIE ET PRATIQUE DU SIGNE. Introduction à la sémiotique de C.S.

Peirce ,PAYOT , PARIS , 1979 , Page: 33/34. 30

. 431/431:والتفكيكية، مرجع مذكور، صالتأويل بين السميائيات (: إيكو) أمبرتو – 31

. 431:المرجع نفسه ، ص –


تحيل، بالتأكيد أيضا، على معنى واحد ووحيد يمنح النص ما يضمن له هويته الخاصة؛ كما ال

حالة المعنى هو إن المقصود بالموضوعية في . يتعلق األمر بغايات داللية سابقة على فعل القراءة

«االعتراف بوجود قيود يستدعيها تحقق ال يمكن أن يتم إال في ارتباطه بأصل مولد له32.

إن هذه القيود، هي ما يجعل من المعنى معطى موضوعيا من جهة، وهي ما يجعله قادرا على

فحسب، بل ألن العالمة، عند بورس، ال توفِّر معرفة . خلق معرفة متطورة وجديدة من جهة أخرى

.نستطيع بواسطتها التعّرف على معارف جديدة

إن المعنى الذي يُسنَد لقيمة ما أو قيم ما داخل المجتمع ال يمكن أن يدرك بصورة فعلية إال من

خالل تحقق هذه القيم وتجسيدها في أدوار أو وظائف ومؤسسات تخرج هذه القيم من تجريديتها

مضمونا وصبّها في وعاء يتم من خالله تحديد السياق أو وتمنحها وجها مشخصا، وذلك بإعطائها

التلوينات الثقافية التي تخصص هذه القيم وتخرجها من الزمنيتها المطلقة إلى زمن ومكان

إن التجسيد هو المدخل الرئيسي نحو خلق سلسلة من األنساق التي تقوم بتنظيم مجموعة »محددين،

–تبعا لذلك –ويسمح هذا التنظيم لهذه القيم . ي المكانمن القيم في أشكال محددة في الزمن وف

ولعل هذه العالقات . التشابهية التقابلية والعكسية بالدخول مع بعضها البعض في شبكة من العالقات

«فنحن ال ندرك إال االختالفات. المتنوعة هي ما يحكم نمط إدراكنا للعالم33.

وال يمكن لهذه القيم أن

ة إالّ إذا أدرجت ضمن شبكة من العالقات تمنحها وجها عمليا وإجرائيا وتنظيميا تُحيَّن وتنتج دالل

إن هذه العالقات تمّرر وتصّرف السياق باعتباره شرطا أساسيا لترويج . قابال لإلدراك والمعاينة

ل لما. الداللة واإلمساك بها في اآلن نفسه إن تنظيم هذه القيم داخل وحدات سياقية محددة هو المشكِّ

بذلك تكون اإليديولوجيا هي . أوالصياغة المخصوصة للقيم" اإليديولوجيا"نصطلح على تسميته

التجسيد الفعلي للمادة المضمونية داخل حدود »الوجه المرئي والمشخص لهذه القيم، إنها

إن التشخيص هنا هو إدراج القيم المجردة . فضائية تمنح القيم لونا وطعما وخصوصية/زمنية

«فالفعل الخاص يحتاج إلى سياق خاص يميزه ويستمد منه فرادته. ات خاصةضمن سياق34

وهذه .

إذ ليس هناك أّي معنى ألّي سلوك . اإليديولوجيا ال يمكن أن تكون إالّ من طبيعة المادي والملموس

يمكن تصور أي شكل من أشكال وال. أو ممارسة إالّ في إطار نسيج مركب من المواد المحسوسة

لهذا فالمطلوب هو إدراك . الجتماعي خارج مدار هذا النسيج؛ أي خارج مدار السميوزيسالتنظيم ا

إنها بلغة . الكيفية التي يتم بها استثمار السميوزيس في كل شكل من أشكال النسيج االجتماعي

أخرى تحدد وتهتم بطبيعة اإلنتاج االجتماعي للمعنى باعتبارها ُرزما أو أنساقا ثقافية منمذجة

32

. 411:السميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها، مرجع مذكور، ص(: بنگراد)سعيد –33

1991ـ البناء الثقافي ـ منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية مكناس . 67:ص ، ،شخصيات النص السردي(:بنگراد)سعيد –34

. 157:السميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها، مرجع مذكور، ص(: بنگراد)سعيد –


© 2013 UOB


ألن هذا المعنى هو وليد ممارسات أو . بة غايتها في ذلك اختراق الشبكات االجتماعية للمعنىومرك

. هو حصيلة وخالصة عمل اجتماعي

تشتغل هذه اإليديولوجيا بوصفها حصيلة وسنن يكثف داخله كل األشكال العامة للسلوك اإلنساني

جه ضمن خانات مركبة تفترض وجود بمعنى آخر، فال قيمة للسلوك إالّ في إدرا. القابل للتحقق

عالقات أو تعاقدات تتخذ شكل استثمارات في كتل من المواد القابلة لإلدراك والمعاينة، والتي

تعطي لهذا السلوك وغيره تحققاته الممكنة داخل سياق محدد، وهو ما يضعنا مباشرة أمام

دة للشروط التي يتم بمو جبها إنتاج وتداول شيء ما اإلرغامات الخطابية أو القواعد المحدِّ

. واستهالكه35

التي تشكل، فيما يبدو، اإليديولوجيا ال تمتلك وجودا مثاليا أو فكريا أو ... إن األفكار والتمثالت»

إن اإليديولوجيا ال تظهر إالّ مجسدة في جهاز وفي ممارسته أو . روحيا، بل تمتلك وجود ماديا

ل الممارسات المنتشرة في المجتمع، حفالت الزفاف، فك. إن هذا الوجود وجود مادي. ممارساته

تندرج ضمن ما ... مراسيم التأبين، تلقي التهاني، وأيضا طريقة الجلوس واألكل واستقبال الضيوف

يسميه ألتوسير اإليديولوجيا المجسدة، وهي طريقة أخرى للقول إن القيم المجردة تتخذ من خالل

«الممارسة وجها مشخصا36.

من النظام القيمي العام والمجرد إلى التحقق الخاص ال يمكن أن يتم إالّ باعتماد سلسلة إن التحول

إن هذا التحول من العام والمجرد . من القواعد واألنساق التي يتم بها تحيين القيم داخل سياق محدد

إلى المحقق، هو تحول ال يتم عن طريق الصدفة، بل هو تحول محكوم باستراتيجية تنظر إلى

إنها استراتيجية تتعلق بما هو . لداللة بوصفها سيرورة تداولية يتحكم فيها محفِال اإلنتاج والتلقيا

هذه االستثمارات هي التي . خطابي، أي بنحٍو لتوليد المعنى واستثماره في وقائع ملموسة دالة

طارها أو سيُنظر إليها بوصفها مجموعة من اإلرغامات الخطابية المحددة للشروط التي يتم في إ

بشروط "ويفضل إليزيو فيرون تسمية هذه الشروط . بمقتضاها إنتاج المعنى وتداوله واستهالكه

"التعرف37

.

" والمواقف" "اإلرادة)"ليست سجالّ لمضامين محددة »وعلى هذا األساس، فإن اإليديولوجيا

كن تبعا لذلك تحديدها وال يم. بل هي نحو لتوليد المعنى، والستثماره في مواد دالة"( التمثالت"و

35

–Eliseo (Veron):"Sémiosis de l'idéologie et du pouvoir"; in Communications 28 ;1978; Page:8. 36

27:، ص1994السنة األولى 2مجلة عالمات العدد ، "عن التسنين السردي والتسنين اإليديولوجي(:"بنگراد)سعيد – 37

–Eliseo (Veron):"Sémiosis de l'idéologie et du pouvoir"; in Communications 28 ;1978; Page:8.


إنها بمعنى آخر مجموعة من اإلرغامات أو األنساق البانية ليس فقط . 38«من خالل المضامين

لحاالت التسييج النهائي للفعل التأويلي، بل إنها تقوم بدور المثير أيضا، ومن شأن هذه األنساق

المؤلف نفسه غير واٍع بها، اإليديولوجية أن تحث القارئ، أحيانا، عل إيجاد أمور في النص يكون

إن هذه البنيات اإليديولوجية تتحّكم في . لكن النص ينقلها ويعمل عل ترويجها بصيغة من الصيغ

. األشكال والوقائع التي يتم بها تحيين وتخصيص القيم

وعلى . ويمكن النظر إلى هذه األنساق اإليديولوجية بوصفها حاالت مسننة، تنتمي إلى الموسوعة

إن القارئ يقارب النص انطالقا من منظور إيديولوجي بوصفه جزءا من موسوعته حتى وإن هذا ف

.كان غير واع بذلك

إن كل ما تّمت اإلشارة إليه لحّد اآلن يؤّكد أن أّي مقاربة أو تحليل ألّي ظاهرة دالّة، هو

–ومرئيا فالمعنى المنتَج ال يصبح محققا. بالضرورة تحليل يقتضي استحضار عناصر خارجية

أي "إالّ في عالقته بالنسق اإلنتاجي الذي ولّده، أي في عالقته مع ما يوجد خارجه –كما سلف

"العناصر التي شكلتها شروط اإلنتاج والتداول والتعّرف39.

فهو سيرورة لتحرير المعنى من أبعاده التقريرية . إن التأويل هو فن التوّسط والتبادل والنقل

ق كل ذلك أكثر من ترجمة ما، وإدراكه بهذا الشكل يذّكرنا بأن اإلنسان هو كائن الجامدة، إنه فو

.لغوي وتاريخي واللغة هي الوسط الحقيقي والفعلي لكينونته

سطورة واللغة ألالفن والتاريخ والفلسفة وا)إذا كان التأويل مرتبطا بفكرة التوسط اإللزامي،

خالله تبحث المعرفة عن العام والقانون والقاعدة وهو تأويل من ( وسائط للتجربة السميوزيسية

لتجد وتحقق اكتمالها، وبفضل التأويل ينتج اإلنسان وساطة بينه وبين العالم 40،

وإذا كان هذا

التوسط يشتغل بوصفه قاعدة عامة يتم بواسطتها إنتاج الداللة وتداولها، فإننا نستطيع النظر إليه

والممارسات العامة للسلوك اإلنساني؛سواء كان هذا السلوك بوصفه سننا يكثف داخله كل األشكال

وهي أشكال يتم تحيينها وتجسيدها في ممارسات ... لغويا أو اجتماعيا أو سياسيا أو فنيا أو دينيا

.حددة ومؤطَّرة في الزمان والمكانخاصة وم

38

–Ibid; Page:15. 39

–Eliseo (Veron):"Sémiosis de l'idéologie et du pouvoir "; in Communications 28 ;1978;;Page:12. 40

–Hans – George Gadamer: L’Art de comprendre Herméneutique et champ de l’expérience humaine

;Textes réunis par Pierre Fruchon, Ed; Aubier, 1991.p205.


© 2013 UOB


خاتمة

جتماعي، ال البناء على ما سبق، فإن الحديث عن سميوزيس لها عالقة بالتاريخي والثقافي وا

: يمكن أن يتأتى إالّ انطالقا من

األهمية المعطاة للبنيات الرمزية المسبقة للمجاالت المعرفية التي تناولتها العلوم اإلنسانية؛ من .1

.اللغة باعتبارها وسيطا رمزيا وثقافيا هنا فإن اقتحام هذه المجاالت وكل المعطيات يكون عبر

.لكل وعي منهجي( السميوزيس) تجاوز الوعي التأويلي المتعاضد .3

قدرة السميائيات على نقل كل المشاريع والمكتسبات العلمية إلى اللغة؛ ومن هنا فإنها تقيم .2

أداة التوسط بمعنى آخر فإن التأويل عبر اللغة هو. عالقة ملموسة بين المعرفة والعالم المعيش

.الموضوعي بين عالم القيم المجردة وبين تحققاتها في الفعل اإلنساني

المراجع

:باللغة العربية المراجع .3000 المركز الثقافي العربي الطبعة األولىسعيد بنگراد، : التأويل بين السميائيات والتفكيكية، ترجمة وتقديم(: أمبرتو)إيكو

.1992عبد السالم بنعبد العالي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء الطبعة، الثالثة، : ترجمة السيميولوجيا،درس (:روالن)بارث

.1991 مكناس منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانيةشخصيات النص السردي ـ البناء الثقافي ـ (:سعيد)بنگراد

. 3002النجاح الجديدة، الدار البيضاء ، مطبعةمنشورات الزمنالسميائيات مفاهيمها وتطبيقاتها،

1994السنة األولى 2العدد مجلة عالمات، "عن التسنين السردي والتسنين اإليديولوجي"

1991السنة 10، العدد مجلة عالمات، "السميوزيس والقراءة والتأويل "-

:ةاألجنبي ةباللغ راجعالمArmengaud (Françoise): Pragmatique, que sais _ je? N: 2230, ED: Press Universitaires de France 1985.

Barthes (Roland): La S/Z. Paris; Seuil; 1970.

L'aventure Sémiologique ; Ed ; Coll, Point, Seuil, Paris, 1985.

Culler (Jonathan):-THE PURSUIT OF SIGNS.Semiotics,Literature Deconstruction Cornell University Press; Ithaca ; New

York ;1981 .

GERARD (DELEDALE): THEORIE ET PRATIQUE DU SIGNE. Introduction à la sémiotique de C.S. Peirce, PAYOT, PARIS,

1979.

Derrida (Jacques): De La Grammatologie Editions De Minuit; 1967

Ľécriture Et La Différence ; Coll. Point; Seuil ; Paris;1967.

ECO (Umberto): LECTOR IN FABULA, Ou la coopération interprétative dans les textes narratifs, Traduit de lìtalien par

MYRIEM BOUZAHER, ED, Grasset & Fasquelle, 1985.

LE SIGNE, Histoire et Analyse dùn concept, adapte de Lìtalien par: Jean Marie Klinkenberg. ED, Labor Bruxelle, 1988.

les Limites De L’ interprétation; traduit de l’italien par;Myriem Bouzaher. ; Grasset ; 1990.

Gadamer (H. – George): L’Art de comprendre. Ecrits II Herméneutique et champ de l’expérience humaine; Textes réunis par Pierre

Fruchon, Ed; Aubier, 1991.

Kristeva (Julia): Semiotiké: Recherche Pour Une Sémanalyse ; Paris; Ed; Seuil 1966.

Peirce (Charles Sanders): Ecrits sur le signe , rassembles, traduits et commentes par Gérard Deledalle, ED. Seuil, Collection,

L’ordre Philosophique, Paris, 1978.

Veron (Eleseo): La Semiosis et son monde “ in Langages 58 ,ED, Larousse.1980.

Sémiosis de l'idéologie et du pouvoir"; in Communications 28; 1978.


LECTOR IN FABULA, Ou la coopération interprétative dans les textes narratifs, Traduit de lìtalien par MYRIEM BOUZAHER,

ED, Grasset & Fasquelle, 1985.

LE SIGNE, Histoire et Analyse dùn concept, adapte de Lìtalien par: Jean Marie Klinkenberg. ED, Labor Bruxelle, 1988.

les Limites De L’ interprétation; traduit de l’italien par;Myriem Bouzaher. ; Grasset; 1990.

Gadamer (H. – George): L’Art de comprendre. Ecrits II Herméneutique et champ de l’expérience humaine; Textes réunis par Pierre

Fruchon, Ed; Aubier, 1991.

Kristeva (Julia): Semiotiké: Recherche Pour Une Sémanalyse; Paris; Ed; Seuil 1966.

Peirce (Charles Sanders): Ecrits sur le signe , rassembles, traduits et commentes par Gérard Deledalle, ED. Seuil, Collection,

L’ordre Philosophique, Paris, 1978.

Veron (Eleseo): La Semiosis et son monde “in Langages 58, ED, Larousse.1980.

Sémiosis de l'idéologie et du pouvoir"; in Communications 28; 1978.

semiosis and interpretation production of meaning ... · 502 abdellah berrimi: semiosis and...

Documents