تايوتحملا رادلا...

43 د العــد1 الدار حديث ت�صدر التي» الدارحديث« دوري�ة ت�سعى تعريف �إ�س�ام�ي�ةلإ�لآث����ار دار ع� ن من بهتميز تا لإ�سامية بالثقافة. �لقارئ يتجلىأخاذ ا وجمالفيع ر وذوق راق فن ل�ستى�ساملة و�ل�سعة �لو�ل�صباح اموعة .سلم ا د ب الفناط واأ �أنو�عنيات�سباح على مقتموعة �ل �ستمل وتتدة من �سدرمة �لف يعود تاريخها �إ �لهجري. عم وحتى �لقرن �لثالإ�ساةلف رى ترتيبها وت�سنيفها تبعا ل وق�د ج�غروقعد �إليها وي تعوخية �لت �لتاريلآث��ار ت د�ر �إل�ي�ه. كما رع�نتمي �ل��ذي ت مدينة ب �لأثرية �لتنقيية عملياتلإ�سامي تعود �إ و�لت �سعيد م لبهن�سا عن حفرياتطمى، ف�سا �لفا �لعلك�سف عن طريق طور �سيناء ل منطقة ر�ية. �لقدتو�بل �لويا �سمنلإ�سامية �سن ار �لآث� تقوم د�ر � وعلماءست�سافة باحث، با�سمها �لثقا مو�إلقاءخ�س�سات رفيعة، ل وذوي تي عاسيع �لفنتلف مو� ت ح�ولا هاعمارية وغلهند�سةمي و�لآثار و�لإ�ساامستقطب �هتمي ت� �لتو�سوعات م�ن.تخ�س�س منهم وغخوؤرج�ع ر� م��س�مر، ف�ه�ي ت�د�ل�����ا مكتبة �أم����ت �سلة، �أغلبها نادر، ذ� وكتبمطبوعات وجموعة. وثيقة با منذ نشاطهالإ�ساميةلآث� ار دار ب��داأت تعنىلية س�سة كموؤ�م1983 ل�ع�ام �إعارتهات التيل�صباح اموعة بتحف ثقافيةس�سة موؤ� لت�صبحتية، �لكويلحكومة ل �إ تهدف،ل�ع�ا مستوى ع مرموقة حول ال� دار�س�دق�اءأ� و�مهور تعريفختلف سلم ا د ب بفنهتم و �لعاذه بهتعلقة والفنية �لفكريةلأن�سطةلنشاط. اكهم بهذا ا وإ،جموعةم2012 فبراير13 ميةديقة الإ�س ا وا�س العطر وات�شايلد رغلز د. فم2014 يناير6 اأوائ�ل قية الأوروب�ي�ةت الأفريقاون: العل الدين وال بديث الع�سر ا �شلفادوري ماتيوم2014 يناير20 ونهايةل�ستيطانار واة: ال�ستقر العوحلية اإ النزعة ا منليد الرا�سخةلتقا ا �شلفادوري ماتيوم2014 سبتم29 ست�سرقون دغبي وا ج زياد رجبم2015 فبراير2 ة وثيقة باأطفالناحف ذات �سلتاعل ا كيفون �شافر �شارم2015 نوفم16 ديد ة اأماكا : ال�سفويزفتحدى ا ت ال�سيزا غلومبك لويات المحت حديث الدارLNS 1 KG 2 7 12 18 23 28 قارورةت�شكيلل اام اأدوات وا�شتخدوب النفخأ�شل نفذت ب� اإيران م10 - 9 القرنطبوعةذه ا اإ�شدار ه ك برق�نش�هم بن ي�

Upload: others

Post on 28-Dec-2019

10 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار1العــدد 43

ت�صدر التي الدار« »حديث دوري��ة ت�سعى

تعريف �إىل �لإ���س��ام��ي��ة �لآث����ار دار ع��ن

من به تتميز مبا �لإ�سامية بالثقافة �لقارئ.

فن راق وذوق رفيع وجمال اأخاذ يتجلى يف

ل�ستى و�ل�ساملة �لو��سعة ال�صباح جمموعة

�أنو�ع واأمناط الفن يف بالد املسلمني.

مقتنيات على �ل�سباح جمموعة وت�ستمل

�سدر من �ملمتدة �لفرتة �إىل تاريخها يعود

�لإ�سام وحتى �لقرن �لثاين ع�رش �لهجري.

للفرتة تبعا وت�سنيفها ترتيبها ج��رى وق��د

�جلغر�يف و�ملوقع �إليها تعود �لتي �لتاريخية

�لآث��ار د�ر رع��ت كما �إل��ي��ه. تنتمي �ل��ذي

�لإ�سامية عمليات �لتنقيب �لأثرية يف مدينة

�إىل تعود و�لتي م�رش �سعيد يف �لبهن�سا

يف حفريات عن ف�سا �لفاطمى، �لع�رش

منطقة ر�ية يف طور �سيناء للك�سف عن طريق

�لتو�بل �لقدمي.

�سمن �سنويا �لإ�سامية �لآث���ار د�ر تقوم

وعلماء باحثني با�ست�سافة �لثقايف، مو�سمها

لإلقاء رفيعة، تخ�س�سات وذوي عامليني

�لفن مو��سيع خمتلف ح��ول حما�رش�ت

�لإ�سامي و�لآثار و�لهند�سة �ملعمارية وغريها

�هتمام ت�ستقطب �لتي �ملو�سوعات م��ن

�ملوؤرخني وغريهم من �ملتخ�س�سني.

م��ر�ج��ع ت�����س��م ف��ه��ي �ل�����د�ر، مكتبة �أم����ا

�سلة ذ�ت نادر، �أغلبها ومطبوعات وكتب،

وثيقة باملجموعة.

منذ نشاطها �لإ�سامية �لآث���ار دار ب��داأت

تعنى حملية كموؤ�س�سة 1983م �ل��ع��ام

بتحف جمموعة ال�صباح التي متت �إعارتها ثقافية موؤ�س�سة لت�صبح �لكويتية، للحكومة

�إىل تهدف �ل��ع��امل، مستوى عىل مرموقة

حول ال���دار و�أ���س��دق��اء �جلمهور تعريف مبختلف املسلمني بالد بفن و�ملهتمني �لعامل

بهذه �ملتعلقة والفنية �لفكرية �لأن�سطة

�ملجموعة، وإرشاكهم بهذا النشاط.

13 فبراير 2012مالعطر واحلوا�س يف احلديقة الإ�سالمية

د. فريت�شايلد رغلز

6 يناير 2014ماأوائ��ل يف الأوروب��ي��ة الأفريقية العالقات واللون: الدين بني

الع�سر احلديث

ماتيو �شلفادوري

20 يناير 2014ممن النزعة املحلية اإىل العوملة: ال�ستقرار وال�ستيطان ونهاية

التقاليد الرا�سخة

ماتيو �شلفادوري

29 سبتمرب 2014مجني دغبي وامل�ست�سرقون

زياد رجب

2 فبراير 2015مكيف جنعل املتاحف ذات �سلة وثيقة باأطفالنا

�شارون �شافر

16 نوفمرب 2015مال�سني تتحدى اخلزف ال�سفوي: حماكاة اأم جتديد

ليزا غلومبك

المحتويات حديث الدار

LNS 1 KG

2

7

12

18

23

28

قارورة

نفذت ب�أ�شلوب النفخ وا�شتخدام اأدوات الت�شكيل

اإيران

القرن 9 - 10 م

ي�ش�هم بنك برق�ن يف اإ�شدار هذه املطبوعة

Page 2: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار3العــدد 43 حديث الدار2العــدد 43

�لعاطفة، من مبزيد �لدر�ما تتلون لذلك ونتيجة �لق�سة، يرثي ما و�لرموز

وي�سبح �لقارئ متعاطفا ولي�س جمرد مر�قب ملا يجري.

ميكن لل�سور �لب�رشية �أن تعرب عن كل هذ�، �أما �لعطر، فا ي�ستطيع، �إذ

�إن حا�سة �لنظر �أكرث رقيا وتعقيد� من حا�سة �ل�سم �لتي يحدها ما ميكنها �لتعبري

�إىل �لو�سول ت�ستطيع لكونها غريزية، وهي نظر� بالقوة تت�سف لكنها عنه،

�أجز�ء معينة يف �ملخ و�لإدر�ك ل ميكن حلا�سة �لب�رش �أن ت�سلها.

�لفن عامل يف �خلم�س �حلو��س باقي دون خا�سة مبكانة �لنظر حا�سة تتميز

�حلو��س �ساأن ز�ئل، �أمر وجودها لكن �حلد�ئق، وتن�سيق و�لعمارة و�ملتاحف

�لأخرى، ذلك �أن �لعينني مثل باقي �جل�سد، ما هي �إل و�سيلة موؤقته. �أما �لأ�سياء

�لو�قعية �لتي تر�ها �لعني، فمن �ملمكن �أن تبقي �إىل �لأبد، فيمكن لفناء فيه ممر�ت

�ل�سكل بنف�س يحتفظ �أن طرفيه عند �حلجرية �لعقود من و�سل�سلة باحلجر ممهدة

�إن �إذ� تعر�س لتغيري متعمد. وحيث �إل �ألف عام، و�حلجم �لذي كان عليه منذ

�لأ�سياء �ملادية و�لعمارة ميكن لها �أن تقاوم �لزمن، فيمكننا �أن نعاود فعل �مل�ساهدة

�لثقايف و�لجتماعي ولي�س �ملادي، مبفهومها هنا �لروؤية �أخرى. )وتق�سد مر�ت

�لذي �كت�سب �لنا�س من خالهما �لقدرة على �لروؤية بطريقة معينة عرب خمتلف

�لع�سور و�لأمكنة(. غري �أن تلك �لروؤى ل تعرب عن �سوت �أو ملم�س �أو ر�ئحة �أو

طعم �حلديقة �لتي كانت يف د�خل �لفناء. مثل هذ� �لإدر�ك �خلا�س باحلو��س يكون

عرب �خليال و�لذ�كرة. ولكن كيف لنا �أن ن�سل �إىل ذلك مع حتري �لدقة �لتاريخية،

�إذ� كانت حا�سة �ل�سم حتظى بقدر قليل من �لهتمام.

د. فريت�شايلد رغلز

قدمت باللغة الإجنليزية

يف 13 فرباير 2012م

العطر والحواس في الحديقة اإلسالمية

عندما نفكر باحلدائق الإ�شالمية، غالبا ما تتداعى اإىل اأذهاننا �شورة احلديقة: اأي اأننا ن�شرتجع ت�شجيال

ب�شريا ملكان قمنا بزيارته اأو �شاهدناه يف �شورة فوتوغرافية. وطبقا للرواية التاريخية، فاإن احلدائق

الإ�شالمية كانت على قدر كبري من اجلمال ميتع الناظر اإليها، لكنها كانت اأكرث من جمرد �شورة، فاحلديقة

الإ�شالمية واملناظر الطبيعية كانت ول تزال بيئة تخاطب احلوا�س.

ولون �سكل �إىل �لنظر تتجاوز جمرد �حلديقة �حل�سية يف �لتجارب �إن

�لتجارب، هذه من �آخر نوعا تقدم فهي ،)1 )�سكل �ملرئيات وملم�س

�لأغ�سان وحفيف �لنو�فري، يف �ملياه خرير ك�سوت بال�سمع يتعلق ما منها

�لنخيل. ورمبا �سمعت زقاء �ل�سجر و�سعف �أور�ق �لن�سيم على عندما يهب

�لطو�وي�س �لأج�س، �أو �سوتا كاملو�سيقى كما هو �حلال يف غناء �لعندليب �أو

هديل �ليمام. هناك �أي�سا يف �حلديقة من جتارب ما يت�سل بحا�سة �للم�س مثل

�لإح�سا�س بوهج �ل�سم�س، �أو برذ�ذ �ملاء �لبارد �ملنع�س. وقد و�سف �هلل تعاىل

�لفردو�س يف �لقر�آن �لكرمي كحديقة متتع �حلو��س، تتدىل فيها �أغ�سان �ل�سجر

�لتي حتمل �لثمار، وتن�رش �لظال ملن ين�سد �لر�حة. كذلك كانت �حلد�ئق يف

�لأر�س تتميز بظالها وطيب ثمارها، مما �أوحى لل�ساعر �لأندل�سي �بن زمرك،

بنظم �مليادي، ع�رش �لر�بع �لقرن يف �حلمر�ء ق�رش يف �ل�سعر�ء كبار �أحد

ق�سيدة يقول فيها:

الدكتورة د. فريت�شايلد رغلز، اأ�شتاذة تاريخ الفن يف ق�شم هند�شة املناظر وامل�شاحات اخل�شراء يف جامعة الينوي يف الوليات املتحدة، ومتخ�ش�شة يف احلدائق الإ�شالمية يف الأندل�س،

اأ�شدرت العديد من الكتب واملقالت املتخ�ش�شة كما �شاهمت يف اإ�شدار عدد من الكتب، وح�شل كتابها »احلدائق واملناظر الطبيعية يف ق�شور ا�شبانيا الإ�شالمية على جائزة تقديرية.

�شكل 1: احلدائق وامل�ش�ح�ت اخل�شراء يف احلدائق الإ�شالمية تفي�ض ب�لأجواء احل�شية

��سبانيا جنوب كان عندما �مليادي، ع�رش �حلادي �لقرن قرطبة ويف

حديقة خاقان �بن �ل�ساعر و�سف �لأموي، �حلكم حتت )�لأندل�س( باأكمله

ون�سيمها �ملورقة، �ملن�سدة و�أ�سجارها �ملتفتحة، زهورها على فاأثنى �سهرية،

�ملعطر. وكتب �سعر� يف حديقة �أخرى، مادحا �إ�رش�ق ورودها �حلمر�ء وعطر

�أنفا�س زنابق �ملاء فيها.

ترى ماذ� كانت تلك �لعطور �لتي كتب عنها �ل�سعر�ء منذ زمن طويل؟

كانت �لأزهار حتيا ملو��سم قليلة، �أو رمبا ل�ساعات ق�سرية، وقد تبخرت رو�ئحها

منذ ما يقرب من �ألف عام. وبف�سل ما ورد يف �ل�سعر ويف �لر�سائل �ملتعلقة

بعلم �لفاحة �أمكن معرفة ما كان يزرع يف �حلديقة من نبات. ولكن رغم ما

ذكر من �أ�سماء �لزهور كالورد، و�ليا�سمني، و�لبنف�سج، و�لرنج�س، و�لأع�ساب

مثل ح�سى �لبان، و�ل�سبت، و�لزعرت، مما كان ينبت يف مناطق كثرية من باد

�مل�سلمني، فاإننا ل نعرف �سيئا عن رو�ئح تلك �لنباتات.

�لنف�س يف تثري و�لأع�ساب �لزهور ر�ئحة �أن �لعربي �ل�سعر يف جاء

عطر �لأحباب. وقد �أثنى كثري من �ل�سعر�ء على �حلبيبة، فو�سف ريحها بريح

�مل�سك و�لقرنفل و�لعنرب و�لبخور، فكان �لعطر رمز� للحب و�حلبيب خا�سة.

ذكر �بن حزم، �لأديب �لقرطبي �لذي عا�س يف �لقرن �حلادي ع�رش �مليادي،

�أن �حلب �أ�سبه با�ستن�ساق �لن�سيم �لعليل )يتن�سم ن�سيم �حلب(، وو�سف كيف

سيــِم مـداِرَيا ُتـِجــيـُل بـه َأْيـِدي الـنَّ ِبــهــا ٌكــلُّ ُمــْلـَتــــفِّ الـَغــدائـــِر ُمْسـِبـــٍل

ـــواُر مـنـه الّتـــراِقــَيــا ــَدِت الــنَّ اْل َفــَقــلَّ وَأْشـَرَف ِجـيـُد الُغـْصِن فيـهـا ُمَعـطَّ

يـبِـيـتُ لَهـا النَّـمـامُ بـالطِّـيـبِ وَاشِيَــا ــتْ دُرُّ زَهّـــــرٍ غُــــرُوسَـــهُ إذا مــا تـــحـَلَـّ

يتبادل �ملحبون تذكار�ت من خ�سات من �ل�سعر، معطرة بالعنرب وماء �لورد

يف لفافات من �أ�رشطة حريرية تبعث يف �لنف�س ذكرى �حلبيب �لغائب.

�إذ� كان عطر ماء �لورد يبعث يف �لنف�س ذكرى �حلبيبة، فمن �ملفرت�س �أن

ذلك لأنها تتعطر د�ئما مباء �لورد. وبينما ي�سري هذ� �لعطر يف �ل�سعر �إىل �حلب

نف�سه للعطر و�لو�قعي �لفعلي �لو�سف �أن �جليا�سة، جند و�لعاطفة و�ل�سوق

يقودنا �إىل حلقة من �لإ�سار�ت؛ و�أعني بذلك �أنه عندما نقول �إن للحديقة �أو

�لنطاق، هذ� كثري� يتعدى ل �لو�سف هذ� فاإن بعينها، زهرة ر�ئحة �حلبيب

�أخرى، زهور� عطرها يف ت�سبه فالزهور �أخرى، معان �إنتاج يتوقف وهنا

وهذه ت�سبه بدورها زهور� غريها، وهكذ� نظل يف حلقة من �لتكر�ر ل تنتهي.

�أخرى، �سور� ت�ستدعي �لتي �لب�رشية �ل�سور عن �لأمر هذ� يختلف

وت�ساعد بالتايل على تطور �ملعنى بطرق غري مرئية �أو حم�سو�سة، ويت�سح ذلك

�لأدب من وريا�س« »بيا�س بعنو�ن م�سورة عربية م�سهد من خمطوطة يف

�مل�سهد ك�سري �حلبيب يف هذ� يظهر ق�سة حب، 2( وهي �لأندل�سي )�سكل

حد�ئق ذي ق�رش �أمام و�رمتى �لنهر، �سفاف على بنف�سه �ألقى وقد �لفوؤ�د،

يديه يفرك وهو و�قفا �لأتباع �أحد ي�ساهد �حلبيبة. ت�سكن حيث وباحات،

ترمز �لتي �إحكام عمامته بعدم �لدر�مية �أمله. وتتعمق �لأحد�ث متعاطفا مع

�إىل عو�طفه �مل�سطربة، وقد �غتاله �حلزن. �أما �لنهر �لذي ين�ساب �أمامه فيعرب

عن دمعه �ملتدفق. تعرب تلك �لتفا�سيل ب�سكل مرئي عن م�ساعر �لرجل و�أفكاره

�لإ�سار�ت من وحتمل بالرث�ء، �لفنية �ل�سور وتتميز تبينها. ي�سعب �لتي

�شكل 2: منظر من خمطوطة »حديث بي��ض وري��ض« امل�شورة

Page 3: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار5العــدد 43 حديث الدار4العــدد 43

هي �حلركة تكون حيث �لأ�سو�ت، مادة تُدّر�س �ملو�سيقى، معاهد يف

�لطعام مبذ�ق ن�ستمتع �لطهي ويف و�لريا�سة، �لرق�س يف �لهتمام حمور

ومنظره. �أما حا�سة �ل�سم فلي�س لها حظ و�فر من �لتقدير يف �أي من �ملجالت

�أمر وهو �حلد�ئق- بت�سميم �لأمر يتعلق عندما حتى فكرية، �أو فنية كمهارة

�إىل بالنباتات �لعطرية. ويرجع هذ� يثري �لده�سة، �سيما و�حلد�ئق تزخر د�ئما

غياب )�أو �لرمزية )2( للزو�ل �لقابلة �لر�ئحة طبيعة )1( �أ�سباب: �أربعة

�لرمزية( للر�ئحة )3( �لطريقة �لتي يتعامل بها �ملخ مع حا�سة �ل�سم )4( �لطبقة

�لجتماعية.

ولأن �لر�ئحة لي�س لها �سفة �لدو�م، ل ميكننا �لإملام بكنهها يف �ملا�سي،

�أو من خال �سورة ب�رشية �أدبيا )يف ق�سيدة مثا، فنيا باعتبارها عن�رش� �إل

�مل�سورة(. فنحن �أو �ملخطوطات �لفوتوغر�يف �لت�سوير )كما هو �حلال يف

كيف �إدر�ك ميكننا ل لكن �ل�سم، حا�سة يثري ما »نرى« �أن ب�سهولة ن�ستطيع

كانت �لر�ئحة يف �ملا�سي. ويت�سح ذلك يف �لع�رش �حلديث، عندما يتم زرع

وحجمها، لونها وجمال حتملها لقوة و�لنباتات �لزهور من معينة �أ�سناف

ويكون ذلك على ح�ساب عطرها، وي�سبه �لعطر �ل�سوت من حيث عدم بقائه

ين�ساب نو�فري وقنو�ت �لإ�سامية حتتوي على لوقت طويل. كانت �حلد�ئق

فيها �ملاء، مما ي�سفي عليها عن�رش� من �لبهجة ومن �ل�سوت )�سكل 3(، كما

�أ�سافت �لطيور �إىل �ل�سوت عن�رش� مهما �أي�سا. ولأن تاأثري �لعطر و�ل�سوت

�رشعان ما مي�سي، لذ� يجب �لقب�س عليها يف ذ�ت �للحظة، وذلك جزء من

�ملتعة �لتي مينحها، ولأنها حو��س موؤقتة فهي مر�وغة.

فهي بالتفكري، �أمر� جدير� �لر�ئحة �عتبار �لثاين يف عدم �ل�سبب و�أما

قدرتها �ملحدودة يف جمال �لرمز �لذي ي�سري �إىل ما هو �أبعد منه. ولنتذكر �أنه

كما �لطبيعة، عنا�رش �لنهر عن�رش� من ميثل ب�سددها، نحن �لتي �ملنمنمة يف

يرمز يف ذ�ت �لوقت �إىل دموع �لبطل �ملن�سابة.

قد يكون للعطر بع�س �لتاأثري باعتباره رمز�، لكنه لي�س بذلك �لتاأثري �لعظيم، فقد

باأ�سعار تثني على عطر �حلبيب، ولكن بخاف �حلب، ماذ� تعني �لإ�سارة �إىل �سمعنا

�لعطر؟ كتب �بن عباد، �أمري طليطلة يف �لقرن �حلادي ع�رش، وهو �ساعر مفوه:

�أنه من �ل�سهل و�سف �لعطور، فعلى �سبيل �ملثال، هنا قد يظن �لقارئ

د�كن باأنه كاين( كالفن �رشكة )من »Obssesion« عطر و�سف ميكن

�رشمة )من »White Linen« عطر �أما و�ساعري؛ كامل�سك، ثقيل �للون،

��ستي لودر(، فيو�سف باأنه خفيف، نظيف، ربيعي، يوحي بالزهور. و�حلقيقة

يف�رش مما معربة، حقا وهي �لرو�ئح، لو�سف بها باأ�س ل مفرد�ت لدينا �ن

�ختيارنا لرو�ئح معينة يف منا�سبات �جتماعية خا�سة، �إل �أن قدرتها على �لتعبري

�أو دعم �لأفكار تبقى حمدودة. ومهما كان �لعطر ر�ئعا فلي�س له تاأثري فكري �أو

فني كتاأثري مفكر عظيم كابن خلدون مثا، �أو �ساعر وموؤلف كبري ك�سك�سبري.

وخا�سة ما تقدم هو �أنه ب�سبب طبيعة �لعطر �لز�ئلة، جنده تاريخيا يف

�لأدب و�ل�سور �ملرئية فقط. وحتى يف �ل�سعر �لعربي �أو �ملخطوطات �مل�سورة

�لتي تتناول �لزهور و�حلد�ئق، فاإن �لزهور ولي�س �لعطر، هي �لتي متتلك �لقوة

�لنظر حا�سة تفوقت ملاذ� نفهم ولكي و�سفه. ميكن ل �أمر وهو �ل�ستعارية،

م�ستقبا باعتباره �ملخ تكوين عن �ملزيد نعرف �أن علينا �ل�سم، حا�سة على

للمثري�ت �حل�سية.

ل تتم معاجلة كافة �حلو��س يف مخ �لإن�سان بذ�ت �لكيفية. ففي �جلهاز

�لع�سبي، تنقل �لعني �ملعلومات �إىل �جلزء �خلا�س بالتفكري �لتحليلي يف �ملخ

عليه يطلق ما �إىل مبا�رشة فتتوجهان و�لتذوق، �ل�سم حا�ستا �أما )�لدماغ(،

�جلانب �لأقدم و�لأعمق و�لأكرث بد�ئية يف �ملخ و�لذي يتحكم يف �لعو�طف

�أن �لنتيجة وتكون ،)5 )�سكل �حلويف باجلهاز ي�سمى ما وهو و�لذ�كرة،

ب�سبب مرورها قيمتها، ولكن يقلل من مما فعل فكري رد �ي تثري �لر�ئحة ل

بهذ� �جلزء �لعقاين على وجه �لتحديد من �ملخ، ميكن حلا�ستي �ل�سم و�لتذوق

�لتذوق بحا�سة يرتبط ما �أعماق عقولنا. )عادة تنبعث من تثري� ذكريات �أن

�ل�سم، فعندما نتذوق �سيئا ما نقوم بعملية �لزفري �لتي جتعل �لأنف جزء� من

حا�سة �لتذوق(، ومن خال نكهة �أو مذ�ق ما قد نتذكر فجاأة �أ�سياء مل نفكر بها

ل�سنو�ت عدة، فعلى �سبيل �ملثال ترتبط لدي ر�ئحة �لقرفة باملخبوز�ت �حللوة

�أثناء �لطفولة، �أما �لبخور، فهي مرتبطة بالكويت، حيث �سممت ر�ئحتها لأول

�أمر �رشوري ل�سحتنا، لأنها ت�ساعد على معرفتنا �إن �لقدرة على �ل�سم مرة.

للعامل من حولنا، وتي�رش لنا �أن منيز بني ما هو ماألوف و�آمن وما هو غريب،

وقد يكون خطر�. وعندما يفقد �سخ�س ما حا�سة �ل�سم، يعاين من حالة تكون

به �إىل �لكتئاب و�إىل �سعور بالنف�سال عن نتائجها �لوجد�نية مدمرة تودي

�لعامل.

نقوم فنحن حولنا، من �لعامل لختبار �أ�سا�سية و�سيلة �ل�سم حا�سة �إن

بال�سهيق و�لزفري �أكرث من 23,000 مرة يوميا، ون�ستهلك بذلك 69,120 لرتا

من �لهو�ء �ملحمل بالرو�ئح �لتي نحبها �أو ل نحبها، بل هي تغزو �جل�سم، فمع

كل �سهيق، تدخل �لرو�ئح �أنوفنا وتعرب �إىل �لرئة.

يف تكونت �أنها ذلك بد�ئية، �حلو��س �أكرث باأنها �ل�سم حا�سة تو�سف

�لأوىل �لاوعي باأجز�ء تت�سل �أنها كما �لب�رشي، �لتطور من مبكرة مرحلة

�لأجز�ء قبل تكونت و�لتي �لبد�ئي، �أو �ل�سمي �للحاء �سيما ول �ملخ، يف

�لتي متدنا بالوعي. يعترب �للحاء �ل�سمي �أو �لبد�ئي جزء� من �جلهاز �حلويف،

حيث توجد �ثنتان فقط من �لو�سات �لع�سبية تف�سان بني �لع�سب �ل�سمي

�لذ�كرة �لوجد�نية بالعو�طف و�مل�سوؤول عن �ملتعلق و�جلزء �خلا�س من �ملخ

)لوزة �ملخيخ(، بينما توجد ثاث و�سات فقط بني ع�سب �ل�سم وذلك �جلزء

من �ملخ �ملتعلق بالذ�كرة �لقريبة. وتعترب حا�سة �ل�سم هي �حلا�سة �لأقرب و�قعيا

تتميز �ل�سبب ولهذ� و�لذ�كرة. �لعو�طف عن �مل�سوؤول �حلويف �جلهاز �إىل

�لذكريات �لتي تثريها �لعطور و�لطعم بقوة عاطفية.

من مرتبط، فال�سم �لجتماعية، بالطبقة �ل�سم حا�سة ترتبط و�أخري�،

به �أحدهم �إن نقول فعندما �لكريهة، بالر�ئحة �لأقل، على �جل�سدية �لناحية

�لطيبة، �لر�ئحة عن نتحدث عندما بينما كريهة، ر�ئحة نق�سد فاإننا ر�ئحة،

�أنه �سيء خارجي يو�سع على ج�سم بالعطر، وهو مفرت�س فاإن ذلك مرتبط

بهذ� نقبل ل فرمبا �حلديث، �لعامل من ذكية كائنات �أننا وباعتبار �لإن�سان.

حا�سة بدونية خفي �إيحاء هناك يبقى ذلك ومع عبثيا، نعتربه �لذي �لتمييز

�ل�سم. �أ�سف �إىل ذلك �أن موؤرخي �لفن و�لثقافة ينتمون �إىل طبقة غري كادحة،

بالعمل �ملرتبط �لعرق يتجنبون �لكتاب �لكتابة كدحا. هوؤلء �عتربنا �إذ� �إل

�ل�ساق، بل ويحتقرونه، ويربطون �لتجارب �حل�سية �لقوية باملكانة �لجتماعية

ذلك �أثر فقد �لعرق، يعرفو� �أو يعرقو� مل �أنف�سهم �ملوؤرخني ولأن �ملتدنية.

على موقفهم من �لدور �لتاريخي حلا�سة �ل�سم.

لي�س من �مل�ستغرب �إذ� �أن يغفل موؤرخو �حلد�ئق عن�رش �ل�سم و�عتباره

جزء� غري مهم من ت�سميم �حلديقة، و�إليهم ترجع م�سوؤولية و�سع حا�سة �ل�سم،

حتى لر�ئحة �لزهور، ولي�س للحد�ئق ذ�تها يف مرتبة دنيا، فلي�س هناك �أدنى

�سك يف �أن �حلد�ئق �لإ�سامية كانت فو�حة بالعطر. و�إذ� تاأملنا يف ت�سميمات

�حلد�ئق، ميكننا �أن ن�ساهد مدى �ت�ساع �لتجربة �ملرتبطة باحلو��س.

حتجب عالية باأ�سو�ر حتاط �لأوىل و�مل�سيحية �لإ�سامية �حلد�ئق كانت

�لروؤية، ويرجع ذلك �إىل �أ�سباب رمزية وثقافية تتعلق يف �مل�سيحية بالكناية عن

�لعذرية، وتلبي عند �مل�سلمني �حلاجة �إىل �خل�سو�سية. ونظر� حلجب �مل�سهد

�خلارجي، فاإن �لرتكيز يكون على �لد�خل مبا فيه من نباتات، فقد فر�س هذ�

�حل�سار �أن ي�سرتك �لإن�سان و�لنبات يف �مل�ساحة ذ�تها، و�أن يتنف�سا �لهو�ء ذ�ته.

�شكل 4: الورد الدم�شقي

�شكل 3: ب�بر ن�مة، الإمرباطور ب�بر يتفقد حديقة الوف�ء

يا ناظرين ندى النيلوفر البهج وطيب مخبره يف الفوح واألرج

وبينما ي�سري �لبيت �إىل �لعطر، جنده يركز على �جلمال �ملرئي للزهور �أكرث

من ر�ئحتها، فت�ستهل �لق�سيدة بتوجيه �لند�ء �إىل �لب�رش، )يا ناظرين(، وذلك رمبا

لأنه بعد �أن يتحدث عن �أريج �لنيلوفر �أو تعطر �ملحبوبة بامل�سك، ل يجد �سيئا �آخر

ي�سيفه. فمن �ل�سهل �لإح�سا�س بعبق �لعطر �لذي يثري بهجة يف �لنف�س، لكن من

�ل�سعب �أن ت�سفه �لكلمات، لذلك نلجاأ �إىل و�سفه باملقارنة بالرو�ئح �لأخرى.

ول يعني هذ� �أن �لأزهار ل ت�ستخدم يف �لرمز و�ل�ستعارة، فقد كانت ر�ئحة

�لورد ترتبط عرب �لتاريخ بالنبي �سلى �هلل عليه و�سلم، وبينما يوحي هذ� باأنه كانت

له ر�ئحة �لورد، و�أن �لورد كان مرتبطا بالقد�سية، فاإنه ل يخربنا عن �أي نوع من

بني مئات �أنو�ع �لورد �ملختلفة كانت ر�ئحته. هنا ينبغي �أن نعّرف �لورد با�سمه -

�لورد �لدم�سقي- ون�سميه كذلك لأننا ل ن�ستطيع و�سفه. )�سكل 4( ومن �لغريب

فيه بني �لتمييز �لغالبية ل ميكنها فاإن �لنظر، فيه ُيحَجب �أننا عندما جنري فح�سا

رحيق �لورد �أو �لع�سل �أو ر�ئحة �لفانيا، ذلك لأن �لأنف ل يتمتع بنف�س �لدرجة

من �لقدرة على �لإدر�ك �لذي تتميز به �لعني.

�شكل 5: ك�نت احلدائق تنظم على �شكل اأحوا�ض �شغرية تف�شل بينه� ممرات للم�شي

)حديقة ق�شر احلمراء(

Page 4: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار7العــدد 43 حديث الدار6العــدد 43

كانت �حلد�ئق �لإ�سامية تتكون من قطع �سغرية من �لأر�س، تف�سلها ممر�ت

)�سكل 6(، وهذ� �لتق�سيم يعك�س ما ورد يف �لقر�آن �لكرمي من و�سف �أنهار �جلنة

�لز�ئر فاإن بالعطر، يتعلق فيما �أما �ملزروعات. ري �إىل �حلاجة ويلبى �لأربعة،

للحديقة يتتبعه عن طريق �ملمر�ت �لتي كانت مبثابة �لطريق �لوحيد �إىل �حلديقة،

ريها ي�سهل حتى منخف�س م�ستوى على ت�سمم �لزهور �أحو��س كانت حيث

وغمرها باملاء. )مما كان يجعلها موحلة وغري �ساحلة للم�سي �و للجلو�س فوقها(.

من ناحية �أخرى، كانت �ملمر�ت م�ستقيمة �خلطوط ولي�ست منحنية. ويرجع ت�سميم

�ملمر�ت بهذ� �ل�سكل �إىل عدة �أ�سباب، منها تن�سيق �حلديقة، بحيث تكون �سبكة من

�مل�ساحات �لتي ي�سهل ريها، ولتتيح للناظر �أن يتوجه مبا�رشة �إىل قلب �حلديقة.

و�حلد�ئق �ملزهرة �ملروج و�سط مكانها تاأخذ �لتي �ملق�سور�ت كانت

�أف�سل مكان للجلو�س و�سط كل ما حوله، وغالبا �ملخططة، تر�سد �لناظر �إىل

�مل�سورة، حيث ن�ساهد يف �ملخطوطات ما يكون على م�ستوى �لأر�س، كما

يكون �ل�سخ�س �لرئي�سي، وغالبا ما يكون �سلطانا �و �أمري�، جال�سا يف م�ستوى

�لزهور بني �أور�ق �ل�سجر. )�سكل 7(

�أو �لعربية �ملخطوطات يف و�سفها يرد �أو ت�سور �لتي �لنباتات فاإن و�أخري�

�لعطرية، وهي �لنباتات �أو من يوؤكل �لذي �لنوع �لرتكية، كانت من �أو �لفار�سية

تف�سل لي�س فقط لطيب ر�ئحتها، و�إمنا جلمال منظرها. وحتى �لورد و�ليا�سمني كانت

لها ��ستخد�مات تطبيقية، من زيوت عطرية وماء معطر. وكثري من �لزهور �لتي نظن

�سناعة �قت�سادي يف دور لها �لب�رش( )لإمتاع فقط للزينة يكون ��ستخد�مها �أن

قرطبة تال فكانت منظرها. جمال من قيمة �أعلى عطرها يكون بحيث �لعطور،

�سناعة يف حم�سوله ��ستخدم �لذي �لورد بزر�عة ت�ستهر �لأموي �لع�رش خال

�لعطر ومك�سبات �لطعم. كذلك كان نبات �لزعفر�ن يزرع من �أجل �أزهاره.

ولكي حتدث عملية �ل�سم، فاإن �مل�سافة �لفعلية �لتي تثري حا�سة �ل�سم تتمتع

�لر�ئحة ذ�ت �لأع�ساب �أو �لزهور نكد�س كتا من �أن فا ميكن باأهمية خا�سة،

�لنفاذة على م�سافة بعيدة، بغية �سم ر�ئحتها، بل لبد �أن تقرتب �لزهرة من �لأنف.

ومن ناحية �لت�سميم يختلف �لتعامل مع حا�سة �ل�سم عن ذلك مع حا�سة �لنظر،

�بن �ل�ساعر كتب وقد �لبعد. �لنظر يتطلب �مل�سافة، قرب �ل�سم يتطلب فبينما

حزم يف هذ� قائا:

احلواس مثل الذوق والملس ال يدركان إال بالمجاورة والسمع واللشمال يدركان إال من قريب

وبتعبري �آخر، ينبغي ملن �أر�د �ن ي�سم عطر �حلديقة �أن ينغمر بها؛ وملن يريد

روؤيتها عليه �أن ياأخذ خطوة �إىل �لور�ء ليتفح�سها جيد�. ويتجلى ذلك يف �حلديقة

�لعامة يف ق�رش �حلمر�ء )�سكل 6 و8(. فكان �إ�سافة �ملمر�ت للحديقة- كما هو

من �مل�ساحة تن�سيق �أكرث من جمرد يعني �لتقليدية- ت�سهارباغ �حلال يف حديقة

و�ليا�سمني �لورد �أ�سجار من يقرتب �أن �إىل �لناظر تقود فهي �لب�رشية، �لناحية

و�لرنج�س و �لربتقال، فيتمكن من �سم �أريج زهورها. ولأن كثري منها ي�ستخدم يف

�لطهي، فاإن �لنكهة حتمل �إيحاء باملذ�ق �أي�سا.

ل و�أنها بالفكر، متعلقة لي�ست �ل�سم حا�سة �أن �إىل �آنفا ذهبت قد كنت

��ستدعائها �رشعة يف تكمن قوتها و�أن �ملركبة، �ملعاين �أو �لرموز يف ت�ستخدم

�ملخ، من وبد�ئية قدما �لأكرث �جلزء �إىل مبا�رشة �لو�سول على وقدرتها �حل�سي،

�ل�سم �أن حا�سة �أن ندعي �إذن لنا حيث يكون خمزون ذكرياتنا وعو�طفنا. كيف

�ملعا�رشة ويف ت�سميم �حلد�ئق �لعتبار عند توؤخذ يف �أن وت�ستحق باأهمية تتمتع

فهمنا حلد�ئق �ملا�سي؟

ل �أملك �إجابة مبا�رشة لهذ� �ل�سوؤ�ل، لكنني بت على �قتناع باأنه نتيجة �لرتكيز

يف �لأخرى �حلو��س �أبعاد ن�سينا فقد �حلديث، �لع�رش يف �لب�رشية �لناحية على

�حلديقة، وعند �لتفكري يف �لتفاعل بني �لإن�سان و�ملجتمع و�لعامل �ملادي، كان �لرتكيز

على �لثقافة ولي�س على �لطبيعة. وقد ف�رشت هذ� باأننا نف�سل �أن نركز على �لفكر �أو

�لعقل )�لذي ي�ستمد معلوماته من �لعني(، ولي�س على �لطبيعة �لوىل )�لتي ت�ستقبل

�لعامل من خال �لأنف( ولعل �لوقت قد حان ملزيد من �لن�سغال بالعامل �ملادي،

و�إدر�كه ب�سكل جديد. هل نتجاوز �ل�سكل �ملادي و�لرتكيز على �جلانب �لب�رشي،

من �أجل �كت�ساف حا�سة ظلت غائبة طويا؟ هل ميكن حلا�سة �ل�سم �ملفقودة �أن جتعلنا

نفكر يف حد�ئق �ملا�سي ب�سكل يختلف عن �لتذوق �لب�رشي للفنون �لأخرى؟ رمبا

�لعو�طف عامل باكت�ساف �إيذ�نا �لعقلي و�ملنطق �لب�رش عامل خارج جتربتنا تكون

�لغام�س، و�لإح�سا�س بال�سعادة �لذي تهبه لنا �حلديقة.

�شكل 6: ت�شوير يف خمطوطة: ال�شخ�شية الرئي�شية دائم� هي ال�شلط�ن اأو الأمري، ومع

ذلك فهو يجل�ض عند م�شتوى الأ�شج�ر والأزه�ر

�شكل 7: احلديقة الع�مة يف ق�شر احلمراء يف الأندل�ض

ماتيو �شلفادوري

قدمها باللغة الإجنليزية

يف 6 يناير 2014م

بين الدين واللون: العالقات األفريقية األوروبية في أوائل العصر الحديث

�أوروبا، �إىل �سافرو� �إثيوبيا �أبطال رو�يتنا هم حجاج ودبلوما�سيون من

�لآخرون �لأفارقة كابدها �لتي �ملعاناة ت�سبه مل بالأوربيني عاقة لهم وكانت

وقتذ�ك يف �أرجاء دول حميط �لأطلنطي. وكان �لإطار �لزمني �لذي وقعت

فيه تلك �لأحد�ث هو ع�رش �لنه�سة، زمن �لزدهار �لفكري و�لجتماعي يف

�ل�سو�طئ على �لتجاري، �لطابع ذ�ت للمجتمعات بالن�سبة خا�سة �أوروبا،

�ل�سمالية من �لبحر �لأبي�س �ملتو�سط. كان ع�رش �لنه�سة يف �ملقام �لأول، هو

زمن �لهتمام �جلديد بالعامل غري �لأوروبي: يف بد�ية �لقرن �خلام�س ع�رش، بد�أ

�لأوروبيون، ول �سيما �سكان �أيبرييا يف �ملحيط �لأطلنطي، بالإبحار يف �ملحيط

�لبعث كان �ل�ستك�سافات. بع�رش ي�سمى ما بذلك م�ستهلني �لأطلنطي،

و�لتد�خل �لت�سابك من ظاهرة معا ي�سكان �جلغر�يف و�لكت�ساف �لفكري

�لعميق: فكان �لف�سول �لثقايف، و�لطرق �جلديدة للتفكري يف �لتجربة �لإن�سانية

للبحر �ملاألوفة �ل�سو�حل �ملوجود خلف �لعامل �ل�ستطاع عن �أثار حب قد

�ملكا�سب حتقيق ور�ء و�ل�سعي �ل�ستطاع حب ودفع �ملتو�سط. �لأبي�س

�لأوروبيني على جمتمعات �نفتاح �إىل بدوره و�أدى ذلك �لكت�سافات، �إىل

وثقافات �أخرى، مما �سجع على مزيد من �لهتمام باكت�ساف ما ور�ء �لبحار،

وهو ما حدد مامح بد�ية �لع�رش �حلديث.

ميكن �أن نرجع ق�سة �للقاء �لإثيوبي �لأوروبي ب�سكل رمزي، �إىل �لعام 1165م،

عندما تلقى �لإمرب�طور �لبيزنطي مانويل كومنينو�س )1143م- 1180م(، ر�صالة

د. ماتيو �شلفادور، اأ�شتاذ م�شاعد يف ق�شم التاريخ يف اجلامعة الأمريكية يف ال�شارقة، وموؤ�ش�س موقع H-Horn املخ�ش�س لتاريخ وثقافة القرن الأفريقي ودول البحر الأحمر، قدم

العديد من الأوراق العلمية يف موؤمترات دولية، وله الكثري من املقالت املتخ�ش�شة وكما �شارك يف كتابة ف�شول يف عدد من الكتب.

من ملك ي�سمي نف�سه جون بري�سرت، ويقدم نف�سه كملك م�سيحي قوي يف �لعامل

�لإ�سامي. وعندما بد�أ �أمر �لر�سالة ينت�رش بني �لوروبيني �ملتعلمني، �أ�سبح بري�سرت

جون يعرف باأنه �مللك �مل�سيحي �لقوي، �لذي يحكم مملكة مثالية تقع يف مكان ما

من �ل�رشق، و�أن ما يقال عن تقو�ه وقوته يفوق معا�رشيه من �مللوك �لأوروبيني.

ورغم �أن �لر�سالة متتعت ب�سهرة و��سعة، ومتت ترجمتها �إىل لغات حملية �أوروبية،

�إل �أنها يف و�قع �لأمر كانت ر�سالة مزيفة. ومل يكن ممكنا �أن تكون �سيئا �آخر، لأن

بري�سرت جون ذ�ك مل يكن �سوى حم�س �ختاق من �سطحات �خليال �لأوروبي.

�لو�سطى �لع�سور �إبان �أوروبا يف خ�سبة �أر�سا بري�سرت �أ�سطورة وجدت وقد

�ملتاأخرة وبد�ية �لع�رش �حلديث. وعلى مدى �لقرون �لثاثة �لتالية، مت قبول تلك

�لق�سة على �أنها حقيقة.

كان �لتي بالطريقة كبرية بدرجة �لأ�سطورة تلك جناح ويرتبط

يعرفون �حلديث، �لع�رش وبد�ية �لو�سطى �لع�سور خال �لأوروبيون،

�أنف�سهم بها على �أنهم يف مو�جهة مع �لعامل �لإ�سامي. كان فتح �لعرب ل�سبه

و�أخري� �لفتح، و�إعادة �ل�سليبية، �ل�سابع، و�حلروب �لقرن �أيبرييا يف جزيرة

جعل قد 1453م، �لعام يف �لق�سطنطينية و�سقوط �لعثمانية، �لدولة قيام

�رشق �أن ويعتقدون و�مل�سلمني، �مل�سيحيني بني �لعامل يق�سمون �لأوروبيني

1(. ومع �لع�رش )�سكل �ل�رش�ع يف ذلك بوؤرة �ملتو�سط هو �لأبي�س �لبحر

ذلك، كان �لأوروبيون ل يعرفون �إل �لقليل عن �سعوب وجغر�فية �لعامل ما

غالبا ما يوحي تعبري »العالقات الأفريقية الأوروبية« ب�شور من ال�شيطرة وال�شتغالل الأوروبي لالأفارقة

اإىل املفتقر والتعامل العن�شري، والتمييز ال�شتغالل القت�شادي، والذين حتملوا ال�شحراء، يف جنوب

اأكرث الظواهر التاريخية الآدمية على يد املفو�شني الأوروبيني، خالل اخلم�شمائة �شنة الأخرية. ومن

املعروفة يف هذا ال�شاأن، هي جتارة الرقيق عرب الأطلنطي خالل الفرتة من منت�شف القرن اخلام�س ع�شر

اإىل منت�شف القرن التا�شع ع�شر، وال�شتعمار خالل القرنني التا�شع ع�شر والع�شرين، مما ت�شبب يف اأكرب

الفظائع التي عرفها التاريخ الإن�شاين. وعلى مدى خم�شة قرون، وبينما كان جتار العبيد الأوائل، ومن

بعدهم امل�شتعمرون، يدعون لأنف�شهم الأف�شلية الدينية، اأو الثقافية، اأو العرقية، كانوا ي�شتبيحون ظلم

ع�شرات املاليني من الأفارقة، بدرجات متفاوتة. اإل اأن تاريخ العالقات الأفريقية الأوروبية ل يقت�شر

الروايات من العديد هناك اإن بل وال�شتعمار، الرقيق بتجارة املرتبطة الالاإن�شانية الوح�شية على

الروايات، تلك عن الكثري يعرف ل رمبا نّدية. بعالقات والأوروبيون الأفارقة فيها ارتبط احلديثة

ورمبا بدت هام�شية مقارنة بظاهرة ا�شتملت على املاليني، ومع ذلك فهي جديرة باأن تروى. وتتناول هذه

املحا�شرة اإلقاء ال�شوء على اأحد تلك اللقاءات بني الأوروبيني والأثيوبيني يف القرن اخلام�س ع�شر.

Page 5: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار9العــدد 43 حديث الدار8العــدد 43

�شكل 1: ع�مل اللتق�ء: البحر الأبي�ض املتو�شط، 1400 – 1550

يعرفونه، هو حم�س ما �أغلب وكان �أفريقيا، و�سمال �لأو�سط �ل�رشق ور�ء

معلومات م�ستقاه من �لعامل �لعربي.

خال �لعقود �لتي تلت ر�سالة بري�سرت، كان �سقوط مملكة �لقد�س يف �لعام

يف متجدد� قلقا ذلك و�أثار �ل�سليبي، للم�رشوع �لنهاية ببد�ية �إيذ�نا 1187م

�أوروبا. وظهرت �أ�سطورة بري�سرت جون يف هذ� �لو�سط على وجه �لتحديد: حيث

كان �لعقل �لأوروبي يبحث عن �مللك �مل�سيحي �لقوي �لذي يوجد يف مكان ما

يف �لعامل �لعربي، ويعترب �لورقة �لر�بحة �لذي يقدم لاأوروبيني فر�سة �لن�رش يف

مكانه ظل ع�رش، �خلام�س �لقرن نهاية وحتى �ملقد�سة. �لأر�س �أجل من حربهم

�ملفرت�س مو�سوعا لتخمينات عديدة، فكان يعتقد �أن بري�سرت موجود يف �ل�رشق

�لأق�سى: ويف �لعام 1321م ظهر خمطوط �إيطايل يحتوي على خريطة متخّيلة

للعامل، حددت هوية بري�سرت باأنه من جنوب �آ�سيا )�سكل 2(.

)�سكل �أخرى �إيطالية بري�سرت جون يف خريطة يظهر ذلك، من قرن وبعد

لكنها جماورة �أفريقيا، �سمال �رشق �أنها يظهر منطقة تقع يف ململكة 3(، حاكما

فمعظم �جلغر�فيا. يف �سديد بارتباك توحي �إ�سارة يف �لب�رشة، ت�سمى ملدينة

و��سعي �خلر�ئط يف ذلك �لوقت، مل يكونو� قد ��ستوعبو� بعد فكرة تق�سيم �لعامل

�أو �إىل قار�ت عدة. فكانو� ي�سورون �ملحيط �لهندي كم�ساحة �سغرية من �ملاء،

جمرد خليج يف�سل بني �أر��س قريبة متجاورة، ولي�س كمحيط يف�سل بني قار�ت.

�لعربي �لعامل ور�ء �لو�قعة �لباد كانت �آ�سيا، �أو �أفريقيا �إىل �لإ�سارة من وبدل

يطلق عليها، ب�سكل غام�س ��سم »�لهند«. وبناء على ذلك، كان ي�سار �إىل بري�سرت

جون باأنه »ملك �لهند«، وكان ت�سنيفا عاما �أعفى �ملوؤلفني وو��سعي �خلر�ئط من

حتديد موقع مملكته على وجه �لدقة.

تقدمت �لعلوم �جلغر�فية ب�سكل ملحوظ خال �لقرن �لتايل، و�أعدت ثاث

خر�ئط �سهرية للعامل من منت�سف �لقرن �خلام�س ع�رش، تظهر �أفريقيا كقارة ميكن

حددت وقد �ملاء. من كبرية م�ساحة �آ�سيا عن ويف�سلها حميطها، حول �لإبحار

،)4 �أفريقيا )�سكل �سمال �رشق بري�سرت جون، يف مملكة �لثاث موقع �خلر�ئط

جنوه وخريطة )1450م(، للعامل كاتالونيا خريطة وهما: منها �ثنتان و�سورته

للعامل )1457م( كملك �أ�سود )�سكل 5(. غري �أنه من بني �خلر�ئط �لثاث، كانت

�لتي هي ،)6 )�سكل 1450م �لعام مورو يف فر� و�سعها �لتي �لثالثة �خلريطة

مثلت نقطة حتول يف تاريخ �خلر�ئط، و�أ�سطورة بري�سرت. كان و��سع تلك �خلريطة

ر�هب يدعى فر� مورو كمالدوليز، من دير يف مدينة �لبندقية، وظل يعمل ن�سطا

يف جمال ر�سم �خلر�ئط خال �لن�سف �لأول من �لقرن �خلام�س ع�رش، حتى وفاته

يف �أو�خر �خلم�سينيات من ذلك �لقرن.

يطلق �لتي مورو فر� خريطة حددت �إليهما، �مل�سار �خلريطتني ومثل

�رشق �سمال يف جون بري�سرت موقع �لعامل، خريطة �أو موندي« »مابا عليها

�أفريقيا، ولكنها على خاف �أي خريطة �أخرى يف ذلك �لع�رش، كانت ت�سم

�أ�سماء �لعديد من �ملو�قع �جلغر�فية يف جنوب �ل�سحر�ء. وياحظ �أن كثري�

من �ملو�قع �ملوزعة يف �لق�سم �جلنوبي �ل�رشقي من �لقارة على تلك �خلريطة،

تطور� موندي مابا وتعد بالفعل. �أثيوبية مو�قع �لآن تعترب وماز�لت كانت

مورو فر� �أن وجند �لعهد. ذلك يف �خلر�ئط من لغريها بالن�سبة ملمو�سا،

�لتي �خلر�ئط لو�سع �لر��سخة �لتقاليد عن �بتعاده مدى يدرك وهو نف�سه،

�أفريقيا �ل�سحر�ء يف منطقة جنوب تكون �أن مثل �لقدمي، �لع�رش �إىل تعود

ماأهولة مبخلوقات متوح�سة، يحاول تربير عمله باأن يورد �مل�سدر �لذي �عتمد

عليه: »كل ما ر�سمته... ح�سلت عليه ممن تربو� وكربو� هنا )يف �أفريقيا( من

�ملناطق، و�ملدن، و�لبحار، و�جلبال باأيديهم كل تلك �لذين ر�سمو� �لأ�ساقفة

باأ�سمائها«. ويك�سف فر� مورو �لنقاب عن �أنه تعلم �أغلب ما عرفه عن جنوب

�ل�سحر�ء �لأفريقية، من �أفو�ه �مل�سافرين �لإثيوبيني �إىل �لبندقية.

من �لعديد �إىل �لرحال �لإثيوبيون �سد ع�رش، �خلام�س �لقرن بد�ية منذ

جمتمعات مع و�ل�سيا�سية �لدينية �لعاقات لتوثيق �سعيا �لأوروبية، �ملدن

�ملقد�سة و�لأر�س م�رش يف �لأثيوبية �جلاليات �أو �أثيوبيا �إىل �سهرتها و�سلت

)�سكل 7(، ف�سافرو� �إىل نابويل، وجنو�، وفالن�سيا، و�لبندقية، وهي مدن تتمتع

بعاقات جتارية قوية مع �لعامل �لعربي، و�أي�سا روما �لتي كانت �ملق�سد �ملن�سود

�لعلم و�لتبحر يف �لدين �لنغما�س يف �إىل ي�سعون �لذين �لإثيوبيني للحجاج

�لديني. ونظر� لغر�بة مظهرهم وهويتهم �مل�سيحية، فقد جذبو� �هتمام م�سيفيهم

جنوب عن �ملزيد ملعرفة تو�قني كانو� �لذين وحماوريهم

�ل�سحر�ء �لإثيوبية، و�مل�سيحية عند غري �لإوربيني. وقد

روى هوؤلء �لإثيوبيون �لكثري من �لق�س�س عن

�لتاريخية، وتقاليدهم �مل�سيحية، مملكتهم

وعندما كانو� ي�ساألون عن مدى علمهم

�أنه يوؤكدون كانو� جون، بربي�سرت

�مل�سيحي �حلاكم مليكهم هو

�لقوي، �إمرب�طور �إثيوبيا.

�ساهمت وهكذ�،

جنوب يف �لإثيوبيني روؤية

مع ولقاء�تهم �أوروبا،

�ملتعلم �لأوروبي �جلمهور

�أ�سطورة حتويل يف

حقيقة �إىل جون بري�سرت

حال، �أية وعلى ثابتة.

بري�سرت عن �لبحث ظل

�لإجباري �ملرور على معتمد�

�كت�ساف حتى �مل�سلمني، بعامل

�إىل �لبحري للطريق �لربتغاليني

وخال 1498م. �لعام يف �لهند

ع�رش، �خلام�س �لقرن من �لثاين �لن�سف

�لأوروبية للعاقات �ملماليك كر�هية �ساهمت

من للعثمانيني �ملتنامي و�لتو�سع ناحية، من �لإثيوبية

من ولعل �لعاقات. تلك تعرث يف �أخرى، ناحية

�لعاقات بني بتطوير �لرغبة �لأمر مزيد� من ي�سفي هذ� �أن �لغريبة �ملفارقات

�جلانبني �لإثيوبي و�لأوروبي.

لدى �ل�سكوك من �ملزيد �إثارة عدم يف �لإثيوبيني �حلكام من ورغبة

�إليها �أن�سب لإقامة عاقات كانو� يطمحون �ملماليك، ف�سلو� �نتظار ظروف

مع �مل�سيحيني �لغربيني، ولكن ظل �حلجاج �لإثيوبيون خال �لقرن �خلام�س

�ململكة حكام �أ�سبح �لأوروبي، �جلانب وعلى �أوروبا، �إىل ي�سافرون ع�رش

ومتيزو� �لبحار، عرب �لتو�سع �أحام ر�ودتهم و�لذين �لطموحة، �جلديدة

بفكر �سليبي، �أكرث �هتماما باإقامة عاقات مع بري�سرت، وجعله حليفا لهم يف

مو�جهة �لعامل �مل�سلم.

ولعدة ع�رش، �خلام�س �لقرن ع�رشينيات يف �رشعو� قد �لربتغاليون كان

جنوبا، لاإبحار �لأويل �لباعث وكان �لأطلنطي. �ملحيط �كت�ساف يف دو�فع

لنقل ومدمرة، �لتفاوؤل �سديدة خطط عن ناجتا �لأفريقي، �ل�ساحل طول على

�أهد�ف �سقوط �لأندل�س، و�لق�ساء على �لنفوذ �لعربي يف �سبه جزيرة �يربيا عرب

�لبحار، بدء� من �سمال غرب �أفريقيا )�سكل 8(.

ومع مرور �لوقت، توغل �لربتغاليون يف �سن غار�تهم على طول �ل�ساحل

لتجارة فقط لي�س خمتلفة، ظروف ��ستغال يف �لأمل يحدوهم �لأفريقي،

�لذهب مناجم �إىل مبا�رشة �لو�سول �إمكانية و�إمنا يف عليهم، و�لإغارة �لرقيق

�لأ�سطورية يف غرب �أفريقيا، و�لتو�سل �إىل �لطريق �لبحري �ملوؤدي �إىل �لهند.

و�خري� ولي�س �آخر�، كان من بني �لدو�فع ور�ء ��ستك�ساف �لربتغاليني للمحيط

�لأطلنطي و�ل�ساحل �لأفريقي، �لرغبة يف �لو�سول �إىل بري�سرت جون ومملكته،

وهو ما ميكن ��ستنباطه بو�سوح من عدة �إ�سار�ت وردت من �ملوؤرخني �لربتغاليني

يف تلك �لفرتة:

»إن السبب الذي أرسل من أجله ملك البرتغال كل هؤالء الرجال على بالسلوك املهذب، ويتحلون الثياب، الساحل، مرتدين أحسن طول ذلك حاملني معهم الذهب والفضة والتوابل، هو أن ينشروا عن طريق الكلمة، يوجد ما وكل مملكته، عظمة األراضي، تلك إسكان طريق وعن أرسل أنه وكيف الساحل، طول على تبحر سفنه كانت وكيف فيها، بريستر املسمى األمير ذلك خاصة الهند، الكتشاف رجاال جون، والذي يقال إنه يعيش هناك. وأن امللك قد السمعة تلك توصيل بغرض ذلك بكل قام لبريستر، مما يجعله يرسل رجاله من حيث

يوجد، إلى ذلك الساحل«.

من �لثاين �لن�سف خال

�لقرن �خلام�س ع�رش، كان �لتاج

�لن�ساطات يدعم �لربتغايل

من للعديد �ل�ستك�سافية

بينما �ملغامرين، �لتجار

يف جنوبا يتوغلون كانو�

عن باحثني �لأطلنطي،

فر�س جتارية و�سيا�سية، كما

�إىل ممر عن يبحثون كانو�

كثريون خ�س�س وقد �لهند.

لهذ� �سخمة مو�رد منهم

من �لعديد وخا�سو� �لغر�س،

�ملخاطر بحثا عن �لأر�س �لتي يوجد

باأنه �عتقدو� �لتي ومملكته بري�سرت بها

�لأفريقي �ل�ساحل من �إليها �لو�سول ميكن

�لغربي. لقد كانو� �سحايا مفاهيم كثرية مغلوطة:

فقد �عتقدو� باأن بري�سرت جون يعتلي عر�س مملكة مرت�مية

�لأطر�ف متتد عرب معظم جنوب �ل�سحر�ء �لأفريقية،

مل�رينو ب�ل�شليب للموؤمنني الأ�شرار »كت�ب كت�ب من ف�شكونته خريطة :2 �شكل

�ش�نوتو،البندقية 1321م

�شكل 3: خريطة اأندري� بي�نكو، البندقية 1436م

�شكل 4: خريطة ا�شتن�شه للع�مل، م�يورك� 1450م

Page 6: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار11العــدد 43 حديث الدار10العــدد 43

و��ستهانو� بحجم �لقارة �لأفريقية، و�لأهم من ذلك كله �أنهم �عتقدو� باأن �أنهار

غرب �أفريقيا �إمنا هي جزء من حو�س �لنيل.

باأن بري�سرت وقادت هذه �لأفكار �ملغلوطة �مل�ستك�سفني �لربتغال �إىل �لعتقاد

جون كان ي�سيطر على م�سادر �لنيل، فر�حو� ي�ستف�رشون من خال حو�ر�ت مع

عن �لبع�س ي�ساألون كانو� وعندما �لأفريقي، �لغربي �ل�ساحل طول على �لنا�س

�لقارة، كانو� يوؤكدون وجود مثل هذ� �أر��سي �حتمالت وجود ملك قوي د�خل

�لربتغاليني لتوق ونظر� �خليايل. �مللك بذلك �لهتمام �ملزيد من يثري مما �حلاكم،

بالإبحار �لأفريقية �لقارة د�خل �إىل بعثات عدة �إر�سال مت بري�سرت، �إىل للو�سول

من �ل�سنغال وغامبيا، ومن ثم �إىل �لنيجر و�لكونغو، وكل �لأنهار �لتي كان ُيعتقد

بات�سالها بالنيل. وقد باءت كل تلك �لبعثات بالف�سل، فبع�سها مل يعد على �لإطاق،

بينما عاد �لبع�س �لآخر خايل �لوفا�س. ويف بع�س �حلالت �دعى بع�س �لعائدين

منهم باأنهم وجدو� من �لدلئل ما يفيد باأن بري�سرت جون كان قريبا، على بعد م�سافة

قريبة يف �لد�خل. لكن ذلك كله مل يفت يف ع�سد �لربتغاليني �لذين �أ�رشو� على

�أبحر 1488م، �لعام ويف �لأفريقي. �ل�ساحل طول على �جلنوب �إىل �لتوغل

بارتلوميو دياز حول ر�أ�س �لرجاء �ل�سالح، ويف �لعام 1494م، عرث فا�سكو د� غاما

�جلغر�فيني على �لطريق �لبحري �إىل �لهند، بعد حماولت عدة، وو�سل كالكوتا. �خل�سوم ويف و�حدة، دينية هوية يف ل�سرت�كهم مت�ساوين، �رشكاء

و�ل�سيا�سيني، مما غطى على �أية خافات �أخرى.

وب�سفة عامة، فاإن تاريخ �لعاقات �لإثيوبية �لأوروبية يندرج �سمن مدر�سة

قدمية، فكرة مع تناق�س يف حديثا �خرت�عا �لعن�رشية تعترب �لتي �لتاريخ تدوين

طويل وقت حتى موؤكدة غري فكرة وظلت �لرقيق، لتجارة نتيجة ن�ساأت و�أنها

بعد ذلك. كما يفيد �أي�سا باأن �لآر�ء �ل�سائعة حول �لعاقات �لأوروبية �لأفريقية،

باأن وفكرة ع�رش �لكت�سافات �لأوروبية بحد ذ�تها بحاجة لإعادة نظر. وهو يبني

�لأفارقة يف جنوب �ل�سحر�ء مل يت�سفو� بال�سلبية �إطاقا، ومل ير�سو� مبا �سورهم

مل جامدة بعزلة تت�سم وتقاليد �أعر�ف �أ�سحاب باأنهم �لأوروبيون �ملوؤرخون

تنك�رش �إل على يد �مل�ستك�سفني �لأوروبيني. فقد �سعى �لإثيوبيون بفعالية �إىل �إقامة

عاقات دبلوما�سية، وثقافية، ودينية، مع �ملجتمعات �لأوروبية خال وقبل ع�رش

حفزهم مما �لثمينة، �جلغر�فية باملعرفة خالها �لأوروبيني زودو� �ل�ستك�سافات،

للبحث عن مملكتهم. وميكن �أن نقول هنا باأن فكرة ع�رش �ل�ستك�ساف �لذي يعد

�إجمال مبادرة �أوروبية، ينبغي �إعادة �لنظر فيها و�عتبارها عما على جانب كبري من

�لتعقيد، ��سرتك يف �إجنازه �أوروبيون، وغري �أوروبيني.

وما �أن بد�أ �لربتغاليون �لإبحار يف �ملحيط �لهندي، حتى �سار �لو�سول �إىل

�لتعرف �ل�ساد�س ع�رش، مت �لقرن بري�سرت جون م�ساألة وقت فح�سب، ففي بد�ية

عليه يف �سخ�س �إمرب�طور �إثيوبيا �مل�سيحي. ويف �لعام 1513م، �أدى و�سول ممثل

فا�سلة للو�سول �إىل جتدد �ملحاولت. وبعد عدة حماولت �إىل �لربتغال �ثيوبي

�إىل �لو�سول يف �لربتغاليون جنح �ل�رشقي، �لأفريقي �ل�ساحل من �ثيوبيا �إىل

�لبحر �لأحمر، ومن �ل�ساحل �لذي يطلق عليه �ليوم �إريرتيا. و�رشعان ما �أر�سلو�

�لعام ليبنا دجنل يف �لإثيوبي، �لإمرب�طور باط �إىل لت�سل لربي�سرت جون، بعثة

1520م. وكانت تلك �لبعثة بد�ية حلقبة طويلة من �لعاقات �ملثمرة بني �لربتغال

و�إثيوبيا �متدت قرنا من �لزمن.

�أمر ينك�سف بد�أ عابرة، ملحة ويف بري�سرت، �أر�س على �لعثور مت �أخري�،

خطط طال �إخفاوؤها، ب�سن حرب �سليبية م�سرتكة، وتتحول �إىل حقيقة. و�رشعان

ما تبني للربتغاليني باأن بري�سرت جون مل يكن بذ�ت �لقوة �لتي خالوها. فقد كانت

�إثيوبيا يف مطلع �لقرن �ل�ساد�س ع�رش تو�جه خطر� وجوديا يهدد كيانها: فقد كانت

�سلطنة عدل �لتي تقع حاليا يف �سمال �ل�سومال، ت�سن حربا �سدها منذ عدة عقود،

�ململكة ت�ستعد لا�ستياء على �ل�ساد�س ع�رش، كانت �لقرن �لثاثينيات من ويف

��سرتكت 1541م، �لعام بالتدخل، ويف �لربتغاليني ليبنا دجنل و�أقنع �مل�سيحية.

�أربعمائة جندي برتغايل يف �حلرب �لإثيوبية �سد �لغزو �لعديل. ومن كتيبة من

�ملفارقات �لغريبة �أن يكون �لربتغاليون هم من ينقذون �لإثيوبيني من �أعد�ئهم بدل

من �أن يحدث �لعك�س. بل �أ�سبح �لإثيوبيون هم �لذين يعتقدون باأ�سطورة ملك

�أوروبي ي�سل �إثيوبيا ذ�ت يوم، وينقذ مملكتهم من �لدمار.

و��سعو بذل �لو�سطى، �لع�سور يف جون بري�سرت �أ�سطورة �خرت�ع بعد

�خلر�ئط �لأوروبيون، و�ملكت�سفون، و�لزعماء �ل�سيا�سيون، جهد� كبري� يف �لبحث

عن مملكته لعدة قرون. ورغم ما حدث من خيبة رجاء يف كثري من �لأحيان، فاإن

�لعاقات بني �ثيوبيا و�لربتغال �سهدت �زدهار� ب�سكل عام. غري �أنه بحلول �لن�سف

�لثاين من �لقرن �ل�ساد�س ع�رش، �سهدت �لعاقات �ل�سيا�سية و�لثقافية، تغري�ً باجتاه

ديني، عندما بد�أت بعثة تب�سريية من �جلزويت، حملة �رش�سة لإر�ساء قو�عد �ملذهب

�لكاثوليكي يف �إثيوبيا.

مثري� �إثيوبيا يف �لبعثة تلك وجود �أ�سبح ع�رش، �ل�سابع �لقرن مطلع ويف

بل �لثيوبية، �لنخبة �أفر�د بني �لتاأييد لقو� كثري� من قد للجدل. وكان �جلزويت

�لكاثوليكي. �ملذهب �إىل بالتحول �سو�سنيو�س �لإمرب�طور �إقناع ��ستطاعو� �إنهم

ناحية، من �لثيوبية �مل�سيحية موؤيدي بني طاحنة دينية حرب ذلك و�أعقب

ومنا�رشي �ملذهب �لكاثوليكي من ناحية �أخرى. ويف �لثاثينيات من �لقرن �ل�سابع

ع�رش، خ�رشت �جلبهة �لكاثوليكية �ملعركة، ومت طرد �جلزويت من �إثيوبيا.

هذ� �لعر�س �خلاطف لق�سية �لبحث عن بري�سرت، �إمنا يعرب عن �لتنافر

تاريخ يف �سهرة �لأكرث و�لتجارب �لثيوبية، �لأوروبية �لعاقات يف

ذلك. ز�منت �لتي �لعبيد جتارة خا�سة �لأفريقية، �لأوروبية �لعاقات

بهم ويتاجرون �لأفارقة، على غار�تهم ي�سنون �لأوروبيون كان فعندما

بال�ستعاء، �سعور غري �سحيح �أفعالهم يف �سوء يربرون كانو� كعبيد،

كانو� يعرتفون يف بري�سرت، بالبحث عن �هتمو� �لذين �لأوروبيون بينما

يف �أف�سل �أ�سود ملك هناك �أفريقيا، يف ما مكان يف باأنه �أنف�سهم قر�رة

قوته وتقو�ه من نظر�ئه �لأوروبيني. مثل هذ� �لعرت�ف �ل�سمني بالنق�س

�لعقل �ملوجودة يف �لتناق�سات يعرب عن ل، َ�ملتخي �لأفريقي بري�سرت �إز�ء

فاإن بالذ�ت وبالآخر. وباملثل، �ل�سعور ما بني �لوقت �لأوروبي يف ذلك

�أهم يف �لتكرمي درجات باأعلى و��ستقبالها �لثيوبية بالبعثات �لرتحيب

�لثقافية بالتقاليد ملحوظ �هتمام عن يك�سف �إمنا �لأوروبية، �لباطات

لاآر�ء مغايرة لاإثيوبيني �أوروبية روؤية عن ويف�سح �لثيوبية، و�لدينية

�ل�سائعة يف �خلطاب �لأوروبي عن �لآخر �لأفريقي.

�لأوروبي �لعقل يف �أنه يخربنا �لأوروبية �لإثيوبية �لعاقات تاريخ �إن

من �لأخاقية، و�ل�ستقامة �لأوروبي �ل�ستعاء بني �ملو�جهة تكن مل �حلديث،

ناحية، و�ل�سعور بالدونية من غري �لأوروبي، من ناحية �أخرى، تعتمد على فكرة

من �لرغم وعلى لحقة. قرون يف حدث كما �لآخر، عن متحجرة عن�رشية

�لقرن خال و�لأوروبيني �لإثيوبيني بني و�لثقافية �جل�سمانية �لختافات وجود

�أنف�سهم �عتربو� �أنهم �إل ع�رش، �ل�ساد�س �لقرن �سنو�ت ومعظم ع�رش �خلام�س

�شكل 5: تف��شيل عن بري�شرت جون من خريطة ا�شتن�شه للع�مل

�شكل 6:خريطة الع�مل )م�ب� موندي( لفرا مورو، حوايل 1450م

�شكل 7: طرق احلج�ج الإثيوبيني يف القرن 15م

�شكل 8: �شعي الربتغ�ليني للو�شول اإىل بري�شرت جون

Page 7: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار13العــدد 43 حديث الدار12العــدد 43

على �ملفرت�سة، �لتقليدية �ملجتمعات هذه تخلف فكرة تر�سخت وقد �أما

�أن �لدول هذه يقني يف وقر فقد �ل�ستعمارية، �لدول جلماهري بالن�سبة �لأقل

تقومي هذه �ملجتمعات وقيادتها �إىل �لتح�رش �أمر م�رشوع، بل كانت هذه �لأنظمة

�ل�ستعمارية ت�رشب يف بع�س �لأحيان على �لوتر �لإثني لهذه �ملجتمعات.

بالن�سبة �لتاأخر و�لتقليدية تكمن خطورة مثل تلك �ل�سور يف تر�سيخ �سفة

�لريفية �لبيوت يف عر�ست ما �إذ� خا�سة لاإ�ستعمار، تخ�سع �لتي �ل�سعوب

�لأنظمة كانت �ل�سعوب. تلك �ساأن لإ�ساح م�سوغا يعطيهم مما للم�ستعمرين،

رزحت �لتي �لثقافات يف �لعرقي �لنتماء مظاهر كل ملحو ت�سعى �لإ�ستعمارية

حتت �ل�ستعمار.

�لقوة، بو��سطة �مل�سعى ذلك يف �ل�ستعمارية �لقوى ف�سلت وعندما

�أمثلة ومن �ملتو�سطة. �لطبقة تخدير خال من �سيكولوجية خدع �إىل جلاأت

�لتي متثل �مل�ستوطن )3 �لتكتيك منحوتة غاو هاو�س يف نيودلهي )�سكل هذ�

�لن�سيج على تاأثري له كان ذلك كل فاإن وبالطبع، بوذ�. ُيخ�سع وهو �لأبي�س

�ملادي للمدن. فامل�ستعمرون �أينما ذهبو� قدمو� روؤيتهم ومنظورهم �خلا�س عن

مفهوم �ل�ستقر�ر و�ل�ستيطان.

يف �لعمر�ين �لنمو لتخطيط �لعام �لنموذج على �لعو�مل تلك �أثرت

�لبلد�ن �لتي متثل �لقلب، �أو �لأخرى �لتي متثل �لأطر�ف. وقد �ت�سمت هذه �لفرتة

بانتقال �لأفكار من باري�س �إىل �جلز�ئر، ثم �إىل �جلنوب حتى �أفريقيا �ل�سود�ء �لتي

��ستعمرتها فرن�سا. لقد �أفرزت �لفرتة �ل�ستعمارية ب�سكل عام حالة من �لتهجني،

�لمرب�طوريات �أر��سي بني توحد معمارية وطرز عمر�نية �أ�سكال فظهرت

�ملهجنة �لأ�سكال تلك كانت �لب�رشي. �مل�ستوى على �لأقل على �ل�ستعمارية،

ولذلك �أ�سيل. حملي طابع ذ�ت و�أخرى �مل�ستعمر باد من مامح بني جتمع

�أكرث بريطاين ذ� طابع ف�سيحة يتكون من طابق و�حد و�رشفة �لذي �ملنزل �أ�سبح

منه هندي. )�سكل 4(

�ملحلية، �لثقافية �لهوية �أ�سا�س لنزع �ملمنهجة �ملحاولت تلك تاأثري ظهر

�ملحتلة �ل�سعوب �رشعت وبينما �لنهيار. يف �ل�ستعمارية �لأنظمة بد�أت عندما

يف �لثورة �سد �مل�ستعمر، مل يكن لديها ما تتم�سك به وهي تنا�سل لدعم �سيادتها،

�سوى �لنظام �ملوجود بالفعل، مبا يحمل من حقائق مادية و�أ�س�س �يديولوجية، مثل

وتقاليد و�أعر�ق ولغات لأديان تنتمي جماعات على فر�س هكذ� �لأمة. �لدولة

خمتلفة يف �لباد �لتي كانت حتت �ل�ستعمار �لن�سهار معا من �أجل �لو�سول �إىل

مرحلة جديدة من �ل�ستقال �لوطني يفرت�س �أن تكون �أكرث تقدما، بينما مل يكن

بينها يف �ملا�سي �أكرث من تاريخ ��ستعماري م�سرتك. �إل �أنه مت ت�سليط �ل�سوء على

�لأ�سياء �مل�سرتكة �لقليلة، وكبت �لختافات، يف �سبيل حتقيق �حلرية و�ل�ستقال.

�ملدى، �لق�سرية �ل�سيا�سية �مل�سالح على تعتمد �لتي �لوطنية، �لهوية وظهرت

نزار ال�شياد

قدمت باللغة الإجنليزية

يف 20 يناير 2014م

من النزعة المحلية إلى العولمة: االستقرار واالستيطان ونهاية

التقاليد الراسخة

املبكرة املحلية التقاليد من وال�شتيطان ال�شتقرار م�شاألة لتحول �شورة لر�شم حماولة هي املحا�شرة هذه

اإىل ن�شوء اأ�شكال جديدة يف ع�شر العوملة. ورغم كل هذا اللغط حول العوملة والعامل املتداخل واملت�شل الذي

نعي�شه، فاإن العامل ل يزال موؤلفا من جمتمعات قومية، واأن ظروف حتديد هوية الأفراد واجلماعات باتت

اأية نظرية للعوملة لبد واأن تبداأ بر�شم خريطة للظروف التاريخية وغري اأن اأمرا بالغ التعقيد. وبالطبع،

العادلة للمجتمعات التقليدية، وا�شتعمارها، ون�شوئها كدول قومية، ثم حتولها العنيف يف ع�شر العاملية.

�أنا موؤرخ عمر�ين وتخ�س�سي هو در��سة �ملدن و�لأماكن، تلك �أدو�تي �لتي

�أ�ستخدمها كرب�هني على �أطروحاتي. لقد دفع �لأ�ساتذة و�ملفكرون باأن مدن �لعامل

يف هذه �حلقبة �لتاريخية ت�سري نحو �لتجان�س، وهو �جتاه يرى �لبع�س �أنه بد�أ مع

�نت�سار �لعمارة �حلديثة. لكنني �أرى باأنه بالرغم من �ملظاهر �ل�سكلية، فاإن �ملدنية كما

تعّرف باأنها �سكل وثقافة وفن، رمبا تتعر�س لتغيري ب�سيط يف ظل هذ� �لنظام �لعاملي

�جلديد. كما �أدفع باأنه يف زمن �لعوملة، حيث �لثقافة ل جتد لها لاأ�سف موقعا، فاإن

�لتمدن �لعمر�ين ي�ستبقي بع�س �ل�سلة باملو�سوع. �أرى باأن �لعمر�ن �أو �لتمدن لن

ي�ست�سلم بب�ساطة للعامل �ملعلوماتي، و�أنه �سوف يو��سل دوره ك�ساحة ن�سطة، ميكن

�لهيمنة �أ�سكال �ملحلية على خمتلف �ل�رش�عات توؤثر من خالها ماحظة كيف

�لعاملية، ومتنعها بل وحتى تنتجها �أحيانا.

�لهوية هي لب مو�سوع �ملناق�سة. وبالطبع، فقد ��ستغرق �لر�بط بني هوية

جماعة ما و�سكل وثقافة �ملدينة �لتي تنتج عنها، �لكثري من �لدر��سات و�لبحوث.

وقد �عتربت �لعائلة و�لعرق و�لدين و�للغة و�لتاريخ كعنا�رش لبناء �لهوية �لقومية

�لتي تتناقلها �لأجيال �ملختلفة يف عملية يطلق عليها »�لتقاليد«. وتبنى �لتقاليد على

تقدير للقيود، ويف عامل �لتكنولوجيا حيث �خليار�ت ل حد لها، ي�سبح �ل�رش�ع

�أن �ل�سذ�جة من ولعله عنه. حميد ل �أمر� حديث، هو وما تقليدي هو ما بني

ننعت �لتقاليد بالأ�سالة و�لنقاء، ونو�سم �حلد�ثة بالف�ساد، �أو �لعك�س. وكما بينت

بالغة �إ�سكالية على ينطوي �حلد�ثة �لتقاليد/ فاإن جدلية و�لدر��سات، �لأبحاث

�لتعقيد. �إن �لتق�سيم �لثنائي كما يف �ل�رشق مقابل �لغرب، و�ل�سمال و�جلنوب،

و�لدول �ملتطورة و�لدول و�لأطر�ف، و�ملركز �لثالث، و�لعامل �لأول و�لعامل

�لنامية، كلها ثنائيات ميكن �عتبارها ت�سنيفات م�سطنعة. و�أي تناول للم�ساألة ياأخذ

اأو�شطية، ال�شرق الدرا�شات مركز اأي�شا يرتاأ�س حيث بريكلي، كاليفورنيا، جامعة يف الآن يدّر�س عمراين، وموؤرخ ومعلم وخمطط، معماري، مهند�س ال�شياد، نزار الربوف�شور

وبرنامج درا�شات ال�شرق الأو�شط للطلبة اجلامعيني، وبرنامج الدرا�شات الدولية ودرا�شة املناطق لطلبة الدرا�شات العليا. له العديد من الكتب، اآخرها كتاب »النيل: التاريخ

املدين على �شفتي نهر« )2016(.

يف �لعتبار �لرتكيب �ل�ستطر�دي �ملتنقل »للثقافات«، يدرك بان كل �ملجتمعات

�إمنا بنيت على بع�سها �لبع�س.

قبل �ملرحلة �ل�ستعمارية، كانت هنالك جمتمعات تقليدية تعي�س يف بيئات

�سكل وجود من �لرغم وعلى �ل�سناعة. مرحلة قبل مبا �أحو�لها ترتبط منعزلة،

من �أ�سكال �لتبادل �لقت�سادي فيما بينها وبني �لعامل، فاإن �لرغبة يف معرفة �ملزيد

عن »�لآخر« و�لتو��سل معه كانت حمدودة. �ت�سمت تلك �ملرحلة باأن �ل�ستقر�ر

و�ل�ستيطان رمبا كان رد فعل مبا�رش للبيئة �لطبيعية �ملحيطة.

�لهو�ء ماقف من �أفقها تَ�سّكل �لتي �آباد، حيدر مدينة كانت و�سو�ء

بالغة �أجو�ء يف �لبقاء �أجل من كحيلة �لهو�ء م�سار نحو �ملوجهة »�لبادكري«

�لق�سوة، �أو لويانغ �ل�سينية، حيث ت�سكل �مل�ساكن �لغاط�سة يف �لكهوف و�حلفر

يف �لريا�س �أو �لأر�س، باطن �إىل �ملناخ ق�سوة من للفر�ر حيلة فيها، �ملوجودة

�ململكة �لعربية �ل�سعودية حيث �لقلق من م�ساألة �خل�سو�سية �أدى �إىل معمار يخلو

بينها �مل�سرتك �لعامل فاإن �خلارج، على تطل ل د�خلية وفناء�ت �لنو�فذ، من

فهذه �لأ�سليني. لل�سكان �لآنية �حلاجات مع تتماهى �نها �ملفرت�س من بيئة هو

�مل�ستوطنات قد ت�سكلت كما يبدو من قلق �ل�سكان و�هتمامهم باإيجاد ملجاأ لهم،

و�أحيانا رمبا من عدم وجود مو�د بديلة. ولعلها تعك�س يف منطقة �لا�سعور لدى

�سكان هذه �مل�ستوطنات، تطابقا بني هوية قاطنيها و�فتقارهم �إىل �ملو�رد.

يف منت�سف �لقرن 19 �سهد �لعامل ن�ساأة �لر�أ�سمالية �ل�سناعية �حلديثة وظهور

�أ�سبح �لنموذج، �إطار هذ� �لتي ميثلها �لإ�ستعمار. ويف �ملنظمة �ل�سيا�سية �لهيمنة

�لأمم فهناك �ملجتمع: �أ�سكال من و�سكلني �لب�رش، من نوعني �إىل منق�سما �لعامل

�لأوروبية �مل�سيطرة �لتي تتمتع بالقوة و�لتقدم �لإد�ري، و�لعرق �لقوقازي، وتدين

وذ�ت تنظيميا، �ملتخلفة �لإر�دة، �مل�سلوبة �ملجتمعات وهناك بامل�سيحية، �إ�سميا

و�لتي �لأبي�س، �لعرق �إىل تنتمي ل �لتي و�سعوبها �لر��سخة، �لقدمية �لتقاليد

تقع رهينة �ل�سيطرة. وينتقل �لنموذج يف هذه �ملرحلة �لثانية من �لطر�ز �لتقليدي

�إىل �لطر�ز �ل�ستعماري، يف عاقة غري متكافئة من �لتبادل �لثقايف و�لجتماعي

و�لقت�سادي. وبناء على ذلك، فاإن حماولة حتليل ق�سايا �لهوية يف �مل�ستوطنات

�لتقليدية يف �لعامل �لنامي، ينبغي �أن تبد�أ بفهم �لعملية �لتي مت بها �نتهاك �لهوية �أو

جتاهلها �أوت�سويهها �أو حتى و�سعها يف قالب منطي يف ذلك �لوقت.

متثل لوحة ر�سمها جني ليون جريوم يف �لعام 1888م، بعنو�ن »��ستقبال

�سفر�ء �سيام يف فونتانبلو« )�سكل 1(، مثال جيد� على هذه �لعاقة غري �ملتكافئة

رغم �لتايلدنديون ُبني �مل�سيطرين �جلدد و�خلا�سعني �جلدد. ففي �لعام 1850، �أ

�ل�سياميون على فتح مر�فئهم �أمام �لتجارة �لأوروبية وتبادل �ل�سفر�ء مع فرن�سا.

وعندما مت تكليف جريوم لتوثيق هذ� �لحتفال، مل يخرت �سوى �للحظة �لتي جثا

فيها مبعوثو �سيام �أمام ممثلي �لقوة �لغربية �لإمربيالية لري�سمها. هنا ت�سبح م�سكلة

�لتمثيل حمورية، ذلك لأن معظم هذه �لإبد�عات �لفنية قد �ساهمت يف خلق هذ�

»�لآخر« ويف �ت�ساع �لفجوة ما بني �ملهيمن و�خلا�سع. ويخربنا عديد من موؤرخي

�أكرث �لفنانني دقة وعلمية يف جيله من حيث ت�سويره باأن جريوم كان من �لفن

2( وهي لوحة �أي�سا لوحة »�حلاوي« )�سكل للبيئة �ل�رشقية. كما ر�سم جريوم

جميلة ت�سور م�سهد� ل�سبي عار وهو يقوم بالرتفيه عن بع�س �لعرب �لتنابلة يف

�ل�سيا�سي �ملغزى باأي حال جتاهل �لقاهرة. ول ميكن �لأزرق يف �مل�سجد رو�ق

ملثل تلك �لأعمال �لفنية، و�لتف�سري�ت �ملحتملة من جانب �ملتلقي. وهذ� ما جعل

�لبالغ كتابه لتكون على غاف بالذ�ت �للوحة يختار هذه �سعيد �إدو�رد �ملفكر

�لأهمية »�ل�ست�رش�ق«.

�شكل 1: لوحة »ا�شتقب�ل �شفراء �شي�م يف ف�ونتنبلو« للر�ش�م جني ليون جريوم

�شكل 2: لوحة »احل�وي« للر�ش�م جني ليون جريوم

Page 8: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار15العــدد 43 حديث الدار14العــدد 43

�لوطنية. �حلركات معظم ور�ء �لد�فعة �لقوة باعتبارها �ل�رش�ع، و�أيديولوجية

�لرباط �لذي كان يوثق بني �جلماعات �ملختلفة. وبعد حتقيق �ل�ستقال، �سعف

�أو�خر �لثمانينيات و�أو�ئل �لت�سعينيات يف �لحتاد �ل�سوفيتي �أن �أحد�ث و�حلقيقة

بعد ما �لأكرث عمقا. ففي عامل �لرو�بط �أهمية ت�سهد على �ل�سابق ويوغو�سافيا

يف �لأوىل �لعنا�رش هي و�لدين و�جلن�س، �لعرقي، �لأ�سل �أ�سبح �ل�ستعمار،

حتديد �لهوية �جلماعية.

مرحلة ودخول �لمرب�طوريات، غروب يكن مل �ملعمارية، �لناحية من

�لعامل �لعمر�ن يف �أحو�ل بال�رشورة يف تغيري �لقومية موؤثر� �ل�ستقال و�لهوية

�لنامي. فقد �تخذت قر�ر�ت هامة ل رجعة فيها يف عهد �ل�ستعمار �أثرت ب�سكل

و��سح على ن�ساط �لبنيان.

يف �لعامل �لعربي يف �ل�رشق �لأو�سط على �سبيل �ملثال، كانت قو�نني �لبناء

�جلديدة م�ستوحاة من �ملعايري �لغربية �لتي تتطلب �رتد�د�ت يف �لبناء قد �أرغمت

5(، لتحل �لتقهقر و�لختفاء )�سكل �لفناء �لد�خلي على �لتقليدية ذ�ت �ملنازل

ما �أقل و�لتي �لو�حد، �لطابق ذ�ت كالوحد�ت مبتذلة معمارية �أ�سكال حملها

يقال فيها �إنها غري منا�سبة للظروف �ملناخية. ونظر� ملجموعة من �لتعقيد�ت، ف�سل

�لتعديل �سيئا من �لطر�ز �جلديد، حتى ولو تطلب ذلك �لتقليدية �سكان �لأحياء

غري �ملاألوف لتحقيق �خل�سو�سية.

يف مدينة �خلرب يف �ململكة �ل�سعودية مثا، ��ستغربت من وجود عمود �إنارة

يخرج من عمارة �سكنية )�سكل 6(، و�عتقدت يف بادئ �لأمر باأنها رمبا �سكل من

�أ�سكال �لعمارة ما بعد �حلد�ثة. لكنني �أدركت بعد ذلك باأن هذه �لتعديات على

�لنا�س �عتادو� يف �ملمتلكات �لعامة تعد من �ملمار�سات �ل�سائعة هناك، ذلك لأن

ثقافتهم �لتقليدية على عاقة �سل�سة مع �حلكومة ت�سمح لهم بال�ستياء على �أجز�ء

من �ملمتلكات �لعامة دون �أن يعترب ذلك تعديا على ممتلكات عامة.

�فتتان معظم �إىل �ل�ستعمار بعد ما مرحلة �مل�سكلة يف �أ�سل هذه ويرجع

�لغربي �لنموذج �أن هذ� ويعني باحلد�ثة، �لنامية �لباد يف �جلديدة �حلكومات

�لتي �لو�سطى �لطبقة خا�سة �لأ�سليني، لل�سكان مرجعا ظل �لعمر�ين للتطور

فرتة يف �لباد تلك يف �لبريوقر�طية �لنظم وتدير �حل�رشية، �ملناطق يف تعي�س

�إعادة �لبناء �أدو�ت ما بعد �ل�ستعمار، حيث �لإ�سكان �لعام يف ذلك �لوقت من

ما بعد �حلرب، وحتقيق �ل�ستقر�ر �لقت�سادي و�لرفاهية �لجتماعية يف كثري من

�أنحاء �لعامل �لغربي.

لكن �لنمط، هذ� �تباع �إىل حديثا �مل�ستقلة �لبلد�ن من �لعديد ��سطرت

مثال خري م�رش ولعل �لنا�س، كل �حتياجات تلبية يف ينجح مل �لعام �لإ�سكان

على ذلك. فخال عهد نظام جمال عبد�لنا�رش �ل�سرت�كي �لقومي، مت بناء �آلف

�لوحد�ت �ل�سكنية لاإيجار، ولكنها كانت تعاين من �لعيوب �لتقليدية ملثل هذه

�مل�ساريع �لعامة، مثل عدم �لقدرة على �ل�ستجابة لأ�سلوب حياة �ل�سكان �لذين

و��ستغال لها، �لازمة �ل�سيانات �إجر�ء �إىل حياة �حل�رش حديثا، وعدم حتولو�

�لنامية عدد�، �مل�ساحات �مل�سرتكة، وعدم �لقدرة على �ل�ستجابة حلاجات �لأ�رش

�لأمر �لذي �أدى بال�سكان �إىل �لأخذ على عاتقهم تعديل �لأمور باأيديهم.

فيها طغت �لتي �ملرحلة وهي �لعوملة، يف �أخرى مرحلة �إىل ن�سل هنا،

ق�سية �إعادة بناء �لهوية؛ فبعد نيل �ل�ستقال و��ستقر�ر�لأمور عقب �ل�رش�ع من

�أجله، ظهرت على �ل�سطح م�سكات �لقومية و�لتو�فق �ملجتمعي. وعندما ظلت

تلك �لق�سايا دون ح�سم، وجدت �لأ�سولية �لدينية و�ل�سيا�سية فيها مرتعا منا�سبا

لتنمو وتزدهر. وبالطبع، هناك مرحلة معينة تتوقف عندها �ل�سعوب �لتي كانت

غريب تاريخ �أنه �عتبار على �ل�ستعماري تاريخها �إىل �لنظر �سابقا، عن حمتلة

عنها، وتبد�أ با�ستيعاب هذ� �لرت�ث كما لو كان جزء� من تر�ثها �لتقليدي. ولكن

�أ�سبحت �لأ�سكال �ل�سعوب؟ متى �لتحول يف تفكري هذه متى حدث مثل هذ�

متى �ملتحدة؟ �لوليات ل�رشق �ملحلي �لرت�ث هي �لربيطاين باملحتل �خلا�سة

مناطق من كثري يف �لتقليدية �لعمارة هي �ل�سبانية �ملعمارية �لأ�سكال �أ�سبحت

�أمريكا �لاتينية، بل �أ�سبحت �سائعة يف تلك �ملجتمعات، وجتذب �إليها �ل�سائحني؟

�إنه يف قر�رة كل منا �سو�ء كنا �أ�ستطيع �لقول �لثقافية، بالناحية فيما يتعلق

و�لتقاليد. �لثقافة نحو متناق�سة م�ساعر �لدول، حتى ورمبا جماعات، �أو �أفر�د�

�أمر وهو �لتغيري، من باخلوف مدفوعا و�لتقاليد بالثقافة �لتم�سك يكون فقد

�لأ�سولية من �أ�سكال �إىل تلقائيا تتحول �ملجهول، �سد �حلمائية وهذه حتمي.

و�لتع�سب. ومن ناحية �أخرى، تتميز �لنزعة �لثانية بالهتمام بثقافة ذلك »�لآخر«

�لغام�س، وهي تنبع من رغبة يف �لذوبان مع �لآخر، و�مل�ساركة يف وعي جماعي

ون�ساأة �حلدود، عرب للمو�طنني �لهائلة �لتدفقات وت�سري و�ختافا. �ت�ساعا �أكرث

طريف على بال�رشورة لي�ستا �لنزعتني هاتني �أن �إىل عرقية، لأقليات حمميات

نقي�س، بل قد تكونان متز�منتني، �أو يف حالة تبادل بينهما مرهونا بالزمان و�ملكان.

»تقاليد بالتف�سيل. ففي كتاب �لق�سايا موؤلفاتي هذه �لكثري من تناولت يف وقد

�ل�ستهاك، تر�ث �لت�سنيع«، ��ستخدمت عد�سة �ل�سياحة لدر��سة �إ�سكالية �لعديد

يتم كيف لفهم حماولة يف وذلك و�لتقاليد، بالرت�ث �ملتعلقة �لفرت��سات من

�فتعال �لبيئات وت�سويقها يف ظل �قت�ساد عاملي يت�سم بال�ستهاك �ملفرط. �أما يف

كتاب »نهاية �لتقاليد«، فذهبُت �إىل �أن ع�رش �لتقاليد قد وىّل �أي�سا، �أي �أن مفهومنا

للتقاليد باأنها ذلك �ملخزون من �لقيم و�لأفكار �لأ�سيلة، و�لتي ينبغي �أن تتو�رثها

�لأجيال، قد عفا عليه �لزمن.

جلذب مورثها ��ستغال �إىل بحاجة نف�سها �لدول جتد �لعوملة ع�رش يف

مما �ل�سياحة، قطاع تطوير على �لرتكيز من بد ل فكان �لأجانب. �مل�ستثمرين

�أدى �إىل ظهور جمتمعات باأكملها، وخا�سة تلك �لتي �أتت مبعايري غربية خمتلفة

ملبادئ حقوق �لإن�سان، و�مل�ساو�ة بني �جلن�سني، و�لبيئة �مل�ستد�مة )�آ�سيا �لو�سطى

و�ل�رشق �لأو�سط(.

متطرفني يد على )7 )�سكل �لهند يف بابري م�سجد تدمري حادثة تعترب

هندو�س، و�أحد�ث �ل�سغب �لتي �أ�سفرت عنه، مثال جيد� يف هذ� �ل�سياق. فقد

كتب كيفن روبنز: »�إن �لعوملة تدفع بالثقافات باجتاهات خمتلفة ومتناق�سة وغالبا

�لثقافة، حركة ن�ساط يف زيادة تعني و�لعوملة �رش�عات«. �إىل توؤدي بطريقة

ولكنها تعني �أي�سا �جتاها جديد� للرت�سيخ �لثقايف. و�حلال �أنه �إذ� كان �ل�ستباك

�لثقايف عرب �حلدود ميكن �أن يخلق مو�طنني عامليني، و�أنو�عا جديدة وفاعلة من

�لبناء و�إعادة �ل�ستعادة عملية باأن �لعرت�ف من �أي�سا بد فا �ملهجنة، �لثقافة

�سوف توؤدي �إىل تاأجيج مزيد من �لبلبلة و�لنق�سام �لجتماعي، ولنا يف �لقد�س

مثال �ساطع يف هذ� �ل�سياق.

�أنو�ع من ثاثة ما بني منيز �أن �لعاملية، ميكننا �لنظر �ليوم، من وجهة �إذ� حتدثنا

�لنوع لاآخر. �لثقافية �لتقاليد لتمثيل �أماكن جعلها بق�سد ��ستحد�ثها جرى �لأماكن

�لأول هو ما �أطلقت عليه �أر�س �لأحام �لذي يحاكي ت�سوير� تاريخيا قائما على فكرة

��ستخد�م �لتاريخ خللق مكان �أ�سبه بالفيلم �خليايل �لأمريكي »�ساحر �أوز« �لذي يتم فيه

حل كافة �مل�ساكل يف ثقافة ما، وتخت�رش كافة جو�نب هذه �لثقافة �إىل �سكلها �لأ�سا�سي

�ملعمار، �أمناط من �لثقافية و�لرموز �ل�سور كافة �أن جند هذه، مثل روؤية يف �لأول.

�أن لها �أريد �لتي �لثقافات هي بب�ساطة ت�سبح �مل�ساحات، وتخليق �لبناء وطبوغر�فية

متثلها. �أما �لأ�سالة، فهي مطلوبة ومرغوبة، وميكن حتقيقها من خال �لتاعب يف �ل�سور

لو مت �أنه حتى تثبت �لأماكن »ديزين لند«، وهذه هنا هو �لنهائي و�ملثال و�خلرب�ت،

تقليد �لرت�ث، فاإن �لتاريخ له �سعبيته.

تاريخ عن يعرب حقا ولكن �لتاريخ، ت�ستخدم �لتي �لأماكن من �آخر نوع هناك

حقيقي. �إن حماولة �إعادة �حلياة ملثل هذه �لأماكن )و�لتي غالبا ما تكون مدنا باأكملها(

�أو كاهما، �أحد د�فعني رئي�سيني �ل�سابقة تخدم �أ�سكالها �إىل �إعادة ت�سكيلها من خال

وهما: جذب �ل�سو�ح لأغر��س جتارية، و/�أو �أن تكون »كبنك« للذ�كرة �لقومية �سد

يحاكي �لتي �ملدينة هذه ويليامزبريغ. متحف ذلك على مثال وخري �لتغيري. غو�ئل

معمارها عا�سمة فرجينيا يف عهد �لثورة �لأمريكية، ميكن �أن تكون موقعا رئي�سيا للتاريخ

�لعام لأمريكا )�سكل 8(. ومع ذلك، فمثله مثل غريه من متاحف �لتاريخ ت�ستند �رشعيته

على �دعائها تاريخا »حقيقيا« كما يتج�سد يف �ملباين �لفعلية و�لأعمال �لفنية. لكن مدينة

ويليامزبريغ قد تعر�ست كثري� لنقد �ملوؤرخني باأنها متنزهات ذ�ت مو�سوع حمدد. فقد

�أو �سورة تلبي حاجة بال�سورة �لتي جرى تعديلها لزيادة جاذبيتها، �لنقاد �سببها بع�س

�مل�ستهلك، �أو �سببها باملز�ر �لوطني. �لو�قع �أن �ملرء يت�ساءل، كما فعل م�سوؤولو �حلديقة

�لوطنية يف �لثمانينيات من �لقرن �ملا�سي: �أين مكّون معاناة �ل�سود من �لعبودية يف هذ�

�ل�سياق �لق�س�سي لاأمة؟

�ل�سيء بع�س خمتلف مثال فهي مك�سيكو، نيو ولية يف �سنتافيه مدينة �أما

لهذ� �لنوع �لثاين من �لأمكنة. هنا ناحظ �أنه بينما بنيت �ملدينة وفق تر�ث معماري

حقيقي، �إل �أن معناها قد تا�سى عرب �لع�سور؛ فبالرغم من �أن �لأ�سكال �ملعمارية �لتي

تتميز باملباين �لأ�سلية �ملبنية من �لطوب �للنب قد ��ستوحيت من تاريخ هذه �ملدينة،

�لآن �أ�سبحت و�لتي و�لتاريخي، و�لثقايف �لأ�سلي �سياقها من جردت قد �أنها �إل

تعمل على �أ�سا�س جتاري �رشف. فمن �ملعروف �أن معظم �لهياكل �ملعمارية �ملبنية من

�إمنا هي يف �حلقيقة مبان خ�سبية جرى تك�سيتها �لطوب �للنب و�لتي توحي بالأ�سالة �شكل 6: عم�رة �شكنية يف اخلرب يف اململكة العربية ال�شعودية�شكل 4: اأحد من�زل الربيط�نيني من ط�بق واحد

�شكل 3: متث�ل غ�و ه�و�ض يف نيودلهي

�شكل 5: اأحد املن�زل التقليدية ذات الأحوا�ض يف ال�شرق الأو�شط

بالأ�سمنت، لكي تعطي �إيحاء باأنها قد بنيت من �لطوب �للنب، )�سكل 9(، مما جعل

بع�س �لنقاد يو�سم معامل �سنتافيه �ملعمارية �لتي متيز �ملدينة، باأنها معامل خادعة. ويف

هذ� �ل�سدد، ميكن للمرء عقد مقارنة بني تزييف �أ�سالة �سنتافيه، و�أ�سالة مدن �أخرى

مزيفة مثل ديزين لند ول�س فيغا�س.

�ملا�سي. �إىل �حلنني ت�ستثري �لتي �لأماكن فهي �لأماكن، من �لثالث �لنوع �أما

وهي �أماكن ت�ستغل �لرت�ث �لثقايف يف حماولة لتطبيعها باحلياة �ليومية. فبلدة باوندبريي

�لتي ظهرت �إىل حيز �لوجود مع خاف �لأمري ت�سارلز مع �ملوؤ�س�سة �لهند�سية �ملعمارية

�إجنليزية تقليدية �سممها باوندبريي قرية .)10 �لربيطانية، تعد مثال على ذلك )�سكل

ليون كر�ير، وبنيت على �أر�س ميلكها �لأمري ت�سارلز، وكان �لهدف منها �أن تخلق نوعا

من �لر�بط �ملجتمعي �لذي منا مبرور �لوقت. وهكذ�، �أ�سبحت كافة �خلدمات من هاتف

لاأقمار �لاقط �لطبق بينما �ملنازل، خلف �أقنية يف مدفونة وجماري وغاز وكهرباء

�ل�سطناعية �لوحيد �لذي يخدم �لبلدة كلها قد �أخفي خلف جد�ر عال لبناء حجري.

باوندبريي هو مدخنة حجرية ترتفع مبهابة، �أي منزل يف بارز� يف �سطح وكل ما يبدو

�أوطاحونة هو�ئية م�سقولة. وتتعر�س بلدة باوندبريي لتهكم �لنقاد �لذين ي�سفونها مبنتج

فني ردئ. ومع ذلك، فاإنه بالرغم من حماكاة هذه �لبلدة لأ�ساليب بناء عفا عليها �لزمن،

و�بتعادها عن مفاهيم بناء �ملدن �ل�سغرية، �إل �أنها كانت مف�سلة لدى �سكانها، وجذبت

وبهي، لطيف �سيء ذلك تاأثري »�إن قائا: �أحدهم علق فقد وغريهم، �لكّتاب �هتمام

و�إجنليزي �رشف كحفلة �ساي يقيمها �أ�سقف«.

ولكن بغ�س �لنظر عن هذه �لنماذج �لثاثة �لتي �أعتربها �سخ�سيا جت�سيد� لاندماج

ما بني �جتاهات �حلد�ثة و�لرت�ث و�لتقاليد يف ع�رش �لعوملة هذ�، فاإننا يف مو�جهة تعبريين

�ملهتمني للباحثني وبالن�سبة �لتقاليد. بعد وما �لتقاليد، فرط عليهما طلق ُ�أ خمتلفني،

حتديد �إعادة �لعوملة، جلبتها �لتي �لكبرية �لتحولت تتطلب و�ملكان، �لرت�ث بدر��سة

قد �لعوملة لأن وذلك للو�سع، �أ�سا�سيا ت�سحيحا �أي�سا تتطلب ولكن �لتقاليد، ملفهوم

كر�ست عملية نزع ر�بط �لهوية و�ملكان، وبالتبعية نزع �لتقاليد من حمتو�ها، مما يفقدها

�سفتها كاأ�سدق تعبريعن جماعة من �لب�رش متجان�سة جغر�فيا وثقافيا.

�لجتماعية �لأو�ساط عن للتعبري �لإفر�ط �أو »فرط« تعبري ��ستخدمت لقد

�ملعلومات، ونقل لات�سال �ملعا�رشة �لتقنيات خال من ظهرت �لتي و�لثقافية

و�لتي غريت مفاهيمنا عن �لزمان و�ملكان ب�سكل جذري. فاحلقيقة �ملفرطة ت�ستتبع

�ملحاكاة �أو �ل�سطناع.

Page 9: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار17العــدد 43 حديث الدار16العــدد 43

�لرت�ث �أن جند �لأمريكية، فيغا�س ل�س مثل �لكازينوهات مدن حالة يف

�لثقايف ينت�رش بالفعل، غري �أن �لزعم هنا بالتاريخ غري موجود �إطاقا. ففي �أماكن

مثل هذه، يتجلى تخلخل �لرو�بط بني �ملعامل �لثقافية ومدلولتها �لفعلية. و�لأمر

يعني بب�ساطة، �أنه لتحقيق �لرغبة �ملثلى للمنتجني لإنتاج تر�ث ثقايف، ولل�سائحني

�ل�ستفادة منه و��ستهاكه، فقد �أ�سبح �أمر� طبيعيا لكا �لطرفني �أن يتفقا �سمنيا على

عدم �لأخذ باحلقائق و�لأ�سالة بعني �لعتبار.

فهذ� ق�رش دوجي مثا ل يقع يف �حلقيقة على ميد�ن �سان ماركو مبا�رشة،

ولكن هذ� �لتعديل ن�ساهده يف مدينة ل�س فيغا�س �ل�سحر�وية �لتي حتت�سن بناء

مقلد� لهذ� �لق�رش �لتاريخي �لذي كانت جتتمع فيه حكومة �لبندقية، يتمثل يف

كان �لذي ريالتو �أي�سا، ج�رش ومثله فيني�سيان. ذ� ��سمه للقمار وكازينو فندق

يوما �جل�رش �لوحيد للعبور فوق �لقناة �ل�سينية �لكربى، هو �لآن يف ل�س فيغا�س

تلجاأ �لتي �حلقيقية �ملدن وبخاف للقمار. كبريتني موؤ�س�ستني بني ما ويربط

�إر�دتها �أو �سعوب �سمحت مبح�س �إىل �سناعة �لرت�ث لأغر��س �سيا�سية، غالبا

با�ستهاك �لآخرين لتقاليدهم ب�سبب �حلاجة �لقت�سادية، فاإن هايرب ل�س فيغا�س

ما هي �سوى �أمثولة لرد�ءة �لتقليد �لذي يفتقد �لأ�سالة و�جلوهر، �إنه موقع �آمن

ل�ستهاك و��ستنز�ف تر�ث ذلك »�لآخر«.

ومع ذلك، ل ينبغي �أن ن�ستعجل �حلكم على مثل هذه �لأماكن باأنها تقليد

ردئ. فمدينة ل�س فيغا�س ل تتدعي عك�س ما تبدو عليه، فهي متثل �رش�حة تر�ثا

م�سطنعا بحق، مبنيا على مفهوم تقليد �لأ�سكال �لتقليدية من كل مكان، لتكون

�إطارهما من و�لغر�بة �ملرنة �ملحلية تخرج فيغا�س، �جلميع. يف ل�س متناول يف

�لزماين و�ملكاين �لفعلي، ويعاد ت�سنيعهما ل�ستهاكهما يف �لباز�ر �لعاملي.

�لتي �لتغيري�ت �إن �لتقليدية. �إىل �ملفهوم �لأخري وهو ما بعد هذ� يقودين

يو�جهها عامل �ليوم قد حدثت على خلفية �إطار مرجعي د�ئم �لتغري. وقد مت �لتنبوؤ

�قت�سادية، وعوملة و��سع ب�سكل تنت�رش برفاهية وعد �أ�سا�س على �لعوملة بفكرة

قطف مع جنب �إىل جنبا ت�سري �لعاملية �لرفاهية هذه باأن �لعتقاد �أ�سا�س وعلى

ثمار �لدميوقر�طية �لليرب�لية. غري �أن �حلنث بهذه �لوعود بات و��سحا يف �نح�سار

�لفقر و�لعوز. وميكن �لقول �لآن متنام للم�ساو�ة وزيادة ملحوظة يف م�ستويات

باأن منوذج �لعوملة مل يعد �ساحلا للعمل، لأن �لإمكانيات �لتي �عُتقد بجدو�ها مل

تتحقق على �أر�س �لو�قع.

و�نت�سار �لعوملة، لف�سل رمز �أنها على 9/11 �أحد�ث يف �لبع�س يرى

حلق �لذي فالبتهاج �أجل، �لعوملة. هذه �إليها �أف�ست �لتي �ملحلية لاإحباطات

�ملثالية حول �حلرية قد حلت حمله تهديد�ت حقيقية من قبل »�آخرين« بالأفكار

باأن مرحلة �أن ندرك منطلقني عامليا با حدود ول قيود. ولعله من �لأهمية مبكان

عليه �أطلق ت�سهد ظهور منوذج جديد �سبتمرب، �حلادي ع�رش من �أحد�ث بعد ما

�لبع�س »ما بعد �لعاملية«، ل لأننا تخلينا عن �لعوملة، بل لأنه ينبغي علينا �لتحرك

خارج حدودها �ملقيدة. و�سميت مرحلة »ما بعد �لعاملية« لأنها تن�سخ ع�رش تطور

يعني ل وهذ� �لأحادية. �لثقافية �لهيمنة مفهوم حملها ليحل �لثقافية، �لتعددية

ب�سدة مع يتناق�س �آخر من �للتز�م �لعوملة، ولكن يعني ظهور نوع نهاية ع�رش

�لديني و�لهيمنة �لمربيالية �لتطرف �لليرب�لية. هنا، يظهر �لثقافية �لتعددية روؤى

كاأ�سكال جديدة لا�ستباك �لعاملي.

�أن م�ساألة �لهوية يف ع�رش »ما بعد �لعاملية« ت�سبح على جانب ناحظ هنا

بالرت�ث يعد مرهونا و�ملكان مل �لهوية بني �لرتباط �لتعقيد، ذلك لأن كبري من

و�لتقاليد. فخافا ملدن �لتقاليد �مل�ستحدثة مثل باوندبريي، �أو �ملدن �ملقلدة للرت�ث

�لتقليدي مثل ل�س فيغا�س، ميكن �عتبار مدن مثل هونغ كونغ ودبي مدن ما بعد

جزر �لنخيل يف مدينة دبي، تلك �لتي تقف يف مفرتق طريق ما بني حالة من ما

بعد �لتقاليد �لتي تتد�خل مع حالة ما بعد �لعاملية.

ز�ئفة �سورة �أو حماكاة جمرد لي�ست �لتقليدية بعد ما �لبيئات هذه �إن

»للحقيقة«، �إمنا هي �أماكن ل ي�سبح فيها �ملرجع حلظة تاريخية ثابتة بالن�سبة للمكان

وجماليات �أفعال على �ل�رشعية ي�سفي �لتغري د�ئم هدفا ت�سبح بل �لدولة، �أو

بالتايل فت�سبح و�جلغر�فيا، �لتاريخ بني �ل�سلة تنقطع وهنا �لر�هنة. �للحظة

�لأ�ساليب �لتاريخية و�ملحلية �إما غري ذ�ت �سلة �أو من خملفات �ملا�سي. �أما �أثرها

على �لتمدن، فهو �أن �لتجربة �لثقافية ت�سبح �أقل جتذر� يف �ملكان، ومبنية �أكرثعلى

�أ�سا�س معلوماتي.

�أود �أن �أنهي حما�رشتي بطرفة كنت طرفا فيها. فخال رحلة ميد�نية كانت

جزء من موؤمتر ح�رشته يف �لقاهرة يف �لعام 1998م، قابلت �أكادمييا �أمريكيا عند

�سفح �أهر�مات �جليزة، وكان ينظر �إىل �لأ�سفل باجتاه »�أبو �لهول«، فبادرين قائا:

»لكن »�أبو �لهول« هذ� �سغري جد�«. لقد �سدمته �حلقيقة. و�لو�قع �أن تعليقه ذ�ك

تركني يف حرية من �أمرين، و��ستغرق مني يومني لأفهم ق�سده.

�ت�سح فيما بعد باأن �لرجل كان مدر�سا يف جامعة نيفاد� يف ل�س فيغا�س.

�سكل على بني و�لذي �ل�سهري، �لأق�رش وكازينو فندق �ملدينة هذه يف ويقع

هرم، يرب�س عند مدخله متثال »لأبو �لهول« يفوق حجم �لتمثال �حلقيقي بثاث

متثال مقابل لل�سيار�ت مر�آب يف �سيارته يوقف �أن �ملدر�س �عتاد وقد مر�ت.

»�أبو �لهول« يف ل�س فيغا�س. ولذلك خاب ظنه عندما �ساهد �لتمثال �حلقيقي

يف �جليزة، وذلك لي�س لأن �حلقيقة مل تكن مب�ستوى �ل�سورة �لتي ر�سمها، ولكن

لأن �حلقيقة مل تعد من�سجمة مع �ل�سورة عندما �أ�سبحت هي �لإطار �ملرجعي.

ولكنها حقيقية، لنماذج توليد هي بل به. يعتد مرجعيا كيانا تعد مل فاملحاكاة

تفتقد �لأ�سالة و�جلوهر �حلقيقي.

�بتدعت �سو�بق ماأخوذة �أماكن قد �كت�سبت �سورة عاملية لكونها �لتقليدية. فهي

من �أماكن �أخرى. فهي مدن يف �سباق م�ستمر، وتاريخها يف حا�رشها.

�لبيئات خلق يف ودورها �لتقاليد، تقييم �إعادة على �لرتكيز هذ� كل �إن

�إىل »زو�ل«. �لتقاليد رمبا باأن �لعوملة، يوحي �خلا�سة، وعدم �سمودها يف وجه

بالفعل، فاإذ� كانت �لتقاليد جمرد �ختاق للحد�ثة قابل للجدل، �أَو لي�ست نهاية

�لتقاليد كمادة لا�ستق�ساء ذ�ت مغزى، تفيد بزو�ل �لتقاليد كحقيقة مو�سوعية؟

�إن مقولة ما بعد �لتقاليد تقدم �إمكانية نظرية لاأفر�د و�جلماعات، لاأمم و�ل�رشكات

لاختيار من بني خمتلف �لتقاليد �ملعرو�سة و�ملنزوعة عنها عر�قيلها �ل�سابقة من

حيث �لب�رش و�ملكان و�لزمان. هنا، ل يتم تخليق تقاليد من �ملا�سي فح�سب، بل

يجري جتاهلها عن ق�سد ل�سالح حا�رش يفرت�س �أنه ما�س. و�أف�سل مثال على هذ�،

�شكل 7: م�شجد ب�بري يف اأيودي� - الهند

�شكل 10: بلدة ب�وندبريي�شكل 8: ن�شخة مقلدة من ع��شمة فريجيني� اإب�ن ع�شر الثورة

�شكل 9: بن�ء مقلد طبق الأ�شل من الطوب اللنب يف �شنت� فيه

Page 10: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار19العــدد 43 حديث الدار18العــدد 43

يعتقدن باأن �لزو�ج هو مفتاح �حل�سول على مزيد من �حلرية �ل�سخ�سية، �إذ ي�سبحن

م�سوؤولت عن �سوؤون بيوتهن، ويتخل�سن من �لقيود �لتي كانت تفر�س على �لفتيات

زوجة �أية من د�ئما �ملتوقعة �لنتيجة فكان ذلك، بكل جني �ساقت �ملتزوجات؛ غري

تعي�سة عندما ت�سعر بال�سجر و�لتجاهل و�لقيود �لزوجية: �أقدمت جني على �خليانة.

�سفر�ء رو�سيا و�لنم�سا وزوجاتهم، �لينربه عاقات �سد�قة مع لعائلة كان

وكثري� ما دعو� �إىل حفاتهم. ويف �إحدى تلك �حلفات �لر�ق�سة، وعندما كانت

جني يف �حلادي و�لع�رشين من عمرها، مت تقدميها مللحق يف �ل�سفارة وهو �لأمري

فيلك�س �سو�رزنربغ، ويقال �أنه مبجرد �أن وقعت عيناه على جني، وقع يف غر�مها

من �لنظرة �لأوىل.

و�لأ�سعار بالورود �أمطرها لكنه بالأمري مهتمة جني تكن مل �لبدء، يف

و�خلطابات، �إىل �أن وقعت يف حبه وتغريت حياتها متاما و�إىل �لأبد. كانت عاقتهما

على ترتدد فباتت �لعلن، يف و�أ�سبح �لأمر تطور ثم �خلفاء، يف �لأمر بادئ يف

فيلك�س يف كل �لأوقات، وهي ت�سع خمار� بالطبع، ولكن كان من �ل�سهل �لتعرف

عليها باأنها ليدي �لينربه �جلميلة.

ومما ز�د تلك �لكارثة تعقديد�ً �أن جني وفيلك�س قرر� ق�ساء بع�س �لوقت يف

فندق ريفي، ووقعا حتت �ملر�قبة، و�أبلغ عنهما حار�س �لفندق، وكتب �إىل �لزوج،

غري �أن �للورد �لينربه رف�س ت�سديق مثل هذه �لو�ساية ، �إل �أنه ��سطر �إىل مو�جهة

�حلقيقة، عندما بد�أ �أ�سدقاوؤه يف �حلديث عن �سلوك زوجته، بينما كان هو من�سغا

له كانت فقد متاما، �للوم من معفيا نف�سه �لينربه يكن ومل �ل�سيا�سية. باجتماعاته

�أي�سا ع�سيقات، لكن ذلك مل يكن �أمر� خطري�، طاملا �أنه مل يكن م�سوؤول عن �إجناب

وريث �رشعي، كما �أنه مار�س �للعبة بطريقة �سحيحة، و�أبقى �لأمر يف طي �لكتمان.

وعندما �نتاب �للورد �لينربه �لقلق مما �سمعه، قام بتوظيف حمقق خا�س �أكد

له �سحة ما روي عن عاقة جني مع �لأمري فيلك�س. وكان �لطاق بالطبع �أمر� نادر

�إليه �نتقلت �لذي �ملجتمع �لغنية يف و�لأو�ساط �لعليا �لطبقات �لوقوع حتى يف

باإبعاد جني و�أطفالها �إىل �لريف و�حلياة عائلة �لينربه، ولذلك ق�ست خطته �لأوىل

فيه، منبوذين من �ملجتمع �لر�قي. �أما �لأمري فيلك�س، فقد �أ�سابه �لهلع من ت�سارع

�لأحد�ث، وقفل ر�جعا �إىل �أوروبا خوفا على �سمعته وما قد يطالها هو وع�سيقته.

ويف �لعام 1829م غادر فيلك�س �إجنلرت�.

غري �أن جني �سممت على �للحاق بفيلك�س، مما �أثار �لرعب لدى عائلتها وما تبقى

�أ�سدقائها، وبذلو� كل ما يف و�سعهم لثنيها و�إقناعها بالبقاء يف �جنلرت� ومو�جهة من

�ملوقف، فقد �عتقدو� باأن �سفرها للخارج وحياتها مع فيلك�س يف �لعلن يعني �سياعها

تتقبل �لن�سح، فقد كانت �مر�أة عا�سقة، ومل �إىل �لأبد. ولكن جني كانت عنيدة ومل

بازل �إىل جني توجهت بعيد�. و�لهرب حبيبها �إىل �لذهاب عن يقعدها �سببا جتد

و�أثناء ذلك، كانت 1829م. نوفمرب ماتيلد�، يف �بنتها يف �سوي�رش، حيث و�سعت

�لأوىل �ل�سفحات تفا�سيلها حملت كربى ف�سيحة م�سببة ت�سري �لطاق �إجر�ء�ت

�لعام �لفعلي يف �لطاق يتم �أن قبل �ملدينة، �لعا�سقنْي حديث لل�سحف، وجعلت

1830م. وبعد ذلك بقليل مات طفلها من �إدو�رد. ويف تلك �لأثناء، �أ�سبحت جني

�لطاق وتفا�سيل حياة تفا�سيل بعد ن�رش �إجنلرت�، خا�سة �ل�سمعة يف �سيئة �مر�أة �أكرث

جني على �ل�سفحات �لأوىل من جريدة »�لتاميز«.

بد�أت تو�جه م�ساكل �لأبد، �إىل �لينربه فيه من �لوقت �لذي حتررت ولكن يف

لهذه فقد�نه �حلما�س تنم عن �مار�ت بد�أت تظهر عليه �لذي فيلك�س يف عاقتها مع

�لعاقة برمتها، فقد حطم م�ساعرها متاما عندما �أعلن �أنه كم�سيحي كاثوليكي، ل ميكنه

�لزو�ج بامر�أة مطلقة. ومع ذلك، فقد ظلت �لعاقة بينهما و�أثمرت عن مولود �آخر ولد

�لعاقة �أ�سبوع. ومل حتتمل �أكرث من يع�س لكنه مل 1830م، دي�سمرب باري�س يف يف

�مل�سطربة تلك �ل�رشبة، فهجرها �لأمري فيلك�س بعد ذلك بوقت ق�سري ورحل تاركا �إياها.

من دغبي عائلة �أ�سدقاء بع�س كان ميونخ، حيث �إىل ذلك بعد �نتقلت جني

�إجنلرت�. وو�سل �أ�سماع لودفيغ �لأول ملك بافاريا خرب وجودها، وكان يف ذلك �لوقت

يقود ميونخ �إىل �لنه�سة، ففي عهده متت �إعادة ت�سميم وبناء �ملدينة. و�سو�ء كان �لأمر

مهرجان ر�ق�سة يف ولودفيغ يف حفلة لقاء جني مت فقد �أو جاء �سدفة، له، خمططا

�أكتوبرف�ست، حيث بد�أت ق�سة حب بينهما.

�لرجال �أهم �أحد وكان عمرها، طيلة �متدت �سد�قة �مللك مع جني كونت

يف حياتها، بعد جمول �مل�رشب. كان �مللك لودفيغ غريب �لأطو�ر، مفتونا باجلمال

�ل�سيفي يف ق�رش مقره للجمال يف يقيم معر�سا �أن �إىل به ذلك و�أدى و�جلميات،

نيمفينبريغ. وكان قد كلف ر�سام �لبورتريه �لأملاين جوزيف �ستيلر باأن ير�سم 36 لوحة

لن�ساء من �لأ�رشة �ملالكة )ومنهن �أقارب �مللك لودفيغ(، و�لنباء، و�لطبقة �لو�سطى.

ماريانا، ماركيزة فون �ملعر�س مع �سورة تاأخذ مكانها يف وكانت �سورة جني دغبي

فلورينزي �لتي كانت و�حدة من �مر�أتني �سلبتا لب �مللك.

خال �ل�سهور �لقليلة �لأوىل �لتي ق�ستها يف ميونخ، تلقت جني عرو�سا للزو�ج

من كثري من �ملعجبني. ويف �أحد �لأيام وبينما تتنزه على ظهر جو�دها يف هوفغارتن،

زياد رجب

قدمت باللغة الإجنليزية

يف 29 �شبتمرب 2014م

جين دغبي والمستشرقون

18م، مبتحف يدور هذا احلديث عن »جني دغبي«، وقد تت�شاءل عن عالقة �شيدة اإجنليزية من القرن

التحف بع�س مل�شاهدة جولة يف احلديث هذا من الثاين الق�شم يف �شاأ�شحبكم الإ�شالمية. للفنون

واملجموعات التي ترتبط باأ�شلوب حياة جني دغبي، ولي�س بحياتها �شخ�شيا. اأما جني يف حد ذاتها، فكانت

امراأة �شاحرة، وق�شتها مثرية للده�شة حقا. وكثريا ما يغدو زوار املتحف اأ�شرى لق�شتها عندما ي�شاهدون

لوحتها ال�شهرية.

ولدت جني دغبي لأبوين من �لطبقة �لأر�ستقر�طية �لإجنليزية يف �لعام 1807م

)�سكل 1(، وكانا ياأمان باأن يرزقا ب�سبي، لكنهما �أ�سيبا بخيبة �أمل، �إل �أنها كانت طفلة

�لكابنت هرني دغبي، وكان ثريا، ويحمل جميلة ك�سبت �ملعركة. كان و�لد جني هو

�أبلى باء ح�سنا يف معركة �لطرف �لأغر. ورث هرني �لبحرية، وقد �لبطولة و�سام

من عمه منزل يف منرتين ماغنا يف دور�ست، ق�ست فيه جني جانبا من عمرها. ونظر�

لتغيب و�لدها لفرت�ت طويلة، �أم�ست جني �لكثري من طفولتها يف �سيعة جدها لأمها

توما�س كوك �لذي كان يعد �آنذ�ك �أغنى �أغنياء �إجنلرت�. �أما و�لدتها جني كوك، فكانت

�أ�سهر �جلميات يف ذلك �لوقت، وكان قد �سبق لها �لزو�ج من لورد �آندوفر �لذي قتل

�آندوفر �إىل �آخر حياتها، حتى يف حادث �إطاق نار. وظلت تف�سل �أن تلقب بليدي

بعد �أن فقدت �للقب بزو�جها من هرني دغبي.

�لكبري، و��ستمتعت بحياة �لرثوة و�لتميز، ن�ساأت جني دغبي يف منزل باديان

وكانت �لعقود �لأوىل من �لقرن 19م، متثل ع�رش� ذهبيا لاأثرياء وحلاملي �لألقاب يف

�إجنلرت�، ومتيزت �ملنازل �لريفية مب�ساحات و��سعة وحد�ئق غناء، تلك كانت هي �خللفية

د. زياد رجب، ع�شو جمل�س اإدارة متحف طارق رجب، ومدير املدر�شة الإجنليزية احلديثة، ومدير موؤ�ش�شة عقارية يف عمان، حا�شل على الدكتوراه يف جمال املوارد الب�شرية، وله

اهتمامات بالفنون مثل جتليد الكتاب والتذهيب والرتقني ور�شم البورتريه، والر�شم بالألوان الزيتية، وفنون اخلزف، عالوة على اإتقانه العزف على الناي. وبالإ�شافة اإىل دار

الآثار الإ�شالمية، يلقي د. رجب حما�شرات يف متحف اللوفر يف اأبوظبي، وغريه من املوؤ�ش�شات الفنية يف اململكة املتحدة والكويت.

�شكل 1: والدا جني دغبي

�لباد، �لبيوت يف �أعظم فيها جني. وكان بيت جدها توما�س كوك من ن�ساأت �لتي

يتمتع بت�سميم ر�ئع ي�سبه و�جهة �ملعابد �لرومانية.

وعلى غري �ملعتاد يف ذلك �لع�رش، تلقت جني ذ�ت �لتعليم �لذي تلقاه �إخوتها

�لكا�سيكية باللغات علم على كانت ولذلك �لذكور، عمومتها و�أبناء )2 )�سكل

وبالتاريخ، ف�سا عن �للغات �لتي تلم بها، وهي �لفرن�سية، و�لأملانية، و�لإيطالية.

و�إىل جانب حياتها يف �لريف، كانت جني ترتدد كثري� على لندن، وهو �أمر مل

يكن �سائعا يف ذلك �لوقت. فقد متلك و�لد�ها منزل يف �سارع هاريل.ويف �سنو�ت

باتت �لن�سج، �سن بلغت �لباد. وعندما �لن�ساء يف �أجمل من كانت جني �ملر�هقة،

�لع�ساء وحفات �لر�ق�سة و�حلفات �لت�سوق حيث لندن يف �أوقاتها معظم مت�سي

�ملجتمع باعتبارها من جميات �ملتد�ولة �ل�سحف �ل�ساهرة، وظهرت يف و�حلفات

3(. يف تلك �لأيام، كانت فتيات �لطبقة �لر�قية �لائي يظهرن لأول مرة يف )�سكل

�ملجتمع تَُقّدمن للملك، وهكذ� مت تقدمي جني للملك جورج �لر�بع يف مار�س 1824م

�لرثي، �لينربه لورد �إدو�رد، �نتباه عندما جذبت �رشيعا 4(، وحققت جناحا )�سكل

دنيا ماهر� يف من عمره، ولعبا و�لثاثني �لر�بعة �أطفال يف دون �أرما كان و�لذي

لندنديري، ماركيز كا�سلرياي، �للورد �أخت من �لزو�ج له �سبق فقد �ل�سيا�سة.

وم�ست�ساره �ل�سيا�سي. وقد تزوج جني و�إدو�رد بعد فرتة ق�سرية من لقائهما.

غري �أنه ل�سوء �حلظ �أن �ن�سغل لورد �لينربه بعمله كثري�، و�أهمل جني، وعندما

بلغت �لثامنة ع�رش، كانت حتيا حياة خا�سة م�ستقلة عن زوجها، فتح�رش �حلفات،

عاقة �أقامت �أنها على قوية دلئل وهناك ير�فقها. �أن دون من �لغد�ء ودعو�ت

غر�مية مع �أحد �أبناء عمومتها يف تلك �لفرتة، و�أجنبت طفلتها �لأوىل �لتي مل يقدر

لها �أن تعي�س بعد مرحلة �لر�ساعة.

�إطاقا. وفاق على وزوجته �لينربه يكن �لأول، مل غر�مهما من �لرغم وعلى

من بالإهمال �سعرت كما عليها، مفرو�سا قيد� كان �لزو�ج �أن جني �سعرت فقد

زوجها �لذي كر�س وقته كله مل�ستقبله �ل�سيا�سي. وبينما كانت �لن�ساء يف ذلك �لوقت

�شكل 2: جني واإخوته�

�شكل 3: جني، من جميالت املجتمع

Page 11: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار21العــدد 43 حديث الدار20العــدد 43

�لتقت بالبارون كارل فيننجن �لذي وقع يف حبها من �أول نظرة. وكانت ماتيلد�، �بنتها

باأن �لوقت من فيلك�س، تعي�س يف ذلك �لوقت يف كنف �سقيقته؛ ورمبا قررت جني

بات منا�سبا لقطع كل ما ميت ب�سلة بعاقتها �ملوؤملة بالأمري فيلك�س و�إىل �لأبد، فقررت

�لزو�ج من �لبارون فون فيننجن، لتحاول مرة �أخرى �أن تكون زوجة خمل�سة. ومت

مبنيا على �لأقل، 1832م، وكان زو�جا، من جانب جني على �لعام �لزو�ج يف

�مل�سلحة. ويف �لعام 1833م ولد �بنهما هربرت، يف بالرمو يف �سقلية

�لتي كانت جني قد ذهبت �إليها هربا من ف�سيحة �إجناب طفل �آخر

�لظروف، فننجن. وكما كان معتاد� يف تلك غري �رشعي من

كان عليها �أن ترتك �لطفل لدى عائلة تتبناه وترعاه �إىل �أن

�أخرى، بطفلة �لزوجان رزق ثم ��سرتد�ده. لها يت�سنى

برتا، يف �سبتمرب من �لعام 1834م.

يف حفل ر�ق�س �آخر يف �أكتوبرف�ست، يف �لعام

1835، �لتقت جني بالكونت �ليوناين �لو�سيم �لبالغ

�أربعة وع�رشين عاما، �سبريو�س ثيوتوكي. كانت جني

�آنذ�ك يف �لثامنة و�لع�رشين من عمرها، زوجة مياأها

�ل�سجر و�مللل من زو�جها، فاتفقت على �لهرب مع

تيوتوكي، �إل �أن زوجها �أوقفهما، ودعاه ملبارزة، �أ�سابه

وهكذ� �ملوت. �إىل تف�س مل ولكنها بجر�ح خالها

تقاليد تعد من �لتي �ملبارزة تلك �لبارون �رشفه يف �أنقذ

�لفرو�سية �لقدمية. ثم �سمح �لبارون جلني بعد ذلك بالرحيل،

مع بقاء �أطفاله يف كنفه، وظل �سديقا لها �إىل �لأبد.

�ليونان، �إىل و�نتقلت ثيوتوكي، من جني تزوجت

ل�سبريو�س. ر�ئعة مكتبة ي�سم فخما منزل �سيدت حيث

وقد �تفق �جلميع يف �ليونان على �أن �لكونت كان حمظوظا

بزو�جه من تلك �ملر�أة �جلميلة �لرثية. ويف مار�س من �لعام

1840م، رزق �لزوجان يف باري�س ب�سبي �أ�سمياه ليونيد��س )�سكل 5(، لكنهما يف

�لو�قع مل يتزوجا �إل بعد عام، عندما �عتنقت جني �لأرثوذك�سية، قبل �ن تطلق ر�سميا

من �لبارون كارل.

ويف �أثينا توطدت �سد�قتها مع ملك �ليونان �أوتو، مما �أغ�سب �مللكة �لتي �عتربت

جني غرمية لها، كانت تتفوق عليها يف �حلفات �لر�ق�سة. مل يدم زو�جها ب�سبريو�س

و�نتهى لها. �إخا�سه بعدم �ل�سكوك �ساورتها عندما �لنهاية بد�ية وكانت طويا،

�لزو�ج بالطاق، بعد �ل�سقوط �لرت�جيدي لولدهما ذي �ل�سنو�ت �ل�ست ليونيد��س

ووفاته. ومت �لطاق يف �لعام 1846م، ودخلت جني يف عاقة مع كري�ستودولو�س

هادجيبرتو�س، رئي�س ُقّطاع �لطرق يف ثي�ساليا، و�لذي وفر لها حياة �ملغامرة �لتي كانت

تتطلع �إليها د�ئما، فكان ي�سحبها مع قو�ته. وخال عاقتها به، كانت تت�رشف كما لو

كانت ملكة على هذ� �جلي�س من قطاع �لطرق، فكانت تعي�س يف �لكهوف، وتركب

�خليل، وت�سطاد يف �جلبال، لكنها تركته عندما �أح�ست بعدم �إخا�سه لها.

عند هذه �ملرحلة من حياتها، �سعرت جني بالكاآبة و�لإحباط، وقررت �أن تتخلى

عن �لرجال �لذين مل جتن من ور�ئهم �سوى �مل�ساكل. وبد�أت �أكرب مغامرة يف حياتها

�ل�رشق �إىل فتوجهت كري�ستودولو�س، من �خل�سنة للحياة تذوقا �كت�سبت وقد لها،

�لأوروبي، �لباط من �ملنحل �جلانب من �أف�سل �سيئا �لعامل من لت�ساهد �لأو�سط

وكانت جني قد نظمرت حلة �إىل �سوريا �لتي طاملا متنت زيارتها، ثم تركتها ب�سكل مفاجئ

بعد �لعاقة �لغر�مية �لتي تورطت فيها.

ولأن كري�ستودولو�س قد �سبب بت�رشفاته جلني جرحا، قررت �أن متد رحلتها �إىل

�أجل غري م�سمى، فقد كانت تعتزم زيارة دم�سق و�لقد�س وتدمر، وت�ساهد �آثار �مللكة

�لأ�سطورية زنوبيا.

كانت �وىل حمطاتها �سمرينا )�إزمري(، حيث �أم�ست �أ�سبوعا هناك مبفردها، قبل

�أن ت�ستقل �ل�سفينة �إىل يافا، وتوقفت يف بريوت �أي�سا. ويف �لطريق مرت مبدن ر�ئعة

�جلمال مثل �سور و�سيد�.

�إىل وتوجها لغات، عدة يتحدث ترجمانا ��ستاأجرت يافا، و�سلت وعندما

�لقد�س، حيث ز�رت �ملعامل �لرئي�سية فيها، و�أم�ست �لكثري من �لوقت يف �لر�سم. ثم

وفرت دليا جديد� لها من �سوريا، فتوجهت من بو�بة دم�سق عرب �لتال �إىل مدينة

�لبدو �لرحلة جماعة من �لتقت يف هذه ببيت حلم. وقد �أريحا، ومرت يف طريقها

يقودهم �سيخهم �لذي يدعى �سالح، وقد �أثار �سالح هذ� �إعجابها بفرو�سيته، ووقعت

يف حبه. و�سافر� معا باجتاه مدينة نابل�س، ثم �إىل مدينة �لنا�رشة، حيث ن�سبا خيامهما

لعدة �أيام قبل �أن يتوجها �إىل طربية.

ويف �لطريق، �لتقت بال�سيخ جمول �مل�رشب �لذي كان �سي�سحبها يف �سوريا

�إىل تدمر. وكان جمول يف ذلك �لوقت يف �أو�خر �لع�رشينيات من عمره، ويتحدث

عدة لغات، منها �لرتكية، وبع�س �لإيطالية. وقد �أجمع كل �لذين �لتقو�

به باأنه يتميز بح�سن �لتهذيب و�لثقافة. و�رشعان ما وقعت جني يف

تفكر يف �سالح، وكان جمول من تز�ل لكنها كانت ل حبه،

على ي�سيطرون كانو� �لذين عنزة قبيلة يف �ل�سباح فرع

�ملنطقة �ملحيطة بتدمر ويجمعون �جلزية من �أهلها.

يريد من كل على يتعني كان �لوقت ذلك يف

يكون �أن تدمر �إىل �ملوؤدية �لبادية طريق يف �لعبور

�سيخها كان �لتي �مل�رشب قبيلة من مر�فق برفقة

متمر�سا فار�سا جمول كان ملجول. �لأكرب �ل�سقيق

وخال جني. �هتمام جذب مما �خليل، ركوب يف

�لرحلة، حتدثت جني وجمول يف �أمور عدة، فاأخربها

�أما جني، عن دم�سق وتدمر، وعن زوجاته وعن �بنه.

فاأخربته عن رحاتها وعن �هتمامها ب�سالح.

حر�س جمول �أن ت�ساهد جني �أجمل مناظر دم�سق،

وهي تدخلها من ناحية تال �ل�ساحلية �لتي تك�سوها زهور

�حلد�ئق بني �ملدينة �إىل لتهبط �ملنحدر�ت وجتتاز �ل�سيح،

و�لب�ساتني. وعرب� نهر بردى عرب باب توما، ثم ذهبت جني �إىل

�لفندق �لوحيد يف �ملدينة، و�لذي ميتلكه �سخ�س يوناين.

�ملهمة �لأماكن زيارة يف �لتالية �لأيام جني �أم�ست

�أي �رش�ء للمرء ميكن حيث �لأ�سو�ق، ومنها �ملدينة، يف

و�لأثاث �ملخرمة، �لف�سية و�مل�سغولت �لذهب، �إىل �لتو�بل �سيء، من �سيء وكل

�لدم�سقي �ملطعم، و�حلرير �ل�سهري. و��سرتت جني ماب�س تنا�سب �لرحلة �إىل تدمر،

�إذ قيل لها �أن �ملاب�س �لأوروبية لن تكون منا�سبة هناك.

ذلك يف زيارتها ت�سبق ومل تدمر. رحلة برتتيبات يقوم حينذ�ك جمول كان

�ستانهوب، منذ ثاثني ليدي ه�سرت قلة من �لأوروبيني، منهم �لوقت �سوى من قبل

عاما، و�لتي ز�رتها ب�سحبة قبيلة جمول.

حاول �أفر�د من �جلالية �لربيطانية يف دم�سق، و�لتي ير�أ�سها �لقن�سل �لربيطاين،

�إليها برحلة �لقيام يجروؤ مل �أحد� �أن لها وقيل تدمر، لزيارة جني خطة يحبطو� �أن

يونيو ويف �لن�سيحة، رف�ست جني لكن �ملهجورة. �ل�سحر�وية �لدروب تلك عرب

من �لعام 1853م بد�أت فيما �أ�سمته مغامرتها �لكربى، مرتدية �لثياب �لعربية. كانت

�لرحلة �إىل تدمر هي ذروة جولتها، وقد تركت تاأثري� كبري� عليها، فقد ر�أت روؤية �لعني

�أمامها، فلطاملا �سحرتها �لرو�يات ما كانت تقر�أه يف فرتة �سبابها من �لأ�ساطري متمثا

�لتي حتكي �سرية �مللكة �لعربية �لزباء )زنوبيا(. وقد كان لهذه �ملدينة �أثر كبري عليها يف

�مل�ستقبل. وقد كانت �لرحلة مغامرة حقيقية حقا، وخا�سة عندما تعر�ست �لقافلة لغارة

من بدو قبيلة �أخرى، ت�سدى لها جمول وجنح يف حماية جني منها.

وقررت �أخرى، لرحلة تخطط جني كانت تدمر، يف جولتها نهاية يف

�إىل قبل عودتها. وعندما عادت �لأمور بع�س �أوروبا لرتتيب �إىل �أول تعود �أن

دم�سق، �رشعت تخطط لبناء منزل لها. حينها، تقدم جمول للزو�ج منها. ويف

�أن �هتمامها مبجول كان يثري �لوقت كانت ل تز�ل تفكر يف �سالح، رغم ذلك

�ل�ستياء، فقد كان ي�سغرها بع�رشين عاما، وكان متزوجا، ومل تكن م�ستعدة �أن

ت�سارك زوجها مع �أحد.

وليلة؛ ليلة �ألف مدينة بغد�د، �إىل �لثانية برحلتها جني قامت ذلك، بعد

ولدى عودتها �إىل دم�سق، كانت قد �تخذت قر�رها بالزو�ج من جمول. وبد�أت

يف بناء بيت فخم يف دم�سق، �أحد �أهم بيوت �ملدينة يف ذلك �لوقت، وكان �أثاثه

مزيجا من �لطر�زين �لأوروبي و�ل�رشق �أو�سطي. وخ�س�ست يف هذ� �ملنزل غرفة

�سورية من �أثاث �لربنيق )�للك( �لذي متيز به ذلك �لع�رش، ويظهر كثري� يف �لأثاث

للخ�سب دهان هو )و�لربنيق �ل�سنني. مبئات ذلك قبل حتى �ل�رشقي و�لديكور

يجفف بالبخر، ورمبا يكون م�سدره ر�تنج نباتي، �أو م�ستخرج من �حل�رش�ت(.

�شكل 4: جني عندم� ظهرت للمرة الأوىل يف احلفالت

�شكل 5: ليودين��ض ابن جني و�شبريو

)�ل�سني، �لأق�سى �ل�رشق يف فيها و�لبحث توثيقها جرى قد �لربنيق مادة �أن رغم

كوريا، و�ليابان(، مل يكن �لأمر كذلك يف �ل�رشق �لأدنى و�لأو�سط، لكن �لأمر يتغري �لآن.

يولها ومل �سحيحة، �لإ�سامي �لعامل يف �لربنيق وتاريخ تقنيات حول �لدر��سات �أن كما

�لباحثون �هتماما كبري�، �إذ �إنهم يعتربون �أن �ل�رشق �لأو�سط قد ورث تقنيات �لربنيق �ل�سينية،

لكن هذ� �لر�أي بد�أ يتغري حاليا، نظر� لختاف �لتقنيات و�ملو�د بني �ل�رشقني. وهناك ما يدل

على ن�ساأة تقنيات �لربنيق يف م�رش، وتركيا، و�إير�ن ب�سكل م�ستقل، و�أن تقنيات �لدهان يف

م�رش �لقدمية قد �ساعدت يف ن�ساأة مر�كز �لربنيق �لأخرى يف �ل�رشق �لأو�سط. وتوجد مناذج

ممتازة لأعمال �لربنيق من �لع�رشين �ململوكي و�لأيوبي )�لقرنني 13م و 14م( وما تاهما.

يف �سوريا، كان من عادة �لأثرياء منذ �لقرن 16م، بناء غرف تزين جدر�نها و�سقوفها نقو�س

مدهونة بالربنيق. وبينما بد�أ هذ� �لأ�سلوب يف �سوريا يف بد�ية �لع�رش �لعثماين، يعتقد �أن

�لعثمانيني قد ��ستخدمو� ذلك �لطر�ز من تقنيات �لربنيق بو��سطة �سناع �إير�نيني مهرة.

كما ذكرنا �آنفا، كان بيت جني ي�سم قاعة جميلة مطلية بالربنيق على �لطر�ز �ل�سوري

)�سكل 6(، ومن ح�سن �حلظ �أن ت�سم جمموعتنا غرفة م�سابهة، ناأمل �أن نعر�سها يوما ما.

وي�سم متحف طارق رجب عدة حتف جميلة من هذ� �لطر�ز، منها قطع مملوكية من م�رش،

18م �لقرن �لعثماين، منها خز�نة من �لع�رش �إير�ن، وكذلك من �لقاجار يف ومن ع�رش

مدهونة بالربنيق على �لطر�ز �لدم�سقي )�سكل 7(.

ومن �لنماذج �لأخرى يف �ملجموعة �سندوق خ�سبي )�سكل 8(

حفر من جذع نخلة، ومت طاوؤه ثم دهنه بالربنيق. وقد مت �لعثور على

�لقدمي، �لق�سري منطقة يف �أجريت �لتي �حلفائر يف م�سابهة �سناديق

ون�سبت �إىل �لع�رش �ململوكي، �أي نهاية �لقرن 14م وبد�ية �لقرن 15م.

ويوؤرخ �سندوق �ملتحف يف �لفرتة ذ�تها.

)رحلة للم�سحف حامل �أي�سا و�لقدمية �لنادرة �لنماذج من

دهانه ثم طاوؤه ومت باحلفر زخارف عليه نفذت �لكرمي( �لقر�آن

من 15م، �لقرن بد�ية �أو 14م �لقرن يف يوؤرخ �أن ميكن بالربنيق

تركيا. ويف متحف مولنا يف قونية، يوجد حامل للم�سحف م�سابه،

يحمل تاريخ 677ه� \ 1278م.

و�ل�سهرة، هو علي �لأهمية فنان غاية يف توقيع �ملر�آة يحمل �سندوق

قويل، ويوؤرخ يف 1105ه� \ 1693م، كما يوجد �أي�سا �سندوق مر�آة �آخر

�إ�سامية وم�سيحية، وهو من عمل دينية مناظر �إير�ن، ويجمع بني من

فنان �سهري �آخر ��سمه جنف، �أو جنف علي �لذي كان �أ�سهر فنان يف

مادة �لربنيق يف �إير�ن، خال �لقرن 19م.

1855م تزوجت جني مبجول، و�أم�سيا �سهر �لع�سل يف تدمر، يف ربيع من �لعام

�لزو�ج، من �لأوىل �لأ�سهر حياتها. ويف �أيام �أ�سعد كانت تلك �أن مذكر�تها وت�سري يف

��ستبعدت متاما فكرة �أن تكون �لرثوة ور�ء هذ� �لزو�ج، فقد �أثبت لها جمول �أنه مل يكن

كان كما �لرجال، من معها كان ملن ملكا ثروتها كانت جلني، وبالن�سبة ملالها. يوما ينظر

�لعرف يف �أوروبا يف ذلك �لوقت. وكان جمول يف نظرها بريئا من رذ�ئل �لغرب. كان

كرميا، كبري �لقلب، رومان�سيا، وذلك ما كانت حتلم به طيلة حياتها.

�جلديد، زوجها حياة �أ�سلوب �حت�سنت جني �ملغامرة، �لرومان�سية لطبيعتها ونظر�

وكانت مت�سي �ستة �أ�سهر من �لعام يف خيام �لبدو، بني رمال �ل�سحر�ء، �أما �لن�سف �لثاين،

فكانت مت�سيه يف منزل يف دم�سق. ورغم �أنها مل تعتنق �لإ�سام قط، كانت ترتدي �للبا�س

وقد بطاقة. تتحدثها كانت �لتي �للغات قائمة �إىل �لعربية �للغة و�أ�سافت بل �لعربي،

تبو�أت مكانة �لأم يف قبيلة زوجها، ومن جانبهم كانو� يكنون لها حبا جما. فبعد �سنو�ت

من �لفر�ر مع �لأحبة، و�لنك�سار، و�لت�سكع يف �أوروبا، وجدت جني �ل�ستقر�ر و�لرجل

�لكامل �لذي فهمها و�أعجب بطبيعتها �لباحثة، �جل�سورة، �لقلقة، و�ساركها يف مغامر�تها.

بينما كانت جني على علم و��سع بتاريخ وثقافة �سوريا، كانت دليا ر�ئعا للباد،

وقامت مع جمول و�أفر�د قبيلته، بجمع �أ�ساطري زنوبيا وو�سعها يف �إطار تاريخي. ونظر�

��سطحاب يف زوجها حمل حتل جني كانت جمول، مع تعي�سها كانت �لتي للحياة

�ل�سائحني، خا�سة �إذ� كانو� من �لأوروبيني غري �لناطقني بالعربية. هكذ� تي�رش لها �لت�سال

وقد و�ل�سحر�ء. �لباد ز�رو� ممن �ملرموقني �لآثار وعلماء و�لفنانني، بامل�ستك�سفني،

عا�ست جني بقية حياتها يف �سوريا.

توفيت جني �إليز�بيث دغبي �مل�رشب يف دم�سق بني ذر�عي زوجها يف 11 �أغ�سط�س

ب�سبب �حلمى و�لدو�سنتاريا، ودفنت يف �أربعة و�سبعني عاما. وكان وفاتها 1881م، عن

مقربة �لربوت�ستانت، حيث ماز�ل قربها موجود�. وعلى �ساهد �لقرب، توجد قطعة من �حلجر

�جلريي �لوردي من تدمر، كتب جمول عليها ��سمها بالعربية بالفحم، وحفره �أحد �لبنائني

�ملحليني. ومل يتزوج جمول بعدها قط.

ال�شت�شراق وامل�شت�شرقون

�ل�رشق، ب�سحر �لغرب فيها فنت فرتة يف دغبي جني عا�ست

وبالفعل فقد كان �جنذ�بها لل�رشق نابعا من هذ� �لفتتان �لعام يف ذلك

وحتى �ل�ست�رش�ق، ��سم بال�رشق �لهو�س ذلك على و�أطلق �لع�رش.

زمن حديث، ��ستخدم �مل�سطلح من جانب موؤرخي �لفنون و�لباحثني،

�لأو�سط �ل�رشق ثقافات من مظاهر ت�سوير �أو ��ستن�ساخ عن ليعرب

و�رشق �آ�سيا من قبل �لكتاب و�مل�سممني و�لفنانني �لغربيني.

من بني �لفنانني �مل�ست�رشقني ر�سامني من �أمثال يوجني دياكرو�،

د�خل �لوحيدة �حلقيقية �للوحة ر�سم �مل�سورين، وقد �أ�سهر وهو من

دومينيك �أوغ�ست عن ف�سا �جلز�ئر«، »ن�ساء بعنو�ن حرملك،

�إنغري�س، ووليام هوملان هنت وغريهم.

وكما �سبق �أن ذكرنا، �لتقت جني دغبي مبعظم �لأوروبيني

�لذين مرو� ب�سوريا، بينما كانت تعي�س هناك، وكان من بينهم

كارل هيغ )20 �إبريل 1820- 24 يناير 1915م( �لذي يدين

�شكل 6: ق�عة مطلية ب�لربنيق على الطراز ال�شوري

�شكل 7: خزانة من القرن 18 مطلية

ب�لربنيق على الطراز ال�شوري

Page 12: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار23العــدد 43 حديث الدار22العــدد 43

ب�سهرته لرعاية �مللكة فيكتوريا له، فقد ر�سم لها لوحات ت�سور مناظر للمرتفعات

ومناظر من باملور�ل، كما ر�سم �أي�سا لوحات لها ولاأمري �ألربت و�أطفالهما �لأمر�ء.

قابل كارل هيغ جني دغبي وزوجها يف �سوريا، عندما �سحباه يف جولة �إىل تدمر.

وقد ربطت بالزوجني وهذ� �لفنان �سد�قة )كان ذلك مثار فخر له وحتدث عنه بكثري

من �ملبالغة عند عودته �إىل لندن(. ولأن جني دغبي نف�سها كانت فنانة يف �لر�سم

بالألو�ن �ملائية، فقد �أم�ست �ساعات طويلة مع �لفنان ير�سمان �للوحات معا. وقد

�أثارت بع�س لوحاته جدل و��سعا مما ز�د من �سهرته عندما عاد �إىل لندن. يف تلك

.)8 )�سكل ومبجول بها �خلا�ستني �للوحتني بر�سم �لفنان جني كلفت �لفرتة،

ت�سم جمموعتنا كما �أخرى، متاحف �مللكية، ويف �ملجموعة لوحاته يف وتوجد

لوحات �أخرى لكارل هيغ، وميكن م�ساهدتها يف متحف طارق رجب.

مل يقت�رش �ل�ست�رش�ق على �لت�ساوير �لفنية فح�سب، بل �متد �أثره �أي�سا �إىل فن

�ملعمار و�لأثاث. ول بد �أنكم تعرفون �لأثاث �ملطعم �لذي �سنع يف �مل�رشق ويف م�رش،

و�لذي ظل �سائعا لأعو�م طويلة. فقد كان هذ� �لنوع من �لأثاث ي�سنع يف تلك �لباد،

وبد�أ �هتمام �لأوروبيني به منذ �لقرن 18م، و�أخذ �سناع �لأثاث يف �إنتاج هذ� �لطر�ز

من �لأثاث بذ�ت �لتقنيات، ولكن ملو�كبة �لذوق �لغربي. ولدينا يف متحف طارق بع�س

�لقطع �لفاخرة من هذ� �لطر�ز من �لأثاث تعود �إىل �لقرنني 18م و 19م.

�شكل 8: لوحة جمول م�شرب

�شارون �شافر

قدمت باللغة الإجنليزية

يف 2 فرباير 2015م

كيف نجعل المتاحف ذات صلةوثيقة بأطفالنا

)في التخطيط لتجارب متحفية لألطفال، تكون الصلة الوثيقة بينهم وبين المتحف هي

التقاطع بين عالم الطفل ومجموعة المتحف(

من وحديثا، قدميا الروايات، فيه تقدم حافل تاريخ ذات تعليمية، موؤ�ش�شات املتاحف اعتربت لطاملا

يهتم ملن خم�ش�شة اأماكن هي املتاحف اأن تقليديا املعتقد ومن والثقافية. الفنية القطع عر�س خالل

املجموعات عن الكثري تعرف التي املتعلمة النخبة على قا�شرة واأنها الأكادميية، الدرا�شة اأو بالبحث

الثقافية. املوؤ�ش�شات الفنية، ولكن هذا مل يعد �شحيحا يف القرن احلادي والع�شرين بالن�شبة لكثري من

فلم يعد زوار املتحف يقت�شرون على الأكادمييني اأو اأفراد النخبة، لكنهم اأ�شبحوا الآن اأكرث تنوعا، منهم

ال�شغري والكبري، والغني والفقري، واملحلي والعاملي. وجدير بالذكر اأن املتاحف ت�شتقبل الأطفال حاليا يف

قاعاتها، وحتاول ت�شميم برامج ومعار�س جتذب زوار املتحف من هذه الفئة العمرية.

مييل �لتفكري �حلايل يف هذ� �ملجال �إىل �إعادة تعريف معنى �لقطعة �لفنية،

و�إعادة �لتفكري يف دور �لز�ئر يف تف�سريها، مما يوؤثر على �لطريقة �لتي ي�سمم

بها �ملتخ�س�سون �ملعار�س و�لرب�مج �خلا�سة، وخلق م�ساحات لكل �لز�ئرين.

�لأطفال، ومتثل �أجل �ملتحفية من �لتجارب ت�سميم �أهمية عند �لأمر ويزد�د

للمعلمني حتديا �ملتاحف، يف �لتعليم وهي هذه �جلديدة �لتفكري طريقة

وم�سممي �لعرو�س، من حيث �لتخطيط من �أجل �سغار �لزو�ر، وما يحملونه

من منظور فريد يف تف�سري �لقطع �لفنية يف قاعات �لعر�س.

باأنها �أماكن للتعلم، حتى يف �لأزمنة �لقدمية، تعرف �ملتاحف تاريخيا،

غالبا �لر�أي هذ� ويوحي �ليوم. جمتمع يف كبري باحرت�م تتمتع وماز�لت

ب�سعور من �لثقة و�لتكامل �لذي يرتبط باملتحف وينعك�س على �ملعايري �لتي

يقرها جمتمع �ملتحف.

وعلى مر �لقرون، قامت �ملتاحف بجمع ودر��سة وحفظ وعر�س وتف�سري

تنبع من �أغلبها �أو يف كلها، �لق�سة �أن �أ�سا�س �لفنية، على و�لنماذج �لقطع

�لقطعة ذ�تها �لتي متثل جمموعة حمددة من �حلقائق �لثابتة. لكن تلك �لفكرة مت

تفنيدها يف �لقرن 21م، ول يعتنقها حاليا �أغلب �ملعلمني يف �لغرب، �إذ يرون

�أن �ملعرفة تنتج عن �لتفاعل بني �لز�ئر و�لقطعة �لفنية.

نف�سه، �لفرد د�خل مركبة عملية �لتعلم �أن �حلديثة �لنظريات ترى

ولي�ست مكت�سبة من �خلارج. وهذه �لنظرية، وهي �ملقبولة �لآن لدى �ملعلمني

يف �لوليات �ملتحدة و�أوروبا، لي�ست بجديدة، لكنها باتت مف�سلة يف �لأعو�م

فيغوت�سكي، وليف بياجيه، وجني ديوي، جون نظريات �إحياء مع �لأخرية

وماريا مونت�سوري، وجريوم برنر، وهو�رد غاردنر، وغريهم. وجتمع بني تلك

د. �شارون �شافر، موؤ�ش�شة برنامج التعليم املبكر يف املتاحف، وهو برنامج لال�شت�شارات التعليمية. وت�شغل من�شب املدير الفخري ملركز �شميث�شونيان لالأن�شطة امل�شاندة التابع ملتحف

�شميث�شونيان، واأ�شتاذ م�شاعد يف جامعة فرجينيا، لها العديد من املوؤلفات املتخ�ش�شة، وحتظى مبكانة دولية كخبري يف التعليم املبكر. تتميز اأعمال �شافر بالرتكيز على التعليم من

خالل ا�شتخدام املواد والأ�شياء، وبال�شغف بالفن والثقافة، وبالرتكيز على العملية التعليمية التي تقوم على احرتام املتلقي.

�أو �لبنائي �ملنهج عليها ويطلق �لأ�سا�سية، �ملعتقد�ت �لنظريات جمموعة من

نظرية �لتعلم �لبنائية.

و�إذ� نحينا �ملعتقد�ت جانبا، جند �أن نظرية �لتعلم لها مكونات ثالثة: 1 -

�ملعرفة - ماهيتها، و�أين توجد، 2 - �لتعلم - كيف يكت�سب �لفرد �ملعرفة، هل

من خال �لنتقال �لتدريجي، �أو من خال »عملية تفاعلية حتول عقل �ملتعلم«

)هاين، 1998، �س 16(، 3 - �لتدري�س- �أي �ل�سرت�تيجيات و�لطرق �لتي

توؤدي �إىل �لتعلم، �أو �كت�ساب �ملعرفة )هاين، 1998(. ومتثل �لنظرية �لبنائية

من جمموعة على تعتمد �لتي �لتعليمية �لنظريات �أو �لطرق، هذه �إحدى

جتاربه على ويتوقف �لفرد، د�خل مبني �لتعليم �أن تفرت�س �لتي �ملعتقد�ت

�ل�سخ�سية، و�هتماماته، وخلفيته �لثقافية، وقدر�ته. فاملعرفة �أمر فريد بالن�سبة

هذه �لتفكري طريقة وتت�سمن �خلارجي. �لعامل يف توجد ول �إن�سان، لكل

�لر�أي �لقائل باأن �لتعلم هو عملية تفاعلية �أكرث منها جمرد ��ستقبال �سلبي من

�سخ�س �آخر �أكرث علما، طبقا لوجهة �لنظر �لتقليدية.

�أن �لبنائي، وميكن برونر )1966م( مع �لإطار �ملنَظر جريوم �أفكار تت�سق

تكون دليا ملتخ�س�سي �ملتاحف يف ت�سميم بر�مج �لأطفال و�لكبار �ملر�فقني لهم.

»�إن تعليم �سخ�س ما ل يعني ��ستحفاظ عقله بالنتائج �أو �إلز�مه بالنتائج،

�أمر� ممكنا. �إر�ساء �ملعرفة بل تدريبه على �مل�ساركة يف �لعملية �لتي جتعل من

فنحن ندَر�س مادة ما لي�س بق�سد تكوين مكتبات حية حول هذه �ملادة، و�إمنا

لكي جنعل �لطالب يفكر لنف�سه بطريقة ريا�سية، و�أن يحلل كما يفعل �ملوؤرخ،

عمليات جمموعة عن عبارة فاملعرفة �ملعرفة، حت�سيل عملية يف وي�سارك

ولي�ست منتجا« )برونر، 1966، �س72(.

Page 13: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار25العــدد 43 حديث الدار24العــدد 43

فرد، لكل بالن�سبة فريد �سيء �لتعليم باأن برونر مقولة من ن�ستخل�س

و�أن حت�سيل �ملعرفة ل يت�سكل فقط وفقا لتجربة كل فرد، و�إمنا طبقا لتف�سريه

وفهمه لكل ما ي�سادفه، وهو �أمر يتاأثر مبا يف�سله، وبقدر�ته، وجتاربه، وثقافته.

ويوؤيد هذ� �لعتقاد بتفرد عملية �لتعلم كثري من �ملنظرين و�لباحثني يف حقل

من يناق�س كل ثانية« )2013(، زيارة �ملتحف، كتاب »جتربة �لتعليم. ويف

تاأثر فكرة ويطرحا �لتعلم، لعملية �ملعقدة �لطبيعة ديركينغ ولني فالك جون

�لتعلم بالظروف �ل�سخ�سية و�لجتماعية و�جل�سمانية على مر �لزمن. وتقوم

كثري من �ملتاحف يف �لوقت �حلايل، باإعادة �لتفكري يف ت�سميمات �ملعار�س،

و�إعد�د �لرب�مج يف �سوء نظريات �لتعلم �ملعرتف بها حاليا.

خال �لقرن 21 تتحول �لتجارب �ملتحفية من �لرتكيز على �لتحف فح�سب

�ملتحفية ل �لتجربة �أن �لأفكار �حلديثة �لز�ئر و�لتحفة. وتوحي �لتفاعل بني �إىل

�أن تتجاوز جمرد قر�ءة بطاقات بد لها

�لتعريف و�لن�سو�س �لتي تعّرف من�ساأ

بها يتعلق ما وكل وتاريخها �لقطعة

بدل وتركز �سحيحة، معلومات من

ين�ساأ �لذي �ملعنى من ذلك على خلق

�لز�ئر بني �ل�سخ�سية �لعاقات من

و�لتحفة �لفنية. فعلى �سبيل �ملثال، قد

�ملتحف يف �ل�سابات �إحدى ت�ساهد

من وغريها و�لأ�ساور �لعقود بع�س

قبل ما ع�سور �إىل تعود �لتي �حللي

�إحدى يف عر�ست وقد �لإ�سام،

بعقد ذلك ويذكرها �ملتحف، قاعات

جيل، �إىل جيل من عائلتها تو�رثته

ويعد ذ� قيمة �أثرية عالية. جندها تتاأمل جمال �ملعدن و�لأحجار، و مهارة �ل�سنع

يف كل �لتحف، وتفكر يف تاريخ عائلتها وما مر بها من �أجيال، وتعقد �ملقارنة بني

�لعقود �ملر�سعة يف جمموعة �ملتحف، وذلك �لكنز �لذي متتلكه عائلتها، وحتلل

�أوجه �ل�سبه و�لختاف. يف تلك �للحظة ت�سعر بنوع من �لألفة و�لدفء �لعاطفي

�لذي يقرتن بالعاقة �ل�سخ�سية، وتت�سور �ل�سعور �لذي قد يخالج �ساحب �لعقد

بيانات عن تقدمي من بدقة، �ملتحف �ملعرو�سة يف �لعقود تو�سف قد �لأ�سلي.

ملكيتها، وتو�ريخ من�ساأها، وغريها من �حلقائق �لثقافية �لتي تتمتع بقيمة عالية يف

�سياق تاريخي معني، �إل �أن تلك �لأعمال �لفنية تكت�سب معنى جديد� و�أهمية �أكرب

�ل�سخ�سي مدخا �لتف�سري �ل�سخ�سية. هكذ� يكون بحياته �ملتلقي يربطها عندما

لفهم �لأعمال �لفنية �ملعرو�سة.

ي�سعى كل ز�ئر ل�ستنباط �ملعنى، وذلك عن طريق ربط جمموعة �ملتحف

باأحد�ث وجتارب و�هتمامات �سخ�سية. وينطبق ذلك على �لزو�ر من كافة �لأعمار

عند �ل�سخ�سية و�لتجربة �لفنية �لقطعة بني �لعاقة �أهمية وتتز�يد و�ملجالت.

مما �ل�سخ�سية، بالتجربة �لر�بط �أو �لألفة من نوعاً �ل�سغار. فهي توجد �لأطفال

يقوي قدرة �لطفل على تكوين �ملعنى حول �لقطعة �لفنية. وي�ساعد ذلك على �إثارة

حب �ل�ستطاع، وخلق م�ستوى �أعلى من �لهتمام.

خلدمة جديدة فر�سا �ملتحف يف للتعليم �جلديدة �لنماذج لنا تقدم

�لهدف، يحتاج موؤثرة. ولتحقيق هذ� بطريقة �ل�سغار، بينهم �أكرب، من جمهور

�ملتخ�س�سون يف �ملتاحف �إىل تطوير مهار�تهم ومعارفهم لكي ي�سبح خلق جتارب

�ملتحف زو�ر �هتمام جذب �إن ممكناً. �أمر�ً �ملتحف قاعات يف وموؤثرة تفاعلية

�لأعمار خمتلف تنا�سب و��سرت�تيجيات �ملعرفة، لنظرية فهما يتطلب �ل�سغار

ي�ستمر تاأثريها لزمن طويل. �إن ��ستقبال �لأطفال �ل�سغار يف �ملتحف، يعد �خلطوة

يف للفنون كرعاة عقولهم وتغذية معهم، �لأمد طويلة عاقات بناء يف �لأوىل

�مل�ستقبل.

�لتعليمية، ر�سمية خال �لقرن �لع�رشين، �عرتفت كثري من �ملوؤ�س�سات

جعلهم مما للتعليم، مهمة كمرحلة �لتكوين �أعو�م باأهمية ر�سمية، وغري

�إىل موؤ�س�ساتهم. وتغريت �ملرحلة �لأطفال يف هذه �لفر�س جلذب يخلقون

فارغا«، »وعاء�ً يعد كان فيما �ملعرفة ت�سب باأن تق�سي �لتي �ملا�سي حكمة

لتحل حملها فل�سفة تنظر �إىل �لتعليم على �أنه عملية تفاعلية.

�أن م�سوؤوليه على يتعني للمتحف، �ل�سغار �لأطفال جذب �أجل ومن

�سك ول مبادئها. مع يتفق ب�سكل وتطبيقها �ملعرفة، لنظرية فهمهم يطورو�

يف �أن در��سة �سمات �لطفل كمتلق للمعرفة، ير�سي �لأ�سا�س �ملنا�سب لو�سع

�لرب�مج �مل�ستقبلية وطرق ت�سميم �ملعار�س يف �ملتاحف. وتاأتي معرفة �لطفل

�أو �ل�سخ�سية، و�ملاحظات و�لتفاعل �سو�ء كانت ر�سمية �لتجربة من خال

غري ر�سمية، مع �أطفالنا ومع �لأطفال �لآخرين �لذين ن�سادفهم يف �ملجتمع،

وكذلك من خال در��سة نظريات �ملعرفة. وهكذ� ي�سبح هذ� �ملزيج من �ملعرفة

�ل�سخ�سية و�لدر��سة �لر�سمية هو �لإطار لأ�سا�س عملية �لإر�ساد يف �ملتاحف.

يحيط ما مو�جهة يف فاعلون �أفر�د باأنهم �لأطفال يو�سف ما غالبا

�ل�ستك�ساف على ي�سجعهم �ل�ستطاع وحب �لطبيعي �لف�سول و�أن بهم،

و�لتجريب، وهو نابع من رغبة حقيقية للمعرفة. وميكن و�سف �لأطفال باأنهم

كائنات ح�سية، يتعلمون من خال

و�للم�س، و�ل�سمع �لنظر، حو��س

معرفة يكت�سبون وهم و�ل�سم،

�لعامل من حولهم من خال جتارب

�إىل بعد فيما تف�سي حم�سو�سة،

�لطفل ب ّويجر �ملجردة. �ملعارف

كطريق و�خلطاأ �ملحاولة �أ�سلوب

�لعامل، ي�سري كيف لكت�ساف

ياحظ عندما عامله ينظم وهو

بت�سنيف فيبد�أ �ل�سفات، تنوع

وتنظيم �لأ�سياء طبقا لنقاط �لت�سابه

من �لطفل ويتعلم و�لختاف.

ما فيقلد و�لت�سور، �للعب خال

ي�ساهده، ويخلق �سيناريوهات للعب تعطيه فر�سة ملمو�سة لتمثيل كيف يكون

�لعامل من حوله. �لطفل كائن �جتماعي، يتعلم من خال �لحتكاك بالآخرين،

�أول من خال �ملاحظة، ثم �لتقليد، و�أخري� من خال �لتفاعل �لجتماعي.

وهو ي�سنع �لأفكار عن عامله من خال �لرو�ية �أو �حلكو�تي، فاملعاين موجودة

فه على كلمات جديدة، �أو تقدمي �أفكار ّيف �سياق �لق�س�س �إما من خال تعر

هذه كانت ولئن لاأطفال. معلم خري هي �حلقيقية �لتجارب لكن جديدة.

�أن كل طفل د�ئما نتذكر �أن ينبغي فاإنه �ل�سغار عامة، �ل�سفات متيز �لأطفال

فريد يف �سفاته وله ما يف�سله �سخ�سيا.

�أن �لذكريات �ملرتبطة بالتجربة �ملبا�رشة تكون تدل نتائج �لأبحاث على

متعددة. حو��س فيها ت�سرتك �لتي �لتجارب هذه لطبيعة نظر� تاأثري� �أقوى

ويتفق �ملنظرون يف �ملع�سكر �لبنائي على �أن �لتعلم هو نتاج للتفاعل مع �لبيئة.

�لتعليمية �لتجارب ن�ستن�سخ كيف هي فامل�ساألة للمتاحف، وبالن�سبة

�حلقيقية لاأطفال يف جو �سالت �ملتحف �لتي تعر�س �لتحف �لفنية و�لعينات

�أن بد ل حقيقية تعليمية فر�س خلق هدف �إن �لفنية. �لأعمال �أو �لطبيعية

فل�سفة تفيد �ل�سغري. �لطفل طبيعة حتاكي خا�سة جتارب خلق مع يرت�فق

جون ديوي باأن �لتعلم يبد�أ من �لهتمام باهتمامات �لطفل، و�أنه »من خال

فقط حينها للكبار ميكن �لطفولة، لهتمامات و�ملتعاطفة �مل�ستمرة �ملاحظة

�لدخول �إىل عامل �لطفل، و�لتعرف على ��ستعد�د�ته وقدر�ته، وبالتايل حتديد

�ملادة �لتي ميكن �لعمل عليها بنجاح« )ديوي، 1897، �س 15(. �إن �هتمامات

�لطفل ميكن �أن تكون مدخا للتعلم، وتقدم حافز� للمزيد من حت�سيل �ملعرفة،

ل �سك يف �أن �لف�سول ينبع من �لهتمامات، ويوؤدي بالتايل �إىل �لكت�ساف.

يتفق جريوم برونر مع ديوي، يف �لعتقاد باأهمية �لبناء على �هتمامات

�لأفكار« من عامل �لطفل يف �هتمامات »�إثارة �إىل �رشورة وي�سري�ن �لطفل،

من �أجل �لتعلم، و�أن ذلك يتحقق من خال تنمية �لكت�ساف �لطبيعي لديه،

تنا�سب كل مرحلة لا�ستك�ساف فر�س �ملثرية لهتمامه، وخلق �ملو�د وتقدمي

عمرية للطفل )برنر، 1960، �س 31(.

�إن �لق�سد من �أن يكون �لأمر ذ� �سلة بالأطفال �ل�سغار، يعني خلق جتربة

تخاطب �هتمامات �لأطفال وتنا�سب �أعمارهم. ويعني ذلك �لبناء على �ملعرفة

�مل�ستخل�سة من جتارب �سابقة. ويعني ذلك �أي�سا �أن ين�سغل �لأطفال يف جتربة

�لتي �لطريقة على �لرتكيز ويكون �سيتعلمونه، ما على منفتح بعقل �لتعلم

يتعلمون بها.

حني ت�ستقبل �ملتاحف �لأطفال �ل�سغار يف قاعاتها، تاأتي م�سوؤولية �ملعلم

�ملعلمون يوؤمن عندما م�سد�قية �لرب�مج وتكت�سب �لتجارب، ت�سكيل يف

مرحلة �أطفال ب�سدق وتر�عي �ملبكر �لتعليم توؤيد �لتي �حلديثة بالنظريات

هناك يكون وعندما �ملوؤ�س�سة. د�خل حمتما جمهور� باعتبارهم �حل�سانة

�إجماع على جدوى وقيمة �لتعليم �لذي يعتمد على قاعات �ملتحف، لاأطفال

يف �خلام�سة وما دون ذلك، تزد�د �حتمالية �لنجاح.

�جلمهور ولكن �لربنامج، م�سمون �ملتحف على يركز �أن �لطبيعي من

هو �لأهم، وتعتمد �لرب�مج �لعالية �جلودة على معرفة �لنظرية �لتعليمية وتعتقد

بجدو�ها. فالإطار �لنظري ير�سد �لعاملني يف حقل �لرتبية �إىل �تخاذ قر�ر�ت

للتو�فق �لتعليمية، وتزودهم باخلطط �لأكرث �حتمال بالن�سبة للرب�مج �أ�سا�سية

مع �مليول �لطبيعية للمتعلمني.

�لنظري. �جلانب على بالرتكيز يتحقق �ملتحف مع �ملاءمة مفهوم �إن

عامل بني �لتاقي نقطة عن بالبحث �ل�سغار �لزو�ر مع �لعاقة تلك وتبد�أ

�سابقة، معرفة فوق جتربته يبني كالكبري فالطفل �ملعرو�سة، و�لتحف �لطفل

�أفكار �سابقة وماألوفة لدى �أن �لتجربة �ملثالية للتعليم تكون بربط وهذ� يعني

�لطفل باأعمال فنية حمددة يف �ملجموعة وتاريخها.

وماز�لت �ملتاحف يف �لوليات �ملتحدة، حتى بعد م�سي ع�رشين عاما من

�لتجريب يف عامل �لتعليم �ملبكر، تبحث يف جمموعة من �خلطط �ملختلفة �لتي

ويرتبط �لفنية. و�لأعمال بالتحف �هتمامه على وت�ستحوذ �لطفل حول تدور

تو�فق و�أهمية �لتجربة، مركز يف �لطفل يكون �أن بفكرة �لتجربة هذه جناح

بالطفل تت�سل �لتي �ملو�سوعات عن �لبحث �أثناء �لتعليم نظريات مع �خلطط

�ملجال، هذ� يف �لأطفال مع �لناجحة �ل�سرت�تيجيات ومن �هتمامه. وجتذب

�عتماد �لتجارب �لتي تعتمد على مو�سوعات معينة، و�لتعليم �لذي يثري �لتفكري

و�لت�ساوؤل و�ل�ستك�ساف بو��سطة �حلو��س، و�للعب، ورو�ية �لق�س�س.

م�سابهة بطريقة �لتجارب بني �لطبيعية �ل�سات �إيجاد �لأطفال ي�ستطيع

يقوم ما عادة فالطفل �لكبرية. �ل�سورة لتكوين �للغز �أجز�ء ترتيب للعبة كثري�

مباحظة نقط �لت�سابه و�خلاف، ليتمكن من تن�سيق وت�سنيف �ملعرفة �لتي نتجت

عن �لحتكاك و�لتفاعل بالعامل، وهذ� �سحيح ب�رشف �لنظر عن �ملكان، وينطبق

�أي�سا على �لتجارب يف �ملتحف.

م�سوؤويل توجه باتت �لعامل، �لأطفال بها يفهم �لتي �لطريقة معرفة �إن

فيما وخا�سة �ملتحف، يف �ملو�سوعات ت�سنيف على �لقائم للتخطيط �ملتاحف

بع�س هناك ز�لت ل و�إن �لأعمار، ملختلف �ملخ�س�سة �لأطفال برب�مج يتعلق

�جلولت �ملتحفية �لتي ي�ستعر�س فيها �لز�ئرون �رشيعا حمتويات �ل�سالت، رغبة

منهم مب�ساهدة كل �سيء. وتقت�سي �حلكمة �ليوم باأن يكتفي �لز�ئر مب�ساهدة �لقليل،

فهو يف �حلقيقة كثري، و�أن �لعربة باجلودة �أو �لعمق يف �لتجربة ولي�س بالكم. ومن

هذ� �ملنطلق، مييل معلمو �ملتاحف �إىل �لتجارب �ملركزة، بحيث ين�سغل �لأطفال

من �أف�سل ذلك ويكون و��سع، مو�سوع يجمعها �لتي �لتحف من قليل بعدد

�ن�سغالهم بكل �لتحف �ملوجودة يف �ملتحف خال زيارة و�حدة.

يف �لرب�مج �لتي تعتمد على �ملو�سوعات �مل�سرتكة، يقع �ختيار �ملعلمني على

ثاثة �أو �أربعة �أعمال فنية، ت�سرتك يف مو�سوعها، وتكون �أ�سا�سا لرب�مج �لأطفال.

وهنا ت�سبح �ملو�سوعات ل نهائية، وخا�سة بكل جمموعة. فيمكن لأحد �ملتاحف

�لقطع من جمموعة ويخ�س�س مثا، �لطيور على يعتمد برناجما ي�سمم �أن

�لفنية �لتي ت�ستمل على �لطيور كعن�رش زخريف، قد يكون حمفور� يف م�سند يد

م�سور� يف �أو بالر�سوم، مزد�ن ن�سيج قطعة �أو طنف�سة من�سوجا يف �أو كر�سي،

قطع �لف�سيف�ساء. وخال �جلولة ُي�سجع �لأطفال على �لبحث عن تلك �ملخلوقات

يف �سالت �لعر�س، وكيف �ألهمت �ل�سناع و�لفنانني. وبينما ينظر �لأطفال �إىل

�لطيور، ويعقدون بينها �ملقارنات، يجيبون على �لأ�سئلة �لتي يطرحها �ملعلمون:

فيم تتفق �لطيور؟ وكيف تختلف؟ هل ت�سابه �لطيور �ملوجودة يف �حلقيقة؟ �أم �أنها

جمرد خملوقات خيالية ت�سبه �لطيور. هذه �لفكرة تبدو قريبة من �لأطفال، حيث

�أن لديهم جتربة �سابقة وحب ��ستطاع لتلك �ملخلوقات �ملجنحة، �سو�ء كان ذلك

عن طريق �لكتب، �أو التي ي�ساهدونها يف �جلو�ر.

تتنوع �ملو�سوعات بني �أفكار ب�سيطة و�أخرى معقدة، بع�سها و��سح وبع�سها

تعر�س قد �لزماء، �أحد مع �ملتحف �أروقة يف جولة جمرد �إن غام�س. �لآخر

و�لأو�ين، و�حلاويات �لعلب بني تتنوع لأفكار �لإمكانيات، من �لكثري للذهن

و�أدو�ت �لزينة �ل�سخ�سية كاملر�وح و�حللي، وغريها كثري. ومن �ملمكن يف �إحدى

�جلولت �لتي تختار مو�سوعا معينا، �أن تتناول قطعا فنية �سنعت من خامة معينة،

بحيث تكون كافة �لقطع �لتي مت �ختيارها لتلك �جلولة م�سنوعة من نف�س �خلامة.

فنية �لأطفال عن قطع يتحدث قد �أوهايو، بي�سوب يف قاعة هاو�ي مبتحف يف

�سنعت من �ليقطني، منها حاويات، و�آلت مو�سيقية، وحلي، و�أوعية للماء. يبد�أ

�لربنامج مبعاينة ثمرة طازجة من �لقرع، تتبعها مناق�سة عن كيفية حتول هذه �لثمرة

فكرة �ملتحف لزيارة �لعام �لإطار وي�سبح �ملعرو�سة. �لفنية �لقطع من كل �إىل

Page 14: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار27العــدد 43 حديث الدار26العــدد 43

رئي�سية وهي �ليقطني كمادة طبيعية، مما ي�ساهم يف تعميق فهم هذه �لفكرة، �لأمر

�لذي يزيد بدوره من �حتمال �حتفاظها يف �لذ�كرة.

يقوم قد بل �ملو�سوعية، �لتجربة بخلق �ملعلم يقوم �أن بال�رشورة لي�س

�لثقايف �لمريكاين مركز يف �لعر�س. م�سمم �أو �ملجموعة، �أمني �لعمل بهذ�

حديقة كانت �لزمان.. قدمي »يف بعنو�ن: معر�سا �لأطفال نظم �لكويت، يف

للحيو�ن: �حليو�نات يف جمموعة �ل�سباح«، وهو معر�س قدم للز�ئرين �ل�سغار

جتربة طبيعية تعتمد على مو�سوع معني. وي�ستحوذ مو�سوع �حليو�نات على �نتباه

ت�سميم للمعلمني �لعر�س. وميكن قاعة د�خل ن�ساطهم ويكون حمور �لأطفال،

عدة �أن�سطة يف �ملعر�س من خال �بتكار مو�سوعات فرعية، يختار منها �لأطفال

�حليو�نات؛ بيوت تطري؛ م�سطنع؛ خملوقات �أم مثل: حقيقي و�حد� مو�سوعا

ريا�س، فرو، ق�سور، ثم يقوم كل منهم بالبحث يف �ملعر�س عن �حليو�نات �لتي

تنا�سب �أحد هذه �لت�سنيفات. و�لتجربة لي�ست يف جمرد �لعثور على �لقطعة، بل

تتطلب حو�ر� مركز� حول كل قطعة.

عامة ��سرت�تيجية وهو و�لبحث، �لت�ساوؤل على �ملبني �لتعليم ي�ستقطب

معارف ت�ستثمر لأ�سئلة طرح عملية يف �لطفل �هتمام �لغربية، �ملتاحف تتبناها

�سابقة، وهو منهج لي�س بجديد، وله جذوره يف

تعاليم ويف �لقدمية، �ليونان يف �سقر�ط منهج

�حلو�ر على �حلديثة �لطريقة وتركز �سقر�ط.

و�حلديث كو�سيلة لبناء �ملعنى، ويتطلب ذلك �أن

�إن �لعملية. يف و�لتلميذ �ملعلم من كل ي�سرتك

لاأطفال �سو�ء موؤثر�، منهجا يعد �لأ�سئلة طرح

�أو غريهم من �ملتلقني.

من �لعديد حتتمل �لتي �لأ�سئلة تعترب

وهي �لبحث، لعملية �لأ�سا�س هي �لإجابات

�لطفل. جانب من �لنقدي �لتفكري على ت�سجع

و�حد جو�ب له �سوؤ�ل يو�سع �أن من وبدل

�إجابات ذ�ت �أ�سئلة �لطفل تطرح على حمتمل،

جمع جمرد �أو �لتذكر عملية تتعدى �سمول، �أكرث مهار�ت �إىل وتنقله متعددة،

يف و�لتفكري �ملاحظة، قوة �لطريقة، هذه حتفزها �لتي �ملهار�ت ومن �حلقائق.

�ملعارف �ل�سابقة، و�ملقارنة، و�لقدرة على �ل�ستنباط و�لتنبوؤ. وقد يبدو هذ� بعيد�

عن قدر�ت �لأطفال يف مرحلة �حل�سانة �لذين يتميز تفكريهم بالب�ساطة، لكن قدرة

�لب�سيط، مركبا يف بع�س �لأحيان �لعقاين �لتفكري �لأطفال على �لفئة من هذه

�أمر غالبا ما يثري �لده�سة و�لإعجاب.

�عتماد مع و�ل�ستف�سار، �لأ�سئلة بطرح د�ئما مقرونة �ملتحف زيارة �إن

طرح يتيح �ملو�سوع، على يعتمد �لذي �لربنامج ففي �أخرى. ��سرت�تيجيات

�لأ�سئلة على �لأطفال �أن يفكرو� ويتحدثو� عن م�ساهد�تهم. تبد�أ �لتجربة باإمعان

باعتباره و�سيلة �لنظر �لذي مي�سونه يف �لوقت قيمة �لأطفال يتعلم �لنظر، وهنا

للتو��سل مع �ملاحظات و�لأفكار �ل�سخ�سية. ويعقب �لنظر، طرح �أحد �لأ�سئلة

ذ�ت �لإجابات �ملتعددة �أو ما يطلق عليه مفتوحة �لنهايات: ماذ� تاحظ على هذه

�إىل �أن نن�ست جيد� �ملهم بالن�سبة لك؟ ومن فيها �لقطعة؟ وما �لذي جتده مهما

�إجابات �لأطفال وتعليقاتهم، و�أن ن�ستجيب بطرح مزيد من �لأ�سئلة ل�ستمر�رية

�حلو�ر. وت�سجع هذه �لعملية �لأطفال على �ل�ستماع �إىل �أفكار �أقر�نهم، و�لتعرف

على �أوجه �لت�سابه و�لختاف معهم. وتطرح مزيد�ً من �لأ�سئلة مثل: هل ن�ساهد

جميعا �ل�سيء ذ�ته؟ هل نفكر يف �لقطعة بذ�ت �لطريقة؟ ما ر�أيك؟ كيف عرفت؟

من جديدة �أ�سئلة بطرح يتو��سل مفيد، حو�ر �لو�قع يف هو �لتفاعل هذ� مثل

�ساأنها تو�سيع رقعة �لأفكار من �لتعليقات �ل�سابقة. �إن �لت�ساوؤل و�ل�ستف�سار عملية

ديناميكية من �ساأنها �أن تثري �لهتمام �ل�سخ�سي و�لتفكري �لنقدي.

تخيل �أن جمموعة من �لأطفال ينظرون �إىل غطاء ر�أ�س من �أفريقيا ُيعتمريف

�لحتفالت، وقد يكون تاجا من طر�ز يوروبا �لتقليدي �ملزين باخلرز. رمبا للوهلة

�أن بع�س ماحمها قد يبدو ماألوفا �إل �لأوىل ل ُيعرف �لغر�س من تلك �لقطعة،

ومنا�سبا لفتح �حلديث: ما �لذي تاحظه على تلك �لقطعة؟ وماذ� يبدو مهما بالن�سبة

لك؟ هنا يعلق �لأطفال رمبا على �لطيور، على �لوجه، على �لزخارف، ورمبا على

�إىل �سكل �لقطعة، ويقود �أحد �لأطفال �لر�أ�س. قد ي�سري �خلرز �لذي يزين غطاء

ذلك �إىل تخمني �لكيفية �لتي ت�ستخدم بها �لقطعة، �عتماد� على جتربة �سخ�سية.

�لذي »ما �ل�سوؤ�ل: �إجابة على �لأطفال لي�سجع �حلديث يت�سع تعليق كل ومع

يجعلك تفكر هكذ� يف �لقطعة؟« وعندما يت�سح �لغر�س �لعام من �لقطعة وهو �أنها

�لتفكري �لتي ت�سجع �لأطفال على �لأ�سئلة �لر�أ�س، نطرح مزيد� من تو�سع على

�لنقدي: هل ي�سبه هذ� �ل�سيء ما يعتمره �أي �سخ�س؟ �أم هو خا�س ب�سخ�س معني؟

وما �لذي يجعلك تفكر هكذ�؟ هل تعتقد �أن �سنعه كان �أمر� �سها، ومع وجود كل

�أن هذ� �خلرز �لدقيق، هل ��ستغرق �لأمر وقتا طويا من �ل�سخ�س �لذي يحتمل

يكون قد ��ستخدم �سيئا كهذ�؟ وماذ� تخربنا �لقطعة عن �ل�سخ�س؟ هذه �ملحادثة

وهذ� �لنوع من �لأ�سئلة ت�سجع �لأطفال على �لتفكري فيما ي�ساهدونه، و��ستخا�س

�لنتائج �لتي تدعمها �لأدلة يف �لقطعة �لفنية. وهناك فر�سة �سانحة يف �مل�ساركة يف

�لحتفالت ي�سعه يف تاج �أنها مثل: �ملحادثة، �لقطعة كجزء من �ملعلومات عن

�ملاحظة، بدقة عادة �لأطفال ويتمتع ملكا. يكون �أن ميكن �ملكانة عايل �سخ�س

�ل�سخ�سية، جتاربهم �إىل �لأطفال يرجع وعندما �ملركب. �لتفكري على و�لقدرة

ومعرفتهم بالقبعات، و�أغطية �لر�أ�س، ومفهومهم عن �لتميز �أو �خل�سو�سية، يكون

باإمكانهم �أن ي�ستثمرو� يف حو�ر ذي �سلة بهم كاأطفال.

فعالة ��سرت�تيجية و�ل�ستف�سار �لت�ساوؤل يعد

ل�ستك�ساف معظم �لتحف �ملعرو�سة، �أكانت �أعمال

�سك ول غريها. �أو علمية وعينات مناذج �أو فنية،

يف �أن �حلو�ر و�ملحادثة متجذر يف عملية �مل�ساهدة

و�ملعاينة وطرح �لأ�سئلة و�لإجابة و�ل�ستماع.

يتعلم �لأطفال �ل�سغار من خال �حلو��س:

و�ل�سم. و�للم�س، و�لتذوق، و�لب�رش، �ل�سمع،

باإمكانية غنية ذهبية فر�سا تقدم و�ملتاحف

�لب�رش، حا�سة خال من و�لتعلم �ل�ستك�ساف

�ختلف �لأمر ولكن �لأخرى. �حلو��س من �أكرث

�ملتحف يف �ملعلمون يعد فعندما �لآن، قليا

يجعلو� �أن �لآن ميكنهم �ل�سغار، تنا�سب بر�مج

معدة قطع على للتعليم �ملختارة �لقطع ��ستمال خال من فائدة �أكرث �لتجربة

و�ملحافظة �ل�سغري، �لز�ئر �هتمام جذب �ساأنه من وهذ� مل�سها، وميكن للتعلم

على يركز لربنامج ميكن �ملثال، �سبيل فعلى و�حد. �آن يف �لقطع �سامة على

�لطيور مثا يف �لأعمال �لفنية، �أن يكون �أكرث ثر�ء �إذ� قام �لأطفال بتفح�س ري�س

طبيعي من خمتلف �لأحجام و�لأ�سكال و�لألو�ن، بينما ي�ساهدون �أ�سكال �لطيور

�ملحززة على �ل�سلطانيات، �أو �ملن�سوجة يف �ل�سجاد �أو �لطناف�س، �أو �ملر�سومة على

�لأغ�سان �مللتفة. فا �سك يف �أن �لري�س �حلقيقي يك�سب �لتجربة م�سد�قية �أكرث،

ويكون مدخا مل�ساهدة �لقطع �لفنية.

ي�سعر �لأطفال بال�سعادة عندما ي�ساهدون �ل�سيء على حقيقته، وهو �أجمل ما

يف �ملتحف بالن�سبة لهم. وكثري� ما تكون �لقطع �لفنية كنوز� نادرة، لكنها قد تكون

�أي�سا مناذج عادية من عامل �لطفل. وت�سم �ملعار�س �لتي تتناول ثقافات معينة، �أو

حقبا زمنية حمددة، �أو مناطق جغر�فية خا�سة، قطعا ت�ستخدم يف �حلياة �ليومية.

قاعات يف �لأطفال جلولت مثاليا منوذجا �حلاويات �أو �لعلب مو�سوع ويقدم

جرة �أو �ملاء، قارورة مثل جمعها، �ل�سهل ومن لاأطفال، ماألوفة فهي �ملتاحف،

حفظ �لب�سكويت، �أو �ل�سكرية، �أو �سندوق �لألعاب، �أو �سلة �أدو�ت �حلياكة وما

�إىل ذلك. وبرنامج �ملتحف �لذي يركز على �لعلب �أو �حلاويات، قد ي�سم قطعا

ثمرة �أو وعاء �سنع من من�سوجة، �سلة فنية م�سنوعة من خامات خمتلفة )مثل

يقطني جافة، �أو �آنية من �لفخار(، تزينها ت�سميمات فريدة، وت�ستخدم لأغر��س

خمتلفة. وميكن �أن يقدم �لربنامج مع جمموعة من �حلاويات �مل�ستخدمة يف �حلياة

وعندما وي�سمونها. بل ويلم�سونها، �لأطفال ي�ساهدها �أن ميكن و�لتي �ليومية،

قيمة توجه يكت�سبون معلومات بذلك فاإنهم ��ستخد�م حو��سهم، يتاح لاأطفال

خز�نة زجاج خلف باأمان �ملحفوظة �لفنية �لأعمال حول وتفكريهم �أنظارهم

�لعر�س يف �ملتحف.

من �لآن �أ�سبح لكنه �ملتاحف، بزيارة مرتبطا �للعب يكن مل تقليديا،

�للعب، من جزء �خليال �إن �ملتاحف. يف �لأطفال لرب�مج �لرئي�سية �ملكونات

�أماكن مثالية ل�ستح�سار �لتجارب �ل�سابقة و�سحذ �أن �ملتاحف هي ول �سك يف

�خليال، خا�سة عندما متثل �لأعمال �لفنية �أنا�سا، �أو �أماكن، �أو �أحد�ثا من �ملا�سي.

�لأ�رش �أفر�د يرتديه كان رد�ًء �أو بالري�س، مزينة عباءة �إىل �لأطفال ينظر فعندما

�مللكية يف هاو�ي، ميكنهم تخيل كيفية �رتد�ء �لعباءة، وكيف كانت تبدو. وعندما

ي�ساهدون �سالونا فخما يف بيت توما�س جفر�سون يف مونتي�سللو، يتخيلون كيف

كان �لرق�س يف �لقاعة، �أو تناول �ل�ساي بعد �لظهر. وعندما ي�ساهد �لأطفال قاربا

قدميا، ياأخذهم �خليال �إىل رحلة يت�سورون خالها �لإبحار يف زمان ومكان �آخر.

�أن يتقم�سو� �سخ�سيات �أما متثيل �لأدو�ر، في�سجع �لأطفال �ل�سغار على

نحاتا، �أو فنانا، �أحدهم يكون �أن �لأطفال من �ملتحف معلمو ويطلب �أخرى،

فيمثل عملية نحت عمل فني، وميثل �آخر دور �ملنحوتة، ويتخذ و�سع �سكل نحته

فنان. �إن �للعب ي�سغل �لعقل و�لروح و�جل�سد، ويبث �حلياة و�ملعنى يف �لأعمال

�لفنية �ملعرو�سة.

تعد �لق�س�س جزء� مهما للكيفية �لتي يفهم بها �لأطفال �لعامل. ويف حياة

�أغلب �لأطفال يف �لوليات �ملتحدة، تقدم �لق�س�س من خال �لكتب �لتي

تكتب خ�سي�سا لهم، وتدعم بال�سور �لتو�سيحية. وتظل �لق�س�س و�لأفكار

�لتي يكت�سبونها من خال �ل�ستماع �إىل �لكلمات، و�لنظر �إىل �ل�سور مرجعا

للتعلم يف �مل�ستقبل.

يقال �ملتاحف، جمال ففي للرو�يات، م�ستودعات مبثابة �ملتاحف وتعترب

ق�س�س توثيق يتم �لتاريخية و�لرو�يات �لبحث خال ومن ق�سة، قطعة لكل �أن

�ملعرو�سات، لكنها كثري� ما تكون ناق�سة �أو غري معروفة. �إن رو�ية �لق�س�س لاأطفال

يف قاعات �ملتحف هو �أ�سلوب ماألوف، ويقدم �سياقا لفهم معلومات جديدة.

رمبا ت�سم �إحدى جولت �لأطفال يف مركز �لمريكاين �لثقايف، حو�ر� عن

عنزة من ف�سيلة مارخور. وعندما ي�سمع �لأطفال ق�سة »�لعنز�ت �لثاث« )من

مع �لق�سة وتتحد �لعنز�ت، خ�سائ�س على يتعرفون كاربنرت(، �ستيفن تاأليف

�لقطعة �لفنية يف هذه �لتجربة، من خال �حلو�ر �لذي يقارن بني عنزة �ملارخور

يف �ملعر�س و�لعنز�ت يف �لكتاب: كيف تت�سابه عنزة �ملتحف مع عنز�ت �لق�سة؟

و�أي من عنز�ت �لق�سة ت�سبه عنزة �ملارخور؟ ملاذ� قام �لفنان ب�سنع عنزة �ملارخور؟

وبينما يبد�أ �أحد �لرب�مج بقطعة فنية، قد ينطلق برنامج �آخر من �لكتاب، ففي

كتاب » �لأ�سكال« لهنا طوبان، ت�سع يدها على �لأ�سكال يف قطع من �حلياة �ليومية،

منهم تطلب فهي �ملدر�سة. قبل ما �أطفال تنا�سب �لتي �ملو�سوعات �أحد وحتدد

�ختيار �أحد �لأ�سكال، كالد�ئرة مثا، ثم �لبحث عنها يف �لفن ويف �لقطع �لفنية.

تلك هي �لبد�ية، ثم تبد�أ حمادثة حول �لقطعة وكيف �أنها تتكون من عدة �أ�سكال.

�إن �ملعار�س، �ساأنها يف ذلك �ساأن �لقطع �ملنفردة فيها، حتكي ق�س�سا، ففي

متحف �سميث�سونيان �لوطني للتاريخ �لأمريكي، �أقيم معر�س بعنو�ن »حياة �لبائع

�حلياة ق�سة تروي �لقدمي �لطر�ز من متجول بائع عربة فيه عر�ست �ملتجول«،

�لأمريكية �لريفية عندما كان �لنا�س ي�سرتون �أدو�ت �ملطبخ، و�ل�سال وغريها من

بائع متجول يجر عربة. وي�ساعد معلمو �ملتحف �لأطفال على لو�زم �ملنزل من

�لقرن �أو�خر عا�س يف �سخ�س دور يتقم�سون وهم �ملا�سي، عامل �لدخول يف

�ملتجولة. ولإثر�ء و�لعربة �ليومية، �حلياة يق�سون حكاية بينما �أمريكا، 18م يف

�لرو�ية �ملرتبطة باملعر�س، يقدم �ملعلمون لاأطفال �سلة حتوي �أدو�ت ماألوفة وغري

�ل�سغار يتفح�س وبينما مل�سها. �لأطفال وميكنهم ت�سغل حو��س للمطبخ، ماألوفة

�أدو�ت �ملطبخ يف �ل�سلة، يتعلمون من خال �لنظر �إىل �لقطع �ملتحفية �ملعرو�سة

كيف تغريت �لقطع مبرور �لزمن. ويكت�سفون مثا �أن �ملاعق �خل�سبية �لتي كانت

و�أ�سكال باألو�ن �لبا�ستيك من �لآن متوفرة �أ�سبحت �ملا�سي، يف ت�ستخدم

متعددة، و�أن �لرب�ميل �خل�سبية �لتي كانت ت�سنع يدويا حلفظ �لدقيق و�ل�سكر، مل

تعد ت�ستخدم، وحل حملها علب من �خلزف �أو �لبا�ستيك، و�أن خم�سة �لزبد ل

مكان لها �لآن يف بيوت �لقرن �حلادي و�لع�رشين. و�أثناء �حلديث تعقد مقارنة بني

طريقة �سنع �لزبد يف �ملا�سي، و�لطرق �حلديثة يف �إنتاج �لطعام بكميات كبرية.

هكذ� ميكن بعث �حلياة يف ق�س�س �ملعر�س عن طريق ��ستخد�م مو�د تعليمية من

�حلياة �ليومية ميكن لاأطفال مل�سها.

يف مثل هذ� �لزمن �ملتغري، يكون �لتحدي �لأكرب �أمام معلمي �ملتحف هو فهم

طبيعة �ملتعلمني �ل�سغار، ومعرفة �ل�سبل �ملنا�سبة �لتي جتعل عملية �لتعلم يف قاعات

�ملتحف جمديا. لقد حان �لوقت لإيجاد نقطة �للتقاء بني عامل �لطفل ومعرو�سات

�ملتحف، و�أن نربط �لأطفال بالق�س�س و�لأفكار �لتي تعرب عنها �لتحف.

لقد باتت �ملتاحف تفتح �أبو�بها لتلك �لفئة �لتي مل تتلق �خلدمة �ملنا�سبة بعد،

وتقوم بدور �أكرب يف �ملجتمع من خال �مل�ساهمة يف تعليم �ل�سغار، وبناء عاقات

ت�ستمر مدى �لعمر. �إن �أطفال �ليوم هم رعاة �لفنون غد�. ومن خال �لرتحيب

ب�سغار �لز�ئرين من �لأطفال يف عامل �لفن و�لتحف، تكون �ملتاحف قد �تخذت

لها دور� جديد� يف خدمة �ملجتمع، وهو �إثر�ء حياة �جليل �لقادم.

Page 15: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار29العــدد 43 حديث الدار28العــدد 43

لدينا �لقليل من �ملادة �لعلمية للتقدم يف �لبحث، منها قلة �لقطع �ملوؤرخة،

وعدم �إجر�ء حفائر، �أو توثيق، �أو هكذ� بد� �لأمر.

حاولت �لبحث عما هو معروف فعا عن �خلزف �لتيموري، فطبقا

ملوؤرخ �لفن �ل�سهري بازل غر�ي، �أن �لقطع �خلزفية �لتي تظهر يف �لت�سوير

�لتيموري ب�سكل متكرر، رمبا كانت متثل قطعا �سينية، �أكرث من كونها مناذج

»�خلزف بعنو�ن: �ملوؤثر كتابه يف باأ�سى لني �آرثر ويقرر �ملحلي. لاإنتاج

�لإ�سامي �ملتاأخر« )1957م(، �أننا ل نعرف �إل �لقليل عن �إنتاج �خلزف

دلئل من يبدو »قد بالقول: �لفرتة هذه لني كلمات وتوجز �لتيموري.

متفرقة.. �أن �لقرن �خلام�س ع�رش كان زمنا �سيئا بالن�سبة لإنتاج �خلزف يف

�إرن�ست غروبر باأف�سل منه«. وكان �إير�ن، ومل يكن �لقرن �ل�ساد�س ع�رش

1974م، قدم هو �أول من حتدى هذه �لفكرة يف مقالة ن�رشها يف �لعام

فيها عدة قطع موؤرخة، غري م�سهورة، دون ذكر بلد �ملن�ساأ.

مما فكثري كوبا�سي. م�سكلة ي�سمى ما �ل�سورة، تعقيد يف يزيد ومما

نطلق عليه �خلزف �ل�سفوي يف متاحف �لعامل، قد مت �كت�سافه يف �أو�خر

�إقليم �لتال يف �أحد �لتا�سع ع�رش، يف مدينة �سغرية على جانب �لقرن

د�غ�ستان يف �لقوقاز، يطلق عليها كوبا�سي. يف تلك �ملدينة، كان �لقرويون

يعلقون �لقطع �خلزفية على �حلائط للعر�س ويف �ملنا�سبات �خلا�سة. ويف

مطلع �لقرن �لع�رشين، ��سرتى �لو�سطاء عدد� كبري� من تلك �لقطع، ومت

�أكرب �لرميتاج متحف وميتلك �ملجموعات. و�أ�سحاب للمتاحف بيعها

و�أو�سع �ملجموعات �خلزفية و�أكرثها تنوعا. يف �أول �لأمر، كان يعتقد باأن

تلك �لقطع كانت من �سنع تلك �لقرية، ولكن �رشعان ما نحى �لعلماء تلك

�لفكرة جانبا، و�أكدو� �أن م�سدرها هو �إير�ن. كيف �أتت ومتى؟ رمبا يكون

هذ� عنو�نا لبحث قادم. وقد تبني لنا من خال �لبحث �أن هذ� �لنوع من

بينها �لر�بع ع�رش )من �لقرن نهاية �خلزف يغطي م�ساحة زمنية ممتدة من

قطعة موؤرخة(، �إىل نهاية �لقرن �ل�سابع ع�رش، وت�سم قطعا خزفية من عدة

ور�س خمتلفة يف �إير�ن مثل ني�سابور وتربيز و�إ�سفهان، كما ثبت من خال

�لأبحاث �ملتعلقة بو�سف �ل�سخور. ويقرر بع�س �لباحثني باأنه ل ينبغي �أن

نن�سب تلك �لقطع �إىل كوبا�سي، �أو حتى تربيز، من دون دليل.

1989م، للتو�سل �إىل كان م�رشوع �لبحث �لذي بد�أناه يف �لعام

�ملعرفة، من خمتلفة فروع على ي�ستمل �لق�سايا، تلك من لبع�س حل

�ملتاحف، خمازن من �لأثرية و�لدلئل �لعلمي �لتحليل على ويعتمد

خا�سة يف �آ�سيا �لو�سطى. وقد �أجرى د. روبرت ما�سون ت�سنيفا لل�سقافات

�ملوجودة �ملعادن در��سة على �ل�سخور حتليل يطبق عامل وهو �خلزفية،

ما�سون د. و��ستطاع �خلزف. بدن يف تدخل �لتي �حلجرية �خلامة يف

�لتعرف على خم�سة �أنو�ع خمتلفة من �لعجينة �حلجرية للقطع �لتيمورية

منها �ثنان وتربيز، )�سو�سة؟(، �لهندي �ملحيط ني�سابور، �سمرقند، يف

)تربيز وني�سابور( ��ستمر� حتى �لقرن �ل�ساد�س ع�رش، و�لثالث يف قزوين،

�ل�سابع ع�رش )كرمان، و�إ�سفهان، وثاثة �إىل �لقرن �أخرى تعود وخم�سة

�لق�سة تيموري. ويف �إحياء مل�سدر يعد �أحدها )م�سهد( يف خر��سان(،

�لتالية �ساأ�ستخدم تلك �لنتائج، مع �لو�سائل �لأكرث تقليدية يف در��سة تاريخ

�لفن و�لأبحاث يف �ملر�جع �لتاريخية. وقد متكننا من ت�سنيف بع�س �لقطع

�لتي نق�س عليها ��سم �لور�سة، مما �أكد �سحة �لن�سبة مل�سهد وني�سابور نتيجة

لتحاليل �لرتبة.

�أما بالن�سبة مل�ساألة �لتاأريخ، فاإن قليا من �لقطع �لتيمورية و�ل�سفوية

�ل�سينية �لنماذج �إىل �لتوجه علينا يتعني �أنه تظن وقد تاريخا. يحمل

�لأبي�س للخزف �لأ�سا�سية �ل�سمات من �إن �إذ �لتاريخ، �إىل للتو�سل

و�لأزرق �لإير�ين �عتماده على �لنماذج �ل�سينية. ول �سك يف �أن �لنماذج

�ل�سينية تزودنا بتو�ريخ ي�سعب �أن تتجاوزها �لقطع �ملقلدة، �إل �أن �مل�سكلة

تبدو �أعقد من ذلك، �إذ يبدو �أن �سناع �خلزف �لتيموريني، خال �لقرن

�خلام�س ع�رش، قد ��ستن�سخو� �لعديد من �لقطع �ل�سينية �ملبكرة. فالأطباق

�لتي �سنعت يف ني�سابور، يف عهد �ل�سلطان ح�سني )1470-1506م(،

�إل تقليد للت�سميمات �جلميلة يف عهد مينغ، ومنها حركة �لفر�ساة ما هي

�مل�ساحات، وينتج �لكوبالتي يف بع�س �للون �لأزرق �لتي تركز �ل�سينية

وما �ل�سينية، �لنماذج بني ويف�سل �للون. هذ� من د�كنة �أجز�ء عنها

��ستمر ما يقرب من خم�سني عاما. وقد تيمورية، ��ستن�سخ منها من قطع

.)2 )�سكل ع�رش. �ل�ساد�س �لقرن �أو�ئل خال �لنماذج تلك ��ستن�ساخ

ورمبا جاء �لنموذج �ل�سيني �سمن قطع �لبور�سان �لتي جلبتها �ل�سفار�ت

�لعام يف و�إ�سفهان و�سري�ز، هر�ت، يف �لتيموري �لباط �إىل �ل�سينية

ليزا غلومبك

قدمت باللغة الإجنليزية

يف 16 نوفمرب 2015م

الصين تتحدى الخزف الصفوي:محاكاة أم تجديد

ن�شمع كثريا عن العوملة يف هذه الأيام، اإل اأنها لي�شت بالظاهرة احلديثة، فمنذ الأزمان القدمية، والتجارة

اإىل املحيطات اأن حتولت اإل بعد بالفعل العوملة احلقيقية مل تبداأ اأن اإل عرب م�شافات بعيدة قائمة،

املحلي، الإنتاج على توؤثر العاملية التجارة اأن يف �شك ول بالب�شائع. حمملة ال�شفن، تقطعها بحريات

ولتو�شيح هذا الأمر، �شاأ�شري يف هذا ال�شدد، اإىل اإنتاج اخلزف املحلي يف اإيران خالل ع�شر ما بعد املغول

)بعد العام 1250م(. وتتعلق هذه الق�شة اأي�شا بالكويت، حيث كان اخلليج ميثل املعرب الأ�شا�شي لدخول

الب�شائع الواردة من ال�شني، ابتداء من القرن اخلام�س ع�شر امليالدي.

ولكي نفهم �لتغيري�ت �لكبرية �لتي حدثت يف ذلك �لوقت، ينبغي

�لقدمية �لع�سور �إىل تعود �ل�سني ف�سهرة �لق�سة؛ خلفية �إىل ننظر �أن

�أو �ملن�سوجات، �أو �لت�سوير، جمال يف �سو�ء �لفنانني، لكبار كموطن

فا �لرتف، عن �لباحثني غبطة مثار �ل�سيني �خلزف كان لقد �خلزف.

�ل�سينية �لب�سائع حلت �أينما �ملحليون، �ل�سناع يحاول �أن �إذن عجب

على �ل�سو�طئ �لأجنبية، تقليد هذ� �خلزف. ففي �لع�رش �لعبا�سي، كانت

كانت �ل�ساجقة، ع�رش ويف �ل�سينية، �لو�رد�ت لتقليد مركز� �لب�رشة

للقطع �خلزفية �لأبي�س �لبدن تقليد �لرغبة يف �لتقنية تعك�س �لبتكار�ت

�ل�سينية. و�للون �لأبي�س ينتج عن ��ستخد�م عجينة حجرية، ولي�س �لطني

�لأحمر �أو �مل�سقول. و�لعجينة �حلجرية عبارة عن مادة �سناعية تتكون يف

غالبيتها من حجر �لكو�رتز �ملطحون مع قليل من �لطني. وبحلول �لقرن

�لثاين ع�رش، �نت�رش ��ستخد�م تلك �خلامة يف �إنتاج �لقطع �خلزفية �لفاخرة

يف عموم �أرجاء �لعامل �لإ�سامي.

ولكن هذ� �لتاأثري كان ذ� �جتاهني. فخال �لقرنني �لثاين ع�رش و�لثالث

ع�رش �ملياديني، عندما كان �لر�سم على �خلزف حتت طاء �لتزجيج منت�رش�

�لبدن بني �لت�ساد على تعتمد �لت�سميمات كانت �لإ�سامي، �لعامل يف

�مل�رشق، بالكوبالت عليه �ملر�سومة �لزرقاء و�لزخارف للخزف �لأبي�س

1(. ورمبا كانت تلك �لت�سميمات هي مع حدود بخطوط �سود�ء )�سكل

�لأزرق. باللون �لأبي�س �لبور�سان على بالر�سم لل�سينيني �أوحت �لتي

ع�رش �لثالث �لقرنني خال �ملغولية لاإمرب�طورية �حلكم ��ستقر�ر ومع

و�لر�بع ع�رش، عندما حكم �إير�ن و�أور��سيا فروع من �سالة جنكيز خان،

كانت �ل�سلع و�ل�سعوب تنتقل بحرية و�سهولة عرب �لقارة. وعلى �أية حال،

د. ليزا غلومبك، الأمني الفخري ملتحف رويال اأونتاريو يف تورينتو - كندا، متخ�ش�شة يف الفن الإ�شالمي خا�شة من الع�شر التيموري. وبالإ�شافة اإىل تدري�شها يف جامعة تورينتو،

األفت د. غلومبك خم�شة كتب منها كتاب »اخلزف الإيراين يف بداية الع�شر العاملي: القرنني ال�شاد�س وال�شابع ع�شر )�شدر يف 2014(. كما كتبت اأكرث من 60 مقال يف الدوريات

املتخ�ش�شة حول مو�شوعات خمتلفة، منها العمارة الإ�شالمية، واحلدائق، والتاريخ احل�شري، والت�شوير، واخلزف، واخلط.

واللون الكوب�لتي الأزرق بلون التزجيج حتت الر�شوم عليه نفذت طبق :1 �شكل

الأ�شود، حواىل 1200م، ق��ش�ن، اإيران. LNS 35 C، جمموعة ال�شب�ح

فقد لبى �لإير�نيون �لعاملون يف خدمة �خلاقان �لكبري يف �ل�سني �لطلب

على �لأو�ين �خلزفية ذ�ت �لزخارف �لبي�ساء. وهنا بد�أ �ل�سناع �ل�سينيون

ي�ستوردون من �إير�ن �لكوبالت ل�ستخد�مه يف طاء �لبور�سان.

�لنوع هذ� و�سول على يدل ما ن�ساهد غربا، و�سوريا م�رش ويف

�جلديد من خزف �لبور�سان �ل�سيني �ملر�سوم باللون �لأزرق �لكوبالتي،

مت �لتي �خلزفية �ل�سقافات �آلف بني ومن ع�رش. �لر�بع �لقرن نهاية يف

م�ستوردة قطع وجدت �لقاهرة، جنوب يف �لف�سطاط يف عليها �لعثور

من �ل�سني، و�أخرى مقلدة حمليا. �أما يف �سوريا، فتوجد قطع يف حماة،

ت�ستن�سخ �لنماذج �ل�سينية من ع�رش يو�ن. وكان هوؤلء �ل�سناع قد جلبهم

تيمور �إىل عا�سمته يف �سمرقند، بعد �أن �جتاح دم�سق يف �لعام 1402م،

و�لأزرق �لأبي�س �خلزف و�أنتجو� �سمرقند، يف ور�سهم �إن�ساء و�أعادو�

ثاثة مناذج من �ل�سباح �لتيموري. وتوجد يف جمموعة �لنخبة ملجتمع

�لنماذج من م�ستوحاة �أنها �ملوؤكد من �سمرقند، من جلبت رمبا �خلزف،

�ل�سينية، و�إن كان ينق�سها دقة �ل�سانع �ل�سيني. ومنذ �لقرن �خلام�س ع�رش،

ظل �لعامل �لإ�سامي مفتونا بنماذج �لبور�سان �ل�سيني �لأزرق و�لأبي�س،

حتى �أنه تخلى عن تف�سيله �لأول لاألو�ن، وكر�س �أغلب �إنتاجه للخزف

�خلزف جمموعات يف �لنظر عند �لأمر هذ� ويت�سح و�لأزرق. �لأبي�س

�لإير�ين من �لع�سور �لأحدث ن�سبيا، يف �أي من �ملتاحف �لكبرية. وكانت

�مللكي �أونتاريو �إىل متحف �لتي و�جهتها عندما جئت �مل�سكلة تلك هي

منذ �سنو�ت عديدة. وعندما بد�أت يف ت�سنيف تلك �لقطع، و�جهت بع�س

�ل�سعوبة، �إذ مل يلق �خلزف من فرتة ما بعد ع�رش �ملغول، �إل �لقليل من

�لهتمام من جانب �لباحثني، رمبا لأنهم �عتربوه نوعا من �ل�ستقاق. كان

�شكل 2: كوب�لت حتت طالء التزجيج ال�شف�ف، ني�ش�بور، حواىل 1500م ، متحف

روي�ل اأونت�ريو

Page 16: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار31العــدد 43 حديث الدار30العــدد 43

�نتقلت قد �ل�سينية �لت�سميمات تكون �أن �مل�ستبعد ومن 1422م.

كر�سومات على �لورق، كما حدث بالن�سبة للحرف �لأخرى، مثل جتليد

�لكتب، و�ملن�سوجات، وزخرفة �ملخطوطات، و�لتي تعرفنا عليها من خال

ول و�إ�سطنبول. برلني، يف �ملوجودة �لألبومات يف �ملحفوظة مناذجها

توجد عاقة بني تلك �لر�سوم و�خلزف �ل�سيني، و�لأمر �لأكرث �حتمال هو

�أن تكون قطع �لبور�سان قد حفظت يف جمموعة ملكية، �أو يف موؤ�س�سة

ت�سم �رشيحا، كما �سنتناول ذلك لحقا، عند �حلديث عن �لفرتة �ل�سفوية.

حقيقية قطعة �أمامه توفرت رمبا �لتيموري �خلزف �سانع �أن ورغم

تف�سري �إىل بل عمد با�ستن�ساخها، يقم �أنه مل �إل �ل�سيني، �لبور�سان من

�لعنا�رش �ل�سينية بطريقته �خلا�سة، كما هو �حلال بالن�سبة للحو��سي �ل�سينية

من �خللفي �لوجه وعلى �ملثال. �سبيل على �لهادرة كالأمو�ج �لتقليدية،

�ل�سيني، لكنه ي�سلح �لنموذج �لطبق، كان ير�سم ت�سميما م�ستوحى من

�أن يكون �سعار� لور�سته. وعلى �أطباق ني�سابور ناحظ وجود »�لأغ�سان

�ملزدوجة« على �لظهر )�سكل 3(، وبذلك تكون �لقطعة ذ�ت روح �سينية،

لكنها ل ميكن �أن تعترب قطعة �سينية �أ�سلية.

وبعد وفاة تيمور يف �لعام 1405م، �نتقل مركز �حلكم �إىل هر�ت.

ويف عهد �بنه �ساه روخ، �أ�سبحت �ملدينة مركز� ثقافيا وفكريا. ويف �لربع

�إىل �ل�سيا�سية �سطوتها هر�ت �سلمت ع�رش، �خلام�س �لقرن من �لأخري

�لرتكمان يف تربيز، �إل �أن �لثقافة و�لفنون يف خر��سان ظلت تتمتع مب�ستوى

ر�ق، كما يبدو من طبق يحمل مكان وزمان �ل�سنع يف ني�سابور يف �لعام

يرتكز م�ساحات خلق يف �لفر�ساة ��ستخد�م وبدل 1522-1523م.

�أ�سبح �ل�سابقة، �لفرتة يف �حلال كان كما �لكوبالتي، �لأزرق �للون فيها

�لرتكيز على ر�سم خطوط متو�زية للتظليل �أو �لإيحاء مبلم�س معني. وميكن

�لذى يحمل �سورة طاوو�س يف جمموعة �لطبق �مللمح يف ماحظة هذ�

�ل�سباح )�سكل 4(.

خال �لقرن �خلام�س ع�رش، متكنت �لأ�رش �حلاكمة �لقوية من �لرتكمان

�إير�ن، و�سط يف للتيموريني �لتابعة �لأقاليم حكم على �ل�ستياء من

�أمر�ء �أ�سبح هكذ� �لتيموري. �لنفوذ حتت ظلت �لتي خر��سان با�ستثناء

باط يف �لعاملني �لفنانني من كثري� وجذبو� للفنون، رعاة �لرتكمان

�لتيموريني يف �ل�رشق. وعلى �لرغم من عدم توفر �خلامة �لطبيعية �لازمة

لإنتاج �خلزف �مل�سنوع من �لعجينة �حلجرية يف منطقة تربيز �لتي تتميز

ع�رش، �خلام�س �لقرن نهاية يف فيها ن�ساأت فقد �لفلزية، �لربكانية بالرتبة

ذلك يف تربيز ور�سة �إىل وينتمي ملحوظ. بن�ساط تعمل للخزف ور�سا

لزمن فيها �لإنتاج ��ستمر وقد �خلزفية، �لقطع �أجمل من بع�س �لع�رش،

طويل �متد �إىل �لن�سف �لثاين من �لقرن �ل�ساد�س ع�رش، و�إن �سهد تدهور�

ملحوظا يف �جلودة. وخال �لن�سف �لثاين من �لقرن �خلام�س ع�رش، يف

�لأقل، للخزف على تربيز ور�ستان كانت يف �ل�سفوي، �لع�رش م�ستهل

تقلد �لتي �لتيمورية �لن�سخ دقيقة من م�ستن�سخات �إنتاج �إحد�هما حتاول

�خلزف �ل�سيني يف بد�ية ع�رش مينغ، وهو ما يطلق عليه �ملجموعة »طبق

�لأ�سل«. �أما �لأخرى، فقد �خذت تنتج ن�سخا متعجلة �ل�سنع ماأخوذة عن

�ل�سيني، �لطر�ز �لطلب على هذ� تز�يد وبينما �أخرى. ن�سخ �سل�سلة من

�لعنا�رش فكانت جتاريا، طابعا �لور�س �إنتاج و�تخذ �جلودة، تناق�ست

�حلو�ف على تكر�رها ي�سهل عليها، متعارف وحد�ت جمرد �لزخرفية

و�لظهر، بينما تقل�س �لت�سميم �لرئي�سي �إىل جمرد ن�سخ �سطحية، منفذة دون

حما�س، للمو�سوعات �ل�سائعة �آنذ�ك، )�سكل 5(. ويف حو�يل منت�سف

�لقرن �ل�ساد�س ع�رش، ظهر ت�سميم لتغطية �جلزء �خللفي من �لقطع �خلزفية

يطلق عليه »�أع�ساب �لبحر«. وقد عرث يف كوبا�سي على كميات كبرية من

�ل�سفويون، �خلزف �سناع كان فقد تربيز. يف �مل�سنوعة �لأطباق تلك

كاأ�سافهم �لتيموريني، ل يرون �رشورة لن�سخ �لنماذج �ل�سينية.

�إىل �لعا�سمة و�نتقال �ل�سفوي، �لعر�س عبا�س �ل�ساه �عتاء ومع

من �ل�سعيف �ملوقف يف حتول حدث 1598م، �لعام يف �إ�سفهان،

بالنقل عن �لنماذج �ل�سينية، و�سار يف �جتاه معاك�س. ولئن كان �للتز�م

�لن�سخ لتاأريخ �ل�سينية �لنماذج ��ستخد�م �ساحية عدم �لو��سح من

�ل�سفوية، �إل �أنها تعد مقيا�سا للجودة. وتوجد جمموعة من �لقطع �لفاخرة

�ملو�سوعات �أحد ت�سور �سلطانية منها قريبة«، »ن�سخا تعترب �أن ميكن

،)6 )�سكل بالفر�ساة، باإتقان نفذ وقد فوق �سخرة، طائر وهو �ل�سينية،

وتتميز دقيقة، ن�سخة �ل�سكل ناحية من �أي�سا يعد بل لي�س هذ� فح�سب،

عليك يتعني �أنه حتى كالورق، �سمكها يبدو بحيث بالرهافة، جدر�نها

�لطرق عليها لتعرف �أنها لي�ست �أ�سلية.

يف �لعقود �لأربعة �لأوىل من �لقرن �ل�سابع ع�رش، كانت �لت�سميمات

�أبي�س بدن فوق �لأ�سود، باللون وحتدد �لكوبالتي، �لأزرق باللون تنفذ

يف�سل �لإير�ين �خلز�ف وكان �سفاف. تزجيج طاء حتت م�سقول،

�لأ�سل يف �لد�كنة �لزرقاء �خلطوط على �ل�سود�ء �خلطوط ��ستخد�م

وزخرفة �لكتابة من �ملكت�سبة خربته �إىل ذلك يرجع ورمبا �ل�سيني،

�ملخطوطات باملنمنمات، ولكن مت �لتخلي فيما بعد عن �خلطوط �ل�سود�ء

�أن �إل م�سهد، يف معينة لور�سة مازمة �أنها �لباحثني بع�س �عتقد �لتي

يف �ل�سود�ء �خلطوط ��ستخدمت �لور�س كل �أن �أظهرت �لرتبة �أبحاث

�لعقود �لأربعة �لأوىل من �لقرن �ل�سابع ع�رش.

عليه يطلق طر�ز �نت�سار مدى ن�ساهد �أخرى، مطابقة ن�سخة ويف

-1573( و�نلي ع�رش خال �ل�سني يف ظهر طر�ز وهو »كار�ك«،

1620م(، وكان ي�سدر بو��سطة �ل�سفن �لتجارية �لهولندية. ويتميز هذ�

�لد�خلية و�جلدر�ن �حلافة على لوحات يف �ملناظر من ب�سل�سلة �لنوع

�مل�ساهد. �أو و�لنباتات، �لأ�سكال من �لعديد على وحتتوي لاأطباق،

�أو و�لطيور، �لغزلن خا�سة حيو�نات، فت�سم �ملركزية، �مل�ساهد �أما

متحف ويف وبحرية. برية �لطبيعة �ملناظر من خلفية و�سط �سخ�سيات

�أونتاريو �مللكي، ن�ساهد طبقا يبني تخلي ور�سة كرمان عن خطوط �لتحديد

�ل�سود�ء، يف �لعام 1640م تقريبا، )�سكل 7(.

�أن يكون بني تقت�سي �سمنا �ملطابقة«، »�لن�سخ �لنماذج من �إن هذه

�خلزف �أن �إل �ل�سوق. يف متوفر� كان مما �سينيا منوذجا �خلز�ف يدي

�ل�سفوي ي�ستمد ت�ساميمه من مناذج عدة، يقودنا حتليلها �إىل فهم �لطريقة

�لتي عمل بها �سانع �خلزف �ل�سفوي.

�لبور�سان من بديعة �سفوية ن�سخة يف �لأول �لنموذج يتمثل

فيكتوريا متحف يف ع�رش، �لر�بع للقرن �لثاين �لن�سف من �ليو�ين،

�ملرتفع قد نقل بدقة عن �لذي ي�سور �ملوج �أن �لإطار و�ألربت. وياحظ

�لنموذج �ل�سيني، كما �أن �لت�سميم �ملوجود على �جلدر�ن �لد�خلية يقرتب

كثري� من �لزهرة �لتي حتتل �لو�سط، وحتيط بها �أور�ق �لكروم. ومن �ملذهل

قدرة �لفنان �لإير�ين على ��ستن�ساخ �لعنا�رش �لدقيقة يف �لنموذج �ل�سيني،

�خلارجي �لوجه على �ل�سيني �لت�سميم �لإير�ين �خلز�ف نقل كذلك

للقطعة. وعلى �لرغم من هذ� �لتطابق، حتى �أن �لقطعة قد تعترب �سينية، �إل

�أنها لي�ست ن�سخة من منوذج �سيني معا�رش مت ��ستري�ده. ويثري هذ� ت�ساوؤل

�لنموذج يوؤرخ بينما 1630م، �لعام يف يوؤرخ �ل�سفوي فالطبق مهما،

�ل�سيني قبل ذلك مبائتي عام. ترى �أين وجد �خلز�ف ذلك �لنموذج، وملاذ�

نقل عنه �إذ� كان �أ�سلوب �خلزف �ل�سيني �مل�ستورد خمتلفا �آنذ�ك )�أ�سلوب

كان �لأول �ل�سفوي �خلز�ف �إنتاج �أن يبدو �ملثال(. �سبيل على كار�ك،

�أنهم حر�سو� على يحظى بتقدير كبري من قبل �ل�سناع يف كرمان، حتى

تقليده كما ن�ساهده يف �لطبق �ملوجود يف جمموعة �ل�سباح. )�سكل 8(

�ملتعددة �لنماذج تلك هي �لفهم، يف �سعوبة ذلك يفوق ما ولكن

من �خلزف �ل�سفوي، و�لتي �سكل فيها �خلز�فون ت�سميماتهم من م�سادر

بينما كار�ك، طر�ز من �لأو�سط �لت�سميم ياأخذون كانو� فمثا متعددة،

من �لد�خلية و�جلدر�ن �حلو�ف على �ملوجودة �لت�سميمات ي�ستوحون

مناذج �سابقة توؤرخ قبل ذلك �لع�رش بخم�سني عاما. ترى كيف �أمكن هذ�؟

ل بد �أن �سانع �خلزف قد �ساهد كل تلك �لنماذج دفعة و�حدة، �أي كل ما

مت جلبه �إىل �إير�ن منذ �أن بد�أت �ل�سني يف �سحن �خلزف �لأبي�س و�لأزرق

تي�رش و�أن بد ل باأنه �سالفا، �أو�سحت وكما ع�رش. �لر�بع �لقرن خال

�خلا�سة �لقدمية �خلزف جمموعات على �لطاع �لتيموريني للخز�فني

با�سم يعرف ما �إ�سفهان يف وجد من�سي، ��سكندر ذكر وكما بالنخبة.

ت�سيني خانه )بيت �ل�سيني(، وكان ي�سم جمموعة �ل�ساه عبا�س قبل نقلها

�إىل �أردبيل يف �لعام 1611م. وقد قام �ساه عبا�س برتميم �ل�رشيح �ملوجود

يف �أردبيل، و�لذي كانت نو�ته قرب �ل�سيخ �سايف �لذي تنحدر منه �لأ�رشة

فيه ليودع هناك �لقدمية �ملباين �أحد بتجديد قام كما �ل�سفوية، �حلاكمة

جمموعته من �لبور�سان �ل�سيني، لي�سبح ت�سيني خانة جديدة، ووهب له

1162 قطعة من خزف �لبور�سان. وقد بقيت 618 قطعة من �لبور�سان

يوؤرخ بينما ع�رش، �ل�ساد�س �لقرن �إىل معظمها يعود و�لأزرق، �لأبي�س

بع�س منها �إىل �لقرنني �لر�بع ع�رش و�خلام�س ع�رش �ملياديني. وهكذ�، توفر

ل�سناع �خلزف �ل�سفويني كنز من �لت�سميمات �ملختلفة و�لغريبة ليختارو�

من بينها ما ي�رشهم. ويبدو �أنهم مل يعريو� م�سالة �لتاأريخ �أهمية كبرية، مما

جعلهم ي�سولون ويجولون، ويخلطون وميزجون، في�ستوحون ت�سميمات

لاأجز�ء ت�سميمات مع وميزجونها معينة، زمنية فرتة من للحو��سي

�خلارجية من فرتة �أخرى، وي�ستعريون �لإطار�ت �لزخرفية من فرتة ثالثة.

وكانت توجد يف �أنحاء �أخرى من �إير�ن جمموعات �أخرى مثل جمموعة

�إمام ر�سا �لتي وهبتها لل�رشيح ماهني بانو �سلطان �إبنة �ساه طهما�سب، يف

�لو�سول من �ل�سفوي �سانع �خلزف ولكن كيف متكن 1561م، �لعام

�إىل جمموعات �لأ�رشحة؟

جتيب على هذ� �لت�ساوؤل �إحدى �ملنمنمات يف متحف �لرميتاج،

�لقرن و�أو��سط بد�ية بني ما تاريخها يرت�وح عدة ن�سخ منها وتوجد

تل فوق �لرجال من جمموعة �للوحة يف وي�ساهد ع�رش. �ل�سابع

م�سغولني يف كانو� �أنهم ويبدو �سجرة كبرية، �لع�سب، حتت يك�سوه

وجدير و�لأفيون. �خلمر من مزيج من رمبا �سحري، �رش�ب �إعد�د

وهذه و�لأزرق، �لأبي�س �خلزف من �أوعية ي�ستخدمون �أنهم بالذكر

�لأوعية تظهر عادة يف �ملنمنمات �لإير�نية، ولكن ب�سورة عر�سية ويف

�شكل 3: اغ�ش�ن مزدوجة ملتفة على ظهر طبق ني�ش�بور، متحف روي�ل اأونت�ريو

�شكل 4: ور�شة ني�ش�بور، حوايل 1520م، LNS 1092 C، جمموعة ال�شب�ح

�شكل 5: ور�شة تربيز: زح�رف على �شكل اأع�ش�ب، حوايل 1540-1560م.

LNS 762 C، جمموعة ال�شب�ح

�شكل 6: ور�شة كرم�ن، حوايل 1630م، متحف روي�ل اأونت�ريو

Page 17: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار33العــدد 43 حديث الدار32العــدد 43

يبدو �لأمر يجعل مما لفت، ب�سكل تبدو هنا ولكنها لاأمر�ء، م�ساهد

�لدر�وي�س. من �لأوعية هذه م�ستخدمو كان �إذ� �سيما ول غريبا،

ولعل من �لتناق�س �أن ي�ستخدم رجال كر�سو� حياتهم للتقوى، �أدو�ت

�ملائدة �لفاخرة، ولكن رمبا مل تكن تلك ممتلكاتهم، و�إمنا هي وقف على

�لبور�سان قطع ��ستخدمت �إذ �أردبيل، يف �حلال كان كما �ل�رشيح،

�ملهد�ة من �ل�ساه عبا�س، يف �ملنا�سبات �خلا�سة فقط. وياحظ �أن كثري�

متنحهم كانت رمبا كهذه ومنا�سبة �سوفيني، كانو� �حلرفيني من

�لفر�سة لاإطاع على �ملجموعة �ملودعة يف �ل�رشيح،

حيث ي�ساهدون باأنف�سهم مدى �لتنوع �لزمني

لتلك �لقطع �لامعة من �لبور�سان.

تلك وجود يقت�رش مل

�ملجموعات من �لبور�سان �لأبي�س

�إذ �لأ�رشحة، على و�لأزرق

من �ملقربون �لباط رجال كان

�لرعاة �أهم من عبا�س �ساه

من �لأثرياء وكان للفنون.

�لطبقة �لأر�ستقر�طية يعتزون

�لبور�سان عن مبعرفتهم

�ل�سيني. ويف كرمان، حيث

�خلزف �أنو�ع �أف�سل �أنتج

��ستهر و�لأزرق، �لأبي�س

�سيد ويدعى �خلز�فني �أحد

لدى معروفا وكان �أحمدي،

بائع �لبور�سان �ل�سيني �حلاج

�لقطع �إحدى �لذي قدم �سامل

�إىل �أحمدي �سنعها �لتي

مدى بها �خترب �لذي �حلاكم

دقة ماحظة �أ�سدقائه. لقد كان

عمل هذ� �خلز�ف فائق �لدقة،

حتى �إن خرب�ء كرمان �أنف�سهم

مل يعرفو� �أنه �إنتاج حملي.

�خلز�فون �عتقد

يقومون �أنهم �ل�سفويون

�ل�سيني، �لأ�سل عن متييزها ي�سعب �ل�سينية للنماذج ن�سخ باإنتاج

رغم �أنهم كانو� يقومون مبزج �لعنا�رش �لفنية �ملختلفة من م�سادر عدة.

�أول تخلو� عن �أ�سلوب �خلز�فني يف تلك �لفرتة؟ فما هو �جلديد يف

ر�سم �سعار�تهم على �جلانب �خللفي من �لقطع، مثل �أع�ساب �لبحر �أو

�لأغ�سان �ملزدوجة، ونقلو� حرفيا �لنقو�س على ظهر �لبور�سان �جلديد

�لإمكان، قدر �سينية تبدو منتجاتهم يجعلو� �أن حاولو� ثانيا، فقط.

�إ�سافة ما ي�سبه �سعار �لأ�رش�ت �حلاكمة )نيان هاو( �لذي مبا يف ذلك

كان يوجد عادة على �لو�رد�ت �ل�سينية. ومل تظهر �أية �سعار�ت على

�خلزف �ل�سفوي قبل �لعام 1610م تقريبا. وبعد هذ� �لتاريخ ياحظ

وجود �ل�سار�ت على معظم �لأطباق، كما �أن قطعا �أخرى كانت حتمل

عامات من ثاثة �أمناط، كما �سنفها �آرثر لني كالتايل: �لعامة �ملربعة

)�سكل 9(، و�ل�رش�بة، وعامة �ل�سخ�سية. وقد تبني لنا من �لبحث �أن

م�سهد وكرمان. �لكربى يف �لور�س ت�ستخدمها كانت �ملربعة �لعامة

�ملميزة �لعامة هي �ل�رش�بة �أ�سبحت �لقرن، منت�سف بحلول ولكن

�لعامات؟ تلك وكرمان م�سهد ور�س ��ستخدمت فلماذ� لكرمان.

�لأوروبية، �لتجارة باأن ما �سجع على ذلك هو وجود �رشكات �أعتقد

1600م، �لعام يف �لربيطانية �ل�رشقية �لهند �رشكة تاأ�س�ست فقد

قامتا وقد �لهولندية. �ل�رشقية �لهند �رشكة بعامني بعدها وتاأ�س�ست

1605م. ومل باإقامة خط مبا�رش �إىل �أفر�ن �خلزف �ل�سينية يف �لعام

يكن �أمر� ��ستثنائيا �أن يحمل على ظهر �سفينة و�حدة 150،000 قطعة

من �لبور�سان �إىل هولند�، و�أحيانا كان يفرغ جزء من تلك �حلمولة

يف �خلا�سة �ملجموعات �إىل طريقها وجتد �لعربي، �خلليج مو�نئ يف

�إمرب�طورية، عامات حتمل �لتي �لقطع �أن �ملعروف ومن �إير�ن.

كنت تباع بثمن �أغلى، كما لوحظ يف �إحدى �لطلبيات �لهولندية قبل

�لعام 1612م، �أن قطع �لبور�سان �لتي حتمل عامة جتارية زرقاء يف

�لقاع، كانت �أغلى ثمنا.

يف �لأوروبية �لتجارية �ل�رشكات �إن�ساء خلق

�لتناف�س، من مناخا �ل�سابع ع�رش �لقرن بد�ية

�ل�سفويون، �خلزف �سناع له ��ستجاب

�ملناف�سة، يف خارقا جهد� فبذلو�

حتاكي فاخرة ن�سخا و�أنتجو�

�لبور�سان �ل�سيني.

كتابات �أن و�لو�قع

�سارد�ن، �لفرن�سي �ل�سائغ

يف �ل�سفويني عامل عن

يف تد�وله ومت �لقرن، ذلك

�ل�سابع �لقرن �سبعينيات

�ملناق�سة. ي�ستحق ع�رش،

�إحدى عن حديثه ففي

يذكر �إ�سفهان، يف �خلانات

لاأو�ين �ملقلدة �لن�سخ �أن

بحرفية نفذت قد �ل�سينية

�لهولنديني �إن حتى عالية،

وبني بينها يخلطون كانو�

حملها ومت �ل�سينية، �لقطع

على �لأوروبية �لأ�سو�ق �إىل

�ل�سيني. �لبور�سان من �أنها

�أمامنا �لتعليقات هذه ت�سع

�لتي فالقطع �سعبا، �سوؤ�ل

من �ملمكن �أن تكون قد مرت

بهذ� �لختبار، قد �سنعت قبل

وهي بكثري، �سارد�ن زيارة

�لنقي�س من 1640م. وعلى �لعام قبل �أنها �سنعت �أي �لآن، نتناوله ما

�ل�سبه من �لقليل يحمل كان �ل�سوق، يف �سارد�ن وجده ما فاإن ذلك،

بالبور�سان �ل�سيني.

�ل�سفويون �خلز�فون بد�أ ع�رش، �ل�سابع �لقرن منت�سف ومنذ

ك�سابق مطابقة، ن�سخ عمل عن يبتعد جديد �أ�سلوب نهج يف

بني جتمع �جلذ�بة �لت�سميمات من جديدة �أنوعا فابتكرو� عهدهم،

�أ�سكال عنها ينتج �ل�سينية �لعنا�رش وبني مت�سادة، باألو�ن �لتوريق

�لأور�ق �مللتفة �ملوجودة يف كل مكان )�سكل 10(، �أو يف �أر�سية من

�أو باحلز. ويف نوع �آخر، جند مزجا بالبطانة لون و�حد ر�سم عليها

بني �لعن�رش �ل�سيني لق�رش �ل�سمك و�لأ�سكال �لهند�سية، م�سري� �إىل

�آخر، جند طر�ز ميد�ليات �سغرية، ويف د�خل �لكار�ك طر�ز تقليد

ينق�س كان زمن وىل هكذ� تو�ريخا. حتمل فار�سية كتابية نقو�سا

�بتكرت كرمان �سعارها �أ�رشة مينغ، فقد �لطبق �سعار فيه على ظهر

كل وكانت �ل�سجر. ورق من تتكون �لتي �ملروحة وهو �خلا�س،

�بتكار ور�س كرمان، وحتمل عامة �ل�رش�بة تلك �لأنو�ع كانت من

�أنه مل يكن من �ملمكن �إل على �لقاعدة. ورغم جمال تلك �لقطع،

بع�سها �ساهد قد �سارد�ن يكون وقد �ل�سيني، �لطر�ز من �عتبارها

�إل �ل�سيني، للبور�سان مطابقة ن�سخا ولي�س �إ�سفهان، يف خانات

�إذ� كانت »قدمية«.

كان لإ�سفهان �أي�سا منتجاتها �خلا�سة بها، وكانت ور�ستها تقع جنوب

�ملدينة يف قرية قم�سه �لتي �أطلق عليها لحقا حتت حكم �أ�رشة بهلوي ��سم

�لور�سة �سور� �سخ�سية لأنا�س �أنتجت 1640م، �لعام �ساه ر�سا. ومنذ

�ل�ساه عبا�س، يف حماكاة لأ�سلوب بالو�سامة و�جلمال يف باط يت�سفون

�بتعدت 11(. و�إذ� كانت كرمان قد �ل�سهري ر�سا عبا�سي، )�سكل �لفنان

�إ�سفهان فاإن ع�رش، �ل�سابع �لقرن منت�سف منذ �ل�سيني �لأ�سلوب عن

�إذ �أ�سو�أ �لن�سخ من طر�ز كار�ك، باإنتاج بع�س من قد عو�ست هذ� �لأمر

كان �خلز�ف ينفذ �لت�سميم باحلز، ثم يغرقه باللون �لأزرق �لكوبالتي، مما

يجعله يبدو ك�سورة م�سو�سة، و�أنتجت كميات كبرية منه.

�ل�سابع �لقرن منت�سف يف �لكبري �لتغيري هذ� حدث مل ولكن

تكمن للتقليد؟ �ل�سانع يحفز كان �لذى للد�فع حدث ماذ� ع�رش؟

م�سدر �ل�سني تعد �إذ مل �إير�ن. �لإجابة يف جمريات حدثت خارج

تهديد لهذه �ل�سناعة يف �إير�ن، وذلك لوقوع ��سطر�بات يف �أعقاب

�لإنتاج. ومل �إىل خف�س �أدت 1644م، �لعام مينغ يف �أ�رشة �سقوط

بل كان يبدو �سينيا، �إنتاجه �إىل جعل �ل�سفوي م�سطر� يعد �خلز�ف

�سارد�ن ماحظات تكت�سب قد وهنا �إير�نيا. يبدو يجعله �أن باإمكانه

�ل�رشكات كانت )1643-1644م(، زيارته فاأثناء �لوجاهة، بع�س

�لأوروبية ت�ستبدل �خلزف �ل�سيني بالإير�ين، خا�سة يف جنوب �آ�سيا،

نظر� ملا حدث من نق�س يف �إنتاج �ل�سني.

كان �إذ� تفعل ماذ� وهو: �لورقة هذه �لرئي�سي يف لل�سوؤ�ل نعود

مناف�سة؟ يف حالة �أ�سعار ذ�ت و�رد�ت بوجود مهدد� �ملحلي �إنتاجك

�خلز�ف �ل�سفوي، كان عليه �أن يبذل �أق�سى ما يف و�سعه للو�سول �إىل

م�ستوى جودة �لو�رد�ت، �أي �أن يقلد. ولكن مبجرد زو�ل �لتهديد، يعود

ملمار�سة ما يف�سله، وهو �لبتكار. ومع هذ�، فاإن للق�سة نهاية حزينة،

�لعامل و�أغرقو� 1683م، �لعام يف �لإنتاج �ل�سينيون ��ستاأنف فقد

�خلز�ف بو�سع يكن ومل �جلميل. �لبور�سان �أنو�ع كل من باإنتاجهم

�لإير�ين �أن ي�سمد �أمام �ملناف�سة، ول �أن يبتكر ويجدد، با�ستثناء �إحياء

باألو�ن �لربيق �ملعدين على �خلزف. هكذ� دخلت �سناعة تقنية �لر�سم

�خلزف يف �إير�ن مرحلة طويلة من �لتدهور.

�شكل 7: بور�شالن »ك�راك«، حوايل 1640م ، كرم�ن. متحف روي�ل اأونت�ريو

�شكل 8: ن�شخة من كرم�ن هي حم�ك�ة لن�شخة اأخرى من كرم�ن اأي�ش�. LNS 101 C، جمموعة ال�شب�ح

�شكل 9: برلني، متحف الفن الإ�شالمي، موؤرخ يف 1037هـ/ 1627-1628م

والأزرق، حوايل ب�لأبي�ض ال�شينية العن��شر امللونة مع ب�لبط�نة الر�شم :10 �شكل

1675م ، كرم�ن، إيران. LNS 130 C، جمموعة ال�شب�ح

�شكل 11: تف��شيل من ر�شم لر�ش� عب��شي، حواىل 1600م من جمموعة اأم�نة الفن

والت�ريخ

Page 18: تايوتحملا رادلا ثيدحdarmuseum.org.kw/wp-content/uploads/2017/09/Hadeeth43Ar.pdf · 2017-09-21 · رادلاثيدح 1 43 ددــعلا ردص ت يتلا »رادلا

حديث الدار34العــدد 43

دائرة المشرف العام

قتيبة

يو�سف

الغامن

المتبرعون

عماد

حممد

البحر

عبدالعزيز

�سلطان

العي�سى

بثينة

م�ساعد

ال�سالح

�سرار

يو�سف

الغامن

جابر

في�سل

ال�سباح

هند حمد

اأحمد

البحر

حممود

النوري

منرية

خالد

املطوع

اأفراح مبارك

العبداهلل

اجلابر

ال�سباح

جنوى

اأحمد

القطامي

نورة

عبدالعزيز

الغامن

بول

ال�سباح

رهام

فوؤاد

الغامن

كبار الرعاة

ن�سراهلل

�سيد ح�سني

بهبهاين

�سفيقة

املطوع

انت�سار

�سامل العلي

ال�سباح

فوزي

م�ساعد

ال�سالح

هالل

م�ساري

املطريي

الرعاةعماد

حممد

البحر