الظاهرة الحزبية في الجزائر.pdf

223
0 ﺍﳉﺰﺍﺋﺮ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺧﺪﺓ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻗﺴﻢ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻤﻜﺎﻨﺔ- ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ- ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﳌﺎﺟﺴﺘﲑ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻟﻨﻴﻞ ﻣﺬﻛﺮﺓ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻓﺮﻉ ﺍﻟﻁﺎﻟﺏ ﺇﻋﺩﺍﺩ: ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺇﺸﺭﺍﻑ: ﺨﺎﻟﺩ ﺘﻭﺍﺯﻱ. ﻤﺯﻭﻱ ﺭﻀﺎ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻟﺠﻨﺔ: . ﺭﺌﻴﺴﺎ ﺒﺭﻗﻭﻕ ﺍﻤﺤﻨﺩ. . ﻤﻘﺭﺭ ﻤﺯﻭﻱ ﺭﻀﺎ ﻤﺤﻤﺩ. ﻋﻀﻭ ﺭﺨﻴﻠﺔ ﻋﺎﻤﺭ. ﻋﻀﻭ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯ ﻋﺒﺩ ﺒﻥ ﻤﺼﻁﻔﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﳉﺎﻣﻌﻴﺔ2005 - 2006

Upload: tafabenbenhammoud

Post on 13-Jul-2016

74 views

Category:

Documents


33 download

TRANSCRIPT

Page 1: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

0

يوسف بن خدةنجامعة اجلزائر ب كلية العلوم السياسية واإلعالم

قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية

الظاهرة الحزبية في الجزائر المستقبل- الممارسة-المكانة–التاريخ

مذكرة لنيل شهادة املاجستري يف العلوم السياسية والعالقات الدولية فرع التنظيم السياسي واإلداري

:إشراف األستاذ: إعداد الطالب

د محمد رضا مزوي.توازي خالد أ

:لجنة المناقشة

امحند برقوق رئيسا . د

محمد رضا مزوي مقرر.د. أ

عامر رخيلة عضو.د

مصطفي بن عبد العزيز عضو. د

2006-2005جلامعية السنة ا

Page 2: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

1

مقدمــة

Page 3: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

2

:مقدمة

تسعى الشعوب واتمعات منـذ األزل، إىل بلـوغ، مـا حيقـق هلـا األمـن وامللفت لالنتباه يف منو اتمعات البشرية، أا تدرجييا استطاعت ، أن تعيد النظر يف ،واالستقرار

فة، وتعترب سلطة امللك املطلقة كإحدى دعائم النظام بعض املسلمات املوروثة عن القرون السال الغريب يف القرون الوسطى، إحدى املسلمات اليت أعيد النظر فيها مع بداية النهضة األوروبيـة،

–حيث سامهت األوضاع الفكرية واالقتصادية املرافقة لتلك املرحلة يف بعث أفكار سياسـية ا األثر البارز يف إحداث حتوالت عميقة يف احليـاة كان هل –روجها مفكرون يف جماالت خمتلفة

وكان أمهها التحول إىل منط سياسي جديد، يكون فيه للربملان الدور يةـالسـياسية واتمع .األساسي

ويعترب جتسيد الربملان السيد بداية حلياة سياسية جديد، متثلت يف إعادة توزيع األوراق

ج فئات جديدة يف احلياة السياسية، بتوسيع منط االقتـراع، ولقـد على مستوى قاعدي، بإدرا ساهم دخول هذه الفئات اجلديدة يف ظهور آليات جديدة، تسري احلياة الـسياسية، وشـكلت اللجان املكلفة يكلة أصوات الناخبني، أوىل هذه اآلليات، ويرجع ظهور هـذه اللجـان إىل

ية لتوطيد نفوذها على احلياة السياسية، وساهم التنسيق الدور الذي قامت به اموعات الربملان بني هذه اآلليات تدرجييا يف ظهور األحزاب السياسية اليت يعرب ظهورها عن بداية عهد جديد،

.هو عهد الدميقراطية التمثيلية

إن التطور السياسي الذي قاد إىل ميالد، األحزاب السياسية، أعاد يف الواقع توزيـع األوراق بني جمتمع سياسي متمرس وجمتمع مدين ناشئ، ومبقتضى ذلك أصبحت معادلة السلطة السياسية والتمثيل الشعيب، رهان جديد تسعى من خالله األحزاب ،للمحافظة على املكتسبات إىل جاءت ا خمتلف الثورات الفكرية والسياسية، وترسيخا لفكرة السيادة الشعبية اليت جتسدها

. قراطيةالدمي

Page 4: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

3

وتعترب األحزاب السياسية، ظاهرة عرفت ميالدها، مع مطلع القـرن التاسـع عـشر وعرفت تنامي سريع، قادها يف النهاية، لتصبح صاحبة الدور األساسي يف األنظمة الـسياسية على اختالف أشكاهلا، لكن امللفت لالنتباه يف هذه الظاهرة، أا مل تعـرف نفـس املـسار التطوري يف مجيع البلدان، وهذا ما خيلق بالطبع، تدبدب يف منو األحزاب وتطورها من منطقـة ألخرى، فهناك من األحزاب ما ميكن القول عنها، إا ذات نشأة أصيلة، ونقصد بذلك أـا عرفت مسار تطوري خاص، قاد يف النهاية إىل تبلورها، وهناك من األحزاب ما ميكن القـول

ا ذات نشأة دخيلة، ويتعلق األمر هنا باألحزاب اليت ظهرت يف البلدان املتخلفة حتت عنها، بأ دفع التجربة االستعمارية وأفكارها، وهذا إما كطريقة الحتواء هذه الشعوب املستعمرة، خبلـق أحزاب سياسية ختدم مصاحلها، وإما بظهور خنب حملية، مالكة لثقافة سياسية، جعلتها تدرك أن

الوحيد للدفاع عن مصاحلها، هو إنشاء أحزاب سياسية متارس النشاط السياسي داخـل احلل النظام االستعماري سعيا منها إىل بلورة االستقالل الوطين من جهة، وتوحيد األمـة حـول

.القضية الوطنية من جهة ثانية

عـرب مـا يـسمى واجلزائر على غرار أغلب البلدان املتخلفة، مل تعرف الظاهرة احلزبية باموعات الربملانية، ونشاطها السياسي، كما حدث يف الغرب عموما، فخضوعها لالستعمار

داخل الدولـة الوعي الوطين جعلها، تعرف هذه الظاهرة بشكل من األشكال ، كنتيجة لتطور اليت بوعي أو بغري وعي استطاعت أن ختلق مفهوم للدولة اجلزائريـة كجـوهر ،واالستعمارية

مغاير، للدولة الفرنسية، ووطدت هذه الفكرة جتربة الثورات الـشعبية الفاشـلة عـسكريا يف .رفضها لدمج األمة اجلزائرية داخل األمة الفرنسية

وتعترب جتربة الثورات الشعبية الفاشلة عسكريا، أهم العوامل اليت قادت اجلزائريني إلعادة

تعمار،حيت بدأ التفكري اجلدي عند النخبة اجلزائرية، يف النظر يف إستراتيجية التخلص من االس حلول جديدة يتم من خالهلا ، كسب حقوق سياسية ومدنية، مساوية لفرنسيي اجلزائر، ويبدو أن فكرة احلزب السياسي الذي أصبح حيتل مكانه عالية يف األنظمة السياسية، أخذت مكاـا

، جلعل احلزب الوسيلة، اليت يتم مـن خالهلـا، لتحدث إمجاع عند خمتلف االجتاهات السياسية

Page 5: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

4

هيكلة خمتلف املطالب يف قالب شرعي ومشروع ، ونتج عن ذلك بـروز عـدة تـشكيالت .سياسية، كان أبرزها التيار الوطين االستقاليل

إن التطور السياسي الذي عرفته اجلزائر أثناء العهد االستعماري، متخضت عنه تعدديـة

ة، عاكسة ومعربة للتباين االجتماعي الذي كان يطبع اجلزائر، وشـكلت ثـورة سياسية حزبي نقطة حتول يف املسار التطوري اجلزائري، فمن جهة وضعت تــلك الثـورة 1954نوفمرب

،أسس الدولة اجلزائرية احلديثة، كما أا أت العهد احلزيب التعددي من جهة ثانية على إعتبار حزاب والتيارات يف جبهة ضد االستعمار ، قصد الوصول إىل هدف أن الثورة مجعت خمتلف األ

مشترك وهو االستقالل الوطين ،ويف الوقت الذي حقق فيه االستقالل كان اجلميع ينتظر العودة عربت اخليارات الـسياسية الـيت 1954إىل التعددية السياسية، اليت طبعت اجلزائر قبل عام

.، القائد للتنمية"الطالئعي" فكرة احلزب الواحدأفرزها مشروع طرابلس، عن تبين ويف وقت إختارت شخصيات االنضواء حتت لواء جبهـة التحريـر الـوطين ، أبـدت شخصيات أخرى رفضها هلذا اخليار ، وسعت بكل الطرق لتغيري ذلك، بطرح نفسها كبـديل

.عن الوضع القائم

يف اجلزائر، عرفت انتكاسة وانتظرت خمتلف املراحل وذا ميكن القول أن التجربة التعددية اليت مر ا احلزب الواحد، وخمتلف التحوالت الداخلية واخلارجية، اليت ميزت احلياة الـسياسية

واإلصالحات اليت رافقتها، 1988واتمعية يف اجلزائر، لتعود إىل الواجهة عرب أحداث أكتوبر عهد التعددية السياسية واملنافسة السياسية احلـرة عـرب واليت مهدت الطريق لدخول اجلزائر،

ولقد شكلت االنتخابات االنتخابات، جتسيد ملبدأ السيادة الشعبية ومبدأ التداول على السلطة، يف الواقع، حقال للتعبري احلر عن الرأي السياسي، من طرف خمتلف الشرائح االجتماعية، وعرب

، قاد يف النهاية إىل أزمـة 1992 لكن ما حدث يف شتاء تشكيالت سياسية متباينة التوجهات، سياسية خانقة، وطرح عدة تساؤالت حول السلطة، وحول حقيقة الدميقراطية، على إعتبار أن هذه األزمة السياسية، كان أوىل ضحاياها التعددية، والسيادة الشعبية، واألحـزاب الـسياسية

دي، وعربت هذه املرحلة عن بداية إصالحات ،كطرف أساسي يف هذا الواقع الدميقراطي التعد .شاملة يف وضع سياسي غري ثابت وواقع أزموي متنامي

Page 6: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

5

: مربرات إختيار املوضوع إن األسباب أو املربرات اليت دفعتين إىل إختيار هذا املوضوع دون غريه ، نابعة عـن

، واليت كانت فيهـا األحـزاب 1988التحوالت السياسية اليت عرفتها اجلزائر بداية من عام السياسية صاحبة الدور األساسي، كما أا نابعة من فكرة فحواها، أن أغلب الدراسات الـيت تطرقت ملوضوع األحزاب السياسية يف اجلزائر تتجاهل الظاهرة احلزبية التعددية أثنـاء العهـد

لسياسية عموما يعترب من بني االستعماري، باإلضافة إىل هذا ميكن القول أن موضوع األحزاب ا املواضيع املهمة، اليت تصب يف قلب النظام السياسي والرهانات السلطوية، وهـذا مـا جيعلـه

.موضوع جديد ومتجدد باستمراركما تأيت دراسة األحزاب السياسية يف اجلزائر، كرغبة فعلية نسعى من خالهلا الوقـوف

ومسار تطورها عرب تفاعل النظام السياسي مـع املـؤثرات على حقيقة الدميقراطية يف اجلزائر، .اخلارجية والداخلية

كما أا تعرب عن رغبة شخصية الكتشاف مدى قدرة األنظمة على التحول من منط إىل أخر دون أن حيدث ذلك أزمة سياسية، زد على هذا أن خمتلف الدراسات اليت إطلعنا عليها، ال

.ة حول األحزاب السياسية يف اجلزائر وتطورها تارخيياتقدم لنا دراسة شامل :أدبيات الدراسات

قد يذهب البعض إىل إعتبار الظاهرة احلزبية عموما، تعبري عن مرحلة تارخيية معينة، يف حني أن الواقع التارخيي والسياسي يؤكدان، أن هذه الظاهرة تعرب عن سلسلة مـن التجـارب

ية، وامللفت لالنتباه يف الدراسات األكادميية اليت أطلعت عليها أـا أغفلـت التارخيية والسياس ذلك، أو مل ترى فيه فائدة ،انطالقا من وجود كتب خاصة درست األحزاب السياسية ونشأهتا، لكنها مل تربطه مع الواقع التارخيي اجلزائري خاصة، والعامل الثالث عموما، وعلى هذا األساس

ربط التاريخ السياسي الغريب، الذي يعترب البيئة األصلية، لظهـور األحـزاب إنصب إهتمامنا ب السياسية احلديثة، ومن مث الدميقراطية التمثيلية، مث إنتقال هذه الظاهرة إىل العامل الغـري غـريب، والـواضح عند احلديث عن الدراسات اليت اهتمت باألحزاب السياسية، أا جاءت يف مرحلة

.ب قدرته على الربوز كقوة سياسية منافسة للقوى التقليديةأكد فيها احلز

Page 7: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

6

وإنصب اهتمامنا يف هذا السياق باالضطالع على أمهات الكتب ،اليت تطرقـت هلـذا الذي كان مـن األوائــل Ostrogorski (Moesi) "أوستروغورسكي" ككتـاب املوضوع،

اليـات املتحدة وبريطانيـا يف كـتابـه الذين تطرقوا لنشـأة األحزاب السيـاسية يف الو la démocratie et les partis politique. Paris : édition du seuil, 1979.

حول األحزاب السياسية، وصوال إىل " ماكس فيرب"، و"روبرتو ميشالز"باإلضافة إىل كتابات Maurice Duverger,les partis politiques. France : édition Armond موريس ديفرجي"كتاب

colin, 1952.يعترب كتاب ذو قيمة علمية وحمدث إلمجاع عند خمتلف الباحثني يف هـذا الذي ا Jean Charlot, les partis "األحزاب السياسية " اال كما ال يفوتنا ذكر كتاب جون شارلوا

politiques.2°édition,paris :édition Armond colin,1971.ي يعتـرب حوصـلة ملختلـف والذالدراسات اليت اهتمت بدراسة األحزاب السياسية ، كما نشري أننا سلطنا الضوء على التطـور السياسي التارخيي للمجتمعات الغربية، والغري غربية عرب جمموعة من الكتب اليت إهتمت بدراسة

.النظم السياسية والتاريخ السياسي

فإن املالحظ عنها أا اجلزائر،ناولت ظاهرة األحزاب السياسية يف أما عن أهم األحباث اليت ت نادرة عندما يتعلق األمر بالتعددية السياسية يف حني جند زخم من الكتابات حول فترة األحادية

: Le ‘FLN ’mirage ou réalité.Algerعلى سبيل املثال " حممد حريب"واحلزب الواحد ككتابات

édition ENAL _naqd, 1993. والدراسة الـيت " كمال بوشامة"حول جبهة التحرير وكتاباتحول التطور السياسي والتنظيمي حلزب جبهة التحرير الوطين من " عامر رخيلة "قدمها األستاذ

.1993ديوان املطبوعات اجلامعية ، : اجلزائر .1980 إىل 1962

زبية خاصة، وإمنا أشارت إليها مـن كما استعنا بدراسات أخرى مل هتتم بالظاهرة احل خالل نظرهتا لتطور النظام السياسي اجلزائري ،باإلضافة إىل خمتلف الرسـائل اجلامعيـة الـيت ساعدتنا على اإلحاطة باملوضوع، واخلروج بتصور أو دراسة موضوعية دقيقة تعاجل األحـزاب

.السياسية من عدة جوانب

Page 8: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

7

:إشكالية البحثسياسي للدولة، قاد تدرجييا، إىل بلورة جمموعـة مـن األفكـار املتعلقـة إن التطور ال

بالدميقراطية مثل السيادة الشعبية واملشاركة السياسة، مث املواطنة، وعربت األحزاب السياسية، كنتاج هلذا التطور ، عن رغبتها يف الدفاع عن هذه األفكار، وساعدها يف القيام بذلك دورها

ة السياسية واتمعية، متاشيا مع تطور األنظمة السياسية احلديثة، وـذا فـإذا املتنامي يف احليا كانت األحزاب، تعرب عن تطور األنظمة السياسية، فإن حركية النظام من جهـة، وحركيـة اتمع من جهة ثانية، تؤدي يف النهاية إىل بناء منط حزيب خمتلف من بلد ألخر، ومعـرب عـن

ة خاصة بكل بلد، واجلزائر كغريها من البلدان عرفت تطور سياسـي ظروف تارخيية وسياسي وظروف تارخيية، قادهتا يف النهاية إىل تبين منط حزيب أحادي ،عبر عن فشله تارخييا، وانتـهى بتبين فكرة الدميقراطية التعددية،ويف الوقت الذي كان من املنتظر أن حيدث هذا الوضع ثـورة

وك حول حقيقة الدميقراطية يف اجلزائر يف اجلزائر،وحول حقيقـة وتغريات ،ظهرت بعض الشك إذا كانت الدميقراطية :الظاهرة احلزبية نفسها، ومن مت تأيت إشكالية حبثنا املتمحورة يف ما يأيت

هي املناخ أو البيئة املناسبة لنمو وتبلور األحزاب السياسية، فإىل أي مدى ميكـن إعتبـار ة، عامل من عوامل الكشف عن حقيقة الدميقراطيـة يف اجلزائـر متغرية األحزاب السياسي

ومسار تطورها؟

:األسئلة الفرعية

إذ كانت الدميقراطية تعرب عن السيادة الشعبية ، فإن األحزاب السياسية تلعـب دور ا أا كبري يف هذه املعادلة، ومن مت فهي األداة اليت نقيس من خالهلا درجة دمقرطة النظام، كم

التعبري الفعلي للممارسة السياسية العادية، وعلى هذا األساس تتفرع إشكالية حبثنا إىل جمموعـة :من األسئلة الفرعية

ما هي العالقة بني التطور السياسي الغريب واألحزاب السياسية ؟ • ما هو احلزب السياسي كيف ظهر وكيف تطور، وما هي وظائفه ؟ • خاصية غربية ؟هل الظاهرة احلزبية •

Page 9: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

8

؟1988هل التعددية السياسية يف اجلزائر نتاج ألحداث أكتوبر • كيف تعاملت األحزاب السياسية مع املنافسة السياسية واإلنتخابيـة الـيت أفرزهـا •

؟1989واإلداري لعام اإلصالح السياسي تخابية؟ماهو مستقبل األحزاب السياسية اجلزائرية بالنظر إىل املمارسة السياسية واإلن •

:الفرضيات

من خالل اإلشكالية املطروحة واألسئلة الفرعية اليت رافقتها ميكننا صـياغة الفرضـيات :التالية

إذا كانت الدميقراطية ذات منشأ غريب، فهي يف الواقع تعرب عن البيئة املناسـبة لظهـور •

.األحزاب السياسية وتطورهائر اليوم ،تعرب عن واقع ملموس،فهي يف احلقيقة،ذات إذا كانت التعددية السياسية يف جزا •

جذور ممتدة يف التاريخ السياسي اجلزائريتعرب األحادية احلزبية عن منط سلطوي مشويل ،تتحدد من خاللـه املكانـة الـسياسية •

.والقانونية للحزب السياسيب تقوم األحزاب السياسية يف األنظمة التنافـسية علـى وظيفـة املعارضـة،واألحزا •

اجلزائرية،أرست هذه الوظيفة من خـالل املمارسـة احلزبيـة التعدديـة ملـا بعـد .1989اصالح

إذا كانت األحزاب السياسية ممثلة للمواطن ومهيكلة ملطالبه فهدا يقتضى منها أن متلك •خنب ذات تأهيل سياسي عايل، جتعل احلزب حيتل مكانة سياسـية عاليـة يف احليـاة

.السياسية

Page 10: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

9

: ية البحثمنهج

اعتبار أن املنهجية هي العلم الذي يبحث يف الطرق اليت يستخدمها الباحثون لدراسة املشكلة ب والوصول إىل احلقيقة، وعلى اعتبار أن الفصل بني املناهج العلمية غري ممكن يف البحث العلمي،

جمموعة من املناهج، ، إرتأينا االعتماد على )1(ألن مجيع املناهج خطوات خمتلفة يف منهج واحد .نعتقد أا كفيلة بإيصالنا إىل درجة من الدقة واحلياد العلمي ومن مت إىل دراسة موضوعية

يأيت تركيزنا على هذا املنهج، باعتباره ال يقتصر على جمـرد سـرد املنهج التارخيي الوصـول إىل معرفـة األحداث التارخيية، بل أنه حيللها، ويفسرها يف واقعها التارخيي قـصد

احلاضر، على اعتبار أن الواقع نتاج لتراكمات سابقة، وعلى هذا األساس ميكن القول أن دراسة األحزاب السياسية عموما قادتنا إىل دراسة التاريخ السياسي الغريب ،والتاريخ البشري عموما،

ار التطوري مـرورا لفهم نشأة وتطور ظاهرة األحزاب، كما ساعدنا هذا املنهج على تتبع املس . وجتسيد للتعددية السياسية1989بالفترة األحادية ووصوال لإلصالح السياسي لعام

الذي يهتم بدراسة األوضاع الراهنة من حيث خصائـصها باملنهج الوصفي كما استعنا

يـات أشكاهلا وعالقتها، والعوامل املؤثرة فيها كما أنه يشتمل يف الكثري من األحيان، على عمل التنبؤ مبستقبل الظواهر واألحداث، ولقد ساعدنا هذا املنهج يف الوقوف على الظاهرة احلزبيـة التعددية يف اجلزائر، خالل العهد التعددي وخالل الوضع األزموي ومن خـالل املمارسـات،

.االنتخابية التعددية املختلفة

ف مـنظم ودقيـق حملتـوى الذي يقوم على وص منهج حتليل املضمون باإلضافة إىل نصوص مكتوبة، ولقد استعملنا هذا املنهج يف دراستنا ملختلف التشريعات اجلزائرية والقـوانني

.اليت تعلقت باالنتخابات واألحزاب

.33ص .1999منشورات عبد الالوي ،: ،األردن 2، ط يف مناهج البحث العلمي وأساليبهدكتور سامر حريفج ،وأخرون،- 1

Page 11: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

10

الذي يقوم على معرفة كيف، وملاذا حتدث الظواهر، من املنهج املقارن كما ساعدنا

لبعض من حيث أوجه الشبه، واإلختالف، بغرض الوصـول إىل خالل مقارنتها، مع بعضها ا العوامل املسببة لظاهرة معينة، وينطلق هذا املنهج من مبدأ، أن تشابه الظروف قد يـؤدي إىل نفس النتيجة، ولقد استعنا ذا املنهج يف دراستنا لتطور ونشأة الظاهرة احلزبية يف العامل الغريب

مدنا عليه يف بعض املالحظات املتعلقة بتطور النسق احلزيب يف بلدان والعامل الغري غريب، كما إعت .أخرى مقارنة باجلزائر

كما حاولنا اإلعتماد على اإلقتراب البيئي الذي يركز علـى تـأثري البيئـة الداخليـة

واخلارجية، يف عملية النشاط السياسي والتطور السياسي عموما حيث الحظنا، تأثري األوضاع .دولية والتحوالت السياسية واالقتصادية، يف خمتلف البلدان، على النسق السياسي اجلزائريال

أما بالنسبة خلطة البحث فارتأينا وبالنظر إىل ما أتيح لدينا مـن معلومـات وإسـتنادا إىل الفصل األول اإلشكالية والفرضيات، مت تقسيم املوضوع إىل مقدمة و ثالث فصول تناولنا يف

طار النظري ، املتعلق باألحزاب انطالقا من التاريخ السياسي الغريب والغري غريب ، وتناولنـا اإل .هذا الفصل يف ثالثة مباحث

.انتقال اتمعات الغربية حنو الدميقراطية التمثيلية : املبحث األول

.ري واملمارسةاألحزاب السياسية يف الغرب بني التنظ : املبحث الثاين

. التجربة احلزبية خارج العامل الغريب: املبحث الثالث

فنعاجل فيه التطور السياسي التارخيي لظاهرة األحزاب السياسية يف اجلزائر يف الفصل الثاين أما .ثالث مباحث

.األسس السياسية والتارخيية لألحزاب اجلزائرية : املبحث األول

.التجربة احلزبية األحادية وإفرازهتا : املبحث الثاين

.1988مسار الدمقرطة يف اجلزائر بعد : املبحث الثالث

Page 12: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

11

فندرس من خالله الوضع األزموي والرهانات احلاليـة واملـستقبلية أما الفصل الثالث :لظاهرة األحزاب السياسية يف اجلزائر عرب ثالث مباحث

. التبعات السياسية املرافقة لتوقيف املسار االنتخايب:ملبحث األولا

. املمارسة احلزبية بعد اإلصالح الدستوري: املبحث الثاين

. الوضع احلزيب ومستقبله يف اجلزائر: املبحث الثالث

راسـة، قياسـا ويف النهاية ستكون اخلامتة اليت تتضمن النتائج املستخلصة مـن الد .بالفرضيات واإلشكالية املطروحة

Page 13: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

12

الفصل األول المنطلقات النظرية والتاريخية .لظاهرة األحزاب السياسية

Page 14: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

13

يعة النظر عن طب بصرف إن األحزاب السياسية ظاهرة تعرفها كل اتمعات وكل البلدان أوحمصلة بقدر ما هي تعبري ،لكن هذه التجربة ال ميكن إعتبارها نتاج لفكر معني ، النظام احلزيب

.لتجارب سياسية خاصة وترتبط األحزاب السياسية بالدميقراطية فبفضلها ترتقي وبغياا تصبح غري فعالة أو تتحول

رض سنحاول أن نعاجل هذه الظـاهرة و هلذا الغ ، الذي هو متثيل املواطن ،عن مسارها احلقيقي بالتطرق أوال إىل نشوء الدميقراطية اليت هي احلقل الذي تنشط فيه األحزاب السياسية وتتبلـور

الـيت ،من خالل دراسة التطور السياسي والتارخيي للمجتمعات الغربية حنو الدميقراطية التمثيلية وذا نكون قد وضعنا اإلطار الـذي ،وفيه األحزاب السياسية ،تعترب األساس الذي نشأت منه

مث دراسة األحـزاب يف ،يدفعنا إىل حتديد مفهوم األحزاب السياسية والنظريات املفسرة لنشأهتا ياسية ومدى ـات اليت حتدد نشاط األحزاب الس ـتلف التصنيف ـخبالتطرق مل احلقل السياسي

السياسي وتفاعلـه مـع النظـام فعاليتها مث االجتاهات اليت يأخذها النظام احلزيب داخل احلقل ويف النهاية حناول دراسة الظاهرة ، وصوال إىل الوظائف اليت يناط ا احلزب السياسي ،السياسي

و خصائصها ، نشأهتا وتطورها ،احلزبية يف العامل الغري غريب كتجربة دخيلة على هذه اتمعات و من ،الفعالية يف هذه اتمعات واملعوقات اليت حتول دون بلوغ األحزاب السياسية درجة من

. صعوبات التحول الدميقراطي يف هذه املنطقةمت

Page 15: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

14

انتقال اتمعات الغربية حنو الدميقراطية التمثيلية: املبحث األول

إن املالحظ عن احلياة البشرية أا خطت خطى عمالقة منذ أن فكـر بـين البـشر يف وبعيدا عن النظريات املفسرة لنـشأة ، احلياة اإلجتماعية وتنظيم ،التجمع من أجل توفري األمن

التارخيية األوضاع وتؤكد ، أن حياة الشعوب كانت دائما تسري حنو جمتمع مثايل يالحظ ،الدولة رغم جناحه فكريـا يف ، أن التفكري البشري مل يرقى إىل حتقيق ذلك يف أرض الواقع ،واتمعية اليت عاشتها اتمعات يف جتارا السياسية من طغيان اساتاالنتك ومل حيدث ذلك نتيجة ،ذلك وسامهت احلروب بقدر كبري يف عـدم ،ومن إقصاء لفئات سياسية ، وانفرادها باحلكم ،أقليات

كما سامهت فواعل أخرى يف تأخري تفكري فعلي يبعث ممارسة سياسـية ،تبلور منوذج سياسي هذا احلال ويف وضع راكد حىت عهد النهضة اليت وظلت اتمعات الغربية على ، تشرك اجلميع

كمـا بإعادة النظر يف خملفات القرون الـسابقة ،شكلت حلقة مهمة يف تاريخ هذه الشعوب صـفحة جديـدة يف حيـاة هـذه يف فتح سامهت خمتلف األوضاع اليت رافقت تلك املرحلة

.اتمعاتبدأ يتفاعل مع الفكر السياسي املتمخض وبدا من الواضح أن التطور السياسي هلذه املنطقة

وتدرجييا إجتهت اتمعات الغربية إىل بلورة منوذج سياسي حـديث ذو ،عن النهضة وإفرازهتا اليت إستطاعت أن تفرض نفسها مع اية القرن الثـامن ، وهو الدميقراطية التمثيلية ،بعد قدمي

.دميقراطية فيهاونشأة ال ،عشر بعد غياب يرجع إىل التجربة اإلغريقية ملختلف التجارب السياسية اليت عرفها الغرب خالل ، وتعرب الدميقراطية التمثيلية عن حمصلة

مارسـة الـسيادة مبنتاج لرغبة اإلنسان يف بلوغ مستوى حيقق فيه أمانيه كما أا عدة قرون يت مرت ا اتمعـات وعليه فما هي الظروف واملراحل ال ،الشعبية اليت تنادي ا الدميقراطية

التمثيلية؟الدميقراطيةالغربية حىت تبلور منوذج

Page 16: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

15

من دولة املدينة إىل الدولة امللكية املركزية القوية: املطلب األول

قد يذهب البعض إىل إعتبار هذه العمليـة ، ما حيدث يف الطبيعة من حتوالت بالنظر إىل التحـول وأري ـ ألن التغي ، ذلك يفند ني أن الواقع يف ح ،ا الطبيعة دون سواها ـصفة تنفرد

ة يؤثر فيهـا إنطالقا من كون اإلنسان فاعل يف هذه العملي ،حياهتمعين بدرجة أكرب البشر و ي قدموعـة ةيزمم لتصبح وحدة ،راكم مع مرور الزمن وحبكم ذلك يصنع أحداث تت ،ويتأثر ا . تاريخ مشترك تصبح مبرور الزمن يف بيئة جغرافية وإجتماعية معينة،بشرية ما حلقة جتارب تدخل يف إطار البناء السياسي ،ويشكل التاريخ يف حياة األمم واتمعات كما قـد تعـرب عـن ،انتقال نوعي عن قد تكون معربة تجاربه ال ذ ه أنعلما ،واتمعي لقةـباحل سميتهالتجارب يف ما ميكن ت هذه وتندرج،ه اتمعات ذ ه رات مرافقة لتطو إنتكاس

خبلق اطر سياسـية ،اة أفضل ـ حي الرامي إيل حتقيق سعيهاو ،عات البشرية ـالتطورية للمجتم .األمن داخل جمموعة سياسية وجمتمعية منظمةوجمتمعية، تكفل

ه الغاية،املتمثلـة ذعن ه ، الدميقراطية بعيدا عن كوا منوذج سياسي فريد من نوعه تعربو )1(دميقراطيـة ي تدعم فكرة امليل الطبيعي عند اإلنسان لتبىن قـوانني فه،األمن واإلستقرار يف

ميع اجلسعى ي النموذج الذي الدميقراطية تكون اذتكفل له حد أدىن من األمن واالستقرار،و وـ اهلدف الذي " فهي على حد تعبري أحد الفقهاء ،إىل تبنيه أو استنساخه أو حىت تطويره سعى ت

عـام اللك وامل التعبري الفعلي لإلرث املشترك الدميقراطيةم كوا أي حبك ،مجيع الشعوب لبلوغه ."يتقامسه اجلميعالذي

ومنوها بصفة فعلية يف ، فالدميقراطية نتاج لتمازج جمموعة من التجارب التارخيية والسياسية أدى إىل بروزها كنموذج سياسي شبه طوباوي يكفل درجـة مـن األمـن ،العصر احلديث

عمـا يـدور مـن رظ، وبصرف الن شرك اجلميع أواألغلبية يف إختاذ القرارات وي ،رارواإلستق الالزمة أا تضع األطر ،يف كل ذلك فإن األهم ،قدرة الدميقراطية على حتقيق ذلك ،حول شكوك

والكفيـل ، النموذج السياسي الناجح من امن وقرار،وهدا ما جيعلها ما يصبوا إليه البشر لتحقيق .لشعوب غاية ا بتحقيق

1 -Raymon Polin la République entre démocratie sociale et démocratie Aristocratique, France : PUF, 1997.p23.

Page 17: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

16

يعود بنا يف الواقع، إيل الظروف التارخيية، مث ، احلديث عن الدميقراطية اليوم أن واحلقيقة النموذج السياسي الذي يسعى اجلميـع حاضرا اليت قادت إىل اعتبارها ، األسباب والعوامل إيل

آليـات ،رخييا تا ت وطور ت وضع اليت أثينا تجربةب ة،الدميقراطية كنموذج مقرون ف بلورته،إىل أرسى قواعد ،نظام سياسي وجمتمعي خبلق،الشعب كمعطى حقيقي وفعلي فكرة حكم جسدت

.جديدة ملمارسة احلكم واإلستمرار فيه مرحلة صـعبة حقبـة تارخيية مهمة يف حياة األثينيني،ألنه جاء بعد نويعرب هدا البناء ع

احلاكمة،كما أنه جاء حتت دفع حركة ميزها تأزم سياسي وحكم قمعي مارسته االرستقراطية بأثينا استجابة للمطالب الشعبية ورغبة يف بعث عاتقها ضرورة النهوض على أخذت إصالحية

كأسـلوب الدميقراطية عهد جديد مسح بتبلور ذا دخلت أثينا و،) 1(ومساواةنظام أكثر عدل .األثينية ميقراطيةالدللحكم حتت دفع جمموعة من احلكام تركوا بصماهتم يف التجربة

األثـيين يف *شراك املواطن ،إل الفعلية احلكام إرادةوترجع جذور الدميقراطية األثينية إىل حيـاة ، ملدينة أن احلياة يف ا فكرة مفادها ،انطالقا من عليهم القضايا السياسية املهمة املطروحة

مت ومـن ،النظام العـام وأي حدث خارجي له من األثر ما قد خيل ب ،يشترك فيها مجيع األفراد األثـيين القواعد اليت يقوم عليها النظام أهم،وعلى هذا األساس فان مستقبل املدينة وإستمرارها

.سلطة التقرير النهائية بيد املواطن أنمتاشيا مع مثل هذا النمط السياسي الذي جيسد املشاركة السياسية للمواطن،يف احليـاة و

تناط كل واحـدة منـها **ت قواعد نظام يرتكز على ثالث هيئات السياسية،وضعت أو أرسي يأيت على رأس هذه اهليئات الس الشعيب أو اإلكليزيا باعتباره سلطة تقريرية بدور خاص ا،و

أو وضـعهم اإلجتمـاعي ، جتمع كل املواطنني االثنني على اختالف انتمائهم الطبقـي هيئةو .تكريسا ملبدأ املساواة السياسية

ول هلذه اهليئة مناقشة القضايا املطروحة علـى خ، ي سد يف دولة املدينة النظام ا ى مبقتضو ينتـهي أن القرار،علـى اختاذجيمع املواطنني ويعطيهم احلق يف التدخل قبل ،جملسيف احلكام

يأخذ بـرأي على أن ) 2(،مواطن كحد أدىن 5000 سري من طرف أو علينالنقاش بتصويت

.105ص. 1999 ،الرغائبدار: اجلزائر،3الطبعة , الوجيز يف تاريخ النظم ،دليلة فركوس / - 1 ينينيثأ أم سنة أو أكثر و قام خبدمته العسكرية و مولود من أب و 20هو الرجل الذي بلغ : املواطن األثيين *

يف ما خيص هذه اهليئات ميكن احلديث عن االكليزيا،واحلكام ،والبويل **2 - Dictionnaire de la langue française Encyclopédie et noms propres, France : 1994. p 586-587.

Page 18: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

17

يفترض أا قرارات كـل ،حيث النظر عن العدد اإلمجايل للمواطنني بصرفة احلاضرة األغلبي .الشعب األثيين

االكليزيا أساس النظام الدميقراطي األثيين، ألا تعطي للمواطن األثيين فرصـة تكون ذاو لدميقراطي كركيزة أساسية للنظام األثيين ا ، إستنادا إىل فكرة حكم الشعب بالشعب املشاركة ،

،ومالـك جلميـع يف هرم سلطة دولـة املدينـة هيئة عليا ، شعيب أو اإلكليزيا الس ال ويعتربحملاكم فيمـا و إىل ا ،حكام عندما يتعلق األمر بالسلطة التنفيذية ـ إىل ال هافوضي اليت،السلطات

و إختـاذ ،ما أن للمجلس مهام أخـرى كتـشريع القـوانني ـك ، ائيةـخيص السلطة القض .* مبساعدة الس احملدد أو البويل)1(راراتالق

يف دولـة األثينيةذا ميكن القول أن القرن اخلامس قبل امليالد شهد ظهور الدميقراطية و

ال ميلكون أو ال يتمتعـون بـنفس احلقـوق ، ساكن 400000 ما يقارب يقطنها " مدينة"حقوق سياسية ومن مت فهم أصحاب ،)2( حبق املواطنة هممن 40000، حيث يتمتع والواجبات

من و حبكم أصلها أو جنسها أو طبقتها،فئات أخرى من صف املواطنة تقصييف حني ،ومدنية ،ألا حترم فئات من املشاركة يف احلياة السياسية اليت تنادي ا الدميقراطية مهدره مت فاملساواة .السياسية

جاهل اخلطوة العمالقة اليت خطاها األثينيون لصاحل ال ميكن أن ننكر أو نت الوقت يف ذات تبنت نظام سياسي قـائم علـى ، دولة مدينة منظمة ومتطورة ،فألول مرة يف التاريخ ، اإلنسانية

وأكـدت أن الدميقراطيـة ، أرست قواعد الدميقراطية احلديثة بذلكو،السلطة التقريرية ملواطنيها .و منظمميكن أن تنمو وتتطور يف نظام سياسي مهيكل

تفـاعالت سياسـية ،انه وليـد لدميقراطية املباشرة يف أثينا املالحظ عن تطور ا على إرساء الدميقراطية،يف وقت لعبت وحىت فكرية،حيث ساعد االجتاه اإلصالحي ،واقتصادية

االتصال التجـاري النـشط م ساه بينما جماالت خمتلفة، تنمويا يف فيه األحوال االقتصادية دورا

1 - David Marcel ,la souveraineté du peuple, paris, presses universitaires de France, 1996. p05.

عضو من رجاهلا عن طريق 50 سنة تعني فيه كل قبيلة 30رهم مواطن تتجاوز أعما500 هو هيئة تتكون من ، أو الس احملددالبويل * . و يكلف هذا الس بدراسة املشروعات املطروحة على الس و حتضر أعمال اإلكليزيا،القرعة

كتاب وأحباث التاملركز العاملي لدراسا:،طرابلس2،دراسة حتليلية،ط املعاصرةةأزمة الدميقراطية الغربي الصديق حممد الشيباين،- 2 . 73ص .1990األخضر،

Page 19: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

18

حول طبيعة النظـام ساحة للنقاشو ،وتنوعها جعل أثينا مركزا لتضارب األفكار السياسية لىعذا تكون قد و، طبيعة احلاكم والصفات اليت ينبغي أن يتحلى ا مث ،السياسي املناسب أو األمثل

وينضج متاشيا مع النمو الـذي ي مسحت للفكر السياسي اليوناين أن ينمو ـهتيأت الظروف الت .األثيين السياسيه النظامعرف

الباب لتطور أثينا سياسيا، حتددت يف األفق معامل دولة حويف وقت كان هذا االستقرار يفت ،فكان أن انقلب هذا الطموح إيل نكسة بايار سعت إيل توسيع نفوذها علي حساب جرياا

. مع االيار السياسي للدولةةالتجربة الدميقراطية األثيني حتول يف احلركة ،وعن من جهة تراجع ملسار الدميقراطية يف الواقع عن أثينا ط ويعرب سقو

فزوال النظام األثيين القائم على السلطة التقريرية للمـواطن ، من جهة ثانية اإلنسانيةالتطورية ا،إذ دميقراطية أثينل خمالفعهد جديد،وبداية ،قة تطوريةـيعرب بشكل من األشكال عن اية حل

،متكنت يتزامن ايار النظام األثيين تارخييا مع بروز روما كقوة سياسية بديلة عن دولة املدينـة .2مبرور الزمن من بسط نفوذها علي وسط وغرب أوروبا،وتكوين إمرباطورية مترامية األطراف

يـؤثر ذلـك تتوسع دون أن ،متكنت أن بيد أا ، دولة مدينة مثلها مثل أثينا ا وتعترب روم اغرار أثين على يف التطور السياسي والتارخيي لروما،أا الواضحو ،واستمرارهااستقرارها على عرفت يف مراحل تطورها أشكاال خمتلفة للحكم ،كمامرباطورية إلا بناء قبلمراحل بعدةمرت

يل الطغيان حدث عرب عن نقلة نوعية، بالنظر إ اجلمهورية كانت فيه ،وأوضاعا دستورية متباينة إيل إن مل ترقـي اجلمهوريـة كنظـام وحىت الذي رافق حكم االرستقراطية وامللكية املطلقة،

للمـواطن خيولوضعت معامل نظام قائم علـي اـالس، أا إال ،مستوي الدميقراطية األثينية . هتم اجلمهوريةيت الاألمورالروماين التدخل يف

إيل تطـور النهايـة استقرار نسيب قاد يف إحداثيد علي مسح النظام السياسي اجلد لقد و ومن خالله دخلـت رومـا عهـدها ،طلقاملكم جسد احل ، مث إيل بناء سياسي جديد لشام

)1(اإلمرباطوري كان يتماشي مع التحوالت اليت شـهدهتا خـالل العهـد ، التطور الذي عرفته روما إن أصبحت تدرجييا سياسية ةمو ممارس ـ مسحت بن وري،أين تعددت االس الشعبية اليت ـاجلمه

2

.138 -137 ص،مرجع سابق ، دليلة فركوس- 1

Page 20: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

19

وامللفت لالنتباه يف هذه االس أا كانت متنوعـة ∗،حمورا مهما يف حياة املواطـن الروماين ـ يف اعلـي هـرم الـسلطة ،جملـس ويأيت،ةبتنوع الطبقات املوجودة يف اجلمهورية الروماني

وتأخذ االقتراحات اليت يبـديها ، واحد يف وقت ةالشيوخ،الذي يعترب سلطة استشارية وتقريري ويف حالة احلرب واألزمات حيق له تعيني حاكم متنح له كل الـسلطات ،طابع األوامر النافذة

منح اوكتافيوس احلكـم ، ف أن تأزم الوضع ،بعدةـهذا ما حدث فعال يف اجلمهورية الروماني و مبـا ، دور االس الشعبية ىالذي أ ودخلت معه روما عهد احلكم املطلق، ، إمرباطوراونصب

فيها جملس الشيوخ الذي أخذ الدور االنتخايب املمنوح للمجالس الشعبية بعـد أن اسـتحوذ .أوكتافيوس على سلطة التقرير

بالنظر إىل حياة اجلمهورية الرومانية ميكن القول أن احللقة التطورية اليت عرفتها رومـا فاجلمهورية كحدث جديد الس الشعبية نفسها عربت عن واقع سياسي كان موجود داخل ا

طبيعة اـالس الـشعبية إيلبالنظر قواعد نظام مل يرقى إىل مستوى الدميقراطية األثينية تأرس ويتجلى ذلك )1( ، األشراف والعامة تغيب املساواة داخل االس بني أين وطريقة االقتراع فيها،

الشيوخ اليت توضح أو توحي مبعامل دولة أوليغارشية بوضوح أكرب عندما ندقق يف تركيبة جملس وظنت أن اجلمهورية ، املتكررة افشلت فيها العامة من فرض نفسها رغم حماوالهت ، أرستقراطية

يف حني أن الواقع أكد عكـس ذلـك ، ستمنحها ولو جزء ضئيل من السيادة الشعبية املعلنة اب ــ تسمح بدمقرطة االنتخ آلياتلق خت مل اليت ، أثبت الرتعة األوليغارشية هلذه اجلمهورية و

وآماهلم يف أن ،ن ـويبدو أن إعالن اإلمرباطورية وضع حد ائي لطموحات الرومانيي ،وحتريرهايـة اإلمرباطوريـة )2(م476شكل تاريخ يف حني ،تكون السيادة هلم فعال يف يوم من األيام

ـ اإلمرباطورية مرتن ،بعد أ قبائل الربابرة اجلرمن علي يد ،الرومانية صراع علـي العـرش ب .،مث انقسام اإلمرباطورية إيل نصفني ياإلمرباطور

يف الواقع التباين الذي كانت حتويه د عن عهد جديد جس ببالنسبة للغر التاريخ اويعرب هذ هم اإلفرازات اليت أعقبت سقوط روما ،كانت اإلمارات واملقاطعـات أاإلمرباطورية الرومانية،ف

مل يكن خيتلـف يت مهدت الطريق لربوز امللكية يف أوروبا، واحلقيقة أن النظام امللكي آنذاك، ال

.هو الرجل احلر املولود من أب روماين أو اكتسب لقب املواطنة حبكم تأدية خدمات لصاحل اجلمهورية: املواطن الروماين ∗ العربية للطباعة و النهضةدار : بريوت لبنان،لعصورالنظم السياسية عرب ا ، حممد علي القوزي، أمحد أمني سليم، حممد سعيد عمران- 1

.144ص . 1999، النشر .11ص .1987 ،دار النهضة العربية للطباعة و النشر: لبنان،2ط،تاريخ العصور الوسطى األوروبية و حضارا ، جوزيف نسيم يوسف- 2

Page 21: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

20

ومل يكن هناك فارق سياسي بارز بني قبيلة يتوىل أمرهـا ملـك ،عن القبيلة ونظامها اجلماعي ومل يكـن ،فامللك كان ممثال للمجتمع الذي حيكمه ال سيدا عليـه ، وبني قبيلة ليس هلا ملك

مسحت ،الناشئة باململكات اليت أحاطت لكن الظروف امللكي استبدادي يف بداية األمر احلكم بـىن إرسـاء قصد ، سياسي جديد،حتت دفع النظريات اليت روجها الفكر الكنيسي طبنمو من

الرببرية املعتنقـة مع الشعوب الرومانية مج الشعوب تد خلق روابط جتماعية جديدة تساهم يف ا .للمسيحيةأمنـاط جمتمعيـة باململكات الناشئة،سامهت تدرجييا يف بعـث أحاطت الظروف اليت ن إ

ـ ،ر عنها الرتوح حنو القرى حبثا عن األمـن بوسياسية جديدة، ع ة ونـشأ عـن ذلـك طبق شـعر إقطاعية معامل ارستقراطية خاضعة،لطبقة اغين ومالكة،تطورت مع مرور الزمن، لتضع

،وهذا ما حدث فعال ، حيث سامهت ثـرواهتم يف اكرب نفوذق هلم ن تعاوم سيحق أ ب ،أفرادها أم اعتقدوا مع مرور ىت،حن اإلعاشة والتموي وحىت ،استحواذهم علي شؤون القضاء والدفاع

. ينازعهم فيها أحد ال الزمن أا صالحيات ناشئة عن حق طبيعي بتقارب بعـض تدعمت و ، بان االرستقراطية تكونت دإيل االعتقا )1(ويذهب املؤرخون لالزمة لتوطيد الـسلطة ، الذي خلق الروابط ا الناشئ اإلقطاعي من النظام وبإسهام ،العائالت

استعاضت عن اجلمهورية الرومانيـة قد ة،وذا تكون اتمعات الغربي اإلقطاعيةاالرستقراطية االني الزمين ا يف نفوذهوسعت والكنيسة اليت ،واإلمرباطورية بنظم جديدة هي امللكية الناشئة

وناتج عن ضعف السلطة املركزيـة ، باإلضافة إىل بروز اإلقطاع كنظام هيمنة بديل والروحي، .للمملكات الناشئة

كان ،ةالربابر حكم أن الرومانية يوحي اإلمرباطورية احلديث عن الغرب بعد ايار إن ـ ،الفوضىيف الواقع يعرب عن بداية لنوع من بالنـسبة ة لتحـوالت جذريـة كما يعـد بداي

يـأيت ، اقتصادية واجتماعية بديلة بظهور بىن ،واجتماعيا ،لمجتمعات الغربية ومنوها اقتصاديا ل ومـن ، من خالل كتابات جمسدة للحكم املطلق ، الكنيسة علي الوضع العام ةعلى رأسها هيمن

ركود يف الغرب شهدعدا هذا خالل نظمها اليت كانت مشاة إيل حد بعيد للنظام اإلقطاعي، .ة وحتوالت عميقةـعرف استفاقيوانتظر قدوم شـارملان ل، عديدةجماالت

.71ص . 1991 ،هضة للطباعة و النشر دار الن، لبنان،حضارة أوروبا يف العصور الوسطى ،حممد سعيد عمران - 1

Page 22: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

21

ضع اللمسات األخرية لالندماج العناصر اجلرمانية والرومانية يف وسـط ا و ∗ن ويعترب شارملا إرسـاء أوروبـا بغرض )1( ،حتت راية الكنيسة يف ذلك سياسة توسعية منتهجا ،وغرب أوربا فـرض نفـسه على القوية وشخصيته املتتالية همانية مسيحية، وسامهت انتصارات جرمانية رو

يف دولة أو إمرباطورية تيوقراطية مل تصمد طـويال بعـد ،كمالك للسلطتني الزمنية والروحية شجع العديد مـن كان ضعيف الشخصية، وهذا ما "لويس التقى " ألن وريث شارملان ،وفاته

مث ، وجتاوز صالحيات السلطة املركزيـة ،ا اإلمرباطورية على التمرد األطراف اليت كانت حتتويه الدولة الكارلوجنية أو الذي اي عهد "لويس التقي " أبناء الصراع علي العرش امللكي بني انتقال

طـابع **"معاهـدة فـردان " إىل دويالت و إمارات أعطتها ،نقسامهااب "شارملان"إمرباطورية .) 2(رمسي

التطور التارخيي والسياسي الذي عرفته أوروبا ،افرز مع بداية القـرن أنة القول ومجل اهم إفرازاته ثالثـة وأهم مساته التسلط ،عشر، نظام هتيمن عليه الكنيسة واالرستقراطية الثاين

سياسية أنظمة كانت مسرحا لصراعات وحتوالت سياسية سامهت يف بلورة ،مملكات رئيسية .وبا مسرحا ألحداث تارخيية بارزةأور جعلت قوية ،

إلرساء قواعـد ملكيـة ،وبداية اية العزلة بالنسبة الجنلترا يالنورمند الفتح يشكلو أدوار أساسية يف احلياة أوكلت له على رأسها الربملان الذي ،تستند إيل مؤسسات سياسية ،قوية

آل " و "آل سـتيوارت " بـني السلطة ورغم الصراعات اليت عرفتها اجنلترا حول)3(السياسيةإال أن الربملان مل يتعطل و ظـل يلعـب دور مهمـا يف احليـاة ،واحلرب مع فرنسا "تيودور .اإلجنليزية

،ة القويـة ــكيات املركزي ـا مع ظهور املل ـا يف أوروب ـويتزامن بروز إجنلترا سياسي عن األحداث اليت بعيدا و ،معاهدة فردان ملانيا اليت حددت معاملهما ،وأ فرنسا يتوباألخص مملك

موحد أوربا اجلرمانية و الرومانية و حامل اللقب اإلمرباطوري و جامع للسلطتني الروحية و الوضعية : شارملان أو شارل األول األعظم ∗

.حكم أوروبا و وضع معامل إمرباطورية مترامية األطراف .199 ص ،مرجع سابق ،قوزي حممد علي ال،أمحد أمني سليم, حممد سعيد عمران 1و تعترب معاهدة ، و شارل األصلع، لويس األملاين، لوتر، بني أبناء لويس التقي الثالثةالكارلوجنيةم قسمت اإلمرباطورية 843 معاهدة فردان **

إىل ثالثة أقسام اطوريةاإلمرب ألا وضعت معامل أكثر من بلد حيث قسمت املعاهدة هذه ،فردان من أهم املعاهدات يف التاريخ األورويب Le –1 . رئيسية

2-Le petit Larousse Illustré 1999, France : édition Larousse Bordas,1998,p 1741. .137 ،136 ص ،1980 ،مطبعة جامعة بغداد: العراق،تاريخ أوروبا يف العصور الوسطى ، حممد توفيق حسن،عبد األمري حممد أمني - 3

Page 23: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

22

ميكن القول أن الظروف اليت عرفتها أوروبـا يف هـذه املرحلـة ،عاشتها كل مملكة على حدا اية احلروب الصليبية اليت أكـت سامهتكما ة وإقتصادية جديد ، سياسية بىنوضعت معامل

بدأت تطـرح ،ة جتارية نامية بروز بورجوازي علىوإقطاعييها ،إقتصاديات اململكات األوروبية يف ذات الوقت لعبت ، نفسها كقوة إقتصادية بديلة عن اإلقطاع الذي بدا أنه يعيش آخر أيامه

يرمي إيل ، وعي قومي بروزيف ااحلروب األهلية واألطماع اخلارجية للممالك ااورة دورا مهم إيل نـشأة تدرجييا ما قاد وهذا ،ضرورة التوحد والتجمع من أجل مواجهة األخطار اخلارجية

.)1(الدولة القومية يف القارة األوروبية حتت دفع املمالك املركزية اسدة للحكم املطلقحمل فكرة توحيد ، يف االني الزمين والروحي ،ذا حلت الدولة املركزية ذات السيادة و

عن عهد جديد بالنسبة للعـامل وعربت هذه الفكرة ، "شارملان" كما رأينا مع ،العامل املسيحي دعائم توطد، من خالل ترسيخ ممارسة جديدة ، وقفزة نوعية يف تاريخ هذه اتمعات ،الغريب

. حد هليمنة الكنيسة على االني السياسي والفكريتوضعو،الدولة كانـت عن اإلسهامات الفكرية اليت ظهرت حتت دفع الفكر الكنيـسي أـا فاملالحظ

وأكرب دليل على ، بكل الطرق إىل توطيد احلكم املطلق تكما سع ، حول مسألة احلكم حمصورة أن القول نعموما ميك و ، اليت رافقت نظم احلكم املطلق يف أوروبا ،ذلك نظريات احلق اإلهلي

كما حددت بشكل واضح معامل احليـاة ،احلركة املسيحية سامهت بقدر كبري يف كبح الفكر .ز ممارسة دميقراطية وعدم برو،السياسية

وظلت أوروبا على هذا احلال حىت عهد اإلنبعاث الذي يعتـربه البـاحثون يف الـسياسة خاصة فيما يتعلق باملسلمات اليت إرتكزت عليها ، بداية لتحوالت جذرية يف الغرب ،والتاريخ

لدان األوروبية بداية تبدأ حركة النهضة أو اإلنبعاث يف إيطاليا لتعم باقي الب والغربية،نظم احلكم عربت عـن ايـة ،وهذا بتسجيل استفاقة إقتصادية وفكرية وجتارية ،من القرن السادس عشر

.اجلمود الذي عرفته مرحلة القرون الوسطى نقلة نوعية يف حياة اتمعات الغربيـة ألـا )Renaissance( وتشكل مرحلة اإلنبعاث

ـ ـالقيم املوروثة عن الكني من القيود و ، التحرر هتدف إيل حركة بإرسـاء ،اعـسة واإلقطوضـعت ، بديلة ونظم إقتصادية ،مؤسسات سياسية مركزية بديلة عن النظم القدمية التسلطية

.معامل نظام رأمسايل يف مرحلة تكوينية

1 - Michel Kaplan et autre ,histoire médiévale, tome 2, paris : Bréal édition 1994. p 324 - 325.

Page 24: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

23

ة يف يـد وتراكم الثر ل حمصلةكانت أا اليت رافقت هذه املرحلة التحوالت يالحظ عن و إقتصادية ت فتح الباب لربوز تقنيااألمر الذي،ة الناشئة واملستفيدة من التجارة الدوليةالبورجوازي

ساهم بقدر كبري يف تنشيط احلركة التجارية )1( ،جديدة حددت معامل نظام رأمسايل تنافسـي بعث حركة فكرية جديدة أخذت على عاتقها إحياء أو إعادة اإلعتبـار و ،بني الشرق والغرب

. املطموسة من طرف الكنيسة، خاصة اإلغريقية والرومانية،païenneلوثنية للحضارات اـ ،تاريخ القـدمي ـيكتب هلذه احلركة أا خلقت اهتمام بال و يل ونقـد ـ وهـذا بتحل تعليم الئكي حر كما سامهت يف بعث ،والالتنيق يفة اإلغر ـ للفالس ةالكالسيكيات ـالكتاب

فكـرة بـروز و مع ظهور فن الطباعة وإنتشار املعرفة هذا تزامن يكما ،مستقل عن الكنيسة هذه اإلستفاقة ظهور حركة اإلصالح الديين ويضاف إيل ،احلرية كمعطى إنساين ال نقاش فيه

دف تنقية املسيحية من الـشوائب ،اليت قادها اللوتريني والكالفينني ضد الكنيسة الكاثوليكية .)2(العصور الوسطىاليت أحلقت ا وزيفت تعاليمها خالل

فترة إنتقالية يف تاريخ اتمعات الغربيـة ، واإلصالح الديين ثذا تكون حركتا اإلنبعا و متكن من خالهلا مفكروا هذا العـصر ، مجيع ميادين املعرفة يف و ،يف جماالت خمتلفة ونقلة نوعية

كتابات إيل إستنادا ،ل الناس وحكومة لك ، كاجلمهورية واحلرية ،من الدفاع على مفاهيم قدمية وضـع يعيش أن أوربا أو الغرب ا وبدا واضح ،تنديد باحلكم املطلق ، لل الفكر السياسي القدمي

فبعـد أن ، وعلى باب حتوالت عميقة وجذرية خاصة فيما يتعلق باملمارسة الـسياسية ،إنتقايل متكن من بعث نظـم ،عايش الغرب دميقراطية أثينا ومجهورية روما مث مرحلة فوضى وإنشقاق

،سياسية طابعها التسلط واالستبداد وميزهتا األساسية اهليمنة من خالل املمارسات اإلقطاعيـة .والكنيسية

وعليه فاملسار التطوري الذي عرفه الغرب يوضح بشكل بارز األشواط اليت قطعـت يف ، اليت رافقت كل مرحلـة تاريخ هذا اتمع واخلصوصيات اليت قادت إىل وضع البىن السياسية

.ويبدو أن املراحل القادمة ستوضح أكثر العوامل اليت سامهت يف تطور هذا اتمع

.165ص .1984 ،شركة اجلليل للطباعة: دمشق،طبعة الثانيةال ،دراسات يف العلوم السياسية ، حممد إمساعيل حممد- 1

-2 Ils ont fait l’Histoire du monde . De la Renaissance au siècle des lumières, de 1492 a 1789, France : édition Larousse, 2002 .p42.

Page 25: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

24

عهد الثورات واية احلكم املطلق:الثايناملطلب أكدت أن الغرب عمومـا ، األحداث اليت رافقت التطور الغريب يف العصور الوسطى نإ

ـ سة يف الفكر واملمار شهد قفزة نوعية، بوضـوح أكـرب يف عهـد ذلـك رالسياسية، ويظه يف ن، مـا سـامهت القـرو األفكار اجلديدة دورا كـبريا يف جتـاوز حيث لعبت ،اإلنبعاثذات صدى واسع يف حياة ، كانت اإلنبعاث واالقتصادية املرافقة لعهد الفكريةفالنهضة ،ترسيخه

حنـو ع األطر الالزمة لالنتقال لعهد جديد مسح بوض ،،ذلك أا فتحت الباب اتمعات الغربية ⋅.الدميقراطية التمثيلية

خاصة بعد اجلهود اليت ، إجنلترا ميكن مالحظتها يف اخلطوات األوىل حنو الدميقراطية احلديثة ف للوقوف ضد السلطة البابوية،وعمله علي تكريس اإلصالح الـديين "هنري الثامن "بدهلا امللك

،الذي أعطى حريـة الربوتستانيت مث تبنيه املذهب ، عن روما ةليزيبإعالن استقالل الكنيسة االجن يف حتوالت عميقة،كان أمهها يف اجلانب االقتصادي ، أين برزت طبقة ساهمواكرب لإلجنليز،

والعمل علي التغلغل يف احلياة ،جديدة ممثلة يف البورجوازية اليت اهتمت مند نشأهتا بكسب املال أعاقـت للحكم، "لاألوجـيمس "وصول عند باجنلترا أحاطتيت السياسية،لكن الظروف ال

وامللكية املطلقة الـيت أعلنـها ، الصراع بني الربجوازية الناشئة بابتحت زحف هده الطبقة وف .)1( حقوق امللك اإلهلية فكرة بتبنية "لجيمس األو"

األعظـم ، لوثيقـة العهـد يدور حول جتاوز امللك كان جوهر اخلالف أناحلقيقة و تريا،أساسها احل دولة تارخييا معامل وأرست ،واليت حددت سلطة امللك املطلقة ،*"املاغناكارتا" . والنظام الربملاين، السياسية قوقاحلو

،كان الذي كانت تعيشه اجنلترا مع بداية القرن السابع عـشر املتأزم، الوضع أن الواضح و :)2(ساحة السياسية على ثالثة مستويات رئيسية شهدهتا ال ةيعكس يف الواقع صراعات عديد

ـ إلت امللـك ا املستوى السياسي املتمثل يف مقاومة الشعب حملاوال /1 داء علـى احلقـوق عت .الدستورية

،دار الفكر العريب: لبنان،التاريخ األورويب احلديث من عصر النهضة إىل أواخر القرن الثامن عشر ، عبد العزيز نوار،عبد احلميد البطريق - 1 .198ص.1995 فقرة اكترها ختص امتيازات النبالء وبعضها خاصة برجال الدين وجتار املدن، وعشر فقرات حتدد 63 حتوي 1215ة وقعها امللك جون عام وثيق *-

وتوضح صالحيات امللك، وتضعه حتت رقابة الربملان .208ص . 1994 ، مطبوعات الكويت:، الكويتماركسالفكر السياسي الغريب فلسفته و مناهجه من أفالطون إىل ، حممد حممود ربيع- 2

Page 26: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

25

.الربوتستانتالصراع الدموي بني الكاثوليك و : املستوى الديين/2 .البعد القومي الذي عكسته إجنلترا لتحقيق وحدة قومية أكرب/ 3

التارخيية هذه الـصراعات الـسياسية والدينيـة بـني الكاثوليـك األحداثد وتؤك يف الواقع هجرة الكثري من االجنليز حنو العامل اجلديد حبتا عن حرية أفرزت،واليت والربوتستانت

امللـك شـارل مع إستبداد يتزامن التأزم الديين كما، وهروبا من حكم ملكي مطلق ،مفقودةـ والـدخول يف حـرب توسـعية ، بتجاوز الربملان ،لعهد األعظم األول، وخرقه لوثيقة ا د ض

. تكوين وحدة قومية اكربدفسكوتالندا وايرلندا حمبذا العمل وفق سنة 11مدة الربملان يف احلقيقة ،أن امللك مجد رحلةوما مييز هذه امل

تغطـي مساعدات مالية يطلب منه ىت، ح النعقاد ل الربملان لدعوة 1640وانتظر عام ، منظوره ،ل الربملـان انتهي األمر حب و ، السائدة عيف ضل األوضا ، رفضه الربملان وهو أمر نفقات احلرب،

استقاللية و ، اكرب لربملان اجلديد مصداقية ل تأعطو لربملانيوننفس ا أعادت ،ةإنتخابات جديد و ثـالث كل داإلنعقا ية إمكان ،خيول له ومكنته من إصدار قرار لسلطة امللك ندا، جعلته أوسعـ لكن اخلالفات اليت ميزت احلياة الربملانية ، ملكي استدعاء إيلاجة احلات دون وسن ذاكـآن

مل تتقبله األغلبيـة هذا ما ديد، و الفرصة لتدخل امللك من ج أتاحت ،واليت كان جوهرها ديين ـ أمام الـشعب " شارل األول " فضح امللك ت قرر اليتالربملانية " اج مسـي بتحريـر إحتج

بداية و ، ضد امللك وطغيانه كان ذلك إيذانا لثورة اجلماهري والربملان و،)1(" باإلحتجاج األعظم والذي متكن من ، أحد أعضاء الربملان الطهرانيني "كرومويل" حتت قيادة )2( 1642 حلرب أهلية

ـ ،االستبداد امللكي ثار ضد ، جيش حوله يف مجع أعداء امللكية نوات ودامت احلرب عـدة س . "شارل األول" بفوز الربملان وسجن انتهتو

وعودة امللك إىل العـرش ، ويف وقت كان فيه بعض الربملانيون مييلون إىل هتدئة األوضاع وقـرروا عـدم الرغبة، ه هذ كرومويل وأنصاره يف الربملان مل يستحسن بعد إلزامه بشروط

. إعدامهمثووجوب حماكمته ،ح مع امللك ـالتسام

.202. 201، ص ،مرجع سابق ، عبد العزيز نوار، عبد احلميد البطريق- 1

2 -George Langlois, Gilles Villemure ,Histoire des civilisations occidentale, paris : édition Beauchemin, 1992. p209.

Page 27: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

26

وأنصاره تطهري الربملان من كل عضو "كرومويل" يتسىن العمل يف هذا املسار قرر ىتوح يعتربون مـن أكـرب عضو 60 عضو ومل يبقى سوى 143طرد من الس إذ ،مشايع للملك

. من طرف جملس العموم،عدم بعد حماكمة خاصةأخصوم شارل الذي الذي حكم الـبالد حكمـا ،"كرومويل"عامة تأسيس اجلمهورية حتت ز اوتقرر بعده

وأعلن يف ذات الوقت ، أى من خالله السلطات الواسعة اليت كان الربملان يتمتع ا ،ديكتاتوريارزت جملس مل يدم طويال حىت فأ ، توجدد بعد انتخابا الذي حل صراع مع الربملان البدء عن

ل السلطات أمام سخط املعارضة املكونة الذي استحوذ على ك ،أندثر حتت إستبداد كرومويل شارل " وتوىل إبنه احلكم إلعادة امللكية بتنصيب ،اليت انتظرت وفاته و ، من النبالء والبورجوازية

. "جاك الثاين" مث خلفه )1(م1660 ملك على إجنلترا عام "الثاينيادة الفعلية بعد صاحب الس -ويف الواقع حكمهما مل يعمر طويال إلصطدامهما مع الربملان

أدي وهذا ما ،ضد إرادة الشعب ، حول إرادة امللك لفرض املذهب الكاثوليكي -عودة امللكية ألا جاءت دون إراقة الدماء وبدون ، الثانية واملسماة بالثورة ايدة احلرب األهلية إىل إندالع

"مـاري سـتيوارت "ه وإستدعاء ابنت ، الربملان من عزل جاك الثاين الكاثوليكي ومكنت ،عنفعلـى إلزامهــما بعد ارـ لتويل امللك يف اجنلت ،"غوليوم أوف أورنج "الربوتستنتية وزوجها

والقاضي بأن ال يسعى امللـك إىل )2( (bill of right)* اجلديدوقـالن احلقـإع إحترامارية أو منع إعادة التسلط واحلكم املطلق بشكل من األشكال كما ال حيق له إلغاء القوانني الس

سياسـي انتـصار هذه الثـورة واعتربت ،تطبيقها أو اإلنفاق على اجليش دون موافقة الربملان ألن الشعب ممثل بنوابه هـو الـذي إسـتدعى ، ودستوري جعلت من الشعب مصدر السلطة

.ونصبه على العرش امللكي احلاكم اجلديدية يف التاريخ السياسي هلذا البلد علـى تعترب الثورة ايدة يف إجنلترا بداية حللقة تطور و

وحققـت إسـتقرار وقدمت السيادة للربملان املمثل للشعب ، إعتبار أا جاءت بطريقة سلمية مرافـق للتطـور عن ميالد نظام برملاين متثيلـي من جهة يعرب ،وريـمسح بتأسيس نظام دست

احلركة الدميقراطية كاجتـاه رالسياسي الذي شهدته أوروبا يف تلك املرحلة،كما يعرب عن انتصا

1 -Le petit Larousse Illustré 2004, paris France : édition Larousse, 2003. p 1375.

ت واليت صادق عنه غوليوم أوف أورنج وماري ستيوار1688 حتوي احلريات اليت دافع عنها االجنليز يف ثورة 1689 فيفري 13 وثيقة أصدرها الربملان االجنليزي يف * وفحوى هذه الوثيقة أن يتنازل امللك عن حقه يف التشريع لوحده

.173 ص .مرجع سابق, مد إمساعيل حممد حم - 2

Page 28: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

27

، الذي عرفته أوروبا خالل القرنني السابع عشر والثامن عشر ،مرافق للبعث الثقايف واإلقتصادي .وما مسي بعدها بعصر األنوار

سامهت يف إرساء املبادئ األساسية للفكـر واملمارسـة ، ثورة فكرية األنوار عصريعترب و فإن اجلدير بالذكر أن أبرز ، امليادين اليت صب فيها فكر األنوار ورغم تعدد ،الدميقراطية احلديثة

مع العلم أن النقاش الفكـري لتلـك ،امليادين اليت طورها هذا الفكر كانت السياسة والفلسفة .املرحلة كان متعلق بقضايا حقوق اإلنسان والسلطة

بعث هذه احلركـة الفكريـة كما ال ميكن جتاهل الدور الذي لعبته الفلسفة العقالنية يف استنادا على العقل كدعامة أو كمحرك للحياة اإلنسانية ،باضطالعها على العلوم الغري أوروبية

وحىت املـستعمرات ،إنتشار العلم واملعرفة يف مجيع أحناء أوروبا علي ولقد ساهم فكر األنوار .ة لتلك املوجدة يف أوروبا أين ظهرت بوادر حركة فكرية مشا،اإلجنليزية يف العامل اجلديد

ويرون ، القرن الثامن عشر على جمموعة من املبادئ الدميقراطية مفكرواوويتفق فالسفة حول مفاهيم العقل واحلريـة ، عموما و تنحصر هذه املبادئ ،أا كفيلة لتحقيق الرقي اإلنساين

يف حني ،ا مرافقة مليالد اإلنسان أل ، غري قابلة للبيع أو الفقدان مبنظورهم احلريةف ، )1(والتسامح ويشجع فكـر األنـوار ،ميجد العقل ألنه وسيلة لتحقيق احلداثة اليت يسعى إليها فكر األنوار

فادي اخلالفات بتقبل الرأي املخالف ،وتواالستمرار أجل العيش سويا نالبشر مالتسامح بني بين ثورة تقف ضد الـسلطة األنواراء ا تكون احلركة الفكرية اليت ج ذاو،وإن مل اتفق معه حىت

التـسلط ووقايـة مـن ،التجاوزات اليت ميكن أن متارسها السلطة جتسيدا للطغيان املطلقة أو .واالستبداد

حيبذ أغلب مفكروا هذا العصر توزيع السلطات بني عدة هيئات حىت ال يستحوذ عليها و على احلق اإلهلـي أو األنظمـة التـسلطية وهم ذا يرفضون امللكية القائمة ،حاكم أو طاغية

والكنيسة يف وقوفها ضـد حريـة التعـبري ،وحياربون اإلرث القدمي الذي رافق امللكية املطلقة .واستخدام العقل البشري

املفاهيم اجلديدة اليت عرب عنها عصر األنوار مل تكن ذات صدى فكري فحسب أين نإ أا مهـدت الطريـق بل ،زة نوعية يف خمتلف ميادين املعرفة شهدت حياة اتمعات الغربية قف

ولعل أبرز الثـورات ، لتجسدها على أرض الواقع ،لظهور حركات ثورية تبنت هذه األفكار

.297 -296 ص ،مرجع سابق ،حممد حممود ربيع 1

Page 29: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

28

فلقد كان للثـورة والفرنسية، الثورتني األمريكية ،اليت غريت مسار التطور السياسي يف الغرب أا بـادرة أوىل لتطبيـق ذلك ، على اتمعات الغربية تأثري بارز ،األمريكية وإعالن إستقالهلا

ومن مت شجعت حركات ثورية أخرى للنهوض ضد األنظمة امللكية املطلقة ،األفكار املستنرية .يف أوروباوعليه فإذا كان القرن الثامن عشر بداية النهاية بالنسبة للهيمنة الكنيـسية واملعتقـدات

من جهة ثانية بداية لتوجه صريح حنو التفتح الليربايل اإلقتـصادي فإنه ،املوروثة عنها من جهة من اجل بعـث احليـاة ، حتت دفع البورجوازية واحلركة الفكرية اليت قادها األنوار ،والسياسي

الغربية وجتسيد الدميقراطية باإلعتماد على أفكار تقدمية تعيد النظر يف الواقع السياسي واتمعي .القائم يف الغرب

استقالل بفهي حر ،وتعترب الثورة األمريكية التعبري الفعلي هلذه األفكار يف أرض الواقع الضطهاد والقوانني احفة اليت يفرضـها العـرش امللكـي لرفض نعم، لكنها يف الوقت ذاته

علما ،لحرية التجاريةل حمددةقوانني و ثقيلة ضرائب عرب ،ي على املستوطنني األمريكيني ـالربيطاناملستوطنني كانوا يتمتعون حبرية واسعة قبل هذه األحداث من خالل سلطة جملس إستشاري أن

وهذا ما كان يعطي للمستوطنة متمتع بسلطة قوية، ،املستوطننيوجملس متثيلي منتخب من طرف .) 1(مظهر من مظاهر احلكم الذايت واالستقاللية

احلرية املتناميـة إيل احلد، من هذه هتدفوكانت القوانني الواردة من اململكة الربيطانية االمتناع عن ،باختاذ قرار وكان طبيعي أن يقف الشعب وممثليه، ضد هده السلطة ،يف املستوطنة

انه غري واعتربوا ، ممثلني فيه ، مادام أم غري ربملان لندن وقوانينه ل اخلضوع عدم و ،دفع الضرائب .ته السياسيةمنطقي دفع ضرائب إىل بلد دون املشاركة يف حيا

وافرز هذا الـصراع ،وذا يكون األمريكيون قد دخلوا يف صراع مع امللكية الربيطانية وأن أسالفهم ، أدرك من خالله املستوطنون أم أصحاب حق ،شعور باإلضطهاد ووعي قومي

ة للحياة والطبقية احملرك ، وهروبا من القيود الدينية ، مفقودة حرية ا عن استقروا يف هذا البلد حبث ، خاصة بعـد املقاطعـة التجاريـة الصراع بني الطرفني م بإحتدا إيذاناكان ذلك و ،األوروبية

.ةللبضائع الربيطاني

.171 ص ،مرجع سابق الذكر ، عبد العزيز نوار،عبد احلميد البطريق - 1

Page 30: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

29

1776 حرب االستقالل اليت دامت مـن بانطالق ، النهائي ل االنفصا األيام عن وأكدت ـ واستقاللاإلجنليزي وانتهت باستسالم األسطول ، 1783 ىتح بعـد ،ستوطنة كامل هلذه امل

وثيقة ميالد الواليـات املتحـدة األمريكيـة يعترب الذي ،ع الصلح يوقبت استكملتمفاوضات عرفت حدث مهم هـو إعـالن األمريكية بداية حرب االستقالل أن قويشار يف هذا السيا

تـدور يف ،نيةـا وثيقة فحواها جمموعة من األفكار السياسية واإلنـس الذي يعترب ،االستقالل وتؤكد على مبدأ احلرية كحق غري قابـل ،غيانـد الط ـرورة الوقوف ض ـضحول ملها جم

باإلضافة إىل تأكيـدها ، والسعادة ،اةـ كاحلي ،احلقوق ف على جمموعة من ـ كما تق ،للنقاش .على تكوين حكومات عادلة مقبولة من طرف احملكومني

إلجتماعي ألهـايل هـذه ومع التكوين ا ،ويتماشى هذا اإلعالن مع الظروف التارخيية قد مت جتاهل طبيعة هذه املستعمرة املكونة من أوروبيني ،)1( ففي رأي بعض املؤرخني ، املستوطنة

.وحكم الشعب باإلضافة إىل أفكار النهضة واألنوار ، والربملان السيد "املاغناكارتا"تغدو بأفكار ترسـيخ النظـام الرامـي إيل وسعيها ،حدة األمريكية ظهور الواليات املت يدعم هذا االجتاه و

جتسيد ، "فيالدلفيا" قررت اجلمعية الوطنية اتمعة يف حيث ، بوجود حكومة مركزية ،الفيدرايل وسلطة تشريعية مقسمة ، بظهور سلطة تنفيذية بيد رئيس منتخب "مونتسكيو" و "لوك"أفكار

.) 2(مة العلياإىل غرفتني وسلطة قضائية مستقلة خاضعة للمحك

اسيةـرب التارخيية والـسي ا التج ، موعة من حوصلة الدستور األمريكي يف حني يعترب فـصل ب ،ة وسكاا ــات املتحدة األمريكي ـروف الوالي ـوهذا ألنه راعى إىل حد كبري ظ

واألفكار التحرريـة ، وبعث ممارسة دميقراطية تتغذى من حقوق اإلنسان ،الدولة عن الكنيسة األمريكي يف بعض مقوماته على الدستور كما اعتمد الدستور ،"فولتري" و "مونتسكيو"من لكل

والـيت ، عليها احلياة السياسية يف أمريكا تقوم وذا يكون قد وضع األطر العامة اليت ،الربيطاين .إجتهت تدرجييا حنو بلورة نظام دميقراطي تعددي ومتثيلي

الوقوف ضد القوانني اإلقطاعية املهينة للكرامة اإلنـسانية يف إسهامهم ويكتب لألمريكيني لكـن )3(، اليت يـضمها اإلحتـاد 13 واليات من 7 يف 1800جعل اإلقتراع عام بداية من و

.172 ص ،نفس املرجع السابق الذكر - 1

2 - Jacques Néré, précis d’histoire contemporaine, France : presse universitaire de France, 1991. p 187- 188. 3 - Lise Pothier ,Histoire des états unis, Canada : édition modulo, 1987.p 96-97.

Page 31: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

30

بـصرف ،وا إىل مستوى العمل من أجل اإلنسان كإنسان ق مل يرت ،واضعي الدستور األمريكي كانت مكفولة لـألورويب أو صـاحب فحقوق اإلنسان مبنظورهم ،النظر عن لونه أو جنسه

. ذلك فليسو جديرين بتلك احلقوقا وعد،الثقافة األوروبيةواألهم من هذا كله هو ظهور دولة حديثة تتبىن الدميقراطية ومتنح السيادة للشعب عن

وإجتاهات سياسـية خمتلفـة ، وهذا ما يفتح الباب لظهور برملان متثيلي وسيد ،طريق اإلنتخاب اجتهت احلياة السياسية ،إذ وهذا ما حدث فعال ، يف األمور السياسية اليت هتم البالد تبدي رأيها . رئيسياننا بني اجتاهني سياسيمإيل االنقسا

صدى كبري يف أوروبا اليت كانت تعيش ت ذات كان ، أا الثورة األمريكية عن ظواملالح ميكنهم من خالهلا اإلسهام ،مسةحا فترة أظهرت لألوروبيني أم يعيشون حيث،مرحلة إنتقالية

ميكن القول كما ، بفرض األفكار السياسية املروجة يف عصر النهضة واألنوار ،يف عملية التحول دميقراطـي عن الثورة األمريكية أا خلقت ما يسمى باألسطورة األمريكية املتمثلة يف جمتمـع

.نتسكيو والدولة اليت ناد ا مو،قريب من اتمع الذي وصفه روسو ألن هـذا ،وعليه فتأثري الثورة األمريكية ال ميكن حصره يف نقاشات فكرية فحـسب

وعرب عن بداية الصراع بني أنـصار ،احلدث التارخيي خلق مناخ ثوري يف عدة بلدان أوروبية مـع هذا الصراع جسدت فرنسا ميكن القول أن و ، وأنصار امللكية املطلقة ،الدميقراطية احلديثة

ففي الوقت الذي شهدت معظم الدول الغربية حتوالت على خمتلـف ،القرن الثامن عشر بداية معربة عـن احلكـم امللكـي ،نظامها امللكي تعيش وفق نظم قدمية ب فرنسا كانت ،األصعدة

قوى جديـدة عـربت عـن ،شهدت احلياة الفكرية واإلقتصادية تنامي يف وقت ،اإلستبدادي وساعد ، حبكم أا جمحفة ومهدرة حلقوق العامة ،ني السارية رفضها لألوضاع السائدة والقوان

يـك عـن )1(، وإستهتاره "لويس السادس عشر "على تنامي هذه املعارضة ضعف شخصية إدراكـا منـها أن ،إلتحاق الكثري من أبناء النبالء بركب املعارضة املطالبة بالثورة ضد امللكية

إرتكز والء طاملا النظام ما افقد وهذا ،عصرهم ىل مفاهيم النظام القائم قد جتاوزه الزمن بالنظر إ . عليه جعلـت الفرنـسيني ،ومتيزت فرنسا يف هذه املرحلة بطبقية موروثة عن العصور الوسطى ،

ورجال ، إىل الطبقات التقليدية أي األشراف ضافةباإلف ،درجات تتفاوت يف احلقوق والواجبات

-1 Edgar Quinet ,la Révolution , paris : Belin, 1987. p79-80.

Page 32: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

31

مكنتهاو ، بورجوازية حتت دفع التطور اإلقتصادي والتجاري ظهرت الطبقة ال ، والعامة ،الدينم ـساهحيث ،بناء النبالء على املراكز الكبرية يف الدولة أل ةسـنافمصبح ت أنمواردها املالية

، األدب والفلسفةاعتمادا على ، تغذية اجلماهري بالفكر الثوري علىيم وتثقيف هذه الطبقة ـتعلاسـتياء و ، شـديد بؤس متسببا يف ، الوضع املايل واالقتصادي هايف مرحلة اار في ،واملسرح

. املدن واألريافمجاهريي يفصـطدام ا ويبدو أن حماوالت اإلصالح فشلت ألا مل تأيت باجلديد وقادت تـدرجييا إيل

"seyes"سساي"ظهور اجلمعية الوطنية حتت دفع كما قادت إيل ،الطبقات التقليدية مع العامة ،"كلرييـوس إلا"دعي إىل إجتماع مندويب الطبقة الثالثة ومن يؤيدهم من أحرار طبقـة الذي اجلمعية الوطنية إىل إرساء دسـتور هذه وسعت )1(، يف جملس تشريعي ميثل كل البالد ،والنبالء

.جديد يصون حقوق املواطننيخلق جـو سياسـي ، املطلقة أنصار امللكية مع لكن الصراع الذي عاشته اجلمعية الوطنية

ظـاهرات مناهـضة للملكيـة مبعنه ربعمكهرب مسح بانتقال هذا الصراع إيل الشارع، أين 14 بثورة عارمة أسقطت من خالهلا معامل امللكية املطلقة يف وكان إيدانا ،وسياستها اإلقتصادية

ثـورة ال أفرزت كما ،ورافقتها إصالحات واسعة كان أبرزها إلغاء اإلمتيازات ،1789جويلية بوثيقة اإلستقالل األمريكية الكبري تأثرها لوحظ عنها ،نوثيقة حددت حقوق اإلنسان واملواط

وتعترب هذه الوثيقة مقدمة للدستور الفرنسي الذي كانت ،مونتسكيووروسو إضافة إىل أفكار ومل يلقى هذا اإلعالن إستحسان من طرف امللكيـة ألنـه ، )2(رسائه إل تسعى اجلمعية الوطنية

إعالن اجلمهورية ب اجلمعية الوطنية انتهي دخلها يف صراع مع أو ،ردها من صالحياهتا التقليدية ج .الفرنسيةيف ها أبرز كان ،شكلت هذه املرحلة اإلنتقالية يف تاريخ فرنسا بداية لتحوالت عميقة ـ و ،ظهور النوادي وتزايد دورها يف احلياة الـسياسية ،ب السياسي والفكري االني ذه أهـم ه

وكانت النوادي يف الواقع "اجلريوندينينادي " و "نادي اليعاقبة " و ،"نادي الكوردوليه "النوادي والتيارات املوجودة فيها وساهم النقاش السياسي داخل هـذه ،مرآة عاكسة للجمعية الوطنية

املـساواة وفـصل ، احلرية ، يف ميالد دستور متضمن للمبادئ ،ةاجلمعية الوطني النوادي وداخل الـيت أصـبحت مـع ، وإقرار اإلنتخاب كوسيلة إلختيار أعضاء اجلمعية الوطنية ،السلطات

1 - Ibid, p 10-11. 2 - Marcel David ,opcit. p 152.

Page 33: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

32

سياسـية بـني وعاكسة إلنقسامات ،لفكر جديد أساسه احلرية اإلنتخابات اجلديدة عاكسة متطرف معادي وتيار ،حمافظ ينادي بامللكية املطلقة واحد ،اجلمعية الوطنية اجتاهني رئيسيان يف

ضع حد للملكية املطلقة بإعدام ي و ،فرض اجلمهورية أن ي متاشيا مع الظروف طاعاست ،للملكيةحدث هذا واجلمعية الوطنية تعيش إنقسامات ومعارضة شديدة للتيـار ،"لويس السادس عشر "

." اليعاقبة"املتطرف الذي ميثله روادهـا حنو ديكتاتورية كـان أهـم النشأة وذا إجتهت اجلمهورية الفرنسية احلديثة

كل من يهدد مكاسـب بإعدام الذي أصر على حماربة أعداء الثورة دون متييز " روبيس بيري "واـي ، ومعاونيـه "روبيس بيري " قاد إىل تدخل املؤمتر الوطين الذي أعدم األمر الذي ،الثورة

اليت سعت إىل إعـادة "حكومة اإلدارة " عهد دخل فرنسا أعهد الديكتاتورية والطغيان و بذلك لكن الظـروف ، وبسط نفوذها بكبح مجاح اليمني والسيطرة اليسار والعناصر املتطرفة ،األمن

، الذي متكن مـن نابليون شخصية أبرزت ،اليت أحاطت بفرنسا مع بداية القرن التاسع عشر وساعده ذلك علـى ،بفضل انتصاراته على خمتلف القوي اليت كانت هتدد فرنسا كسب شعبية .ا دخلت فرنسا عهد جديدومعه ،ة وإعالن اإلمرباطوريةإلغاء اجلمهوري

أن الثورة الفرنسية كانت بداية لعهد جديد بالنسبة لسائر البلدان األوروبية مجلة القول و فهي ثورة عـن ،ألن نتائجها تعدت احلدود الفرنسية لتصل إىل كل بلد عايش نفس األوضاع

وضد السلطات الواسعة ،كطغيان النبالء ،طاع كل ما كان قائم يف فرنسا من خملفات عصر اإلق كما أـا رغبـة ، وبصورة خمالفة ألوضاع العصر ،اليت ميارسها رجال الدين دون مربر إنساين ومتسكها بسلطات زعمت أا وديعة من ، واستبدادها،لتحرير احلياة السياسية من طغيان امللكية

.عند اهللات بداية لعهد جديد سامهت فيه التحـوالت كان اعموم فالثورات اليت شهدها الغرب

ـ احلرية نقل البورجوازية والنظام الرأمسايل على منواإلقتصادية اليت رافقت صاديمن اال االقت .إىل اال السياسي

وذا يكون املسار التطوري للمجتمعات الغربية ،قد عرف اجتاها تصاعديا قاد مع اية القرن ومتثل فيه الدميقراطيـة الـضامن الربملان دورا رئيسيا ا يلعب فيه ةنظمالتاسع عشر إىل بروز أ

اليت أخدت مكاـا يف احليـاة بعرب ظاهرة األحزا ،الشرعي للسيادة الشعبية املخولة للربملان .الغربية

Page 34: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

33

األحزاب السياسية يف الغرب بني التنظري واملمارسة: ملبحث الثاينا تشكل ،شها اتمع الغريب عن بروز بناء سياسي جديد عربت املراحل التارخيية اليت عاي

فيه الدميقراطية التمثيلية األساس الذي خيول للشعب ممارسة السيادة الشعبية عن طريق برملانات فالتجربة الربملانية يف أوروبا شهدت حتوالت عميقة رافقت خمتلف التطورات اليت عرفتها ،متثيلية

ان سيد منتخب من طرف اهليئة الناخبة اليت إسـتفادت مـن هذه املنطقة و مسحت بربوز برمل و يشكل هذا احلـدث , توسيع منط اإلقتراع لتصبح ذات دور أساسي يف الرهانات السلطوية

بالنسبة للعديد من الباحثني املرحلة النهائية لربوز األحزاب السياسية كتنظيمات سياسية أخذت كانيزمات مسحت هلا بأن تـصبح صـاحبة الـدور على عاتقها تنظيم احلياة السياسية وفق مي

وإحدى عوامـل إسـتقرار النظـام ،و إحدى الفاعل يف احلياة السياسية , األساسي يف اتمع التمثيلية أشكال متعددة من الدميقراطية وتدرجييا أفرزت ،السياسي وإستمراره من جهة أخرى

ذات البعد التنظيمي ومنها ذات البعد فمنها ذات البعد اإليديولوجي ومنها ،األحزاب السياسية و رغم هذا اإلختالف فإن العملية السياسية مل تتعطل ألن التعدد احلزيب كان يعكس ،الوظيفي

و باتت األحزاب من هذا املنطلـق املعـرب , يف احلقيقة تعدد اتمع و إختالفه و تنوع مطالبه ت البديل من مت أضح, الفعلي عن مطالب خمتلف الفئات اإلجتماعية

وسامهت خمتلف التحوالت الـسياسية ،الذي يطرح نفسه باستمرار يف كل املناسبات اإلنتخابية اليت عرفها الغرب يف إعطاء احلزب الدور األساسي و يف جعله أحد الركائز اليت تستند عليهـا

ا جاء نتيجـة لكن بلوغ هذه املرتبة مل يأيت عن طريق الصدفة وإمن , الدميقراطية التعددية التمثيلية لتطور هذه اتمعات كما رأينا سالفا وبصورة أدق يف طريقة نشأة األحـزاب الـسياسية يف

و عليه ما هي العوامل اليت ساعدت على تبلور الظاهرة احلزبية يف الغرب و تطورهـا . الغرب لتصبح ذات دور أساسي ؟

Page 35: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

34

حول مفهوم و نشأة األحزاب السياسية: املطلب األول

إن األحزاب السياسية تعرب يف الواقع عن املرحلة النهائية لتطـور اتمعـات الغربيـة وبداية ظهـور ، على إعتبار أا جاءت يف مرحلة سقوط أنظمة احلكم املطلق ،سياسيا وجمتمعيا

غربية اليت واكبت تطور اتمعات ال ، ولقد كان لألفكار املستنرية ،أنظمة سياسية تنافسية نسبيا كما لعبت هذه األفكار دورا يف إنتشار حركـات ثوريـة ،دورا مهما يف بعث هذه املمارسة

إستنادا ،متخض عنها ظهور وحدات قومية منظمة سعت يف بدايتها إىل ترسيخ ممارسة دميقراطية .)دون أن تناط بالدور الذي جيب أن تقوم به ( ،إىل آليات كانت موجودة تارخييا

مل يلعب دوره التمثيلي الفعلـي ومل يتمتـع ، قدمية يف التاريخ األورويب كآليةان فالربمل وبرملاناهتا بني ،يةـات الغرب ـ اتمع هذا ما جعل و ،ها يف الواقع ـبالسيادة اليت ينبغي أن ميتلك

وانتظرت هذه اتمعات فترة الثورات الشعبية لتشهد حتوالت ،خاضعة وجمسدة للحكم املطلق وسامهت يف بعث املمارسـة ، أعادت النظر يف املسلمات املوروثة عن القرون الوسطى ،عميقة

مل تتوقف عن ،ت قواعد دميقراطية متثيلية ي ومبرور الزمن أرس ، وفكرة الربملان السيد ،الدميقراطية ⋅.التطور دف جتسيد السيادة الشعبية

ع مسار تقدمي بإدراج فئات إجتماعية معينـة إتب الدميقراطية، انه تطور امللفت لالنتباه يف و وهذا ما مسح للدميقراطية التمثيلية أن تكون وسيلة للسلم اإلجتماعي ولتطـور ،يف كل مرحلة

و ذا يكون ظهور األحزاب السياسية مرتبط بانتشار املفاهيم الدميقراطيـة ،األنظمة السياسية وغري ، من جهة أخري اشتها اتمعات الغربية من جهة و باألوضاع السياسية و التارخيية اليت ع

سـتاين "و Seymour Martin Lipset "سيمور مارتن ليبسيت"بعيد عن هذه الفكرة يقدم حسب فاألنظمة احلزبية ،طرح حول تطور األنظمة احلزبية ونشأهتا Stein Rokkan "روكان

واإلقتـصادية مـن جتماعية نتاج الظروف التارخيية اليت أحاطت بالتنمية الوطنية اإل طرحهما،الثـورة الوطنيـة ( واإلنقسامات السياسية املعاصرة اليت تعكس عواقب ثورتني متتاليتني ،جهة

بـالثورة الوطنيـة ،يف حني يقصد ثانيةيف عصرنة اتمعات الغربية من جهة ) والثورة الصناعية ني الثـامن عـشر والتاسـع عملية البناء الوطين اليت غريت معامل اخلارطة األوروبية يف القـرن

وحول جمـاالت سـيطرة ، تسبب ظهور الدول الوطنية يف صراعات حول احلدود إذ،رـعش

Page 36: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

35

كما سامهت ،)1( واألهم من ذلك أا أفرزت صراعات حول القيم واهلويات الثقافية ،احلكومة :الثورة الوطنية يف حدوث إنقسام على مستويان

الذي خلق فجوة بني الثقافة الوطنيـة املهيمنـة ،مشي األول هو اإلنقسام املركزي اهلا وقطاعات اتمع الواقعة يف اهلـامش ، يف األقاليم الصغرية ،واألقليات العرقية واللغوية والدينية

.املقاومة للثقافة الوطنية و فاحلكومـة الوطنيـة الـيت ،أما اإلنقسام الثاين فيتمثل يف الصراع بني الدولة والكنيسة

ركزية والتقنني وجدت نفسها تواجه معارضة الكنيسة الكاثوليكية اليت كانت تسعى عمدت امل يف حـني إحنـازت اجلماعـات ،إىل محاية إمتيازاهتا الراسخة واملوروثة عن القرون الـسالفة

وهكذا كانت اإلنقسامات ،الربوتستنتية إىل القوى الوطنية يف الصراع حول االستقالل الوطين .ينية والعلمانية مصدر نزاع سياسي مستمربني الطوائف الد

فـاهلجرة إىل املـدن ،يف حني تسببت الثورة الصناعية يف صراعات إجتماعية جديدة وقت يف ،وحاجة الصناعة إىل القطاع الزراعي نتج عنه صراع بني سكان املدن وسكان الريف

قسام األساس الذي بين عليه وشكل هذا اإلن ،ظهر صراع آخر بني العمال وبني أرباب العمل ونتج عن هذه الصراعات أمناط وطنية متعددة من الرتاع الـسياسي ،الصراع املاركسي الطبقي

ـ ات ـوأدت ظروف كل بلد إىل أمناط خمتلفة من التحالفات بني قـادة العديـد مـن الفئ .)2(ية ـاإلجتماع و ،تيبية املعاصرة لكن ليبس وقد يظهر أن الوقائع التارخيية هذه بعيدة عن األنظمة احلز

روكان برهنا أن هذه اإلنقسامات موجودة فعال بالنظر إىل ما حدث يف البلدان األوروبية خالل وحتدد األبعاد األربعـة لإلنقـسام املرتكـزات ة،مرحلة تكون الدول الوطنية والثورة الصناعي

، األبعاد يف الشكل التايل اإلجتماعية اليت ميكنها إحداث الصراع السياسي وميكن تلخيص هذه . حول ظهور األحزاب السياسية و تطورها يتالذي يلخص نظرية روكان وليبس

1-Bertrand Badie ,le développement politique, 5éme édition, paris : édition économica, 1994.p 170. 171.

-2 André Akoun et autres, le Robert dictionnaire de sociologie, France : édition du seuil, 1999. p 384.

Page 37: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

36

و يؤكد الباحثان أن تنامي الفئات اإلجتماعية اليت أفرزهتا هذه اإلنقسامات أعطاهـا إمكانيـة حق اإلقتراع العـام حيث ومبنح ،اإلستحواذ على احلياة السياسية قبل توسيع دائرة حق اإلقتراع

ومت ، كانت البنية السياسية قد أخذت مكاا ، عشر التاسعللعديد من األوروبيني يف اية القرن ودخل مقترعون جدد ،تعبئة فئات لدعم اجلماعات احلزبية اليت كانت ممثلة يف الساحة السياسية

ث يف الواليـات عكس مـا حـد هذايف هذه العملية و هم يتمتعون بوالءات حزبية مسبقة و أين مل يلعب اإلقتراع العام دورا يف بروز اإلنقسامات على إعتبار أن هـذا ،املتحدة األمريكية

ومع ذلك عكس ، وألن الفئات اإلجتماعية كانت أقل تباين ،احلق منح منذ البداية لألمريكيني .النظام احلزيب فيها جتارب احلرب األهلية والتحالفات الطبقية

وظهـور ،وذا تكون اإلنقسامات عامل من عوامل تبلور األحـزاب الـسياسية ومن مت ظهرت إمكانية متثيل كـل ، متاشيا مع تعدد اآلراء واملواقف ،توجهات سياسية متعددة

وهذا هو جوهر الطرح املقدم من طرف الباحثان ،الفئات أو احلساسيات يف العملية اإلنتخابية هذا الطرح هو حىت وإن كان يقدم لنـا بـشكل مـن ملالحظ عن ا و ،"روكان"و" تيليبس"

األشكال صورة فعلية ملا حدث يف الغرب ودور الظروف التارخيية يف بلـورة اإلنقـسامات مث .. إال أنه ال يقدم لنا الصورة الدقيقة لظهور األحزاب السياسية وتطورها،األحزاب

الدستوري والعلوم الـسياسية إىل ربـط ظهـور الكثري من الفقهاء يف القانون مييل وهلذا يد وينطلق الطرح ـي لظهور برملان س ـاألحزاب السياسية بتوسيع منط اإلقتراع كعامل أساس

إذ يذهب مـن ، حول نشأة األحزاب السياسية من هذه النقطة بالذات "ديفرجي"الذي قدمه وأحزاب ، برملاين إنتخايب السياسية أحزاب ذات أصل خالله إىل إعتبار وجود شكلني لألحزاب

.)1(ذات أصل خارجي

.

1-Maurice Duverger ,les partis politique, France : édition Armand colin, 1952. p 2-3.

الثورة الوطنية

صراع الدولة مع الكنيسة

صراع الثقافة المسيطرة مع لفرعيةالثقافات ا

لثورة الصناعيةا

صراع المدينة مع الريف

صراع العمال مع أرباب العمل

Page 38: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

37

حسب ديفرجي التطور الذي عرفته اململكات يف : األحزاب ذات األصل اإلنتخايب الربملاين / أ

أصبحت تتقاسم الـسلطة ة فبعد أن كانت مطلق ،أوروبا كان عامل لظهور األحزاب السياسية كان النائب ينتخب بواسطة اإلقتراع الـضيق ، ووفقا لطبيعة احلياة السياسية حينها ،مع الربملان

زد علـى األوروبية، من الناس كان حيق هلم إختيار ممثليهم يف الربملانات ضئيلذا فإن عدد هلو ويف هـذه ،هذا أن الترشح نفسه كان خيضع ألحكام معيارية كاملستوى اإلجتماعي أو الطبقي

.فئات اإلجتماعيةاحلالة نكون أمام برملان منتخب لكن غري ممثل لكل ال متخضت عـن ∗ويذهب ديفرجي إىل القول أن الربملانات كانت حتوى جمموعات برملانية

توافق يف الوجهة أو اإليديولوجية السياسية اليت تعترب احملرك األساسـي لظهـور اموعـات مث حتولـت رغم هذا ظهرت بعض اموعات الربملانية على أساس التقارب اجلغرايف و ،الربملانية

ـ ـ وشكلت النوادي السياسي ،إىل جمموعات إيديولوجية لنمـو هـذه اة مركـز ـة والفكري وبرزت النـوادي يف احليـاة ،ادل اآلراء ومناقشة األفكار ـد تب ـاموعات وإجتماعاهتا قص

وحتولت مع مرور الزمن إىل شبه أحزاب يف اجلمعية ،ورة ـا عشية الث ــ يف فرنس ،السياسية ونـادي ،"نـادي اليعاقبـة " و "الكوردوليـه "لفرنسية وأبرز هذه األندية نـادي الوطنية ا

وكانت هذه النوادي عبارة عن مراكز إلجتماع أشخاص تـربطهم وحـدة ** )1(اجلريونديني .املصاحل والتفكري و اهلدف

ية يتزامن هذا مع بدا إذ ،برملاناهتا و فرنسا كان يعكس ما حيدث يف أوروبا يف وما حدث وصناعية كما حـدث ، من ثورات شعبية وثورة فكرية ،التحوالت اليت رافقت احلياة الغربية

الذي كان حيرم املاليني مـن إختيـار ممثلـيهم يف ،هذا وأوروبا تعيش زمن اإلقتراع الضيق إلختيار ، وانتظرت الشعوب األوروبية توسيع منط اإلقتراع الذي أصبح عام تدرجييا ،الربملانات

الس التمثيلية نواغري وضعية النائب الذي مل يعد يكتفي بنفوذه احمللي جللب ما وهذا ،م يف اأصبح ملزما بالدخول يف جمموعات برملانيـة و ،حلصول على مقعد يف الربملان ، قصد ا األصوات

. الموالي للبرلمانWhig الموالي للملكية و Toryففي البرلمان البريطاني برز تياران هما ∗ .255ص .1983,دار النهضة العربية للطباعة والنشر:، بريوت) 1458-1448( أوروبا يف بعض األزمنة احلديثة واملعاصرة، عبد ايد نعنعي- 1 سياسي ملع امسه مع الثورة ناديرة الفرنسية تيارات داخل اجلمعية الوطنية و هي إمتداد لنوادي سياسية نادي اليعاقبة ظهرت خالل الثو **

نادي الكوردوليه امسه يف الواقع مجعية أصدقاء حقوق اإلنسان واملواطن عرف برتعته الثورية املتطرفة .الفرنسية ومتيز بالتوجه حنو الراديكالية ونديني جمموعة من النواب اجلمعية الفرنسية معظمهم من منطقة جري وند القريبة من بوردو هدفهم بناء دولة تديرها الطبقة الوسطينادي اجلري

Page 39: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

38

وهلـذا الغـرض ،كسب نفوذ أكرب وشعبية أكثر ولإلقتراب من العدد املتزايد للناخبني اجلدد ل هيكلـة النـاخبني اجلـدد بغـرض ، اللجان اإلنتخابية حتت دفع اموعات الربملانية ظهرت

ويقول مويزي أوستروقورسكي عـن اللجـان ،وتوجيههم لإلختيار مرشح جمموعة برملانية ما إن اللجان اإلنتخابية يف بدايتـها « )1(اإلنتخابية يف كتابه الدميقراطية واألحــزاب السياسية

لكنها مل تتمكن من خلق وعي سياسي عنـد الناخـب ،ع ورائها اجلماهري استطاعت أن جتم وحتولت هذه اللجان تدرجييا لتصبح آلية يف يد بعض الوزراء لـشراء ،لإلهتمام باحلياة السياسية

.»أصوات الناخبني مقابل أموالانيـة يبدو أن التنامي السريع للجان اإلنتخابية كان نتيجة لتفاعل دور اموعات الربمل و

الذي قضى على الوسائل األمر باإلضافة إىل ظهور دوائر إنتخابية جديدة ،وتوسيع منط اإلقتراع ومسح للجان اإلنتخابية أن تكون حلقة وصـل بـني ، والنفوذ ، كشبكات الصداقة ،التقليدية

وبات من الضروري على كل جمموعة برملانيـة إنـشاء جلـان إنتخابيـة ،الناخب و املرشح . أو اإلقتراب من اللجان اإلنتخابية املوجودة

ويرى ديفرجي أن اإلقتراب بني اموعات الربملانية واللجان اإلنتخابية والتنسيق النـاجم وذا تكون األحزاب نتيجـة ، عن ذلك كان اللبنة األوىل لظهور األحزاب السياسية احلديثة

األمر الذي افـرز ،موعات داخل الربملانات األوروبية ونتاج لتفاعل ا ،لتطور النظام اإلنتخايب وهذا ما يسميه ديفرجي باألصل الربملاين واإلنتخايب لألحزاب ،تعددية حزبية عاكسة للمجتمع

.الذي يعترب الشكل األول لظهور األحزاب حسب طرحه من خالل دراسته لألحـزاب ذات األصـل الربملـاين : ذات األصل اخلارجي األحزاب/ ب

الحظ ديفرجي وجود عوامل خارجية تساهم يف نشأة األحزاب السياسية مؤكدا يف ،اإلنتخايبذات الوقت أننا نكون أما أحزاب ذات أصل خارجي عندما يتم إنشاء احلزب بصورة أساسية

.بفضل مؤسسة ذات نشاط مستقل عن الربملان حبيث يكون العنصر اخلارجي واضح للجميع اليت لعبت دور كبري يف نشأة األحزاب يربز دور النقابات اليت متخض اتالتنظيم بني منو

عنها العديد من األحزاب االشتراكية واليت كانت مبثابة اهليئة املمثلة للنقابة يف جمال النـشاطات دور ، ويشابه التأثري الذي متارسه النقابات يف خلق األحزاب السياسية، )2(الربملانية واإلنتخابات

1 -Moesi Ostrogorski ,la démocratie et les partis politique, paris : édition du seuil, 1979. p 52.

2 -Jean charlot, les partis politiques, 2e édition paris : Armond colin, 1971 . p 31.

Page 40: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

39

ويتجلـى ذلـك بوضـوح يف البلـدان ، والتكتالت املهنية والفالحيـة ،اونيات الزراعية التع كما تدخل يف هـذا اإلطـار أيـضا ، واستراليا وبعض بلدان أوروبا الوسطى ةاالسكندينافي

وأكـرب ،اجلمعيات الفكرية والثقافية اليت سامهت بقدر كبري يف نشأة بعض األحزاب السياسية ال الربيطاين الذي ظهر حتـت دفـع اجلمعيـة الفكريـة الفابيـة مثال عل ذلك حزب العم

"Fabian society"،والطالبية وقـدماء ، كما جتدر اإلشارة إىل دور بعض التنظيمات الدينية .احملاربني يف ظهور أحزاب سياسية ذات أصل خارجي

ت ذات أصل أو منشأ كان 1900وتوضح الدراسات أن أغلب األحزاب اليت ظهرت قبل يف حني أن غالبية األحزاب اليت ظهرت بعد ذلك كانت ذات أصل خـارجي ،برملاين إنتخايب

وما مييز هذا الشكل من األحزاب أا أكثر مركزية و انضباط من األحزاب ذات املنشأ الربملاين .اإلنتخايبحثني يف هذا اال إن الطرح الذي قدمه ديفرجي إن كان حيدث إمجاع لدى أغلبية البا

حنـو على التطور السياسي الغـريب املعتمدووهذا بالنظر إىل اإلنسجام الواضح يف املعلومات . يبقي بالنسبة للبعض قاصر إال أنه ، التمثيلية الدميقراطية

احنصرت يف كون منوذج ديفرجي مـبين ،وهذا ما جعله عرضة موعة من االنتقادات

فوجود برملـان ، والواقع أن هذه اهليئة مل تكن موجودة يف كل البلدان ،سسة الربملانية على املؤ وعليه فهو يقصى مجيع البلدان اليت كانت خاضـعة سيد يتناىف وطبيعة الظاهرة االستعمارية

"كنت جونـدا " يف نفس السياق يقول ، واليت عرفت الظاهرة احلزبية بشكل آخر ،لإلستعمار"Kenneth jonda" ا حول األحزاب السياسية يف البلدان اإلفريقية واألسيوية و يف دراسة قام

أن منوذج ديفرجي ، حزب أسيوي 205 حزب إفريقي و 72 حزب منها 277املقدرة بـ فيمـا خيـص األحـزاب 13 يف حني جند حالة من ، األسيوية األحزاب من 3/1ينطبق على .)1(اإلفريقية السياسية أصبحت اليوم إحدى العوامـل احملركـة للحيـاة ومهما يكن فإن األحزاب

السياسية وبصرف النظر عن توجهاهتا فإا ظاهرة أصبحت اليوم تفرض نفسها يف مجيع البلدان أا ظاهرة متغرية ،عند دراسة األحزاب السياسية وجتدر اإلشارة ،بغض النظر عن طبيعة النظام

1 - IBID,p 35.

Page 41: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

40

وهذا ما خيلق صعوبات لتحديد تعريف واحد هلذه ،عيومتفاعلة مع احمليط السياسي واإلجتما بالنظر إىل خمتلف الدراسات اليت تطرقت إىل موضوع احلزب والـيت تطرقـت هلـذا ،الظاهرة

. وقناعات معينة،املوضوع من وجهات نظر وحىت نفهم هذا املوضوع بصفة جيدة كان علينا التطرق إىل خمتلف هذه التعاريف بداية من

.للغويالتعريف امجاعة من الناس شكلت أهوائهم تنظيم سياسي له مـذهب عقائـدي « : فاحلزب لغة .)1(» و منهج يلتزم به لتحقيق أهدافه، يدعو إليه،واحد

مجاعة من الناس تعتنق وجهة «ومتيل املعاجم الغربية إىل إعطاء نفس التعريف للحزب على أنه .)2(» و تسعى حنو هدف،نظر

التعاريف اللغوية يدرك ببساطة أن خمتلف املعاجم مل تقع يف تباين كـبري إن املتأمل هلذه ، مجاعة ذات وجهة تسعى حنو هدف مرجتى ،حول مفهوم احلزب فهي تتفق على كون احلزب

.ومبعىن آخر احلزب عبارة عن إجتاه جيمع أفراد حول أفكار ويسعى لبلوغ هدف مسطرل أو إختالف يف حني يـشكل املفهـوم وعليه فاحلزب لغة حمدد وال يطرح أي إشكا

رغم إتفاقهم على عناصر معينة ،إذ جوهر إختالف الباحثني يف هذا اال ،اإلصطالحي للحزب وهذا يدفعنا إىل طرح خمتلف التعاريف املعربة يف الواقـع ،إال أم مل يتفقوا على تعريف واحد

.حمليطة باحلزب السياسيعن إجتاهات سياسية أو علمية تقف على جانب من اجلوانب ا ترتكز هذه التعاريف علـى اجلانـب : احلزب السياسي كحامل ملشروع أو فكرة -1

.اإليديولوجي يف احلزب و امليل إىل بناء جمتمع طوباوي أو مثايلهيئة من أفراد « احلزب من هذا املنطلق على أنهEdmund Burk ويعرف إيدموند بورك

إىل العمل على ما فيه املصلحة القومية وفقا ملبدأ ،دهم املشتركة متحدين يسعون من خالل جهو )3(»معني يتفقون عليه مجيعا

ويلتقي مع بورك العديد من الباحثني يف القانون الدستوري و العلوم السياسية أمثال كل جتمع مـن األشـخاص «الذي يقول عن احلزب أنه Georges Burdeauجورج بريدو

بعض األفكار السياسية ويعملون على إنتصارها وحتقيقها وذلك جبمع أكرب عدد ممكن يؤمنون ب

.170ص . 1989, دار الدعوة: تركيا, 2ط, املعجم الوسيط , إبراهيم مصطفى و آخرون- 12 - Le petit Larousse Illustré 2004, opcit. p 751.

.533 ص ،1987 ، منشأة املعارف، مصر،اصرةاحلريات العامة يف األنظمة السياسية املع ،يوسف أمحد كشاكش/ د- 3

Page 42: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

41

و حبثا عن إمتالك السلطة أو على األقـل التـأثري يف قـرارات الـسلطة ،من املواطنني حوهلا .)1(»احلاكمة ،املالحظ عن هذه التعاريف أا تركز على اجلانب اإليديولوجي الذي يقوم عليه احلزب

عليها و اليت يسعى إىل حتقيقهـا احلزب و إستمراره مقرون بإميانه باملبادئ اليت بين ود وجألن و ، ال تقوم على اجلانب اإليديولوجي فقـط السياسيةيف حني أن احلياة ،داخل احلقل السياسي

.هذا لكوا شديدة التعقيد األمر يدفع احلزب لبناء تنظيم قوي من أجل اإلستمرار : س تنظيمياحلزب على أسا -2يرتكز هذا اإلجتاه على التنظيم ليحدد مفهوم احلزب و أبرز من قدم تعريف يف هذا اال

وإمنا عدد مـن ،ليس جمموعة فحسب « الذي يقول عن احلزب السياسي بأنه "ديفرجي"هو مجعيات ، جلان ،فروع( توى البلد ـرية منتشرة على مس ـ أي جتمع جمموعات صغ ،اموعات

.)2(»و مرتبطة مبؤسسات تنسيقية) ليةحمأن األحزاب السياسية عبارة عن تنظيمات « و يف نفس السياق تقريبا يقول أندريه هوريو

دف الوصول ، من أجل احلصول على الدعم الشعيب ،دائمة تتحرك على مستوى وطين و حملي .)3(» بغية حتقيق سياسة معينة،إىل ممارسة السلطة

حاول هذا اإلجتـاه دراسـة : زب على أساس الوظائف اليت يقوم ا تعريف احل -3 احلزب من خالل الوظائف اليت يقوم ا يف احلياة السياسية

بأنـه « تعريف عن احلزب يقول عنه Raymond Aron"رميون أرون"ويف هذا السياق يقدم السلطة أي حماولـة يعملون معا من أجل ممارسة األفرادجتمــع دائم أو مستمر موعة من

.)4(»الوصول إليها أو اإلحتفاظ اأهم وظيفة للحزب هي قيامه بتنظيم «تعريفا يقول فيه " David Apter" بينما يقدم دافيد أبتر املسؤولة، ونقلها أي اإلحتياجات إىل األجهزة ، وتلمس إحتياجات الناس ،وتوجيه الرأي العام

.)5(» واحملكومنيو ذا الشكل حيدث تقارب بني احلكام

.242ص . 1998 ، ديوان املطبوعات اجلامعية: اجلزائر، لوجيز يف القانون الدستوري و املؤسسات السياسية املقارنةا ، شريطاألمني/ د - 12 - Jean charlot, opcit, p 46.

. 1988 ،األهلية للنشر و التوزيع: لبنان، ترمجة علي مقلد و آخرون،2 ج،2ط ، يةـسات السياسـالقانون الدستوري و املؤس ، أندريه هوريو- 3 .242ص

.78ص . 1982, دار الفكر العريب: مصر, األحزاب السياسية يف العامل املعاصر ,نبيلة عبد احلليم كامل/ د- 4 .79 ص .نفس املرجع - 5

Page 43: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

42

وحاولت تقدمي تعريف ،إضافة إىل كل هذه اإلجتاهات اليت درست موضوع األحزاب السياسية . للحزب السياسي يوجد إجتاه آخر يسعى إىل تعريف احلزب من جوانب خمتلفة

تعريف احلزب بالنظر إىل جوانبه املختلفة -4

مجاعـات « عن احلزب بأنه " ايدرسفالد صامويل"يقول أحد منظري املدرسة السلوكية يلعب فيه األفراد أدوارا يف نطاق ، يأخذ شكل جهاز إجتماعي ،إجتماعية تعمل يف نشاط منسق

)1(»وحدة إجتماعية تسعى إىل حتقيق أهداف حمددة ،أن األحزاب تكوينات جتمع أشخاص هلم نفس الـرأي «بينما جاء يف تعريف هانس كلسن

.)2(»دارة الشؤون العامة هلم التأثري احلقيقي على إتضمن فهـو ،احلزب وحدة معقـدة « إيل إعتبار "فوزي أبو ذياب " و يف نفس السياق يذهب

كما هلا أنصار عديدين ينتمـون إىل ،منظمة إجتماعية هلا جهاز إداري وهيئة موظفني دائمني عهم إىل اإلنتماء و هذا التباين بني أفراد الشعب هو الذي يدف ،بيئات وفئات وهلم عادات خمتلفة

.)3(» ألن احلزب هو أداة يستعملها الشعب للتعبري عن أمانيه،لألحزاب املالحظ عن هذه التعاريف أا بنيت على أساس قناعات علمية أو إيديولوجية وهذا مـا

ألا تقدم جانب من جوانب احلـزب الـسياسي ،جيعلها يف نظر الباحثني واألكادمييني ناقصة هذا ما يقودنا مباشرة إىل تعريف يرتكـز علـى ،و مقابل إمهال اجلوانب األخرى ،كز عليه وتر

جعلت هذا التعريف حيدث ،معايري موضوعية علمية ونابع من دراسة دقيقة لألحزاب السياسية ويقدم هذا التعريف باحثان مها جو ،شبه إمجاع لدى خمتلف دارسي موضوع األحزاب السياسية

يف كتاما األحزاب السياسة والنمـو Weiner" فيرت" و Lapalombara" االبالومبار"زيف .)4( عناصر أو معايري4 و يقوم احلزب حسب تصورمها على ،السياسي

.534ص . مرجع سابق ، يوسف أمحد كشاكش- 1 .85ص . 1986 ،دار الطليعة للطباعة و النشر: لبنان، قضايا علم السياسة العام ، ز عياد سعيدحممد فاي/ د- 2 .86ص . نفس املرجع - 3 .211ص.1995:بريوت,2ط ،ترمجة حممد عرب صاصيال، علم السياسة، جان ماري دنكان- 4

Page 44: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

43

هذا املعيار ،تنظيم دائم أي تنظيم عمره السياسي املرجتى يفوق عمر قادته القائمني عليه • . اليت تزول بزوال قادهتايقصي اموعات الصغرية والزبائنية والزمر والعصب

يقيم صالت منتظمة و متنوعة علـى املـستوى الـوطين ودائم و تنظيم حملي متكامل • .أي تنظيم وطين بامتداد حملي

اإلرادة املتعمدة عند قادة التنظيم احملليني والوطنيني ألخذ السلطة وممارستها لوحدهم أو • .فقطها وليس التأثري في، أخرينيباقتسامها مع

.اإلهتمام بالبحث عن الدعم الشعيب عرب اإلنتخابات أو بطرق أخرى •

يبدو أن هذا التعريف شامل وواضح ألنه يقدم املعايري اليت يبىن أو يؤسس عليهـا احلـزب يف ، فاملعياران االوليني يضعان األطر األساسية اليت يقوم عليها احلزب ، اليت يسطرها واألهداف

ياران اآلخران عن التمايز املوجود بني األحزاب السياسية والتنظيمات األخرى حني يكشفا املع . رغم أا تشارك يف احلياة السياسية،اليت ال تسعى إىل اإلستيالء على السلطة

عبارة عن ثـورة يف احليـاة 19و ذا تكون نشأة األحزاب السياسية مع بداية القرن ىل تضارب علمي حول طبيعة هـذه األحـزاب وطريقـة قادت يف العصر احلايل إ ،السياسية لكن ال احد خيتلف اليوم أن األحزاب السياسية أصبحت ذات دور كـبري يف احليـاة ،نشأهتا

وهلـذا فـان فهـم ،السياسية و يف محاية املكتسبات الشعبية اليت جاءت عرب نضال طويل ،من خالل الوظائف اليت تقوم ا األحزاب السياسي يدفعنا إىل دراستها داخل احلقل السياسي

.و هذا موضوع املطلب املوايل

Page 45: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

44

األحزاب السياسية داخل احلقل السياسي: املطلب الثاين كما رأينا فإن ظهور األحزاب السياسية يرتبط بشكل دقيق مع الدميقراطية التمثيليـة

وقدرته على ،إستقاللية الفرد أن احلزب يؤكد ، ممارسة سياسية مضموا متخضتومع ظهورها وتتخذ هذه العملية أشكاال خمتلفة عرب األحزاب السياسية اليت تعرف تنـوع ،بناء النظام العام

وطبيعة الرأي العام من جهة والتوجـه أو اخلط السياسي أو من حيث التركيبـة أو ،يتماشى يف طبيعة األحزاب الـسياسية ويتخذ هذا التنوع يف احلقل السياسي متيز ،التنظيم من جهة ثانية

وهلذا ،أخرى على معايري أوفتصنف على أساس إيديولوجــي أوعلي أساس تنظيمي بنيوي األمناط اليت ميكن أن الغرض جاءت دراسة األحزاب داخل احلقل السياسي لتوضيح النماذج أو

ة اليت جاء ا ديفرجي ويف هذا اال تشكل الدراس ،تفرزها احلياة السياسية واألوضاع التارخيية حول األحزاب السياسية األساس الذي تعتمد عليه خمتلف األحباث يف جمال األحزاب السياسية وهذا ألنه يقدم دراسة تركز على البىن الداخلية لألحزاب السياسية كأساس للتفريـق بينـهما

.)1(وينتهي إىل وضع تصنيف مييز بني أحزاب األطر وأحـزاب اجلماهري عند احلديث عن هذا الشكل من األحزاب جتدر اإلشارة أا أحزاب أعيان :زاب األطر أح/ 1

األحـزاب الـسياسية اخترعتوهي األقدم تكوينا حسب ديفرجي بالنظر إىل التنظيمات اليت :وهلذا النمط من األحزاب خصائص تنفرد ا هي

ميثل بشكل من األشكال عنصر وهذا األمر ال ،إا أحزاب ال تبحث عن زيادة عدد املنتسبني - وعليه ، ألن منط احلياة السياسية القائم على اإلنتخابات يعطي أمهية أكرب للناخبني ،ضعف فيها

من هلـا التـأثري ؤ وهذا ما ي ،تسعى أحزاب األطر إىل إنتساب األشخاص ذوي النفوذ والتأثري ومن ،أثري يف إختيارات اآلخرين القوي على الناخبني من خالل إنتساب األفراد القدرين على الت

.مت تصل إىل درجة عالية من الفعالية كما لو كانت قد توجهت مباشرة إىل املواطننيالسمة الثانية املميزة هلذا النمط من األحزاب هي أا ذات بىن مرنة وبتعبري آخر فإا تتميـز -

ذ يتميز األعيان بالفردية وعدم إ ، وهذه امليزة نابعة من طبيعة أو أصل من يكوا ،بتنظيم ضعيف فهم يعتقدون أن النشاط السياسي طريقة أو شكل آخر لزيادة نفوذهم وتـأثريهم ، اإلنضباط

وهذا ما خيلق تنظيم ضعيف ،وعليه ومبجرد أن يصبح اإلنتماء إىل احلزب ثقيل عليهم يتركونه .مركزية ال،وينتج عن هذا الضعف

1- Jean Baudouin, Introduction a la science politique ,3é édition, paris : Dalloz, 1992. p 75. 76.

Page 46: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

45

وتتجسد هذه السلطة يف قـدرة ، هيمنة القمة على القاعدة السمة الثالثة ألحزاب األطر هي -عضو الربملان على العمل يف دائرته اإلنتخابية بـصفته الـسيد احلقيقـي للمـستويات األدىن

من خالل عملية إنتخابية وسلطة رئيس ،وليس كمندوب ألعضاء يتوىل سلطة القيادة ،للحزبرات بشرط أن ال تكون هذه القرارات منافية وخيول له اختاذ القرا ،احلزب غري خاضعة للنقاش

.أو خملة بالنظام العام هو أا ذات بىن ضعيفة وذات طابع أرستقراطي حمافظ ، القول حول أحزاب األطر ة ومجل

.إن صح التعبري )1(وهي أحزاب ظهرت يف اية القرن التاسع عشر حسب ديفرجــي : أحزاب اجلماهري / 2

راكية وتتميز هذه األحزاب بسمتني أساسيتني جتعلها مناقضة ألحزاب مع بروز األحزاب االشت . إضافة إىل قوة تنظيمها،األطر فهي تقوم على اخنراط أكرب عدد من املناضلني

إعطاء تأثري سياسي لعامة الناس أو دف ،تتميز أحزاب اجلماهري بسعيها إىل تنويع اإلنتساب - ، أو وصوال بالعامة إىل درجة من الوعي الـسياسي ، املدين سعيا منها إليقاظ احلس ،الربوليتارية

يسمح للمناضل داخل احلزب من التعلم ومن رفع مـستوى وعيـه ،فهي تقوم بدور تربوي يستجيب إنتساب عدد كـبري مـن كما وذا يتراجع دور األعيان يف التأثري عليه ،السياسي

أمـا ، بفضل ثروة أعضائها ،ول نفسها فأحزاب األطر تستطيع أن مت ،املناضلني لضرورة عملية ات ومن هنا تـأيت ضـرورة ـنفس اإلسهام ى ماد عل األحزاب الثورية فإا ال تستطيع االعت

. ولكن الكثرية واملنتظمة،ات الضئيلة القيمةـاالشتراك وهذه السمة نابعة من الـسمة ،السمة الثانية يف أحزاب اجلماهري أا تتميز ببنية تنظيمية قوية - إذ من الضروري تأطري املنتسبني اجلدد ومراقبة اإلدخاالت واإلخراجات والوقوف على ،ألوىلا

كما أن الغاية التربوية للحزب تقتضي أن يسند التكوين ،االنضباط الداخلي ومجع االشتراكات . إىل مسئولني دوى تأهيل عايل يقومون بدور رقايب يف الوقت ذاته،السياسي للمنتسبني اجلدد

إدارة الدولة كالتربية الرقابة ،ذا يكون احلزب اجلماهريي مناط بأدوار عديدة تشابه و يستعني احلزب اجلماهريي باملتفرعني وعلى فئة مـن املـوظفني ، وللقيام ذه األنشطة ،القضاء

وـذا تتكـون ، وتنظيم احلياة الداخلية للحزب ،لمنخرطنيل بتأطريها ،السياسيني اليت تتميز ألن تلك الفئة تكرس نفسها للقيـام ،اطية حزبية تسمى يف غالب األحيان جهاز احلزب بريوقر

.78-77 P .Ibid -1

Page 47: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

46

وـذا حيـاول احلـزب ، ومبقتضى ذلك تتقاضى أجرا كامال من احلزب ،باملهام املوكلة إليها . و سلطة تشريعية، فهو يتمتع بسلطة تنفيذية،استنساخ البنية احلكومية يف الدول الدميقراطية

حليل الذي قدمه ديفرجي حول تصنيف األحزاب السياسية ميكن القول أنه من خالل الت غري أن ما يعاب عنه أنه جتاهـل معطيـات ، سياسية واقتصادية خاصة ،يعرب عن مرحلة تارخيية

إذ تؤكـد ،كثرية حسب الكثري من الباحثني بداية من كونه ينظر إىل العامل مبنظـار واحـد السياسية أن التحوالت السياسية واالجتماعية اليت رافقت الدراسات يف جمال تصنيف األحزاب

فإىل جانب أحـزاب ،مرحلة احلرب الثانية مهدت الطريق لظهور أمناط جديدة من األحزاب نوع أخر لألحـزاب الـسياسية ويـسميها " أوتو كريشهامير "األطر وأحزاب اجلماهري يقدم

و يتميز هذا النوع من األحـزاب - )catch all parties " )1"األحزاب اليت تلتقط كل شيء وهي نوع من األحزاب اليت ليـست -بأنه حياول أن يغطي النقص الذي تركه منوذج ديفرجي

وال هي أحزاب الدمج االجتماعي بنفس درجـة ،بأحزاب التمثيل الفردي مثل أحزاب األطر ابع تقـدمي ضعيفة البعد اإليديولوجي وذات ط ، فهي أحزاب عدة طبقات ،أحزاب اجلماهري

.كما توجد هذه األحزاب يف اليمني واليسار وحىت الوسطيف دراسته لتصنيف األحزاب " jean charlot ""جون شارلو" ،لتحليل الذي جاء به ويأيت ا هي ، أشكال لألحزاب السياسية 3 حيث خرج بتصنيف ميز فيه بني يف نفس السياق السياسية

ل أحزاب األطر حسب التحليل الديفرجي وأحـزاب وهي بشكل من األشكا ،أحزاب األعيان يف حني يعترب الشكل الثالث الذي أطلق عليه ،املناضلني وهي صورة مطابقة لألحزاب اجلماهري

وحـسب ،باألحزاب اليت تلتقط كل شيء " أوتو كريشهامير "أحزاب الناخبني صورة ملا مساه ل أحزاب األعيـان لكـن هـدفها أحزاب الناخبني ليست هلا إيديولوجية واضحة مث طرحه،

و يؤكد ، وبنية قوية على نفس شكل أحزاب اجلماهري ،االنتخايب جيعلها ختلق شبه آلة انتخابية يف حـني ،جون شارلو أن مثل هذه األشكال من األحزاب قائمـة يف اتمعـات املتقدمـة

. )2(االنتخابية أن األحزاب اليت تلتقط كل شيء هي أحزاب املناسبات " أوتو كريشهامير"يرى هناك ،إىل جانب هذه االنتقادات اليت حاولت تغطية حتليل ديفرجي حول تصنيف األحزاب

طرح كالسيكي يرتكز على تصنيف األحزاب السياسية على أساس إيديولوجي أي أحـزاب

1- Michel Offerlé, les partis politique, paris : presse universitaires de France, 1987 .p 12. -2 André Akoun et autres, opcit, p 384.

Page 48: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

47

وظهرت هذه التقسيمات أثناء الثورة الفرنسية أين التزمت طائفة مـن ،اليمني وأحزاب اليسار يف حني اختارت جمموعة أخـرى يـسار القاعـة ) اجلريونديني(لربملانيني ميني القاعة الربملانية ا وأصبح هذا )1(موقف حمايد ) الكوردوليه( اختارت جمموعة أخرى وسط القاعة بينما) اليعاقبة(

ن مثل هذا التصنيف نسيب أل أن واحلقيقة ،التصنيف متداول للتمييز بني اإليديولوجيات املختلفة .مفهوم اليمني واليسار نسيب بذاته

رغم االختالف القائم يف جمال تصنيف األحزاب الـسياسية إال أن اجلميـع يتفـق أن فإذا كانـت ومن مت وهذا رغم تباين صنف عن آخر و تباين طرح عن آخر ،األحزاب أنواع

ومـن مت يكـون ،األحزاب أنواع فهذا يعين بالضرورة تعدد نظمها يف الدميقراطيات املعاصرة وعليه ميكـن تعريـف ،النظام احلزيب حمدد إىل حد بعيد ملعامل احلقل السياسي والنشاط احلزيب

النسق الناجم عن العالقات املستقرة بني األحزاب الربملانية املمثلة داخل «النظام احلزيب على أنه لشامل الناجم عـن احلـزب أما يف حالة األحادية فهو النسق ا ،الغرفة الربملانية يف حالة التعددية

وذا يكون النظام احلزيب حمدد بعدد األحـزاب )2(»احلاكم وحده أو على رأس جبهة شعبيـة ومدى قدرهتا على التأثري يف عمل املؤسسات الدسـتورية وطريقـة ،السياسية يف البلد الواحد

.قيامها بوظائفهاياسية بني صـنفني مـن الـنظم ومييز الباحثني يف جمال القانون الدستوري والعلوم الس نظم حزبية تنافسية قائمة على معيار التناوب على السلطة و نظم حزبية غري تنافـسية ،احلزبية

.وهي قسمني تعددية حزبية مقيدة وتعددية حزبية حمققة قانونا و مقيدة فعال : أشكال5و فيها ميكن التفريق بني : النظم احلزبية التنافسية1و هي النسق املستقر الناجم عن تواجد حزبني رئيسيني متقاربني وحائزين «: زبيةالثنائية احل / أ

يوجد هذا النوع مـن النظـام يف ،)3(» و متداولني على السلطة ،على معظم املقاعد الربملانية .البلدان األجنلوساكسونية و بشكل خاص يف الواليات املتحدة األمريكية وبريطانيا

.255ص . مرجع سابق، عبد ايد نعنعي. د- 1

2 -Guy Hermet et autres ,Dictionnaire de la science politique et des institutions politiques, paris :Armand colin, 1994. p196.

األهلية للنشر و : مسري عصار لبنان, ترمجة هشام عبد اهللا، السياسة املقارنة يف وقتنا احلاضر نظرة عاملية ،االبن جي بنجهام باويل ، جابريال إيه املوند - 3 .137ص , 1998, التوزيع

Page 49: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

48

كل كتلة تظم حـزب أو ،هي النسق املستقر الناجم عن تواجد كتلتني و«:الثنائية القطبية /بجند هذه األنظمة يف فرنـسا أيـن » هاتني الكتلتني متماسكتني ومتداولتني على السلطة ،أكثر

.)1(ةاالسكندينافيتتحالف أحزاب اليسار لتشكيل كتلة ضد اليمني كما توجد يف الدول لنسق املستقر الناجم عن تواجد حزبني رئيسيني متقاربني وهي ا : الثنائية احلزبية و النصف / ج

مثل )2( لكن مبسامهة حزب ثالث يف كل مرة لتشكيل األغلبية الربملانية ،ومتداولني على السلطة أين يتحالف أحد احلزبني الرئيسيني مع حزب صغري يف تاريخ غري بعيد، أملانياعرفته هذا النظام

.لتحقيق األغلبيةوهو النسق املستقر الناجم عن تواجد حـزب حمـوري مـشكل «:املسيطرزب نظام احل / د

مثل هـذا النظـام » وحده بصفة مطلقة أو ضمن حتالف أحزاب ،لألغلبية الربملانية يف كل مرة .حيقق التداول لكن هذا التداول يكون يف صاحل حزب واحد

األغلبية الربملانية املشكلة مـن وهي النسق املستقر الناجم عن « :التعددية احلزبية املطلقة / هـ .)3(توجد هذه احلالة فـي إيطاليا وهولندا» أحزاب عديدة متميزة عند االقتضاء

وفيها ميكن التفريق بني قسمني تعددية حزبية مقيدة قانونـا " :النظم احلزبية الغري تنافسية / 2 .)4("وتعددية حزبية حمققة قانونا ومقيدة فعال

و يرجع ، وفيها يضع املشرع قانون مينع ظهور تعددية حزبية : املقيدة قانونا التعددية احلزبية / أ :هذا ألسباب تتعلق بطبيعة النظام السياسي و ميكن اإلشارة إليها

.حبكم إيديولوجية سياسية حمافظة تعارض القوى التقدمية- .حبكم إيديولوجية دينية غري دميقراطية ال تقبل التعددية- .ادي املخول للحزب قانونا حالة سوريا مثالحبكم الدور القي- .التسلطية ظهور األحزاب السياسية يف األنظمة السياسية حتول دونما يتعلق باألسباب اليت هذا يف هذه احلالة األحزاب السياسية حتصل على :التعددية احلزبية احملققة قانونا و املقيدة فعال / ب

:حاالت أرض الواقع شيء آخر وهي اعتماد ملمارسة نشاطها السياسي لكن يف

1 - Guy Hermet et autres, opcit, p 196. 2 -- Jean Baudouin ,opcit ,p 72. 3 -Guy Hermet et autres ,opcit, p 197.

. 147 -145 ص ،مرجع سابق ،االبن جي بنجهام باويل ، جابريال إيه املوند - 4

Page 50: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

49

وقـد تكـون هـذه ،هيمنة حزب واحد بواسطة قنوات : اهليمنة الدائمة للحزب احلاكم /1 .أو بواسطة وسائل اإلعالم" كالزبائنية " القنوات عبارة عن عالقات بأوساط معينة

مساندة للنظـام و يف هذه احلالة تقدم األغلبية :وفعالحبكم هيمنة السلطة الرئاسية قانونا / 2 .حالة املغرب أين امللك يتمتع بصالحيات واسعة

.حبكم هيمنة املؤسسة العسكرية و دورها يف تقييد التعددية/ 3وهكذا تكون النظم احلزبية داخل احلقل السياسي ذات أمهية كبرية ألا تسمح لنا من التعرف

وميكن اإلشارة ،من قبل هذا النظام عن السياسات املنتهجة وعلى طبيعة النظام السياسي القائم وخـارج ،)1(هنا أن احلزب السياسي موجود يف مجيع األنظمة عدا إستثنائني السعودية وليبيـا

وهذا الوجود خيول هلـا ،هذين االستثنائيني األحزاب موجودة على اختالف نظمها وتوجهاهتا اب أدوات أو آليات ال غـين أن األحز الدراسات تؤكد و ،القيام بأدوار داخل احلقل السياسي

وميكن حصر ، ألا تقوم بوظائف هتم احلياة السياسية واتمعية ،عنها يف الدميقراطيات احلديثة :هذه الوظائف فيما يلي

يف احلقل السياسي بتوجيه الـرأي احلزب يقوم: وظيفة الوسيط املعرب عن اإلرادة الشعبية -1 أما بكسب ثقة املـواطنني يف ،ية يسعى إىل توطيد نفوذه وعند قيامه ذه العمل ،العام وتكوينه

ة يف حالة املعارضة وعند وصوله إىل ذلك ـته للسلطة وإما بالضغط على احلكوم ـحالة ممارس يصبح هو املعرب عن الرأي وعلى هذا النحو يصبح وسيط بني السلطة والرأي العام و بقيامه ذا

ألنـه )2( حسب جورج الفـو "fonction tribunitienne" الدور فهو يقوم بوظيفة منربية وهذا ما يؤكـده التحليـل النـسقي ،يسعى إىل رفع مطالب املواطنني إىل أعلى هيئة حاكمة فالفرد لوحده ال ميكـن أن يـؤثر يف -،االيستوين عرب املطالب اليت تعاجل داخل العلبة السوداء

زب قوة تعرب عن املصلحة العامـة مـن وذه الطريقة يصبح احل -النظام السياسي بصفة فعالة اجلماعـات املختلفـة و ومن مت يكون احلزب قد هيكل األفراد ،خالل املصلحة اخلاصة للفرد

وسعيا إىل أكرب درجة من الفعالية يقـوم ،فعالةوومكنها من التعبري عن مطالبها بصفة منظمة عن األفكار املشتركة هلؤالء احلزب بتجميع خمتلف املطالب اليت يهيكلها يف قالب سياسي معرب

وواقع احلال أن أهـداف احلـزب ، وذا يكون أحد عوامل استقرار النظام السياسي ،األفراد

معهد العلوم السياسية و العالقات الدولية السنة الثالثة فرع التنظيم السياسي و , ت حماضرات ملتقى انظم احلزبية و اإلنتخابا, يسعد وايلاألستاذ- 1 .1998اإلداري

2 -Jean Baudouin ,opcit, p 74.

Page 51: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

50

وهلذا الغرض تقوم األحزاب باستطالع الرأي العام لالقتراب مـن ،تتماشى مع أهداف املواطن .املواطن ومطالبه

يف حيـاة )1( من بني الوظائف احملورية وهي :وظيفة تكوين الرأي العام وهيكلة االقتراع /2

وإشـعاره ،ية لديه ـيه املواطن وإيقاظ روح املسؤول ـاحلزب السياسي ومن خالهلا يقوم بتوج هذه العملية التحسيسية اليت يقوم ـا احلـزب ،بعدم تنايف املصلحة العامة مع املصلحة الفردية

بدور مهـم إلعـداد تقوم األحزابفتسعى إىل جتاوز غياب روح املسؤولية عند عامة الناس كما تضعه يف التوجه العام الذي يتبناه احلزب من القضايا ،واطن سياسيا و تساهم يف توعيته امل

و تسعى األحزاب ،من خالل عمل سياسي يتماشى و الواقع واملطروحة من خالل برنامج حمدد تقدم للجمـاهري خمتلـف إليصال ذلك عرب قنوات معينة جتعل من احلزب شبه منظمة إعالمية

وأثناء هذه العملية تقوم بتدليس و تزيني املعلومات مبا يتوافق مع مصاحله بشرط أن ،املعلومات يفقـد قـد ال تتجاوز هذه العملية حد أدىن تصبح فيه املعلومات خاطئة أو كاذبة األمر الذي

ة تكوين الرأي العـام وتتجلى أمهي ، أمام املواطن ومن مت فقدان دوره كوسيط همصداقيتاحلزب .يف كوا تلزم الفرد على األقل عند ممارسة حقه االنتخايب بتحديد مكانه من اجلماعة

يتفق اجلميع أن األحزاب السياسية هتدف من : )2(وظيفة تكوين و اختيار النخبة السياسية /3

مدرسة تلقن لكنها يف ذات الوقت ،خالل نشاطها السياسي إىل الوصول للسلطة أو البقاء فيها وتدفع هذه ملدرسة بأجنب طالا إىل الساحة الـسياسية ليتعـرف ،فيها مبادئ ممارسة السلطة

، ويرافق هذه الوظيفة التكوينية عملية انتقاء املرشحني أو اإلطارات الـسياسية ،عليهم الناخب األفراد الـذين وتبدأ هذه العملية االنتقائية داخل احلزب على اعتبار أنه املكان املناسب لتلقني

و يف ،ستوكل هلم مسؤوليات سياسية وحيدث ذلك بوضعهم حمل التجربة للتأكد من كفاءاهتم وخيضع هذا ،اية كل جتربة يدفع مبن هو أنسب أو أكفأ لتويل مهام سياسية أمام اهليئة الناخبة

ـ ،االنتقاء إىل تدرج املسؤوليات داخل احلزب واطن علـى فاحلزب عبارة عن جهاز يساعد امل ويف أغلب األحيان يقوم احلزب بدفع املتمرسني يف صفوف احلزب و مـن لـه ،اختيار ممثليه

1 -Pierre Brechon ,Les partis politiques, France édition Montchrestien, 1999. p 75. 2 - Jean Baudouin ,opcit . p 72.73.

Page 52: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

51

فعملية التأهيل السياسي اليت يقوم ـا احلـزب ،مكانة جتعله يفرض نفسه يف احلياة السياسية . واستمرارهنضرورية لنجاحه

و هلذا ، للوصول إىل السلطة ،حلزب من بني األهداف اليت يناط ا ا : وظيفة تنظيم املعارضة /4

.الغرض حياول التأثري على السلطة القائمة بواسطة تنظيم املعارضةما ميكن اجلميع من إبداء الرأي املساند أو ، واملعارضة يف النظم الدميقراطية هلا من األمهية

يتجـزأ مـن منظم جيعل من املعارضة جـزء ال ، و يتم ذلك يف إطار قانوين ،الرأي املخالف ، فهو املبادر برغبة التغيري ، ويلعب الرأي العام دور كبري يف تنمية املعارضة ،الدميقراطية التعددية

، على كوا برامج بديلة عن برامج األغلبية احلاكمة،و هلذا ينبغي تنظيم املعارضة باالعتراف ا ج املعارضة يستجيب ملطالب الرأي إذا كان برنام ،وعلى هذه األغلبية أن تقبل النقد املوجه هلا

وهذا ما يسمى باسـتمرارية ، وفق الشرعية املعمول ا ،العام يف التغيري على أن يتم هذا التغيري تقتضي من احلـزب أن ،فوظيفة تنظيم املعارضة وظيفة حمددة األبعاد , )1(املؤسسات الدستورية

و إمنا يرفق حبلول بديلة يف برنـامج ،د يقدم النقد إىل احلكومة على أن ال يكون هذا النقد جمر وال ميكن هلذه الوظيفة أن ،متكامل ميكن ترمجته إىل قرارات نافذة يف حالة وصوله إىل السلطة

و حـق الربملـان يف ،تكون ما مل يوجد حد أدىن من احترام احلريات العامة وحرية التجمعات مكما أن املعارضة مقرونة بطبيعـة ،طي و هذه أمور تغيب بغياب حكم دميقرا ،ألة احلكومة س

فاملعارضة تأخذ ، فالنظام احلزيب له تأثري على أبعاد املعارضة و صورها ،النظام السياسي و احلزيب .)2( خالفا ملا هو شائع يف نظام تعدد األحزاب،طابع شبه رمسي يف الثنائية و تتسم باالعتدال

نا بشكل من األشكال البيئـة الـيت إن دراسة األحزاب داخل احلقل السياسي يوضح ل وخيـول لـه تنظيمه الذي يعطيه شكل مميز ووظائفه من خالل ينشط فيها احلزب السياسي

كـسب علـى ة احلزب مقرونة إىل حد كبري مبدى قدر ،ستمرارية هذه اال لكن ،راإلستمرالية اليت حتصل عليها ما تطرح تساؤالت عن أصل املوارد املا ا و يف هذا السياق كثري ،موارد مالية

. ومن مت احلفاظ على وجودها السياسي،األحزاب لتسيري نفسها ونشاطها

.85 ص ،مرجع سابق ،ة عبد احلليم كاملنبيل. د- 1 .86ص , نفس املرجع السابق الذكر - 2

Page 53: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

52

تعرب عن تناقضات يف األنظمة الدميقراطية ، هذه املسألة املتعلقة بتمويل األحزاب السياسية طـي بينما ال تطرح أي إشكال بالنسبة لنظم احلزب الواحد أين التداخل بني احلزب والدولة يع

ففي الدول الدميقراطية هناك قوانني حتدد سقف ،للحزب إمكانيات كبرية متكنه من أداء وظائفه وتتحدد ، حىت ال يهيمن حزب على آخر بفضل إمكانيته املالية ،اإلنفاق يف املناسبات االنتخابية

اكات اشـتر ، مساعدات من النظام أو السلطة ،هذه املوارد املالية يف أشكال خمتلفة هي اهلبات .)1(اخل... جرائد،املنخرطني

وتساهم هذه املوارد يف تطوير احلزب ومتكينه من الوصول إىل املواطن عرب قنوات اتصالية وذا تكون احلياة السياسية اليوم معربة بشكل من األشكال علـى مـدى قـدرة ،متطورة

خاصة عنـدما يتعلـق األمـر األحزاب على تسيري ميزانية حمددة متاشيا مع القوانني السارية .بتمويالت مشبوه فيها ختدم أطراف خارجية أو داخلية

1 -Philip Braud ,Manuel de sociologie politique, 2é édition France : L.G.J.d 1995.

Page 54: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

53

التجربة احلزبية خارج العامل الغريب: املبحث الثالثكما سبقت اإلشارة لذلك تعترب ظاهرة األحزاب اليت برزت مع مطلع القـرن التاسـع

باعتبارهـا فواعـل ومي دورها يف احلياة السياسية بالنظر إىل تنا ،عشر ثورة يف اال السياسي وكما ، اليت تقوم عليها األنظمة الدميقراطيـة اآلليات وميكن القول أا أصبحت إحدى ،جديدة

أسلفنا الذكر توجد األحزاب يف كل األنظمة فهي إما تعبري عن تعددية ناجتة عن سياسة متوازنة عن نظرة مشولية حيملها حزب لتوطيد سلطة أوليغارشية ونابعة من تعددية جمتمعية وإما أا تعبري

.ما معامل دميقراطيـة متثيليـة أو فاحللقة التطورية اليت شهدها الغرب انتهت بوضع أسس

وذا يكون قد حقق توازن بني سلطة النظام السياسي ومطالـب ،قواعدها األحزاب السياسية زاب السياسية منوذجا حاولت خمتلف البلدان وعلى هذا األساس شكلت األح ،اجلماهري الشعبية

استنساخه لكن هذه الظاهرة مل تأخذ نفس الدور أو حىت نفـس التطـور الـذي عرفتـه يف اتمعات الغربية، و هذا بالنظر إىل املسار التطوري الذي عرفته هذه اتمعـات مـن جهـة

يك ،تنبع عن وعي قومي ا ومل ،وبالنظر إىل كون هذه الظاهرة دخيلة على هذه اتمعات ، ،عن جتسيدها ألنظمة شكلت يف مراحل تارخيية معينة قوى استعمارية أكت هذه اتمعـات

وهذا التأخر أرغم هذه اتمعات إىل التعامل مع ظـاهرة ،وقادت إىل تراجعها ثقافيا وسياسيا لكـن هـذه ،االستعمار إلمربيالية أو ل الوجه األخر األحزاب والتعددية باخلصوص على أا

اتمعات أو على األقل أنظمتها مل تتجاهل مدى قدرة األحزاب على خلق وعي قومي حـول وهلذا الغرض سعت خمتلف القيادات خارج العامل الغريب إىل توطيد سلطتها عن طريـق قضية

حول احلزب من وسيط بني الـسلطة واجلمـاهري إىل أداة يف يـد ما وهذا ،أحزاب سياسية وميكن القول أن التباين احلضري اليوم ليس ناتج من طبيعة اتمعات بقدر ،أوليغارشية مهيمنة

ما هو مرتبط بالظروف التارخيية واالجتماعية اليت عرفتها هذه اتمعات و اليت شكلت مكبح أو مسرع حلركية هذه البلدان يف تتبع حلقة تطورية منتظمة تسمح هلا من بلورة نظم سياسـية

على اعتبار أن الدميقراطية مفهوم موجود عند كل الشعوب وأن الغـرب ،دميقراطية خاصة ا لتطور الدميقراطية كنمط سياسي تأخذ فيه األحزاب دورا كبريا حـىت ال واآللياتوضع األطر .نقول أوليا

Page 55: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

54

نشأة و تطور األحزاب يف العامل الغري الغريب: املطلب األول فبعد سلسلة من التجـارب ، اتمعات الغربية شكال تصاعديا أخذ التطور السياسي يف

ومسح ، رفعه فوق مستوى اتمعات األخرى ،التارخيية شهد اتمع الغريب مستوى من احلداثة يف الوقت ذاته تـسارعت ، املواطن يف احلياة السياسية عرب ممثليه يف الربملانات املنتخبة بإشراكله

اليت عرفت تطور دام ،الغري غربية لتجد نفسها ملزمة بتبين هذه القيم األحداث على اتمعات وبدا من الواضح أن عجلة التطور السريع أدت يف الكثري من األحيان إىل ،قرون حىت ترسخت

. أو أخذها جزئيا مبا يتماشى وسياسة األنظمة،احنرافات قادت إىل تشويه هذه القيمي للمجتمعات الغري غربية أا ذات خصوصيات أثرت يف ويتضح من خالل التطور السياس

وهذا ما جيعلها يف مستوى بعيد عـن ،العملية التطورية اليت يبدو أا كانت وال تزال متذبذبة ، يدفع الكثري إىل تلقيبها باتمعات املتخلفة أو جمتمعات العـامل الثالـث الذي األمر ،احلداثة

شكل يف مراحل تارخييـة معينـة مهـد ،م بالعامل املتخلف متناسني يف ذلك أن ما يدعى اليو متجاهلني يف ذات الوقت أن هذه احلضارات وضعت أو سـامهت بقـدر و ،حلضارات خمتلفة

يف إثراء الرصيد املعريف اإلنساين فاحلضارة الصينية أو البابلية أو حىت الفرعونية أو حـىت ،كبري ، يف وضع نظم سياسية ذات خصوصيات بيئيـة احلضارة العربية اإلسالمية سامهت بقدر كبري

. وحىت فكرية وامللفت لالنتباه أن التمثيل الشعيب كان حاضرا يف هذه اتمعات،ودينية فالتنظيم القبلي الذي كانت تقوم عليه خمتلف اتمعات كـان بـدوره قـائم علـى

وهذا ما يكشف يف ،)1(سةالتمــثيل عرب جملس عقالء حيكمهم األكـرب سـن أو األكثر فرا الواقع أن النظام السياسي ونظم احلكم يف اتمعات الغري غربية كان هلا من اخلـصوصية مـا

أن االنتقال الذي حدث يف الغرب والذي ساهم واحلقيقةيؤهلها إيل تطوير متثيل سياسي ناجح، بية لسبب من األسباببقدر كبري يف االجتاه حنو احلداثة مل تعرفه اغلب اتمعات الغري غر

لعبت دور كـبري يف ،التجارية اليت عرفها العامل مع بداية القرن الثاين عشر التحوالت ولعل يف وقت عرفت احلضارات اليت هيمنت على العامل لفتـرة ،عملية تطوير التجارة إىل استعمار

امي األطماع اخلارجيـة وساهم هذا التراجع يف تن ،طويلة احنطاط بداية من القرن الثالث عشر فرض هيمنة طرف بغرض يف الداخل من خالل التطاحن بني خمتلف القوى السياسية ،والداخلية هلا من أن تكـون البـديل ت مسح اليت ضتهااتمعات الغربية فيه يف وقت بدأت ،على آخر

.36ص.1993، دار الفكر العريب:ت، بريومند عهد الرسول حىت عصر بين أمية– احلزبية يف السالم تاالجتاهافاطمة مجعة، – 1

Page 56: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

55

مـاع فحالة عـدم اسـتقرار األنظمـة واألط ،الذي فرض نفسه تدرجييا على هذه اتمعات لعبت دور كبري يف تأخر هذه اتمعات اليت أصبحت تدرجييا تابعـة ملـستعمرات ،اخلارجية

الـيت مل ، تسبب يف قطيعة بالنسبة هلذه اتمعات يف الواقع وهذا األمر ،تقامستها الدول العظمى رب فرصة غ أعطى لل والذي )1(تتمكن من إحداث نفـس النقلة أو االنتقال الذي شهده الغرب

وحىت الدول واتمعات اليت عرفت التجربة احلزبية بعد ذلـك مل ، ظاهرة حزبية تعددية كوينتتعرف نفس النشأة التارخيية وعليه ميكن التساؤل عن كيفية ظهور األحزاب السياسية يف العامل

الغري غريب؟ ،ري غريب كما أسلفنا سابقا شهدت األحزاب السياسية تأخر يف الظهور بالنسبة للعامل الغ

وحىت إن كان وجودها معترف به يف تاريخ هذه الشعوب حتـت أشـكاال خمتلفـة كـالزمر لكن ظهورها كتنظيم سياسي يف احلياة السياسية عرف تأخر مقارنة مع اتمعـات ،والبطون واألهم من كل ذلك أن هذه الظاهرة كانت مقرونة بظاهرة االستعمار الـيت مشلـت ،الغربية

، وشكل استقالل هذه البلدان بداية لـربوز األحـزاب الـسياسية ،لعامل الثالث معظم بلدان ا ويرجـع ذلـك ، يف أمريكا الالتينية ت األشكال احلديثة لألحزاب السياسية ظهر واملالحظ أن

3.لالستقالل املبكر ألغلبية بلدان هذه القارة ،الستعمار اإلسباين إذ يتزامن ذلك مع ايار ا ،ويرجع ظهورها إىل القرن التاسع عشر

ما يطلق عليه بالنـشأة تظهر عرب واملالحظ عن نشأة األحزاب السياسية يف هذه القارة أا مل اليت ، ألا جاءت استجابة للظروف االجتماعية والتارخيية وحىت االقتصادية،الربملانية واالنتخابية

املنطقة كان إيذانا بظهور مجاعات فنهاية االستعمار يف هذه ،رافقت اية التجربة االستعمارية وذا تكـون قـد ،سياسية تعكس مصاحل الطبقات املهيمنة على احلياة السياسية واالقتصادية

أن هذه السمة ظلت عالقة بالنمط احلـزيب يف احلقيقةة و يحتددت معامل أحزاب سياسية حقيق رغـم النـصوص القانونيـة ،هذه القارة الشيء الذي وقف أمام تأدية اهليئة التشريعية ملهامها

أن السلطة احلقيقية كانت يف يد جليا وبدا ،الدستورية اليت ختول هلا صالحيات التشريع والرقابة كانت يف حقيقة األمر عبارة عن جتمعـات ،السلطة التنفيذية اليت سيطرت على أحزاب سياسة

.شخصية

1 –Redha Malek,Tradition et évolution le veritable enjeux,Alger :édition Anep,2001.p169-170. 3

Page 57: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

56

رافـق النمـو ،ر تـارخيي وتعرب نشأة األحزاب السياسية يف أمريكا الالتينية عن تطو فظهور األحزاب السياسية يف أغلب بلدان هذه القارة كـان مقـرون ،السياسي هلذه املنطقة

.مبراحل حامسة من تاريخ هذه البلدان واملالحظ أيضا أن التنظيمات احلزبية األوىل اليت ظهرت كانت عبارة عن جتمعـات أو

،ساس مل تكن تسعى إىل دمقرطة احلياة الـسياسية وعلى هذا األ ،عصب تابعة للنخبة احلاكمة ويف هذا الـسياق ،بقدر ما كانت تعمل على توطيد هيمنة النخبة السياسية احلاكمة ومصاحلها

لكن كانت ختتلـف يف الواقـع حـول ، أن األحزاب مل تكن ختتلف يف اجلوهر القول ميكنالذين رأوا أن دور احلكومة ال يزيد ∗نيفهناك احملافظ ،السياسات اليت ينبغي على احلكومة إتباعها

أن، يف حني يرى التيار الليربايل ،عن جمرد احلفاظ عن اهلياكل االجتماعية واالقتصادية السائدة وظل الصراع بني هذين ،ةـالقيام بتنمية زراعية وجتارية لبلوغ احلداث ينحصر يف احلكومة دور

أين ظهرت خنـب جديـدة ، بداية القرن العشرين التياران قائم يف معظم بلدان هذه القارة إىل وطالبت بإصالحات واسعة متكنهم من منافسة األحـزاب ،أعادت النظر يف األوضاع القائمة

من الوصـول إىل ها إنشاء أحزاب ممثلة للطبقة الوسطى مكنت على الظروف سامهت و ،القائمة لكن األزمات ،ساط اجلماهري كسب شعبية يف أو ، واستطاعت بفضل قيادهتا ،املناصب العامة

إما بعودة احملـافظني إىل ،االقتصادية اليت عاشتها هذه البلدان قضت ائيا على هذه األحزاب و اجتهت تدرجييا الظاهرة احلزبية يف أمريكا الالتينية إىل إبـراز ،السلطة أو بواسطة العسكريون

احلـال بالنـسبة للربازيـل كما هو ،أشكال جديدة من األحزاب عرفت باحلركات الشعبية سعت إىل تعبئة الطبقة العاملة احلضرية ودفعها ، حتت دفع عناصر مدنية وعسكرية ،واألرجنتني

ولقد استندت ،)1( يف األرجنتني "خوان بريون "على غرار ما قام به ،إىل ساحة العمل السياسي ىل السلطة أعـاد النظـر يف لكن وصوهلا إ ،هذه التنظيمات احلزبية اجلديدة إىل كاريزمية قادهتا

تكفل تطوير منـط ،شعبيتها ألن القيم اليت كانت تستند إليها مل تكن هتدف إىل بلورة دمقرطة تسبب يف ظهور خنب جديدة أخذت على عاتقها القيـام وهذا ما ،حزيب على الشكل الغريب

والطبقات ،كاليون عرب أحزاب جتمع الطبقة الوسطى اليت يرتكز عليها الرادي ،بإصالح دميقراطي ن هذه التجربة أا مل تنجح وفتحت عاملالحظ و ،العمالية اليت استندت عليها األحزاب الشعبية

. و رجال الديناألراضي يتشكل احملافظون يف أمريكا الالتينية من كبار مالك ∗ .128ص . 1990, ربية للطباعة و النشراملؤسسة الع: بريوت، الثالثةة الطبعالسياسة،موسوعة الكيايل،عبد الوهاب- 1

Page 58: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

57

وهي نوعني أحـزاب ماركـسية ،الباب لظهور نوع أخر من األحزاب هي األحزاب الثورية ومل ،تزامن ظهورها مع بروز األحزاب الشعبية واإلصـالحية ي وأحزاب غري شيوعية و ،شيوعية

.تتمكن من فرض نفسها يف تلك املرحلة عدى بعض االستثناءات ككوباوخالصة القول أن األحزاب يف أمريكا الالتينية تعرب عن واقع سياسي واجتماعي خاص

فالشخصنة اليت متيزت ا هذه األحزاب عرقلت إىل حـد ،ومل ترقى لبلوغ الدميقراطية الفعلية كما أن التسلط ظل الـسمة العالقـة ـذه ،و دميقراطية متثيلية حن ،كبري تطور الظاهرة احلزبية

وأمـام ،قف أمام لعب األحزاب لـدورها و وهذا ما ،الظاهرة يف أغلب بلدان القارة الالتينية .ظهور خنب واعية حبقيقة الدميقراطية ومبادئها

الظاهرة عرفت هذه ،ةالالتينيخالفا ملا سلف ذكره عن األحزاب السياسية يف أمريكا و ر يف التاريخ السياسي للمجتمعات األسيوية فحسب دراسـة دج وت ،ة يف القارة األسيوي تواجد حول اتمعات األسيوية الحـظ مـن خالهلـا أن االجتاهـات )Lucien peye" )1"قام ا

هي نفسها اليت أعاقت منو نظـم ،واملمارسات اليت وفرت ظروف مناسبة لربوز أحزاب منفردة فظهور احتادات قادرة على صياغة سياسات عامة كان غـري مقبـول يف الـنظم ،فعالةحزبية

واجلماهري اليت ، وهذا ما كان يعرب عن اهلوة الكبرية بني النخبة احلاكمة ،اإلمرباطورية التقليدية ومل تعترف هذه األنظمة حباجتها ، إال يف حاالت قليلة،مل تتمكن من إيصال مطالبها إىل احلاكم

مجاعة حتمل مطالب اجلماهري حيث انصب اهتمام هذه األنظمة على احتكار السلطة ومنع إىل . ظهور مركز قوة مستقل

أن هذه األنظمة جنحت يف إحداث استقرار جعل اجلماعات اليت كانت تنـشط يف ويبدو التقليدية مل تـرى هـذه وبسقوط هذه األنظمة ، إىل مستوى أحزاب سياسية ترتقي ال ،اخلفاءومتاشـيا مـع ) احتكار الـسلطة ( ام أي ـات جدوى إلعادة النظر يف طبيعة النظ ـاتمع

وجيسد هذا الوضع جتربة الصني ، السلطة من طرف احلزب الواحد تاألوضاع اجلديدة احتكر .الشعبية

لى تنافسية وتعددية وخبالف هذا يالحظ أن النظام اإلقطاعي الياباين الذي كان مبين ع ساهم بقدر كبري يف تبلور ظاهرة ، وعلى فصل بني السياسة واالقتصاد من جهة ثانية ،من جهة

ويتجلى ذلك من خالل االستقالل الـذي ، قريبة من تلك املوجودة يف الغرب ،حزبية تعددية

.103ص . 1987 ،سلسلة عامل املعرفة: الكويت،األحزاب السياسية يف العامل الثالث، حربالغزال أسامة - 1

Page 59: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

58

وهذا ما وفـر ،اكمكان يتمتع به السادة اإلقطاعيون رغم املركزية اليت كان يتمتع ا النظام احل ،إطارا تنافسيا بني السلطة احلاكمة واإلقطاع ومتاشيا مع التطور الذي شهدته األوضاع ،اتارخيي

ونتج عن ،أدرجت املصاحل االقتصادية يف السياسة بالنظر إىل تنامي االقتصاد اإلقطاعي وختصصه والقـادة ،كريونالعس، البريوقراطية ،هذا بروز مراكز قوة متعددة تضمنت على وجه اخلصوص رغم اختالف مصاحلها ومطالبـها ،املاليني واملالحظ عن هذه اجلماعات أا كانت تعمل معا

وذا تـوفرت الظـروف ،)1( على اعتبار أن عمل كل جمموعة كان يقتضي احترام اآلخرين . لظهور منط حزيب تنافسي ومتفتح قريب ملا هو شائع يف النظم الغربية

ن الظروف التارخيية اليت رافقت تطور هذه املنطقـة وخـصوصيتها االجتماعيـة وعليه فإ إال أن التأثري املباشر يف نشأة األحزاب والـنظم ،والسياسية قادهتا إىل بلورة ظاهرة حزبية معينة

يف بـروز ، يرتبط يف الواقع بظاهرة االستعمار وانعكاساتـــها أو دورهـا ،احلزبية يف أسيا إىل جانب القوانني االستعمارية اليت كانت ختول للنخب ، املناهضة لالستعمار احلركات القومية

ساهم يف بروز ، األوضاع هذه وتفاعل ، واملشاركة يف االنتخابات ،احمللية إنشاء أحزاب سياسية وساهم تطورها السياسي بعـد ،أحزاب خنبوية وأحزاب ثورية يف أغلب بلدان القارة األسيوية

وإما باحتواء النخب داخل احلزب الواحـد وهـي ،براز تعددية حزبية تنافسية بإ إمااستقالهلا .السمة اليت طبعت أغلب البلدان األسيوية

ظاهرة األحزاب يف العامل الغري غـريب أـا البارزة ل وعليه ميكن القول أن السمة اليت ا أيضا يف اتمعـات فالنشأة الربملانية لألحزاب ال جنده ،جاءت حتت دفع التجربة االستعمارية

ويبـدو أن ، ألن اتمعات العربية مل تعرف تقاليد برملانية تسمح بربوز ظاهرة حزبية ،العربيةالتراث اإلسالمي الذي طبع النظم احلاكمة مل خيلق أو مل جيسد فكرة حكم األغلبية أو حـىت

واملالحظ ، اإلسـالم اليت هي األساس الذي يقوم عليه النظام اإلسالمي أو احلكم يف ،الشورىأا انصبت حول الصفات الـيت ،أيضا يف أغلب األحباث اليت طبعت الفكر السياسي اإلسالمي

ينبغي على احلاكم أن يتحلى ا ومل تسعى إىل تطوير التمثيل عرب اموعـات الـيت كانـت يـة أن خضوع أغلب البلـدان العرب الواضح و ،موجودة يف التنظيم االجتماعي هلذه الشعوب

إمكانية تبلور فكر سياسي بعيد عن طبيعـة احلكـم ،علىالستعمار أى بشكل من األشكال ل بوضعه معامل حركات سياسـية ،وىظالنهرغم اإلسهامات اليت جاء ا الفكر هذا و ،التقليدي

.104 ص ،نفس املرجع السابق الذكر 1

Page 60: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

59

باإلصـالح وصـوال إىل املطالبـة ،لعبت دور كبري يف بلورة مطالب اتمعات املـستعمرة .باالستقالل

السياسي وتعرب النهضة العربية اإلسالمية عن ميالد اجتاهني سياسيني بارزين مها اإلسالم قفزة نوعية يف حياة اتمعات العربية ،ويشكل ظهور احلزب السياسي كتنظيم ،)1(والتيار الوطين

و العالقـات واإلسالمية اليت مل تعرف سوى التجمعات القائمة على القرابة أو العقيدة الدينية أ أن تركيا تشكل البلد الوحيد الذي ، يف ميدان األحزاب السياسية )2( ويرى الباحثون ،الشخصية

ويرجع ذلك إىل ، األداة الرئيسية للتنافس حول السلطة ،أصبحت فيه األحزاب منذ زمن مبكر مهوريـة وأن اجل ،جمموعة من األسباب أمهها أن تركيا هي البلد الوحيد الذي مل يفقد استقالله

وريثة قرون من التقاليد احلكومية يك عن الطابع الالئكـي ، 1923التركية اليت ظهرت عام أضف إىل ذلك خمتلف اإلصالحات اليت طبعـت ،"مصطفى كمال أتاتورك "الذي وضع معامله

تكمـا سـامه ، إىل فتح الباب لظهور عدة أحزاب ،من حق التصويت للمرأة ،النظام التركي ، لكن مع وجود قوى ملؤسـسة اجلـيش ،رخيية على توطيد ظاهرة حزبية تنافسية الظروف التا

ظاهرة األحزاب بواسطة استنـساخ ،وعليه تكون تركيا االستثناء الوحيد الذي طور سياسيا . وتطبيقها على البيئة التركية،هذه الظاهرة عن النموذج األورويب

حركات ثوريـة أو أحـزاب إبرازية على يف حني ساهم االستعمار يف معظم الدول العرب مث بعد حتقيق ذلـك أخـدت ،ثورية أخذت على عاتقها مهمة حترير الوطن وحتقيق االستقالل

على عاتقها املشاريع التنموية يف حماولة لتدارك التأخر الذي خلفـه احنطاطهـا وخـضوعها .العربية واإلسالمية وبدا واضحا أن مسة احلزب الواحد هي اليت طبعت األنظمة ،لالستعمار

وما ينطبق على اتمعات العربية ميكن تعميمه على األنظمـة اإلفريقيـة فخـضوعها قـاد إىل تـأخر ،الستعمار إضافة إىل عزلتها عن العامل وعن مراكز اإلشعاع املعريف احلضري

إلفريقيا فتكوين األحزاب السياسية تعترب ظاهرة جديدة بالنسبة ،ظهور األحزاب السياسية فيها هذا التـأخر يف ، بدأت مع اية احلرب العاملية الثانية مع بعض االستثناءات كليبرييا ،السوداء

ميكن تفسريه بغياب تقاليد برملانية ،بروز األحزاب السياسية يف املستعمرات الربيطانية والفرنسية ،قيام الدولـة االسـتعمارية انتظرت البلدان اإلفريقية إذ ،وانتخابية كسائر البلدان الغري غربية

1 -Lahouari Addi ,l’Algérie et la démocratie, France : la découverte, 1994.p 8.

ص، مرجع سابق ، الغزال حرب ةأسام - 2

Page 61: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

60

،القتراع التدرجيي بعد احلرب العاملية الثانية لتشهد ظهور األحزاب الـسياسية األوىل ل اإدخاهلووارتبطت هذه األحزاب بالظروف التارخيية اليت مرت ا هذه البلدان خالل العهد االستعماري

، ملوالية للسياسة االستعمارية حيث سعت السلطات االستعمارية إىل تشجيع األحزاب النخبوية ا وقادها ذلـك ،ومقابل هذا ظهرت أحزاب قومية سعت بكل الطرق إىل التحرر من االستعمار

يف حني ظلـت ، مث إىل بلورة نظام احلزب الواحد املبين على التأييد اجلماهريي ،إىل االستقالل رية لـضرب احلركـات خمتلف التشكيالت النخبوية أو العرقية وسائل يف يد القوى االستعما

.الثوريةوذا تكون الظاهرة احلزبية يف العامل الغري غريب نتاج أو حمصلة لظاهرة االستعمار وإفرازاهتا

ويف الوقت الذي كان من املنتظر أن جتسد األحزاب السياسية دورها التمثيلي لسيادة الـشعب اسـتعمال خمتلـف األسـاليب متنع الوصول إىل السلطة ب ،أصبحت أداة يف يد خنب حاكمة

وختلف ،عـدم اسـتقرار سياسـي ذلك ونتج عن ، شرعية للبقاء يف السلطة 4 والغري ،الشرعية يعيق التحول حنو الدميقراطية التمثيلية وحنو إعطاء احلزب دوره يف بعـث ،اقتصادي واجتماعي

.مسار الدمقرطة

Page 62: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

61

العامل الغري غريب ومعوقات التحول الدميقراطيخصوصية التجربة احلزبية يف: املطلب الثاينإن الظاهرة احلزبية يف العامل الغري غريب عرفت نشأة خاصة ـا ارتبطـت بـالظروف

يف حني أن اجلامع بني خمتلف هذه لبلدان أا مل تعـرف نـشأة ،التارخيية لكل بلد على حدا ومل تعـرف ،رف الدولة القومية مبكرا فاتمعات الغري غربية مل تع ،أصيلة لألحزاب السياسية

وانتظرت دخول االستعمار لبلورة الدولة القوميـة داخـل ، ومل تشهد االنتخابات ،الربملانات مت ومن ،مث املشاركة يف احلياة السياسية اليت سطرهتا السلطات االستعمارية ،الدولة االستعمارية

هذه احلركات التحرريـة إىل ت حتول مث،إنشاء أحزاب سياسية خاصة ا للدفاع عن حقوقها .نظم حزبية أحادية لتجسيد هيمنتها

خارج العامل الغريب بالتـدقيق يف ،ولقد انصبت اهتمامات الباحثني يف األحزاب السياسية :)1(توجيه انتقادات ميكن حصرها فيما يليبهذه الظاهرة

بـآخر أو ختتلف بـشكل ،شوهة أا أحزاب م ،عن األحزاب السياسية الغري غربية يالحظ /1 ،فأغلب األحزاب اليت يطلق عليها هذا االسـم ،وبدرجات متفاوتة عن املعىن احلقيقي للحزب

تـسمية إذ ال يعقل ، ليست أحزابا باملعىن احلقيقي العلمي هلذا االصطالح ،وخصوصا يف إفريقيا .مة يف دولة ماـحزب جمموعة صغرية من أفراد النخبة احلاك

أا أحـزاب مؤقتـة ،انية اليت متيز األحزاب يف العامل الغري غريب أو العامل الثالث السمة الث /2 وتسعى إىل الوصل إىل السلطة واالستحواذ عليها باالستناد ، القبلية تالوالءا مبنية على ،وظرفية

وهـذا ، واملالحظ أن هذه األحزاب تزول بزوال قياداهتـا ،إىل جمموعات عرقية أو إىل اجليش وهلـذا ، يف ممارسة السلطة بطرق غري شـرعية ا تطالب حبقه ،ة لظهور أحزاب جديدة كنتيج

.الغرض تبقى مسة االنقالبات إحدى خاصيات هذه اتمعاتولقـد حـدد قليلة،املالحظ أيضا أن األحزاب و النظم احلزبية القوية يف البالد املتخلفـة / 3

.)2( ت سياسيةصامويل هنتغنتون ثالثة أبعاد لقوى األحزاب كمؤسساالبعد األول يتحدد بقدرة احلــزب على االستمرار بعد غياب الزعـيم الذي أنـشأه أو / أ

.الشخصية الكاريزمية اليت أوصلته إىل السلطة

.162ص . مرجع سابق الذكر ،أسامة الغزال حرب 1 .168 ص ،نفس املرجع - 2

Page 63: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

62

، وخصوصا فيما يتعلق بالعالقة بني احلـزب ،البعد الثاين يقاس بالتعقيد والعمق التنظيميني / ب، كالنقابات قصد احلصول على الدعم اجلمـاهريي ، صاديةوبني التنظيمات االجتماعية واالقت

يالتنظيمـي، واملؤسـس أن اغلب األحزاب يف البلدان املتخلفة مل تطور اإلطـارين ظواملالح .الالزمني لتنظيم الدعم اجلماهريي

والـساعية إىل ، يتعلق بدرجة توحد العناصر النشطة سياسـيا ،البعد الثالث لقوى احلزب / ج .أي مدى ارتباط املناضلني باحلزب ووالءه له،زبالسلطة مع احل

ذات معامل حمددة نابعة من طبيعة ،وذه اخلصائص تصبح النظم احلزبية يف العامل الثالث وأهم ما ميز هـذا ،ومرهونة بالظروف التارخيية اليت رافقت منو هذه البلدان ،اتمعات نفسها

زمات حادة أثرت بشكل كـبري يف حتـول هـذه النمو أو التطور السياسي أنه كان مقرون بأ .وحنو ظهور ظاهرة حزبية فعالة وتعددية،اتمعات حنو الدميقراطية التمثيلية

وبلـدان العـامل ، فمقارنة بسيطة ملسار التحول السياسي املتبع من طرف البلدان الغربيـة دولة الغربية يف بداية تكوينـها فال،وضح لنا أن اتمعان مل خيضعا لنفس املقياس الزمين ،يالثالث

مل تكن ملزمة بإتباع منوذج معني أو حـىت ، حنو منوذج الدولة األمة أو الدولة الوطن ،السياسي يتماشـى ، واستطاعت أن تبلور شكل جديد من احلياة السياسية خالل عدة عقـود ،التأثر به

ت دول العامل الغـري غـريب عكس هذا أجرب ،وجتارا التارخيية وخصوصياهتا ونظرهتا املستقبلية على تبين هياكل مؤسساتية تسمح هلا أو متكنها من ممارسة عملها يف احليـاة ،عشية استقالله

.الدولية كما وجدت نفسها ملزمة بإتباع النماذج املوجودة يف الساحة الدولية من جهة وضـرورة

ب معطيـات نابعـة مـن حـس ا بتبيئة تطوره ،حمافظتها على شخصيتها أو هويتها الوطنية ويؤثر بصفة ،هذا الوضع يعرب يف احلقيقة عن تناقض ال يزال قائم يف هذه البلدان و ،اخصوصياهت

دائمة على التطور السياسي هلذه اتمعات كما يعرب عن أزمات سياسية متس احلياة الـسياسية .)1(لكل دولةتمعات أمام خيارات سياسية وضع هذه ا ، االستعمار هفل الوضع السياسي الذي خ إن حيث أرغمت هذه البلدان على الدخول يف سباق ضد السرعة من أجل تـدارك ،غري رشيدة

و يبدو أن التنمية اليت رافقت االستقالل كانت نتيجة إلرث استعماري ،تأخر عقود من الزمن

1 -Bertrand Badie , opcit. p181.

Page 64: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

63

وحـىت ،انـات فمعظم هذه البلدان تبنت النظم السياسية الغربية من دولة وبرمل ،وإرث وطين مت ومـن ، لكنها عربت يف الوقت ذاته عن عدائها للدميقراطيـة التعدديـة ،سياسات اقتصادية

الدميقراطيـة سعت إيل جتـسيد و ، ألا رموز الغرب اإلمربيايل االستعماري ،التعددية احلزبية تصاديا بعـد الذي أخذ على عاتقه تنمية البالد اق ، اليت قوامها احلزب الواحد الطالئعي ،الشعبية

.أن حررها سياسيا لكن الواقع الذي خلفه االستعمار كان ابعد من ذلك بالنظر إىل األوضاع االقتـصادية

فايار اقتصاديات هـذه البلـدان عـشية ،والثقافية اليت عرفتها هذه الشعوب بعد استقالهلا ات املتعـددة ووجود نظام اقتصادي عاملي رأمسايل هتيمن عليـه الـشرك ، استقالهلا من جهة

وبدا واضحا أن احملـاوالت استعمار جديد حتت شكل التبعية افرز ،والدول العظمى ،ةاجلنسيكانت متر بشكل من األشكال عرب االستدانة مـن ،التنموية اليت خاضتها معظم الدول املتخلفة

ـ ، وذا ظلت هذه البلدان حتت اهليمنة االستعمارية ،بنوك عاملية أو من دول بط يف وظلت تتخ خمتلف القيادات الـيت طرف من ،شبح املديونية واألزمات االقتصادية اليت رافقها ب للثروات

. عرب احملاوالت االنقالبية املختلفة،توالت على السلطة سامهت بقدر كبري يف عدم بروز ظاهرة اليت أحاطت بنمو الدول املتخلفة، الظروف إن

ألن تبلور مثل هذه األشياء يقتضي اسـتقرار سياسـي ،يةحزبية تعددية ومن مت دميقراطية متثيل يساهم يف التنمية البشرية، ويف خلق حس مدين عرب التنشئة ، وإنتاج فكري ومعريف ،واقتصادي

.⋅السياسية املهيكلة من طرف املؤسسات التربوية،واهلادفة إيل بناء ثقافة سياسية رشيدة وترك ، كأزمة اهلوية وأزمة اللغة ، أخرى وواقع احلال أن االستعمار خلف وراءه أزمات

ويف بعـض ، تسعى إىل خدمة القوى الـسياسية اخلارجيـة ،وراءه خنب متخصصة يف اإلدارة خنبة حاكمة مهيمنة رغم أا غري مؤهلـة للحكـم حبكـم النخب، إىل األحيان حتولت هذه

)1(.تكوينها ،ث لدرجة التحديث الـسياسي أهم العوائق اليت حتول دون بلوغ بلدان العامل الثال إن

خصوصية التركيبة االجتماعية يف هذه اتمعـات والـيت تعـرب عـن هي، الدمقرطة متومن فالسمة الغالبة يف هذه البلدان ،نعكس سلبا على السري العادي للمؤسسات ت ،انقسامات عديدة

⋅ 1 - Dimitri George Lavroff ,les partis politiques en Afrique noire ,France. Edit, presse universitaires de France ,1970. p23.

Page 65: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

64

على االمتثال وتفرض اآلخرين هي قيام جمموعة باالستحواذ على السلطة عن طريق القوة ، حيث تسعى كل جمموعة ، وهذا ما يفتح الباب لظاهرة االنقالبات ،لقواعدها اإلثنية والسياسية

وهكذا تكون حلقـة غـري ،على إاء احتكار السلطة من جمموعة أخرى قصد فرض هيمنتها يف حني تغيب جمموعات اجتماعية تأخذ على عاتقهـا متناهية جيسدها الصراع بني العصب

، والسياسية وتساهم يف تأطري أو هيكلة الرتاعات االجتماعية يف قالب سـلمي ،نمية اتمعية الت ثقافـة التوفيقيـة أو يسمح حبل املشاكل االجتماعية ويساهم يف خلـق ثقافـة التنـازالت

"la culture du compromis "تمع واحلكامومن مت بلورة حس مدين لدى أغلبية أفراد ا، . على التداول السلمي قائم ،ويفتح الباب لتنافس سياسي نزيه

بداية من النظرة إىل الـسلطة ،الدهنيات جيب إحداث حتوالت عميقة يف لبلوغ ذلك ويقتضي هذا البناء حياة سـلمية إذ ، كما يتطلب كل هذا املرور عرب البناء الدميقراطي ،نفسها

ك عن وجود مؤسسات مستقرة وإشعار املواطن بروح ي ،ومشاركة واسعة من قبل املواطنني ، ، وأن وظيفتها األساسية هي توفري األمن ، بأن الدولة أداة بيد اإلرادة اتمعية ،املسؤولية بتوعيته

من مشاركته السلمية يف الرهانـات ؤت، آليات ومؤسسات مقنعة للمواطن وهلذا الغرض توضع أيـن تأخـذ ،ما ميكن أن نسميه بدولـة القـانون حتت ،تفعيل مسار الدمقرطة ل ،السلطوية

. وهو الرقيب على من حيكمونه،الدميقراطية مكاا ويكون الشعب هو السيد يف االختيارإن الواقع السياسي لبلدان العامل الثالث يظهر أن ما أفرزه التراكم التارخيي والتجـارب

حيـث ،حيان مع النمط الدميقراطي السياسية وضع أشكاال وأمناط سياسية تتناىف يف غالب األ ،السمة البارزة يف أنظمة العامل املتخلف هي الطابع األبوي أو ما يطلق عليه باألبوية اجلديـدة

ويـنظم ،مثل هذه النظم تقوم على حكم يهيمن عليه رجل يكون يف الغالب أمري خيتار فواعل بغي علـى الدولـة إتباعهـا وحيدد وحده التوجهات اليت ين ،عمل هذه الفواعل وفق أولويات

وكـل ،مفهوم قدمي يعود ايل اململكات القدمية اليت كانت تدعي أن الدولة )1(،فالنظام األبوي األشخاص الذين يعيشون فيها ملك للملـك ،وبالنـسبة لـدول العـامل الثالـث احلديثـة

أن ،القـول مبقدورها ن،فاموعة اليت استحوذت على السلطة بعد االستقالل مل يك لاإلستقال ومن مت ، لظهور تلك السلطة واإليديولوجيةالسلطة ملك خاص ا،بالنظر ايل الظروف التارخيية

مل يكن مبقدورها استنساخ النظام األبوي الذي عرفته أوروبا القرون الوسطي، وهلذا رأت أا

1 – sous la direction de René Gallissot,populisme au tiers monde ,paris :édition L’Harmattan,1997.p220.

Page 66: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

65

علـى ذستحوا تعطيهم احلق يف اإل -هي التنمية اإلقتصادية واإلجتماعية –مكلفة مبهمة تارخيية أو ، باألبوية اجلديدة" S.M Eisenstadt "السلطة حىت حتقيق تلك املهمة ،وهذا ما يطلق عليه

ـ يما يسم وتقوم هذه األنظمة بتطوير إستراجتية متنع اقتراب الفواعل ، Neopartmonialise بوبـاألخص ،كما تعمل على هيمنتها يف التمثيـل ،احمليطة من املوارد املكتسبة من طرف املركز

وحتـدده ، الذي تشجعه من أجل احلفاظ على مـشروعيتها ،مراقبة مسار التطور االقتصادي يصبح احلكـم يف يـد أقليـة متومن ،بقوانني متنع إمكانية ظهور خنب منافسة تطالب باحلكم

. تسعى بكل الطرق إىل منع التطور السياسي بواسطة املشروعية التنموية،مهيمنةدان اإلفريقية واألسيوية هذا النظام حيث احلياة السياسية واالقتصادية حمظورة وجتسد البل

.حبكم هيمنة السلطة احلاكمةوتعترب األنظمة األبوية متهيد مليالد األنظمة السياسية الزبائنية اليت تتمخض عـن هيمنـة

كمـا أـا نتـاج كز عن غياب اتصال بني احمليط واملر ومتولدة،املركز على احلياة السياسية خلصوصية احلياة واملمارسة السياسية يف النظام األبوي اليت جتعل مـن املركـز الـسياسي أي

، باالعتماد على مواردها املاليـة ةومتوا جه موقع للصراع بني خنب سياسية متنافسة ،السلطة .وتسعى إىل استعمال املؤسسات املالية العامة

يرى الباحثني يف هـذا ، حيث ائين يعرب يف احلقيقة عن وضع انتقايل إن النظام السياسي الزب

وهذا ما يوحي أن الزبائنيـة ،اال أن مثل هذه األنظمة تشكل نوع من احلداثة الغري مكتملة تكمن يف تبيئة املؤسسات السياسية الغربية مع واقع ،مرتبطة بصعوبة هيكلية أكثر منها انتقالية

وهذا ما يقود إىل وجود بناء بريوقراطـي ، و بناء سياسي خاص ،خ أخر اجتماعي نابع من تاري .)1(يتماشى مع ثقافة جمموعة بدل ثقافة جمتمعية

احلزب فيها يشكل ،إىل جانب هذه األنظمة يسود العامل الثالث أنظمة تسلطية ومشولية ـ ،ونشر اإليديولوجية ، الوسيلة اليت ميكن من خالهلا فرض اهليمنة ،السياسي شكل املواثيـق وت

خلط بني مفهـوم ويفرز هذا املر ،إحدى األدوات اليت يهيكلها احلزب من أجل توطيد السلطة .الدولة واحلزب

1 -Bertrand Badie ,opcit, p .192

Page 67: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

66

،وظلت خمتلف األنظمة السياسية يف البلدان املتخلفة متبنية لنمط سياسي حزيب أحادي ت عميقة أعادت النظر حىت بداية الثمانينات أين شهدت احلياة السياسية يف هذه البلدان حتوال

وسامهت األوضاع االقتصادية املزريـة ،يف طبيعة األنظمة السياسية القائمة على احلزب الواحد لكـن ، اليت انتهت بإعادة هيكلة هذه البلدان اقتـصاديا ،هلذه البلدان يف دعم هذه التحوالت

باب لتبين سياسة اقتصادية واليت تفتح ال ،بشروط سياسية أمهها الدمقرطة التدرجيية هلذه األنظمة . يف حقل سياسي مغلق منذ عدة عقود، من العملة متكن الشركات املتعددة اجلنسي،حرة هي أكثر املراحل خطورة ، وترى خمتلف األدبيات السياسية أن مرحلة االنتقال الدميقراطي

ففي هـذه ،انتكاسات بالنظر إىل إمكانية تعرض النظم فيها إىل ،يف عملية التحول الدميقراطي والنظـام اجلديـد ،املرحلة يكون النظام ذو طبيعة خمتلفة تتعايش فيه مؤسسات النظام القدمي

، وأصحاب التوجهات الدميقراطيـة ،ويشارك يف احلياة السياسية أصحاب االجتاهات السلطوية التحـول وهلذا تتميز هذه املرحلة من مراحـل ،سواء عن طريق الصراع أو عن طريق االتفاق

بالنظر إىل كون هذه املرحلة األساس الذي تتمخض فيه األطر حلل ،الدميقراطي بتنوع أشكاهلا .الصراعات بطرق سلمية

واملالحظ أن هذه الشعوب تعاين من عدم توفريها آلليات التحول الدميقراطي خاصـة

ورفضها ،حلول للمشاكل االقتصادية عجزها على إجياد و ،بعد ايار مشروعية النظم التسلطية .قدر أكرب من احلريات واملشاركةل

فالـصيغة املناسـبة ،)schmitz )1 و Karl التحول الدميقراطي بآليات حسب ة ومتر عملي تقود إىل وضع قواعـد ، تتم عرب اتفاقات ومساومات بني أطراف خنبوية ،للتحول الدميقراطي

ويذهب باحثـان يف العلـوم ، أهم الفاعلني السياسيني بني ،جديدة تضمن التعايش السياسي يقوم علـى ،صياغة سيناريو للتحول الدميقراطي إيل "Shmit" و "Odonnell "االسياسية ومه

وإن لوحظ عدم وجود اتفاق حول خمتلف تكتيكـات ، واحللول التوفيقية ،التدرج واالعتدال عدم املساس حبقـوق ملكيـة الفئـات باستثناء ضرورة األخذ بعني االعتبار ،هذه االتفاقات

.البورجوازية ومصاحل املؤسسة العسكرية

قسم العلوم ةالسياسي جامعة القاهرة كلية االقتصاد والعلوم ،االجتاهات املعاصرة يف دراسة النظم السياسية يف العامل الثالث ،ى ميتكيسهد. د- 1

.السياسية

Page 68: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

67

ويتفق اجلميع أن التحول الدميقراطي مير عرب آليات دستورية وسياسية على أن ال تكون اجلهـاز مـن خالهلـا هيمن ،ي وآليات مفرغة من حمتواها ،الدميقراطية إجرائية بواسطة قوانني

تكون وإمنا، الذي خيلق خلل يف السري العادي للمؤسسات األمررى التنفيذي على األجهزة األخ ويكون اتمع السياسي عـاكس ، يكون الدستور والقانون فوق اجلميع أي مضمونيهدميقراطية

مـن أجـل تفـادي ،يتم تقنني ودسترة هذا االختالف من مت و ،للتعددية املوجودة يف اتمع كتعبري عن املطالبة ـذه ، الكثري من األحيان إىل للعنف اليت قد تقود يف ،الصراعات السياسية

.احلقوق اليت كثريا ما جندها يف البلدان املتخلفة ، وذا يتم جتاوز ما ميكن تسميته بدميقراطية الواجهة

ال ، وأين التعددية موجودة لكن حبكم هيمنة قوى سياسية معينة ،أين كل شيء مقنن ومدستر وإن وصلت يتم القضاء عليها بطريقة جتعل السلطة القائمة ، إىل السلطة يتم وصول خنب جديدة

ويف هذا اإلطار ميكن احلديث عن أمثلة كثرية وجتارب دميقراطية مت إجهاضـها ،املستفيد األول أو توقيف املسار االنتخايب ، كالتجربة التركية واملعارضة اإلسالمية فيها ،بشكل من األشكال

. االنقالبات اليت تظهر هنا وهناك يف بلدان اإلفريقية والالتينية أو حىت،يف اجلزائروذا تكون الظاهرة احلزبية يف العامل الغري غريب تعبري عن خمتلف األوضاع الـسياسية و . واليت يف اية تضع معامل ظاهرة حزبية خصوصية،اتمعية

أحد أنظمـة العـامل املتخلـف وهلذا الغرض سنحاول دراسة األحزاب السياسية وتطورها يف .واملتمثلة يف اجلزائر

Page 69: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

68

خالصة الفصل األول إرتـبط يف ، يعرب يف الواقع عن خماض عسري ، وتطوره ،اإن دراسة الظاهرة احلزبية نشأهت واملالحظ أن التجارب السياسية اليت رافقت ، بتطور الدميقراطية ونشأهتا يف بالد اإلغريق احلقيقة

هلذه الظاهرة طبيعة تتماشى مع الوضع الـسياسي ،لمجتمعات الغربية أعطت البناء السياسي ل مفـاهيم ،والربملان السيد ،وهذا ما يفسر أن الدولة الوطن واملواطنة ،واالجتماعي هلذه الشعوب

بروز خنب سياسية ها أمه ،ناجتة عن تفاعل عدة عوامل جمتمعية جاءت لتعرب عن طبيعة سياسية و .ن الفكر السياسي الذي راج مع بداية القرن السابع عشرعة حرة نابعة متشبعة بثقافة سياسي

وجدت نفسها يف ، ويبدو أن األحزاب السياسية كإحدى حمصالت التطور السياسي الغريب لكنها عرفت يف الوقت نفسه صعوبات للعب نفس الدور يف خمتلـف ،كل األنظمة السياسية

، الغري غريب مل ترقى إىل مستوى التجربة احلزبية يف الغـرب فالظاهرة احلزبية يف العامل ،املناطقليت تعترب املناخ اجليد لتجسيد احلداثة اوهذا نتيجة لغياب الشروط الضرورية لتفعيل الدميقراطية

.مبختلف أشكاهلا النتقال الشعوب من ، واحلزب من خالل املفاهيم والدراسات اليت أحاطت به يعترب وسيلة

والتجارب السياسية والتارخيية تؤكد أن األحزاب السياسية تعمل علـى ،خرآلسي وضع سيا أو يف التعددية ،أين توطد هيمنة خنبة سياسية ،تفعيل احلياة السياسية سواء يف األنظمة األحادية

وذا تصبح املتحدث الرمسي عن ، ومهيكلة لالختالفات ،أين ختلق إطار تنافسي وبدائل متعددة لكن ذا الوضع الذي تشغله األحزاب تقف كحاجز أما التنظيمـات ،وعن طموحاته املواطن

يف حني أا ال ميكن أن تسعى إىل )1(،األخرى ألا تفترض أا املعرب الوحيد عن املصلحة العامة . ألا تعرب داخل احلقل السياسي عن االختالف االجتماعي،وحدة اتمع

وأن ،جتمـاعي و الظاهرة احلزبية عموما جاءت كتعبري عن واقع ا ميكن القول أن احلزب أ وبقاءها اليوم مقرون مبدى قدرهتا على تفعيل نشاطها مقابل تنامي التنظيمات األخرى يف احلياة

بينما تضل هذه ، تلعب دور اجتماعيا أكثر منه سياسيا ، فاألحزاب يف الغرب اليوم ،السياسية

- 1 Jean Marie Donegani et Marc Sadoun, la démocratie imparfaite "essai sur le parti", paris ; Gallimard,

1994 ; p 259.

Page 70: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

69

هو االسـتحواذ ، ألن هدفها الواحد والوحيد ،عيدة عن هذا الدور الظاهرة يف العامل املتخلف ب يف حني تشكل الدميقراطية وسيلة جديدة لبقاء خنب قدمية يف احليـاة ،على السلطة والبقاء فيها

.السياسية وتعرب خمتلف األحزاب السياسة اليت أفرزهتا اإلصالحات املرافقة إلعادة اهليكلة االقتصادية

. هدفها العودة أو البقاء يف السلطة بطرق شرعية وغري شرعية،لبلدان عن خنب تقليديةملختلف ا

Page 71: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

70

.

:الفصل الثانيلتاريخي االتطور السياسي

.لظاهرة األحزاب في الجزائر

Page 72: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

71

ا الفصل دراسة املسار التطوري الذي عرفتـه األحـزاب الـسياسية يف اول يف هذ سنح التارخيية اليت واكبت احلقب وخمتلف اجلزائر، من خالل العودة إىل التاريخ السياسي اجلزائري،

، بداية من دخول املـستعمر أرض اجلزائـر ، واتمعي الذي عرفته اجلزائر ،التطور السياسي الذي متخض عنة ،ووصوال إىل الكفاح السياسي للنخبة اجلزائرية ،ومرورا بالثورات الشعبية مث النشاط السياسي الذي أفرز أفكار سياسية متنوعة مـن خـالل ،ميالد األحزاب السياسية

أثناء الفترة االستعمارية، مث ننتقـل إىل اليت كانت تشكل احلقل السياسي ،االجتاهات السياسية ها لنظام احلزب الواحد، وتطور الظاهرة احلزبية خالل هذه الفترة بناء الدولة اجلزائرية وجتسيد

املتميزة من تاريخ اجلزائر، وكيف شهدت احلياة السياسية بداية لتحوالت قادت يف النهاية إىل للتعددية السياسية وملمارسة سياسية أقل ما ميكن القول بابذي فتح ال ل ا ،تبين مسار الدمقرطة

.بآليات سامهت بقدر كبري يف ترسيخ التعددية احلزبية التمثيليةعنها أا كانت مقننة

Page 73: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

72

األسس السياسية و التارخيية لألحزاب اجلزائرية:حث األولاملب

ا مثرة التحوالت بأل ائقالها ن فم ،ارب اآلراء حول ظاهرة تعدد األحزاب يف اجلزائر تتض كتوبر وهذا هو الغالب، ومنها من يرى أا وليـدة السياسية اليت عرفتها اجلزائر بعد أحداث أ

يؤكد الواقع والتاريخ أن هـذه وبني هذا وداك ،الهلااستقة عشي ائراجلزاألزمات اليت عاشتها وطنية اجلزائرية لا ركةاحللت كالتجربة متجذرة يف تاريخ اجلزائر املستعمرة مع األحزاب اليت ش

، وسامهت النخبة السياسية اجلزائرية بقـدر ل الوطين ستقالأجل احلصول على اال من ،انضاهلونتقل تـدرجييا إىل فالزخم الفكري الذي عرفه الغرب إ ،الظاهرة يف وتنوعها كبري يف بلورة هذه ، وعي لهلنخبة السياسية اليت بلورت من خال وا ،تعمارلالس مباشر غري امبإسهاملناطق األخرى و

باالستناد إىل القيم الراسخة يف هذه اتمعـات ،اللرة االستق كية وف طنقومي حول القضية الو هذا التمـازج ،لكيات املطلقة والكنيسة امل اداضطهوباالستفادة من التجارب الغربية يف مقاومة

ـ وطرح احلرية كبديل عـن ،منح هذه الشعوب إمكانية النهوض بالقضية الوطنية طهاداالضبفكرة املواطنـة وعي نهضة العربية يف تولد كاهلجرة، وال ىر عوامل أخ تستعماري، وسامه اال

سامهت احلركات النقابية اليسارية يف الغرب بقدر كما ،ساناإلنق وحقو ،سانيةاإلنوالكرامة ـ أه الذي راألم ، الوعي القومي، والتكوين السياسي للفئة املهاجرة ةكبري يف بلور لتـبين هالهل .القضية الوطنية

ياسية، الـس زاباألحللوعي القومي قاد يف النهاية إىل ظهور درجيي تلالور تب ال نو أ ويبد الـيت ثلالثاسلسلة من احلقب التارخيية للتطور السياسي لبلدان العامل عن تمتخضكمحصلة

ألنه مسح للعديد من البلدان أن ، له فائدة ضرر ارهاعتب ميكن ذي وال ،خضعت لظاهرة االستعمار ي، مسح بتبلور ـور سياس ـصفة غري مباشرة يف خلق تط ا ساهم ب مك يميا،قلتتكون سياسيا وإ

أحـزاب سياسـية،واجلزائر مت واالنتخابات، ومـن ةـ والتجربة الربملاني ،فكرة الدولة الوطن ي خاص ا قادها سياست تطور عرف تعمار،سلالخضعت كغريها من بلدان العامل الثالث اليت

،سعى إىل كسب حقوق سياسـية ومدنيـة ان االستعماري ت كي ال نإىل جتربة حزبية مستقلة ع !!وتبحث عن االستقالل الوطين ؟

Page 74: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

73

.اجلزائر و النشاط السياسي احلزيب يف تعماريةاالسالظاهرة : لب األولاملط

يطرح إشكالية ،طرح قضية األحزاب السياسية يف اجلزائر خالل العهد االستعماري إن األحزاب الفرنسية والدولة الفرنسية ومـن عن رمغايهر و ودولة جزائرية كج ،أحزاب جزائرية

.1962 وجود دولة جزائرية قبل تاريخ مت 1962لدولة اجلزائرية مل يكن هلا وجود قبل ا إن« )1(أمحد رواجيية هذا السياق يقول و يف إال أن اجلزائر مل تكن مستقلة متامـا عـن ، والدايات ،ورغم خصوصية نظام البايات ،

بـل أن ،رفض األتراك كان موجود لكن مل يعرب عنه صراحة لشعور ب ا و ،ةطنطينيالقسونصف وكان عليهم إنتظار قرن ،اجلزائريني مل يكونوا يشعرون بوطنيتهم قبل االحتالل

عـن ا تولـدت ، من هذا أن اجلنسية والوطنية هم يف »شعورال ا لتنمية هذ ،من االستعمار عرفها اتمـع اجلزائـري وهذا ليس بالغريب ألن النظم اليت ،يةالظاهرة االستعمار

تقطن على إقليم ، وهذا األمر ال يتناىف مع وجود أمة خمالفة ،كانت غري النظم الغربية .طنةواامل و،طنول كالدولة ا،وتتبىن قيم غري القيم اليت توارثها الغرب

ـ كان الميةاإلستنظيم السياسي الذي طبع البلدان العربية و فال نظم يتماشى مع القيم وال ، وهذا ما مييزها شكال ومضمونا عن النظم الغربيـة ،اليت تبنتها اخلالفة يف مرحلة من املراحل

ـ يؤكـد وما،مة اجلزائرية إىل جوهر مغاير لألمة الفرنـسية األ اءانتموهذا ما يؤكد أيضا اذهة ـقاومم أن امل غ ، ر 1830 العدوان الفرنسي سنة إثر ائريوناجلزاالختالف املقاومة اليت أبداها

.عرفت تذبذب كنتيجة لعدم التوازن يف القوى إىل 1830 تبدأ املرحلة األوىل من ، مراحل ثالثة وتقسم هذه املقاومة حسب املؤرخني إىل

وىل فيها نوع األ واماألع عرفت ،حتاللالا ظمة ضد نملا وتسمى مبرحلة املقاومة املسلحة 1847ـ لتوحيد املقاومة ،وتنظيمها " القادر األمري عبد " وانتظرت جميء ،من االنقسام عـد قوا اءبإرس

و ادامتـد ولقد عرفت دولة األمـري ،سياسيا وعسكريا اهظيم بتن )2(الدولة اجلزائرية احلديثة،

1 -Ahmed Rouadjia, grandeur et décadence de l’état algérien, paris : Kharthala, 1994. p 67.

.109ص .1997 ،دار الغرب اإلسالمي: لبنان،1962التاريخ السياسي اجلزائري من البداية إىل ، عمار بوحوش- 2

Page 75: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

74

من األمري متكنت دولة رغم هذا لكن ضعفها كان يكمن يف صراع القبائل، و ،جيي تدر عتساا اليت مسحت ،افنة اليت أبرمت مبقتضاها اهلدنةتدة الالصمود بفضل املقاومة املسلحة إىل غاية معاه

عليهـا ىقضت و-مقاومة أمحد باي- املقاومة يف الشرق تفرغ إىلتم نفسها و من أن تنظ لفرنسا متكنت من خالهلا ،مث عادت إىل احلرب مع األمري بانتهاج إستراتيجية جديدة هي حرب اإلبادة

فـي القبـول بقـرار الن علـي امـه وإرغ ، بسط سيطرهتا والقضاء على دولـة األمـري منزائر احملتلة حيث فـرض عليهـا جلاتاريخ ة يف دربت اية دولة األمري عن بداية مرحلة جدي عو

.احلكم العسكري، وأصبحت مبقتضى القوانني الفرنسية جزء من فرنسا باستيالء املعمرين على السلطة يف فيها ،ة للجزائر منعرج مهم بالنسب 1870 وشكلت سنة

العسكري، وبداية احلكم املدين الـذي كماحل بعد سقوط نابليون الثالث، وسجلت بذلك اية األمالك بالنـسبة صادرة وم، طهاداالضبل زيادة يف مقا )1(وسع نفوذ املستوطنني يف اجلزائر،

ـ قـاوم ا ت أن قاملنـاط ليت ظهرت يف خمتلف وسعت خمتلف الثورات الشعبية ا ،للجزائريني دمل . التكافؤ يف اإلمكانات العسكرية فشلت بالنظر إىل عدم ها لكن،االستعماري

بالتوسـع يف ،فوذ االسـتعماري الن يدلتوطبداية واملالحظ عن هده املرحلة أا كانت صلية، وبانتهاج حرب إبـادة مناطقها األ من د على هتجري القبائل تماعاال ب ،ةاألراضي اجلزائري

كما عربت هذه املرحلة عن غيـاب أبـسط احلقـوق ،للقضاء على املقاومة مبختلف أشكاهلا وهذا ما دفع القادة اجلزائريني إىل إعادة النظر يف طريقـة التعامـل مـع ،ني يرئ للجزا بةبالنس

دنيـة داخـل هتدف إىل كسب بعض احلقوق السياسية وامل ، بانتهاج سياسة جديدة ،املستعمر .النظام االستعماري، وقوانينه املنحازة لألقلية املعمرة

الس املنتخبة، حتت دفع النخبة اجلزائرية اليت ايف وتدرجييا ظهرت فكرة التمثيل السياسي ولذلك أبـدت ، وأدركت غياب املساواة بني اجلزائريني واملستوطنني ،استفادت من التمدرس

وعلـى هـذا )2( واملشاركة يف االنتخابات احملليـة، ،مثيل داخل الربملان الفرنسي رغبتها يف الت le jeune"اب اجلزائريالش اسم النشاط السياسي بإنشاء حركة خنبوية حتت يف دخلتاألساس

Algérien" ، تعتـرب هـذه و-ا منها إيل تأطري خمتلف املطالب يف قالب قانوين أو منظم سعي

1- Claude collot et jean Robert Henry, le mouvement national algérien textes 1912- 1954, Alger : office des publications universitaires. p 249.

.202ص . مرجع سابق ، عمار بوحوش- 2

Page 76: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

75

تكسب شعبية كبرية،خاصة بعـد أنواستطاعت يف ظرف قصري -ماجكيلة من دعاة اإلد شالت : )1(ها لعريضة إىل الرئيس أهم ما جاء فيها مينيد اإلجباري ، وتقدجتلقرار اد ا ضهوقوف

ادجييناإلنون قانءاغإل- . املستوطنني واجلزائريني بنيائبالضراملساواة يف دفع - . والربملان الفرنسيحمللية ااواة يف التمثيل السياسي باالسسامل-

اليتالمية،اإلس اجلزائري مع ما يصطلح عليه بالنهضة العربية باش ويتزامن ظهور حركة ال يعتربها املؤرخون ميالد لفكرة الوطنية أو القومية، األمر الذي مسح هلذه احلركة أن تبلور فكـر

املعروف مبطالبـه " األمري خالد "هد تاريخ هذه احلركة تقارب مع شكما ،ميإسالقومي عريب هذه احلركة ختوف كـبري لـدى إىل امهانضم وشكل ،م احلكم باجلزائر ظا ن يفاليت تعيد النظر

وهـذا ، يستعمل شعارات سياسية حترض على الثورة أنه اراعتباإلدارة اليت رأت فيه خطر على حركة استقاللية هتدف إىل حبجة أا ،ما قاد السلطات االستعمارية إىل عرقلة عمل هذه احلركة

.رطرد فرنسا من اجلزائ هجرة العديد مـن اجلزائـريني الـذين سبب ،ياسي املتزايد الس هادضطاال والواضح أن

ساناإلن احلقوق اليت يتمتع ا على عوااضطل أين استقروا يف البلدان الغربية، وباألخص بفرنسا مت ومـن ،نشاط النقايب على تنمية وعيهم السياسي وساهم دخوهلم يف ال ،املواطن يف الغرب أو

وي، على غرار ما هو قائم عيم هذا الوعي القومي املتنامي يف شكل مج ظنتدي يف جل ا ريبدأ التفك . أين الظاهرة احلزبية ذات دور أويل،يف الغربائريني الـذين اجلزآالف ى عل ازاهتإفراتزامن هذا الوضع مع اية احلرب العاملية األوىل و ي و

طرفا فيها، وهو اونمل يكو ب حر أو كجنود سقطوا ضحايا يف ، إما كيد عاملة ،شاركوا فيها كانت مبثابة إشعاع بالنـسبة ملختلـف الشخـصيات ،أمر قابلته فرنسا بإصالحات بسيطة

لفرنـسي، دون لتقدمي عرائض تطالب فيها بتمثيل اجلزائريني يف الربملـان ا ،السياسية اجلزائرية طا يف اـال الـسياسي شا األكثر ن "األمري خالد " وتعترب شخصية ،ختليهم عن هويتهم الوطنية

باإلضـافة ،زائر اجل اللاستق ،فحواها "ويلسن" تقدمي رسالة للرئيس األمريكي يكتب هلا حيث الواقع أن و،ةتخابات احمللي االنومشاركته يف ، إىل مساعيه الرامية إلنشاء حزب سياسي إسالمي

لـه السلطات الفرنسية، اليت أحاكت مع هذه احلركية والنشاط قادت يف النهاية إىل اصطدامه

.205 -204ص . نفس املرجع السابق الذكر - 1

Page 77: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

76

مر مع احلـزب مست لاتصاخالهلا عن احلياة السياسية ،ورغم ذلك ظل على نمبعدته أ ضيةق . وساهم بقدر كبري يف خلق رغبة فعلية لتأطري العمل السياسي،الشيوعي الفرنسي

كل النشاط املزدوج لألمري خالد، وحلركة الشبان اجلزائريني خطوة فتحت البـاب ويشملطالبة حبقـوق سياسـية ومدنيـة وا لقضية الوطنية ا حإىل طر ى تسع لظهور أحزاب جزائرية،

مساوية حلقوق الفرنسيني، وجتمع خمتلف الدراسات اليت تطرقت ملوضوع احلركـة الوطنيـة ، أحد املسامهني يف ظهور حركة حزبية يف اجلزائر خالل العهد د خال األمري اراعتباجلزائرية إىل .)1(االستعماري

ذا أردنا أن نتحدث عن التشكيالت اليت متخضت عن النشاط السياسي لبداية القرن وإ ـ نابة قـر قري ل سالعشرين،فإنه ال يفوتنا القول أن جتربة الثورات الشعبية ،والنضال السيا ن م

سية بارزة، يصطلح على تسميتها بالتيار اإلصالحي الـديين سيا هاتاجتاة االحتالل أفرز ثالث دماجي وحقيقة األمر أن أصل هذه التيارات اليت اإل الحياإلصالتيار الوطين االستقاليل، والتيار

ـ 1830سا للجزائـر سـنة فرن لاحتالظهرت مع مطلع القرن العشرين، يرجع إىل بداية ع م حيـث )2(ية للغزو، حسب ما يذهب إليه أبو القاسم سعد اهللا يف كتابه اومة السياسية واملدن قملا

وحيد الـصفوف ت ادف إىل هل ا ينيؤكد أن بداية االحتالل أفرز ثالثة تيارات هي، احلزب الوط وحترير الوطن، احلزب العثماين، املوايل للسلطان واملستند لفكرة اخلالفة، احلزب الفرنسي وهو

. فرنساحله مبصاحل مصاطتارتبتيار ليه ميكن القول أن التيارات احلزبية اليت ظهرت مع بداية القرن العشرين هي حمـصلة وع

نت موجودة بعد غزو فرنسا للجزائر وميكن القول أن هـذه كايت لللتطور السياسي للتيارات ا ا التيارات كان هلا دور حموري يف التاريخ السياسي اجلزائري لفترة تقارب قرن، وبروزها سياسي

نتيجة حتمية لتطور األوضاع السياسية اليت رافقت تطور هذه التيارات نفسها وحياة اجلزائريني .عموما

ل أمل كل اجلزائريني منذ دخول االستعمار أرض الق االست بة رغ ت هو معروف ظل كما اجلزائر، ومل ترقى خمتلف احملاوالت النضالية سواء ا عسكريا أو سياسيا لتحقيق ذلـك، لكـن

زت مع بداية القرن العشرين تيارات سياسية خمتلفة كان أبرزها جنم مشال إفريقيا، الذي ظهر أفر

.8 -7ص. 1998 ،طبوعات اجلامعيةديوان امل: اجلزائر،)1962- 1919( التعددية احلزبية يف جتربة احلركة الوطنية اجلزائرية ،األمني شريط-1 .112ص . 1992 ،دار الغرب اإلسالمي: بريوت1 ج،1900 -1830احلركة الوطنية اجلزائرية ،أبو القاسم سعد اهللا - 2

Page 78: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

77

مصاحل مهاجري منطقة املغرب العريب، وبـرز رمسيـا ن ع ع ا كجمعية هدفها الدف 1924عام ا، ولقد أبـد "احلاج عبد القادر "فالذي خل " مصايل احلاج " حتت رئاسة 1926كحزب سنة

يف الدفاع عن القضية الوطنية، باالعتماد على مواقف سياسية واضحة قادته النجم، رغبة فعلية الستعمارية، ومن مت تعرضه إىل مـضايقات ايف الكثري من األحيان إىل االصطدام مع السلطات

له وإعادة تشكيله حتت تسميات خمتلفة، ويعترب النجم نتاج هلجرة اليد العاملة واحلركة حب انتهتركات اليسارية، وباخلصوص احلركات النقابيـة باحل اكهااحتكدة إىل فرنسا و السياسية املضطه

رية، باإلضافة إىل كونه نتاج للطريـق ئازية اجل طنالو كما يعترب احلزب نتيجة حتمية لتبلور فكرة املغلق الذي وصلت إليه غالبية هذا اتمع والنخبة السياسية اجلزائرية اليت كانت راضية علـى

سياسية ومدنية مساوية لفرنسيي اجلزائر، وهلذا فنجم مشال إفريقيا، يعرب عن نقلـة األقل حبقوق مل شعارات احلرية واالستقالل الذي يعتـرب هدفـه حاهو فنوعية يف كفاح الشعب اجلزائري

ددت هذه األهداف يف برنامج جنم مشال إفريقيا إثر مؤمتر بروكـسل املنـاهض وحت اسي،األس :)1( كان أمهاهاالنقاطلة من مج خضت عنهومت∗تعمارلالس

.ام العقتراعباالتخب نم جزائرين ملارقالل اجلزائر و إنشاء بتاس -، حيث قررت اجلمعية العامة للحزب عدم قبول 1933مل هذا الربنامج يف ماي معا لتاكتم والنجم ظهر حتت دفـع أن اراعتبزدوج إىل النجم، واحلزب الشيوعي الفرنسي،على امل تماءاالنأن يصبح م،جحت للن مسم معه، هذه القرارات دائ لإتصاحلزب الشيوعي الفرنسي وبقي على ا

حزب سياسي فعلي بعد أن كان جمرد مجعية وجتسد ذلك بعد إلتحاق املغاربـة والتونـسيني .)2( 1930بأحزام الوطنية بداية من

بإعادة إحياء تسمحأسس صلة املقاومة السياسية على وا م يفد كان لربنامج احلزب أثر كبري وقحا من نشأة النجم أا تشكيلة خمتلفة عن باقي التشكيالت الـيت واض بداالدولة اجلزائرية، وقد

السلطات مع طداماالص بتجنب التشكيالت األخرى رافق ميالدها، ميالد النجم، حيث متيزت ـ كل متالتز يف حني ، ا سياسات إصالحية عموم بتبينالفرنسية، و راتيجيةبإسـت ها واحدة من

.دةحمد

نديد حيث أجتمع الضعفاء للت، و يعترب أكرب حدث تارخيي للحركات التحررية،1927 فرباير 15 و 10إنعقد يف بروكسل بني : مؤمتر بروكسل ∗

.باألقوياء .93ص . 1999 ،دار القصبة للنشر: اجلزائر،1974 -1888مصايل احلاج رائد احلركة الوطنية اجلزائرية ، بنيامني سطورا-1

.12 ص .سابق عاجلزائرية، مرج التعددية احلزبية يف جتربة احلركة الوطنية ،األمني شريط- 2

Page 79: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

78

رافق للنهضة امل المياإلس فجمعية العلماء املسلمني اليت تعترب حمصلة الفكر القومي العريب و كن حزبا سياسيا بل مجعية فكرية ذات طـابع ديـين وذات ـج تمل ،)1( ةالعربية اإلسالمي

غرسها االسـتعمار، إصالحي، أخذت على عاتقها إصالح اتمع اجلزائري من الشوائب اليت إال أـا كانـت قصد طمس اهلوية الوطنية ذات البنية الدينية، ورغم طابعها الفكري والديين

كما سامهت ، واقف اليت تبنتها يف الدفاع عن القضية الوطنية ملا خالل منمتارس نشاط سياسي م الدينية ، لكن ما يعاب لياشبعوا بالفكر االستقاليل عرب التع تبراجمها التعليمية يف تكوين شباب

املـؤمتر "رز هـذا التقـارب فاحلركات اإلصالحية األخرى، و أ من بتاقترعن اجلمعية أا اق اجلزائر بفرنسا وفصل الدين عـن الدولـة إحل،تضمنعنه ميثاق ضخي مت الذ "المياإلس

رغم ذلك يكتب للجمعية وقوفهـا ضـد احملـاوالت و المية،اإلسواحلفاظ على الشخصية خرى الـيت ظلـت األالحيةاإلصاالستعمارية لطمس اهلوية الوطنية اجلزائرية خبالف احلركات

.تبحث عن نفسهاكة الشبان اجلزائريني وهو وليد إسـهامات حلر اددامت ماجيداإل الحيإلص ا ر التيا رب ويعت

لذي دخل الكفاح النخبة املتشبعة بالثقافة الفرنسية، ويأيت على رأس هذا التيار فرحات عباس ا من أن خيلق حزب سياسي السياسي مع بداية القرن العشرين يف حركة الشبان، ومتكن تدرجييا

اجلزائر يف فرنسا حتت تسمية اإلحتاد الشعيب للكفاح من أجل حقـوق جايدافع على فكرة إدم مـاجيني، اإلد ويشكل ظهور هذا احلزب منعرج مهم يف تفكري 1938اإلنسان واملواطن سنة

إىل ضرورة حصول اجلزائر على دسـتور إنـساين ، يلى رأسهم فرحات عباس، الذي دع وعحظ هذا ولو)2(ا معه تزاجاالمزائر بفرنسا ال يعين بالضرورة اجل اطارتبوأعلن يف الوقت ذاته أن

إليها يالية اليت دع راملية الثانية حيث بدأت تتحدد معامل الفيد الع التحول الفعلي مع اية احلرب زائري الذي جاء كتعبري عن رغبة هذا التيـار يف للبيان اجل قراطيلدمي ا داإلحتاوفرحات عباس

، على غرار هذا التيار بقي احلزب الشيوعي اجلزائـري 1945 ماي 8االستقالل بعد أحداث ة ملنهجية عمـل ق للسياسة االستعمارية يف اجلزائر، وهذا رغم تبنيه يف البداية لسياسة مطاب اوفيعترب احلزب الشيوعي اجلزائري الذي ظهر وي -تعمارلالساملناهضة - عامليةالحزاب الشيوعية األ

االمتداد الرمسي للحزب الشيوعي الفرنسي وهذا ما جعله يبقى حتت وصاية 1935 يف اكتوبر

1- Charles Robert Ageron, Histoire de l’Algérie contemporaine, France : presse universitaires de France, 1964. p 86.

.22 ص ،سابق عاجلزائرية، مرجالتعددية احلزبية يف جتربة احلركة الوطنية ، أنظر األمني شريط 2

Page 80: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

79

ما يف إحلاق اجلزائر بفرنسا ،متحججـا بـأن األمـة عمو اتيجيتهإستر اتسمتهذا األخري، و االستقالل عصيان داخلي وليس حق يف تقرير ذاته تقيف الو ا مرحلة تكوين ومعترب اجلزائرية يف

.املصري إىل 1930و أن ما شهدته الساحة السياسية يف اجلزائر خالل الفترة املمتـدة مـن يبد يوضح أن الظاهرة احلزبية أخذت مكاا يف احلقل الـسياسي، واسـتطاعت بفـضل 1945

رب العاملية الثانيـة احل اءانتهر عشية ئازته اجل هدف الفئات، لكن ما ش تصل إىل خمتل نأفكارها أ عرب عن بداية حلقة تطورية جديدة يف حياة األحـزاب اجلزائريـة 1945 ماي 8مع أحداث

عموما، ومن ورائها ماليني اجلزائريني، ورغم اإلصالحات الضئيلة اليت سعت إليها الـسلطات لس التأسيسي ا اباتانتخليل أن دب ألوضاع ا ا مل تنجح يف هتدئة الوضع ،إال أ اإلدارية لتدارك

مل تشهد إقباال كبريا من املواطنني بعد دعوة األحزاب 1945 أكتوبر 21اليت تقرر إجرائها يف ا سوى احلزب الـشيوعي يهف طنشكن ي يللمقاطعة، و جتدر اإلشارة أن الساحة السياسية، مل

اس زعيم أحباب البيان واحلريـة بع فرحات ان املسلمني، يف حني ك نتخبني امل ديةاحتااجلزائري و ومصايل احلاج زعيم حزب الشعب والبشري اإلبراهيمي زعيم مجعية العلماء رهـن االعتقـال،

مـسجل مل 1350000ئج االنتخابات عن نسبة عالية من املمتنعني إذ مـن نتا تأسفرولقد مل يكن أمام السلطات الفرنسية إال العمل مام هذا الوضع وأ )1(ناخب 705000يشارك سوى

.على هتدئة األوضاع بإطالق سراح املعتقلني السياسيني مبا فيهم زعماء األحزابلى وع مـاجياإلد التيار علىسع او ا صدى هل ماي كان 8أحداث أن تباهلالنلفت وامل

لوسائل الـسلمية ا ابذحم ، إىل أفكار مناقضة ملا كان يدعوا إليه يالذي دع رأسه فرحات عباس لتحقيق غايته، ومتاشيا مع ذلك دخل حزبه إنتخابات اجلمعية التأسيسية الثانية اليت أجريـت يف

اليت قاطعها حزب الشعب احملظور، وأحرز فيها اإلحتـاد الـدميقراطي للبيـان 1946 جوان حزب صوت لصاحل الشيوعيني، وذا يكون 53396صوت مقابـل 445174اجلزائري على

وهذا ما شكل خيبة أمل كـبرية )2( 13 مقعد من أصل 11فرحـات عباس قد حتصل على بالنسبة للشيوعيني ،الذين حاولوا بكل الطرق تدارك األوضاع مـن أجـل تـرجيح الكفـة

مبا فيها جملس جزائري وحكومـة جذريةلصاحلهم، وهذا بتغري سياستهم واملطالبة بإصالحات

.88ص . 1995 ،ملطبوعات اجلامعيةديوان ا: اجلزائر، املنعطف احلاسم يف مسار احلركة الوطنية1945 ماي 8 ،عامر رخيلة/ أنظر د - 1

2 - Mahfoud Kaddache, l’Algérie des Algérien de la préhistoire à 1954, Algérie : edif 2000, 2003. p 760.

Page 81: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

80

مع األمة الفرنسية، كما حاولوا اإلقتراب من التشكيالت الـسياسية جزائرية وإرتباط فدرايل لكن مواقفهم السابقة " باللجنة الوطنية الدميقراطية اجلزائرية " األخرى من أجل تكوين ما مسوه

.حالت دون حدوث ذلك التقارب دميقراطي اإلحتاد ال " واملالحظ عن هذه الفترة أا شهدت حترك سياسي خاصة مع نواب

داخل الربملان من أجل فرض مجهورية جزائرية هلا حكومة وبرملان، ومواطنة جزائرية " اجلزائري،ورغم رفض مناقشة هذا اإلقتراح من طرف الربملان فإن فكرة الدولة اجلزائرية بدأت تطـرح

ابدنفسها حبدة وعرب خمتلف التيارات السياسية اليت كانت تشكل وتنشط يف احلقل السياسي،و قترن مع اواضحا أن الظاهرة احلزبية يف اجلزائر تعيش مرحلة نضج نابع عن تطور سياسي طويل

التجارب السياسية اليت عاشتها اجلزائر بداية من دخول اإلستعمـار الفرنسي إىل غاية ما بعـد اإلستقالل أصبح احلل الوحيد إلرضاء أغلب األحزاب اجلزائريـة بغـض نيأ احلرب العامليـة

.لنظر عن الطريقة اليت ينظر إليها هلذا املفهوما

Page 82: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

81

.بناء الدولة اجلزائرية املستقلة وإنعكاساا على مسار التطور احلزيب يف اجلزائر: املطلب الثاين

لقد شكلت مرحلة النضال السياسي الطويل األساس الذي قامت عليه الدولة الوطنيـة سكرية اليت شهدهتا بداية اإلحتالل يف حتقيق اإلستقالل وقد ساهم هـذا بعد فشل، احلركة الع

النضال يف وضع معامل الدولة اجلزائرية، وشكلت خيبات األمل اليت توالت علـى جمهـودات احلركة الوطنية يف احلصول على أبسط احلقوق،القطيعة اليت إنتهى إليها رواد احلركة الوطنيـة

الوطين اإلستقاليل الذي أخذ على عاتقه ضرورة إحياء، أو بعـث اجلزائرية، وباخلصوص التيار الدولة اجلزائرية بطريقة جديدة ولقد كان احلل العسكري، حمل إختالف يف احلركـة الوطنيـة

تقرر مواصلة العمل السياسي من جهة وإنـشاء من مت اإلستقاللية املمثلة يف حركة اإلنتصار، و " L’os" نظمة اصطلح على تسميته باملنظمة اخلاصة جناح عسكري يقود عمليات عسكرية م

ورافق هذا النشاط املزدوج على اجلبهتني السياسية والعسكرية أزمة داخلية يف حزب حركـة ،عربت يف احلقيقة عن إختالف يف الرؤية السياسية واملـستقبلية الدميقراطية اإلنتصار للحريات

شباب يرون فيه الوسيلة الوحيدة للحصول علـى التحفظ من العمل املسلح، و ذبني قيادة حتب تراكم خمتلف األزمات اليت عاشها احلزب من أزمة بربريـة، عن هذه األزمة تعرباإلستقالل ،و

) .1 ("دباغني" وقضية

بإنعقاد املؤمتر الثاين للحزب وبغياب مـصايل 1953ولقد بدأت األزمة فعليا يف أفريل مـن ناك إرادة فعلية إلعادة النظر يف أساليب عمل احلركة ويف قيادهتا، جليا أن ه ااحلاج ، وبد

حيث أفرز املؤمتر أزمة داخل احلزب احنصرت إنتقاد غري مباشر لظاهرة عبادة الشخصية، خاللعلى قيـادة الذين كانوا يسعون إىل بسط نفوذهم واالستحواذ "مصايل" أتباع ،بني جمموعتني

احلـزب وإـاء سـيطرة الذين كانوا يهدفون إىل دمقرطة ملركزية أعضاء اللجنة ا واحلزب، الـيت وجههـا نتقادات من خالل االاألزمة بعد إنتقاهلا إىل الشارع هذه وتطورت ،"مصايل"

.مصايل ألعضاء اللجنة املركزية ويف ظل الصراع على الزعامة الذي رافق األزمة ظهر تيار آخر حيمـل توجـه سياسـي

كايل، إرتسمت معامله مع النشاط العسكري الذي قامت به املنظمة اخلاصة، وكان يهدف دياروالواقع أن كل احملاوالت التوفيقية اليت إىل جتاوز األزمة ،وتوحيد احلزب وقيادته للعمل املسلح

1 - Mahfoud Benoune, Ali el Kenz, le Hasard et l’histoire entretien avec Belaid Abdesslam, TOM1, Alger ENAG éditions, 1990 .p 35.

Page 83: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

82

مل تنجح بسبب تشبث كـل طـرف " املركزيني"و" املصاليني"قام ا التيار إلاء األزمة بني القيـام بنـشاط ب - من أعضاء املنظمة اخلاصة ة املكون -هلذه اموعة ما مسح فـه، وهذا مبوق

والذي متخض عنه اإلتفاق على بداية العمل املسلح، كما تقرر فيه 22إجتماع ب سياسي انتهي مكلف بتطبيق قرارات اإلجتمـاع ومخـسة ) حممود بوضياف (إنتخـاب مسـؤول وطين

باإلضافة إىل الوفد اخلـارجي ) بن مهيدي، بيطاط، كرمي بلقاسم بن بولعيد ديدوش، ( أعضاء أوكلت هلم مهمة حتضري العمل املسلح وأخذت هذه اللجنة على ) بن بله، خيضر، ايت أمحد (

عن طريق " اإلستقالل الوطين " واملتمثل يف عاتقها مهمة حترير إعالن، حمدد للهدف األساسي هذا البيان كان موجه )1(زائرية السيدة ، الدميقراطية يف إطار املبادئ اإلسالمية إحياء الدولة اجل

. للقاعدة وكان حيث املناضلني على اإللتحاق بالركب أولوية الداخل عن اخلـارج و الالمركزيـة مبدأين على مستوى تنظيمي تقرر تقدمي

ين وجناحها العسكري هو جيش التحرير اإلسم املختار للتنظيم هو حزب جبهة التحرير الوط و،وبصرف النظر عن كيفية إندالع الثورة سنحاول أن نقدم حتليال موجزا عن التنظيم ) 2(الوطين

الداخلي جلبهة التحرير الوطين أثناء الثورة املسلحة، من املؤكد أن بيان أول نوفمرب شكل اللبنة أن جبهة التحرير كهيئة قادت احلركة الثورية لعبت األوىل مليالد الدولة اجلزائرية احلديثة، علما

دورا مهما يف إعادة إحياء الدولة اجلزائرية وهذا بتدعيم سلطتها مبؤسسات سياسية سـامهت Michel"بقدر كبري يف وضع اإلطار العام لدولة يف مرحلة تكوينية ، ويذهب ميشال كـامو

Camau" ـذا ) 3 ("ثابة مقر حلزب وجيش ودولة مب" إىل إعتبار جبهة التحرير أثناء الثورةو فهي حركة سياسية عسكرية هتدف إىل حترير البالد، ومن هنا تأيت صعوبة حتديـد طبيعتـها،

شكلت إحتاد مقدس، ويقصد بإحتاد مقدس العمل الذي "دولة حزب "والواقع أا كانت نية، وندائها لكافة األطراف اليت قامت به اجلبهة جلمع كافة اجلزائريني للدفاع عن القضية الوط

خمتلف األطـراف الـسياسية وضعت ال السياسي للدخول يف اجلبهة بعد أن ضشاركت يف الن فإن جبهة التحرير غريت احلقـل « ) 4( حممد حريب واألحزاب أمام األمر الواقع، وحسب

دفـع السياسي حيث أرغمت كل األحزاب على حتديد موقفها بالنظر إليها وهذا ما

1 - Mahfoud Kaddache, opcit , p 776 2 - Idem 3 - Michel Camau, pouvoir s et institution au Maghreb, Alger : OPU, 1983. p 117 4 - Mohamed Harbi, le FLN : mirage ou réalité, Alger : Enal _ naqd, 1993 .p 131.

Page 84: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

83

املـسلح لعب العمل تدرجييا إىل إلتحاق التشكيالت األخرى جببهة التحرير كأفراد، و الذي قامت به اجلبهة ، واإلجراءات العقابية اليت إختذا ضد من يرفضون أو ميتنعـون

.» دورا كبريا يف التحاق مناضلي التشكيالت السياسية األخرىمام إليهاضعن اإلنالتحرير الوطين التنظيم الـسياسي الوحيـد املتمتـع باملـصداقية وعليه أصبحت جبهة

خاصة بعد إنضمام التيارات األخرى اليت كانت تكون احلقل الـسياسي، واملشروعية الشعبية مل تعد اجلبهة تلك الوحدة ذات الوقت وذا وسعت نفوذها يف خمتلف الشرائح اإلجتماعية، يف

الذين، خاصة بعد انضمام مناضلي األحزاب األخـرى 22املتماسكة اليت انبثقت عن جمموعة ، وهذا مـا سبب أو خلق نوع مـن اإلنـشقاق داخـل م ومبادئه همأفكارب ظلوا متمسكني

. كامنة نسبيا، ألن حترير الوطن كان مير قبل كل شيء صفةلكن ظلت هذه ال،اجلبهةلة اجلزائرية املستقلة بإعالن إن نشأة جبهة التحرير الوطين كانت بداية لوضع أسس الدو

الثورة على املستعمر، ومجع مشل اجلزائريني على فكرة اإلستقالل لكن الوضع الـذي شـهدته اجلبهة خالل السنتني األوليتني للثورة، كان يوحي بضرورة إعادة ترتيب البيت، وتوسيع املهام

يها، ولقد شكلت اإلطارات الـيت بعد إنتشار الثورة التحريرية ،وانضمام العديد من املناضلني إل كانت تشكل األحزاب اإلصالحية دعم ملموس ،كان ينقصها خاصة على مستوى خـارجي

طرح القضية اجلزائرية يف احملافل الدولية، أين برز فرحات عباس املتمـرس سياسـيا يف بغرضجبهة التحرير الدفاع عن القضية اجلزائرية ، يف الوقت ذاته شكل دخوهلم نقطة حتول يف تاريخ

بنـاء اكتر من كوا اجلبهة عند تأسيسها كانت أقرب للحزب « )1( اويجبحممد فحسب قر بوجود جمموعة متجانسة مجعت بينـهم ي الذيعرب عن ذلك بيان أول نوفمرب يهوي، و بج

1956يف حني شكلت سنة .…وحدة املوقف السياسي إلخراج احلركة الوطنية من املأزق بهة بدخول شرائح خمتلفة لتشكل إئتالف ضمين لتحقيق اإلستقالل،ويذهب بداية لظهور اجل

علـى أسـلوب يف ذلك معتمدا" األمة " اوي إىل أبعد من ذلك بوصف اجلبهة باحلزب جب » الذي جيعل كل الشعب جبهوي طاملا إستمرت احلربءاإلخنراط فيها الشي

" شبه دولـة "نه أعطت للجبهة بنية أن مؤمتر الصومام، واملؤسسات اليت متخضت ع يبدوو واملتمثلة يف الس الوطين للثـورة ،بإنشاء املؤسسات الدستورية األوىل للدولة اجلزائرية احلديثة

.97ص.مرجع سابق, التعددية احلربية يف جتربة احلركة الوطنية اجلزائرية ،األمني شريط- 1

Page 85: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

84

كسلطة تشريعية، جلنة التنسيق والتنفيذ كسلطة تنفيذية ،كما وضع أسـس CNRAاجلزائرية .خالل برنامج الصومام اإلدارة اجلزائرية، واجليش، وحدد إستراتيجية اجلبهة من

يعترب مؤمتر الصومام حقبة مهمة يف تاريخ جبهة التحرير الوطين، ألنه جاء يف مرحلة حرجة و أا أصبحت تـشكل عـائق يف اعتبار يف فترة بدأت مسألة التنظيم تطرح نفسها حبدة على و

السلطة داخل جبهة لتجاوز أزمة املؤمتر كانت تستجيب فكرة كما أنإستمرار الكفاح املسلح، التحرير بني قادة الداخل وقادة اخلارج، وامللفت لإلنتباه يف تركيبة اهليئات اليت أنشأها املـؤمتر

الواليـات الووأا مكونة يف أغلبيتها من ضباط جيش التحرير، وهم يف الوقت نفسه مـسؤ أن تنظيمهـا كـان صورة واضحة عن تنظيم جبهة التحرير أثناء الثورة، وهو يعطيناوهذا ما

إىل ظروف الواقع التحرير الوطين، وهذا يرجع يف يشميتزج يف الكثري من األحيان مع تنظيم ج .) 1(أنشاؤها وطبيعة من نشأهتا

بعيدا عن هذا ميكن القول أن مؤمتر الصومام طرح قضية جديدة أثارت جدل كـبري، عربت هذه القضية عـن و ، العسكري على يخل عن اخلارج وأولوية السياس اوهي أولوية الد

أزمة حادة بني العسكريني والسياسيني إنتهت يف الكثري من األحيان إىل اإلصطدام بني الطرفني، كان من مت فإذا ،و)2(التصفيات اجلسدية إىل وتذهب بعض الكتابات إىل القول بأن األمر وصل

فإن مسألة لتنشأ احلكومة املؤقتة ،خيياتارمؤمتر الصومام قد أفرز مؤسسات دستورية تطورت السلطة بقيت مطروحة والصراع عليها ظل قائم بني القادة العسكريني والـسياسيني، ورغـم احملاوالت القانونية اليت أرادت أن تفصل بني الدولة واحلزب من جهة،واحلزب واجليش من جهة

الوقع السياسي أكد عدم حـصول ن ثانية، قصد توفري الظروف املالئمة لربوز سلطة مدنية، فإ السلطة احلقيقية كانت بيد اجلـيش، أن اخللط بني هذه التنظيمات ،يف حني حيث ظل ، ذلك

السلطة الفعلية للثورة إنتقلت إىل العسكريني إن « ) 3(ويف هذا الصدد يقول سليمان الشيخ حبكم أم سيشكلون ، )بوصوف( و )بن طوبال (، )كرمي بلقاسم (وخاصة إىل الثالثي الشهري

ب ، وسيمارسون صالحيات جملس ثالثي ر ،اللجنة الوزارية لشؤون احل 1960بعد جانفي

1 - Mohamed Teguia, L’Algérie en guerre, Alger :OPU,1988. P134. 2 - Lahouari Addi, opcit.p57.

، حممد حافظ اجلمايل ترمجة،اريخ احلركة الوطنية اجلزائرية والثورة املسلحةدراسة حتليلية يف ت، زمن اليقنيأواجلزائر حتمل السالح , سليمان الشيخ- 3 .474ص .2003،دار القصبة للنشر: اجلزائر

Page 86: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

85

بصفة مطلقة،أي 1961 حىت 1957لقد سيطر هذا الثالثي بداية و »داخل احلكومة املؤقتة . الثالثةتالباءا لسلطة أصبحت سلطة موازية اليت بروز القيادة العامة لألركان تاريخ

لدولـة اال السياسي ، وضعت معامل ضلكفاح املسلح والن ا فترة وعليه ميكن القول أن مع السلطات الفرنـسية فاوضاتسامهت بقدر كبري يف فتح باب احلوار وامل اجلزائرية احلديثة و

رغم اخلالفات الكبرية اليت كانـت تعيـشها اجلبهـة اهلدف حقق و ستقالل ، اإل مسألة حولـ ؤقتة، وفرض وجود العدو املشترك الصمت عن هذه اخلالفـات، وحكومتها امل وهـم لوظ

وشـهدت )1( ما حيدث جلماهري اليت كانت جتهل حقيقة ا عند بني قادة اجلبهة قائم التجانسهذه اخلالفات تطور يف إجتماع الس الوطين للثورة اجلزائرية بطرابلس حول مـسألة النـهج

اإلجتماع دون حدوث إتفاق صريح، ورمسـي وأنتهي ؟!!لإتباعه بعد اإلستقال الذي ينبغي على كيفية تنظيم السلطة يف املرحلة اإلنتقالية، وظل الصراع خفي إىل غاية إنفجاره بعد إقرار

مث سعت إىل جتـاوز التناقـضات ، 1962 جوان 30احلكومة املؤقتة بعزل قيادة األركان يف ووضع اجلميع أمام األمر الواقع ،لكن هذا كان دون ة تويل السلط ساعية إيل ،بدخوهلا العاصمة

وقيادة األركان، وأعضاء الس املواليني هلم، وإصرارهم علـى تنفيـذ إرادة " بن بله "إرادة . تكوين املكتب السياسي كقيادة مضيقة ومجاعيةل، املنعقد يف طرابلسالس

يته لقيادة البالد وإعادة تنظـيم لسي أه أعلن املكتب السيا 1962جويلية 22 ويف يف اجلبهة،وجيش التحرير، وبناء الدولة، وهذا ما أفرز صراع حاد شهد دخول جمموعة أخرى

" أيت أمحد" " لقاسمبكرمي " حتت دفع" جمموعة تيزي وزو" هي الصراع على السلطةبني اموعتني عنيفة جهة بعد رفضهم الدخول يف املكتب السياسي، وبعد موا " بوضياف" و

بسلطة هـذا " بن خدة " عترف أجرت مفاوضات إنتهت بإتفاق لتشكيل املكتب السياسي و .اجلهاز

ألحـداث الـيت لكنها مل تنهه فا من الصراع قد انسحبت احلكومة املؤقتة تكون وذا فصل السلطة السياسية ادة تنظيم اجليش ،ب عرافقت دخول املكتب السياسي العاصمة ،وإقراره إ

تنيمع الـوالي من جديد الصراع عن السلطة العسكرية، قصد مكافحة ظاهرة الوالئية، بعثت يف 1962 صـائفة ما اصطلح على تسميته بأزمة في بعنف مادي انتهى الذي الثالثة والرابعة ،و

اجلمـاهري شبه حرب أهلية بني قيادة األركان والواليات املذكورة آنفا، إنتهت بعد تـدخل

.477ص،نفس املرجع - 1

Page 87: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

86

مت اإلتفاق مع الواليتني لوقف القتال ونزع السالح ، وتنظـيم 1962 سبتمرب 5الشعبية، ويف اليت زمةاأل بعد أن تأجلت عدة مرات بسبب 1962سبتمرب 20إنتخابات الس التأسيسي يف

.رافقت استقالل اجلزائر

عن عجـز 1962ت أزمة صائفة لقد كشف ...« سليمان الشيخ هذه األزمة يقول عنو جبهة التحرير عن حل املشكالت املطروحة داخلها، بصورة دميقراطية ، بتغـيري اموعـة

ا يف جو متأزم ، مبقدار ما كانت املمارسات السلطوية مالقائدة ، وكان هذا التبديل يتم دو ررت يف سلوك جنم أصال عن الطرائق املعمول ا داخل األحزاب التقليدية واليت تك املوروثة

عـن عـدم 1962فقد كشفت أزمة ... مشال إفريقيا وحزب الشعب مث حركة اإلنتصار وجود جبهة التحرير، من حيث هي منظمة متجانسة وذات بنية سليمة، فإذا نظرنا أليها من

بدا لنا من الوجهـة العلميـة، , ناحية نظرية كحزب جيمع بني مناضلني انتسبوا فرديا إليه قائمة على أسـاس اإلجتاهات وخطوط الفصل اليت نشأت فيها، أا جبهة تلال وعلى ضوء

)1( »التشكيالت السياسية السابقة، ولكن ينضاف إىل هذا ، اإلنقسام املوروث عن املاضي فعال، األزمات اليت عاشتها احلركة 1962 لقد جسدت األزمة اليت إنفجرت يف صيف

وطنية وتيارها اإلستقاليل ، وكان اإلستقالل اهلدف الذي منع إنفجار هذه األزمـة علنيـا، الوتعترب األزمة وليدة الصراع على املشروعية بني من أسسوا جبهة التحرير، وبني من إنظموا إليها

ني، وأعضاء التشكيالت األخرى خالل فترة الكفاح املسلح،وظهرت بـوادر هـذه زيمن مرك ل مؤمتر الصومام، وخالل مرحلة الكفاح املسلح نفسه لكنها إتضحت بشكل بارز األزمة خال

يف مؤمتر طرابلس، ليس حول اخليار الذي تتبناه اجلزائر بعد اإلستقالل، وإمنا حول بنية املكتب السياسي وتركيبته، والتخوف من شخصنة السلطة يف يد جمموعة معينة، وبؤرة الصراع كانت

ك ،ومل تبتعد عنه، رغم إختالف جمموعة عن أخرى، وأوضحت هذه األزمة تدور يف هذا الفل .يف احلقيقة غياب ثقافة احلوار الدميقراطي السلمي حلل األزمات

ولقد أكدت األحداث اليت رافقـت إنتخـاب وعمـل الـس التأسيـسي هـذه دستور ومناقـشته املخاوف،خاصة بعد أن قام رئيس احلكومة بتشكيل جلنة إلعداد مشروع ال

والـيت داخل احلزب، وعلى مستوى جهوي، مث يف ندوة وطنية إلطارات الدولـة واحلـزب،

486 - 485ص . الذكرسابقالرجع امل نفس- 1

Page 88: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

87

بإعتباره املشروع الرمسي للدستور وقدم يف النهاية للمصادقة 1963جويلية 3صادقت عليه يف ، ومـشروع " فيدراليـة فرنـسا "داخل الس إىل جانب ثالثة مشاريع أخرى هي مشروع

املشاريع ، ومل تأخـذ بعـني مت جتاهل هذه ، و "أوصد يق مراد "، ومشروع " عباس فرحات"فرحـات " من خالل احتجـاج ،وكانت بذلك فرصة جديدة لتأزم الوضع السياسي اإلعتبار، ه رسالة للنواب شرح يهوجت، و 1963 مث إستقالته يف سبتمرب التأسيسي كرئيس للمجلس " عباس

أن الس صاحب السيادة، وهو الوحيد املؤهل لدراسـة أسباب إستقالته مؤكدا من خالهلا مشاريع القوانني قبل التصويت عليها ،وإعالا للجميع، وارتأى أن العمل الذي قام به املكتب

)1(. لفوضىلالسياسي يعترب إهانة للمجلس وخرق للقانون وخلق يف الس حول مسألتني ادا ح متاشيا مع هذه األحداث خلق مشروع الدستور نفسه نقاشا

أساسيتني ،مها هل احلزب موجود أصال أم غري موجود وعلى إفتراض أنه موجود، مـن ميثـل الشعب احلزب أم الس ؟ بعض النواب رفضوا وجود احلزب ومل يقبلـوا سـلطته املطلقـة

،ويضع البد للحزب أن يعقد مؤمتره وينشأ أجهزته إذ هذه احلالة، علىوإقتراحه للدستور، وهو بعد تدخل رئيس احلكومة أمحد بن بله، مث وانتهي هذا اإلشكال قانونه األساسي مث يقوم بعمله،

.إعتراف النواب بأن وجودهم يف هذه اهليئة يرجع يف الواقع إىل إنتمائهم هلذا احلزبلذي املسألة الثانية اليت طرحها أحد النواب هي هل احلزب يعلوا الدستور أم الدستور هو ا

بأن مؤمتر جبهة التحرير الـوطين يعلـو " بن حمجوب "يعلوا اجلميع؟ وأجاب عن ذلك السيد )2( .اجلميع ألنه ميثل الشعب

يتضح من هذا أن الس مل يكن جملسا تأسيسيا باملعىن املادي للمصطلح، وليس له أن يضع ـ وم، )3(الدستور فهو جملس تأسيسي باملعىن العضوي والشكلي إال أن يـصوت علـى ها علي

النصوص املقترحة من طرف احلزب ،وذا حتددت املكانة الدستورية للمؤسسة التـشريعية يف النظام الدستوري اجلزائري قبل صدور الدستور نفسه ، والذي هو نظام دستوري للحكم عن

طريق احلزب،

1 - benjamin stora, zakya daoud, FERHAT ABBAS une Autre Algerie, Paris: édition denoel, 1995 .p 373 - 374 .

. 134ص . مرجع سابق, التعددية احلزبية يف جتربة احلركة الوطنية اجلزائرية شريط، األمني- 23 - François borella in,Ammar Koroghli, institution politique et développement en Algérie ,Paris : édition L’harmattan,1988. p21.

Page 89: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

88

ة من خالل سلطة رئيس ويف نفس الوقت حتددت مكانة املؤسسة التنفيذية كمؤسسة مهيمن كأمر واقع ، وكرس الدستور هذه املمارسـة املنصبنيالدولة واحلكومة ، حيث مت اجلمع بني

ومن مت شخصنتها بدرجـة ، وتوحيدها يف يد شخص ،تركيز السلطة ل اليت فتح الباب الشيء ياسي املكتب الـس ممثل يف كان ،وكانت الوسيلة للوصل إىل ذلك احلزب ،والذي )1(كبرية

.الذي بعد إستقالة أغلبية أعضاءه مل يعد يتمثل من الناحية املؤسساتية سوى يف أمينه العام مث الثورة ، إن دراسة الفترة التارخيية الطويلة ،اليت رافقت الثورات الشعبية والنضال السياسي

لـيت رافقـت فاألزمات ا ، توضح أن بناء الدولة اجلزائرية احلديثة عرف عدة عقبات ،املسلحة،عرقلت عمليـة تطـور بالنشاط احلزيب من مضايقات إستعمارية وأزمات داخلية يف األحزا

األحزاب السياسية نفسها، وعرقلة عمل هذه التيارات حنو حتقيق اإلستقالل ،ولقـد سـامهت الثورة املسلحة يف إعادة بعث الدولة اجلزائرية عرب إعالن نوفمرب، مث إنتفاضة الشعب حتت دفع

بعد انـضمام جبهة التحرير، اليت أصبحت مبقتضى األوضاع السياسية اجلديدة احلزب الوحيد، حتقيـق بغرضإليها، خمتلف التشكيالت السياسية اليت كانت تشكل احلقل السياسي اجلزائري

اهلدف املرجتى واملتمثل يف اإلستقالل،ورغم اخلالفات اليت كانت تدور بني القيـادة القدميـة ن اجلدد إليها من جهة، وبني السياسيني والعسكريني من جهة ثانيـة داخـل جبهـة والوافدي

وبالفعـل -هي عدم تعطل العمل املـسلح -التحرير، فإن املالحظة اليت ميكن االشارة إليها سامهت اجلهود املتوازية للطرفني السياسي والعسكري، على إرغام فرنسا على وضع الـسالح

الصراعات عالن اية للحلف املقدس وبداية إل احملقق وكان اإلستقالل ومنح اإلستقالل للجزائر، لوضع السياسي التعددي احلزيب ملا قبل الثورة بعد ا واية !! ؟ اإليديولوجية واإلختالفات اخلفية

)2 ( .أن كرس الدستور نظام احلزب الواحد

1 - Mohamed Brahimi, le pouvoir en Algérie et ses formes d’expression institutionnelle, Alger : OPU 1995. P 19 2 - Ibid , p 18 .

Page 90: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

89

: و إفرازاا األحاديةالتجربة احلزبية : املبحث الثاين إن الظروف اليت رافقت ميالد الدولة اجلزائرية املستقلة ،من تأزم الوضع األمين ووصول

يـوحي األطراف السياسية املشكلة ملختلف هيئات الثورة التحريرية إىل املواجهة العنيفة ،كان لطة، بأن الصراع على السلطة سيأخذ شكل عنيف ، ولقد بدا يف ذهنية من إستحوذوا على الس

بإسم املشروعية التارخيية والثورية ،ضرورة إنتهاج سياسـة حزبيـة 1962بعد أزمة صائفة الوحيـدة للنـهوض بالدولـة الوسيلةأحادية مبنية على األسس اإلشتراكية إعتقادا منهم، أا

واتمع على حد السواء ، وهلذا الغرض وضعت إستراتيجية إلقصاء كل األطراف املناهـضة اموعة احلاكمة وبدا واضحا أن اجلبهة املتجانسة اليت كانت تشكل حلف مقدس قد لسياسة

جتاوزها الزمن وأن عهد اإلنقسامات أصبح السمة املميزة حلزب جبهة التحرير، خاصة بعـد احملاوالت اليت أريد منها شخصنة السلطة يف يد جمموعة ، تسود الدولة بإسـم احلـزب ، ومت

وهذا ما خلق ظروفا القانونية الالزمة هليمنة رئيس اجلمهورية واحلزب ، ترسيخ ذلك بالنصوص حكـم بنظـام إىل املطالبـة معارضة سياسية داخل احلزب سعت بكل الطرق مواتية لنمو

،لكن واقع احلال أثبت أن الصراع الذي أعقب ظهور نظام بن بله )1(دميقراطي وتعددية حزبية .ع أشخاص وليس توجهات صرا مل يكن يف احلقيقة، سوى

إن الصراع الذي شهدته اجلزائر عشية إستقالهلا سيتكرر من خالل مسار تطور النظـام السياسي اجلزائري حىت يصبح إحدى الصفات العالقة به، ويبدو أن النظام الذي جسد هيمنـة

ة الفعليـة ، ألن احلزب يف الورق عرب املواثيق والنصوص القانونية ،مل يعرب عن حقيقة الـسلط احلزب خالل تلك املرحلة ،مل يكن موجودا بالنظر إىل اإلنقسامات اليت ظهرت، لكن وجوده الشكلي كان حيدث إمجاع لدى أغلبية أفراد اتمع، الذين ظلوا متعلقني بوهم اجلبهـة الـيت

أن فجرت الثورة ، وهذا ما خول للسلطة إستعمال احلزب للتحدث بإسم الشعب ، واملالحظ التطور السياسي الذي عرفته اجلزائر خالل املرحلة األحادية أثبت أن األحادية نفسها كانـت حمصورة يف جمموعة من جهة ،وأا أفرزت يف ذات الوقت صراع خفي على الـسلطة، رغـم

.اهليمنة امللموسة ألجهزة معينة على السلطة

1 Ramdane Redjala, l’opposition en Algérie depuis ,1962 le PRS – CNDR, le FFS, Algérie : édition rahma 1991. p 22.

Page 91: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

90

: 1965 جوان 19 الوضع السياسي احلزيب قبل وبعد حركة: املطلب األول يذهب الكثري من الباحثني إىل القول بأن جبهة التحرير الوطين، كرائدة للثورة سـامهت بقدر كبري يف خلق الدولة اجلزائرية احلديثة، وهذا ما ال ينازعها فيه أحد، وأن االستقالل كان

وبإسهام مار أرض اجلزائر، مثرة البناء الذي دام طويال، وراح ضحيته املاليني منذ دخول االستع يف حني كان من الضروري أن تزول اجلبهة ،كبري لتلك اجلبهة اليت مجعت خمتلف القوي ورائها

دورها إتنهى بتحقيق االستقالل، وكان من الـضروري بعث بزوال االستعمار على اعتبار أن ة الصراعات لكن ما حدث يف اجلزائر،على حاف )1(حزب سياسـي جديد يقود معركة التنمية

اليت كانت تشهدها الدولة واحلزب،هو أن السمة البارزة اليت تولدت عن ذلك هي بقاء احلـال على ما كان عليه على رأس السلطة واحلزب، ففي الوقت الذي كان من املفروض أن تتحول اجلبهة إىل حزب سياسي، بدا واضحا أن عهد الزمر والتحالفات داخل اجلبهة، هـي الـسمة

، وشهد املكتـب 1962زة اليت أفرزها مؤمتر طرابلس ، والكفاح املسلح ،مث أزمة صائفة البارإنتـهى " أمحد بن بله "و" حممد خيضر "السياسي كهيئة عليا يف هرم السلطة آنذاك، صراع بني

منصب األمني العام ،وبداية من هذا التاريخ إنطلـق عهـد " بن بله " وتوىل" خيضر"بإستقالة ،وانتقل " بوضياف"و" كأيت أمحد " ، ودخلت املعارضة شخصيات معروفة ، تصفية احلسابات

الصراع مرة أخرى إىل املواجهة املسلحة، وترتب عن ذلك إستحواذ بن بله على كل السلطات .وجتميد الدستور

" حبرب الرمـال " مع الرتاع احلدودي بني اجلزائر واملغرب واملعروف الصراع ويتزامن هذا بن بله يف اإلستحواذ على كل السلطات متاشيا مع إرادته إلستبعاد اخلصوم، وسعيه وتأيت رغبة

إىل إعادة ترتيب البيت من خالل تنظيم احلزب بالدعوة إىل عقد مؤمتر احلزب، وطلبه من كل اء املعارضة اليت قصإللتحاق باحلزب ،وجيسد هذا املسعى رغبة فعلية لتوطيد السلطة بإ اااهدين هر حىت داخل اجلماعة اليت محلت بن بله إىل السلطة، وقد برزت معامل هذا الصراع يف بدأت تظ ".بومدين"ء عناصر حكومية موالية للعقيد اقصا ، توحي 1964وبعيدا عن هذا الصراع فإن اهليئات املتولدة عن مؤمتر احلزب املنعقد يف

).2( بالفناء ، أا وليدة مساومات حمكوم عليهاهامن خالل تركيبت

1 –Lise Garon, l’obsession unitaire et la nation trompée, la fin de l’Algérie socialiste, Canada, presse de l’université de Laval, 1993. p 2 2 – Tabrizi Ben Salah ,La République Algérienne, Paris : édition, Librairie général de droit et de jurisprudence, 1979. P 269.

Page 92: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

91

ـ ي أن احلزب يقوم على التنظيم اإلداري اجلهو 1964 ونظريا تفترض قوانني مية ل مع ساملسؤوليات ومركزية قوية قائمة على مبدأ االنتخاب الدميقراطي، ويالحظ البـاحثني يف هـذا

ـ شعب اال أن التنظيم الذي أفرزه مؤمتر جبهة التحرير كان يشبه حلد بعيد تنظيم حـزب الحركة اإلنتصار، وهذا ما يفسر التواجد القوي للمركزيني الذين مترسوا يف جمال البريوقراطيـة

.اإلدارية خالل العهد اإلستعمارياملالحظ من هذا املؤمتر أنه جاء يف ظرف تارخيي تطبعه الصراعات والتحالفـات الـيت و

هذه القوانني يف األمر الواقع للحكم ، وهذا ما منع جتسيد بقائها كانت هتدد إستقرار السلطة و عليها ، حيث تسارعت األحداث لتضع نظام بن بله أمام حركة إنقالبية أو تـصحيحية،أت بذلك عهد بن بله وهيمنته، وفتحت الباب لظهور نظام بومدين،الذي بوصوله إىل الـسلطة،

نقالبية، كانت ضـد أوحي أن احلركة اإل وهذا ما غري موجود ، هعترباوضع احلزب جانبا و ويف نفس املسار مت إلغاء اهليئـات )1 ("أمحد بن بله "احلزب أكثر منها ضد األمني العام للحزب

ـ ، املركزية للحزب ن يف ا وإستخالفها يئة جديدة يف هرم السلطة هي جملس الثورة الذي ك إحياءه حاول شيء مبا يف ذلك احلزب، الذي مهيمن على كل الواقع جهاز تنفيذي وتشريعي،

، وواقع احلال أن احلركة اإلنقالبية أبعدت احلزب عن مجيع مراكز صـنع )2(بعثه من جديد وكما أفرزت احلركة القرار ومن مت حرمته من دوره يف جتميع املصاحل حسب التفكري اإليستوين،

د ،والذي جـس 1965جويلية 10 جملس الثورة نص قانوين عرف بأمر االنقالبية ومن ورائها شخصية عسكرية 24 ( ذلك من خالل تركيبة الس يتجلى هيمنة العسكريني على السلطة، و

، متكن من بسط نفوذه على الدولة واحلزب 1965 جويلية 10ومبوجب أمر ) وإثنتني مدنيتني جويليـة 20 ويتضح ذلك أكثر بالنظر إيل تشكيلة األمانة التنفيذية للحزب، اليت ظهـرت يف

يقيس من خالهلا " هلواري بومدين "انت يف نظر الكثريين جمرد سكرتارية تابعة واليت ك 1965 جوان جـاء إسـتجابة 19 موازين القوى والوالء،لإلشارة فإن جملس الثورة الناتج عن حركة ه السلطة يف عهد بن بله لكن نلترسيخ مبدأ القيادة اجلماعية جتاوزا ملا عاشته اجلزائر من شخص

.176ص . 1993ديوان املطبوعات اجلامعية، : ، اجلزائر.1980-1962التطور السياسي والتنظيمي حلزب جبهة التحرير الوطين ، عامر رخيلة ، - 1

2 - Tabrizi Bensalah, opcit. P 291.

Page 93: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

92

، وهذا ما أفرز إصطدامات وتـصفيات الزبائنيةسد يف احلقيقة التحالفات ، املالحظ عنه أنه ج . )1(1967سنة " يالطاهر زبري" احملاولة اإلنقالبية اليت قادها يؤكد هذا الوضعسياسية ،و

جوان كان باديا حىت داخل تركيبة األمانة 19وهلذا فإن عدم التجانس الذي أفرزته حركة حتولت جبهة التحرير إىل قوقعة جوفاء رغم "لى حد تعبري أحد الكتاب التنفيذية للحزب، وع

جمدها املاضي وكلفت بتلهية الساحة وكانت خمبأ للعاجزين، ال تأثري هلا على جوهر األمـور، )2("يستنجد ا عند الضرورة ، لبعث أفكار الدولة

وم تدرجييا وهلذا الغرض يبدو أن بومدين كان يسعى إىل هتميش احلزب، وإقصاء اخلص و وهتميشه وجعله رمز فقط حيـث هوضع على رأس احلزب أشخاص موالني سامهوا يف حتطيم

،ورغم احملاوالت اليت سعت فيما بعـد إىل حتويـل )3(بتجميد احلزب " شريف بلقاسم "كلف اجلبهة إىل مؤسسة حزبية حقيقية، عن طريق رفع حتدي إعادة تنظيم احلزب على أسس جديدة

، غري هذه احملاوالت مل يكتب هلا النجاح بالعودة إىل القاعدة إلختيار املسؤولني احلزبني ،لكن ، إلعادة 1968 جانفي 24 تعليمات إعطاء نفس جديد للحياة احلزبية من خالل أا سامهت يف ـ إىل الواجهة بعد غياب طويل مهش ة احلزب وعود )4 (تنظيم احلزب، ل شخـصنة فيه من قب

يف فترة حكم بن بله ،وبداية حكم بومدين، اليت متيزت بتوطيد نفوذ املؤسسة العسكرية السلطة على حساب احلزب، وتعترب عودة احلزب إىل الواجهة إستراتيجية إنتـهجها بومـدين،إلعادة

1965 جـوان 19توزيع األوراق يف فترة إتسمت بإعادة النظر يف مشروعية سلطة حركـة . بدأت تندثر تدرجييا حتت دفع بومديندة اليتجوباألخص جمموعة و

، مـن جهـة إن احملاوالت اليت سامهت بقدر معني يف إحياء احلزب مل يكتب هلا النجاح وضـع الذي بومدين وبسبب عمل الرئيس هيمنة املؤسسة العسكرية على السلطة ، بسبب

حىت بتبنيه القضايا السياسية احلزب جانبا باإلستناد على مشاريع كربى ، كالثورة الزراعية، أو يف العامل، وهذا ما أكسبه شعبية كبرية، وساعده على ذلك إعتمـاده ،اخلطـاب الـسياسي احلماسي املناهض للغرب اإلمربيايل اسد لإلستعمار يف أذهان العامة، ويذهب البـاحثني إىل

.72ص . 1993دار اهلدى ، : ، اجلزائر 2، ط اجلزائريالسياسيلنظام ، ا سعيد بوشعري – 1

2 – Hassan (pseudonyme) l’Algérie histoire d’un naufrage, Paris : édition Marinoor ،édition de seuil, 1996. p 60-61.

.119ص.2000دار املعرفة،:،اجلزائراجلزائر يف دوامة الصراع بني العسكريني والسياسينيرابح لونيسي ،– - 3 .189 -188ص :مرجع سابق عامر رخيلة ،- 4

Page 94: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

93

ب ونزوله إىل زه عن احل إعتبار اخلطاب الشعبوي السمة البارزة اليت خلفها نظام بومدين، بتخلي القاعدة بغرض التعبئة وكسب مشروعية يف غياب شرعية قانونية دستورية ،وهذا ما مسح له بأن

ـ و يكون إىل حد بعيد شخصية كاريزمية استحوذت على الساحة السياسية اوطدت حكمه .وعزلت احلزب عن الدور الطالئعي املخول له دستوريا

ة اليت عرفت فيها اجلزائر رئيسني للدولة، ودستوران وميثاقان وأمـر إن املتمعن هلذه الفتر مسي بالدستور الصغري، يدرك جليا أن هذه النصوص جاءت إستجابة ألزمات عاشها النظـام السياسي اجلزائري، وكان الغرض منها تدعيم السلطة بطريقة غري مباشرة ، فالكلمات البارزة

اسـتنادا إىل وضيفة توطيد مشروعية ثوريـة أو تارخييـة، يف اخلطابات السياسية، كانت هلا الذي خياطب العواطف بإستعمال الرموز الكامنة يف أذهان اجلماهري، وهـذه الشعبوياخلطاب

امليزة جندها يف مجيع احلركات السياسية اليت عرفتها اجلزائر، فاملعارضة اليت حاولت الدولـة أن وجدت نفسها إما داخل جبهـة التحريـر الـوطين ،1962حتتويها بشكل من األشكال بعد

ف ذلك السلطة تنازالت،إما مبنح مقاعد برملانية أو حقائب وزارية أو لوك" طالئعي" كحزب بإنتهاج سياسات، ختدم إجتاهات فكرية أو إيديولوجية معينة، وكان هذا واقع املعارضة داخـل

ت وصـلت إىل حـد التـصفيات عدة إصطداما تلك املعارضة حزب جبهة التحرير، ورافق أطراف سياسة أخرى عدم إتفاقها مـع اموعـة احلاكمـة فيه اجلسدية، يف وقت أعلنت

ختارت النشاط يف املعارضة بإنشاء أحزاب سياسية خاصة ا، ومن بني أول األحزاب الـيت اورفـضه بعد " حممد بوضياف "والذي أنشأه " )1(حزب الثورة اإلشتراكية " ظهرت يف اخلفاء

على أنه أساسا ، ويقوم 1962 سبتمرب 20الدخول يف الس التأسيسي،وظهر هذا احلزب يف الوريث الفعلي ملبادئ نوفمرب والثورة التحريرية، بعد النجم ،وحزب الشعب ،مث جبهة التحرير يف بدايتها، وكان يهدف إىل إعادة إحياء جبهة التحرير من الداخل حماوال يف ذلك إستنـساخ

وبغض النظر عن األفكار اليت كان )2(ربة حركة اإلنتصار وأزمتها اليت أفرزت جبهة التحرير جتحيملها احلزب فإن امللفت لإلنتباه يف برنامج هذا احلزب ، أنه مل يكن حيمل مـشروع جمتمـع

ـ وهذا ما مل بقدر ما كان يواجه األفكار واملشاريع اليت كان يوزعها النظام، وسـاهم ه خيدم على إحتواء أعضائه تدرجييا من طرف النظـام 1963زعيمه حممد بوضياف يف جوان توقيف

الصعوبات رغم ،وأعضاء أخرين اختاروا البقاء يف املعارضة مع بعض اإلستثناءات كبوضياف

1 – Abdelkader Yefsah, la question du pouvoir en Algérie, Algérie : édition ENAP, 1990. P 114. 2 – Ramdane Redjala, opcit, p 71.

Page 95: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

94

يف هـذه الـسمة البـارزة ف، بشكل خاص احلزب وحياة السياسية عموما ياةاحلاليت رافقت لية ، واليت مل تسمح للحزب من أن يشكل معارضـة سياسـية هي الصراعات الداخ التشكيلةنشأ هيئـة مكلفـة سعى إىل ا ي مشكل يؤثر يف التوجه السياسي للحزب ، أل اتفاديوحقيقية

بناء حزب طالئعي، ويكتب هلذا احلزب نشاطه السياسي داخـل قصدبتكوين إطارات احلزب شاط السياسي الذي قام به هذا احلزب مـع ويتزامن الن اجلامعات بعد جتاوزه ألزماته الداخلية،

دخل املعارضة مبكرا بعد الذي،" أيت أمحد "حتت دفع مؤسسه أخر تبين املعارضة حزب بروزإصطدامه مع نظام بن بله مث نظام بومدين ، بإنشاء حزب سياسي يأخذ شكل حزب طالئعي

اط الشعيب ،ويسعى من ذلك ألن يهدف إىل إحياء الثورة، وتطبيق اإلشتراكية املبنية على اإلخنر صاهم النظـام، ق فهو جيمع كل من أ)1(يكون جتمع ،ومن هنا جاءت تسمية القوى اإلشتراكية

لهم أو وضعهم اإلجتماعي أو لرأيهم السياسي، وجاء مـيالد جبهـة القـوى صبالنظر إىل أ ية، خاصة مع ، لكن ما يعاب عنها، أا وصفت باحلركة اجلهو 1963 سبتمرب 3اإلشتراكية يف

القضية الرببرية اليت تطرح نفسها مع األزمات اليت رافقت تطور النظام الـسياسي اجلزائـري، هذا، إتسم نشاط هذا احلـزب برفـع النظر عن وبغض ، وتاريخ احلركة الوطنية اإلستقاللية ا لسلطة وهذا ما قاده إىل محل السالح، وأهم ميـزة هلـذ لشعارات إشتراكية ورفض اإلمتثال

مل تكن بـديال عـن النظـام يت وتوجهاته السياسية ال هاحلزب أنه ظل متعلق بشخصية رئيسي .األحادي، وإمنا كانت بديال عن النظام القائم واموعة احلاكمة

إىل جانب هذا ميكن احلديث عن املعارضة اليت شكلتها احلركة اإلسـالمية يف اجلزائـر ولت طرح البديل اإلسالمي كتوجه جديد يف احلياة الـسياسية اليت حا )2("مجعية القيم "بظهور

اجلزائرية، لكن تعامل النظام مع هذه املعارضة كان له أبعاد إستراتيجية خاصة مـع وصـول بومدين إىل السلطة ،وحبثه على حتقيق توازن يف النظام السياسي، وكسب مشروعية دينية مرافقة

، على إعتبار أن الدين يلعـب دور حمـوري يف حيـاة للمشروعية الثورية وحمققة لشعبية أكرب وزارية حساسة كالتربيـة والتعلـيم، العـدل مناصب هلم اجلزائري، ومتاشيا مع هذا منحت

ن جبهة التحرير أ " )3(يف كتابة اجلزائر والدميقراطية " هلواري عدى "والشؤون الدينية، ويؤكد وأن ... ذا إستعارت إيديولوجية مجعية العلماء مل تكن هلا إيديولوجية صرحية أو خاصة ا، وهل

1 – Ibid, P 139.

.70ص. 2000 املعرفة،ارد: ،اجلزائر مرجع سابقرابح لونيسي ،– 23 – Lahouari Addi, opcit, P 28-29.

Page 96: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

95

حيث تكوينها اإليديولوجي هذه اإلستعارة مل تكن ممكنة لو مل تكن جبهة التحرير نفسها من وبشكل من األشكال جنحت السلطة احلاكمة بعد اإلستقالل وبعد " متشبعة بالفكر اإلسالمي

تعمال املؤسـسة العـسكرية لتوطيـد غياب الشرعية القانونية من خلق توازن ظريف، إما بإس وال . السلطة، وأما بإحتواء املعارضة أو تطويقها بطرق خمتلفة جتعلها غري فعالة

األزمة الداخلية اليت كان يعيشها احلزب حالت دون بلوغه الدور الطالئعي أن واملالحظ مجيع مراكز القرار وهذا ما خلق هوة، بينه املخول له دستوريا وقانونيا ،وذا أبعد احلزب عن

وبني السلطة احلاكمة آنذاك، لكن التحوالت السياسية اليت عرفتها السلطة مع بداية السبعينات بعد األزمة اليت مست جملس الثورة نفسه، أدرك بومدين ضرورة إعادة بعث احلزب وتنظيمـه،

محاولـة كية مع بداية الـسبعينات وغلى هذا األساس جاءت اإلصالحات السياسية واإلدار ، وامللفت لإلنتباه يف هـذه 1965 جوان 19 الشرعية القانونية املفقودة بعد إنقالب لكسب

املرحلة أا متيزت بتحرك سياسي من جانب السلطة من جهة، ونشاط سياسي قوي من جانب اإلشتراكية دخل هو ةيعاملعارضة احلزبية فاحلزب الشيوعي اجلزائري الذي حتول إىل حزب الطل

القائم ، واملالحظ عنه أنه كـان يف إال انه ضل أيضا املعارضة، ورغم احتواء أغلب عناصره .)1(لتدعيم مشاريعه الكربى " يد بومدين"بعض األحيان وسيلة يف

حمـاوالت احلياة احلزبية شهدت متاشيا مع التحرك السياسي الذي عرفته هذه املرحلة و، لكن كل هذه احملـاوالت مل ترقـى يف واملخول له دستوريا ،هبط ء احلزب دوره املنا ،إلعطا

احلقيقة إىل عمل فعلي جيسد سلطة احلزب على باقي املؤسسات، وظلت هيمنة جملس الثـورة ،ومن ورائه بومدين هي املهيمنة على الساحة السياسية، وحىت املعارضة اليت ظهرت يف أعقاب

مؤهلة للعب دورها أمام األزمات الداخلية اليت كانـت تعيـشها، وأمـام اإلستقالل مل تكن الصراع الذي ظهر بني خمتلف األطراف املشكلة للمعارضة، وهذا ما يقدم لنا صورة حقيقيـة عن طبيعة املعارضة يف اجلزائر، وتأخرها يف الربوز كمنافس فعلي على السلطة بتقدمي بديل قائم

.اإلقتصاديةإىل احلداثة السياسية على أسس إيديولوجية ترمي

1 – Brahim Brahimi, Le pouvoir, la presse et les intellectuels en Algérie, Paris : Edit l’harmattan, 1989. P 197.

Page 97: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

96

اإلنتقال إىل الشرعية وإنعكاساته على احلياة احلزبية يف اجلزائر: الثايناملطلب كما سبقت اإلشارة لذلك شهدت بداية السبعينات مرحلة جديدة يف املسار الـسياسي

سمت هـذه املرحلـة يف حياة حزب جبهة التحرير الوطين، ولقد إت من مت للسلطة احلاكمة ،و ببداية املشاريع اإلقتصادية الكربى ،دف تنمية الدولة واتمع، فبعد فترة مهش فيها احلـزب

كوسيلة إتصال مباشرة بني السلطة واإلداريني، 1965باإلعتماد على ندوة إطارات األمة بداية وضـعت جـوان الـيت 19 النظام بصفة السكرتارية بداية من حركـة هخاصة بعد أن طبع

على رأس السلطة، ومعه دخل النظام السياسي اجلزائر يف مرحلـة املـشروعية " بومدين"العقيدالثورية أو التارخيية، البديلة عن الشرعية القانونية الدستورية، ويف هذا السياق ميكن القـول أن

م الشعب مـن ا جوان وجدت نفسها يف وضع حرج أم 19السلطة احلاكمة اليت أفرزها نظام هة وأمام الرأي العام العاملي من جهة ثانية ،حول شرعية النظام القائم يف اجلزائر بعد احلركة ج

.اإلنقالبيةبداية من اية الستينات إىل القيام بإصالحات " بومدين"دف جتاوز هذا الوضع سعي و

الس الشعيب الوطين قاعدية إنطلقت من البلدية والوالية مرورا بامليثاق والدستور مث إنتخابات وإنتخاب رئيس اجلمهورية، واملالحظ عن هذه اإلصالحات أا جـاءت لتعيـد 1977لسنة

،كما أصبح مسرحا لصراعات بعد فترة وجيزة من ظهوره الذي *النظر يف سلطة جملس الثورة عـداد إوامللفت لالنتباه يف هذه اإلصالحات ويف كانت هتدف إىل تأسيس السلطة وشرعنتها،

، هو اإلبعاد النهائي للحزب يف حتضري مشروعه، حيث أوكلت مهمة إعداده إىل خاصةامليثاق رضا "و" مصطفى لشرف" إدارية نصبها الرئيس بومدين ، ولقد ضمت هذه اللجنة كل من جلنةبلعيد ) "الدولة واحلزب والدفاع " ( حممد الصديق بن حيي ) "بناء اتمع اإلشتراكي " ( مالك )1() التنمية" (د السالمعب

مرة أخرى من احلياة السياسية ،رغم إقرار امليثاق والدستور وذا يكون قد مهش احلزب أن يشري الدستور صراحة إىل تسمية جبهـة التحريـر دونبأولوية احلزب وصفته الطالئعية،

احلقيقـة، إىل يهدف يف انه كان يستجيب لوضع سياسي اإلصالح واملالحظ عن هذا الوطين

إال شخصيتني أصيلتني إن صح التعبري مها بومدين الرئيس وبوتفليقة ةمع اية السبعينات مل يبقي يف جملس الثورة املنبثق عن احلركة اإلنقالبي *

وزير اخلارجية .82 ، ص مرجع سابقعيد بوشعري ، الس– 1

Page 98: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

97

حلزب بتوزيعه يف كل املناطق، وبإدراج فئات جديدة حىت يصبح هـو النقطـة ا إعادة بعث القاعدية لتوزيع اخلطاب السياسي الذي تنتجه الدولة، لكن هذه املرة ال يكتفي بـذلك وإمنـا يسعى إىل ترسيخ إيديولوجية الدولة، ومشاريعها بإدراج مناضلني ذوي كفـاءات وقـدرات

لكـن الواقـع )1(اسية ،قادرين على تأدية املهام اليت يكلفون ا يف إطار البناء الـوطين، سيالسياسي الذي فرضته األيام أتبث أن ما جاء به الدستور وامليثاق، مل يعطي للحـزب الـدور

به يف خمتلف النصوص القانونية ،وبات واضحا أن احلزب ال ميارس التحكـيم املناطالطالئعي عكس ذلك عرفـت بل أنه ضل ذلك الشعار أو الرمز الذي متارس من خالله السلطة، الفعلي

يف توزيع اخلطاب السياسي، وهذا مـا فجـر ة تنامي دور املنظمات اجلماهريي احلياة السياسية ، وهذا ما ةالصراع يف بعض األحيان بني إطارات احلزب، وقيادات بعض املنظمات اجلماهريي

عن واقع الصراعات اليت طبعت احليـاة الـسياسية والنظـام الـسياسي كان يدل يف احلقيقة إلعادة توزيع األوراق يف الساحة السياسية مبـنح " بومدين" الرئيس سعياجلزائري، خاصة بعد

قصد النشاط يف القطاع اإلقتصادي اخلاص وكـان لشخصيات معروفة متيازات مالية ابعض كمـا خصيات لنفوذها ومصداقيتها أمام املـواطن، هو إفقاد هذه الش ملسعى من هذا ا اهلدف

تدخل هذه العملية ضمن إستراتيجية بومدين يف تصفية األجواء والـسعي إىل بعـث احليـاة . على أسس جديدةالسياسية

كما يذهب البعض إىل إعتبار عدم ذكر حزب جبهـة التحريـر صـراحة يف امليثـاق يد، يعتقد البعض أنه حزب آخـر غـري جبهـة والدستور، رغبة من بومدين لبعث حزب جد

التحرير يكون يف احلقيقة حزب الرئيس ينهى من خالله الصراع على السلطة خاصة بعد جتربة على رأس احلزب، لكن الواقع والظروف أرغمت بومدين على التعامل مع الوضع *" د أمحد يقا"

حممد الصالح " س الدولة ،بتعيني خاصة يف آخر أيامه على رأ ، بطريقة مغايرة السياسي اجلديد ، الرامية ايل إعادة هيكلة احلـزب " بومدين"ه بتطبيق تعليمات فيكلعلى رأس احلزب وت " حيياوي

ل و وهذا ما أعطى للحزب عمليا دورا جديدا هو الدور املخ )2(بإدراج فئات إجتماعية جديدة هيئة عليا دستـوريا أو له دستوريا ،ولقد أثبتت وفاة الرئيس مــدى أمهية وجود احلزب ك

.211 ص .،مرجع سابق)1980-1962( التطور السياسي والتنظيمي حلزب جهة التحرير الوطين ، عامر رخيلة -- 1 . وانتقل ايل املعارضة املوجودة باخلارج1971 اصطدم مع بومدين بداية من عام 1967قايد امحد كان مسؤول احلزب مند * . 216 ، صسابق الذكراملرجع النفس - 2

Page 99: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

98

قانونيا لتجاوز أزمة شغور منصب رئاسة اجلمهورية، فاحلزب الذي كان يعيش ضعف نابع من التناقضات اإليديولوجية املوروثة عن إدراج خمتلف الفئات والنخب فيه منذ اإلستقالل، وجـد

ورية ،ألنه رمـز نفسه عشية وفاة الرئيس املؤهل الوحيد لتغطية الفراغ الذي تركه رئيس اجلمه تارخيي للوحدة واإلستقرار يف أذهان العامة من جهة ، وألنه مبقتضى الدستور وامليثاق األحـق

ا الدولة واتمع على حد السواء من جهة ثانية ، ولقد حتقـق تناطبأن يرفع التحديات اليت مشارك مـن 3290 حبضور 1979 جانفي 31 إىل 27ذلك فعليا بعد إنعقاد املؤمتر الرابع من

خمتلف أوجه النشاط يف البالد ، ملناقشة كيفية نقل السلطة من جملس الثورة إىل احلزب طبقا ملا )1(من الدستور واملتعلقة بالوظيفة السياسية اليت هي من إختصاص احلـزب 97جاء يف املادة

ه مهمـة جليا من جلسات املؤمتر، أن حزب جبهة التحرير وضع برنامج سياسي طموح ل اوبدتطبيق اإلشتراكية يف إطار املبادئ الوطنية واإلسالمية واحملافظة على اإلستقالل الوطين كما قرر

املتوىف ويعرب " هلواري بومدين "ا لرئاسة اجلمهورية خلف " ن جديد ب الشاذيل"املؤمتر ترشيح العقيد عـة عبـد العزيـز ، جممو )2(هذا اإلختيار يف احلقيقة عن صراع داخل احلزب بني جمموعتني

وجمموعـة االقتصاديةوزير اخلارجية الذي يتبىن مفاهيم النموذج الغريب السياسية و " بوتفليقة"حممد الصاحل حيياوي وهي جمموعة تؤمن مبواصلة اخليار اإلشتراكي وتدعيمه واحملافظـة علـى

ش مكتسبات الثورة ويف الوقت الذي مل تستطع أي جمموعة أن تفرض نفـسها تـدخل اجلـي إنتضار إجراء يف بن جديد ملنصب رئاسة اجلمهورية وزكى احلزب هذا اخليار الشاذيللترشيح

1979 فيفـري 7 بن جديـد يف الشاذيلاإلنتخابات الرئاسية اليت عربت يف النهاية،عن فوز .مبنصب الرئاسة كمرشح وحيد لرئاسة اجلمهورية

ن جديد لرئاسة اجلمهورية أصبح جد متوتر بالشاذيل إن الوضع السياسي الذي رافق تأهيل بعد اإلشاعات اليت روجت حول مدى قدرة الرئيس اجلديد على خالفة الـرئيس بومـدين، ومدى قدرته على التعامل مع السلطة واحلزب من جهة أخرى، ويبدو أن احلزب الذي ورثـه

طيلة عهديت بـن بلـه الشاذيل عن بومدين، أصبح عشية مؤمتره الرابع حيتل مكانة مل يكتسبها وبومدين، وهذا ألن املؤمتر الرابع للحزب أعطاه قانون أساسي وهياكـل تنظيميـة وهيئـات

، مبين على سـلطة "الشاذيل" ، ذا يكون النظام اجلديد الذي جيسده )3(مركزية كان يفتقرها

.218،صنفس املرجع – 12 - Jean Jaques Lavenue, Algérie la démocratie interdite, Paris édition l’harmattan, 1993. P 15.

.223 ، ص ذكرالمرجع سابق عامر رخيلة ، - 3

Page 100: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

99

تـداول احلزب أوال، مبقتضى القوانني والدستور نفسه، مث على املؤسسة العـسكرية ثانيـا، و إىل احلكم ، ولقد شكل احلـزب الشاذيلالطرفني على مراكز صناعة القرار بداية من وصول

اهلادفة إىل الشاذيلوسيلة لتصفية احلسابات مع اإلرث البومديين، بالنظر إىل إستراتيجية الرئيس رقية إاء هيمنة جمموعة بومدين على السلطة، فجاءت اإلصالحات،داخل املؤسسة العسكرية بت

، كمـا الشاذيل ضباط موالني للعقيد وضعتوطيد هيمنة الشرق على هذه املؤسسة و ل ضباطمن منصب رئيس األمن العسكري ،مث بداية تـصفية " رباحم ىقاصد"رافق ذلك أيضا تنحيه

)1(احلسابات الشخصية عرب جملس احملاسبة مع شخصيات موالية لبومدين

كان يهدف إىل توطيد سلطته على حساب من مل يثقوا فيه " جديد بن" واضحا أن ا وبدعند تعيينه من طرف اجليش واحلزب ، ويتضح ذلك عندما ننظر إىل التشكيلة احلكومية الـيت

على مستوى آخر )2( أين جند أربع وزراء فقط من احلكومة السابقة 1979ظهرت يف مارس ، " حممد الصاحل حييـاوي "، "ريف مساعديه حممد ش "شهد احلزب أيضا، تغيريات حيث خلف

ويبدو أن تأهيل مساعديه على رأس احلزب كان يهدف إىل تقدمي احلزب للعب دوره يف احلياة السياسية ،على إعتبار أن احلزب ومبقتضى القوانني اجلديدة اليت هيكلته أصبح جهـاز متعـدد

إضرابات أو إنشاء تنظيم وعليـه الوظائف ، يؤطر اجلماهري ويراقب كل من يسعى إىل القيام ب )3(مينع ظهور قوات إجتماعية جديدة

فالنظام أو احلزب آنذاك كان يوهم اجلميع بأنه رمز للوحدة اليت يرمسها اتمـع،وأن أي إستقرار النظام وضرب وحدة اتمع ، لكن لضرب رغبة إلنشاء معارضة تعين بالضرورة رغبة

اعي الذي تعرفه اجلزائر، يؤكد بشكل من األشكال أن التناقـضات الواقع السياسي واإلجتم اإلجتماعية والسياسية موجودة بالنظر إىل التنوع الثقايف والعرقي، وبالنظر إلــى اإلخـتالف

مل تنمية الفكر التعددي، هذا الوهم الذي حاول النظام متريـره ل كفيلةالطبقـي، وهذه عوامل مـع بدايـة " الـشاذيل " السياسة التفتحية، اليت ميزت نظام يلقى يف الواقع صدى خاصة بعد

تأشرية اخلروج، وكل هذه أمور توحي بـأن ه للسجناء السياسيني، وإلغاء هتسرحي و الثمانيناتإستراتيجية النظام اجلديد كانت متيل إىل سياسة توفيقية مع املعارضة ،اليت كانـت تنـشط يف

1 - Hanafi Taghumout, l’affaire Zeghar, déliquescence d’un état l’Algérie sous Chadli, Paris, édition publisud, 1994. P 12. 2 – C-N-D-P-I, Les gouvernements successifs de l’Algérie, Alger : ENDPI 2000, . P 25-26. 3 - Ahmed Rouadjia, Opcit. P 224-225.

Page 101: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

100

ياسية للنظام البومديين، كما أكدت عن رغبة النظام يف القيادات الس مع اخلفاء، وسياسة زجرية ومؤمتر جبهـة التحريـر الـذي 1982توطيد سلطة احلزب على مجيع امليادين بداية من سنة

.)1 (أخضع املسؤولني يف املنظمات اجلماهرية لنظام بطاقة اإلخنراط يف احلزبقادت إىل تبين سياسة إقتـصادية " اذيلالش"ي، الليونة اليت متيز ا دتصاق على املستوى اإل

العاملي واإلقتصادي الـداخلي ، وامللفـت دجديدة ،متاشيا مع التحوالت اليت شهدها االقتصا عاد النظر يف اخليار اإلشـتراكي ي انلإلنتباه يف هذا الوضع، أنه يف الوقت الذي كان من املنتظر

ـ مالتفتحية اليت ميزت بداية حك السياسة مع ، متاشيا 1986،عرب امليثاق الوطين لسنة شاديل، الالحظنا تأكيد امليثاق على اخليار اإلشتراكي رغم فتحه الباب لإلستثمار اخلاص ،فلقد أثبتـت السياسة اإلقتصادية الريعية اليت إنتهجها النظام منذ عقدين من الزمن فشلها، خاصة بعد إيـار

.إلستهالكي أسعار البترول وتأثريها على اإلقتصاد الوطين ا بقوة النظام، وبالتوازن الذي كـان الذي أطاح املنعرج اإلقتصادي 1986 وتعترب سنة

حيدثه باإلستناد على اإلقتصاد التوزيعي ،ويذهب البعض إىل إعتبار هذا اإليار اإلقتصادي نتاج ون أن حتقق أرباح سياسة بناء املشاريع الكربى واإلستثمارات اهلائلة اليت صرفت فيها ماليري د

، كما يرجعهـا الـبعض اآلخـر إىل الـسياسة اليت صرفت فيها تغطي على األقل النفقات اإلستريادية، باإلضافة إىل اإلختالسات و هتريب األموال إىل اخلارج، ولقد ساهم تدهور الوضع

رضـة اإلقتصادي الذي رافق إيار أسعار البترول يف تطور األوضاع السياسية، وبـروز معا سياسية على خمتلف األصعدة أصبحت هتدد إستقرار النظام، فاملعارضة وجـدت يف وصـول

ا للعـودة إىل احليـاة ا مناسب رفظإىل احلكم وليونته مع خمتلف األطراف السياسية، " الشاديل"اليت برزت يف " فجبهة القوى اإلشتراكية "السياسية بعد أن طوقها بومدين بشكل من األشكال

الستينات عادت إىل الواجهة مع بداية الثمانينات مع أحداث الربيع األمـازيغي حيـث بداية رف، لطرح التعددية احلزبية يف اجلزائر كنتيجة حتمية للتعددية الثقافية، وواقع ظإستغلت هذا ال

احلال أن هذه األحداث اليت جاءت حتت دفع خنب سياسية وثقافية مل ترمي إىل اإلستفادة مـن سية بقدر ما كانت تطالب حبرية تعبري، واحترام احلريات الفردية، ولقد متخض عن حقوق سيا

ا إنـذار بظهـور نـشاط ذن ه وكاهذه احلركة ظهور مجعية تسعى إىل تطوير الثقافة الشعبية يف بعث احلركة اإلسـالمية مبختلـف )*(، ولقد سامهت الظروف الدولية، )2(سياسي مكثف

1 – Michel rouciard, le Maghreb au Cœur des crises, Lyon : édition chronique sociale, 1994. P 74. 2 –Abed Charef, Octobre dossier ,Alger : édition Laphomic, 1989. p32.

Page 102: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

101

عن النظام القائم إذ متيز نشاط هذه احلركة بتنظـيم مـسرية يف تياراهتا، لتطرح نفسها كبديل بالعاصمة، أعتربت أول مظاهرة تقوم ا حركة خارج إطار الدولة ، وإذا كانت 1982نوفمرب

يسمى فيما بعد باحلزأرة قد تبنت سياسة سلمية، فإن أقطـاب مـن ساحلركة الباديسية أو ما )1( نفسها سياسياض لضرب النظام وفراحلركة اإلسالمية تبنت العمل املسلح

. هذا التحرك السياسي الغري عادي لبداية الثمانينات كانت حتركه يف احلقيقة إشاعات تقول

مستوى آخر ىبأن النظام يعيش آخر أيامه، وأنه أصبح حمتوم عليه أن يغري النهج السياسي، عل يـضاف واآلخر تقدمي، حمافظ احدمها شهد احلزب احلاكم أزمة داخلية بني تياران سياسيني

ما كان يطفو على الواجهة من تصرحيات و حتركات سياسية كانت تعيش يف املنفى، هذا إىلوظهور أحزاب سياسية يف اخلفـاء، وهذا الوضع كان يعرب عن بداية عهد جديد، لعبت فيـه

بـضعف النظـام املعارضة دور كبري إذ إستغلت الظـرف التـارخيي املناسـب، واملتعلـق وساعدها على ذلك انتقال األزمة إىل الشارع،واليت أكدت هشاشة النظام إقتصاديا، ؛إقتصاديا

وعدم قدرته على تفعيل احلياة اإلقتصادية، وجتاوز األزمة اليت عرقلت عمل النظـام الـسياسي رح نفـسها يف األحادي ،فاألزمة اليت حاول النظام أن خيفيها عن العامة لفترة طويلة، بدأت تط وضـع سـعى الشارع، أين ندرة املوارد الضرورية يف حياة املواطن باتت مطروحة حبدة ،وهو

النظام من خالله، لتحرير احلياة اإلقتصادية، ففي حوار أجرته جريدة الـشرق األوسـط مـع قررنا إستقاللية املؤسسات كقاعدة " ت ا يقول عن اإلصالح 1989الرئيس الشاديل يف أكتوبر

داية إصالحات إقتصادية عميقة، ترافقها إصالحات سياسية، أو ما ميكن أن نسميه املمارسة لبالفعلية للدميقراطية، أي متكني الشعب من مراقبة سري احلياة السياسية بواسطة ممثليه املنتخـبني

.)2( "من أحزاب سياسية أو مجعيات الحات اليت رافقت تلك الفترة جـاءت من خالل هذا التصريح ميكن أن نفهم بأن اإلص

إستجابة لوضع إقتصادي فرض نفسه ، وحترير احلياة اإلقتصادية كان يتماشى مع ضرورة حترير احلياة السياسية، قصد إعطاء دفع للجمود الذي آلت إليه احلياة عموما يف اجلزائر ، واملـشاكل

ت الطريق لتكهـرب الوضـع اليت أصبحت من يوميات املواطن اجلزائري، هذه الظروف مهد حول إختالس األموال وحـول 1988السياسي، خاصة بعد اإلشاعات اليت روجت يف صيف

. الثورة اإليرانية ووصول اإلسالميني إىل السلطة عن طريق الشارع -*

1 – Amine Touati, Algérie, les islamiste à l’assaut du pouvoir, Paris : édition L’Harmattan, 1995. P 5-6. 2 – Jean Jaques Lavenue, opcit .P 15-16.

Page 103: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

102

األزمة اليت كان يعيشها حزب جبهة التحرير الوطين وصراع العصب داخـل الـسلطة،ويعترب بداية إلشعال نار األزمة اليت انتـهت بأحـداث ) 1( يف نظر املتتبعني1988سبتمرب 19خطاب

.1988توبر أك عربت هذه األحداث عن قطيعة فعلية مع النظام، وبغض النظر عن األسباب اليت قـادت إىل ذلك، وعن خمتلف األقاويل اليت قالت بأن هذه األحداث كانت مفتعلة من طرف النظـام نفسه لتغيري التوجه السياسي، وتبين التفتح السياسي الذي يتماشـى مـع سياسـة اإلنفتـاح

، فإن الواقع قتصادي خاصة بعد إيار أسعار البترول اليت كان يقوم عليها اإلقتصاد الوطين اإلالذي فرضته أحداث أكتوبر أن النظام أتبث فشله يف حتقيق ما كان يصبو إليه بتبنيـه سياسـة احلزب الواحد، واإلقتصاد املوجه وان هذه السياسات اليت أفرزت بدورها بريوقراطية وزبائنية،

رغبة املعارضة يف لعب الـدور حداث عن أصبحت حترك النظام يف اخلفاء كما أكدت هذه األ .1988األساسي يف احلياة السياسية اجلديدة ملا بعد أحداث أكتوبر

1 – Abed Charef ,opcit. p 62-63.

Page 104: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

103

مسار الدمقرطة يف اجلزائر: املبحث الثالثة حتول يف مسار تطور الدولة يذهب الكثري من الباحثني إىل إعتبار أحداث أكتوبر نقط

اجلزائرية، ذلك أا شكلت حجر األساس الذي أقيمت عليه التعددية الدميقراطية يف اجلزائـر، وبعبارة أخرى شكلت هذه األحداث منرب لتعبري خمتلف األطراف السياسية عن رغبتها لتفعيـل

إمـا واخل احلزب الواحد مسار الدمقرطة فاملعارضة اليت مهشت لفترة طويلة، إما بإحتوائها د ، فرصة لطرح نفسها كقوى فاعلة يف الوضع اجلديد األحداثوجدت يف هذه بنشاطها اخلفي

يف خلق نوع من التوازن بني التعددية الثقافيـة اكتوبر إصالح اليت افرزها وسامهت التعددية يلية، وبات واضـحا أن ة لفترة طويلة، والتعددية السياسية اليت تفتحها الدميقراطية التمث توباملك

أمام خيارات عديدة يفرضـها اليوم أصبح املواطن اجلزائري الذي ظل سجني اخليار األحادي م احلزيب الذي أفرزته اإلصالحات، اليت أصبح معها التمثيل السياسي ذو قيمة جعلته رهان خالز

تخابات ومـن أساسي لتنمية اخلطاب السياسي، وعربت الدميقراطية عن نفسها من خالل اإلن .خالل اإلضرابات اليت عربت يف الغالب عن التغيري السلمي

ا حتول سريع من د إن املالحظ هلذه الفترة يدرك، أن اجلزائر عرفت خالل فترة وجيزة ج ، يدعوا إىل جتسيد الدميقراطية على أرض الواقـع ، يمنط سياسي أحادي إىل منط سياسي تعدد

واضحا أن املعارضة الـيت اية، جتسد املشاركة السياسية الفعلية ، وبد تعدد انتخاباتمن خالل دخلت املعترك السياسي كانت تريد أن تتجاوز فكرة الدميقراطية املصنوعة بقرار، ومسحت هلا

كل تالقوانني اجلديدة من أن تكون البديل الشرعي عن السلطة القائمة بواسطة إنتخابات مس الدولة مبا فيها رئاسة اجلمهورية، لكن واقع املمارسة السياسية مل يرقى األجهزة اليت تقوم عليها

بالنظر إىل ما نتج عن أول إنتخابات تشريعية تعددية عاشـتها اجلزائـر، , إىل دميقراطية فعلية حيث حرم حزب من ممارسة حقه الدميقراطي، بناءا على شكوك هتـدد احليـاة الدميقراطيـة

رزها توقيف املسار اإلنتخايب أن السلطة ال تزال حمل صراع بني خمتلـف وأثبتت النتائج اليت أف .ةالنخب أو العصب ، وعرب طرق خمتلفة شرعية وغري شرعي

Page 105: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

104

آليات اإلنتقال إىل التعددية السياسية يف اجلزائر: املطلب األول اسية الـيت تقـوم كما أسلفنا عاشت اجلزائر مع بداية الثمانينات حتوالت يف البىن األس

عليها السلطة ، ولقد مسحت الظروف التارخيية و السياسية املرافقة لوفاة الرئيس بومدين، على مهام ودور أساسي يف النظام السياسي اجلزائري، على صـعيد بإعطائهبعث احلزب من جديد

ية آخر شهدت اجلزائر بداية لإلنفتاح السياسي واإلقتصادي متاشيا مـع األوضـاع الـسياس واإلقتصادية الدولية ، وعربت هذه التحوالت اإلقتصادية عن رغبة الدولة الفعلية، يف التخلـي

1988 ونتج عن هذا غليان شعيب وسياسي إنتهى بأحداث أكتـوبر عن دورها اإلجتماعي، اجلديدة للنظام واتمـع، وهـذا بـالنظر إىل ةويبدو أن هذه األحداث كانت مبثابة اإلنطالق

يطرح نفسه هـو هـل الذيلكن السؤال ،هذه األحداث حات السياسية اليت رافقت اإلصال أكتوبر كانت تعرب فعال عن مطالب اجلماهري ؟ اإلصالحات السياسية اليت رافقت احدث

يف احلقيقة ال ميكن أن جنزم ذلك وهذا بالنظر إىل عوامل عديدة وبـالنظر إىل مـا قالـه ـ الباحثني يف هذا اال، ف ال سياسـي ضهناك من يرى أن هذه اإلصالحات جاءت كنتيجة لن

طويل قادته حركات سياسية كانت تنشط يف اخلفاء ،وعربت عنه خمتلف األحداث اليت رافقت مرحلة الثمانينات، يف حني يرى آخرون أن هذه اإلصالحات والدميقراطية تعترب وسيلة جديدة

واإلعتقاد السائد يف تلـك ) 1(دي بطرق جديدة هليمنة السلطة على الوضع السياسي واإلقتصا املرحلة يكمن يف إمكانية إعادة بعت جبهة التحرير الوطين من جديد كحزب منـافس علـى السلطة، إستنادا للدميقراطية التعددية، لكن املتتبع للحياة السياسية واتمعية يف اجلزائر خـالل

ن مطالبة بالدميقراطية، بقدر ما كانت صيحة تلك املرحلة يدرك جليا ،أن أحداث أكتوبر مل تك .أريد منها حتسني األوضاع السياسية واإلجتماعية

اليت عربت عنها اإلصالحات السياسية كانت نتـاج وميكن القول أن دميقراطية أكتوبر رغبة فعلية لدى السلطة احلاكمة ومن ورائها رئيس اجلمهورية، لبعث و،لتمازج عدت عوامل

إقتصادية حرة ،ختفف على الدولة عبء حتمل احلياة اإلقتصادية واإلجتماعية، ومن مت فهي حياةعن نضج سياسي للمواطن اجلزائري، أو بقرار، وال تعرب عن تطور سياسي، مصنوعة دميقراطية

، دار الفارايب: لبنان ،يداوي ، حامت سلمانصترمجة جواد ,) 1992-1962اجلزائر ( جبهة التحرير الوطين والسلطة كمال بوشامة ، –1

.263 ص . 2001

Page 106: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

105

يف الوقت نفسه ال ميكن أن ننكر وجود خنبة سياسية تدرك حقيقة الدميقراطيـة وتـسعى إىل . جتسيدها

ومهما يكن عربت أحداث أكتوبر عن إصالحات سياسية عميقة مست كل املـستويات 1989 ،ووصوال إىل دستور فيفري 1988بداية من اإلستفتاء حول تعديل الدستور يف نوفمرب

.اليت أدخلت اجلزائر العهد التعددي ) 40(ومادته عتبار أا نسق ال يتماشى مـع هذه التعددية اليت كانت مرفوضة يف املاضي القريب ،على إ

ام حامل لقـيم ظمسار تطور األمم اليت خضعت لإلستعمار، باتت اليوم واقع يفرض نفسه ون أن بشرطميكنها أن تدعم الوحدة الوطنية، بإشراك كل الفئات اإلجتماعية يف ممارسة السلطة،

ظمة واحلاملة ملـشاريع تكون هذه التعددية مقرونة بوجود عدد معني من األحزاب السياسية املن إجتماعية خمتلفة، ألن وجود تعدد وإنقسام يف الرأي العام بني جمموعات خمتلفة غـري مـستقرة وسريعة الزوال، ال يعرب يف حقيقة األمر عن تعددية حزبية ، وأكثر من ذلك قد يـشكل هـذا

. الوضع عائق للدميقراطية التعدديةا رأينا سابقا تفرض وجود أكثر من حزبني يتنافسان علـى والتعددية احلزبية الفعلية كم

السلطة يف أغلب مناطق التراب الوطين أثناء املناسبات اإلنتخابية وتظهر التعددية تارخييا كنتيجة للصراعات فاألحزاب تارخييا تظهر كتنظيمات حاملة للصراعات، وبعبارة أخرى هي املعرب عن

)1(ن اإلختالفات اإلجتماعية الصراعات كما أا مقر للتعبري ع يف اجلزائر التعددية احلزبية جاءت على أنقاض نظام احلزب الواحد، الذي فشل يف حتقيق تنمية سياسية وإقتصادية ، كما فشل يف إحداث وفاق وطين ميكنه من اإلستمرار،فاألحزاب اليت

منه، واليت ختول احلق يف إنشاء 40 ومبقتضى املادة 1989ظهرت بعد التعديل الدستوري العام .ن تطور بطيء هلذه الظاهرة يف اجلزائرعاجلمعيات ذات الطابع السياسي ، تعرب يف احلقيقة

ر األفكار السياسية ، وبعبارة أخرى هي أحزاب ال حتمل مشاريع سياسية ملموسة تعرب عن جتدلفاشلة واإلضطهاد الـذي بقدر ما هي حركات مناهضة لسياسة احلزب الواحد ، ومشاريعه ا

رافق العهد األحادي، يف الوقت ذاته ميكن القول عنها أا تعرب عن صراعات إجتماعية مكبوتة أيضا منذ اإلستقالل، وهذا ما يضع الظاهرة احلزبية اجلزائرية يف مرحلة تكوينية، وهذا ما يفسر

. العدد اهلائل من األحزاب السياسية

.153 ص .1996،دار البشري:األردن، امحد يعقوباذوبة,ترمجة،واطن السياسي يف الدميقراطيات الغربيةدور امل، رسل جيه دلتون - 1

Page 107: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

106

بني تياران أساسيان، حيث ومبقتضى التعديل زبية يف اجلزائر عن صراع تعرب التعددية احل إتضحت معامل احلقل السياسي اجلزائري بربوز التيار اإلسالمي ، والتيار 40الدستوري واملادة

مالـت ايل التيـار إما وامللفت لالنتباه أن األحزاب اليت ظهرت خالل هذه املرحلة الدميقراطي أو إا أخذت مركز وسط ، وحسب التفـسري دخلت يف التيار الدميقراطي اإلسالمي أو أا

وهذا ما يفسر ظهور )1( بني اليسار واليمني االعتدالالديفرجي يشكل حزب الوسط نوع من عدد كبري من األحزاب يف اجلزائر، فأحزاب الوسط تسعى إىل مزج قيم تقليدية مرتبطة باملبادئ

وبعبارة أخرى ميكن القول بأن هذا ؛ الدميقراطية الليربالية وأفكارها اإلسالمية مع قيم نابعة من الشكل من األحزاب هي أحزاب توفيقية من جهة، وأحزاب إنتهازية من جهة ثانية هتدف إىل

.كسب أكرب عدد من األصوات يف املناسبات اإلنتخابية هرت من خالله خمتلف من الدستور األساس الذي ظ 40 على صعيد آخر شكلت املادة

األحزاب السياسية ورغم حتفظ املشرع على تسمية األحزاب السياسية حمبذا عبارة اجلمعيـات ذات الطابع السياسي، فإن امللفت لإلنتباه هنا، ومن خالل الدستور أن هذا احلق يتمتـع بـه

لوطين ، كما اجلميع شريطة عدم املساس باحلريات األساسية والوحدة الوطنية ووحدة التراب ا مأن الدستور ال حيدد عدد األحزاب اليت ستشكل احلقل السياسي وجتدر اإلشارة أيضا إىل عد

مع األحزاب املساواة أن الدستور وضعه على قدم يوحيتطرقه للحزب الواحد سابقا، وهذا ما يفسر األخرى، ويبدو أن السلطة القائمة أرادت أن حتدث قطيعة مع النظام األحادي، وهذا ما

حجم اإلصالحات وشكلها ،فالتحول حنو الدميقراطية التعددية يف اجلزائر مل حيـدث داخـل يعرب يف احلقيقة عن إرادة رئـيس اجلمهوريـة بل أنه على تشاور مناضليه ااحلزب احلاكم بناء

حممـد شـريف "لبعث التعددية السياسية، ولقد عرب هذا اخليار عن صراع بني األمني العـام مـن منـصبه " حممـد شـريف مـساعدية "نتهى بإقالـة واورئاسة اجلمهورية، " مساعديه

والذي يعترب من املـدافعني عـن )2( 1988 أكتوبر 30وإستخـالفه بعبد احلميد مهري يف ة الرئاسة عرب اإلصالح الدستوري ادسياسة التحرير السياسي واإلقتصادي، وذا فقد مت مترير إر

هـي 1989ة كبرية ولعل أهم املكاسب اليت جاء ا دستور الذي صوت عليه الشعب بأغلبي .حرية التعبري من جهة والتعددية السياسية من جهة ثانية

1 - Maurice Duverger, opcit, P 11. 2 – El Hadi Chalabi,L’Algérie l’état et le droit, Paris: Arcantére édition, 1989. P 266.

Page 108: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

107

لكن 40 يف بروز األحزاب السياسية عرب مادته ساهم الدستور اجلديد وميكن القول أن ملـادة بظهـور قـانون فرض ضرورة تطوير هذه ا )1(التنامي السريع هلذه الظاهرة يف اجلزائر والذي حدد شروط 1989 جويلية 5 املؤرخ يف 89/11اجلمعيات ذات الطابع السياسي قانون . التكوين وقوانني العمل ورقابة النشاط

ويبدو جليا من خالل دراسة شروط تكوين اجلمعيـات ذات الطـابع الـسياسي أن متارس نشاطها، فالقانون يضع الضوابط اليت األحزاب غري ملزمة بتبين أفكار سياسية معينة حىت

.تلزم األحزاب باحترام الدستور والسيادة الوطنية والدميقراطية ومحاية النظام اجلمهوري من قانون اجلمعيات ذات الطابع السياسي تركيز املشرع )2( 6 و 5 ويظهر من خالل املواد

ئفية واجلهوية واإلقطاعية ،كما يالحـظ على منع ظهور األحزاب القائمة على املمارسات الطا عن هذا القانون الطابع اإللزامي،بغية تقنني كل التظاهرات السياسية، وجتنب األخطار اليت ميكن أن تنجم عن ظهور أحزاب هتدد اإلستقرار الوطين ،كما أنه يعرب عـن رغبـة فعليـة جلعـل

زائر، دخلت الدميقراطيـة يف مرحلـة الدميقراطية يف خدمة التعددية احلزبية على اعتبار أن اجل .حرجة إتسمت بظهور وإصطدام تناقضات إجتماعية وثقافية

عدا هذه الشروط فإن تكوين اجلمعيات ذات الطابع السياسي، ال خيضع إىل صعوبات إذ شخص لتكوين مجعية ذات طابع سياسي، وهذا ما يفسر 15يكفي موعة صغرية مقدرة بـ

ن األحزاب السياسية يف ظرف قصري ،ويأيت هذا الوضع إستجابة للحـضر ظهور عدد هائل م الذي مارسته السلطة على حرية التعبري، والتجمع وحىت إن نصت الدساتري السابقة على أحقية

.الشعب يف احلرية والتجمع، فإن املالحظ هو غياب هذه احلقوق يف أرض الواقع سزائر شكل من أشكال التعبري، وعلى هـذا األسـا وذا تكون التعددية احلزبية يف اجل

هذا ما جعلها جاءت خمتلف القوانني املتعلقة باألحزاب كتعبري عن هذا الواقع اإلجتماعي، و قبول من خمتلف النخب السياسية، واملالحظ عن احلقل السياسي الـذي أفـرزه قـانون يقتل

احلقيقة ما كانت تنص عليه مواد هـذا اجلمعيات ذات الطابع السياسي، أنه مل يكن يعكس يف القانون، سيما تلك اليت متنع ظهور األحزاب على أساس عرقي أو ديين فرغم تأكيد األحـزاب

، كانـت تؤكـد العكـس على أا ال تقوم على أساس عرقي أو ديين فإن ممارساهتا السياسية

. 200، ص مرجع سابق السعيد بوشعري ، - 1اجلريدة الرمسية العدد ( يتعلق باجلمعيات ذات الطابع السياسي 1989 يوليو 5 املوافق 1409ي احلجة عام ذ 2 املؤرخ يف 11-89 قانون رقم -- 2

).05/07/1989 بتاريخ 27

Page 109: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

108

يف الوقت نفـسه حيـدد ؛ا أثناء الفترات اإلنتخابية أو يف جتمعاهت اخلصوصياتل هذه استعمباالقانون سري األحزاب السياسية وتنظيمها كما خيضعها لرقابة الوزارة املكلفة بالداخلية، الـيت خيول هلا القانون التحقق من مدى مطابقة إجراءات إنشاء اجلمعيات ذات الطابع السياسي مع

نشاط اجلمعية بواسـطة القوانني وعلى هذا األساس تقدم اإلعتماد كما حيق هلا حل أو إيقاف .القضاء إذا ما الحظت يف وجودها خطر على النظام العام

يبني )1( املتعلق باجلمعيات ذات الطابع السـياسي 89/11 إن القراءة السريعة يف قانون لنا أن املشرع إستوحى هذه املواد من النظام الليربايل، الذي حيبذ حريـة واسـعة يف إنـشاء

ت الطابع السياسي ،وهذا متاشيا مع رغبة السلطة يف إحداث القطيعة مع خملفـات اجلمعيات ذا املاضي، ومع جتربة احلزب الواحد، ومن أجل تشتيت املعارضة يف تيارات سياسية عديدة حىت تصبح غري فعالة أمام حزب جبهة التحرير صاحب القاعدة الشعبية املوروثة عن عقـود مـن

1989 ن عامة اجلزائريني، وعليه فالتعددية اليت جسدها دسـتورها الزمن، واملترسخة يف أذها عربت بالفعل عن هذه النظرة حيث ظهرت أحزاب عديدة لكن امللفت لإلنتباه بروز تيـارات سياسية أكثر من غريها، وميكن التفريق يف احلقل السياسي اجلزائري بني ثالث تيارات بـارزة

اإلسالمي، التيار الدميقراطي الالئكي ، التيـار الـوطين هي التيار وميكن أن تتفرع هي أيضا، . الدميقراطي

فيما خيص التيار اإلسالمي الذي برز عشية أحداث أكتـوبر يف الـساحة الـسياسية املالحظ أنه، ذو جذور عميقة يف التاريخ السياسي اجلزائري تعود إىل تاريخ احلركة الوطنيـة

رة اجلزائرية، مث إىل مجعية القيم، وخمتلف احلركات السياسية اليت كانت تنشط يف اخلفاء أثناء الفت األحادية ، و لقد أفرزت األفكار املشكلة للفكر اإلسالمي عموما عدة إجتاهات داخـل هـذا التيار فهناك اإلجتاه اإلصالحي وهناك التيار الراديكايل وهذه اإلجتاهات نفـسها تتفـرع إىل

.تيارات أخرى ، و هذا ما يفسر صعوبة الوقوف على حتديد هذا التيار بدقة ن ما يصطلح عليه باإلسالم السياسي ، ظهر يف اجلزائر مع اإلصالح الذي ومهما يكن فإ

رافق أحداث أكتوبر يف شكل أحزاب سياسية، تتفق عموما من حيث املنطلق وختتلف أغلبيتها من حيث التصورات، وأبرز هذه األحزاب اليت ظهرت حتت دفع قانون اجلمعيات ذات الطابع

نفس املرجع السابق الذكر-1

Page 110: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

109

، واملفارقة 1989 على اإلعتماد يف سبتمرب لت حص اليتإلنقاذ اإلسالمية ل هي اجلبهة السياسي ، اليت تطرح نفسها عند احلديث عن هذا احلزب هو الصراع الذي عاشته هذه احلركـة حـول مسألة حتوهلا إىل حزب سياسي أو بقائها على العمل اإلصالحي ، و حتددت معامل هذا الصراع

كانت اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ تعكس جمموعة من حيث )1(يف تركيبة احلركة اإلسالمية ذاهتا التيارات املتعايشة واملختلفة ، و يأيت على رأس هذه التيارات، التيار املتشدد الذي يتزعمه علي بن حاج ، وهو تيار غالب مقابل هذا التيار هو اإلجتاه املعتدل الذي مييـل إىل تـبين سياسـة

راطية يف حني هناك تيار ثالث معروف بإسم احلزأرة، وهي مية باإلعتماد على الدميق تدرجيية سل جمموعة تؤمن بفكرة الدولة اإلسالمية ذات اخلصوصية اجلزائرية وينتمي أغلـب أعـضائه إىل

.النخبة املثقفة، ويتزعمه عبد القادر حشاينة أخرى بعد مرحلـة تـردد ي على غرار اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ ظهرت أحزاب إسالم

عرفتها قيادهتا، وكان هذا هو حال مجعية اإلرشاد واإلصالح اليت حتولت إىل حركة التجمـع وأهم ما مييز هذه احلركة 1989 سبتمرب 10بعد حصوهلا على اإلعتماد يف ) محاس(اإلسالمي

على هذه ااإلعتدال والتدرج يف العمل اإلصالحي الذي يرافق عملية الوصول إىل السلطة، وبد من التجانس خبالف احلركات اإلسالمية األخرى، ويف نفس التوجه تقريبا جنـد نوع احلركة

عن هذه احلركـة وبدكان ي حركة النهضة اإلسالمية كإحدى التشكيالت السياسية املعتدلة و التجانس لكن األحداث السياسية اليت رافقت تطور اجلزائر أثبتت غري ذلك، باإلضافة إىل هذه

إلنتباه هو تنامي شعبية اجلبهة اإلسالمية يف لحزاب إسالمية، لكن الالفت األحزاب برزت عدة أ .احلقل السياسي اجلزائري

على صعيد آخر وغري بعيـد عن التيار اإلسالمي ظهرت عدة أحزاب سياسية لكـن أبرز هذه األحزاب هو التيار الوطين احملافظ الذي جتسده جبهة التحرير الوطين كحزب إستطاع

ن يستمر بعد اية األحادية وأن يدخل املعترك السياسي ليشغل حيزا مهما من احلياة السياسية أويعترب حزب جبهة التحرير، حامل لألفكار الوطنية والدميقراطية وعلى غرار ما كان يعرفه التيار

يـار اإلسالمي، تعترب جبهة التحرير الوطين مركز إلجتماع عدة إجتاهات ،حيث جند داخلها الت الدميقراطي التقدمي الالئـكي أو اإلستأصايل، وجند فيها التيار اإلشتراكي احملافظ ،كما جنـد فيها التيار اإلسالمي احملافظ والتقدمي، وهلذا ظلت اجلبهة تعيش صراعات داخليـة أثـرت يف

1 – M. Al – Ahnaf, Bernard Botiveau, Franck Fregosi, l’Algérie par ses islamistes, Paris : édition Kharthala, 1991, P 29-34.

Page 111: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

110

ا، خاصة خالل هذه املرحلة اليت عرفت بروز عدة أحزاب سياسـية هتغالبية األحيان على مسري ة يويدخل يف صف التيار الوطين عدة أحزاب سياسية، وحىت أحزاب إسالمية وهذا كنتيجة لنسب

هذا املفهوم، مقابل هذه التيارات جند التيار الدميقراطي الالئكي،الذي تعود جذوره هذا إىل ما ـ )1(1963بعد اإلستقالل، مع جبهة القوى اإلشتراكية اليت ظهرت مع بداية ى وتركيزها عل

تجمع من أجل الثقافة والدميقراطيـة، وهـو ال جند األمازيغية كوسيلة للتعبئة ، ويف نفس النهج حزب يقوم على نفس املبادئ أي الدميقراطية الالئكية واألمازيغية، وتبىن هذا احلزب مواقـف

فس معارضة لسياسة اإلجتاه اإلسالمي بكافة أطرافه، وباألخص اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ، ويف ن السياق ميكن ذكر حزب الطليعة اإلشتراكية، الذي يعترب اإلمتداد الرمسي للحـزب الـشيوعي

.اجلزائـري وعليه ميكن القول أن اخلريطة السياسية يف اجلزائر، أخذت شكلها التـعددي مع قـانون

لـيت النظر عن طبيعة أي حزب وتكوينه، فإن املنافسة السياسية ا بصرفاجلمعيات السياسية، و جسدها اإلصالح السياسي املرافق ألحداث أكتوبر، وظهور التعددية احلزبية ، كان يوحي بأن اجلزائر قد خطت خطوة عمالقة حنو تفعيل مسار الدمقرطة خاصة فيما يتعلق باآلليات القانونية

حقل سياسـي متعـدد، نعربت اإلنتخابات التعددية ع واحلياة السياسية، اليت مسحت بتأطري تصنيف األحزاب السياسية يف اجلزائر أخذ شـكال أن القول نوع، وعلى ضوء ذلك ميكن ومت

خاصا، بالنظر إىل خصوصية اتمع من جهة، وخصوصية احلياة السياسية اليت عـربت عنـها أنه )1(السياسية اإلصالحات من جهة ثانية ،حيث يرى أحد الباحثني يف دراسة حول الثقافة

:مخس فئات من األحزاب السياسيةميكن التمييز بني جبهة التحرير الوطين كحزب سياسي متولد عن تراكم تارخيي وسياسي، وله شـعبية ال -1

.بأس ا يف األرياف، وعند فئات و شرائح كبرية يف السن فئات سياسية جهوية ثقافية ولغوية ، تتسم بقوهتا يف املعارضـة وإختالفهـا النـسيب يف -2

.املواقف . ت سياسية يسارية شيوعية و إشتراكية هلا قاعدة واسعة يف أوساط العمال فئا-3

1 Abdelkader yefseh, Opcit, P 119.

رسالة ماجستري، جامعة اجلزائر، كلية العلوم السياسية ( )1992– 1989( الثقافة السياسية ومسالة الدميقراطية يف اجلزائر ،علي بن طاهر –1 82ص ) 2002واإلعالم، قسم العلوم السياسية،

Page 112: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

111

فئات سياسية دينية هلا أنصارها يف أوساط خمتلف الشرائح اإلجتماعية سيما فئة الـشباب -4 . والفئات احملرومة

. فئات سياسية ليربالية تستند على قاعدة قليلة من ذوي املصاحل املالية والتجارية-5 الـذي يـسمح الشيء يكون احلقل السياسي متنوع و متعدد من حيث الكم والكيف، وذا

للمواطن من إختيار التشكيلة اليت تتناسب مع توجهاته و أفكاره ،واملالحظ عن هذه الفترة، أا شهدت حتوالت عميقة، ونشاط سياسي متعدد كان يوحي بأن اإلنتقال الدميقراطي، يسري وفق

قيق احلداثة، رغم أن الصراع على السلطة ظل هو مسعى كل األحزاب اليت منهجية من شأا حت .مل تبحث عن ترسيخ الدميقراطية يف اتمع

املمارسة احلزبية من خالل اإلنتخابات التعددية: املطلب الثاين

رسـت الدميقراطيـة أ ، 1988نت اإلصالحات اليت رافقت أحداث أكتـوبر ذا كا إ مت قانون اجلمعيات ذات الطابع السياسي، فإن امللفت لإلنتباه أا 1989دستور التعددية عرب

) 1(كانت منعرج يف طبيعة احلياة السياسية يف اجلزائر، وبداية لتحوالت على خمتلف األصـعدة

وسامهت هذه املرحلة اإلنتقالية من النظام األحادي إىل التعددية السياسية يف إحداث نقله نوعية ات العامة، خاصة بعد أن عربت السلطة عن نيتها الفعلية يف تدعيم هذا اإلنتقـال يال احلر يف جم واملالحظ عن القوانني اجلديد عدم إشارهتا للحزب الواحد سابقا وعدم إعطاءه ؛ت قانونية ابألي

دور يف احلياة السياسية ، لكن الواقع السياسي الذي كانت تفرضه األوضـاع الـسياسية يف ئر، كان يؤكد هيمنة هذا احلزب على مجيع مؤسسات الدولة، فالس الشعيب الوطين كان اجلزا والتخـوف هويا والبلديات واالس الوالئية كانت كذلك، وهذا ما خلق نوع من القلق بج

رزها اإلصالح السياسي حول رغبة النظام الفعلية ،إلعادة توزيع األوراق فلدى املعارضة اليت أ لسياسي، وحول طبيعة الدميقراطية يف اجلزائر وفعليتها، خاصة بعد اإلشاعات الـيت يف احلقل ا

يف وقت كانت تروج حول اإلصالح، وحول الدميقراطية اليت إعتربها البعض دميقراطية واجهة، الدميقراطية ،تنامي سريع خالل مرحلة قصرية وأصبحت مبقتضى القوانني اجلديدة، عرفت فيه

.سة واملناقشة من طرف خمتلف اهليئات اإلعالمية احمللية والدوليةجمال خصب للدرا

1 - Abderahim Lamchichi,L’Algérie en crise, Paris L’Harmattan, 1991. P 288.

Page 113: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

112

الـسلطة األمر الذي وضع ، وذا وضعت الدميقراطية الناشئة حتت اهر للكشف عنها حرج، بني ضغط املعارضة احمللية اليت بدأت تفرض نفسها، وبني نظرة العامل ملا جيري فيف موق

كانت ملزمة إما بترك الدميقراطية تأخذ مكاا بالعمل التـدرجيي، يف اجلزائر ،يف ذات الوقت وإما أن تسارع يف تفعيل العمل السياسي بفتح الباب للمعارضة، حىت تأخذ مكاا يف احليـاة

الوضع يف اجلزائـر ومت لـذلك إنتهي السياسية عرب اإلنتخابات التعددية، وعلى هذا األساس ، 1989 املـؤرخ يف 89/13ابات التعددية ،وهـو قـانون الغرض إعداد أول قانون لإلنتخ

واملالحظ عن هذا القانون أنه جاء متاشيا مع التحوالت اليت عرفتها اجلزائر وكان أيضا مطـابق ن عللحرية اليت نص عليها الدستور، وقانون اجلمعيات ذات الطابع السياسي ، وبصرف النظر

فإن منط اإلقتراع النسيب الذي مت تبنيه ، أحدث قطيعة ما جاء يف خمتلف املواد اليت نص عليها ، مـن قـانون 60حيث نصت املادة ،80/12مع التمثيل املطلق الذي كان يقوم عليه القانون

سنوات بواسطة اإلقتراع النـسيب 5 إنتخاب الس البلدي والوالئي يكون ملدة أن 89/13و نفس النمط يطبق على الس الشعيب الوطين على القائمة مع أفضلية األغلبية يف دور واحد ،

على أن جيري اإلقتراع يف الدوائر اإلنتخابية اليت تتوفر على مقعد واحد على 84مبقتضى املادة ⋅..األغلبية يف دور واحدبإسم

وعلى هذا األساس ميكن القول أن األمور كانت تسري وفق العمل، على توطيد مـسار زائر، وهذا بتهيئة األرضية إلجراء إنتخابات تعددية تتماشى واملقاييس الدوليـة الدمقرطة يف اجل

القائمة يف الغرب ، واستجابة ملطالب املعارضة بضرورة التعجيل بإنتخابات تعددية جتسد مـن خالهلا اإلرادة الفعلية للتغيري، وعلى هذا األساس قررت السلطة القائمة ،إجراء أول إنتخابـات

.تاريخ اجلزائر املستقلة تعددية يف ومتاشيا مع مسار الدمقرطة الذي أريد منه التدرج يف اإلصالح اهليكلي، تقـرر إجـراء

ا كبداية لوضع قواعد دميقراطية تعددية متثيليـة ، وبـد 1990جوان 12اإلنتخابات احمللية يف صدى الدميقراطيـة واضحا أن هذه اإلنتخابات كانت فرصة مناسبة لألحزاب السياسية لقياس

والواضح أيضا عن احلقل السياسي الـذي ، 1988 الذي تبنته الدولة بداية من أحداث أكتوبر تعدد الشيء الذي يضع املواطن أمام خيـارات متعـددة ال و ،تنوعهو ال أفرزه هذا اإلصالح،

يـة تطلعاته من جهة ثانية ،وعلى هذا األساس فتحت محلة إنتخاب وتتناسب وأفكاره من جهة،

Page 114: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

113

ودخلت األحزاب السياسية هذه املنافسة اإلنتخابية التعددية األوىل، حيث قـدرت األحـزاب حـزب معتمـد إضـافة إىل املرشـحني األحـرار 25 حزب من بني 11املشاركة فيها ب

لإلشارة رفضت ) 1( جملس والئي 48 جملس بلدي و 1541أو املستقلني ، بغرض التنافس على شتراكية واحلركة من أجل الدميقراطية يف اجلزائر، دخول هـذه اإلنتخابـات جبهة القوى اإل جراء إنتخابات رئاسية وتشريعية أوال، فمنهجية هذين احلـزبني إحنـصرت يف إحبجة ضرورة

.ضرورة إعادة هيكلة مؤسسات الدولة من القمة إىل القاعدةحزاب السياسية فترة حمددة للـدخول قانون اإلنتخابات منح األ جتدر اإلشارة أيضا أن

يف الوقـت الـذي كانـت فيـه ويف احلملة اإلنتخابية، وفق مقاييس دقيقة حددها املشرع ، التجمعات حمددة من طرف السلطات العمومية ، تعالت أصوات األحزاب لتندد بتجاوزات يف

اسية، من خالل منـابر هذا اال ، وتندد باستحواذ اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ على السوق السي .املساجد اليت تسيطر عليها عرب خمتلف مناطق الوطن

رغم هذا ورغم املخاوف اليت سبقت إجراء هذه اإلنتخابات من حيث مدى نزاهتها ومـن ن اإلنتخابات أـا عترك اال السياسي للمعارضة، فإن املالحظ لحيث النية الفعلية للسلطة،

تسم باهلدوء واإلستقرار مع بعض التجاوزات الـيت إجو سياسي، جرت يف ظروف عادية ويف .مارسها البعض أثناء التصويت أو التصويت بالنيابة

ـ 8366760ولقد شارك يف اإلنتخابات مـن بـني 65.15 ناخب أي بنسبة قـدرت بـ سجل يف القوائم اإلنتخابية ولقد أسفرت النتائج عن فوز اجلبهـة اإلسـالمية 12841769

ـ 32 بلدية و 853 بـلإلنقاذ جملـس 14 بلديـة و 486 جملس والئي أمام جبهة التحرير بواحد مث جاء رابعا بلدية وجملس والئي106والئي يف حني جاء املستقلني يف املركز الثالث بـ

.)2( بلدية وجملس والئي واحد 87التجمع من أجل الثقافة والدميقراطية بـ جـوان 12ت عنها اإلنتخابات احمللية الـيت أجريـت يف وعلى ضوء النتائج اليت عرب

من الواضح أن املنافسة اإلنتخابية التعددية األوىل يف تاريخ اجلزائر أعادت توزيـع ابد, 1990األوراق بني خمتلف األطراف السياسية اليت دخلت احلياة السياسية بعد اإلصالحي الـسياسي

اجلبهة اإلسالمية ( التيار اإلسالمي , ديدة جسدها كما اتضحت يف األفق معامل قوة سياسية ج

:املغرب ، ترمجة لورين زكري ، إفريقيا يف مشال اإلسالمية جديدة للحركة قراءةصوت اجلنوب السياسي ، اإلسالم بورجا ، فرنسوا - 1 .282 ص .1994دار العامل الثالث ،

2 – Abed Charef, Algérie le Grand dérapage, Paris, édition de l’aube, 1994. P 17.

Page 115: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

114

، كبديل احلاكم فرض نفسه عرب خطاب جديد، أحدث قطيعـة مـع املمارسـات ) لإلنقاذ واخلطابات والشعارات اجلوفاء الـيت )1(السياسية املستعملة من طرف النظام طيلة عالقة عقود

تشهد حترك ودينامكية مل يسبق هلا جسدت تلك املرحلة ، وبات واضحا أن احلياة السياسية س مشروعة كبديل طارحاأن عاشتها بدليل أن احلزب اإلسالمي أصبح اليوم على أبواب السلطة

.عن السلطة القائمة أهم ميزة هلذا احلزب هو إستعماله للخطاب الديين احلماسـي ميكن القول أن على صعيد آخر

ي للمجتمـع عمـا اجل رة يف اخليال اإلجتماعي ذاملناهض لسياسة القائمة، بإستعمال رموز متج واملالحظ عن هذه اإلنتخابات أيضا ، أا جاءت للتعبري عن فقدان الثقة يف مـن )2(اجلزائري

جبهة التحرير الوطين، وفشلهم يف حتقيق الوعود اليت محلها باسماإلستقالل حكموا اجلزائر منذ ، وامللفت لإلنتباه يف هذه النتائج، أا مل تقـضي هذا احلزب بعد اإلستقالل، كالتنمية والتصنيع

.ائيا على جبهة التحرير الوطين اليت حلت يف الصف الثاين، وبعدد ال بأس به من األصوات يف نفس الوقت ميكن القول بأن هذه اإلنتخابات أثارت ضجة إعالمية، وردود أفعال خمتلفة

وبني من إعتربه كارثة، وخطر على مستقبل اجلزائر ، بني من إعترب احلدث ، جتسيد للدميقراطية فإذا كانت احلكومة قد إختذت موقفا إجيابيا ،على إعتبار أن اإلنتخابات جرت يف ظروف عادية ومطابقة ملبدأ الدميقراطية التعددية ، فإن جبهة التحرير الوطين أبدت رأيا حيبذ على عدم تضخيم

ذات الوقـت رأت جبهـة القـوى خابات حملية فقـط،يف هذه اإلنتخابات ونتائجها ألا إنت اإلشتراكية أن اإلنتخابات عربت عن ما كانت تريده ، وأكرب دليل على ذلك نسبة املقاطعة اليت

.ن مناهضة الشعب للنظامع واعتربت فوز اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ نابع %34جتاوزت من تصرحياته ويفهمخابات تتماشى مع الواقع بالنسبة للرئيس بن جديد إعترب هذه اإلنت

من يضمن له البقاء يف إمكانية تعامله مع لبقاء و ل سعيا منه املختلفة ميله ملغازلة التيار اإلسالمي، .السلطة

وبصرف النظر عن احلملة اليت رافقت صعود احلزب يف اإلنتخابات احمللية، ميكن القـول أن لنتـائج اإلنتخابـات ي بصفة عادية بعد تأكيد الس الدستور االس املنتخبة بدأت عملها

واملالحظ عن هذه املرحلة واملمارسة السياسية فيها، هو وقوف اإلدارة ضد احلزب الفـائز يف اإلنتخابات، بعرقلة عمل االس املنتخبة وبسن عدة قوانني تقيد حركة االس، ومن بني هذه

1 - Samy Hadad, Algérie Autopsie d’une crise, Paris, édition : l’Harmattan, 1998. P 19. 2 – Lahouari Addi, opcit .P 129 -130.

Page 116: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

115

لوايل على حساب االس املنتخبة، وهذا ما خول للوالة احلق القيود إعطاء صالحيات واسعة ل يف إستعمال قوات األمن دون إشعار مسبق للمنتخبني كما سعت اإلدارة إىل عرقلـة عمـل

)1( مهامه ألداءزمة الاالس بعدم تقدمي الوسائل الائم بـني اإلدارة وذا فالظروف اليت رافقت عمل االس املنتخبة كانت توحي بأن الصراع الق

وبني النخبة السياسية اجلديدة ، سيطرح نفسه بإستمرار يف احلياة السياسية التعدديـة وبـات ضروريا إعادة النظر يف الوضع السياسي احلايل، خاصة إذا علمنا بأن املعارضة شـعرت بـأن

طة ومـن السلطة ضعيفة وأن الصراع داخلها ال يزال قائم ، وهذا ما دفعها للضغط على السل تعجيل بإنتخابات تشريعية ويبدو أن الرئيس الشاديل كان جـد لورائها رئيس اجلمهورية ل

عن نيته إلجراء إنتخابات 1990 أكتوبر 8متحمسا لذلك، و صرح يف لقاءاته مع الصحافة يف ،وواقع احلال أن هذا التاريخ مل يكـن 1991تشريعية مسبقة قبل اية الفصل األول من سنة

الذي أبدى رغبته يف تأجيل هـذا " مولود محروش "تماشى مع جدول أعمال رئيس احلكومة ي ،إذ أخرت اإلنتخابات التشريعية إىل 1990 ديسمرب اخلامس املوعد ،وهذا ما حدث فعال يف

، ورافق هذا التأجيل حترك سياسي من خمتلف التشكيالت 1991اية السداسي األول من عام رفض اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ هلذا التأجيل، وتنظيمها لتجمـع شـعيب ازهالسياسية كان أبر

تنديدا بذلك ،واختذت األحزاب األخرى نفس املوقف بتنظيم مسريات تطالب بالتعجيل ـذا يف " محـروش " املوعد، ويف هذا اجلو املكهرب وجدت السلطة نفسها حبيسة خيارات حكومة

بضرورة التعجيل باإلنتخابات ، وأمـام املختلفة تياراهتابة تأجيل اإلنتخابات ومطالبة املعارض واضحا أن صريورة الدميقراطية يف اجلزائر، ستشهد حتوالت خاصـة اتشبث السلطة بقرارها بد

بعد نزول احلزب الفائز يف اإلنتخابات احمللية إىل الشارع، ودعوته باإلضـراب الغـري حمـدد، يم اإلنتخـايب اجلديـد، س مسبقة ، مث إعادة النظر يف التق ومطالبته بإنتخابات تشريعية ورئاسية

وشهدت الساحة السياسية يف هذه املرحلة إستجابة العديد مـن املـواطنني هلـذه املطالـب، سقوط حكومة محروش، وإستخالفها حبكومة غزايل كما بولإلضراب أيضا، الشيء الذي عجل

نتهت بإصطدام املتظاهرين مع السلطات شهدت األزمة الناجتة عن اإلضراب العام تطورات ، ا جراء إنتخابات تشريعية،ومت إل غري موايت رف احلايل ظالعمومية ، ورأت احلكومة اجلديدة أن ال

.تأجيلها ايل تاريخ أخر

1 –Abed Charef. Opcit. P19.

Page 117: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

116

وعليه فإذا كان التغيري قد مس السلطة التنفيذية بتغيري رئيس احلكومة، فانه يف ذات الوقت نقاذ خاصة بعد القبض على قادهتا بتهمة املساس بالنظام العام ، حيث مس اجلبهة اإلسالمية لإل

إنتقلت القيادة إىل تيار احلزأرة على حساب التيار السلفي واملالحظ عن هذا التغيري حسب أمني أنه طبع احلزب بإيديولوجية كان يفتقدها ، فاجلزأرة كما سبقت اإلشارة ، تيار مكون ) 1(توايت

سالمية واملالحظ عن القيادة اجلديدة سعيها إىل إعادة بعث احلزب يف احلياة من اإلشتراكية اإل السياسـية وتأهيله للدخول يف اإلنتخابات التشريعية اليت أجلت إىل سبتمرب، مث إىل ديسمرب،

احلزب اإلسالمي حول من إستراتيجي وإىل اإلنتخابات الرئاسية اليت أعلن عنها ، وبعد تردد قـرر 1991 ديـسمرب 26وميشاركة يف هذه اإلنتخابات اليت حدد تاريخ إجرائها ل مسألة امل

اإلسالمية الدخول يف هذه اإلنتخابـات ، ولقـد إتـسمت احلملـة للجبهة الس الشورى اإلنتخابية، باهلدوء النسيب، يف جو كان يوحي بأن هذه اإلنتخابات ستحدد مسار الدمقراطة يف

، كما أوضحت 1991ث اليت شهدهتا الساحة السياسية يف جوان اجلزائر، خاصة بعد األحدا احلملة بأن اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ ال تزال حزب قادر على التعبئة، رغم املشاكل اليت كـان

وعليه فقوة جبهة اإلنقـاذ يف " بن حاج "و" يعباس"يعاين منها حول مسألة القيادة بعد إعتقال ، الذي دعم " عبد القادر حشاين " القيادة اجلديدة وعلى رأسها مع التركيبة كانت هذه املرحلة

احلزب بإستراتيجية سياسية فحواها خمادعة النظام واإلعالم، حيث صرح يف الكثري من املـرات بأن حزبه يدرس إمكانية املشاركة يف هذه اإلنتخابات ، لكن يبقى متحفظ عن ذلك بـسبب

ممارسة سياسية عادية، وهذا مـا أرغـم الـسلطات الوضع واجلو العام الذي ال يسمح ببعث يف حني بدأت اجلبهة التحضري هلذه اإلنتخابات مبكرا ) 2(العمومية على تقدمي بعض التنازالت

ويتجلى ذلك من خالل القوائم اليت أعدت بعد اإلعالن عن املشاركة ، ويظهر من خالل هذه رة ، وهم يف أغلبيتهم تيقنوقراطيني وحـاملي القوائم أن أغلب املرشحني ينتمون إىل تيار اجلزأ

شهادات عليا ،ويتضح من هذا أن قرار املشاركة أو عدم املشاركة كان مناورة مـن طـرف .احلزب، لوضع السلطة يف موقف حرج يرغمها على مراجعة حساباهتا

ة الـذي ورغم التعديالت اليت مست قانون اإلنتخابات وقانون تقسيم الدوائر اإلنتخابي كان خيدم جبهة التحرير إىل حد بعيد ،إذ كان يعطى أفضلية للمناطق اجلنوبية والريفية مقارنـة مع الشمال واملدن الكربى، وهذا بغرض إعاقة اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ اليت يعرف أا حـزب

1 –Amine Touati ,opcit .p 74. 2 -Voire Abed Charef ,opcit. P219.

Page 118: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

117

حضري أو نصف حضري وارتكازها يف الشمال خبالف جبهة التحرير اليت ترتكز يف املنـاطق الريفية واجلنوبية، ويبدو أن إستراتيجية النظام وإعتقاده كان يرمي إىل فكرة، إحتالل اجلبهـة

لكن )1(اإلسالمية لإلنقاذ املركز الثاين وهذا ما يرغمها على الدخول يف حكومة وحدة وطنية يث من اإلنتخابات أخلط كل األوراق ، ح )2(الوضع السياسي الذي أفرزته نتائج الدور األول

وكانت يف مركز للفوز يف عليها املتنافس 430 مقعد من 188حتصلت اجلبهة اإلسالمية على مقعد 25عدة دوائر إنتخابية أخرى، بينما جاءت جبهة القوى اإلشتراكية يف املركز الثاين بـ

نعكـاس كإ مقعد ، واحلقيقة أن نتائج هذه اإلنتخابات جاءت يف الواقع 15ـوجبهة التحريرب ة السياسية أين متكنت اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ ،من اإلستحواذ على السوق السياسية عرب للحيا

حسابات النظـام يف وقت كانت خمتلف خطاباهتا، ومحالهتا التحسيسية يف األوساط الشعبية، كـبري يف أا سامهت بقدر والواقعتسعى إىل حتطيم القوة التعبيئية جلبهة اإلنقاذ بسجن قادهتا،

مسار اإلنتخاب لصاحل اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ ضد األحزاب األخرى مبا فيها جبهـة وجيهتالتحرير اليت ظلت حزب النظام رغم دخوهلا املعارضة من باا الواسع ، وبصرف النظر عن هذا احلزب ميكن اإلشارة إىل العمل الذي قادته بعض األحزاب بسعيها للوقوف ضد فـوز هـذا

بالتجاوزات اليت عرفتها البلديات اليت تسيطر عليها اجلبهة اإلسـالمية لإلنقـاذ ةاحلزب مندد إىل عدم إجراء الدور الثاين، الذي سيمنح األغلبية للجبهة اإلسالمية الشيء الذي خيول اهتوودع

الدميقراطية هذه اإلهتامات أثـارت مت اليت تقوم عليها السلطة ومن اآللياتهلا، إعادة النظر يف خماوف لدى احلزب الفائز باإلنتخابات، لكنها مل تدفعه إىل الدخول يف حتالف حيافظ به عـن فوزه يف الدور األول ، وأظهرت اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ أا سجينة فكرها الـسليب حـول

ؤامرة متعددة األقطاب ، يدخل فيها كل األحزاب نـسبيا، مب مستهدفة أا اتالتحالف، معتقد ا يف ذلك أن خصمها احلقيقي هو السلطة أو النظام ، واحلقيقة أن اإلعتقاد الذي كـان تمتناسيهذا احلزب كان مؤسسا ألن أغلبية األحزاب وقفت ضد نتائج اإلنتخابات ، وسـعت يغذى

بكل الطرق حلماية الدميقراطية؟؟ لكن هل محاية الدميقراطية متر بإلغاء إختيار األغلبية ؟ رمبا قد بعض أن هذا العمل شرعي ما دام أن احلزب اإلسالمي يرفض الدميقراطية، حـىت إن مل يعتقد ال

1 –Lahouari Addi, opcit .p 178. 2- Saïd Zahraoui, Entre l’horreur et l’espoir. (1990-1999) chronique de la nouvelles guerre d’Algérie , paris : édition Robert Laffont, 2000. p 65.

Page 119: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

118

يعلن ذلك صراحة، واحلقيقة واملنطق كان يفرض الذهاب إىل الدور الثاين مث الفصل يف هـذا .األمر من خالل املمارسة السياسية

مل يتقبلـوا فكـرة املقررين يف النظام السياسي اجلزائري " )1( إىل إعتبار أيت أمحد ويذهب واملالحظ " مسؤوليتهم أمام مجعية تشريعية منتخبة، وهلذا سارعوا إىل إلغاء هذه اإلنتخابات

أن اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ وعلى لسان عبد القادر حشاين سارعت إىل هتدئته األوضاع بإعالن .إحترامها للحريات العامة والفردية، وتقبل وجود أحزاب غري إسالمية

يف نفس الوقت كان النظام خيطط إللغاء اإلنتخابات، وتوقيف املسار اإلنتخـايب وبـدأ وبعض األحزاب الالئكية، ديسمرب، مببادرة من احلركات اجلمهورية 31العمل الفعلي لذلك يف

ويف الوقت الذي تتحرك هذه األطراف إللغاء اإلنتخابات، أبدت رئاسة اجلمهورية، ترحيبـا التعامل مع احلزب اإلسالمي ويرجع الباحثني هذا املوقـف إىل ترفض إمكانية ئج ومل ذه النتا

تعاطف الرئيس مع هذا التيار من جهة وأن أغلبية احلزب اإلسالمي ال تؤثر على سلطات رئيس اجلمهورية من جهة ثانية، فالرئيس دستوريا له سلطات سياسية واسعة ختول له تعيني احلكومة

التهم كما ميلك صالحية حل الس الوطين الشعيب ومن الناحية اهليكلية اجلـيش والوزراء وإق .) 2( واإلدارة كانا حتت سلطته

أثبت أن السلطة كانت نظريا يف يـد 1992 جانفي 12 لكن الواقع الذي فرضته إستقالة ياة السياسية ، رئيس اجلمهورية ، لكن من الناحية التطبيقية فإن اجليش ميارس دورا مهما يف احل

ويؤكد ذلك تدخله إليقاف املسار اإلنتخايب ، وذا أصبح اجليش هو املالك احلقيقي للـسلطة وذا أدخلـت )3( 1962بعد أن كان دعامة لتوطيد السلطة من طرف من حكموا اجلزائر منذ

أن املخاوف اجلزائر عهد جديد ،يف مرحلة كان ينتظر منها توطيد الدميقراطية التعددية ، ويبدو اليت كانت مرافقة لإلصالح السياسي حول مدى إمكانية وصول املعارضة للسلطة تأكدت بعد

. أن حرمت األغلبية من ممارسة حقها السياسي

1 – In Abed Charef, opcit. P242. 2 – Ibid.p243. 3 -Ghania Mouffok, une Autre voix pour l’ Algérie entretien réalisé avec Louisa Hanoune ,Paris: edition la decouverte ،1996 . P116.

Page 120: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

119

خالصة الفصل الثاين

إن التطور السياسي واتمعي يف اجلزائر شهد حتوالت عديدة بداية من دخول اإلستعمار

جلزائر فبعد أن كانت اجلزائر تستند إىل نظم حكم قريبة من تلك النظم اليت سادت القرون إىل ا الوسطى ، لعب اإلستعمار بشكل من األشكال دورا يف بناء الدولة الوطنية اجلزائرية ،حيـث

عا هلذا املعطى وبداية من تلك املرحلة سعت القـوى اجلزائريـة إىل دفأعطى األمري عبد القادر إستقالل الدولة الوطنية اجلزائرية وسامهت بداية القرن العشرين يف إرساء معامل قـوى تكريس

سياسية جديدة يف احلياة اجلزائرية ، وهي األحزاب السياسية اليت أخذت على عاتقها ضـرورة رغم اإلختالف الفكري واملنـهجي بـني هـذه و إحياء الدولة اجلزائرية وبعثها من جديد ،

سية فإن اهلدف ظل واحد و هو اإلستقالل من أجل التمتع حبياة أفضل ، ولقد التشكيالت السيا إنتهت خمتلف احملاوالت لتحقيق ذلك بضرورة التوحد يف جبهة واحدة من أجل حتقيق اهلـدف

⋅.،وبات واضحا أن العمل املشترك على مستويات خمتلفة مسح تدرجييا الوصول إىل اهلدف

رأت أن التعددية طرحت نفسها، لكن اموعة احلاكمة بعد اإلستقالل وبتحقيق اإلستقالل عهد التعددية ال يزال بعيدا أو مبكرا وان أهداف أخرى جيب أن حتقق قبل الوصول إىل ذلـك

شخصيات وتنظيمات أخرى ضرورة العودة إىل التعددية اليت كانت موجـودة يف حني رأت ، قليـة أن السلطة إجتهت تدرجييا لتجـسيد حكـم أ ضح ت ا يف وقت خالل العهد اإلستعماري

استخدمت احلزب الواحد كرمز لكسب مشروعية شعبية أو ثورية يف حني مل يلعب هذا احلزب أبـدت الذي وقتالدوره الطالئعي يف بناء الدولة واتمع ، وظل حبيس خيارات احلكام يف

السياسية ورمبا تكون قد سـامهت املعارضة رفضها للوضع القائم وبدأت تتحرك لتفعيل احلياة بقدر معني يف بعث الدميقراطية التعددية اليت عربت عنها اإلصالحات املرافقة ألحداث أكتـوبر والواضح من هذه اإلصالحات أا وضعت األطر القانونية الالزمة لإلنتقال الـدميقراطي عـرب

Page 121: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

120

انونا وفعال لكن ما حـدث عـشية اإلنتخابات واملشاركة السياسية والتعددية احلزبية احملققة ق توقيف املسار اإلنتخايب أعاد النظر يف حقيقة الدميقراطية ويف تطورها ؟ وعليه ما هو مـستقبل

؟ الدميقراطية واألحزاب يف اجلزائر بعد هذا احلدث

Page 122: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

121

: الفصل الثالث

الوضع األزموي والرهانات رة الحالية والمستقبلية لظاه

الجزائر األحزاب في

Page 123: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

122

شكلت مرحلة توقيف املسار االنتخايب بداية لتحوالت عميقة يف احلياة السياسية واتمعية عموما ويف احلياة احلزبية بشكل خاص، حيت ساهم االنزالق حنو العنف السياسي بداية لتـأزم

موما، وذا تكون هذه املرحلة بداية لـصرا احلياة السياسية، و من مت تضييق العمل السياسي ع سياسية بني سلطة فاقدة للشرعية وباحثة عن االستقرار،وبني قوى سياسية تنادي بضرورة تعا

مت إىل احلـياة العادية، وكل هذا يف ظل أحداث سياسـية نالعودة إىل الشرعية الدستورية وم .وأمنية حرجة

ألن السلطة القائمة أخذت وقتـها يف العـودة إىل تويبدو أن مساعي كل طرف قد حتقق الشرعية تدرجييا، واألحزاب أبدت ارتياحا لذلك، خاصة بعد احملاوالت اليت سعت إىل إشـراك كل األطراف السياسية يف الوضع السياسي اجلديد، كما سامهت اإلصالحات القانونية اجلديدة

خالل تأطري العمل احلزيب واالنتخايب، ومن مت يف وضع حدود لدميقراطية التعددية يف اجلزائر من املمارسة السياسية عموما، واليت ميكن القول عنها أا ذات خصوصيات يف اتمع اجلزائـري

إىل طبيعة األحزاب نفسها، وتكوينها ربالنظر إىل طبيعة اتمع من جهة وتركيبته املتعددة وبالنظ االنتخابية، ويف احلياة السياسية، ولقد أكدت التجارب السياسي، وطريقة تسيريها يف املناسبات

اجلديدة أن مستقبل األحزاب السياسية ال يزال يف الواقع مرتبط بالوضـع الـسياسي ةاالنتخابياحلايل من جهة، و ببنية األحزاب السياسية من جهة ثانية باإلضافة إىل عـدم قـدرة هـذه

مع ة تكون الظاهرة احلزبية يف اجلزائر متماشي األحزاب على خلق وعي سياسي عموما، و ذا التطور السياسي الذي رافق هذه املرحلة و من مت فما هي أهم احللقات اليت ميزت هدا التطور

. احلزيب بعد توقيف املسار االنتخايب؟

Page 124: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

123

:التبعات السياسية املرافقة لتوقيف املسار االنتخايب: املبحث األول، أن املراحل الـيت ندرك مالحظ للوضع السياسي اجلزائري منذ االستقالل إذا نظرنا بعني

تعاقبت على املواطن اجلزائري، شكلت حمطات أساسية لوضع أسس الدولة اجلزائريـة، فلقـد سامهت خمتلف التجارب السياسية يف انتقال اتمع والدولة على حد سواء من منـط إىل منـط

ل مل تكن تتم بطريقة سلمية، و هذا ما يفسر يف احلقيقة طبيعـة آخر، و يبدو أن طريقة االنتقا ، عمل على انتقاد مـا 1962احلكم يف اجلزائر، بدليل أن مجيع من وصل إىل السلطة بداية من

قام به أسالفه، حىت ال نقول انه تبىن سياسات منافية ملا قاموا به، و ذا يكون التطور السياسي متجانس أو متدبدب، و على هذا األساس ال ميكن تصور، وجـود يف اجلزائر اختذ شكال غري

مل يكتب هلا 1988نقلة نوعية يف احلياة السياسية، فالدميقراطية اليت عربت عنها أحدات أكتوبر العمر الطويل، فبعد جتربة انتخابية تعددية أوىل، بدأت احلياة السياسية تتجه تدرجييا حنو وضـع

.1991سار االنتخايب لتشريعيات أزموي تطور مع إيقاف امل وهذا ما طرح عدة تساؤالت حول طبيعة السلطة يف اجلزائر، وحول نية من ميلكوـا يف التخلي عنها فعليا لصاحل اهليئة الناخبة، و من مت املعارضة، جتسيدا ملبدأ السيادة الشعبية املخـول

لدى خمتلف األحزاب السياسية، مبا دستوريا، كما أكدت هذه احلادثة نقص يف النضج السياسي .فيها احلزب الفائز يف هذه االنتخابات

وميكن تفسري ذلك بالصراع على السلطة داخل هده األحزاب نفسها من جهة ويف عـدم وجود رصيد تارخيي ومترس سياسي كايف، ميكنها من التعامل مع األزمات السياسية من جهـة

اوالت الرامية إىل ترسيخ الدميقراطية مكتوب عليهـا بالفـشل أخرى، و ذا تكون مجيع احمل املسبق، الن اجلزائري ال ينطلق من املوضع الذي توقف فيه آخر مرة، و إمنا يسعى دائمـا إىل هتدمي ما شيد، حىت يقيم بناء جديد يتناسب مع توجهاته وتطلعاته، و ذا تكون عملية البنـاء

.الدميقراطي مكلفة ماديا وزمنيا فا يف الغرب مثال رأينا كيف استفادت النظم احلديثة من النظم القدمية، لتطوير مفهـوم

الدميقراطية، قصد الوصول إىل درجة عالية من الكفاءة والفاعلية، وساهم املوطن بقدر كبري يف ترسيخ هذا البناء، وتدرجييا و صل إىل مستوى عايل من النضج السياسي، فكانـت األحـزاب

.سياسية مرآة عاكسة هلذا النضج وللحياة السياسية عموماال

Page 125: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

124

قد سامهت يف ترسيخ الدميقراطيـة 1988يف اجلزائر إذا كانت خمتلف اإلصالحات مند أصبحنا بعيدين عنها الن القانون يف هـده املـرة اإلجرائية، فان عشية توقيف املسار االنتخايب

ألقلية أن تكون الناطق الرمسي عن األغلبية، وأن تدخل مبقتضي وقف ضد إرادة األغلبية، ومسح ل ذلك اجلزائر، عهد التراجع الدميقراطي الن الوضع السياسي الـذي افـرزه توقيـف املـسار االنتخايب، قاد يف النهاية إىل زوال الثقة، يف إمكانية الوصول إىل السلطة بطرق سـلمية، وبـدا

سار يتناىف مع مسار الدمقرطة، و اكرب دليل علـى ذلـك واضحا أن احلياة السياسية اختذت م .دخول اجلزائر يف مرحلة انتقالية جديدة غابت فيها الشرعية القانونية

واألمين وانفجار احلقل السياسييتأزم الوضع السياس: املطلب األول

مسحـت كما سبقت اإلشارة إليه شكلت أول انتخابات تشريعية تعددية يف اجلزائر، سابقة الفاعلني يف احلياة السياسية، يف أن يؤمنوا بإمكانية مستقبل جتسد فيه السيادة الشعبية نللكثري م

.بعرب برملان تعددي متثيلي منتخ ويف الوقت الذي كان منتظر أن جتسد نتائج االنتخابات االنتقال الفعلي للسلطة والتـداول

ائج الدور األول من االنتخابات التشريعية الـيت السلمي عليها، شهدت احلياة السياسية بعد نت ، ضجة إعالمية داخلية وخارجية وحتـرك سياسـي متعـدد 1991 ديسمرب 26أجريت يف

األقطاب، قاد يف النهاية إىل توقيف املسار االنتخايب وإقالة رئيس اجلمهورية من منصبه، وعبـر واتمعية والالفت لالنتباه يف مـسالة هذا احلدث عن بداية حتوالت عميقة يف احلياة السياسية

انتهجها النظام بداية من فوز إلستراتيجيةتوقيف املسار االنتخايب أن هذا األخري كان يستجيب اجلبهة اإلسالمية لالتقاد يف االنتخابات البلدية استنادا إىل إجراءات قانونية هتـدف إىل عرقلـة

حيث خيول القـانون )1( مستقبال ةلعملية االنتخابي عمل اهليئات املنتخبة من جهة، وإىل عرقلة ا ، وهذا ما حدث فعال )2(لإلدارة العمل على تغيري القوانني وإعادة تقسيم املقاطعات االنتـخابية

1991 وقانون تقسيم الدوائر االنتخابية يف مارس تمع التعديالت اليت مست قانون االنتخاباللجبهة اإلسالمية لالتقاد خاصة ولألحـزاب األخـرى و كان هذا العمل يف احلقيقة استفزازا

.عموما، ألنه كان يرمي إىل طبخة انتخابية ختدم حزب السلطة

1-Lahouari Addi, Les partis politiques en Algérie et la crise du régime des « grands électeurs » http://www.algeria-watch.de/fr/article/analyse/addi_partis.htm 2 - Olivier pinot Devillechenon, le pouvoir illégitime, paris; édit lettre du monde, 1993, p 50

Page 126: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

125

على صعيد آخر لعب نزول حزب اجلبهة اإلسالمية لالتقـاد إىل الـشارع بعـد الغـزو ا يف األمريكي على العراق ومسريات التضامن اليت نظمتها لدعم نظام صدام حسني دورا كـبري

الدولية حول مسالة وصول هذا احلزب إىل السلطة، وذا أصبح هـذا احلـزب يف رإعادة النظ خانة األحزاب املعادية للنظم الغربية، كما سامهت هذه املظاهرات يف إبراز عداء هذا احلـزب لنظم إسالمية موالية للغزو األمريكي، ونتج عن دلك فقدان الـدعم الـسعودي أو اخلليجـي

.عموماأن اجلبهة اإلسالمية مل تكن تـسعى إىل « "لويزة حنون " واحلقيقة حسب ما تذهب إليه

القيام مبظاهرات، لكن الظروف أرغمتها للدخول يف هذه املسريات املدعمة للنظام العراقي، استجابة للقاعدة الشعبية اليت تستند عليها، وخوفا من فقداا بالنظر إىل التحرك الـسياسي

.)1(» الذي عرفته هذه القضيةاحلزيب وبدا واضحا أن النظام وجد يف ذلك ظرفا مناسبا خللق قضية تأجيل االنتخابـات والـيت

، ودخلـت يف مواجهـة مـع 1991مبقتضاها نزلت اجلبهة اإلسالمية إىل الشارع يف جوان لـسياسية يف السلطات العمومية وقوات األمن، ويبدو أن هذه الظروف اليت أحاطت باحليـاة ا

اجلزائر سامهت بقدر كبري يف سقوط اجلبهة اإلسالمية داخل الفخ الذي اعد هلا، فبعـد تـردد بعد ضـمانات تحول املشاركة يف االنتخابات التشريعية، دخلت جبهة اإلنقاد هذه االنتخابا

قدمتها أطراف فاعلة يف السلطة، وحىت إن كانت نتائج هذه االنتخابـات مفاجـأة للـسلطة اكمة اليت أقامت حسابات تضعها يف مركز مساوي على األقل لنتائج هذا احلزب ومل تتوقع احل

يتأثر كما شيعته بعض الصحف، وإمنا اختار معسكره هذا الفوز الساحق، واتضح أن املواطن مل .) )2جا سياسيا ورجاال ونظاماعليعاقب ببطاقـة االقترا

مفاجأة إال للذين خططوا لفوز جبهة التحرير الـوطين، وامللفت لالنتباه أن هذا الفوز مل يكن حيت لقيت نتائج االنتخابات رضا عند أغلبية من شاركوا فيها، ورغم الطعون الـيت قـدمت

أو األغلبية كانـت مـع عوالتجاوزات اليت لوحظت يف بعض املكاتب االنتخابية، إال أن اجلمي كانت تدور حول استقالة رئـيس اجلمهوريـة مواصلة املسار االنتخايب، ورغم الشائعات اليت

وحماولة النظام لكسب األطراف السياسة احملبذة ملواصلة املسار االنتخـايب مقترحـا علـيهم

1 –Ghania Mouffok, opcit. p 168.

257، ص مرجع سابق الذكركمال بوشامة، - 2

Page 127: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

126

لالنقاد يف وضع حرج ينتـهي اإلسالمية، و من مث وضع اجلبهة )1(االنسحاب من الدور الثاين جلبهـة القـوى "كرئيس " أيت امحد "ة يف الثاين، و هذا ما مل تقبله املعارضة املمثل ربإلغاء الدو ، ورأوا أن هذا املسعى ال "جلبهة التحرير الوطين "كأمني عام " عبد احلميد مهري "، و "االشتراكية

خيدم مسار الدمقرطة، وطالبوا مبواصلة املسار االنتخايب، وإعطاء الفرصة للدميقراطية، حىت تلعب .)2( دورها، بإسناد احلكم لألغلبية املمثلة للشعب

يبدو أن اجلو املكهرب الذي رافق نتائج االنتخابات، كان يوحي بان احلقـل الـسياسي يشهد بداية انشقاق فيما خيص مستقبل الدميقراطية يف اجلزائر، فإذا كانت كل املؤشرات توحي بان ملف االنتخابات قد طوي لصاحل السلطة، وأن األحزاب اليت خرجت من انتخابات الدور

مبدى قدرهتا على التعامل مع القرار الـذي سـينهي التجربـة ال أصبح مستقبلها مرهون األوتنتمـي إيل " دميقراطية" فان ما يثري الدهشة ظهور أحزاب، ، التعددية، بطريقة عنيفة ةاالنتخابي

التيار العلماين وسعيها، بكل الطرق توقيف املسار االنتخايب، فقد أبدى التجمع من اجل الثقافة لدميقراطية عداءا كبريا للتيار اإلسالمي منذ األيام األوىل لبداية العهد التعـددي يف اجلزائـر، وا

اإلعالمية لزعيم هذا احلزب، واليت كانت موجهة يف الغالب إىل تويؤكد ذلك خمتلف اخلارجا أن التيار اإلسالمي بكافة أطرافه، وباخلصوص إىل اجلبهة اإلسالمية لإلنقاد، ونستنتج من ذلـك

مسـار الدمقرطة فـي اجلزائر سجني مثل هـذه األفكـار أو األحكام املسبقة، ونـستنتج أيضا أن الثقافة السياسية للمعارضة السياسية، غري ناضجة بقدر كايف يسمح بتبلور الدميقراطية،

رك فاألحزاب اليت طالبت بإلغاء االنتخابات، ومنها التجمع من أجل الثقافة والدميقراطية مل تـد أن الدميقراطية التعددية هي التنافس على السلطة عرب االنتخابات، اليت حيدد ا املواطن خياراته

.يف سوق سياسية حتوي خمتلف األفكار والتوجهات والواضح يف حياة التجمع من اجل الثقافة والدميقراطية انه حزب ال ميلك شـعبية كـبرية

ابيا يف السلطة، لكن و جوده يف الـساحة الـسياسية تسمح له من فرض نفسه سياسيا أو انتخ خول له انتهاج استراتيجية متيزت قبل االنتخابات التشريعية ،مبعارضة النظام القـائم، والتيـار اإلسالمي ومنافسة جبهة القوى االشتراكية،لكن الواقع االنتخايب جسد إخفاق هذا احلزب على

املنافسة الدميقراطية على الـسلطة،لكن الوضـع كل اجلبهات، وخرج من الباب الضيق يف ظل

.94ص . 1992، اجلزائر مطبعة النخلة، همؤامرة من خلف الستار، مسرية بوضياف و قصة اغتيال زبري سيف اإلسالم، - 1

2 -in Abed Charef, Algérie le grand dérapage, opcit. p 247

Page 128: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

127

الذي انتهت إليه احلياة السياسية، قبل وبعد توقيف املسار االنتخايب أعطى هلذا احلزب الفرصـة . الن يطرح نفسه كبديل يتحدث باسم الشعب، وميشي مع النظام، يف توقيفه للمسار االنتخايب

كانت ترمي إىل مغازلة النظام، لكسب امتيازات هذه اإلستراتيجية اليت ميزت هذا احلزب سياسية ما كان ليصل إليها دون ذلك، كما أا تتماشي مع بنية هدا احلزب وتوجهاته، وسعيه إيل لعب دور يف الوضع اجلديد ومغازلة خنب وأطراف معينة، وسار على ركب هذا احلـزب

أى أن مصلحته تكون مع النظام أحزاب أخرى كحزب الطليعة االشتراكية أو التحدي الذي ر وقد يبدو هذا األمر غريبا بالنسبة حلركة يسارية، لكن واقع احلال يؤكد أن تاريخ هذا احلـزب يكشف انه سار على نفس الدرب خالل العهد االستعماري، مث يف العهد األحادي أين استعمله

.)soutien critique" )1" فيما يسمى بالدعم النقدي 1969بومدين بداية من

بينت للجميع توقيف املسار االنتخايب، يبدو أن احلياة السياسية يف هذه املرحلة اليت رافقت غياب النضج السياسي لدى البعض، للخروج من هذا املأزق بطرق سلمية تكفل حد أدىن من

كانت أزمـة الدميقراطية، واملالحظ أن األزمة يف الواقع مل تكن أزمة حركات سياسية بقدر ما أشخاص، أو باألحرى أزمة سلطة، واليت مل يكن ينظر هلا على كوا داك الكيان الشاغر الذي ميكن ألي فرد أو مجاعة سياسية من أن تشغلها أو تتنافس عليها بطرق سلمية، واملالحظ أيضا

سـلمية انه مل حيدث بطرق 1992عن التغيري السياسي يف اجلزائر حىت هذا التاريخ أي جانفي النفس، وهذا ما خيلق إشكالية االنتقـال ت ال تبا ةفقد كانت السلطة حمل للرتاع دائما، وفرص

الذي ظهر يف احلياة السياسية بني مؤيدي مواصلة املـسار ممن منط إىل آخر، ويبدو أن االنقسا . يعرب فعال عن حقيقة األزمة اليت تشرف على االنفجار، ضدهااالنتخايب، وبني من كانو

إذ يتضح من خالل التحرك السياسي الذي شهدته السلطة خالل األيام اليت أعقبت نتائج

الدور األول من االنتخابات التشريعية، بان التغيري سيحدث لكن ليس بالطرق اليت كان مـن التـشريعية، أدى تاملفروض أن يتم ا، فتسارع األحداث حول الدور الثاين من االنتخابـا

تدرجييا إىل إلغاء االنتخابات نفسها وإقالة رئيس اجلمهورية من منصبه، وهذا ما خلـق فـراغ

1 – Ghania Mouffok, opcit. p 122.

Page 129: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

128

)1(دستوري يف السلطة، و هذا بعد أن مت حل الس الشعيب الوطين، واستقالة رئيس اجلمهورية ، واحلقيقة أن اآللـة الـيت فوما زاد الطني بلة رفض الس الدستوري التشريع يف هذا الظر

سهرت على تغطية هذا الفراغ بإسناد مهمـة لت العملية السياسية بعد نتائج الدور األو حركتسيري هذا الوضع احلرج للمجلس األعلى لألمن، كإحدى اهليئات اليت ينص عليهـا الدسـتور لكن الغريب يف األمر أن هذه اهليئة ال خيول هلا الدستور صالحيات تسمح هلا بتغطية الفـراغ

ث و مبقتضى الدستور، يعترب الس األعلى لألمن هيئة استشارية لدى رئاسـة الدستوري، حي اجلمهورية ال غري، ورغم ذلك فقد مت جتاوز الدستور وجتاوز الصالحيات، لتقوم هـذه اهليئـة

، و مبقتضى ذلك أوكلـت )2(الس األعلى للدولة اصطلح على تسميتها باختراع هيئة أخرى همة تسيري األوضاع يف اجلزائر يف هده املرحلة االنتقالية، واليت عرفت للمجلس األعلى للدولة م

بغياب جمالس منتخبة، و لقد تبنت هذه اهليئة مبدأ القيادة اجلماعية، كما سعى الساهرين علـى الس بطريقة تستجيب إىل موازين القـوى يف الـسلطة ةالسلطة يف اجلزائر إىل اختيار تركيبي

اليت ترأست الس لتحدث إمجاع داخل السلطة " حممد بوضياف "صية نفسها وجاءت شخ وخارجها ،ويظهر أن املشروعية التارخيية اليت لعبت دورا كبريا يف البنـاء الـسياسي للدولـة

ا يف اجلزائر، مل يتوانو ةاجلزائرية، عادت من جديد لتغطي غياب الشرعية، فالساهرين على السلط ليت تقلب الكفة لصاحلهم وترجح أطروحة محاية الدميقراطية، مبا يف على استعمال كل العوامل ا

. )*(ذلك استخدام شخصيات ثورية معروفة برتاهتها لتوطيد تلك األطروحة كانت قد أحـدث ن إن الس األعلى للدولة كهيئة حاكمة بديلة عن رئاسة اجلمهورية،إ

قبال من الشارع واألحزاب اليت شاركت يف إمجاع على مستوى السلطة، فإا مل تلقى نفس اإل االنتخابات، وخرجت منها مبقاعد برملانية، واملالحظ أن السياسة اليت انتهجتها السلطة اجتـاه املعارضة مل ختدم تلك املرحلة، بل سامهت بقدر كبري يف تطوير الوضع األزموي، فالتشدد الذي

المية لالنقاد خصوصا، ساهم بقـدر كـبري يف أبدته السلطة إزاء املعارضة عموما واجلبهة اإلس تغذية األزمة خاصة بعد القرارات اليت اختذها الس األعلى للدولة بعد إعالنه حالة الطـوارئ

.وتأكيده على جتميد العملية االنتخابية بتوقيف املسار االنتخايب

1 –Comité justice pour l’Algérie,l’orginisation du système politique.Dossier n°13 Madjid Benchikhe-mai 2004 , http://www.algerie-tpp.org/tpp/pdf/dossier_13_systeme_politique.pdf. p11. 2 - severine labat, les islamistes algérien, entre les urnes et le maquis, paris : édit du seuil, 1995. p 246.

.يتكون الس األعلى للدولة من اللواء خالد نزار، علي كايف، علي هارون، تيجاين هدام، و حممد بوضياف كرئيس هلذا الس *

Page 130: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

129

ملسلح، خاصة بعـد أن ولعبت هذه القرارات دورا مهما يف حدوث انزالق حنو العنف ا

تبني للجبهة اإلسالمية لالتقاد أن مستقبلها السياسي انتهى، بإلغاء الدور الثاين من االنتخابـات وبـات واضـحا أن )1(1992 مـارس 04التشريعية، و تأكد فعال بقرار منع احلزب يف يوم

التيار املتشدد فيه، الصراع الذي كان يعيشه هذا احلزب سالفا بني تياراته املختلفة انتهى لصاحل و مسحت له هذه الظروف مـن - لتجسيد مشروع احلركة اإلسالمية -واحملبذ للعمل املسلح،

يف التيارات األخرى، لتبين هذه القضية، علما بان الشعور العـام زحف اكرب عدد من املناضلني إقصاءه من لدى احلزب، وقاعدته الشعبية، كان أن السلطة حرمت احلزب من حقه بالقوة، وان

احلقل السياسي، ال سبب له، إال إحرازه ألغلبية ساحقة يف الـدور األول مـن االنتخابـات .التشريعية

وجتدر اإلشارة أن العنف ظاهرة، هلا أسباب، وهلا دوافع، ومن مت توابع والواضح أن من قنوا إدارة األزمـة، سهروا على دفع هذا التيار، حنو االنزالق السياسي أي العنف املسلح مل يت

ومل يأخذوا بعني االعتبار املقاييس اليت تغذي العنف يف الواقع، فاحلالة االقتصادية اليت كانـت . فتعيشها اجلزائر يف تلك املرحلة، خلقت جو مناسب لنمو العن

نـسبة وبدا جليا أن اجلبهة اإلسالمية لالنقاد كانت متثل األمل الذي طـال انتظـاره بال

كانوا يعيشون وضع اقتصادي واجتماعي مزري، و كانت أيضا التغـيري الـذي نلألكثرية، مم جيسد الدميقراطية وخيول هلم حياة أفضل، حيث استطاعت اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ يف ظـرف قصري أن ختلق إمجاع عند قاعدة شعبية واسعة، وهذه العوامل كانت كافية للقول بـان عـدم

ري على هرم السلطة سيحدث أزمة خانقة، وهذا ما يعاب على من أداروا األزمة يف حدوث التغي املرحلة اليت أعقبت توقيف املسار االنتخايب، حيث وبعد إلغاء نتائج الدور األول من االنتخابات

ـ علـى هالتشريعية، سعى الس األعلى للدولة إىل تكسري هذا احلزب بإيقاف قادته ومؤطري ين كما مت السهر على تصفية كل وسائل االتصال التابعة له، باإلضافة إيل املستوى الوط

1 - Abed Charef, Algérie le grand dérapage, opcit. P 280.

Page 131: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

130

،على مستوى آخر أوكلت مهمة حل اـالس احملليـة )1(ة قاعدته الشعبي اعتقاالت واسعة يف للحكومة، ومت تعويضها مبفوضني عينوا، من طرف األجهزة اإلدارية احمللية، كمـا مت اعتقـال

.)2(1991رشحني الفائزين يف انتخابات ديسمرب املنتخبني احملليني و امل إن الوضع السياسي الذي افرزه توقيف املسار االنتخايب، وتنصيب الـس األعلـى للدولة، شهد تنامي تدرجيي لظاهرة العنف من طرف اجلماعات املسلحة املنبثقة عـن اجلبهـة

العنف تصعيد جتلى يف قـرارات شهد هدا ااإلسالمية والتيار الراديكايل فيها هذا من جهة، كم الس األعلى للدولة، وسياسته املتشددة إزاء املعارضة عموما واحلـزب املنحـل خـصوصا،

األزمـة '' ويتجلى ذلك أكثر من خالل التصريح الذي أدىل به حممد بوضياف حيـث قـال القتـسام السياسية يف اجلزائر ال حتل بفتح احلوار مع األحزاب ألا تشكيالت تسعى فقـط

رغم هذا فقد حدد اإلطار الذي ينبغي أن يتم فيه إشراك هذه األحـزاب، وأبـدى . ''السلطة كتشكيلة تضم خمتلف القوى الـسيـاسية الوطنيـة القوميالدميقراطيرغبة يف إنشاء التجمع

)3(الفعالـةوضياف من إن حممد ب '' )4( رئيسة حزب العمال لويزة حنون يف هذا الشأن تقول السيدة

خالل فكرة التجمع الدميقراطي القومي كان يبحث عن قاعدة شعبية هروبا ممن نصبوه على رأس واعتربت أن فكرة هذا احلزب ديد للتعددية احلزبيـة ألـا ذات ........الس األعلى للدولة

الـسلطة يف وتذهب إىل ابعد من ذلك يف حتليلها ملسألة ... ميزة تسلطية ومبنية على قواعد فئوية اجلزائر حيث ترى أن مجيع من وصلوا إىل السلطة يف اجلزائر مل يتم انتخام، ومن مت فهم يسعون دائما إىل إقصاء منافسيهم بكل الطرق، استنادا إىل قاعدة شعبية حتملهم، وتقـول بـأن هـذه

وانتـصاراته الـيت ...ومن إخفاقاته املمارسات السلطوية، تقف دون استفادة اتمع من جتاربه وتعتقد أن بوضياف بفكرة التجمع الدميقراطي القومي، كان يطلـب مـن ... سامهت يف تطوره يبـدو أن وكفاحهم وجتارم وأحزام ال لسبب إال تدعيما خلياراته السياسية، اجلزائريني تناسي

أن الوضع و ،1954 ليست جزائر 1992اخلطأ األساسي الذي وقع فيه هو انه مل يفهم أن جزائر

1 –Tribunal penal des peuples,32°session,LES VIOLATIONS DES DROITS DE L’HOMME EN ALGERIE(19922004),http://www.euromedrights.net/francais/download_fr/SentenzaAlgeriaVersione_definitivaecorrettaTppAlgeria.pdf.p27. 2 –Abed Charef, Algérie le grand dérapage, opcit, p 404 3 - Saïd Zahraoui, opcit. P 73. 4 –Ghania mouffok, opcit. P 142- 143.

Page 132: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

131

احلايل ال يسمح بتكرير جتربة جبهة التحرير الوطين، اليت جـاءت لتحقيـق مطلـب وحـدوي وأدرجت فيها خمتلف التشكيالت السياسية، وبعد االستقالل التعددية احلزبية طرحت نفسها من

أكثر من غريه يفترض أن يكون اعلم الناس ا، على اعتبار انه مؤسس أول " بوضياف"جديد، و ، واليوم التعددية أصبحت حقيقة ال نقاش فيهـا مبقتـضى 1962ألحزاب املعارضة للنظام بعد ا

القوانني والتجارب السياسية واالجتماعية اليت جتعل الشاب يف األحياء الشعبية، يدرك أن مصاحله ⋅ ''مع مصاحل الفئات االجتماعية األخرى تتناقض

يعكـس يتناسب مع موضوعنا احلايل لكنه يف احلقيقـة قد يبدو من هدا التصريح انه ال ، وإمنا قبل دلـك بكـثري 1988 أطروحة التطور السياسي الذي عرفته اجلزائر ليس فقط بعد

فالتاريخ كما أسلفت نقطة البداية لكل جمتمع حنو حتقيق حياة أفضل، وسياسة الس األعلـى معطى نابع عن خمتلف التجارب اليت عاشـها للدولة، حاولت إعادة النظر يف التعددية احلزبية ك

اتمع، ففكرة التجمع الدميقراطي القومي كانت تستهدف القضاء التدرجيي علـى التعدديـة، باسم الوحدة الوطنية، لكن واقع احلال أبرز شيئني أساسيان من جهة، رغبة األحزاب يف البقاء

اولة البحت عن حل سـلمى للوضـع مستقلة، عن خيارات النظام وأهدافه، ومن جهة ثانية حم .األزموي واألمين الذي بدء يطرح نفسه حبدة، بعد اتساع دائرة العنف

واملالحظ أن أنصار احلل السلمي والسياسي، كانوا ينتظرون يف خطوة من جانب الـسلطة ، وضع "بوضياف" مع وفاة ت ما حد نللعودة إيل حياة سياسية عادية، ومن مت ايل الشرعية، لك

فيـه املـواطن دحد، لفرضية إجياد حل سياسي لالزمة، وسجلت هده احلادثة بداية لعهد شه حالة الطوريء اليت قلـصت النـشاط عتقلص حمسوس حلرياته العامة والفردية، وهدا متاشيا م

السياسي احلزيب، والذي مل يرقى إلجياد حلول، وألداء وظيفته يف ارض الواقع، وبني أطـراف ، وأطراف كانت تبحث 1992العودة إىل الشرعية اليت أوقفها انقالب جانفي كانت ترغب يف

عن الشرعية بإعالن انتخابات جديدة تعيد توزيع األوراق يف الساحة السياسية، ظـل احلقـل السياسي على هدا احلال يف الوقت الذي أصبح العنف هو السمة البارزة للحيـاة يف اجلزائـر

سعى إىل جتاوز التغارات اليت تركها غياب مؤسـسات شـرعية وبات واضحا أن النظام كان ي إنشاء هيئات تقوم بدور تشريعي، يف مرحلة متيزت بربوز بوادر حوار سياسي حـول األزمـة

⋅. اجلزائرية

⋅ ⋅

Page 133: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

132

: رحلة البحث عن الشرعية واحلل السياسي: املطلب الثاين اجلزائر، كان هلا من العواقب على يبدو أن جتربة االنتخابات التشريعية التعددية اهضة يف

الدميقراطية التعددية مهددة بسبب غياب ثقافة التداول على لاحلياة السياسية و اتمعية، ما جع السلطة، فاألحداث اليت رافقت توقيف املسار االنتخايب اتبتث للجميع أن الدميقراطية يف اجلزائر،

بعد لتصبح ثقافة يف ذهنية السلطة واتمـع، كمـا ال تزال يف مرحلتها األوىل،وأا مل تتجدر أتبتث للمعارضة خاصة أن الصفة التسلطية للنظام ال تزال قائمة، وأن عملية التنازل على السلطة عرب انتخابات تعددية مل تأخذ مكاا يف عقول من يقررون يف اجلزائر، كما أكدت يف الوقـت

.ات املتخلفة، وأا مرافقة لعملية التطور السياسي فيهاذاته أن العنف ظاهرة متجذرة يف اتمع والعنف يف اجلزائر ظاهرة شائعة يف املمارسات السياسية ملختلف القوى اليت حاولت امتالك السلطة يف اجلزائر، بداية من احلركة الوطنية االستقاللية املمثلة يف حركة االنتصار، وصـوال إىل

ا بالسلطة اليت استخدمت القمع لفرض نفـسها بـالقوة يف املـسار اجلبهة اإلسالمية، ومرور التطوري للدولة اجلزائرية املستقلة، وهذا ما يوحي أن األزمة اجلزائرية متعددة األبعاد، و من مت

.يصعب الوقوف عليهافاملمارسات السياسية اليت افرزها توقيف املسار االنتخايب مثال، كانت مـن جهـة هتمـيش

املمثلة لألغلبية الشعبية، وحتبيذ التعامل مع أحزاب صغرية ال متلـك وزن سياسـي للمعارضة يسمح بإجياد حل سياسي سريع من جهة ثانية، ويتضح من هده املمارسات أيضا، أا كانـت رافضة لبعث حوار وطين على أسس تشرك اجلميع لوضع حد ائي لظاهرة العنف يف اجلزائـر،

حتت حكم الس األعلى للدولة، مل يكن هلا وزن سياسي وقـانوين، فالسلطة الفاقدة للشرعية اقرها اجلميع متاشيا )1(ميكنها من فرض نفسها يف الساحة السياسية، فهي يف الواقع سلطة فعلية

مع تطور الوضع األزموي، وهلذا فشلت يف إجياد حل سياسـي للوضـع، فـالس الـوطين الدستوري،الذي تركه غياب جملس شعيب وطين منتخب، االستشاري الذي ظهر لتغطية الفراغ

مل يرقى إىل مستوى هذه اهليئة ،ألنه ال يستند إىل الشرعية، ورغم املساعي اليت حاولت حتويـل السياسية فان أزمة الشرعية تالسلطة إىل الس الوطين االنتقايل، كهيئة تظم خمتلف التشكيال

الدخول يف هذا الس على أساس انه نابع من ضلت مطروحة، علما أن هناك أحزاب رفضت

1 - Mohamed Brahimi, opcit. P 143, 144

Page 134: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

133

، وهذا ما أرغم النظام علـي فـتح احلـوار مـع املعارضـة ةهيئة فاقدة للشرعية الدستوري .السياسية،قصد الوصول إىل حلول ترضي كل األطراف السياسية

علـى " بوضياف"الذي خلف " علي كايف "ولقد سعى الس األعلى للدولة حتت رئاسة

، مث 1992 رأس هذه اهليئة إىل فتح باب احلوار مع األحزاب السياسية الشرعية، بداية من أوت مع قادة اجلبهة اإلسالمية لالنقاد، و لقد متحورت خمتلف اجللـسات حـول 1993يف نوفمرب

:)1(نقاط أساسية هي

العنـف أن تصرح األحزاب املشاركة يف احلوار بصفة علنية عن نبدها جلميع أعمـال -1 .املرتكبة ضد الدولة ورموزها ومؤسساهتا ومواطنيها

.اإلقرار مببدأ احلريات األساسية الفردية و اجلماعية -2 واملالحظ عن عملية احلوار أـا بـدأت يف شـكل اتـصاال ت ثنائيـة بـني الـسلطة

، مث تطـو واألحزاب، قصد التعرف على وجهات النظر، فيما خيص القضايا السياسية الراهنـة احلوار ليصبح متعدد األطراف، والواضح أن هذه املبادرة كان مكتوب عليها الفـشل، وهـذا

وبني املعارضة بشقيها، أي القابلة للحوار بالعسكريني ةكنتيجة للهوة الكبرية بني السلطة املقيد تخـايب إىل واملعارضة له، وامللفت لالنتباه هو سعي األحزاب اليت وقفت ضد توقيف املسار االن

تفعيل احلوار من جهة، وإىل إدراج احلزب املنحل يف هذه العملية تدرجييا، من جهة أخرى، يف ، ضد عمليـة إشـراك "التحدي"،و"التجمع من اجل الثقافة والدميقراطية "حني وقف كل من

، واملالحظ أيـضا "محاس"و" النهضة"اإلسالميني يف هذه العملية مبا يف ذلك األحزاب الشرعية، أن مطالب خمتلف األطراف السياسية املشاركة يف احلوار مل تقف عند هذا احلد ،حيث طالبت بضرورة إشراك املؤسسة العسكرية يف هذه العملية، على اعتبار أن هذه املرحلة فاقدة للشرعية من جهة، وعلى اعتبار أن املؤسسة العسكرية هي املالك الفعلي للسلطة يف اجلزائر وخـالل

اليمني "املرحلة بالذات من جهة ثانية، واتضحت معامل استجابة النظام لذلك بعد تكليف تلك ،وأبدى هدا األخري يف تصرحياته أن اجلـيش 1993جولية 10مبنصب وزير الدفاع يف " زروال

يدعم احلوار، مؤكدا يف الوقت نفسه عن دور اجلـيش يف محايـة مؤسـسات اجلمهوريـة

1 - Amine Touati, opcit. P 243, 244

Page 135: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

134

لتداول على السلطة، وعلى انه يلتزم احليـاد اجتـاه كـل التيـارات والدميقراطية التعددية وا وعليه ميكن القول أن دخول املؤسسة العسكرية حلبة احلوار أعطى للعمل السياسي ) 1(املتواجدة

، ولقـد "يوسف اخلطيـب "أكثر مصداقية خاصة، بعد بروز جلنة احلوار الوطين، حتت رئاسة وف املناسبة لفتح حوار جيمع كل األطـراف الـسياسية حددت هلذه اللجنة مهمة هتيئة الظر

والسهر على إعداد ندوة وطنية حول املرحلة االنتقالية وحتضري ملا بعد عهدة الـس األعلـى .1993للدولة،اليت حددت بنهاية

ولقد انطلقت هذه اللجنة يف عملها مبناقشة مشروعها مع األطراف السياسية، مث انتقلت إىل طر اليت ستحدد سري املرحلة االنتقالية، وانتهت اتصاالهتا األولية مع األحزاب السياسية وضع األ

تنظيم سياسي، وامتد عملها إىل اتصاالت مع املنظمات اجلماهريية 25بلقاء عام ضم أكثر من " اجلبهة اإلسالمية لالنقـاد "كما سعت إىل فتح الباب للجميع وفكرت يف فتح مفاوضات مع

، لكن هذا املـسعى مل يكتـب لـه )2(يني أشخاص يكونون ممثلني عنهم يف الندوة من اجل تع الذي أعلنت اللجنة عن ضرورة إدانة العنف من كـل النجاح لتعارض يف املواقف، ففي الوقت

جـانفي 11األطراف املشاركة يف الندوة اشترطت اجلبهة اإلسالمية لالنقاد العودة إىل ما قبل .حلزب املنحل، وإعادة تأهيل ا1992

رفضت أحزاب أخرى الدخول يف هذه الندوة ألا مل تقبل آن تكون طرفـا ةمن جهة ثاني .يف لعبة سياسية حمضرة مسبقا

، والواضح أا جاءت اسـتجابة 1994 و بغض النظر عن هذا، جرت الندوة يف جانفي ية على السلطة عرب ندوة وطنيـة لرغبة النظام يف جتاوز أزمة الشرعية بإضفاء نوع من املشروع

تظم خمتلف األطراف، كما جاءت استجابة لنهاية عهدة الس األعلى للدولة، وقصد متكـني .السلطة اجلديدة بآليات عمل، حتضريا إلصالحات أوسع، تقوم ا السلطة املنبثقة عن الندوة

413ص . 1997دار اجلديد، : ،بريوت اإلسالم اجلزائري من األمري عبد القادر إىل أمراء اجلماعات،جورج راسي - 1

129،130ص. 1998د ن،: ، اجلزائراجلزائر من فوق الربكان حممد تامالت، - 2

Page 136: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

135

:)1(ولقد نظمت الندوة السلطات العمومية على الشكل التايل

.1989 رئيس الدولة وله الصالحيات املنصوص عليها يف دستور -1 . احلكومة ورئيسها نفس صالحيات رئيس احلكومة الدستورية-2

الس الوطين االنتقايل، توكل له مهام التشريع، ويتمتع بنفس صالحيات الـس -3 اجلماهرييـة تواملنـضما عضو مبتلون اإلدارة، األحزاب 200، ويتكون من بالشعيب املنتخ

. باإلضافة إىل شخصيات تزكيها الندوة واملالحظ أن العمل الذي رافق أشغال هذه الندوة أدى إىل اصطدام بني آراء خمتلفة وانتهى

تشكيلة سياسية أمهها حركة محاس، وحزب التجديد اجلزائري، بسبب بعـض 16بانسحاب ليت تتعلق بتعيني رئيس اجلمهورية، الذي أصـبح مـن النقاط اليت مسها التعديل، خاصة تلك ا

، ورغم االحتجاج علـى )2(صالحيات الس األعلى لألمن بعد أن كان من صالحيات الندوة بتعيني اليمني زروال رئـيس ههذه املادة من األرضية، فان الس األعلى لألمن أخد مسؤوليات

ة أمساء منها وزير اخلارجية السابق عبد بعد أن تداول الشارع عد 1994 جانفي 31للدولة يف العتبارات عديدة، أمهها انه رجل إمجاع، " اليمني زروال "العزيز بوتفليقة، ولقد وقع اخليار على

و تأثري داخل املؤسسة العسكرية، وبذلك فهو مؤهل لفتح احلوار مع خمتلف األطراف السياسية، .دون حاجته إىل استشارة اهلراركية العسكرية

إن تعيني رئيس للدولة بواسطة ندوة وطنية يطرح عدة تساؤالت حـول مـدى شـرعية

ومشروعية هذا العمل، باعتبار أن أغلبية القوى السياسية الفاعلة واملعنيـة بتوقيـف املـسار االنتخايب كانت غائبة، أو غيبت ألسباب معينة، ومت استخالفها بأحزاب جمهريه وباملنـضمات

ية واملهنية لتدعيم العمل السياسي، واحلقيقة أن هذا األمر غري غريـب عـن النظـام اجلماهري )3(يف العهد األحـادي " بومدين"السياسي اجلزائري، فلقد مت انتهاج هذه السياسة من طرف

الناتج عـن لتدعيم مشاريعه السياسية، وبصرف النظر عن هذا ميكن القول أن الوضع االنتقايل ، انتهى بتنصيب رئيس للدولة يتمتع بشيء من املشروعية، أخد علـى النتخايبتوقيف املسار ا

1 - Mohamed Brahimi, opcit, p 160 a 164

.02 ص 1994 جانفي26، الصادرة بتاريخ 989، العددجريدة اخلرب - 2

3 - Abdelkader yefseh, opcit. 114.

Page 137: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

136

عاتقه ضرورة إجياد حل سياسي للوضع األمين يف اجلزائر، وهذا ما ورد يف اخلطاب الذي قدمه

ـ نيف امليدا ...."...1994 فيفري 07يف ة السياسي اخترنا طريق احلوار كمـسلك ملعاجلإننا مـدركون بـأن األزمـة ....... السياسية ةعدة للممارس كقا وأوضاع البالد الراهنة،

.)1(" القوى الوطنية بدون استثناءةالسياسية ال حتل إال عن طريق احلوار ومشاركالواضح أن هذا اخلطاب كرس الرغبة الفعلية على بعث احلوار مع كل األطراف السياسية الـيت

نحل، لكن فتح باب احلوار هلذا احلزب، كان تشكل احلقل السياسي اجلزائري مبا فيها احلزب امل يقتضي تقدمي ضمانات كفيلة بإدراج هذا احلزب يف حلقة احلوار، وامللفت لالنتباه أن الـسلطة

1992سارت على هذا النهج، بإطالق مئات اإلسالميني احملتجزين بدون حماكمة منذ جانفي ، لكنـها "رابح كبري "ان ناطقها الرمسي على لس " اجلبهة اإلسالمية لالنقاد "وهذا ما تفاءلت به

حىت تدخل يف احلوار، " اجلبهة اإلسالمية "اشترطت إطالق سراح مجيع املسجونني مبا فيهم قادة عبد القادر "و" علي جدي "وهذا ما استجابت له السلطة بإطالق عضوان قياديان يف اجلبهة، مها

كيالت اإلسالمية املسلحة، بتفـويض وأوكلت هلما مهمة االتصال مع خمتلف التش " بومخخم، قصد الوصول إىل صيغة مشتركة حول شروط وضمانات "عباسي مدين "و" علي بن حاج "من

.)2(وقف العنف املسلح ويف الوقت الذي لقيت هذه املبادرة استحسان من طرف معظم األحزاب الـيت كانـت

، فإا عرفت معارضة شديدة من 1992 جانفي 11تطالب بالعودة إىل احلياة السياسية ملا قبل طرف التيار الدميقراطي الالئكي من جهة، و من قبل أطراف يف النظام نفسه من جهة أخـرى، سيما تلك اليت كانت حتبذ احلل العسكري الستئصال اإلسالميني، وهذا ما أرغم الرئيس اليمني

ارضة، وكان أول ضـحايا زروال على اختاذ إجراءات وتعديالت قصد التخفيف من حدة املع ، كما مست هذه "مقداد سيفي "، اليت استخلفت حبكومة "رضا مالك "هذه التعديالت حكومة

التعديالت أيضا، قوى األمن، واجليش بوضع أشخاص موالني لسياسة رئيس الدولة علـى راس لـرئيس خمتلف املراكز احلساسة ،ويتضح من هذه اإلجراءات اإلرادة الفعلية اليت كانت حتدو ا

، لفتح الباب حنو حل سياسي يرضي خمتلف األطراف، وخيرج الـبالد مـن األزمـة "زروال"

-في جـان 05بيانـات اجلزائـر، رئاسـة الدولـة، ( خطب رئيس الدولة اليمني زروالاجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية، رئاسة الدولة، - 1

24-23ص)1994ديسمرب31 2 - severine Labat, opcit, p 282

Page 138: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

137

السياسية اليت كانت هلا تبعات اقتصادية واجتماعية، ومتاشيا مع هذا احلـل الـسلمي سـعت السلطة، إىل تصعيد العمل العسكري، قصد خنق اجلماعات املسلحة ودفعها إىل وضع السالح

.ولة احلواروالتوجه حنو طا حل سياسي مبـا يف إلجياد وعلى هذا األساس ميكن القول أن السلطة اختذت كل التدابري

، يف وقت شهد الوضع األمين "قادة اجلبهة اإلسالمية لالنقاد "دلك االتصاالت اليت قامت ا مع ، "لالنقـاد اجلبهة اإلسالمية "تدهور، ويف مرحلة عرفت انفالت اجلماعات املسلحة من رقابة

، اليت بدورها انقسمت إىل عدة مجاعات تـدين "GIA"وباألخص اجلماعة اإلسالمية املسلحة بوالئها ملختلف األمراء، ويبدو أن النظام يف تلك املرحلة محل قادة اجلبهة اإلسالمية فشل عملية

احلـزب احلوار كنتيجة للشروط اليت فرضوها على النظام لوقف العنف، واليت من أمهها عودة املنحل إىل احلياة السياسية، والعفو الشامل على اإلسالميني، و احلقيقة أن النظام كـان يريـد إقصاء اجلبهة اإلسالمية لالنقاد وقادهتا من عملية احلوار، خاصة بعد التأكد من أن اجلماعـات

بعـث املـسار وعليه ميكن اعتقاد أن احلوار،كان خطة إلعادة )1(اإلسالمية ال تدين هلا بالوالء ويظهر جليا أن النظام أدرك 1991االنتخايب، دون إشراك احلزب الفائز يف انتخابات ديسمرب

حقيقة الوضع الذي كان يعيشه احلزب املنحل، فإذا كان اجليش اإلسالمي لالنقاد يدين بالوالء أبـدت يف "GIA"للقيادة السياسية للجبهة اإلسالمية لالنقاد، فان اجلماعة اإلسالمية املسلحة

ديسمرب 14الكثري من األحيان رغبتها يف إقامة دولة إسالمية عن طريق القوة، و أكدت بتاريخ ورافـق هـذا )2()ال مصاحلة، ال هدنة، ال حوار ( عدم قبوهلا بأي شكل من املفاوضات 1994

لـة اإلعالن تصعيد يف العنف، وهذا ما أدى إىل انقطاع احلوار، و بداية عهد جديد هـو مرح إعادة بناء مؤسسات الدولة، ومن مت العودة التدرجيية إىل الشرعية املفقـودة بتوقيـف املـسار

.1995االنتخايب، وهلذا الغرض تقرر تنظيم انتخابات رئاسية قبل اية

يف نفس الوقت تضافرت جهود املعارضة على إشراك اجلبهة اإلسالمية لالنقاد من جديد، من وما أو العقد الوطين، وهي وثيقة متخضت عن اجتماع جمموعة مـن أحـزاب خالل أرضية ر

املعارضة وذات اجتاهات متباينة ومتناقضة بغرض اخلروج من االنسداد السياسي وظاهرة العنف

1 - Ibid, 282 2 - Idem.

Page 139: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

138

سالم تعرض للمناقشة من قبل كل األطراف وبعبارة أخرى هـو ةاملسلح، وبغرض بلورة ووثيق .)1(من اجل العودة إىل السلم والشرعية والسيادة الشعبيةعبارة عن اقتراح إطار للتفاوض

واملالحظ أن هذه املبادرة اليت قامت ا أحزاب املعارضة، مل تلقى استحسان من طرف السلطة القائمة، واعتربهتا تدخل يف مسالة داخلية من قبل أطراف أجنبية متجاهلـة يف ذلـك

ذا يكون ملف احلوار قد طوي ومعه طويت إمكانيـة طاملا دعت إليه، و يمطلب احلوار الذ وبالفعل، هتيـأت . ، يف انتظار عهد جديد، هو عهد العودة إىل الشرعية )2(حل األزمة سياسيا

االنتخابات الرئاسية التعددية، ولقد مت اإلعالن عنـها قالظروف للعودة لتلك الشرعية عن طري الثـاين ، على أن يكون الدور 1995وفمرب ن 16 يف حني حدد تارخيها ليوم 1995يف جوان األول مـن ر يوما يف حالة عدم حصول مرشح على األغلبية املطلقـة يف الـدو 15منها بعد على مـستوى قـانون االنتخابـات وفـتح هـذا ل، ورافق هذه التحضريات تعدي عاالقترا

رفـضت اإلعالن،الباب ملعارضة شديدة من طرف األحزاب املوقعة على عقد روما، حيـث الدخول يف هذه االنتخابات قبل التوصل إىل اتفاق سالم، ورغم هـذا قـام النظـام بتهيئـة اإلجراءات املرتبطة بالعملية االنتخابية، بتنصيب اللجنة املستقلة ملراقبة االنتخابـات، وبتعـديل

والية خمتلفة علـى 25 ألف توقيع بالنسبة للمرشح يف 75 باشتراط 13-89قانون االنتخابات األقل، وهذا ما شكل عائق بالنسبة لعدد كبري من األحزاب السياسية، حيث مل يـتمكن مـن

التجمع من اجل الثقافـة (، سعيد سعدي )حركة محاس (جتميع التوقيعات سوى حمفوظ حنناح .، اليمني زروال رئيس الدولة)حزب التجديد اجلزائري(، نور الدين بوكروح)والدميقراطية

ت احلملة االنتخابية، لتضع معامل انتخابات رئاسية تعددية، كرسـت مـشاركة ولقد انطلق

مـسجل وأعطـت 15969904 من بـني %75،09 ناخب أي 12087281قدرت بـ بــ " حمفـوظ حننـاح " صوت أمام 7088618بـ " اليمني زروال "األغلبية ملرشح السلطة

1 – Ghania Mouffok, opcit. P 202

2 - Lahouari Addi, " Comme le dit l'historien Mohammed Harbi, les Etats ont une armée, en Algérie, l'armée a son Etat " http: //www.algeria-watch.de/farticle/11janvier/addi_0102.htm

Page 140: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

139

443144 "روحنور الدين بوك "صوت و 1115796" السعيد سعدي " صوت ، 2971974 .)1(صوت

وبصرف النظر عن نتائج االنتخـابات اليت رفعت اليمني زروال إىل رئاسـة اجلمهورية ، فان ما ينبغي اخلروج به، هو أن الشرعية املفقودة بتوقيف املسار االنتخايب عادت

ن ، وبعيدا عن ما قيل عنها وعن غياب البعض وع 1996 نوفمرب 16إىل الواجهة بعد انتخابات مدى نزاهتها ، فإا كانت خطوة لبداية إصالحات عميقة يف النظام، وخطوة حنو تفعيل احلوار

. على أسس تأخذ بعني االعتبار كل األطراف الفاعلة ولقد اتسمت احلياة السياسية بعد هذه االنتخابات باحتواء السلطة ألطراف يف املعارضـة،

، يف "حزب التجديد اجلزائري "و" محاس"كحركة من خالل ضم بعض األحزاب إىل احلكومة، حني شهدت أحزاب أخرى انشقاقات داخلية حول املنهجية اليت جيب على احلزب أن يتخذها

" ببوعالم بن محـودة "و استخالفه " مبهري عبد احلميد "اجتاه النظام ، ونتج عن ذلك اإلطاحة ملعارضني لعقد روما ، وبدا واضـحا كأمني عام جلبهة التحرير، علما أن هذا األخري كان احد ا

للجبهة اختذت موقف مؤيد للنظام، يف انتظار أن يقوم هـذا األخـري ةأن األمانة العامة اجلديد .باالستناد عليها

مل تقف عند املبادرة " اليمني زروال" إن عجلة اإلصالحات اليت دخلها النظام حتت رئاسة اعات املسلحة ،وإمنا تعدت ذلك إىل العمل على وضع باحلوار، والسعي إىل القضاء على اجلم

الدستور، الذي مت جتاوزه يف العديد من املرات خاصة بعد واألطر اليت تسري عليها الدميقراطية، . توقيف املسار االنتخايب

وبعد مجلة من اللقاءات مع األحزاب وتردد هذه األخرية حول مـدى شـرعية تعـديل مـن ول يف ندوات تطرح فيها أهم التعديالت للخـروج بنص دستوريالدستور،تقرر الدخ

خالل املذكرة اليت قدمها النظام حول التعديالت املقترحة، ويف الوقت الذي دخلـت حركـة كجبهة القـوى "محاس والنهضة، وجبهة التحرير يف عملية التعديل الدستوري، رأت أحزاب

أن الظرف غري موايت إلجراء هذا التعديل، " دميقراطيةالتجمع من اجل الثقافة وال "، و "االشتراكية

1 - Abdenour Aliyahia, Algérie raison et déraison d'une guerre, paris : édition l'Harmattan, 1996. p 99

Page 141: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

140

اوينبغي تنظيم انتخابات تشريعية ،قبل ذلك،رغم كل هذا مت التعديل ودخلت اجلزائـر عهـد .دستوريا جديدا

والواضح أن الدستور مل ميس مبدأ الدميقراطية وتطبيقها، وإمنا جاء ليأخذ بعـني االعتبـار سيما الشغور الدستوري، وعمل األحزاب السياسية، 1989ل بدستور الدروس اليت افرزها العم

حتدث صراحة عن األحزاب السياسية، كمفهوم بديل عن اجلمعيـات ذات 1996فتعديل سنة ، ونظام األحزاب حمدد يف خطوطه العريضة بشروط 1989الطابع السياسي املستعمل يف دستور

:)1(يضعها الدستور وهي .مهوري للدولة احترام الطابع اجل- . احترام القيم واملكونات األساسية للهوية الوطنية -

باإلضافة إىل هذا نص الدستور صراحة على منع إنشاء أحزاب على قواعـد دينيـة أو سـاهم يف 1996 ،أن التعديل الدستوري لعـام ظجهوية ،لغوية ، عرقية أو فئوية، كما يالح

القتها مع السلطة التشريعية اليت عرفت هي أيضا حتـويالت، توطيد السلطة التنفيذية وهيكلة ع حيث أصبحت تستند إىل برملان بغرفتني، يف حني يبقى املستفيد األول من هذه الغرفة الثانية هو

.رئيس اجلمهورية رئيس السلطة التنفيذيةتتضح القيام مبهامها يف ظروف بدأت ة واحلقيقة أن هذه التعديالت أعطت للسلطة، فرص

.فيها أكثر فأكثر معامل انفراج سياسي

de , évolution du droit constitutionnel algérien'remarque sur l ,ekhechiBbdelwahab AMohamed - 1

,1996e à la révision constitutionnelle de indépendanc'lhttp://WWW.cedroma.usj.edu.lb/pres/collo/colla.htm

Page 142: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

141

:املمارسة احلزبية يف اجلزائر بعد اإلصالح الدستوري: املبحث الثاين متيزت احلياة السياسية بعد توقيف املسار االنتخايب بتقلص يف احلريات العامة والفرديـة،

السياسي مـن طـرف اجلماعـات تبعا ملا شهدته احلياة عموما، من تصعيد يف العنف اوهذاملسلحة، و لقد أثرت هذه العمليات اإلرهابية يف السري العادي للمؤسسات خاصـة أن هـذه املؤسسات، جاءت استجابة الزمة سياسية خانقة، وظلت تعيش على وقع األوضاع اليت رافقت

نية بدايـة ، أين شهدت هذه املؤسسات عودة إىل الشرعية القانو 1995تلك املرحلة حىت سنة .من مؤسسة رئاسة اجلمهورية

ولقد سعت مؤسسة رئاسة اجلمهورية إىل إعادة بعث احلياة السياسية، على قواعد جديدة ختول ملختلف القوى السياسية، ممارسة سياسة مهيكلة ومؤطرة، وبناءا علـى ذلـك جـاء

وانطالقا من دسـتور 1989اإلصالح الدستوري ،لتغطية خمتلف اجلوانب اليت أغفلها دستور بدء العمل على تنظيم احلياة احلزبية واالنتخابية حتضريا للمناسبات االنتخابية القادمـة، 1996

فجاءت القوانني االنتخابية اليت حددت معايري املمارسة السياسية، مث جاء قـانون األحـزاب . زابالسياسية الذي حدد احلقل السياسي، ووضع األطر اليت تبىن عليها األح

وامللفت لالنتباه عند دراسة األحزاب السياسية يف اجلزائر أا يف الواقع مرآة عاكسة ملـا هو كائن يف اتمع على العموم، و ذا فهي تتفاعل مع هذا اتمع وتتأثر به، وملا كـان

ا علـى االنتخاب رهان مهم يف حياة األحزاب ، كانت هذه األحزاب مرهونة مبدى قـدرهت التكيف مع السلوك االنتخايب، الذي يؤثر بشكل من األشكال يف املمارسة السياسية احلزبيـة، الشيء الذي خيلق احنراف يف الظاهرة احلزبية اليت بدل أن تبين مشاريعها، وبراجمها على أسـس علمية، متكن من بلورة وعي سياسي دميقراطي تعددي، تبنيها على أسس عرقية، أو بيئيـة أو حىت دينية، وهذا ما يقدم لنا صورة حقيقية عن احلقل السياسي اجلزائري ومـن مت املمارسـة

.السياسية واحلزبية داخله

Page 143: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

142

األحزاب السياسية واإلصالح القانوين اجلديد : املطلب األول

عميقة يف لتحوالت ة لقد كان واقع االنتخابات الرئاسية يف الساحة السياسية اجلزائرية، بداي احلياة السياسية واتمعية، فقد سعت السلطة عرب مؤسسة رئاسة اجلمهورية، على إشراك خمتلف أطراف الطبقة السياسية، يف العملية اإلصالحية املستهدفة الستكمال البناء املؤسسايت، ومـن مت

ت الـسياسية إعادة بعث مسار الدمقراطة، وبالفعل شكل الدستور املنبثق عن مجلة من النقاشا بني خمتلف التشكيالت السياسية وعرب ما مسي بندوة الوفاق الوطين بداية التأسـيس للوضـع

°.اجلديد ، وتأكد ذلك بإرادة األحزاب الفاعلة للعودة إىل الشرعية القانونية ومتهيدا إلعطاء املؤسسة التشريعية دورها الذي تناط به، واملبين على التمثيل الـشعيب،

ت السلطة احلاكمة وقبل إجراء انتخابات تشريعية ،إىل اختاذ تدابري تسمح بتفادي األخطاء سعاليت نتجت عن تبين التعددية السياسية يف اجلزائر عرب قانون اجلمعيات ذات الطـابع الـسياسي

،مث االنزالق حنو العنف السياسي الناتج عن توقيـف املـسار 89/13 وقانون االنتخابات رقم ايب، وعلى هذا األساس فان اإلصالح السياسي كان يهـدف إىل حتـضري املناسـبات االنتخ

االنتخابية القادمة، وعليه مس قانوين االنتخابات واألحزاب، لإلشارة أن هذه اإلصالحات . ال تعيد النظر يف الدميقراطية التعددية كمبدأ ولكن تقيدها كما سنرى

تعلق باالنتخابات فانه جاء استجابة للوضع الذي عاشته اجلزائر بالنسبة للقانون العضوي امل وما رافقها، ولقد جاءت صياغة هذا القانون بغرض حتديـد احليـاة 1991خالل تشريعيات

السياسية، ومن اجل تفادي سيطرة قوة سياسية معينة، واملالحظ أن جلـسات مناقـشة هـذا جات من طرف حركة محـاس، وبعـض القانون جرت يف ظروف عادية، عدا بعض االحتجا

األحزاب األخرى، واليت اقترحت مجلة من التعديالت على جلنة التشريع و الشؤون القانونية و :اإلدارية متحورت يف جمملها حول

. تقليص سن املرشحني للعضوية يف الربملان •نظـر يف السماح ملمثلي األحزاب حبضور أشغال اللجان البلدية و الوالئية و إعادة ال •

. مراجعة القوائم االنتخابية

°

Page 144: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

143

.متكني أعضاء اجليش وأسالك األمن من التصويت بالوكالة • . فرض العنصر النسوي يف قوائم الترشيحات احلزبية •

اواملالحظ عن هده االقتراحات انه كانت مؤسسة وتتماشى مع واقع سياسي جزائري لكنـه :)1(ير املشروع املتضمن على اخلصوص اصطدمت برفض اللجنة املذكورة واليت فضلت متر

. تكريس نظام االقتراع النسيب على القائمة - سنة و الس الشعيب الوطين بـ 25 حتديد سن املترشح للمجالس البلدية والوالئية بـ -

. سنة 40 سنة و جملس األمة بـ 28املنـتمني كما منحت عدة صالحيات ملسئول مركز التصويت، ومقابل ذلـك منـع -

.لألحزاب من االخنراط يف مكاتب التصويت. إلغاء التصويت بالوكالة يف التشريعيات بالنسبة ألفراد اجليش، وأسالك األمن-

وبعد املناقشة متت املصادقة على األمر املتضمن القانون العضوي لالنتخابـات باألغلبيـة رف الس الوطين االنتقايل، ولقد اعترب الس الدستوري هذا القـانون مطـابق املطلقة من ط

للدستور ما عدا النص املتضمن حظر عناصر اهلوية الوطنية من االستعمال السياسي ، حيث ترى من الدستور إن رئيس اجلمهورية من مهامه ترقية املكونات الثالثية للهوية الوطنيـة، 70املادة

أن تكون حمل االستعمال السياسي ، يف حني اعتربت املـواد األخـرى مطابقـة ومن الطبيعي للدستور من جهة ، وتتماشى مع متطلبات احلياة السياسية، خاصة إذا علمنا بان التعديل مـس خمتلف اجلوانب اليت من شأا إحداث خلل يف سري العملية السياسية،ويف هذا السياق وضـعت

خابية و متنع استعمال رموز الدولة واللغة األجنبية أثناء احلملة االنتخابية أحكام حتدد احلملة االنت اسـتعمال أمـاكن العبـادة أو 97/07 من القانون 180 فيما متنع املادة 174حسب املادة

.مؤسسات التعليم العمومية،أواخلاصة ألغراض الدعاية االنتخابية ن تقضي تدرجييا على األحزاب الـصغرية ، من شأا أ ح كما حدد القانون شروط للتر ش

باإلضافة إىل منط االقتراع املعتمد والذي يعطي احلق لألقوى،وذا فان األحزاب اليت تبدو غري معنية ذا التطبيق هي األحزاب اليت متلك قواعد شعبية واسعة، لكن الطبيعـة الـيت ورد ـا

لتعديل هي األحزاب ذات التمثيل الواسـع ، القانون، تركت انطباع بان املعين األول بعملية ا واليت مبقدورها السيطرة على احلياة الربملانية يف حالة اعتماد النظام االنتخايب الـسابق، وعليـه

1 - Abdelmadjid djebbar, " la loi organique et le code électoral: l'explication" révolution algérienne n° 1730 du 23 au 29 avril, 1997. p 16-17

Page 145: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

144

فاملشرع ومن وراءه السلطة القائمة أراد السيطرة على احلياة السياسية، بوضع آليات قانونية حتد .من سيطرة قوة سياسية واحدة

قد شهد منط االقتراع أثناء اجللسات احتدام يف النقاش بني األحزاب والسلطة وفحوى ولذلك كان رفض األحزاب، لعملية االحتواء اليت حاولت أن تفرضها الدولة باليـات قانونيـة، وجتدر اإلشارة هنا أن السلطة أو املشرع باعتماده منط االقتراع النسيب قد خلق توازن يف اهليئة

ية، مهما كانت األحزاب الفائزة، وذا يكون ضمن مسبقا تقييد خماطر تنـامي قـوة التشريعحول الـنظم احلزبيـة وأطروحـة القـوانني " الديفرجي"سياسية معينة، ويؤكد هذا، الطرح

،فبخالف النمط القدمي املعتمد يف التـشريعيات الـسابقة ، سـعى )1(السوسيولوجية الثالث يقة اكرب معدل، واليت اعتربت إحدى األسباب اليت أدت إىل األزمة، املشرع إىل عدم اعتماد طر

وإمنا اعتمد على طريقة الباقي األقوى، وهي طريقة تفتح الباب للتنافس بني األحزاب األكثـر قوة، ولقد أثار هذا القانون جدل كبري بني األحزاب والسلطة، حيث رأت األحزاب اإلسالمية

اليت وضعها النمط االنتخايب اجلديد، وهذا العتقادهم بأم القوة ،أا كانت مستهدفة بالقيود السياسية األوىل، و ليسوا حباجة إىل حتالف لو كان منط االقتراع غري هـذا، ويبـدو أن قلـق اإلسالميني مل يدم طويال بالنظر إىل احلظوظ اليت يقدمها هلم، مشروع تقسيم الدوائر االنتخابية،

يات، اليت حلماس والنهضة فيها قواعد شعبية واسعة،عدد اكـرب مـن حيث منح عدد من الوال إضافة إىل مناطق أخرى حقق فيهـا 16، وهران 13،عنابة 17سطيف 24املقاعد كالعاصمة

، وحققت فيها اجلبهة اإلسالمية لإلنقاد احملظورة على 1995حنناح نتائج معتربة يف رئاسيات ، وذا يكون اجلمع بني قـانوين االنتخابـات 1991 نتائج ال باس ا يف تشريعيات ديسمرب

وقانون تقسيم الدوائر االنتخابية، يوحي أن هناك شيء ما مت استدراكه بالنسبة لإلسالميني عرب .قانون تقسيم الدوائر االنتخابية بعد أن اجحفهم منط االقتراع اجلديد رحلة وحتضريا حلياة سياسية ومتاشيا مع التحضري لالنتخابات، قامت السلطة يف نفس امل

وحزبية تتماشى مع منهجية النظام اجلديدة ورغبته يف بعث مسار الدمقرطة من جديد، وبطرق ختول عدم الوقوع يف أخطاء املاضي، متت صياغة مـشروع القـانون العـضوي لألحـزاب

ات اقل مـا السياسية، والذي متت املصادقة عليه من طرف الس الوطين االنتقايل، بعد مناقش

1 - Jean charlot, opcit. P 196-197.

حيت يري ديفرجي أن االقتراع النسيب يؤدي ايل تعددية حزبية جامدة ومستقلة يف حني أن االقتراع باألغلبية على دورين يؤدي ايل تعددية االقتراع باألغلبية على دور واحد ايل الثنائية احلزبيةيحزبية مرنة ومترابطة مع بعضها يف الوقت الذي يؤد

Page 146: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

145

ميكن القول عنها أا كانت غنية من حيث التدخالت واالحتجاجات، وعلى الرغم من ذلـك .فقد مت مترير هدا القانون

واملالحظ عنه انه جاء استجابة للوضع األزموي، وكان اهلدف منه تفادي االنزالقـات، اجلديد املتعلق باألحزاب تغري والتجاوزات يف املمارسة احلزبية، ولقد جسد هدا النظام القانوين

، ويدخل هدا )1( إىل نظام الترخيص 89/11 ملموس، وهو االنتقال من نظام اإلخطار يف قانون النظام اجلديد ضمن طائفة األنظمة الوقائية، املتمثلة يف ربط ممارسة حرية تكـوين األحـزاب

ن حـق إنـشاء األحـزاب بالرقابة املسبقة لإلدارة، واحلد من تكاثرها، فهو يهدف إىل ضما نـوفمرب 28السياسية، كما يهدف إىل ترمجة املبادئ اليت تضمنها التعديل الدستوري ليـوم

، فنظام الترخيص الذي تبناه القانون اجلديد، مينح اإلدارة سـلطات تقديريـة واسـعة 1996 . املتعلق باجلمعيات ذات الطابع السياسي11-89،خالفا ملا كان يتضمنه القانون

فالقانون العضوي اجلديد مييز بني ،مرحلتني يف عملية تكوين األحزاب، ويعطي لـإلدارة املمثلة يف الوزير املكلف بالداخلية سلطات واسعة، و ميكن تلخيص ذلك يف مرحلـة طلـب

.التصريح التأسيسي، ومرحلة طلب االعتمادإجراء شكلي، لكنـه يف الوقـت وتعترب املرحلة األوىل أي طلب التصريح التأسيسي جمرد

نفسه يشكل احد ميادين تدخل اإلدارة، حىت وإن كان التدخل على هذا املـستوى ال خيلـق مشاكل، الن العراقيل األوىل تبدأ عند تسليم الوصل، فالطابع الزجري للترخيص، ال يظهـر إال

من القـانون 14 و 12بعد إيداع امللف لدى اإلدارة املعنية، فالطلب الذي تنص عليه املادتني يشكل األساس الذي يمكـن اإلدارة من اختاذ قرارها، وعلى اإلدارة تسليم الوصـل 97/09

مقابل كل ملف مودع،كما ميكنها أن ال تسلم وصل يف حالة مالحظتها عدم اكتمال امللـف، .يف حني أن عدم تقدمي الوصل، ال يعين يف أي حالة رفض للترخيص

اء يقوم وزير الداخلية بعد تصفح امللف، والتأكد من مطابقته للقانون بنشر بعد هذا اإلجر التصريح يف اجلريدة الرمسية خالل الستني يوم املوالية لإليداع، علما أن نشر الوصـل ال يعـين بالضرورة حصول احلزب على اإلعتماد، ولكن يشكل نشر الوصل بداية أو احلق يف ممارسـة

كني املؤسسني من حتضري الشروط الالزمة لعقد املؤمتر التأسيسي خالل النشاط احلزيب، بغرض مت

8، جملة إدارة املدرسة الوطنية لإلدارة الة "، بني احلرية و التقييد9-97نظام اعتماد األحزاب السياسية طبقا الوامر" را إدريس،بوك –1

.45 ص 1998 سنة 2العدد

Page 147: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

146

فترة ال تتجاوز سنة من تاريخ نشر الوصل، ويف حالة عدم حدوث ذلك يعترب التصريح الغيا، ويشترط على املؤمتر التأسيسي نصاب معني ينبغي حتقيقه حىت يتم إجراء املؤمتر، أي أن ال يقل

والية على 25منخرط ، يقيمون يف 2500عضو منتخبون من طرف 400عدد املؤمترين عن )1( 18 عضو يف كل والية وهذا طبقا للمادة 16األقل، على أن ال يقل عدد املؤمترين عن

ويف هذا السياق ميكن القول أن هذه املادة أثارت جدل كبري خالل جلسة الس الوطين ، عند مناقشة مشروع األمر املتعلق بقانون األحزاب، حيث 1997 فيفري 26االنتقايل يف يوم

)2(رئيس حركة جمد جلنة التشريع والشؤون القانونية بالتزوير " عبد القادر مرباح "اهتم السيد كما أبدت عدة أحزاب صغرية ختوفها من هذه املادة اليت تفرض تواجد كل حزب يف أكثر من

بة شهادة وفاة ألحزاب الس الـوطين االنتقـايل وايـة والية، و اعتربت هذه املادة مبثا 25األحزاب الصغرية اليت غطت ابتعاد األحزاب الكبرية عن الـسلطة، بعـد توقيـف املـسار

ورغم هذا صادقت األحزاب على هذا القانون وهذه املادة اليت نرى أا أعـادت )3(االنتخايبلتشكيالت السياسية، وأحدثت تغيريات عميقة توزيع األوراق يف الساحة السياسية بني خمتلف ا

.يف اخلريطة احلزبية ويعترب املؤمتر التأسيسي كما أسلفنا بداية حلياة حزبية، تعرب عن تواجد سياسي عرب خمتلف مناطق التراب الوطين، ولقد وضع املشرع إجراء آخر يضمن فعلية هذا املؤمتر، بتكليف محضر

ر التأسيسي ، و يرفق هذا احملضر بأوراق ملف طلب االعتماد، وهذا أو موثق يثبت صحة املؤمت يوم املواليـة 15ما يشكل املرحلة الثانية ،على أن يقدم طلب االعتماد يف ظرف ال يتعدى الـ

يشترط على احلزب تقدمي جمموعة من الوثـائق 23 وبناءا على املادة ،النعقاد املؤمتر التأسيسي أخرى متعلقة باألعضاء، واملالحظ عن هذه املادة أا ليست تقييديـة بعضها متعلقة باحلزب و

وإمنا هي تكرارية،الن هذا اإلجراء مت القيام به عند طلب التصريح التأسيسي، بعد هـذا تقـوم اإلدارة املعنية، بتـقدمي وصل يف انتظار منح االعـتماد أو رفضه ويتم دلك خـالل فتـرة ال

. يوما60تتجاوز الـ

علق بـاألحزاب الـسياسية يتضمن القانون العضوي املت،1997 مارس 06 مؤرخ يف 09-97اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية، أمر رقم - 1 1997، السنة12اجلريدة الرمسية، العدد ( .03، ص 1997 جانفي 27الصادر بتاريخ . 1878، العدد جريدة اخلرب - 2 .نفس املرجع نفس الصفحة - 3

Page 148: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

147

ما ميكن استنتاجه من إجراءات تأسيس احلزب السياسي أا طويلة، وتكرارية باإلضافة إىل

منح اإلدارة سلطة تقديرية واسعة يف اختاذ القرار املتعلق بنشر وصل التصريح التأسيسي أو القرار بعـض مبنح االعتماد، ضف إىل هذا فان املواد اليت نصت على استبعاد ارتكاز األحزاب على

.ةالثوابت الوطنية كالدين واللغة قيدت عملية ظهور أحزاب سياسية جديد وميكن القول أن القانون اجلديد يشكل تراجع من حيث املكتسبات اليت جاء ا إصـالح

واحلقيقة أن التضييق الذي فرضه الس االنتقايل على قانون األحزاب هو 1988ما بعد اكتوبر العام حلرية التعددية احلزبية وتضييق على حرية إنشاء األحزاب واحلـد منـها، تراجع عن املبدأ

حىت ال نقول انه حماولة ملنع ظهور أحزاب جديدة، خاصة إذا كانـت هـذه األحـزاب ذات توجهات إسالمية، ولقد كشفت األحداث بعد هذا اإلصالح على منع ظهور عـدة أحـزاب

.)1(نذكر منها حركة الوفاء وعليه يكون القانون العضوي اجلديد قد رسم إىل حد بعيد معامل خريطة حزبية تتماشـى

ومنهجية العمل املوجه من النظام، وبدا جليا أن السلطة ستعمل على تطابق كل األحزاب مـع القانون اجلديد، وهلذا الغرض قامت الوزارة املكلفة بالداخلية مبراسلة األحزاب املعنية بالتكيف

، ولقد احنصرت خمتلف التعـديالت 1997 ما ي 06، وهذا قبل تاريخ )2(لقانون اجلديد مع ا من القانون العضوي، و لقد نتج عن ذلك حتول يف برامج عدة أحزاب كانت 4، 3على املواد

.تقوم على عناصر اهلوية الوطنية

الـيت ) محـاس (سالمي ويف حني التزمت بعض األحزاب ذا التغيري، كحركة اتمع اإل حركـة "الـيت حتولـت إىل " حركة النهضة اإلسالمية "، و "حركة جمتمع السلم "حتولت إىل

حـزب "، رأت أحزاب أخرى أا لن تتكيف ومن مت قررت حل نفسها، بينما حـل "النهضةمن طرف السلطة القضائية، نظرا لعـدم تكيفـه مـع " احلركة من اجل الدميقراطية يف اجلزائر

03ص . 1997 أفريل 14، الصادر بتاريخ 1942، العدد جريدة اخلرب - 1 03ص . 1997 مارس 22ادر بتاريخ، الص1922، العدد جريدة اخلرب - 2

Page 149: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

148

، يف الوقت نفسه شهدت الساحة السياسية ظهور حزب جديـد )1(م القانونية اجلديدة األحكابرئاسة عبد القـادر بـن " التجمع الوطين الدميقراطي "مسي آنذاك حبزب الرئيس ونعين بذلك

.صاحل املالحظ عن هذه اإلصالحات أا جاءت متهيدا للدخول يف املعركة االنتخابيـة ولقـد

ال بعد مجلة من احملاورات مجعت رؤساء األحزاب ورئاسة اجلمهوريـة وانتـهت تأكد ذلك فع جوان كموعد إلجراء االنتخابات التشريعية بناءا على موقف أغلبية التـشكيالت 05باختيار .السياسية

ويف وقت عرف فيه الوضع األمين تدهور، وتصعيد يف العنف من طـرف اجلماعـات لعملية االنتخابية، اجتمعت خمتلف األحزاب السياسية البارزة على قرار املسلحة دف عرقلة ا

املشاركة يف هذه االنتخابات، سيما تلك اليت وقعت على عقد روما، وهذا ما أعطى مصداقية .اكرب هلذه االنتخابات

ولقد جرت االنتخابات يف ظروف عادية من حيث اجلو العام، رغم تـصعيد العمليـات ة، خالل فترة احلملة االنتخابية، والتهديدات اليت قامت ا اجلماعات املـسلحة ضـد اإلرهابي

األحزاب املشاركة واملواطنني، الذين توجهوا لالقتراع، باإلضافة إىل التجاوزات اليت سـجلتها األحزاب لصاحل احلزب اجلديد يف بعض املكاتب االنتخابية رغم هذا فان األغلبية كانت راضية

نتائج اليت كانت مفاجأة بالنسبة للمتتبعني حيث حقق التجمع الوطين الدميقراطي الذي ال ذه ال مقعد، أمام حركـة جمتمـع 156 اشهر فوزا ساحقا حبصوله على 06يتجاوز عمره السياسي

.)2( مقعد62 مقعد، وجبهة التحرير بـ69السلم بـ" الـيمني زروال " لـرئيس اة انتـصار يعترب النجاح احملقق من طرف هذا احلزب يف احلقيق

ومشروعه الرئاسي ملكافحة اإلرهاب، وميكن القول أن الناخب كان يبحث عن اسـتقرار يف وإن كانت مفاجأة 1997، فالنتائج اليت أفرزهتا انتخابات جوان السلطتني التنفيذية والتشريعية

وهلذا كان من الضروري البحث بالنسبة للكثري، فإا يف الواقع مل تقدم أغلبية حلزب عن آخر، عن حتالفات سياسية بني األحزاب قصد إحداث استقرار يف املؤسسة التشريعية والواضـح أن

1 - Rachid Benyoub, L'annuaire politique de l'algerie 2000, 3° édition, revue et approfondi, Alger : édit anep, 2000, p 111 2 – Ibid, p122-123.

Page 150: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

149

الربملان مهما كانت األحوال سيكون مع الرئيس، الذي باإلضافة إىل حتقيق حزبه إن صح التعبري من أعضاء جملـس األمـة 3⁄1لنسبة معتربة يف هذه االنتخابات، فانه يتمتع بصالحيات تعيني

لكن ما هو أهم من هذا كله هو متكن السلطة يف ظرف قصري من إعادة بناء مؤسسات شرعية منتخبة ومكرسة للخيار الدميقراطي، ولقد انتهت املشاورات بني األحزاب املشكلة للمجلس إىل

التحريـر جبهـة "و " حركة جمتمع السلم "و" التجمع الوطين الدميقراطي "حتالف حكومي بني ، وعلى هذا األساس باشرت احلكومة اجلديدة عملها، وسعيا منها إىل بناء املؤسـسات "الوطين

القاعدية مت تنظيم انتخابات حملية حقق فيها حزب السلطة على أغلبية االس، وسط احتجاج ، و رغم هذا 1997 اكتوبر 23كبري ملختلف التشكيالت السياسية اليت شاركت يف انتخابات

مل حتدث جتاوزات ختل بالنظام العام، يف حني سعت السلطة إىل تربئة نفسها بتنصيب جلنة حتقيق أكدت اللجنـة عمليـة التزويـر 1998يف التزوير الذي مس هذه االنتخابات ويف نوفمرب

.)1(والتجاوزات واألعمال الغري قانونية اليت رافقت االنتخابات احمللية الـيمني "شهدت احلياة السياسية حترك غري عادي بعد إعـالن الـرئيس قبل هذا التاريخ

، ومـن مت 1999، مث أخرت هذه االستقالة إىل أفريل 1999عن استقالته قبل فيفري " زروالجاءت حكومة إبراهيم محداين للقيام بعملية حتضري االنتخابات الرئاسية يف وقت بدأت تـشهد

و لقد شهدت هذه االنتخابات الرئاسية التعددية الثانيـة فيه األحزاب السياسية أزمات خانقة، شخصيات، اثنني منهم زعماء أحزاب والباقي مرشحني أحرار لكن مـدعمني ) سبعة(ترشح

بأحزاب سياسية، تبنت برامــجهم أو ألم حمور إمجاع، يف حني رفضت ملفـات أربـع زعيمـة " لويزة حنون "األمر بالسيدة مرشحني لعدم مطابقتها للقانون االنتخايب اجلديد ويتعلق

، و لقد شـهدت "سيد امحد غزايل "، و "نور الدين بوكروح "، "حمفوظ حنناح "حزب العمال، احلملة صراع مل يكن فحواه الربامج بقدر ما كان صراع أشخاص، واملالحظة الـيت تفـرض

التحريـر جبهـة " مرشحني، كانوا ينتمون إىل 07 من بني 06 نفسها يف هذه الترشيحات أن ، وهذا ما يقدم لنا صورة حقيقية عـن اخلطـاب )2("عبد اهللا جاب اهللا "أي باستثناء " الوطين

.السياسي باعتبار أن الوعي السياسي ألغلبيتهم تشكل داخل احلزب الواحد سابقا

1 - Ibid, p 49.

40ص . 1999 ة، جويلي245 جملة املستقبل العريب العدد ،"االنتخابات والدميقراطية و العنف يف اجلزائر" رياض الصيداوي، - 2

Page 151: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

150

ولقد عرفت احلملة االنتخابية تغطية إعالمية مسحت بتوضيح الرؤى، لكن ما أعيب عنها ، "عبد العزيز بوتفليقة "املرشحني هلده االنتخابات، أا احنازت لشخص املرشح احلر من طرف

وهذا ما دفعهم لالنسحاب عشية إجراء االنتخابات، ورغم هذا أجريت االنتخابات وأسفرت %73،79على نسبة " عبد العزيز بوتفليقة " حتصل فيها % 60،25عن مشاركة قدرت بـ

رئيسا شرعيا وذا تكون احلياة السياسية قد شهدت بدايـة عهـد وهذا ما كان كافيا ليصبح جديد وسياسات جديدة اجتهت إىل تكريس الوئام املدين من طرف رئاسة اجلمهورية وخمتلـف القوى السياسية الفاعلة وذا أيضا تكون األطر القانونية اجلديدة قد سامهت يف حتديد احليـاة

.السياسية و املمارسة احلزبية

انعكاسات السلوك االنتخايب على احلياة احلزبية يف اجلزائر :طلب الثاينامل بني أهم الوسائل اليت تستند عليها الدميقراطية التمثيلية،حيث تأخـذ ن تعترب االنتخابات م

، وهلذا الغرض تصب خمتلف الدراسـات حيزا كبريا يف عملية اختيار ومراقبة املمثلني السياسيني بظاهرة االنتخابات، وباألخص السلوك االنتخايب فالتصويت حيمل يف الكثري من على االهتمام

:األحيان دالالت ومعاين، وميكن حصر هذه الدالالت واملعاين يف أربع جمموعات أساسية تذهب خمتلف الدراسات اليت اهتمت مبوضوع السلوك االنتخايب إىل : الدالالت السياسية /1

يقوم به املواطن إلظهار مدى والءه للنظام السياسي، أكثر من شـيء ااعتبار التصويت، تعبري آخر، فهو إما يقدم مشروعية للحكام، وميكنهم من تطبيق القوانني، أو بالعكس يعرب عن رفضه لنظام احلكم أو لسياسة معينة، ويأخذ التصويت طابع سلمي ويغلق الباب أمام أي ردود فعـل

.عنيفةلناخب ال يذهب دائما للتصـويت، وهو يعتقد بأنه سيــقرر أو على ويف الواقع فان ا

األقل يؤثر يف القرارات الكربى، بقدر ما يفعل ذلك قصد إبقاء االتصال بينه وبـني الـسلطة 1.القائمة، أي انه يعرب عن وجوده داخل النسق السياسي

1

Page 152: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

151

لتصويتية حيث ترتبط يف يشكل العامل النفسي أحد حمركات العملية ا : الدالالت النفسية / 2الكثري من األحيان عملية التصويت، بالوضع السياسي الراهن واألزمات اليت ميكن أن خيلقهـا

. الوضع السياسي، ومن مت يسعى الناخب دائما إىل البحث عن االستقرار واألمنيـث أن االنتخاب يشكل، وسيلة لتحرير القلق الكامن يف اإلنسان ح )1(ويرى بعض الباحثني

خيلق نوع من االرتياح النفسي لدى الناخب، بأنه قام بواجبه وأدى وظيفته املتمثلة يف املشاركة .السياسية عرب االنتخابات، وبالتايل فهو مسؤول عن النتائج اليت ميكن أن يفرزها التصويت

نتائج اليت يتحدد السلوك االنتخايب يف الكثري من األحيان، مبدى قدرة ال :الدالالت العقالنية /3تسفر على حتقيق املصلحة العامة اليت ال تتناىف يف الكثري من األحيان مع املنفعة اخلاصة، وهلـذا الغرض يتم يف الكثري من األوقات تبين موقف سياســي ، أو اختيار مرشح انطالقـا مـن

ذا ميكـن أن الربنامج السياسي الذي يتبناه، أو من خالل الوعود اليت يعرب عنها يف خطاباته، و .يفسر السلوك االنتخايب مبدى قدرة حتقيق احلزب للفرد منفعة مادية

يعترب العامل االجتماعي أهم حمددات السلوك االنتخايب فالتصويت :الدالالت االجتماعية / 4يدل على انتماء الفرد إىل وحدة اجتماعية معينة، فاإلنسان مييل بطبعه إىل التماثل مـع أفـراد

ويدخل هذا يف إطار التنشئة االجتماعية، وتعترب األحزاب . م تبين قيمهم و معا يريه مجاعته وإىل السياسية إحدى املفاتيح اليت يتم من خالهلا فهم السلوك االنتخايب، خاصة عندما يتعلق األمـر بالوالء السياسي حلركته السياسية ،و يتم تشكيل اهلوية احلزبية يف معظم البلدان الغربية يف سن مبكر، حيث يلعب األولياء دور كبري يف عملية التنشئة املتعلقة بالقيم السياسية، ولقد أكـدت

أن الوالء احلزيب يتوارث عرب األجيال يف العائلة األمريكية والربيطانية، ويفسر هذا )2(الدراسات هذا التوريث بإشراك األبناء يف النقاشات السياسية، واحلياة احلزبية لتشكيلتهم املفضلة، وحيدث

.من خالل إما التعزيز املباشر أو االكتساب الالشعوري وامللفت لالنتباه أن األسرة تشكل النواة األوىل للتنشئة السياسية يف حني تشكل العوامـل االجتماعية األخرى مؤثرات هلا دور كبري يف هيكلة الشخصية الـسياسية للناخـب ومـن مت

.السلوك االنتخايب

1 - Philip braud, opcit, p 45.

، ص .1996، ترمجة أمحد يعقوب ا ذوبـة، األردن، دار النـشر، دور املواطن السياسي يف الدميقراطيات الغربية راسل جيه دالتون، - 2212

Page 153: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

152

ن السلوك االنتخايب ال يتحدد فقط بالتصويت، وهذا لوجود ظاهرة جديدة يف احليـاة إالسياسية ميكن من خالهلا تفسري السلوك االنتخايب،وهي ظاهرة املقاطعة املتناميـة يف العقـود األخرية، فإبداء املواطن لرأيه يف االنتخابات نابع من نظرته إىل السياسة نفسها، وميكن القول أن

رة املقاطعة هلا وجهان، فهناك أفراد ال يهتمون باالنتخابات بدليل أم غـري مـسجلني يف ظاهالقوائم االنتخابية، وترجع الدراسات هذا األمر إىل الظروف االجتماعيـة واالقتـصادية الـيت يعيشها أولئك األفراد وشعورهم باحلرمان واإلجحاف يف حقهم، يف حني توجد فئـة أخـرى

ائم االنتخابية لكنها تفضل عدم املشاركة يف االنتخابات، واملالحظ أن مقاطعـة مسجلة يف القو هذه الفئة ال يعرب عن مخول سياسي، بل أا تعرب يف اغلب األحيان عـن كفـاح سياسـي أو معارضة قائمة على مبادئ،وخري دليل على ذلك نداءات املقاطعة اليت تنـادي ـا األحـزاب

.السياسية يكون السلوك االنتخايب إما مشاركة لتحديد سياسة معينة أو توطيد نظام حكـم وذا

قائم، وإما فهو مقاطعة للتعبري عن رفض األوضاع السائدة وإفقاد نتائج االنتخابات ملصداقيتها ⋅.أمام الرأي العام احمللي والعاملي

عقلية تـرتبط بـالوعي وعليه فالسلوك االنتخايب يتحدد بعوامل نفسية واجتماعية وحىت السياسي، ومبدى قدرة الفرد على كسب ثقافة سياسية جتعله قادر على فرض سلوك انتخـايب رشيد حيقق اكرب قدر من املنفعة للفرد واتمع، وتلعب وسائل اإلعالم واالستطالع دور كبري

ع أقرانه ومع رأي يف توجيه السلوك االنتخايب، حيث وكما سبق الذكر مييل الفرد إىل التماثل م اجلماعة، فإذا كانت األغلبية اليت يعرب عنها سرب اآلراء تتجه حنو موقف سياسي معـني، فـان الناخب مييل تدرجييا، إذا مل يكن له والء سياسي أو ثقافة سياسية قوية، إىل تبين رأي األغلبيـة

توجيه االقتراع بطريقة و ذا تشكل مثل هذه الوسائل إحدى امليكانيزمات اليت يتم من خالهلا لدى فئات اجتماعية معينة، ومن هنا نستطيع القول أن السلوك االنتخـايب يتحـدد ةال شعوري

بعوامل متعددة تساهم كل واحدة منها بقدر معني ويتم من خالله تكوين سلوك سياسي سائد ختالف اتمعات خالل املناسبات االنتخابية، لكن املالحظ عن السلوك االنتخايب انه خيتلف با

واألنظمة، حيث تنصهر فيه خصوصيات ،ومميزات كل جمتمع، وفيما يتعلق باتمع اجلزائـري . ميكن القول أن له من اخلصائص والتجارب السياسية ما خيلق سلوك سياسي وانتخايب خاص به

Page 154: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

153

حتديـد فتجربة احلزب الواحد اليت عاشها اتمع اجلزائري، كان هلا األثر البـارز يف معامل السلوك االنتخايب اجلزائري، فاالنتخاب الذي كان خالل الفترة األحادية، معربا عن واقع سياسي معني، تلخص يف تزكية السياسات اليت يتبناها النظام،ويبدو أن االنتخاب نفسه كوسيلة

ي،إذ كـان مشاركة، مل يرقي لبلوغ الدور الذي يلعبه يف األنظمة املبنية علي التمثيل الـسياس واجب، وهذا انطالقا من ما كان يشيع يف الشارع على أن الـذي ال ىإلزاميا أو انه باال حر

ينتخب سيناله العقاب أو أن بطاقة الناخب إلزامية يف احلصول على بعـض الوثـائق، وهـذه والشائعات مسحت بتغذية سلوك انتخايب، ال يزال حاضرا إىل يومنا هذا، يف ،الظروف السياسية

أدهان بعض الشرائح االجتماعية اليت عاشت فترة احلزب الواحد، وهلذا ظلت الدولة يف نظـر أولئك األفراد القوة اليت حتكم كل شيء والقوة اليت ال يقهرها احد أو أا الوحش الذي ختافـه الذئاب حسب التفسري اهلوبزي للدولة، وهلذا بقي السلوك االنتخايب سجني املاضـي وظلـت

. يف بعض املناطق ختدم أطراف سياسية قدمية، ورافضة لظهور خنب جديدةالنتائج وعليه فالسلوك االنتخايب اجلزائري سيظل مرتبط بالتجارب التارخيية والسياسية يف اجلزائر، لكن هذا العامل ليس كافيا لتفسري اجتاهات السلوك االنتخايب، وهذا لوجود عوامل أخـرى

فهم السلوك االنتخايب يف اجلزائر ينبغي علينا دراسة اتمع اجلزائري تؤثر فيه، وحىت نصل إىل )1 (.دراسة حتليلية، دراسة يف مكونات و قيم هذا اتمع

يتفق اجلميع أن هوية الفرد اجلزائري يشترك يف صنعها عامالن أساسـيان، ومهـا الـدين جتماعي، كما انه حيتل مكانة كبرية يف اإلسالمي والوطنية، ويشكل الدين عامل خيلق الترابط اال

اتمع، بينما تعرب الوطنية عن مزيج من الثقافة الرببرية والعربية وان كان االنتساب إىل اإلسالم أو العريب، فان مشكلة األمازيغية والعروبة ال تزال مطروحة يشيء مفروغ منه بالنسبة لألمازيغ

ات، ويف احلقيقة ال ميكن التمييز بني من هم عرب حىت الساعة وهي حمل رهانات سياسية وأزم ومن هم بربر، الن معيار اللغة غري ثابت، فهناك من الرببر من ال يتكلمون األمازيغية، وتـرى

أن هذا التمييز ناتج عن إفرازات االستعمار، وما قام به مـن )2(اغلب الدراسات يف هذا اال القول أن اإلسالم والعروبة واألمازيغية تشكل ثوابت اجل ضرب املقاومة الوطنية، وعليه ميكن

يقوم عليها اتمع اجلزائري، ويلعب الدين دور الرابط بني خمتلف الفئات املكونة هلذا اتمـع،

1 –M’hammed Boukhobza,Octobre 88 Evolution ou rupture ? ,Alger :édition Bouchene,1991.p135-136-137.

.51-50ص.2003دار هومة،:اجلزائر،1996-1991تشريح أزمة -الوطن والعشريةحممد عباس، – 2

Page 155: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

154

كما انه ساهم بقدر كبري يف بعث الدولة اجلزائرية، واحلفاظ على ثوابتها،من خالل العمل الذي ة واملساجد، كما ساهم يف خلق هدف االستقالل عرب اجلهـاد، كانت تقوم به املدارس القرآني

وهلذه األسباب، و من خالهلا سعت الدولة بعد االستقالل إىل السيطرة على الدين مـن اجـل )1(خلق توازن داخل اتمع والسلطة

علـى إن هذه املكونات اليت تصنع الكيان االجتماعي والسياسي اجلزائري هلا من األثر

األحزاب وتطورها، فقـد يالسلوك السياسي، والسلوك االنتخايب اجلزائري ما يؤثر طرديا عل يكون هذا السلوك مقرون بشعوره باالنتماء إىل إحدى مكونات اهلوية اجلزائرية، فإذا طغى على

اطف الفرد شعور بأنه امازيغي خمتلف عن باقي اجلزائريني العرب فانه يف الغالب ينتسب، أو يتع مع احلركة السياسية اليت تتوىل الدفاع عن هذه اخلصوصية، وباملثل إذا غلب عليه انه مـسلم،

. اإلسالميهيرغب يف تطبيق الشريعة فانه مييل إىل التصويت مع احلزب صاحب االجتا

هذه إن الواقع السياسي واالجتماعي الذي تبىن عليه احلياة السياسية يف اجلزائر، يؤكد أن املكونات ليست وحدها املؤثرة يف بناء السلوك السياسي واالنتخايب يف اجلزائر، فاجلهوية مثال، تشكل إحدى املؤثرات اليت حترك السلوك السياسي يف اجلزائر، واجلهوية هي يف الواقـع ذلـك

لقبائـل أو الشعور باالنتماء إىل منطقة جغرافية معينة كاإلنتماء إىل الشرق أو الغرب أو منطقة ا حىت الوسط وجتدر اإلشارة أن اجلهوية الشرقية احتكرت السلطة ملدة طويلة بفعـل تواجـدها

على السلطة كانوا مـن اصـل االقوي يف مؤسسة اجليش وكون معظم الرؤساء الذين تداولو ، وترجع هيمنة املنطقة الشرقية على السلطة إىل الدور الـذي لعبتـه أثنـاء الفتـرة )2(شرقيمارية وخالل الثورة املسلحة من جهة، و إىل منو احلس اجلهوي بني القادة منـذ بدايـة االستع

العمل السياسي،وسعيا منها إىل احتكار السلطة واحلرص على عـدم انتقاهلـا إىل اجلهويـات .األخرى املنافسة من جهة أخرى

ل اختذت موقـف وإذا كانت جهوية الشرق حتتكر السلطة، فانه من الواضح أن جهة القبائ معارض، وعليه فإذا كانت اجلهوية على املستوى اهلرمي، أي يف السلطة تطرح نفـسها عـرب

1 - Lahouari Addi, l’Algérie et la démocratie, opcit, p 128

مركز الدراسـات اإلسـتراتيجية و التوثيـق، أوت : بريوت 98الشؤون األوسط عدد جملة " رتفكك النخب احلاكمة يف اجلزائ "رياض الصيداوي - 2 65.2-41، ص 2000

Page 156: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

155

هيمنة معسكر الشرق على موازين القوى باستحواذه على املراكز االستراتيجية يف اجليش، فان احملاباة اجلهوية على املستوى القاعدي، أي اتمع تطرح نفسها حبدة خاصة يف مواقع العمل أين

تلعب دور كبري يف الوصول إىل مناصب معينة، أو حلل مشاكل إدارية، وما يـشجع ترسـيخ اجلهوية انتشار االعتقاد أن النجاح االجتماعي غري مرتبط بالكفاءة واجلهد، بقدر ما هو مرتبط

زائر واليت ورغم القوانني والدساتري اليت أفرزهتا التجارب السياسية يف اجل ،باجلهوية واحملسوبية سعت إىل حماربة هذه اآلفة، إال أا ظلت قائمة، بل األغرب يف كل ذلك أن النظـام نفـسه

كما يـشيع علـى )1(استعملها عرب مسئوليه عندما يتعلق األمر بالدفاع عن مشاريع سياسية، . ترشحهم يف منطقتهماملسؤولني السياسيني

ـ ة الـسلوك االنتخـايب، وعـن اجتاهاتـه هذه العوامل وغريها كفيلة بالكشف عن حقيقومدى تأثريه على احلياة السياسية عموما، وعلى احلياة احلزبية بشكل خاص فالسلوك االنتخايب

شكل التزكية على مشاريع سياسية إلضفاء طابع الـشرعية أو ديف العهد األحادي كان يا خ ير الذي كان يف الغالب يرافق العمليـة املصداقية على السلطة القائمة، وبصرف النظر عن التزو

االنتخابية، فان النظام كان يسعى دائما للحفاظ على هذه العادة السياسية، اليت مل تأخذ طـابع حقيقي بقدر ما كانت تعرب عن أمر رمزي، تضعه السلطة خللق توازن داخلي أو إلقناع الـرأي

ظام على التالعب بالعالقات االجتماعيـة العام العاملي بشرعية ومشروعية معينة ولقد سهر الن التقليدية من جهوية وعروشية عند ترشيحه لألفراد يف االنتخابات احمللية والتشريعية، وهذا مـا يؤكد أن اجلهوية ترعرعت داخل النظام األحادي، ويف املناطق العمرانية الصغرية واملتوسطة، يف

بعدم التجانس، وهذا بسبب نزوح أعداد كبرية من حني مل تظهر جليا يف املدن الكربى املعروفة األفراد حنوها ، كما تعرف هذه املناطق مقاطعة انتخابية كبرية و رمبا يرجع هـذا إىل وعـي

.سياسي اكرب من املناطق األخرى أو إىل مستوى ثقايف اكربفرد من انتخاب ابن يف حني ميكن تفسري املشاركة يف االنتخابات بعامل املنفعة اليت جينيها ال

منطقته، واملصلحة اليت ميكن أن حيققها عرب االمتيازات اليت بإمكانه تقدميها أو حىت الوعود اليت .ميكن أن حيققها، و ضلت هذه املمارسات شائعة كنتيجة لتوريث جرى يف احلياة السياسية

33ص . 1998 ،دار القصبة للنشر: اجلزائر،اإلنتخابات الدولة و اتمع عبد الناصر جايب، - 1

Page 157: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

156

ة بداية من االسـتقالل، ويبدو أن السلوك االنتخايب الذي رافق خمتلف املناسبات االنتخابي ، مل يكن تعبريا حقيقيا عن سلوك اجلزائري عموما، ولقد أكـدت 1988حىت أحداث أكتوبر

عن قطيعة مع هذه املمارسات وعن حتوالت يف الـسلوك االنتخـايب، 1988أحدات أكتوبر ا الذي وجد نفسه يف حياة سياسية وحزبية متعددة وهذا ما خول له التطور والتأقلم مـع هـذ

الوضع اجلديد، ناهيك عن الدميقراطية اليت مسحت للجميع من إبداء الرأي، فقد افرز اإلصالح السياسي الذي رافق هذه األحداث عدة تيارات سياسية تعرب عن توجهات إيديولوجية معينـة، ولعل ابرز هذه التيارات الذي غزى الساحة السياسية ،عشية إعالن التعددية السياسية ،هو التيار الديين، الذي متكن بفضل استراتيجية متيزت باالنتشار السريع يف املناطق اليت ال تعرف تناسـق كبري من حيث التركيبة البشرية، واعتماده على فئة الشباب لتحقيق فوز ساحق وجتميع أعـداد هائلة من الناخبني واملتعاطفني، وشكلت األحزاب اإلسالمية مبختلف اجتاهاهتا بـديل بالنـسبة

⋅.ملاليني اجلزائريني وميكن تفسري هذا االجتاه يف السلوك االنتخايب بالعمل الذي قامت به السلطة أثناء عهد احلزب الواحد، حيث ساهم التيار احملافظ يف حزب جبهة التحرير الوطين يف بعث قيم العروبة و

لطة واتمع، وليس من الغريب اإلسالم وجعل العامل الديين احد الركائز اليت تستند عليها الس . أن تصبح احلياة السياسية يف اجلزائر ذات اجتاه ديين، بالنظر إىل الثقافة الدينية السائدة

واملالحظ أن اجلهوية اليت طبعت العهد األحادي واتمع اجلزائري، أكدت وجودها يف ذات " جبهة التحرير الـوطين "بقاء املمارسات السياسية التعددية واستمرارها، ويتجلي ذلك يف

نفوذ واسع يف املناطق الريفية واجلنوبية، كما شهدت األحزاب ذات البعد األمـازيغي تعزيـز لتواجدها يف مناطقها األصلية، ومتاشيا مع فكرة اجلهوية فان اجلبهة اإلسالمية لالنقاد مل تغفـل

.)1(سواء يف املناطق الريفية أو يف املدنعلى احترام قواعد اللعبة اجلهوية عند ترشيحها لألفراد ويبدو أن األوضاع اليت مرت ا اجلزائر خالل املرحلة اليت رافقت توقيف املسار االنتخايب

أثرت بشكل كبري على احلياة السياسية، ومن مت على السلوك االنتخايب، حيث اجتهت احليـاة وف السياسي أو املقاطعة االنتخابية وميكـن مالحظـة السياسية تدرجييا حنو بروز ظاهرة العز

94ص . نفس املرجع السابق الذكر - 1

Page 158: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

157

حيـث 1991 ديسمرب 26 التشريعية اليت جرت يف *تنامي هذه الظاهرة بداية من االنتخابات وهي نسبة ارتفعت مقارنة باالنتخابات احمللية اليت جـرت يف %41قدرت نسبة املقاطعة بـ

ملالحظ عن هذه الظاهرة أا تـأثرت وا %34 أين كانت املقاطعة مقدرة بنسبة 1990جوان بشكل كبري بالوضع األمين الذي رافق توقيف املسار االنتخايب، وشكلت خمتلـف احلمـالت االنتخابية ،واليت ركزت على ضرورة استعادة الشرعية من جهة ،واألمن من جهة ثانية، حمـور

وهذا ما عـرب يف إمجاع لدى خمتلف التشكيالت السياسية، لكسب أو لتجميع األصوات يف % 36احلقيقة عن ارتفاع يف نسبة املشاركة وبالتايل اخنفاض يف املقاطعة اليت وصلت إىل

، والواضح عن ظاهرة املقاطعة 1997فيما يتعلق بتشريعيات % 34 و نسبة 1995رئاسيات ي يف املـدن االنتخابية أا غري مستقرة عرب كل واليات الوطن، حيث تعرف هذه الظاهرة تنام

الكربى كنتيجة للوعي السياسي أو للمستوى التعليمي أو حىت كنتيجة لفقدان الثقة يف السلطة ميكن املالحظة أن نسبة املقاطعة على املـستوى 1999واألحزاب، ففي قراءة لنتائج رئاسيات

ـ ـ % 38،09الوطين قد قدرت ب بالعاصـمة % 61،07 يف حني قـدرت املقاطعـة بـ بتيزي وزو، وامللفت لالنتباه يف هذه املناطق أن املقاطعة % 94،27 يف جباية و% 93،39و

وبالوالء السياسي لقيـادات وأحـزاب ةمرتبطة من جهة بالوعي السياسي والالمباالة بالسياس سياسية من جهة ثانية، يف حني ميكن اإلشارة أن نسبة املقاطعة يف مناطق اجلنـوب ال تفـوق

ـ 1999 يف رئاسيات حيث قدرت % 20 2002بينما عرفت انتخابـات ) 1( ،%11،27 ب )2( %53،درجة عالية من االمتناع قدرت بـ

إن دراسة السلوك االنتخايب يقدم لنا نظرة عامة عن احلياة السياسية وعن احليـاة احلزبيـة

ظـام وشـرعية أو عموما مت من االنتخابات نفسها حيث ميكن للمقاطعة أن تفقد مصداقية الن مشروعيته كما أا تؤثر على مشروعية األحزاب وتواجدها يف احلياة السياسية كما تقدم هلـا مشروعية كبرية عندما يستجيب هلا عدد كبري من الناخبني،وبالتايل يبدو أن اللعبة السياسية اليت

لزمة خبلـق وعـي جيعل األحزاب م ايعرب عنها االتصال السياسي واالنتخابات هلا من األثر م

.حول نتائج االنتخابات انظر املالحق - *

.1999 املالحظة االنتخابية تقرير حول االنتخابات الرئاسيةاإلنساناجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية املرصد الوطين حلقوق -1

2 –Rachid Tlemçani,Election est élites en Algérie- paroles de candidats., Alger : chihab édition, 2003.p167.

Page 159: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

158

سياسي يف اتمع من اجل احملافظة على وجودها يف احلياة السياسية، لكن هذا العمل مـرتبط مبدى قدرة األحزاب على تغيري العقليات والقضاء على ظاهرة اجلهوية، والعروشية يف األحزاب

ـ ة السياسية نفسها بإدخال خنب جديدة ، على أسس جديدة غري مبنية على رهانـات سياسداخلية يف احلزب أو متعلقة باالنتخابات التعددية املقبلة، بانتهاج سياسة رشيدة تقـوم علـى تسويق برامج سياسية قائمة على أسس علمية أو واقعية على األقل ، تسمح للناخب أن خيتـار

)1(بني عدة خياراتيق العمل علـى وميكن لألحزاب السياسية لعب دور مهيكل للسلوك االنتخايب عن طر

إحداث تقارب بينها و بني املواطن بإشراك هذا األخري يف احلياة الـسياسية ،وتأهليـه لتأديـة وظائف سياسية واجتماعية، والعمل على إيقاظ احلس املدين لديه، وهدا األمر يكاد ينعدم عند

. اجلزائري عموماه، يبقى رهني عادات وتقاليـد مـن أما عن السلوك االنتخايب يف اجلزائر فاملالحظ عنه ان

جهة، وخصوصيات تارخيية وسياسية، حتدد إىل حد بعيد معامل النسق احلزيب الذي ينحـصر يف قوة التيار اإلسالمي مبختلف أشكاله على خمتلف املناطق اجلغرافية كنتيجة للعامل الديين واملعرب

شية، وتيار واقعي علمي، ال يستند عن اهلوية األساسية للجزائري، تيار جهوي يستند على العرو يف الغالب إىل هذه اخلصوصيات اتمعية اجلزائرية وال ينكرها، وإمنا ينطلق من واقع سياسـي واقتصادي معني حياول من خالله بناء برامج حيسس من خالهلا فئة النخبة، اليت يف الغالب مـا

.حتبذ اخليار العقالين

1 - Jean Marie Cotteret, gouverner c'est paraître, paris: puf, 1991 p 73

Page 160: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

159

احلزيب ومستقبله يف اجلزائرالوضع :املبحث الثالث إن امللفت لالنتباه يف التجربة احلزبية اجلزائرية، أا شهدت تطور سريع يف ظرف قصري من الزمن، مث شهدت انتكاسة مل تعد النظر فيها كمبدأ، الن اخليار الدميقراطي الذي افرزه إصالح

ظات تارخيية اقل مـا ميكـن اكتوبر ظل املكسب الوحيد، الذي حافظت عليه األحزاب يف حل القول عنها أا كانت غنية من حيث التقلبات، ويبدو أن األحزاب كفاعل يف احلياة الـسياسية باتت رهان جديد بالنسبة للكثريين للوصول إىل السلطة، إما باالنتخاب عليها حىت تصبح ممثلة

كوسيلة للوصول إىل مناصـب ، وإما باالخنراط فيها قصد استعماهلا ةهلم يف املؤسسات املنتخب سياسية معينة، ويف هذا السياق تشكل األحزاب نفسها مراكز للصراع علـى الـسلطة بـني شخصيات قيادية حتتل مكانة سياسية يف الساحة السياسية، ويعرب هذا الصراع عـن ظـاهرة

رة الـبعض موجودة تارخييا يف كل اتمعات، وهي ظاهرة الزعامة واليت تعرب يف احلقيقة عن قد حول شخصهم، بغرض الوصول إىل هدف مرجتى، لكن هـذا الـصراع يف إمجاععلى خلق

الكثري من األحيان ما يؤثر يف السري العادي للحزب ومن مت على مستقبله يف احلياة الـسياسية ،وفعاليته فيها ولقد أوضحت التجارب االنتخابية املرافقة هلدا الصراع عن بروز، قوى سياسية

دة ،يف حني اندثرت قوى سياسية أخرى، على صعيد أخر ظل الصراع احلزيب على السلطة جديهو املميز للحياة السياسية يف اجلزائر إىل وقت قريب، لكن املالحظ أن األحداث اليت رافقـت الرئاسيات السابقة أثبتت للجميع أن األحزاب السياسية مل تعد تلك القوى اليت تتنافس علـى

لظهور قوى اتمع املدين كبديل عنها، وكمنافس هلـا يف الـساحة الـسياسية، السلطة وهذا واملالحظ عن ظاهرة األحزاب أا شهدت تراجع مقابل تنامي هذه القوى، وهذا مـا جيعلنـا نفكر يف مستقبل األحزاب السياسية وعن احللول اليت جيـب أن تنتـهجها للبقـاء يف احليـاة

.السياسية

Page 161: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

160

الزعامة وظاهرة عدم استقرار القيادات يف األحزاب السياسية: لاملطلب األوالعصور يف أهم إن مسالة الزعامة من بني اإلشكاالت القدمية اليت طرحت نفسها، على مر

القضايا اليت رافقت التجارب التارخيية والسياسية للمجتمعات البشرية وعلى هذا األساس نالت رف الباحثني يف العلوم السياسية واالجتماعية، كما تلقي اهتمـام قدر كبري من االهتمام من ط

ةمن علماء االتصال والنفس، وعليه ميكن القول أن موضوع الزعامة مرتبط بعناصـر عديـد .تتفاعل معه وتتأثر به وتؤثر فيه

أو وتتحدد القيادة على أا فن التأثري يف األفراد، وهذا التعريف رغم قصره يدل على عملية نشاط يتميز بفعالية مستمرة كما يستلزم وجود زعيم، وأعضاء اجلماعة اآلخرين، كمـا انـه حيدد القيادة على أا بدل من كوا جمموعة جامدة من املميزات املالزمة للفرد، فهي مرتبطـة

.)1(باحمليط وتتفاعل معهوم الزعامة الـسياسية قـد وامللفت لالنتباه أن خمتلف الدراسات اليت حاولت تفسري مفه

:انطلقت تقليديا من وجهتني تركز باخلصوص على شخصية الزعيم، و املميزات اليت ينفرد ا واليت جتعله : النظرة األوىل -

.أي الزعيم شخصية فريدة من نوعها يف نظرته للمستقبل ويف قدرته على استقطاب اآلخرينسياسية واالقتصادية واالجتماعية وإسـهامها يف تركز على حركية األوضاع ال :النظرة الثانية

بروز الزعيم الذي ال يظهر بسبب خصائصه الذاتية ولكن ألنه ميثل الرجل املناسب يف املكـان .املناسب الذي فرضته الظروف

أن حيرك األشياء وعليه ميكن القول أن التيار األول يركز على خصوصية الزعيم الذي ميكن يرى التيار اآلخر أن الزعماء هم أدوات التاريخ ولإليضاح أكثـر فالتيـار واألوضاع يف حني ، لعب دور كبري يف تبلـور الدميقراطيـة يف Lech Walesa" ليش فاليسا "األول يقول أن

بولونيا، بينما يرى التيار اآلخر أن الشيوعية البولونية وصلت إىل درجة احنالل، وما كان أمامها لزعيم الذي ظهر ليس له أي دور سوى انه استطاع أن يدير هذه الظـروف إال الزوال، وأن ا

.لصاحلهغري بعيد عن هذه احملاوالت اليت سامهت يف إعطاء تفسري معني حول مـسالة الزعامـة،

ظهرت حماوالت أخرى احنصرت بني هاتني النظرتني، أي ليس بشكل كلي يف الشخـصية،

.182ص.1987الدار اجلامعية، :ت، بريوالسلوك اإلنساين يف املنظماتأمحد صقر عاشور، – 1

Page 162: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

161

تفتح عندما تلتقي بالظروف املناسبة واملالحظ عـن هـذا معترفني بان هذه األخرية تنمو و ت التحليل الذي ينطلق من الزعيم و البيئة، خيتلف حسب امليادين اليت تدرس هذه الظاهرة، فمثال

وهو أستاذ يف علوم التربية جبامعة هارفارد، و أستاذ يف )Howard gardnel )1ينطلق االستاد انطالقا من العلوم العصبية يـسعى، إىل إظهـار أن سيكولوجيا األعصاب جبامعة بوسطن و

الزعيم هو الذي مبساره الشخصي و خبطابه الذي يلقيه، و باملستقبل الذي يسطره، يروي قصة .ملن خياطبهم، هلا صدى كنتيجة لتراكم التجارب، أو بفعل املوروث الثقايف

، عميد مدرسـة اإلدارة )Michael finlon )2 يف حني ترى دراسة أخرى قدمها األستاذ يف جامعة كولومبيا بنيويورك، وانطالقا من علوم التسيري أن الزعيم السياسي ميكن متثيله برئيس مؤسسة، فهذا األخري له مهمة خلق األرباح بالنسبة للمساهم انطالقا من املوارد اليت يقـدمها

لق نوع من الرفـاه له، أي راس مال نقدي، كما انه مكلف ضمنيا خبلق ربح جمتمعي أي خ بالنسبة للمجموعة اليت يسريها انطالقا من املـوارد املتاحـة إليـه، والـيت يطلـق عليـه

finlon موعـة تقيـد بإتبـاعالرأمسال السياسي،وعموما الرأمسال السياسي هو ما جيعل اا، التوجهات املعلنة من طرف الزعيم، أي أا تستجيب للمجهود أو التغريات املطلوبـة منـه

وهذا ما جيعلها تتق يف الوعود اليت ستستفيد منها مستقبال، واليت يبين عليها الزعيم طلبه لقبول اإلصالحات، وتنتج هذه الثقة عن معيار أخالقي يتولد عن مبادئ أو قيم يتقامسهـا اجلميـع،

منـو وعن اإلميان بان هذه القيم واملبادئ ستكون املوجه للعمل السياسي، وهذا ما يساهم يف .الرأمسال السياسي، ومن مت الزعامة

للزعامة ميكن أن تكون نابعة عن تبين توجـه أو إيديولوجيـة سياسـية األخالقية ةفالتركيبباستمرار، كما ميكن أن تكون نابعة من املميزات الشخصية للزعيم كرتاهته وأخالقه أو تدينه،

. نظر اكرب عدد من الناخبنيفهده املعايري تساهم بقدر كبري يف رفع قيمة الزعيم يفناجتة عن الثقة اليت تتولد عن املعرفة الشخصية الـيت : التركيبة الذاتية للزعامة يف حني أن

منلكها عن الزعيم ، بكونه امرأة أو رجل ، وبصرف النظر عن الدور الذي يلعبـه يف احليـاة يع الصورة ن أو بيع الشخصية ، السياسية ، ويلعب االتصال و التسويق السياسي دور كبري يف ب

جبعلها أكثر قرب من املواطن ، و هلدا الغرض ، يقوم الزعماء السياسيني يف املناسبات املهمـة ،

1 – Elisabeth Lulin, les ressorts du leadership politique, mars 2003, in http // : www.paradigmes.com/download/Essai_Leadership.doc 2 Idem

Page 163: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

162

بالتنقل إىل املستشفيات أو األحياء الشعبية من اجل االقتراب من املواطن ، وحتسيسهم بـأم . موجودين ألجلهم

يف احلقيقة الثقة اليت تتولد عن خربة الكفـاءات املعرفيـة وهي التركيبة العلمية للزعامة املنسوبة للزعيم ، أي انه يعرف عن ماذا يتكلم ، وبالتايل فرأيه صحيح فهي ثقـة املـريض يف طبيبه إن صح التعبري، كما توجد تركيبة أخرى ناجتة عن فعالية الزعيم وتتولد عـن الثقـة يف

.ققة يف امليدان السياسي احملهإجنازات الزعيم السابقة وجناحات وعليه ميكن القول أن الزعامة كمفهوم حيدد يف مدى قدرة الفرد على فرض نفسه علـى

يف حني تلعب عوامل أخرى كـاملؤهالت العلميـة واملاضـي . اآلخرين بأفكاره أو بشخصه تب الـوالءا السياسي دورا كبريا يف تفعيل شخصية الزعيم يف املناسبات االنتخابية ويف كس

داخل تشكيلته السياسية ، وللبقاء يف هرم السلطة، ويبدو أن الزعامة كظاهرة شكلت تارخييا، أساس البناء االجتماعي والسياسي للمجتمعات البشرية، حيث ليس من الضروري االستناد إىل

لزعامة الفرد الذي ميلك من اخلصائص واملؤهالت ما جتعله كفيال بتبين مسؤوليات،فقد كانت ا قدميا يف القبيلة مبنية على القوة، والشجاعة، وحىت الذكاء، وتطورت هذه املميـزات تارخييـا لتصبح عالقة بالقائد ،الرئيس أو امللك ، وباتت مرهونة مبدى قدرة احلاكم اليوم على تقـدمي

املعارضة اكرب قدر من الفعالية االنتخابية من جهة، وحتقيق األمن والسلم من جهة ثانية وتشكل ، تطرح نفسها، كبديل عن من يقومـون بـإدارة البلـد *نفسها معقل لزعامات أخرى بديلة

وباتت األحزاب اليوم يف األنظمة الوسيلة اليت بإمكاا تكوين هذه الزعامات أو استقطاا من اجل إعطاء نفس جديد للحركة السياسية، وتشكل هذه الزعامات يف الغالب، الواجهة اليت من خالهلا يتم احلكم على احلزب وعن توجهاته ورمبا عن مستقبله، وهلـذا تكـون الزعامـة يف األحزاب السياسية حمل صراعات، وينتج عنها بالضرورة عدم االستقرار يف احليـاة الـسياسية للحزب، كما ميكن أن ختلق هده الزعامات ظاهرة أخرى هي انقسام احلزب أو زواله النـهائي

.ة عن ذلك يف احلياة السياسية واألمثلة كثري وتنتج الصراعات بني الزعامات يف الغالب داخل احلزب الواحد ، بسبب خالفات يف الوجهة السياسية أو سبب رهانات سياسية وانتخابية واحدة تسعى كل زعامة يف احلزب، الن تكـون

بدليل الشخصيات اليت هي الطرف املمثل هلذا اهلدف،والزعامة يف اجلزائر موجودة مند القدمي،

.كما رأينا سابق تؤدي األحزاب السياسية وظيفة تكوين اإلطارات السياسية،وبالتايل فهي كفيلة خبلق زعامات سياسية *

Page 164: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

163

تاريخ اجلزائر قبل وخالل العهد االستعماري عرب الثورات الشعبية ،وخمتلف الزعامـات ،صنعت السياسية اليت تولدت عن نضال احلركة تاليت رافقتها، إضافة إىل خمتلف الشخصيات أو الزعاما

يف حـني عـربت كانت متثل زعامة دينية إصالحية، " ابن باديس "الوطنية اجلزائرية فشخصية مصايل "عن زعامة سياسية إصالحية تقدمية، بينما شكلت شخصية " فرحات عباس "شخصية زعامة ممثلة للحركة االستقاللية بل أا أصبحت تارخييا شخصية كاريزمية وخلقـت " احلاج

بدلك أزمة سياسية يف تاريخ احلركة الوطنية االستقاللية وانتهت خبروج هذه الزعامة من الباب ومسحت هذه األزمة نفسها بربوز زعامات بديلة طرحت نفـسها ،الضيق عشية الثورة املسلحة وباتت بعد االستقالل رهينة خيارات سياسية، قادهتا يف النهاية إىل ،يف احلياة السياسية اجلديدة

عن احلزب الواحد ، و الواضح عن العهد األحـادي أن مطرح نفسها كبديل عن النظام القائ امة كانت يف البداية حمصورة يف جمموعة وجدة ،مت ضيقت لتصبح يف شخص واحـد هـو الزع

الذي استطاع بفضل اخلطاب الشعبوي أن يصل إىل مستوى عـايل )1("هواري بومدين "الرئيس عربت وفاته عـن إذيف الزعامة وهو الكاريزما، وهذا ما خلق أزمة جديدة يف النظام بوفاته ،

والذي وصل يف النهاية إىل التعددية ،ان أمهها بداية االنفتاح السياسي بداية لتحوالت عميقة ك السياسية، هذه األخرية فتحت الباب لظهور األحزاب السياسية بعد اإلصالح الدستوري لعـام

ت، ويتضح أن الزعامة اليت ميزت العهد األحادي طرحت نفسها حبدة يف كل التشكيال 1989 األحزاب اجلزائرية مرهونة مبدى قبول خمتلف احلساسيات هلـا فالزعامة يف ، األخرى ةالسياسي

.داخل التشكيلة السياسية ميثل كل )2( فادا تأملنا يف حزب اجلبهة اإلسالمية لالنقاد، جند أا كانت حزب برأسـني

زعيم تيار سياسي يف احلزب، ولقد أكدت األحداث السياسية اليت رافقت حياة هذا احلـزب كشخصية قوية، ومؤثرة وحمركة " علي بن حاج "درجيي للزعامة الراديكالية اليت مثلها التغلب الت

للجماهري، بفضل سيطرهتا على فن اخلطابة استنادا إىل احلنكة السياسية واخلطاب الديين املناهض

1 - Lahouari Addi, Les partis politiques en Algérie et la crise du régime des grands électeurs

,opcit. 2 - Abdelhamid Boumezbar, Azine Djamila, L'islamisme algérien, de la genèse au terrorisme, Alger : chihab, 2002.p 84-85

Page 165: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

164

للنظام، يف حني اندثر الزعيم الثاين الذي كان يقدم، كواجهة يتم من خالهلا بعث صورة لطمأنة أي العام الداخلي واخلارجي واملالحظ عن هذه الظاهرة أا شبه عادة يف األحزاب اجلزائرية الر

حيث توجد دائما شخصية بارزة متثل اجلهاز احلزيب، يف حني تنشط يف اخلفاء شخصيات أخرى تمـع ويبدو أن هذه الظاهرة هلا تأثري يف حياة ومستقبل ومن مت فعالية هذه األحزاب فحركة جم

فقدت فعاليتها بعد وفاة الشيخ، خاصة أن من " حمفوظ حنناح "السلم اليت كان يتزعمها الشيخ خلفه يف رئاسة احلزب، ال ميلك نفس الكاريزما اليت كان ميلكها حمفوظ حنناح، باالظافـة إىل هذا ميكن القول أن احلزب بدا تدرجييا يبتعد عن دوره يف املعرضة خاصـة بعـد دخولـه يف

.تالف احلكومي، وهذا ما خلق بدوره أزمة حادة بني خمتلف احلساسيات يف احلزباالئ باإلضافة إىل هذا ميكن القول أن الزعامة عندما تطبع احلزب ، فان هذا األخـري سيـضل سجني تلك الزعامات، فحركة جمتمع السلم ستضل عالقة باسم الشيخ حمفوظ حننـاح، كمـا

،الذي حىت وإن انـسحب مـن "ايت امحد "عالقة بشخصية " كيةجبهة القوى االشترا "ستظل احلياة السياسية ،فانه يبقى هو جبهة القوى االشتراكية، وهلذا فان االنطالقة هلذا احلزب متر عرب إعادة النظر يف استراتيجية عملها، وإعادة تأهيل خنب جديدة كفيلة بإاء هيمنـة الزعامـات

.التارخيية لألحزاب للزعامات، قاد يف النهاية إىل انقـسامات استوى أخر شهدت بعض األحزاب صراع على م

يعترب يف احلقيقـة نتـاج " فالتجمع الوطين الدميقراطي "انتهت بظهور أحزاب سياسية جديدة، العمل مع السلطة يف فترة من الفترات، وجتلي ذلك " حزب جبهة التحرير الوطين "لرفض قيادة

حلزب والذي يتكون من قيادات قدمية وإطارات كانت تنشط يف جبهـة من خالل تركيبة هذا ا .)1(التحرير

جاب اهللا، حيث نفس الوضع ميكن مالحظته يف حركة النهضة اليت كان يتزعمها عبد اهللا دخلــت هــذه احلركــة الــسياسية يف صــراع داخلــي حــول التوجهــات الــسياسية

ها اجتاه النظام واالنتخابات، وبني معارضة النظام أو التحـالف واإلستراتيجية اليت ينبغي انتهاج معه، انتهي الصراع بإزاحة عبد اهللا جاب اهللا من حركة النهضة، وإنشاءه حلزب جديد، هـو

يف ا كـبري احركة اإلصالح الوطين، وامللفت لالنتباه أن زعامة عبد اهللا جاب اهللا كان هلا تأثري

1 - Rachid benyoub, opcit, p 111

Page 166: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

165

الساحة السياسية اجلزائرية باستقطابه للمتعاطفني مع حـزب جناح حركة اإلصالح الوطين يف . النهضة سابقا، واغلب املناضلني يف احلزب

إن األحزاب السياسية يف اجلزائر ومن خالل إدارهتا، نالحظ أا مل ترقـى إىل مـستوى ات ميكنها من دمقرطة احلياة احلزبية، فهذه التشكيالت السياسية تعيش يف اغلب األحيان صراع

على الزعامة، وتكون فيها املؤامرات هي احلل الوحيد إلزاحة الشخصيات القيادية، واستخالفها بأخرى، وما شهدته جبهة التحرير الوطين عشية االنتخابات الرئاسية،عرفته تشكيالت أخـرى

وكاد هذا السيناريو أن يتكرر يف حركة جمتمع السلم بعد 1999كحركة النهضة قبل رئاسيات زعيمها حمفوظ حنناح من خالل ما افرزه ترشيح عبد الرمحان سعيدي، وحماوالت فرضـه وفاة

بالقوة من طرف عصب يف احلزب، لكن تدخل احلكمة والعقل فتح الباب للمـؤمتر الثالـث للحزب وجملس الشورى لتعيني أبو جرة سلطاين خليفة حملفوظ حنناح، وزكى املـؤمتر هـذا

.ات موجودة دون أن تطفو إىل السطح اخليار، لكن ظلت هذه احلساب نفس الشيء ميكن مالحظته يف حياة احلزب اجلديد التجمع الـوطين الـدميقراطي،حيث

من أن يطـيح " اوحيي" بعد أن متكن 1999 عشية االنتخابات الرئاسية لعام هعرف أوىل أزامات يف صـيف " امحد اوحيي "، وتكررت هذه العملية مع "الطاهر بن بعيبش "باألمني العام للحزب

أين ظهرت بوادر عملية لإلطاحة به من األمانة العامة للحزب، ونفس الظاهرة تكررت 2003مع أحزاب أخرى كحزب التجديد اجلزائري الذي دخل يف أزمة داخلية بعد النتائج اهلزيلة اليت

.2002أحرزها يف انتخابات بروز ظاهرة عـدم االستقـــرار أو صـراع وعليه يتضح من احلياة احلزبية يف اجلزائر

الزعامات، ويبدو أن حجم األزمة خيتلف من حزب ألخر ، فاألزمة اليت افرزها املؤمتر الثـامن حلزب جبهة التحرير الوطين، شهدت تصاعد تدرجيي قاد يف بعض األحيان إىل استعمال العنف

يدان قصر املعـارض صـراع املادي بني األطراف املتصارعة على زعامة احلزب، حيث شهد م )1(ميكن القول عنه بأنه دموي بني أنصار األمني العام بن فليس وأنصار احلركـة التـصحيحية

ذات حجم يتماشى مع نفوذ )*("االفالن"والذي انتهى بتدخل قوات األمن، وبالتايل فان أزمة ن علـى خمتلـف احلزب يف احلياة السياسية ومع وضعه السياسي احلايل ، الذي جيعله مهـيم

1 –Liberté Quotidien nationald’information ,N°3437 parus le 02 mars 2004 p4.

باالفاالن نقصد حزب جبهة التحرير الوطين*

Page 167: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

166

املؤسسات السياسية املنتخبة ، وهذا ما يقود إىل اعتبار أزمة جبهة التحرير أزمـة مؤسـسات، ميكن أن تتعطل بسبب احنراف يف العمل السياسي، و يؤكد ذلك، انتقال الصراع إىل املؤسسة

افتتـاح التشريعية، مع اخلطاب الذي ألقاه السيد كرمي يونس، رئيس الس الشعيب الوطين يف حلقة من حلقات الصراع بني حزب جبهة التحريـر، لالدورة اخلريفية للمجلس واعترب التدخ

ورئيس اجلمهورية، و لقد أثار هذا اخلطاب ردود فعل خمتلفة، فهنـاك مـن اعتـربه جتـاوز لصالحيات رئيس الس عندما يصفي حسابات مع السلطة يف إطار الصراع احلزيب، يف حـني

رى أن اخلطاب ليس فيه ما يثري القلق ألنه يطالب بان ميارس الربملـان كامـل رأت أطراف أخ .حقوقه، و هذا يدخل يف العمل على توطيد الشرعية الدستورية

إن هذا احلدث يؤكد أن أبعاد األزمة اخطر من أن تكون أزمة داخلية حلزب سياسي ما، لنظر يف شرعية املؤمتر الثامن من طرف جملس فهي أزمة هلا من األثر ما يفوق أي توقع، فإعادة ا

، فتح الباب لصراع بني جبهتني، أنصار بن فلـيس و ب، ويف قيادة األمني العام املنتخ )2(الدولةأنصار احلركة التصحيحية، و يرى بعض املتتبعني للحياة احلزبية يف اجلزائر ومنهم مقران ايـت

أزمة جبهة التحرير الوطين مفتعلـة،وهي خطـة إن"العريب يف حوار أجرته معه اخلرب األسبوعي ، أوحي من خالهلا، للرأي العام أن هناك جبهتني، جبهة مع االستبداد و التسلط، مأحاكها النظا

،و بالفعل ميكن أن نتصور بان هذه األزمة )3(و جبهة مع حقوق املواطن وحتقيق آمال املواطنني ى الرئاسة، بدل من أن يكون الباب مفتـوح منها تسليط الضوء على متنافسان عل فكان اهلد

أمام كل املرشحني إليها، و لقد لعبت و سائل اإلعالم، شهور قبل بداية احلملة االنتخابية، ومع انطالقة األزمة الداخلية للحزب، على جعل بن فليس املنافس احلقيقي للرئيس بوتفليقة وهـذا

بعـد " االفالن"ن خنبة سياسية جديدة افرزها ألسباب عديدة منها وضعيته السياسية اليت تعرب ع ، وبالنظر إىل املكانة اليت كان حيتلها يف السلطة عنـدما كـان رئيـسا 1988 أحداث اكتوبر

للحكومة، هذه األسباب وغريها جعلت هذه الشخصية مرشحة التيار الدميقراطي االستئصايل، املصاحلة الوطنية، ويبدو أن هذه يف حني شكلت شخصية عبد العزيز بوتفليقة حمور إمجاع حول

االستراتيجية جنحت إىل حد بعيد، وهذا على اعتبار أن الرأي العام دخل يف هذه اللعبة باحثـا عن االستقرار واألمن يف شخص الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يف حني ميكن القول أن اخلاسـر

2 –Liberté Quotidien national d’information,N°3476 parus le 04 mars 2004.p3

.8 ص 2004 ماي 7 اىل1، الصادرة، من 270، العدد جريدة اخلرب األسبوعي- 3

Page 168: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

167

إمكانه أن يطرح نفسه كبـديل، األكرب من هذه االستراتيجية هو التيار اإلسالمي الذي كان ب بالنظر إىل وضعه السياسي يف اجلزائر و قدرته على جتميع الناخبني يف املناسـبات االنتخابيـة وعليه ميكن القول بأن األزمة الداخلية جلبهة التحرير الوطين كانت أبعادها اكـرب ممـا كـان

ن الواقع أكد يف النهايـة أن يتصوره البعض، على أا صراع داخلي على الزعامة يف احلزب، ال األزمة مت حلها بسهولة بعقد مؤمتر جديد، وتعيني قيادة جديدة، لكنها كانت يف الواقع تعرب عن

يف أعلى هرم للسلطة، بصرف النظر عـن مـن " االفالن"رهانات سياسية أمهها توطيد سلطة تها عندما خلقـت يكون فيها، و ميكن القول على حد تعبري البعض أن السلطة جنحت يف خط

الظروف املناسبة النتخاب بوتفليقة رئيسا للجمهورية لعهدة ثانية يف أول انتخابات أبدى فيها فيها تعديالت أرضت األحزاب و املرشحني للرئاسيات اجليش حياده، و شهد النظام االنتخايب

.يف أول انتخابات رئاسية تعددية يكون فيها كل املرشحني زعماء أحزاب و مدنيني

.قراءة يف مستقبل األحزاب من خالل املمارسة االنتخابية: املطلب الثاين يف الكثري من األحيان أن هذه الظاهرة ال دإن دراسة األحزاب السياسية يف اجلزائر تؤك

تزال يف مرحلتها التكوينية، رغم األشواط الكبرية اليت قطعتها و هذا متاشيا مع التطور الـسريع فه اتمع على مستوى ثقافته احمللية أو على مستوى الثقافة املستوردة عـرب اإلعـالم الذي عر

األجنيب الذي غزى احلياة اجلزائرية، كما يبدو أن األوضاع السياسية و اتمعية الـيت عرفتـها اجلزائر خالل عشرية األزمة، كان هلا األثر البارز على ظاهرة األحزاب يف اجلزائر و عدم أخذها

.املكان الذي يليق ا ولقد أثبتت التجارب التارخيية أن الطرف الذي ال يستطيع أن يفرض نفسه ميكن أن يزول أو يندثر، و أن الشيء الذي ال يتقدم يتراجع، و عليه تكون الرهانات السياسية يف اجلزائر ذات

الدور احلزيب ال يـزال يف أبعاد متعددة، و جتدر اإلشارة هنا أن الرئاسيات السابقة أكدت أن ، و رغم 1989، أو انه تأخر أو مل يعرف تطور منذ ظهورها رمسيا عرب دستور ةمرحلة تكويني

الكم اهلائل من األحزاب السياسية جند أن احلياة احلزبية يف اجلزائر تبقى حمصورة بني تشكيالت ئر على مفاجـآت خمتلفـة سياسية تعد على األصابع، و عودتنا االنتخابات السياسية يف اجلزا

تتراوح بني بروز قوى سياسية جديدة، صعود أحزاب و تيارات جديدة، و تأخر أو تراجع قوى .سياسية أخرى، وهكذا

Page 169: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

168

توطيد هلذه الظـاهرة، حيـث 2002 وتعترب االنتخابات التشريعية واحمللية اليت أجريت يف

مفجأة كبرية يف نظر املالحظني 2002 ماي 30شهدت االنتخابات التشريعية اليت أجريت يف الـذي فـاز " جبهة التحرير الـوطين " واملراقبني واإلعالميني، فالعودة القوية حلزب السياسيني

-1991 اجلبهة اإلسالمية لالنقاد يف تـشريعيات و هي أغلبية مل حتققها إال -باألغلبية املطلقة عبد العزيـز "احلزب منذ وصول،الرئيس ويرجع البعض هذا النجاح الباهر إىل الدور الذي لعبه

إضافة إىل التغيريات اليت جرت يف احلزب، سيما تلك اليت تعلقت بإدراج ،إىل السلطة " بوتفليقةالعنصر الشباين فيها يك عن كوا اخلاسر األكرب من عملية التزوير اليت جرت يف انتخابـات

التجمـع الـوطين "ئ الذي رافق حكم إضافة إىل كل هذا ميكن القول أن التسيري السي 1997 .كان له األثر البارز يف عودة جبهة التحرير الوطين" الدميقراطي

واملالحظ عن هذه االنتخابات التشريعية أا قلبت املوازين بصفة راديكالية وامللفت لالنتباه مقعـد 48ى حيث مل يتحصل إال عل " التجمع الوطين الدميقراطي "أن اخلاسر األكرب فيها، هو

ـ يف االنتخابات السابقة، وواقع احلال أن هذه النتيجة تعكس يف الواقع احلجـم 155مقارنة باحلقيقي هلذا احلزب، على صعيد آخر عرف التيار اإلسالمي تراجع مقارنة مع النتائج االنتخابية

قعد م 103 بـ 1997السابقة، حيث قدرت نتائج األحزاب اإلسالمية جمتمعة يف تشريعيات انتكاسـة " حركة جمتمع السلم "، وشهدت 2002 مقعد يف تشريعيات 82يف حني مل تتعدى

ـ ، ويفـسر هـذا التراجـع 1997 مقعد اليت حتصلت عليها يف انتخابات 69كبرية مقارنة بباملواقف املتذبذبة للحركة ونواا وحىت وزرائها، واليت سامهت يف نفور النـاخبني وخاصـة

الـيت " حركة اإلصالح الـوطين " حنو أحزاب إسالمية أخرى، وباألخص حنو اإلسالميني منهم ورغم نشأهتا احلديثة استطاعت أن تشق طريقها يف فترة وجيزة، لتجمع ورائها ناخبني أوصلوها

.، أهلتها لتصبح إحدى القوى السياسية البارزة يف الربملان اجلديد* مقعد43للحصول على لنهضة احد اخلاسرين يف هذه االنتخابات ،إذ حتصلت علي مقعد مقابل هذا كانت حركة ا

، مل تستطع أن "عبـد اهللا جاب اهللا"و احد، وميكن تفسري هذا بان القيادة اجلديدة اليت أزاحت .حتافظ علـى ناخبيها أو املتعاطفني معها بعد رحيل زعيمها السابق وتأسيسه حلزب جديد

للمزيد من املعلومات عن نتائج االنتخابات انظر املالحق - *

Page 170: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

169

اهلبوط الذي عرفته بعض القوى السياسية يقابله صـعود ميكن القول أن من جهة أخرى مقاعد يف تشريعيات 04الذي حتصل على " حزب العمال "قوى سياسية جديدة، ونقصد بذلك

، وهذا ما يؤهل احلزب الن يكون قوة اقتـراح 2002 مقعد يف تشريعيات 21 وحقق 1997 .فيما يتعلق مبشاريع القوانني

اليت كانت غائبة يف الربملـان " اجلبهة الوطنية اجلزائرية "يث عن على صعيد آخر ميكن احلد من لعـب دور ال ا مقاعد يف الربملان اجلديد الشيء الذي ميكنه 08السابق واليت حتصلت على

. به يف مسالة التحالفات السياسية سبا

ظت نتائجها على ، قد حاف 2002 مهما يكن ، فان النتائج اليت أسفرت عليها تشريعيات التقسيم الكالسيكي للتيارات السياسية يف اجلزائر، الذي أفرزته أوىل االنتخابات التعدديـة يف

، التيـار )1(أن يسميها " هلواري عدي "اجلزائر، وهي التيار الوطين أو أحزاب اإلدارة كما حيبذ لربملان اجلديد بزعامة جبهة اإلسالمي ،التيار الالئكي ، ويتزعم التيار الوطين أو أحزاب اإلدارة ا

التحرير الوطين وتشكيالت سياسية أخرى، بينما يأيت التيار اإلسالمي يف املركز الثاين بقيـادة حركة اإلصالح، ويصعب يف هذه احلالة تصور التقارب الذي ميكن أن حيدث بينـها، وبـني

.شتت واالنقسامحركة جمتمع السلم ، وهذا ما يوحي بان التيار اإلسالمي ذاهب إىل الت وقد يبدو ساذجا إنكار أن التيار اإلسالمي ال يشكل القوة السياسية اليت بإمكاـا تغـيري موازين القوي يف هرم السلطة ، إذا ما استند علي بعض املبادئ ، فال احد ينكر الدور الـذي

مل تفرض نفسها ،ألا يلعبه الدين يف حياة اتمع اجلزائري ، لكن يبقي أن األحزاب اإلسالمية ظلت سجينة ماضي قريب أو عقدة اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ فهي مل تتمكن مـن اسـتغالل

. الناخبني الذين صوتوا على اجلبهة اإلسالمية يف مناسبات انتخابية سابقةوأوىل املالحظات اليت ميكن استخالصها من هذا اإلخفاق هي أن األحـزاب اإلسـالمية ة بعيدة عن الشرائح االجتماعية اليت صوتت على اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ ، واليت كانـت احلالي

. تقوم بعمل اجتماعي يف األحياء الشعبية وتقدم مساعدات لعائالت معوزة

1 - Lahouari Addi, Les partis politiques en Algérie et la crise du régime des grands électeurs

,opcit.

Page 171: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

170

ذات طابع بورجوازي ة تفرض نفسها هي أن األحزاب اإلسالمية احلالي املالحظة الثانية اليت

متداد الفعلي جلمعية العلماء املسلمني اليت متيزت ذه الصفة خالل العهـد وهذا ألا كانت اال االستعماري ، الشيء الذي اثر على مصداقيتها يف تلك املرحلة يف حـني اجتهـت اجلمـاهري

. الشعبية حنو حزب الشعب الذي كان اقرب إىل طموحات اجلماهرين محل عبء العشرية الدموية الـيت افرزهـا املالحظة الثالثة هي أن هذه األحزاب تعاين م

توقيف املسار االنتخايب، على اعتبار أن نتائج هذه املرحلة يتحملها التيار الراديكايل يف احلركة اإلسالمية عموما ، واالجتاه االنتخايب اليوم حتركه نتائج تراكم األحداث السياسية، اليت رافقت

يومنا هذا ومن مت فالناخب اجلزائري ،ال يريـد أن حىت 1992التطور السياسي يف اجلزائر مند تتكرر نفس املأساة اليت عاشها من خالل انتخابه على حزب إسالمي، رغم إميانه بـان هـذه

.األحزاب اإلسالمية هي اليت تتماشى ومبادئها يف ورمبا لعبت احلياة السياسية يف اجلزائر املقرونة بدور املؤسسة العسكرية فيها دورا كـبري

تراجع التيار اإلسالمي، الن اجليش أبدى بوضوح بداية من توقيف املسار االنتخايب عدم قبوله يف " حممـد العمـارى "التعامل مع األحزاب اإلسالمية، ولكن التصرحيات اليت أدىل ا الفريق

إمكانية عن حياد اجليش يف العملية االنتخابية ويف )1(الصحافة عشية إجراء االنتخابات الرئاسية التعامل مع أي طرف مهما كان، حىت لو كان زعيم إسالمي ، تفتح الباب إىل إمكانية تطـور التجربة احلزبية اإلسالمية يف اجلزائر مع السلطة على النمط التركي، حىت وإن مل يكتب حلكومة

استخالصه فان ما ميكن . يف تركيا البقاء كنتيجة لصراعها مع اجليش والتيار الالئكي " اربكان"من هذه التجربة أا مل تنتج انزالق حنو العنف السياسي كما حدث يف اجلزائر، وهذا ما يعطي صورة واضحة عن النضج السياسي الذي أفرزته اجلمهورية التركية اليت نشأت يف العـشرينيات

مكانه دعلى يد مصطفى كمال أتاتورك، وهذا ما يوحي أيضا أن مسار الدمقرطة، لكي يا خ حيتاج إىل عدة عقود أو قرون، وال يكفي أن نستنسخ منوذج ونطبقه على جمتمعات حىت تصبح رائدة يف هذا اال، فالدميقراطية التركية حىت وإن مل ترقى إىل مستوى الدميقراطيات الغربية، إال

.أا خطت أشواط كبرية قادهتا اليوم الن تدق أبواب االحتاد األوريب

.2003 جويلية 18 إىل 12، الصادرة من 228، العدد جريدة اخلرب األسبوعيانظر - 1

Page 172: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

171

اإلسالمية يف تركيا هلا تاريخ طويل، بداية من إنشاء اجلمهورية التركية علـى واألحزابنظام احلزب الواحد، فلقد لقيت هذه األحزاب قمع ومنع، لكنها استمرت وعادت يف كـل

إحـدى القـوى " جنم الدين اربكان "مرة حتت تسميات خمتلفة، ويشكل حزب الرفاه وزعيمه بداية الثمانينات ويرجع جناح هذا احلزب إىل العامل التنظيمي، السياسية اليت فرضت نفسها مع

حيث جنح احلزب يف تعبئة املوارد املتاحة له، خلدمة مشروعه السياسي، من وسائل اقتـصادية ، وبالفعـل متكـن )1(وإعالمية، والعمل من خالل اجلمعيات اخلريية لتوسيع القاعدة الشعـبية

ة،واالستحواذ على الساحة السياسية بتكييف نشاطه علـى حزب الرفاه من الوصول إىل السلط مستويات خمتلفة جعلته يطرح نفسه كبديل عن السلطة القائمة، من خالل االنتخابات التشريعية اليت حقق فيها أغلبية جعلته يصبح على راس احلكومة، وذا وصل حزب إسـالمي إيل هـرم

عة احلال دهشة لدى الكثريين، لكن هذا غـري السلطة يف دولة الئكيه، الشيء الذي خيلق بطبي غريب الن الدين يف اتمعات اإلسالمية يلعب الدور األساسي، وحىت و إن مل تـستمر هـذه التجربة بعد الصراع مع اجليش والالئكني حول االلتزام مببادئ الثورة الكمالية، فـان امللفـت

.مل تنتهي بالعنف املسلحلالنتباه أن تنحيته خلقت إضرابات واحتجاجات، لكنها بالنسبة لألحزاب اإلسالمية يف اجلزائر ميكنها تكون صاحبة الدور األساسي لكـن حـىت حيدث ذلك، على هذه األحزاب أن تقوم بإعادة كسب الناخبني عن طريق انتهاج سياسـات

وضـع خاليـا تقترب ا من القاعدة الشعبية بواسطة التواجد املستمر يف الساحة السياسية وب تقارب يف األحياء اليت ال متلك فيها نفوذ سياسي، وهدا اآلمر األخري ال خيص فقط األحـزاب اإلسالمية، وإمنا يتعلق باألحزاب األخرى، فاتمع اجلزائري جيد نفسه غريب عن األحـزاب

النـاخبني السياسية، بالنظر ايل اهلوة اليت خيلقها املستوي التعليمي املنحط لذي عدد كبري مـن احملتملني، وبني الطبقة السياسية اليت تعتمد على خطاب سياسي، يكون يف الواقع غريب وبعيد عن طموحات وتطلعات هذا اتمع، يك عن الغياب الشبه تام ملختلف التشكيالت السياسية

وهلـذا خارج املناسبات االنتخابية ، فاألحزاب مطالبة بلعب دور احللقة بني السلطة واتمـع مـع هـذه ل التعام الغرض ينبغي أن تكون على اتصال دائم مع القاعدة ،ويف حالة فشلها يف

ثيـق، مركز الدراسات اإلسـتراتيجية و التو . ، بريوت99، جملة الشؤون األوسط عدد " و النظام االنتخايب يف تركياةالدميقراطي "حممد نور الدين، - 1

2000سبتمرب

Page 173: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

172

القاعدة الشعبية خبلق اطر تكفل هلا االستمرار والبقاء مستقبال،فإا تفتح الباب لظهـور قـوي . سياسية بديلة تأخذ منها دورها،وهذا ما أكدته التجربة االنتخابية األخرية

تنامي قـوى 2004 افريل 08وضحت االنتخابات الرئاسية السابقة اليت أجريت يف فقد أ اتمع املدين ودخوهلا يف لعبة االنتخابات مع األحزاب السياسية، فقد تبني من احلملة االنتخابية

صورة تمن جهة عدم بروز قوى سياسية بديلة عن الرئيس املرشح، كما أعطت هذه االنتخابا ي بني خمتلف املشاركني يف هذه االنتخابات، ومتيزت احلملة االنتخابية عموم، عن صراع إعالم

بوجود امرأة بني املرشحني لرئاسة اجلمهورية، ورمبا هذا الترشح يشكل سابقة يف العامل العريب، لكن يبدو أن فوزها يف هذه االنتخابات كان ضئيل وكان مكتوب عليه بالفشل منذ البدايـة،

قليات الراسخة يف اتمع اجلزائري، والنابعة من الدين اإلسالمي، وحـىت و إن وهذا نتيجة للع كانت شخصية لويزة حنون متثل لدى الكثريين شخصية قوية بإمكاا إحداث نقلة نوعية مـن خالل تفكريها، وتوجهاهتا فإا يف الوقت ذاته تصطدم، مع قيم ومبادئ الناخـب اجلزائـري

.ين اإلسالميعموما اليت تنبع من الد على صعيد آخر شهدت هذه االنتخابات جتنيدا ملختلف فئات اتمع املدين ويأيت علـى راس هذه الفئات اجلمعيات النسوية، اليت أبدت رغبتها يف أن تكون فاعال يف توجيه االقتـراع

. )1(مقابل إصالحات واسعة متس قانون األسرةم يف إجراء تعديالت واسعة، بينما حتفظ البعض اآلخر على و لقد أبدى املرشحني رغبته

هذه التعديالت، كما عرب عبد العزيز بوتفليقة عن رغبته يف إجراء تعديالت تتماشى مع التعاليم .اإلسالمية، و يفهم من هذا املوقف انه جيمع بني خمتلف القوى السياسية اليت كانت حتمله

خول احلركة النقابية يف اللعبة السياسية عن طريق االحتاد كما شكلت هذه االنتخابات فرصة لد ، وبعد تردد ناتج عن اختالف يف التوجه بينه وبني الرئيس عبد العزيز )2(العام للعمال اجلزائريني

بوتفليقة املعروف بسياسته الليربالية، انتهى االحتاد إىل مساندة عبد العزيز بوتفليقة لعهدة ثانية، ه يف احلقيقة أن هذا التردد غري مؤسس، الن اجلميع كان يعلم أن االحتاد العـام وامللفت لالنتبا

ماليني عامل 04وتعين هذه املساندة باألرقام للعمال اجلزائريني سيقدم مساندته للرئيس اخلارجإىل الرئاسيات، باإلضافة إىل هذه " بوتفليقة"أو صوت انضموا إىل احلركة اليت ترافق أو حتمل

1 -El moudjahid Quotidien national,N°11961 ;parus le 7/02/2004.p4

2004 مارس 5 فيفري إىل 28 الصادرة من 261، العدد جريدة اخلرب األسبوعي - 2

Page 174: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

173

ات اليت انضمت إىل مساندة بوتفليقة ميكن اإلشارة إىل خمتلف املنـضمات واجلمعيـات احلرك ، و احلركات الطالبية والشباب بل وحىت الفنانني*)محس واألرندي(وحىت األحزاب السياسية

والرياضيني، ويتضح من خالل هذا أن عبد العزيز بوتفليقة كان بالنسبة للجميع رجل إمجـاع 32 حـزب، 14 وطنية لدعم الرئيس بوتفليقة يظـم ةمجاع بداية لظهور جبه و يشكل هذا اإل

مجعية، ومن مت يكون قـد 600، و لقد مجع هذا التجمع منذ نشأته )1( مجعية 1500منظمة،وبرهن على قدرة جتميع خمتلف احلساسيات حول برنامج رئيس اجلمهورية الذي كـان حمـوره

.املصاحلة الوطنية اتمع املدين عربت بشكل قوي عن رغبتها يف أن تكون البديل عن القوى وذا فان حركة

السياسية املنافسة على السلطة، واملمثلة يف األحزاب السياسية اليت مل تنجح يف هذه املناسبة من أن تكسب رهان االنتخابات، اليت قيل عنها أا كانت نزيهة إىل ابعد احلدود، وميكن اإلشارة

وى السياسية اليت استندت عليها احلملة االنتخابية هلذه الرئاسيات وهي الزاويـة، إىل إحدى الق ـ 30حيث محلت هذه األخرية الرئيس حنو الفوز ذه االنتخابات، وتقدر الزاوية يف اجلزائر بـ

ألف زاوية، وتقدر الدراسات أن األصوات اليت ميكن احلصول عليها من خالل الدعم الـذي )2( ونصف مليون صوتنزاواية يقدر مبليوميكن أن تقدمه ال

حنو جتنيد اتمع املدين قاد يف النهاية إىل الفوز الساحق ه كل هذه املعطيات تفسر أن االجتا ـ وعرفت اكرب نسب %83،49الذي أحرزه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يف هذه االنتخابات ب

املقاطعة يف هذه املناطق بظهور قوى سياسية املقاطعة يف العاصمة و تيزي وزو و جباية، وتفسر كنتيجة ألحداث 2001جديدة تنافس األحزاب التقليدية وهي حركة العروش اليت ظهرت سنة

الربيع األسود يف بالد القبائل وتوحي تسمية العروش أن هذه احلركة تعرب عن تنظيم قبلي،لكن منافس الجتاهني سياسيني مـن نفـس واقع احلال واأليام أثبتت أن هذه احلركة تنظيم سياسي

املنطقة، مها جبهة القوى االشتراكية والتجمع من اجل الثقافة والدميقراطية ، كما أكدت هـذه احلركة سعيها على مقاطعة االنتخابات بطريقة سلمية ومدنية مادام أن الـسلطة مل تـستجب

ه املنطقة استجابة لطلـب بكاملها، ولقد شهدت هذه االنتخابات يف هذ " أرضية لقصر "حملتوى

يقصد حركة جمتمع السلم" محس"يقصد التجمع الوطين الدميقراطي وبـ " بـاالرندي"- *

1 -.El moudjahid Quotidien national ,N°11967 ,parus le vendredi17 ,samedi18- 2004.p4à5. 13-12 ص 2004 فيفري 13 إلى 07 الصادرة من 258الخبر األسبوعي، العدد - 2

Page 175: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

174

املقاطعة الذي نادت به احلركة، اليت أصبحت املتحدث الرمسي عن طموحات اتمع األمازيغي يف هذه املنطقة، وهتدف احلركة الن تصبح ذات صدى أوسـع بـإدراج منـاطق أخـرى يف

.مشروعها، وذا ميكن القول أا قطعت الطريق أمام األحزاب السياسية املعروفة لى ضوء ما تقدم ميكن القول أن األحزاب السياسية يف اجلزائر باتت تعيش أزمـات ع

جديدة ، أمهها أزمة التمثيل السياسي، حيث ميكن اإلشارة أن التعدد الكبري الذي شهدته احلياة احلزبية، افرغ الظاهرة احلزبية من حمتواها، وقاد إىل غياب الثقة يف السياسة واألحزاب عموما ،

ذلك باملقاطعة املتنامية واليت تنتج عن التفتح الثقايف الذي شهدته احلياة اتمعيـة عـرب ويفسرالتعدد اإلعالمي الداخلي و اخلارجي الذي سلط الضوء على احلياة السياسية يف اجلزائر، وـذا يكون قد خلق نوع من الوعي السياسي أو إدراك بعض األمور املتعلقة بالسلطة مبا فيهـا مـن

.رك حقيقة اللعبة السياسيةحي من جهة أخرى هناك أسباب رئيسية تؤدي إىل عزوف الشباب عن األحزاب السياسية ،ومنها صمود النخب احلاكمة، والنخب القدمية، يف حني تغيب خنب جديدة جتسد الـشرائح

ـ االجتماعية اجلديدة، وحىت النخب اجلديدة اليت وصلت إىل السلطة ا متيـزت بتغـيري وجهاهتوأفكارها،لتصبح مثل النخب القدمية وهذا ما خيلق تدرجييا شعور بعدم الثقة يف السياسي نفسه

. مهما كانت جذوره وعليه وعلى ضوء ما جيري يف احلياة السياسية ومتاشيا مع األوضاع الراهنة ميكن أن نقدم

طور متاشيا مع البناء الـسياسي بإمكانه أن يتيقراءة حول مستقبل النمط احلزيب يف اجلزائر الذ واتمعي

السيناريو األول وبالنظر ايل األوضاع الراهنة واحلياة احلزبية ،وما ألت إليـه بعـد األزمـة علي الدميقراطية الناشئة، نستطيع أن نقول بان احليـاة االسياسية اليت عاشتها اجلزائر وانعكاساهت اليا ستتجه ايل قطبية حزبية علي النمط الفرنسي يف عهد احلزبية، وبالنظر ايل طبيعة املعارضة ح

أي جمموعة من األحزاب متحدة لتشكيل ائتالف، وحمققـة لتعـايش " فرنسوا ميتريون "حكم سياسي ، لكن خصوصية هذا النمط يف اجلزائر انه يشبه ايل حد بعيد منط احلزب املـسيطر أي

جة يف نظام شبه أحـادي مـع وجـود معارضة مدر ىمعارضة مفرغة من حمتواها أو باألحر دميقراطية واجهة، وبالتايل العودة ايل منط قدمي أو عهد قدمي هو عهد جبهة التحرير اليت كانـت حتوي خمتلف االجتاهات السياسية،ويتماشي هذا مع طبيعة اتمع، الذي ال ميلك ثقافة سياسية

Page 176: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

175

ي السياسي املـنحط لـذي النخبـة راسخة وتعددية تسمح له باملطالبة بالتغيري اجلدري،فالوع السياسية أو الطبقة السياسية يتماشي، وطبيعة اتمع الذي يعاين من أفات عديدة أمهها األميـة اليت تقف عائق أمام،بلورة ثقافة سياسية دميقراطية،ومن مت فالظاهرة احلزبية يف اجلزائر مرهونـة

.بتأهيل سياسي فعلي لصاحل النظام العام واتمع السيناريو الثاين يتماشي مع املصاحلة الوطنية وإمكانية إدراجـها لفئات سياسية أقصيت

من احلقل السياسي، بعد توقيف املسار االنتخابـي، ونقصد بذلك عودة الـحزب املنحل إيل احلياة السياسية حتت تسمية خمتلفة، أو حتت نفس التسـمية علي اعـتبار أن ميـثاق السلـم

صـاحلة قد يعرب يف احلقيقة ،عن عقد مدين يضع الشـروط أو اخلطوط العريضة اليت تسري واملعليها احلياة السياسية،وبالتايل فإمكانية إدراج هذا احلزب يف احلياة السياسية قد تعطيه الفرصة

املـسار للعب دور يف احلياة السياسية بالنظر ايل القاعدة الشعبية اليت كان ميلكـها قبل توقيف االنتخايب، واحلقيقة أن عودة هذا احلزب ايل احلياة السياسية لن يكون هلا أي اثر ألن العشـرية األخرية ،اليت يتحـمل جزء منها هذا احلزب لعـبت دور كبري يف نفور القاعدة الشعبـية من

.األحزاب اإلسالمية عموماتوري املعلن ، وطبيـعة النظـام الذي السيناريو الثـالث يعود بنا ايل اإلصـالح الدس

للربملان دورا رئيسيا وخيول لألحزاب دورا كبـريا أي يسيخلقه،إما نظام سياسي برملاين، يعطتلك املـالكة لألغلبية الربملانيـة واملمـثلة للحكومة، وتلك اليت تشكل املعارضة واليت تنتظر

الغالـب والبارز يف هذا هعيف ألن اإلجتاإخفاق احلكومة لتكون بديلة عنها، وهذا احتمال ضاإلصالح الدستوري، هو التوجه حنو تبين نظام رئاسي، يعطي لرئيس اجلمهورية ،دورا مهما يف البناء السياسـي للـدولة ، وميـكنه من السـيطرة على احلـياة السياسـية، وهذا ما يطرح

لطة التنفيذية اليت خيول هلا الدستور تسـاؤالت حول طبيعة املعارضة، يف نظام هتيمن عليه السصالحيات واسعة، لكن هذا التحول يقتضـي، تنازل كل األحزاب عن دورهـا يف احلـياة

سنوات على األقل من احلياة السياسية، وهذا ما قد يقود ايل 10السياسية، وتناسـي جتربة لقوى السياسية ايل العنف أزمة سياسية جديدة، تضيق من خالهلا احلريات العامة،وتدفع ببعض ا

.السياسي، متاشيا مع ثقافة راسخة يف اتمع اجلزائري

Page 177: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

176

خالصة الفصل الثالث قيـود ا حياة سياسية حتكمه يف اجلزائر معامل ة متخض عن التجارب السياسية واتمعي

أحدات أكتـوبر تطور منط السلطة واتمع علي حد السواء،وانتظر اجلزائريون ققانونية، تعي ،ليعرفوا نقلة نوعية علي املستوي السياسي،لكن الالفت لالنتبـاه عنـد التـدقيق يف 1988

1989 اليت افرزها إصـالح ةاملمارسة السياسية، من خالل التجربة احلزبية،أن واقع الدميقراطي حل آلية التـداول مل يكن ينضر إليها بأا الرغبة الفعلية، ملن ميلكون السلطة للتنازل عليها، لصا

علي السلطة، ووفقا ملنظور الدميقراطية التعددية،وأثبتت األحداث اليت رافقت التطور السياسي ،أن اإلدارة باألزمات هي الوسيلة اجلديـدة للهيمنـة علـي احليـاة 1989يف اجلزائر منذ

قييـد السياسية،فبعد توقيف املسار االنتخايب شكلت السلطة رهان جديد، يتم من خاللـه ت .احلريات العامة والفردية

كما أكدت خمتلف األحداث هيمنة النظرة األحادية علـي العقليـات الـسياسية،وبات التحول حنو التعددية السياسية والتداول علي السلطة، مرهون مبدى قدرة النخب السياسية علي

كبرية نابعة من تكوينـها جتاوز األفكار القدمية،يف وقت تعاين فيه التعددية احلزبية من نقائص أساسا،كما تعاين من مؤثرات خارجية أمهها العادات االجتماعيـة واخلـصوصيات الثقافيـة اجلزائرية،فالتعددية اليوم، تعكس ما يعرفه اتمع من تباين إيـديولوجي وسياسـي وحـىت

ـ ا،الن جهوي،وكل هذا خيلق أزمات ال ختدم احلياة السياسية واحلزبية،والدميقراطيـة عمومالدميقراطية التمثيلية ال متر فقط عرب االنتخابات واحترام القوانني، بقدر ما تكـون يف بلـورة اتفاق مدين بني خمتلف احلساسيات املوجودة يف اتمع، األمر الذي حيدث استقرار سياسـي

ردية واجتماعي،ولكي نصل هلذا اهلدف، البد من ترسيخ ثقافة التنازالت لتجاوز اخلالفات الف . لصاحل النظام العام

Page 178: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

177

خــاتمةال

Page 179: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

178

:اخلامتة إن دراسة األحزاب السياسية عموما، توحي بأن هذه األخرية وسـيلة، لتفعيـل احليـاة

، وجعلها أكثر حركية، وامللفت لالنتباه يف هذه الظاهرة، أا شهدت تصاعد تدرجيي ةالسياسي، ومعربة عن ةطات امللكي البياسية، فبعد أن كانت جمرد عصب وبطون تنشط يف ال س احلياة ال يف

. تارخييا عالقة ومعربة عن الدميقراطية التمثيليةأصبحتمصاحل جمموعات معينة،

فالتطور الذي عرفته الدميقراطية متاشيا مع منو وتطور اتمعات الغربية، قاد تـدرجييا إىل ة أفكار، كان أمهها فكرة الربملان السيد، هذا األخري كان يف الواقع، يعرب عن خمتلـف تبلور عد

اليت عرفتها أوربا مع بداية القرن السابع عشر، حتت دفـع قتصاديةالتفاعالت اإلجتماعية واإل ن هذه التفاعالت، سـامهت أ واضحا اواالقتصادية املرافقة لعصر النهضة، وبد احلركة الفكرية

كبري يف ترقية فكرة الدميقراطية التمثيلية، كمفهوم جيسد السيادة الشعبية ،من خالل فكرة بقدر .الربملان السيد

وتشكل هذه املرحلة بداية ظهور فكرة احلزب السياسي، بالنظر إىل خمتلف التحـوالت

بحت األحزاب اليت ،حيث أص االقتراع طاليت عرفتها احلياة الغربية عموما، وبالنظر إىل توسيع من كانت تعرب عن االنقسام يف مرحلة من املراحل، معربة عن االختالف الفكري، وعـن الـرأي

.األخر، وعلى هذا األساس تكون األحزاب مغربة عن التباين االجتماعي والسياسي

الالفت لالنتباه يف دراسة األحزاب السياسية، هو أا تنظيمات جمسدة حليـاة سياسـية و األحزابدية أو طبيعية، وعاكسة ملا هو موجود من اختالف يف اتمع وذا ميكن القول أن عا

شكل من أشكال التطور السياسي الذي يعرفه اتمع كما أا أداة فعالة لقياس مدى تطـور رب الغرب منشأ هذه الظاهرة اليت غزت العامل واألنظمـة، لكـن يف تاتمع عموما، يف حني يع

نفسه ال ميكن اجلزم بأن هذه الظاهرة خاصية غربية ألن التاريخ يكشف لنـا وجـود الوقتأشكال مشاة لألحزاب، يف اتمعات الغري غربية، لكن ما حدث يف الغرب مع بداية عـصر

Page 180: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

179

عموما ولألحزاب خاصة، أن تأخذ مكاا متاشيا مع تطـور مفـاهيم للدميقراطيةالنهضة مسح ملان السيد واملشاركة السياسية، كما ساهم االستقرار النسيب يف الغرب على الدولة الوطن، والرب

إحداث نقلة نوعية على املستوى السياسي، تتماشى مع خمتلف التحوالت االقتصادية اليت كانت ـ تعرفها هذه اتمعات، وال يفوتنا هنا ذكر تأثري الفكر االقتصادي الل ربايل علـى مـسار ي

ابلـة للحركـة ق،وانعكاساته اليت سامهت يف ترسيخ احلركة السياسية امل الدمقراطة يف الغرب .االقتصادية

يف حني شهدت البلدان الغري غربية عموما، تدبدب يف منوها، فا يف وقت كانـت فيـه طيعـة يف ق مجيع املستويات، عرفت اتمعات املتخلفة عموما يفاتمعات الغربية تعيش ضة

ورها، فمن جهة عربت الرتاعات الداخلية عن انقسامات واسـعة قـادت إىل مسار منوها وتط هـي هذه اتمعات، ومن جهة ثانية تعرضت هذه البلـدان إىل ظـاهرة جديـدة إضعاف

واضح أن الظاهرة االستعمارية ،كانـت الاالستعمار، الذي جاء حتت دفع احلركة التجارية ،و منط مشابه هلـا وأات حنو جتسيد الدميقراطية التمثيلية، ذات أثر بارز يف عدم انتقال هذه اتمع

طلق من خصوصياهتا االجتماعية والسياسية، مث بروز أحزاب سياسية أو تنظيمات هلا نفـس ني .الدور يف احلياة السياسية

بدايـة رغم هذا ميكن القول أن التجربة االستعمارية شكلت ، بالنسبة ملعظم هذه البلدان

من خالله إعادة خلق وعي وطين، وتبين قـيم ومفـاهيم غربيـة كاملواطنـة مت لعهد جديد، نسان، كما ساهم هذا الوعي نفسه يف تبلور أحزاب وطنية، اسـتجابة إلوالدميقراطية وحقوق ا

.اإلمربيايل بة لغرضناهمللوضع حملـي، أو حتت دفع احلركات السياسية اليسارية العاملية ا

، إىل النضج الذي وصلت إليه النخـب ة األحزاب الوطني احلديث عن د وجتدر اإلشارة عن ، حيث ساهم هذا النـضج يف بـروز أفكـار يف مرحلة من املراحل احمللية والقيادات السياسية

عتمـدة ن إختالفها حـول املنهجيـة امل م هدف مشترك، يف حني يك تسياسية متباينة لكن ذا الوطنية ،كان يف األحزابستقالل من طرف هذه للتخلص من االستعمار، ويبدو أن حتقيق اال

أخرى يف املسار التطوري هلذه اتمعات يعةقطالنهاية بداية لعهد جديد يعرب يف احلقيقة، عن ن جتسيد نظـام احلـزب الواحـد ع السياسة ملختلف البلدان واألنظمة حيث عربت اخليارات

Page 181: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

180

معرب عن انتكاسة أو تراجـع، يف املمارسـة يارالطالئعي القائد للتنمية، وذا يكون هذا اخل عن املبادئ والقيم املكتسبة من خالل املمارسة السياسية اليت رافقـت بالتخليالسياسية، وهذا

.التواجد االستعماري يف هذه البلدان

واجلزائر كغريها من البلدان املتخلفة عرفت نفس التطور السياسي عموما حيث عربت ة النخبة السياسية اجلزائرية ومن ورائها احلركة الوطنيـة عمومـا، ادالستعمارية عن إر الفترة ا

واحلركة االستقاللية خصوصا ،عن رغبتها يف التخلص من القيود اليت وضعها االستعمار، وهذا سياسية وطنية تدافع عن حقوق اجلزائريني، وهتدف إىل حتقيق االستقالل بطرق أحزاب بإنشاء

سياسية يف اجلزائـر احملتلـة، وشـكل هـدف لن عهد التعددية اععرب هذه املرحلة خمتلفة، وت نه مل يرجع إىل تلك التعددية اليت عرفها اجلزائريون خالل ألاالستقالل احملقق يف اجلزائر قطيعه ،

.العهد االستعمارير التعدديـة ذهب أغلب املالحظات عند دراسة األحزاب السياسية يف اجلزائر إىل اعتبا ت و

السياسة املمارسة خالل الفترة االستعمارية، إحدى مكونات النظام االستعماري أو أا معـربة عن التطور السياسي للنظام االستعماري، يف حني أن التجربة التعددية لتلك الفترة قدمت الكثري

مكانة سياسـية، للدولة اجلزائرية، بداية من تطور خنبة سياسية جزائرية متمرسة سياسيا، وذات .وتأهيل سياسي، جعلها تقف أمام احملاوالت االستعمارية اهلادفة إىل تقسيم اجلزائر

الدولـة اجلزائريـة مـيالد من جهة ثانية ميكن القول أن الثورة اجلزائرية اليت تعترب شهادة

االنتخابيـة دفع حركة حزبية، استفادت من خمتلف التجارب السياسية و ت حت ءتاجاحلديثة، اليت عربت عنها التعددية احلزبية، وانتهت إىل ضرورة محل السالح لتحقيق االستقالل بتوحيد

.العمل السياسي والعمل العسكري

ـ حيك عشية حصول اجلزائر على استقالهلا يعرب يف الواقـع أ ام وعليه ميكن القول أن ن عة السلطة باسـم احلـزب ن وهو مرحلة شخص عهد جديد للمسار التطوري للدولة اجلزائرية،

ي من اجل االستقالل ، وشكلت خمتلف الدساتري واملواثيق سالواحد، الرمز املمثل للنضال السيا املرافقة للعهد األحادي، حماوالت لدمج احلزب يف الدولة لكن الواقع ،واملمارسـة الـسياسية

Page 182: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

181

ة عدم االمتثال للقوانني، حبيث مت فقاثة هي ة املهيمنة يف اجلزائر، ولفترة طويل فقاثيؤكدان، أن ال جتاوز احلزب عدة مرات من طرف السلطة احلاكمة، وأصبح احلزب جمـرد أداة يف يـد مـن

قضات عميقة فمـن جهـة، اثبات مشروعيتهم ،كما يعرب العهد األحادي عن تن إلحيكمون، فـرد أوجمموعـة سلطة يف يد اليا لودستوريا، احلزب له صالحيات واسعة ودور قيادي وفع

.واحد ولقد عرب هذا الوضع السياسي عن تفاعالت وحركية سياسية داخل وخارج النظام بـربوز

ن النظام السياسي القائم ألن الـصراع أو عمعارضة، مل تسعى يف الواقع إىل تقدمي بديل فعلي ما سـيؤكده بني برامج وأفكار، وهذا ليستاملنافسة السياسية يف اجلزائر هي بني أشخاص و

كـد العهد التعددي، لكن يف الوقت نفسه عربت هذه املعارضة عن تباين سياسي واجتماعي ،أ .، التعددية االجتماعية تقتضي تعددية سياسيةةمقول

احليـاة وتنمية تغذية يف ولقد سامهت الظروف الدولية اليت أحاطت باالقتصاد اجلزائري 1988لة متس اجلانب السياسي، وعربت أحداث أكتوبر شام إصالحاتسياسية للدخول يف لا

عن إقرار السلطة للتعددية السياسية، اليت طالبت ا املعارضة الداخلية واخلارجية، لكن ما أثري ، هل هي 1988 يقودنا حنن أيضا إىل التساؤل، حول دميقراطية أكتوبر اإلصالحاتحول هذه

ـ فعلي نابع مـن إقرار أم هي !سيناريو للهيمنة على السلطة بطرق جديدة؟ ول اتمـع وص ؟اجلزائري إىل درجة من الوعي، والنضج السياسي جعله يسعى إىل ترسيخ الدميقراطية التعددية

واحلقيقة أن دميقراطية أكتوبر كانت معربة عن واقع سياسي واقتصادي دويل فمن جهـة

كييف النظام السياسي اجلزائـري مـع عربت التحوالت السياسية واالقتصادية، على ضرورة ت فع عجلة التنمية االقتصادية املعطلة، ومن دالسياسة االقتصادية احلرة، للحصول على دعم مايل ل

مويل التسلطي الذي عرب عنه العهـد شجهة ثانية كانت هتدف إىل وضع حد لصورة النظام ال .األحادي بالنسبة للمجتمعات الغربية

، مل هتيكلها قوة سياسية معينة معـربة 1988 أكتوبر أحداث اليت عربت عنها فاالنتفاضة

ن واقع إجتماعي واقتصادي مزري، ومل تأيت عه عفوية ومعربة شبعن املعارضة، بل أا جاءت ذي لعبته طيلة عقدين من الزمن لمبطالب سياسية، بل جاءت كمطالبة بأن تلعب الدولة دورها ا

Page 183: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

182

يل عن طريق مواد ضـرورية للحيـاة االجتماعيـة،أو ووزيع الريع البتر يف ت واملتمثلأو أكثر .باألحرى العودة ايل الدولة الرفاهية

احلقيقة اليت تفرض نفـسها هـي نإن دميقراطية أكتوبر، ف عقيل مهما يكن ورغم كل ما إـا يف ،حىت وان مل تكن تعرب فعال عن ختلي السلطة على احلقل السياسي لصاحل املعارضة، ف

ت ظروف مناسبة لربوز خنب سياسية جديـدة تطالـب بتلـك الـسلطة، قذات الوقت ،خل اإلسـالمية وجسدت هذه املرحلة بروز قوتني سياسيتني خمتلفتني عموما، من جهـة احلركـة

، تتبىن قيم إيديولوجية، وحركة سياسية اإلسالمية اهلادفة إىل جتسيد فكرة الدولة وأيديولوجيتها، واحلريات والتعددية، هذه القوى اجلديدة دخلت احليـاة الـسياسية اإلنسانق ومبادئ حقو

ات اعرصات سياسية حول السلطة عرب االنتخابات، كما عرفت هذه ال اعرصالتعددية وعرفت بأن الثقافة السياسية الدميقراطية يف اجلزائر، ال تزال بعيدة عـن نظريهتـا حيجتاوزات كان تو

مسبقة، وتصلب يف الفكر أفكارنازالت، ليس هلا وجود يف اجلزائر ، بإسم ن ثقافة الت أالغربية و .واملمارسة

، أن عدم جتاوز اخلالفات السياسية وعدم 1992 ويبدو من خالل ما حدث يف جانفي

يف مسار قطيعة ، وحلول سياسية، قاد يف النهاية إىل إحداثحضريفتح الباب لسلوك بغرض حتقيق 1988 السياسي يف اجلزائر بعد اإلصالحاليت وضعها الدمقرطة، فبعد اآلليات

للسلطة من طرف ألخر أو من جمموعة آلخري، فشلت يف حتقيق ذلك فعليا، السلمي االنتقال وعدم احترامها قاد يف النهاية، إىل انزالق حنو العنف السياسي أعاد النظر يف حقيقة الدميقراطية

مرة أخرى التجربة السياسية وأثبتت وى السياسية يف اجلزائر، اجلزائرية، من طرف خمتلف القاجلزائرية، أن ثقافة العنف هي احلل الوحيد حلل األزمات يف اجلزائر، وهذا األمر ال يتعلق ذه

زائر، جلاملرحلة فقط، وإمنا عربت خمتلف التجارب السياسية اليت مرت ا احلياة السياسية يف ام ا مث انقالب ع1962ائفة صاالستقاللية، مرورا بأزمة كة الوطنيةبداية من تاريخ احلر

نأ، 1992 مث توقف املسار االنتخايب يف جانفي 1988 وصوال إىل أحداث اكتوبر 1965ة يف فقاثاالنتقال من مرحلة ألخرى يتم دائما بالعنف، وهذا ما يقودنا إىل القول بأن العنف

.رون باألزماتقاجلزائر من التطور السياسي يف وأاجلزائر،

Page 184: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

183

، سـعت بكـل 1989 السياسية بداية من عام ة إن األحزاب السياسية اليت دخلت احليا ـ ذاتالطرق لفرض نفسها، يف جو سياسي، كان يوحي بأن العملية السياسية يف اجلزائر د ا أبع

عـادي هلـذه متعددة وذات رهانات عديدة، وتدخل فيها قوى سياسية خمتلفة تؤثر يف السري ال العملية، رغم هذا عربت أغلب األحزاب السياسية عن رغبتها يف جتسيد الدميقراطية الفعلية، من

احلياة السياسية، ورغم التساؤالت اليت تطرح حول هذه العمليـة، يف يفخالل املنافسة الرتيهة لوصول إليها، مدى رغبة السلطة لفتح الباب أمام كل القوى السياسية للتنافس على السلطة، وا

أم أا تسعى دائما إىل هيكلة احلياة السياسية بآليات قانونية، ومقاييس تسمح للبعض الدخول ن مل تكن هـذه إ، وحىت و فكر معني وأديولوجية ، إيسم إ البعض ب صىفيها والنشاط فيها وتق

اسية، وهـو ة جزائرية، ألن مجيع األنظمة تسعى إليها، قصد حتديد احلياة السي يرسة خاص ااملم هو مشروع وهل هـو معـرب عـن التبـاين لعمل شرعي مطابق للقانون، لكن يف الواقع ه

.؟ جتماعي والسياسياإل

إن احلياة السياسية يف اجلزائر تستند إىل أحزاب سياسية، ال متلك درجة عالية من الـوعي اجلزائـري عمومـا، السياسي، متكنها من فرض نفسها سياسيا، وهذا متاشيا مع وعي اتمع

هذه ل إىل عالقات القرابة، وك باإلضافةواجلهوية والثقافات السائدة فيه، كالقبلية، والعروشية معوقات تقف أمام تطور األحزاب السياسية يف اجلزائر وفعاليتها يف احلياة السياسية وقدرهتا على

.ة برامج سياسية علمية ،وموضوعية غصيا

ضة فعلية يف احلياة السياسية اجلزائرية ألن النخب ر ال ميكن احلديث عن معا إضافة إىل هذا من طرف السلطة مقابل إمتيازات ياليت تشكل املعارضة يف اجلزائر تتعرض لإلحتواء التدرجي

مادية أو إمتيازات سياسية ،وعلى هذا األساس تصبح وظيفة املعارضة اليت يرتكز عليها احلزب هتجتر وظيفة املعارضة، هتدر الدميقراطية التمثيلية، والتعددية احلزبية اليت ما هتدعندمهددة، و

ال خيدم ا إىل التعددية داخل احلقل السياسي وأحادية االجتاه، داخل الربملان، وهذا مايتدرجيروز بتطور الدميقراطية يف اجلزائر، وال خيدم املواطن عموما،وتساهم هذه الظاهرة اجلديدة يف

تأخذ على ...سية بديلة نابعة من اتمع املدين ممثلة يف تنظيمات قبلية، دينية، وفئوية،ايقوى س .عاتقها مطالب الفئات االجتماعية املختلفة

Page 185: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

184

ن حقيقة الدميقراطيـة يف عسياسية يف اجلزائر، تقدم لنا صورة دقيقة ل إن دراسة األحزاب ا

نفسها عن بداية الطريق بالنـسبة للدميقراطيـة اجلزائر، حيث تعرب املمارسة احلزبية واألحزاب عن وضع انتقايل، وال ميكن تمع أن ينتقل إىل الدميقراطية بصفة مباشرة، دون ربفاألحزاب تع

املرور بتجارب تقدم له ركائز يستند عليها ملواجهة املستقبل، واألحزاب يف هذا الواقع ال تزال منذ زمن بعيد، وستتحدد مستقبال دتقل السياسي حتد يف مرحلة تكوينية، يف حني أن معامل احل

:يف ثالثة أقطاب هو احلزب الواحد القدمي املمثل يف جبهة التحرير الوطين: القطب األول - .هو جتمع لعدة تيارات دميقراطية: القطب الثاين - اهتمهجتإ مبختلف اإلسالميونيتمثل يف : القطب الثالث -

قـد ةحركي كن القول أن احلياة احلزبية يف اجلزائر شهدت وستشهد وعلى هذا األساس مي سياسية واحدة على احلياة السياسية، وهذا ما قد خيلق أزمة سياسية ةتؤدي تدرجييا إىل هيمنة قو سياسي ستطرح نفسها من جديد يف ظل ظروف سياسية واقتصادية لأخرى، ألن أزمة التمثيل ا

الوطنية هذا االستقرار الذي تبحث عنه السلطة من جهة واتمع غري ثابتة، وقد جتسد املصاحلة من جهة ثانية لكن هل ميكن القول أو اجلزم بنجاحها عندما تقصى أطراف أساسية يف األزمـة

ىاجلزائرية،وهل ميكن اعتبار هذا املسعى عقد اجتماعي،يسمح بترسيخ الدميقراطية أو بـاألحر ترسيخ ثقافة سياسية دميقراطية ؟

من هذا الوضع ينبغي املرور عرب تنشئة سياسية مهيكلة ألفكار الدميقراطية، التداول ج وللخرو القوانني، بغرض بناء جمتمع واعي حبقيقة الدميقراطية اليت معلى السلطة، حقوق اإلنسان، واحترا

.تأخذ زمن طويل لتأخذ مكاا يف احلياة اتمعية

Page 186: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

185

المــالحـق

Page 187: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

186

امللحق األول املتعلق بنتائج اإلنتخابات

1990 اإلنتخابات احمللية جوان-1

12841765: املسجلون %65.15 8366760: املصوتون %34.85 4475.009: املمتنعون

%2.97 381972: األوراق امللغاة %62.18 أي نسبة 7984788: األصوات املعرب عنها

عدد ونسب املقاعد املتحصل عليها يف االس

الوالئية

عدد ونسب املقاعد املتحصل عليها يف االس

البلدية

عدد ونسب األصوات املعرب ا

األحزاب

جملس والئي3255.04%

بلدية586

أي54.66%

433.472 54,25 %

اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ

حمجلس والئي1435.61%

بلدية4866.90 %

2245789 28.13 %

جبهة التحرير الوطين

جملس والئي واحد5.29 %

بلدية1066.90

93.278 11.66 %

املستقلني

جملس والئي واحد2.94 %

بلدية875.70 %

166104 2.08 %

التجمع من أجل اطيةالثقافة والدميقر

بلدية56 %5.14 %

310136 3.18 %

أحزاب أخرى

Jaque fontaine "les élections législative Algériennes 26 Décembre 1991" Maghreb Machrek n° 135 jan- mars,1992.

Page 188: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

187

1991 ديسمرب 20الدور األول من نتائج اإلنتخابات الشرعية -2

13258554: املسجلون % 59.00 7822625: املصوتون % 41.00 5435929: املمتنعون

%06.97 924092: األوراق امللغاة

%52.02 6897719: األصوات املعرب فيها

نفس الرجع السابق الذكر

احلزب األصوات %النسبة املقاعد اجلبهة اإلسالمية لإلنقاذ 3260222 42.59 188 جبهة القوى اإلشتراكية 510661 3.85 25 جبهة التحرير الوطين 1612947 12.17 16 األحرار 309264 2.33 3

التجمع من أجل الثقافة 200264 1.51 والدميقراطية

أحزاب أخرى 1004358 7.58 حركة التجمع اإلسالمي 368697 2.78

Page 189: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

188

تابع للملحق األول

1997 جوان 5 نتائج تشريعيات -3

احلزب األصوات النسبة املقاعد155

33.69 3533762

التجمع الوطين الدميقراطي

حركة جمتمع السلم 1553185 14.81 69 جبهة التحرير الوطين 1489561 14.20 64 حركة النهضة 915066 08.72 34 جبهة القوى اإلشتراكية 527848 05.03 20التجمع من أجل الثقافة 442271 04.21 19

والدميقراطية حراراأل 459233 04.38 11 حزب العمال 197251 1.88 04 احلزب اجلمهوري التقدمي 65441 0.62 03اإلحتاد من أجل الدميقراطية 49308 0.47 01

واحلريات احلزب االجتماعي اللربايل 36521 0.35 01 حركة الوفاق الوطين 83939 0.80 00 حزب التجديد اجلزائري 197262 1.99 00

Rachid Benyoub, Annuaire politique de l’Algérie 2000,3eme édition approfondie, Alger : édition Anep, 2000 p122-123

16767309 عدد املسجلني

عدد الناخبني 10999139

نسبة املشاركة 65.6

502787 األصوات امللغاة

األصوات املعرب عنها % 95.4 أي نسبة 10496352

Page 190: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

189

تابع للملحق األول

1999 أفريل 15نتائج رئاسيات / 4

17488759: املسلون 10652623: املصوتون

559012: األوراق امللغاة 1009311: األصوات املعرب عنها

60.91: املشاركة نسبة

املترشحون عدد األصوات النسبة عبد العزيز بوتفليقة 7445045 73.37 امحد طالب اإلبراهيمي 1265594 12.53 سعد عبد اهللا جاب اله 400080 0.3.96 حسني أيت أمحد 321179 0.318 مولود محروش 314160 03.11 مقداد سيفي 226139 02.34 يبيوسف اخلط 121414 01.20

املالحظة اإلنتخابية تقريـر حـول اإلنتخابـات ( اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية، املرصد الوطين حلقوق اإلنسان *

.80 ص 1995 أفريل 15(الرئاسية

Page 191: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

190

تابع للملحق األول 2002نتائج تشريعيات / 5

عدد املسجلني 17981042 عدد الناخبني 8287342

ملشاركةنسبة ا % 46.09 األصوات امللغاة 876342

األصوات املعرب عنها % 89.43 أي نسبة 7410998

احلزب األصوات النسبة املقاعد جبهة التحرير الوطين 2632705 35.52 199 التجمع الوطين الدميقراطي 630241 8.50 48 حركة اإلصالح 746884 10.08 43 حركة جمتمع السلم 573801 7.74 38 األحرار 789492 10.65 29 حزب العمال 355405 4.80 21 اجلبهة الوطنية اجلزائرية 2334505 3.16 8 حركة النهضة 265495 3.58 1 حزب الوفاق الوطين 162308 2.19 1 احلزب اجلمهوري التقدمي 139919 1.89 1االحتاد من أجل الدميقراطية 58319 0.79 0

واحلريات0 0.55 41004

2002 جوان 5 إىل 3من .، الصادرة105ريدة السفري العدد ج

Page 192: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

191

تابع للملحق األول

2004 أفريل 08 رئاسيات -6

18094255: املسجلون 10508777: املنتخبون

% 58.07: نسبة املشاركة

329075: األصوات امللغاة

10179702: األصوات املعرب عنها

El moudjahid Quotidien national,n°12019,parus le 13/avril/2004.p3

%42.92: بة املشاركة يف العاصمة بلغت نس

% 17.80: يف تيزي وزو بلغت " "

% 15.71: يف جباية بلغت " " 2 ص2004 افريل16ايل 10 الصادر من 267جريدة اخلرب االسبوعي،العدد

وناملترشح األصوات %النسبة 84.99 % 8651723

عبد العزيز بوتفليقة

علي بن فليس 653951 % 6.42 عبد اهللا جاب اهللا 511526 % 5.02

سعيد سعدي 197111 %1.94 لويزة حنون 101630 % 1.00

حممد فوزي رباعني 63761 % 0.63

Page 193: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

192

امللحق الثاين

Page 194: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

193

تابع للملحق الثاين

Page 195: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

194

تابع للملحق الثاين

Page 196: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

195

للملحق الثاينتابع

Page 197: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

196

Page 198: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

197

Page 199: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

198

امللحق الثالث

Page 200: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

199

تابع امللحق الثالث

Page 201: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

200

تابع امللحق الثالث

Page 202: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

201

تابع امللحق الثالث

Page 203: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

202

تابع امللحق الثالث

Page 204: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

203

تابع امللحق الثالث

Page 205: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

204

المراجــعقائمـة

Page 206: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

205

قائمة املراجع

I-الكتب باللغة العربية . أ: مـصر .احلريات العامة يف األنظمة السياسية املعاصـرة ، )يوسف( اكش أمحد كش )1

.1987منشأة املعارف، شـركة اجلليـل : ، دمشق 2 ط .دراسات يف العلوم السياسية ،)حممد(إمساعيل حممد )2

.1984للطباعة، السياسة املقارنة يف وقتنا احلاضر نظرة ، جي بنجهام باويل اإلبن،) جابريال إيه( املوند )3

.1998, األهلية للنشر و التوزيع: لبنان، مسري عصار،ترمجة هشام عبد اهللا. يةعامل

النهضة التاريخ األوريب احلديث من عصر ، )عبد العزيز ( ، نوار )عبد احلميد ( البطريق )4 .1995دار الفكر العريب، : لبنان.أواخر القرن الثامن عشر إىل

دار : لبنان .1962من البداية إىل غاية التاريخ السياسي اجلزائري ، )عمار(بوحوش )5

.، وطرق إعداد احبوث) حممود( الدينيات حممد.1997الغر اإلسالمي،

ديـوان : اجلزائـر .مناهج البحث العلمي ،)حممد حممود (الذنيبات ) عمار(بوحوش )6 .1999املطبوعات اجلامعية،

.1993ر اهلدى، دا: ، اجلزائر 3 ط. اجلزائريالسياسيالنظام ، )السعيد( بوشعري )7

جديـدة للحركـة قـراءة السياسي ، صوت اجلنـوب اإلسالم، )فرنسوا (بورجا )8 .1994 دار العامل الثالث ، :املغربترمجة لورين زكري ، . إفريقيا يف مشال اإلسالمية

.1998 دار القصبة للنشر، :اجلزائر .االنتخابات الدولة واتمع، )عبد الناصر( جايب )9

Page 207: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

206

. مند عهد الرسول حىت عصر بين أميـة – احلزبية يف السالم تاالجتاها ،ةمجعة فاطم )10 1993دار الفكر العريب، :تبريو

اذوبة ترمجة .دور املواطن السياسي يف الدميقراطيات الغربية، )رسل جيه( دالتون )11 .1996، ، األردن، دار النشر)أمحد يعقوب(

: لبنـان 2، ط ) حممـد ( صاصـيال ترمجة عرب .علم السياسة ، ) جان ماري (دانكن )12

.1995املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ، ترمجة مقلد 2، ج 2 ط .القانون الدستوري واملؤسسات السياسية ،) أندريه(هوريو )13 .1988األهلية للنشر والتوزيع، : ، لبنان)عبد احلي( ، سعد) سيف (، حداد)علي(

سلسلة عـامل : الكويت . سية يف العامل الثالث األحزاب السيا ، ) أسامة الغزال ( حرب )14

.1987املعرفة،مطبعـة :،بغـداد 2ط. األحـزاب الـسياسية والـنظم احلزبيـة ،) مشران(محادي )15

.1975اإلرشاد،

: ،األردن 2، ط يف منـاهج البحـث العلمـي وأسـاليبه وأخرون،,) سامر(حريفج )16 .1999منشورات عبد الالوي ،

دار :اجلزائـر .الصراع بني العسكريني والـسياسيني اجلزائر يف دوامة لونيسي رابح ، )17 .2000املعرفة،

. تاريخ أوروبا يف العصور الوسـطى ،) حممد(توفيق حسن ) أمني عبد األمري ( حممد )18 .1980مطبعة جامعة بغداد، : العراق

: ، لبنـان 2ط.تاريخ العصور الوسطى األوروبية وحضارا ،)جو زيف ( نسيم يوسف )19

.1987للطباعة والنشر، دار النهضة العربية

Page 208: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

207

.)1458-1448(أوروبا يف بعض األزمنة احلديثة واملعاصـرة ،) عبد ايد (نعنعي )20 .1983,دار النهضة العربية للطباعة والنشر:بريوت

.1974 -1888مصايل احلاج رائد احلركة الوطنية اجلزائريـة ،)بنيامني(سطورا )21

.1999 ،دار القصبة للنشر: اجلزائر

مـسرية بوضـياف وقـصة ،مؤامرة مـن خلـف الـستار ,)زبري(سالم سيف اإل )22 .1992,مطبعة النخلة:اجلزائر.إغتياله

دار : بريوت،1ج.1900 -1830احلركة الوطنية اجلزائرية ،) أبو القاسم (سعد اهللا )23

. 1992 ،الغرب اإلسالميعـرب النظم السياسية ،)حممد( علي القوزي ،)أمحد( أمني سليم ،)حممد(سعيد عمران )24

.1999 ، العربية للطباعة و النشرالنهضةدار : بريوت لبنان. العصور دار النهضة للطباعـة ، لبنان .حضارة أوروبا يف العصور الوسطى ،)حممد(سعيد عمران )25

.1991 ،والنشر .1987الدار اجلامعية،:ت بريو. السلوك اإلنساين يف املنظمات أمحد صقر،عاشور

دار :اجلزائـر .1996-1991ريح أزمـة تـش -الـوطن والعـشرية عباس حممد، )26 .2003هومة،

،دار الفكر العريب: مصر .األحزاب السياسية يف العامل املعاصر ،)نبيلة(عبد احلليم كامل )271982.

.1999 ،دار الرغائب: اجلزائر، 3 الطبعة. الوجيز يف تاريخ النظم ،)دليلة(فركوس )28

ـ ،)جورج(راسي )29 .اجلماعـات ادر إىل أمـراء اإلسالم اجلزائري من األمري عبد الق .1997،دار اجلديد:بريوت

Page 209: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

208

الفكر السياسي الغريب فلسفته و مناهجه مـن أفالطـون إىل ، )حممود ( ربيع حممد )30 .1994 ،مطبوعات الكويت: الكويت .ماركس

: اجلزائـر . املنعطف احلاسم يف مسار احلركة الوطنية 1945 ماي 8 ،)عامر(رخيلة )31

.1995, جلامعيةديوان املطبوعات ا

-1962 التطور السياسي والتنظيمي حلزب جبهة التحرير الـوطين ،)عامر(رخيلة )32 .1993ديوان املطبوعات اجلامعية ، : اجلزائر .1980

أزمــة الدميقراطيــة الغربيــة املعاصــرة ، دراســةالــشيباين الــصديق حممــد، )33

.1990خضر،املركز العاملي لدراسات وأحباث الكتاب األ:،طرابلس2ط.حتليلية دراسة حتليلية يف تاريخ احلركة ، زمن اليقني أو حتمل السالح اجلزائر )سليمان(الشيخ )34

دار القـصبة : اجلزائـر ، حممد حافظ اجلمايل مجةتر .الوطنية اجلزائرية والثورة املسلحة .2003،للنشر

1997، ]د،م،ن :[ اجلزائر.املنهجية يف التحليل السياسي، )حممد( شليب )35

-1919( التعددية احلزبية يف جتربة احلركـة الوطنيـة اجلزائريـة ، )األمني (شريط )36 . 1998, ديوان املطبوعات اجلامعية: اجلزائر.)1962

: اجلزائر .الوجيز يف القانون الدستوري واملؤسسات السياسية املقارنة ، )األمني(شريط )37

.1998ديوان املطبوعات اجلامعية،

1998، ] ،ن دد، : [ اجلزائر .من فوق الربكاناجلزائر ، ) حممد ( تامالت )38

Page 210: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

209

:باللغة األجنبية . ب

1) Addi (Lahouari), l’Algérie et la démocratie, pouvoir et crise du et politique en Algérie contemporaine. paris : la découverte, 1994

2) Agéron Charles Robert, Histoire de l’Algérie contemporaine. France : presse universitaires de France, 1964.

3) Al – Ahnaf M, Botiveau (Bernard), Fregosi (Franck), l’Algérie par ses islamistes. Paris : édition Khartala, 1991.

4) AliYahia (Abdenour), raison et déraison d'une guerre. paris: édition l'harmattan, 1996.

5) Badie (Bertrand), le développement politique. 5éme édition, paris : édition économica, 1994.

6) Baudouin (Jean), introduction a la science politique ,3é édition, paris : Dalloz, 1992

7) Benoune (Mahfoud), elKenz (Ali), le Hasard et l’Histoire entretien avec Belaid Abdesslam. TOM1, Alger ENAG éditions, 1990.

8) Ben youb (Rachid), L'annuaire politique de L’Algérie 2000.3° édition, revue et approfondie, Alger : édition Anep, 2000.

9) Boukhobza m’hammed, Octobre88 évolution ou Rupture ?. Alger : édition bouchene, 1991.

10) Boumazbar (Abdelhamid), Azine (Djamila), L'islamismes Algérien : de la genèse au terrorisme. Alger: edition chihab, 2002.

Page 211: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

210

11) Brahimi (Brahim), Le pouvoir, la presse et les intellectuels

en Algérie. Paris : Edit l’harmattan, 1989.

12) Brahimi (Mohamed), le pouvoir en Algérie et ses formes d’expression institutionnelle. Alger : OPU 1995.

13) branciard (Michel), le Maghreb au Cœur des crises, Lyon : édition chronique sociale, 1994

14) Braud (Philip), Manuel de sociologie politique. 2é edition , Paris: L G dj,1998.

15) Brechon (Pierre), les partis politiques. France : édition Montchrestien, 1999.

16) Camau (Michel), pouvoirs et institution au Maghreb. Alger: OPU, 1983.

17) CNDPI, Les gouvernements successifs de l’Algérie. Alger: ENDPI, 2000.

18) chalabi (El Hadi), L’Algérie l’état et le droit. Paris : Arcantére édition, 1989.

19) Charlot (Jean), Les partis politiques. 2e édition paris : Armond colin, 1971.

20) Charef Abed, Algérie le grand dérapage. Paris: édition de l’aube , 1994.

21) Charef Abed, Octobre Dossier. Alger : Laphomic édition ,1989.

Page 212: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

211

22) collot (Claude) et Henry (Jean Robert), Le mouvement national algérien textes 1912- 1954. Alger: office des publications univérsitaires. SD.

23) Cotteret (jean Marie), Gouverner c'est paraître : paris puf.1991.

24) Donegani Jean Marie et Sadoun Marc, La démocratie imparfaite "essai sur le parti".paris : Gallimard, 1994.

25) Devillchenon olivier pinot,Le pouvoir illégitime. paris : édition lettre du monde ,1993.

26) Duverger (Maurice),Les partis politique. France: edition Armand Colin, 1952.

27) Sous la direction de Gallissot (René)Populisme au tiers monde. paris :édition L’Harmattan, 1997.

28) Garon (lise),L’obsession unitaire et la nation trompée, la fin de l’Algérie socialiste. Canada, presse de l’université de Laval, 1993.

29) Hadad (Samy), Algérie autopsie d’une crise. Paris, édition : l’harmattan, 1998.

30) Ghania (Mouffok), une autre voix pour l Algérie ، entretien

réalisé avec Louisa Hanoune ،Paris : édition la decouverte, 1996.

31) Harbi (Mohamed), Le F.L.N. : mirage ou réalité, Alger : Enal _ naqd, 1993.

32) // // ( // //) , L'Algerie et son destin, croyant ou citoyens. Paris: Arcantère edition, 1992.

33) Hassan (pseudonyme), L’Algérie histoire d’un naufrage. Paris : édition Marinoor, édition de seuil, 1996.

Page 213: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

212

34) Kaddache (Mahfoud), L’Algérie des Algérien de la

préhistoire à 1954, Algérie : edif 2000, 2003.

35) Kaplan (Michel) et autre, Histoire médiévale. tome 2, paris : Bréal édition 1994.

36) Labat (Séverine), Les islamistes Algérien entre les armes et le maquis. Paris: edition du seuil, 1995. .

37) Lamchichi (Abderahim), L'Algérie en crise. Paris : édition L' Harmattan, 1991.

38) Langlois (George), Villemure (Gilles), Histoire des civilisations occidentale. paris : édition Beauchemin, 1992.

39) Lavenue (Jean Jaques), Algérie la démocratie interdite. Paris : édition l’harmattan, 1993.

40) Lavroff (Dimitri George), les partis politiques en Afrique noire .France: Edition, presses universitaires de France 1970

41) Marcel (David),La souveraineté du peuple, paris, presses universitaires de France, 1996

42) Néré (Jacques), Précis d’histoire contemporaine, France : presse universitaire de France, 1991.

43) Offerlé (Michel), Les partis politique. paris presse universitaires de France, 1987

44) Ostrogorski (Moesi), la démocratie et les partis politique. paris : édition du seuil, 1979.

45) Polin (Raymon), la République entre démocratie sociale et démocratie Aristocratique, France : PUF, 1997.

Page 214: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

213

46) Pothier (Lise), Histoire des états unis. canada, édition : modulo, 1987.

47) Quinet (Edgar),La Révolution. paris : Belin, 1987.

48) Redjala (Ramdane), L’opposition en Algérie depuis 1962, le

PRS – CNDR, le FFS. Algérie: edition rahma, 1991.

49) Rouadjia (Ahmed), Grandeur et décadence de l'état Algérien. Paris : édition Kharthala, 1994.

50) Stora (benjamin), Daoud zakya, FERHAT ABBAS une Autre Algérie. paris : édition denoel, 1995.

51) Tabrizi (Ben Salah), la République Algérienne. Paris : édition, Librairie général de droit et de jurisprudence, 1979.

52) Taghmout (Hanafi), L’affaire Zeghar, déliquescence d’un état l’Algérie sous chadli. Paris, édition publisud, 1994.

53) Teguia (Mohamed), L’Algérie en guerre .Alger : OPU, 1988.

54) T’lemçani Rachid, Election et élites en Algérie paroles de candidat. Alger : chihab édition, 2003.

55) Touati (Amine), Algérie, les islamiste à l’assaut du pouvoir. Paris : édition L’Harmattan, 1995.

56) Yefsah (Abdelkader), La question du pouvoir en Algérie. Algérie : édition ENAP, 1990.

57) Zahraoui (Saïd), Entre l’horreur et l’espoir. (1990-1999) chronique de la nouvelles guerre d’Algérie. paris : édition Robert laffont.2000.

Page 215: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

214

- IIاملعاجم والقواميس :بيةباللغة العر . أ 1989دار الدعوة : ، تركيا2مصطفى إبراهيم وأخرون، املعجم الوسيط، ط )1املؤسسة العربية للطباعة : بريوت, الطبعة الثالثة , موسوعة السياسة , الكيايل عبد الوهاب )2

.1990, و النشر :باللغة األجنبية . ب

1) Dictionnaire de la langue française, encyclopédie et noms-

propre, France: 1994.

2) Le petit Larousse illustré 1999, France: édition Larousse Bordas, 1998.

3) Ils ont fait l'histoire du monde, de 1492 à 1789, France : édition Larousse, 2000.

4) André Akoun et autre, le robert, dictionnaire de sociologie, France: édition de seuil, 1999.

5) le petit la rousse illustré 2004, France : édition la rousse Bordas, 2003.

6) Hermet Guy et autre, dictionnaire de la science politique et des institution politiques, paris: Armond colin, 1994.

Page 216: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

215

III-املقاالت :العربيةباللغة . أ

بـني احلريـة 09-97م إعتماد األحزاب السياسية طبقا لألمر نظا" إدريس بوكرا )1 .1998، سنة 2العدد -8 ، الد لإلدارةجملة إدارة املدرسة الوطنية " والتقييد

جملة املستقبل العريب، " االنتخابات والدميقراطية والعنف يف اجلزائر "الصيداوي رياض )2

.1999 ةجويلي، 245العديي

، 98 جملة شؤون األوسط، عدد " النخب احلاكمة يف اجلزائر تفكك "لصيداوي رياض ا )3 35-41، ص 2000 والتوثيق، أوت اإلستراتيجيةمركز الدراسات : بريوت

، جملة الشؤون األوسط عدد " و النظام االنتخايب يف تركيا ةالدميقراطي "حممد نور الدين، )4

.2000و التوثيق، سبتمرب مركز الدراسات اإلستراتيجية. ، بريوت99 باللغة الفرنسية . ب

:LES ARTICLES

1) Addi Lahouari," élection présidentielle : l’Armée

Algérienne se devise, le monde diplomatique, Mars 1999.

2) Djebbar Abdlmadjid," la loi organique et le code électorale : l'explication "Révolution Africaine, N° 1730.du 23 au 29 Avril, 1997

. 3) Fontaine Jaque" les élections législatives Algérienne des 26

Décembre 1999", Revue monde Arabe, Maghreb Machrek N° 135, Janvier – Mars- 1992.

Page 217: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

216

4) Guillard Pierre, "le FIS, partie de la démocratie ?" peuples méditerranées, N° 70-71, Janvier –Juin, 1995.

IV - منشورةلدراسات الغري:

-1989 الدميقراطية التعددية يف اجلزائـر السياسية ومسألة الثقافة "بن طاهر علي )1 العلوم السياسية واإلعالم، قسم العلـوم ، جامعة اجلزائر، كلية ماجستريرسالة ( ، 1992

.)2001السياسية والعالقات الدولية،

، جامعة اجلزائـر، ماجستريرسالة ( ، " السياسية يف اجلزائر اإلصالحات" بورادة حسني )2 ).1993معهد العلوم السياسية والعالقات الدولية،

جامعة ماجستريرسالة (، "النظام القانوين لألحزاب السياسية يف اجلزائر" زنبيع رابح )3 ).2003، اإلداريةاجلزائر، كلية احلقوق والعلوم

، ماجـستري ، رسـالة التعددية احلزبية يف املغرب العريب، دراسة مقارنة " شليغم غنية، )4

).1992جامعة اجلزائر، معهد العلوم السياسية والعالقات الدولية،

رسـالة " (،التركيز على التعددية احلزبية املعارضة السياسية اجلزائرية مع " لطاء ليندة، )5 )2000ماجستري، جامعة اجلامعة، قسم العلوم السياسية والعالقات الدولية،

V- الرمسيةالوثائق:

-1976اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية، الس الدستوري، دساتري اجلزائـر -1989-1996.

ذات الطابع باجلمعيات،يتعلق 1989ة يوليو سن 5 املؤرخ يف 11-89القانون رقم -

.السياسي

Page 218: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

217

يتضمن القانون العـضوي املتعلـق 1997 مارس 6 مؤرخ يف 09-97 رقم أمر - .باألحزاب السياسية

خطب رئيس الدولة اليـامني اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية، رئاسة الدولة، - ).1994 ديسمرب 31 جانفي 5بيانات اجلزائر ، رئاسة الدولة ( زروال

املالحظـة اإلنـسان اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية املرصد الوطين حلقـوق -

.1999االنتخابية تقرير حول االنتخابات الرئاسية

-VI اجلرائد الوطنية

:باللغة العربية

.26/01/1994، 589، العدد )جريدة يومية ( اخلرب، 27/01/1997، 1878دد ، الع)جريدة يومية ( اخلرب، .14/04/1997، 1942، العدد )جريدة يومية ( اخلرب، 1997 /03/22، 1922 العدد ،)جريدة يومية ( اخلرب،

.2004 ماي 7 إىل 1، من 270العدد ) أسبوعية ( اخلرب األسبوعي .2003 جويلية 18 إىل 12 من 228العدد ) أسبوعية ( اخلرب األسبوعي 2004 مارس 5 فيفري إىل 28 من 261العدد ) بوعية أس( اخلرب األسبوعي 2004 فيفري 13 إىل 07 من 258العدد ) أسبوعية ( اخلرب األسبوعي

2002 جوان 09 إىل 03 من 105العدد ) أسبوعية جزائرية ( السفري

Page 219: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

218

:باللغة األجنبية

- Liberté quotidien national d’information, N°3437 parus le 02 mars2004

- Liberté quotidien national d’information, N°3476 parus le 04 mars 2004

- El moudjahid Quotidien national,N°11961 ;parus le 7/02/2004.

- El moudjahid Quotidien national , N°11967 ,parus le

vendredi17 ,samedi18- 2004.p

VII امللتقيات و احملاضرات: " حماضرات ألقيت على طلبة الـسنة الثالثـة " النظم احلزبية واالنتخابية"وايل ، أسعد -

.كلية االقتصاد والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية جامعة القاهرةجامعـة , االجتاهات املعاصرة يف دراسة النظم السياسية يف العامل الثالـث , ميتكيس هدى -

.اسية قسم العلوم السياسيةالقاهرة كلية االقتصاد والعلوم السي مراجع أخرى - : باللغة األجنبة

1- Bekhchi Mohammed Abdel wahab, Remarques sur l'évolution du droit constitutionnelle Algérien de l'indépendance a la révision constitutionnelle de 1996. http://WWW.cedroma.usj.edu.lb/pres/collo/colla.htm

2- Lulin Elisabeth, les ressorts du leadership politique http://WWW.paradignes.com/Downoald/Essai leadership.doc"

Page 220: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

219

3- Salima mellah,le mouvement islamiste Algérien entre

autonomie et manipulation, http://www.algerie-top.org/tpp/pdf/dossier-19-mut-islamiste.pdf

4- http://algeria-watch.de/farticle/concorde/bilan2001.htm 5- Comité justice pour l’Algerie,l’orginisation du systeme

politique.Dossier n°13 Madjid Benchikhe-mai 2004 , http://www.algerie-tpp.org/tpp/pdf/dossier_13_systeme_politique.pdf

6- Tribunal penal des peuples,32°session,LES VIOLATIONS DES DROITS DE L’HOMME EN ALGERIE(1992-2004),http://www.euromedrights.net/francais/download_fr/SentenzaAlgeriaVersione_definitivaecorrettaTppAlgeria.pdf.

7- Lahouari Addi, " Comme le dit l'historien Mohammed Harbi, les Etats ont une armée, en Algérie, l'armée a son Etat " http: //www.algeria-watch.de/farticle/11janvier/addi_0102.htm.

8- Lahouari Addi, Les partis politiques en Algérie et la crise du régime des « grands électeurs » http://www.algeria-watch.de/fr/article/analyse/addi_partis.htm.

Page 221: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

220

الفهرس

.01...........................................................................:مقدمة .11.................املنطلقات التارخيية والنظرية لظاهرة األحزاب السياسية:الفصل األول .13...................... الغربية حنو الدميقراطية التمثيليةتانتقال اتمعا:املبحث األول .14.......................من دولة املدينة إىل الدولة امللكية املركزية القوية:املطلب األول .23.....................................عهد الثورات واية احلكم املطلق:املطلب الثاين .32....................ةاألحزاب السياسية يف الغرب بني التنظري واملمارس:املبحث الثاين .33............................... السياسيةبحول مفهوم ونشأة األحزا:املطلب األول .43.............................األحزاب السياسية داخل احلقل السياسي:الطلب الثاين .52................................... العامل غريبجالتجربة احلزبية خار :املبحث الثالث .53............................نشأة وتطور األحزاب يف العامل الغري غريب:املطلب األول .60.... خصوصية التجربة احلزبية يف العامل الغري غريب ومعوقات التحول الدميقراطي:املطلب الثاين

.67:............................................................خالصة الفصل األول .69..................التطور السياسي التارخيي لظاهرة األحزاب يف اجلزائر:الفصل الثاين .71.......................األسس السياسية والتارخيية لألحزاب اجلزائرية:املبحث األول .72..............الظاهرة االستعمارية يف اجلزائر والنشاط السياسي احلزيب:املطلب األول

بناء الدولة اجلزائرية املستقلة وانعكاساا على مسر التطور احلزيب قي :املطلب الثاين .80...........................................................................اجلزائر

.88................................التجربة احلربية األحادية وإفرازاا:بحث الثاينامل .89...........1965 جوان 19الوضع السياسي احلزيب فبل وبعد حركة :املطلب األول .95.........االنتقال ايل الشرعية وانعكاساته على احلياة احلزبية يف اجلزائر:املطلب الثاين .102.........................................مسار الدمقرطة يف اجلزائر:الثاملبحث الث

103................................ السياسيةةآليات االنتقال ايل التعددي:املطلب األول .110.......................املمارسة احلزبية من خالل االنتخابات التعددية:املطلب الثاين .118:............................................................ الثاينخالصة الفصل

Page 222: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

221

.120...الوضع األزموي والرهانات احللية واملستقبلية لظاهرة األحزاب يف اجلزائر:الفصل الثالث

.122..................التبعات السياسية املرافقة لتوقيف السار االنتخايب:املبحث األول .123.............تأزم الوضع السياسي واألمين وانفجار احلقل السياسي:ولاملطلب األ

.131.........................رحلة البحث عن الشرعية واحلل السياسي:املطلب الثاين

.140................املمارسة احلزبية يف اجلزائر بعد اإلصالح الدستوري:املبحث الثاين 141.....................اسية واإلصالح القانوين اجلديداألحزاب السي:املطلب األول .149.......... علي احلياة احلزبية يف اجلزائرانعكاسات السلوك اإلنتخايب:املطلب الثاين .158...............................الوضع احلزيب ومستقبله يف اجلزائر:املبحث الثالث .159......رار القيادات يف األحزاب السياسيةالزعامة وظاهرة عدم استق:املطلب األول .166............ من خالل املمارسة االنتخابيةبقراءة يف مستقبل األحزا:املطلب الثاين

.176:........................................................خالصة الفصل الثالث

.177............................:...........................................اخلامتة .185......................................................................:املالحق

.204:.................................................................قائمة املراجع .220.....................:.................................................الفهرس

Page 223: الظاهرة الحزبية في الجزائر.PDF

222

Université d’Alger Benyoucef Ben kheda

Faculté des sciences politiques et de l’information. Département des sciences politiques et des relations

internationales.

Le phénomène des partis politiques en Algérie

L’histoire, le statut, la pratique, l’avenir.

Présenté par : sous la direction de :

Touazi Khaled D. Mohammed reda mezoui

Member de jury

- - - -

2005-2006