2011 19 debat-kapagikontroletekleisamveri.org/pdfdrg/d00116/2011_19/2011_19_debat.pdf2012 . İ.Ü....

23
No: 5077 ISSN 1307-5020 ÜNiVERSiTESi Edebiyat Fakültesi MECMUASI - Istanbul University Faculty of Letters Journal of Oriental Studies XIX 2011/2 U LU S LARARASI YILDA KEZ YAYIMLANIR. AN INTERN ATIONAL PEER -REVIEWED JOURNAL PUBLISHED TWICE A YEAR Asos Index by Asos Index http://asosindex.com/journal-view?id= 176 2012

Upload: others

Post on 12-Feb-2021

3 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

  • İstanbuı'üniversitesi Yayın No: 5077 ISSN 1307-5020

    İSTANBUL ÜNiVERSiTESi

    Edebiyat Fakültesi

    ŞARKiYAT MECMUASI

    -

    Istanbul University Faculty of Letters

    Journal of Oriental Studies

    Sayı/Number XIX 2011/2

    ULUSLARARASI HAKEMLİ BİR DERGİDİR YILDA İKİ KEZ YAYIMLANIR.

    AN INTERNATIONAL PEER-REVIEWED JOURNAL PUBLISHED TWICE A YEAR

    Asos Index tarafından taranmaktadır/Indexed by Asos Index

    http://asosindex.com/journal-view?id= 176

    İSTANBUL 2012

  • 17İ.Ü. Şarkiyat Mecmuası Sayı 21 (2012-2)

    THE FUNDAMENTALIST’S DEFINITIONS OF THE TERMINOLOGY OF WORD’S TOPICS

    READING IN THE STRUCTURING OF THE LEXICAL MEANING

    تعريفات األصوليين الصطالحات مباحث األلفاظقراءة في بنينة المعنى المعجمي

    Tayeb DEBA*Abstract

    This study is an attempt to review the efforts of fundamentalist scientists (al-osoliyu: n) in the preparation of the lexical meanings which they call «the names of words» or the terminology of word’s topics like (general [-al-a:m], particular [-alh’a:S], the common [almuS’tarak], absolute [almuTlaq], restricted [almuqayad] and others). It is a terminologies of their own which they needed it to describe the words of the Islamic ruling and it’s significances, and they seek to organize it, and to distribute it’s levels, by a structured semantic treatment seems approach – in some of it’s methodological procedures – to the treatments covered by some contemporary scholars interested in the semantic and lexical researches, especially the westerners. The importance of this fundamentalist treatment it is issued by a particular linguistic vision, and a distinctive functional mechanism and it represents a precise strategy to understand the appointed legal discourse, and to extract it’s provisions and purposes. The purpose of this study is to identify the features of this strategy, which we can summe up it’s theme in: an original fundamentalist attempt to structuring the lexical meaning.

    Keywords: Word’s topics, Fundamentalist definitions of the names of words, Structuring of Lexical meaning, Semantic analysis, Opposition.

    ملخص حتاول هذه الدراسة املتواضعة أن تستعرض جهود علماء أصول الفقه يف إعداد املعاين املعجمية ملا يسمى“أمساء األلفاظ“، أو اصطالحات مباحث األلفاظ (كالعام، واخلاص، واملشرتك، واملقّيد، احلكم ألفاظ ا ليصفوا إليها حاجتهم قامت م خاصة اصطالحات وهي وغريها)، واملطلق، َينة نـْ ُمبـَ داللية معاجلة خالل من وذلك مراتبها، توزيع ويف تنظيمها، يف ويسعوا ودالالته، الشرعي

    * Doç. Dr., İstanbul ا / اجلزائر جامعة األغواط كلية األداب ([email protected]) قسم اللغة العربية وآدا

  • 18 THE FUNDAMENTALIST’S DEFINITIONS OF THE TERMINOLOGY

    ا املنهجية - للمعاجلات اليت تناوهلا بعض (Structurée.S.T) تبدو مقارِبًة - يف بعض إجراءاالباحثني املعاصرين املشتغلني بالبحوث الداللية واملعجمية، ال سيما الغربيني منهم. ووجه األمهية يف ا متثل اسرتاتيجية ا تصدر عن تصور لغوي خاص، وعن آلية بيانية متميزة، وأ هذه املعاجلة األصولية أا يف فهم اخلطاب الشرعي، ويف استنباط بيانية دقيقة ُأعدَّ صياغتها األصوليون من أجل االستعانة دف هذه الدراسة إىل الوقوف على معامل هذه االسرتاتيجية اليت ميكن ما به من أحكام ومقاصد. و

    اختصار موضوعها بأنه حماولة أصولية أصيلة يف بنينة املعىن املعجمي. اخلاص، األلفاظ (العام، أمساء تعريفات األصولية، األلفاظ مباحث المفاتيح: المصطلحات

    املطلق، واملقيد، املشرتك.. اخل )، بنينة املعىن املعجمي، التحليل املعنمي، التقابل. ا مباحث الداللة عندهم؛ مما تواتر ذكره والتنويه به يف كتابات املهتمني بدراسات األصوليني تلك األمهية اليت حتظى ا مسريته، إذ ا من أهّم أدواته الضرورية اليت تتعّطل بدو و ا يف مقدمة العلوم املساعدة للبحث األصويل ويعدُّ فهم يضعوال ميكن الوصول إىل أحكام التشريع وقواعده إال بواسطتها ومن خالهلا. ولعّل من أدل العالمات على مدى هذه األمهية أن حجم تلك املباحث يستغرق يف الكتب األصولية حيزًا كبريًا؛ فهي «تشغل عادة ما ال يقّل عن ثلث حجم الكتاب»1، ا أن استندوا يف إعدادها إىل اعتبارات منهجية دقيقة، وإىل معامل إبستمولوجية ممّيزة جعلتها كما بلغ من عناية األصوليني

    تتخذ توجًها منهجيا خاصا، وتبلغ يف أحباثها نتائج علمية ُمهّمة مل تعرفها سائر الدراسات اللغوية القدمية.م يتعاملون إن من أهّم ما يّتجه إليه نظر األصوليني يف مباحث األلفاظ االحتفاء باملعىن، ومما ميّيز دراستهم للمعىن أا أن تشّكل عائقًا منهجيًا هاما يف عملية استنباط احلكم الشرعي؛ ذلك أن معه بوصفه مظهرًا ألزمة وظيفية بإمكاا الرتكيبية من خالل قوانني صورية جمرّدة لة لأللفاظ تعرضها أبنيتها الصرفية وعالقا املعىن عند األصوليني ليس جمرد حمصِّا أساليب الكالم وتلويناته، وُحتدَّد يف مثلما هو الشأن يف كتب كثري من النحاة، وليس جمرد أغراض تعبريية تقاس ضوئها خصائص التعبري اإلبداعي اجلميل كما هو الشأن يف مباحث البالغيني، إمنا هو عندهم مِظّنة التأويل والتعارض م. وهلذا السبب بني النصوص واألدلة، وحمل التنازع واالختالف بني العلماء، ومظهر التفاوت يف أفهامهم واستنباطا

    كثر اخلالف فيما بينهم.ونظرًا لتعامل األصوليني مع املعىن على هذا النحو اإلجرائي اخلاص بلغت مباحثه عندهم مستويات بعيدة من دقة الوصف، وسعة التناول مل يبلغها غريهم من املشتغلني مبسائل اللغة والداللة، وبلغت مستويات البحث فيها ما بلغت من دقة املتابعة، وإمعان النظر، وعمق التحرِّي واالستقصاء، وقد دفعهم ذلك إىل وضع تصنيف منوذجي استندوا فيه إىل تصور دقيق لعالقة األلفاظ باملعاين، وانتهوا يف صياغة ديباجته إىل نظام تصنيفي مميز ينطلق من اعتبارات منهجية

    أربعة هي2: 1- اعتبار وضع اللفظ يف املعىن (العام، واخلاص، واملشرتك، واملؤول..) . از، والصريح والكناية). 2- اعتبار استعمال اللفظ يف املعىن (احلقيقة وا

    َمل، ر، والنص، والظاهر، واخلِفي، واملشِكل، وا 3- اعتبار درجات وضوح املعىن وخفائه يف اللفظ (احملَكم، واملفسَّ

    1 حممد عابد اجلابري، بنية العقل العريب، مركز دراسات الوحدة العربية، بريوت- لبنان، ط6، 2000، ص53. 2 ينظر عن األصوليني األحناف: عبد العزيز البخاري، كشف األسرار عن أصول فخر اإلسالم البزدوّي، (وضح حواشيه عبد اهللا حممود عمر)، دار الكتب العلمية، بريوت – لبنان، ط1، 1418/1997، ج1، ص ص95-72، والدبوسي أبو زيد، تقومي األدلة، (تح/ عدنان العلي)، املكتبة العصرية، بريوت – لبنان، ط1، 1426/2006، ج1، ص-124

    127. وينظر: عن أصوليي الشافعية: الشوكاين، إرشاد الفحول إىل حتقيق احلق من علم األصول، (تح/ أمحد عزّو عناية)، دار الفكر العريب، بريوت – لبنان، ط2، 1424/2003، ج2، ص35-31، والغزايل، املستصفى، (تصحيح: حممد عبد الّسالم عبد الشايف)، دار الكتب العلمية، بريوت، 1417/1996. ص184-185.

  • 19Tayeb DEBA / Şarkiyat Mecmuası Sayı 19 (2011-2) 17-38

    مل، واملتشابه يف تصنيف علماء الشافعية). واملتشاِبه يف تصنيف علماء األحناف، أو النص، والظاهر، وا4- اعتبار كيفية داللة اللفظ على املعىن (داللة العبارة، وداللة اإلشارة، وداللة االقتضاء، وداللة النص لدى علماء علماء لدى املخالفة] ومفهوم املوافقة املفهوم [مفهوم وداللة الصريح]، وغري املنطوق [الصريح، داللة أو األحناف،

    الشافعية)3.يف ضوء االعتبارات األربعة السابق ذكرها، ويف ضوء ما ينبثق عنها من أقسام داللية وضع األصوليون مصطلحات للتعريف بتلك األقسام، وبتحديد مفاهيمها مبا ميكنهم من فهم نصوص التشريع واستنباط أحكامها. ويتجه جهدنا يف هذا البحث إىل القراءة التحليلية ملفاهيم تلك املصطلحات بعد استعراض بعض منها على سبيل التمثيل، وذلك الداللة بعلم املتصلة احلديثة اللسانية للمفاهيم مقاربتها مدى تبّني وبغرض جهة، من معجميا حتليال حتليلها بغرض

    Sémantique وباملعجمية Lexicologie، ال سيما ما يتعلق منها ببنينة املعىن. از، والظاهر، والنص، ومن هنا فاصطالحات مباحث األلفاظ كالعام، واخلاص، واملطلق، واملقّيد، واحلقيقة، واأقسامها، ويتتبَّعوا الداللة، مستويات خمتلف ا يصفوا حىت مباحثهم يف األصوليون وضعها خاصة ألفاظ وغريها ا ألفاظ احلكم دوا مراتبها، ويسّميها بعضهم «أمساء األلفاظ»4، ويراد باألمساء هنا االصطالحات اليت توصف وحيدُِّهما ﴾ [املائدة: ارَقُة فاقَطُعوا أْيِديـَ ارُق والسَّ الشرعي،كأن يوصف بالعاّم، مثال، لفُظ «السارق» من قوله تعاىل: ﴿ والسَّ38] نظرًا التصاله بـال املوصولية، أو يوصف بالظاهر – لدى األحناف5 - قوله تعاىل:﴿ وأحلَّ اهللا البيَع وحرَّم الرَِّبا ﴾ [البقرة:275]، من جهة داللته على أن البيع حالل، والربا حمرّم، فهي داللة ظاهرة يف اللفظ، لكنه يوصف بالنص من جهة داللته على نفي التماثل بني البيع والربا من حيث احلل واحلرمة، لوجود قرينة زادت على اللفظ تتجلى فيما سيق

    من الكالم لبيان هذا احلكم6.

    معالم بنينة المعنى في التعريفات األصولية الصطالحات مباحث األلفاظ:يثري دقيقًا دالليا ضبطًا م اصطالحا لتعريفات بضبطهم يتميزون م أ إىل األصوليني عند الداللة مباحث تشري االهتمام وحيرك فضول البحث والنظر، ذلك أنه يصدر عن آلية بيانية متميِّزة، ويشري إىل مسات منهج لساين خاص. ا معامل هذه اخلصوصية وهذا التميز يف الضبط األصويل لتعريفات وإذا أردنا أن خنتزل الكالم بإشارة موجزة نصف اصطالحات مباحث األلفاظ فال أفضل من أن نشري إىل مبدأ العالقات التقابلية بني الدالالت بوصفه إجراًء لسانيًا مهما ارتكزت عليه االنطالقة األوىل ملباحث اللغة عند األصوليني األوائل7، ويبدو فيه تأثر األصوليني املتأخرين واضحًا 3 لئن كانت هذه االعتبارات األربعة تشري إىل خصوصية الوصف األصويل للداللة اللغوية، وتنبئ عن إعداد منهجي مييِّز األصوليني عن سائر اللغويني العرب، فهي تصدر عن خاصية طبيعية يف نظام اللغة العربية قبل أن تكون خاصية يف الدرس اللغوي األصويل. ومع ذلك ميكن القول إن األصوليني استطاعوا – عرب هذا التقسيم الرباعي للداللة - أن تهدين، وكانت النتيجة أن يقّدموا جهودا قّيمة متميزة؛ فقد درسوا العربية وتتبعوها باالستقراء، والوصف، والتحليل، حيدوهم، يف ذلك، حرص احملققني، وحترّج العلماء، وبصرية ا

    كشفت هلم العربية عن دقائق نظامها اللغوي وخصائص منطقها البياين مبا مل تفعله مع غريهم من الدارسني.4 ينظر: فخر الدين الرازي، احملصول يف علم األصول، (تعليق: حممد عبد القادر عطا)، دار الكتب العلمية، بريوت – لبنان، 1420 – 1999، ج1، ص68.

    5 الظاهر عند الشافعية يرتبط باملؤول، والفرق بينهما أن الظاهر داللته راجحة واملؤول داللته مرجوحة. (ينظر: اآلمدي، اإلحكام يف أصول األحكام، (تح/ الشيخ إبراهيم العجوز)، دار الكتب العملية، بريوت، (د.ط)، (د.ت)، ج3، ص49. والرازي، احملصول، ج1، ص66).

    6 ينظر: عبد العزيز البخاري، كشف األسرار عن أصول فخر اإلسالم البزدوّي، ج1، ص46، ص ص81-72، والدبوسي أبو زيد، تقومي األدلة، ص124-126.ا يف استنباط األحكام، إذ يقول: فإمنا خاطب اهللا بكتابه العرب 7 تفطن الشافعي- وهو أول من أسس لعلم األصول- لظاهرة التقابل يف مراتب الداللة اللغوية، ودعا إىل مراعاا، وأن فطرته أن ُخياطب بالشيء منه عاما ظاهرا يراد به العام الظاهر، وُيستغىن بأول هذا منه عن آخره، ا على ما تعرف من معانيها، وكان مما تعرف من معانيها اتساُع لسا بلساوعاما ظاهرا يراد به العام ويدخله اخلاص [...] وعاما ظاهرا يراد به اخلاص، وظاهرا يعرف يف سياقه أنه يراد به غري ظاهره [...] وتكلُم بالشيء تعرفه باملعىن دون اإليضاح باللفظ كما تعرف اإلشارة [...] وتسمي الشئ الواحد باألمساء الكثرية وتسمي باالسم الواحد املعاين الكثرية.(الرسالة،(تح/أمحد حممد شاكر)،املكتبة العلمية– بريوت،(د.ت)،ص-51

    .(52

  • 20 THE FUNDAMENTALIST’S DEFINITIONS OF THE TERMINOLOGY

    ذا املبدأ إىل مقابلة كل لفظ باأللفاظ املتناظرة معه مبا يفضي بقضايا املنطق األرسطي. ويستند األصوليون يف العمل إىل حتديده حتديدا صوريا دقيقا ال يدع جماال للتداخل أو اللبس أو االشتباه. ومثال ذلك أن يضعوا اللفظ العام يف مقابل اخلاص، واملطلق، واملشرتك، أو أن يضعوا اللفظ املشرتك يف مقابل املشكك، واملتواطئ، والعام، أو أن يضعوا احلقيقة يف مل يف مقابل املبني، إىل غريها من الوجوه اليت تسمح برتتيب األلفاظ ضمن جمموعات تكاملية متقابلة از، وا مقابل ا

    على الرغم مما تبديه فيما بينها من متيز واختالف.م. إن االستناد إىل مبدأ املقابلة هو سبب اخلصوصية وسّر التميز فيما يقّدمه األصوليون من تعريفات الصطالحاويبدو أن من أهم الفوائد اليت جينيها األصوليون من وراء اعتمادهم على مبدأ املقابلة النظُر إىل كتلة الداللة بوصفها بنية كلية لكنها مقّسمة إىل وحدات منتظمة، وأجزاء متكاملة، حبيث يستمد فيها كل لفظ قيمة حّده وتعريفه من صلته ا، أو من جهة تعارضه معها، أو من جهة تداخل الداللية واملنطقية حبدود األلفاظ اليت يتناظر معها من جهة شَبهه

    مفهومه مع مفاهيمها.ويعّد مفهوم التقابل يف النظريات اللسانية الغربية وال سيما البنوية منها يف مقدمة املفاهيم الرئيسة؛ فهو أداة من أبرز األدوات يف آلية النظام اللساين، وخاصية من أهّم خصائصه8، وقد ال نسرف يف التقدير إذا قلنا إن النظام ذاته ال ميكن أن يكشف عن نفسه إال من خالل مفهوم التقابل؛ يقول هيلمسليف: « رمبا ليس هنالك جمال قابل ألن يوضح لنا أمهية

    النظام املنهجية أحسن من جمال التقابالت»9. ينطلق غرض هذا البحث من حماولة الوصف والتحليل ملا تقوم به اسرتاتيجية األصوليني فيما قّدموه من إعداد خاص م، وإن كانت، يف الواقع، صلة البحث األصويل بقضايا املعجم للمعىن املعجمي خالل حتديدهم ملفاهيم اصطالحاأو اللغة ظواهر من ظاهرة هو حيث من املعجمي املعىن بدراسة يهتموا ومل املعاجم، يضعوا مل فاألصوليون ضعيفة؛ موضوع من مواضيعها، لكنهم، مع ذلك، استطاعوا أن يقّدموا، خالل دراستهم ملباحث الداللة اللفظية، جهودا خاصة

    يف استثمار املعىن املعجمي.وللبحث خلفية منهجية تنطلق من مالحظة تقارب واضح بني ما قّدمه األصوليون يف حتديدهم للمعاين املعجمية يف Structuration du «م وبني ما يقّدمه بعض الدالليني احملدثني من حبوث تتصل مبا يسمى «بنينة املعىن اصطالحاsens، أو تنظيم املعىن Systématisation du sens. وبنينة املعىن جمال حبث دقيق يتّصل باللسانيات املهتمة باستثمار مبادئ التحليل البنوي (خاصة مبادئ الفونولوجيا) يف دراسة علم الداللة Sémantique، وقضايا املعجمية

    .Noologie11 10واملدلولية Lexicologieويراد بالبنينة التعامل مع املعىن، ومنه املعىن املعجمي، بوصفه بنية، أو بتعبري آخر، بوصفه نظامًا من البىن، حيث تستمّد كل كلمة قيمتها من موقعها الذي تشغله ضمن عالقتها بالكلمات األخرى12. وهذا يعين أن البنية يف دراسة املعىن عمومًا، واملعىن املعجمي خصوصًا، أمر مستحدث، وصناعي. فليس من طبيعة املعىن أن يؤلف بنية أو أن يكون

    Dubois .J et autres ,Dictionnaire de linguistique , p 347-348. :8 ينظرHjelmslev.L, Essais linguistiques, p 93. 9

    ،Enoncé وهي نظرية يهتّم فيها برييتو بتحليل املدلول حتليال بنويا، ويقرتح فيها دراسة نظامية ملعىن امللفوظات Signifié نسبة للمدلول ،Noologie 10 املدلولية Arcaini.E, Principes de linguistique) .املختلفة ا ومقاما ا سياقا من انطالقا امللفوظات ملعىن أقسام وضع يف يسعى حيث املعزولة، األلفاظ ملعاين وليس

    .(appliquée, p 188. Bertil.M, Les nouvelles:وينظر أيضا ، Arcaini.E, Principes de linguistique appliquée, Payot, Paris, p p158-197. :11 ينظر

    .(tendances de la linguistique, p188, 199.. .p173-174 ,appliquée linguistique de Principes ,E.Arcaini : 12 ينظر

  • 21Tayeb DEBA / Şarkiyat Mecmuası Sayı 19 (2011-2) 17-38

    له نظام، ألنه ينتمي إىل الواقع اخلارج عن املدى اللغويRéalité extra-linguistique 13، وال صلة له بالواقع الداخلي للغة ألبتة. ويبدو أن هذا ما دفع األستاذ متام حسان إىل نفي خاصية النظام عن املعجم، واعتباره جمرد قائمة

    ضخمة من املفردات14. هذا يف جادة حماوالت وهلم الداللة بقضايا اهتموا ممن - احملدثني اللسانيني بعض اجتهد فقد ذلك مع لكن ْنَتَظم ضمن شبكة من العالقات َني (Il peut être structuré)، وأن يـُ نـْ بـَ ال15- وبّينوا أن املعىن بإمكانه أن يـُ االعضوية على الرغم من أن املراحل األوىل للسانيات أهدرته وأقصته من ميدان البحث اللساين16. غري أن هؤالء اللسانيني «يؤكدون، بناًء على خاصية الال نظام يف املعجم، أن بإمكانه الدخول ضمن خمطط بنوي ولكن بصعوبة»17، ذلك أن

    قوائم املعجم غري حمدودة ما دامت تعكس جتربة خارجة عن املدى اللغوي لعامل غري حمدود18. وحىت تؤيت الدراسة البنوية أكلها فهي تتوّسل جبملة من النظريات واملبادئ يأيت يف مقدمتها نظرية احلقول الداللية Champs sémantiques، و احلقول املفهوميةChamps notionnels ou conceptuels 19، ومبدأ التحليل املعنمي (Analyse sémique). ويبدو أن أّمهها التحليل املعنمي؛ إذ استطاع أن يستوعب الدراسة البنيوية ردة املفرتضة إىل مرحلة التحقيق واالستثمار. ا من مرحلة الفكرة ا للمعىن يف البحوث الداللية املعاصرة، وأن ينتقل ويعّد التحليل املعنمي إجراًء بنيويا يلتزم - يف ظل استعانته مببادئ الفونولوجيا- بإمكانية صورنة مفردات لغة ّما، وتنظيمها من النوع هذا ويتميز .Système taxinomique تصنيفيًا نظامًا املختلفة التقابلية ا دالال من جتعل بكيفية التحليل اللساين لدى الغربيني بكونه ال يكتفي باالهتمام بالوحدات الداللية الصغرى (الكلمات واملورفيمات)، وهي ا إىل وحدات داللية أصغر منها وأكثر بساطة، يسميها العناصر األولية للرتكيب، بل يسعى إىل حتليل تلك الوحدات ذا ،Sèmes 20ويسميها اللسانيون الفرنسيون كبواتييه وغرمياس املعامن ،Figures (ياملسليف الصور (أو الوجوه الداللية

    21 Traits sémantiques (Semantics features)وتسّمى يف الثقافة اللسانية اإلجنليزية السمات الدالليةمن احلصر، ال التمثيل سبيل على خنتارها مباحثهم اصطالحات لبعض األصولينب تعريفات نتناول يلي وفيما ا املعجمية، والنظر يف ما صدرت عنه من مبادئ وتصورات، والبحث يف مدى ما حوته من مبادئ أجل حتليل مادذا الواقع العوامل اليت ال تنتمي إىل النحو بشكل خالص، بل إىل استعماله من خالل إنتاج وفهم العبارات، وهذه العوامل هي ما يتصل باملتكلم ومبقام الكالم. 13 ُينعت

    (Dubois. J et autres, Dictionnaire de linguistique, p204.)14 اللغة العربية معناها ومبناها، دار الثقافة ـ الدار البيضاء – املغرب، ص314-315.

    Principes :1968)، ول. برييتو يف كتابه) langage du théorie une à prolégomènes 15 يف هذا السياق نذكر ما قدمه : ل. ياملسليف يف كتابه moderne sémantique une vers يف كتابه بوتييه وب. ،(1966) structurale Sémantique :يف كتابه غرمياس وج. ،(1964) noologie de

    .(1964)16 بدا سوسري يف حماضراته متحرجا من اعتماد املعىن يف الدراسة اللسانية بعد أن وجد جماالته متضاعفة وغري حمددة: فقد يكون نتيجة حلدث تقطيعي، وقد يكون قيمة داخلية يف نظام، وقد يكون ظاهرة ترابطية. (ينظر:.Dubois.J et autres, Dictionnaire de linguistique, p436) أما بلومفيلد فقد ذهب بعيدا يف إقصاء املعىن، إذ يقول: «إن تعيني املعىن هو نقطة الضعف الوحيدة يف الدراسة اللغوية»(ر. هـ. روبنز، موجز تاريخ علم اللغة (يف الغرب)، (تر/ أمحد عوض)، عامل املعرفة، رجب 1418 هـ نوفمرب/

    .( Greimas.A.J, Sémantique structurale, P.U.F, Paris, 1986, p07. :تشرين، 1998، ص342، وينظر أيضا.Arcaini.E, Principes de linguistique appliquée, p177. 17

    Ibidem, p 190. :18 ينظر Dubois.J et autres, Dictionnaire de) .19 حتديد حقل يف اللسانيات معناه، حسب الفرضيات اإلبستمولوجية، استخراج بنية جمال ّما، أو اقرتاح بنينة له.linguistique, p81)، واحلقل يكون إما دالليا أو معجميا؛ أما الداليل فهو إما جمموعة من الدوال ذات مسات معنوية مشرتكة (ومثاله: ألفاظ القرابة األسرية)، وإما جمموعة من املدلوالت املختلفة لدال واحد يعود اختالفها إىل اختالف االستعماالت املفهومية والسياقية للدال، وأما احلقل املعجمي فيتم إنشاؤه إما بتجميع كل املفردات اليت على صيغة واحدة، وهي الطريقة اليت تعرفها معاجم األلفاظ، وإما بتجميع الوحدات اليت تتصل مفهوميا بدال ّما، ويسمى هذه النوع من احلقول املعجمية باحلقول الداللية، ومنهجية حتليله هي

    .(Malberg. B, Les nouvelles tendances de la linguistique, P.U.F, Paris, 1968.p 190. :املعتمدة يف معاجم املوضوعات (ينظر20 املعنم هو وحدة الداللة الصغرى غري القابلة للتحقيق املستقل، ولذا فهي تتحقق دائما ضمن متثيل داليل، ومثاله:»له ذراع» مسة متيز األريكة يف مقابل املقعد، والكرسي.

    .(Dubois et autres, Dictionnaire de linguistique, p433,435:ينظر). O.Ducrot et T. Todorov, Dictionnaire encyclopédique des sciences du langage, p339.:21 ينظر

  • 22 THE FUNDAMENTALIST’S DEFINITIONS OF THE TERMINOLOGY

    َني A.F.Structurée ، وهي على التوايل: ألفاظ العام، واخلاص، واملطلق، واملقيد، واملشرتك، نـْ للتحليل الصوري املُبـَواملشكك، واملتواطئ.

    1- تعريف اللفظ العام:

    جاء يف القاموس احمليط: « الَعَمُم، حمرّكًة: ِعَظُم اَخلْلِق يف الناس وغريهم، والتامُّ العامُّ من كل أمر، واسُم مجع للعاّمة، وهي خالف اخلاّصة. واستوى على ُعُمِمه، بضمتِني، أي: متام جسمه وماله وشبابه. وعّم الشيء عمومًا: مشل اجلماعة، يقال: عّمُهم بالعطّية»22. ويقول الزركشي عن العام: «وهو يف اللغة: مشول أمر ملتعّدد سواء كان األمر لفظًا أو غريه،

    م، ولذلك يقول املنطقيون: العاّم ما ال مينع تصّور الّشركة فيه كاإلنسان»23. ومنه: عّمهم اخلرب إذا مشلهم وأحاط يقول الرّازي يف تعريف العام: «العام هو اللفظ املستغرق جلميع ما يصلح له حبسب وضع واحد كقولنا الرجال فإنه مستغرق جلميع ما يصلح له [...] وقولنا حبسب وضع واحد احرتاز عن اللفظ املشرتك، أو الذي له حقيقة وجماز فإن عمومه ال يقتضي أن يتناول مفهوميه معًا»24، ويعرّفه الغزايل بأنه «عبارة عن اللفظ الواحد الّدال من جهة واحدة على شيئني فصاعًدا مثل: الرجال، واملشركني، «ومن دخل الدار فأعطه درمهًا» [...] واحرتزنا بقولنا: «من جهة واحدة» عن قوهلم: ضرب زيد عمرًا، وعن قوهلم: ضرب زيًدا عمرو؛ فإنه يدل على شيئني ولكن بلفظني ال بلفظ واحد، ومن

    جهتني ال من جهة واحدة»25. إىل املمكنة التقابالت جلميع التحديد ومشولية الضبط دقة حيث من تتفاوت األصوليني تعريفات أن ونالحظ الدرجة اليت يعرتض فيها بعضهم على بعض؛ من ذلك موقف اآلمدي الذي يرى أن تعريفات اللفظ العام لدى كثري من األصوليني الذين سبقوه غري جامعة وال مانعة، ويقرتح تعريفًا يراه أحّق منها وأوىل يقول فيه: « العام: هو اللفظ الواحد الدال على مسميني فصاعدا مطلقا معا»26؛ وصرّح بأنه بناه على مجلة من االحرتازات؛ فهو حيرتز بقوله «اللفظ الواحد» عن العموم يف اجلمل والرتاكيب، وبقوله «الدال على مسميني» عن الدال على شيئني ليندرج فيه املوجود واملعدوم، وبقوله «فصاعدا» عن لفظ اثنني، وبقوله: «مطلقا» عن عشرة، ومائة، وحنوه من األعداد املقّيدة، وبقوله «معا»عن اللفظ

    ازي، إذ مها غري دالني على مسّمييهما مًعا بل على طريق البدل27. املشرتك وام يبدون فيها وعيًا واضحًا مببدأ التقابل بني اللفظ العام يتضح من قراءتنا لنصوص الرازي والغزايل واآلمدي السابقة أوبني ما ميكن أن يشتبه به أو يتداخل معه من األلفاظ النظائر، ولذلك يستعملون مصطلح االحرتاز للتعبري عن خوفهم من الوقوع يف االشتباه والتداخل حىت ال ُتطمس حدود اللفظ املعّرف وتزول معامله. وحىت ال يقع ذلك فهم يعمدون أوًال إىل ذكر خصائص مشرتكة تكون موجودة يف اللفظ العام ويف غريه من األلفاظ النظائر، وهي هنا: اإلشارة إىل أن املعّرف لفظ، والداللة على االستغراق أو العموم، مث يعمدون إىل خصائص متيزه لَيبني من سائر األلفاظ النظرية ويستقّل مفهومه عن مفاهيمها. وهذه اخلصائص هي لدى الرازي: أن تكون داللة العموم أو االستغراق يف اللفظ العام حبسب وضع واحد از، وهي لدى الغزايل: أن تكون داللة العموم بلفظ واحد ومن جهة واحدة ليتميز عموم اللفظ ليتمّيز عن املشرتك وعن االعام عن عموم الرتكيب، وأن يدل على شيئني فأكثر ليتميز عن العموم احملصور، أو املقّيد، لكنها عند اآلمدي تبدو

    22 الفريوزآبادي، القاموس احمليط،(ضبط: يوسف حممد البقاعي)، دار الفكر، بريوت– لبنان،2008، ص1029.23 البحر احمليط، ج3، ص5.24 احملصول، ج1، ص294.

    25 املستصفى، ص224.26 اإلحكام، ج2، ص413.

    27 ينظر: نفسه، ج2، ص413-414.

  • 23Tayeb DEBA / Şarkiyat Mecmuası Sayı 19 (2011-2) 17-38

    أكثر ضبطا وأدق حتديدا، ذلك أنه زاد على ما ذكره الرازي والغزايل: أن يكون لفظ العموم داال على مسميني احرتازًا عن الدال على شيئني ليندرج فيه املوجود واملعدوم، وأن تكون داللته مطلقة لَيِبني من ألفاظ: عشرة، ومائة، وحنوه من األعداد ازي اللذين يدالن على الدالة على العموم املقّيد، وأن يتحقق العموم يف أفراده باملعية، متييزا للفظه عن اللفظ املشرتك وا

    مسّمييهما داللة مشولية ولكن على طريق البدل.والواقع أن تعريف األلفاظ على هذا النحو الذي يبدأ بذكر اخلصائص املشرتكة، مث يعقبها بذكر اخلصائص املميزة يستند إىل مفهوم احلد ذاته عند األصوليني فهم يقولون يف تعريف احلد احلقيقي: « قول يشتمل على ما به االشرتاك، وعلى ما به االمتياز»28، أو أنه « ما اشتمل على مقّومات الشيء املشرتكة واخلاصة»29. مثلما قالوا يف تعريف العام ؛ ا على املعية وليس على أن يدل على العموم داللة تشمل األفراد باملعية؛ فـكون الداللة على العموم صفة مشرتكة، وكوالبدل صفة خاصة مميزة. وإن يف هذا التحديد لدليال واضحا على اعتماد موقف البنينة يف صياغة احلدود والتعريفات عند

    األصوليني، وال سيما يف حتديد املعاين املعجمية أللفاظ احلكم الشرعي. وبعض األصوليني ال يقتنع مبا تقّدم من السمات التمييزية يف تعريف اللفظ العام، ويسعى إىل تقدمي املزيد من الضبط والتحديد، مثلما فعل شهاب الدين الرملي، وعلي بن عبد الكايف السبكي، وابنه تاج الدين30 حينما يشريون إىل أن معىن العموم ما يراد به الكلية ال الكل وال الكلي31؛ ومدلول الكلية يعين أنه حمكوم فيه على كل فرد خبصوصه مطابقة، سواء كان إثباتا حنو:﴿ فاقُتلوا اُملْشرِِكَني ﴾[التوبة:5]، أو سلبا حنو: ال تقتل مسلما، وكل فرد من تلك األفراد: يسمى جزئية32. ا، مثل دالالت: املطلق، ويف سياق هذا الضبط يفرّق األصوليون بني داللة العموم وبعض الدالالت اليت ميكن أن تشتبه

    واملشرتك33، فاملطلق ما دل معىن الكلي ال الكلية، واملشرتك ما دّل على العموم على البدل. اليت الدالالت بسائر مقابلتها مبدأ من ابتداًء ينطلق العام لداللة األصويل التحديد أن إىل هنا اإلشارة جتدر تشبهها. وألن من شأن التشابه أن ُيشكل على الداللة مبا ميكن أن يثريه من تداخل واشتباه يفزع األصوليون إىل بيان وجوه االختالف والتمايز بيانا حيقق الداللة على أّمت وجه وأدق معىن، ليس يف تقابالت داللة العام فحسب بل يف سائر م استطاعوا أن جيسدوا بوضوح - وإن مل يشريوا إىل ذلك التقابالت لسائر أنواع املعاين. وإن يف ذلك ما يدّل على أا سوسري يف حماضراته، وبىن عليها تصّوره لآللية اللسانية اليت تعمل يف باللفظ الصريح - القاعدة اللسانية اليت جاء

    ضوئها سائر مفاهيم النظام، وذلك يف قوله: « تعمل اآللية اللغوية، يف جمملها، وفقا للتشابه واالختالف»34.واحلقيقة أن ما يبديه األصوليون من حرص واهتمام بالفوارق الداللية بني األلفاظ إمنا يرجع إىل شدة حترجهم مما ا يرتتب على ذلك من األحكام. وخري دليل على دقة تناوهلم ملعاين األلفاظ تلك املالحظات التفصيلية اليت يعرتض بعضهم على بعض، مثلما فعل اآلمدي باعرتاضه على ما جاء به بعض األصوليني يف تعريفهم للعام، وقد أوردناه يف

    الصفحات املاضية، وما فعله القرايف باعرتاضه على الرازي يف حتديده لدالالت العام، واملطلق، والعدد35.28 الشريف اجلرجاين، التعريفات، دار اإلميان، اإلسكندرية – مصر، (د.ت)، ص93.

    29 الزركشي، البحر احمليط يف أصول الفقه، ج1، ض102.اج 30 ينظر: شهاب الدين الرّملي، غاية املأمول يف شرح ورقات األصول، (تح/عثمان حاجي أمحد)، مؤسسة الرسالة، ط1، 1426/2005، ص148). والسبكي وابنه، اإليف شرح املنهاج، (تح/ أمحد مجال الزمزمي ونور الدين صغريي)، دار البحوث للدراسات اإلسالمية وإحياء الرتاث، ديب–اإلمارات العربية املتحدة، ط1، 1424/2004، ج4،

    ص1196- 1200. 31 ال كّل أي ال حمكوم فيه على جمموع األفراد من حيث هو جمموع، وال كلّي أي: وال حمكوم فيه على املاهية من حيث هي (ينظر: شهاب الدين الرّملي، غاية املأمول يف شرح

    ورقات األصول، ص148).32 ينظر: الزركشي، البحر احمليط، ج3، ص25.

    33 ينظر: الرازي، احملصول، ج1، ص296، والشوكاين، إرشاد الفحول، ج1 ص290-291.De Saussure , p 151. 34

    35 ينظر: العقد املنظوم يف اخلصوص والعموم، (تح/أمحد اخلتم عبد اهللا)، دار الكتيب، ط1، 1999، ج1، ص178- 186.

  • 24 THE FUNDAMENTALIST’S DEFINITIONS OF THE TERMINOLOGY

    2 – تعريف اللفظ الخاص:وُخصوصًا، َخًصا خيّصه بالشيء خّصه العرب: لسان يف جاء التفرد. اللغة يف معناه االختصاص أو اخلصوص وخّصّصه واختّصه: أفرده به دون غريه36، ويف املصباح املنري: خصصته بكذا أخّصه خصوصًا إذا جعلته له دون غريه،

    وخّص الشيء خصوصًا من باب قعد خالف عّم، فهو خاص، واختص مثُله37. ومن تعريفات اللفظ اخلاص يف اصطالح األصوليني قول السرخسي: « اخلاص كل لفظ موضوع ملعىن معلوم على االنفراد [...] ومنه يقال: اختّص فالن مبلك كذا: أي انفرد به، وال شركة للغري معه»38. ويقول يف تعريفه فخر اإلسالم البزدوي: «كل لفظ ُوضع ملعىن واحد على االنفراد وانقطاع املشاركة»39. ويعرّفه اآلمدي تعريفا حيرص فيه – كعادته يف تعريف املصطلحات - على حتديد مفهومه حتديًدا دقيقًا فيقول: « اخلاص قد يطلق باعتبارين: األول: وهو اللفظ الواحد الذي ال يصلح مدلوله الشرتاك كثريين فيه، كأمساء األعالم من زيد وعمرو وحنوه، الثاين: ما خصوصيته بالنسبة إىل ما هو أعّم منه، وحّده أنه اللفظ الذي يقال على مدلوله، وعلى غري مدلوله، لفظ آخر من جهة واحدة، كلفظ اإلنسان،

    فإنه خاص، ويقال على مدلوله وعلى غريه، كالفرس واحلمار، لفُظ احليوان من جهة واحدة»40. ويشري بعض األصوليني - فيما يساهم يف مزيد من البيان حلّد اخلاص وملراتبه - إىل صور تقابلية أخرى، فيفرقون بني كونه خاصا يف ذاته مطلقا وبني كونه خاصا بإضافته إىل ما هو أعّم منه، وهم يف ذلك ُجيرون تقابلهم ألنواع اخلاص ضمن تقابل أكرب منه هو التقابل مع نظريه العام. يقول الغزايل: «واعلم أن اللفظ إما خاص يف ذاته مطلقا كقولك: زيد وهذا الرجل، وإما عام مطلقا كاملذكور واملعلوم، إذ ال خيرج منه موجود وال معدوم، وإما عام باإلضافة كلفظ «املؤمنني» فإنه عام باإلضافة إىل آحاد املؤمنني خاص باإلضافة إىل مجلتهم إذ يتناوهلم دون املشركني»41. فهناك إذن أربع مراتب: خاص، وعام، وأعّم، وأخّص، وقد جعل القرايف املرتبتني األوليني متعلقتني بالتحديد اللفظي واملرتبتني األخريني متعلقتني بالتحديد املعنوي42، إذ يف األوليني ُتستمد الداللة من صيغة اللفظ وضعًا، بينما ُتستمّد يف األخريني من املعىن املفهوم

    من اللفظ على سبيل النسبة واإلضافة.ويف سياق اهتمام األصوليني باملعاين وّجهوا عنايتهم لتقسيم اخلاص تقسيمًا تناظريًا استمدوه من مبدأ املقابلة بني ما ميكن أن حتمله ألفاظ اخلاص من دالالت؛ فقد جعلوه أقسامًا أربعة متقابلة تقابًال ثنائيا: املطلق يف مقابل املقّيد، واألمر مقابل النهي. وفيما يلي نكتفي باستعراض تعريفات املطلق واملقيد لصلتهما التقابلية ببقية األلفاظ املعروضة يف ما يندرجان يف بنية تقابلية أخرى هذا البحث (العام، واملشرتك، واملشكك، واملتواطئ)، ونستغين عن األمر والنهي ألخمتلفة، وهي بنية يتصل نظامها البياين مباشرة بأنواع احلكم التكليفي اخلمسة؛ األمر بصيغة «افعل»، أوما يقوم مقامها (يتضمن أحكام: الوجوب، والندب، واإلباحة)، والنهي بصيغة «ال تفعل»، أوما يقوم مقامها (يتضمن حكمي: احلرمة،

    والكراهة).

    36 ينظر: ابن منظور، لسان العرب، دار صادر – بريوت، د.ت. ج7، ص24.37 ينظر: أمحد الفّيومي املقري، املصباح املنري يف غريب الشرح الكبري، دار احلديث، القاهرة، 2003، ص105.

    38 أصول السرخسي، (تح/ أبو الوفا األفغاين)، دار الكتب العلمية، بريوت، ط1، 1993، ج1، ص124-125.39 عبد العزيز البخاري، كشف األسرار، ج1، ص49).

    40 اإلحكام، ج2، ص414.41 املستصفى، ص 224، وينظر أيضا: اآلمدي، اإلحكام، ج2، ص415، والقرايف، العقد املنظوم، ج1، ص135-136.

    42 ينظر: العقد املنظوم، ج1، ص135-136.

  • 25Tayeb DEBA / Şarkiyat Mecmuası Sayı 19 (2011-2) 17-38

    2- 1- تعريف اللفظ المطلق:اُملطلق يف اللغة: املرتوك، واملخّلى سبيله، واملُرسل من غري قيد؛ ورد يف لسان العرب: «أطَلْقت الناقة من العقال فطلقت، والطالق من اإلبل: اليت قد طلقت يف املرعى [...] ونعجة طالق: ُخمّالة ترعى وحدها، وحبسوه يف السجن طلقًا

    أي بغري قيد وال كْبل [...] ويكون اإلطالق مبعىن الرتك واإلرسال»43. ا هي هي من غري أن يكون فيه داللة على يقول الرازي يف تعريف املطلق: « اللفظ الدال على احلقيقة من حيث إشيء من قيود تلك احلقيقة، سلبًا كان ذلك القيد أو إجيابًا فهو املطلق»44، ويقول اآلمدي: « هو اللفظ الدال على مدلول شائع يف جنسه»45، ويقول صدر الشريعة احملبويب مؤكًدا ما أورده اآلمدي يف نصه السابق: « اُملطلق هو الّشائع يف جنسه مبعىن أّنه حّصة من احلقيقة حمتملُة اِحلصص كثريٌة من غري مشول، وال تعيني، »46؛ قوله: «من غري مشول» متييز له عن العام، وقوله: «وال تعيني» متييز له عن العدد. ويعرّفه الزركشي تعريفا يقسمه فيه إىل قسمني حيث يقول: « التحقيق أن املطلق قسمان: أحدمها: أن يقع يف اإلنشاء فهذا يدل على نفس احلقيقة من غري تعرض ألمر زائد، وهو معىن قوهلم: املطلق هو التعرض للذات دون الصفات، ال بالنفي وال باإلثبات كقوله تعاىل: ﴿ إنَّ اَهللا َيأمرُُكم أْن َتْذُحبوا َبقرًَة ﴾ [البقرة:67]. والثاين: أن يقع يف اإلخبار، مثل رأيت رجًال، فهو إلثبات واحد مبهم من ذلك اجلنس غري معلوم

    التعيني عند السامع»47.ويورد الزركشي تقسيمًا آخر للمطلق يبدو فيه ما يعضد التقسيم السابق، يفرق فيه بني املطلق احلقيقي واملطلق اإلضايف؛ األول هو ما دّل على املاهية فقط، والثاين خيتلف حنو: رجل، ورقبة فإنه مطلٌق باإلضافة إىل رجل عامل، ورقبة

    مؤمنة، ومقّيٌد باإلضافة إىل احلقيقي48. ويف ضوء الفرق بني هذين النوعني من املطلق حيرص بعض العلماء على التفريق بينه وبني النكرة، فيقولون: املطلق هو اللفظ الدال على املاهية من حيث هي هي، والنكرة هي اللفظ الدال عليها بقيد الوحدة غري املعينة49. بينما خالف يف

    هذه املسألة آخرون ممن ال يرون مانعا يف اعتبار املطلق نكرًة50 كاآلمدي، وابن احلاجب، وعبد العزيز البخاري51. ا ومن أجل متام البيان والتدقيق يف حتديد داللة املطلق حيرص األصوليون على التفريق بينها وبني داللة العام لكوة (العام، واملشرتك، والعدد، والنكرة..). ومن أقرب ما ميكن أن تلتبس به داللة املطلق من الدالالت التقابلية املشاالعالمات الفارقة اليت حيرصون على إبرازها فيما بني املطلق والعام القول بأن عموم العام مشويل، أما عموم املطلق حنو رجل وأسد وإنسان فإنه بديل حىت إذا دخلت عليه أداة النفي أو أل االستغراقية صار عاما52، وأن العام هو الدال على املاهية مع قيد الكثرة غري املعينة، أما املطلق فهو اللفظ الدال على املاهية من حيث هي هي بال تقييد أو تعيني53. ويبدو أن حرص هؤالء األصوليني على التفريق بني العام وغريه من األلفاظ اليت قد تشتبه به ليس من قبيل التدقيق النظري يف

    43 ابن منظور، ج10، 226- 229.44 احملصول، ج1، ص 296.

    45 اإلحكام، ج3، ص5. 46 التلويح إىل كشف حقائق التنقيح، (ضبط: حممد عدنان درويش)، شركة دار األرقم بن أيب األرقم، بريوت – لبنان، ط1، 1419/1998، ج1، ص146

    47 البحر احمليط، ج3، ص415.اج، ج4، ص 1549. 48 ينظر: البحر احمليط، ج3، ص415، وينظر أيضا: التقسيم ذاته يف: الشوكاين، اإلرشاد ج2، ص6، والسبكي وابنه، اإل

    49 ينظر: الزركشي، البحر احمليط، ج3، ص414، والرازي، احملصول، ج1، ص 296.50 وقد ترتب على هذا اخلالف اللغوي « اختالفهم فيمن قال المرأته: إن محلت ذكرا فأنت طالق فكان ذكرين قيل:ال تطلق نظرا للتنكري املشعر بالتوحيد، وقيل: تطلق محال

    على اجلنس»(حاشية البناين، ج2، ص71). 51 ينظر: اإلحكام، ج3، ص5، وشرح خمتصر املنتهى، ج3، ص96، وكشف األسرار، ج2، ص35.

    52 ينظر: القرايف، أنورا الربوق يف أنواع الفروق، عامل الكتب، (د.ت)، ج1، ص172، و وينظر: الزركشي، البحر احمليط، ج3، ص119.53 ينظر: الرازي، احملصول، ج1، ص296، وعبد العزيز البخاري، كشف األسرار، ج2، ص35.

  • 26 THE FUNDAMENTALIST’S DEFINITIONS OF THE TERMINOLOGY

    ا فحسب، إمنا هو تفريق يقوم على انشغال واقعي، وحاجة تواصلية، ويستند إىل إجراء حتديد املفاهيم وضبط تصوراتداويل يف فهم النصوص ويف استنباط أحكامها؛ ومن األمثلة على ذلك أن تفريقهم بني املطلق والنكرة على ما بيناه يف َبٍة ﴾ الفقرة السابقة إمنا حصل نتيجة العرتاضهم على من يرى أن النكرة يف اإلثبات يف مثل قوله تعاىل: ﴿ فَتْحرِيُر رَقـَ

    ادلة:03] لفظ دال على العموم54 وليس مطلقًا55. [اوبعض األصوليني ال يكتفون بتقابل املطلق مع العام بل يضيفون إليه تقابالت متييزية أخرى فيقولون: «الّلفظ الّدال عليها [يعين املاهية] من غري تعّرض لقيد ما هو اُملطلق، ومع الّتعرُّض لكثرٍة متعّينة ألفاُظ األعداد، ولكثرة غري متعّينة هو العاّم، ولوحدة معّينة املعرفُة، ولوحدة غري معّينة الّنكرُة»56، إضافة إىل تفريقهم بينه وبني املقّيد كما سنرى يف املبحث

    املوايل. ادلة:03] وقوله: ﴿ إنَّ اَهللا َيأمرُُكم أْن َتْذُحبوا َبٍة ﴾ [ا ومن أمثلة املطلق يف القرآن الكرمي قوله تعاىل:﴿ فتََْحرِيُر رَقـَما وردتا عاريتني عن أي قيد من القيود َبقرًَة ﴾ [البقرة:67]، فالكلمتان: ”رقبة“، و“بقرة“ مها من اللفظ املطلق ألاملمكنة؛ فاحلديث ليس عن رقبة معينة، وإمنا عن أّي رقبة مطلقًا. وكذا كلمة ”بقرة ” وردت يف اآلية مطلقة دون قيد أو ْ لَنا َما هَي ﴾ [البقرة:68]. تعيني، ولذلك جاء سؤال بين إسرائيل بعد ذلك يبحث عن تعيينها: ﴿ قاُلوا ادُْع لنا ربَّك ُيبنيِّومن أمثلة املطلق يف احلديث الشريف قوله صلى اهللا عليه وسّلم: «ال نكاح إال بوّيل وشاهدي عدل»57، فنص احلديث

    هنا ال يتناول الويل بصفته شخصًا معينًا وإمنا هو واحد غري معني من جنس األولياء.

    2– 2- تعريف اللفظ المقّيد:جاء يف لسان العرب: «هذه أمجال مقاييد أي مقّيدات [...] وقيَّد العلم بالكتاب: ضبطه، وكذلك قّيد الكتاب بالشكل شكله [...] وتقييد اخلط تنقيطه وإعجامه وشكله. واملقّيد من الشعر: خالف املطلق [...] واملقّيد موضع القيد

    من رِْجل الفرس واخللخال من املرأة »58. أما يف االصطالح فاألصوليون متفقون على أن املقّيد خبالف املطلق، من حيث إن فيه زيادة عليه. ومن تعريفات املقّيد ما أورده عبد العزيز البخاري إذ يقول: « واملقيد هو اللفظ الدال على مدلول املطلق بصفة زائدة»59. ويقول صاحب شرح الكوكب املنري: « يقابل املطلَق املقّيُد، وهو ما تناول معيَّنا أو موصوفا بزائد، أي بوصف زائد على حقيقة

    جنسه، حنو « شهرين متتابعني، و» رقبة مؤمنة»»60. وهو نفس التعريف الذي يورده ابن قدامة61. وكأمنا املقّيد هو املطلق بعد أن خيرج عن شيوعه بوصف زائد؛ فـ»متتابعني» و»مؤمنة « من قوله تعاىل: ﴿ وَحتريُر

    54 وقد ُنسب هذا الرأي إىل الشافعي، على أن وجه حكمه فيه تقديرُه أن الرقبة يف اآلية الكرمية السابقة رقبة عامة يدخل فيها الصغرية، والكبرية، والذكر، واألنثى، والصحيحة، ا عاهة)، والكافرة، واملؤمنة. (ينظر: عبد العزيز البخاري ج2، ص35- 36، وأصول السرخسي، ج1، ص159). ومن الذين يوافقون الشافعي يف هذا احلكم الغزايل والزمنة (

    ادلة:03]، فإّنه يُعمُّ املؤمنة وغري املؤمنة» (املستصفى، ص95). إذ يقول: « وهذا نظري قوله تعاىل: ﴿فَتْحرِيُر رََقبٍة﴾ [ا55 الدبوسي، تقومي األدلة، ص123-122، والقرايف، أنوار الربوق يف أنواع الفروق، عامل الكتب، (د.ت)، ج1، ص156.

    امش: التقرير والتحبري يف شرح التحرير يف أصول اية الّسول، 56 عبد العزيز البخاري، كشف األسرار، ج2، ص35، وينظر أيضا: الرازي، احملصول، ج1، 296، واإلسنوي، الفقه البن أمري احلاج، دار الكتب العلمية ، بريوت - لبنان، ط2، 1403/1983. ج2، ص319-321.

    57 أخرجه البيهقي يف سننه الكربى من رواية ابن عباس، ومن رواية عائشة (ينظر: السنن الكربى، ويف ذيله: اجلوهر النقي البن الرتكماين، مطبعة دار املعارف العثمانية- حيدرآباد، ط1، 1354-، 1356، ص124-125).

    58 ابن منظور، ج3، ص373-374.59 كشف األسرار، ج2، ص417.

    60 ابن النجار الفتوحي، شرح الكوكب املنري، (تح/ حممد الزحيلي، ونزيه ّمحاد)، مكتبة العبيكان، الرياض،1993،ص422. 61 ينظر: الشنقيطي حممد األمني، مذكرة أصول الفقه على روضة الناظر، ص410.

  • 27Tayeb DEBA / Şarkiyat Mecmuası Sayı 19 (2011-2) 17-38

    رقبٍة مؤمنٍة فَمن ْمل َجيْد فِصياُم َشهرْيِن متتاِبعْني ﴾ [النساء:92]، صفتان زائدتان قّيدتا املطلق الذي قبلهما. ويوضح ا املعنوية ال النعت خبصوصه مثلما يريد النحاة62. ويشري بعض احملدثني – تأكيدا األصوليون أن الصفة الزائدة هنا يراد للمعىن السابق – إىل أن املراد بالوصف عند األصوليني كل لفظ يضّيق من معىن املوصوف، ويقلل من شيوعه نعتا كان،

    أو مضافا، أو ظرفا، أو جارا وجمرورا63. أما اآلمدي فيورد للمقّيد تعريفًا مميزًا، فهو يقسمه إىل تعريفني اثنني يستندان إىل اعتبارين خمتلفني؛ « األول: ما كان من األلفاظ الدالة على مدلول معني، كزيد وعمرو وهذا الرجل وحنوه، الثاين: ما كان من األلفاظ داال على وصف مدلوله املطلق بصفة زائدة عليه كقولك دينار مصري، ودرهم مكي وهذا النوع من املقيد، وإن كان مطلقا يف جنسه من حيث هو دينار مصري، ودرهم مكي، فإنه مقيد بالنسبة إىل مطلق الدينار والدرهم، فهو مطلق من وجه، ومقيد من وجه »64.

    أن يرى فهو خالص؛ مطلق هنالك يكون يكاد ال أنه إىل السابق املعىن من قريبا معناه يبدو مبا القرايف ويشري ا بالنسبة إىل ألفاظ أخر، فإن الرقبة املطلقات: رقبة، وإنسان، وحيوان، هي يف أنفسها مقّيدات إذا ُأخذت مسمياهي إنسان مملوك، وهذا مقّيد، واإلنسان حيوان ناطق، وهذا مقّيد، واحليوان جسم حساس، وهذا مقّيد، فصار التقييد

    واإلطالق أمرين نسبيني حبسب ما ينسب إليه من األلفاظ. فرب مطلق مقّيد، ورب مقّيد مطلق65.نصل مما سبق إىل نتيجة مفادها أن املقّيد نوعان: األّول يدّل على مدلوله داللة ذاتية الزمة ترجع إىل وضع أصلي حبيث إن داللته ال تنهض بزيادة لفظية يف املطلق، وذلك مثل أمساء األعالم، والثاين يستند إىل قيد عرضي تتم فيه الزيادة على املطلق لُتحّوله من داللة اجلنس والشيوع إىل داللة التعيني والتشخيص فيصري مقّيدا؛ ومن أمثلة النوع الثاين قوله تعاىل: ﴿ فاْجِلدوهم َمثاِنَني َجلَدًة ﴾ [النور:04]، فاألمر باجللد مقّيد بعدد حمدد هو مثانون جلدة، ال أكثر وال أقّل، ياَم إىل اللَّْيِل ﴾ [البقرة:187]، فالصيام مل يرد على إطالقه يف الزمن وإمنا هو مقّيد بغاية وقوله تعاىل: ﴿ مثَّ أّمتوا الصِّ

    حمددة. ا األصوليون إىل فهم تراكيب العربية وأساليبها، ويتعاملون، يف ضوئها، مع نصوص ويبدو من الطريقة اليت يسعى التشريع أن وجه األمهية يف املقابلة بني املطلق واملقّيد (أو حىت بني العام واخلاص، أو بني املشرتك واملتواطئ، أو املبّني مل، أوغريها) اعتبارها إجراًء من إجراءات العمل البياين اليت ميارسها املتكلم من أجل حتديد وجوه الداللة مبا حيقق واأغراضه ومقاصده. ولذلك فمقابلتهم بني املطلق واملقيد تأيت يف سياق تقّصيهم للدالالت النموذجية اليت ميكنها أن تساهم دراستها يف توجيه مقاصد الشرع وحتديد وجوه داللته على النحو الذي يعينهم يف استنباط األحكام66؛ فعندما أْميَاُنُكْم َمَلَكْت مَّا فِمن املُؤِمَناِت اُملحَصَناِت َينِكَح أْن َطْوال ِمنُكْم يسَتِطْع ْمل ومْن ﴿ تعاىل: قوله يف مثال، نظروا، َتياِتُكم املُؤِمناِت﴾ [النساء:25]، وجدوا فيه ما يوجب حترمي نكاح األمة الكتابية، وذلك استنادا إىل أن لفظة ِمن فـَذه الصفة خُلصوا – ا ههنا اإلماء - وردت مقّيدة بصفة ”املؤمنات“، وبسبب التقييد ”الفتيات“- وهي لفظة يراد

    بناًء على ما يقتضيه العمل مبفهوم املخالفة - إىل أن الزواج من األَمة غري املؤمنة غري مباح67.62 ينظر: الزركشي، البحر احمليط، ج4، ص30، والشوكاين، اإلرشاد ج1، ص377،ج2، ص42.

    63 ينظر: عبد الفتاح الشني، البحث البالغي يف دراسات علماء أصول الفقه، دار الكتاب اجلامعي- القاهرة،(د.ت)،ص87. 64 اإلحكام، ج3، ص5.

    65 ينظر: شرح التنقيح، ص245.ذا خيتلفون عن اللغويني والنحاة الذين ال يزيدون على أكثر من اإلشارة إىل التقابل املعنوي بني املطلق واملقيد، ومن البيان أن يف املقيد زيادة يف املعىن مبا يفي مبزيد من 66 وهم

    التمايز والوضوح.(ينظر: السيوطي، املزهر يف علوم اللغة،(شرح: حممد جاد املوىل وآخرين)، املكتبة العصرية، صيدا– بريوت،1987.ج1، ص449- 453.67 هذا فهم غري األحناف من األصوليني، أما األحناف فال يرون يف هذه اآلية ما ُيوجب حترمي الزواج من األمة الكتابية مستندين يف ذلك إىل ترك العمل مبفهوم املخالفة؛ فالنص عندهم يكون موجبا للحكم عند وجود الوصف وال يوجب نفي ذلك احلكم عند انعدامه أصال (ينظر: أصول السرخسي، ج1، ص256، وعبد العزيز البخاري، كشف

    األسرار، ج2، ص381).

  • 28 THE FUNDAMENTALIST’S DEFINITIONS OF THE TERMINOLOGY

    ك، والمتواطئ: 3- تعريف ألفاظ المشترك، والمشكِّحلظ األصوليون مثلما حلظ غريهم من اللغويني أن العرب يضعون امسًا لكل مسّمى، وأن هذا يقع يف غالب ما يقوم به وضعهم األلفاظ للمعاين، وهو ما يسّمى يف االصطالح األصويل «املتباين»68، لكنهم قد يضعون ملسمى واحد أمساء عديدة، وهو «املرتادف»69، كما يف قولنا: حضر الليث، وجاء األسد، وقد يضعون امسًا واحًدا ملسّميات عديدة، ويف

    هذا الوضع تكون الداللة على أنواع: - فإما أن يكون للقدر املشرتك ال على السواء، وهو «املشكِّك»، مثل النور الذي هو يف الشمس ويف غريها، لكنه يف الشمس أشّد منه يف غريها، « وّمسي كذلك ألنه يشّكك الناظر هل هو متواطئ لوحدة احلقيقة فيه أو مشرتك ملا

    بينهما من االختالف؟»70. - وإما أن يكون على السواء، وذلك:

    - إما يتناول املاهيات املختلفة من حيث هي خمتلفة، وهو «املشرتك»، مثل: لفظ «العني» فإنه يتناول العني الباصرة، والذهب، واجلاسوس، وغريها.

    ا مشرتكة يف معىن واحد يصدق عليها، ا خمتلفة، بل من حيث إ - وإما أن يتناول املاهيات املختلفة ال من حيث إوهو «املتواطئ»، أي تتواطأ فيه وتتوافق املاهيات، وذلك مثل: لفظ «اإلنسان»، بوصفه مفهوما جتريديا مطلقا كل إنسان

    يصدق عليه مفهوم هذا االسم71.م مل يولوها والواقع أن األصوليني وإن حتّدثوا يف كتبهم عن دالالت: املتباين، واملرتادف، واملشكك، واملتواطئ فإمن العناية ما أولوه لداللة املشرتك. ويبدو أن السبب يف ذلك يرجع إىل ما يثريه املشرتك من إشكاالت يف الداللة بسبب تنازع املسميات فيه على االسم الواحد، وهو ما ُحيوج إىل التأويل واالجتهاد، ومن ههنا احتفل به األصوليون وأفردوا له

    األبواب واملسائل، وجعلوه جماال هاما من جماالت االختالف والتعارض.ونظرا هلذه األمهية يف اللفظ املشرتك فقد نال مزيًدا من الضبط والتحديد لدى األصوليني؛ من ذلك حتديده بأنه يقع من وضع االسم ملسميات خمتلفة تشرتك يف داللته عليها حقيقًة بالوضع األول72، ويف قوهلم: «بالوضع األول» متييز له از الذي يقع بوضع ثان، أو بأنه « اللفظ املوضوع لكل واحد من معنيني فأكثر»73، أو هو اللفظ يوضع للكثري عن ا

    وضعا متعددا، ويف هذا متييز واضح له عن العام الذي يوضع لفظه للكثري وضعا واحدا74. م دائما يف حتديد الدالالت النموذجية - إىل وحرصًا على التحديد الدقيق لداللة املشرتك يسعى األصوليون - كعادا من الدالالت القريبة منها واملتقابلة معها، من ذلك متييزهم للمشرتك عن العام، ويف هذا متييزها عّما ميكن أن يشتبه الّصدد يقول البزدوي: « أما املشرتك فهو كل لفظ احتمل معىن من املعاين املختلفة أو امسا من األمساء على اختالف املعاين على وجه ال يثُبت إال واحد من اجلملة مرادا به»75، وذلك خالفا للعام الذي يوضع مستغرِقا مجيع معانيه وضعا 68 مسيت متباينة ألن كل واحد منها مباين لآلخر، وهو من البني أي التباعد، ألن مسمى هذا غري مسمى ذاك، أو من البني الذي هو الفراق، ملفارقة كل واحد من اآلخر لفظا

    ومعىن(الزركشي، البحر احمليط، ج2، ص61).69 لغًة ركوب أحد خلف آخر، واشتقاقه من ردف الدابة، يشّبه اجتماع اللفظني على معىن واحد باجتماع الراكبني على دابة واحدة. (ينظر: التهانوي، ج2، ص246،

    والزركشي، البحر احمليط، ج2، ص61).70 ينظر: الزركشي، البحر احمليط، ج2، ص51.

    71 ينظر: الرازي، احملصول، ج1، ص84-83، واآلمدي، اإلحكام، ج1، ص20-18، والزركشي، البحر احمليط، ج2، ص51-53، 112.72 ينظر: اآلمدي، اإلحكام، ج1، ص19.اية الّسول، ج2، ص114. 73 اإلسنوي،

    74 ينظر: التفتازاين، التلويح، ج1، ص77-78.75 عبد العزيز البخاري، كشف األسرار، ج1، ص60.

  • 29Tayeb DEBA / Şarkiyat Mecmuası Sayı 19 (2011-2) 17-38

    واحدا، وعلى هذا يصبح مناط الفرق بني املشرتك والعام هو تعارض االحتمال مع االستغراق، ومن جوانب التمايز بينهما كذلك أنه إذا كان االستغراق يف العام يشمل املتناهي والّالمتناهي من األفراد، « فاملشرتك جيب أن تكون أفراده متناهية»76. وهذا باإلضافة إىل ما تقّدم ذكره يف الصفحات املاضية من التقابل بني املشرتك واملتواطئ، واملشكك، وهي من الدالالت اليت يعرتضها كثري من اللبس واالشتباه نظرا لدقيق ما بينها من فوارق، حىت إن األصوليني ليختلفون حول بعض األلفاظ هل هي من املشرتك، أو من املتواطئ، أو من املشكك؟، وقد يّتهم بعضهم بعضا باالرتباك والغلط يف

    حتديد بعضها77.[البقرة:228]، ﴾ رُوٍء قـُ ثالَثَة ُفِسِهنَّ ِبأنـْ يرتبَّْصَن واُملطلََّقاُت تعاىل:﴿ قوله اهللا يف كتاب املشرتك شواهد ومن و»القرء» يف اللغة مبعىن الّطهر، ومبعىن احليض، وقوله تعاىل: ﴿ واللْيِل إذا َعْسَعَس ﴾ [التكوير:17]، و»عسعس» ُوضع ِرِمي ﴾ [القلم:20]، أي اجلنة أو البستان الذي ابُتلي به أصحاب مبعىن أدبر وأقبل، وقوله تعاىل: ﴿ فأْصَبَحت كالصَّاجلنة، و»الصرمي» من معانيه: الليل، والصبح، ومعىن اآلية: أصبحت اجلنة كالليل يف احرتاقها واسودادها، أو كالصبح

    يف ابيضاضها من فرط اليبس78.

    مناقشة وتحليل:م استطاعوا أن يقّدموا يف حتديد مفاهيم استنادا إىل التعاريف السابقة لبعض اصطالحات األصوليني ميكننا القول إم منهجا حتليليا يصدر عن نظام تقابلي دقيق ألقسام املعىن الوضعي. ومن الوجيه ههنا أن نشري إىل جمموعٍة مصطلحامن املالحظات، حناول أن نبّني من خالهلا بعض مسات املنهج التحليلي الذي يعمل به األصوليون يف وصف داللة ألفاظ م الكثري من م لداللة اصطالحا احلكم الشرعي، ويف حتديدها، وتوزيع مراتبها. والواقع أن األصوليني ُيبدون يف حتديداالتوافق مع ما يقدمه اللسانيون الغربيون يف التحليل املعنمي؛ فهم ال يكتفون بتحديد املعاين حتديدا مرجعيا حييل الكلمات إىل كيانات معزولة مثلما هو احلال يف أغلب الصناعات املعجمية القدمية، وإمنا يذهبون يف تقصي السمات احملددة هلا تقصيا يعمدون فيه إىل إدراجها ضمن جمموعات تقابلية، وحيرصون فيه على كّل ما ميكن أن يعّينها وحيّدد معاملها من دقيق الفروق والتمييزات، كأن يقال يف السمات الداللية املميزة للعام هي: االستغراق، والكلية، وأنه ال متناه، إىل غري ذلك من السمات احملددة له. وهي فروق ومتييزات تشبه إىل حد كبري السمات املعنوية أو املعامن Sèmes اليت يتناوهلا علماء الداللة البنيوية. وحىت يدرك األصوليون هذا املستوى من الفروق الداللية فهم ينطلقون يف حتديد داللة ّما من مبدأ ا، أو تتداخل معها، ومثال ذلك مقابلتهم بني العام املقابلة بينها وبني غريها من الدالالت اليت تشبهها، أو تلتبس

    واخلاص، وبني العام واملطلق، وبني العام واملشرتك.ا النموذجية تنطبق على ا تتضمن من التجريد والتعميم واالختزال ما جيعل دالال تربز أمهية هذه السمات يف كومجيع األلفاظ واملعاين اليت تصدق عليها. وميكننا أن نقّدم صورة من صور التحليل االختزايل املنمذج للداللة اللغوية عند ا أقسام املعىن الوضعي يف ألفاظ : العام، واخلاص، واملطلق، األصوليني من خالل إعادة استعراضنا للسمات اليت حددوا ا قراءة تقابلية مبنينة، وذلك باستخدام طريقة اجلداول التقابلية واملقيد، واملشرتك، واملشكك، واملتواطئ، وحماولة قراء

    املعروفة يف التحليل املعنمي:

    اية الّسول، ج2، ص129. 76 اإلسنوي،

    77 ينظر: الغزايل، املستصفى، ص26-27.78 ينظر: البيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، دار صادر، بريوت- لبنان، ط1، 2001.ج2، ص1086.

  • 30 THE FUNDAMENTALIST’S DEFINITIONS OF THE TERMINOLOGY

    األلفاظ السمة التمييزية

    املتواطئاملشككاملشرتكاملقيداملطلقاخلاصالعام

    -----(+)يراد به االستغراق بداللة الكلية

    ++++-يراد به الكلّي

    ++---+يوضع للكثري وضعا واحدا

    ++(+)-يوضع ملعىن واحد على االنفراد

    ++++-الدال على مسمياته بالبدل

    وضع للقدر املشرتك على السواء

    ++-+

    وضع للقدر املشرتك ال على السواء

    -(+)-

    (+)-الدال على املاهية بقيد الصفة

    -(+)--الدال على املاهية بال قيديتناول ماهيات خمتلفة من

    حيث هي خمتلفة(+)(+)-

    يتناول ماهيات خمتلفة من حيث هي مشرتكة

    +-(+)

    ++++يقع االشرتاك يف مفهوم لفظه

    --(+)يقع االشرتاك يف لفظه

    بقليل من التأمل يف اجلدول السابق سنجد أن الرمز «+» يعين امتالك اللفظ للسمة التمييزية، والرمز»-» يعين عدم امتالكه للسمة، والرمز «(+)» يعين حتديد السمة احملددة للمعنم النوعي، وفيه تكون اإلشارة إىل السمة التمييزية الرئيسة ا أن الداللة ال تعنيها السمة للداللة النموذجية املعنية، وقد ميتلك اللفظ أكثر من مسة رئيسة. أما اخلانة الفارغة فرياد

    سلبا وال إجيابا. م فألن مقام البحث وموضوعه ال يسمحان بأن ولئن كنا اكتفينا باستعراض تعريفات األصوليني لبعض اصطالحانستوعب مجيع ألفاظهم بالتحديد والتعريف، وألن غرضنا، من كل ذلك، التعريف مبنهجهم اللساين املتبع يف بنينة املعىن

  • 31Tayeb DEBA / Şarkiyat Mecmuası Sayı 19 (2011-2) 17-38

    م الصطالحات مباحث األلفاظ. املعجمي ضمن حتديدام أللفاظ احلكم الشرعي من حتليل داليل يبدو شبيهًا وإذا عدنا إىل مناقشة ما قدمه علماء األصول خالل تعريفابتحليالت الدالليني احملدثني تواجهنا مسألة الفتة للنظر وجديرة بالذكر والتنويه مفادها أن تلك التعريفات اليت عرضنا أمثلة منها يف الفقرات السابقة ال جندها تصدر عن املنهج التحليلي نفسه لدى مجيع األصوليني، إمنا تستند صياغتها إىل موقف منهجي خيّص األصوليني املتأثرين بدراسات املنطق األرسطي79، أما غريهم من متقّدمي علماء األصول80، وبعض املتأخرين ممن يتحرّجون من االستعانة مبفاهيم املنطق األرسطي، أو يرفضونه وُيبطلون أحكامه81 فحدود ألفاظ احلكم

    الشرعي لديهم ال تعدو أن تكون شروحًا لفظية بسيطة تكتفي بالتعرض ملرادفات احملدود. واحلق أن األصوليني املتأثرين بقضايا املنطق األرسطي يشرتكون مجيعًا يف التزام املبادئ نفسها عند تعريفهم أللفاظ م يفرِّقون بني احلد اللغوي، واحلد الرمسي، واحلد ا؛ من ذلك أ احلكم الشرعي، وإن كانوا يتفاوتون يف درجات التزامهم احلقيقي؛ فاألول ما أنبأ عن الشيء بلفظ أظهُر عند السائل من اللفظ املسؤول عنه مرادف له كقولنا: الغضنفر: األسد. والثاين: ما أنبأ عن الشيء بالزم له خمتص به كقولك: اإلنسان ضاحك، منتصب القامة، عريض األظفار، بادي البشرة. والثالث: ما أنبأ عن متام ماهية الشيء وحقيقته كقولك يف حد اإلنسان: هو جسم نام حّساس متحرك باإلرادة، ناطق82. م يعتدُّون باحلقيقي، وقد يعتّدون بالرمسي أيضا لكنهم ال يعتّدون باللفظي، وال ومفاد تفريقهم بني هذه احلدود الثالثة أيبدون له اكرتاثا، ولعّل من األسباب يف ذلك «أن احلّد يفيد تصور املنطوق بعد أن مل يكن، وهذا املعىن غري حاصل من اللفظي»83 ومنهم من ال يعتّد إال باحلقيقي84. ومن تعريفات األصوليني للحد احلقيقي كذلك أنه اجلامع املانع85، أو أنه

    « قول يشتمل على ما به االشرتاك، وعلى ما به االمتياز»86.م ملا يدل على ماهية الشيء بالتعرض جلنسه مث لفصله، كتعريف اإلنسان ومن عمل األصوليني يف إعداد احلدود بيا– مثال – باحليوان الناطق، ويسمونه احلد التام ونظريه احلد الناقص، وفيه ُيكتفى بالتعرض جلنس احملدود، ويف تعرض األصوليني للجنس والفصل ما يؤكد موقفهم من حتديد الشيء بذكر ما به االشرتاك مث بذكر ما به االمتياز مثلما سبقت

    اإلشارة إليه خالل تعريف اللفظ العام.م إن أدىن تأمل يف هذه املبادئ الداللية واملنطقية، تلك اليت يبدو أن األصوليني استثمروها يف حتديد اصطالحاأحسن استثمار، بإمكانه أن ُيفضي إىل إدراك مدى الشبه والتقارب بني ما قدمه األصوليون وما قدمه بعض املعجميني وبعض علماء الداللة احملدثني وال سّيما املختصني منهم بعلم الداللة البنوي؛ فإذا كان األصوليون حيتفلون مبا يقع به االشرتاك مث مبا يقع به االمتياز يف إعدادهم حلدود األلفاظ، فكذلك فعل علماء الداللة احملدثون؛ من ذلك ما فعله أ.ج. غرمياس، إذ يبتدئ حتليله باحملور الداليل Axe sémantique الذي ينطلق منه التقابل بوصفه جماال لالشرتاك قابال 79 املنطق األرسطي نسبة ألرسطو طاليس(322-384 ق.م) وهو فيلسوف يوناين كان عضوا بأكادميية أفالطون، وأسس مدرسة كانت ُتعرف باسم «اللوقيون»أو «بريباتوس».

    ومما اشتهر به وضعه للمنطق الصوري الذي يعتربه علم قوانني الفكر، ويعتقد أنه ضروري قبل اخلوض يف أي علم آخر. 80 مثل الشافعي واضع علم األصول، (مؤلف كتاب الرسالة)، وابن حسني البصري (مؤلف كتاب املعتمد) الذي يقدم تعريفا بسيطا للفظ العام ال جند فيه من آثار الدراسات املنطقية شيئا حيث يقول: « اعلم أن الكالم العام هو كالم مستغرق جلميع ما يصلح له» (املعتمد يف أصول الفقه، (تقدمي الشيخ خليل امليس)، دار الكتب العلمية – بريوت،

    (د.ت)، ج1، ص189). 81 كابن تيمية الذي يرى أن مفاهيم املنطق كاحلد والقياس تصورات يف األذهان ال فائدة منها ما مل تصّدق يف األعيان، وأن املطلوب باحلد هو تصديق يفتقر إىل ما تفتقر إليه التصديقات. ولذلك فهو يشرتط على من اّدعى حّد اسم أن يقدم معه الدليل.(ينظر: الرد على املنطقيني (مبحث االستدالالت)، (تقدمي رفيق العجم)، دار الفكر اللبناين،

    بريوت – لبنان، ط1، 1992، ص 102-103). 82 الكفوي أبو البقاء، الكليات، (أعّده للطبع: عدنان درويش، وحممد املصري)، مؤسسة الرسالة، بريوت – لبنان، ط2، 1419/1998، ص392.

    83 الزركشي، البحر احمليط، ج1، ص102. 84 ينظر: نفسه، ج1، ص102.

    85 بنظر: الكفوي أبو البقاء، الكليات، ص392.86 الشريف اجلرجاين، التعريفات، دار اإلميان، اإلسكندرية – مصر، (د.ت)، ص93.

  • 32 THE FUNDAMENTALIST’S DEFINITIONS OF THE TERMINOLOGY

    للمقارنة، وينتهي بالتعرض للتمفصالت املعنمية Articulations sémiques احملددة للتمييزات87، وما فعله سائر م الشكلية للمعىن، ويف مقدمتها الدالليني البنويني حينما يعمدون إىل استثمار مبادئ التحليل الفونولوجي88 يف حتليال .Traits. Distinctifs ا الصوتية، واليت تنقسم إىل صفات مشرتكة وأخرى متييزية مبدأ حتليل الفونيمات إىل صفاالداللية الوحدات على املعنمية م حتليال يف التمييزية الصوتية الصفات ملبدأ احملدثني الدالليني استثمار وجيري َني structuré للمعاين املعجمية يف الكلمات التالية: الكرسي نـْ الصغرى يف بنية املدلول الواحد؛ ففي حتديدهم املُبـَا الداللية الصغرى اليت Chaise، واألريكة Fauteuil، واملقعد الذي ال ظهر له Tabouret يشريون إىل وحداتسمى املعامن Sèmes، منها ما هو مشرتك بينها مجيعا مثل املعنمني التاليني: يصلح للجلوس، وله أربعة أرجل، أما إذا م يشريون يف حتديد الكرسي إىل املعامن التالية: يصلح لشخص واحد، وليس له ذراع (معنمان أرادوا أن مييزوا كال منها فإمييِّزان الكرسي عن األريكة، لكنه يظل مشرتكا فيهما مع املقعد)، وله ظهر ( معنم Sème مييزه عن املقعد، لكنه يظل ذين مشرتكا فيه مع األريكة)، ويشريون يف حتديد األريكة إىل املعامن التالية: يصلح لشخص واحد وأكثر، وله ذراعان (واملعنمني تتمّيز األريكة عن الكرسي واملقعد معا)، ويشريون يف حتديد املقعد إىل املعامن التالية: ليس له ظهر، (معنم مييز ما املقعد عن األريكة، لكنه املقعد عن الكرسي واألريكة معا)، وليس له ذراع، ويصلح لشخص واحد (معنمان يتميز

    يظل مشرتكا فيهما مع الكرسي).البنيوي للساين تعود إمنا Analyse sémique املعنمي التحليل مبادئ لظهور هّيأت مبادرة أول أن واحلق اعتماده خالل من والتمايز االشرتاك مبدأي إىل هذه، مبادرته يف إشارته، تبدو الذي ياملسليف لويس الدامناركي املونيمات تسمى اليت اللفظية على القطع جيره مل أن ياملسليف غري مارتيين. أ. وضعه الذي التقطيع املزدوج89 مبدأ ا حبيث إن حتليلها يفضي يف النهاية إىل وحدات Monèmes – مثلما فعل مارتيين - وإمنا فضل أن ُجيريه على مدلوال

    .Figures90 داللية صغرى يتألف مدلول الكلمة من جمموعها مساها الصور أو الوجوه الدالليةتشري كتابات ياملسليف إىل أنه استطاع أن يقّدم مبادرته - اليت هي عبارة عن حماولة يف بنينة املعىن - يف ظل بـ املسماة نظريته وضمن ،91Expression والعبارة Contenu احملتوى بني املنهجي التفريق مبدأ إىل اهتدائه Plérèmatique92، واليت ينطلق التحليل الداليل فيها من تقطيع احملتوى خالفا ملارتيين الذي يهتم بتقطيع العبارة، Cheval + Genre elle :أي فرس) اليت يتّم حتليل داللتها املعجمية إىل ما يلي) «Jument» ومثال ذلك كلمةا من عنصرين مها: a و m، بينما يتألف حمتواها (أي حصان + أنثى)93، و«العالمة اإلجنليزية «am» اليت تتألف عبار

    من مخسة عناصر هي: فعل الكينونة (be) + ضمري املتكلم + املفرد + زمن احلاضر + الصيغة اإلخبارية»94. إن نظرة عجلى يف إجراءات التحليل البنوي للمعىن على هذا الوجه الذي بيناه يف الفقرات السابقة من جهة، ويف نصوص األصوليني ا�