_ م٢٠١٥مستلة من جملة الدراية العدد اخلامس عشر لعام

مقدمة

يليق بجاللة و عظيم سلطانه ، الحمد هللا رب العالمين ، حمدا

دي األمة ، محمد صلى اهللا عليه الصالة و السالم على نبي الرحمة هاو

سلم .و

وبعد

فالخطابة ، تكتسي أهمية كبيرة عند اإلنسان ، فهي تحمل من

غية الفذة ، الطابع التواصلي ما يجعلها وسيلة من أنجع الوسائل التبلي

إضافة إلى أنها من الصناعات الكالمية التي اهتم بها العلماء و األدباء و

الفالسفة و المناطقة على السواء .فشكلت منذ القديم اتجاها يجمع اآلراء

و األفكار ؛ لسبر غورها ، و استكشاف معطياتها ، و الوقوف على

التفت اإلغريق بدءا من تقنياتها المنطقية و اللسانية و األدبية . و قد

السوفسطائيين ، و مرورا بأفالطون ، و وقوفا على تنظيرات أرسطو،

. وعدت من الصناعات التي أثارت الجدل و النقاش في و ما بعده

أوساط هذا المجتمع اإلغريقي . و عدوها حاملة أللوان البرهان و

الحوار و جميع أصول الحجاج بغرض اإلقناع و التأثير .

وقد اجتذبت الخطابة العرب أيضا ؛ للبحث في هذا النمط

لوقوف على أسرارها البنائية التواصلي ، فنطقت دراساتهم بتمكنهم من ا

فكار و بلوغ المآرب: الخطابة وسيلة مهمة من وسئل إيصال األ. و

االجتماعية و اإلنسانية و األدبية ، و المقاصد الحوارية حيث السياسية و

كل وسائل اإلثارة و اإلقناع و التحاور. بل عدت _ في جميع تنفنح على

أجناسها _ من أهم المجاالت األدبية التواصلية . و لما كانت التداولية

تهتم بدراسة اللغة من زاوية التخاطب و التفاعل االجتماعي الحي ، و

إحكام الصلة بينها و بين المقام الذي ينتجها و أطراف التخاطب و

الذي تحيل عليه ، فإن الخطابة بوصفها شكال من أشكال التبليغ المرجع

، فإنها تستجيب عميق االستجابة للمقاربة التداولية ، هذه المقاربة هي

التي تكشف لنا عن أسرار التفاعل بين الخطيب و جمهوره ، و الوقوف

على معايير إنجاح الوظائف األدبية في الخطابة ، و الكشف عن آليات

ل التواصل األدبي .اشتغا

وال يخفى على المتلقي للدراسات النقدية حول الخطابة ، اقتصار

على تطبيق مقوالت بالغة العبارة أو البالغة –في الغالب –أصحابها

النمطية ، التي تقف عند تعيين األساليب و األشكال تطبيقا تقليديا ،

الخطابي المثمر بين ال يظهر من خالله حيوية التفاعل الحي و التواصل

تتضح فيه استراتيجيات القول ، النص الخطابي و محيطه ، و ال

غيرها من المفاهيم التي تثري الدرس التداولي ، و بالتالي ووظائفه ، و

، فإن تداولية الجنس الخطابي هي الوظيفة الوسيطة التي يضطلع بها

عادات القولية هذا األثر األدبي المنتمي إلى منظومة من األعراف و ال

والتقاليد الجمالية النسبية .

النظرية التداولية ، من قصدية هذه التقنيات هي ما ركزت عليهو

متضمنات القول و استلزام حواري و نظرية األفعال الكالمية و نظرية و

الحجاج ، و كلها تبحث في كيفية فهم النص الخطابي ، و تأويله وصوال

ل لسانية تداولية ، و أخرى منطقية حجاجية إلى قصد المتكلم عبر وسائ

. كما أن المنحى التداولي في دراسته للنص الخطابي ، يحتم على الناقد

األدبي أن ينفتح على حقول معرفية و ثقافية لمعالجة هذا الجنس من

هم مكونات الشخصية المجتمعية ، الخطابات الذي يحتاج إلى ف

خصائص الوعي الجمعي ...و

طلق قد أفضى إلى إشكالية البحث في سؤال عام مفاده : وهذا المن

ما اآلليات اإلجرائية لتلقي النص الخطابي ؟ و يتفرع عنه مجموعة من

األسئلة و هي :

ماذا نقصد بصناعة الخطابة ؟ وما مفهوم التداولية ؟ وما أهم

هل تصلح لح للتطبيق على النص الخطابي ؟ والتقنيات التداولية التي تص

ولية للتطبيق على الخطابة ؟ .التدا

أسعى من خالل اإلجابة عن هذه اإلشكاليات، الوصول إلى و

الكشف عن مختلف األبعاد و اآلليات التداولية في الخطابة ، من أجل

ة الحديثة في فهم النص الخطابي إبراز دور الدراسات باللسانيات التداولي

: الخطابة و التداولية تحليله .من هنا كان اختياري لعنوان هذا البحثو

نحو وسيلة إجرائية لتلقي النص الخطابي ، و ذلك بهدف لفت االنتباه

النقدي لهذه النظرية ، و إعمال الدرس فيها باالختيار و التنظيم و

العرض المنهجي لمفاهيمها و آلياتها ، وتيسير إجراءاتها للمقاربة

التحليلية للخطابة تحليال سليما و منطقيا .

ثم جاء مبحثا الدراسة لمعالجة هذه اإلشكالية . فتخصص األول

التاريخي ؛ و ذلك –لتناول الخطابة و التداولية في بعديهما النظري

بهدف الوقوف على القراءة النظرية و التاريخية للخطابة خاصة ،

والعرض النظري للتداولية .ثم تاله المبحث الثاني ليفصل الحديث عن

جرائية التي يلج بها الناقد النص الخطابي من خالل تناول اآلليات اإل

تداولية المتكلم و المخاطب و تداولية الخطاب سواء مع السياق أو

الخطاب في ذاته .

مجموع اقتران الزوج : الخطابة وتشكلت خاتمة البحث من

التداولية ، وتالها التوصيات و المقترحات . و قد اعتمدت في معالجة و

مناهج أهمها : المنهج التداولي هذا البحث مجموعة الموضوعات

الوصفي ، فالتداولي انطالقا من أهم األفكار التي جاءت بها النظرية و

الدراسة اللسانية التداولية . التداولية ، و الوصفي ؛ ألنه يتناسب مع

تتبع ظاهرة الخطابة عبر عصورها كذا استعنت بالمنهج التاريخي في و

تطورها .و

وكأي بحث ال ينطلق من العدم ، بل شكلت عدة بحوث مرجعية

مفهومية ، و منهجية ، كانت منطلقا الختيار هذا البحث ، و استقيت من

مياهه فكرته ، و أهمها :

: في بالغة الخطاب اإلقناعي ، مدخل كتابا د/ محمد العمري

التخييل . والبالغة الجديدة بين تطبيقي لدراسة الخطابة العربيةنظري و

والتداول .

إال أن وجود بحث مستقل يؤطر لآلليات التداولية في معالجة

النص الخطابي ، فهذا ما خلت منه المكتبة النقدية ، لذا سعى هذا البحث

لتغطية هذا الجانب الذي يفتقر إليه كثير من الباحثين .

و نسجها واهللا ، اسأل أن أكون قد وفقت في التقاط الفكرة ،

أفكارها ، ثم الوصول إلى النتائج المبتغاة .عرض و

التداولية : مقاربة نظرية –المبحث األول : الخطابة

تاريخية–أوال : الخطابة : مقاربة نظرية

ماهية الخطابة-١

في االصطالح٢-١في اللغة ١-١

وظيفة الخطابة : نظرة تاريخية-٢

في الثقافة الغربية ٢-٢في الثقافة العربية ١-٢

الطبيعة البنائية للخطابة-٣

الطابع التواصلي للخطابة١-٣

اإلقناع و التخييل في الخطابة٢-٣

التلقي النموذجي للخطابة في النقد األدبي القديم-٤

تلقي الخطابة في ٢-٤تلقي الخطابة في النقد الغربي القديم ١-٤

النقد العربي القديم

: التداولية : مقاربة نظريةثانيا

ماهية التداولية-١

المفهوم االصطالحي٢-١المفهوم اللغوي ١-١

التواصل–مفاهيم أولية : الخطاب -٢

التداولية و الحقول المعرفية -٣

التداولية في الفكر النقدي القديم-٤

ثثمار المبح

مقدمة

و التاريخي للخطابة في يختص هذا المبحث بالعرض النظري

شقيها الغربي و العربي ، و ال يقف على استعراض تطورها عبر

العصور القديمة أو الحديثة ؛ ألن هذا ليس من بؤرة اهتمامه ، وإنما

يهدف إلى إلقاء الضوء على مفاهيمها و طبيعتها البنائية و وظيفتها ، ثم

و حقولها المعرفية ، استعراض النظرية التداولية ؛ وقوفا على ماهيتها

ثم النشر المعرفي للجذور العربية للدرس التداولي الحديث ، وذلك

إليجاد قنوات اتفاق و جداول التحام بين التناول التداولي و الفن

الخطابي ، و صالحية اآلليات اإلجرائية التداولية للتطبيق على النص

الخطابي بحكم طبيعته التواصلية و اإلنجازية .

ماهية الخطابة -١

في اللغة١-١

تداولت المعاجم العربية القديمة الجذر اللغوي للفظة " خطابة "،

الرحلة اللغوية التاريخية الستعراض المعاني المختلفة التي أوردها و

علماء اللغة لهذا الجذر تكشف أن المعنى اللغوي يرتبط بأواصر قربى

. و بنظرة عجلى على تلك االتعريفات نقف مع المعنى االصطالحي

على ذلك .

. وفالن فقد جاء : سبب األمر " الخطب " العين في كتاب

يخطب امرأة و يختطبها خطبة ، و الخطاب : مراجعة الكالم ،

")١(الخطبة : مصدر الخطيب " و : "خطب " . أما ابن فارس فيقول

ل : خاطبه الباء أصالن : أحدهما الكالم بين اثنين، يقاالطاء والخاء و

لخلیل بن أحمد الفراھیدي ، كتاب العین ، مادة ( خ ، ط ، ب ) .ا) ١(

و الخطبة الكالم المخطوب به يخاطبه خطابا ، والخطبة من ذلك .

والخطب : األمر يقع ، و إنما سمي بذلك لما يقع فيه من التخاطب و ...

". فابن فارس يعين علة تسمية األمر بالخطب ، رابطا ذلك )١(المراجعة

، وال يخفى بالمعنى األساسي للجذر " خطب " و هو : الكالم بين اثنين

كالم ما في ألفاظ ( الخطب ، و الخطبة ، و الخطبة ) من مراجعة و

" و قد خاطببين طرفين ، و : ه بالكالم خطابة يضيف ابن منظور

ب حسن الخطبة و ج هما يتخاطبان ... و رجل خطيمخاطبة وخطابا و

خطب ( بالضم ) خطابة ( بالفتح ) صار خطيبا و / خطيب خطباء و

.)٢(و المشاورة "اطبة المفاعلة من الخطابالمخ

المتفحص في المعاني اللغوية لمادة " الخطب " يجد تناسقا و

واضحا بينها و بين المعنى االصطالحي للخطابة ، فالخطابة تحتوي

على أمر عظيم له سبب يتطلب التخاطب بين طرفين ، و المباشرة في

. و هذا المعنى و شأنالكالم ، كما أن لها حاال معينة ا عند الناس

اللغوي للفظ مرتبط ارتباطا وثيقا بالمعنى االصطالحي لها .

في االصطالح٢-١

لقد تجاذب النقاد و البالغيون و الفالسفة أطراف هذا الفن ، فأدلى

كل بدلوه في بئر مفاهيمها بدءا من أرسطو في كتابه " الخطابة " فحدد

" فالريطورية قوة تتكلف اإلقناع الممكن مفهومها االصطالحي بقوله :

" . فالخطابة عند أرسطو " صناعة )٣(في كل واحد من األمور المفردة

مدارها إنتاج قول تبنى به اإلقناع في مجال المحتمل و المسائل الخالفية

بن فارس ، معجم مقاییس اللغة ، مادة ( خ ، ط ، ب ) .ا) ١(خ ، ط ، ب ) .ور ، لسان العرب ، مادة ( ظ) ابن من٢(رحمن ٣( ) أرسطوطالیس ، الخطابة ، الترجمة العربیة القدیمة ، تحقیق و تعلیق عبد ال

.٩ص ١٩٧٩بدوي ، دار العلم ، بیروت ، لبنان

القابلة للنقاش ، بمعنى أنها عالقة بين طرفين تتأسس على اللغة و

ين فيها أن يؤثر في الطرف المقابل جنسا الخطاب ، يحاول أحد الطرف

من التأثير يوجه فعله ، أو يثبت لديه اعتقادا أو يمليه عنه ، أو يصنعه

".)١(له صنعا

يعرفها ابن رشد " و الخطابة هي قوة تتكلف اإلقناع الممكن في و

راه يركز على الهدف من ". و ن)٢(المفردة كل واحد من األشياء

ناع ، و اإلقناع في الخطابة ال يتخصص في علم معين هو اإلقالخطابة و

، بل في أي مقولة كانت ، و في أي جنس كان .و يعرفها الجرجاني "

أو مظنونة عن شخص معتقد فيه ، قياس مركب من مقدمات مقبولة ،

الغرض منها ترغيب الناس فيما ينفعهم من أمور معاشهم و ومعادهم و

" . و هو تعريف يجاري أهل المنطق )٣(كما يفعله الخطباء والوعاظ

في تعريفاتهم ، فهناك مقدمات مقبولة حول موضوع معين من شخص

موثوق فيه ، تهدف للوصول إلى نتائج معينة تتعلق بالترغيب و

الترهيب و اإلقناع .

لذا عدها النويري من العلوم المنطقية الخمسة التي ذكرها في و

الغيون فينظرون إلى التفرقة بينها و بين . أما الب)٤(كتابه نهاية األرب

: الشعر ، فهذا أبو هالل العسكري ينظر إل ى شكل الخطابة فيقول

ات ١( ) حمادي صمود ، مقدمة في الخلفیة النظریة للمصطلح ضمن كتاب ، أھم نظریلة صإشراف حمادي الحجاج في التقالید الغربیة من أرسطو إلى الیوم ، مود ، سلس

.١٢اآلداب جامعة اآلدابو الفنون و العلوم اإلنسانیة تونس ص.٧ت د.ت ص وعبد الرحمن بدوي ، بیرتحقیق ، ) ابن رشد ،تلخیص الخطابة ، ٢(ات ، ٣( م التعریف ق ، ) الجرحاني ، معج یلة ، تحقی اوي دار الفض دیق المنش د ص محم

.٨٧القاھرة ، دار الكتب العلمیة ١ة طقمیحمفیدقیق ، نھایة األرب في فنون األدب تح،لنویريا) ٤(

١٥/١٩١، بیروت

اعلم أن الرسائل و الخطب تتشاكالن في أنهما كالم ال يلحقه وزن وال "و

" . فالخطابة فن يعتمد على الموهبة ، يردفها خبرة و ممارسة ، )١(تقفية

وم له قوانينه و قواعده و وسائله ، يجب على و لذا صارت علما من العل

الخطيب إتباعها للوصول إلى غايته . فالخطابة يمكن تعريفها بأنها : فن

نسج الكالم و إلقائه في شكل جمالي للتأثير في نفوس المتلقين الستمالتهم

و إقناعهم بفكرة معينة .

وظيفة الخطابة : نظرة تاريخية-٢

اق الذي تلقى فيه ، و تكتسب طابع الحياة تعكس الخطابة صورة السي

السائدة ، و تعكس صورة المجتمع عامة ، و الفرد خاصة . لذا ، وجدنا

تباين غاياتها و أهدافها . فلقد عرف اإلنسان الخطابة منذ القدم ، وقتما

آلخرين ، فضال عن إدراكه للغة تولدت لديه الرغبة للتواصل مع ا

في قدرتها على تبليغ حاجاته المتنوعة . فاتخذ إتقانها ، زيادةمها وتعلو

منها وسيلة للتعبير عن مقاصده وإيصالها إلى اآلخرين ، واشتدت

الحاجة إليها وقت الصراعات المختلفة ( القومية ، السياسية ،

االجتماعية ) إليجاد وسائل خاصة لتغيير مسار حياته .

في الثقافة العربية ١-٢

ة الخطابة قبل مجيء اإلسالم ، فرض العصر عرفت الثقافة العربي

وجودها ، ووجدت البنية التي تفرضها خاصة ، لما عرفه المجتمع في

تلك الفترة من الحكم القبلي و زعزعة النظم السياسية ، حيث عرفت

ازدهارا كبيرا لدواع مختلفة منها : طبيعة العصر الفروسي ، و طبيعة

عر ، تح ١( ة و الش اب الصناعتین ، الكتاب كري ، كت ق ، ) أبو ھالل العس د قی ي محم علة ، ط ب العربی اء الكت راھیم ، دار إحی ل إب و الفض د أب ١٩٥٢، ١البجاوي ، محم

.١٣٦ص

ته من دون غيرها ، و فخره بنفسه و تعصب العربي لقبيلوالصحراء ،

قومه ، مما يبين " إلى أي مدى كانت الخطابة تسهم في الحياة الجاهلية

.)"١(عامة

أكد عصر صدر اإلسالم أهميتها ، و سارت في ركاب الدعوة و

اإلسالمية ، تخدم أغراضها و تنشر تعاليم اإلسالم ، بل كان

لك الفترة ، و أكفأهم ، حيث " الرسول ( صلى اهللا عليه وسلم) خطيب ت

واظب على إلقاء الخطب في الناس مبينا ما حل اهللا و ما حرم ، و

مطالبا في الوقت نفسه بأن تسود المجتمع العتيد روابط اجتماعية مبنية

.)"٢(على األسس التي جاء بها اإلسالم

ظلت الخطابة لها أهميتها في عصر الخلفاء الراشدين ، فكانت وسيلةو

نشر الفضائل في نفوس المؤمنين لنشر تعاليم الشريعة اإلسالمية ، و

العمل بها ، إلى أن كثرت الفتن و األزمات زمن الخلفاء ، فحاولوا و

إيجاد الحلول لمواجهتها و التصدي لها ؛ فاتجه الخلفاء إلى مخاطبة

م المسلمين لتهدئة النفوس الثائرة . و شاركهم النساء الخطيبات في القيا

بهذا األمر. فينسب لهم الدور الفاعل في قيام المجتمع اإلسالم آنذاك ، و

تغيير مسار األمور الموجودة في زمانهم .

أضحت الخالفة في زمن بني أمية صناعة يسعى الكتسابها و معرفة و

أصحاب الملل و النحل و غيرهم . قواعدها : الخلفاء و الحكام و

. و نظرا لوظيفة وظفت لخدمة الشأن السياسي و و االجتماعي آنذاك

ابة العربية ، و الخطابة في هذا العصر كانت محطة أساسية في الخط

.٣٢فن الخطابة و تطوره عند العرب ، دار الثقافة بیروت ص لیا حاوي ، إی) ١(ة ٢( ة العربی ي البالغ ة ف ة ، ، ) سمیر أبو حمدان ، اإلبالغی دات الدولی ورات عوی منش

.١١٧بیروت ، لبنان ، ص

تطورا في موضوعاتها فقد " كان ظهور الفرق و عرفت ازدهارا و

األحزاب السياسية في عصر بني أمية داعيا الزدهار لون من الخطابة ،

.)١(عن المهارة البيانية "يعتمد الجدل و قرع الحجة بالحجة ، فضال

وكان االنفتاح على الثقافات المجاورة : اليونانية ، الفارسية من دواعي

ارتقائها ؛ بل من الثمار التي جناها العقل العربي جراء هذا االنفتاح "

" . )٢(أنه راح يتميز بقوة الجدل و المحاجة

الصراعات ليس أدل على وظيفة الخطابة في هذا العصر ، دورها فيو

) الذي شارك في تفعيل ( المناظرة المذهبية، فظهر لون جديد يدعى

.)٣(الخطابة و نشاطها

شهد عصر بني العباس استمرارا للصراع بين الخصومات ، و و

انتشرت الثقافة العربية و تنوعت مناهلها ، و استوعبت كثيرا من

الثقافات

طابة ، و وظفت لخدمة األخرى ، األمر الذي أدى إلى ازدهار الخ

األهداف القومية و السياسية ، و اتخذت أداة في بيان حق العباسيين في

ندلس، فقد عرف العصر هذا . و لم يقل الحال أهمية في األ)٤(الحكم

ذلك النجاز اللغوي الفعال ، على غرار ما كان منتشرا من الفنون الفن و

األدبية في المشرق العربي .

.١١٥صر بن أمیة ، د.ت ، ص ع) إحسان النص ، الخطابة السیاسیة في ١(.١٢٠البالغة العربیة ص ) سمیر أبو حمدان ، اإلبالغیة في٢() ینظر السابق ، نفس الصفحة .٣(، عصر دیني) ینظر محمد طاھر درویش ، الخطابة في صدر اإلسالم ، العصر ال ٤(

.١٠٨ص ١٩٦٥البعثة اإلسالمیة ، دار المعارف

في العصر الحديث صناعة للكالم ، و ظهر عدد كثيرأضحت الخطابة و

من الخطباء منذ بداية عصر النهضة ، يسعى صاحبها إلى تحقيق هدف

معين : سياسي ، اجتماعي ، ثقافي ...

في الثقافة الغربية ٢-٢

اعتبرت الثقافة اإلغريقية المهد الذي احتضن هذه الصناعة الكالمية ،

، و شكلت دراساتهم تلك الحصة األكبر و بل اتجهت إلى درس قواعدها

النصيب األوفر في هذا العلم ، فقد بلغت عنايتهم به مبلغا كبيرا ، بل و

السعي إلى امتالك ناصيته . و كان السوفسطائييون هم أول من أولوا به

" حركة فلسفية و ظاهرة اجتماعية ، برزت في اهتماما و هم يعدون

. و قد تميز روادها بالكفاءة اللغوية ، و القرن الخامس قبل الميال د

البالغية و الخبرة الجدلية ، و يتجلى ذلك من خالل تسميتهم التي كانت

"١(تعني الحكيم الخبير بكل فن و أسلوب . فقد كان الناس يترددون )

إليهم الكتساب فنون و أساليب هذا العلم و تمرسه ؛ إذ " كانوا يعلمون

ومهم في ميدان السبق الكالمي ، رق التغلب على خصالشبان في أثينا ط

كيف و

" .)٢(سون عليهم الحقائق بيغالطونهم ، و كيف يل

تعانة بها في استمالة العقول ، بل تعد حدود اهتمامهم بالخطابة إلى االس

محاولة إبعادها عن ميتافيزيقا الفلسفة و المنطق التي طغت على الحياة و

" الفكرية و اللغوية آنذاك ، و استعانوا في سبيل تحقيق هاته الغاية

بخبرة بالغة في مقامات الناس والقول معا ، و أيضا بآليات إجراء اللغة

" يستهلون )٣(بحسب المقاصد و الظروف التواصلية . و قد كانوا "

ي البالغة المعاصرة ا) محمد س١( د -لم األمین الطلبة ، الحجاج ف ي بالغة النق ث ف بح.٢٤ص ٢٠٠٨الطبعة األولى حزیران / یونیو ، دار الكتاب المتحدةالمعاصر

في أزھى عصورھا عند العرب ، دار ھا ) محمد أبو زھرة ، الخطابة أصولھا تاریخ٢(.٩ص ١٩٣٤الفكر العربي ، الطبعة األولى مارس

ة النق –حمد سالم األمین الطلبة ، الحجاج في البالغة المعاصرة م) ٣( ي بالغ ث ف د بح.٢٥المعاصر ص

خطبهم بإثارة القضايا العامة ، ثم يتنقلون فيها إلى األمور الخاصة التي

. )١(يريدونها منه تتجلي لنا وظيفة و أهمية الخطابة في الفكر و"

السوفسطائي.

كان للبيئة اإلغريقية الدور األكبر في االهتمام بالخطابة ، و ازدهارها و

ل نشر الحرية و ، حيث توفرت لها الظروف المناسبة في ظ

فرض الحقوق السياسية ، و تحقيق العدل و المساواة . الديموقراطية ، و

المجتمعي للخطابة و ممارستها ، صار ضروريا انتقالها و مع االنتشار

من ميدان العملية إلى الساحة النظرية ، فأضحت علما و صناعة لها

ابة و العودة إليها قوانينها و قواعدها التي ينطلق منها في بناء أي خط

الدراسة .في التحليل و

سطوطاليس وبلغ االهتمام بالخطابة مبلغه في هذا العصر ، بدراسات أر

، حيث إن هناك من جعله فارس هذه الصناعة و معلمها ، فقد جعل

" جمع فيه مفاهيم هذا مجموعة من محاضراته كتابا سماه " الخطا بة

استنبط أصوله و قوانينه . و اعتبر الخطابة أداة فاعلة ذات العلم و

.وظيفة إقناعية تأثيرية ، تجعل من الخطاب الوسيلة المناسبة لتحققها

لتوظيفها في السياقات السياسية شهدت الثقافة الالتينية ازدهارا للخطابة و

االجتماعية . و لنجاعتها لجأ الناس إليها للقضاء على األنظمة السياسية و

السائدة في تلك الفترة ، فحين " ناهض الشعب الروماني األرستقراطية

كفاحه ، و كان في القرن األول قبل الميالد ، كانت الخطابة عماده في

د ١( ة ، )دلیل محمد بو زیان و آخرون ، إعداد و تقدیم مخلوف سید أحم ات عالق تجلیمن اب ، ض ة الخط ى بنی ة إل اب البنی ن خط اني ، م ر الیون ي الفك المعنى ف ظ ب اللف

منشورات االختالف ، الجزائر ، ،كتاب اللغة و المعنى ، مقاربات في فلسفة اللغة .٢٣م ص ٢٠١٠ھـ/١٤٣١الطبعة األولى

" . و كان للدور الفاعل للخطابة حضوره في )١(شيشرون أعظم خطبائه

اهتمام رجال الدين و الكنيسة بها ، و اتخذوها وسيلتهم في الدعوة

استغاللها في تحقيق فلجئوا إلى الملكة اللغوية ، والتبشيرية ، والدينية

مقاصدهم الدينية .

ث مكانة كبيرة في ظل األوضاع تبوأت الخطابة في العصر الحديو

السياسية واالقتصادية واالجتماعية التي يعاني منها هذا العصر. فكانت

فرس الرهان لمن يريد بلوغ الهدف و تحقيق المقاصد .

الطبيعة البنائية للخطابة -٣

الطابع التواصلي للخطابة ١-٣

فيه إن التواصل اللغوي االجتماعي هو الوسط الطبيعي الذي يعيش

اإلنسان ، و هو الهواء الذي يتنفسه ، و به يرتقي فكره ، و به يتمكن

من التأقلم مع محيطه االجتماعي . و ما التواصل األدبي إال شكل من

في جميع –أشكال تطوير التواصل االجتماعي . و تجسد الخطابة

أهم المجاالت األدبية التواصلية ، و التي تكشف عن أسرار –أجناسها

" الت فاعل بين الخطيب و جمهوره ، بل هناك من اعتبر أن الخطابة

ليست بجنس أدبي أو بلون من ألوان الكالم الفني في أي حضارة من

الحضارات ، بل هي شكل من أشكال التواصل االجتماعي ، أو اآلداب

". فالخطابة من )٢(االجتماعية في سياسة األفراد للمجموعات عبر الكالم

نسيج اجتماعي يشمل مناحي الحياة ، فهي صناعة قولية هذه الزاوية

إقناعية تحمل

الم ١( در اإلس ي ص ة ف ش ، الخطاب اھر دروی د ط دیث –) محم ر الح ر –العص عص.١٠٨ص ١٩٦٥دار المعارف ، ة اإلسالمیة ثالبع

ة ، المركز ٢( ى اإلدراكی ة إل ) صالح بن الھادي رمضان ، التواصل األدبي من التداولی.١٠٨ص ٢٠١٥، ١الثقافي العربي ط

السامع على االقتناع بمقدمات مختلفة الصحة في جميع /المتلقي

الموضوعات .

فالخطابة ال تطمح إلى تحقيق جمال القول بشكل مطلق ، بل تلتحم

بالظرف التاريخي ، و ظروف التلقي و ما يمليه من مؤثرات اجتماعية

فهي تؤسس لفعل يراعي التفاعل التخاطبي نفسية ألحوال السامعين.و

في كل مقام من مقامات القول ، فالخطيب ال يتجه في خطبته إلى طرف

تخاطبي في كل مقام من مقامات القول . فالخطيب ال يتجه في خطبته

إلى طرف تخاطبي صادفها ، كال ، بل إنه يدخل عالم الخطبة من خالل

. فالخطابة وضعية اجتم اعية و عالم فكري و اجتماعي مخصوص

منذ العصور الشفاهية حيث كانت تمأل الفضاء العام في - العربية

على اختالف مقاماتها أسهمت في تنظيم الحياة العامة ، وما -الجاهلية

ذاك إال تأكيد للبعد التواصلي للخطابة . يرتكز االتصال الخطابي على

طرفين المتحدث و المتلقي ، ويعتمد التفاعل التفاعل االجتماعي بين

اعتمادا كامال على التواصل ، فبدون التواصل ال يوجد تفاعل ، ففيه

ينشأ التجاذب أو التنافر ، و به يتم التجانس أو يظهر التباين . وحسب

هذا المفهوم ؛ فإن الحدث االتصالي/الخطابي يدور حول األثر اإلقناعي

االتصالية .كهدف يحكم التفاعلية

اإلقناع و التخييل في الخطابة ٢-٣هناك عالقة تفاعلية بين المخاطب و المخاطب ، تعرف بالوظيفة التفاعلية ، و هي التي يقيم الناس بها عالقاتهم االجتماعية و يحققون . و تهدف الخطابة إلى غاية ألنفسهم غاياتها بهدف التأثير و اإلقناع

، فهو عنصر مهم منها ، و يعرف اإلقناع بأنه " واحدة و هي اإلقناع مجموع قوانين تعرف الدارس طرف التأثير بالكالم ، و حسن اإلقناع

بالخطاب ، و هو مظهر من مظاهر اإلحساس بقوة الكالم و جدواه ،

" ١(الذي ال يتم إال في ظروف خاصة ، أي ما ينبغي أن يتجه إلى ) المختلفة ، و ما يجب أن تكون المخاطب من المعاني في الموضوعات

عليه ألفاظ الرسالة و أساليبها . بل إن اإلقناع يعد المحور الذي يدور عليه تعريف أرسطو للخطابة . فعرفها بأنها " قوة تتكلف اإلقناع الممكن

" . و يعرفها أيضا بأنها " صناعة )٢(في كل واحد من األمور المفردة قناع في مجال المحتمل و المسائل الخالفية مدارها إنتاج قول تبنى به اإل

القابلة للنقاش ، بمعنى أنها عالقة بين طرفين تتأسس على اللغة " . )٣(والخطاب ، يحاول أحد الطرفين فيها أن يؤثر في الطرف اآلخر

فتعريف أرسطو للخطابة يدل على أنها ملكة لتنظير لما هو مناسب لكل أشكال الخطاب التي تحدث لإلقناع في كل حالة ، أي التنظير

اإلقناع . فاإلقناع بهذا التصور هو عملية فاعلة تحمل الفرد على التصرف والتفكير اإلرادي ، وفق القائم باإلقناع الذي ال يكتفي بمجرد استقبال الرسالة / الخطابة ، وإنما يستهدف إحداث اإلقناع لدى الجمهور

اإلقناع بهدف إحداث عملية المستهدف . و تقوم الخطابة على عنصر " . تأثير مباشرة و قصدية على آراء و سلوكات و معتقدات األفراد ففاعلية االتصال تتوقف بالنسبة للخطيب على الخلق المسبق لمجال

. وقد ذكر أرسطو أن هناك ثالثة أنواع من )٤(للوفاق و التفاهم "

ة ، الخطابة أصولھا ، تاریخھا " في أزھى عصورھا عند العرب ، ) محمد أبو زھر١(.٧دار الفكر العربي المعاصر ص

.٩ص ، ) أرسطو ، فن الخطابة تحقیق عبد الرحمن بدوي ٢(وم ، ھمود ، أص) حمادي ٣( ى الی ة من أرسطو إل د الغربی م نظریات الحجاج في التقالی

.١٢ص ال االم) ٤( ان ، االتص د برق اعحم ة قن ع دراس ة م ة نظری ة مقارب الل الخطاب ن خ ي م

ة اآلداب و تیر كلی ب ، ماجس ي طال ن أب ي ب ام عل ب اإلم ن خط اذج م ة لنم تحلیلی.٤٨ص ٢٠٠٢اللغات ، جامعة الجزائر ،

" فأما التصديقات التي قد يلجأ إلها المتكلم من أجل اإلقن : اع ، يقول

التصديقات التي نحتال لها بالكالم فإنها أنواع ثالثة ؛ فمنها ما يكون بكيفية المتكلم و سمته ، و منها ما يكون بتهيئة للسامع و استدراجه نحو

" . و منه نرى أن )١(األمر ، و منها ما يكون بالكالم نفسه قبل التثبيت ن المعطيات ؛ منها ما يرتبط اإلقناع في الخطابة يرتهن بمجموعة م

بالمتكلم و منها ما يتعلق بالمتلقي ، ومنها ما يبقى على صلة بالرسالة اللغوية نفسها . لذا البد أن تخضع األقوال لقواعد و ضوابط تحدد

فائدتها اإلقناعية .

وبهذا تتحقق الغاية من العملية اإلقناعية ، و هي التأثير بالقول على

قتناع ، أو قصد إفهامه مقصودا محددا ، و من هنا المخاطب قصد اال

يكون التوجه إلى المخاطب في مناسبة معلومة و في موضوع خاص

بمراعاة شروط تحصيل المطلوب .

يخضع اإلقناع للقوانين التي تحكم عملية اإلدراك و المعرفة و الدافعية ،

الداللية –الخطابة على الوسائل المنطقيةوعلى هذا يعتمد اإلقناع في

وسائل أخرى غير لغوية ؛ كالرمز والوسائل اللغوية ، و يضاف إليها

–عمدة الوسائل المنطقية )٢(اإلشارة و حركة الجسد . و يمثل الحجاجو

الداللية و يلعب دورا فاعال في اإلقناع ، ترفده العناصر التخييلية

الت ، أي تحقيق األسلوبية، و التي تتدخل في إيصال المحتويات و الدالو

. ٩وي صد) أرسطو ، الخطابة ، تحقیق عبد الرحمن ب١(ة ٢( ا تش و، ) یجد الحجاج جذوره و خصائصة في كل أنماط الخطاب و الخطاب مل تم

اع ر و إقن دل و تبری ن ج ھ م ة . علی ا تبعی دم تابع ذ الق اج من وم الحج ان مفھ ذا ك لاث و ض األبح ا بع تدعیھ ، أم ھ و تس ال تتطلب االت أفع تعمالیة لمج ویة و اس عضذه ت ھ ث تفاعل ا ، حی ا بھ وعا خاص ھ موض ت من د جعل ة فق ات الحدیث الدراس

ور ھذه الدراسات یشیر الدراسات مع اللسانیات و المنطق و الفل سفة ، و من منظذي ی مني ال ریح أو الض اب الص ك الخط ى ذل تالحجاج إل ام فھدس اع و اإلفح اإلقن

معا ، مھما كان متلقي ھذا الخطاب ، و مھما كانت الطریقة المتبعة في ذلك .

التأثير . ألن هذه العناصر تتعلق بكيفية انتقاء عناصر العبارة ، و تناغم

ها و االستعارة و االشتقاقات ، األصوات اللغوية و إيقاع العبارة و نبرات

باقي الطاقات اإلبالغية و التعبيرية التي تلعب دورا متناقضة بالنسبة و

لوضع الحجج داخل النص الخطابي .

معنى المألوف في الخطاب للكلمة المستعملة مجازا معنيين : الإن

المجازي ، ويكون مختلفا باختالف المقام أو السياق . و تكمن الحرفي و

حجاجية المعنى في اختيار المتكلم للوجهة المجازية التي يستطيع بها

–إقناع المخاطب بالمعنى الحقيقي . بل إن المعنى التخييلي أو المجازي

إلى المعنى الحرفي أو الحقيقي هو المعبر الحجاجي–ي نظر أرسطو ف

هو عنصر من عناصر التأثير الوجداني على السامعين . فالخطابة من و

عين أهم وسائل تبليغ األفكار لآلخرين ، و أداة بارزة في إقناع السام

.التأثير فيهمواستمالتهم و

القديمالتلقي النموذجي للخطابة في النقد األدبي-٤

الخطابة صنو الشعر ، و هي تختلف في طبيعتها عن طبيعة

الشعر ، الذي يهدف إلى التخييل ، الذي هو ترويح عن النفس . أما

الخطابة فطبيعتها الهادفة إلى اإلقناع ، الذي يستوجب التصديق و القيام

بالفعل حسب األحوال و االحتمال . و من أجل ذلك حرص النقاد على

ينهما في التناول النقدي .الفصل ب

تلقي الخطابة في النقد الغربي القديم١-٤

لقدم حمل أفالطون في محاوراته على الخطابة ؛ الهتمامها باإلقناع بدل

البحث عن الحقيقة ، على الرغم من أن الخطابة في الحياة اليونانية

، سواء كانت قائمة على نظام ديمقراطي ، يلعب فيه اإلقناع دورا مهما

في المجالس االستشارية أو المحاكم أو المحافل . و من هنا لم تكن نشأة

التفكير النظري في الخطابة من داخل نظرية األدب ، بل اندرج هذا

التفكير في صلب نظرية المعرفة عند اليونان و في سياق الجدل الذي

انقدح بين أرسطو و أفالطون حول جدوى األقاويل الخطابية ، و

إشكالية األقاويل السفسطائية التي انتشرت في الخطابة اليونانية . و لقد

أسلم هذا الرفض المعرفي أرسطو إلى البحث عن الفرق بين الخطابة و

الجدل

أو االستدالل . فلحظ أنهما مجاالن مختلفان ، و أن المجال الخطابي

أفالطون على ال يمكن أن يخضع لمعايير المعرفة البرهانية التي يفضلها

سائر المعارف . و من هذا المنطلق كانت مقولة الخطابة عند أرسطو

ذات طراز معرفي متميز عن المنطق و الفلسفة ، و سعى إلى تمييزها

. لذا عد عن الشعر ، فوضع كتابا في الخطابة و آخر في الشعر

أرسطو " أستاذا لمن بحث بعده في موضوع الخطابة من القدماء ، و

ست نظريته في التأثير حسب االحتمال ، و ما يقبله الجمهور أو اكت

" .)١(يرفضه ، أهمية كبيرة عند المحدثين

عرف أرسطو الخطابة تعريفا خاضعا لمقولة ( الشرط الكافي

صناعة كالمية تتكلف اإلقناع و هي أن الخطابةالضروري ) ، و

ة ١( ة الخطاب ي لدراس دخل نظري و تطبیق اعي م اب اإلقن ي الخط ري ، ف د العم ) محم.١٩ص ٢٠٠٢أفریقیا لشرق ٢العربیة ط

مفردة بأمثلة مستمدة االستمالة بالمقدمات المشهورة في جميع األمور ال

من الداخل ( الحجج و األقيسة و األمثلة ) و الخارج ( الشهود

الحقيقيون ، صورة الخطيب ) و بأقيسة مضمرة .

وسائل اإلقناع أو البراهين -١عناصر بناء الخطابة ثالثة : و

ترتيب أجزاء القول ، ثم هناك -٣األسلوب أو البناء اللغوي - ٢

.)١(ضمن الحركة و الصوت ويتعنصر اإللقاء

وبهذا الفهم تعامل أرسطو مع أنواع الخطابة الثالثة : االستشارية

والقضائية واالحتفالية . ونظر في حديثه عن عناصر بناء الخطاب إلى

األطراف الثالثة المكونة له ، و هي : الخطيب ( المرسل ) ، المستمع

د عالج في العنصر األول : ( المتلقي ) ، و الخطبة ( الرسالة ) . و لق

( المرسل )مفهوم البراهين بحسب تعلقها بالخطيب ، و مدى انسجامه

مع الجمهور ، و ذلك حسب أنواع الخطابة الثالثة .

والعنصر الثاني : (المستمع ) ، عالج فيه عددا من االنفعاالت و األهواء

، و ليس ، و كذا بعض البراهين غير أنها هذه المرة بحسب تلقيها

بحسب تصورها كما لدى المرسل . ثم العنصر األخير:(الخطابة) و

عالج فيها األسلوب أو البيان أي الصور البالغية و تنظيم أجزاء القول )٢(.

دوي ص ١( رحمن ب د ال ق عب ة ، تحقی طو ، الخطاب ع : أرس ي ١٨١) راج " إن الالتار عن ینبغي أن یكون القول فیھن على مجرى الصناعة ثالث ( إحداھن ) : اإلخباظ ، و ( ي األلف تعمل ف ي تس ر الالت ة ) ذك دیقات ، و ( الثانی ون التص ئ تك أي ش

نبغي أن تنظم أو تنسق أجزاء القول .الثالثة ) أن كیف ید ف) راجع ھشام الر٢( ي التقالی ى ، الحجاج عند أرسطو ، ضمن أھم نظریات الحجاج ف

.٤٩الغربیة عن أرسطو إلى الیوم صـ

تلقي الخطابة في النقد العربي القديم٢-٤

أسهمت الخطابة بمختلف مقاماتها في تنظيم الحياة العامة منذ العصر

ا فتح كتاب الخطابة ألرسطو أفق االنتظار الجمالي و الجاهلي ، كم

بشر بن المعتمر وسيلة في تعليم )١(الفكر العربي القديم .فوجدنا صحيفة

فاحتوت على يخص الخطيب ، و الخطبة ، و ما يتعلق )٢(الخطابة

بأحوال المستمعين . و يعتبر مشروع الجاحظ " البيان و التبيين " ، "

عصره بين الفرقاء في المجال الفكري و السياسي ، وسيلة للحوار في

الحوار من خالل الرصيد الخطابي العربي من جهة و أحوال المخاطبين

: كيف يكون الخطاب ناجعا فاعال ، مع ما من جهة أخرى ، المهم

يؤدي إليه هذا المسعى من مفارقة بين " الجمال و المنفعة العملية اآلنية

")٣(.

التي استند إليها الجاحظ )٤(مقوالت الكتاب مقولة المقام و لعل من أبرز

في رصد خصائص األجناس الشفهية الفرعية( كخطابة إصالح ذات

.١/١٣٦ین ، تحقیق عبد السالم ھارون ی) الجاحظ ، البیان و التب١(ت البالغیین بعده مثل البرھان في ) ترددت ھذه اآلراء مع الزیادة و النقص في مؤلفا٢(

الشعر و الفلسفة .ھب و غیره من كتب نقدووجود البیان البن داول ٣( ل و الت ا الشرق ، ) محمد العمري ، البالغة الجدیدة بین التخیی ٢٠١٢ط أفریقی

.٣٩ص ، ام مرادف ، غیر اصطالحیة ھا داللة ) ھناك دالالت ثالث للمقام أول٤( ا و فیھا یكون المق

ھ جو لمقتضى الحال و للظرف الخارجي الذي ین، للفضاء العمومي التواصلي ز فییقال إنھ مالئم للمقام ، و تتخذ فیھ المواقف ، و یسلك فیھ اإلنسان سلوكا ما ، الكالم

ة بجنس الخطاب دو یقال : لكل مقام مقال ، و ارتبطت ال، أو غیر مالئم اللة الثانیواال أي ، الذي یسمى المقام ب أق ا الخط ي فیھ خطاب حلقة الزھد و الوعظ التي یلق

ذكر ص و بت ا القص وغ فیھ د یص ال و ق الح األعم ى ص ث عل ة ، و تح وم القیام یأثیر اه و الت ا لالنتب ر جلب ار و العب رد األخب د .یس ام فق ة للمق ة الثالث ا الدالل و أم

ت ال تمخض اس الك ف أجن تج مختل ذي ین اطبي ال یاق التخ راد ف الس ي و لت م األدبة إلى ھادغیر األدبي ، راجع صلح بن ال ي من التداولی ى رمضان ، التواصل األدب

.٢٠اإلدراكیة ص

البين و خطابة بين السماطين و خطابة الوفود ) و هي البالغة الغلبة

للجانب النفعي اإلقناعي الخطابي . فبأي شيء أدركت المعنى ، فذلك

ر األمر على البيان و التبيين و على اإلفهام و هو البيان " ألن مدا

. كما أدرك الجاحظ مقومات الروح األخالقية واالجتماعية في )١(التفهيم "

هذا المقام الكبير. فإدراك المقام في رؤية الجاحظ البيانية ، ملكة

تواصلية خاصة بالسياق الذي تنجز فيه األعمال اللغوية ذات الصيغة

عية كاإليجاز و اإلطناب و التوبيخ و الشكر و االعتذار التفاعلية االجتما

و العتاب و التنويه .

إن مقتضيات الحال أو المقام معطى موضوعي ، يكشف للباحث

مستويات تحليل الخطاب و مراتب تصنيف الظواهر الكالمية . و قد

ظهرت آثار الجاحظ في القراءات الالحقة ، ابتداء من العسكري و

ن سنان . فقد أخذا من الجاحظ أهم مكونين للخطاب اإلقناعي انتهاء باب

)٢(و هي : المناسبة و االعتدال

التداولية مقاربة نظرية

ماهية التداولية :-١

لقد عد مفهوم التداولية من أبرز و أهم المفاهيم النقدية الحديثة التي

جامع تعسر على العلماء و النقاد و صعب عليهم اإللمام بتعريف دقيق

. ذلك كون هذا المفهوم يتشكل من روافد معرفية مختلفة ، وال لها

يمتلك حدودا واضحة بل يشتبك بعالقة مع جملة من التخصصات

.٢٣/ ١ن ی) الجاحظ ، البیان و التبی١(ص ١٩٩٩حمد العمري ، البالغة العربیة أصولھا و امتداداتھا ط أفریقیا الشرق م) ٢(

٤٤١–٤٣١.

األخرى . و سيحاول البحث عرض جملة من التعريفات اللغوية و

االصطالحية التي تعكس التنوع المعرفي الذي نشأت فيه التداولية .

وي :المفهوم اللغ١-١

سلكت المعاجم العربية طريقا واحدا في التعريف اللغوي للتداولية .

فيرجع هذا المصطلح في أصله العربي إلى الجذر اللغوي ( د و ل ) و

له معان مختلفة ، ال تخرج في مجملها عن معاني التبدل و التحول و

سواء .االنتقال . فالدولة و الدولة : العقبة في المال و الحرب

قيل الدولة بالضم في المال و الدولة بالفتح في الحرب ، و قيل هما و

سواء فيهما يضمان و يفتحان ... قال الجوهري : الدولة بالفتح في

م الدولة الحرب أن تدال إحدى الفئتين على األخرى ، يقال كانت لنا عليه

ال صار الفتى دولة بينهم الجمع الدول ، و الدولة بالضم في المال ، يقو

يتداولونه مرة لهذا و مرة لهذا ، و الجمع دوالت و دول . و قال أبو

. )١(عبيدة الدولة بالضم اسم للشيء الذي يتداول به ...

و يالحظ أن المعنى واحد تقريبا ، و هو الدوران و التعاقب ، و انتقاله

من شخص آلخر، أو من مكان إلى مكان .

ن فارس في مقاييسه فنجد يقول : " دول : الدال و الواو و الالم أما اب

أصالن : إحداهما بدل على تحول شيء من مكان إلى مكان ، و اآلخر

يدل على ضعف و استرخاء . فأما األول : قال أهل اللغة : الدال القوم

إذا تحولوا من مكان إلى مكان ، و من هذا الباب تداول القوم الشيء إذا

: الدولة في المال و الدولة في صا . يقال ر من بعضهم إلى بعضهم

، مادة د و ل .) ابن منظور ، لسان العرب ١(

الحرب ، و سمي بذلك من قياس الباب ؛ ألنه أمر يداولونه فيحول من

.)١(هذا إلى ذاك ، و من ذاك إلى هذا

فالتعاقب و التناوب و انتقال المال أو الملك من قوم إلى قوم آخرين ، و

إلى أخرى ، هي المعاني التي أرستها تحول الدهر أو الحال من حالة

المعاجم العربية للجذر اللغوي ( د و ل ) التي توافق مصطلح التداولية

. فهذه المعاني تقتضي وجود أكثر من هي داللة التحول و االنتقال

طرف واحد يشترك في فعل التحول و التغير و التبدل و التناقل .

لدى المتكلم إلى حال أخرى لدى " و تلك حال اللغة متحولة من حال

السامع ، و متنقلة بين الناس ، يتداولونها بينهم ، و لذلك كان مصطلح

( التداولية ) أكثر ثبوتا بهذه الداللة من المصطلحات األخرى :

.)٢(الذرائعية ، النفعية ، السياقية )

فمن المعروف أن مفهوم النقل و الدوران مستعمالن في نطاق اللغة

الملفوظة و في نطاق التجربة المحسوسة . ففي األولى تدل على معنى

التواصل ، و في الثانية تقتضي التفاعل . و هنا يقتضي التداول أن

يكون القول موصوال بالفعل .

المفهوم االصطالحي ٢-١

لم يتفق Pragmatique -طبقا للترجمة الحرفية–لم يكن واحدا فقيل

تعريف محدد للتداولية كما أن ترجمة المصطلح اللغويون على

البراغماتية ، البراجماتية ، و قيل التداولية ، المقامية ، الوظيفية ،

النفعية ، إال أن مصطلح التداولية هو األشهر ، و كذا لتوافقه مع الداللة

د ھارون ، دار الفكر ١( د السالم محم ق و ضبط عب ة تحقی اییس اللغ ارس ، مق ) ابن فمادة ( د و ل ).١٤ص ٢١٩٩٧٩للطباعة و النشر و التوزیع ، بیروت لبنان ص

درس العربي ٢( ي ال ة تأصیلیة ف ) خلیفة بو جادي ، في اللسانیات التداولیة ، مع محاول.٦٣ص ١٢٠٠٩ت الحكمة للنشر و التوزیع ، العلمة ، الجزائر ط القدیم ، بی

تداولية تدور حول اللغوية . و على هذا وجدت تعريفات كثيرة لل

عالقة المتكلمين بالسياق ، أو تعالق البنية اللغوية هومضمون واحد ، و

بمجال استعمالها . و من أبرز هذه التعريفات ما قدمه فرانسيس جاك :

" تتطرق التداولية إلى اللغة كظاهرة خطابية و تواصلية و اجتماعية معا

")١(.

هناك تعريف لساني آخر لماري دير و فرانسوا ريكاني بأنها : " و

استعمال اللغة في الخطاب شاهدة على ذلك مقدرتها الخطابية دراسة

)"٢ .(

هنا يمكننا أن نقف عند النقاط التالية :و

التداولية علم يهتم بدراسة اللغة اإلنسانية في االستعمال .-

تسعى التداولية إلى الكشف عن المقدرة اإلبالغية التي تحققها العبارة -

اللغوية .

ي الدالالت التي تفيدها اللغة في االستعمال .التداولية بحث ف-

أي ، كيفية اكتشاف السامع مقاصد المتكلم ، أو دراسة معنى المتكلم . و

الجدل واسع بين مختلف النظريات التداولية في تعريفها ، و خاصة بين

النظرية الخطية التي ترى أن التداولية " علم لساني يهتم بالعالقات و

و يتزعمها شارل موريس و فرنسوا راسنيه ، و النظرية " . )٣(مراجعها

المدمجة " و التي ترى أن للعالقة مكونين : مكونا لسانيا و آخر تداوليا

" التي تزعمها آالن بروندونير و )٤(و عنهما مجتمعين ينتج معنى القول

١٢) فرانسواز أرمینیكو : المقاربة التداولیة ترجمة سعید علوش ، ص١(٨) السابق ص٢(.س٢٩)صالح بن الھادى رمضان ، التواصل األدبي ص ٣() السابق ، نفس الصفحة .٤(

أوزولد ديكرو و جان كلود أنسكومبر . و هم جميعهم يهتمون بقواعد

أثره في تطوير علم الداللة التداولي .الخطاب و

إن مفهوم التداولية نتيجة حاصل معرفي نتج من تالقي جملة من علوم

الخطاب و علوم التواصل ، و هو مآل معرفي لما تمخض عن التفاعل

المعرفي بين مختلف العلوم اإلنسانية . و يمكن أن نقول إن التداولية : "

لية التي تحدثها الخطابات و هي تحول حقل معرفي يهتم بالحركة الدال

اللغة إلى أعمال قولية ، بحسب حاجة التواصل بين األفراد و

المجموعات في مختلف قطاعات النشاط البشري . و هي العقل المعرفي

الذي تنظر من خالله علوم اللسان عامة ، و التوصل و الخطاب خاصة

ع . كما أنها تهتم بدراسة إلى اللغة بما هي نشاط إنساني فعلي في المجتم

.)١(الظاهرة اللغوية في جريانها في االستعمال "

لى دراسة للغة أثناء إن التداولية وفق التعريف السابق ، تقوم ع

، و مراعاة كل ما يحيط بعملية استعمالها واستخدامها في سياق التخاطب

األثر المناسب ، بحسب التخاطب ، للوصول إلى المعنى ، و إحداث

. كما تبحث في الشروط الالزمة لضمان نجاعة الخطاب قصد صاحبه

مالءمته للموقف التواصلي الذي يوجد فيه المتلفظ بالخطاب و

.)٢(والسامع له التواصل–مفاهيم أولية : الخطاب -٢

.٣٢، ص ٣١) نفسھ ، ص ١(ادیس٢( ع ، ب ي ) راج اث ف ر أبح ة المخب ة ، مجل ة العربی ة و البالغ ل ، التداولی لھویم

ابع دد الس ر ، الع رة الجزائ د خیضر ، بك ة محم ري ، جامع ة و األدب الجزائ اللغبتصرف .١٥٥ص ٢٠١١

شكل الخطاب محورا مهما في الدراسات التداولية ، و حظي باهتمام

. )١(م بالتنوع المفهومي و االصطالحي كثير من الباحثين مما جعله يتسم و اجتهاد كثير من و في الدرس اللساني الغربي صار محط اهتما

بالخطاب ، النص ، –لدى دي سوسير –استبدلوا الكالم الدارسين ، والرسالة . وقد ارتبطت دراسة آلية التخاطب ( التلفظ) باسم إميل بنيفست

وجهة آليات اشتغاله في التواصل ، ، فعرفه بأنه " ملفوظ ينظر إليه منفهو كل تلفظ يتطلب متكلم و متلق للرسالة اللغوية ، و يفترض عند

". فالخطاب )٢(المتكلم ( المرسل ) قصد التأثير على المتلقي بكيفية ما عند بنيفست ، تلفظ يفترض مخاطب ، و مخاطب لألول نية التأثير في

ككلية عضوية متسقة و منسجمة ، اآلخر . و هو بذلك اعتبر الخطاب بل اعتبره جملة نصية كبرى ، يمكن التعامل معها ، كالتعامل مع

في نظر –الجملة اللسانية . و سواء كان الخطاب مكتوبا أم شفويا فهو " وحدة تواصلية لسانية ، يفترض وجود متكلم و –ليتش و شورت

فها تحقيق غاية مستمع لحظة إنتاجه ، أي أنه فاعلية تواصلية هد" .)٣(اجتماعية وحدة لسانية تواصلية ، تستلزم –في نظر التداوليين –فالخطاب

طرفين للتواصل ، األول ينتسب إلى مصدر المخاطب ( المتكلم ) و ) مستهلك ، دون أن تتوقف ماهيته عند ( متلق يمتد إلى مخاطب

الخارجية المتعلقة أحدهما ، وال بد إلنتاجه من توفر الظروف الداخلية و

ھ ١( ر بإفھام ى الغی ھ إل وظ الموج ك الملف و ذل دیما : ھ رب ق دى الع ب ل وم الخاط ) مفھھ في و قصدا معینا . أما مفھوم وي الحدیث ، فھ درس اللغ كل –الخطاب –ال الش

اللغوي الذي یتجاوز الجملة . راجع عبد الھادي بن ظافر الشھري ، استراتیجیات .٣٦الخطاب مقاربة لغوي تداولیة ص

ا ٢( ذاني أنموذج ات الھم ق مقام ة و التطبی نص ، النظری انیات ال اس ، لس ده قی –) لین.٤١ص ٢٠٠٨بة اآلداب ، تقدیم عبد الوھاب شعالن ، مكت

.٣٩) المرجع نفسھ ص ٣(

ربط تبعية بين بنيته بكل خطاب . فهو يشمل كل إنتاج لغوي يرتبط فيه

الصوتية و التركيبية و الداللية ) و ظروفه المقامية . و من الداخلية (هنا يكون الخطاب أشمل من النص ، و ذلك الرتباطه بالمقام و السياق

.ستعمال اللغة هو يرتبط بمصطلح خطاب ، تلفظ ، ملفوظ فميدان او

الخطاب ،"وال تبلور االستعمال إال من خالل عملية قولية تسمى عملية التلفظ بالخطاب ، فالتلفظ هو النشاط الرئيس الذي يمنح استعمال اللغة

. فالتلفظ هو عملية إنتاج الخطاب في ظروف )١(طابعها التداولي "ة على نتاج فعل سياقية محددة ، أما مصطلح ( الملفوظ ) فيطلق للدالل

التلفظ . ويعرف بأنه " تتابع من الجمل المحققة ، أي كل ما يتلفظ به اإلنسان منطوقا أو مكتوبا ، يتعدد ضمن أبنية من التلفظ عن طريق

ظروف و المبهمات ضمائر الشخص و ضمائر الملكية ، الصفات و ال. فللملفوظ بعد لساني ، و آخر غي)٢(المكانية الزمانية و ر لساني ، "

يظهر عبر أي سياق التلفظ .فالتلفظ مصطلح تداولي يهتم بشكل الملفوظ ( عملية إنتاج التلفظ ) ، الذي يجسد االستعمال اللغوي للخطاب ، و االستعمال اللغوي هو عملية تلفظية بالخطاب ، فالخطاب يعد الميدان األمثل الستعمال اللغة

وتداولها .

اب إلى نوعين كبيرين ؛ خطاب مباشر ، و آخر يقسم التداوليون الخطو

.)٣(غير مباشر

.٢٩) عبد الھادي بن ظافر الشھري ، استراتیجیات الخطاب ص ١(ة و ٢( ل للطباع اب ، دار األم ة الخط تلفظ و تداولی انیات ال اج ، لس و الح ة حم ) ذھبی

.١٥النشر و التوزیع ص م الم ٣( لة عل نص ، سلس م ال اب و عل ة الخط ل ، بالغ الح فض ت ، ) ص ة ، الكوی عرف

.٩١م ص ١٩٩٢ھـ /أغسطس ١٤١٣صفر

الخطاب المباشر : و يراد به مجرد توصيف المتكلم المذكور بدون -

.)١(التعبير عن أي حكم ، قيمة ، صريح عنه أو كلماته

الخطاب غير المباشر : و هو يتولد عن امتصاص خطاب -

) و أدائه بطريقة غير ح ( المخاطب رفية ، مما يتطلب تحويل اآلخر

أزمنته الفعلية ، و تعديل ضمائره و إشاراته كي تتسق في اتجاهاتها

.)٢(إحاالتها و

و يساعدنا هذا كله على التعامل مع النص األدبي باعتباره خطابا يحمل

في طياته وظائف و مقاصد سياقية ، فكل ما يوجد في النص يحيل على

ة و غير مباشرة . فالداللة ترتبط بالمعاني أدوار تداولية و مقاصد مباشر

السياقية و الرسائل الظاهرة والمضمرة . تزخر لغة النص األدبي

بمجموعة من الدالالت السياقية و التداولية و الحجاجية إقناعا و تأثيرا .

سواء كانت نصية داخلية أم مقامية خارجية .

فيا تواصليا . و خير من و ترى المقاربة التداولية أن للنص دورا وظي

يمثل التيار التواصلي الذي يرى النص األدبي إبالغا و تواصال "رومان

جاكبسون" الذي حدد ستة عناصر في عملية التواصل : المرسل و

وظيفته انفعالية ، المرسل إليه و وظيفته تأثيرية ، و الرسالة و وظيفتها

لقناة و وظيفتها حفاظية و جمالية ، و المرجع و وظيفته مرجعية ، و ا

تواصلية ، و اللغة و وظيفتها وصفية تأويلية و تفسيرية . و المخطط

التالي يوضح هذا التقسيم :

.٩٢) السابق ص ١(.٩٣) نفسھ ص ٢(

تأسس على النظرية التواصلية النظرية التخاطبية ، التي ترى أن و

: المرسل و النص تخاطب و تداول يجمع بين أطراف ثالثة ، هي

الخطاب التداولي أو الرسالة المرسلة .الثالث :المرسل إليه و

يعني هذا أن الناقد التداولي ، يمكن أن يتعامل مع النص األدبي أو و

الخطاب اإلبداعي باعتباره بنية تخاطبية و تبادلية بين طرفين ضمن

سياق عام ، أو سياق موقفي أو سياق نصي ، مع تحديد نوع التخاطب

و التبادل التداولي .

ية و الحقول المعرفيةالتداول-٣

تتعدد الخلفيات الفكرية و الثقافية التي تغذي التداولية ، باعتبار أنها

ظاهرة خطابية و تواصلية و اجتماعية معا . فالتداولية تسعى لدراسة

المنجز اللغوي في إطار التواصل و ليس بمعزل عنه ، و معرفة مدى

. فهي في إطار عنايتها تأثير السياقات االجتماعية و نظام الخطاب

بدراسة اللغة أثناء االستعمال تهتم بعناصر التخاطب و التحاور فتراعي

قصد المتكلم و نواياه ، و حال السامع و ظروفه ، و تبحث في شروط

نجاعة الرسالة ، و سالمة الحوار بين المتخاطبين ، و كل ما يحيط بهم

ي ؛ بحثا عن المعنى تعنى بكل ما يتصل بالعمل التخاطب–إذن –. هي

، و ضمانا للتواصل .

و للوصول إلى هذا المزيج المعرفي ، متحت التداولية من حقول معرفية

متنوعة ، لكن ال سبيل لإلحاطة بها ، بقدر ما يشير إلى تنوعها في حقل

.اللسانيات العامةالمنجز التداولي . و سنبدأ بأهمها ، و هو

التداولية تتخذ حقال معرفيا نوعيا خاصا إن الوظيفة التي تضطلع بها

بها ، ينفتح على كل العلوم النظرية التي ترتبط باللغة العادية ؛ بغية

تحرير الملفوظ من صيغته اللغوية الحرفية إلى فضاءآخر ، يعقد من

خالله عالقة وثيقة بالواقع الفعلي . فتساعد اللسانيات التداولية على

ليل الخطابي ، و إذا كان هم التداولية هو الملفوظ ، الولوج إلى حقل التح

فإن التركيب اللغوي للجملة يعد من المراحل األساسية التي يجب على

التداولي المرور عبرها . فبداية تشكيل الكالم يكون من الجملة ، ثم

يتبلور إلى أن يتخذ سياقا جديدا يتمثل في الخطاب ، الذي يستطيع

فيه ما يريد إيصاله إلى المتلقي . و من ثم ظهرت المتكلم أن يخزن

التداولية اللسانية ، و هي اتجاه جديد في دراسة اللغة يبحث عن حل

لمشكالت لغوية عديدة أهملتها اللسانيات .

كما تشكل اللسانيات التداولية محاولة لإلجابة عن " جملة من األسئلة ،

مة ، و عجزت اللسانيات تفرض نفسها على الباحث و البحث العلمي بعا

عن اإلجابة عنها ، متوسلة في سبيل ذلك عديدا من العلوم اإلنسانية و

االجتماعية ، و هي أسئلة من قبيل : ماذا نصنع حين نتكلم ؟ ماذا نقول

بالضبط حين نتكلم ؟ من يتكلم و مع من يتكلم ؟ من يتكلم و ألجل من ؟

عن جملة أو أخرى ؟ هل يمكن أن ماذا علينا أن نعلم حتى يرتفع اإلبهام

.)١(نركن إلى المعنى الحرفي لقصد ما ؟ ما هي استعماالت اللغة ؟ "

)٢(ولقد جاءت األفكار التداولية من المذاهب و من الروافد الفلسفية

" المدرسة الفلسفية التحليليةالمنطقية و اإلدراكية من أهمها ، رافد وتعتبر اإلنسان و الكالم طرفان متالزمان فالفلسفة بمكوناتها ، و التي)٣(

من حيث الوجود ، اعتبارا من تميز اإلنسان ، و يقع ضمن تملكه

ع : فران ١( ة التداولیة ص س) راج افر ١١واز أرمینیكو : المقارب ن ظ ادر ب د الق ، و عب.٢٤، ٢٣الشھیري : استراتیجیات الخطاب ص

رعي ال ٢( ل الش ا الممث ى أنھ ة عل ت واقف فة و ظل ت الفلس ات ) وقف ل المنطلق د لك وحیالفكریة للمفاھیم النقدیة المعتمدة على التحلیل والسیما التداولیة .

) ھذا الفرع من فروع الفلسفة ھو المنوط بتناول مسائل التحلیل اللغوي .٣(

ظاهرة الكالم دون غيره ؛ ألن منطلق اإلشكالية من المقصد الذي تحققه

اللغة التي تنتظم الكالم في وجود الكالم متراهن مع وجود اإلنسان ، و

.)١(ود اللغة " أن سد الحاجات متعدد خارج حد

، باعتبار أن )٢(فاللغة هي الرابط بين التداولية و الفلسفة التحليلية

األخيرة " تحاول أن تخضع اللغة ذاتها لجملة من التساؤالت التي لها

عالقة بطبيعتها ، و كذا عالقاتها بما ليس له عالقة باللغة ، أي المظاهر

في : الواقع و الحقيقة غير اللسانية التي تكمن على سبيل المثال

" .)٣(الفكر ... و

ضمن منظومة معرفية تتكئ عليها علم النفس المعرفييدخلو

، بل يمثل منهال عذبا تنهل منه التداولية ؛ نظرا لآلليات )٤(التداولية

المستخدمة من طرف هذا العلم في تفنيد الحوارات التي تدور بين بني

.اإلنسان في المواقف الكالمية

إن " علم النفس يمنح للبيئة التي تمثل المساحة الفعلية للسلوك اإلنساني

تقسيمين اثنين ،و هما على التوالي : بيئة فيزيقية اجتماعية و هي البيئة

الواقعية المنقولة لنا ، أما البيئة الثانية فيشترك فيها الناس كلهم و هي

خل النفس اإلنسانية ذات نمط سيكولوجي ، أي التي تتفاعل مظاهرها دا

ونس ١( اب ، ت ة للكت دار العربی د العرب ، ال ) عبد السالم المسدي ، التفكیر اللساني عن.٥٠ص١٩٨١، ١ط

ی٢( دارس ) س ا ال أ إلیھ ي یلج ة الت ات التطبیقی ن اآللی اني ع ث الث ي المبح دیث ف أتي الحادئ أو ى سلسلة من المب اده عل الم التخاطبي و اعتم ھ للك التداولي من خالل تحلیلفة ة بالفلس ا التداولی ي فیھ ي تلتق ة الت رز النقط ة تب دھا التداولی ي تعتم اھیم الت المف

التحلیلیة .ري ، مركز ر مارتان ، ی) روب٣( ادر المھی د الق ة عب م اللسانیات ، ترجم ى فھ دخل إل م

.١١٤ص٢٠٠٧، ١دراسات الوحدة العربیة طالق ) سیأتي الحدیث في المبحث الثاني عن المفاھیم التي ٤( ة و تتع ین التداولی دورھا ب ب

علم النفس المعرفي .

هي كذلك البيئة كما يدركها اإلنسان ، و كما تبدو له فيبدي هو و.

" ، )١(بدوره استجابة تجاهها، وبالتالي تثير هذه البيئة انتباهنا و نشاطنا

أو بالتعبير التداولية الظروف المكونة للسياق . و هنا يلتقي علم النفس

ل يهتم :" بشرح كيفيات التشغيل المعرفي بالتداولية على أساس أن األو

.)٢(الواقعي لهذا النظام اللغوي المجرد "

و يمكن أن نلخص هذا التعالق بين التداولية و علم النفس المعرفي في

:اآلتي

اهتمام التداولية بما يصدر من اإلنسان من أقوال ، أو الملفوظات ، و -

نفس المعرفي يسلط التي هي منطلق التحليل التداولي ، و كذلك علم ال

الضوء على األقوال المنتمية إلى اللغة العادية على اعتبار : " أننا لن

نتمكن أبدا من االنفصال عن ما نقوله ، و مع ذلك فإننا نرسم هدفا

.)٣(يرمي إلى التوصل إلى حقائق بالحديث عن اإلنسان و هو يتحدث "

الي من اللغة . و هذا = ترتكز الدراسات التداولية على الجانب االستعم

الجانب يعمل على تفعيل الحيوية في عدد من اآلليات النفسية التي وهبها

اهللا سبحانه و تعالى لإلنسان ، و أهمها اآللية العقلية التي تتحكم في

المبادرات الكالمية التي تصدر عن اإلنسان على شكل حوارات متعددة

بالتالي تأتي أهمية علم المقاصد ، و تتعدد على حسب سياقاتها ، و

النفس المعرفي الذي يركز اهتمامه كذلك على العناصر التي تغذي

ي للطبا ١( اب العرب نفس ، دار الكت م ال ول عل ح ، أص عة و النشر ، ) أحمد عزت راج.١٥ص ، ١٩٦٨، ٧القاھرة ط

وطني ٢( ة ، المجلس ال نص ، ط عالم المعرف ) صالح فضل ، بالغة الخطاب و علم ال.٢٣١ص ١٩٩٢، ١٦٤للفنون و اآلداب و العلوم ، الكویت ، ع

س ٣( ودن ، المجل ن الم ة حس ي و األدب ، ترجم ل النفس ل ، التحلی ان نوی ان بیلم ) ج.١٠ص، ١٩٩٧، القاھرة ، األعلى للثقافة

بدراسة بنية العمليات العقلية العملية الحوارية ألنه :" العلم الذي يهتم

.)١(أنشطة التفكير " و

المناطق المجردة من اإلنسان ، تحاول التداولية الدخول إلى-

تي تحدث آليا أو بشكل غير آلي داخل النفس المقصود بها العمليات الو

اإلنسانية قبل أن تترجم إلى أقوال عادية أو إلى أقوال أفعال ، أو

بالتعبير التداولي " أفعال كالمية " و بالتالي فعلم النفس المعرفي " يعني

بجميع العمليات التي يمارسها الفرد عندما يستقبل المعلومات و يعالجها

.)٢(نها ثم يسترجعها عند الحاجة " و يرمزها و يخز

موضوعا من الموضوعات التي تدخل في باب )٣(و يمثل اإلدراك

التحليل اللغوي ، فهو وسيلة مهمة في تصنيف النظرة اإلنسانية إلى

األشياء ، و التي ينتج عنها اختيار أحسن السبل الحوارية في التبليغ ، و

حوار الكالمي بين الطرفين تتبع السياق الذي سيدور في دائرته ال

)٤(المؤسسين للحوار : المرسل و المرسل إليه . وال يبتعد " الذكاء "

عن الحضور في التداولية كأحد مفاهيم علم النفس المعرفي ، و الذي

يفيد في محاولة ترجمة األلفاظ المسموعة من طرف المرسل إليه إلى

ي ، دار ١( ) راجع النصیر الزغلول ، و عماد عبد الرحیم الزغلول ، علم النفس المعرف.١٧الشروق للنشر و التوزیع ، عمان ، األردن ص

ابق ص ٢( ع الس نفس س حی، و ١٧) راج م ال وعات عل ض موض ى بع یر إل ن أن نشذاكرة ، المعرفي مثل : اإلدراك ، علوم الدماغ ، التع اه ، ال نمط ، االنتب ى ال رف عل

ل ي ، و ح و المعرف ة ، النم ذھني ، اللغ ور ال ل أو التص ة ، التخی ل المعرف تمثی.٢٠: ١٨المشكالت ، الذكاء اإلنساني ، الذكاء االصطناعي ، راجع ص

یكون لھ كفایة حسیة نو یتطلب لدى الفرد أ، بكیفیة تفسیر اإلشارات الحسیة ى) یعن٣(ا أن ھذه اإلشارات كي تمك ھ ، علم ة المحیطة ب نھ من استقبال اإلشارات من البیئ

.٢٢تتغیر بتغیر المشھد و تتباین باألھمیة و الموقع ، راجع السابق ص دل على ٤( رة ... و ت ) ھو قدرة الفرد على التفكیر المجرد و التعلم و االستفادة من الخب

ا رة منھ درة : الذكاء مؤشرات سلوكیة كثی اع التعلیمات و الق ة و اتب م اللغ ى فھ علتحویل الوصف اللفظي إلى نشاط سلوكي ، راجع السابق نفس الصفحة.

الواقعي . و هو ما يؤكده سلوك فعلي يتم مشاهدته على ساحة الحوار

مصطلح الذكاء الكالمي الذي يروم من ورائه الفرد ، اكتساب القدرة

على جعل كالمه ذا طبيعة تأثيرية في اآلخرين . و يعتبر هذا األمر من

األهداف التي تدخل في دائرة نظرية األفعال الكالمية في التداولية .

نى كي تجد له تفسيرات أو إن التداولية نهج لغوي يعمل على تتبع المع

تأويالت قريبة من الحقيقة . فالتداولية تتابع التعبير اللغوي من لحظة

تشكله من اللغة ، و تحوله إلى كالم فردي . و هذا ما جعل منها ملتقى

الدراسات المختلفة األدبية و اللسانية و الفلسفية و النفسية ...

التداولية في الفكر النقدي القديم-٤

ال يبزغ شيء من فراغ ، إذ ال بد من بدايات تسبق مرحلة الظهور، و

هذا يشمل جملة الظواهر الطبيعية التي تتعلق باإلنسان و اللغة من

. و من ثم كان اهتمام شؤون اإلنسان غير المحسوس ؛ أي المجرد

اإلنسان العربي بلغته منذ عهد قديم ، التي شكلت كينونته و عبرت عن

ه . ثم جاءت الجهود العلمية التي قدمها اللغويون العرب دواخل نفس

القدامى في : النحو ، الصرف ، و البالغة إلى غيرها من الحقول

المعرفية زادا معرفيا أغنى اللغة و زادها ثراء . و رافقهم األصوليون

والفقهاء الذين أدركوا قيمة االعتبارات اللغوية كمدخل لفهم النصوص

انتحوا منحى دراسيا يتجه إلى المعنى و الغرض " فعالجوا الشرعية . ف

أساليب النصوص الدينية و معانيها عالجا تداوليا ، مستثمرين بعض

الظواهر و المفاهيم التي لم تتمكن اللسانيات التداولية و فلسفة اللغة من

.)١(بلورتها إال حديثا "

م األولى للتداوليين . و يشكل مفهوم " األفعال الكالمية" مضغة االهتما

: الخبر إذا نظرنا في التراث العربي سنج دها قد جاءت ضمن نظرية

اإلنشاء . فدرس علماء اللغة ضمن هذه النظرية ظاهرة األفعال و

.)٢(الكالمية ، و استنبطوا أفعاال كالمية جديدة من األساليب الخبرية

. كما )٣(إلنشائية كما استنبطوا أفعاال كالمية أخرى من األساليب ا

درسوا أسلوب االستفهام و معانيه دراسة عميقة ، و استنبطوا منه

. و تمثل البالغة العربية نموذجا )٤(فروعا مهمة من األفعال الكالمية

لاللتفاتات التداولية ، و إذا أراد الباحث انتقاء مثال منها ، فسيجد

. و تتجلى جذ ور التداولية عند الجاحظ خير من يمثل هذا النموذج

الجاحظ من خالل تقسيمه للبيان ، ملتفتا إلى وظيفته ، بل االهتمام

األكبر كان بالوظيفة التأثيرية و التي تمثل جانبا مهما في التداولية ،

، يمكن إرجاع وظائف البيان اعتمادا على كل " أما بعديقول الجاحظ :

ما سبق ، إلى ثالث وظائف أساسية هي :

لوظيفة اإلخبارية المعرفية التعليمية ( حالة حياء ، إظهار األمر ا- ١

على وجه اإلخبار قصد اإلفهام ) .

ة لظاھرة األفعال ١( اء العرب دراسة تداولی د العلم ة عن ) مسعود صحراوي ، التداولیى ، ة األول روت الطبع ة بی ي ، ط دار الطلیع اني العرب راث اللس ي الت ة ف الكالمی

.١٧٢، ١٧١، ص ٢٠٠٥تموز ( یولیو)رار ، و ٢( دعوى و اإلق د ، و ال د و الوعی ھادة ، و الوع ة و الش ا : الروای ن أھمھ ) م

لف .حالكذب و الب و ألفاظ ٣( ر ، و التعجی دب ، و اإلباحة و التخیی ع ، و الن ا : اإلذن و المن ) من أھمھ

العقود و المعاھدات و اإلیقاعات.ار الحقیقي .نكبطالي ، اإلاإلنكار اإل، ) منھا على الخصوص : التقریر٤(

الوظيفة التأثيرية : ( حالة االختالف ) تقديم األمر على وجه - ٢

االستمالة و جلب القلوب .

الوظيفة الحجاجية : ( حالة الخصام ) إظهار األمر على وجه - ٣

.)١(ر " االجتماع و االضطرا

و لقد شارك الجاحظ من النقاد القدامى في التوجه التداولي ابن قتيبة

" و ذلك ف مقولتي اإليجاز الدينوري في مقدمة كتابه " أدب الك تاب

( ليس يجوز لمن قام مقاما في تحضيض على و : اإلطناب ؛ يقول

حرب أو صلح بين العشائر أن يقلل الكالم و يختصره ، و ال لمن كتب

إلى عامة كتابا في فتح أو استصالح أن يوجز ، و لو كتب كاتب إلى

من المعصية كتاب يزيد بن أهل بلد في الدعاء إلى الطاعة و التحذير

" أما بعد فإني أراك تقدم الوليد إلى مروان حين بلغة تلكؤه في بيعته

الم رجال و تأخر أخرى . فاعتمد أيهما شئت و السالم . لم يعمل هذا الك

لصواب أن يطيل و يكرر ، في أنفسها عمله في نفس مروان ، و لكن ا

و يعيد

. يعد هذا الحديث " تصور نظري ألجناس الخطاب التواصلي )٢(يبدأ "و

، ذي القيمة التأثيرية التي ينتجها المقام الخطابي و الرسائلي في نظرية

الصلة بين األدب عند الغرب . و قد تفطن فيها ابن قتيبة إلى متانة

.)٣(الفرض القولي ( المقصد ) و العمل القولي المناسب له "

ان و التبی ١( د ی) .أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، البی د السالم محم ق عب ن ، تحقیر ط احظ ، مص ة الج ارون ، مكتب اني ، ٤ھ اب الث ، ١، ط١٩٧٥–١٣٩٥الكت

.٧٥ص مقدمة .الة الدینوري ، أدب الكاتب ، تیب) ابن ق٢(.٢٤رمضان ، التواصل األدبي ، صيلھاد) صالح بن ا٣(

ترسخ هذه المقدمة رؤية تداولية تؤصل و تبحث عن دور" المقام " في

بلورة األسس المالئمة لتلقي الخطاب األدبي ، و تعد من اللبنات األولى

صة تداولية األجناس األدبية بخافي التنظير للفكر اللساني القديم ل

التواصلية بعامة .و

و تمثل نظرية "المقام " مقولة مهمة في تحليل الخطاب التداولي . فهي

تقوم على مفهوم مراتب التخاطب ؛ أي أنواع المتكلمين في عالقاتهم

بأنواع المخاطبين . و ما يتطلبه من مظاهر االنسجام األسلوبي الذي

ة ، و يوجه دالالتها يراعيه المتكلم حين ينظم جمله و أعماله القولي

بحسب صورة المخاطب ، و بمقتضى طاقة تقبله ، و بحكم موقفه

سه و عدده االجتماعي و الثقافي و النفسي زمن التخاطب ، و بحكم جن

تصوره للمتكلم ، و ما يمتلكه من وعي فردي أو و معتقده و غاياته ، و

جمعي .

دينية أو أدبية ( إن البالغة العربية في دراستها للخطاب المتنوعة ؛

شعر و خطابة ) " اهتمت بتقديم توصيف لعناصر العملية التواصلية (

متكلم و سامع و رسالة و مقام و مرجع و حتى القناة التواصلية ) ، و

في إطار هذا التوصيف عنيت بمقاصد الخطاب و أحوال المتلقين له ،

المؤشرات وشروط الخطاب الناجع الذي يحقق الفائدة لدى المتلقي ،

) ، مما أكسب البالغة ١اللغوية وغير اللغوية المتحكمة في ذلك " (

العربية أبعادا لسانية وتداولية مهمة ، تضمن لها التواصل المعرفي مع

معطيات الدرس الحديث والمعاصر .

) بادیس لھویمل ، التداولیة والبالغة العربیة ، مجلة المخبر ، أبحاث في اللغة واألدب الجزائري ، ١(.١٧٢، ص ٢٠١١جامعة محمد خیضر ، بسكرة الجزائر ، العدد السابع

استنتاجات

يستطيع الباحث أن يلخص أهم النقاط التي وردت في هذا المبحث

كالتالي :

التاريخي للخطابة –لمبحث السابق بالعرض النظري اختص ا- ١

تمهيدا للتناول النظري للتداولية الحديثة فأوضح أن الخطاب فن يعتمد

على الموهبة ، تردفها الخبرة و الممارسة في نسخ الكالم و إلقائه في

شكل جمالي للتأثير في نفوس المتلقين و استمالتهم و إقناعهم بفكرة

معينة .

: العربية والغربية ، و أدت للخطا- ٢ بة حضور قوي في الثقافتين

دورا حيويا في مفاصل الحضارة العربية على اختالف قنواتها و

فروعها .

اتسمت الخطابة بطبيعة بنائية خاصة ، يحتضنها محيط اجتماعي ، - ٣

تمثل التفاعل بين الخطيب و جهوده عبر قناة اتصال.

رئيستين : اإلقناع و التخييل ، وسيلتها تتكئ الخطابة على ركيزتين- ٤

االستمالة الوجدانية حتى تصل إلى عقل المخاطب إلقناعه بما يريد

المتكلم / الخطيب .

ألهمية الخطابة قديما تناولها أرسطو بالدرس و التمحيص فعرفها - ٥

تعريفا خاضعا لمقولة الشرط الكافي الضروري مما يدل على أنها

تكلف اإلقناع و االستمالة.صناعة كالمية ت

لم يخل الدرس العربي القديم من التناول النقدي للخطابة نظرا - ٦

إلسهاماتها المختلفة في الحياة العربية القديمة بدءا من العصر الجاهلي ،

و وقفت الدرس البالغي و اللغوي و األصولي على بعض المقومات

التداولي المعاصر .المنهجية التي تقف جنبا إلى جنب مع الدرس

تعد التداولية من أبرز و أصعب المفاهيم النقدية الحديثة التي تعسر - ٧

على العلماء و النقاد اإللمام بتعريف دقيق لها ، نظرا لتجدد روافدها

المعرفية المتنوعة .

تتطرق التداولية إلى اللغة كظاهرة خطابية و تواصلية و اجتماعية - ٨

على مقدرتها الخطابية .معا ، شاهدة بذلك

اهتم التداوليون بمفاهيم لسانية من أهمها الخطاب و التواصل ، - ٩

واصلية ، تستلزم طرفين للتواصل فاألول في نظرهم يعد وحدة لسانية ت

المخاطب ) كما تعتبر أن للتواصل دورا وظيفيا تأسس على –المتكلم (

النظرية التواصلية .

ة القدامى الطرف عن بعض المفاهيم لم يغض علماء العربي-١٠

التداولية فكانت لظروف عصرهم و معطياتهم الحضارية دور في

دراسة بعض المفاهيم التي تدخل في التداولية من أوسع أبوابها .

المبحث الثاني

اآلليات التداولية في تلقي النص الخطابي

مقدمة

المخاطب–أوال : تداولية المتكلم

القصدية-١

التقسيم األول : القصد اإلخباري و ١-١- ١أنواع القصد ١-١

التواصليدصقال

القصد التواصلي٢-١- ١-١القصد اإلخباري ١-١-١-١

التقسيم الثاني : القصد البسيط و القصد المركب٢-١-١

التقسيم الثالث : القصد اآلني و القصد المستقبلي٣-١-١

القصد و القيمة٢-١

لمعرفة التداولية و القصدا٣-١

متضمنات القول-٢

القول المضمر٢- ٢االفتراض المسبق ١-٢

االستلزام الحواري-٣

أنواع االستلزام٢- ٣مفهوم االستلزام ١-٣

االستلزام الحواري٢-٢-٣االستلزام النموذجي/العرفي ١-٢-٣

خصائص ٢-٢-٢- ٣مبادئ االستلزام الحواري ١-٢-٢-٣

االستلزام الحواري

ثانيا : تداولية الخطاب

الخطاب و السياق-١

الخطاب في ذاته-٢

ظمفهوم التلف١-١- ٢ظ نظرية التلف١-٢

أوضاع المتلفظ : المتكلم و ١-٢- ١-٢ظ أوضاع التلف٢-١-٢

ظ التلف

.ظالتلفوأوضاع المتلفظ : المخاطب ٢-٢-١-٢

مرجعيات التلفظ٣-١-٢

نظرية الفعل الكالمي٢-٢

ماهية الفعل الكالمي١-٢-٢

تصنيف نظرية الفعل الكالمي٢-٢-٢

و الفعل الكالمي"أوستين"١-٢-٢-٢

و الفعل الكالمي"سيرل"٢-٢-٢-٢

" الخبر و اإلنشاء" و نظرية الفعل الكالمي٣-٢-٢

النظرية الحجاجية٣-٢

وم الخطاب الحجاجيمفه١-٣-٢

مرتكزات النظرية الحجاجية٢-٣-٢

الوسائل اللسانية١-٢-٣-٢

الوسائل اللسانية١-٢-٣-٢

الساللم الحجاجية٢-٢-٣-٢

الروابط و الفواصل الحجاجية٣-٢-٣-٢

استنتاجات

مقدمة

تعد الخطابة صناعة قولية تقوم على حمل المتلقي / السامع على

محتملة الصحة في جميع الموضوعات . و من هذه االقتناع بمقدمات

من أهم المجاالت األدبية –في جميع أجناسها –الزاوية تعد الخطابة

التواصلية . فهي التي تكشف عن أسرار التفاعل بين الخطيب و

جمهوره ، و معايير إنجاح الوظائف األدبية في الخطابة . و لذا ، فإنه

من إطار العمل االجتماعي الذي يتسع من الممكن أن تدخل الخطابة ض

ليشمل أشكال التفاعل االجتماعي كافة ، و ضروب سياسة القول في

. و إذا كانت الخطابة قد دخلت مجال األدب ، مناحي الحياة عامة

فألنها مثلت في عصور الفصاحة العربية ، النماذج التعبيرية المثالية ،

لقول بشكل مطلق . لكن و أسست لدراسات تطمح إلى تحقيق جمال ا

الخطابة ال تقف عند هذا المنطلق المبدئي ، بل يجب أن تراعي تاريخ

التلقي و ظروفه ، و المؤثرات النفسية و االجتماعية ألحوال السامعين ،

و تؤسس لفعل يراعي التفاعل التخاطبي في كل مقام من مقامات القول

.

ن مراعاة الجانب فلم تكن الخطابة تاريخيا و نظريا بعيدة ع

التداولي . فقد أسهمت منذ نشأتها الجاهلية في تنظيم الحياة العامة ، و

كذلك أسهمت على المستوى النظري في بروز االتجاه التداولي في

الفكر النقدي القديم ( و خاصة مع الجاحظ و الجرجاني ) . و أثبت هذا

اخلي أو البنائي و االتجاه ، أن قراءة النص الخطابي قد جمعت النقد الد

النقد السياقي القائم على األسس التداولية . و أن قراءة النص الخطابي

تخضع لسياق ثقافي محدد ، و ألفق االنتظار ، و لردود الفعل التي

تكونت للقارئ عبر الزمن ، و بمقتضى ما تكون لديه من آراء حول

ذلك الجنس األدبي .

تعمال اللغة في الخطاب ، االتجاه التداولي يعرف بأنه ؛ اسو

مشاهدة في ذلك على مقدرتها الخطابية . فهي تعنى بدراسة االستخدام

اللغوي و الضوابط التي تحكمه ، و دور السياق أو المقام غير اللغوي

في التواصل اإلنساني . فقد أولت التداولية اهتماما كبيرا بعناصر

ب ، فاعتبرتهما ركنين طالرسالة ، فاهتمت بعنصري : المتكلم و المخا

مظهرين مهمين في الحالة الكالمية . فالخطاب موجه من و أساسين ، و

إلى أحد الطرفين في سياق محدد ، وال يمكن فهم الخطاب دون

استحضار صاحبه والموجه إليه .

فالتداولية نهتم بكل من المتكلم و السامع و العالقة بينهما ، و ما

غير لغوية ، و من يشاركون في االتصال يرافق الكالم من تعبيرات

اللغوي و بنية الحدث الزمانية و المكانية . كما تهتم بقدرة السامع على

ما يستلزمه التواصل من والكشف عن مقاصد المتكلم و استجابته لها ،

معان مقامية ، ال تستطيع المناهج الشكلية الكشف عنها أو تحليلها .

الكامل عن دراسة النظام ، فليس من و ليس معنى هذا ، االبتعاد

الممكن دراسة االستخدام اللغوي دون معرفة بالنظام الداخلي للنص (

التي تراعيه المناهج الشكلية ) ، لكن االنطالق التحليلي من االستخدام

ال النظام .

و أيا ما كانت صالحية التطبيق التداولي على المنظومات األدبية

تجيب جميعها لمقاربة تداولية واحدة ، بل إن كل ، فإن األخيرة ال تس

لون من األلوان يتفاعل بشكل أكثر ثراء مع إحدى المقاربات . و بالتالي

فإن تداولية الجنس األدبي هي الوظيفة الوسائطية التي يضطلع بها األثر

األدبي المنتمي إلى منظومة من األعراف و العادات القولية و التقاليد

لنسبية .الجمالية ا

النص الخطابي ، نص تواصلي مرتبط بشكل من األشكال و

بموقف اجتماعي . لذا ، تقف التداولية على إظهار بعده الوظيفي أو

األيديولوجي . و هذا األخير يحيل الناقد إلى فكرة السياق ، ودوره في

فهم داللة النص ، و هو مصطلح يعتمد كإجراء أساسي في تحقيق ما

( و ما دام السياق تجريدا ال يتضمن يرمي إليه ا لنص من مقاصد ،

للموقف التواصلي ، فما هي تلك العناصر التي يتضمنها منه ؟ واإلجابة

ألنه ال يتضمن ناصرمن الموقف سوى تلك العيسيرة عن هذا السؤال

من الموقف سوى تلك العناصر التي تحدد بشكل منظم :

قبول النص أو رفضه.-أ

و عجزه .كفاءته أ- ب

.)١(مالءمته أو منافرته -ج

هذه العالقة الوطيدة بين السياق و النص الخطابي ، هي نتيجة

طبعية ناتجة عن الموقف التواصلي الذي خاطب فيه المتكلم / الخطيب

المتلقي / المستمع ؛ مريدا من خطبته تحقيق قصد معين . فليس النص

( مجرد خطاب لتبادل األخبار و األقوال و األحاديث ، بل الخطابي

يهدف إلى تغيير وضع المتلقي عبر مجموعة من األقوال و األفعال

و هو )٢(اإلنجازية ، و تغيير نظام معتقداته أو تغيير موقفه السلوكي )

ما يطلق عليه "مقتضى الحال " ، و أن لكل مقام مقال ، كما كان يطلق

) صالح فضل ، بالغة الخطاب و علم النص .١(ا الشرق ) جمیل حمداوي ، من الحجاج ٢( دة ، ط أفریقی ى البالغة الجدی ص ٢٠١٤إل

٩٣.

بقة مقتضى الحال هي ما في البالغة العربية . و إذا كانت قضية مطا

يثبت إمكانية دراسة التعبير الخطابي / النصي بمراعاة الموقف أو المقام

، الذي قيل فيه الكالم ، فإننا سنجد أن العالقات بين المعاني الحقيقية

المعاني التخييلية كذلك مرتبطة بشكل أو بآخر من األخذ بسياق المقام و

على التخييل و اكتساب الكلمات ؛ لتأسيس المعنى اإليحائي القائم

لدالالت جديدة ، و هذا ما يؤدي إلى إظهار العالقة بينها و بين النص .

باإلجمال ، فإن باإلمكان دراسة النص الخطابي من الوجهة و

التداولية " دراسة متكاملة المستويات ، فالكلمة قيمة تداولية تظهر في

جاالت التواصل األدبي . و اختيار المعاجم التي ينتجها التداول في م

ربما كان للكلمة قيمة تداولية في سياق تواصلي آخر ، و ربما فقدت

هذه القيمة في سياق آخر. و في تحليل مواد الحجاج ، باعتبار أن

الجنس األدبي هو أوال مؤسسة جمالية تستجيب من الناحية التواصلية

األغراض على للثقافة االجتماعية التي تنشأ فيها الموضوعات و

سيقف البحث على اآلليات التداولية التي تناسب النص . و)١(اختالفها"

الخطابي باعتباره نصا تبدو عليه مظاهر التفاعل االجتماعي ، و

ستمالة ، و استراتيجية أساليب اإلقناع ، و االوحضور المخاطب ،

اط جملة غيرها من المستويات التداولية الخطابية . بهدف استنباألقوال و

لفظية التي التة ، والحجاجية ، والسياقية ، والقواعد ، و األساليب اللغوي

التوقعات الداللية ، و من ثم إنتاج الداللة .تحكم االستدالالت ، و

عليه ، فإن هذه النقاط التي سيعرضها البحث ، ال ترتكز على و

لقة ، بقدر مظاهر اللغة الداخلية ( الصرفية أو التركيبية ... ) بصفة مط

بتصرف .١٦٦) صالح بن رمضان ، التواصل األدبي صـ ١(

ما تحاول المزج بين عناصر اللغة ، و عناصر السياق المرتبطة

كل الظروف المقامية خطيب ، و المخاطب / المستمع ، وبالمتكلم / ال

. و مع ذلك فلن يضيف التي كانت سببا في إنجاح العملية التبليغية

ما سيعيد البحث جديد إلى ما جاءت به بعض النظريات التداولية ، إن

للغايات التي من تأويل مضامينها ؛ لتستجيبتنظيم بعض المفاهيم ، و

تفسيرها ؛ لتحليل برزها فهم إجراءات التداولية ، وأأجلها وضعت ، و

النص الخطابي تحليال سليما و مفضيا .

المخاطب–أوال : تداولية المتكلم

باعثه للمتكلم دور بارز في الدرس التداولي ، بوصفه منتج الخطاب ، و

؛ وألنه وحده الذي يستطيع تحديد الدالالت ومقاصدها ، بل إن المعنى

في كثير من الحاالت مرتبط بما ينويه وما يقصده .

ومن هنا كان االهتمام بالمتكلم بعده أساس فهم المعنى وقصد الداللة .

عموما ، والبالغي بشكل خاص ، عن )١(ولم يغفل الدرس العربي

وع العناصر التي تسهم في تشكيل الداللة بما فيها االعتذار بمجم

المتكلم ، وما ينبغي أن يلم به من علم بأحوال الخطاب المختلفة ،

ودراية بأقدار السامعين ومنازلهم ، بحيث يخاطب كل سامع بما يناسبه

.

القصدية-١

تتعلق القصدية بالمتكلم / الخطيب ، و بما يدور في خلده أثناء إصداره

لفوظاته . و يدل مفهوم القصد في المعالجات النظرية على : اإلرادة ، لم

. و كلها ترتبط بما من ى معنى الخطاب أو على هدف الخطابأو عل

، ابن خلدون ، ٧٢، القاضي عبد الجبار ، المغني ص ١/١١٧) راجع ابن جني ، الخصائص ، ١(لمتكلم عن ، حیث یقول : " اعلم أن اللغة في المتعارف علیھ ، ھي عبارة ا٥٦٥المقدمة ص

مقصوده ، وتلك العبارة فعل لساني ناشئ عن القصد بإفادة الكالم " .

يشمل على تحريك العملية التبليغية . وشأنه تحفيز المتكلم / الخطيب

ذلك ما صرح به من ملفوظات أو ما لم يصرح به ، أما بما يتعلق

لمتلقي و دوره في تأويل الملفوظات ، أو في التبليغ عموما . ابالمستمع/

و يحتل القصد مكانا بارزا في تأويل النص ، باعتباره صادرا عن متكلم

قد

ال يصرح عن مقاصده إال قليال ، و على الناقد التداولي ، في هذه الحال

كذلك في مختلف ه المقاصد في كل جزئيات النص ، وأن يبحث عن هذ

. والظروف و ا يتوقف الحديث عن لسياقات التي أسهمت في صدوره

انسجام الخطاب بعد الركون إلى معرفة القصد الذي أصدر هذه

كما يقول –الخطابات . فمعرفة الداللة تعد من قبيل المحال إن لم ترجع

ستراوسون إلى ( ما يمكنه و ينويه المتكلمون من مقاصد معقدة موجهة

فالداللة الخاصة باأللفاظ و العبارات تتعلق من دون نحو مستمعيهم ،

شك بالقواعد و التوافقات المتواضع عليها تعلقا كبيرا ، غير أن الطبيعة

العامة لمثل هذه القواعد والتوافقات ، ال يمكن أن تفهم آخر األمر إال

، لم يكن . ولعل هذا المفهوم)١(بالرجوع إلى مصطلح قصدية التواصل )

عن الوعي اللغوي لدى المشتغلين بالمعنى في التراث العربي . غائبا

فمثال " التهانوني " خبرنا بأن ( أهل العربية يشترطون القصد في الداللة

، فما يفهم من غير قصد من المتكلم ال يكون مدلوال للفظ عندهم ، فإن

يين الداللة عندهم هي فهم المقصود ال فهم المعنى مطلقا ، بخالف المنطق

، فإنها عندهم فهم المعنى مطلقا ، سواء أراده المتكلم أم ال ، فظهر

وم ١( اث ( العل اح لألبح ة النج ة جامع د ، مجل داولیات القص ي ت ول ، ف س مقب ) إدری.١٢١٠صـ ٢٠١٤) ٥( ٢٨اإلنسانیة ) المجلد

أن الداللة تتوقف على اإلرادة مطلقا ، مطابقة كانت أو تضمنا

.)١(أو التزاما )

هذا التنصيص على مفهوم "القصدية" في التداولية ، بما هي فعل ذاتي و

يحتكم في الختام ة بها ، وخطاب إلى الذات المتلفظترجع كل داللة في ال

لذا صاغوا قاعدة : " لقول المختار عند غالب الفقهاء وإليها ، هو ا

، وكذا في الدراسات اللغوية والبالغية )٢(مقاصد اللفظ على نية الالفظ "

والفلسفية .

انو ١( ق لط ن) التھ ون تحقی طالحا الفن اف اص دیع ، وزارة ي ، كش د الب ي عب ة ف الثقاف.٢/٢٩١اإلرشاد القومي ، مصر و

)اإلمام الزركشي ، المنثور في القواعد الفقھیة ، وزارة األوقاف و الشئون اإلسالمیة ٢(.٣/٣١٢ص ١٩٨٤، الكویت

أنواع القصد١-١

يميز أصحاب النظرية التداولية بين عدة تقسيمات للقصد :

ول : القصد اإلخباري و القصد التواصليالتقسيم األ١-١-١

القصد اإلخباري ١-١-١-١

أو ما يقصد إليه . أي المعرفة التي فهمها المخاطب من إرادة المتكلم

على معرفة معينة . فكل خطاب يحمل هالمتكلم من حمل لمخاطب

مضمونا / خبرا ، يأتي ليبين عن موقف خاص من قضية محددة أرادها

كون بذلك مفيدا ألمر قد يعرفه المخاطب تذكيرا أو تنبيها ، في، المتكلم

له فيكون تعريفا له و تبصيرا . و هذا الذي ذكره أصحاب هأو ربما يج

في )١(يطابق قصد اإلفادة في اللغة العربية الذي قرره النحاة ، التداولية

. وال اعتبار لفائدة تأتي من غير قصد، إلفادة او هو شرط ، الكالم

، وال يشير إلى اكيقول الجاحظ : ( ال خير في كالم ال يدل على معنو

الغرض الذي إليه نزعت ) وو إلى العمود الذي إليه قصدت،مغزاك)٢(.

القصد التواصلي ٢-١-١-١

على معرفة هأي ما يقصد إليه المتكلم / الخطيب من حمل لمخاطب

لى التلقي الجيد للكالم قصده اإلخباري و ( ال يتوقف نجاح التواصل ع

فحسب ، بل عليه ( أي على المتلقي ) أن يدرك القصد التوصلي

للمرس ( . وال يبعد )٣(ل و أن يتفاعل معه فعليا و إدراكيا بشكل سليم

ارك دار الفكر ، ) كابن ھشام ١( المغني اللبیب عن كتب األعاریب ، تحقیق مازن المب٢/٢٧٤. .

د السالم ھارون ، الخانجي ، ط ) الجاحظ ، البیان و الت٢( . ١/١١٥، ٧بین ، تحقیق عب.

.١٢١٢) إدریس مقبول ، في تداولیات القصد ، ص٣(

.و ذلك في مفهوم : اإلفهام و التفاهم ،التراث العربي عن هذا المعنى

فقد جعل الجاحظ

و الحمل عليهم على ، قوم بمقدار طاقتهم ( مدار األمر على إفهام كل

، و يقول : ( مدار األمر و الغاية التي إليها يجري )١(أقدار منازلهم )

القائل و السامع إنما هو الفهم و اإلفهام ، فبأي شئ بلغت اإلفهام و

. فمدار )٢(فذلك هو البيان في ذلك الموضع ،أوضحت عن المعنى (

ه الذي يصور الفعل التخاطبي القصدي في الفهم و اإلفهام على الوج

من خالل تفاعل الذات/الخطيب مع اللغة التي ، صورته الذاتية

من الوقوف على شروطها الداخلية و ، يستخدمها مع ما يتطلبه ذلك

قصد تحقيق ، الخارجية ( الفهم ) ، ثم انعكاسه أو تفاعل الذات مع اللغة

ق ( اإلفهام ) .هذا التفاعل عند اآلخر و ذلك عن طري

التقسيم الثاني : القصد البسيط و القصد المركب ٢-١-١

هتمت األبحاث التداولية ، فاد في الخطاب الواحد صالقد ألوانتتعد

بل هناك ، فليس هناك شئ بسيط تبعا للتداولية ، بالتعدد القصدي

ال نستطيع فهمها ، جماع أسباب تؤدي إلى حدوث هذه الظاهرة أو تلك

و هكذا فالقصد التخاطبي ليس واحدا ، بل هو .إال في سياق كلي

/ مركب و يتسم باالنعكاسية ، أي ال بد من اعتبار دور المتلقي

فقد يقصد المتكلم / الخطيب .المخاطب في استيعابه للقصد أو بعده عنه

هم المستمع هذا أن يفثم يقصد "داللي إلى المخاطب محتوىإلى إبالغ

لمخصوص ، ثم يقصد أن يفهم المستمع منه هذا القصد الثاني ، القصد ا

.١/٩٢ن ، ی) الجاحظ البیان و التبی١(.١/٧٦لسابق ، ا) ٢(

و يقد يمضي إلى قصد فوقه ، و منه إلى ما فوقه ، و هكذا حتى

.)١(حصول اليقين عنده بنهوض المستمع بالفهم المطلوب "

التقسيم الثالث : القصد اآلني و القصد المستقبلي ٣-١-١

فالقصد ، ن القصد بالنظر للزمان تميز الدراسات التداولية بين نوعين م

يعبر عن فعل نفسي و مرتبط بالحديث في النص األدبي بالحال أو

يسفهو ال يخرج من كونه متحقق في الحال أو االستقبال ولل . االستقبا

أما .و يشترط في القصد المستقبلي سبق العلم بالمقصود .عن الماضي

بس بالفعل .ند التلالقصد اآلني فهو يقصد في لحظته و زمنه ع

القصد و القيمة ٢-١

وره في تقنين مسارات دتضمن األبحاث التداولية القصد ، و تعتد ب

الحجاج و الخطابة ، و ذلك بشرط أن يكون المخاطب قد فهمه النقاش و

كما يعنيه المرسل / الخطيب ، فيجب عليه أال يتكلم إال على المقصود

. و من هنا تتبين من خطابه وال يفترض قصدا لم ي رم إليه المرسل

. الوظيفة المحورية للقصد في أي عملية تأويلية و تحليلية للخطاب

تضعف القيمة بضعف وال تتساوى القيمة و مراتبها في القصد ، فقد

فإنها تتقوى بقوة القصد الذي يستدل عليه بعدد من ، العكس القصد ، و

أوضعتها تبعا لميزان القيم التي ،مةالقرائن اللغوية الخارجية . فعلو القي

فإن ، فوها في أخالقهم و أعرافهم . و عليه اروضعها الناس أو تع

الداللة التي مدارها على معرفة القصد باعتبارها انعكاسا نفسيا تتأثر

لم/الخطيب من أحوال يرهما مما يعتري المتكغبالرضا أو الغضب ، و

فهم ، تفاوتون في إدراك اللغة و كما أن الناس م. نفسية طبيعية

ي ، ١( افي العرب ي ، المركز الثق وثر العقل ) طھ عبد الرحمن ، اللسان و المیزان أو التك.١٦١، ص ١٩٩٨غرب ط الدار البیضاء الم

قد نجد سوء الفهم و ، عليه و.متفاوتون في إدراك مقاصد الخطابات

و قد يحكمه الغرضية فيما ، نتيجة اختالف مذاهبهم و آرائهم ، التفاهم

وال هي ، ن واحد ف. يقول الشاطبي " إن اإلدراكات ليست علىيؤولون

في الضروريات و ما قاربها ، إال ، كل مطلب في جارية على التساوي

.)١(فإنها ال تفاوت فيها يعتد به "

المعرفة التداولية و القصد٣-١

يقصد بها " جملة من االعتقادات و التصورات و التقويمات عن الذات و

الغير و األشياء و المعاني ، يشترك فيها المتكلم و المخاطب مع جمهور

و ، بين المرسل و المرسل إليه . فهي معرفة مشتركة )٢(الناطقين "

:)٣(تشمل أنواعا أربعة

لغوية : و تسمى الداللة المركزية ، و يتعلق بها كل الدالالت التي -

تلزم عن العبارات اللغوية المصرح بها ، و التي يكون بمقدور كل واحد

من المتكلمين استنتاجها و إدراك وجودها .

: و يتعلق بها كل المعلوو- مات الواقعية و القيمية المرتبطة ثقافية

و التي يتمكن كل متكلم من تحصيلها و استعمال ، بالعالم الخارجي

وظائفها .

عملية : و يتعلق بها كل ما يصاحب العبارات من أدوار عملية و-

تجعل بعضها الزما عن بعض .

أو بما سبق ، و حوارية : و يتعلق بها كل ما يتعلق بمقتضيات الكالم -

خاطبات بين المتحاورين في نفس المقام أو غيره من المقامات .تن م

ان ١( ن عف ن حسن آل سلمان ، دار اب ١/٦٠) الشاطبي ، الموافقات ، تحقیق مشھور ب.

.١٥٢) طھ عبد الرحمن ، اللسان و المیزان صـ ٢(.١٢١٩) إدریس مقبول ، في تداولیات القصد، ص٣(

التواصل بين ية تحكم التخاطب وفهناك اعتبارات علمية و تداول

متينةتقوم على معرفة واعية بالقصد و على عالقة ، تخاطبين مال

مستعملي ، كبالمعرفة المشتركة " و يمكننا القول إن المعرفة التي نملكها

ن التفاعل االجتماعي عن طريق اللغة ليست سوى جزء من ع، لغة ما

، هذه المعلومات العامة عن العالم .معرفتنا االجتماعية الثقافية العامة

ال للخطاب فحسب بل ربما لكل جوانب خبراتنا ، هي أساس فهمنا

لمفردات و إقامة ا" . إن هذه المعرفة المشتركة لكفيلة بتجديد )١(الحياتية

، و إقامة حركية المعنى ، يد مع العالم المتحرك و الموار تواصل ج

كام الساكنة التي تتجاهل حياة القصد /المعنى .حبعيدا عن األ

ال بد في إطار المعرفة المشتركة من االتفاق على قصد واحد في أي و

" و لضمضمرتواصل صريح أو بين المتكلم –مان هذا التواصل ،

ن قصد المتكلم منشورا حتى يتم تفكيك البد أن يكو–المخاطب و

هذا النجاح إال بشرط تسنىالمضمون المطوي لدى المخاطب ، و لن ي

توافر معرفة متبادلة بين منشئ الخطاب ( أي المتكلم ) و مستقبله ( أي

" . و تتضمن المعرفة المشتركة معرفة يمتلكها أطراف )٢(المخاطب )

حتى تتحقق ، ل الخطاب المذكورالتواصل ( المتكلم و المخاطب ) حو

األرضية المشتركة في الفهم.

متضمنات القول-٢

لم متكلما و به وحدة عد المتك، القصد أساس عملية التواصل و اإلبالغ

هم ما يتولد عن القصد مفهوم رائد في الدرس التداولي ، فإن أبذلك و

راون ، ت ١( ر التر ح) .ح.ب. ب ي الزلیطي ، منی د لطف ق محم اب ، تحقی ل الخط ي ، ی یك.٢٧٩جامعة الملك سعود ، الریاض ، النشر العلمي ، ص

.١٢٢٠) .إدریس مقبول ، تداولیة القصد ، ص ٢(

نه في كالمه وما يضم، يعبر عن األداء العقلي للغة من طرف المتكلم

عى بـ " متضمنات دهذا ما يو.من أمور ال يذكرها بصريح العبارة

ة تعلقيتعلق هذا المفهوم بـ " رصد جملة من الظواهر المالقول " ، و

تحكمها ظروف الخطاب ، بجوانب ضمنية و خفية من قوانين الخطاب

" ب . و يتحدد هذا اإلجراء في الخطا)١(العامة كسياق الحال و غيره

بأنه " مفهوم تداولي إجرائي يتعلق برصد جملة من الظواهر المتعلقة

.)٢(بجوانب ضمنية و خفية تحكمها ظروف كسياق الحال و غيره "

فأي حديث أو حوار يدور بين ، و نستطيع توضيح هذا المفهوم

فإن هناك جانبا صريح و آخر ضمني ، و هذا ، شخصين أو أكثر

إضافة إلى ذلك فإن األقوال و .ثيات الكالم األخير يفهم من خالل حي

ا نالحوارات ال تتم دائما بالتصريح أو المباشرة ، فهناك معوقات تمنع

دون التصريح .

يجمعون على أن اإلخبار ال يتم التداوليون هذا األمر وو يقر "

ود ذلك إلى وجود العديد من المحظورات التي عو ي، بالتصريح فقط

ن التصريح ، و هذه المحظورات قد يكون مصدرها تمنع المتكلم م

... و المجتمع ، مما يحتويه من أخالق و عادات و دين أو سياسة

.)٣(ينعكس ذلك على اللغة باعتبارها وليدة المجتمع

ما هو منطقي ؛ أن لكل جملة حوارية عدة دالالت منها ،يعني ما سبق

رتبط هذا بطبيعة حال يوول ،منها ما هو خاطئ و غير معقو، بقي حقو

المتكلم ، فتأويل الكالم يكون على أساس الناطق به .

.٣٠) مسعود صحراوي ، التداولیة عند علماء العرب صـ ١(.٦٠فسھ صـ ن) ٢(ورات ٣( ة ، منش ة التداولی وء النظری ل الخطاب المسرحي في ض ر ، تحلی ) عمر بلخی

.١١١، ص٢٠٠٣، ١االختالف ط

تكمن أهمية متضمنات القول في كيفية توصل المخاطب إلى ما و

و تحصيل الفائدة منه ، و الوقوف على ما قد يحتويه ، يتضمنه القول

و قد يكون ، ال تظهر إال عبر السياق الوارد فيه، من معان مختلفة

تضمنات القول في نمطين مو تتشكل . لف تماما للمعنى الحرفي مخا

هما :

االفتراض المسبق :١-٢

أهمية في كل تواصل لساني لهو ، و هو من أبرز مفاهيم التداولية

إلنجاح عملية التواصل ؛ يعتمد على افتراضات و معطيات معترف بها

لك المعلومات قد تكون تو، فالمتخاطبون يبنون خطاباتهم عليها .

ا سابقا ، و مب المعروفة لديهالمشتركة بين كل من المخاطب و المخاط

يعرفه التداوليون بأنه " العنصر الداللي الخاص بالقول أو تحويله إلى

نى هذا أن ما يدور بين المتكلم . و مع)١(االستفهام هل ؟ أو نفي ال "

أو ما يريد ، ينوي يكون السامع قد سبق له ما،المتلقي من خطاباتو

أن يقوله المتكلم حتى قبل أن يقوله أو يشير إليه . فاالفتراضات المسبقة

ية التبليغ الضرورية .فلخهي تشكل وال يصرح بها المتكلم ،

وجه له أمرا على أساس ما و، تلقي مفمثال إذا خاطب المتكلم ال

" ففي .فذة غلق النافذة ، ال تغلق الناأكقوله : ، يفترضه سابقا

، ة مفتوحة نافذالملفوظين كالهما خلفية افتراض المسبق مفهومها أن ال

يؤكد ، و)٢(كل هذا موصول بسياق الحال و عالقة المتكلم بالمخاطب " و

التداوليون إلى أن االفتراض التداولي ال دخل له بالصدق أو الكذب ،

فهو يختلف تماما عن االفتراض المنطقي .

و ، التداولي لالفتراض المسبق في تأسيس المتكلم حديثه يتأكد الدورو

تواصله مع المتلقي بناء على المعلومات السابقة المشتركة بينهما ، و

جوهريا من السياق و العملية االتصالية .ايعد هذا جزء

.١١٣صـ نفسھ ، ) ١(ة ٢( ر ، دار المعرف وي المعاص ث اللغ ي البح دة ف اق جدی ھ ، آف د نحل ود أحم ) محم

.٢ط٢٠٠٢، ١الجامعیة ، ط

القول المضمر٢-٢

يعرفه الدرس التداولي بأنه " كتلة المعلومات التي يمكن للخطاب أن

حتويها ، و لكن تحقيقها في الواقع يبقى رهن خصوصيات سياق ي

ر ضمن يفس،فالقول المضمر هو معنى خفي في الكالم. )١(الحديث "

ة الخطاب و مقامه ضعيفالقول المضمر يرتبط بو. السياق الذيورد فيه

.على عكس االفتراض المسبق الذي يحدد على أساس معطيات لغوية

. بينما مده تعلمسبق يعتقد المخاطب ما يؤكده ، وال يففي االفتراض ا

طب إلى توظيفها حسب ظروف في األقوال المضمرة ، يسعى المخا

رنة بين او إذا حاولنا المق.استخدامها . لذا نجده يتعمد الخطاب

و الثاني ، متضمنين " فإن االفتراض المسبق وليد السياق الكالمي

".)٢(مالبسات الخطاب

حلل الخطاب شأنه في معبارة عن استنتاج " بما أن ، و القول المضمر

يملك طريقة مباشرة للوصول إلى المعنى ال، ذلك شأن المخاطب

المقصود من طرف المتكلم عند تلفظه بالقول ، فهو في الغالب يحتاج

و ." )٣(تمكنه من الوصول إلى فهم المقوالت ، إلى عملية االستنتاج

نه غير مستقر أي يصعب أ: ول المضمر بميزتين : األولى يتميز الق

قدرة المتكلم على التخفي وراء المعنى الحقيقي الذي :الثانيةتحديده ، و

إذا كان قد انزعج إلى معنى آخر ، هروبا من ردة فعل المتلقي ؛ يريده

.

.٣٢) مسعود صحراوي ، التداولیة عند العلماء العرب صـ ١() السابق ، نفس الصفحة .٢(.٣٢الخطاب صـ ) جورج براون ، و جورج یول ، تحلیل ٣(

االستلزام الحواري -٣

لحوار بين المتكلم ية في مبدأ اتعد المتضمنات في القول نواة مركز

ر فقد يحاول المتكلم تبليغ المخاطب أمرا ما على نحو غي. ب المخاطو

مما يجعل ،هو على يقين أن متلقيه قادر على فهم قصدهمباشر ، و

إن عملية .تخاطبين يتبعون بعض القواعد االستلزامية أثناء التواصل مال

هذا ر و اإلضمار ، واإلظهاواإلبالغ يزدوج فيها التصريح و التلميح أ

، لتفسير داللة الجملة المضمرة ، "التضمين"ما أسهم في إدخال مفهوم

لتظل العملية التواصلية مرتبطة بقوانين مضبوطة ، قواعد لغوية و

أخرى غير لغوية تواصلية .

هو الكالم المقصود الذي يهدف إلى ،الخطاب في النظرية التداوليةو

" محادثة ذات طبيعة رسمية ، أو المصطلح فه. تبليغ فكرة معينة و

هذا " و)١(ا أم مقروءا بكان مكتوأار : سواء كالرسمي المنظم لألف

التعريف يؤكد أن مسلمة الحوار من المسلمات البدهية في الخطاب ، فال

.: مقام المتكلم و مقام المستمع نين يحكمهما مقامانكالم مفيد إال بين اث

فيسعى األول ، المخاطب أوال عالقة بين المتكلم وتكون هناكو قد ال

المخاطب من العناصر المؤثرة في لمتكلم وفالعالقة بين ا.إلى إيجادها

ما ما يعرفه المتكلم على اآلخر ، وقد يتوقف الخطاب علىو، الخطاب

سبقة ميشترك في هذا االفتراضات اليشتركان في معرفته عن السياق ، و

للمتخاطبين .

ة المعاصرة ، ١( ة و اللغوی ي الدراسات األدبی وم الخطاب ف ) عصام خلف كامل ، مفھ.٧ص ٢٠٠٠، ١للنشر و التوزیع ، بیروت، لبنان طفرحة دار

مفهوم االستلزام ١-٣

عندما وجد أن الناس في حواراتهم قد "، جرايس"أسس لهذا المفهوم

قد يقصدون ، ويقولون ما يقصدون ، و قد يقصدون أكثر مما يقولون

ما قال ، وجعل كل همه إيضاح االختالف بين ما يفعكس ما يقولون ،

ما اللفظية ، وهافما يقال هو ما تعنيه الكلمات و العبارات بقيم.قصد ي

؛على نحو غير مباشرعهو ما يريد المتكلم أن يبلغه السام، يقصد

على أن يصل إلى مراد المتكلم ، بما اعتمادا على أن المخاطب قادر

يتاح له من أعراف االستعمال و وسائل االستدالل ، فأراد أن يقيم جسرا

،نى متضمنيح ، وما يحمله من معرالقول من معنى صلهبين ما يحم

.مفهوم االستلزامفكان

، ما سبق في تحديد مفهوم االستلزام الحواري مخرجنستطيع أن نو

الذي يعني أن يتحقق التعاون بين المتكلم و المخاطب وصوال إلى حوار

فاالستلزام الحواري يقدم تفسيرا صريحا لقدرة المتكلم على أن .مثمر

.)١(مما تؤديه العبارات المستعملة ل أي أكثرفعيعني أكثر مما يقول ال

أنواع االستلزام ٢-٣

رفيلعاالستلزام النموذجي / ا١-٢-٣

و يتحقق من ،يقوم على ما تعارف عليه أهل لغة معينة فيما بينهم

ال ، خالل وجود بعض األلفاظ التي تستلزم دوما دالالت معينة و ثابتة

؛ و هذا النوع يسميه السكاكي.)٢(تختلف باختالف السياق و التركيب

رج ١( ي یخ دد ، و الت ام مح ي مق لك " المنجزة ف ن فض م م اولني القل ارة " ن ل عب ) مثى اال ى معن ب ( األمر )إل د الطل ا عن ة " من معناھ ھ القرین ا أفادت و م لتماس ، و ھ

فضلك " .دھا یكون ٢( أتي بع ا ی ا أن م ة تستلزم دوم ذه الكلم ة فھ ي العربی ة ( لكن ) ف ) مثل كلم

مخالفا لما یتوقعھ السامع ، نحو ، محمد رجل فقیر لكنھ كریم .

ذريتع،إجراء المعنى على األصل ، و ذلك باستعماله في سياقات عامة

على المرسل إليه االنتقال إلى قصد غير القصد األصلي الذي يتطابق

.)١(فيه معنى الخطاب مع قصد المرسل

االستلزام الحواري٢-٢-٣

غير السياقات التي يرد فيها الذييكون متغيرا بت،هو االستلزام التخاطبي

رق القواعد إذ يكون ذلك في سياق خاص ، خهو الذي ينتج عن و.

فهو أكثر ، و لذا .يحتاج فيه طرفا الخطاب إلى معلومات إضافية

االستلزام الحواري ىو يبن.تعقيدا في االستدالل لمعرفة قصد المتكلم

ول إلى الهدف من الوصيقضي بتعاون المتخاطبين في، على مبدأ عام

" ليكن اندفاعك في الكالم على الخطاب ، و صيغة مبدأ التعاون هي

إذ .)٢(الوجه الذي يقتضيه االتجاه المرسوم للحوار الذي اشتركت فيه "

فعل .إنجاز الو،و تحقيق التأثير، يساعد هذا المبدأ في تسهيل التفاهم

" أن يراعي المخاطب ف ي كل ما يأتي و كما أنه يجب على المتكلم

بل إنه يسخر في ذلك ما يعين ، اجتماعيا و ثقافيا لغويا و نفسيا وييدع

ليجد من المخاطب نفسه متعاونا متمثال .في التبليغ باإلشارة و المالمح

ون أطراف الحوار أن تتعافعلى. )٣(اء و محاولة و الفهم " صغفي اإل

المتكلم و المخاطب على أن يتعاونفيما بينها لتحصل المطلوب ، و

تب العلمیة ، ) راجع ، السكاكي ، مفتاح العلوم ، تحقیق عبد الحمید ھنداوي ، دار الك١(الذي ینطلق من أن العبارة یمكن ٥٢٣م صـ٢٠٠٠-ھـ١٤٢٠، ١بیروت ، لبنان ط

ھ ( عت ل ا وض ر م د غی ن أن تفی ا یمك ة ) كم ھ ( الحقیق عت ل ا وض ر م أن تغیالمجاز/الكنایة) و العالقة بینھما ھي عالقة الزم بملزوم أو ملزوم بالزم .

ات التواصل ) عبد السالم عشیر ، عندما نتواصل نغیر٢( ، مقاربة تداولیة معرفیة آللی.٤٧ص٢٠٠٦و الحجاج ط أفریقیا الشرق ، المغرب

اك ٣( ول ، ج ع ، آن روب ل ، م) راج ي التواص د ف م جدی وم ، عل ة الی الر ، التداولی وشوني ، المنظمة ة لطیف زیت ترجمة سیف الدین دغفوس ، محمد الشیباني ، مراجع

.٥٩، ٥٥العربیة للترجمة بیروت، ص

هذه العملية "غرايس"يبلور .تحقيق الهدف من الحوار الذي دخل فيه

حيث

" أن تجعل مساهمتك في المحادثة كما هو مرجو منك من حيث ، يقول

تلك المساهمة متماشية مع الهدف و أن تكون ، اختيار التوقيت المناسب

.)١(تقع ضمنه " التوجه المسلم بهما للتبادل الخطابي الذيو

أن مبدأ التعاون يسلم إلى التواصل التفاعلي بين ، يعني هذا و

يختص بكل من و يقتضي هذا الفعل أمرا، المتخاطبين عن طريق اللغة

يرتبط بالمتكلم منشئ فيحيل اإلنتاج إلى التلفظ الذي.التأويل اإلنتاج و

سائل لسانية و غير يتطلب التأويل من المخاطب االستناد إلى والكالم ، و

لسانية .

مبادئ االستلزام الحواري١-٢-٢-٣

:)٢(هناك قواعد أو مسلمات لمبدأ االستلزام الحواري تتحقق في

فتكون إفادة المتكلم على ،القدر : و تختص بالداللةأوقاعدة الكم -

وال تتجاوز الحد المطلوب من الذي يقتضيه ، قدر حاجة المخاطب

التواصل .

فال يقل ، النوعية : و القصد منها صنع إدعاء الكذب أو اعدة الكيفق-

المتكلم ما يعلم خطأه ، وال يقل ما ليس له عليه دليل .

، فيجعل )٣(قاعدة العالقة أو المالءمة : بأن يناسب المقال المقام -

المتكلم كالمه ذا عالقة بالموضوع .

.٤٠) ج.ب براون ، ج.یول ، تحلیل الخطاب صـ ١(بتصرف .٢٣٨) ینظر ، طھ عبد الرحمن ، اللسان و المیزان صـ ٢() سیأتي الحدیث عن نظریة المقام في الدرس العربي القدیم .٣(

: و هي ترتبط بما- عيراد قوله ، و تتفرقاعدة الجهة أو الطريقة

ليتكلم بإيجاز مع وجمال ،من اإلو،بدورها إلى االحتراز من االلتباس

ترتيب الكالم .

و على ،و هذه القواعد هي بمثابة الضوابط لكل عملية تخاطبية

أثناء الحوار ، و إذا أخل أحد الطرفين بإحداهافيالطرفين االلتزام بها

وره إلى معنى مضمر / خفي يقتضيه وجب عليه أن يصرف كالم محا،

ذلك عن طريق االستدالل من المعنى الظاهر و من القرائن .و، المقام

لقد تنبه الفكر اللغوي العربي القديم إلى هذا المفهوم " االستلزام و

.الحواري " باعتباره إشكاال دالليا ، يبرز من حين آلخر أثناء الخطاب

صول ، و وضعت له مصطلحات تباينت البالغة و األعلماءو تناوله

و داللة ، تباين تلك العلوم ، منها األغراض التي تؤديها األساليب ب

غيرها من والمعنى الفرعي ، و، و المعنى المقامي ،المفهوم

د و ع. )١(المصطلحات التي تدل على وعيهم بهذه الظاهرة اللغوية

متميزا للوعي البالغي السكاكي في كتابه " مفتاح العلوم " نموذجا

بمفهوم االستلزام الحواري .

وعي ١( ن ال اني م داول اللس ي الت واري ف تلزام الح ي أدراوي ، االس ع العیاش ) راجیات الن ورات بالخصوص ا ، منش ابطة لھ وانین الض ع الق ى وض اھرة إل ة الظ وعی

ر ط تالف ، الجزائ ل ، ٢٥، ص ١٢٠١١االخ د المتوك ة أحم ع دراس ، و راجاء دار البیض ة ، ال وظیفي ، دار الثقاف ة ال ة العربی و اللغ ي نح ات ف ١٩٨٦دراس

ا ذه الظ دیم لھ ي الق ف العرب ة للوص الم الریفی ف المع ا أن یستكش ذیحاول فیھ ھرة الكاكي في ھ الس ا قدم ى م دا عل ھ وجد مفتاحھ معتم ھ ، ألن ة تناول یتجاوز المالحظ

المعنى ى الصریح ب ة المعن المجردة إلى التحلیل المالئم للظاھرة الذي یضبط عالقد ع قواع اني بوض ى الث ن األول إل ال م ة االنتق یف آلی ا ، و یض تلزم مقامی المس

استلزامیة واضحة .

خصائص االستلزام الحواري٢-٢-٢-٣

خواص تميزه عن غيره من أنواع "غرايس"لالستلزام الحواري عند

:)١(في اآلتي ، نستطيع أن نجملهااالستلزام األخرى

أنها قابليته لإللغاء : و يتم ذلك إذا عمد المتكلم إلى إضافة ما من ش-

ية التأويل ، أن تسد الطريق أما المخاطب عند تهيئته للدخول في عمل

إمكان اإللغاء هو و.ذلك بغية الوقوف على المعاني الضمنية للعبارة و

هو الذي يمكن و، أهم اختالف بين المعنى الصريح و المعنى الضمني

المتكلم من أن ينكر ما يستلزمه كالمه.

فصال : فاالستلزام الحواري متصل بالمعنى االستلزام ال يقبل االن-

ليس بالصيغة اللغوية التي يقال بها ، فهو ال ينقطع و،الداللي لما يقال

ها .فمع استبدال مفردات أو عبارات بأخرى تراد

التغير : و تغير االستلزام يعني أن العبارة الواحدة يمكنها أن تؤدي -

ف السياقات التي ترد فيها .و مختلفة باختال، إلى استلزامات متغيرة

القابلية للتقدير : و يعني ذلك أن المخاطب يقوم بخطوات محسوبة حتى

و يتحقق ذلك في ، يصل إلى ما يستلزمه الكالم من معان ضمنية

العبارات التي تضم االستعارة و الكناية .

.٣٨أحمد نحلة ، آفاق جدیدة في البحث اللغوي المعاصر ، صـ ) راجع ، محمد ١(

ثانيا : تداولية الخطاب

الخطاب و السياق-١

اللغوي في سياق تخاطبي معين ، سة االتصالتسعى التداولية إلى درا

هذا السياق يمثل في التداولية مفهوما إجرائيا مركزيا يساعد على و

من شروط لصحة العملية "جرايس"فما أرساه .تحليل الخطاب

اعل الحواري المتكئ على مبدأ فالتخاطبية التي تقوم على عملية الت

لذي يستند إلى مرجعيات عدة : و ا، التعاون بين المتكلم و المخاطب

تحاول تشكيل سياق يمكن أن يمثل نصا ، ية و ثقافية عرقاجتماعية و

يسهم في إنتاج المعنى المراد من الحوار و تحديده .، مرافقا

و مما ال شك فيه ، أن إظهار البعد الوظيفي أو األيديولوجي للنص

ننا أن نركز على سياقين و يمك.الخطابي ، يحيلنا حقا إلى فكرة السياق

و السياق ، الموقف أو المقام :و هما سياق، أساسين من أنواع السياق

و إنما يدخل في ، . ذلك أن المعنى ال ينتج من الكلمة وحدها )١(اللغوي

و تتشابه ألداء المعنى ، شبكة عالقات مع كلمات أخرى تختلف معها

الموقف ، فهذا الذي يرتبط أما ما يتعلق بسياق المقام أو.التركيبي

بمعنى أن المقام يكون حينئذ .بالموقف أو المقام الذي قيل فيه الكالم

و هو يتعلق بالظروف الخارجية للموقف الذي تقع فيه ، مقام التلفظ

الكلمة .

لكي نتبين عالقة الخطاب بالسياق ، ينبغي أن تعرف بنية األخير ، كما و

، السياق هو تجريد للموقف التواصلي و.نتعرف على بنية الخطاب

وع إلى ١( ة دون الرج ة للغ ة الداخلی داخلي أو البنی وي : اإلطار ال ) یقصد بالسیاق اللغة ، ب العلمی ة ، دار الكت ة العربی المجتمع ، جاسم محمد العبود ، مصطلحات الدالل

.١٤١، ص ٢٠٠٧، سنة ١بیروت ط

الذي يتضمن عناصر عدة تحدد بشكل منظم " قبول النص أو رفضه ، و

.)١(كفاءته أو عجزه ، مالءمته أو منافرته "

فالعالقة وطيدة بين الخطاب و السياق ، و هي نتيجة الموقف التواصلي

.معين الذي خاطب فيه المتكلم المخاطب مريدا من خطابه تحقيق قصد

ه أداة وصفمن هنا يؤدي السياق أثرا فاعال في العملية التخاطبية ، بو

و توضيح نواياه الظاهرة ، مهمة تساعد في الكشف عن مقاصد المتكلم

الذي يتوخاه من الخطاب .ىو الخفية ، بغية إفادة المخاطب المعن

ة يوسوعإن تحليل السياق في النظرية التداولية يعتمد على المعرفة الم

التي نتوصل إليها من خالل مفاهيم الصيغة المنطقية من المعطيات التي

م يتاالنتقال من المقاصد اإلجمالية .فها مباشرة من المقام راكيمكن إد

يسعى ، نمطيا عبر نظرية الفكر ، إذ يفترض أن كل متلفظ يخاطبنا

حتما إلى تبليغ رسالة هي مقصده اإلجمالي .

الملفوظ من اهتمامات الدرس التداولي ، و انطالقا من اء بمقامتنفاالع

" التداولية تدرس كل ما في معنى " ديكرو"هذه الوظيفة رأي و أن

الملفوظ المربوط بالمقام الذي قيل فيه ، وال بالتركيب اللساني الذي

و يمكن أن تمثل األساليب التخييلية أمثلة مهمة و فاعلة . )٢(استعمل فيه "

ألنها تمثل سياقات ؛السياق الثقافي في تكوين المعنى المراد في إظهار

تتأثر بالعرف االجتماعي و الثقافي في تكوين المعنى المراد ؛ ، محددة

ألنها تمثل سياقات محددة ، تتأثر بالعرف االجتماعي و الثقافي في

كما ،السائد الذي يساعد على تحقيق التواصل التخاطبي بأسلوب تعاوني

روت ط ) صالح فضل ، ١( اني ، بی اب اللبن نص ، دار الكت م ال ة الخطاب و عل ١بالغ.٣٢ص ٢٠٠٤سنة

.٧٧ن ربول و جاك موشالر ، التداولیة الیوم علم جدید في التواصل ، ص آ) ٢(

ات و ضععلى تحقيق الهدف من الخطاب الذي يخضع لموايعمل

محددات ثقافية واجتماعية يحددها العرف السائد و االستعمال اللغوي .

من المفاهيم التي أسالت الكثير من الحبر )١(يعد مفهوم السياق/المقامو

ى العرب القدامى جميع خيوطها و تحققت لد،في الدرس العربي القديم

هذه النظرية في مجموعة من القضايا اللغوية و غير برزت عناصر، و

:)٢(اللغوية التي يمكن أن تجمل فيما يلي

النظرات النقدية عندهم في الشعر و الشعراء.-

م عما يسمى بمطابقة الكالم لمقتضى الحال .هبحوثهم البالغية و حديث-

د اقتضت فق،الدراسات القرآنية التي كان أساسها فهم القرآن الكريم-

و هذا ، العناية به الخوض في مسائل لغوية متعددة بتعدد العلوم القرآنية

ما نجده مثال عند عبد القادر الجرجاني في دالئل اإلعجاز ، و الجاحظ

ن و فخر الدين الرازي في التفسير الكبير ، و السكاكي يفي البيان و التبي

.و خاصة الكتب األصولية منها، في مفتاح العلوم

، ين يقد أخذ مفهوم المقام في التبلور على يدي الجاحظ في البيان و التبو

فأرسى بالغة المقام :

ر ١( ة غی ا : دالل ة : أولھ الث دالالت مختلف ي ث تعمال العرب ي االس ام ف وم المق ) لمفھا ام مرادف ون المق ا یك طالحیة و فیھ ى اص لي و لمقتض ومي التواص اء العم للفض

ال لكل ھ المواقف و یق ھ الكالم و تتخذ فی الحال و للظرف الخارجي الذي ینجز فیت ة : ارتبط ة الثانی ال ، و الدالل ام مق ام أي بمق مى المق ذي یس اب ال نس الخط ج

ة و وم القیام ذكر بی واال ت ب أق ا الخطی ي فیھ ي یلق وعظ الت ة الزھد و ال خطاب حلقث راد تح ت لت د تمخض ام فق ة للمق ة الثالث ا الدالل ال ، و أم الح األعم ى ص ف عل

ع ي ، راج ر األدب ي و غی اس الكالم األدب ف أجن تج مختل ذي ین السیاق التخاطبي ال.٢١، ٢٠صالح بن األدبي رمضان ، التواصل األدبي صـ

ة ) ٢( دماء والمحدثین ، دراس ین الق یاق ب ة الس ل ، نظری یم خلی د النع ة عب ة نحوی لغوی..١٠٨داللیة ، دار الوفاء لدنیا الطباعة والنشر ، اإلسكندریة ، ص

الجانب النفعي اإلقناعي قعد قواعده ، و التي تقوم على مراعاةو

فبأي ، هو يرادف في التداولية مفهوم الكفاية التواصلية و، الخطابي

مدار األمر على البيان و فذلك هو البيان " ألن، أدركت المعنى يءش

" يالتب . فإدراك المقام لدى الجاحظ ملكة )١(ين و على اإلفهام و التفهم

تختص بالسياق الذي تنجز فيه األعمال اللغوية ذات السمة ، تواصلية

التفاعلية االجتماعية كاإليجاز و اإلطناب ، و التوبيخ و الشكر و

االعتذار و العتاب .

الجرجاني نفس النهج الجاحظي في تغليب بالغة و ينتهج الزمخشري و

أي اآلليات التي يستعملها كل متكلم بحسب المقام الذي يتكلم ، التلفظ

لكنه يحقق ،خلو الخطاب من األساليب البيانية و اإليقاعيةيفيه ، و قد

فالمتكلم يختار ألفاظه و ينظم تراكيبه و يوجه .مراعاة المقام بجاعته ن

ى تقبله ، و بطبيعة موقعه ضسب صورة المخاطب ، و بمقتداللتها بح

بحكم ة حالته النفسية زمن التخاطب ، واالجتماعي و الثقافي و بمراعا

وعيه و، ه و اتجاهه الفكري ، و غاياته و تصوره للمتكلم دجنسه و عد

الفردي و الجمعي .

الخطاب في ذاته-٢

نظرية التلفظ١-٢

مفهوم التلفظ١-١-٢

. أهمية قصوى ، لة التلفظ أو التخاطب في الدرس التداولي إن لمقو

ة التي يدرك من خاللها المتكلم العالم باستعماله للغة . " هباعتبارها الج

فالتلفظ هو تمثيل الواقع باللغة من جهة المتكلم و من منظور المخاطب

.١/٢٣الجاحظ ، البیان والتبیین ) ١(

. ويرى اللساني بنفيست " أن التلفظ هو تطبيق اللغة في الميدان عن )١("

. و إذا كان بنفيست ال يهتم بطرف )٢(طريق عملية استعمال فردية لها "

ن يتسع لديهم المفهوم ليشمل الطرف المشارك يالمتلفظ ، فإن التداولي

، فالتلفظ أو التخاطب هو العمل الفردي .للمتلفظ في عملية التواصل

ظ من الملفوظات في ظرف مخصوص الذي ينجز في اللغة إلنتاج ملفو

و استراتيجيات المتكلم في كل جنس .جه إلى مخاطب مخصوصيت، و

و كما .هي آثار التخاطب في ذلك اللون األدبي، أدبي : شعرا أو نثرا

ن الخطاب هو نتاج قصدية المتكلم ، فإن غاية المتكلم أثناء إقلنا سابقا

أن تنسجم مقاصده باألساليب التي يصوغ عليها ،مخطابته لآلخر

فال يمكن أن نجد متكلما بقصد التأثير في اآلخر ال يتنبى .ملفوظاته

.بفرضها عليه المقام التبليغي و مختلف سياقاته ياستراتيجية معينة ،

فالمتكلم يلجأ إلى تبني بعض األساليب الكالمية من أجل تحقيق غاية

تأثيرية .

ظ أوضاع التلف٢-١-٢

ان وجهة التلفظ ، تداولية لبيينظر إلى الخطاب من وجهة نظر

فتتغير ،ب إلى آخرالتخاطب . فالخطيب يحول وجهته من مخاطو

أوضاع التلفظ ، و أوضاع المتخاطبين ." وال يخلو أي جنس أدبي مهما

سواء ؛ن تصرف يجريه منتج الخطاب مكن درجة أحادية الصوت فيه ت

و في الخطاب ، مباشرة أو بقناع نسميه في الخطاب السردي راويا

في الخطابة خطيبا ، و في الخطاب المسرحي مترسال و، الرسائلي

.٩٩دي رمضان ، التواصل األدبي ، ص ھا) صالح بن ال١(اب ٢( اد الكت ورات اتح ن منش داد ، م م المق ة قاس ة ، ترجم رفوني ، الملفوظی ان س ) ج

.٢٢ص١١٩٩٨العرب ط

. ويمكن أن نقسم أوضاع التلفظ إلى نوع متصل )١(شخصا ممثال "

نوع متعلق بمتلقيه .و، بأوضاع منتج الكالم

والمتلفظالمتكلم :أوضاع المتلفظ ١-٢-١-٢

و ذلك ألن ،إن أوضاع التلفظ من جهة منتج الكالم / المتكلم معقدة

في النص /الخطاب إنما جاءته لتسهم )٢(الصرفية و النحويةىتنوع البن

في تدقيق أوضعا التلفظ ، و لتحمل مسئولية الخطاب لهذا الطرف دون

ة ، كما أن القيمة الداللية لمفهوم المتلفظ غير محددة ، و غير قار.ك اذ

مجاورة له ، كالذات اختالف العالقات بينه و بين المفاهيم الببل تختلف

المتكلمة ، أو وجهة النظر .

و تجدر اإلشارة إلى أن االهتمام بالمتلفظ نظريا ، هو المتلفظ في حال

التواصل أو في الخطاب األدبي ، لذا البد من الفرقة بين التلفظ و التكلم

، فاألول هو إحداث األثر الذاتي في الكالم ، فالمتلفظ يتحمل مسئولية

خطاب بنية و داللة ، فالتلفظ يوجه موقف المتكلم من المخاطب ، إنتاج ال

يكيفه أو يعدله ، و يضع على عاتق المخاطب مسئولية الرأي الذي

يصدره .

عليه فإن أي خطاب يبتعد عن االرتباط بظروف التلفظ و المقام و

كالخطاب العلمي ، و التقارير و اللوائح .. إلخ ، فإنه يتلخص تماما من

التلفظ أو من آثار الذات المتلفظة أو الذاتية في اللغة ألن المتكلم ال آثار

.١٠٣دي رمضان ، التواصل األدبي ص ھا) صالح بن ال١(نحویة ، یستخدمھا المتلفظ بالخطاب للتنصل من –) فالمبني للمجھول بنیة صرفیة ٢(

ا : " ی رد أحیان ر أو الس ا و مسئولیة الخب رق بینھ ل أن " ، وال ف حكى أن " و " قیا جع صالح بن البین فعل زعموا من جھة تبني مسئولیة التلفظ ، را دي رمضان ، ھ

.١٠٤التواصل األدبي ص

يسعى عبر أساليب مختلفة إلى توجيه الداللة أو إلى التأثير في

المخاطب .

ظب و المتلفظ : المخاطأوضاع المتلف٢-٢-١-٢

ذلك تعقيدا من أوضاع التلفظ به . وإن أوضاع تلقي الخطاب ليست بأقل

المخاطب ذات لها حضورها في الخطاب ، موجهه له محددة ألن

فالمتكلم / الخطيب ، . مضامينه و أشكاله ، مؤثرة في أعماله القولية ل

يمكن أن ينتقل من مخاطب إلى سواه في الخطبة الواحدة . و المخاطب

: ضمائر حاضر في الخطاب من خالل عناصر متعددة ، منها

..) و األقوال لياب ، المنادى ، ( خلطالخ .. كتاب إليك ي عوجا

الحوارية المنسوبة إليه ( قلت ، قلت ) ، و أساليب الدعاء ، و صيغ

األفعال

( . و ليس للمخاطب صورة واحدة في كل )١(( أفعال األمر و النهي

و قد .االلتفات و أنواع األغراض بخطاب بل تتجدد بتجدد ضرو

- ليشعره ؛ ع بينه و بين المخاطب ذ المتكلم صيغة الجمع ، ليجمخيت

ر عمل من األعمال زله وبأنه طرف في بناء فكرة ما ، أو ليحم-مثال

لخ .ا...

من أهم مداخل تحليل أوضاع )٢(هكذا تعد دراسة ضمائر الخطابو

المتلفظ ، المخاطب و المتلفظ ، و للوصول إلى تحليل القيم التداولية في

التواصل األدبي .

ظمرجعيات التلف٣-١-٢

.١٠٧دي رمضان ، التواصل األدبي ، ص ھا) صالح بن ال١(ا ٢( عر الغن ل الش ائي ، مث ا الغن میر أن مائر : كض یغة ئي ،) الض تكلم بص میر الم و ض

میر الجمع كالخطاب الملحمي و ضمیر المخاطب المفرد كالخطاب الحواري و ضوعي ( ال خاطب بصیغمال تلفظ الموض یة و ال ول ة الجمع كالخطابة السیاس ي ) أي مق

الذي یخلو من حضور الذات كالحكمة و الخطاب القانوني .

يمكن تعريف مرجعيات التلفظ بأنها " عالمات تحيل إلى ملفوظيتها "

مرجعيات التلفظ تفترض وجود متكلم ، و مخاطب ، و زمان و . و)١(

. و لكل عنصر منها له إشاراته المحددة له : " أنا ، أنت ، نمكان معينا

فوظ ، إلى تلك من داخل المل،هنا ، اآلن ، عبارة عن كلمات تشير

.)٢(العناصر األساسية المكونة للملفوظية "

دراسة المرجعيات مكانة مهمة لمسألة : الشخص ( متكلم ، حتلو ت

. و تتمثل تلك المرجعيات في ومكانه مخاطب )، وزمن الملفوظ

: أسماء اإلشارة ، و أسماء الموصول ، و الضمائر اإلشاريات مثل

يرها من العالقات اللغوية التي ال يتحدد ظروف الزمان و المكان و غو

حالة إلى المعلومات اإلفال دور في .مرجعها إال من سياق الخطاب

ق ي( اإلشارات ) . هذه األشكال هي التي " ترتبط بسياق المتكلم مع تفر

مقابل ، األساس بين التعبيرات ذات اإلشارة القريبة من المتكلم

فكل فعل لغوي يكون ناجحا إذا علم .ه التعبيرات اإلشارية البعيدة عن

و إذا كان المتكلم غرض ينبغي ، المخاطب قصد و إحالة العبارة

.)٣(بموجبه أن يشكل المخاطب بموجبه هذه المعرفة

كما تشكل الدالالت اإليحائية جزءا من أوجه اللغة التي يصعب اإلحاطة

فتراض المسبق الو يبدو ذلك من خالل العالقات القائمة بين ا.بها

تكلم من مفاالفتراض المسبق هو الفعل الذي يفرض ال.ذاتية المتكلم و

و يتجلى االفتراض المسبق .خالله على المخاطب عالما من الخطاب

.٢٧) جان سرفوني ، الملفوظیة ص ١() السابق ، نفس الصفحة .٢() السابق ، الصفحة نفسھا.٣(

و لذا يفتقر إلى .كالمعجم و التركيب؛ في كل مكان في الخطاب

عالقات تسهل تحديده .

نظرية الفعل الكالمي ٢-٢

هية الفعل الكالميما١-٢-٢

ال يكاد القارئ المتتبع للمصادر و الكتب التي تناولت بالدراسة المنهج

التداولي ، يجد في التناول الفكري لهذه المبادئ عدم التعرض لنظرية

و التي ترى ٠األفعال الكالمية ، إذ تعتبر هذه النظرية قرين التداولية

علي لسلوكنا الذي نمارسه فالأننا نستطيع اتخاذ اللغة كوسيلة للتكريس

: األداء "أوستن"مي كما رآه الفي الحياة اليومية . و يقصد بالفعل الك

يعني أننا تصرفنا أو فعلنا ؛و بمعنى قولنا شيئا.التصرف و اإلنجازو

... و عموما فإن الفعل الكالمي هو الصيغة الكالمية التي ، شيئا ما

نهض على نظام شكلي ينطق به ، و تنجز عمال اجتماعيا بمجرد ال

يتضمن غايات تأثيرية تخص ردود ، فضال عن ذلك .داللي إنجازي

ليس الحدث ، عل في هذه النظرية ف. فالمقصود بال)١(فعل المتلقي "

ل اللغوي الذي يترك أثرا بعد إنجازه فعو إنما هو ذلك ال، الصوتي فقط

ن ، وفقا لظروف تبليغية فالتلفظ بجملة من العبارات في سياق معي؛

يعني ، . فكل فعل كالمي ناجح)٢(يعني إنجازها في الواقع ، مناسبة

و علم المخاطب بقصد المتكلم و ، توفير الظروف السياقية المناسبة

فهمه .

داولي ١( نھج الت ات الم د ، نظری ي محم ر عل ر ، عم زاع عمی یس ف اء ) خم د علم عنتطبیقي ، مجلة الفنون و األدب و علوم اإلنسانیات صفي كسفورد تحلیل و أجامعة

.٩، ص ٢٠١٤، نیسان ، أبریل ٥و االجتماع ، العدد ة " ر٢( ل جمل ك مث ب ) و ذل ة فھي تتطل ي المحكم ي ف ل القاض ن قب ة " م ت الجلس فع

ع ي الواق ازا ف راءات ، إنج دأ اإلج ن أن تب ث ال یمك ھود و حی دلي الش و أن ید امھم إال بع م و أحك والھم و آرائھ ھاداتھم و أق ون بش المحامون و القضاة و المتھم

و بكر العزا ع أب تكلم ، راج رئیس الم ل ال اح من قب ة حصول فعل االفتت وي ، اللغى ة األول اء ، الطبع دار البیض ة ، ال ور األزبكی دیات س اج ، منت _ ١٤٢٦والحج

.١٢٥، ص٢٠٠٦

تصنيف نظرية الفعل الكالمي٢-٢-٢

و الفعل الكالمي"أوستين"١-٢-٢-٢

التي مثلت موقفا مضادا ، ظرية مؤسس هذه الن" وستينأجون "يعتبر

التي تعتبر أن للغة وظيفة واحدة تنحصر ، التجاه الوضعية المنطقية

حيث .ا يكون صادقا أو كاذبا صفو؛رسم و وصف وقائع العالم :في

رأى أوستين " أن هناك العديد من العبارات التي تشبه العبارات

وال يمكن أن ينطبق ، العالم الوظيفية في تركيبها ، و لكنها تصف وقائع

.)١(عليها معيار الصدق و الكذب "

وال اللغوية في نشاطها لقد تمثل هذا الطرح في النظر إلى األق

فدورها ال . ، المنتجة من طرف المتكلم في إطار التواصل االجتماعي

ينحصر في نقل األخبار و وصف الوقائع ، و توصيل المعلومات إلى

تنجز في ،المات صوتية ، بل إن هناك أفعاال المخاطب عن طريق ع

حيث اعتبر . الواقع ، و تبدل قناعات األفراد و اعتقاداتهم بمجرد التلفظ

.)٢(ل و إنشاء لحدث " فعهذا الفيلسوف أن " إحداث التلفظ هو إنجاز ل

و قد ميز أوستين بين نوعين من األقوال :

فاللغة .عن طريق التلفظاألقوال اإلنجازية : و هي إنجاز ما قيل -

ر و تعابير خاصة مو أوا، تشتمل على : أسئلة و عبارات تعجب

بالوعود و األمنيات و الترغيب و التشجيع .

.٤٣اجع ، محمود أحمد نحلة ، آفاق جدیدة في البحث اللغوي المعاصر ، ص ر) ١(ادر ق ٢( د الق ة عب ة ، ترجم الم العام ال الك ة أفع تین ، نظری ون أوس ا نین) ج ي ، إفریقی

.١٧ص ١٩٩١الشرق ، الدار البیضاء

األقوال التقريرية : و هي األقوال الخاضعة لمعيار : الصدق و -

و .الكذب مثل قولنا : افتح الباب . فهذا ملفوظ إما صحيح أو خاطئ

و بالتالي يصبح هذا الملفوظ ، ترتب على تلفظ الجملة متحقيق الفعل

تقريريا .

ل الذي يظهر فيه إلى :فعو عليه ، حدد نوع الملفوظ من خالل ال

أفعال إخبارية : مثل كتب ، قرأ .-

أفعال إنجازية : مثل أقول ، أرفض ، أقبل .-

:و قسمها إلى، وضع شروط تحققها ، و لتحقيق األقوال اإلنجازية

شروط تكوينية :-أ

وجود إجراء عرفي مقبول ، و له أثر عرفي معين.-

ينطق بها أناس معينون في ،أن يتضمن اإلجراء نطق كلمات محددة-

ظروف معينة .

أن يكون الناس مؤهلين لتنفيذ هذا اإلجراء.-

أن يكون التنفيذ صحيحا .-

أن يكون التنفيذ كامال .-

هي :فة أما الشروط القياسي

أن يكون المشارك في اإلجراء صادقا في أفكاره .-

أن يكون المشارك في اإلجراء صادقا في مشاعره .-

أن يكون المشارك في اإلجراء صادقا في نواياه .-

.)١(أن يلتزم بما يلزم به -

ث اللغوي المعاصر ، ص ١( ي البح دة ف ، ٤٤) راجع ، محمود أحمد نحلة ، آفاق جدی٤٥

يؤدي إلى تحقق ، قد اعتبر أوستن أن تحقق الشروط التكوينيةو

فإذا تحققت كان فعال أدائيا موفقا . و إذا لم تتحقق . الشروط القياسية

كان ذلك إيذانا بإخفاق األداء .

و هي ، بتحليل األفعال الكالمية إلى : نطقية / لفظية "أوستين"كما قام

األصوات التي ينطقها المتكلم في صورتها التركيبية الفعلية و معناها

خاللها المتكلم الوصول و هي التي يقصد من، المعجمي . و إنجازية

و هي ما يخلفه القول من تأثير .، إلى بعض األهداف . و تأثيرية

يمكننا إجمال هذا التصنيف في المخطط التالي :و

هي التي تحدث القطيعة ، فالوظيفة اإلنجازية التي تتأتى من الملفوظات

و كل الملفوظات التي تصدر من، بين تطبيق معيار الصدق و الكذب

" القائم على عامل متكلم معين . اعتبارا لمعيار القوة اإلنجاز ية

"أوستن"و بناء على هذا المعيار ( القوة اإلنجازية ) قسم .القصدية "

:)١(األفعال الكالمية من حيث معناها إلى مجموعات وظيفية

یل الخطاب المسرحي في ضوء النظریة التداولیة صـ حل) . راجع ، عمر بلخیر ، ت١(١٥٩.

األفعال الدالة على الحكم : و هي أفعال تثبت في بعض القضايا من -

عترف بها رسميا ( القضاة و الحكام ) .سلطة م

أفععال الممارسة : و هي األفعال الحاملة لقوة في فرض واقع جديد -

...مثل التعيين ، و الترشيح

: و هي أفعال كالمية - ، تلزم المتكلم القيام بعمل ما ، أفعال الوعد

معترف بها من قبل المخاطب و من أمثلتها : الوعد و الضمان و

خ .الاهد ... التع

: و هي ردود األفعال الناتجة لحدث أو مثير ما - أفعال السلوك

كاالعتذار و الشكر .

أفعال العرض : و تستخدم هذه األفعال الكالمية عادة في إيضاح -

د ، ج ، مثل اإلثبات ، التأكيجوجهات النظر و اآلراء عن طريق الح

لخ .ا، الشرح ، التوضيح .. النفي

، حيث أضاف تعديالت لما "سيرل"تصنيف آخر قام به ثم إن هناك

في بعض النقاط في نظرية األفعال الكالمية ."أوستن"قدمه

و الفعل الكالمي"سيرل"٢-٢-٢-٢

طبقا للقيام بفعل معين ، إلى إعادة تصنيف األفعال الكالمية "سيرل"اتجه

د يكون الهدف و ق. من جهة ، و جعل األفعال مطابقة للعالم أو العكس

فالهدف اإلنجازي من األمر ، .فعل شيئا ما يجعل المخاطب،منها

ير يكالهما يجعالن المخاطب يقوم بشئ ما ، أو بتغ،هو ذاته، الوعد و

. و ، الوضع اآلني و لكن القوة اإلنجازية تختلف من فعل إلى آخر

يشمل " جمع"لسيرل"على هذا ، أتسع مفهوم الفعل الكالمي عند

لكنها تختلف في و، إنجازية ، جميع الجمل في اللغة لديه ، فالمنطوقات

الغرض

األفعال الكالمية "سيرل"ـ و لقد صنف )١(" )خبرية كانت أم إنشائية(

إلى خمسة أصناف :

، التأكيديات / التقريريات : و هدفها " تعهد المرسل بدرجات متنوعة -

. )٢(تعهده كذلك بصدق قضية ما بأن شيئا ما هو واقعة حقيقية ، و

، التوجيهيات / األوامر : " و هدفها جعل المرسل إليه يفعل شيئا ما -

تتراوح بين اللين ، أو يحاول المرسل تحقيق هذا الهدف بدرجات مختلفة

و بين العنف و الشدة ، و .ذلك باإلغراء ، و االقتراح أو النصح و،

.)٣(" يءذلك باإلصرار على فعل الش

االلتزاميات / الوعديات : و تكمن في التزام المرسل بدرجات مختلفة -

إنجاز فعل ما في المستقبل ( الوعد مثال ) مع شروط اإلخالص .

لة نفسية محددة بشرط عقد التعبيريات : و " هدفها التعبير عن حا-

و من )٤(الصدق في محتوى الخطاب عن تلك األمور المحددة " النية و

تها : الشكر ، و التهنئة ، و القسم و االعتذار .ثلمأ

اإلخباريات / التصريحات و اإلدالءات " وجودالمؤسسة ضروري -

.)٥(في إنجاز اإلدالء بنجاح "

و بين الفعل ، بين التعبير الحرفي الداللي للمنطوق"سيرل"و يميز

لفعل اللغوي المباشر ، و هو المدلول عليه بصيغة الجملة ذاتها ، و ا

ة المعاصرة ، ١( ) علي محمود صبحي ، في البراجماتیة ، األفعال اإلنجازیة في العربیة األولى اھرة الطبع ة اآلداب ، الق ص ٢٠١٠دراسة داللیة ، و معجم سیاقي مكتب

٢٤.ة ص –ر الشھري ، استراتیجیات الخطاب ) عبد الھادي بن ظاف٢( مقاربة لغویة تداولی

١٢٣..١٥٨) المرجع نفسھ ، صـ ٣() السابق نفس الصفحة .٤() نفسھ ، نفس الصفحة .٥(

الذي ، و بين الفعل اللغوي غير المباشر .اللغوي المفاد من المقام

؛ التعبير يختلف فيه المعنى المقصود عن التعبير الحرفي الداللي

. لذا يفترض التخييلي كما يحدث في االستعارة و التشبيه و الكناية

أن االنتقال من الفعل اللغوي المباشر إلى الفعل اللغوي غير"سيرل"

يتم عبر سلسلة من االستدالالت قوامها المعرفة المتقاسمة ( ،المباشر

هذه المعرفة هي التي غير اللغوية ) بين المتخاطبين . واللغوية و

و كل ما يحيط بالعملية ، يحددها السياق المنتج لهذه األفعال الكالمية

تمكنهم من فهم الخطاب و، التخاطبية من معارف مشتركة للمتخاطبين

الوصول إلى الدالالت المتخفية في الخطاب .

الخبر و اإلنشاء و نظرية الفعل الكالمي٣-٢-٢

في )١(يكاد يجمع الدارسون المحدثون على أن ما قدمه التراث العربي

اإلنشاء ، ال يختلف عما تعرضه نظرية الفعل الكالمي التي باب الخبر و

ك في الدرس البالغي . وجدنا ذل"سيرل"طورها و" ،أوستين"قدمها

، )٢(الذي تناول باب الخبر و اإلنشاء في علم المعاني، العربي

ا معالقتهو

هو ما احتمل الصدق أو الكذب بالنظر إلى درجة ، فالخبر . بالخارج

فال يرتبط مفهومه بالصدق ،مطابقته للخارج أو مخالفته . أما اإلنشاء

د النطق به .الكذب ، و يتميز بأن مدلوله يتحقق بمجرو

) تناولھ اللغویون و البالغیون و األصولیون .١(داولي لدراسة البالغة ال) راجع ٢( ة دراسة القیمة لحلیفة بوجادي نحو منظور ت العربی

مشروع لربط البالغة باالتصال ، ضمن ندوة الدراسات البالغیة الواقع و المأمول درس ١٤٣٢ ي ال ة ف یم التداولی زة الق ورة متمی ا بص تعرض فیھ ث اس = = ، حی

وروث البالغي ي الم البالغي القدیم ، و كذلك رسالة الدكتوراة الخطاب التداولي فة العربي من القرن الثالث الھجري إل د ، كلی ى السابع الھجري ، إعداد واضح أحم

.٢٠١٢-٢٠١١اآلداب و اللغات و الفنون جامعة السانیا ، وھران الجزائر

المتناع ؛ و الطلبي منه " ما يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب

وستن ) أ. و نجد هذه الفكرة و التي مر عرضها ( )١(طلب الحاصل "

ن ، و ميز بين يفي نظرية الفعل الكالمي ، حيث ثار على آراء الوضعي

في من حيث درجة تحققها، التقريرية و اإلنجازية :نوعي األفعال

الخارج و موقف المتكلم . " من المعلوم أن الفكر اللغوي العربي القديم

الثنائية بعيديتضمن ثنائية الخبر /اإلنشاء ، التي تشبه إلى حد ،

كما يدل على ذلك تعريف القدماء للخبر و ،األوستينية الوصف/اإلنجاز

.)٢(اإلنشاء

إلنشاء ، تنطلق من تفريق فالقيم التداولية التي يحملها مفهوم : الخبر و ا

انطالقا من عالقتهما بالواقع ، و بالنظر إلى مقياس ؛ البالغيين بينهما

الصدق و الكذب الذي يبحث في مدى مطابقة مدلول الكالم للواقع

الخارجي أو انتفائها .

النظرية الحجاجية٣-٢

، يعد الحجاج من أهم النظريات التداولية ، على أساس أن الخطاب

جموعة من العبارات و الصيغ التي تحمل في طياتها بعدا حجاجيا م

موجه نحو المخاطب ، و ذلك بهدف إقناعه بمحتوى أو معلومة معينة

وجدنا جهود الدارسين التداوليين لهذه النظرية ،لذا.أو التأثير فيه ...

د ١( ھ ، أحم ان ، و بھامش اني و البی م المع ي عل ان ف ود الجم رح عق یوطي ، ش ) السة دمنھوري : حلی بال ة و الل ر للطباع ون ، دار الفك وھر المكن ى الج ون عل المص

.٤٨و التوزیع ، بیروت ، لبنان د.ت ص النشراط ، ٢( اظ ، الرب ورات عك ) أحمد المتوكل ، اللسانیات الوظیفیة ( مدخل نظري ) منش

رب اق ٣٧، ص ١٩٨٩المغ ة ، آف د نخل ود أ؛م ي محم ھا ف رة نفس ع الفك و راجد ٨٥جدیدة في البحث اللغویة المعاصر ، ص ة عن ، مسعود صحراوي ، التداولی

راث اللساني العربي العلماء ا ي الت لعرب دراسة تداولیة لظاھرة األفعال الكالمیة ف.

ه و بين نبحثا عن تقنياته و أدواته التي يحتكم إليها ، بالربط بي؛

و بذلك استطاع الحجاج أن يحتل مكانا .السياقات المقامية المختلفة

متميزا في صميم البحث التداولي المعاصر .

مفهوم الخطاب الحجاجي١-٣-٢

ذكر ابن منظور أن الحجاج " من حاجة محاجة و حجاجا ؛ أي نازعه

" حتى ته أحاجة حجاجا و محاجةج. و يقول الزبيدي : " حاج)١(الحجة "

٢(جج التي أوليت لها " حججته ، أي غلبته بالح(.

ال يعدو عن ثالثة معان رئيسة و ، نستخلص من ذلك أن الحجاج لغة

هي : المنازعة و الغلبة بالحجة ، و المخاصمة .

و يبقى مفهوم الحجاج ، أو إطاره العام " هو أن يقدم المتكلم قوال أو

المخاطب يقول قوال آخر ، أو موجهة إلى جعل ، مجموعة أقوال

و هذا الحمل . ضمنيا مسواء أكان صريحا أ؛ مجموعة أقوال أخرى

هو -إذن - على قبول أنه نتيجة للحجة يسمى عمل المحاجة ، فالحجاج

.)٣(عالقة داللية تربط بين األقوال في الخطاب تنتج عن عمل المحاجة "

اجتماعي الفكري مقامي وألن طابعه؛ و الحجاج نشاط خطابي تداولي

يأخذ بعين االعتبار مقتضيات الحال ، والظروف و المعارف ،

و الحجاج يكون في األمور .ألن هدفه إقناعي ؛ و جدلي . المشتركة

و " الحجاج في الخطابة .المتنازع عليها و المختلفة اآلراء و األفكار

ي في و العاطفي معامنها : تحقيق اإلقناع العقل، يلجأ إليه ألهداف عدة

) ابن منطور ، لسان العرب ، مادة ح ، ج ، ج .١(.٥/٤٦٧) الزبیدي ، تاج العروس من جواھر القاموس ، دار الھدایة ٢() شكري المبخوت ، نظریة الحجاج في اللغة ، ضمن كتاب أھم نظریات الحجاج في ٣(

.٣٦٠تقالید الغربیة من أرسطو إلى الیوم صـ ال

" ، استمالة اآلخر -، فالخطابة )١(و دفعه إلى الفعل و التغيير أحيانا

تمثل المجال الرحب الذي يتحقق في ظله –على اختالف أجناسها

. ففيها نجد الكالم المقنع ذا التأثير في المخاطب المعزز ، الحجاج

ن الهدف المنزوع و إزاحة الغموض ، و اإلبانة ع، بالشرح و التفصيل

إليه .

و في التراث اإلغريقي ، و ، ى العرب دو قد وجد الحجاج قديما ل

حيث " تشدد ، خصوصا التداولية ؛ اهتمت به الدراسات اللسانية الحديثة

أي المتلفظ ، على أن سلوك األفراد إزاء الخطاب مرهون بحجة صاحبه

.)٢(رف بها له " به ، و كذا المشروعية المرتبطة بالمنزلة المعت

يقوم به المتكلم ليوضح خطابه أو موقفه و يعلله أمام فالحجاج إجراء

فهو ليس كأي خطاب ، بل فيه قصد االدعاء الذي اختص به .مخاطبه

و قصد االعتراض الذي هو من حق المخاطب ، فضال عن أن ، المتكلم

هام ، و يهدف إلى التوجه إلى المخاطب بغية اإلف؛ الخطاب الحجاجي

دفعه إلى العمل و الفعل ، دون اللجوء إلى القوة و العنف في التأثير .

مرتكزات النظرية الحجاجية٢-٣-٢

الوسائل اللسانية١-٢-٣-٢

للوسائل اللسانية أبعاد حجاجية مختلفة ، فالمتكلم يستخدم الوحدات

. كم ا اللسانية ، حسب ما يريد إبالغه من أفكار و بالقدر الذي يريد

و لقد اهتم .يبني هذه الوحدات وفقا ألغراض تواصلية مختلفة

نظرية تدرس "ديكرو"التداوليون بدراسة الحجاج اللساني ، فأسس

رة ، دار ١( ة المعاص ي البالغ اج ف ة ، الحج ین الطلب د األم الم محم د س ر ، محم ) ینظ.٤٣ص ٢٠٠٨الكتاب المتحدة ، الطبعة األولى ، حزیران / یونیو

د ٢( ة محم اب ، ترجم ل الخط ي تحلی اتیح ف طلحات المف انقونو ، المص ك م ) . دومینی.١٢ص ٢٠٠٥ن ، منشورات االختالف ، الطبعة األولى یحیات

الوسائل اللغوية التي يمتلكها المتكلم إلقناع المخاطب . " فالعبارة في

، لالحجاج إذا اقتصرت على ظاهرها جاءت عادية أو عارضة في القو

نى اهتمام ، أما إذا حملت معها إشارات دعيرها السامع أبحيث ال ي

فإنها ستحرك آليات الفهم و التأويل لدى المخاطب و تدفعه ، رمزية

.)١(نحو اعتقاد ما "

و من هنا يدرس الحجاج التداولي كل األفعال الكالمية التي يتلفظ بها

تظهر الحجة المتكلم إلى مخاطبه ، و التي من شأنها إفادته و إقناعه ، و

و التي تفرض نتيجة معينة على ، من خالل أدوات لسانية خاصة

المخاطب .

الساللم الحجاجية٢-٢-٣-٢

تحمل وظيفة ، أن كثيرا من األفعال القولية ، لم الحجاجي يقصد بالس

مزودة ، حجاجية ، فهو " عبارة عن مجموعة غير فارغة من األقوال

رطين التاليين :بعالقة ترتيبية و موفية بالش

كل قول يقع في مرتبة ما من السلم ، يلزم عنه ما يقع تحته ، بحيث -

تلزم عن القول الموجود في الطرف األعلى جميع األقوال التي دونه .

-لم دليل على مدلول معين ، كان ما يعلوه مرتبة كل قول كان في الس

ا للحجج قائما على نظامو"ديكر"". و هكذا يتصور )٢(دليال أقوى عليه

معيار التفاوت في درجة القوة و الضعف ، و على سلمية ممكنة بين

و الحجة األكثر ضعفا .، الحجة األكثر قوة

.١٣١) عبد السالم عشیر ، عندما نتواصل تغیر صـ ١(ة ص ٢( ة تداولی ة لغوی ) عبد الھادي بن ظافر الشھري ، استراتیجیات الخطاب ، مقارب

٥٠٠ .

لم الحجاجي لثالثة قوانين تحكمه ، األول يعرف بقانون و يخضع الس

إذا كان القول دليال على النفي أو قانون تبديل الس " لم ، و يقصد به

"مدلو . و )١(ل معين ، فإن نقض هذا القول دليل على نقض مدلوله

الثاني قانون القلب ، و يقصد به " أنه إذا كان أحد القولين أقوى من

فإن نقيض الثاني أقوى من نقيض ، اآلخر في التدليل على مدلول معين

. أما الثالث ؛ فهو قانون )٢(األول في التدليل على نقيض المدلول "

لم ، ق القول في مراتب معينة من السديقصد به " إذا صالخفض ، و

.)٣(فإن نقيضه يصدق في المراتب التي تقع تحتها "

لم يقترب من حيث الداللة الوظيفية من و كما نرى ، فإن مصطلح الس

فكالهما يعبر عن ،سلم المبنى الذي يستعمل ألجل بلوغ طبقات المباني

رم المستعمل للكالم الحجاجي من تحالذي ي، السير المرحلي المنظم

ون كو يت. خالل مراتب و درجات األشياء ضمن التركيبة االجتماعية

و يخضع لمراتب ، لم الحجاجي من درجات تتفاوت عددا و حجما الس

ون هذا التصنيف على حسب طبيعة كل سياق تلو ي.عالم األشياء

اجتماعي .

و المخطط التالي يبرز هذا السلم :

( نتيجة )ن

د

ج

ب

.٢٧٨) طھ عبد الرحمن ، اللسان و المیزان أو التكوثر العقلي ص ١(فس الصفحة .) السابق ، ن٢() نفسھ ، الصفحة ذاتھا .٣(

) و (د) حجج و أدلة تخدم النتيجة (ن) .جحيث ( ب) و (

الروابط و العوامل الحجاجية٣-٢-٣-٢

وجهة حجاجية ، و ذلك على مبر"أنسكو"و و"ديكر"تشكل الجملة عند

فهي تتحدد معناها قبل استعمالها في .المستوى المعجمي و اإلعرابي

فإن هذا االستعمال ، ال الجملة في المقام الخطاب ، لكن عند استعم

و هذا يستلزم وجود مكونات . يفرض مجموعة من النتائج دون غيرها

أو تضيق المعنى ، أو توسع من ، تحدد معناها ، لغوية مختلفة

و هذه المكونات أو الروابط هي التي تحدد طرق . احتماالتها الحجاجية

ي إليها .الربط بين الحجة و النتيجة التي ترم

مورفولوجية ( مورفيم ) تصل بين ملفوظين حدةفالرابط الحجاجي " و

. و قد تتمثل )١(جرى سوقهما في إطار استراتيجية واحدة "، أو أكثر

هذه الوحدات من عناصر نحوية و ظروف ( الواو، الفاء ) لكن ، إذن ،

. و تقوم لخ )احتى ، ألن ، بل ، السيما ، بما أن ، إذ ، ال .. إال ...

فالربط قرينة .إليجاد وحدة حجاجية متكاملة ؛ بالربط بين فعلين لغويين

و هو إحدى الوسائل . لفظية تعمل على اتصال أحد المترابطين باآلخر

التي يتحقق بها االتساق ، و تثمل بعدا تداوليا مهما .

فهي التي تعمل على تكثيف المكونات ، أما العوامل الحجاجية

و تقييدها لنص ما ، أي القيام بالربط بين وحدتين داللتين ، جاجية الح

بهدف زيادة النتيجة التابعة وراء ذلك ؛ داخل الملفوظ اللغوي الواحد

. )٢(الحجاج : و شحن الكالم ليؤدي وظيفة تتالءم مع مقاصد المحاجج "

كأدوات النفي ، أدوات القصر ، :العوامل الحجاجية في العربيةو

.٣٧٦في اللغة ، ص ج ) شكري المبخوت ، نظریة الحجا١(دین للنشر و ٢( ) عز الدین التاج ، العوامل الحجاجیة في اللغة العربیة ، مكتبة عالء ال

.١٦ص١٢٠١١التوزیع ، صفاقس ط

وكيد ، أو بعض المكونات المعجمية مثل : ( ربما ، تقريبا ، كاد ، الت

قل ) .. فالعامل الحجاجي ال يربط قليال ، كثيرا ، منذ الظرفية ، في األ

حجاجية ، و يتم بإمكاناتبين الحجة و النتيجة ، بل تتقيد الجملة بعده

اإلسناد فيها في بعض األساليب .

إشارات –على اختالفها –بية القديمة و لقد تضمنت الدراسات العر

–واضحة إلى الحجاج ، و إن اختفت التسميات تبعا الختالف توجهاتهم

كما لعب الحجاج دورا مهما في الحياة العربية القديمة ( عقديا ، سياسيا

و ، ، اجتماعيا ) فكانت استراتيجية الحجاج واضحة في القرآن الكريم

ف و في الخطابات المختلفة . و قد اهتم البالغيون الحديث النبوي الشري

و يعد الحاجظ أبرز هؤالء األعالم الذين حاولوا ، بالحجاج و اإلقناع

و من . ين يالبيان و التب: و ذلك في كتابه ، التقعيد لهذه االستراتيجية

يات المقام و ما تشمله ضالعناصر الحجاجية التي اهتم بها الجاحظ " مقت

الخطيب ، و كفاءته اللغوية ، و هيئته و صفاته الخلقية ، و من أحوال

ما يحسن عليه وما يقبح ، فالجاحظ دائم اإللحاح على الشروط الالزم

و الحذف لآللة البالغية و ةتوفرها في المتكلم ، من حيث الخبر

عالوة على تخير القالب ، النصوص االستشهادية الضرورية لكل حجاج

و المقاصد و دفع السامع إلى تحقيق ىحوفجاح الاللغوي الكفيل بإن

.)١(المضامين النصية "

.٢١٤اصرة ، ص ) محمد سالم األمین الطلبة ، الحجاج في البالغة المع١(

:)١(كما ميزت البالغة العربية بين ثالثة مخاطبين

المخاطب خالي الذهن من الحكم التي تضمنه الخبر ، و يكون بأن -

فرغ المتكلم ما ينطق به في قالب اإلفادة ، و أن يقصد في خبره ذاك ي

و هو خبر ابتدائي .إفادة المخاطب ،

المخاطب الشاك المتردد ، يكون حين يتردد المخاطب في حكم الخبر -

ن يتصور طرفي الخبر و يتردد في إسناد أك، ، وال يعرف مدى صحته

المتكلم إلى إنقاذه من الحيرة ، وكأنه يلقي الخبر أحدهما إلى اآلخر فيلجأ

) أو ( إن ) على ( الالم إلى طالب ما ، ويستحسن تقويته بإدخال

. الجملة

و يسمي الخبر عندها : خبرا طلبيا .

المخاطب الجاحد المنكر للخبر إنكارا يحتاج إلى أن يؤكد بأكثر مؤكد -

، ذلك أن المخاطب حاكم في الخبر بخالفه ، و لذلك وجب على المتكلم

.رده إلى حكمه ، و هو خبر إنكاري

استنتاجات

منهج التداولي ، وتوضيح مفاهيمها وأطرها بعد اختيار آليات ال

اإلجرائية ؛ للوقوف على صالحيتها للتطبيق على النص الخطابي ،

النقاط التالية :يمكن أن نقف عند

محتملة الصحة ، و على اإلقناع تقوم الخطابة على مقدمات- ١

تدرج من هذه الزاوية ضمن أهم ، االستمالة ، فهي صناعة قولية و

ألدبية التواصلية .المجاالت ا

.١٧١-١٧٠) السكاكي ، مفتاح العلوم ، ص ١(

كشف المبحث عن اآلليات اإلجرائية للمنهج التداولي في مقاربة - ٢

.مناسبا للتطبيق عليه ما رآه لالنص الخطابي توقف عندها

تركز التداولية على اللغة في استعمال المتكلمين ، و على وصف - ٣

شروط التواصل و التبليغ التي تحكمهم.

درس التداولي ، بوصفه منتج الخطاب و للمتكلم دور بارز في ال- ٤

و هو وحده الذي يستطيع تحديد الدالالت و مقاصدها .، باعثه

تتوقف معرفة النص الخطابي على معرفة القصد توقفا رئيسيا ، - ٥

اسات النصوص تبباعتباره معبرا عن ذات/خطيب ، و أن كثيرا من ال

الخطابية مرجعها اللتباسات في إدراك القصد .

الطبيعة التركيبية للنص نهللقصد أنواع تؤدي معرفتها إلى إدراك ك- ٦

الخطابي .

إن إنتاج المتكلم/الخطيب ، كان وفقا لنوع معين من المقاصد ، وال - ٧

يقف دور القصد عند إيجاد العالقة الداللية اللغوية ، بين الدال و المدلول

بل يمتد إلى استعمالها في الخطاب الحقا .،

لكل جملة حوارية عدة دالالت ، منها ما هو منطقي و حقيقي ، و - ٨

منها ما هو خاطئ و غير معقول ، و يرتبط هذا بطبيعة حال المتكلم ،

فتأويل الكالم يكون على أساس الناطق به .

يشترط وجود معرفة مشتركة بين المتخاطبين ، تساعد في الفهم و - ٩

بينهم .التأويل كما تعكس مقدار المسافة

إلى المعنى ، يتحدد عبر للوصول إن سيرورة العمل التخاطبي -١٠

سيرورة خطية تنطلق من المتكلم الذي يحاول إنجاح خطابه ، مرورا

، بمحتوى الرسالة و ما يستلزمها من خصائص تضمن نجاح التواصل

وصوال الحتياجات السامع الذي يكيف الرسالة وفق احتياجاته.

س اللغوي العربي القديم بعض القيم التداولية الحديثة أدرك الدر-١١

فاستخدم مفهوم االستلزام الحواري باعتباره إشكاال دالليا يبرز من حين

إلى آخر أثناء الخطاب .

اهتمت التداولية اهتماما كبيرا بمفهوم السياق ، و دوره في إظهار -١٢

البعد الوظيفي أو األيديولوجي للنص الخطابي .

تأصل مفهوم المقام / السياق في الدرس العربي القديم ، فبرز في -١٣

، صورة نظرية متماسكة األركان و تتحقق في عدة علوم عربية قديمة

المنهجي مما يحسب للدرس العربي القديم .وضوحو ظهر بمظهر ال

التداولية في إجراءاتها التطبيقية بفهم الجملة الواحدة من ىتعن-١٤

انطالقا من العناصر ؛ فتذهب في البحث عن طبيعة وضعها ، النص

المعجمية إلى المؤشرات النظمية أو المعطيات السياقية.

لمقولة التلفظ في النظرية التداولية أهمية قصوى ، باعتبارها -١٥

و أنتج .الجهة التي يدرك من خاللها المتكلم العالم باستعماله للغة

من جهة المتكلم أو المخاطب في عالقته أوضاع التلفظ سواء:مفهوم

بالمتلفظ . كما وقفت عند مرجعيات التلفظ : المتكلم ، المخاطب ،

الزمان ، المكان ، و المؤشرات الملفوظية الدالة عليها.

اهتم منظرو التداولية بنظرية الفعل الكالمي ، و لم نقصد به -١٦

الذي يترك أثرا بعد و إنما ذلك الفعل اللغوي ، الحدث الصوتي فقط

وفقا لظروف تبليغية مناسبة.،إنجازه ، و ذلكفي سياق معين

ميز المنظرون التداوليون بين الفعل اللغوي المباشر ، و هو -١٧

المدلول عليه بصيغة الجملة ذاتها ، و الفعل اللغوي المفاد من المقام ، و

ى المقصود من بين الفعل اللغوي غير المباشر الذي يختلف غير المعن

بير التخييلي .عالتعبير الحرفي الداللي كما في الت

تأصلت في الدرس العربي القديم نظرية تقف على حدود نظرية -١٨

أال و هي نظرية الخبر و اإلنشاء ، و تمت ، الفعل الكالمي التداولية

معالجتها بمفاهيم تقترب من المقاربة التداولية الحديثة .

١٩-على أساس ، ن أهم النظريات التداولية المعاصرة د الحجاج مع

أنه خطاب يضم مجموعة من العبارات و الصيغ التي تحمل في طياتها

فيه و وقفوا بعدا حجاجيا موجه نحو المخاطب بهدف إقناعه أو التأثير

على آلياته و تقنياته في إنجاح النص الخطابي .

الحجاج في جدارية يحسب للدرس العربي القديم نحته لمفهوم-٢٠

. الدرس اللغوي و البالغي و األصولي

و وقفت البالغة العربية عند مفاهيم عدة تقترب مضمونها من الدرس

.التداولي المعاصر

ةخاتم

الخطابة و التداولية : محاولة اقتران

يمكننا أن ،امالتداولية ، و الوقف عند مفاهيم كل منه–البحث للزوج : الخطابة استعراضبعد

هل يمكننا االستعانة بالمنهج التداولي في تلقي النص الخطابي ؟نطرح السؤال التالي ،

بهدف ؛ الخطابة بإيصال قيم معينة من ذات متحدثة إلى متلق وفقا لظروف مقامية مختلفة ىتعن

فهي فن ، مقتضياتها و تهتم التداولية بدراسة العملية التواصلية بكل معطياتها و.اإلقناع و االستمالة

تهتم بالتأثيرات التي تحدثها بعض الوسائط التواصلية ، و تركز . كمادراسة الملفوظات في سياقها

على المرسل و المتلقي و الرسالة و عملية التأثير و التأثر و القصد و نوايا المتكلم و الفائدة من

الكالم و اإلفهام ...

تحليلها للخطاب على الجوانب التداولية و السياقية التي تضبط كما تركز اإلجراءات التداولية في

يؤكد أهمية السياق في تفسير ، حيث يمثل النص األدبي حقال تواصليا .مقاصد النص و غاياته

الكالم و تأويله .

هي نظرية التواصل التي ال تختلف عند ، الدرس البالغي العربي القديم نظرية بالغية عرفولقد

، فالبالغة العربية في أوجز تعريفاتها . من الدارسين مما تعرضه اللسانيات التداولية الحديثة كثير

التي ، هي مطابقة المقال لمقتضى الحال ، و هي بذلك ال تختلف عن اهتمامات اللسانيات التداولية

صر المقام ، و كل هي دراسة اللغة حال االستعمال ، أي الكالم بما يكتنفه من أحوال المتكلمين و عنا

ا في هذه القضايا و غيرها .مشتراكهو بذلك فهما متداخالن ، ال. مالبسات التواصل

و من خالل هذا العرض للدرس التداولي ، و أبرز نظرياته التي اهتمت بمعالجة اللغة في االستعمال

لمجال اللغوي و ن هذه المعطيات و المفاهيم التي ظهرت في هذا ا:إو التواصل ، نخلص إلى القول

العلمي

و الوقوف على مقاصده ،أضحت من اآلليات اللسانية التداولية التي تسهم في فهم الخطاب، الواسع

و بهذا تشكل نمطا جديدا في دراسة . و ذلك في أي جنس من أجناس الخطابة ،ههنو إدراك ك،

صوال إلى رد فعل المتلقي.الخطاب منذ كونها فكرة في الذهن إلى إلقائها أمام الجمهور و

مقترحات و توصيات :

فهناك . كالرسائل األدبية ؛ يمكننا التوسع في تطبيق المنهج التداولي على األجناس األدبية المختلفة

ال مجو يبدو ال.تداولية ناتجة من التفاعل بين المتخاطبين في الرسائل األدبيةقيم أدبية ذات قيمة

ب بوجه هو الرسائل األدبية المتبادلة بين الكتا، طاقة األجناس التداولية فيهتتضح األدبي الذي

تنتظم في أعمال ، فالمراسالت القديمة و الحديثة على السواء هي أجناس تخاطبية تفاعلية .خاص

و تكثر فيها أعمال اإلقناع و االستمالة و غيرها من ، قولية ذات طبيعة إنجازية تداولية أو إقناعية

اليب الخطاب الحجاجي . أس

، عة اجالوقوف على المفاهيم النظرية و اإلجرائية الن،و نستطيع من خالل الدرس التداولي للرسائل

التي تمكننا من فهم شعرية األجناس الرسائلية و تحليلها .

المكتبة

أوال : الكتب العربية( أ )

راجحعزتدأحم-١١٩٦٨، ٧ب العربي للطباعة و النشر ، القاهرة ط أصول علم النفس ، دار الكتا_ أحمد المتوكل-٢١٩٨٩اللسانيات الوظيفية ( مدخل نظري ) منشورات عكاظ ، الرباط ، المغرب _ مقبولإدريس-٣

) ٥( ٢٨في تداوليات القصد ، مجلة جامعة النجاح لألبحاث ( العلوم اإلنسانية ) المجلد _ ٢٠١٤

حاويإيليا-٤ن الخطابة و تطوره عند العرب ، دار الثقافة بيروتف_

( ت ) التهانوني-١

، تحقيق لطفي عبد البديع ، وزارة الثقافة واإلرشاد القومي ، مصر كشاف مصطلحات الفنون٢/٢٩١

( ج )محمد العبودجاسم-١٢٠٠٧، سنة ١مصطلحات الداللة العربية ، دار الكتب العلمية ، بيروت ط_ احظالج-٢البيان و التبيين ، تحقيق عبد السالم هارون_ الجرجاني-٣معجم التعريفات ، تحقيق ، محمد صديق المنشاوي دار الفضيلة ، القاهرة_ حمداويجميل-٤٢٠١٤من الحجاج إلى البالغة الجديدة ، ط أفريقيا الشرق _

( ح )حسن يوسف-١

أسلم ._ المسرح والتداولية ، مقال ، موقع ، محمدصمودحمادي -٢مقدمة في الخلفية النظرية للمصطلح ضمن كتاب ، أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية من _

أرسطو إلى اليوم ، إشراف حمادي حمود ، سلسلة اآلداب جامعة اآلداب و الفنون و العلوم اإلنسانية تونس

( خ )

خليفة بوجادي-١

ع محاولة تأصيلية في الدرس العربي القديم ، بيت الحكمة للنشر و في اللسانيات التداولية ، م_ .التوزيع ، العلمة ، الجزائر

فزاع عمير ، عمر علي محمدخميس-٣تطبيقي ، مجلة الفنون و صفيكسفورد تحليل وأنظريات المنهج التداولي عند علماء جامعة _

٢٠١٤ن ، أبريل ، نيسا٥األدب و علوم اإلنسانيات و االجتماع ، العدد ( د )

بو زيان ، وآخروندليل محمد زيان-١تجليات عالقة اللفظ بالمعنى في الفكر اليوناني ، من خطاب البنية إلى بنية الخطاب ، ضمن _

كتاب اللغة و المعنى ، مقاربات في فلسفة اللغة ، منشورات االختالف ، الجزائر ، الطبعة األولى ٢٠١٠هـ/١٤٣١

( ذ )حمو الحاجهبيةذ-١لسانيات التلفظ و تداولية الخطاب ، دار األمل للطباعة و النشر و التوزيع_

( ر )ابن رشد-١تلخيص الخطابة ، تحقيق ، عبد الرحمن بدوي ، بيروت د.ت_

( ز )الزبيدي-١تاج العروس من جواهر القاموس ، دار الهداية_ الزركشي-٢١٩٨٤ة ، وزارة األوقاف و الشئون اإلسالمية ، الكويت المنثور في القواعد الفقهي_

( س )السكاكي-١

، ١مفتاح العلوم ، تحقيق عبد الحميد هنداوي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ط_ م٢٠٠٠- هـ١٤٢٠

سمير أبو حمدان -٢اإلبالغية في البالغة العربية ، منشورات عويدات الدولية ، بيروت ، لبنان_ السيوطي-٣

: حلية _ اللبشرح عقود الجمان في علم المعاني و البيان ، و بهامشه ، أحمد الدمنهوري المصون على الجوهر المكنون ، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع ، بيروت ، لبنان

( ش )الشاطبي-١

الموافقات ، تحقيق مشهور بن حسن آل سلمان ، دار ابن عفان_ لمبخوتشكري ا-٢، ضمن أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية من أرسطو إلى اليوم نظرية الحجاج في اللغة_

.مود ، سلسلة اآلداب جامعة اآلداب و الفنون و العلوم اإلنسانية تونسصإشراف حمادي ( ص )

بن الهادي رمضانصالح-١٢٠١٥، ١الثقافي العربي طالتواصل األدبي من التداولية إلى اإلدراكية ، المركز _ صالح فضل-٢

هـ /أغسطس ١٤١٣بالغة الخطاب و علم النص ، سلسلة علم المعرفة ، الكويت ، صفر _ م١٩٩٢( ط )

طه عبد الرحمن-١أو التكوثر العقلي ، المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء ، المغرب ، ط ، اللسان و الميزان_

١٩٩٨.( ع )

السالم عشيرعبد -١عندما نتواصل نغير ، مقاربة تداولية معرفية آلليات التواصل و الحجاج ط أفريقيا الشرق ، _

٢٠٠٦المغرب عبد السالم المسدي-٢١٩٨١، ١التفكير اللساني عند العرب ، الدار العربية للكتاب ، تونس ط_ بن ظافر الشهريعبد الهادي-٣

، دار الكتاب الجديد المتحدة ، الطبعة األولى ، تداوليةةلغوياستراتيجيات الخطاب مقاربة _ ٢٠٠٤.

خليلعبد النعيم -٤_ نظرية السياق بين القدماء والمحدثين : دراسة لغوية نحوية داللية ، دار الوفاء للنسر ،

اإلسكندرية .العسكري-٥، محمد أبو الفضل إبراهيم ، كتاب الصناعتين ، الكتابة و الشعر ، تحقيق ، علي محمد البجاوي_

١٩٥٢، ١دار إحياء الكتب العربية ، ط عز الدين-٦١٢٠١١العوامل الحجاجية في اللغة العربية ، مكتبة عالء الدين للنشر و التوزيع ، صفاقس ط_ خلف كاملعصام-٧

التوزيع ، للنشر وفرحة مفهوم الخطاب في الدراسات األدبية و اللغوية المعاصرة ، دار _

٢٠٠٠، ١بيروت، لبنان طعمر بلخير-٨.٢٠٠٣، ١، منشورات االختالف ، ط تحليل الخطاب المسرحي في ضوء النظرية التداولية_ أدراويالعياشي-٩

االستلزام الحواري في التداول اللساني من الوعي بالخصوصيات النوعية الظاهرة إلى وضع _ ١٢٠١١ورات االختالف ، الجزائر طالقوانين الضابطة لها ، منش

( ف )ابن فارس-١

، ٢، تحقيق وضبط عبد السالم محمد هارون ، دار الفكر بيروت لبنان طمعجم مقاييس اللغة_ ١٩٧٩.

الفراهيدي-٢، تحقيق ، عبد الحميد هنداوي ، دار الكتب العلمية .كتاب العين_

( ق )القاضي عبد الجبار-١

أبواب التوحيد والعدل ، تحقيق ، د/ خضر محمد نبها ،المملكة العربية السعودية ، _ المغني في ٢٠١١.

الدينوري ابن قتيبة-٢، حققه وعلق على حواشيه ، ووضع فهارسه ، محمد الدالي ، مؤسسة الرسالة.أدب الكاتب_

( ل )لينده قياس-١

تقديم عبد الوهاب شعالن ، –ني أنموذجا لسانيات النص ، النظرية و التطبيق مقامات الهمذا_ ٢٠٠٨مكتبة اآلداب ،

( م )محمد أبو زهرة -١

الخطابة أصولها تاريخها في أزهى عصورها عند العرب ، دار الفكر العربي ، الطبعة األولى _ ١٩٣٤مارس

األمين الطلبةمحمد سالم-٢لمعاصر دار الكتاب المتحدة ، الطبعة بحث في بالغة النقد ا-الحجاج في البالغة المعاصرة _

٢٠٠٨األولى حزيران / يونيو محمد طاهر-٣١٩٦٥الخطابة في صدر اإلسالم ، العصر الديني ، عصر البعثة اإلسالمية ، دار المعارف_ محمد العمري-٤

لشرق اأفريقيا ٢في الخطاب اإلقناعي مدخل نظري و تطبيقي لدراسة الخطابة العربية ط_

٢٠٠٢.١٩٩٩_ البالغة العربية ، أصولها وامتدادتها ، ط، أفريقيا الشرق ، ٢٠١٢_ البالغة الجديدة بين التخييل والتداول ، ط، أفريقيا الشرق

رقانيمحمد -٥االتصال االقناعي من خالل الخطابة مقاربة نظرية مع دراسة تحليلية لنماذج من خطب اإلمام _

٢٠٠٢لية اآلداب و اللغات ، جامعة الجزائر ، علي بن أبي طالب ، ماجستير كمحمد أحمد نحله-٦٢٠٠٢، ١آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر ، دار المعرفة الجامعية ، ط_ مسعود صحراوي-٧، دراسة تداولية لظاهرة األفعال الكالمية في التراث اللساني العربي التداولية عند العلماء العرب_

.٢٠٠٥عة ، بيروت ، الطبعة األولى تموز ( يوليو ) ، ط دار الطليابن منظور-٨

، دار الكتب المصرية .سان العرب_ ل( ن )

النصير الزغلول و عماد عبد الرحيم الزغلول-١

علم النفس المعرفي ، دار الشروق للنشر و التوزيع ، عمان ، األردن_النويري-٢

دار الكتب العلمية ، بيروت١مفيد قميحة طنهاية األرب في فنون األدب تحقيق ،( هـ )

هشام الرفي-١الحجاج عند أرسطو ، ضمن أهم نظريات الحجاج في التقاليد الغربية عن أرسطو إلى اليوم_

.مود ، سلسلة اآلداب جامعة اآلداب و الفنون و العلوم اإلنسانية تونسصإشراف حمادي ثانيا : الكتب المترجمة

( أ )أرسطو -١الخطابة ، الترجمة العربية القديمة ، تحقيق و تعليق عبد الرحمن بدوي ، دار العلم ، بيروت ، _ ١٩٧٩ان لبنابن رشد-٢

، د. تلخيص الخطابة ، تحقيق ، عبد الرحمن بدوي ، بيروت_ تفرانسواز أرمينكو-٣

مي ._ المقاربة التداولية ، ترجمة سعيد علوش ، مركز اإلنماء القو

( ب )

ب براون.ج-١تحليل الخطاب ، تحقيق محمد لطفي الزليطي ، منير التريكي ، جامعة الملك سعود ، الرياض ، _

النشر العلميجان بيلمان-٢

المودن ، المجلس األعلىلتحليل النفسي و األدب ، ترجمة حسن_ ا١٩٩٧، القاهرة ، للثقافة

( ر )روبول-١

م ، علم جديد في التواصل ، ترجمة سيف الدين دغفوس ، محمد الشيباني ، التداولية اليو_ مراجعة لطيف زيتوني ، المنظمة العربية للترجمة بيروت

( م ) روبيان مارتان-١

، ١دخل إلى فهم اللسانيات ، ترجمة عبد القادر المهيري ، مركز دراسات الوحدة العربية ط_ م٢٠٠٧

دويمينك مانقونو-٢صطلحات المفاتيح في تحليل الخطاب ، ترجمة محمد يحياتن ، منشورات االختالف ، الطبعة الم_

٢٠٠٥األولى