المؤتمر العام الرابع عشر م٢٠٠٧أيلول ٧ -٤ /هـ١٤٢٨ شعبان ٢٥ -٢٢

الحب في القرآن الكريم )الإ�سا�يةالمحبة منهج العلاقات (

الشيخ الحبيب علي زين العابدين الجفري الأستاذ محيي الدين محمد قاسم

الـمملكة الأرد�ية الـهاشمية–عمان

١

رحمن الرحيمبسم ا ال الحب في القرآن الكريم

)الإ�سا�يةالمحبة منهج العلاقات ( الشيخ الحبيب علي زين العابدين الجفري

الأستاذ محيي الدين محمد قاسم :مقدمة

...ا هي حاجتنا لتناول هذا الموضوع وم.... الكريملماذا �تحدث عن الحب في القرآن الحب في القرآن الكريم؟ لمعاصرة من بديل ا�طلاقا من منهجدم للبشرية والحضارة اوماذا يمكن أن �ق لاستقرار لولا سبي، إليه عطاش فالأرواح ،الإ�سا�يةصيل للذات أن الحب مطلب لأ ذلك

سماء الذوق إلى من حضيضها الإ�سا�يةفهو معراج الارتقاء للذات ، النفس البشرية بدو�هوالحب هو القوة الوحيدة القادرة على تهذيب ا�دفاع الرغبة والغريزة والطمع ، ء في كل شيوالإحسان

بل والقادرة على الردع الحقيقي عند عجز الترغيب والترهيب عن كبح ،عمق النفسمن البشري . الإ�سا�ية الحضارة إلى باتمع ووصولا من الفرد ومروراابتداء ،جماح المطامع البشرية

بزعم الموضوعية والحياد –في ماديتها الفجة وتعاملها الشكلي ،عاصرةالحضارة المفوعبر تبنيها لمذاهب المنفعة ،وإ�كار كل ما لا يخضع لمنطق القياس والتجربة ، مع الإ�سان-العلمي

قد جعلت ،التي تعلي من مكا�ة الفرد وإشباع غرائزه ،واللذة والبراجماتية وغيرها من المذاهب .صراع الإ�سان مع كل ما يحيط به من إ�سان وكون وطبيعة ...ر الحياة الصراع هو محو

حضارة لا تتصور منطقا ...واستنزافه �في الآخر واستعباده تقوم علىفهي حضارة فيها الكراهية ظاهرة واضحةالتي تتبدى ،قوة الطاغية الغاشمةللتعامل بين الأفراد والشعوب سوى ال

إفناء الآخر وإذلاله فالحرب هدفها ،لحروب وااعات والكوارثمن خلال وحشية التعامل في امثلما لم تعد مشاهد ااعات والأطفال ،والتفنن في طرق التعذيب والإذلالبكل الطرق والوسائل

٢

بل أضحت من الأخبار التي اعتادها الناس ،الذين يموتون جوعا تثير مشاعر الناس ولا عواطفهم .الاةلدرجة الملل وعدم المب

ولماذا فرضت ، هذه الدرجة من الكراهية والوحشيةإلىكيف وصل الإ�سان المتحضر د تغلب منطق لق ...الإ�سا�ية أوجه ومجالات الحياة المادية والفلسفات النفعية منطقها في كل

م تستخد في تعاملها الكو�ي لا وحتى ،الإ�سا�ية وغير الإ�سا�ية كل العلاقات الصراع والكراهية علىبل ،ولا تجعل فيه إلا أسلحة الدمار الشامل والتجسس ، تعبير الغزوفي استكشاف الفضاء سوى

الكراهية منطقا وحيدا لا تطرح سوى ، كواكب مجاورة في توهمها لوجود حضارات أخرى علىإنها .للتعامل مع الأغراب القادمين من الفضاء لغزو الأرض وتدمير حضاراتها

ولا يتعامل مع ،لمعاصر أسيرا وحيدا يصارع كو�ا عملاقا جافا باردا الإ�سان القد أضحىوتحكمه تلك المشاعر في علاقته بكل ما يحيط به ،الآخرين إلا من منطلق الخوف والمنافسة والعداء

، الحب والود والرحمةعلى التي كا�ت تقوم الإ�سا�يةزت كل الروابط فاهت، من بشر وشجر وحجر الإ�سان إلى ما تضفيه علىأو مسخت واختزلت كل القيم والمبادئ الأخلاقية ،�قيضها إلىوا�قلبت

.يعقبها الإحساس بالوحدة والضياع والخسران ، من إشباع ولذة حسية مؤقتة إشباع الغريزة ما يقتصر على إلىتشوهت ، التي تقوم بالحبالإ�سا�يةوحتى العلاقات

تقتصر -سامية تلك بكل معا�يها وعلاقاتها المتعددة ال-"الحب " وأصبحت كلمة ،الجنسيةأو ، أو رجلين ،يستوي في ذلك رجل وامرأة، بين أي كائنين" ممارسة الجنس" مجرد فحسب على

بالحب والأدب وأصبحت صناعة ما يسمى، أو حتى ممارسة الجنس مع الحيوان والموتى، امرأتين معا�ي الحب غابت كلو ،مليارات الدولاراتالمكشوف والأفلام الإباحية صناعة رائجة تدر

.السامي عن علاقات الإ�سان بأخيه الإ�سان وبالكون المحيط به أ�ه إذ لم �عد �فهم الحب على. يط بنا وهو غياب �لاحظ آثاره في كل مظاهر الحياة التي تحولم ، ة وبالكونوعلاقات الإ�سان بالبيئ ،حركة بلا سكون تغلف كل علاقات الإ�سان بأخيه الإ�سان

٣

عبر تجليات القدرة الإلهية ، رب السموات والأرضإلى أ�ه معراج على– وهو الأهم –�عد �فهم الحب ، مشوهةمادية من الحب إلا جا�ب اللذة الحسية في علاقة وحيدة لم �عد �رى. وتمثل صفاته وأسمائه

ويفسر لنا هذا التعامل ، الصراعوهذا الغياب للحب يفسر لنا كثيرا من سيادة علاقات الكراهية و .والتدمير المتعمد لكل مظاهر التسخير الإلهي في الكون، القاسي مع الطبيعة

، المشوهة عن المحبةوالفلسفات لصور الرؤى وا اتمعات الإسلامية تلك إلىولقد ا�تقلت عد ولم ي، كري والدينيالتطرف الف الظهور العنيف لكل دلالات البغضاء والأ�ا�ية وإلىالأمر الذي قاد

ثمة مجال لتعامل المسلم حتى مع إخوا�ه إلا من خلال الإعجاب بالنفس حيان في كثير من الأهناك االات والميادين الفكرية والدينية فاختلت كل معايير التقييم والحكم في كافة ،وكراهية الآخر

. الكراهية والبغضاءتتبدى فيه أصحبت وعاءوالاجتماعية والسياسية وغيرها من االات التي علاقات العمل و، المنازعات الزوجية المتكررةو ،ولعل غلبة الشعور بجحود الأبناء وعقوقهم

أو منطق الإ�سا�يةفي العلاقات غياب منطق التعارفو، الحدة والثنائية وازدواج المعاييرو ،المشوهةالإحساس بعدم البركة في الوقت والمال و ،عيةالكوارث الطبيو ،الحوار في طرح القضايا وإبداء الرأي

.بعض مظاهر تغييب ثقافة الحب في اتمعات الإسلامية ،والصحةكيف �عيد للإ�سان ..كيف نخرج الإ�سان من تلك الدائرة المغلقة...فما هو البديل

والوسيلة وما هو المنهجكيف �عيد للإ�سان بعده الكو�ي المفقود ؟ الإحساس بإ�سا�يته وكرامته؟ وكيف �تعامل مع ظواهر التطرف الفكري لتعامل الإ�سان في علاقاته الكو�ية المتعددة ؟المثلى

والديني السائدة بيننا؟للتعامل ومنهاج تمثل حاجة حيوية لطرح موضوع الحب كأساس ل هذا المؤتمر إلى إن الدعوة

طرح ن إإذ ، ة بقدر ما هي دعوة عالميةلا يقتصر في مخاطبته للمجتمعات الإسلامي، عموما�سا�ي الإ، يفتقدها الإ�سان بشدة أصل ترجع إليه مكارم خلقية كثيرة عموما هو الإ�سا�يةالمحبة كمنهج للحياة

والأهم أن يحب لهم مثلما ،كالتعاون وإرادة الخير للناس ومشاركتهم الوجدا�ية في السراء والضراء

٤

المحبة منهاجا لحركة الحياة يعنيكما أن اتخاذ ،أن يعاملوه بهوأن يعاملهم بمثل ما يحب ، يحب لنفسهكالحسد والأثرة والبغضاء وإرادة الشر بالناس ،السلامة من كثير من الأمراض النفسية والاجتماعية

.ا مقدمات ومظاهر للفساد في الأرض في آن واحدوالتي تشكل كله ،والوقيعة والظلم والعدوانعالمية هي دعوة ،الإ�سا�يةمنهجا حاكما لكل العلاقات المحبة إحلال إلىومن ثم فإن الدعوة

والتراحم بين البشر جميعا وإلى إحلال علاقات التواد ،ناعةللصلاح والطمأ�ينة والرضا والقوأن يحب المرء لا ، أن يحب المرء لأخيه ما يحبه لنفسهف ،لعمران الأرضلاستصلاح وكمقدمات مهمة

شكل أساسا عاما لكل الأخلاقيات ما ي ،دون غرض أو رجاء �فع أو دفع ضريحبه إلا .الاجتماعية

وهو أمر ، بة الناس أصل أعمق وهو الإيمان الذي يستلزم منا محبة الخالق المنعموذلك لأن لمح ا تق محبة عبادتي وتش تأتعالىومن محبة ا ،تدعو إليه كل الأديان والفلسفات التي تقر بالربوبية

أحب بحبه الخير لكل تعالىومن صدق في حبه ،لأن من أحب صا�عا أحب صنعته ،تعالى .صنعته من بشر وشجر وحجر

إلىعلى القلب تعدى إذا قوي وغلب تعالىوحب ا :" بقوله الإمام الغزالي وهو ما يعبر عنه�سا�ا أحب صنعته وحاله ومن أحب إ، فكل موجود سواه أثر من آثار قدرته، كل موجود سواه

ا عليه وسلم إذا حمل إليه باكورة من الفاكهة مسح بها صلىولذلك كان الرسول ، وجميع أفعاله .)١("إ�ه قريب العهد بربنا: عينيه وأكرمها وقال

، الباب الأول ١٣، ص٢، ج١٩٦١مطبعة البابي الحلبي، الطبعة الأولى، : القاهرة( أبو حامد محمد الغزالي، إحياء علوم الدين )١(

الجزء الأول، ، وا�ظر قول السيدة عائشة رضي ا عنها وأرضاها في كتاب صفة الصفوة )من الكتاب الخامس من ربع العاداتوا�ظر كذلك حب الرسول عليه ".من تهاون بالعبد فهو من قلة معرفته بالسيد، فمن أحب الصا�ع أحب صنعته: "٤٣٥ص

فالحب كمنهاج يسود علاقات الإ�سان بكل .، عن أ�س بن مالك"و�حبه يحبنا جبل أحدا إن: "الصلاة والسلام لجبل أحد وقوله .هو كون حي ينفعل بالإرادة البشرية ويبادل الإ�سان المحب حبا بحبما يحيط به، و

٥

وقد جاء في أكثر من ثما�ين موضعا ،تعالىولفظ الحب من الألفاظ كثيرة الدوران في كتاب اوهو أيضا من الألفاظ التي وردت كثيرا في أحاديث الرسول ،ساليب شتى إثباتا و�فيا أعلىمنها

وهو في القرآن وفي ،)١(فضلا عن الألفاظ الأخرى التي تفيد دلالات الحب، عليه الصلاة والسلاموجود ومصدر هذين النوعين من المحبة م ،وحب العبد تعالى ، للعبادتعالىحب ا : السنة �وعان

öΝåκ :تعالىفي قوله ™: Ïtä† ÿ…çμ tΡθ ™6Ït ä†uρ ) فالحب والرضا المتبادل هو الصلة الحقيقية بين ،)٢()٥٤:المائدة التي تتخذ القرآن منهجا للتعامل بين الأفراد الإ�سا�يةومنها تشتق كافة التعاملات ،)٣(العبد وربه .والجماعاتوعبر ،في القرآن الكريم بكل جوا�بها بة كمنهجفكرة المح استحياء ثم تطرح الورقة علىومن

لعبادهتعالىاستقراء مظاهر ودلالات حب ا ، كمقدمة ،تعالىثم مظاهر ودلالات حب العبد .الإ�سا�يةلتناول موضوع الحب كمنهج في العلاقات

:تباع القدوة والا منهاج: للعبادتعالىمحبة ا :أولا كمنهاج يقتدي به المرء ويتبعه ، في القرآن الكريم لعباده تعالى حب ا لالاتإذا ما أرد�ا تتبع د

كل علىدرجة شاملة تفيض : من الحب فهناك ثلاث مقومات أو درجات ،الإ�سا�يةفي كل علاقاته ثم درجة مشروطة تخص مجموعة من العباد المتصفين ، العباد باعتبار الخلق و الاستخلاف في الأرض

ما يجعلها جديرة بالحب الذي ؛ التي لها السمو عما يشاركها في أصل معناها ، الصفاتبمجموعة من

فهناك علاقة ارتباط بين دلالات الحب وبين معا�ي كلمات وألفاظ ومفردات أخرى وردت في القرآن الكريم، وتشكل أحد )١(

لن وغيرها من المفاهيم التيدعاء، جوا�ب مفهوم المحبة، كالرحمة والود والمغفرة والخوف والرجاء والثواب والبركة وإجابة ال .تكتمل دراسة المحبة كمنهج للوجود والسلوك إلا بها

$pκš‰r'≈tƒ t⎦⎪Ï%©!$# (#θãΖtΒ#u™ ⎯tΒ £‰s?ötƒ öΝä3ΨÏΒ ⎯tã ⎯ÏμÏΖƒÏŠ t∃öθ|¡sù ’ÎAù'tƒ ª!$# 5Θöθs)Î/ öΝåκ™:Ïtä† ÿ…çμtΡθ™6Ïtä†uρ A'©!ÏŒr& ’n?tã t⎦⎫ÏΖÏΒ÷σßϑø9$#: في قوله تعالى٥٤: المائدة )٢(>ο“Ïãr& ’n?tã t⎦⎪ÍÏ≈s3ø9$# šχρ߉Îγ≈pgä† ’Îû È≅‹Î6y™ «!$# Ÿωuρ tβθèù$sƒs† sπtΒöθs9 5ΟÍ←Iω 4 y7Ï9≡sŒ ã≅ôÒsù «!$# ÏμŠÏ?÷σム⎯tΒ â™!$t±o„ 4 ª!$#uρ ììÅ™≡uρ íΟŠÎ=tæ .

.)١٦-١٥ص ص ، ١٩٨٠دار الفكر، : دمشق( ا�ظر أحمد �صيب المحاميد، الحب بين العبد والرب، )٣(

٦

ثم درجة مطلقة فيها حب السماء ، فعلهاالرضا أو تلك التي يثاب المرء علىهو فوق مجرد القبول أو .ووضع القبول في الأرض

لخلق باعتبار اتعالىمنها ما يشترك فيه كل خلق ا ، فللحب درجات ومنازل موضع هيومنها ما يتطلب شروطا خاصة في المحبوب وصفات خلقية ، والاستخلاف في الأرض

ثم درجة الحب بإطلاق والتي تشمل حب السماء ، لهم أو عدم حبه لهمتعالىومناط حب ا .وقبول الأرض

)١( لعباده بالخلق والخلافةتعالىحب ا : وأفعاله تعالى في كل أسماء ا خلقه يرى لكل عباده وتعالى اإن من يتحدث عن حب

ويتتبع كل مظاهر خلق الإ�سان واستخلافه ،أن بداية الخلق محبة وتكريمو ،ورحمةمداخل محبة وود والذي يشمل كافة الخلق مؤمنهم ،تعالىفي الأرض وتسخير كل ما في الكون له من قبيل الحب من ا

الجلال الجمال وفا المتفرد بصفات ،الخلق إلا حبا لعباده لم يخلق هذا تعالىفإن ا ،وكافرهمثم فإن ومن ،ليضفي عليهم �عمه ظاهرة وباطنة ؛وإنما خلقهم محبة لهم، والكمال ليس في حاجة لخلقهتم عبر مجموعة من الألفاظ الأخرى التي تعبر عن الفكرة كأصل للوجود استقراء دلالات الحب هنا ي

.لهيوكمنهج للتعامل الإوخلقه بيديه دون واسطة أو ...وخلق الإ�سان من عدم حب، فبداية الخلق حب

صورته تمام الحب وخلقه على ...قه في أحسن تقويم حبوخل...تكليف أحد بذلك حب ، فالإ�سان أحسن خلق ا باطنا وظاهرا ...و�فخه فيه من روحه حب وتشريف ....وكماله

ربه فيؤمن به إلىويتعرف به ، به العقل الذي يدرك به الأشياءووه ...جمال هيئة وبديع تكوينوتعليم الإ�سان ...واستخلافه في الأرض رغم اعتراض الملائكة حب ...وبإحسا�ه حبه وعدم استكباروعقابه إبليس على ...وحبوإسجاده الملائكة تكريم ...الأسماء كلها حب

بالمحبة كأصل للوجود الإ�سا�ي وكمقوم تعالى آيات اوهكذا تترى، د حب وتكريم للإ�سانالسجو

٧

تعالى معا�ي ودلالات الحب من ا إن قصة الخلق كلها لتنطوي على أسمى .لوجوده وحركته في الحياة لهم فهم صنعته يرضى، من منهم ومن كفرمن آ: كل العبادإلىوهو حب يسري ، لهذا الخلق من عباده

. لهم الكفرولا يرضى، الإيمان ، للإ�سان في كل ما يحيط بهتعالى حب ا علىم إن تسخير الكون كله من أجل الإ�سان آية ث

لا يمتنع عن الاستجابة لفعل الإ�سان مهما كا�ت ، إيجابا وسلباالإ�سا�يةفالكون منفعل بالإرادة ، إلا افلا رازق، وكفالة الرزق لجنس الإ�سان حببل ، درجة قربه أو بعده عن رسالته في الأرض

.ومن أحب صنعته كفل لها دوام الرزق ولو كان كافرا والتي ، لكل عباده كثيرةتعالىومن ثم فإن استقراء الآيات القرآ�ية التي تبين مظاهر حب ا

، العبادة، أحسن تقويم، السجود، العلم، قلالع، في خلق الإ�سانوألفاظها نجد مفرداتها ، الإصلاح، الخير، الشرائع، الرسالات، الرسل، الرزق، خيرالتس، الاستعمار، الاستخلاف�لتمس منها معا�ي حب ا تنطوي أو غير ذلك من المفردات التيإلى، الجنة والنار، المعاد، الإحسان

عليك بالأحاديث القدسية ؛ لكل خلقهتعالىبل إذا أردت استقراء مظاهر حب ا ، لعبادهتعالى .يا عبادي أو عبدي : رب العزة جل وعلا قولتبدأ برحمة منهاجا للخطاب وتتخذ المحبة وال التي

تعالىهج السماء علامة من علامات دوام حب ا في تتابع إرسال الرسل بمن بل علينا أن �رى، وتتابع الرسالات بمنهاج السماء، ومن ثم فإن استقراء الآيات القرآ�ية التي تتحدث عن الرسل، لعباده والإصلاح وعدم الإفساد في الأرض بأي درجة أو �وع أو تعالى الإيمان با إلىعوة واحدة وأنها د

المطلق تعالى أنها مظهر من مظاهر حب ا على، شكل من درجات وأ�واع وأشكال الفساد .)١(عبادهوالشامل لكل

أما�ة على، في التأكيد على وحدة المنهج و١٨٣-١٠٥ ا�ظر على سبيل المثال تتابع دعوة الرسل في سورة الشعراء الآيات )١(بل إن تتابع الرسل رغم . الرسل في النصح والدعوة، وأ�ه لا يسألهم من أجر، ثم التنبيه على �وع أو آخر من أ�واع الفساد في الأرض

.كذيب لهم رسالة في حب ا تعالى لعباده، الحب الذي لا يقتصر على المؤمنيناستمرار الت

٨

: لعباده المتصفين بأخلاق محددةتعالىحب ا : حب المؤمنين) ٢(كما يحب ، لهم الكفرلهذا يحب لعباده الإيمان ولا يرضىو، يحب لصنعته الصلاح والكمالإن ا

، وعمل صالحا فهو حبيب الرحمنتعالىلذا فمن آمن با ، أن يعملوا صالحا ولا يحب لهم أن يعملوا السيئاتلهم لا يحبه وسعىتعالىومن كفر با من خلقها من عباده وخلقالا يزال عبد لا لذاته إذ؛ في الأرض فسادا فإن ا ،

لا يحب لهم الكفر ولا تعالىفا ،الإ�سا�يةمنهجا للعلاقات الكفر والفساد في الأرضوإن كان قد اختار لأن الحب والبغض سلوك ، البغض أو الكراهية لهمعلىدون أن نجد أية دلالة ،د لهم سلوك الفسايرضى

. �قيضهإلىيجابي وليس تبديلا له إحجب لسلوك م الحب هولكن عد ،لبية دلالات قعلىإيجابي ينطوي لعباده قرين صفات تعد من مكارم تعالىومن أجل ذلك نجد في القرآن الكريم أن حب ا

لبعض عباده سببه اتصافهم بصفات خلقية سيئة في العقائد تعالىفي مقابل أن عدم حب ا ، الأخلاقأو فا لا يحب من عباده ما اتصفوا به من رذائل وصفات خلقية تمثل درجة ، والأفعالوالأخلاق والأقوال

.من درجات الفساد في الأرض أخرى/ التوابون/ المتوكلون/ الصابرون/ المقسطون/ المحسنون/ المتقون ( :تعالىفئات الذين يحبهم ا ) أ(

)الذين يقاتلون في سبيله صفا/ المتطهرونف هؤلاء ــاده تصــ لعبتعالىحب ا باللفظ والعبارة �ية التي أثبتت الآيات القرآإن

اركها في أصل ــا يشــمو عمــن الســولها م ،ن بأوصاف هن أمهات الفضائل والأخلاقــوبيــالمحب تلك ول أوــا أو القبــرد الرضــر مجــوأ�ه أمر يعلو بكثي ،تعالىمعناها ما يجعلها جديرة بحب ا

،)٣(ويحب المحسنين ،)٢(ويحب المقسطين ،)١(فا يحب المتقين ، فعلهال التي يثاب المرء علىالأعما

، التحرير والتنوير ٣/٩٨، روح المعا�ي ٨/٧١-٤/١١٩، القرطبي ٤/١١٠-٢/٦٠ابن كثير (٧، ٤، التوبة ٧٦: آل عمران)١( ).٢/٢٠٣، أضواء البيان ٦/٢٢١

، ١٨/٥٨، ١٦/٣١٥، ١١/١١٢، ٦/١٨٢، القرطبي ٧/٣٧٥، ٣/١١٣ ابن كثير (٨: ، الممتحنة٩: ، الحجرات٤٢ المائدة )٢( ).١٥/٣٨، ١٤/١٩، ٤/٢٠١التحرير والتنوير

).٢/٣٦١، القرطبي ١/٥٢٨ابن كثير (٩٣، ١٣، المائدة ١٤٨، ١٣٤، آل عمران ١٩٥: البقرة)٣(

٩

ويحب ،)٤( والمطهرينويحب المتطهرين ،)٣(ويحب التوابين ،)٢(ويحب المتوكلين ،)١(ويحب الصابرين .)٥(الذين يقاتلون في سبيله صفا

سيادة الحب والود والرحمة إلىود وهي كلها عند التحقيق لها ارتباط قلبي وسلوكي يقبمحبتهم حتى تعالىفهؤلاء هم الذين صرح ا .وتحقق مهمة خلافة الإ�سان في الإصلاح والإعمار

تصلاح واستعمار الأرض حركة الاسمو في النفس ولأثرهم الإيجابي على لس؛يعلمنا أن �كون منهم . الوجه الأكمل وتحقيق معنى العبودية على

يحب المحسنين فا ، كأ�ك تراه ..تعالىوهي درجة عالية من رقابة ا فإن لم ،اعبد ا في القول والعمل فلا تجعل ا أهون تعالى الاستحياء من ا إلىوهي دعوة ،)٦(تكن تراه فإ�ه يراك

سن كل أح"و ،)٧("أتقن كل شيء" الذي تعالى التخلق بصفات ا إلىوهي دعوة ،الناظرين إليك

).١٤/٣٣٠رير والتنوير، التح٣/٢٥٦، روح المعا�ي ٨/٢٤، ٤/٢٣١، القرطبي ٢/١٢٨ابن كثير (١٤٦: آل عمران)١( ).٣/٢٦٥، التحرير والتنوير ٣/٢٩١، روح المعا�ي ٤/٢٤٨القرطبي (١٥٩: آل عمران)٢( ).١/٢٢٢، في ظلال القرآن ٢/٣٠٢، التحرير والتنوير ٣/٨٠، ١/٣٢٥، القرطبي ١/٥٨٤ابن كثير (٢٢٢: البقرة)٣( ).٧/٢٦٣، روح المعا�ي ٨/٢٥٩، ٣/٨٩، القرطبي ٤/٢١٠ابن كثير (١٠٨، التوبة ٢٢٢: البقرة)٤( )٩/٦٦، التحرير والتنوير ٧/٢٩٩، القرطبي ٨/١٦٠، ابن كثير ٧/١٨٩في ظلال القرآن (٤: الصف)٥(

وا�ظر في تناول تلك الصفات وحكمة حب ا تعالى لعباده المتصفين بها كلا من عبد الرحمن الميدا�ي، الأخلاق الإسلامية دار : بيروت(و محمود بن الشريف، الحب في القرآن، ) وما بعدها٢٥٦، ص٢، ج١٩٩٩، ٥طدار القلم، : دمشق(وأسسها،

). وما بعدها١٠٢، ص١٩٨٣، ١ومكتبة الهلال، ط رجل أتاه إذ للناس ارزاب يوما كان وسلم عليه الله صلى الله رسول أنعنه الله رضي هريرة أبي عن: " صحيح البخاري ومسلم)٦(

ما الله رسول يا قال الآخر بالبعث وتؤمن ولقائه ورسله وكتبه وملائكته بالله تؤمن أن الإيمان قال الإيمان ما الله رسول يا فقال يمشيلامقال الإس لامالإس أن دبتع لا اللهرك وتش ئا بهيش يمتقو لاةالص يتتؤو كاةوضة الزفرالم ومتصو ضانما قال رول يسر ا اللهم

بأعلم عنها المسئول ما قال الساعة متى الله رسول يا قال يراك فإ�ه تراه تكن لم فإن تراه كأ�ك الله تعبد أن الإحسان قال الإحساننل مائالس نلكو ثكدأحس نا عهاطرإذا أش تلدو أةرا المتهبفذاك ر نا مهاطرإذا أشو كان فاةالح العاةر وسءاس رفذاك الن نم

."الله إلا يعلمهن لا خمس في أشراطها ١٣٨، البقرة ٤، التين ٨٨ النمل )٧(

١٠

الأمر الذي يقود هؤلاء المتصفين . )٢(" في كل شيءالإحسانالذي كتب "و ،)١("شيء خلقه كلها وهي .. في أرضهتعالى الفاعلية في الحركة وتطبيق منهاج ا عدم السلبية وإلىإلىبالإحسان

.)٣(في كل حركة الحياة الإحسان تطبيق منهاج علىدلالات سلوكية وأثرها في البعد عن ، خطورة المعصيةىدل علت التوبة إلى تدعو الإ�سان لتيولعل كثرة الآيات ا

يحب التوابين ويفرح بتوبة عبده ،تعالىا لأن ، التوبة مهما بلغت ذ�وبهإلى ويدعوه دائما )٤(ولذا فاد من ـزيـه بمـــع إليــجرـفي ،)٥(و عن السيئاتـان يعلم أن له ربا رحيما كريما غفورا يقبل التوبة ويعفـالإ�س

.تعالى ما شاء ا إلىلرب لا يجازي السيئة السيئة ويضاعف الحسنات ،)٦(رب ـالحب والتق

. ١/١٣٠، روح المعا�ي ٣/١٩٣، في ظلال القرآن ٣/٣٤٢، أضواء البيان ٥/١١٤، زاد المسير ٦/٣٦٠، ابن كثير ٧ السجدة )١( على الإحسان كتب الله إن قال وسلم عليه الله صلى الله رسول عن حفظتهما نتان ثقال أوس بن شداد عن: " صحيح مسلم)٢(

ا�ظر آيات الإحسان في ". ذبيحته فليرح شفرته أحدكم وليحد الذبح فأحسنوا ذبحتم وإذا القتلة فأحسنوا قتلتم فإذا شيء كلوفي كافة المعاملات ) ٣٤الإسراء(وفي الوفاء بالعهود ) ٤٦العنكبوت/١٢٥النحل (وفي الدعوة ) ٣٣فصلت / ٥٣الإسراء(القول

وفي الأجر ) ٢الملك / ٧عنكبوتال/ ٧هود/ ٧الكهف (وفي الابتلاء بالإحسان ) ١٦الأحقاف / ٣٤فصلت / ٩٦المؤمنون( ).١٦الأحقاف/٣٨النور/٣٠الكهف (والثواب

٣٤-٢١، ص ص الحب بين العبد والرب أحمد �صيب المحاميد، )٣( تجر راحلته منه ا�فلتت رجل بفرح تقولون كيف:وسلم عليه الله صلى الله رسول قال": قال عازب بن البراء في صحيح مسلم عن )٤(

فوجدها زمامها فتعلق شجرة بجذل مرت ثم عليه شق حتى فطلبها وشراب طعام له وعليها شراب ولا طعام بها ليس قفر بأرض زمامهاوفي رواية " براحلته الرجل من عبده بتوبة فرحا أشد لله والله أما وسلم عليه الله صلى الله رسول فقال الله رسول يا شديدا قلنا به متعلقة ."وجدها إذا بضالته أحدكم من أحدكم بتوبة فرحا أشد لله :وسلم عليه الله صلى هالل رسول قال": قال هريرة أبي عنأخرى

/ ١٠٧يو�س(وهو الغفور الرحيم ) ١١٨، ١٠٤التوبة /١٢٨، ٥٤، ٣٧البقرة(وذلك من منهج الرحمة، فهو جل جلاله التواب الرحيم )٥(/ ٤٩الحجر/ ٦١، ٥٢، ٣هود (، ويدعو عباده إلى التوبة )٨الأحقاف/ ٥الشورى / ٥٣الزمر/ ١٦القصص/ ٤٩لحجرا/ ٩٨يوسف، والتوبة لا تقتصر على عباد ا العاصين، فهناك توبة العابدين من الخلل والنقص الذي يقع في الطاعات ومن عدم )٥٣الزمر / ٨التحريم

لذا اقترن . حق ا تعالى عليه، وأ�ه قد برأت ذمته منها بمجرد الأداء ي منتهىأن هذه الطاعات هومن الظن ) من لم تنه صلاته(الامتثال حب ا للتوابين بحبه تعالى للمتطهرين تنبيها على طهارة الظاهر وطهارة السرائر، أي تطهير القلوب من الأخلاق المذمومة أو تطهير القلوب مما

.اية الصالحين بطهارة القلب والتنبيه على أنها بداية الطريق لمعرفة وحب ا تعالىولهذا زادت عن. سوى ا تعالى منو، ذراعا إليه الله تقرب شبرا الله إلى تقرب من :وسلم عليه الله صلى الله رسول قال: قال سعيد أبي عن: "في مسند أحمد )٦(

بتقر ها إلياعرذ بتقر ها إلياعب ،نمو ي أتاهشمي أتاه لة اللهوره."

١١

، ويحضهم عليها، يحبها ا للمؤمنين ويرغبهم فيهاترسم الآيات صورة واضحة أخرى ذلكك ما لديهم في سبيل وبذلهم أغلى تعالىبما تحمله من دلائل حبهم ، وهم الذين يقاتلون في سبيله صفا

تعالىا ، والذين آمنوا ...تعالىلأن بذل النفوس لا يكون إلا ثمرة الإخلاص الصادق في محبة ا لصفات الجماعة المسلمة وقوة ارتباطها ارتباط �ظام كما �رى، أشد حبا فيها تأكيد محبة ا

في حركة واعية نحو تحقيق منهج ا ،)١(ه بعضا ومنهج وحركة وغاية كالبنيان المرصوص يشد بعض . بالتدافع ومنع الفساد والكفر في الأرضتعالى

٤( والمتوكلين)٣( والمقسطين)٢( للمتقينتعالىوعلى هذا المنهاج يمكننا الحديث عن حب ا( التخلق إلى السعي من الصفات الأخلاقية التي تدل على طهارة القلوب وعلىفكلها ،)٥(والصابرين

ومن ثم يمكننا استقراء تلك ، حا واستعمارا وصفاته في الكون عبادة واستصلاتعالىبأسماء اثم ، رحلة أولىرتباطية والحركية كموتحديد علاقاتها الا، ة من القيمثم وضعها في منظوم، الصفات

.علاقاتها بغيرها من القيم والصفات الأخرى التي تعبر عنها بدرجة أو بأخرى

كل الصفات الأخلاقية التي يحبها ا من بتعبير آخر علينا وضع منظومة قيمية ل ...الطهارة والنقاء ...التوبة ...الصبر ...التوكل ...القسط ..التقوى ..الإحسان

١٨، صالحب بين العبد والرب أحمد �صيب المحاميد، )١( ٧٣-٧٠ المرجع السابق، ص ص )٢( ١١٢-١٠٠المرجع السابق، ص ص )٣( ٩٩-٩٢ المرجع السابق، ص ص)٤( ٩١-٧٤رجع السابق، ص ص الم)٥(

١٢

ثم وضع علاقات ،ثم تحديد ما يمثل منها دلالات قلبية وما يشكل منها دلالات حركية ،الجهاد .)١(تعالىبهدف الخروج منها بمنظومة موحدة لمن يحبهم ا ، ين تلك الصفاتالترتيب والتصاعد ب

/الفرحون /المعتدون/ الظالمون/ المفسدون/ الكافرون( :فئات الذين لا يحبهم ا ) ب( )المسرفون /الخائنون /نوالمستكبر

ي النفس وفي ـد فاــــالفسال ــكــل أشــتق كـه تشــح وعنــائــل القبــل كــو أصـر هــلأن الكف ،)٤( ولا يحب المفسدين)٣(مثلما لا يحب الفساد ،)٢(فإن ا لا يحب الكفر ولا يحب الكافرين ،الأرض

فا ، ادـر والفســا بين الكفــوتتنوع الآيات التي تدور حول الأخلاق والسمات التي تمثل رابطا منهجيا قوي وا�ا ـان خـن كـأو م ،)٧(مثلما لا يحب من كان مختالا فخورا ،)٦(ولا كل خوان كفور ،)٥(لا يحب كل كفار أثيم

منها وألزم، ومن ثم أرقى أن �ضع المحبة كمنهج طريق أو اتجاه ينتقل فيه السالك من صفة يحبها ا تعالى إلى صفة أخرى بمعنى )١(

صلة ه بالتعلق القلبي، وما لالصفات ما له صلةأن يكون من على، مع التأكيد ات القرب تعالى إلى درجة أسمىمن درجة من درجبالسلوك العملي، ولذا نجد الكتابات تذكر من مقامات القرب من ا تعالى ذات عين الصفات التي يحبها ا تعالى في عباده، ومنها

حين يجعلوا من المراقبة والمحبة والخوف والرجاء والشوق والطمأ�ينة علىالتوبة والورع والزهد والتقوى والصبر والتوكل والرضا، .وهكذا تصير لدينا منظومة متكاملة جامعة لدلالات المحبة. أحوال قلبية ومناهج للحركة والسلوك واليقين

، ٢/٤٩٣، روح المعا�ي ١٤/٤٢، ٤/٦٠، القرطبي ٦/٣٢٠، ٢/٣٢، ابن كثير ٦/٣٢٥جامع البيان (٤٥، الروم ٣٢ آل عمران )٢( ).٥/٢٦٨أضواء البيان ١٠/٢٠التحرير والتنوير

)٣/٣٩٧، ٣/١٦، القرطبي ٣/٩٤، ١/٥٦٤، ابن كثير ٤/٢٣٠جامع البيان (٢٠٥ البقرة )٣( ).١٣/٣٠٩، ٦/٢٣٨، القرطبي ٦/٢٥٢٧/١٠٥، ٣/١٤٥، ابن كثير ١٠/٤٥٣جامع البيان (٧٧ القصص)٤(, ß :، والتي أتت في قوله تعالى٢٧٦ البقرة )٥( ys ôϑtƒ ª!$# (#4θ t/ Ìh9$# ‘ Î/ö ãƒuρ ÏM≈ s% y‰¢Á9 $# 3 ª! $#uρ Ÿω = Åsム¨≅ ä. A‘$¤ x. ?Λ⎧ÏO r& بما يعقد ،

محاربته كنظام اقتصادي علىالمناسبة ما بين الربا وبين عدم حب ا تعالى لكل كفار أثيم، �ظرا لخطورة الربا وحرص الإسلام يرجع إلى الربا (أثيم ) يجحد أصل تحريم الربا(واجتماعي مدمر للعلاقات الإ�سا�ية، وأ�ه لا يرجع إلى الربا بعد ذلك كله إلا كل كفار

).٣/٣٦٢، القرطبي ١/٧١٢، ابن كثير ٦/١٥جامع البيان .(مع اعتقاده بالتحريم بقوله إن البيع مثل الربا ).١٨/٦٤١، جامع البيان ٥/٣٨٨، معالم التنزيل ١٢/٦٧، القرطبي ٥/٤٣٣ابن كثير (٣٨ الحج )٦( .)٥/١٩٢، القرطبي ١/٣١٧، ابن كثير ٢٢/١٩٧، ٨/٣٤٩جامع البيان (٢٣، الحديد ١٨، لقمان ٣٦ النساء )٧(

١٣

. )٤(أو الفرحين )٣(أو كان من الخائنين ،)٢(أو الجهر بالسوء من القول ،)١(أثيما ولا يحب ،)٥(فإ�ه لا يحب الظالمين ، لا يحب الفساد في الأرض ولا المفسدينتعالىولأن ا

وهي كلها عند التحقيق صفات ...)٨(ولا يحب المسرفين ،)٧(كبرينولا يحب المست ،)٦(المعتدين . سيادة الكراهية والبغضاء والعدوان والفساد في الأرضإلىمذمومة لها ارتباط قلبي وسلوكي وتقود

، الكفر: من الصفاتتعالى ا لما لا يحبه وضع منظومة أخرىإلىومن ثم فنحن في حاجة ثم تحديد طبيعة ،البخل ،الخيلاء ،الإثم ،يا�ةالخ، الإسراف ،الاستكبار ،الاعتداء، الظلم ،الفساد

وكيف ، تعلق قلبي أو دلالات سلوكيةإلى وما يرجع منها ،داتهاالعلاقات الارتباطية والحركية بين مفركيف ... نماذج لها في القرآن الكريمتعالى اتمعات التي ذكر ا علىتنطبق تلك المنظومة القيمية

كل تلك وكيف ساد في، م �وح أو لوط أو صالحتحققت تلك المنظومة في قوم شعيب مثلا أو قوأو آخر من الفساد في الأرض تمعات نمطا .

أو غيرها من الأفعال " الكراهية"أو " البغض"ولاحظ أن الآيات الكريمة لا تذكر لفظ السلوك والأخلاق غير المرضية إلىصرف والذي ين، "عدم الحب " وإنما تذكر دلالة ،)٩(الإيجابية

. استهجانها وإدا�تها في العقائد والأقوال والأحوال والأعمالعلىالتي يجمع العقل

).٢/٢٨٤، البغوي ٥/٣٧٨، القرطبي ٢/٤٠٤، ابن كثير ٩/١٩٠جامع البيان (١٠٧ النساء )١( ).٢/٣٠٢، البغوي ٥/٤٢٧، القرطبي ٢/٤٤٢، ابن كثير ٩/٣٤٤جامع البيان (١٤٨ النساء )٢( ).٤/٢٤٩، البغوي ٨/٣١قرطبي ، ال٤/٧٩، ابن كثير ١٤/٢٥جامع البيان (٥٨ الأ�فال )٣( ).٦/٢٢٠، البغوى ١٣/٣١٣، القرطبي ٧/١٠٥، ابن كثير ١٩/٦١٥جامع البيان (٧٦ القصص)٤( ).١٦/٤١، القرطبي ٧/٢١٢، ابن كثير٢١/٥٤٧، ٧/٢٤٤، ٦/٤٦٥جامع البيان (٤٠، الشورى ١٤٠، ٥٧ آل عمران )٥( )٢/٣٤٧، القرطبي ٣/١٦٩، ابن كثير ١٠/٥١٣، ٣/٥٦١ جامع البيان (٥٥، الأعراف ٨٧، المائدة ١٩٠ البقرة )٦( ).١٠/٩٤، القرطبي ٤/٥٦٥، ابن كثير ١٧/١٨٩جامع البيان (٢٣ النحل )٧( ).٧/١٨٨، القرطبي ٣/١٧٣، ابن كثير ١٢/١٧٣جامع البيان (٣١، الأعراف ١٤١ الأ�عام )٨()٩(تعالى وإنما بإعلاء دين ا تعالى ولو كره الكافرون فالكراهية أو البغض لا تقترن با ) التوبة (والمشركون ) ٨الصف/ ٣٢التوبة

).٨٢يو�س/ ٨الأ�فال(وارمون ) ٩الصف/ ٣٣

١٤

، وأن ا لا يحب الفرحين، سبيل المثال نموذج قارون في الإفساد في الأرض بالمالعلىا�ظر والبطر الذي ينسي المنعم ، التعلق بالثراءفالفرح المقصود هنا هو الزهو المنبعث عن الاعتزاز بالمال و

لكن الأهم هو الاقتران ما بين �سيان ، ليها من الحمد والشكر كدلالة أولىوما يجب ع، وينسي �عمتهوالإعراض عن ، وما بين البغي وابتغاء الفساد في الأرض، " علم عنديعلىإنما أوتيته "المنعم وما صاحبها من ا�قلاب ، من جراء خروجه في زينتهثم الضرر العام الذي أصاب اتمع، النصح

وملء قلوب الناس بالحرج والحسد ، المعايير وا�فلات المشاعر وفقدان الثقة في ثوابت اتمع .والبغضاء

فيها من التعلق القلبي ومن السلوك الاجتماعي ما يقود تعالىفكل تلك الأخلاق التي لا يحبها ا z⎯ÏΒuρ Ĩ$Ψ9$# ⎯tΒ y7ç6Éf÷èム…ã&è!öθs% ’Îû :تعالىونموذجها نجده في قوله ، الأرضالنفس و الفساد في إلى

Íο4θuŠysø9$# $u‹÷Ρ‘‰9$# ߉Îγô±ãƒuρ ©!$# 4’n?tã $tΒ ’Îû ⎯ÏμÎ6ù=s% uθèδuρ ‘$s!r& ÏΘ$|ÁÏ‚ø9$# ∩⊄⊃⊆∪ #sŒÎ)uρ 4’<uθs? 4©tëy™ ’Îû ÇÚö‘F{$#

y‰Å¡øã‹Ï9 $yγŠÏù y7Î=ôγãƒuρ y öysø9$# Ÿ≅ó¡Ψ9$#uρ 3 ª!$#uρ Ÿω =Ïtä† yŠ$|¡xø9$# ) ٢٠٥-٢٠٤: البقرة.( حيث نجد الاقتران واضحا ما بين الإعجاب بالمظهر والسلوك والحديث لكنه في الباطن ألد

ولذا فإ�ه ، لا موضع فيها للحب والخير ولا الود والسماحة، ؛ تزدحم �فسه باللدد والخصومةالخصامويهلك كل حي من حرث ، ينشر الخراب والدمار، لفساد في قسوة وجفوة ولدد الشر واإلىيتوجه ولعل إهلاك كل مظاهر الحياة وأصل الوجود إنما هو تعبير صادق عما يعتمل في �فسه من حقد ، و�سل

والأهم هو أخلاق الكبر وعزة الإثم إذا ، يظهران بمجرد التولي مع الاجتهاد والمسارعة، وشر وكراهية .بنتائج عملهما ووجه

ŸξøŠs3 :تعالىكل مختال فخور في قوله ، تعالىمن الصفات النفسية التي لا يحبها ا كذلك Ïj9

(# öθy™ ù's? 4’ n? tã $ tΒ öΝ ä3s?$ sù Ÿω uρ (#θãmt ø s? !$ yϑÎ/ öΝ à69s?# u™ 3 ª!$# uρ Ÿω = Ïtä† ¨≅ä. 5Α$ tFøƒèΧ A‘θã‚ sù ∩⊄⊂∪ t⎦⎪ Ï%©! $#

šχθè=y‚ö7 tƒ tβρ â ßΔù' tƒuρ }¨$Ζ9 $# È≅÷‚ç7 ø9$$Î/ 3 ⎯ tΒ uρ ¤Α uθ tGtƒ ¨β Î* sù ©!$# uθ èδ © Í_ tóø9 $# ߉ŠÏϑ ptø: $# ) ٢٣:الحديد-بل وأمر ، تعالى عباد ا على بخله بها إلىلأن إ�كار �عمة ا عليه واختياله بما جمعه يقوده ،)٢٤

١٥

كتفي بعدم شكر المنعم فهو لا ي، الفساد في الأرضإلىالناس بالبخل حتى يصير سلوكا جماعيا يقود فيسود اتمع ،بل يدفع الآخرين بطريق الأمر بذلك، فيهاتعالىولا عدم أداء حق ا ، �عمهعلى

.الإ�سا�يةشعور الحقد والتحاسد والبغضاء وقطع العلاقات لأن الجهر بالسوء من القول في أي صورة من ، وأخيرا فإن ا لا يحب الجهر بالسوء من القول

وشيوع هذا السوء يترك ، تعالىما لم يكن هناك تحرج من الضمير وتقوى ا ، اللسانعلىه سهل صور للناس أن الشر صار ليخيلحتى ، ويدمر الثقة المتبادلة بين أفراده، آثارا سلبية عميقة في اتمع

قدان الثقة بين لاتهامات وف الانحلال الاجتماعي والفوضى الأخلاقية وشيوع اإلىبما يقود ، غالبا .تعالىوهكذا الأمر بصدد كافة الأخلاق والصفات التي لا يحبها ا ، الناس

استحسانها والحث علىن ا يحب من الخصال الحميدة ما تجمع العقول إمجمل القول بما و، يةالإ�سا� ولما لها من تأثيرات إيجابية في اتمع والعلاقات ؛ لما لها من قيمة في حد ذاتها ؛عليها عباده من فيلا يحب تعالىوفي المقابل فإن ا ، تحقق مهام الاستخلاف الإ�سا�ي في الأرضإلىيقود

. للفرد والجماعة ضارةتأثيرات لما للتخلق بها من :الصفات المذمومة وضع منظومة قيمية جامعة لكل الصفات التي يحبها أو التي لا يحبها إلىومن ثم فإ�نا في حاجة

تجربة العبد الصالح مع سيد�ا موسىنجد لها نموذجا في ، على شكل متقابل أو متجاور، تعالىا وكيف تصير ، تعالى استقراء لدلالات ونماذج حب ا إلىفهي مثال يحتاج ، عليه الصلاة والسلام

/ يعملون في البحرمساكين (من خلال تحديد من يحبهم ا في التجربة ، الحركة بالمحبة منهاجا للحياةابن طاغ / ملك غاصب( تعالىومن لا يحبهم ا ،مين يتيمين كان أبوهما صالحاغلا/ أبواه مؤمنين

)أهل قرية أبوا أن يضيفوهما/ فركا :ضحب السماء وقبول الأر:الحب الخالص ) ٣(

ول عليه والتي نجدها في حديث الرس، لعبادهتعالىأخيرا هناك الدرجة الثالثة من حب ا إن ا إذا أحب عبدا": قال رسول ا صلى ا عليه وسلم : عن أبي هريرة قالالصلاة والسلام

١٦

إن ا : فيقول فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء: قال. إ�ي أحب فلا�ا فأحبه :دعا جبريل، فقال دعا بداع أبغض وإذا .ثم يوضع له القبول في الأرض: قال .يحب فلا�ا فأحبوه فيحبه أهل السماء

غضبي ا إن السماء لأه في دياني مث جبريل بغضهفي قال غضهفأب فلا�ا أبغض إ�ي فيقول جبريل ".ضرالأ في البغضاء له توضع ثم هفيبغضو� قال غضوهفأب �افلا

، الإ�سا�يةلام منهاج يعكس تصورا أصيلا للإ�سان والكون والعلاقات فالحب في الإس، والحب بنية النفس السوية التي تعيش متجاوبة مع حقيقة هذا الوجود الجميل، فالوجود عامر بالحب

، )تعالىحب ا (يشمل علاقة الإ�سان بربه ، حب يشمل كل الوجود ويبادله الوجود حبا بحب .وكافة علاقاته بالكون وبالحياة وبالبشر ، وقبول الأرض ،)لائكةحب الم(وحب السماء

وهو أساس كل ، هي الحب الإلهي–الشريف كما في الحديث –ومن ثم فإن البداية الحقيقية من الأ�وار تعالى �فس الإ�سان المحبوب من ا علىوبما يفيض ،حب في السموات والأرض

وبما يرفع من كيانها حتى لتصبح وكأنها ، تى تشمل الوجود كلهوالإشراقات وبما يوسع من مداركها ح .�ور خالص مشرق

كو�ي تتعدد الدلالات الأصيلة والجوهرية للحب كمنهاجيرسخالشريف ل إن هذا الحديث قلب المؤمن تضيء له صفحة علىفهي ومضة حب تشرق ، تعالى ما شاء ا إلىأطرافه وعلاقاته

لا قد الذي عيد للإ�سان امتداده الكو�ي الحقيقيوت، قبول الأرضبلائكة وتصله بحب المفالكون كله يراها في كل التي ، فإذا هو محب يلتحق بركاب المحبة، يعيه في أحواله العادية ولا يدرك حقيقة مداه

١(تعالىمظاهر الكون العابد الساجد المسبح(. محب للكائنات الحية يجد ، وكواكبهفهو محب للكون كله ممثلا بسمواته وأراضيه ونجومه

محب ، تعالىفي كل صنع ا ، وفي الجبال وفي الزهر والثمر، �شوته في التفكر في الطير صافات ويقبضن

.١٨، الحج ٤٩، النحل ١٥الرعد / ٤١، النور١، التغابن ١، الجمعة ٢٤، الحشر ٤٤ الإسراء )١(

١٧

وإنما يسع الناس جميعا بمودة تربطه بهم ، صديق ولا صاحب ولا مصلحةإلىللبشرية حب لا يتجه .بوشائج القربى والأخوة وبحب الخير لهم

هريرة بيأ عنكما في الحديث ، بالطاعات والنوافلتعالى ا إلى درجة لا يصلها إلا بالتقرب وهي تقرب وما، بالحرب آذ�ته فقد وليا لي عادى من": قال الله إن وسلم ليهع الله صلى الله رسول الق : قالي إليدبع بأح بشيء ا إليمتضافتر م ي زالي وما ،عليهدبع بيتقر و إليلبالنبه حتى اففإذا، أح

، بها يمشي التي ورجله، بها يبطش التي هدوي، به يبصر الذي وبصره ،به يسمع الذي سمعه تنك أحببته، المؤمن �فس عن ديترد فاعله أ�ا شيء عن ترددت وما، لأعيذ�ه استعاذ�ي ولئن، لأعطينه سألني ولئن .وغاية العبادة المحبة جل جلاله، فجعل غاية الخلق العبادة ،)١("مساءته أكره اوأ� الموت يكره

بتعبير آخر فإن المقصود من وجود�ا أو من تسخير الكون لنا لا يكون منحصرا في صلوات تعالىأو في دقائق �ذكر ا ، بيت ا الحرامإلىأو في حج �فد به ، أو في شهر �صومه، س �ؤديهاخموإنما ، لكنها ليست هي العبادة ذاتها، فلا شك أن هذه كلها من أعظم مظاهر العبادة وأقواها، فيها

�ه كله عبادة وحقيقة العبادة أن يكون العبد شأ، حقيقة العبادةعلىالمقصود منها أن تجمعنا يحب حتى الإيمان صريح حق العبد يحق "فلا ، أكله وشربه ورضاه وسخطه وحبه وبغضه، تعالىلهالى لتع ضغبيو لهفإذا ،ل بأح لهك لارالى تبتعو غضأبو لهك لارالى تبتعو ،فقد اسقتح لاالوء نم الله ،إني وائيلأو ني مادبي عائبأحو ني ملقخ ينالذ ونذكركري يبذ أذكرو مكره٢("بذ(.

٢٤٩٩٧، مسند أحمد ٦٠٢١ صحيح البخاري )١(راجع سؤال الصحابي زيد الخير لرسول ا صلى ا عليه وسلم في كتاب . رو بن الجموح عن عم٣١/١٣٥ مسند أحمد )٢(

معرفة الصحابة لأبي �عيم الأصبها�ى عن علامة ا فيمن يريد، وعلامته فيمن لا يريد، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد وإن، به يعمل ومن، وأهله الخير أحب أصبحت: الق ؟ أصبحت كيف:"أجابه بسؤال عن السلوك والحركة والمحبة فقال له

وعلامته، يريد فيمن ا علامة هذه: وسلم عليه ا صلى النبي فقال، إليه حننت شيء منه فاتني وإن، بثوابه أيقنت به عملتقلب الرجل من الحب فالجواب كان عن أحاسيس في ". هلكت واد أي في تبالي لا ثم، لها هيأك بالآخرة أرادك ولو، يريد لا فيمن

.من العبدوالفرح والحنين، وأن هذه علامات إرادة ا تعالى للقرب

١٨

أن و، �فسكإلىفحقيقة إيما�ك أن تنتزع مشاعرك وسلوكك من الحب والبغض من �سبتها عين إلىوهكذا يصل الإ�سان المحب المحبوب ،تعالى ا إلىصريح وهو �سبتها تجعلها في مكانها الحق ال

ويجعل كل شيء في ، فيحوطه بالرعاية والعناية ،)٣٩: طه ( àMø‹s)ø9r&uρ y7ø‹n=tã Zπ¬6ptxΧ ©Íh_ÏiΒ :تعالىقوله ولا يبصر إلا ما ، لىتعا ا يفلا يسمع إلا ما يرض، تعالىويكون في معية ا ، ويحبه كل شيء، طاعتهيحبه ا ، كل من يؤذي له وليا على الذي يعلن الحرب تعالىوكا�ت جميع جوارحه في طاعة ا .

حلاوة الإيمان : الإ�سا�يةالحب كمنهج للعلاقات : ثا�يا إلىوسعيه ، إن الفلسفات المعاصرة إذ حصرت الإ�سان في ضيق دائرة أ�ا�يته ومنفعته

تحقيق مصالحه الشخصية ما إلىوأن سعي كل فرد ، الشخصية بزعم البقاء للأصلحتحقيق مصالحه عزلته في إطار محبته لنفسه فقط دون أن سلبت منه بعده الإ�سا�ي الكو�ي و يحقق الصالح العام ؛ قد

كراهية الآخرين وحسدهم وبغضهم إلىوبما قاد ، تكون لديه محبة للآخرين أو شعور بمشاعرهم .وسيادة الانحطاط والقبح الأخلاقي والجمالي في كل �واحي ومجالات الحياة، موالحقد عليه

ويمكننا تتبع مظاهر القبح الأخلاقي والجمالي والاجتماعي في كل ما �راه محيطا بنا من أو في اللوحات ، والتقاليع الشاذة للمظهرسسات؛ سواء في مسوخ اللباس والزيأشياء وأفكار ومؤ

أو حتى في لعب الأطفال التي أصبحت ، جمة للجمال فتصير عنوا�ا للقبح والرزيلةالمفترض أنها تروغيرها من مظاهر ، عنوا�ا للبشاعة وترجمة لمعا�ي القسوة والوحشية الشديدة في السلوك والتعامل

.في الفكر والإحساس والسلوك ، اسليس لها من أصل سوى سيادة القبح والبغضاء بين الن�غلاق والوحشية في التعامل مع الآخر المختلف في الأصل أو الجنس أو الفكرة �اهيك عن الا

، وعدم قبول منطق التعددية والاختلاف، مما يؤكد أن سيادة التطرف الفكري والديني، أو السلوكإنما هو ترجمة صادقة لسيادة ، والتعامل الوحشي مع كل المخلوقات بالإبادة وسوء الاستعمال

. ا�ية بين الناس الكراهية والأ�

١٩

وخروج الإ�سان ، دائرة أشمل وأعمإلىولا شك أن ا�طلاق الإ�سان عن دائرة أ�ا�يته الضيقة ، واستعادة لبعده الكو�ي الأصيل، محبة الآخرين إنما هو ارتقاء خلقي كريمإلىمن إطار محبته لنفسه

الناس ومشاركتهم في السراء كالتعاون وإرادة الخير لكل، وأصل ترجع إليه مكارم أخلاقية كثيرةفضلا عن ، وأن يعاملهم بمثل ما يحب أن يعاملوه به، وأن يحب لهم مثلما يحب لنفسه، والضراء

١(تعالىمشاركة الكون المسخر في عبادة ا(. ر حجم ودرجة التغيير في الفكر والقول والسلوك لو ساد منهج المحبة بين ويمكننا أن �تصو

التي تتخذ من محبة الآخرين منطلقا للتعامل معهم لابد وأن تعبر عن ذلك المنطلق في فالحضارة ، الناس فقد ارتقى، ولذلك كله ولأهمية سيادة المحبة كمنطلق للتعامل مع الآخر. كل مجالات الحياة وأبعادها

الإحساس يقترن بها ،بها الإسلام وجعل محبة الآخرين عنصرا من عناصر الإيمان أو ثمرة من ثمراته ".حلاوة الإيمان"وبطعم

وكيف أنها تعبر عن سعادة روحية ، في ارتباطها بسلوك المحبة" حلاوة الإيمان"تعبير تأمللاحظ أنها لذة عميقة ، وقلبية وا�شراح صدر وطمأ�ينة �فس لا يشعر بها سوى المؤمن كامل الإيمان

يستمتع بها المرء إذا صدق في حبه ، تعجز عن وصفها أو الوصول إليها كافة الفلسفات الوضعيةوإذا كره مواقع ، وإذا صدق في محبته للآخر محبة �قية من الشهوة والمنفعة والمصلحة، تعالى ولرسوله

.الكفر كما يكره عذاب النار ، فمن ذاق عرف، في قرارة �فسه وأعماق فؤاده، "ذاقها"الإيمان إلا من " حلاوة"ولا يعرف ، فمن أحس بها وذاق طعم حلاوتها سعد واستمتع، ولا التعبير عنها باللسانولا يمكن ترجمتها .فنشط للعمل بما يوجبه الإيمان، وأخذت عليه كل جوارحه، واطمأ�ت بها �فسه، وسكن إليها قلبه

ومن ثم فليست حلاوة الإيمان بالدلالات السلبية التي نجدها في غيرها من فلسفات الألم مجرد التخلص من آلام القلق والاضطراب والشك والحيرة ؛ ولو بارتكاب تي تعنيلوا، واللذة والمنفعة

٢٤٩، صالأخلاق الإسلامية وأسسها عبد الرحمن الميدا�ي، )١(

٢٠

، في قلوب عبادهتعالىوإنما هي سعادة يقذفها ا ، الموبقات وتغييب العقل والجسد عن الوعي . شخص المؤمن وهيئته وأقواله وأفعالهعلىسعادة لها دلالاتها الإيما�ية التي تنعكس

أو تلك التي تراوح ،ان ليست باللذة المنقطعة أو سريعة التحول والتبدلكما أن حلاوة الإيموإنما هي لذة مقيمة وسعادة لا تعرف معها �قيضا ولا ، وبين شقاء وسعادة، مكانها ما بين ألم ولذة

.بما لا يسع المرء وصفه لا في النوع ولا في الكيف، ولا يجتمع معها ألم ولا شقاء، معادلا من ثلاث :"في قول الرسول عليه الصلاة والسلام يمان وعناصرها ومناطها وترد حلاوة الإ

كن يهف دجو لاحةان والإيم :أن كوني الله ولهسرو بأح ها إليما مماهووأن ،س بحي ءيح لا المرهب )١("النار في يقذف أن يكره كما الكفر في يعود أن يكره وأن ، إلا

أن يكون ا ورسوله : لا يجد تلك الحلاوة الإيما�ية إلا من جمع بين مقومات أساسية ثلاثة ف بما يعنيه تعالىوأن يحب المرء لا يحبه إلا ، ود�يا وآخرةبل أحب إليه مما سواهما من بشر وأشياء

وأن يكره أن يعود في الكفر كراهيته أن يقذف ، ي من شوائب المصلحة والمنفعةمن ترابط عفيف �ق .في النار

فحلاوة الإيمان هنا هي الإجلال والتعظيم والطاعة في رحلة معراج يقطعها الإ�سان في فلا يجد ، معراج منهجه التسابق بالخيرات وفعل الطاعات...التماس القرب والأ�س والاشتياق

ثم يعود من رحلته ، ورسولهتعالىدته ولا أ�سه واطمئنا�ه إلا في رحاب حب ا الإ�سان سعا الطبيعة إلىمحبة ، الحق والعدل والجمالإلىمحبة ...بمشاعر الحب لكل خلق ا وصنعته

ة محب...محبة تنشرح لها �فسه ، الأهل والزوج والولدإلىمحبة ، جميعاالإ�سا�ية إلىمحبة ، والوجود .خالصة صافية مجردة عن كل مقابل

نبه وجد فيه كن من ثلاث: "، على حين يرد في سنن النسائي بقوله٤٩٠١ومسلم ) ١٥(١/٢٤صحيح البخاري : مجمع عليه)١(ةلاوانالإ حيم همطعو: أن كوني ا زل عجو ولهسرو بأح ها إليما مماهوس ،أنو بحي يف الله أنو غضبي يف الله ،أنو توقد ار� ."اشيئ بالله يشرك أن من إليه أحب فيها فيقع عظيمة

٢١

ففي المرتبة العليا ، الإيمانوطعم ومن ثم فهناك ترتيب لدرجات الحب المستوجب لحلاوة فعن، والسامية تأتي محبة ا ورسوله ؛ لأنها أصل كل خير ومنبع كل محبة لاحقة لكل شيء بعدهما

وأحبو�ي ،�عمه من يغذوكم لما الله أحبوا" :وسلم عليه للها صلى الله رسول قال : قال عباس ابنببح وا ،اللهبأحل وي أهتيي ببعليه وآله وصحبه وسلم . )١("بح صلى ا فحب رسول ا

لأن هذا ، وبين حب رسولهفلا يتأتى أن يفصل بين حب ا، مناطه وأساسه محبتنا للحق جل جلالهفمن أقام هذا المعنى في قلبه بحث عن ، أحبو�ي لحب ا، وهذا من أجل هذا ،يقوم على أساس هذا

معا�ي محبته للحبيب المصطفى صلى ا عليه وآله وصحبه وسلم وإيثار حضرته على �فسه التي .بين جنبيه إلىبل إنها تزداد وتزداد ، تى أن تتزعزعالمحبة الصادقة إن وقرت في القلب ورسخت لا يتأففكلما ارتقى المحب مرتبة في المحبة طالبته هذه المرتبة بأن يقصد التي تليها وأن يطلب التي ، ما لا منتهى إلي أحب �تلأ الله رسول يا:" رضي ا عنه وهي دلالة قول سيد�ا عمر بن الخطاب، تأتي بعدها

نكل م شءإلا ي ني مفقال، �فس بيلى النص الله هليع لمسي لا: والذي وفس� هدتى بيح أكون بأح كإلي نم كفقال ،�فس له رمع :الآن فإ�ه اللهلأ وت� بأح إلي ني مفقال، �فس بيلى النص الله هليع لمسا الآن :وي رملا" :وقوله عليه الصلاة والسلام .)٢("ع نمؤي كمدتى أحح أكون بأح هإلي نم هدالو هلدواس والنو ينعم٣( "أج(.

حيث يكون ال، تعالى ثم يأتي حب المرء لأخيه لا يحبه إلا تحابب مدفوعا بحب الا تشوبه ، صور الحب بين البشربما يجعله من أرقى، يجتمع عليه المتحابان ويفترقا عليه ؛تعالى

فالأصل في خلق المسلم الذي يعامل به جميع عباد ا هو خلق المحبة لا .مصلحة ولا شهوة ولا منفعة

١٢/٢٦٠ سنن الترمذي )١( ٢٠/٣١٤ صحيح البخاري )٢( متفق عليه)٣(

٢٢

د لكل عباد ا ويريد الخير لكل عباد ا فالمسلم المؤمن مشرق القلب منفتح الفؤا، خلق الكراهية .تعالى

للمتحابين بجلاله يوم تعالىوهو أمر عظيم لا يمكننا متابعة دلالاته إلا بملاحظة ما أعده ا ٢( أو غرف أو منابر من �ور)١( يوم لا ظل إلا ظلهتعالىالقيامة ؛ من ظل ا( ، تعالىفكل ما أعده ا أن ا جعل غاية الخلق العبادة وجعل غاية العبادة حب ا علىهان صادق للمتحابين بجلاله لبر

تعالى مرتبة قربهم من ا علىو درجات من الترقي والسمو يغبطهم عليها عليين عبرعلىفي أ، تعالى .حتى الأ�بياء والشهداء

أن اعلمواو واعقلوا اعواسم الناس اهأي يا قالف:"ففي مسند أحمد من حديث أبي مالك الأشعريلهل زل عجا وادبوا عسلي اءلاو بأ�بي اءدهش مغبطههد بياءالأ� يوالشلى اءع همسالجم بهمقرو نم الله،

ظلي في أظلهم ليوما لجلالي المتحابون أين القيامة يوم يقول الله إن: "وسلم عليه الله صلى الله رسول قال: قال أ�ه هريرة أبي ن ع)١(

مول لا يلي إلا ظ٤٦٥٥- ١٢/٤٣٣صحيح مسلم " (ظ( ،نأبي ع ةريره نع بيلى النص الله هليع لمسة" :قال وعبس ملهظي الله اجتمعا الله في تحابا ورجلان المساجد في معلق قلبه ورجل ربه عبادة في �شأ وشاب لالعاد الإمام ظله إلا ظل لا يوم ظله فيهليقا عتفرو هليل عجرو تهطلب أةرام ب ذاتصنال ممجإ�ي فقال و افأخ ل اللهجرق ودفى تصتى أخلا ح لمتع الهما شم قفتن هينمل يجرو ذكر ا اللهيالخ ففاضت اهني٦٢٠صحيح البخاري ("ع.(

)٢( نأبي ع يدعس ريول قال: قال الخدسر لى اللهص الله هليع لمسو": إن المينابى تحلتر مفهي غرف ةنكب الجع كالكوالطال يقرالش أو بيقال الغرفي نم لاءؤقال هفي لاءؤه ونابتحي المف الله زل عج١١٤٠٢مسند أحمد " (و( ،نم أبي علسقال م "دلتخ جدسم محفإذا ص يهلقة فا حيهان فاثن ثلاثونو لاجر ناب محول أصسر لى اللهص الله هليع لمسقال و يهمفو ابل شاق أكحرب إلى فقمت قال جبل بن معاذ هذا قالوا هذا من قلت قال خبره إلى افا�تهو فأخبرهم سألوه شيء في اختلفوا فإذا محتب الثنايالاةقال الص تدفأر ألقى أن مضهعب فلم رلى أقدع دأح مهنفوا مرا ا�صفلم كان الغد لتخاذ فإذا دعلي مصإلى ي سةقال اري تليفص هدنا عفلم فرا�ص تلسي جنيب هنيبة واريالس ثم تيتباح ة فلبثتاعلا س هلا أكلمي ونكلمقال ي ثم قلت اللهإ�ي و كبر لاحغيا لي�ا دوهجا أرهيبأص كنلا مة وابي قرنيب كنيبقال و أيفل ءيقال ش قلت لهك لارالى تبتعقال و ثري فنتوبح قال ثم رشفأب إن تقا كنادفإ�ي ص تعمول سسر لى اللهص الله هليع لمسقول وا يتحالموني بف ك اللهارالى تبتعي ول فش ظرالع مولا ي لفقا معاذ حدثني بالذي فحدثته قال الصامت بن عبادة فألقى خرجت ثم قال والشهداء النبيون بمكا�هم يغبطهم ظله إلا ظل

ةادبع تعمول سسر لى اللهص الله هليع لمسوي وري نع هبك رارالى تبتعو قال أ�ه قتي حتبحلى مع اورينتزالم يف قتحو ".والصديقون النبيون بمكا�هم غبطهمي �ور من منابر على في المتباذلين على محبتي

٢٣

اءل فججر نابالأ مرع نم ةياس قاصى النألوو هدإلى بي بي� لى اللهص الله هليع لمسا :فقال وي بي� الله اس� ناس موا النسلي اءلا بأ�بيو اءدهش مغبطهالأ ياءبي� اءدهالشلى وع همسالجم بهمقرو نم الله ،متها�ع الله صلى الله رسول فقال عرابيالأ لسؤال وسلم عليه الله صلى الله رسول وجه فسر، لنا فهمص يعني لنا

هليع لمسو: مه اس� نم اءاس أفنازع النو�ل وائالقب ل لمتص مهنيب امحة أرتقاربوا مابي تحف ا اللهافوتصو ضعي الله مله موي ةاميالق ابرنم نور م� مهسلجا فيهليل ععجفي مهوهجا وور� مهابيثا وور� عفزي اسالن موي

ةاميلا القو ونعفزي مهو أواءيل الله ينلا الذ فوخ همليلا عو مه ون�زحي." ومنها قوله عليه الصلاة ، بالإيمان الآخرينمحبةقد تواترت الأحاديث التي تقرن ذا ف وله

ومعلوم أن الإ�سان لا يحب لأخيه ،)١("لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه:"والسلام .نحو أخيه بالمحبةتى يكون عنده الشعور الصادق والعميق ما يحبه لنفسه ح

وباستطاعتنا أن �كشف ارتباط محبة الآخرين بالإيمان حين �لاحظ أن الإيمان في حقيقته وأن هذا الإيمان يستلزم حتما محبة ، ظاهرة من ظواهر خلق حب الحق والاعتراف به والإذعان له

فمن صدق في حبه ، محبة عباد ا الذين أمر بمحبتهم ومودتهمومن محبة الخالق تأتي ، الخالق المنعمأحب بحبه الخير لكل عباد ا ، وتوجيه حب القلوب وبهذا �لاحظ التلازم الوثيق بين الإيمان با

في حلقات مترابطة يلزم عنها لوازم تعتبر تحابب المؤمنين من جهة أخرىإليه من جهة وبين الإيمان و .)٢(امتممات له

، )٦٧٧" (الزهد "في المبارك ابن: أخرجهعن أ�س بن مالك، ) ٤٥ (١/٤٩ومسلم ) ٦٠١٦ (٨/١٢ صحيح البخاري )١(

، )٢٧٤٣ (والدارمي، )١١٧٥ (حميد بن وعبد، ٢٨٩و ٢٧٨و ٢٧٢و ٢٥١و ٢٠٦و ٣/١٧٦ وأحمد، )٢٠٠٤ (والطيالسي في منده وابن، )٢٣٥(و) ٢٣٤ (حبان وابن، ١/٣٣ عوا�ة وأبو، ٨/١١٥ والنسائي، )٢٥١٥ (والترمذي، )٦٦ (ماجه وابن

، وهناك به، مالك بن أ�س حديث من) ٨٨٩" (الشهاب مسند "في والقضاعي، )٢٩٧( و )٢٩٦(و) ٢٩٥(و) ٢٩٤" (الإيمان" يؤمن لا بيده �فسي والذي قال وسلم عليه الله صلى الله �بي أن كمال بن أ�س: "٦/٣٨٥ و ٤/٣١رواية أخرى في مسند أحمد

دبتى عح بحي يها لأخم بحي هفسنل نر مبما تعنيه إضافة القسم وتحديد الخير المحبوب لكل العباد".الخي . .٢٥١، صالأخلاق الإسلامية وأسسهايدا�ي، عبد الرحمن الم)٢(

٢٤

التأمل �لاحظ أن القاعدة التي يرسيها هذا الحديث الشريف تصلح أساسا عاما لكل ولدى أن :الرئيسن الفضائل الأخلاقية الاجتماعية كلها يشتمل عليها هذا المنبع إإذ ،الاجتماعيةالأخلاق

: النحو التاليعلىوذلك ، لنفسهيحب المرء لأخيه ما يحبه مجرد ااملات العادية ولا مراعاة الشعور ولا علىإيجابي لا يقتصر أن المحبة سلوك : أولا

رجته أن يحب لأخيه ما يحبه الميل القلبي بالحب الذي يصل في دإلىوإنما ينصرف ،التعاطفحتى . حد التضحيةإلىبل ويؤثره على �فسه لنفسه

بما يعنيه ،إجبار أوتكلف لا يصدر عن ،مسلك ذوقي �ابع عن عمق الذاتأن المحبة : ثا�يا . المحبة من أقوال وأفعالعلى الفاعلة في ترتيب كل ما يترتب الإ�سا�يةمن تدخل الإرادة

لأن كل واحد يحب أن يكون أفضل من ، أ�ه سلوك ظاهره التساوي وحقيقته التفضيل: ثالثاالفضيل بن عياض لذا روي عن ، فإذا أحب لأخيه ما يحبه لنفسه فقد دخل في جملة المفضولين، غيره

كيف ، إن كنت تريد أن يكون الناس كلهم مثلك ؛ فما أديت النصيحة: أ�ه قال لسفيان بن عيينة وألا يحب أن يكون ، التواضعإلىالإ�سان بدافع كمال إيما�ه الأمر الذي يقود )١(وأ�ت تود أنهم دو�ك ؟

. إلا بترك الحسد والغش والحقدفلا مجال للحب، �فسهعلىبل يفضلهم ويؤثرهم ، أفضل من غيرهولم يذكر ، ومن الإيمان أيضا أن يبغض لأخيه ما يبغضه لنفسه من الشر: قال الكرما�ى : رابعاولذا تتواتر الأحاديث التي تجعل تمام الإيمان . لأن حب الشيء مستلزم لبغض �قيضه ؛ في الحديث

تعالىالحب ٢(تعالى والبغض(.

١/٢٠ فتح الباري )١()٢( نة أبي عامأم نول عسر لى اللهص الله هليع لمسو قال أ�ه": نم بأح لهل غضأبو لهطى لأعو لهل عنمو لهل ل فقدتكماس

الإيمصلى النبي عن ذر أبي نوع". ان في الحب: الأعمال أفضل: " قال وسلم عليه ا في والبغض ا أ�س بن معاذ عن و"ا ن وع "ا ذكر في لسا�ك وتعمل وتبغض تحب أن": فقال، الإيمان أفضل عن سئل وسلم عليه ا صلى النبي أن الجهني، أحب فإذا، ويبغض يحب حتى الإيمان صريح حق العبد يحق لا": وسلم عليه ا صلى النبي عن، الجموح بن عمرو ا في تحب أن: الإيمان عرى أوثق: " قال وسلم عليه ا صلى النبي عن البراء عن و "ا من الولاية استحق فقد وأبغض ).٢٥٢١الترمذي / ٤٦٨١، ٤٥٩٩داوود / ٣/٤٣٧، ٥/١٤٦، أحمد ١/٢٨٦المسند ".(ا في وتبغض

٢٥

والإحسانو يحب لهم الخير من الإيمان ـــفه، اـــاد ا جميعــ عبىـإلرف ــب ينصأن الح: خامساويصدر في كل تصرفاته عن حب و ، ويكره لهم الكفر وخصال الشر والفساد، وخصال الخير والإصلاح

يندرج كما ، الآخرين سلوكا يندرج في المحبةحفظ ومن أجل تعالىحتى ليصير الجهاد في سبيل ا ، محبة، فلا نجد في شروح الحديث ما يقيد حب المرء لأخيه بقيد الإسلام ولا الإيمان.)١(في الإيمان سواء بسواء

إلىتدفعه خاصة أن محبة المسلم، وخلقهتعالى كل عباد ا إلى إطلاقه لينصرف علىومن ثم يظل اللفظ وأن يشاركوه ، و سبيل السعادة في الد�يا والآخرةلأ�ه يعلم أن هذا ه، أن يريد للناس جميعا أن يكو�وا مؤمنين

دعوة الآخرين لمشاركته بدافع المحبة لهم علىلذا فهو يحرص ، في النعيم المقيم الذي أعده ا للمؤمنين . والتي نجد نموذجها الأكمل في دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام، والخوف عليهمح وأبان لنا طرق ووسائل ـــد أوضـــلام قـــة والسلاـــه الصــول عليــأن الرس: اـسادس

نحو يجعل الحب منهاجا وسلوكا يوميا للمسلمين في توادهم على، ومناهج ترسيخ الحب بين المؤمنين ،)٤(والتزاور ،)٣(والحذر من الحسد والبغضاء، )٢( إفشاء السلامعلىمن قبيل الحث ، وتراحمهم

).٢١الأحقاف/ ١٣٥الشعراء/ ٤٥مريم/ ٢٦هود/ ٥٩الأعراف ()١( لا" :وسلم عليه الله صلى الله رسول قال: قال هريرة أبي عن كما في صحيح مسلم وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه )٢(

لونخة تدنتى الجح واتؤنلا، موا ونمتى تؤوا حابلا، تحأو لكملى أدع ءيإذا ش وهلتمفع تمبابوا؛ تحأفش لامالس كمنيو". بدبع الله نب رمكع قول اني ول إنسر لى اللهص الله هليع لمسو": قال واأفش لاموا السمأطعو امكو�وا الطعا�ا ووا إخكم كمرأم الله زل عجو".

الله صلى النبي أن هحدث العوام بن الزبير أن حدثه الزبير مولى أن الوليد بن يعيش عن كثير أبي بن يحيى نع" ففي سنن الترمذي )٣(هليع لمسقال و: "بد كمإلي اءم دالأم لكمقب دسالح غضاءالبو يقة هالأقول لا، الح قلتح رعالش نلكو قلتح يني، الدالذو ".بينكم السلام أفشوا لكم ذاكم يثبت بما أ�بئكم أفلا، تحابوا حتى تؤمنوا ولا، تؤمنوا حتى ةالجن تدخلوا لا بيده �فسي

في له أخا زار رجلا أن" وسلم عليه الله صلى النبي ن عهريرة أبي ن في صحيح مسلم ومسند أحمد وصحيح ابن حبان ع)٤(ةيى قررأخ ،دصفأر لى اللهع هتجردلكا مفقال م له: نأي بقال ؟تذه: ا أزوري أخي لف ي اللهف ةيكذا كذا قرل:قال، وه له

كليع نم ةمع� اهبي لا :قال؟ ترننلكو تهببي أحف الله زل عجول فإ�ي :قال، وسر الله كإلي ،أن الله قد كبا أحكم تهببأح يهف".

٢٦

وغير ذلك من التوجيهات النبوية ،)١(دة بالإعلام والقول شيوع ذلك الحب والموعلىوالحرص .السامية

على وقفة خاصة لها دلالتها إلىوأخيرا فإن العنصر الثالث المكمل لحلاوة الإيمان يحتاج منا فالأصل العام لخلق المسلم هو المحبة الصادقة لكل ما يحيط به في الكون من ، معا�ي الحب والكراهيةوالتي تؤتي ثمرتها في محبة ، ورسولهتعالىمحبة أصلها وذروة سنامها محبة ا ،بشر وشجر وحجر

لكن ألا يكره المؤمن ؟ ألا يبغض شيئا أو فردا ؟ وهل ، عباد ا جميعا ومعاملتهم بهذا الأصل العام الحب في مراتبه المتسامية سلوكا فطريا لا مجاهدة فيه ولا جهاد؟

: والثا�ي. والقبيح الجميل فعل: أحدها، أمورتكتمل بأربعة الغزالي إن الأخلاق عند الإمام عليها ويتيسر الجا�بين أحد إلى تميل بها للنفس هيئة والرابع. بهما المعرفة: والثالث. عليهما القدرة منهاج الاعتدال في على السير إلىومن ثم هناك حاجة ،)٢(القبيح وإما الحسن إما الأمرين؛ أحد

تعبيرا –فكما يحب ، تعالىوالتوجيه الإيجابي لمشاعر النفس البشرية نحو مراد ا ،الأخلاقبما يعنيه ذلك من ، فإ�ه يبغض بنفس الدرجة تعبيرا وتوجيها لقوى النفس–وتوجيها لقوى النفس

، فإذا أحب المرء أخا له في "يحبه أ�ه فليخبره خاهأ الرجل أحب إذا": قال وسلم عليه الله صلى لنبيأن ا :في سنن أبي داوود )١(

وفي معرفة الصحابة لأبي . المحبة الصادقة عرىا فمن السنة أن يعلمه بذلك ويعرب له عن محبته إياه حتى تتوثق بينهما أواصر و ".للمودة أوصل فإ�ه، هو وممن، أبيه واسم اسمه عن فليسأله الرجل الرجل أحب إذا:" �عيم الأصبها�ي قوله عليه الصلاة والسلام

لما�ع، أو المال لفقد إما يبذل ولا السخاء خلقه شخص الفعل، فرب عن عبارة الخلق وليس "٢٥٣، ص٢ المرجع السابق، ج)٢( إلى بل والإعطاء ساكالإم إلى القوة �سبة لأن القوة؛ عن عبارة هو وليس، لرياء أو لباعث إما يبذل وهو البخل خلقه يكون وربما

وليس السخاء خلق ولا البخل خلق يوجب لا والإمساك، وذلك الإعطاء على قادر بالفطرة خلق إ�سان وكل. واحد الضدين التي الهيئة وهو الرابع، المعنى عن عبارة هو بل. واحد وجه على جميعا والقبيح بالجميل تتعلق المعرفة فإن المعرفة عن عبارة هو حسن أن وكما. الباطنة وصورتها النفس هيئة عن عبارة إذن فالخلق.البذل أو الإمساك منها يصدر لأن النفس تستعد بها

في فكذلك الظاهر؛ حسن ليتم الجميع حسن من بد لا بل والخد والفم الأ�ف دون العينين بحسن يتم لا مطلقا الظاهرة الصورة حصل وتناسبت واعتدلت الأربعة الأركان استوت فإذا. الخلق حسن يتم تىح جميعها في الحسن من بد لا أركان أربعة الباطن ."الثلاثة القوى هذه بين العدل الشهوة، وقوة وقوة الغضب العلم، وقوة قوة: وهو الخلق حسن

٢٧

مرتبة إلى بها تفريغ لواعج الغضب و�وازع البغض والكراهية من دلالاتها المرضية السلبية والتسامي .تذوق حلاوة الإيمان

فلا تعارض بين كون الأصل في خلق المسلم الذي يعامل به الناس هو خلق المحبة وبين كو�ه ، فهو يبغض فيهم هذه الصفات ولا يبغضهم لذواتهم، يبغض الشر والباطل والفساد والمتصفين بها

ء أو عدم الحذر منهم أو الاستسلام أساس خلق المحبة موالاة هؤلاعلى معاملة الناس وليس معنىومن ثم فإن البغض والحب ، )١(فهذه من أمور الغفلة وعدم التبصر بحقائق الأمور، لمكائدهم

،)٢( وتكتمل الإيمان بهما عرىتتوثق، خطين متوازيينعلىتعبير عن �وازع النفس البشرية ويسيران .)٣( تعالى ا إلى وأحبها الأعمال نحو يجعلها من أفضلعلى

تعالىالحب : بأمرين إلا كون لا يلحلاوة الإيمانالإيمان وتذوق المسلم كمال نإمجمل القول التي يجمع العقل والشرع والخلق السليم الأفعال علىتنصب منضبطة فهي كراهية ، تعالىوالبغض

في الكفر كراهيته أن يلقى هو في عدم عودتهعلى ىومن �احية أخر، لذوات من �احيةلا ا ذمها علىوهذا مقياس ، فهو يكره أن يعود في الكفر بعد أن أ�قذه ا منه كما يكره أن يقذف في النار، النار

، ووضوح الشهود الإيما�ي وكماله يظهران بشدة الخوف من �تائج �قيضه، عظيم لصدق الإيمان وكمالهولا يكون ،ويكره ما هو سبب ذلك، لعذاب فيهاوكل إ�سان حاضر الوعي لابد أن يكره النار وا

٢٨٠، صالأخلاق الإسلامية وأسسها عبد الرحمن الميدا�ي، )١(: يا ابن مسعود، قلت: ا عليه وسلم، فقالصلىدخل علينا رسول ا : " ففي المعجم الكبير للطبرا�ي عن ابن مسعود قال)٢(

عليه وسلم، قالها ثلاثا، تدري أي صلىلبيك يا رسول ا ورسوله أعلم: الإيمان أوثق؟ قلتعرى ا فإن أوثق : قال. ا ا عليه صلىلجهني عن أبيه أن رسول ا وفي شعب الإيمان للبيهقي عن أ�س ا". الإسلام الولاية فيه، والحب فيه والبغضعرى

". ومنع ، وأحب ، وأبغض ، وأ�كح فقد استكمل إيما�همن أعطى": وسلم قالوفي ". الله في والبغض الله في الحب الأعمال أفضل :وسلم عليه الله صلى الله رسول قال: قال ذر أبي عن: " سنن أبي داوود)٣(

قال ؟ وجل عز الله إلى أحب الأعمال أي أتدرون فقال وسلم عليه الله صلى الله رسول إلينا خرج قال ذر أبي عن: "مسند أحمد نحو يجعل على"الله في والبغض الله في الحب وجل عز الله إلى الأعمال أحب إن :قال. الجهاد: قائل وقال، والزكاة الصلاة :قائل

العبادة غاية الخلق ويجعل المحبة غاية العبادة

٢٨

ولا يكتمل الإيمان حتى ، الإيمان صحيحا حتى يشهد المؤمن أن عذاب النار �تيجة حتمية للكفر با ما تخاف فتكره بشدة، الخوف من عذاب النارفتنفعل النفس ب ،تكون هذه العقيدة كالأمر المشهود

.تكتمل للمؤمن كل مقومات حلاوة الإيمانف ،)١(فتكره بشدة ما هو سبب له ، منه

جيه إيجابي لطاقات النفس البشرية ، وبما يعني ذلك من تو٢٦٨، صالأخلاق الإسلامية وأسسها عبد الرحمن الميدا�ي، )١(

الآخرين في شيء، إذ تظل القاعدة العامة في على الذات وليس علىولواعجها وقواها الغضبية نحو كراهية الكفر، الذي ينصب .التعامل مع كافة البشر هي المحبة الخالصة وإرادة الخير