ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ...

435
ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ: ﻣﻨﻴﺔ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ: ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺑﺤﺚ ﺍﻟﻨﺎﺋﻴﻨﻲ ، ﻟﻠﺨﻮﺍﻧﺴﺎﺭﻱ٣ : ﺍﻟﺠﺰﺀ١٣٥٥ : ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ: ﻓﻘﻪ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ: ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﻄﺒﻌﺔ: ﺍﻷﻭﻟﻰ١٤١٨ : ﺳﻨﺔ ﺍﻟﻄﺒﻊ ﺍﻟﻤﻄﺒﻌﺔ: ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ: ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﻴﻦ ﻗﻢ ﺍﻟﻤﺸﺮﻓﺔ٤-٠٠٧-٤٧٠-٩٦٤ : ﺭﺩﻣﻚ(١٣٥٥ ﻭﻓﺎﺓ) ﻣﻼﺣﻈﺎﺕ: ﺗﻘﺮﻳﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺤﻘﻖ ﺍﻟﻤﻴﺮﺯﺍ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺋﻴﻨﻲ

Upload: others

Post on 15-Aug-2020

14 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الكتاب: منية الطالبالمؤلف: تقرير بحث النائيني ، للخوانساري

الجزء: ٣الوفاة: ١٣٥٥

المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامنتحقيق: مؤسسة النشر اإلسالمي

الطبعة: األولىسنة الطبع: ١٤١٨

المطبعة:الناشر: مؤسسة النشر اإلسالمي التابعة لجماعة المدرسين قم المشرفة

ردمك: ٩٦٤-٤٧٠-٠٠٧-٤مالحظات: تقريرات المحقق الميرزا محمد حسين النائيني (وفاة ١٣٥٥)

Page 2: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

منية الطالبفي

شرح المكاسبتأليف

الشيخ موسى بن محمد النجفي الخوانساري (قدس سره)المتوفى سنة ١٣٦٣ ه

تقريراتالمحقق الميرزا محمد حسين النائيني (قدس سره)

المتوفى سنة ١٣٥٥ هالجزء الثالث

مؤسسة النشر االسالميالتابعة لجماعة المدرسين قم المشرفة

(١)

Page 3: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

شابك ٤ - ٠٠٧ - ٤٧٠ - ٩٦٤٩٦٤ ISBN - ٤ - ٠٠٧ - ٤٧٠

منية الطالب(ج ٣)

تقرير: المحقق الميرزا محمد حسين النائيني (قدس سره)المقرر: الشيخ موسى بن محمد النجفي الخوانساري (قدس سره)

تحقيق ونشر: مؤسسة النشر االسالميعدد الصفحات: ٤٣٣

الطبعة: األولىالمطبوع: ١٠٠٠ نسخة

التاريخ: ١٤١٨ ه.مؤسسة النشر االسالمي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

(٢)

Page 4: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين والصالة والسالم على أشرف أنبيائه محمد وآله األئمة

الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين أبد اآلبدين.قوله (قدس سره): (الخيار لغة اسم مصدر من االختيار.... إلى آخره).

أقول: الخيار بمعناه اللغوي يشمل كل مورد كان ألحد المتعاقدين أو لغيرهمااختيار في أمر، فاألول كملك الزوجين الفسخ بالعيوب، والثاني كملك العمة

والخالة فسخ العقد على بنت األخ واألخت، وغير ذلك مما كان الشخص مختارافي الفعل والترك. وبمعناه االصطالحي ال عموم له كذلك، بل هو حق ثابت

لشخص في خصوص نقض العقد والعهد وإبرامه.وعرفه المصنف (قدس سره) بأنه ملك فسخ العقد، وعرفه المحققون من القدماء بأنه

ملك إقرار العقد وإزالته.والحاصل من تعريف المصنف أن أحد طرفي االختيار وجودي واآلخر

عدمي، ومن تعريف القدماء أن طرفيه وجودي.والحق ما اختاره القدماء، وقبل تحقيقه ينبغي تمهيد مقدمة قد أشرنا إليها في

كتاب البيع، وهي أن العقود بحسب الثبوت على أقسام ثالثة:منها: ما يقتضي اللزوم ذاتا.

ومنها: ما يقتضي الجواز كذلك.ومنها: ما ال يقتضي شيئا منهما.

فما كان من األول فشرط الخيار فيه ينافي مقتضاه وال يقبل الفسخ

(٣)

Page 5: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وال اإلقالة، وما كان من الثاني فشرط اللزوم ينافي مقتضاه، وما كان من الثالثفال ينافي كل واحد من الشرطين فيه.

وأما بحسب اإلثبات فقد استكشفنا من األدلة أن عقد النكاح والضمان مناألول، ولذا ال يصح فيهما جعل خيار الفسخ وال يقبالن اإلقالة. وال ينافي ذلك

جواز فسخ النكاح بالعيوب الخاصة وبتخلف بعض الشروط، وجواز فسخ الضمانإذا تبين إعسار الضامن مع عدم علم الدائن به، لقيام الدليل عليه بالخصوص.

واستكشفنا منها أن الهبة من الثاني والبيع من الثالث.ثم إذا كان العقد مقتضيا للزوم أو الجواز بذاته فاللزوم أو الجواز حكمي وال

يقبالن االسقاط، كما هو الشأن في جميع األحكام الشرعية، سواء كانت ثابتة فيالعقود أم في غيرها. فلو التزم العاقد في إنشائه بضد ما اقتضاه العقد كان منافيا

لمقتضاه، ومخالفا للكتاب والسنة. ولو التزم بما اقتضاه لما أفاد إال التأكيد.

وأما ما ال اقتضاء له فاللزوم أو الجواز حقي قابل لجعل الخيار فيه وإسقاطه.ثم إن االلتزام بما اقتضاه ذات العقد من اللزوم أو الجواز أو االلتزام بمضمونالمعاوضة - في العقد الذي ال يقتضي أحدهما - إنما هو بالداللة االلتزامية.

وتوضيح ذلك: أن ما ينشأ بالعقود إما مدلول مطابقي، وإما التزامي.أما المطابقي فهو في البيع نفس تبديل المال بالمال، الذي يحصل بالمعاطاة

أيضا.وأما االلتزامي فهو التعهد بما أنشأ وااللتزام به، وهذا هو العقد والعهد الموثق،

ال المعنى المطابقي الحاصل بالفعل أيضا.ولذا قلنا في باب المعاطاة بأنها بيع ال عقد، وقلنا بأنها تفيد الجواز، لعدم

تحقق ما يوجوب اللزوم فيها.ثم إن هذه الداللة االلتزامية ناشئة من بناء العرف والعادة على أن من أوجد

معنى بالعقد يلزم عليه أن يكون ثابتا على ما أوجده وبانيا على إنفاذ ما أنشأه،وإال لم يقدم أحد على المعامالت الخطيرة والمعاوضة في األشياء النفيسة،

(٤)

Page 6: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وسيجئ زيادة توضيح لذلك. فإذا كان هذا بناؤهم في العقود المعاوضية ومايشبهها، فكل عقد كان اللزوم من مقتضيات ذاته يصير هذا االلتزام مؤكدا له

- كالنكاح والضمان - وكل عقد كان الجواز من مقتضياته - كالهبة - يخرج عنعموم أوفوا بالعقود بالتخصيص، وكل عقد ال اقتضاء له يصير بهذه الداللة ذا

اقتضاء، كالبيع. وقوله عز اسمه * (أوفوا بالعقود) * (١) ناظر إلى هذه الداللة ال الداللةالمطابقية، ألن وجوب الوفاء في البيع بلحاظ معناه المطابقي إنما هو لحرمة

التصرف في مال الغير، ال ألنه عقد وعهد موثق.وبعبارة أخرى في المعاوضات العقدية مدلوالن: المطابقي وهو بيع،

وااللتزامي وهو عقد. ووجوب الوفاء يناسب لحاظ العقدية كما هو صريح اآلية.فإذا كان اقتضاؤه اللزوم - من جهة إنشاء العاقد المدلول االلتزامي والتزامه به -

فلو ثبت الخيار في عقد بأحد الوجوه الثالثة اآلتية يوجب تخصيص اآليةالشريفة، ويكون حقا مالكيا قابال لإلسقاط، كما أنه يقبل اإلقالة للتالزم بينهما إذا

كان حقيا. وكان بمعناه المصطلح ال بمعناه اللغوي الشامل للحكمي أيضا، وال شبهةأن الخيار في المقام إنما هو بمعناه المصطلح، ألنه لو ثبت الخيار في العقد ألحدإما بالشرط كبيع الشرط، أو بجعل شرعي كخيار الحيوان والمجلس، أو لتخلف

شرط ضمني كالغبن والعيب ونحوهما. فمعنى ثبوته أن التعهد بمدلول العقد الذيتعهد به العاقد على نفسه - وقلنا: إنه من باب بناء العرف والعادة على أن كل منعقد عقدا يلزم أن يكون على عقده ويبقى على عهده - زمام أمره بيد العاقد، أي

لثبوت الخيار، ليس هذا االلتزام ملكا للطرف وليس كنفس المدلول المطابقيالذي هو ملك للطرف ولو مع الخيار. فإذا كان مالكا اللتزام نفسه فله إقراره

وإبرامه وله حله ونقضه.وبعبارة أخرى ثبوت الخيار ألحد معناه أن اختيار المدلول االلتزامي المنشأ

--------------------(١) المائدة: ١.

(٥)

Page 7: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

من المتعاقدين وضعا ورفعا بيد ذي الخيار، فله رد ما ألزمه على نفسه من إنفاذالعقد فينحل العقد، وله إبقاء ما التزم به طرفه له فيستقر العقد.

إذا عرفت هذه المقدمة ظهر أن كال من طرفي الخيار أمر وجودي وقوامهبملك كال االلتزامين، والعقد الغير الخياري قوامه بملك التزام الطرف وخروج

التزام نفسه عن قدرته، وباإلقالة يرد ما خرج ويخرج ما دخل. ولذا لو أقاال يردكل منهما االلتزام الذي ملكه إلى طرفه، ومن هنا ذكروا أن الخيار يدخل في كل ما

يدخل فيه اإلقالة.قوله (قدس سره): (وإن أريد منه إلزام العقد وجعله غير قابل ألن يفسخ ففيه: أنمرجعه إلى اسقاط حق الخيار فال يؤخذ في تعريف نفس الخيار.... إلى آخره).

بعد ما ظهر أن أجود التعريفين تعريف القدماء - بأن الخيار ملك إقرار العقدوإزالته - ظهر أن مرجع إلزام العقد ليس إلى إسقاط حق الخيار، ألن معنى إلزامه

إعمال أحد طرفي الخيار.وأما إسقاط الحق فهو أمر فوق الخيار، فإن اإلسقاط إذهاب موضوع الحق ال

إعماله، كما أن اإلعراض عن الملك فوق السلطنة وبه يذهب موضوع المال وليساإلعراض من أنحاء السلطنة على المال.

وبالجملة ليس إسقاط الحق في قبال حل العقد، بل المقابل له االلتزام بالعقدوإن كان أثره اإلسقاط.

هذا مضافا إلى ما سيجئ من المصنف في أحكام الخيار أن الخيار ليسعبارة عن ملك فسخ العقد وعدمه، ألن نفس عدم الفسخ ليس إعماال ألحد

طرفيه، بل يحتاج إلى أمر وجودي وهو الرضا بمضمون العقد.* * *

قوله (قدس سره): (ذكر غير واحد تبعا للعالمة في كتبه أن األصل في البيع اللزوم....إلى آخره).

(٦)

Page 8: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ال يخفى أن األصل بمعنى الرجحان المستند إلى الغلبة ال يرجع إلى محصل،فإنه ممنوع صغرى وكبرى. فالمراد منه إما القاعدة المستفادة من العمومات،

أو االستصحاب، أو معناه اللغوي بمعنى أن وضع البيع وأساسه على اللزوم، وذلكلما ذكرنا من أن بناء العرف والعادة على التزام كل عاقد بما ينشئه. ويشعر بذلكعبارة التذكرة من قوله: والغرض تمكن كل من المتعاقدين من التصرف فيما صار

إليه، وإنما يتم ذلك باللزوم ليأمن من نقض صاحبه عليه انتهى.وبالجملة العقد هو العهد الموثق، فهو كالبيعة المتعارفة بين الرؤساء والتابعين

لهم، وكالتعهد الحاصل بتصفيق كل منهما يده على يد اآلخر. فإذا كان هذا بناءالعرف والعادة في المعامالت مع عدم ردع الشارع عنه فيصير كل عقد معاوضي

وما يشبهه - كالنكاح - متضمنا لهذا البناء، وداال عليه بالداللة االلتزامية.نعم لو جعل أحدهما زمام هذا االلتزام لنفسه أو جعله الشارع له فيصير ذا

خيار حقي قابل لإلسقاط، ولذا عبرنا عن الخيار بملك االلتزام، ألنه حق ال حكم.قوله (قدس سره): (بقي الكالم في معنى قول العالمة.... إلى آخره).

األولى أن يقال في توجيه كالم العالمة: إن الخروج عن أصالة اللزوم يتحققبأمرين:

األول: ملك االلتزامين، أي الخيار.والثاني: ملك أخذ ضميمة مع مال الطرف عوضا عن ماله.

وبعبارة أخرى كما أن العقد يقتضي اللزوم، كذلك يقتضي أن يكون أحدالعوضين فقط عوضا عن اآلخر. فإذا ثبت الخيار فيه يخرج عن اقتضائه اللزوم،

وإذا ظهر العيب فيه يخرج عن اقتضائه كون أحد العوضين وحده عوضا عناآلخر، القتضاء ظهور العيب األرش مع العوض.

وبالجملة ثبوت العيب أو ظهوره وإن كان سببا للخيار إال أن الخيار الحاصلبه مختلف في السنخ مع سائر الخيارات، ألن أخذ األرش ليس من باب فسخ العقد

في جزء من مدلوله حتى يكون من سنخها، وحتى يورد عليه بأنه ال يعتبر في

(٧)

Page 9: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

األرش كونه جزء من الثمن، بل هو مالزم إلبقاء العقد على حاله بالنسبة إلى أصلالتزامه بالتبديل وإنما يتصرف فيه بأخذ ضميمة مع المعيب، مع أن المنشأ كان

معوضية نفس المبيع للثمن ال معوضيته مع شئ آخر.ثم إنه ظهر مما ذكرنا أن األصل بمعناه اللغوي بل بمعنى االستصحاب وبمعنى

القاعدة المستفادة من العمومات ال يختص بالبيع، بل يطرد في كل عقد معاوضيمبناه على اللزوم.

قوله (قدس سره): (فمنها قوله تعالى * (أوفوا بالعقود) *.... إلى آخره).ال يخفى أنه لو كان المجعول باألصالة هو الحكم التكليفي وكان المجعول

المنتزع هو الوضعي - كاللزوم في المقام - يجب أن يكون الحكم التكليفيالمستتبع للحكم الوضعي مناسبا له ومجعوال على نحو ينتزع المطلوب منه. فعلىهذا يكون مفاد اآلية وجوب الوفاء بالعقد والعمل بما اقتضاه مطلقا أي في جميعاألزمنة وبالنسبة إلى كل زماني، ألن ببركة مقدمات الحكمة يتم إطالق وجوبالوفاء بالنسبة إلى كلتا الجهتين، ألنه لو كان وجوب الوفاء في وقت دون وقت

وبالنسبة إلى عدم الفسخ ال مع الفسخ يلزم لغوية تشريعه. فمفاد هذا الحكمالتكليفي هو وجوب الوفاء به في جميع األزمنة ومع طرو كل طار، كما أن

المناسب للفظ الوفاء أن يكون متعلقه المعنى المصدري - أي اإليجادي من العاقدواإلصداري منه - ال اسم المصدري، وهو الحاصل من التزامه الذي هو العقد.

وبعبارة واضحة المناسب لوجوب الوفاء أن يكون متعلقه نفس تعهده ال ماتعهد به، فيندفع عن المصنف ما أورد عليه المحقق الخراساني (قدس سره) في حاشيته

علىالمتن: من أن مع الشك في تأثير الفسخ يكون التمسك باإلطالق من باب التمسك

فيما ال يعلم انطباق المطلق عليه (١) وذلك، ألنه لو كان متعلق الوفاء هو العقد بمعنىاسم المصدر فمع الشك في تأثير الفسخ يكون تمسكا باإلطالق فيما ال يعلم أنه

عقد، سيما إذا قلنا إن الفسخ حل العقد من حين العقد.--------------------

(١) حاشية المحقق الخراساني: ١٤٦.

(٨)

Page 10: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما لو كان متعلقه فعل المكلف، فإذا كان الوفاء به واجبا وبقاؤه على قولهوإبرامه ما تعهد به الزما فالزمه بقاء ما تعهد به وعدم تأثير فسخه، ونستكشف منهبقاء عقده، كاالستكشاف من عموم " أكرم العلماء " أن زيدا الذي يحرم إكرامه

ليس زيدا العالم.وبعبارة أخرى لو كان الفسخ رافعا لموضوع الوفاء وموجبا لذهاب التعهد

بالمعنى المصدري عن صفحة الوجود وعن ظرفه، لكان وجوبه مع تحقق الفسختمسكا باإلطالق في مورد الشك في المصداق.

وأما لو كان الفسخ رافعا للعقد، فمع الشك في تأثيره يمكن وجوب االلتزامبما التزم به.

وبهذا البيان يمكن أن يقال بعدم االحتياج إلى اإلطالق بالنسبة إلى الزمانيبل يكفي إطالقه في الزمان، ألنه إذا كان الوفاء بالتعهد الزما في جميع األزمان

فالزمه عدم تأثير الفسخ.ثم إنه ال إشكال في أن اللزوم المستفاد من الحكم التكليفي ليس تعبديا

صرفا، بل لمناسبة الحكم والموضوع يعلم أنه حق مالكي. بل يمكن استفادة كونهحقا من مقابلة الجمع بالجمع في اآلية الشريفة أيضا، فإن كل مكلف إذا كان مكلفا

بالوفاء بعقده يستلزم أن ال يكون الوفاء بوصف االجتماع مطلوبا علىالمتعاقدين. فعلى هذا يجب على كل واحد الوفاء بما تعهد به مع وفاء اآلخر به،

فإذا استقال أحدهما اآلخر فله اإلقالة، وال نحتاج إلى إطالق أدلة اإلقالة حتىيقال: إن موردها منحصر في استقالة الزالت والعثرات ال العقود والمعاهدات. بل

لو كان موردها العقود أيضا لم يعلم جريانها في كل عقد وذلك، ألن وجوب الوفاءلو كان حقا مالكيا فمقتضى القاعدة جريان اإلقالة في كل عقد مبناه على اللزوم

لوال الخيار ويشهد به المعاهدات بين الدول، والبيعة التي كانت بين األئمة (عليهمالسالم)

وأصحابهم، فإن الحسين (عليه السالم) قال ألصحابه مرارا: رفعت بيعتي التي كانت فيرقابكم وأنتم في حل مني. وبهذه المضامين قال الحسن (عليه السالم) لقيس بن سعد

بن

(٩)

Page 11: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

عبادة لما امتنع عن البيعة مع معاوية لبيعته مع الحسن (عليه السالم). وهذه البيعة وإن لمتكن قابلة للحل وليست كبيعة العشائر مع شيوخهم ورؤسائهم إال أن الناس حيث

كانوا قريب عهد بالجاهلية فعاملوهم (عليهم السالم) بما ارتكز في أذهانهم.وكيف كان فالعهد والعقد يجب البقاء عليه ما دام اآلخر باقيا على عهده، ألنكونه حقا مالكيا يقتضي جواز اإلقالة لكل منهما. فليس وجوب الوفاء من قبيل

حرمة بيع العبد المسلم من الكافر تعبديا غير قابلة للرفع ولو مع رضا العبد المسلم،وليس وجوبه أيضا كوجوب الصالة بحيث ال يترتب على عصيانه غير العقاب،

بمعنى أنه يحرم عليه الفسخ ولكن ال ينافي تأثيره، ألن مقتضى كونه حقا مالكياأن يكون بمنزلة وجوب أداء الدين. فمعناه أن الفسخ ال يؤثر والعقد ال ينفسخ به.

هذا كله لو كان المجعول األصلي هو الحكم التكليفي.وأما لو كان هو الوضعي كما هو الحق في أمثال اللزوم - فإن الملكية والرقيةوالوالية واللزوم ونحو ذ لك بنفسها قابلة للجعل، وليست كالشرطية والجزئية

والمانعية التي ال تقبل الجعل باألصالة - فداللة اآلية على المطلوب أظهر، ألنهاعلى هذا إمضاء لما عليه العرف والعادة من بنائهم على لزوم االلتزام بما التزموا به.

فمقتضى هذه الداللة أن يكون العقد بنفسه بحسب الداللة اللفظية موجبا للزومترتيب آثار ما التزم العاقد على نفسه، فإذا أمضى الشارع هذا البناء، إما باألمر

اإلرشادي - نظير األوامر في باب األجزاء والشرائط - أو بأمر مولوي لحقمالكي، ال للتعبد الصرف يصير اللزوم مجعوال كمجعولية الوالية والملكية.

والحق أن المجعول األصلي هو الوضعي الذي هو منشأ لترتب آثار الملك منجواز التصرف والتقلب، ألن المجعول الشرعي في المعامالت بأجمعها هو امضاء

ما عليه الناس فيها. وبناؤهم على جعل الوضعي أوال ال العكس، أي ال يجوزالبائع للمشتري أوال جواز التصرف فينتزع منه الملكية، بل بناؤهم على أن جواز

التصرف من آثار الملكية.وكيف كان فسواء كان اللزوم منتزعا أو مجعوال باألصالة، فهو ليس من

(١٠)

Page 12: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

مقتضيات العقد في نفسه ومن مفاد لفظ المتعاقدين مدلوال مطابقيا أو التزاميا، معقطع النظر عن حكم الشارع حتى يقال: إن العمل بالعقد ووجوب الوفاء به هو

العمل بما يقتضيه من لزوم أو جواز، ألن مقتضاه في نفسه ليس إال التبديل مطابقةوااللتزام بترتيب آثار الملكية على البيع التزاما - الذي أمضاه الشارع بقوله: أوفوا

بالعقود، إما انتزاعا أو أصالة - ال لزوم هذا االلتزام أو جوازه.وبالجملة لزوم االلتزام أو كونه باختيار العاقد ليس إال مستفادا من أدلة لزوم

العقد أو من أدلة الخيارات، فكل منهما من المجعوالت الشرعية الخارجة عنمقتضيات العقد في نفسه.

قوله (قدس سره): (ومن ذلك يظهر الوجه في داللة قوله تعالى * (أحل الله البيع) *....إلى آخره).

ال يخفى أن حرمة الربا التي في هذه اآلية جعلت قباال لحلية البيع إما بمعنىحرمتها التكليفية والوضعية كليهما، وإما خصوص أحدهما. واالستدالل بهذه اآليةيتم لو كان المراد منها األعم أو خصوص التكليفية، وإال لو كان المراد منها فساد

الربا فبقرينة المقابلة يصير المراد من الحلية الصحة ال اللزوم.ثم على فرض أن يكون المراد من الحلية حلية جميع التصرفات إال أن مع

الشك في ثبوت الحلية بعد الفسخ ال يمكن التمسك بإطالقها، ألنه من قبيلالتمسك باإلطالق مع الشك في المصداق، ألن الفسخ لو كان مؤثرا لكان هنا رافعاومزاحما مع أصل الحلية، وهذا بخالف نحو أوفوا بالعقود، فإن الفسخ ثمة ال يرفعموضوع وجوب الوفاء الذي هو االلتزام بالمعنى المصدري وإنما يرفع العقد الذي

هو اسم المصدر.وتوضيح ذلك أن القيود الراجعة إلى الموضوع - أي حاالته - يمكن أن يكون

الحكم بالنسبة إليها مطلقا ومقيدا، وأما حاالت نفس الحكم فال يمكن أن يكونالحكم بالنسبة إليها مطلقا أو مقيدا، فضال عن أن يكون مطلقا أو مقيدا بالنسبة إلى

رافعه وطارده. ونظير ذلك مالحظة األحكام الثابتة لألشياء بعناوينها األولية مع

(١١)

Page 13: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

األحكام الثابتة لها بعناوينها الثانوية، فإن إباحة الماء لها إطالق بالنسبة إلىاشتراط ترك شربه في ضمن عقد الزم من حيث ذات االشتراط - أي من حيث إنه

فعل من أفعال المكلف كإطالقها بالنسبة إلى سائر أفعاله - وأما من حيث أثرهفال يمكن أن يكون لها إطالق، ألن أثر االشتراط رافعية اإلباحة، واإلباحة

ال إطالق لها بالنسبة إلى وجودها وعدمها.والسر في ذلك أن المحكوم ليس ناظرا إلى نفسه فضال عن أن يكون مطلقا

بالنسبة إلى حاكمه، وفي مقامنا هذا الفسخ لو كان مؤثرا لكان رافعا ألصل الحليةوال إطالق لها بالنسبة إلى رافعها، بخالف تأثير الفسخ في حل العقد، فإنه ال يزاحم

وجوب الوفاء وال موضوعه الذي هو التعقيد، وإنما يرفع العقدة الحاصلة من فعلالعاقد، فيمكن التمسك بإطالق أوفوا في رفع هذا الشك.

وهذا هو السر في تخصيص المصنف هذا اإلشكال بأحل الله البيع وأمثالهدون أوفوا بالعقود.

وبالجملة بعد الفسخ نشك في حلية التصرف كالشك في حلية أكل المالبالتجارة عن تراض، فالتمسك بعقد المستثنى في هذه اآلية ال يفيد أيضا لرفع

الشك عن تأثير الفسخ.قوله (قدس سره): (ومنها قوله تعالى * (وال تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) *.... إلى

آخره).تقريب االستدالل بعقد المستثنى منه يتوقف - بعد الفراغ عن كون المراد مناألكل فيه هو التملك ال االزدراد - على أن يكون المراد بالباطل هو ما يسمى

باطال عرفا، وأن يكون العرف مع الشك في أن بالفسخ يمكن التملك أم ال حاكمابالبطالن.

وبعبارة أخرى يتوقف االستدالل على أمرين:األول: أن يكون نظر العرف متبعا في تعيين المصداق.

الثاني: أن يكون حاكما بأن ما لم يعلم كون الفسخ سببا للتملك أن يكونالتملك باطال.

(١٢)

Page 14: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وكالهما ممنوعان، أما األول: فألن نظرهم متبع في تعيين المفاهيمال المصاديق، إال أن يكون تعيين المصداق راجعا إلى تعيين المفهوم.

وأما الثاني: فلعدم حكمهم في مورد الشك في كون شئ سببا مملكا بعدمكونه مملكا وباطال، لشكهم في السبب فكيف يحكمون بعدم المسبب.ونظير هذا التقريب لالستدالل استدالل المصنف في أول باب البيع بأدلة

العقود في مورد الشك في األسباب، مع إقراره بأن األسماء وعناوين العقود -كالبيع، والصلح، والهبة - إنما هي موضوعة للمسببات دون األسباب، فقال: وأما

وجه تمسك العلماء بإطالق أدلة البيع ونحوه، فألن الخطابات لما وردت على طبقالعرف حمل لفظ البيع وشبهه في الخطابات الشرعية على ما هو الصحيح المؤثر

عند العرف... إلى آخره.ونحن قد استوفينا الكالم في هذا المرام وقلنا: إنه لو كان باب العقود وآثارهامن قبيل األسباب والمسببات ال باب اإليجاديات باآللة لما كان وجه للتمسكبإطالق ما يرجع إلى إمضاء المسببات لرفع الشك في تأثير سبب من األسباب،

ألن كال منهما يحتاج إلى إمضاء على حده، وال يرجع إمضاء تبديل المال بالمالإلى إمضاء ما كان القبول فيه مقدما على اإليجاب لعده العرف سببا. فراجع واغتنم.

وبالجملة ال يفيد التمسك بعقد المستثنى وال المستثنى منه بوصف االنفراد.نعم، مجموع العقدين يفيد المطلوب وذلك، ألن المستثنى هنا مستثنى منقطع، فإن

التجارة عن تراض ليس من الباطل ومحكوما بخالفه، بل خارج عنه موضوعاوحكما. وإخراجه عنه موضوعا ليس كخروج الحمار عن القوم تكوينا، بل نفس

الدليل هنا ناظر إلى خروجه. فمفاد العقدين أن كل تملك ما عدا التجارة عنتراض هو داخل في أكل المال بالباطل، فأخذ المال من المنتقل إليه والتملك عنه

بدون رضاه - أي التملك بالفسخ - هو التملك بالباطل.قوله (قدس سره): (ومما ذكرنا يظهر وجه االستدالل بقوله (عليه السالم) ال يحل....

إلى آخره).ال يخفى أن تقريب االستدالل به كتقريبه في اآلية المتقدمة بالنسبة إلى

(١٣)

Page 15: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

مجموع العقدين وذلك، ألن كون المستثنى مفرغا ال يصح إال فيما كان المستثنىمنه المقدر عاما فعدم حلية جميع أنحاء التقلبات من األكل االزدرادي والتملكي

إال مع طيب نفس المالك ال يصح إال أن ال يؤثر الفسخ.نعم، هذا الحكم كالحكم المستفاد من اآلية المتقدمة قابل للتخصيص بأدلة

الخيار وغيرها، فما لم يعلم التخصيص بالفسخ ونحوه يكون العام متبعا.وبالجملة ال يمكن منع اإلطالق أو العموم بالنسبة إلى " أوفوا بالعقود " " وال

تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إال أن تكون تجارة عن تراض " والخبر الشريف " اليحل " لداللتها على أن الفسخ ال يؤثر. وليس التمسك بها من قبيل التمسك بالعامأو المطلق فيما ال يعلم االنطباق عليه، وذلك لما عرفت أن الفسخ ال يرجع إلى ما

تعلق به الوفاء في اآلية األولى. وليس أيضا تجارة عن تراض، ألن الملك قبلالفسخ داخل في ملك من أنتقل إليه، فالتملك عنه به والتكسب به تكسب ال عن

تراض. وليس أيضا بطيب نفس المالك فال يحل التملك به. فعلى هذا ال وجهلإليراد على جميع األدلة بنهج واحد.

قوله (قدس سره): (ومنها قوله الناس مسلطون.... إلى آخره).ال إشكال في أن السلطنة التامة على األموال تقتضي أمرين:

األول: عدم قصر سلطنة المالك على ماله بأن ال يقدر على البيع والصلحوأمثالهما، كما إذا كان ماله مرهونا أو كان هو مفلسا أو سفيها.

الثاني: عدم تسلط غيره على إخراج ماله عن ملكه، كما إذا كان لغيره حقالخيار أو دين يحكم الحاكم بجواز المقاصة منه. فإذا اقتضى السلطنة عدم تسلطالغير إال لحق أو حكم فيقتضي عدم تأثير الفسخ من غيره بال حق، ولذا ال يجوزللمقرض إرجاع العين من ملك المقترض، لمنافاته للسلطنة التامة للمقترض على

ماله. فعلى هذا لو قلنا بأن ملك الفسخ واإلقرار متعلق بالعين فمع الشك فيه يصحالتمسك بإطالق " الناس مسلطون " على عدم تأثير الفسخ، ألن الفسخ ينافي عدم

تسلط غير المالك على مال المالك.

(١٤)

Page 16: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما لو قلنا بأن الفسخ يتعلق بالعقد، بمعنى أن الخيار يبطل التبديل الواقع منالعاقدين من دون إرجاعه العين ورجوع العين إنما هو أمر قهري يحصل بحلالعقد، ففي مورد الشك ال يمكن التمسك باإلطالق، ألن الفسخ ال يرجع إلى

تصرف غير مالك العين فيها.وبالجملة لو قلنا بأن الخيار متعلق بالعين فالزمه أن من عليه الخيار ال يتمكن

من التصرف فيها، لمنافاته لتعلق حق الغير بها، والزمه أيضا عدم نفوذ الفسخ ممنلم يعلم ثبوت الخيار له.

وأما لو قلنا بأنه متعلق بالعقد فالزمه جواز تصرف من عليه الخيار، وعدمصحة التمسك بإطالق " الناس مسلطون ".

قوله (قدس سره): (ومنها األخبار المستفيضة.... إلى آخره).ال يخفى أن المناقشة في هذه األدلة، بأن داللتها على وجوب البيع وأنه ال

خيار لهما بعد الرضاء إنما هو بلحاظ ما يقتضيه نفس البيع، ال لألمور العارضةأحيانا من غبن وعيب، وألجل هذا ال يكون أدلة سائر الخيارات مخصصة لها كمافي حاشية المحقق الخراساني (قدس سره) (١)، غير صحيحة، فإن نفس أدلة سائر

الخياراتتدل على التخصيص، وأن وجوب البيع الحاصل باالفتراق - مثال - إنما هو في غيرالحيوان، كصحيحة الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: قلت له ما

الشرطفي الحيوان؟ قال: ثالثة أيام للمشتري. قلت: وما الشرط في غير الحيوان؟ قال

البيعان بالخيار ما لم يفترقا، فإذا افترقا فال خيار بعد الرضا (٢).وهكذا الصحيحة المحكية عن قرب اإلسناد (٣).

وبالجملة: فالمناقشة في األدلة من دأب المصنفين، وهم بصدد بيان االحتمالولو كان على خالف الظاهر لتوسعة أذهان المحصلين، وإال فداللة هذه األخبار

--------------------(١) حاشية المحقق الخراساني: ١٤٩.

(٢) الوسائل ١٢: ٣٤٩، الباب ٣ من أبواب الخيار ح ٥ وأورد ذيله في الباب ١ من أبوابالخيار ص ٣٤٦ ح ٣.(٣) قرب اإلسناد: ٧٨.

(١٥)

Page 17: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

على اللزوم في خصوص البيع مما ال تنكر. كما أن داللة غير آية " أوفوا بالعقود "على أصالة اللزوم في العقود المعاوضية كذلك، وداللة " أوفوا " على أصالة اللزوم

في مطلق العقود ولو كان العهد الذي بين الله تعالى وعباده أيضا كذلك.قوله (قدس سره): (وقد عرفت أن ذلك مقتضى االستصحاب أيضا.... إلى آخره).

ال يخفى أن العقود على ثالثة أقسام:األول: العقود اإلذنية - كالعارية والوديعة والوكالة والمضاربة التي قوامها

باإلذن من المالك التي يكفي فيها كل لفظ أو فعل كاشف عن الرضا منه - والإشكال في أن مقتضاها أن مع فسخ المالك ينتفي رضاه بالتصرف فيرتفع ما هو

قوامها، فال يجري فيها االستصحاب، بل في الحقيقة هذه األقسام خارجة من بابالعقود بالتخصص، وإنما تسمى عقدا العتبار رضا الطرفين، وإال فهي ليست إال

تسليطا على التصرف.نعم لو اشترط عدم الفسخ في ضمن عقد آخر فهي تابعة لذلك العقد.

وأما لو اشترط عدمه في نفس هذا العقد، كما لو وكله وشرط عدم عزلهفال يفيد هذا الشرط، ألن كل ما بالغير ال بد أن ينتهي إلى ما بالذات، ونفس الوكالة

لو كانت جائزة فالشرط في ضمنها مثلها.والثاني: العقود التنجيزية كالبيع والصلح وأمثالهما، وال إشكال أن مقتضى

االستصحاب بقاء أثر ما أنشئ بالعقد فينتج نتيجة اللزوم. والمناقشة فيه بمعارضتهباستصحاب بقاء عالقة المالك األول - المقتضي لتأثير فسخه في استرجاع المال

إلى ملكه، وحكومته على استصحاب ما ينتج اللزوم، ألن الشك في اللزوموالجواز ناش عن الشك في بقاء عالقة المالك األول - ممنوعة جدا، ألن عالقة

المالك إن أريد بها العالقة التي بها يقدر على فسخ العقد وحله بناء على أن الخيارراجع إلى ذلك ففيه عدم تحقق المستصحب قبل العقد، وعدم تيقنه، بل نقطع بعدمه،

ألنه قبل البيع ال عقد حتى يمكن لبائعه - مثال - حله وأما حين البيع فيتحقق هذاالحق له أول الكالم.

(١٦)

Page 18: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وإن أريد بها عالقة بها يقدر على إرجاع العين في ملكه فهي مستحيلةاالجتماع مع الملك، أي قبل البيع ليست هذه العالقة له، ألن كون اإلنسان مالكاإلرجاع العين التي في ملكه إلى ملكه ليس له معنى محصل. فقبل البيع نقطع بعدمالمستصحب أيضا، وأما بعده فإنه وإن أمكن ثبوت هذا الحق - أي إرجاع العين

إلى ملكه بجعل شرعي أو مالكي له - إال أن المفروض أن الشك فيه واألصل عدمحدوثه.

وإن أريد بها العالقة التي كانت في مجلس البيع ففيه: أن الشك في بقائها بعدالتفرق، حيث إنه إما الحتمال ثبوت خيار آخر له مع خيار المجلس، وإما لتبدلهذا الخيار إلى خيار آخر، فهو من االستصحاب المقارني أو التبدلي من القسم

الثالث الذي ال نقول بجريانه، إال أن يكون نحو وجود المستصحب وجودا تبدليا -كالحركة - وذلك ألن الحصة التي كانت في المجلس مقطوع االرتفاع، والحصة

األخرى مشكوك الحدث من أول األمر. ونفس مفهوم الكلي ال وجود له إال فيضمن أحد الفردين، وليس من قبيل القسم الثاني.

وبالجملة: مع عموم األخبار بأن مع االفتراق ينقطع الخيار ال معنىالستصحاب بقاء خيار المجلس، والخيار اآلخر مشكوك الحدوث.

ثم من هذا البيان ظهر أنه يمكن أن يكون وجه التأمل في قوله " فتأمل " هذاالذي ذكرنا، يعني أن التمسك باألخبار إنما هو لبيان ارتفاع خيار المجلس، الإلثبات اللزوم باألخبار حتى يقال: إن الكالم في استصحاب اللزوم إنما هو مع

اإلغماض عن العموم، إذ مع فرض وجوده ال وجه للتمسك باستصحاب الملكية.وبالجملة: التمسك باألخبار إنما هو لبيان أن عالقة المالك الحاصلة له في

المجلس ارتفعت بالتفرق عنه، فيبقى استصحاب ما ينتج اللزوم سليما عن الحاكم.قوله (قدس سره): (نعم هو حسن في خصوص المسابقة.... إلى آخره).

هذا هو القسم الثالث من العقود، وهي العقود التعليقية - كالمسابقة، والمراماة،والمساقاة، والجعالة وأمثالها - وال إشكال في جريان االستصحاب في هذه العقود

(١٧)

Page 19: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

أيضا، ألنها وإن لم تتضمن تمليكا أو تسليطا فعال إال أنها بعد حصول المعلق عليهفيها يحصل الملكية. فإنشاء التمليك على تقدير السبق مقتض الختصاص السبقبالسابق، فإذا شك في ارتفاع هذا األثر عن العقد لفسخ أحد المتعاقدين فاألصلبقاؤه بل المسلم من حجية االستصحاب التعليقي هذا القسم منه وما يشبهه من

استصحاب عدم النسخ.وبالجملة: التكليف المنشأ على الموضوع المقدر وجوده - كالحج على

المستطيع - لو شك في ارتفاعه عن موضوعه فاألصل بقاؤه، كما أن الملكيةالمنشأة على تقدير - كالرمي والسبق - لو شك في ارتفاعها بالفسخ فاألصل بقاؤه.

والعجب من المصنف (قدس سره) أنه مع تحقق أحد جزئي موضوع الحكم -كالعصير

العنبي - كيف أجرى االستصحاب حكمه مع عدم تحقق جزئه اآلخر.وفي المقام مع أنه إنشاء تكليف أو وضع على موضوع مقدر وجوده لم يجر

فيه االستصحاب، مع أن حقيقة المالزمة بين تحقق الموضوع والحكم ثابتة فيالمقام، فهي قابلة لالستصحاب ال مثل حكم العصير العنبي. وقد استوفينا الكالم

فيه في االستصحاب التعليقي.قوله (قدس سره): (بل يرجع في أثر كل عقد إلى ما يقتضيه األصل.... إلى آخره).

ال يخفى أن منشأ الشك في اللزوم والجواز تارة لشبهة حكمية، وأخرى لشبهةخارجية فإن كان لألول فحيث إنه ال أصل يثبت السبب فيجري األصل في

المسبب، ويقال: األصل بقاء أثر العقد ملكا كان - كالبيع - أو حقا، كالرهن. ولوكان للثاني فقد يكون هنا أصل موضوعي يثبت اللزوم والجواز، وقد ال يكون.فاألول كما إذا علم بأن العقد الصادر بيع وشك في جعل الخيار، فاألصل عدم

جعله فيثبت اللزوم، أو علم بأن الصادر هبة وشك في جعل الثواب أو قصد القربة.فاألصل عدمها، فيثبت الجواز.

والثاني كما لو اشتبه العقد الصادر بين البيع والهبة، أو اإلجارة والعارية،أو القرض والوديعة.

(١٨)

Page 20: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ثم االشتباه تارة مع بقاء العين، وأخرى مع فساده. وعلى التقادير فقد يكوناالشتباه في مورد الترافع - كما لو كان النزاع بين المتعاقدين - وأخرى في غير

مورده، كما لو كان بين وارثهما، أو بين أحدهما ووارث اآلخر، بمعنى أن يدعيأحدهما عدم العلم.

فلو كان العقد صحيحا وكان االشتباه في مورد الترافع - أي كان أحدالمتعاقدين - وهو من أنتقل عنه العين يدعي الهبة، واآلخر البيع، والعين باقية فييد من ادعى البيع، فلو قلنا بالتحالف فيرجع العين إلى مالكه األصلي. ولو لم نقل

وفسخ مدعي الهبة فحيث إنه يشك في تأثير الفسخ فمقتضى األصل بقاء أثر العقد،إال أنه يعلم إجماال إما بخروج العين عن ملك من انتقلت إليه، وإما بثبوت العوض

عليه.وحيث إن مدعي الهبة يدعي عدم استحقاقه العوض فيجب الصلح بينهما.

ولو كان النزاع بالعكس أي المالك األصلي يدعي البيع واآلخر الهبة - أي كاننزاعهما في ثبوت اشتغال ذمة من أنتقل إليه العين بالعوض وعدمه مع اعتراف

المالك األصلي بعدم استحقاقه الفسخ - فاألصل براءة ذمة مدعي الهبة عن العوض.ولو كان االشتباه في غير مورد الترافع - أي ال يدعي أحدهما أو كالهما العلم

بالواقع - فمقتضى استصحاب أثر العقد هو اللزوم. ومقتضى أصالة البراءة هو عدماشتغال ذمة من بيده العين عن العوض، إال أنه يعلم إجماال بأنه لو فسخ طرفه فإمايجب عليه رد العين أو العوض، فال يفيده أصل البراءة ويجب الصلح بينهما، ألنالطرف أيضا يعلم بعدم استحقاقه إما العين وإما العوض. ولو لم يكن العين باقية

في هاتين الصورتين، ففي الصورة األولى لو ادعى المالك األصلي البيع حتىيستحق العوض فاألصل براءة ذمة من تلف عنده العين، ولو ادعى الهبة وثبتالفسخ في حال بقاء العين وادعى مماطلة اآلخر في رد العين فالحكم كما في

مورد بقاء العين، إال أن هنا يعلم تفصيال ببقاء العوض في ذمة من تلف عنده العين،أما المسمى على ما ادعاه من البيع، وأما المثل أو القيمة لعدم رده عين مال الغير

مع تسليمه المماطلة.

(١٩)

Page 21: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وفي الصورة الثانية األصل براءة ذمته عن العوض إال أن يقال في جميعاألقسام إن مقتضى أصالة االحترام في األموال أن مدعي براءة الذمة يجب أن

يثبت مدعاه، وإال نفس المال بطبعه يقتضي أن ال يخرج عن ملك مالكه بال عوض.وال يبعد أن يكون منشأ اختيار المشهور الضمان في مورد اشتباه العقد الصحيح

- بين القرض والوديعة وبين اإلجارة والعارية بالنسبة إلى المنافع وبين البيعوالهبة - هو أصالة االحترام فتدبر.

هذا، مع أنه دل نص خاص على الضمان في مثل هذه الموارد، وهو ما عن أبيالحسن (عليه السالم): عن رجل استودع رجال ألف درهم فضاعت، فقال الرجل:

كانتعندي وديعة، وقال اآلخر: إنما كانت لي عليك قرضا، فقال (عليه السالم): المال الزم

له إالأن يقيم البينة إنها كانت وديعة (١).

وأما لو كان العقد فاسدا ففي صورة بقاء العين يجب ردها إلى مالكها أو إلىورثته وفي صورة التلف يجب رد عوضها إلى مالكها أو ورثته، ألن موجب

الضمان - وهو اليد - قد تحقق ورافعه وهو إقدام المالك على المجانية غير معلوم،فيستصحب ويحكم بالضمان، ألن الموضوع للضمان وهو المركب من اليد وعدم

تحقق رافعه محرز بالوجدان واألصل. وليس إقدام المالك على المجانية من مفادكان الناقصة لليد حتى يقال: إن عدم إقدامه من مفاد ليس الناقصة، فليس له حالة

سابقة، ألنه لم تتحقق في زمان يد تتصف بعدم إقدام صاحبها على المجانية، وذلكألن رافع الضمان ليس من نعت اليد، بل هو من صفات ذي اليد. كما هو الشأن في

كل عرض بالنسبة إلى محله، وأما بالنسبة إلى عرض آخر أو جوهر فهما متباينان.ولذا يكفي في تحققه تحققه قبل تسليط المالك على ماله أو بعده كما يكفي تحققه

معه، فإذا تحقق يد في األمس وإقدام على المجانية في اليوم يكفي لرفع الضمان.وعلى هذا ففي مورد الشك في اإلقدام على المجانية يحرز عدمه بالعدم

المحمولي.--------------------

(١) الوسائل ١٣: ٢٣٢، الباب ٧ من أبواب الوديعة ح ١.

(٢٠)

Page 22: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ثم ال يخفى أنه بناء على ما ذكرنا في تحقيق قاعدة ما يضمن وما ال يضمن:من أن اإلقدام على الضمان ليس دليال مستقال للضمان، ظهر ما في كالم المصنف

في قوله (قدس سره): (وإن كان المستند دخوله في ضمان العين.... إلى آخره) كماأنه ال

يخفى ما في قوله: (أو قلنا بأن خروج الهبة من ذلك العموم مانع عن الرجوع إليه)ألن الهبة خارجة عن عموم أوفوا بالعقود ومثله، ال عن عموم على اليد ما أخذت،

ألن عمومه غير ناظر إلى العقود.ثم إنه ال إشكال في أن الرجوع في أثر كل عقد إلى ما يقتضيه األصل بالنسبة،

إنما يتم فيما لو كان العقد المختلف فيه له أثر غير أثر ما يدعيه اآلخر من العوضونحوه.

وأما لو كان المالك األصلي يدعي الهبة واآلخر الصلح المجاني وقلنا بأنالصلح عقد الزم مستقل، فمقتضى استصحاب اللزوم عدم تأثير فسخ مدعي الهبة.

* * *[خيار المجلس]

قوله (قدس سره): (واألولى أن يقال: إن الوكيل إن كان وكيال في مجرد إجراء العقدفالظاهر عدم ثبوت الخيار لهما.... إلى آخره).

ال يخفى أن الوجوه التي ذكرها المصنف (رحمه الله) تبعا للمحققين تامة ال إشكالفيها، أما االنصراف فمنشؤه أن الوكيل في إجراء الصيغة بمنزلة اآللة وكأنه لسان

الموكل، فنسبة البيع إليه في الحقيقة نسبة مجازية، وذلك ألنه وإن كان مختارا فيإنشاء عنوان البيع إال أن مبادئ اختيار اسم المصدر غير قائم به.

وأما كون مفاد أدلة الخيار عدم ثبوته لمجري الصيغة، فوجهه ما يستفاد منمناسبة الحكم والموضوع من أن المحمول الذي رتب على البيع هو المحمول في

الرتبة الثانية من الحمل.وتوضيح ذلك أن محموالت الموضوعات مختلفة بعد اتفاقها في تجرد عقد

(٢١)

Page 23: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وضع موضوعاتها عنها، فمثل حمل " الموجود " على ماهية يكون الموضوع فيهالماهية المعراة عن الوجود والعدم، ومثل حمل " كاتب " على زيد الموضوع فيه

ما يكون مفروغ الموجودية، ومثل حمل " تحرك األصابع " عليه الموضوع هوالموجود الكاتب. وبهذه المناسبة يختلف الموضوع في باب االستصحاب، لفرقالعرف بين موارده. فال بد أن يالحظ أن العناوين المأخوذة في الموضوعات هلهي من قبيل العلل كالتغير لعروض النجاسة على الماء، أو من قبيل الوسائط في

العروض؟ أي الموضوع هذا المعنون بالعنوان، كالمجتهد الذي هو موضوع لجوازالتقليد، وتمييز هذين األمرين بنظر العرف، ولذا بعد زوال التغير يقولون بأن

الموضوع باق بخالف زوال االجتهاد.ففي المقام، الذي أخذ موضوعا للخيار أخذ بعد مفروغية مالكيته اللتزام

الطرف المقابل، أي بعد كونه قادرا على اإلقالة ورد التزام طرف المقابل قادر علىإعمال التزام نفسه بإبقائه أو إعدامه.

وبعبارة واضحة مفاد أدلة الخيار إثبات حق وسلطنة لكل من المتعاقدين فينقض ما التزم به وإبرامه بعد الفراغ عن سلطنته على اإلقالة ورد ما التزم اآلخر به،

وال شبهة أن مجرى الصيغة ال يملك التزام اآلخر وليس له اإلقالة، حتى يثبت لهبأدلة الخيار ملك كال االلتزامين.

ويجب أن يحمل مراد المصنف من المنتقل عنه وإليه على االلتزام ال العينحتى يقال: إن حق الخيار ال تعلق له بما انتقل عنه، أو على ما سيجئ توضيحه.

وأما الدليل الثالث: أي اتحاد السياق فأمره أظهر من أن يخفى على أحد، فإنقوله (عليه السالم) في صحيحة محمد بن مسلم: المتبايعان بالخيار ثالثة أيام في

الحيوان،وفيما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا (١). يدل على أن من له الخيار في الحيوانومن له خيار المجلس واحد. وخيار الحيوان ال يمكن االلتزام بثبوته للوكيل فياجراء الصيغة فكذلك خيار المجلس. واألخبار المطلقة كقوله: البيعان بالخيار

--------------------(١) الوسائل ١٢: ٣٤٥، الباب ١ من أبواب الخيار ح ١.

(٢٢)

Page 24: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

حتى يفترقا (١) متحد في الموضوع مع األخبار المقرونة بخيار الحيوان، ال من بابحمل المطلق على المقيد، فإنه ال يجري في األحكام االنحاللية كقوله: " أكرم

العالم وأكرم زيدا " بل من باب أنه ال إطالق في األسماء المطلقة، فإن الموضوعفيها من كان له خيار الحيوان في بيع الحيوان.

وأما الدليل الرابع: وهو أن حكمة جعل الخيار إرفاق للمالك ليتروى فيختارما هو األصلح له، فهو وإن كان دليال اعتباريا وال يقتضي الحكمة االطراد في كل

مورد، إال أنه نعلم بأن جعل هذا الخيار شرعا لمن ليس له اختيار البيع بال موجب.وال ينتقض بجعل المتعاقدين الخيار لثالث، فإنه كمال السلطنة لهما في ذلك، وحق

جعلي مالكي منهما له.ثم إن هذه الوجوه الثالثة األخيرة إنما هو بعد الغض عن الوجه األول، وأما

بلحاظه فال نحتاج إلى تطويل وذلك لما عرفت من أن عقد الوضع - وهو البيع - اليصدق على مجرى الصيغة، ألن مبادئ اختيار البيع ليس بيده.

نعم يفيد هذه الوجوه إلثبات عدم ثبوت الخيار للوكيل الذي تنتهي وكالتهبإجراء عقد البيع وإن لم يكن كمجري الصيغة بل كان مستقال في التصرف في

الشراء أو البيع.وحاصل الكالم أن الوكالء على أقسام ثالثة:

األول: الوكيل المفوض المستقل في التصرف على أي نحو شاء، كالعامل فيالقراض، وأولياء القاصرين.

والثاني: الوكيل في إجراء الصيغة فقط.والثالث: المتوسط بينهما، بأن كان وكيال مستقال في المعاوضة إال أن نفس

دليل وكالته ال يشمل فسخ المعاوضة بعد تحققها. ولو أذن له الموكل في الفسخ بعدالعقد أيضا فهو وكالة مستقلة، فتنقطع وكالته األولى بعد المعاوضة وإن كان مستقال

ومختارا في الشراء مثال بأي مقدار من الثمن ومن أي بائع.--------------------

(١) الوسائل ١٢: ٣٤٥، الباب ١ من أبواب الخيار ح ١ و ٢.

(٢٣)

Page 25: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فالقسم األول له الخيار لعموم النص، ألنه بيع حقيقة بل جميع الوجوه الدالةعلى ثبوت الخيار للمالك لو كان بنفسه عاقدا تجري في حقه أيضا. والقسم الثاني

ظهر حاله.والثالث كالثاني وإن صدق عليه عقد الوضع، إال أن عقد الحمل وهو قوله (عليه

السالم)" بالخيار " ال يشمله، لما عرفت من أن الخيار سلطنة ثابتة بأدلته للعاقد بعد الفراغ

عن سلطنته على التزام الطرف المقابل، والوكيل الذي تنتهي وكالته ليس مالكااللتزام الطرف المقابل، ألنه ليس له اإلقالة وال الفسخ بغير خيار المجلس من

سائر الخيارات حتى يثبت له خيار المجلس بأدلته، بل هو بعد المعاوضة أجنبيصرف.

وبتقرير آخر أدلة الخيارات مخصصة لعموم " أوفوا بالعقود " فكل من يجبعليه الوفاء بالعقد مختار في الفسخ بدليل الخيار، وهو ليس إال من كان مسلطا

على ما انتقل إليه. فالتسلط على ما انتقل إليه مالزم لثبوت الخيار. ولو كان الخيارراجعا إلى العقد ال العين فمن ليس مسلطا على ما انتقل إليه ليس وجوب الوفاء

موجها عليه، ومن ال يجب عليه الوفاء لوال الخيار ليس له الخيار. فعلى هذا لقدأجاد المصنف (قدس سره) في تعبيره بأن مفاد أدلة الخيار إثبات حق وسلطنة لكل من

المتعاقدين على ما انتقل إلى اآلخر بعد الفراغ عن تسلطه على ما انتقل إليه.وهكذا الوجهان األخيران ال يجريان في حق هذا الوكيل أيضا، فإن خيار

الحيوان المقرون في األدلة مع خيار المجلس ليس له، ألنه أجنبي عن الحيوانحتى ينظر ويتروى. وهكذا اإلرفاق للمالك وإن كان حكمة إال أن الحكمة ال

يجب أن يطرد في مورد الحكم المعلل بها ال في غير مورده، مثال اختالط المياهالذي حكمة لجعل العدة ال يجب أن يطرد إال أنه في مورد ذات العدة ال في البائنالذي ليس موردا لجعل العدة. فالمقام وإن كان جعل الخيار حكمة وإرفاقا للمالكإال أنه جعل له، فهو الذي له الخيار، ولو لم يكن في مورد خاص جعله له إرفاقا له

ولم يجعل لغير المالك فال وجه لثبوته له.

(٢٤)

Page 26: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره): (وعلى المختار فهل يثبت للموكلين فيه إشكال.... إلى آخره).بعد ما ظهر أن الخيار ثابت للوكيل المطلق المفوض إليه أمر المعاملة بيعا

وشراء فسخا وإمضاء دون غيره، فهل يثبت للموكلين مطلقا أو ال يثبت لهما مطلقاأو تفصيل بين الموكلين في إجراء الصيغة فلهما ذلك وغيرهما من القسمين

اآلخرين فليس لهما؟ وجوه: أقواها ثبوته لهما مطلقا. أما لو كان وكيلهما وكيال فيإجراء الصيغة فقط، ألن البيع في الحقيقة نفس الموكلين والوكيالن بمنزلة لسانهما

ويصدق في حقهما حقيقة إنهما باعا واشتريا.وأما لو كان وكيلهما وكيال في المعاوضة الخاصة أو مطلقا، فلصحة انتساب

البيع إلى نفس الموكلين أيضا، كما يصح انتساب الفعل إلى المباشر والسبب في كلفعل.

ولذا ورد تارة * (الله يتوفى األنفس حين موتها) * (١).وأخرى * (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم) * (٢).

وثالثة * (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا المالئكة) * (٣) فنسب الفعل تارة إلىالله تعالى.

وأخرى إلى عزرائيل (عليه السالم).وثالثة إلى أعوانه من المالئكة سالم الله عليهم.

نعم قد يناقش فيما ذكرنا بوجوه:األول: أنه وإن صح استناد الفعل إلى السبب والمباشر إال أنه في استعمال

واحد ال بد أن يراد أحدهما، فالمراد من قوله (عليه السالم) " البيعان " إما الموكالن أوالوكيالن، والمفروض ثبوته للوكيل المفوض، فال يمكن ثبوته للموكل أيضا.الثاني: أنهم ذكروا أنه لو حلف المالك على عدم البيع لم يحنث ببيع وكيله

فمنه يظهر أن بيع الوكيل ليس بيعا له.--------------------

(١) الزمر: ٤٢.(٢) السجدة: ١١.(٣) األنفال: ٥٠.

(٢٥)

Page 27: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الثالث: أنه ال شبهة في تأثير فسخ الوكيل المفوض وإمضائه، فكيف! يؤثرفسخ المالك وإمضائه مع أن الملك الواحد والحق كذلك ال يمكن ثبوته لمالك

متعددة وذوي حقوق مختلفة.ولكنه بأجمعها فاسدة:

أما األول: فألن إرادة معنى واحد في استعمال واحد إنما يلزم لو كان اللفظمختصا بأحد من اآلمر والمأمور أو السبب والمباشر كاآليات الشريفة، فكما

ال يمكن أن يراد من ملك الموت هو الله تعالى، فكذلك ال بد أن يراد من يتوفاكمفي هذه اآلية الفعل بالمباشرة.

وأما لو كان اللفظ من قبيل البيع أو المميت - مثال - فال يجب أن يراد منه أحدمن المباشر والسبب، إلمكان إرادتهما منه ولو على نحو عموم المجاز.

وبالجملة: يراد من البيع معنى عاما له مصاديق مختلفة في كيفية صدور الفعلمنهم على نحو التسبيب والمباشرة.

وأما الثاني: فعدم حنث المالك ببيع وكيله - مضافا إلى اختصاصه بغير موردالوكيل في إجراء الصيغة لحنثه ببيعه - إن عدم الحنث إنما هو العتبار االلتفات

واالختيار في متعلق النذر.وأما البيع فلم يعتبر االختيار وال االلتفات فيه، فيصدق في حق الموكل أنه

بائع وإن لم يلتفت إلى بيع وكيله (١).وأما الثالث ففيه: أن تعدد المالك في ملك واحد في آن واحد إنما يمتنع

لو كان كل مالك في عرض اآلخر.--------------------(١) ال يخفى ما في هذين الجوابين.

أما الثاني: فألن صدق البائع عليه إنما هو بلحاظ خروج العين عن ملكه، فيقال: فالن باعداره، أي انتقلت داره إلى الغير، وأما بلحاظ تصديه له وصدور البيع عنه فال يصدق عليه

البائع ما لم يصدر عنه باالختيار وااللتفات.وأما األول: فألن هذا الباب خارج عن باب التسبيب، ألن باب السبب هو الذي لم يكن بينه

وبين األثر المترتب عليه واسطة ومريد صدر عنه الفعل باالختيار. (منه مد ظله).

(٢٦)

Page 28: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما في المقام فملك الوكيل في طول ملك المالك ومن شؤون ملكه، ومنباب أنه هو الوكيل والوكيل هو الموكل.

هذا مضافا إلى أن حكمة جعل الخيار تقتضي ثبوته للموكل أيضا.وبالجملة: إذا كان الموكالن حاضرين في المجلس فاألقوى ثبوته لهما وإن

لم يجتمعا للبيع ولم يعلما به.أما اعتبار حضورهما فلظاهر قوله " ما لم يفترقا " أما عدم اعتبار اجتماعهما

للبيع والتفاتهما به فإلطالق الدليل وعدم اعتبار شئ سوى االجتماع.ثم بناء على ثبوت الخيار للموكلين والوكيلين طوليا فكل من سبق من الوكيل

أو الموكل على إعمال الخيار نفذ وذهب موضوع حق اآلخر، وذلك ظاهر كمايظهر توضيحه في خيار الشرط المجعول لألجنبي.

قوله (قدس سره): (ثم على المختار من ثبوته للموكلين فهل العبرة فيه بتفرقهما عنمجلسهما حال العقد أو عن مجلس العقد أو بتفرق المتعاقدين أو بتفرق الكل فيكفي

بقاء أصيل مع وكيل آخر في مجلس العقد؟ وجوه: أقواها األخير.... إلى آخره).ال يخفى أن كفاية بقاء أصيل مع وكيل آخر في مجلس العقد مع اعتباره (قدس سره)

حضور الموكلين في المجلس متنافيان، وذلك ألنه لو لم يعتبر استدامة الحضورممن له الخيار لم يعتبر في االبتداء أيضا، ألن استفادة االجتماع في المجلس إنما

هو من قوله (عليه السالم): " ما لم يفترقا " فلو صدق عدم تفرق الموكل ببقاء وكيلهفي

المجلس صدق اجتماعه أيضا ابتداء وإن لم يكن نفس الموكل حاضرا فيالمجلس رأسا، ألن عدم صدق تفرقه ليس إال أن الوكيل هو الموكل تنزيال، فإذا

كان كذلك فال يعتبر حضوره أصال. فاألولى أن يقال: لو كان الموكالن حاضرينفي المجلس ولو لم يجتمعا للبيع فيثبت الخيار لهما مطلقا.

وأما لو لم يحضرا، فلو كان الوكيالن وكيلين في إجراء الصيغة فقط أو فيخصوص معاملة خاصة، بحيث تنتهي وكالتهما بالعقد، فال خيار أصال ال للموكلين

وال للوكيلين.

(٢٧)

Page 29: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

أما للوكيلين فلما ظهر سابقا.وأما للموكلين فلعدم حضورهما. وحضور الوكيلين ال يفيد الجتماع البيعين

اللذين هما الموكالن حقيقة، فإن بعد انقطاع الوكالة ليس اجتماع ألحد أصال.وال بد في إعمال الخيار من اجتماع من له الخيار، فال يفيد حضور الموكلين بعد

العقد قبل تفرق الوكيلين أيضا، ألن حال البيع ال اجتماع، وحال االجتماع ال خيار.وبعبارة أخرى، يظهر من قوله (عليه السالم): " ما لم يفترقا " اعتبار اجتماع من لهالخيار من حين البيع إلى حين إعمال الخيار، فلو لم يحصل ال خيار. فعلى هذا لووكلهما الموكالن بالفسخ بعد العقد مع عدم حضور أنفسهما ال يصح، ألن نفسوكالتهما في إجراء الصيغة أو في المعاملة ال يثبت لهما حقا في الفسخ واإلمضاء.

وإذنهما في الفسخ واإلمضاء بعد عدم ثبوت الخيار ألنفسهما - لعدم حضورهما -ال يؤثر في ثبوت حق للوكيل، ألن ثبوت حق له إنما هو فرع ثبوته لموكله.وأما لو كان الوكيالن وكيلين مفوضين مستقلين فيكفي عدم تفرقهما لثبوتالخيار للموكلين ولو لم يجتمعا أصال، وذلك لما عرفت من أن الحق الثابتللوكيلين إنما هو ألنهما بدنا تنزيلين للموكلين، وألن البائع في الحقيقة هو

الموكلين ألن البيع كسائر المشتقات كقوله " باع فالن داره " موضوع لمن أنتقل عنهالمال، والمنتقل عنه المال هو المالك ال الوكيل. فليس للوكيل حق في عرض حقالموكل، وإنما حقه من شؤون حق المالك. ومن حيث إنه نازل منزلته، فإذا كان

المالك هو البيع وكان اجتماع الوكيل بمنزلة اجتماع المالك فال يعتبر حضورالمالك أصال.

وبالجملة: حيث إن الحق الثابت للوكيل إنما هو لكونه مالكا تنزيال، ولذانختار في المسألة اآلتية عدم انتقال حق الخيار الثابت له إلى وارثه، لكونه ذا حقمن حيث وكالته ال من حيث ذاته، فيكفي عدم تفرقه لثبوت حق للمالك ولو مع

عدم حضوره. وهذا مراد العالمة (قدس سره): من أنه لو مات الوكيل في المجلسوالموكل

غائب انتقل حق الخيار إليه، ألن ملكه أقوى، أي خيار الموكل باق وبموت الوكيل

(٢٨)

Page 30: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ال ينتقل إلى وارثه، ألن ملكه من شؤون ملك الموكل ومن تبعات وكالته، ولم يكنله حق في عرض حق الموكل حتى ينتقل إلى وارثه.

وبالجملة: لو كان حق الوكيل حقا مستقال وكان الخيار ثابتا له ولموكله بماهما شخصان - كثبوت حق الخيار للورثة على أحد األقوال فيه - لكان االنتقالإلى الوارث في محله، وكان المقام من تقديم الفاسخ على المجيز، والزمه عدم

ثبوت الخيار للموكل مع عدم حضوره، وسقوط حقه مع افتراقه.وأما لو كان حقه طوليا ومن باب أنه هو الموكل تنزيال فال وجه النتقاله إلى

وارثه، وال لثبوت حق الموكل بعد فسخ الوكيل أو إمضائه وال العتبار حضورالموكل أو سقوط حقه بتفرقه. بل لو قلنا باعتبار حضوره أيضا ال يسقط حقالخيار بتفرقه ما دام الوكيل باقيا، ألن التفرق ك " االنفصال " وسائر األفعال

الموجبة التي هي بمعنى النافية ال يصدق إال مع تفرق الجميع، وليس ك " اإليجاب "الذي يصدق بأول وجوده.

قوله (قدس سره): (ومما ذكرنا اتضح عدم ثبوت الخيار للفضوليين.... إلى آخره).ال إشكال في هذا أصال: ألنه وإن صدق " البيع " على الفضولي إال أن الوجوه

التي ذكرناها في عدم ثبوته لمجري الصيغة جارية هنا، بل بطريق أولى.إنما الكالم في ثبوته للمالكين لو كانا حاضرين في مجلس عقد الفضوليين

وأجازا في المجلس، وال يبعد ثبوته لهما، ألن باإلجازة ينتسب العقد إليهماوالمفروض حضورهما في المجلس، فيصدق عليهما البيعان الغير المفترقين.ولو لم يكونا حاضرين معا في المجلس فلو لم يجتمعا في مجلس اإلجازة

أيضا - بأن أجازا متفرقين - فال إشكال في عدم ثبوت الخيار لهما.وأما لو حضرا في مجلس اإلجازة فيظهر منه (قدس سره) أنه على النقل، ال سيما على

القول بأن اإلجازة عقد مستأنف. أن لثبوته لهما وجها.ولكن الحق عدم ثبوته لهما أيضا، ألن النقل أو الكشف ال مدخلية له في

صدق البيع المجتمع حال البيع عليهما، ألن االنتقال وإن حصل حال اإلجازة،

(٢٩)

Page 31: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

إال أنه لو احتمل خصوصية االجتماع حال العقد فال دافع لهذا االحتمال. وإطالق" البيعان بالخيار " ليس بصدد البيان من هذه الجهة.وأما القول بأن اإلجازة عقد مستأنف فمردود جدا.

ومما ذكرنا أوال يظهر ما إذا كان أحد المالكين مباشرا للعقد واآلخر مجيزاوجمع العقد من األصيل والفضولي مع اإلجازة مجلس واحد عرفا، فإنه ال يبعد

ثبوت الخيار هنا فقط، ألن حين اإلجازة يصدق عليهما البيع المجتمع.نعم، لو كان مجلس اإلجازة غير مجلس العقد فال خيار لهما وإن اجتمعا معا

حين اإلجازة، لعدم تأثير هذا االجتماع أصال لصيرورة العقد في بدو األمر عقدالألصيل واآلن للمالك فال وجه لثبوته.

قوله (قدس سره): (مسألة: لو كان العاقد واحدا لنفسه أو غيره.... إلى آخره).ال يخفى أن ثبوت الخيار للعاقد الواحد المتولي طرفي العقد يتوقف على أن

يكون قوله (عليه السالم) " ما لم يفترقا " أو " حتى يفترقا " بيانا للمسقط بحيث يكونقوله (عليه السالم) " البيعان بالخيار " كالما مستقال ال يرتبط بقوله (عليه السالم) " ما

لم يفترقا " أيكان مفاد الكالم أن الخيار للبيعين ما داما في المجلس وأما إذا افترقا فيسقط

حقهما، وأما لو كان ظاهرا في القيدية للموضوع - أي البيعان الغير المفترقين -يثبت لهما الخيار، فيختص الخيار بمورد يمكن فيه االجتماع واالفتراق. فلو فقد

هذا الوصف ابتداء، كما في المقام، أو طرأ ثانيا - كما إذا مات الوكيل المفوض فيالمجلس ولم نقل بانتقال حق الخيار إلى غيره ولم يكن المالك في المجلس - فالخيار أصال - والظاهر أن قوله (عليه السالم) " ما لم يفترقا " قيد للموضوع، فيعتبر

ثبوتهللبيعين اللذين من شأنهما االجتماع واالفتراق، وال أقل من الشك.

نعم، لو قيل بإجمال األدلة فمقتضى االستصحاب الفرق بين ما إذا طرأ فقدهذا العنوان، وما إذا فقد ابتداء، فيقال بثبوت خيار المجلس في األول وعدمقابليته للسقوط إال بمسقط آخر لعدم إمكان االفتراق، وعدم ثبوته في الثاني

للشك في ثبوته ابتداء.

(٣٠)

Page 32: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره): (منها: من ينعتق على أحد المتبايعين.... إلى آخره).ال يخفى أن صحة هذا العنوان بناء على المشهور - من عدم توقف الملك علىانقضاء الخيار - تتوقف على أن يكون البيع معاوضة حقيقية بأن ينتقل من ينعتق

إلى ملك من ينعتق عليه.وأما لو قيل بأنه استنقاذ محض - كاشتراء المسلم األسير من الكفار - فال

يشمله أدلة الخيار.ثم بناء على كونه بيعا، معناه دخول المبيع في ملك المشتري حقيقة وإن لم

يستقر على ملكه النعتاقه عليه قهرا. وهذا هو المقصود من الملك التقديري فيباب " أعتق عبدك عني " أي الملك الحقيقي الغير المستقر الثابت آنا ما، ال الملكالفرضي كأنياب األغوال. وعلى هذا ينزل التقديري في قول المصنف ال الفرضي.

والحاصل أنا إذا قلنا: إن الملك فيمن ينعتق عليه تقديري ال تحقيقي - ولكنعلى نحو البيع االستنقاذي، ال على نحو التقديري في باب أعتق عبدك عني، فإنهتحقيقي - فاألولى االستدالل لعدم ثبوت الخيار بما ذكرنا من أن أدلة الخيار ال

تشمله، فإنه ال يصدق على المتعاقدين البيعان وإن أنشئا الملكية، فإن اإلنشاءمقدمة لالنعتاق ال بما ذكره المصنف.

وحاصله: أن بيعه ممن ينعتق عليه إقدام على إتالفه فال خيار للبائع، وشراءالمشتري من ينعتق عليه إتالف له في الحقيقة فال خيار له، فإن مع قصور أدلة

الخيار ال تصل النوبة إلى هذا االستدالل.نعم، ما ذكره (قدس سره) أيضا متين جدا وال يختص بمورد العلم، وذلك ألن المعاملة

التي أوجدها المتبايعان إذا كانت سببا إلتالف المبيع ال يبقى موضوع لتعلق الخياربه وإن قلنا بتعلقه بالعقد ال بالعين، فإن التفصيل بين تعلقه بالعقد أو بالعين يؤثر فيما

لو استقر الملك ثم تلف، وأما لو كان نفس البيع سببا للتلف فال فرق بينهما، كما الفرق بين العلم والجهل لو كان البيع من باب إيجاد السبب.

نعم، لو قلنا بأن االنعتاق حكم شرعي مترتب على الملك فمجرد علم

(٣١)

Page 33: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

المتبايعين به ال يؤثر في سقوط الخيار، ألنهما لم يقدما إال على بيع العبد.واالنعتاق والخيار حكمان مجعوالن واردان على هذا الموضوع، فال وجه

لترجيح أحدهما على اآلخر بال مرجح.وعلى هذا، فيمكن أن يكون قوله " فتأمل " راجعا إلى عدم الفرق بين مورد

العلم والجهل في كال طرفي النفي واإلثبات، أي يمكن أن يقال بثبوت الخيار حتىفي مورد العلم، ألن اإلقدام على موضوع ذي حكم ليس إقداما على الحكم.

ويمكن أن يقال بسقوط الخيار حتى في مورد الجهل، ألن إنشاء البيع إذا كانسببا لإلتالف فالجهل به ال يقتضي عدم تأثير السبب، كما في كل ما كان من قبيل

األسباب والمسببات.نعم، قد يتوهم هنا إشكال آخر على أصل ثبوت الخيار أو سقوطه، فإن النزاع

فيه إنما هو بعد تحقق القبض من المشتري ثم دعوى الرجوع إلى القيمة لثبوتالخيار، وامتناع تعلقه بالعين أو سقوطه، لعدم إمكان تلقي الفاسخ الملك من

المفسوخ عليه، وإذا فرض أن البيع إتالف للمبيع فلم يتحقق القبض من المشتري.ولكنك خبير باندفاع هذا التوهم، ألن نفس انعتاقه عليه إقباض، وإال يلزم أن

يكون تلفه على البائع وال يستحق شيئا من الثمن والقيمة.قوله (قدس سره): (وقد يقال: إن ثبوت الخيار لمن أنتقل عنه مبني.... إلى آخره).

هذا القول لصاحب المقابس (قدس سره) (١) ومحصل مرامه: أنه لو قلنا بأن االنعتاقمعلول للملك الذي هو مترتب على العقد والخيار في عرض الملك فله الخيار

بالنسبة إلى القيمة - كما هو مفروض كالمه - ألن الملك والخيار كليهما معلوالنللعقد عرضا، واالنعتاق معلول ألحد المعلولين، فهو متأخر رتبة عن علته التي هيفي عرض المعلول اآلخر، إال أن يقال: نسبة الخيار والملك إلى العقد ليست نسبة

المعلولين إلى العلة، حتى يقال: إن االنعتاق متأخر رتبة عن الخيار حيث إنهمترتب على الملك الذي هو في عرض الخيار، وذلك ألن الخيار من أحكام العقد

--------------------(١) مقابس األنوار: ٢٤٠.

(٣٢)

Page 34: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ال من معلوالته. والملك أيضا ليس معلوال له بل هو المنشأ به، فإذا كان الخيار منأحكامه وكان له جهة الحرفية ال الموضوعية واالسمية - بمعنى أنه حل له من

حيث المنشأ وإرجاع لإلضافة المالكية - فيمتنع إعماله في المقام الذي ال يمكنفرض مالكية المفسوخ عليه.

وأما لو قلنا بأن االنعتاق والخيار كليهما معلوالن للعقد، أو معلوالن للملك،أو الخيار معلول للملك، واالنعتاق للعقد، ففيه وجهان:

أحدهما السقوط أما على األخير فلسبق االنعتاق على الخيار.وأما على األولين فألنصية أخبار العتق، وال يقال: يمكن الجمع بينهما بتأثير

العتق ورجوع ذي الخيار إلى القيمة، ألن القيمة بدل العين فيمتنع استحقاقها مندون المبدل.

وثانيهما الثبوت للجمع بين الحقين، وال يقال: ال يمكن الجمع بينهما لتعارضالنصين، فإن التعارض إنما هو بالنسبة إلى نفس العين، وأما بالنسبة إلى القيمة فالمنافاة أصال، بل هو عمل بالنصين. ومقتضى ثبوت حق الخيار الرجوع إلى القيمة

لإلجماع على عدم إمكان زوال يد البائع عن الثمن وعن قيمة المبيع، وتنزيالللفسخ منزلة األرش من عدم سقوطه لو ظهر عيب في المبيع مع انعتاقه على

المشتري، أي كما أن االنعتاق ال يوجب سقوط حق المشتري من األرش لو ظهرالمبيع معيبا، فكذا ال يوجب سقوط حق البائع بالنسبة إلى القيمة، لعدم التنافي

بينهما.ومما ذكرنا ظهر أن جميع ما وجه به الثبوت راجع إلى وجه واحد، وهو ثبوت

القيمة.نعم، يرد على وجه السقوط أن األنصية ال توجب الترجيح في المقام، ألن

تعارض أخبار االنعتاق والخيار ليس من باب تعارض الدليلين، بل نظير تزاحمالحقين، فأنصية أخبار العتق ال تفيد تقديمه على الخيار.

قوله (قدس سره): (أقول: إن قلنا: إنه يعتبر في فسخ العقد بالخيار أو بالتقايل.... إلىآخره).

(٣٣)

Page 35: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

محصله: أنه لو قلنا بأن الفسخ يوجب خروج الملك عن ملك من أنتقل إليهإلى ملك من أنتقل عنه يمتنع الخيار في مقامين:

األول: في مسألتنا هذه، ألن رجوع العمودين إلى ملك البائع يقتضي كونالمشتري مالكا للعمودين وذلك ممتنع، ألنه ال يترتب على ملكيته لهما سوى

االنعتاق.الثاني: في ما لو انتقل بالملك الالزم إلى الثالث، فإنه يمتنع أن يرجع المبيع إلى

البائع األول، مع أن المشتري الثاني اشتراه من المشتري األول.والسر في ذلك ما ذكرناه، من أن تقدير الملك ليس مجرد الفرض بل له واقع،

غاية األمر أنه ملك غير مستقر، والملك الحقيقي اآلني يمتنع في هذين المقامين.نعم، في مورد التلف الحقيقي يمكن تقدير الملك قبل التلف آنا ما للبائع.

وأما لو قلنا بأن الفسخ ال يقتضي أزيد من رد العين إن كانت موجودة، وبدلهاإن كانت تالفة أو بحكم التلف، فال مانع من إعمال الخيار في جميع المقامات.والحق ذلك، إذ ال موجب لتقدير الملك، بل ال موجب لضمان من عليه الخيار،فإن مجرد تلف المبيع في يد المشتري من مال البائع ال يوجب ضمان المشتري

لماله لو لم يكن يده يد ضمان، ولو كانت فال موجب للتقدير. والمفروض أن نفسالمعاملة اقتضت التضمين، بمعنى أن درك التالف على من تلف عنده، ألن حقيقةالبيع تقتضي تضمين كل منهما لمال اآلخر. ومعنى ضمانه أنه لو تلف عنده يصيرعوضه المسمى ملكا مستقرا لآلخر، فالعين قبل الفسخ مضمونة بثمنها، وأما بعد

الفسخ فمضمونة بقيمتها لو كانت تالفة، ألن عدم إقدام المتبايعين مع قبضالعوضين يقتضي ضمان كل منهما لمال اآلخر. فما دامت العين موجودة لو فسخ

أحدهما ردت العين، ولو كانت تالفة ردت قيمتها، ألن بالفسخ ينحل المعاملة فيردالثمن ويأخذ القيمة.

إال أن يقال: إن التضمين الذي يتصور في هذا القسم من المعاملة إنما هوالتضمين من حيث أصل المعاملة، وهو جعل العوض للمبيع وجعل المعوض

للثمن، بمعنى تبديل المال بالمال.

(٣٤)

Page 36: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما التضمين المطلق - الذي يقتضي الضمان بالمسمى قبل القبض بحيث إذاتلف المبيع أو الثمن انفسخت المعاملة ورد الباقي منهما إلى مالكه األصلي

ويقتضي الضمان بالمثل أو القيمة بعد القبض بحيث إذا تلف المقبوض وطرأ فسخأو انفساخ أو إقالة يرد مثله أو قيمته إلى الطرف - فال يعقل هنا، ألنه ال يمكن

للبائع - مثال - أن يلتزم بضمان المبيع وكون دركه عليه بالضمان المطلق حتى فيمورد التلف، ألن معنى ضمانه كذلك أن يكون تلفه من ماله، والزمه أن يقدر العبد

ملكا له آنا ما قبل التلف، والزمه عدم انعتاقه على المشتري، وهذا ينافي حكمالشارع.

وعلى هذا، فال يمكن أن تجري القاعدة األخرى في المقام، وهي أن بالقبضينتقل الضمان، ألن معنى هذه القاعدة: أن القبض يقتضي أن يكون تلف المقبوضعلى مالكه الفعلي عكس تلفه قبل القبض ألنه على مالكه األصلي، ويقتضي أيضاانتقال الضمان بالمسمى إلى الضمان الواقعي. وهذه القاعدة فرع القاعدة األولى،

فإذا لم يكن للبائع - مثال - االلتزام بالمسمى بالضمان المطلق قبل القبض لم يكنله االلتزام بالضمان المطلق بعد القبض بالضمان الواقعي، فال يقدر على حل العقد

بالفسخ وال باإلقالة، وليس هذا العقد بعد صحته قابال ألن يطرأ عليه انفساخ فتدبر.قوله (قدس سره): (إال مع اقدام المتبايعين على المعاملة مع العلم.... إلى آخره).

ذكرنا سابقا أن شراء من ينعتق لو كان من باب االستنقاذ ال البيع الحقيقيفسقوط الخيار في كمال الوضوح، إليجاد البائع ما هو سبب لإلتالف. وأما لو كان

من قبيل البيع الحقيقي - كما هو ظاهر أكثر األخبار من أنه يملك فينعتق عليه -فسقوطه مشكل، حتى في مورد العلم، إال على ما ذكرنا من: أن المعاملة الكذائية

بنفسها سبب لإلتالف. وال يقاس على ما إذا باع عبدا وشرط عتقه على المشتري،ألن مجرد الشرط ليس سببا للعتق، فإن للشارط إسقاط شرطه، فالبيع بشرط

العتق ليس سببا لإلتالف، وهذا بخالف بيع من ينعتق على المشتري قهرا. وهكذاال يقاس على ما إذا شرط البائع على المشتري تصرفا ناقال أو أذن له في التصرف

(٣٥)

Page 37: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الناقل أو التالف، فإن مجرد الشرط واإلذن مع إمكان إسقاط الشرط أو الرجوععن اإلذن ليس موجبا لسقوط حق الخيار، ألنه ليس سببا إلتالف المبيع.وبالجملة: التصرف بال إذن، واإلذن بال تصرف من المأذون، ليس موجبا

لسقوط حق الخيار، بخالف المقام، فإنه كاإلتالف الخارجي.والسر فيه أن الخيار يثبت بالنسبة إلى القيمة في مورد ال يكون من أحد

المتبايعين إقدام على المجانية، وفي المقام مع علم البائع بأن المبيع ينعتق علىالمشتري ال يمكن تضمينه إياه، وإذا امتنع التضمين امتنع الفسخ فامتنع الخيار.

قوله (قدس سره): (ومنها شراء العبد نفسه.... إلى آخره).مفروض المسألة: هو ما لو اشترى نفسه من مواله بماله لنفسه، وبعد فرض

كون العبد مالكا للمال - كما يظهر في باب المكاتبة وفاضل الضريبة - يردإشكاالن في المقام:

األول: أنه وإن كان العبد مالكا إال أنه وملكه ملك للمولى، وفي البيع يشترطأن يكون الثمن والمثمن مختلفين مالكا، ألنه تبديل طرف إضافة بطرف إضافة

لشخص آخر، وليس تبديال مكانيا، فال يعقل أن يبدل اإلنسان أحد ماليه باآلخر.وفي المقام نفس العبد ملك للمولى، والثمن الذي هو ملك للعبد ملك للمولى

أيضا، فكيف! يبيع عبده بمال عبده الذي هو ماله.الثاني: أن العبد كيف يملك نفسه مع أنه ال يعقل أن يتحد الملك والمالك.

فصحة هذه المعاملة تتوقف على دفع اإلشكالين، فنقول:أما األول: فمدفوع بكفاية التعدد اعتبارا، وذلك ألن الثمن وإن كان ملكا

للمولى، إال أنه ملكه طوال ال في عرض ملكه للعبد، فإن الملك الواحد ال يجتمععليه مالكان عرضا، وأما طوال فلم يقم على امتناعه دليل. فالثمن الذي يملكه

العبد وإن كان ملكا للمولى إال أنه ملك له طوال، والمثمن - وهو العبد - ملك للمولىبال واسطة، فيجوز تبديل ملك له بال واسطة بملك له بواسطة ملكه لصاحب المال،

فاختلف المالكان اعتبارا.

(٣٦)

Page 38: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ودفع الثاني: بأنه ال مانع من تملك اإلنسان لنفسه بمعنى أنه كان أوال رقاومنافعه ملكا للغير: فإذا اشترى نفسه صار حرا - أي ال يملك منافعه أحد -

وال ينافي ملكيته لنفسه عدم تسلطه على بيع نفسه، فإن الملكية ال تالزم السلطنةالمطلقة.

وكيف كان فموضوع البحث في المقام أنه بعد الفراغ عن صحة شراء نفسهلنفسه فهل فيه خيار له، أو لمواله، أو لكليهما، أو ال مطلقا؟ وجوه:

الظاهر عدم الخيار، أما بالنسبة إلى العين فألن الحر ال يعود رقا، وأما بالنسبةإلى القيمة فلما عرفت في المسألة السابقة من أن الخيار يتعلق بما فيه تضمين، ومععلم المولى بأنه عبده وعلم العبد بأن اشتراء نفسه موجب لمالكيته لنفسه المساوق

للحرية ال يعقل تضمين معاملي حتى ينتقل الضمان إلى القيمة.وبالجملة: في بيع من ينعتق على المشتري، لما امتنع تضمين البائع المشتري

- لعلمه بتلفه عليه قهرا - امتنع الخيار بالنسبة إلى الطرفين.وفي مسألتنا هذه امتنع التضمين من كليهما، لعلم المولى بحرية العبد بمجرد

شرائه نفسه فيمتنع تضمينه بالنسبة إلى المبيع، وعلم العبد بأن الثمن ملك لموالهألنه وما في يده لمواله فيمتنع تضمينه للثمن، فسقوط الخيار فيها أولى من مسألة

شراء من ينعتق على المشتري.قوله (قدس سره): (وفيها أيضا أنه لو اشترى جمدا في شدة الحر ففي الخيار

إشكال....

إلى آخره).ال يخفى أن المحقق الثاني وجه اإلشكال: بأن كون المبيع تالفا شيئا فشيئامانع عن إعمال الخيار فيه، ثم أورد عليه بأن الخيار ال يسقط بالتلف (١).

ووجهه المصنف (قدس سره) بأنه يحتمل اعتبار قابلية العين للبقاء بعد العقد في تعلقالخيار بها، ثم تأمل فيه.

ولعل منشأ تأمله أن مجرد احتمال اعتبار البقاء ما لم يقم عليه دليل ال يوجب--------------------

(١) جامع المقاصد ٤: ٢٨٧.

(٣٧)

Page 39: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

تقييد إطالق أدلة الخيار. وال يخفى أن إيراد جامع المقاصد على ما أفاده في منشأاإلشكال وتأمل المصنف على ما ذكره في منشئه واردان على البيان الذي ذكراه،فإن كون المبيع تالفا صغرى ال تندرج تحت كبرى مسلمة. واحتمال اعتبار قابلية

العين للبقاء دعوى بال دليل.وأما لو قرر اإلشكال بما مر نظيره في بيع من ينعتق على المشتري وشراء

العبد نفسه فال يندفع بما أفاداه، وبيان ذلك: أن مورد تعلق الخيار إنما هو فيما إذاضمن كل من المتبايعين اآلخر بماله، ومع علمهما بتلف المال خارجا أو شرعا

أو عادة فال تضمين، وإذا امتنع التضمين امتنع الفسخ فامتنع الخيار.وبعبارة أخرى: مورد خيار المجلس هو البيع الذي لم يكن بناء المتعاقدين

على اإلعراض عن العوضين، ومع علمهما بأن المال بمجرد البيع يخرج عن الماليةإما شرعا أو عادة فقد أقدما على ذهاب مالهما. وفي بيع من ينعتق على المشترينفس البيع سبب لالتالف شرعا. وهكذا شراء العبد نفسه سبب لإلتالف شرعا،

للمالزمة بين ملكية النفس والحرية. وأما بيع الجمد فليس سببا لإلتالف، بل شدةالحر سبب له. ولذا اتفقوا على سقوط الخيار بالنسبة إلى األولين، واختلفوا بالنسبة

إلى األخير.قوله (قدس سره): (ال يثبت خيار المجلس في شئ من العقود سوى البيع.... إلى

آخره).ال إشكال في عدم ثبوت خيار المجلس في شئ من العقود الجائزة - سواء

كانت جائزة حقا كالعقود اإلذنية، أو حكما كالهبة الغير المعوضة - ألن جعلالخيار فيها لغو. بل ظاهر دليل خيار المجلس أن مورده العقد الذي من شأنهاللزوم لوال الخيار والهبة وإن أمكن طرو اللزوم عليها - كما لو تلفت العين

الموهوبة - إال أن لزومها ليس لسقوط الخيار، بل لو طرأ الملزم في المجلس أيضايلزم الهبة.

وعلى هذا فينبغي توجيه كالم الشيخ في دخول الخيار في مثل الوكالة،

(٣٨)

Page 40: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

بأن مراده من دخول الخيار في هذه العقود تعلقه بها إذا وقعت في ضمن عقد البيعبنحو النتيجة فتنفسخ الوكالة بفسخ البيع تبعا. وهذا وإن لم يكن من الخيار في

الوكالة بل هو في البيع، إال أنه بمالحظة سائر كلمات الشيخ من عدم تعلق الخياربالوكالة وأمثالها ال محيص عن هذا التوجيه.

وبالجملة: ال معنى لثبوت خيار المجلس في العقود الجائزة، إنما الكالم فيثبوتها في العقود المعاوضية الالزمة، كالصلح واإلجارة، وسائر العقود من الرهنوالقرض مما يلحق بالعقود المعاوضية. والحق عدم ثبوته فيها أصال، الختصاص

أدلته بالبيع. وال يقاس على سائر أحكام البيع، مثل كون تلف المبيع قبل قبضه منمال البائع، وخيار العيب ونحو ذلك على ما هو الظاهر من الفقهاء من إجرائها في

سائر العقود المعاوضية، وذلك لما يظهر في محله من أن سائر أحكامه التيأجروها في سائر العقود إنما هو لداللة أدلتها على أن منشأ ثبوتها في البيع إنما هو

لكونه معاوضة ال من جهة خصوص البيعية.وبعبارة أخرى: كون تلف المبيع قبل القبض من مال البائع - مثال - إنما هو

القتضاء الضمان المعاوضي ذلك ال لتعبد شرعي صرف، وهكذا خيار العيب إنماهو لالشتراط الضمني الذي بناء كل عاقد عليه ال للتعبد المحض وإن اعمل فيه

التعبد أيضا من جهة الخيار بين الرد واألرش إال أن أصل جعله ليس تعبديا صرفا.وهذا بخالف خيار المجلس، فإن وجه ثبوته ليس إال التعبد الصرف فال يتعدى من

البيع إلى غيره.قوله (قدس سره): (مسألة مبدأ هذا الخيار من حين العقد.... إلى آخره).

ال إشكال في ثبوت خيار المجلس في الصرف والسلم لو تحقق القبض فيالمجلس، إنما اإلشكال في ثبوته فيهما قبل القبض. ومنشأ اإلشكال أن الخيار

ملك فسخ العقد، والفسخ إنما يتعلق بالعقد الصحيح، والمفروض أن الصحة تتوقفعلى القبض. وتنقيح ذلك يتوقف على بيان أمور:

األول: أن المجلس الذي يعتبر القبض فيه في الصرف والسلم ال يشترط أن

(٣٩)

Page 41: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

يكون مجلس العقد، بل يكفي القبض فيهما ما لم يفترق المتبايعان وإن خرجاعن مجلس العقد.

ويدل عليه قوله (عليه السالم): " وإن نزى حائطا فانز معه " (١) فيستفاد منه كفايةالقبض

قبل التفرق وإن فارقا مجلس العقد مصطحبين.الثاني: إذا صار أمران سببا النفساخ العقد ينسب الفسخ إلى أسبق السببين

لو كان.الثالث: ذكر العالمة (٢) وجهين لوجوب القبض شرعا:

أحدهما: مختص بالصرف.وثانيهما: مشترك بينه وبين السلم.

أما المختص فهو لزوم الربا ويجب أن يحمل كالمه على لزومه في الجملة،وهو لو كان الثمنان من جنس واحد كالذهب بالذهب - مثال - فإنه لو أقبض

أحدهما مثقاال من الذهب ولم يقبضه اآلخر إلى مدة يلزم الربا، ألن لألجل قسطامن الثمن. والمثقال النقدي أزيد قيمة من النسيئة فيلزم الربا. وهذا الكالم وإن

لم يخلو عن إشكال، إذ ال نقيصة إال إذا شرط التأجيل ال إذا كانت المعاملة نقديةولم يسلم أحدهما العوض فإنه ال رباء فيه، إال أنه ال يرد عليه المناقشات التي

ذكرها بعض المحشين.وأما المشترك فهو وجوب الوفاء بالعقود.

وال يقال بعد شرطية القبض في صحة العقد ال عقد حتى يجب الوفاء به.ألنا نقول: التخصيص الوارد على العقود الالزمة قد يرد على جميع آثارها

وقد يرد على بعضها.فمن األول الخيار، فإن العقد المشتمل على إنشاء التبديل مطابقة وعلى التعهد

بما أنشأه التزاما وعلى الشروط الضمنية - كنقد البلد والتسليم والتسلم والسالمة--------------------

(١) الوسائل ١٢: ٤٥٩، الباب ٢ من أبواب الصرف ح ٨.(٢) التذكرة ١: ٥١١، ٥١٨، ٥٥٦.

(٤٠)

Page 42: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

من العيب وعدم الغبن - إذا خصص مدلوله بدليل الخيار الموجب لملك فسخ العقدوإقراره يكون جميع مراتبه خياريا، ولذا ال يجب التسليم والتسلم فيه، كما أن له

فسخ العقد، أي عدم الوفاء بما تعهده التزاما.ومن الثاني القبض في الصرف والسلم، فإنه معتبر في الملكية ال في أصل

العقد، وال في وجوب االلتزام بما التزم به.ويؤيد ذلك بل يدل عليه الخبر المذكور وهو " إذا نزى حائطا فانز معه " فإنه

لو كان أصل العقد وصحة المنشأ به موقوفا على القبض لم يكن وجه لتعقيب أحدالمتبايعين اآلخر في تحصيل القبض.

وبالجملة: دليل الخيار ناظر إلى أوفوا بالعقود، والعقد المتضمن للشرائطالضمنية - التي منها التسليم والتسلم - إذا خصص بدليل الخيار ال يجب الوفاء بهفي زمان الخيار بالنسبة إلى التسليم والتسلم أيضا، لحكومة دليل الخيار على مثل" الناس مسلطون " (١) فال يرد إشكال المحقق األردبيلي بأن منع أحد المتبايعين

عن اإلقباض ال يسوغ ظلم اآلخر (٢). وذلك ألن وجوب اإلقباض لو كان من بابتسليم مال الغير لكان إشكاله في محله، وأما لو كان من جهة الشرط الضمني الذي

خصص بدليل الخيار فال يرد إشكاله. وأما دليل اعتبار القبض في الصرف والسلمفليس ناظرا إلى العقد، بل القبض شرط للملك فال ينافيه وجوب التسليم والتسلم،

وال مانع من تعلق خيار المجلس بهما فيكون مبدؤه العقد. ثم إنه ال تنافي بين كونالقبض شرطا للملكية وكون اإلقباض واجبا شرعا لحق مالكي، ألنه لو كان

استفادة الشرطية والوجوب التكليفي كالهما من األخبار اآلمرة بالقبض لكان منباب استعمال المشترك في معنييه، وأما لو كانت الشرطية مستفادة من " األخبار "

والوجوب التكليفي من " أوفوا بالعقود " فال إشكال أصال.فتحصل مما ذكرنا: أنه لو قلنا بوجوب القبض في الصرف والسلم لحق شرعي

--------------------(١) عوالي الآللي ١: ٢٢٢ ح ٩٩.

(٢) مجمع الفائدة ٨: ٥٠٤.

(٤١)

Page 43: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

مالكي ولذا يصح اإلقالة فيهما فمبدأ الخيار من حين العقد وثمرته ظاهرة، وأمالو لم نقل بوجوبه فمبدؤه بعد القبض إذا كان المجلس باقيا، وذلك ألنه لو لم نقلبوجوبه، إما لما ذكره األردبيلي من أن وجوب القبض من باب وجوب رد المالإلى مالكه فلو لم يكن كل عوض ملكا لآلخر فال معنى لرده، وإما العتبار القبض

في أصل العقد ال في الملك، فالعقد قبله غير تام. وعلى أي حال ال وجه لتعلقالخيار بالعقد قبل القبض، ألن الخيار يتعلق بالعقد الذي لواله لكان العقد الزما،فإذا لم يكن كذلك فال معنى لتعلق الخيار به. وال يقاس على الخيارين العرضيين

اللذين يردان على العقد، ألن كال منهما لو لم يكن لكان العقد الزما من هذهالحيثية ولو لم يكن الزما مطلقا. وهذا بخالف عقد الصرف - مثال - فإنه ولو لم

يكن خياريا أيضا لم يكن الزما.وبعبارة أخرى: الخيار هنا في طول القبض ومترتب عليه، وليس من قبيل

الخيارين العرضيين اللذين يؤثر كل منهما أثرا خاصا. فمجرد إمكان األثر للخيار- كما يظهر من المصنف (قدس سره) - ال يفيد في ثبوته لو دل الدليل على تعلقه بما

لوالهلكان الزما ولو من هذه الحيثية فتأمل جيدا.

ثم إنه يمكن أن يكون قول صاحب الدروس (قدس سره) ناظرا إلى هذا القول بأنيكون مراده من " اللزوم " في قوله: فإن للقبض مدخال في اللزوم (١) اللزوم

المستفاد من أوفوا بالعقود ال اللزوم مقابل الصحة، أي بدون القبض ال يجب الوفاءبالعقد، ألن للقبض دخال في وجوب الوفاء به.

قوله (قدس سره): (ومما ذكرنا يظهر الوجه في كون مبدأ الخيار للمالكين الحاضرينفي مجلس عقد الفضوليين على القول بثبوت الخيار لهما من زمان إجازتهما....

إلى آخره).أي مما ذكرنا - من أنه لو قلنا بعدم وجود التقابض ففي أثر الخيار خفاء -

--------------------(١) الدروس ٣: ٢٦٧.

(٤٢)

Page 44: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ظهر أن الخيار الثابت للمالكين في باب الفضولي مبدؤه حين اإلجازة، وذلك ألنالخيار الثابت هنا إنما ثبت للبيع، والبيع هو المالك بعد اإلجازة، ألنه ليس قبلها

بيعا من غير فرق بين الكشف والنقل، ألن اإلجازة وإن كانت إنفاذ العقد الفضوليوالعقد سابق عليها إال أن أثر كونها إنفاذا لمنشئه إنما هو ترتيب آثار الملكية من

حين العقد، ال إثبات البايعية للمجيز، ألن البايعية إنما يثبت بالوجود التكوينيلإلجازة.

وبعبارة أخرى: بعد العلم بأن صحة عقد الفضولي تتوقف على أن ال يكونفعل الفضولي علة تامة لترتب أثره عليه - كترتب اإليالم على الضرب فإنه

باإلجازة ال يستند إلى المجيز - وبعد العلم بأن النزاع في الكشف والنقل إنما هوفيما يرجع إلى فعل غير المالك بحيث كانت اإلجازة ونحوها إنفاذا ألمر سابق

عليها كإجازة المرتهن والعمة والخالة وكأداء الزكاة ممن باع المال الزكوي يظهرأن اإلجازة من المالك في المقام تؤثر في استناد المسبب والتمليك إلى نفسه ولو

من حين عقد الفضولي، وال يمكن أن تؤثر في صدق البايعية عليه من ذلك الحين.وكما لو عقد فضولي وأجازه فضولي آخر ثم أجاز المالك تلك اإلجازة ال تؤثر

إجازته في اإلجازة السابقة بل بنفسها إجازة من المالك، ألن حيثية اإلجازةمترتبة على وجودها التكويني، فكذلك صدق البايعية في المقام مترتب على

وجودها التكويني. ونزاع الكشف والنقل جار في ما هو القابل لتعلق اإلجازة به،ولذلك لم يجر هذا النزاع في القبض المعتبر في الصرف والسلم وفي قبول

المشتري وأمثالهما مما هو بنفسه أحد أركان العقد.قوله (قدس سره): (ال خالف ظاهرا في سقوط هذا الخيار باشتراط سقوطه في ضمن

العقد.... إلى آخره).ال يخفى أن عمدة اإلشكال المتصور في هذا المسقط أحد اإلشكالين على

سبيل المنفصلة الحقيقية، فإن اشتراط سقوطه في متن العقد إما يرجع إلى إسقاطالخيار فيرد عليه أنه إسقاط لما لم يجب، أو يرجع إلى عدم كون هذا العقد خياريا

(٤٣)

Page 45: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فيرد عليه أن هذا الشرط مخالف للكتاب والسنة، مضافا إلى لزوم الدور، ألن عدمكون العقد خياريا يتوقف على لزوم الشرط ولزومه يتوقف على عدم كونه

خياريا، ألنه لو كان جائزا لكان الشرط في ضمنه كذلك أيضا.وأما سائر اإلشكاالت فال يرد أصال، أما تعارض دليل الشرط مع دليل الخيارففيه: أنه لو كان الشرط راجعا إلى اإلسقاط ال ينافيه الخيار حتى يرجح دليل

الشرط بعمل األصحاب أو بالحكومة، ألنه مع ثبوت الخيار فقد اسقطاه، ولو رجعإلى عدم كون العقد خياريا فليس المعارض إال مخالفة الشرط للسنة الدالة

باإلطالق على ثبوت الخيار في كل عقد.وأما مخالفة الشرط لمقتضى العقد ففيه: أن الخيار ليس مقتضاه، بل من

األحكام الشرعية الثابتة له، فليس شرط سقوطه مخالفا لمقتضاه كما ال يخفى.فالعمدة أحد اإلشكالين، وال يمكن أن يردا في عرض واحد على موضوع

واحد، ألن الشرط لو رجع إلى اإلسقاط فليس مخالفا للكتاب فهو كإسقاطهبعد العقد، ولو لم يرجع إليه فليس إسقاطا لما لم يجب.

إذا عرفت ذلك فنقول: ذكر المصنف (قدس سره) ضابطا المتياز الشرط المخالف عنغيره، وهو أنه لو كان مالك الحكم بنحو العلية فالشرط المخالف له مخالف

للكتاب، ولو كان بنحو االقتضاء فال يكون مخالفا له.وهذا وإن تم ثبوتا، إال أنه ال يتم إال بالوحي أو اإللهام إثباتا، ألن معرفة أن

مالك الحكم بنحو العلية أو االقتضاء ال تحصل إال لألولياء. فاألولى أن يقال: إنالحكم إما تكليفي أو وضعي، والتكليفي إما اقتضائي أو تخييري. فلو كان تكليفيااقتضائيا فالشرط المخالف له مخالف للكتاب، ألن وجوب الصالة أو حرمة الخمر

يشمل بإطالقه مورد شرط الترك والشرب، إال أن يدل دليل على خالفهفيستكشف به أن الوجوب أو الحرمة مشروط بعدم الشرط أو النذر، كما دل الدليل

على صحة نذر اإلحرام قبل الميقات. ولو كان تخييريا فالشرط المخالف له ليسمخالفا للكتاب، فإن شرط عدم شرب الماء ال ينافي إباحته، إال أن يدل دليل على

(٤٤)

Page 46: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

خالفه، كما ورد أن شرط ترك التسري والتزويج ال ينفذ، فإن به يستكشف أنالشارع أراد إباحة التسري مطلقا.

وبالجملة: مقتضى األصل في طرف االقتضاء والتخيير متعاكس.ولو كان وضعيا، فإما من الحقوق، أو من األحكام. فلو كان حقا فشرط

سقوطه ال ينافي الكتاب. ولو كان حكما - كميراث الزوجة الدائمة، وعدم اإلرثللمتمتع بها - فالشرط المخالف له مخالف للكتاب إال إذا ثبت خالفه.

إذا عرفت ذلك ظهر أنه لو كان الشرط راجعا إلى عدم كون هذا العقد خياريافهو شرط مخالف للكتاب.

وال يقال: إن األحكام الثابتة لألشياء بعنوانها األولي ثابتة لها اقتضاء لو خليتوطبعها، فال ينافي طرو عنوان ثانوي لها رافع لحكمها.

ألنا نقول: لو كان دليل الشرط مثل دليل ال ضرر وال حرج لكان كذلك، وأمالو اعتبر في نفس دليل الشرط عدم كونه مخالفا للكتاب فعمومه حيث خصص ال

يرفع حكم الواجب أو الحرام.نعم، لو دل دليل خاص على صحة هذا الشرط نستكشف أن مالك الحكم

الوجوبي أو التحريمي تام في غير مورد الشرط. وأما األدلة العامة فال يمكنحكومتها على أدلة األحكام الوجوبية أو التحريمية، بل إطالق دليل الحكم أو

عمومه يدخل الشرط في المستثنى.نعم، لو أغمضنا عن هذا اإلشكال وأجبنا عنه بما أجاب به المصنف (قدس سره) ال يرد

إشكال الدور، ألن الشرط في العقد الجائز وإن لم يكن الزم الوفاء إال أن لزوم هذاالشرط ال يتوقف على لزوم العقد وال لزوم العقد على لزوم هذا الشرط، ألن

اشتراط عدم كون البيع خياريا يرجع إلى أنه ليس في هذا العقد ما يوجب الفسخ.وبعبارة أخرى: ولو لم يكن في البين مثل المؤمنون عند شروطهم إال أن

وجوب الوفاء بالعقد كاف في لزوم الشرط، ألنه لو لم يكن هذا البيع خياريا يبقىعموم أوفوا بالعقود على حاله. ويمكن أن يكون هذا مقصود المصنف (قدس سره):

من أن

(٤٥)

Page 47: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

عموم وجوب الوفاء بالشرط عين لزوم العقد، ال ما هو ظاهره من: أنه استفاد لزومالشرط من قوله " المؤمنون عند شروطهم " فإن اإلشكال بحاله، ألن لزوم الوفاء

بالشرط يتوقف على كون العقد الزما، والمفروض أن لزومه متوقف على عدمكونه خياريا.

وبالجملة: فاألولى أن يقال إذا لم يكن في البين خيار فالعقد الزم يجبالوفاء به، وهذا الشرط راجع إلى كون العقد الزما غير خياري فال توقف أصال.

ثم إن هذا كله لو كان الشرط راجعا إلى عدم كون هذا العقد خياريا، وأما لورجع إلى عدم كون المشروط عليه ذا خيار - أي إلى إسقاط حقه - فاإلشكال بأنهإسقاط لما لم يجب غير وارد، ألن إسقاط ما لم يجب الراجع إلى هبة ما ال يملكه

الواهب هو إسقاط حق لم ينشأ سببه أصال كاإلسقاط قبل العقد.وأما لو وجد سببه ولو لم يحصل فعال فال مانع عن إسقاطه.

قال في التذكرة: لو وكله في شراء عبد وعتقه وفي تزويج امرأة وطالقهاواستدانة دين وقضائه صح (١) انتهى.

ففي كالمه إشارة إلى أن ما اشترط في الوكالة من كون المتعلق مملوكا للموكلال يجب أن يكون ملكا فعليا، بل إذا حصل المقتضي للملكية صح الوكالة فيه،

بخالف ما إذا لم يحصل سببها أصال، كما لو وكله في طالق زوجة سينكحها،أو أسقط الموكل خيار المجلس حين توكيله للبيع، أو شرط في ضمن عقد الزم

سقوط الخيار في العقد الذي سيوجده.وبالجملة: ال إشكال في صحة الرهن الواقع بعد إنشاء البيع، كما لو قال البائع:

بعته وارتهنته أو قال المشتري اشتريته ورهنته، وأمثال ذلك، ففي المقام يصحإسقاط الخيار بعد إنشاء البيع واشتراط سقوطه في ضمنه.

ويدل عليه المكاتبة المذكورة في الكتاب، فإن الزوجة إذا صارت حرة بأداءمال الكتابة فهي مختارة في إقامتها مع زوجها العبد ومفارقتها إياه، مع أنه (عليه

السالم)--------------------

(١) التذكرة ٢: ١١٧ س ٢٥.

(٤٦)

Page 48: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

أجاز شرط عدم الخيار لها قبل الحرية وليس إال ألن التشبث بالحرية يكفيإلسقاط الخيار.

ولكن األولى أن يقال: إن اشتراط سقوطه في متن العقد وإن لم يكن إسقاطالما لم يجب، إال أنه ال لما هو ظاهر كالم المصنف من تحقق المقتضي فإن وجوده

من دون وجود الجزء اآلخر من العلة ال يوجب إمكان اإلسقاط الفعلي، بل ألنمعنى الخيار هو ملك االلتزام ومحله في متن العقد، واإلسقاط يرجع إلى تفويض

ملك االلتزام - الذي ملكه بالعقد أو يملكه بعد - إلى صاحبه، فيرجع اإلسقاط إلىدفع الحق لو كان الخيار متوقفا على أمر غير حاصل، كخيار الغبن بناء على كون

ظهوره شرطا شرعيا له.وببيان آخر: أن مرجع سقوط الخيار إلى سقوطه في مرتبة وجوده ال إلى

إسقاطه فعال، وحيث إن رتبة وجوده متأخرة عن رتبة الملكية ففي عالم اإلنشاءأيضا إذا كان متأخرا عن إنشاء الملك يصح إنشاؤه، ويكون من قبيل إنشاء الحكم

على الموضوع المقدر وجوده.قوله (قدس سره): (ثم إن هذا الشرط يتصور على وجوه.... إلى آخره).

الوجه األول راجع إلى شرط النتيجة، وال شبهة أن النتيجة تحصل بالشرط لولم يجعل الشارع حصولها من سبب خاص - كالطالق والعتق والنكاح وأمثالها -

فإن الشرط كالنذر يتحقق به ما يتحقق بالنذر. وفي المقام لم يجعل الشارع لسقوطالخيار سببا خاصا فيسقط بمجرد الشرط.

وأما الوجه الثاني والثالث فيرجعان إلى شرط الفعل، فالثاني كما لو شرط أنال يبيع من زيد، والثالث كما لو شرط أن يبيع منه. فلو باع منه على الثاني يبطل

البيع، لفساد المعاملة إذا تعلق النهي بها من حيث المسبب، وذلك ألن الشرطيوجب سلب قدرة المالك على البيع من زيد. كما أنه يبطل لو باع من غير زيدعلى الثالث، لعدم قدرته على البيع من غير زيد بالشرط. فتصير المعاملة من جهة

تخصيص " الناس مسلطون " بأدلة الشرط منهيا عنها بالنهي النفسي، ال من جهة أن

(٤٧)

Page 49: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وجوب البيع من زيد يوجب النهي عن ضده حتى يقال: إن األمر بالشئ اليقتضي النهي عن الضد، وعلى فرض االقتضاء النهي الغيري ال يوجب الفساد،وذلك ألن المعاملة مضافا إلى اعتبار صحتها من حيث شرائط العقد والعوضين

والمتعاقدين يعتبر أن يكون إيجادها مقدورا لمالكها، فتفسد إذا لم تكن مقدورةشرعا بالشرط.

قوله (قدس سره): (وكيف كان فاألقوى أن الشرط الغير المذكور في متن العقد غيرمؤثر.... إلى آخره).

والسر فيه ما ذكرناه مرارا من أن القصود والدواعي غير معتبرة في العقود مالم ينشأ لفظ على طبقها، فمجرد وقوع العقد مبنيا على شرط مع عدم ذكره في متن

العقد ال يؤثر في سقوط الخيار، وذلك ألن الشرط إلزام مستقل ال يرتبط بالعقد،فارتباطه به يتوقف على االلتزام به في العقد، ومجرد البناء عليه ليس التزاما به.وال يقاس على أوصاف العوضين - كالحنطة الحمراء - وال على الشروط التي

جرت العادة والعرف على االلتزام بها في العقد.أما األوصاف فألنها لو ذكرت قبل العقد فذلك يوجب انصراف العوض إليها

في العقد، فال يحتاج إلى إنشاء على حدة.وأما الشروط فسواء كانت من شروط العوضين كالسالمة من العيوب التي

هي من قيود العوضين أم كانت من الشروط التي كان بناء العرف والعادة عليها -كالتسليم والتسلم - فإنشاء العقد إنشاء لها، ألنها من لوازم ألفاظ العقود، فكما أنه

ينشأ بها معانيها المطابقية فكذا مداليلها االلتزامية. وهذا بخالف الشرط الخاصللعاقد الخاص، فإنه ليس من المداليل االلتزامية وليس كالشروط النوعية

وكاألوصاف، فليس هو المنشأ في العقد إال مع ارتباط العقد به صريحا أو إشارةكأن يقول: بعت على ما ذكر.

وبالجملة: بعد ما عرفت من أن المراد من اشتراط اإلسقاط في متن العقد هوعدم فسخ العقد ال عدم كون العقد خياريا، فليكن المراد من اشتراط سقوطه قبله

هو هذا المعنى.

(٤٨)

Page 50: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وذلك لو أشير في العقد إليه يرتبط العقد به ولم يكن إسقاطا لما لم يجب. وأمالو لم يذكر في العقد فهو من الشروط االبتدائية التي ال يجب الوفاء بها وإن وقع

العقد مبنيا عليها، ألن مجرد البناء ال يفيد شيئا.وحاصل الفرق: أن ذكر األوصاف قبل العقد يوجب اعتبارها في العوض،

وعدم مقابلة شئ من الثمن مع الوصف ال يوجب أن يتعلق اإلنشاء بالموصوفدون الوصف.

وأما الشرط كالخياطة - مثال - فال يمكن أن ينشأ باإلنشاء المتعلق بالمشروطفيه، ألنه أمر خارج، فيحتاج إلى إنشاء مستقل، إما مطابقة أو التزاما كالشروط

النوعية المنشأة بااللتزام.قوله (قدس سره): (فرع ذكر العالمة.... إلى آخره).

ال يخفى صحة هذا النذر، ألن العبد وإن خرج عن ملكه بالبيع إال أنه حيثيمكن إرجاعه إلى ملكه الخيار فيصح النذر. وال يجوز له شرط عدم الخيار، ألن

إسقاط الخيار مناف للنذر، والتصرفات المنافية له خارجة عن سلطنة الناذربسبب نذره.

وقول بعض المحشين: إن إسقاط الخيار إنما ال يصح فيما ال يمكن فيه اإلقالةأو الشراء وأما لو أمكن فال مانع من إسقاطه غير وجيه، ألن اإلقالة أو الشراء أواالستيهاب ليس تحت قدرة الناذر - ألن تحقق هذه العناوين يتوقف على إرادة

شخص آخر وقد ال يريدها - وما هو تحت قدرته إعمال الفسخ، فيجب على الناذرإعماله، ومقتضاه عدم صحة شرط سقوط الخيار.

قوله (قدس سره): (ومن المسقطات إسقاط هذا الخيار بعد العقد.... إلى آخره).ال إشكال في سقوطه باإلسقاط، إنما الكالم في مدركه، واالستدالل بفحوى" الناس مسلطون " غير تام، ألنه لو فرض داللته بالصراحة على تسلط الناس

على حقوقهم ال يفيد ذلك، ألن السلطنة على المال والحق هي أن يتصرف فيهمابالتصرفات التي تحت سلطنته، ال التصرفات التي فوق سلطنته.

(٤٩)

Page 51: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبعبارة واضحة ذكرنا في أول الخيارات أن مثل " الناس مسلطون " ال يدلعلى صحة اإلعراض على الملك الذي هو إذهاب موضوع الملك فال يدل على

التسلط على إسقاط الخيار الذي هو إذهاب موضوع الحق، ألن التسلط على الحقمعناه نفوذ تصرفه فيه بالنقل وأمثاله - كإعمال الخيار بالفسخ أو اإلمضاء - ال

إعدامه وإسقاطه.اللهم إال أن يقال: أن اإلعراض عن الملكية وإن لم يكن من أنحاء السلطنة

على الملك ألن السلطنة عبارة عن االقتدار واالقتدار على سلب االقتدار ليستحت االقتدار، إال أنه ليس الحق مثل الملكية، ألن المملوك له وجود عيني غير

اإلضافة الحاصلة بينه وبين المالك، ووجوده العيني غير قابل لإلعدام إال بنحوالشرب واألكل الذي هو تحت السلطنة، ال إعدامه بنحو اإلتالف الغير المرخص

فيه شرعا.وبعبارة واضحة: إعدام المملوك ليس من أنحاء السلطنة على الملك، ألنه اليمكن إعدامه تشريعا وفي عالم اإلنشاء، بل ما هو قابل للتصرف هو اإلضافة

الحاصلة بينه وبين المالك. وهذا بخالف الحق، فإنه ليس إال اإلضافة الخاصة، وقدال يكون لمتعلق الحق وجود عيني، واإلضافة الخاصة قابلة للتصرف ولو بنحو

اإلعدام، وال ينتقض هذا بمثل حق التحجير وحق الرهانة ونحو ذلك من الحقوقالمتعلقة بالعين، فإن تعلقها بها ليس كتعلق اإلضافة المالكية بالملك، فإن الملك

وجوده العيني ملك للمالك. وهذا بخالف الحق المتعلق بالعين، فإن العين إما تكونملكا لغير ذي الحق أو تكون من المباحات، فنفوذ تصرف ذي الحق ليس إالبمعنى السلطنة على اإلسقاط، بل أظهر آثار السلطنة على الحق إعدامه إنشاء،

فبنفس قوله: " أسقطت حقي " ينعدم الحق، وليست السلطنة عليه إال عبارة عنإعدامه، أو نقله إلى الغير لو كان قابال للنقل.

وبالجملة: الفرق بين الحق والحكم هو أن الحق قابل لإلسقاط دون الحكم،فإن الحقوق بأسرها قابلة لإلسقاط وإن لم يقبل بعضها لالنتقال أصال أو إلى غير

(٥٠)

Page 52: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

من عليه الحق، كحق الخيار في المقام فإنه ال يقبل االنتقال إلى غير من عليهالخيار، ولكنه قابل لالنتقال إلى من عليه الخيار، كما سيجئ شرحه.

قوله (قدس سره): (لو قال أحدهما لصاحبه اختر.... إلى آخره).ال يخفى أن هذه الكلمة يحتمل أن يراد بها تمليك الخيار ممن عليه الخيار،

فإن هذا الحق قابل ألن ينتقل إليه، وإن لم يقبل االنتقال إلى غيره - ألنه شرعإلرجاع العين إلى ملك مالكها األصلي - فهو تابع للمال وينتقل إلى من كان أحدالعوضين ملكا له، ولذا ينتقل إلى وارثه وال ينتقل إلى وارث األجنبي - الذي جعل

الخيار له في العقد - فإن األجنبي بمنزلة الوكيل ليس مالكا للمال حتى يكونمالكا لحق الخيار. ويحتمل أن يراد بها تفويض األمر إليه بحيث إنه لو تصرف فيمافوض إليه ينفذ في حق اآلمر، وأما لو لم يتصرف فيبقى حقه على حاله، كما لو أذن

المرتهن في بيع العين المرهونة، فإنه ال يسقط الرهانة إال بالبيع ال باإلذن. وهذابخالف األول، فإن التمليك يوجب انتقال الحق من اآلمر إلى المأمور.

هذا مضافا إلى أنه وإن لم يقبل االنتقال أصال ولو إلى الطرف اآلخر إال أنالتمليك غير التفويض، فإن التمليك بنفسه إسقاط ألن مرجع الخيار إلى مالكية

االلتزام، فإذا نقل هذا االلتزام إلى طرفه فال يملك التزام نفسه، فيصير العقد كالعقدالالزم ابتداء، وهذا عين معنى اإلسقاط.

ويحتمل أن يراد بها استكشاف حال المأمور ال التمليك وال التفويض،وليست هذه الكلمة ظاهرة في إحدى المحتمالت إال بقرائن حالية أو مقالية.

قوله (قدس سره): (مسألة: من جملة مسقطات الخيار افتراق المتبايعين.... إلىآخره).

ال إشكال في سقوط الخيار باالفتراق ولو لم يكشف عن الرضاء بالعقد، ألنهبنفسه من المسقطات. وعلى هذا فلو حصل في حال الغفلة والنسيان سقط به

الخيار كما في حال االلتفات والذكر، وهذا ال ينافي اعتبار االختيار بمعنى آخرفي االفتراق، وعدم كفاية االفتراق الحاصل عن كره إذا منع من التخاير أيضا

للفرق بين المكره وغيره بالنص الخاص.

(٥١)

Page 53: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبالجملة: لو حصل االفتراق عن النسيان أو الغفلة أو إطارة الريح والهواءيسقط به الخيار، وذلك لظهور أدلته بأن أمد الخيار عدم التفرق وبقاء الهيئة

االجتماعية الحاصلة لهما حال العقد فإذا ارتفعت الهيئة فال خيار بعده. وإطالقالمسقط عليه مسامحة، ألن التفرق بناء عليه غاية للخيار، وهو بنفسه ليس

موضوعا للحكم، بل الموضوع له هو نقيضه، وهو عدم التفرق. فما قيل: من أنه الاعتبار باالفتراق عن إكراه لتبادر االختيار من الفعل المسند إلى الفاعل مضافا إلى

حديث رفع ما استكرهوا عليه، ممنوع جدا.أما التبادر فلما ظهر تحقيقه في محله من عدم اعتبار االختيار في مواد

األفعال وال في هيئاتها، الشتراكها بين أفعال السجايا وغيرها من األعراضالتسعة. نعم، الفعل في مقابل االنفعال اختياري.

وأما حديث الرفع ففيه:أوال: أن النسيان مرفوع فيه أيضا، مع أن القائل باعتبار االختيار مقابل

اإلكراه يلتزم بسقوط الخيار مع النسيان والغفلة، فيستكشف من السقوط في موردالنسيان أن ذات االفتراق بما أنه فعل ال بما هو صادر عن اختيار جعل من

المسقطات. وحديث الرفع يجري فيما كان الفعل منوطا بالقصد - كالعقودواإليقاعات - ولم يؤخذ فيه عنوان العمد وااللتفات وال الخطأ والنسيان وال

األعم، وإال لم يرتفع بحديث الرفع كما بين في محله.وثانيا: بعد تسليم عدم االعتبار بذات الفعل وبعد تسليم أن المرفوع ال

ينحصر في الحكم التكليفي، إال أن مورد بعض المرفوعات منحصر في متعلقالتكليف، كالحسد والوسوسة والطيرة، فتعميم الرفع لموضوعات التكاليف -

كالسفر والحضر والتفرق - مع عدم الجامع بين المتعلق وموضوع التكليف ال وجهله، فيجب أن يراد منه أنه لو شرب المكلف نسيانا أو كرها أو أفطر كذلك فشربهكالعدم، ال أنه لو تحقق السفر أو اإلقامة أو التفرق عن كره فوجوده كالعدم، ولذا

ال يلتزم أحد بأنه لو أقام مثال عن كره يجب عليه القصر.

(٥٢)

Page 54: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وثالثا: أنه لو كان التفرق بنفسه من المسقطات لكان وجوده كالعدم لو تحققكرها. وأما لو كان ضده وهو الهيئة االجتماعية موجبا للخيار، فرفع التفرق تشريعا

ال يثبت بقاء الهيئة االجتماعية.نعم، لو وقع التفرق عن إكراه أو قهر مع المنع عن التخاير أيضا بأن أجبر علىالسكوت لكان الحق عدم السقوط، لكن ال لحديث رفع اإلكراه، بل لصحيحة

الفضيل الدالة على اعتبار الرضا. والرضا فيها وإن لم يكن بمعنى طيب النفس بلبمعنى االختيار، إال أنه لو أكره على التفرق ومنع من التخاير أيضا ال يكشف هذا

التفرق عن اختيار العقد وإمضائه.وبالجملة: لو لم يمنع من إعمال الخيار ولكنه بنفسه اختار العقد وإن أكره على

التفرق يسقط خياره، كما أنه لو منع من إعمال الخيار ولكنه بنفسه اختار التفرقيسقط خياره أيضا. وأما لو أكره على كليهما فال يسقط خياره، إلمكان عدم

اختياره بقاء العقد فلم يحرز اإلمضاء فيستصحب الخيار (١).ثم ال يخفى أن قول المصنف (قدس سره): (وال ريب أن الرضا المعتبر ليس إال

المتصل بالتفرق.... إلى آخره) غير صحيح، ألنه لو كان المدار على التفرقالصادر عن الرضا - أي التفرق الناشئ عن الطيب بالعقد - لكان الالزم القول بعدم

السقوط في التفرق الناشئ عن الغفلة أو النسيان، مع أنه ال يلتزم به. وال يبعد أنيكون وجه العدول عن هذا التفسير إلى تفسير آخر - بقوله: " أو يقال " إلى آخره -.

ورود اإلشكال عليه، مع أنه يقع في محذور آخر على التفسير الثاني، فإن التفرقليس كاشفا نوعيا حتى يسقط به الخيار مطلقا.

قوله (قدس سره): (مسألة: لو أكره أحدهما على التفرق.... إلى آخره).لو تحقق اإلكراه الموجب لعدم سقوط الخيار بالنسبة إلى أحد المتعاقديندون اآلخر، لكونه مختارا إما بالبقاء لو كان المكره مكرها على االفتراق،

--------------------(١) وفيه: أن ذلك يقتضي عدم سقوطه في مورد حصول التفرق نسيانا وغفلة ال لحديث الرفع

بل لهذه الصحيحة. منه مد ظله.

(٥٣)

Page 55: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

أو باالفتراق لو كان مكرها على البقاء، ففيه احتماالت: سقوط خيارهما مطلقا،وثبوته لهما مطلقا، وسقوط خيار خصوص المختار دون المكره إما مطلقا أو في

خصوص ما إذا كان المختار مختارا في التفرق دون البقاء. ومبنى االحتماالت أنهلو كان االفتراق ولو من واحد غاية لكال الخيارين فيسقط من الطرفين، لحصوله

من أحدهما باالختيار بناء على حصوله من سكون أحدهما مختارا وحركة اآلخرمكرها.

وأما إذا قلنا بعدم حصوله إال بحركة المختار وعدم العبرة بالسكوناالختياري فيسقط من الطرفين في خصوص هذه الصورة. ولو كان االفتراق من

الطرفين اختيارا غاية لمجموع الخيارين فال يسقط من واحد منهما، لحصولافتراق أحدهما كرها. ولو جعل افتراق كل غاية لخيار نفسه فيسقط في حق

المختار مطلقا أو فيما إذا كان متحركا، وأما لو كان ساكنا فال يسقط، ومنشأ المبنىاستظهاره من األخبار. ولكن الظاهر من مقابلة الجمع بالجمع والتثنية بالتثنية أن

يكون افتراق كل غاية لخيار نفسه دون غيره، وهذا الظهور ارتكازي عرفي وبناءالعرف عليه إال أن يقوم قرينة على خالفه. ولذا قيل: إن العام أظهر في االستغراقية

من المجموعية فاعتبار اختيار كل واحد لمجموع الخيارين ال وجه له، وكذا كفايةاختيارية أحدهما لسقوط خيارهما.

نعم، قد يستفاد من قوله (عليه السالم): فمشيت خطأ ليجب البيع (١) أن افتراقأحدهما

اختيارا يكفي في سقوط كال الخيارين، ألن إطالق كالمه يشمل ما إذا كان اآلخرمكرها أو نائما أو ناسيا أو غافال. ولكن ال يخفى أنه ال يمكن استفادة اإلطالق من

فعله (عليه السالم)، ألن القضايا الشخصية ليس لها إطالق حتى يصح االعتماد عليها،ولم

يصدر الفعل في مقام بيان الحكم وال في جواب السؤال حتى بترك االستفصاليستفاد العموم منه. ثم إن ما ذكرناه إنما هو بحسب النظر البدوي، وأما بعد التعمق

فالحق بقاء خيارهما، وتنقيحه يتوقف على رسم أمور:--------------------

(١) الوسائل ١٢: ٣٤٨، الباب ٢ من أبواب الخيار ح ٣.

(٥٤)

Page 56: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

األول: إن التفرق كما يحصل بحركة كل منهما إلى جانب غير جانب اآلخر،كذلك يحصل بحركة أحدهما وسكون اآلخر.

والقول بأن االفتراق ثبوتي والسكون عدمي - على فرض تسليمه - ال أثر له،ألن المدار في الخيار إذا كان على الهيئة االجتماعية فبحركة أحدهما تنفصل

الهيئة. ولم يعتبر في انفصال الهيئة الطيب والرضا، حتى يقال: إن الساكن لم يفعلشيئا.

الثاني: أن بقاء األكوان وعدمه وافتقار الباقي إلى المؤثر وعدمه ال يرتبطبالمقام، فإنه لو قيل ببقاء األكوان ال بتجددها آنا فآنا وعدم احتياج الباقي في

بقائه إلى المؤثر - يعني أن العلة المحدثة هي المبقية - فغايته أن استمرار السكونليس مستندا إلى الساكن، بل بقاؤه إنما يكون بنفس علته المحدثة. وهذا ال يفيد

بعد ما ظهر أن الهيئة االجتماعية ترتفع ولو بإطارة الهواء، وأن مجرد انفصالها ولوعن إكراه يوجب سقوط الخيار.

الثالث: أن اقتضاء مقابلة الجمع بالجمع والتثنية بالتثنية التوزيع إنما هو لظهورجعل عنوان فعل كل مكلف متعلقا لتكليف نفسه، ولذا يحتاج اعتبار االجتماع إلىمؤنة زائدة على ظهور أدلة التكاليف، وأما لو لم يتوقف اعتبار االجتماع إلى مؤنة

زائدة فال يصير الشمولي أظهر من المجموعي، وفي مقامنا حيث جعل الهيئةاالجتماعية مدارا للخيار فال يقتضي مالحظة وصف االجتماع إلى مؤنة زائدة، ألنالهيئة من اإلضافات القائمة بالطرفين وقوامها باجتماع كليهما على هذا الوصف،

بل في مثل المقام اعتبار إضافة كل بالنسبة إلى نفسه يحتاج إلى مؤنة زائدة.إذا عرفت ذلك ظهر من األمرين األولين أن التفصيل بين بقاء المختار في

المجلس فالثبوت لهما وبين مفارقته فالسقوط عنهما ال وجه له، وظهر من األمرالثالث أن التفصيل بين المختار مطلقا والمكره فالسقوط عن المختار والثبوت

للمكره ال وجه له، ألن اإلضافة تنقطع باختيار أحدهما. فيبقى في المقام قوالنآخران الثبوت لهما والسقوط عنهما. ولوال صحيحة الفضيل لكان مقتضى

(٥٥)

Page 57: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

اإلطالقات السقوط عنهما، ألن فيها جعل مدار الخيار على عدم التفرق الساقطبتفرق أحدهما ولو عن كره، إال أن مقتضى تقييدها بصحيحة الفضيل أن المدار في

السقوط على اختيار كليهما، فإذا أجبر أحدهما على التخاير ومنع منه واجبر علىالتفرق أيضا لم يعلم بقاء المجبور على حاله الذي كان قبل الجبر فلم يحرز

االختيار إذ لعله كان يفسخ فيستصحب الخيار.وبالجملة: الظاهر من الصحيحة تقييد السقوط بالرضا منهما المنتفي بانتفاءرضاء أحدهما أو كليهما، فيبقى الخيار حتى بالنسبة إلى المختار، وال وجه

لمعارضتها بفعل اإلمام (عليه السالم) بعد ما ظهر أن القضية الشخصية ال يستفاد منهاالحكم

الكلي فتأمل جيدا.قوله (قدس سره): (فالنص ساكت.... إلى آخره).

وذلك ألنه بعد أن جعل مدار الخيار بضم الصحيحة إلى اإلطالقات على الهيئةاالجتماعية الحاصلة لهما بمقتضى طبعهما فإذا فقد هذه الهيئة بال اقتضاء طبعهمابل بالكره والجبر مع عدم داللة الصحيحة على ثبوت الخيار لهما - بفقد الرضا

واالختيار - لعدم ثبوت المفهوم لها فيجب الرجوع إلى االستصحاب فيما لو زالاإلكراه، حتى في أول زمان زواله فضال عما بعده.

نعم، بعد أول الزمان يجري النزاع في أنه من مورد الرجوع إلى االستصحابأو عموم العام أو التفصيل بين ما لو كان الخيار متصال بالعقد - كخيار المجلس -

وما لو كان منفصال. وسيجئ إن شاء الله تفصيله في محله.قوله (قدس سره): (ومن مسقطات هذا الخيار التصرف.... إلى آخره).

سيجئ في محله أن سقوط الخيار بالتصرف ليس لحكم تعبدي وال لكشفهعن الرضا، بل التصرفات المالكية هي بنفسها بمقتضى القواعد من المسقطات،

ألنها إجازة فعلية، وعلى هذا ال فرق بين خيار الحيوان وغيره. بل لو كان سقوطهلدليل تعبدي أيضا لم يكن فرق بين جميع األقسام، فإن قوله (عليه السالم): " فذلك

رضامنه " بمنزلة عموم العلة.

* * *

(٥٦)

Page 58: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره):(الثاني: خيار الحيوان.... إلى آخره).

ال يخفى أن ظاهر النص والفتوى وإن شمل كل ذي حياة ولكن مقتضىمناسبة الحكم والموضوع اختصاص هذا الخيار بالحيوان المقصود منه حياته ال

لحمه. فالصيد المشرف على الموت، والسمك والجراد - اللذان يقصد منهما اللحمنوعا وإن قصد نادرا حياتهما - خارجة عن هذا العموم. بل يمكن استفادة

التخصيص من بعض األخبار المعلل فيه الخيار بنظرة المشتري. وبناء عليه يختصأيضا بالحيوان الشخصي، لعدم جريان النظرة في الكلي، فإنه ال يصح بيعه إال بعد

تعيينه باألوصاف وبما يوجب اختالف القيمة. هذا، مضافا إلى أن المشتري اليملك مطالبة الكلي في باب السلم قبل موسم قبضه، فال يمكن جعل مبدأ الخيارقبل حلول األجل. وأما بعد القبض فال دليل على أن مبدأ الثالثة من حين القبض،

فهذا القسم لو لم يمكن االلتزام بثبوت الخيار فيه ال يمكن االلتزام بثبوته فيالكلي الحالي، لعدم الفرق بينهما.

نعم، الكلي في المعين لو صح بيعه - كما إذا كان جميع أفراده متساوية فيالقيمة - ال يبعد ثبوت الخيار فيه لجريان التعليل.

قوله (قدس سره): (مسألة: المشهور اختصاص هذا الخيار بالمشتري.... إلى آخره).األقوال في المسألة ثالثة: اختصاصه بالمشتري مطلقا كان الثمن كالمبيع

حيوانا أم ال، وثبوته لهما مطلقا، واختصاصه بمن أنتقل إليه الحيوان مطلقا.ومنشأ األقوال اختالف األخبار فبعضها ظاهر في اختصاصه بالمشتري،

كقوله (عليه السالم): الخيار في الحيوان ثالثة أيام للمشتري (١). وبعضها ظاهر فيثبوته

لهما، كقوله (عليه السالم): في صحيحة محمد بن مسلم المتبايعان بالخيار ثالثة أيامفي

الحيوان (٢). وبعضها ظاهر في ثبوته لمن أنتقل إليه الحيوان، كقوله (عليه السالم):وصاحب

--------------------(١) الوسائل ١٢: ٣٤٦، الباب ١ من أبواب الخيار ح ٥.(٢) الوسائل ١٢: ٣٤٩، الباب ٣ من أبواب الخيار ح ٣.

(٥٧)

Page 59: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الحيوان بالخيار ثالثة أيام (١). بناء على أن المراد من " الصاحب " هو الصاحبالفعلي ال األصلي، ألنه ال يمكن أن يكون الخيار لمن أنتقل عنه ال للمنتقل إليه،

لكونه خالف اإلجماع مع منافاته لحكمة النظر واالختبار.وأظهر األقوال أدلة هو األخير، وهو ثبوته لمن أنتقل إليه - بائعا كان أو

مشتريا أو كليهما لو كان العوضان حيوانين - دون من أنتقل عنه. أما ثبوته لمنانتقل إليه مطلقا فلقوله (عليه السالم): " صاحب الحيوان بالخيار " وال ينافيه ظهور قوله

(عليه السالم)للمشتري، وال ظهور موثقة ابن فضال " صاحب الحيوان المشتري بالخيار ثالثةأيام " أما أوال: فلعدم حمل المطلق على المقيد في األحكام االنحاللية، كما إذاقيل: أكرم العلماء وأكرم زيدا، فال ينافي ثبوت الخيار للمشتري ثبوته لغيره إذا

صار صاحب الحيوان، أو ثبوته لكليهما إذا انتقل إليهما.وأما ثانيا: فإلمكان ورود القيد مورد الغالب، كما في قوله عز من قائل:

* (وربائبكم الآلتي في حجوركم) * (٢) فال ظهور له في االختصاص. وال يقال:يمكن حمل المطلق مثل قوله (عليه السالم) " صاحب الحيوان " على الغالب فيراد منه

المشتري، ألن الغالب كونه كذلك، كما صرح به اإلمام (عليه السالم) في الموثقة. ألنانقول:

الغلبة قد توجب حمل القيد على موردها وال توجب تقييد المطلق أو االنصرافإلى موردها، كما إذا لم توجب ضعف صدق المطلق على غير الغالب بأن لم يكن

المطلق مشككا بل متواطئا من حيث الماهية أو الوجود، هذا مضافا إلى أن فيموثقة ابن فضال يمكن أن يكونه المشتري وصفا للحيوان، بأن يقرأ بفتح الراء، مع

أنه لو قرأ بكسر الراء فيمكن أن يكون التقييد لدفع توهم ثبوت الخيار لصاحبهاألصلي وهو البائع، فال تعرض له إلى مورد كان البائع صاحبه الفعلي.

وأما ثالثا: فإلمكان أن يكون النكتة في التقييد دفع توهم: أن خيار الحيوانكخيار المجلس في ثبوته للبائع والمشتري، أي ليس للبائع خيار إذا انتقل عنه

--------------------(١) الوسائل ١٢: ٣٤٥، الباب ١ من أبواب الخيار ح ١.

(٢) النساء: ٢٣.

(٥٨)

Page 60: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الحيوان وليس كخيار المجلس في ثبوته لهما. فليس بصدد إخراج البائع إذا كانالثمن حيوانا.

وبالجملة: فال مانع من األخذ بعموم " الصاحب " وثبوته لكل من أنتقل إليهالحيوان، هذا حال المنتقل إليه.

وأما عدم ثبوته للمنتقل عنه فألنه ال دليل على ثبوته له إال قوله (عليه السالم): " فيصحيحة محمد بن مسلم، المتبايعان بالخيار ثالثة أيام في الحيوان " وفيما سوىذلك من بيع حتى يفترقا، فإن " المتبايعان " بإطالقه يشمل ما إذا كان الثمن أوالمثمن أو كالهما حيوانا. ولكن يمكن تقييده بصحيحته األخرى " المتبايعان

بالخيار ما لم يفترقا. وصاحب الحيوان بالخيار ثالثة أيام (١) فيصير المراد منالمتبايعين بعد التقييد من أنتقل إليه الحيوان، أي يحمل على مورد يكون الثمنان

حيوانين.نعم يرد على التقييد إشكاالت ثالثة:

األول: أن حمل قوله (عليه السالم): " المتبايعان بالخيار " على ما إذا كان الثمنانحيوانين حمل على فرد نادر، فإن الغالب كون المبيع حيوانا.

الثاني: أن اتحاد السياق يقتضي أن يكون ثبوت الخيار في بيع الحيوانوغيره - الذي ثبت فيه خيار المجلس - على نهج واحد، وخيار المجلس أمر قائم

بالمتبايعين بالنسبة إلى الثمن والمثمن. فخيار الحيوان لو لم يكن إال للمنتقل إليهيلزم أن يرتكب شبه استخدام في لفظ " المتبايعان بالخيار " أي يراد منه تعلق

الخيار بالنسبة إلى غير الحيوان بالثمن والمثمن، وبالنسبة إلى الحيوان بأحدهما.الثالث: أنه لو حمل المتبايعان على مورد كان العوضان حيوانين للزم أن

يناقض صدره ذيله، ألن ذيله صريح في أن فيما سوى ذلك ليس إال خيارالمجلس، وما سوى كون الثمنين حيوانين يشمل ما كان المبيع حيوانا، فيلزم أن

ال يكون للمشتري خيار، مع أنه ال يقول به أحد، وليس الواقع كذلك أيضا.--------------------

(١) الوسائل ١٢: ٣٤٥، الباب ١ من أبواب الخيار ح ١ و ٢.

(٥٩)

Page 61: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ولكنه ال يخفى أن جميع هذه اإلشكاالت ال يصادم ظهور قوله (عليه السالم):" صاحب الحيوان بالخيار " في اختصاص الخيار بمن أنتقل إليه.

أما أوال: فألن حمل قوله " المتبايعان " على ما إذا كان الثمنان حيوانين وإنكان حمال على الفرد النادر، إال أن قوله (عليه السالم): " صاحب الحيوان " أظهر في

االختصاص بمن أنتقل إليه من إطالق " المتبايعان " خصوصا مع عدول اإلمام (عليهالسالم)

عن قوله " المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا " إلى قوله: وصاحب الحيوان، ألنه لوكان خيار الحيوان كخيار المجلس ثابتا لكليهما لكان الالزم أن يقال: المتبايعان

بالخيار ما لم يفترقا، وهما بالخيار في الحيوان ثالثة أيام. فعدوله (عليه السالم) فيصحيحة

محمد بن مسلم وفي صحيحة زرارة ليس إال لبيان االختصاص.وأما ثانيا: فلمعارضة هذه الصحيحة الدالة بإطالقها على ثبوت الخيار لهما مع

رواية قرب اإلسناد الصريحة في عدم ثبوت الخيار للبائع إذا كان المبيع حيوانا،وال سيما التعليل الوارد فيه بقوله (عليه السالم): الخيار لمن اشترى نظرة ثالثة أيام، فإن

العلة وإن كانت حكمة التشريع وهي ال تقتضي االطراد، إال أن بمناسبة الحكموالموضوع يستكشف مناط جعل الخيار، وأنه للمنتقل إليه دون المنتقل عنه.

وأما اإلشكال الثاني فغير وارد أصال، ألنه لو كان قوله (عليه السالم): المتبايعانبالخيار، منزال على ما إذا كان الثمنان حيوانين فيتحد حكمه مع غير الحيوان فيثبوت الخيار لهما، كان حق الرد متعلقا بما في يدهما أو حق األخذ متعلقا بما

انتقل عنهما ألن حل العقد وإبقاءه بيدهما على أي تقدير. والفرق االعتباريالخارجي ال يوجب استعمال قوله (عليه السالم) " المتبايعان بالخيار " في معنيين.

وأما اإلشكال الثالث فال يخفى ما فيه، ألن ذيل الرواية ال ينفي صدره منحيث النصوصية والظهور، فإنه لو حمل صدره على ما إذا كان الثمنان حيوانين

يصير مفاده اللفظي أنه لو كان الثمن والمثمن كالهما حيوانا فالخيار لكليهما، ولولم يكن كذلك بأن كان أحدهما حيوانا فال خيار ألحدهما إال خيار المجلس،

وعدم إمكان العمل بذيله ال يوجب مناقضة ذيله لصدره.

(٦٠)

Page 62: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فغاية األمر يقيد ذيله ويقال: إن مقتضى األدلة األخرى هو أن لمن أنتقل إليهالحيوان خيار ثالثة أيام.

وبالجملة: ال إشكال في ترجيح صحيحتي محمد بن مسلم، وزرارة - الدالتينعلى ثبوت الخيار لخصوص من أنتقل إليه - من حيث الداللة على الرواية الدالةعلى ثبوته لمن أنتقل عنه أيضا، فال مجال حينئذ لمالحظة السند، مع أن إعراض

القدماء عنها وعدم العمل بها إلى زمان السيد المرتضى (قدس سره) يكفي وهنا لداللتهاوسندها، إذ لعلها كانت منقولة بالمعنى، ألن شخص محمد بن مسلم هو الراوي

للصحيحة األخرى الدالة على االختصاص بمن أنتقل إليه فالمسألة واضحة.نعم، يمكن أن يقال بعد ظهور موثقة ابن فضال في اختصاص الخيار

بالمشتري - لركاكة " قراءة المشترى " بالفتح وبعدها عن سياق اللغة العربية -فيحمل المطلق على المقيد، مع ظهور عدة من الروايات في االختصاص

بالمشتري. واحتمال ورود القيد مورد الغالب ضعيف، فإن األصل في القيداالحترازية إال إذا ثبت كونه واردا مورد الغالب، كما في * (ربائبكم الالتي في

حجوركم) * فاألقوى ما عليه المشهور، فتدبر.قوله (قدس سره): (مسألة: ال فرق بين األمة وغيرها.... إلى آخره).

ال يخفى أنه لو قام الدليل على أن ضمان األمة في مدة االستبراء على البائعلم يكن مالزما لثبوت الخيار للمشتري في هذه المدة، ألنه لم يثبت المالزمة بين

ضمان شخص وثبوت الخيار لطرفه، بل المالزمة بالعكس، فإنه ثبت أن من لهالخيار ضمان ماله على من ال خيار له، هذا مضافا إلى أنه لم يثبت ضمان البائع في

مدة االستبراء. فالتفصيل بين الحيوانات في مدة الخيار ال وجه له أصال (١).قوله (قدس سره): (مسألة: مبدأ هذا الخيار من حين العقد.... إلى آخره).

--------------------(١) وال يخفى أن التالزم بين الخيار وثبوت الضمان على من ال خيار له موجب الستكشافالتالزم من عكسه فإن ثبوت الضمان في مدة االستبراء على البائع بال موجب فال بد أن يكون

منشؤه ثبوت الخيار للمشتري. منه عفي عنه.

(٦١)

Page 63: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قد يتخيل أن النزاع ال وجه له، ألنه ليس خيار الحيوان إال خيار المجلس- الذي هو في غير الحيوان إلى التفرق وفيه إلى ثالثة أيام - فيكون مبدؤه من

حين العقد.وفيه إنا لو اخترنا ما عليه السيد المرتضى من ثبوت خيار الحيوان للبائع

والمشتري، لكان لهذا الكالم وجه.وأما لو قلنا بعدم ثبوته للمنتقل عنه فال شبهة في أن خيار الحيوان مغاير لخيار

المجلس موضوعا ومحموال، فإن خيار المجلس ثابت لكليهما ما دام المجلسباقيا سواء طال أم قصر، وخيار الحيوان يختص بمن أنتقل إليه في ثالثة أيام فأين

هذا من ذاك.ثم إنه استدل على أن مبدءه بعد التفرق بأمور:

األول: االستصحاب ويمكن تقريبه بوجهين:األول: أصالة عدم ارتفاعه بانقضاء ثالثة أيام من حين العقد، أي بعد مضي

ثالثة أيام من حين العقد يستصحب بقاء خيار الحيوان بمقدار زمان المجلس.والثاني: أصالة عدم حدوثه قبل انقضاء المجلس.

واألول ال إشكال فيه لو آل األمر إلى األصول ولم يستظهر الحكم من األدلة،ألن أثره تأثير الفسخ، فإنه من اآلثار الشرعية المترتبة على نفس بقاء الخيار من

دون واسطة.والثاني مثبت، ألن نفس عدم حدوثه ال أثر له، وال يثبت به أن مبدءه بعد

التفرق.وال يقال: إن من آثار عدم حدوثه عدم تأثير إسقاطه. ألنا نقول: عدم تأثير

إسقاطه لم يرتب على عدم حدوثه، بل من باب أن إسقاطه إسقاط لما لم يجب،إال أن يقال إن كونه إسقاطا لما لم يجب مترتب على أمرين:

أحدهما: محرز بالوجدان وهو نفس االسقاط.وثانيهما: بالتعبد وهو عدم حدوث الخيار، فال محذور في استصحاب عدم

الحدوث.

(٦٢)

Page 64: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فالصواب في الجواب عن هذا األصل: أنه بمعناه المحمولي وهو عدم تحققالخيار قبل بيع الحيوان ال أثر له، وبمعناه النعتي وهو حين بيع الحيوان ليس له

حالة سابقة، واستصحاب العدم المحمولي إلثبات العدم النعتي مثبت.الثاني: إنه لو لم يكن مبدؤه التفرق لزم اجتماع السببين على مسبب واحد.

وقد يرد بأن األسباب الشرعية معرفات ال علل.وال يخفى أن النزاع في أن األسباب معرفات أو علل بالمعنى المتصور

الصحيح ال ربط له بالمقام، فإنه لو كان المراد من المعرف أنه حكمة ال علة فكونمناطات األحكام من قبيل الحكم ال العلل ال ربط له بالمقام، ألن الخيارين تابعان

لمقتضى دليلهما قبل التفرق كان مناطهما حكمة للجعل أو علة له. ولو كان المرادمن المعرف أن موضوع الحكم الذي أخذ في القضية الحقيقية ليس علة لثبوتالحكم عند تحققه فهذا بديهي البطالن، ألنه لو جعل حكم على تقدير فبتحققه

يتحقق الحكم وبعدمه ال يتحقق، وال يعقل تحقق الموضوع وعدم تحقق الحكم.

فال يمكن أن يقال: إن األسباب الشرعية معرفات ال علل، ألنها بهذا المعنى علل.فإذا كانت كذلك فاألصل عدم التداخل، ألن كل موضوع سبب لتحقق الحكم الذي

أنشئ على فرض وجوده، فلو أمكن تعدد الحكم نلتزم به، ولو لم يمكن فلو أمكنتعدد مرتبته كالشدة والقوة - كما في االستحباب والوجوب - فهو، ولو لم يمكن -

كالخيار في المقام الذي هو من قبيل سائر األحكام الوضعية الغير القابلة للتأكدوالتعدد - فمقتضى توارد العلتين على معلول واحد أن يكون المعلول مستندا إلى

مجموع العلتين، فإن كال منهما مستقل في العلية لو لم يقارنه اآلخر، فمع المقارنةيستند إلى كليهما. هذا، مع أن الخيار قابل للتعدد من حيث اإلضافة، أي وإن لم

يمكن تعدد نفس الخيار ولكن يمكن تقييده من جهة السبب. وأثر ذلك أنه يمكنإسقاطه من جهة وإبقاؤه من أخرى، ألنه ليس معنى الخيار إال ملك االلتزام الذي

التزم العاقد به، فلو ملك التزام نفسه من جهتين فله إسقاط إحداهما وإبقاءاألخرى.

(٦٣)

Page 65: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبالجملة: ال يلزم من إسقاط الخيار سقوطه رأسا، فإنه تابع لنظر المسقط.وهذا ال ينافي وحدة الخيار، فإن الملكية التي هي من األمور االعتبارية يمكن

رفع اليد من أحد أسباب اعتبارها، فحال الخيار بالنسبة إلى السببين كحال القتلبالنسبة إلى أسبابه، فإنه مع كونه غير قابل للتعدد والتأكد يمكن تقييده بأسبابه. فإذا

اجتمع سببان فيه - أحدهما إلهيا واآلخر خلقيا، كاالرتداد والقصاص، أو حقانخلفيان - يمكن سقوطه من جهة وثبوته من أخرى.

نعم، إذا كان كل منهما إلهيا فغير قابل إلضافته إلى سبب دون آخر، ألن مرجعالحد الشرعي إلى الحكم الشرعي، والحكم غير قابل لإلسقاط.

الثالث: األخبار الدالة على أن تلف الحيوان في الثالثة ممن أنتقل عنه - أيممن ليس له الخيار - وبضميمة ما دل على أن التلف في الخيار المشترك ممن أنتقل

إليه يستكشف أن مبدأ خيار الحيوان بعد التفرق، ألنه لو كان مبدؤه أول زمانالعقد الذي يشترك فيه البائع والمشتري في الخيار لما كان التلف على البائع.

وفيه ما ال يخفى، ألن أدلة خيار الحيوان لو كانت ظاهرة في أن مبدؤه منحين العقد لم يمكن رفع اليد من ظهورها بمجرد أنه ال يمكن الجمع بين األدلةالدالة على أن تلف الحيوان في زمان الخيار المشترك من المشتري واألدلة الدالة

على أن تلف الحيوان في الثالثة التي هي زمان خيار الحيوان للمشتري على البائعإال على أن يكون مبدأ الثالثة بعد التفرق، ألن غايته تعارض القاعدتين. فيمكن

حمل ما دل على أن التلف من البائع على الغالب من كونه بعد المجلس، فال إطالقله حتى ينافي ما دل على أن التلف في المجلس ممن أنتقل إليه. ويمكن تقييد ما

دل على أن تلف المال في زمان الخيار المشترك من المنتقل إليه بغير موردالحيوان فيقال: إن التلف في زمان الخيار المشترك ممن أنتقل إليه، إال أن يكون له

خيار مختص فيكون التلف من المنتقل عنه.قوله (قدس سره): (ثم إن المراد بزمان العقد هل زمان مجرد الصيغة.... إلى آخره).

ال إشكال في أن مبدأ الثالثة في عقد الفضولي بناء على النقل من حين

(٦٤)

Page 66: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

اإلجازة، وكذا بناء على الكشف الحكمي، ألن الدليل الدال على ترتيب اآلثار منحين العقد يدل على ترتيب آثار الملكية، وال يدل على أن االستناد إلى المالك

الذي يتحقق بحسب الخارج باإلجازة أيضا من حين العقد.وبعبارة أخرى: كما أن األصول ال يترتب عليها إال اآلثار الشرعية، فكذلك

األدلة التي وردت في بيان اثبات حكم تعبدي ال يترتب عليها إال المقدار الذيورد التعبد به دون لوازمه العادية.

وأما على الكشف الحقيقي فبناء على كون الشرط هو وصف التعقب، أوالتزمنا على ما هو المحال والخلف وهو أن اإلجازة بوجودها العيني شرط ومع

هذا تحقق الملك قبلها - كما يقوله القائل بصحة الشرط المتأخر - فمبدأ الثالثة منحين العقد.

وأما بناء على االنقالب فمن حين اإلجازة، ألن القائل به يقول بانقالب آثارالملك.

وأما نفس اإلجازة الواقعة فعال فال يدعى وقوعها حين العقد، فمبدأ الخيارال محالة من حينها. وأدلة الجميع واضحة.

ثم إن مبدءها في السلم من حين العقد، ال حين حصول الملك - أي حينالقبض كما عرفته في خيار المجلس - ألن الخيار مخصص لوجوب الوفاء بالعقد،

فال يقال: ال أثر له قبل القبض.قوله (قدس سره): (مسألة: ال إشكال في دخول الليلتين.... إلى آخره).

ال يخفى أن اليوم بحسب العرف واللغة هو الزمان الممتد بين طلوع الشمسوغروبها، بحيث لو أطلق على مجموع الليل والنهار فهو بقرينة خارجية، كما أن

إطالقه على اليوم الصومي - وهو من أول الفجر إلى زوال الحمرة - بدليل خارجي،وإال فبحسب معناه العرفي كاللغوي هو اليوم اإلجاري، وهو من أول الشمس إلى

الغروب.نعم، في خصوص المقام لما استفيد االستمرار من األخبار يدخل الليلتان

(٦٥)

Page 67: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

المتوسطتان في األيام، كما أنه لو وقع العقد في أول الغروب يستمر هذا الخيار منحين العقد إلى منتهى اليوم الثالث، فدخول الليلتين أو الليالي في بعض الموارد

ليس لدخولها في مفهوم األيام، وذلك واضح. إنما الكالم في أن الحكم المترتبعلى األيام مترتب على خصوص اليوم التام، أو يكفي التلفيق؟ وهو تارة يحصل

من تلفيق نصف من اليوم بنصف من الليل وأخرى من تلفيق نصف يوم بنصف يومآخر. فنقول: الحكم بحسب الثبوت ال يخلو عن أحد الوجوه الثالثة.

فتارة ال يكون لليوم خصوصية أصال، بل المخصوص هو المقدار الخاص منالحركة الفلكية.

وأخرى له خصوصية، والخصوصية إما من حيث هذا المقدار من البياض،أو لخصوصيته بتماميته.

أما بحسب اإلثبات فال بد من قيام قرينة على أحد األقسام الثالثة.وال يبعد دعوى قيام القرينة النوعية على كفاية التلفيق من يومين، ألن ظاهر

ما يوجب اعتبار اليوم أو األيام في موضوعات األحكام هو اعتبار هذا المقدارمن البياض ال من حركة الفلك وال تمام البياض من يوم واحد. وعدم كفاية التلفيقفي االعتكاف إنما هو العتبار الصوم فيه، والصوم ثبت أن يومه من أول الفجر إلى

زوال الحمرة.قوله (قدس سره): (الثالث التصرف وال خالف في إسقاطه في الجملة لهذا الخيار....

إلى آخره).تنقيح البحث فيه يستدعي رسم أمرين تقدم تنقيحهما في بحث المعاطاة:

األول: أن مقتضى القواعد األولية وقوع كل عنوان من عناوين العقودواإليقاعات بالفعل كوقوعه بالقول إذا كان الفعل في طبعه بحسب العرف والعادة

مصداقا لذلك العنوان، بحيث يحمل عليه بالحمل الشائع الصناعي أنه هو، أي كانبطبعه آلة إليجاده، فال يقع العنوان بالفعل الذي ليس آلة إليجاده ولو نوى

وقوعه به.

(٦٦)

Page 68: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الثاني: أن خروج بعض اإليقاعات ليس إلجماع تعبدي، بل النتفاء ما يكونآلة إليجاده من األفعال. فعدم وقوع العتق أو الطالق بالفعل إنما هو ألن الفعل ليسآلة إليجادهما، ولهذه الجهة ال تجري المعاطاة أيضا في كثير من العقود، كالصلح

والضمان والحوالة والنكاح.وبالجملة: ال يختص اإليقاع بخصوصية موجبة لعدم جريان المعاطاة فيه من

حيث إنه إيقاع، فعلى هذا كل إيقاعي كان الفعل آلة إليجاده - كالرجوع في الهبةوالعدة والفسخ واإلجازة - يقع به.

إذا عرفت ذلك فحيث إن اإلجازة من اإليقاعات وال بد في تحققها خارجامن إنشاء لفظي أو فعلي، فكل فعل كان مصداقا لتحققها خارجا وفي عالم االعتبار

تقع به. ومن أوضح مصاديق األفعال - التي تقع هذه بها - التصرف، فإنه إجازةفعلية.

نعم، يشترط أن يكون التصرف مالكيا بأن يكون نحو تصرف المالك فيأمالكهم. فالتصرف االختباري والذي جرت العادة بصدوره من غير المالك

- كسقي الدابة وركوبها حال الذهاب واإلياب وقوله: للجارية ناوليني الماء - مثال -والتصرف الصادر من حيث االشتباه الموضوعي - كتخيل أن هذه الدابة غير

المشتراة - خارج عن التصرف المالكي.وبالجملة: مقتضى القاعدة تحقق اإلجازة والفسخ بالفعل كتحققها بالقول.

وليس التصرف مسقطا تعبديا، وإال لوجب االقتصار على مورده، وهو التصرففيما انتقل إليه وفي خصوص الحيوان. فالتعدي عنه والقول بأن تصرف المالك في

كل معاملة فيما انتقل عنه فسخ وفيما انتقل إليه إجازة، ليس إال ألن التصرف بنفسهإجازة وإنشاء فعلي فيما انتقل إليه.

نعم، التصرف قبل العلم بالعيب في خيار الحيوان مسقط تعبدي، وأما بعدالعلم كالتصرف في المقام فهو على وفق القاعدة. واألخبار الواردة في هذا الباب

(٦٧)

Page 69: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

أيضا كاشفة عما ذكرنا، فإن قوله (عليه السالم) إذا أحدث فيها حدثا فقد وجب الشراء.(١)

وقوله (عليه السالم): فذلك رضى منه وال شرط له (٢). يدل على أن الرضا بالبيعواختياره

هو بنفسه مسقط للخيار. وليس المراد من " الرضا " الطيب، فإنه بهذا المعنى يتعدىبالياء، مع أنه في رواية عبد الله بن الحسن تعدى بالنفس، فيكشف عن أن معناه في

سائر األخبار هو االختيار.ويؤيد ذلك، بل يدل عليه صحة حمل الرضا على التصرف بال عناية، فإن

قوله (عليه السالم) " فذلك " أي الحدث رضى منه لو كان بمعنى الطيب الحتاج إلىعناية،

إما بحمل المنكشف على الكاشف، أو التنزيل. هذا مع أن جهة كشفه عن الرضاال أثر له في شئ من العقود واإليقاعات، فإن العقد أو اإليقاع إنشائي ال يوجد

إال بآلة من قول أو فعل، ومجرد الرضا الباطني ال أثر له أصال.وبالجملة: لما استظهر المصنف من " الرضا " أنه بمعنى طيب النفس وجه

أو احتمل وجوها في قوله (عليه السالم): فذلك رضى منه وال شرط له. وكل ذلك فيغير

محله، ألنه مبني على أخذ الرضا بمعنى الطيب.ثم إن كون جواب الشرط " فذلك رضى منه " أو قوله (عليه السالم) " وال شرط له "ويكون فذلك رضى منه توطئة للجزاء - كما تكرر هذا الكالم منه (قدس سره) - ال

يرجع إلىفرق حقيقي بين الوجهين، بل ال معنى للتوطئة، فإنه قد يكون الجواب مجموع

الكالم من الصغرى والكبرى، وقد يكون خصوص الكبرى.ثم إن المحتمالت في الرواية لو كان المراد من الرضا طيب النفس ثالثة، فإناالحتمالين األولين يرجعان إلى أمر واحد، وهو جعل التصرف مسقطا تعبديا

ومنزال منزلة االلتزام بالعقد، فعلى هذا كل حدث وتصرف بمنزلة االلتزام بالعقدفي سقوط الخيار به، فيصير مفاد الحديث أنه لو أحدث المشتري حدثا فهو بمنزلة

رضائه فال خيار له. واالحتمال الثالث الذي هو الثاني في الحقيقة يرجع أيضا إلى--------------------

(١) الوسائل ١٢: ٣٥١، الباب ٤ من أبواب الخيار ح ٢.

(٢) الوسائل ١٢: ٣٥٠، الباب ٤ من أبواب الخيار ح ١.

(٦٨)

Page 70: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

التعبد، ألنه لو لم يكن للتصرف ظهور فعلي وشخصي في الرضا بل كان كظهوراأللفاظ في إرادة معانيها لما كان متبعا في كل مقام، إال بتعبد من الشرع وبإمضاءما عليه طريقة العقالء. فإذا كان تعبديا يدور مدار مقدار التعبد، وال وجه للتعدي

عنه إلى مورد الفسخ.ثم على الوجه األول يكون حمل الرضا على التصرف نظير حمل الصالة على

الطواف في قوله (عليه السالم): " الطواف في البيت صالة " وعلى الثاني - أي الثالثفي

كالمه - يكون من حمل المنكشف على الكاشف.فتحصل مما ذكرنا أنه ليس التصرف في عرض سائر المسقطات مسقطا

مستقال، بل لمكان أنه إجازة والتزام بالعقد وأخذ بأحد طرفي الخيار. ولذا يجبأن يعد التصرف بحسب العرف والعادة مصداقا لإلجازة وإن لم يقصد به اإلجازة،ألن كل فعل كان مصداقا لعنوان يكفي في تحقق العنوان مجرد القصد إلى الفعل،

وال يشترط قصد العنوان به. ولذا قالوا: إن الوطء وإنكار الطالق رجوع وإن لميقصده بهما.

نعم، غير الوطء من سائر األفعال يجب أن ال يقصد منه خالف العنوان، ألنمع قصد الخالف يخرج الفعل عن المصداقية. كما أنه يشترط أن ال يقع الفعل

اشتباها، وأن ال يكون من األفعال التي تصدر من غير المالك أيضا، كسقي الدابةونحو ذلك.

وبالجملة: التصرف المالكي هو بنفسه إجازة فعلية ولو لم يقصد به عنواناإلجازة، بل لو فعل فعال لم يصدق التصرف عليه - كالعرض على البيع - فهو أيضاإجازة، ألن قوله (عليه السالم): " فذلك رضى منه " كما يوجب تخصيص التصرف

بالتصرفالمالكي كذلك يوجب تعميم كل عمل كان مصداقا لالختيار. ومن هنا ظهر أن ما

أورده (قدس سره) على من خصص التصرف بالتصرف المالكي غير وارد أصال، ألنعقد

الوضع وإن كان عاما إال أن عقد الحمل يوجب تقييد الموضوع، وجزاء الشرط فيالشرطيات كالمحمول في الحمليات.

(٦٩)

Page 71: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فقوله (عليه السالم): فذلك رضى منه، يوجب اختصاص التصرف بالتصرف الناشئ عناختيار والتزام بالعقد.

واالختصاص ال يوجب استهجانا سواء قلنا بأن التصرف مسقط تعبدي،أو كاشف نوعي، أو إجازة فعلية.

أما على التعبدية فواضح، ألن كل تصرف محرم عليه قبل الشراء فهو مسقطبمنزلة الرضا.

نعم، يرد عليه - مضافا إلى أن ظاهر الخبر بيان األمر االرتكازي ال التعبد -أن جعل الخيار لغو، ألنه ال ينفك المبيع عن التصرف فيه في الثالثة.

وأما على الكشف النوعي - الذي قلنا: إنه راجع إلى التعبد أيضا - فألن جعل" فذلك رضى " بمنزلة العلة للجزاء، إما راجع إلى علة الجعل، أو المجعول والحكم.

أما لو كان علة للحكم فهي موضوع الحكم، وليس من أول األمر عاما حتى يكونتخصيصه بالفرد النادر مستهجنا. وأما لو كان علة للتشريع - كزوال أرياح اآلباط

في غسل الجمعة وعدم اختالط المياه في العدة - فتارة: تكون العلة بمثابة مناألهمية في نظر الشارع بحيث ال يرضى بوجودها ولو في الفرد النادر، فيصح

تشريع الحكم على وجه العموم حفظا للحمى.وأخرى: ال تكون بتلك المثابة، فال يصح تشريعه على وجه العموم.

هذا، مع أن كل ذلك لم يكن ألنه ليس المراد من الحدث مطلق التصرف حتىيكون تعليل الحكم المطلق بهذه العلة الغير الموجودة إال في قليل من أفراده

مستهجنا، بل المراد منه التصرف المالكي وهو في الغالب ال ينفك عن الرضاوكاشف نوعي عنه.

نعم، مطلق التصرف ليس كاشفا نوعيا، ولكن أين اإلطالق؟وبالجملة: بعد ما ظهر أن الحكم بسقوط الخيار بالتصرف ليس إال ألنه إجازةفعلية ظهر أن الجمع بين األخبار في غاية الوضوح، ألنها بأجمعها ناطقة بأن

التصرف الذي يحرم على المتصرف لو لم يكن مالكا هو اختيار للعقد وإمضاء له،سواء صدر بعنوان اإلجازة، أم بال التفات إلى العنوان.

(٧٠)

Page 72: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

نعم، ال بد من االلتفات إلى الفعل وصدوره عنه بما هو مالك لهذا الذي اشتراه،وسواء صدق عليه التصرف عرفا أم ال - كالعرض على البيع وإنكار البيع - كل ذلك

ألن هذه األفعال بنفسها مصاديق لإلجازة.نعم، يجب أن ال يخرجها عن هذا العنوان بقصد الخالف، فإن األفعال مختلفةفي جهة المصداقية، فبعضها ال اقتضاء صرف وبالقصد يتصف بعنوان، وبعضها

يتصف به ما لم يقصد خالفه، وبعضها يتصف به مطلقا، كالوطء في زمان العدةالرجعية، فإنه وإن قصد به الزنا ال الرجوع، إال أنه يتحقق الرجوع به. نعم، يعزر

لقصده هذا.ويمكن أن يقال بالفرق بين التصرف فيما انتقل إليه والتصرف فيما انتقل عنه،

فإن األول إجازة وإن قصد الخالف، والثاني مع قصد الخالف ليس فسخا. ومنشأالفرق هو أن التصرف فيما انتقل إليه تصرف فيما هو ملكه، فإذا نوى به الغصبية

- مثال - ال يخرج عن كونه تصرفا في الملك. فإذا صدر الفعل عنه باالختيار معالعلم بموضوع الخيار كالعلم بالغبن - مثال - أو العيب فنفس صدور هذا التصرفالمالكي هو التزام بأحد طرفي الخيار، ألنه التزام بعدم شرط التساوي - مثال - في

المالية الموجب للخيار ولو لم يعلم بأن المغبون ذو خيار شرعا، ألن عدم العلمبالحكم ال يخرج التصرف عن عدم االلتزام بتساوي المالين.

نعم، مع الجهل بالغبن ليس مجرد التصرف المالكي مصداقا إلسقاط شرطالتساوي، لعدم علمه بعدم التساوي.

وأما التصرف فيما انتقل عنه، فلو قصد به التصرف العدواني فهذا ليس أخذابأحد طرفي الخيار، إلمكان طرو عنوان الغصب عليه، فالفعل يصير ذا وجهين.

وليس كمن أكل مال نفسه وقصد الغصب ومن وطئ زوجته وقصد الزنا، فإن هذاالقصد ال يغير الفعل عما هو عليه ولو كان القصد حراما. وعلى هذا فالوطء في

زمان الرجوع رجوع وإن قصد الخالف، ألن المطلقة الرجعية زوجة.ثم إن هذا ما هو التحقيق في المقام، وأما كلمات العلماء فال يجمعها جامع

(٧١)

Page 73: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

واحد، بل كل منهم سلك مسلكا فبعضهم أخذ بالتعبدية، وبعضهم بالكاشفيةالنوعية، وبعضهم اعتبر الكشف الفعلي فراجع.

* * *قوله (قدس سره):

(الثالث خيار الشرط.... إلى آخره).وقد حكي عن صاحب المستند: أن األدلة العامة مثل " المؤمنون عند

شروطهم " ال تكفي إلثبات صحة اشتراط الخيار، الستثناء الشرط المخالفللكتاب والسنة، ألن السنة تدل على أن باالفتراق يجب البيع، فاشتراط عدم

وجوبه بعد االفتراق مخالف لها.وحيث إنا قد ذكرنا في اشتراط سقوط خيار المجلس في ضمن العقد ضابطا

للشرط المخالف والموافق ظهر ما في كالمه.وحاصل الضابط: أن كل حكم تكليفي غير اقتضائي وكل حكم وضعي حقيقابل لالشتراط، فالمهم إثبات الصغرى وأن اللزوم في المقام حقي ال حكمي،

وإثباتها وإن تقدم في المعاطاة مفصال إال أنه ال بأس باإلشارة إليه إجماال.فنقول: إن اللزوم في باب النكاح والضمان حكمي ال حقي، والكاشف عنه

عدم جريان اإلقالة فيهما، كما أن الجواز في الهبة كذلك أيضا، بل الجواز فيالمعاطاة من جهة أيضا كذلك، ألن األفعال ال تدل إال على نفس المنشئات

بالعقود، وليست لها داللة التزامية.وأما اللزوم في البيع وفي كل عقد معاوضي فهو حقي، ألنه حكم شرعي

متعلق بما ينشئه المتعاقدان بالداللة االلتزامية، فإن " بعت " كما يدل على التبديلمطابقة يدل بحسب العرف والعادة على االلتزام بما أنشأه. فالبائع يملك المشتري

المبيع ويملكه التزامه بكون المبيع بدال للثمن، فيملك المشتري المثمن والتزامالبائع، كما يملك البائع الثمن والتزام المشتري، فكل منهما يملك التزام صاحبه.

(٧٢)

Page 74: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

و " أوفوا بالعقود " يدل على وجوب الوفاء بهذا االلتزام الذي به سمي العقد عقداوعهدا مؤكدا، كما أن باإلقالة تنحل هذا االلتزام ويرد كل منهما االلتزام الذي

ملكه إلى صاحبه، والخيار ملك كال االلتزامين، ولذا يثبت في كل ما يجري فيهاإلقالة وبالعكس.

فإذا كان االلتزام من منشئات المتعاقدين، فلو اشترطا أن ال يكون هذا فيمدة معينة ألحدهما فال يملك المشروط عليه التزام المشروط له، وإذا ارتفع

موضوع الحكم فال حكم، حتى يكون شرط خالفه مخالفا للكتاب. ولو لم يكناألدلة العامة الواردة في الشروط لكفى " أوفوا بالعقود " لصحة هذا الشرط، ألنوجوب الوفاء بما التزم به كل عاقد على نفسه إنما هو عين وجوب الوفاء بأن ال

يكون العقد لزوميا في مدة، كما أن شرط سقوط الخيار كذلك فتأمل.قوله (قدس سره): (مسألة: ال فرق بين كون زمان الخيار متصال بالعقد أو منفصال....

إلى آخره).تنقيح ما في هذا العنوان يتوقف على بيان أمور:

األول: أنه ال مانع من صيرورة العقد جائزا بعدما كان الزما، لعدم قيام الدليلعلى امتناع هذه الكبرى، مضافا إلى ثبوت نظيرها في الشرع، كخيار التفليس

والتأخير.الثاني: أنه ال تحديد لمدة الخيار في طرف القلة أو الكثرة.

نعم، ال بد أن تكون المدة مضبوطة، فلو جعلها أبدا أو مدة العمر في طرفالزيادة، أو بمقدار يمكن فيه إعمال الخيار في طرف القلة، فإنما يبطل من جهة

الجهل بالمدة، ال من حيث الزيادة والنقيصة. بل يمكن أن يقال: إن جعله أبدا يبطلمن جهة أخرى أيضا، وهي منافاته لمقتضى العقد، فإن مقتضاه بمدلوله االلتزامي

هو التزام كل من المتبايعين بما أنشأه. فلو لم يلتزم أحدهما به في مقدار من الزمانفهو ينافي إطالقه، وال بأس به. وأما لو لم يلتزم به أبدا فهو ينافي مقتضاه، ويفسد.

الثالث: أن العقد تارة مبني على المحاباة والتسالم كالصلح المحاباتي،

(٧٣)

Page 75: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأخرى مبني على الدقة. واألول ال يضر فيه جعل الخيار مدة مجهولة على األظهرمن األدلة، كما ال يضر فيه الجهل بالعوضين. والثاني يضر فيه الجهالة، كما تضر في

نفس العوضين ال ألدلة الغرر، بل العتبار العلم بالعوضين بدليل خاص. والدليلوإن كان ناظرا إلى نفس العوضين إال أن الشرط بمنزلة الجزء فهو راجع إلى

ضميمة إلى أحد العوضين، فالجهل به يسري إليهما، لكن اعتبار العلم بهما إنماهو في خصوص البيع.

وأما في سائر العقود المعاوضية فاعتباره ال بد أن يكون من جهة الغرروالخطر، وأدلة الغرر وإن اختص بعضها بالبيع إال أن بعضها اآلخر عام.

ثم إن الغرر فيما اشترط في البيع حيث إنه راجع إلى نفس البيع فاالستداللبفساده من جهة نفي الغرر العام وإن صح إال أنه ال موجب له، لما عرفت من سراية

الضميمة إلى البيع. والبيع الغرري بنفسه فاسد، للدليل الدال صريحا على أنهال غرر في البيع.

ثم ال فرق في صورة البطالن بين أن ال يذكر مدة أصال، أو يذكر مدة مجهولة،أو مطلقة.

فاألول: كما لو اشترط أن يكون له الخيار.والثاني: كما لو اشترط أن يكون عند قدوم الحاج.

والثالث: كما لو اشترط أن يكون مدة، خالفا لجماعة حيث جعلوا مدة الخيارفي الصورة األولى ثالثة أيام.

وفي محكي الخالف وجود أخبار الفرقة به (١).وفي الجواهر صحة هذه الصورة، ألن الغرر مندفع بتحديد الشرع وإن لم يعلم

به المتعاقدان، كخيار الحيوان (٢).ولكنه ال يخفى أوال: أن التمسك باألخبار التي ال نعرفها بعينها ال وجه له، بعد

--------------------(١) الخالف ٣: ٢٠، المسألة ٢٥.

(٢) الجواهر ٢٣: ٣٤.

(٧٤)

Page 76: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

احتمال عدم داللتها، فإن مجرد جبران قصور إرسالها بذكر الشيخ (قدس سره) اليوجب

صراحتها في المدعى، بل وال ظهورها فيه.وثانيا: على فرض صحتها سندا وتمامية داللتها فهي موجبة لتخصيص أدلةالغرر أو األدلة الدالة على اعتبار العلم بالعوضين ولواحقهما من الشروط،

ال التخصص، فإن التحديد بالثالثة في الشرع ال يخرج الغرر عن الغررية، مع أنهلو سلم ذلك أيضا فال أثر له، ألن الشرط يخرج عن الغرر لو قصد المشترط إجماال

المدة التي هي محدودة بحد واقعا وإن لم يعرفها تفصيال، كالوصية بالكثيرأو القديم، فإن الموصي يقصد ما هو معنى الكثير واقعا عند الشارع وإن لم يعلمه

تفصيال.وعلى هذا الوجه يمكن تطبيق الصورة األخيرة، وهي ما لو قال: " بشرط أن

يكون لي الخيار مدة " فإنه لو كانت المدة محدودة بالثالثة والعاقد قصد ما هومعناها واقعا يخرج عن الغرر والجهالة.

وأما الصورة المبحوث عنها، وهي ما إذا قال " لي الخيار " ولم يذكر مدة أصالفليس هنا شئ مبهم حدده الشارع حتى يخرج عن الجهالة بقصد الجاعل لما هو

الواقع. هذا، مع أنه إنما يصح ذلك لو علم المشترط بتحديد الشارع، وأما فيصورة الجهل بأصل التحديد فكيف يقصد ما هو المحدود واقعا.

وبالجملة: خروج هذا الشرط عن الغرر موضوعا مما ال محصل له، مع أنالخروج الموضوعي الذي قصده القائل هو التخصص، والتخصص عبارة عن

الخروج التكويني. وفي المقام لو ثبت التحديد الشرعي يخرج عن الغرر بالحكومة.ثم ال وجه لقياس المقام على خيار الحيوان، فإن ثبوته في الحيوان إنما

هو لدليل شرعي.وال يختص بعلم المشتري أو جهله، فإنه من اآلثار الشرعية في بيع الحيوان

وأين هذا مما هو من مجعوالت المتبايعين، فإن جعلهما مدة خاصة - كالثالثة -يتوقف على بيانهما صراحة، أو بيان ما ينطبق عليه واقعا، وهو منحصر في ما لوعلم إجماال بأنه مبين واقعا وإن لم يعلمه تفصيال، وأين هذا من الجاهل المطلق.

(٧٥)

Page 77: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره): (مبدأ هذا الخيار من حين العقد.... إلى آخره).قد ذكرنا سابقا في خيار الحيوان أنه ال مانع من اجتماع سببين للخيار، فإنه

وإن لم يقبل التعدد وال التأكد، إال أنه يمكن اختالفه باختالف أسبابه، فيؤثر منجهة أحد أسبابه، ويسقط من جهة اآلخر.

فعلى هذا، لو جعال مبدءه منفصال عن العقد فهو. ولو أطلقا فمبدؤه من حينالعقد.

ثم إنه لو قلنا بأن مبدءه حين فقد سائر الخيارات فال يرد إشكال المصنف (قدس سره)عليه " بأن الحكم بثبوته من حين التفرق حكم على المتعاقدين بخالف قصدهما "فإن تبعية العقود للقصود ووجوب عدم تخلفها عنها إنما هو لو قصد عنوانا خاصا

وترتب عليه عنوان آخر مضاد له، كما لو قصد البيع وترتب عليه الهبة، أو قصدالمتعة وترتب عليه الدوام بناء على كونهما حقيقتين. وأما بيع ما يملك وما ال

يملك فحيث إن القصد فيه في الحقيقة ينحل إلى قصدين، فهو ليس من تخلفالقصد عن العقد. وفي المقام وإن قصدا كون مبدئه حين العقد، إال أنهما قصدا من

حينه إلى سنة - مثال - فلو حكم الشارع بأنهما ما داما في المجلس ليس لهما خيارالشرط، فهو ليس من تخلف العقد عن القصد.

وبالجملة: كون صحة بيع ما يملك مع ضم ما ال يملك إليه على طبق القواعدليس إال لعدم كونه من موارد تخلف العقد عن القصد.

وقد ذكرنا في المعاطاة في جواب استبعادات الشيخ الكبير ما يزيد توضيحاللمقام.

قوله (قدس سره): (مسألة: يصح جعل الخيار ألجنبي.... إلى آخره).تنقيح هذا العنوان يتوقف على بيان أمور:

األول: في تحقيق ما ذكره المصنف من ضعف منع اعتبار كون الفسخ من أحدالمتعاقدين فنقول إن ما يتخيل وجها لفساد جعل الخيار لألجنبي أمران:

األول: أن الخيار ليس معنى اسميا وملحوظا استقالليا وكان مجرد السلطنة

(٧٦)

Page 78: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

على الفسخ واإلمضاء، بل هو معنى حرفي، وهو عبارة عن رد كل مال إلى مالكهاألصلي، أو إبقائه وإقراره في ملك مالكه الفعلي. وهذا ينفذ ممن كان زمام المال

بيده، وأما األجنبي فأجنبي عنه.وبعبارة أخرى: وإن كان األصل في كل حق أن يكون قابال لإلسقاط، ألن

هذا هو الفارق التام بينه وبين الحكم، إال أنه ليس كل حق قابال للنقل إلى الغير،وعلى فرض كونه قابال له فليس قابال للنقل إلى كل أحد، فإن حق القسم قابل

للتمليك إلى الزوج والضرة، ولكن ال يقبل التمليك إلى األجنبي، فالخيار أيضا وإنكان قابال لتمليك أحدهما إلى طرفه كما ذكرنا في مثل قول أحدهما لآلخر " اختر "

إال أنه ال يقبل التمليك إلى األجنبي.الثاني: معنى الخيار أن االلتزام الذي ملكه أحدهما من صاحبه زمام أمره بيدالمملك، وهذا بعد الفراغ عن مالكية التزام اآلخر، فهو ملك كال االلتزامين،

واألجنبي ال يملك التزام الطرف اآلخر حتى يملك التزام من له الخيار.وقد أجاب المصنف عن هذا: بأنه ال مانع عنه، ألنه نظير إرث الزوجة للخيار

مع عدم إرثها من العين كالعقار. وفيه - بعد الغض عما في مسألة إرث الزوجة مناإلشكال - أن جعل الخيار لألجنبي لو كان على نحو جعل الملك الحقيقي فالزمه

إرث وارث األجنبي عنه، ألن ما تركه لوارثه. وأما لو كان على نحو التفويض -الراجع إلى أن نظره متبع وأنه مالك لتسليم االلتزام الذي هو تحت يد المالك إلى

الطرف أو ابقائه للمالك - فهو كالوكيل في القبض واالقباض فال مانع عنه، وعلىهذا ال يرثه وارثه، ألنه ال يملك شيئا حتى يرثه وارثه. ويجب عليه أيضا مراعاة

مصلحة المالك، ألنه ليس كسائر المالك يتصرف كيف يشاء.وعلى هذا فثبوت الخيار له متوسط بين الملكية والوكالة، فال يمكن ترتيب

آثار الملك عليه حتى يرث وارثه، وال ترتيب آثار الوكالة حتى يمكن عزله، بلهو نظير التولية على الوقف، فال بد أن يراعى غبطة من جعل له الخيار. وال يرداإلشكاالن عليه، ألن الخيار عبارة عن حل العقد، والزمه رجوع كل مال إلى

(٧٧)

Page 79: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

المحل الذي خرج عنه، ال رجوعه إلى ملك من حل العقد، وال مانع من كوناألجنبي مالكا لكال االلتزامين من قبل ذي الحق.

األمر الثاني: أنه قد يجعل الخيار لواحد، وقد يجعل لمتعدد. وعلى الثاني قديجعل خيارا واحدا لهم، وقد يجعل لكل منهم خيارا مستقال. فلو كان الخيار لواحدفالمتبع فسخه أو إمضاؤه. ولو كان للمتعدد فلو كان ثبوت الخيار لهم من باب أن

كل واحد من مصاديق ذي الخيار - كخيار المجلس بناء على ثبوته للموكلوالوكيل المفوض، فإن الخيار لكل منهما من باب أن كل واحد من مصاديق البيع،أي الخيار ثابت لجنس البيع ال للعموم - فكل من سبق إلى إعمال الخيار نفذ منه.

ففي المقام لو كان جعل الخيار للوكيل أو األجنبي المتعدد كثبوته للوكالءطوال فكل من سبق إلى إعماله نفذ منه، وذهب به موضوع حق اآلخر، وليس

المقام من تقديم الفاسخ على المجيز.ولو كان الخيار للمتعدد بلحاظ وصف اجتماعهم فال يؤثر إال اجتماعهم في

الفسخ أو اإلمضاء دون استقالل كل واحد، ولو كان لكل واحد مستقال وفي عرضاآلخر فيقدم الفاسخ ولو كان متأخرا على المجيز، ألن إجازة المجيز إنما يؤثر من

طرف نفسه فيبقى الحق لآلخر فلو فسخه ينحل به العقد.الثالث: لو قلنا بأن جعل الخيار لألجنبي تفويض إليه أو توكيل له، فال شبهة

في احتياجه إلى قبوله.وأما لو قلنا بأنه تمليك، فتوقفه على قبوله مبني على انحصار الملك القهري

باإلرث والوقف على البطون.وأما لو قيل بحصوله من شرط النتيجة ونحو ذلك من دون توقفه على قبول

من جعل الملكية له، فنفس الجعل كاف في حصوله.الرابع: في شرح عبارة الوسيلة والدروس.

أما األول فقوله " إذا كان الخيار لهما واجتمعا على فسخ أو إمضاء نفذ،وإن لم يجتمعا بطل " (١).

--------------------(١) الوسيلة: ٢٣٨.

(٧٨)

Page 80: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

يحتمل أن يكون مراده لو جعل المتبايعان الخيار ألنفسهما بوصف االجتماع،أي على نحو كان بنظرهما فلو اجتمعا فهو، وإن خالف أحدهما اآلخر بطل، أي لم

ينفذ، ال الفسخ وال اإلجازة. ولكن جعل الخيار كذلك لغو، ألن لهما اإلقالة بالإشكال فال فائدة لهذا الجعل.

ويحتمل أن يكون لهما على نحو االستقالل فقوله " وإن لم يجتمعا " أيلو فسخ أحدهما وأمضى اآلخر بطل البيع، أي يؤثر الفسخ تقدم على اإلجازة

أو تأخر.وقوله " وإن كان لغيرهما ورضى نفذ البيع، وإن لم يرض كان المبتاع بالخيار

بين الفسخ واإلمضاء " (١) أي إن رضي األجنبي وقبل جعل الخيار له نفذ البيع، أيليس لمشترط الخيار لألجنبي خيار في البيع، والبيع نافذ في حقه من هذه الجهة

وإن كان خياريا بالنسبة إلى األجنبي. وإن لم يرض، أي وإن لم يقبل األجنبيفالمبتاع بالخيار، لتعذر الشرط، وعلى هذا فقوله " كان المبتاع بالخيار " في غايةاالرتباط مع كالمه السابق. وهذا بخالف ما إذا حمل قوله " وإن رضي نفذ البيع "

على أنه لو أمضى العقد، فإنه ال معنى لقوله " وإن لم يرض " أي وإن فسخ كانالمبتاع بالخيار.

وأما الثاني: فقوله " يجوز اشتراطه ألجنبي منفردا وال اعتراض عليه، ومعهماأو مع أحدهما، ولو خولف أمكن اعتبار فعله، وإال لم يكن لذكره فائدة (٢).يحتمل أن يراد منه كون األجنبي منضما مع أحد المتبايعين، أي إعمال الخيار

لهما بوصف االجتماع، ويحتمل أن يكون مستقال.فعلى األول يكون قول المصنف مؤيدا له، ألن معنى كالم الدروس أنه

" لو خولف " أي لو فسخ األجنبي وأجاز األصيل أمكن اعتبار فعله، أي صاراإلجازة كالعدم، ألن نظر األجنبي متبع أيضا. فأيده المصنف بما حاصله: أنه

--------------------(١) الوسيلة: ٢٣٨.

(٢) الدروس ٣: ٢٦٨.

(٧٩)

Page 81: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ال شبهة في ذلك، ألنه لو أجاز األجنبي وفسخ األصيل ال يؤثر إجازته، فلو لميعتبر بفسخه وكان وجوده كالعدم بأن يؤثر إجازة األصيل فال يكون لذكره فائدة.

وعلى الثاني يكون كالم المصنف في مقام اإليراد، ألن ظاهر كالم الدروسأن فعل األجنبي معتبر مطلقا أجاز أو فسخ، فأورد عليه المصنف: بأن فائدة جعل

الخيار له ليس اعتبار فعله مطلقا.نعم، لو لم يمض فسخه مع إجازة األصيل لكان ذكره بال فائدة، ألن المفروض

عدم مضي إجازته مع فسخ األصيل، وأما لو أثر فسخه فال يكون ذكره لغوا.وبالجملة: فحاصل اإليراد أنه ال يعتبر فعل األجنبي المخالف مطلقا، بل إنما

يؤثر فسخه دون إجازته مع فسخ األصيل.قوله (قدس سره): (مسألة من أفراد خيار الشرط ما يضاف البيع إليه.... إلى آخره).

الوجوه المتصورة فيه تنتهي إلى سبعة:األول: أن يكون الخيار معلقا على الرد في مدة معينة، كسنة مثال ففي أي

زمان رد الثمن في ظرف السنة كان له الخيار.الثاني: أن يكون الخيار معلقا على رد الثمن في خصوص آخر السنة.

الثالث: أن يكون الفسخ معلقا على الرد ال الخيار.الرابع: أن يكون الرد فسخا فعليا.

الخامس: أن يكون رد الثمن شرطا لوجوب اإلقالة على المشتري.السادس: أن يكون شرطا لوجوب بيعه من مالكه األصلي.

السابع: أن يكون قيدا النفساخ العقد.

وكل هذه الوجوه صحيحة إال السابع.أما األول والثاني فال محذور فيهما إال التعليق، والجهالة في خصوص األول.أما التعليق فلم ينهض لبطالنه دليل إال اإلجماع، أو معقده العقود ال الشروط

في ضمنها.وأما الجهالة فإنما تضر لو لم يعين مدة أصال، كأن يقول: إذا جئت بالثمن

(٨٠)

Page 82: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

في أي وقت كان لي الخيار، فيصير كما لو قال: بشرط أن يكون لي الخيار إن قدمزيد، وهذا بخالف ما لو قال: " لي الخيار إذا جئت بالثمن في أي وقت من

األوقات من زمان العقد إلى سنة " فإن الخيار هنا غير مجهول إال من باب الجهلبالمعلق عليه، وهو يرجع إلى إشكال التعليق ال الجهالة.

وأما الثالث والرابع والخامس فال إشكال فيها أصال، كما هو واضح.وأما السادس فقد استشكل فيه بالدور، وباألخبار الواردة في خصوص

المقام. وسيجئ في باب الشروط اندفاع الدور، وأن األخبار ناظرة إلى أنالمقصود لو كان هو البيع الحقيقي فال بأس به، ولو كان هو البيع الصوري وكان

المقصود األصلي الرباء، كأن يشتري نسيئة ويبيعه من البائع نقدا بأقل من قيمةالنسيئة على نحو لم يكن للمشتري عدم البيع وال للبائع عدم الشراء، بل كان كلمنهما ملزما بالمعاملة ثانيا يبطل. وأما لو اشترط البائع على المشتري أن يبيعه بعد

سنة إذا جاء بمثل الثمن، مع قصدهما البيع الحقيقي فال يشمله األخبار.وأما الوجه السابع فيرد عليه أحد المحذورين، وهو إما انفساخ العقد بال

سبب، وإما اقتضاء وجود الشئ عدم نفسه، فإن بيع الدار واشتراطه انفساخه بردمثل الثمن، إما يرجع إلى شرط انفساخ العقد بال سبب فهو باطل، ألن انتقال الدار

من المشتري إلى البائع بال سبب - أي بال إنشاء قولي وفعلي - غير ثابت فيالشريعة، فيكون شرطا مخالفا للكتاب، وإما يرجع إلى أن نفس اشتراط االنفساخ

إنشاء للفسخ، فهو يوجب انفساخ البيع بهذا الشرط، فال بيع حتى يشترط في ضمنهانفساخه برد مثل الثمن.

وبالجملة: يجب أن يكون البيع محققا ثابتا، حتى يشترط في ضمنه شرطاسائغا، كملكية الكتاب - مثال - بناء على عدم اعتبار حصولها من سبب خاص، بأن

لم تكن كالنكاح والطالق المتوقف حصولهما على أسباب خاصة. وأما إذا كانالبيع منفسخا بالشرط الحاصل في ضمنه، فال يعقل تأثير هذا الشرط في الملكية،وال يقاس إنشاء انفساخ العقد بهذا الشرط - الذي هو رد الثمن - على اشتراط

(٨١)

Page 83: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

سقوط الخيار في ضمن العقد، فإن اشتراط سقوطه مؤكد لبقاء العقد، فإن العقدمقتض للخيار، فإسقاطه ال ينافي العقد، وهو أيضا ليس إسقاطا لما لم يجب. وهذا

بخالف إنشاء انفساخه فعال مشروطا برد الثمن، فإن هذا اإلنشاء مناقض للعقد،وال يمكن تصحيحه بكون ظرف الرد متأخرا، فإن االشتراط في ضمن العقد فعلي

وإن علق على أمر متأخر، بل لو سلم أن إنشاء الفسخ على تقدير غير حاصل اليلزم من وجوده عدمه، ألن ظرف حصول االنفساخ متأخر، والمقارن للعقد هو

ظرف اإلنشاء إال أنه يجب أن يكون الشارط مالكا لهذا الشرط، كالبائع إذا باعوارتهن قبل قبول المشتري، وكمن وكل شخصا في نكاح زوجة وطالقهاورجوعه إليها ثم طالقها، فإن في هذه الموارد واقع النكاح مقدم على واقع

الطالق، وإنشاؤه كذلك أيضا، فهو مالك لإلنشاء المترتب على إنشاء آخر، فكماأن واقع المترتب في ظرف حصول المترتب عليه متأخر، فكذلك إنشاؤه وهكذا

جعل الخيار في ضمن العقد أو شرط السقوط في ضمنه، فإن التزام الموجبحاصل بنفس إيجابه فله إسقاطه، وهذا بخالف انفساخ العقد، فإنه ال يملكه.نعم، اشتراط انفساخ عقد آخر خياري في ضمن هذا العقد ال مانع عنه بحيث

كان نفس هذا اإلنشاء فسخا له، وهذا بخالف أن يقول بعتك بشرط أن يكونمنفسخا.

ثم إنه بعد ما عرفت من صحة جعل الخيار بأحد الوجوه الستة - بمقتضىالقواعد العامة - فتطبيق األخبار الخاصة على أحد الوجوه ال موجب له، ال سيما

حمله على الوجه السابع - الذي هو الرابع في كالم المصنف (قدس سره) - مع أنأكثرها

ظاهر في كون الرد فسخا فعليا، أو مقدمة إلنشاء الفسخ أو اإلقالة أو التمليك ثانيا،أو كان الشرط سببا لكون المبيع له عند الرد - كما هو ظاهر الغنية - فإن ملكيةالبائع للمبيع ثانيا باالشتراط في ضمن العقد بال إنشاء على حدة من المشتري المانع عنه، للفرق بين إنشاء الملكية باالشتراط وإنشاء الفسخ به، والفارق هو أن

األول ال يستلزم من وجوده، عدمه بخالف الثاني.

(٨٢)

Page 84: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره): (األمر الثاني الثمن المشروط رده إما أن يكون في ذمة.... إلىآخره).

الثمن إذا كان نقدا قد يكون كليا، وقد يكون شخصيا.فإذا كان كليا واشترط الخيار برده، فلو قبضه فرده يتحقق بمثله أيضا كما

يتحقق بنفس المقبوض، ألن كل فرد من مصاديق الكلي، وشرط رد الثمن معناهشرط رد ما كان مصداقه.

نعم، لو شرط رد المقبوض فال يتحقق رده إال برد عين المقبوض، إال أن يقال:بعد تعين الكلي بالفرد المقبوض فالثمن هو المقبوض بشخصه، فرد الثمن معناه ردما هو الثمن فعال، والمصداق اآلخر ليس ثمنا، ولو لم يقبضه فهل له الخيار أو ال؟

وجهان: وجه الثاني أن معنى جعل الخيار بشرط الرد، هو شرط القبض ليتحققموضوع الرد. ولكن األقوى هو األول، ألن الرد أخذ طريقا لوصول الثمن إلى

المشتري.نعم، لو علم من الخارج أن الغرض تعلق بالرد بما هو رد، فليس له الخيار.

وبالجملة: في مورد اإلطالق ينزل الشرط على ما هو المتعارف نوعا،والعرف والعادة يرون الرد طريقيا.

نعم، لو قيده بما هو خارج عن المتعارف وكان اشتراطه عقالئيا جامعالشرائط الصحة فال مانع عنه.

وإذا كان الثمن شخصيا فتارة يقع الكالم قبل قبضه، وأخرى بعده.أما قبل قبضه فحكمه حكم الكلي، بل بمقتضى ما قدمناه من عدم الفرق بين

الكلي والفرد في مورد القبض - ألن الكلي يتعين في المقبوض - فالحكم في كلتاالصورتين واحد، فعلى هذا لو قبض الثمن سواء كان كليا أم شخصيا فتارة يشترط

رد عينه، وأخرى يشترط رد األعم من البدل ومن العين، وثالثة يطلق.فإذا اشترط رد عينه بشخصه فال خيار له في مورد التلف، كان التلف سماويا

أو بمتلف، أجنبيا كان أو نفس البائع.

(٨٣)

Page 85: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وإذا جعل الخيار بشرط رد األعم، فتارة يقيده بمورد التلف، أي يجعل الخياربشرط رد العين مع وجودها، وبدلها مع تلفها، وقد يطلقه وقد يقيده بصورة بقاء

العين. فلو جعل رد البدل في صورة التلف، فال إشكال في أنه مع بقائها يجبردها، ومع تلفها يرد بدلها. ولو أطلق فلو قلنا بصحة التقييد بصورة البقاء فال

إشكال، وأما مع فساده فاإلطالق ينزل على مورد التلف.فيجب التكلم في صورة التقييد فنقول: لو جعل الخيار المشروط بالرد مقيدا

برد مثل العين ولو مع بقائها، فقد يكون الرد فسخا فعليا - أي قيد الفسخ بالرد الالخيار - ففي هذه الصورة ال يصح شرط رد البدل مع بقاء العين، ألن حقيقة الفسخرد كل مال إلى مالكه األصلي. ورد غير المال المفروض وقوع الفسخ به ليس ردا

للمال إلى مالكه. ففي هذه الصورة الشرط فاسد بال إشكال، إال أن يقال: مرجع هذاالشرط إلى إسقاط الخصوصية العينية والرضا بالمالية والنوعية، فإن تنزيل إسقاط

الخصوصية منزلة إسقاط األوصاف في من له على ذمة غيره طعام موصوفبوصف خاص بمكان من األمكن كما سنشير إليه.

وعلى هذا ففي غير مورد خيار الشرط، لو فسخ ذو الخيار فمقتضى الفسخرجوع كل ملك إلى مالكه، فاسقاط الخصوصية ورضا كل منهما ببدلية غير ماله

عن ماله مبني على استفادة ذلك من قاعدة على اليد، كما سيظهر اإلشارة إليه.وأما في مورد خيار الشرط، فيمكن شرط رد مثل الثمن وشرط رد المثل في

القيمي والقيمة في المثلي في نفس هذا العقد المشروط المثبت للخيار، ألنه ينحلإلى شرطين، شرط تحقق الخيار، وشرط مالكية كل منهما لما في يده من مال

المالك اآلخر. وليس هذا الشرط مخالفا للكتاب، بل مخالف إلطالق الفسخ، فإنإطالقه يقتضي رد العين ما دامت موجودة، وبالشرط يقيد اإلطالق فيجعله في

حكم صورة التلف.وأما لو كان الرد مقدمة للفسخ أو معلقا عليه الخيار أو مقدمة لإلقالة أو البيع

فال محذور فيه، ألن الفسخ ال يتحقق به وإنما يصير المردود في يد المشتري بمنزلة

(٨٤)

Page 86: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

المقبوض بالسوم. فإذا فسخ البائع بعد هذا الرد ينتقل الثمن الموجود إلى المشتريوالمردود باق في ملك البائع، فلهما أن يتراضيا على كون كل منهما بدال عن اآلخرنظير أداء القرض بمال آخر، ويصير الشرط سببا لوجوب رضا كل منهما ببدلية ما

في يده لمال اآلخر.ولكنه ال يخفى أن هذا يصح بناء على ما ذكرنا من معنى ضمان اليد المستفاد

من " على اليد ما أخذت " بأن يكون أخذ مال الغير بدون التلف موجبا لصيرورتهفي ذمة اآلخذ بماليته ونوعيته وشخصيته، فلصاحب المال إسقاط كل واحد من

هذه الخصوصيات بأن يرضى ببدله. وعلى هذا يصح اشتراط رد القيمة في المثليوبالعكس، ألن له إسقاط المالية واالكتفاء ببدله من غير هذا الجنس ولو لم يكن

بهذا المقدار من القيمة أو إلقاء نوعيته التي بها صارت العين مثلية واالكتفاء ببدلهامن حيث المالية.

وأما لو قلنا بأن مفاد " على اليد " هو الضمان عند التلف - فما دام العينموجودة ال يمكن أن يكون بدلها منتقال إلى المشتري إال بالمبادلة - فال يصح.

وبالجملة: اإلشكال مبني على أصل مسألة الضمان وحيث اختار المصنف إنمعنى على اليد استقرار الضمان بالتلف - ولذا اختار قيمة يوم التلف في القيمي -

فال يصح اشتراط كون المدفوع إلى المشتري بدال عن ماله.نعم، نفس شرط رد غير ماله إليه لتحقق الخيار أو الفسخ أو اإلقالة ال مانع

عنه، إال أنه ال تصح بدلية المردود عن الثمن الموجود عند البائع من دون مبادلة.هذا كله إذا كان الثمن نقدا.

وأما إذا كان في الذمة، فإن كان في ذمة المشتري فحكمه حكم الكلي النقديقبل القبض وبعده، وإن كان في ذمة البائع فحيث إن اإلنسان ال يملك ما في ذمة

نفسه فهو بمنزلة التلف، فله رد مثله أو قيمته، بل ال معنى لشرط رد الثمن في هذهالصورة إال رد مثله أو قيمته.

قوله (قدس سره): (األمر الثالث قيل ظاهر األصحاب.... إلى آخره).

(٨٥)

Page 87: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ال يخفى أنه لم يستشكل أحد في صحة انشاء الفسخ بالفعل، ولم يدع مدعاعتبار كونه بالقول، فإن األصحاب صرحوا بكفاية ما دون مثل رد الثمن في إنشاءالفسخ به، بل نظرهم في المقام إلى العقود المتعارفة بين الناس، والمتعارف عندهم

أن الرد مقدمة للخيار أو للفسخ أو لإلقالة. فيجب بعده إنشاء الفسخ أو إعمالالخيار أو اإلقالة بأمر آخر، غير هذا الرد الذي به يتحقق ملك الخيار أو الفسخ

أو اإلقالة.قوله (قدس سره): (األمر الرابع.... إلى آخره).

ال يخفى أن إسقاط الخيار بعد العقد وإن صح على الوجه الثاني والثالث فيالمتن وال اختصاص له بالوجه الثاني - ألنه ال فرق بين كون الرد فسخا فعليا

وكونه مقدمة للفسخ القولي - إال أن صحتهما إنما هي لكونه مالكا للخيار، وعلىهذا يصح إسقاط الشرط على الوجه األول والثاني - اللذين ذكرناهما من الوجوه،وهما أن يكون الخيار معلقا على الرد في مجموع المدة، أو في رأس المدة وبعد

انتهائها - ألن الخيار وإن لم يتحقق بعد على الوجهين، إال أن المشترط مالكللشرط، فله إسقاطه.

وبالجملة: في خروج إسقاط الشرط أو الخيار عن إسقاط ما لم يجب اليكفي تحقق سببهما الذي هو العقد بل ال بد من تحقق الملكية لمن يسقطهما، وصحة

إسقاط خيار المجلس والحيوان في ضمن العقد لم تكن من جهة تحقق سببه منااليجاب، بل ألن إنشاء اإلسقاط مترتب على اإليجاب، فإن الموجب مضافا إلى

تمليك ماله للمشتري ملكه التزامه. فإذا جعل الشارع أمر االلتزام بيد المملك، فلهالتجاوز عن حقه وجعل هذا االلتزام لطرفه فعلى هذا لو كان الخيار ثابتا له وكانالرد فسخا فعليا أو مقدمة للفسخ فله إسقاط الخيار. ولو لم يكن ثابتا - بل كان

مقيدا بالرد، أو كان الرد شرطا لإلقالة أو البيع ثانيا - فله إسقاط الشرط، ألنه ملكله.

قوله (قدس سره): (ولو تبين المردود من غير الجنس فال رد، ولو ظهر معيبا كفى فيالرد.... إلى آخره).

(٨٦)

Page 88: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

تنقيح الفرق بين الصورتين سيجئ مفصال، وال بأس باإلشارة إليه إجماال:وهو أنه ال شبهة في أن قوام مالية المال إنما هو بصورته النوعية العرفية، التي هي

أخص من الصورة النوعية باصطالح أهل المعقول، فإن العبد والجارية فياصطالحهم نوع واحد، ولكنهما في مقام البيع متغايران. فإذا كان قوامها بالصورةالنوعية، فلو باع العبد الحبشي فتبين أنه حمار وحشي بطل البيع، سواء عين النوع

بنحو التوصيف أو الشرط. كما أنه في مقام القبض أيضا لو أقبض بدل العبد حمارابطل القبض، ألن المقبوض غير ما تعلق به البيع، فإن البيع يتعلق بالصورة النوعية

ال بالمادة الهيوالئية. وأما لو باع عبدا شخصيا موصوفا أو مشروطا بغير صفةالصحة - كالكتابة - أو باع ولو من دون توصيف أو شرط بالنسبة إلى وصف

الصحة، فلو رد العبد في األول وتبين فيه فقد الوصف ولو رده في الثاني وتبين فيهفقد الصحة، فله الخيار بين الرضا بالفاقد أو األرش. وأما لو كان المبيع كليا فحيث

إنه يتنوع بالوصف على نوعين فلو رد غير الموصوف فله التبديل، ال ألن مرجعالموصوف أو المشروط إلى تعدد المطلوب، بل ألن ما يستحقه في عهدة

المشروط عليه هو القسم المتصف بالوصف، فله إسقاط ما يستحقه وله مطالبةالوصف. ولما لم يمكن إعطاء الوصف إال في ضمن العين فيستبدل بعين أخرى.

وبالجملة: الكلي الموصوف بغير وصف الصحة يتعين مصداقه بالمتصف، فلورد من غير الجنس فال إشكال في أنه خارج عما يستحقه، ولو رد من الجنس

فاقدا للوصف المشترط أو للصحة يتحقق به الرد.غاية األمر له في ذمة المشروط عليه الخصوصية الكذائية، فله التبديل

الستيفائها.قوله (قدس سره): (ويسقط أيضا بالتصرف في الثمن المعين.... إلى آخره).

تنقيح ذلك األمر يتوقف على تمهيد مقدمات:األولى: أن بين الثمن الشخصي والكلي فرقا في جهة الظهور، فإن شرط رد

الثمن في الشخصي ظاهر في رد عين الثمن، وفي الكلي ظاهر في األعم، ألنالكلي وإن تشخص بالمدفوع إال أنه بنفسه قابل لالنطباق عليه وعلى غيره.

(٨٧)

Page 89: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

نعم، لو شرط في الشخصي رد غيره، أو في الكلي رد شخص المدفوع يتبعشرطه. فعلى هذا لو أطلق في الشخصي والكلي فاإلطالق على األول ينزل على

عين الثمن، وفي الكلي على األعم.الثانية: أن مسقطية التصرف وكونه فسخا فعليا ألحد الوجوه الثالثة، ألنه إما

للتنافي بين البناء على المالكية والبناء على الفسخ، وإما لظهوره الفعلي في األخذبأحد طرفي التخاير، وإما لظهوره النوعي.

الثالثة: أن بناء المعاوضة في البيع الخياري غالبا على التصرفات المتلفة فيالثمن بحيث عد غيره من الفرد النادر الشاذ.

إذا عرفت ذلك نقول: لو شرط رد عين الثمن فال إشكال في أن التصرفاتالناقلة أو المتلفة فيه موجبة لسقوط الخيار لو وقعت في زمان الخيار، بل موجبة

لعدم ثبوته، وإطالق المسقط عليها مسامحة. وأما لو أطلق كأن قال: بشرط أن تردمالي، كما هو مفاد رواية معاوية بن ميسرة (١). فمقتضى ما ذكرناه عدم سقوطخياره مطلقا، كان الثمن شخصيا أو كليا، فإن اإلطالق وإن انصرف إلى رد العينفي الشخصي إال أنه فيما لم يكن بناء البائع نوعا على االنتفاع بالتصرفات المتلفة،

وأما مع بنائه كذلك فيحمل اإلطالق على شرط رد األعم لو كان االشتراطصحيحا ولو مع بقاء العين، أو يحمل على األعم في مورد التلف.

وبالجملة: التصرف من البائع إنما ينافي فسخه أو أنه ظاهر نوعي في إجازتهأو مصداق فعلي لها في غير المورد الذي بناؤه على التصرف، بل لو قلنا بأن

التصرف مسقط تعبدي يخرج مورد البيع الخياري عن دليل التعبد، إما النصرافهعنه، وإما لكون هذا البناء من البائع بمنزلة االشتراط الضمني بأن ال يكون هذا

التصرف مسقطا، وهذا شرط سائغ، ألنه من حقوق المتبايعين. ولو كان ثبوته منجهة النص والتعبد فإنه ال يشترط عدم الحكم الشرعي في هذا المورد، بل يشترط

على المشتري أن ال يكون تصرف البائع موجبا لمالكية المشتري التزام نفسه.--------------------

(١) الوسائل ١٢: ٣٥٥، الباب ٨ من أبواب الخيار ح ٣.

(٨٨)

Page 90: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وعلى هذا فكالم المحقق األردبيلي (١) ومن وافقه في غاية المتانة.وإيراد المصنف عليه في الحقيقة تأييد له، ألن مرجع كالمه إلى عدم السقوط

في غير مورد شرط رد شخص العين. وهو ومن وافقه مورد كالمهم في المتعارفبين الناس، والمتعارف عدم شرط رد خصوص العين، ألن بناءهم كمفاد األخبار

اشتراط رد المال، وهو أعم من العين والمثل، بل ال يمكن شرط رد خصوصالعين، مع أن غرضهم االنتفاع بالثمن بالتصرف الناقل.

كما أن إيراد المصابيح (٢) عليهم غير وارد، فإن حاصل إيراده أن التصرفالمسقط في المقام من باب السالبة بانتفاء الموضوع، ألن التصرف مسقط في زمان

الخيار والخيار المشروط برد الثمن، يحصل للبائع بعد رده إلى المشتري ال قبله.فلو تصرف بعد الرد إليه يسقط خياره لتحققه، دون ما إذا تصرف فيه قبل الرد،

وذلك ألن الخيار وإن علق على الرد إال أنه يتصور على وجهين، ألنه تارة يتحققالخيار بانتهاء المدة كيوم بعد السنة، وأخرى جميع المدة ظرف للخيار، ففي أي

ساعة رده، له الخيار.وفي القسم األول يرد إشكال المصابيح، وأما في القسم الثاني فال، كما في

سائر الوجوه األربعة التي تقدم أن الرد ليس قيدا للخيار. أما في سائر الوجوهفواضح، وأما في القسم الثاني من الوجه األول في كالم المصنف، فألن الخيار وإن

علق على الرد إال أن التزام البائع حيث إنه تحت يده وإن علقه على الرد فلهإسقاطه بالتصرف الذي هو مسقط فعلي، كما له إسقاطه قوال. ومجرد كونه معلقا ال

يوجب خروج االلتزام عن سلطنته، ألنه علقه على أمر اختياري، كما لو جعلإعمال خياره في مكان خاص أو عند الحاكم الشرعي.

وبالجملة: كان له الرد في طول المدة، لتحقق خياره، فهو مالك له فله إسقاطهقوال وفعال. وليس من إسقاط ما لم يجب ال إليجاد سببه بل لكونه ملكا له فعال.

--------------------(١) مجمع الفائدة ٨: ٤٠٢ - ٤١٣.

(٢) راجع المناهل: ٣٤١ س ٦.

(٨٩)

Page 91: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ثم إن مما ذكرنا ظهر أن الوجه األول في كالم المصنف على قسمين، وفيأحدهما يلتزم بإمكان إسقاط الخيار، ال في كليهما، كما هو صريح عبارته فيقوله: نعم لو جعل الخيار والرد في جزء معين من المدة كيوم بعد السنة... إلى

آخره. فال تنافي بين كالميه، فال يرد عليه ما أورده بعض المحشين. ثم إن محصلكالم الجواهر (١) في الرد على المصابيح أمور ثالثة:

األول: أنه لو قيل بأنه ال خيار قبل الرد يلزم جهالة مبدأ الخيار.الثاني: أنه خالف ما يستفاد من فهم العرف، فإنهم يفهمون من هذا الشرط

جعل الخيار في طول المدة ال بعد الرد.والثالث: أنه خالف ما هو البناء من األصحاب من رد الشيخ القائل بتوقفالملك على انقضاء الخيار ببعض هذه األخبار المستفاد منه أن غلة المبيع

للمشتري، ألن حاصل كالمهم أن مجموع المدة ظرف للخيار، مع أن نماء المبيعللمشتري. فلو توقف الملك على انقضاء الخيار لما كانت الغلة للمشتري، فمن رداألصحاب مقالة الشيخ بهذا الخبر يستفاد ثبوت الخيار مطلقا، وإال لما كان وجه

الستدالل األصحاب به على رد الشيخ.ومحصل رد المصنف على الجواهر: أن الجهالة الناشئة عن الرد مع تعيين

ظرف الخيار ال تضر. وأما فهم العرف فال يتبع فيما لو كان المدار على كيفية جعلالخيار. وأما استدالل األصحاب فلعلهم فهموا من مذهب الشيخ توقف الملك على

انقضاء الخيار المنفصل أيضا.وال يخفى أن األخير ال يستقيم، ألن الشيخ يقول بالتوقف في نحو خيار

المجلس والشرط ال مطلقا، فلو لم يكن الخيار في المقام متصال وكان بعد الرد لماكان وجه الستداللهم بهذه األخبار على رد الشيخ.

وينبغي التنبيه على أمرين:األول: أن فائدة النزاع في ثبوت الخيار وعدمه قبل الرد مع قابلية إسقاط

--------------------(١) الجواهر ٢٣: ٤٠.

(٩٠)

Page 92: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الشرط مطلقا تظهر في التصرف، فإنه لو كان الخيار ثابتا في طول المدة وكانالفسخ معلقا على الرد لكان التصرف التزاما بالملكية. وأما لو لم يكن الخيار ثابتا

فليس التصرف تصرفا في زمان الخيار. وأما الشرط فعلى أي تقدير ال يسقطبالتصرف، ألن اإلسقاط من العناوين التي ليست األفعال مصداقا لها، بل ال بد من

تحققها بالقول.وبالجملة: وإن كان الشرط قابال لالسقاط تحقق الخيار أم ال، إال أن سقوطه

منحصر بالقول، بخالف الخيار، فإنه يسقط مطلقا، ألن التصرف مصداق لاللتزام.الثاني: أنه ال ينبغي اإلشكال في أن المشروط بالشرط ال يتحقق قبل حصول

شرطه، كان المشروط وضعا أو تكليفا، المتناع الشرط المتأخر. فال يرد علىالمصابيح بأنه لو كان الخيار في طول المدة لكان التصرف مسقطا، ألنه تصرف في

زمان الخيار. مع أن الخيار على كال الوجهين معلق على الرد، فقبل الرد ال خيار،وذلك ألن فعلية الخيار وإن كانت متوقفة على الرد مطلقا، إال أن ملك التزام العقدبيد ذي الخيار الذي هو البائع في المقام فيما إذا كان الخيار في طول المدة، ألنهقادر على إقدار نفسه في جميع األوقات. فالتصرف في الثمن رد لاللتزام العقدي

الذي كان زمام أمره بيده إلى المشتري، بخالف ما إذا كان الخيار منفصال كيوم بعدالسنة، فإن التزام نفسه فعال بيد المشتري.

وبالجملة: ال تنافي بين المشروطية وكون المشروط بيد المشروط له وإن كانشرطه متأخرا، ولذا لو رجع المشترط في باب المسابقة وشك في استحقاق

السابق السبق مع رجوع طرفه يستصحب بقاء الحكم المشروط. وهكذا الشك فينسخ الحكم المشروط، بل جريان االستصحاب التعليقي منحصر في أمثال هذه

الموارد، ففي المقام زمام أمر العقد بيد البائع من زمان العقد إلى سنة - مثال - فلوتصرف ببناء مالكي والتزام عقدي فهذا التصرف مسقط لحقه. ومن هذا البيان قلنا:

إنه يسقط باالسقاط القولي أيضا، ألنه ليس إسقاطا لما لم يجب.

قوله (قدس سره): (األمر الخامس لو تلف المبيع.... إلى آخره).

(٩١)

Page 93: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ال يخفى أن تلف المبيع ال يوجب سقوط خيار البائع إال بناء على أن يكونالخيار مطلقا متعلقا بالعين، أو اشترط الرد واالسترداد الظاهر في رد العين

بخصوصيتها، أو قلنا بأن ظاهر الشرط في المقام تعلق الخيار بالعين لخصوصيةفيها بنظر المشترط.

وجميع الوجوه ضعيفة:أما األول: فلما سيجئ في أحكام الخيار من تعلق الخيار بالعقد.

وأما الثاني: فألن ظاهر األخبار الواردة في المقام هو جعل الخيار للمشترطمعلقا على الرد، ال جعل الرد له.

وأما الثالث: فألن في البيع الخياري يتعلق النظر بمالية المال غالبا. ومنشأجعل الخيار فيه بيعه بأقل من ثمن المثل، ولو كان منشأ جعل الخيار فيه الرغبة إلى

الخصوصية العينية لباعها بثمن المثل وجعل لنفسه الخيار. والبيع بثمن المثل اليرغب فيه المشتري مع جعل الخيار للبائع، إال أن يكون المبيع أمرا يرغب فيه

المشتري جدا، بحيث كان احتمال صيرورته له داعيا إلى الشراء بثمن المثل معجعل الخيار للبائع. ولكن هذا نادر فال وجه لتنزيل أخبار الباب على الفرد النادر.

وبالجملة: تلف المبيع ال يوجب سقوط خيار البائع، كان قبل رد الثمن أوبعده. ويظهر من صاحب الجواهر التفصيل بين بعد الرد وقبله، قال (قدس سره): وكما

أنالنماء له أي للمشتري فالتلف منه بال خالف، للصحيح والموثق، بل هو كذلك وإنكان بعد الرد إال أنه مضمون عليه، ألنه وقع في زمان خيار البائع، فله حينئذ الفسخثم الرجوع إلى المثل أو القيمة، بخالف التلف قبل الرد الذي ليس زمان الخيار كي

يستحق الرجوع عليه، بل المتجه سقوط الخيار (١) انتهى.وقبل بيان ما يرد على كالمه نقول: ال إشكال في أن مقتضى المعاوضة قبل

القبض ضمان كل من المتعاقدين لما انتقل عنهما بضمان المسمى. والزم ذلك أنهلو تلف يتعين المسمى للبدلية، أي ينفسخ العقد ويرجع كل مال إلى مالكه األصلي.

--------------------(١) الجواهر ٢٣: ٣٩.

(٩٢)

Page 94: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وال شبهة أن بالقبض ينتقل الضمان، أي يصير المالك ضامنا لما انتقل إليه، ويتبدلالضمان المعاوضي أيضا بضمان اليد، بمعنى أنه لو تلف المبيع مثال عند المشتريبعد القبض وطرأ عليه الفسخ أو االنفساخ أو اإلقالة فالتالف مضمون عليه بالمثل

أو القيمة، فيسترجع الباقي عند الطرف ويؤخذ منه المثل أو القيمة. وال شبهة أيضافي أن انتقال ضمان التالف إلى القابض إنما هو لو لم يكن له الخيار، وأما مع الخيار

فالتلف ممن ال خيار له.نعم، في خصوص قاعدة ضمان التالف على من ال خيار له اختلف العلماء في

أن الحكم مطلق في جميع الخيارات، أو مختص بخيار الحيوان والشرط، أو همامع المجلس. وكذلك اختلفوا في اختصاص الحكم بتلف المبيع كتلف الحيوان في

يد المشتري مع ثبوت الخيار له، أو يشمل تلف الثمن في يد البائع إذا كان لهالخيار.

وعلى أي حال، فمعنى قولهم " إن بالقبض ينتقل الضمان إال أن يكون خيار "أن القبض وجوده كعدمه إذا كان للقابض خيار، فيكون حال المقبوض كحاله قبل

القبض، في أن ضمانه على مالكه األصلي وهو الضمان المعاوضي. فإذا تلفالحيوان في يد المشتري الذي له الخيار ينفسخ البيع، ويرد الثمن الموجود عند

البائع إذا لم يكن له الخيار إلى المشتري.إذا عرفت هذا نقول: يرد عليه:

أوال: أن مقتضى كالمه في رد المصابيح هو أن مجموع المدة ظرف الخيار البعد الرد، فالتفصيل بين قبل الرد وبعده في ثبوت الخيار بعده دون قبله ال وجه له.

وثانيا: ال وجه لقوله إذا تلف المبيع بعد رد الثمن يكون تلفه من المشتري،ألنه وقع في زمان خيار البائع، ألن قاعدة التلف في زمان الخيار ممن ال خيار له

- كما عرفت - تختص بتلف المقبوض عند ذي الخيار.وبعبارة أخرى: هذه القاعدة مفادها أن القبض كالعدم، فلو كان الخيار للمنتقلإليه فتلفه يحسب من المنتقل عنه. وفي المقام التلف عند القابض كان في زمان

(٩٣)

Page 95: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

خيار المنتقل عنه وهو البائع، وخياره ليس علة لكون تلف المبيع على المشتري،ألن قبضه مع عدم الخيار له صار سببا ألن يكون تلفه عليه.

نعم، فائدة هذه القاعدة تظهر في تلف الثمن عند البائع لو قلنا بالتعدي إليهأيضا، كما سنشير إلى وجهه.

وثالثا: أن هذا التعليل مشترك بين قبل الرد وبعده على ما اختاره هو (قدس سره) منعدم الفرق في قاعدة التلف في زمان الخيار ممن ال خيار له بين الخيار المتصلوالمنفصل، فقبل الرد وإن لم يكن الخيار ثابتا إال أنه يتحقق بعده. فإذا اقتضت

القاعدة كون تلف المبيع على المشتري بعد رد الثمن لوقوعه في زمان خيار البائع،فتقتضي كونه عليه أيضا قبل الرد لتحقق الخيار ولو بعد ذلك.

ورابعا: أن مقتضى كون التلف في زمان الخيار ممن ال خيار له انفساخ العقدقهرا، ألن حال المقبوض كحاله قبل القبض فال معنى لقوله: ألنه وقع في زمن خيار

البائع فله حينئذ الفسخ.وخامسا: أنه ال وجه إلطالق كالمه في ثبوت الخيار بعد الرد، لو فرض أن

للبائع نظرا إلى الخصوصية العينية.وبالجملة: ال إشكال في عدم الفرق بين الرد وقبله، فإنه لو كان الغرض متعلقا

برد العين فالتلف موجب سقوط الخيار مطلقا، ولو كان النظر إلى ماليتها فال وجهلسقوطه أصال. وال إشكال في أن مقتضى القواعد كون ضمان المقبوض على مالكه

- الذي قبضه لو لم يكن له خيار على الطرف - كان لطرفه خيار أم ال، فتلف المبيععلى المشتري ليس لثبوت الخيار للبائع، بل ألنه ملك له وقد قبضه وليس له

خيار.ومما ذكرنا من أن مرجع قاعدة " كون التلف في زمان الخيار ممن ال خيار

له " إلى أن قبض ذي الخيار كعدم القبض يظهر ما في عبارة المصنف أيضا منقوله: " ولو تلف الثمن فإن كان بعد الرد وقبل الفسخ فمقتضى ما سيجئ من أنالتلف في زمان الخيار ممن ال خيار له كونه من المشتري وإن كان ملكا للبائع "

(٩٤)

Page 96: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

لما عرفت من أن مورد هذه القاعدة ما إذا تلف المقبوض عند مالكه مع كونه ذاخيار. فهذه القاعدة على فرض تعميمها للثمن موردها ما إذا تلف الثمن في يدالبائع، أي صغراها تلف الثمن قبل الرد ال تلفه عند المشتري. فلو قلنا بضمان

المشتري بعد قبضه فإنما نقول به لكونه في حكم المقبوض بالسوم - كما سنشيرإليه - ال لقاعدة التلف في زمان الخيار ممن ال خيار له.

قوله (قدس سره): (إال أن يمنع شمول تلك القاعدة للثمن ويدعى اختصاصهابالمبيع.... إلى آخره).

ال إشكال في أن مورد قاعدة " التلف في زمان الخيار ممن ال خيار له "هو تلف المبيع عند المشتري مع كونه ذا خيار، كما إذا كان المبيع حيوانا. فالتعديعنه إلى تلف الثمن عند البائع إذا كان ذا خيار - كالمقام - إنما هو للتعليل في ذيل

هذه األخبار، وهو قوله (عليه السالم): حتى ينقضي الشرط ويصير المبيع للمشتري. فإنهذا الكالم بمنزلة إن استقرار الملك يوجب ثبوت التلف على المالك، فما دام

الملك متزلزال وللمالك رده ال يستقر ضمانه عليه، بل ضمانه على صاحبه األولالذي ليس له خيار.

ومن هذا البيان يظهر عدم الفرق في تلف الشئ على من ال خيار له ال علىذي الخيار بين الخيار المتصل أو المنفصل، ألن استقرار الملك رافع للضمان الأصل الملك. فعلى هذا تلف الثمن يحسب على المشتري إذا كان قبل الرد سواء

كان مجموع المدة ظرف الخيار أو كان بعد الرد.نعم، سيجئ إن شاء الله في أحكام الخيار أن هذا يختص بتلف الثمن

الشخصي بالتلف السماوي أو ما هو بمنزلته - كما إذا وجب عليه اإلتالف شرعا -وبإتالف من عليه الخيار أو األجنبي.

وأما إتالف ذي الخيار أو تلف المقبوض من الثمن الكلي فليس ضمانه علىمن ال خيار له.

هذا، مع أنه لو قيل باختصاص قاعدة التلف في زمان الخيار بتلف المبيع

(٩٥)

Page 97: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

عند المشتري لو كان ذا خيار وعدم شمولها لتلف الثمن، إال أن تلف الثمن بعد الردإلى المشتري على أي حال ضمانه على المشتري، ألن البائع دفعه إليه ليسترد منه

المبيع ال مجانا وبال عوض، فيصير كالمقبوض بالسوم في أن ضمانه على القابض.نعم، لو تلف قبل الرد إليه فتلفه على البائع بناء على االختصاص.

وبالجملة: مقتضى ذيل الرواية المتقدمة هو أن ضمان تلف الثمن عند البائععلى المشتري.

والعجب من صاحب الجواهر من عده التعميم من غرائب الكالم ثم رده بخبرمعاوية بن ميسرة، مع أن الرواية غير متعرضة لتلف الثمن أصال، وليس مفادها إالأن نماء الثمن للبائع وتلف المبيع على المشتري إال أن ينضم إليها قاعدة الخراجبالضمان، فإن كون نماء الثمن للبائع بمقتضى رواية معاوية وكون المنافع بإزاء

الضمان بمقتضى تلك القاعدة مالزم لكون تلف الثمن على من له نماؤه وهو البائع.ولكنه ال يخفى أن " قاعدة الخراج بالضمان " على فرض داللتها على مدعاه

قابلة للتخصيص بقاعدة " التلف في زمان الخيار ممن ال خيار له " وبقاعدة " كلمبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه " مع أن داللتها غير تامة، وأوضحنا مفادها

في قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.وملخصه: أن هذه القاعدة سيقت لبيان ما ارتكز عند العقالء، وهو أن من تعهدشيئا وبذل بإزائه الثمن فمنافعه له بسبب بذل العوض في مقابله، فالضمان فيها

بمعناه المصدري.وبعبارة أخرى: بعد عدم إفادة هذه القاعدة ما استظهره أبو حنيفة - من أن

الغنم بإزاء الغرم، فال تشمل ضمان الغاصب - يدور األمر بين المعنى المصدري أيالضمان الجعلي المالكي واسم المصدر وهو الحاصل من الجعل الشرعي التعبدي

كالضمان في القاعدتين واألعم منهما بناء على صحته. واألظهر هو األول، فإنالمرتكز عند العقالء هو أن التضمين صار سببا الستيفاء المنافع وبالعكس، أي من

ضمن ماال وبذل بإزائه شيئا فخراجه - أي منافعه - له بإزاء ضمانه.

(٩٦)

Page 98: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

إذا عرفت ذلك فمقتضى هذه القاعدة: أن نماء الثمن للبائع ونماء المثمنللمشتري بسبب تعويضهما وتضمينهما، أي حيث بذل البائع المبيع بإزاء الثمن

وضمن الثمن فنماؤه له، وحيث بذل المشتري الثمن وعوضه بالمثمن وضمنهفمنافع ما ضمنه وأدخله في ماله له. فينحصر مورده في التضمين الجعلي المالكي

الذي أمضاه الشارع. فعلى هذا ال تشمل القاعدة الضمان في قاعدة التلف فيزمان الخيار ممن ال خيار له، ألنه ليس بجعل مالكي بل تعبدي محض. وكذلك التشمل الضمان في قاعدة كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه إذا كان تعبديا

محضا، كما ذهب إليه جماعة من العلماء.وأما بناء على المختار: من عدم كون القاعدة تعبدية محضة بل منشأ الحكم

بالضمان كونه مقتضى الشرط الضمني الذي يتعهد به كل من المتعاقدين لآلخر -من التسليم والتسلم وإن أعمل فيه التعبد في الجملة وهو جعل التالف آنا ما في

ملك من أنتقل عنه قبل التلف - فقد يتوهم تنافيها مع قاعدة الخراج بالضمان، ألنمقتضاها أن الضمان على من كانت المنافع له، فالمبيع إذا تلف قبل القبض مع أنمنافعه للمشتري يكون ضمانه عليه، مع أن قاعدة كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من

مال بائعه تقتضي أن يكون ضمانه على البائع.ولكن يمكن دفعه: بأن قاعدة الخراج ناظرة إلى التضمين األولي ال التضمين

الثانوي المترتب على األولي.وتوضيح ذلك: أن في كل معاوضة يتحقق ضمانان بالنسبة إلى كل من البائع

والمشتري، فالبائع مثال ضامن للثمن ابتداء وللمبيع ثانيا، أي ضمن الثمن بإزاءالمثمن وأدرجه في ملكه وضمن المثمن أي التزم بأنه لو تلف يكون المسمى بدال

له، أي تعهد بالتسليم إلى المشتري، بحيث لو تلف يكون عوضه المسمى وهوالثمن باقيا على ملك المشتري النفساخ العقد ولو تعبدا. وقاعدة الخراج بالضمان

ناظرة إلى التضمين األصلي ال التبعي، وال تشمل الثانوي فال تخصيص والحكومة.

(٩٧)

Page 99: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

هذا، مع أنه ال مانع عن التخصيص والحكومة، فلو كانت قاعدة التلف عامةوشاملة لتلف الثمن كما يستفاد ذلك من ذيل بعض األخبار الواردة في خيارالحيوان فتقدم على قاعدة الخراج بالضمان، ألن مفاد قاعدة التلف انفساخ

المعاملة ورد التالف إلى ملك من ال خيار له.فالعمدة استفادة التعميم من قاعدة التلف وعدمها، ال جعل رواية معاوية بن

ميسرة دليال على أن تلف الثمن بعد الرد من البائع ولو منضما إلى قاعدة الخراجبالضمان.

والحق عدم شمول قاعدة التلف لتلف الثمن واختصاصها بتلف المبيع فيزمان خيار المشتري بخيار الشرط والحيوان أو المجلس أيضا على خالف فيه.نعم، لو قلنا بالتعميم فال فرق بين الخيار المتصل والمنفصل، لما عرفت من أن

مناطه تزلزل البيع.وسيجئ تفصيل ذلك إن شاء الله في محله، ويظهر أن اإلشكاالت الواردة

على كالم المصنف في استصحاب الضمان الثابت قبل القبض إلى زمان القبض فيمدة الخيار ولو كان الخيار منفصال غير واردة عليه.

ولكن عمدة اإلشكال أن مقتضى القواعد: أن تلف كل مال على مالكه، خرجمنها تلف المبيع قبل القبض وتلفه بعد القبض في زمان خيار المشتري، فبقي تلفالثمن بعد قبض البائع له على حكم القواعد. وقوله (عليه السالم) " حتى ينقضي

الشرط،غاية لثبوت تلف المبيع في زمان خيار الحيوان والشرط على البائع ال علة حتى

يعمم إلى تلف الثمن في زمان خيار البائع. هذا مضافا إلى أن التسالم على ثبوتالخيار لو شرط رد مثل الثمن في صورة تلف الثمن وصحة هذا الشرط دليل على

أن قاعدة التلف ال تجري في تلف الثمن، ألن مقتضى القاعدة بعد تعميمها للخيارالمنفصل أن يكون تلفه على المشتري فينفسخ البيع، وهذا الشرط يقتضي أن يكونتلفه على البائع فيبقى العقد على حاله، وينفسخ أو يفسخ برد المثل. وقاعدة التلفلو قلنا بتعميمها فهي حكم تعبدي شرعي ليس قابال للتغيير بالشرط المخالف لها،

(٩٨)

Page 100: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

حتى يقال: إن شرط الخيار برد مثل الثمن متضمن لشرطين: أحدهما الخيار،وثانيهما أن تلف الثمن مع أنه في زمان خيار البائع على البائع. فالحق ما اختارهصاحب الجواهر، لكن ال لظهور خبر معاوية بن ميسرة، بل لعدم الدليل على أن

تلف الثمن كتلف المبيع.قوله (قدس سره): (األمر السادس ال إشكال في القدرة على الفسخ.... إلى آخره).

ال يخفى أنه لو شرط الرد إلى خصوص المشتري فال يكفي الرد إلى غيره لوامتنع الرد إليه لغيبة أو جنون أو موت، ولو شرط الرد إلى األعم منه ومن وكيله أو

وليه فيكفي الرد إلى كل واحد منهم، ولو أطلق فالمسألة ذات قولين. وال يخفى أننسبة الحدائق إلى المشهور عدم اعتبار حضور المفسوخ عليه في الفسخ ال يالزم

عدم اعتبارهم الرد إلى خصوص المشتري، فإنه ال مالزمة بين الفسخ والرد.ويمكن أن ال يكون حضور الطرف معتبرا في الفسخ ويعتبر في الرد - الذي هو

اإلقباض - قبض خصوص الطرف.وبالجملة: يجب أن يخرج الرد إلى الوارث عن محل الخالف، ألن الوارثينتقل إليه المال على نحو تعلق حق المورث البائع إليه، سواء قلنا بأن الخيار

والفسخ يتعلق بالعقد أم قلنا بأنه يتعلق بالعين مطلقا أم بالتفصيل بين سائرالخيارات والمقام الذي قلنا بأنه متعلق بالعين. ولذا ال يجوز في المقام لمن عليهالخيار التصرفات المنافية السترداد العين، وذلك ألن المال على أي حال ينتقل

إلى الوارث على نحو كان لمورثه، فالرد إليه كالرد إلى مورثه.نعم، في مورد التخصيص بخصوص شخص المشتري ال يكفي الرد إلى

الوارث، إال أن في مورد اإلطالق ال يوجب الموت امتناع الرد. فالعمدة هو البحثعن الرد إلى الوكيل المطلق لو كان، أو إلى الحاكم الشرعي.

فقد يقال إن األدلة الدالة على والية الحاكم ووكالة الوكيل ال تشمل ما ليسللمولى عليه والموكل مصلحة فيه، فقبضهما ليس قبضا من المشتري حتى يكون

المدفوع ملكا للمشتري، فيجب عليهما حفظه ورد المبيع إلى البائع.

(٩٩)

Page 101: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وفيه: أنه لو فرض إطالق الوكالة لما له وعليه - كما هو المفروض في المقام -فقبضه قبض الموكل، ولذا لو خاطب أحد المتبايعين اآلخر بقوله " بعتك " مع كون

المشتري وكيال لصح الخطاب كذلك، مع أن " الكاف " لم يوضع للخطاب باألعم،وليس إال ألن الوكيل هو الموكل تنزيال. ففي المقام إذا كان قبضه قبض الموكل

يشمل اإلطالق الرد إليه، فليس إعمال الخيار ممتنعا.وأما والية الحاكم فال تختص بما للمولى عليه مصلحة، ولذا ينفق على زوجة

الغائب من ماله. بل لو قيل باعتبار المصلحة في التصرف إال أن في المقام حيث إنالفسخ ال يناط بحضور المفسوخ عليه وقبوله فلذي الخيار إعماله. فيبقى مال

المشتري بال ولي، فله رده إلى الحاكم لحفظه، واعتبار الحضور للرد أيضا يكفيفيه حضور من هو قائم مقام المشتري شرعا.

ثم إنه لو باع األب عن ابنه واشترى الجد لطفل آخر فال إشكال في أن األبيرد إلى الجد لو شرط الخيار، وهكذا لو تولى أحدهما طرفي العقد يجوز أن ينوي

بالقبض الرد إلى المفسوخ عليه، أو يرد إلى الولي اآلخر الذي لم يكن متوليالطرفي العقد. كما أنه لو اشترى األب للطفل بخيار البائع فللبائع الرد إلى األبوإلى جد الطفل، لوالية كل منهما على الطفل، فقبض كل منهما قبض الطفل.إنما اإلشكال في أنه لو اشترى الحاكم للطفل بخيار البائع، فهل للبائع الرد إلى

حاكم آخر - كما كان له الرد إلى األب والجد - أو ال بل يجب الرد إلى خصوصالحاكم المشتري؟ األقوى أنه يجب الرد إليه بخصوصه، ألن بتصرف الحاكم في

مال اليتيم ووضع اليد عليه يخرج ماله عن المال الذي ال ولي له، فليس لحاكمآخر التصرف في هذا المال.

قوله (قدس سره): (ولو شرط البائع الفسخ في كل جزء برد ما يخصه من الثمنجاز.... إلى آخره).

قد يقال: إن هذا الشرط مخالف للسنة، ألن السنة جرت في اشتراط الخياربرد الجميع.

(١٠٠)

Page 102: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وال يخفى ما فيه، ألن جعل المتعاقدين التبعض بالنسبة إلى المبيع أو الثمنليس محلال للحرام وال محرما للحالل، ويكفي في صحته عموم المؤمنون عند

شروطهم. وتوهم أن االلتزام العقدي أمر بسيط فإما أن يجعل للمشروط له تمامااللتزام وإما يبطل فاسد جدا، ألنه ال ينافي بساطة االلتزام جعل التبعيض في

الملتزم، فإن التبعيض قد ينشأ من جعل مختلفي الحكم متعلقا لبيع واحد - كما لوباع الخل والخمر، أو مال نفسه ومال غيره صفقة - وقد ينشأ من جعل البائع أوالمشتري بالنسبة إلى الثمن أو المثمن الذي لوال الجعل كان جميع أجزائه متحد

الحكم، ففيما لو أطلق اشتراط الفسخ برد الثمن لم يكن له الفسخ إال برد الجميع.وأما لو شرط الفسخ في كل جزء برد ما يخصه من الثمن، فالبائع بالشرط جعل

المبيع للمشتري متبعضا، وال مانع عنه.ثم إن هذا على أقسام:

قسم ال يجعل الخيار إال في بعض المبيع برد ما يقابله من الثمن، سواء جعلعلى وجه كان الرد فسخا فعليا، أم مقدمة للفسخ أم الخيار.

وهذا ال إشكال في صحته، إذ ليس المشتري إال كمن اشترى دارا منشريكين جعل أحدهما الخيار لنفسه دون اآلخر.

وقسم يجعل الخيار في المجموع، ولكن بحيث إنه كل ما يرد مقدارا يثبت لهالخيار بهذا المقدار، أو يكون كل مقدار فسخا فعليا بمقدار ما يقابله من المبيع.

وهذا أيضا كالسابق في الصحة. وال إشكال في القسمين بأقسامهما في أنهليس للمشتري خيار تبعض الصفقة، ألن أصل ثبوت خيار التبعض إنما هو لتخلف

شرط ضمني في العقد، وهو كون مجموع المبيع بوصف اجتماعه مقابال لمجموعالثمن. فلو صرحا بانحالل العقد وإمكان تبعضه فال شرط ضمنا، بل الشرط على

خالفه.نعم، لو شرط فسخ المجموع متدرجا وفسخ في البعض ولم يفسخ في الباقي

حتى خرجت المدة بطل الفسخ في البعض نظير المكاتب المشروط.

(١٠١)

Page 103: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وقسم يشترط فسخ المجموع برد جزء من الثمن، وهذا أيضا ال مانع منه.قوله (قدس سره): (األمر الثامن.... إلى آخره).

حكم شرط المشتري برد المبيع لثبوت الخيار السترداد الثمن في جميعالصور السبع، وفي جعل رد المثل في القيمي وبالعكس، وفي جعل رد المثل مع

بقاء العين حكم شرط البائع، وقد تقدم حكمه فراجع.قوله (قدس سره): (مسألة: ال إشكال وال خالف في عدم اختصاص خيار الشرط

بالبيع.... إلى آخره).تنقيح هذا العنوان يتوقف على بيان أقسام العقود.

فنقول قد تقدم مرارا أن العقود على قسمين: إذنية وعهدية، والعهدية علىقسمين: تعليقية وتنجيزية. فما كان من العقود اإلذنية - كالوكالة والوديعة والعارية

- ال يجري فيه شرط الخيار، ألن الخيار معناه ملك االلتزام والعقود اإلذنية الالتزام فيها، فهي خارجة عما يجب الوفاء به تخصصا، بل إطالق العقد عليها إنما

هو لكونها واقعة بين اثنين، وإال فنفس حقيقتها متقومة باإلذن المحض والرضاالصرف. وما كان من العهدية، فلو كان اللزوم أو الجواز فيه حكميا ال حقيا ال

يجري فيه أيضا شرط الخيار، فاألول كالنكاح والضمان، والثاني كالهبة.أما األول فألن شرط الخيار فيه مناف للسنة، فال يصح الجعل من العاقد على

خالف مقتضاه الذي رتبه الشارع عليه. ولذا ال يصح اإلقالة فيه، وسره أن اإلقالةرد االلتزام الذي ملكه كل من المتعاقدين إلى صاحبه، وإذا لم يدخل االلتزام

تحت الملك ال يقبل الرد، كما أن الخيار ملك التزام نفسه، وهذا لو لم يدخل تحتالملك ال يصح جعله بالشرط.

وأما الثاني فألن العقد لو كان جائزا ذاتا فجعل الخيار فيه لغو رأسا، وليسمن قبيل جعله فيما هو جائز عرضا - كجعله فيما فيه خيار الحيوان أو المجلس -

إلمكان تأثير الجعل فيه بلحاظ إسقاطه وتقيد المسبب بأسبابه.ولو كان اللزوم فيه حقيا كسائر العقود فسواء كانت تنجيزية - كالبيع والصلح

وأمثالهما - أم تعليقية كالجعالة والسبق والرماية يصح فيه شرط الخيار.

(١٠٢)

Page 104: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ومن هذا البيان ظهر عدم جريان خيار الشرط في مطلق االيقاعات، ألنهليس فيها التزام وعهد من الموقع ولم يلتزم بمنشئه بالتزام عهدي وعقدي. وليس

وجه عدم الجريان باعتبار وقوع الشرطين بين اثنين - كما يظهر من بعض األعالم- حتى يرد عليه بأن كون اإليقاع من طرف واحد ال يقتضي عدم وقوع الشرط في

ضمنه إلمكان اشتراط الخيار في ضمنه وقبول اآلخر لهذا الشرط، بل ألن حقيقةالشرط هو إناطة المنشأ به بحيث يصير الشرط ضميمة ألحد العوضين، وفي

اإليقاعات ال عوض فيها حتى ينضم الشرط إليه.وبعبارة أخرى: ليس الشرط مجرد ذكر شئ منضما إلى آخر - كما لو قيل

بعتك الدار وآجرتك البستان - بل يجب أن يناط المنشأ به. وفي اإليقاعات لوأنيط أصل المنشأ به بطلت للتعليق، ولو ذكر غير مرتبط بالمنشأ فهو الشرط

االبتدائي الذي ال يجب الوفاء به، لكونه حينئذ مجانيا وبال عوض وغير منضم إلىأحد الطرفين.

نعم، بعض اإليقاعات يمكن تقييده بخصوصية خاصة، كعتق العبد وشرطالخدمة عليه، إال أن هذا النحو من الشرط خارج عما هو محل البحث، فإن

موضوع البحث هو االلتزام بالشئ في ضمن االلتزام بشئ آخر ال إنشاء المنشأبنحو خاص. فالمولى لما كان مالكا لرقبة العبد ومنافعه وأمواله فله تخصيص عتقه

ببعض الجهات، وهذا ليس من قبيل الشرط في ضمن العقود.وحاصل الكالم: أن اإليقاع حيث إنه إذا أنشأ يوجد المنشأ بنفس االنشاء وال

يتوقف على القبول فالشرط الواقع بعده، إما يرجع إلى الشرط االبتدائي، وإما إلىتعليق المنشأ الذي هو باطل، وإما إلى تخصيص المنشأ بخصوصية خاصة.وعلى أي تقدير هذا خارج عن االلتزام في االلتزام الذي هو محل الكالم.

ثم إنه لو رجع الشرط إلى التخصيص ال يتوقف على قبول العبد.نعم، لو شرط على العبد بعد العتق شيئا يتوقف نفوذه على قبوله - كما لو قال:

أعتقتك وزوجتك ابنتي، وشرطت عليك إن تزوجت أو تسريت عليها أن تعطيني

(١٠٣)

Page 105: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

مائة درهم - واحتياجه هنا إلى القبول إنما هو لعدم تملك العبد لمائة درهم حالالعتق فيرجع هذا الشرط إما إلى مال الكتابة أي يرجع اإليقاع إلى العقد ويتوقف

صحته على القول بصحة المجاز أو الكناية، وإما إلى الشرط في ضمن التزويجالذي وقع بعد العتق.

ويؤيد ما ذكرناه بعض األخبار الواردة في استثناء الخدمة من أنه يجباستثناؤها قبل العتق، ألنه لو أعتق أوال يصير العبد حرا مالكا لنفسه ومنافعه، فإنه

لو كان العتق قابال للشرط لم يكن وجه لهذا التعليل كما ال يخفى.وبالجملة: جميع اإليقاعات ال يقبل جعل الشرط في ضمنه - سواء كان شرط

الخيار أم غيره - وال يخرج غير شرط الخيار عن الشرط االبتدائي أو التقييدأو التعليق أو عنوان عقدي. فعلى هذا لو أبرأ أو طلق بشرط، فيرجع األول إلىالمعاوضة والصلح عما في الذمة بشئ، والثاني إلى الطالق بالعوض الذي هو

محل الكالم صحة وفسادا.وتقدم أن جميع العقود اإلذنية والعقود التي لزومها وجوازها من األحكام

الشرعية ال من حقوق المتعاقدين حكمها حكم االيقاعات، فانحصر صحة الشرطمطلقا أو شرط الخيار في العقود العهدية التي يكون الجواز واللزوم فيها حكمامترتبا على التزام المتعاقدين الذي هو حق من حقوقهما القابل لإلرث واالنتقال

واإلسقاط هذا بحسب الثبوت.وأما بحسب اإلثبات أما النكاح فلزومه حكمي ال حقي، لتوقف ارتفاعه علىالطالق، فينكشف منه أن اللزوم فيه ناش عن حكم الشارع بلزوم نفس عنوان

العقد، ال عن التزام من المتعاقدين.وبعبارة أخرى: كل لزوم نشأ من " أوفوا بالعقود " فهو حقي وكل ما نشأ منلزوم نفس العنوان فهو حكمي. فكون رفع النكاح موقوفا على الطالق شرعا

كاشف عن أن رفعه ليس بيد المتعاقدين.ويدل عليه عدم مشروعية اإلقالة فيه، فإنها والخيار توأمان، كما عرفته

(١٠٤)

Page 106: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

مرارا. والفسخ في مورد العيوب ليس حقا ثابتا للفاسخ ولذا ال يرثه الوارث - بلإنما هو حكم شرعي مستثنى من الحكم بلزوم النكاح، فإن اللزوم وإن كان حكمياإال أنه قابل لالستثناء. فكأنه حكم الشارع بأن من مقتضيات عنوان النكاح - الذي

هو المنشأ بالصيغة - اللزوم إال في مورد تخلف الشرط، كشرط البكارة وبنتالمهيرة ونحو ذلك وفي العيوب الخاصة.

وبالجملة: عدم مشروعية شرط الخيار لعله اجماعي في النكاح كتحققهبالنسبة إلى عدم مشروعية التقايل فيه بال إشكال، لظهور أن اللزوم مترتب علىنفس العنوان ال على عقده. وترتب اللزوم في البيع في بعض األخبار على نفس

العنوان ال على العقد - كقوله (عليه السالم): فإذا افترقا وجب البيع - مع كون اللزومفيه حقيا

بال إشكال ال يدل على أن اللزوم في النكاح كذلك أيضا، فإن قوله (عليه السالم) " إذاافترقا

وجب البيع " بعد قوله " المتبايعان بالخيار " معناه وجوب عقد البيع، لقرينة مقابلتهبالخيار الذي هو ملك االلتزام الذي نشأ من العهد.

ومما ذكرنا ظهر صحة شرط الخيار في عقد البيع بال إشكال، فإن لزومه حقيويدل عليه النصوص بالخصوص.

وأما الوقف، فإن قلنا بأنه إيقاع مطلقا فال يصح شرط الخيار فيه أصال. وإنقلنا بأنه عقد مطلقا أو عقد في الوقف الخاص فاألظهر من األدلة عدم دخول شرط

الخيار فيه، إما ألنه فك ملك لله بغير عوض فيكون كمطلق الصدقات التي دلالدليل على أنه ال يرجع فيما كان لله. وإما العتبار التأبيد فيه المالزم للزوم شرعا.

والخبر الذي استدل به في المتن لجواز شرط الخيار فيه ال يدل على المدعى،فإن رجوع الموقوفة إلى الميراث لعله لبطالن الوقف بسبب هذا الشرط، أولرجوعه إلى الحبس ما دام العمر. مع أنه فرض في الرواية رجوع الوقف إلى

الملك بمجرد االحتياج ال بعد الفسخ، فليس رجوعه إليه من باب شرط الخياروإال لتوقف على إعمال الفسخ. فيصير الرواية دالة على صحته حبسا، ألن اشتراط

العود إليه مع الحاجة في قوة جعل الوقف ما قبل الحاجة.

(١٠٥)

Page 107: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما الهبة، فغير المعوضة منها جوازه حكمي، لترتب إمكان الرجوع للواهبما دام العين موجودة على نفس العنوان ال على عقدها - كما يدل عليه أخبار

الباب - وجعل الخيار في الجواز الحكمي لغو.وأما المعوضة أو ما قصد بها الثواب أو الهبة لذي الرحم وغير ذلك مما طرأ

عليه اللزوم - كصورة تلف العين - فاللزوم فيها حكمي، واستثنيت من جوازالرجوع في الهبة شرعا كما يظهر من أدلتها فراجع.

وأما الصلح فلو كان في مقام المعاوضة يدخل فيه الخيار، وأما لو كان فيمقام اإلبراء فال يدخل فيه، ألنه إيقاع إال أن يرجع إلى المعاوضة.

وهكذا لو كان في مقام قطع الخصومة ال ألن مشروعيته لقطع المنازعة ينافياشتراط الخيار - ألن هذا حكمة لتشريعه ال علة - بل ألن لزومه رتب شرعا على

نفس هذا العنوان ال على العقدي منه.وأما الضمان فكالنكاح لزومه حكمي، ألن من أثره انتقال الدين إلى ذمة

الضامن وبراءة المديون، فإرجاعه إلى ما كان ال يمكن إال بضمان آخر، والتقايلالمتصور فيه أيضا هو بهذا المعنى. ويلحقه الحوالة والكفالة، وأما الرهن فال مانع

من دخوله فيه، غاية األمر يصير الدين بعد الفسخ كالديون التي لم يجعل وثيقة لها.وأما الجعالة والسبق والرماية فالظاهر أنها غير الزمة قبل العمل، وبعده

ال يمكن شرط الخيار، الستحقاق العامل األجرة.وبالجملة: كل عقد لم يكن لزومه أو جوازه حكميا بل كان من جهة االلتزام

العقدي فيدخل فيه الخيار، وما ليس كذلك فال يدخل فيه. وليس المقام مقام تنقيحالمصاديق، وإنما أشرنا إلى بعضها تبعا لما أفاده شيخنا األستاذ - أدام الله تعالى

بقاءه -.* * *

(١٠٦)

Page 108: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره):(الرابع خيار الغبن.... إلى آخره).

ال يخفى أن ثبوت هذا الخيار في الجملة ال إشكال فيه، وإنما الكالم فيمدركه، وأتم المدارك له هو حصوله من جهة تخلف الشرط الضمني، وذلك أنه لما

كان تعيش بني آدم موقوفا على تبديل األموال وبناء المتعاقدين على تساويالعوضين في المالية فيناط التبديل بالتساوي، وحيث كان هذا البناء نوعيا بحسبالعرف والعادة جرى نفس إجراء العقد بين العوضين مجرى اشتراط تساويهما في

المالية، بحيث لو علم المغبون بالحال لم يرض. فمدرك ثبوت الخيار تبانيالمتعاقدين على تساوي العوضين في المالية، وهذا بمنزلة الصغرى، والكبرى أن

تخلف البناء يوجب عدم التراضي بالمعاملة. ولما ثبت في باب الفضولي والمكرهأن الرضاء الالحق كالسابق فلم يكن تخلف البناء موجبا لفساد البيع رأسا، فله

إقرار العقد واختيار نتيجته، وله رده.والمصنف (قدس سره) ناقش في الصغرى والكبرى جميعا مع أخذه بهذا المدرك في

باب التسليم والتسلم، وفي اعتبار نقد البلد، بل في خيار العيب وخيار الرؤية.وال يخفى أن مع تسليمه في بعض الموارد بأن الشرط الضمني كالشرط

الصريح يوجب تخلفه الخيار ال وجه لمناقشته في المقام، مع أنها غير تامة.أما في الصغرى، فألن قوله: الوصف المذكور - أي كون العوضين متساويين

في المالية - ليس إال من قبيل الداعي.ففيه: أن الداعي هو الموجب إلرادة شئ - أي الباعث لها - كمن دعاه إلى بيع

داره تزويج امرأة، فإن تخلفه ال يضر بالمعاملة. وأما إذا كان اشتراط التساويوالبناء عليه نوعيا، فيكون من قيود المراد، ويدخل تحت االلتزام.

وأما في الكبرى فقوله (قدس سره): مع أن أخذه على وجه التقييد ال يوجب خيارا إذالم يذكر في متن العقد.

فيه: أن التقييد لو لم يذكر في متن العقد أصال - ال إجماال وال تفصيال - اليوجب تخلفه خيارا، وأما مع أخذه فيه إجماال وبالداللة االلتزامية، فهو بمنزلة

(١٠٧)

Page 109: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

أخذه صريحا.وبعدما عرفت أن البناء على التساوي ليس بناء شخصيا حتى يكون من قبيل

الداعي بل من المتعارف نوعا، فهو بمنزلة إنشائه في متن العقد صريحا.وبالجملة: ال اعتبار بالقيود البنائية التي لم تذكر في متن العقد أصال، ألن

القصود ما لم ينشأ على طبقها لفظ وال يوجد بفعل ال اعتبار بها. وهذا يختص بقيدال يرجع إلى وصف أحد العوضين كاشتراط الخياطة، وأما إذا رجع إليه - ككتابة

العبد - فتوجب البناء عليه صرف المعاملة إليه، كما أنه إذا كان التقييد الزما عرفيافيكون كالمنشأ في العقد، غاية األمر أنه أنشئ به التزاما وال فرق بين اإلنشاء

الصريح والضمني.نعم الغبن الذي يتسامح فيه عادة ال يوجب الخيار، لعدم البناء على التقييد

بعدمه، كما أن اعتبار معناه اللغوي - وهو الخدعة من طرف الغابن - ال وجه لهأصال، ألن المدار على اشتراط التساوي نوعا، سواء كان الغابن جاهال أو عالما.

نعم، إذا كان المغبون عالما فليس له الخيار، وسيجئ وجهه. وحاصل الكالم:أنه ال فرق في الشروط ضمنية كانت أو صريحة في أن تخلفها يوجب الخيار.

إنما الكالم في تقريب االستدالل باآلية الشريفة، مع أن ظاهر المستثنىاعتبار الرضا في صحة المعاملة، وأما ثبوت الخيار على تقدير تخلفه فغير ناظر

إليه. هذا مع أن أصل الرضا حين التجارة واإلنشاء موجود، فلو كان هو المعتبرصحت المعاملة أبدا. ولو كان المعتبر الرضا التقديري ال الفعلي - أي الرضا على

تقدير التساوي - لبطلت المعاملة رأسا.ثم إن اختالف الحالتين وصحة المعاملة ولزومها قبل االطالع على الغبن

وعدم لزومها بعد االطالع يحتاج إلى دليل.ولكن يمكن تقريب االستدالل باآلية الشريفة بمجموع المستثنى والمستثنىمنه بناء على كون المستثنى مفرغا، وتقريبه: أن قوله عز اسمه * (وال تأكلوا

أموالكم بينكم بالباطل إال أن تكون تجارة عن تراض) * (١) في قوة أن يقال:--------------------

(١) النساء: ٢٩.

(١٠٨)

Page 110: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ال تتملكوا أموالكم بينكم بوجه من الوجوه، فإنه باطل إال على وجه التكسب عنرضا، فالتملك بدون رضا المغبون تملك بالباطل، ومع رضاه تملك صحيح. ثم إن

رضاه بالتجارة بمعناها االسم المصدري هو المعتبر في العقد، ورضاه بها حاصلمع عدم علمه بالغبن، وأما مع علمه به فإذا كان حاصال دخل في عقد المستثنى،

وإال - أي لو لم يمض وما رضي بالفاقد - دخل في المستثنى منه، وال نعني بالخيارفي المقام إال ذلك.

نعم، لو كان المراد من التجارة معناها المصدري واعتبر الرضاء فيها بهذاالمعنى، فمع حصوله حين صدور التجارة ال وجه العتباره بعده فال يتم الخيار،

ومع عدم حصوله تبطل رأسا، فال معنى لصحتها مع إمضائها.ولكن قد عرفت في باب الفضولي أن اسم المصدر في العقود له اعتبار

استمرار وبقاء، ومن هذه الجهة يقبل العقد الفضولية وينسب بالرضاء الالحق إلىالراضي. فالتجارة التي اعتبر الرضاء فيها هي بمعنى اسم المصدر وهي قابلة ألن

يلحقها الرضاء بعد العقد، فالمعاملة في المقام حيث كانت مقيدة بقيد غير ركنيوهو التساوي بين المالين فتخلفه ال يوجب بطالنها رأسا، بل يوجب إناطتها

بالرضاء. فإذا لم يرض المغبون بفاقد القيد يدخل ما أخذه الغابن في أكل المالبالباطل. وإذا رضي به يدخل في التجارة عن تراض، فهو راض بالتجارة ما دام

جاهال بالغبن، ويصح تصرف الغابن والمغبون فيما انتقل إليهما. وإذا علم به فلورضي بالفاقد فهو، وإذا لم يرض يدخل تحت أكل المال بالباطل.

نعم، يمتاز هذا المعنى من الخيار عن سائر الخيارات التي يحتاج اإلمضاءوالفسخ فيها إلى اإلنشاء، فإن الدليل المثبت لهذا الخيار بالتقريب المذكور ال يدل

إال على أن مجرد الرضاء بعد العلم بالغبن يكفي في الصحة، وعدمه يكفي فيالبطالن، والخيار االصطالحي ليس كذلك.

وبالجملة: إثبات الخيار - الذي هو عبارة عن ملك اإلقرار واإلزالة - بمقتضىاألدلة العامة مشكل.

(١٠٩)

Page 111: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

نعم، لو صح سند النبوي وهو قوله (صلى الله عليه وآله): " ال يتلقى الجلب فمن تلقاهواشترى

منه فإذا أتى السوق فهو بالخيار " (١) ثبت الخيار المصطلح، ألن ظاهر قوله (صلى اللهعليه وآله)

" فهو بالخيار " هو الخيار المصطلح.ولكن الكالم في أصل ثبوت النبوي مع عدم كونه مرويا بطرق أصحابنا، إال

أن يقال: إن األصحاب تلقوه بالقبول، ولذا يعدون غبن الركبان من أحد أسبابالخيار.

وحاصل الكالم: أنه لو كان مدرك الخيار خصوص الشرط الضمني، فإثباتهبالمعنى المصطلح في غاية اإلشكال، ألن إناطة العوضين بالشرط أو الوصف

صريحا أو ضمنيا ال يفيد إثبات الخيار، ألن غاية التقييد ثبوت حق للمشروط له،فله إسقاط حقه ورضاه بالفاقد، وله عدم إسقاط حقه، وهذا ال يالزم فسخ العقد،

فلعله يكون من الحقوق التي تبقى في ذمة من عليه الحق، وال يمكن استيفاؤهويكون كسائر الديون.

كما أن إثبات الخيار بما قد يقال: من أن التقييد بالوصف أو الشرط من قبيلتعدد المطلوب مشكل.

أما أوال: فألن وحدة المطلوب وتعدده إنما يتصور في األحكام التكليفية الالوضعية التي هي المنشئات بالعقود، ألن المنشأ الموصوف أو المشروط أمر واحد

ال تعدد فيه.وثانيا: هذا الكالم غير مطرد وال منعكس، فإنه قد يكون المطلوب متعددا في

الصور النوعية التي بها قوام مالية المال مع أن تخلفها يوجب البطالن قطعا - سواءذكرت وصفا أو شرطا، كما لو اشترى عبدا حبشيا فانكشف كونه حمارا وحشيا،

أو اشترى عبدا وانكشف كونه جارية - وقد يكون المطلوب واحدا في الشروطواألوصاف التي لها دخل في زيادة المالية كالكتابة وأمثالها، بحيث لو علم أن

العبد ليس كاتبا لم يقدم على شرائه مع أن تخلفها ال يوجب البطالن.--------------------

(١) صحيح مسلم ٣: ١١٥٧ ح ١٧.

(١١٠)

Page 112: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وثالثا: كون المقام من قبيل تعدد المطلوب ال يفيد إال صحة العقد ال الخياربفقد أحد المطلوبين، فله المطالبة بمطلوبه المفقود، ال رد العقد الواقع على

المجموع أو إمضائه.قوله (قدس سره): (وأقوى ما استدل به على ذلك في التذكرة وغيرها قوله (صلى الله

عليه وآله):ال ضرر وال ضرار.... إلى آخره).

ال يخفى أنه لو كان اعتبار التساوي بين األموال من الشروط الضمنيةفاالستدالل بال ضرر في محله، ألن مفاده أن الحكم الذي ينشأ منه الضرر مرفوع.

والحكم بلزوم العقد مع عدم التزام المغبون بالغبن ضرري عليه، ألنه وإن جهلبالغبن وأقدم بما فيه الضرر إال أنه حيث شرط التساوي فهو بالشرط يملك على

المشروط عليه حقا، فإذا تخلف الشرط يكون كسائر الشروط المتخلفة التييوجب تخلفها أو تعذرها الخيار.

فال يقاس اإلقدام في المعامالت جهال بالضرر على اإلقدام في العباداتجهال به الذي اخترنا فيه أن الحكم ال يرتفع في مورد الضرر المجهول، ألن الحكم

التكليفي المجهول ال يوجب الضرر، ألنه كان أو لم يكن فحيث إن المكلف ال يرىالضرر في الفعل يقدم على الفعل الضرري، فالحكم الشرعي يصير من قبيل المعدللضرر والجزء األخير من العلة لوقوعه فيه هو جهله به. مع أن رفع الحكم منه في

هذا الحال ليس امتنانا عليه، الستلزامه بطالن العمل وإعادته، وذلك ينافياالمتنان.

وأما مع العلم به فالجزء األخير من العلة أو تمام العلة هو الحكم الشرعي.وهذا بخالف المعامالت، فإن األمر فيها بالعكس، ألن مع العلم بالضرر فالضرريستند إليه إلقدامه عليه. وأما مع الجهل فالضرر يستند إلى الحكم الشرعي وهو

لزوم العقد المغبون فيه.وأما لو كان اعتبار التساوي من األمور البنائية أو الدواعي التي ال إشارة في

العقد إليها بنحو من األنحاء - ال مطابقة وال التزاما - فال وجه لالستدالل بال ضرر

(١١١)

Page 113: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

إلثبات الخيار، لما عرفت من أن مفاده أن الحكم الذي ينشأ منه الضرر بحيثيكون الضرر عنوانا ثانويا له فهو مرفوع، دون ضرر ال يكون عنوانا للحكم، بل

يكون عنوانا لنفس فعل المكلف وبإقدام واختيار صدر الفعل عنه ولو كان جاهالبالضرر. ومنشأ تضرره في المقام ليس وجوب الوفاء بالعقد، بل تخيله التساويبين المالين. إال أن يقال: إن العاقد وإن أقدم على المعاملة الغبنية إال أن إقدامهعليها وإيجاده لها موجب لتحقق موضوع وجوب الوفاء، وإذا كان موضوعه

ضرريا وجب أن يرتفع حكمه ب " ال ضرر ".وبعبارة أخرى: وإن لم يكن اعتبار التساوي من الشروط الضمنية إال أن

حكم الشارع بوجوب الوفاء بالعقد - الذي صدر عن المكلف - حكم في موضوعضرري فيجب أن يكون مرفوعا، ألن الحكم يصير فعليا بعد تحقق موضوعه.

وموضوعه وإن صدر عن العاقد جهال بالغبن وبتخيل التساوي، إال أنه بعد تحققهينسب الضرر الوارد على العاقد - باعتبار بقاء المعاملة - إلى حكم الشارع بالبقاء،

ال إلى إقدام المكلف.إن قلت: فعلى هذا لو علم العاقد بالضرر وأقدم عليه لكان الالزم عدم ثبوت

وجوب الوفاء، وال يختص رفع الحكم بالجهل.قلت: في مورد العلم ليس الضرر مستندا إلى الحكم، بل إلى اإلقدام، ألنه علم

بالضرر وأقدم عليه فال وجه لرفع حكمه.فالفرق بين بين العلم والجهل، إال أن الكالم في أصل المدعى، ألن الحكم وإن

لم يكن فعليا إال بعد تحقق موضوعه، ولكن الكالم في أن الضرر مستند إلىاإلقدام أو إلى الحكم.

فنقول: لو كان الضرر ناشئا عن الحكم - بحيث لو لم يكن الحكم الشرعي لماوقع العاقد في الضرر - لكان هذا الحكم مرفوعا.

والمفروض في المقام أن العاقد بتخيله التساوي أقدم على المعاملة من دونأن يكون ملزما بها.

(١١٢)

Page 114: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبعبارة أخرى: كل حكم تكليفي أو وضعي كان هو تمام العلة للضرر أوالجزء األخير منها فهو مرفوع.

وأما لو كان الحكم معدا كالوضوء المجهول أنه ضرري، أو ال دخل للحكمأصال في الضرر كالمقام - ألنه بداعي النفع أقدم على المعاملة - فال معنى لرفعه.

ومجرد صيرورة الفعل ضرريا باعتبار بقائه على حاله بعد صدوره اختيارا اليوجب أن يرتفع حكمه، وإال لزم أن يرتفع حكم الضمانات واإلتالفات إذا صدر

الفعل عن المكلف جهال بأن المال من غيره، فإن آكل مال الغير بتوهم أنه ماله قدصدر عنه موضوع، إذا حكم الشارع بوجوب الخسارة عليه يكون حكما في

موضوع ضرري، مع أنه ال يمكن أن يكون هذا الحكم مرفوعا وال وجه له، إال أناإلقدام صار منشأ للضرر ال الحكم.

وبالجملة: لو لم يكن اعتبار التساوي من الشروط الضمنية بل كان منالدواعي أو الشروط البنائية فال وجه ألن يكون تعذرها موجبا للخيار.

وعليك بالمراجعة إلى ما كتبناه في قاعدة ال ضرر.قوله (قدس سره): (ولكن يمكن الخدشة في ذلك بأن انتفاء اللزوم وثبوت التزلزل

ال يستلزم ثبوت الخيار).محصل مرامه (قدس سره): أن قاعدة الضرر ال تثبت الخيار بين الفسخ واإلمضاء بكل

الثمن كما عليه بناء األصحاب، ألن تدارك الضرر يحصل بأحد األمور الثالثة:األول: الخيار.

والثاني: رد مقدار ما تضرر فيه من عين الثمن أو المثمن، فيكون حال المغبونحال المريض إذا اشترى بأزيد من ثمن المثل، وحاله بعد العلم حال ورثة ذلك

المريض في أن لهم استرداد الزيادة من دون رد جزء من العوض.والثالث: رد ما به يتدارك ضرر المغبون ولو من غير جنس الثمن أو المثمن،

نظير ما احتمله في القواعد من أنه: إذا ظهر كذب البائع مرابحة في إخباره برأسالمال وبذل المقدار الزائد مع ربحه فال خيار للمشتري، فإذا أمكن تدارك الضرر

بأحد األمور الثالثة فترجيح بعض منها بال مرجح ال وجه له.

(١١٣)

Page 115: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وفيه أنه ال يمكن تدارك الضرر في المقام باألمر الثاني والثالث.أما الثاني: فألن المعاوضة وقعت بين مجموع مالي الغابن والمغبون، فيجب

أن يقال: إما بالبطالن في الجميع، أو بالصحة كذلك.وبالجملة: استرداد جزء من أحد العوضين من دون رد ما يقابله خالف

مقتضى المعاوضة من مقابلة المجموع بالمجموع. واسترداد ورثة المريض لو قلنابه فهو حكم تعبدي، ولذا ال يتعدى إلى ما لو باع بأقل من ثمن المثل.

وأما الثالث: فتدارك ما فات من المغبون ال يخرج عن كونه هبة مستقلة،والهبة من الغابن أو غيره ال يخرج المعاملة عما وقعت عليه من الغبن. ومجرد كونداعي الواهب تدارك خسارة المتهب ال يوجب انقالب الهبة عن حقيقتها. وتسمية

هذا اإلعطاء غرامة ال تغير الواقع عما هو عليه، ألن الغرامة عبارة عن تدارك مااشتغلت الذمة به. ومجرد كون الغابن طرفا للمعاملة مع المغبون ال يوجب ضمانهلما تضرر به المغبون، لعدم تحقق موجبات الضمان من اليد واإلتالف، سيما مع

جهل الغابن بالغبن.وأما ما احتمله في القواعد من أنه " إذا ظهر كذب البائع مرابحة في إخباره

برأس المال وبذل المقدار الزائد مع ربحه فال خيار للمشتري " فال ربط له بالمقام.ويمكن تطبيقه على القواعد بأن يقال: إن المعاملة وقعت حقيقة بين رأس

المال واقعا وبين المبيع.غاية األمر طبق البائع كذبا رأس المال على غير ما هو واقعه، فيكون كالخطأ

في التطبيق، كما لو اشتبه البائع - مثال - وأقبض أربعة بدال عن ثالثة أمنان، فإنه الشبهة أنه يرد المن الزائد بدون خيار بين الفسخ واإلمضاء، فإن المعاملة لم تقع

بإزاء المن الزائد ولم يجعل جزء من الثمن في مقابله. فمسألة كذب البائع كذلكأيضا، أي في عالم اللب والواقع يجعل الثمن بإزاء رأس المال الواقعي ال ما أخبر

به، فإذا انكشف خطؤه أو كذبه يرد ما هو الزائد على رأس المال مع ربح الزائد، إالأن يمتنع وهذا بخالف المقام، فإنه قد جعل تمام الثمن بإزاء تمام المثمن فال

(١١٤)

Page 116: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

موجب ألخذ المغبون زائدا خارجيا. هذا، مضافا إلى أنه ال يمكن أن يجعلالخيار بين الفسخ واإلمضاء في عرض االحتمالين األخيرين على فرض

صحتهما، ألنه لو كانت المعاملة بالنسبة إلى الزيادة باطلة وبالنسبة إلى غيرهاصحيحة - كما هو مقتضى االحتمال الثاني - أو كان الغابن ضامنا للتفاوت وكانوجوب دفع الزائد عليه من باب الغرامة كما هو مقتضى االحتمال الثالث فال وجه

لثبوت الخيار للمغبون بين الفسخ واإلمضاء في الكل، ألنه لم يتضرر أصال حتىيثبت له الخيار. فثبوت الخيار له كذلك إنما هو إذا لم يكن االحتماالن المذكوران،

فالخيار بهذا المعنى في طول هذين االحتمالين ال في عرضهما، كما ال يخفى.وحاصل الكالم: أنه ال يمكن االلتزام باسترداد جزء من العوضين إال إذا لم

تقع المعاملة على هذا الجزء بالخصوص أو إذا ثبت الخيار في هذا الجزء، كما إذاوقع العقد على مختلفي الحكم كالحيوان وغيره.

والمفروض في المقام ال هذا وال ذاك، مع أنه لو كان الفسخ راجعا إلىخصوص الجزء لوجب رد مقابله. فيمتنع أن يكون الخيار بالمعنى المشهور مقابال

لهذا االحتمال وفي عرضه، بل ال يمكن جمعهما كما ال يخفى.كما أن الوجه الثالث أيضا ليس في عرض الخيار، فإنه لو كان الغابن ضامنا

لما فات فليس العقد ضرريا على المغبون. فتأمل جيدا.ثم إن المحقق الخراساني (قدس سره) - بعد ما اختار في األصول أن مفاد ال ضرر نفي

الحكم بلسان نفي الموضوع (١) - قال في حاشيته على المتن في ذيل هذا العنوان:هذا إذا كان المرفوع بحديث " ال ضرر " الحكم الناشئ منه الضرر.

وأما إذا كان المرفوع ما كان للضرر من الحكم مع قطع النظر عن هذا الحديثكان المرفوع في المعاملة الغبنية وجوب الوفاء بها، وهو يستلزم جوازها،

ال الخيار المصطلح الذي هو من الحقوق، ألن عدم وجوب الوفاء على المغبونال يقتضي ثبوت حق له القابل لإلسقاط والصلح واإلرث. انتهى ملخصا (٢).

--------------------(١) كفاية األصول: ٤٣٣.

(٢) حاشية المكاسب: ١٨٣.

(١١٥)

Page 117: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ثم إنه (قدس سره) في باب المعاطاة جعل الفرق بين الجواز الحقي والحكمي باعتباراختالف متعلقه، وقال: لو كان الجواز واللزوم بمعنى جواز فسخ المعاملة وعدمه

- كما في باب الخيار - فهما من أحكام األسباب.وأما لو كانا بمعنى جواز تراد العينين بال توسط فسخ المعاملة - كما في الهبة -

فهما من أحكام الملك (١).فجعل الجواز الحقي بمعنى الخيار والحكمي بمعنى الرد الخارجي الذي ال

يمكن إال مع بقاء العينين. وال يخفى ما في كالمه في كال المقامين، أما جعل الجوازالحكمي كما في الهبة بإرجاع العين من دون فسخ المعاملة فهو ال يستقيم، ألن ردالعين من دون الفسخ تصرف في مال الغير. فليس الفرق ما ذكره، بل ما ذكرنا في

مقامه.من أنه: لو كان الجواز أو اللزوم راجعا إلى نفس المنشأ - أي إلى المدلول

المطابقي للعقد - فهو حكمي، كالجواز في الهبة واللزوم في النكاح.ولو كان راجعا إلى االلتزام الذي التزم به كل من المتعاقدين - الذي بهذا

االعتبار تسمى المعاملة عقدا - فهو حقي.وأما ما أفاده " من عدم استلزام الجواز الخيار المصطلح " فقد ظهر ما فيه مما

ذكر من الفرق بين الجوازين، ألنه لو كان وجوب الوفاء بالعقد راجعا إلى االلتزامالذي التزم به كل من المتعاقدين بما تضمنه من شرط التساوي فإذا فقد شرطالتساوي يرتفع ما التزم به لو كان ضرريا. والزم ذلك أن يكون التزامه تحت

سلطنته وهذا ليس إال الخيار، فإذا كان مفاد ال ضرر عدم لزوم المعاملة الغبنيةألن من لزومه ينشأ الضرر على المغبون فمعناه عدم كون الغابن مالكا لاللتزام

الذي ملكه المغبون، بل أمر االلتزام بيد المغبون، وله أن يفوضه ثانيا إلى الغابنأو أن يفسخ.

قوله (قدس سره): (مسألة: يشترط في هذا الخيار أمران.... إلى آخره).--------------------

(١) حاشية المكاسب: ١٣.

(١١٦)

Page 118: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ال إشكال في أنه لو علم المغبون بالقيمة وأقدم على المعاملة فال خيار لهأصال، سواء قلنا بأن منشأ ثبوته قاعدة ال ضرر أم تخلف الشرط الضمني، ألن معالعلم ال شرط، والضرر لم ينشأ من الحكم باللزوم بل نشأ من إقدامه، وفي حكم

العلم االطمينان. كما أنه ال إشكال في ثبوت الخيار لو كان غافال عن القيمة بالمرةأو كان ملتفتا ولكن كان معتقدا للتساوي أو مطمئنا به. إنما اإلشكال في صورةالشك وما يلحق به من الظن الغير، المعتبر فهل هو ملحق بالعلم بالغبن مطلقا أو

ملحق بالعلم بعدمه مطلقا أو تفصيل بين صور الشك؟ ثم الشاك إما عالم بالحكم أوجاهل به. فلو كان عالما وشك في القيمة ولكنه أقدم على المعاملة برجاء أن ال

يكون ضرر فهذا ليس مقدما على الضرر عرفا وال ينسب الضرر إليه.فبناء على كون منشأ الخيار قاعدة ال ضرر فالخيار ثابت له. وأما لو كان

منشأه الشرط الضمني ففي ثبوت الخيار له إشكال، ألنه مع الشك في القيمةوإقدامه على المعاملة من دون اتكاله على طريق أو أصل مثبت للتساوي فكأنه

أقدم مع العلم بعدمه.فال يقاس المقام على مورد الشك في الصحة والعيب في أن الخيار ال يسقط

إذا ظهر العيب، ألنه في باب العيب كان متكال على أصالة السالمة في األشياء وفيالمقام ال أصل يثبت أن القيمة الواقعية كذا أو كذا.

ومن هنا ظهر حال سائر أقسام الشك، وهو ما إذا أقدم على المعاملة كيف ماكان، فإنه مع هذه الحالة كيف يشترط التساوي.

وهذا من غير فرق بين أن يكون عالما بالحكم أو جاهال، بل ال يجري قاعدةالضرر، وأيضا ألنه قد أقدم على المعاملة من دون رجاء التساوي.

بل يمكن أن يقال: إن الشاك ليس له الخيار في جميع الصور المتصورة، ألنمجرد رجاء كون المالين متساويين في القيمة وعدم كونه مغبونا ال يقتضي اإلقدام

على المعاملة الضررية، ألن رجاء العدم ال يخرج الفعل عن االختيار، كمن رجاأن ال يكون السبع في الطريق ولكنه احتمله احتماال عقالئيا فمشى في هذا الطريق

فإذا افترسه السبع ينسب الفعل إليه.

(١١٧)

Page 119: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

نعم لو كان متكال على بينة أو أصل فاالفتراس ال يكون عن اإلقدام.قوله (قدس سره): (ولو أقدم عالما على غبن يتسامح به فبان.... إلى آخره).

ال يخفى أن صور االقدام أربع:األولى: أن يقدم على ما يتسامح به فبان أزيد مما ال يتسامح بالمجموع منه

ومن المعلوم.الثانية: هذه الصورة مع كون الزائد بنفسه مما ال يتسامح به.

وفي هاتين الصورتين ال إشكال في أن الخيار ال يسقط. أما في الثانية فواضح.وأما في األولى فألن المجموع من حيث المجموع لم يكن مقدما عليه،

واإلقدام على القدر المتسامح به ال أثر له، لكونه مقيدا بهذا المقدار وإال كان راجعاإلى إسقاط خيار الغبن.

والثالثة: اإلقدام على ما ال يتسامح فبان أزيد بما يتسامح به منفردا.واألقوى في هذه الصورة سقوط الخيار، وال يقاس على الصورة األولى، ألن

في الصورة األولى موجب الخيار وهو المجموع لم يقدم عليه وما أقدم عليه اليكون موجبا للخيار. وفي المقام أقدم على ما يوجبه وما لم يقدم عليه ال يكون

موجبا للخيار.الرابعة: اإلقدام على ما ال يتسامح فبان أزيد بما ال يتسامح.

واألقوى فيها ثبوت الخيار. أما بناء على قاعدة ال ضرر فواضح. وأما بناءعلى تخلف الشرط، فقد يتوهم أن من أقدم على ما ال يتسامح فكأنه أسقط شرطالتساوي فال موجب آخر للخيار. ولكنه فاسد، ألن مقدار التفاوت له مراتب فقد

يسقط المغبون جميعها، وقد يسقط بعضها. فلو أسقط مقدارا خاصا فال وجهلسقوط الخيار رأسا.

قوله (قدس سره): (ثم إن المعتبر القيمة حال العقد.... إلى آخره).الكالم في المقام قد يقع بناء على كون مدرك الخيار قاعدة ال ضرر، أو بناء

على كون المدرك تخلف الشرط الضمني.

(١١٨)

Page 120: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ثم بناء على كونه تخلف الشرط، فقد يتكلم بناء على أن يكون مرجعاالشتراط مطلقا - صريحا كان أو ضمنيا - إلى اشتراط كون المبيع حال العقد

متصفا بكذا، أو بناء على أن يكون االشتراط راجعا إلى اشتراط تسليم ما هومتصف بكذا. فلو كان الشرط في قوة اشتراط كون المبيع حال العقد متصفا بكذا، لو

قلنا بصحته وعدم رجوعه إلى اشتراط ما ال يدخل في مقدوره فمقتضى تخلفالشرط حال العقد ثبوت الخيار ولو وجد بعد العقد قبل القبض فضال عما إذا وجدبعد القبض قبل العلم أو بعد القبض والعلم قبل الرد، ألن الزيادة الحاصلة بعد العقد

إنما حصلت في ملك المغبون والمعاملة وقعت على الغبن.ولو كان الشرط راجعا إلى تسليمه مع الوصف فالحق سقوط الخيار مطلقا،

كما عليه العالمة (قدس سره) في قوله: مهما زال العيب قبل العلم أو بعده قبل الردسقط

الرد (١).وتوضيح ذلك: أنه لو حصل الشرط بعد العقد، فتارة: يحصل بعد العقد وقبل

القبض.وأخرى: بعد القبض وقبل العلم.

وثالثة: بعد العلم وقبل الرد.ثم إن حصوله قد يكون بفعل المشروط له، وقد يكون بفعل المشروط عليه أو

األجنبي، أو بقدرة الله سبحانه.فلو حصل بفعل المشروط له قبل القبض أو بعده فال يخرج ذمة المشروط

عليه من عهدة الشرط، ألنه قد حصل في ملك المشروط له بفعله فال وجه لبراءةذمة المشروط عليه. فالتعليل الذي ذكره المصنف (قدس سره) من قوله " ألن الزيادة

إنماحصلت في ملكه " يتم في هذه الصورة.

وأما لو حصل بفعل المشروط عليه، أو بفعل األجنبي المتبرع، أو بقدرة اللهسبحانه قبل القبض فال إشكال في عدم الخيار للمشروط له.

--------------------(١) التذكرة ١: ٥٤١ س ٢٣.

(١١٩)

Page 121: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

أما لو كان األثر من فعل المشروط عليه فألن فعله محترم شرعا فأثر فعلهمن أمالكه، فليس عليه شئ بعد الوفاء بالشرط.

وأما لو كان من قدرة الله سبحانه أو من أجنبي متبرع للمشروط عليه فسقوطالخيار أو عدم ثبوته يتوقف على مقدمتين:

األولى: أن ال يكون معنى االشتراط إيجاد المشروط عليه هذا الشرط بنفسه،بل يكون مرجعه إلى تسليم المبيع متصفا به.

الثانية: أن ال يكون حصوله في ملك المشروط له منافيا لما التزم به المشروطعليه، ألن سمن الدابة - مثال - وإن كان تابعا لملك الدابة إال أن تبعيته في الملك إنما

هو بعد تحققه، ألن الملكية متأخرة رتبة عن التحقق، والشرط يحصل في رتبةالتحقق.

وبعبارة أخرى: الوفاء بالشرط إنما يكون بحصوله، فال ينافي وقوعه في ملكالمشروط له حصوله.

وأما لو حصل الشرط بعد القبض قبل العلم بتخلف الشرط فحكمه أيضاسقوط الخيار بضم مقدمة ثالثة، وهي أن االشتراط ليس معناه تسليم الشرط مع

العين المشروط فيها، بل معنى الشرط أن يكون المبيع موصوفا بالوصف بحيث لوأمكن إيجاد الوصف بدون وجود الموصوف أصال برئ ذمة المشروط عليه

فالمشروط له يملك على المشروط عليه أمرين المبيع والشرط فلو سلمهما إليهبرئ من عهدة ضمانه ولو كان الموجد للشرط هو الله سبحانه، ألن حصوله بإيجاده

سبحانه في معنى حصوله قهرا.ومن هنا ظهر حكم الصورة الثالثة، وهي حصول الشرط بعد العلم، سواء قلنا

بأن العلم سبب للخيار أو كاشف، وذلك ألن الخيار ال يكون حدوثه كافيا في بقائهدائما، بل تابع حدوثا وبقاء النتفاء الشرط، فإذا حصل الشرط ارتفع.

ثم إن هذا كله لو كان المدرك تخلف الشرط. وأما لو كان قاعدة " ال ضرر "فحكم الصور الثالث أظهر، كما أشار إليه المصنف بقوله: ألن التدارك حصل قبل

(١٢٠)

Page 122: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الرد فال يثبت الخيار المشروع لتدارك الضرر، ألنه دائر مدار الضرر فإذا ارتفعقبل الفسخ ارتفع الخيار.

قوله (قدس سره): (وأشكل منه ما لو توقف الملك على القبض.... إلى آخره).يعني احتمال عدم الخيار في الصرف والسلم أظهر فيما إذا حصل الشرط بعد

العقد وقبل القبض.ولكن قد عرفت أن الحق في جميع المعامالت ارتفاع الخيار بحصول الشرط

بعد العقد ولو بعد العلم، فضال عما قبله، وفضال عما قبل القبض.وقد عرفت في خيار المجلس أنه لو لم يكن القبض واجبا في البيع الذي

تتوقف صحته أو حصول الملكية فيه على القبض ال معنى للخيار أصال، ولو التفتإلى فقدان الشرط، ففي المقام إذا كان حال العقد مغبونا وارتفع الغبن قبل القبضفبناء على عدم وجوب اإلقباض ال موقع للخيار، وبناء على وجوبه كما هو الحق

فللخيار وجه.ولكنك قد عرفت أنه إذا ارتفع الغبن قبل القبض ثم أقبض بعد اطالعه على

الغبن يرتفع الخيار.وأما لو ارتفع بعد القبض وقبل العلم أو ارتفع بعد العلم وقبل الرد فحكم هذه

المعاملة حكم سائر المعامالت، ألن مدخلية القبض في الصحة أو الملكية وعدممدخليته ال توجب تفاوتا في الحكم بعد تحقق القبض.

ونظر المصنف (قدس سره) أيضا إلى ارتفاع الغبن قبل القبض مع حصول االطالع عليهأيضا قبل القبض.

وبالجملة: الفرق بين هذه المعاملة وغيرها يظهر في ارتفاع الغبن قبل القبضمع علم المغبون به قبله، ألنه إذا اطلع على الغبن قبل القبض، فلو لم يكن القبض

واجبا عليه لم يتحقق له داع إلى اإلقباض وال موضوع للخيار، ولو كان واجباعليه فحيث إن وجوب إقباض الزائد في مقابلة الناقص ضرر عليه فللخيار محل.

فإذا ارتفع الغبن بين العقد واإلقباض فسقوط الخيار في هذه المعاملة أظهر من

(١٢١)

Page 123: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

غيرها، ألن الملك قد انتقل إليه من دون نقص، بخالف سائر المعامالت، ألنالملك انتقل فيها إليه مع النقص.

وأما ارتفاع الغبن بعد القبض أو قبله مع االطالع عليه بعد القبض فال فرق فيهبين هذه المعاملة وغيرها.

قوله (قدس سره): (ولو ثبت الزيادة أو النقيصة بعد العقد فال عبرة بهما إجماعا.... إلىآخره).

يعني أن المدار في الخيار على الغبن الحاصل حال العقد، فلو كان المالمساويا لآلخر حاله ثم زاد أو نقص بعده فال اعتبار به، فالغبن الحاصل بعد العقد

ولو حصل قبل القبض ال يوجب خيارا.إن قلت: إذا كان المدار في الخيار على الغبن الحاصل حين العقد فليكن سائر

الشرائط كذلك، والزمه: أنه إذا كان المبيع صحيحا حال العقد وصار معيبا بعدهقبل القبض لم يكن موجبا للخيار، والزمه أيضا: أن حصول الشرط بعد العقد مععدمه حينه غير موجب لسقوط الخيار، وإال يلزم أن يكون الغبن قبل القبض ولو

بعد العقد موجبا للخيار.قلت: المدار في ثبوت الخيار فقدان الشرط من حين العقد مستمرا إلى زمان

إعمال الخيار، فيجب أن يكون الشرط مفقودا من حين العقد. وثبوت الخيار فيالعيب الحاصل بعد العقد قبل القبض إنما هو لقاعدة تلف المبيع قبل قبضه، فإنها

تشمل أيضا تلف األوصاف، وال تشمل ارتفاع القيمة السوقية أو نقصانها بعد العقد.وبالجملة: العبرة في شرط التساوي الموجب للخيار هو وجوده حال العقد

إلى زمان الفسخ، فال عبرة بما يحدث بعد العقد. وهذا ال ينافي ما ذكرناه من أنموجب الخيار إذا زال بعد العقد قبل الفسخ يرتفع الخيار.

قوله (قدس سره): (ثم إنه ال عبرة بعلم الوكيل في مجرد العقد.... إلى آخره).ال إشكال في أن الوكيل في مجرد العقد ال عبرة بإقدامه على الغبن وعدمه،

فضال عن علمه وجهله.

(١٢٢)

Page 124: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

نعم، الوكيل المفوض حتى في المعامالت المحاباتية لو علم بالغبن فال خيارله، ألنه ال تشمله أدلة الضرر وال الدليل الدال على أن تخلف الشرط موجب

للخيار كما تقدم وجهه. وفي هذه الصورة ال خيار للموكل أيضا ولو كان جاهالبالغبن، فضال عما إذا كان عالما، كما أنه ال إشكال في أن مع جهلهما يثبت الخيار.

إنما الكالم فيما لو كان الوكيل جاهال والموكل عالما، وهذا على قسمين:فتارة: مع علمه بالغبن جاهل بأن الوكيل عالم به.

وأخرى: يعلم بأنه جاهل.ويظهر من المصنف عدم ثبوت الخيار في كلتا الصورتين. مع أن األقوى في

الصورتين خصوصا في األولى ثبوت الخيار، ألن مجرد علم الموكل بالغبن اليوجب عدم ثبوت الخيار، ألن العلم إنما اعتبر طريقا وأمارة على اإلقدام. ومجردعدم الردع مع العلم ليس دليال على اإلقدام بالغبن، إذ لعله من جهة ثبوت الخيارللوكيل الجاهل بالغبن ال يردعه عن المعاملة لجهة عقالئية داعية له إلى المعاملة

فعال مع إعمال الخيار بعد ذلك.ثم إنه إذا ثبت الخيار للوكيل، فهل هو للموكل أيضا أو مخصوص بالوكيل؟

وجهان، وقد مر في خيار المجلس تفصيل ذلك.قوله (قدس سره): (ألصالة عدم العلم الحاكمة على أصالة اللزوم.... إلى آخره).

ال يخفى أنه ال وجه إلجراء أصالة عدم العلم، ألن العلم بالقيمة وعدمه ليسموضوعا بل الموضوع هو اإلقدام وعدمه، فال مانع من إجراء أصالة عدم اإلقدام،

مع أن اإلقدام بنفسه أمر مسبوق بالعدم وليس نعتا للعقد. هذا مع أن جعل المغبونمدعيا مع مطابقة قوله ألصالة عدم العلم ينافي ما جعلوه ضابطا للمدعي والمنكر.وعلى هذا فال وجه إلدراجه فيمن يتعسر إقامة البينة عليه، فإنه كان كذلك أو لم

يكن، مع مطابقة قوله لألصل ال يطالب بالبينة.وبالجملة: من يقبل قوله بيمينه ولو كان مدعيا هو من ادعى شيئا ال يعلم

إال من قبله، مع كون المدعى به مخالفا لألصل، وأما لو كان مطابقا لألصل فليسمن مصاديقه.

(١٢٣)

Page 125: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وعلى أي حال يختص بمن ال يعلم إال من قبله، ال بمن تعسر عليه إقامةالبينة، وإال يلزم أن من تعسر عليه إقامة البينة يقبل قوله بيمينه، ولم يلتزم به أحد.ومحصل الكالم: أن ظاهر العنوان إن الغابن منكر والمغبون مدع، ولذا قال بأن

الجهل يثبت باعتراف الغابن وبالبينة. وواضح أن البينة هنا بينة المدعي ال بينةالمنكر، لرفع اليمين على القول به. وجعل المغبون مدعيا ينافي مطابقة قوله لألصل

المعول عليه لوال الدعوى.ثم على فرض جعله مدعيا ال معنى لسماع دعواه مع اليمين بمجرد تعسر

إقامة البينة عليه، ألن يمين المدعى إنما يعتبر في موارد خاصة - وهو اليمينالمردودة والتي تكون جزء البينة ويمين االستظهار - وأما يمينه مع تعسر إقامة

البينة عليه فال دليل على اعتباره.ثم إنه ال وجه لقبول يمين المدعي بمجرد عدم إمكان حلف المنكر - وهو

الغابن - إلمكان فصل الخصومة بالصلح ونحوه. هذا، مع أن بحث القوم وموضوععنوانهم ما إذا كان الغبن معلوما والغابن يدعي علم المغبون والمغبون ينكره.

وعلى هذا، فال معنى لقوله (قدس سره): وال يمكن للغابن الحلف على علمه لجهلهبالحال، ألن المدعي ال بد أن يدعي على خالف مقتضى األصل.

قوله (قدس سره): (وقد يشكل بأن هذا إنما يوجب عدم.... إلى آخره).ال يخفى ما فيه، أما أوال: فألن مجرد مخالفة قوله للظاهر ال يوجب أن يجعل

مدعيا، إال إذا كان الظاهر حجة. وأما لو لم يكن حجة فال اعتبار به أصال.وثانيا: أنه ليس مقصود جامع المقاصد والمسالك من قولهما " إن المغبون لو

كان من أهل الخبرة ال يسمع دعواه " هو جهة مخالفته للظاهر، حتى يشكل عليهمابما أشكله (قدس سره). بل مقصودهما أنه من شرط سماع الدعوى أن يكون االحتمال

الذي يدعيه المدعي - في مقابل األصل - عقالئيا وعاديا، ال مجرد كونه عقليا مثالإذا ادعى المعدم الفقير على غني فصا بقيمة عشرة آالف ليرة ال يسمع دعواه.

وثالثا: لو قلنا: إن كل ما ال يعلم إال من قبل المدعي يقبل مع اليمين، فهذه

(١٢٤)

Page 126: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

القاعدة تكون حاكمة على جميع األصول والظواهر. فمن يدعي ما ال يعلم إال منقبله يكون منكرا، ألن قوله مطابق لما هو األصل في المسألة، ال أنه مدع

ويقبل قوله.ورابعا: على فرض أن يكون هذا مدعيا ألن قوله يخالف الظاهر الذي هو

حجة فال وجه لقوله " إال أن يقال: إن معنى تقديم الظاهر جعل مدعيه مقبول القولبيمينه ال جعل مخالفه مدعيا يجري عليه جميع أحكام المدعي إلى آخره " ألنه لوكان مدعيا يجري عليه جميع أحكام المدعي كما أن قول من يوافق الظاهر الذي

هو حجة يجري عليه جميع آثار المنكر.قوله (قدس سره): (ولو اختلفا في القيمة وقت العقد.... إلى آخره).

ال يخفى أن عبارته وإن لم تكن وافية بالمرام إال أن المقصود واضح، ومحلالنزاع ثبوت الغبن وعدمه. وال شبهة أيضا أن استصحاب اللزوم يجري في جميع

الصور، إنما الكالم في جريان األصل الموضوعي الحاكم على أصالة اللزوم.فنقول تارة: يقع االختالف في القيمة حال العقد مع اتفاقهما على قيمته

الفعلية، مثال البائع يدعي أن المبيع حال العقد يسوي عشرة وتنزلت قيمته، فكونقيمته فعال ثمانية التي تطابق الثمن الذي وقع العقد عليه ال يخرجه عن الغبن،

والمشتري يدعي أن قيمته حال العقد ثمانية فال غبن، فأصالة عدم التغيير - مضافاإلى أن التغيير ليس بنفسه أمرا مسبوقا بالعدم، ومضافا إلى أن االستصحاب

قهقرائي - ال تفيد للمغبون ألنها تنتج عدم الغبن. فلو جرت فهي مطابقة ألصالةاللزوم، ولكن الحق عدم جريانها، لما ظهر في محله إن االستصحاب القهقرائيليس بحجة، مع أنه مثبت، ألن األثر لم يرتب على هذا األمر االنتزاعي، بل رتب

على منشأ انتزاعه وهو عدم التساوي حال العقد.وأخرى: يقع االختالف في القيمة حال العقد مع اتفاقهما على قيمته سابقا -

كما لو كان قيمة المبيع قبل العقد عشرة وبيع بثمانية، فيدعي من يدعي الغبن بأنقيمته حين العقد كانت كقيمته قبله، ومنكر الغبن يدعي التنزل وأن المبيع حين

(١٢٥)

Page 127: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

العقد قيمته ثمانية - فأصالة عدم التغيير لو جرت كانت مثبتة للخيار ومخالفةألصالة اللزوم.

وثالثة: يقع االختالف في القيمة بعد العقد مع اتفاقهما على موافقة قيمته حالالعقد وقيمته الفعلية، فإذا بيع بثمانية ويدعي مدعي الغبن أن قيمته حال العقد

عشرة واآلن كذلك أيضا والمنكر يدعي أن قيمته فعال ثمانية فتطابق مع قيمته حالالعقد، فالشك هنا ليس في التغيير مع االختالف في الغبن وعدمه.

إذا عرفت ذلك ظهر ما في كالم المصنف (قدس سره) من جعله أصالة عدم التغييررديفا

ألصالة اللزوم، ألنها لو جرت ففي صورة واحدة تطابق أصالة اللزوم ال مطلقا.قوله (قدس سره): (األمر الثاني كون التفاوت فاحشا فالواحد.... إلى آخره).ال يخفى أن ما يتسامح فيه في المعاملة قد يكون قليال جدا بحيث ال يصدق

عليه الضرر، وهذا خارج عن موضوع البحث في المقام، ألن الكالم سيق لما إذاكانت المعاملة ضررية، فتارة يكون الضرر مما يتسامح فيه. وأخرى ما ال يتسامح.

ثم إنه من المعلوم أن المدار في التسامح وعدمه على اختالف المعامالتفيختلف الضرر أيضا باختالفها، فإذا لم يكن الضرر الخاص مما يتسامح فيه فيالمعاملة الكذائية فال إشكال في ثبوت الخيار. وإذا كان مما يتسامح فال خيار

سواء كان مدركه تخلف الشرط الضمني بنفسه - من دون جعل تخلفه مقدمةلقاعدة الضرر أو لكون تخلفه موجبا للضرر - أو لنفس قاعدة الضرر، ألن معالتسامح ال يتحقق الشرط الضمني، وال تجري قاعدة نفي الضرر أيضا، لكونهاواردة في مقام االمتنان، فال تشمل ما إذا كان بناء المتعاملين على اإلقدام على

الضرر. وإنما اإلشكال في الشك في أنه مما يتسامح أو ال؟فإذا كان مدرك الخيار نفس قاعدة الضرر فالشك إذا رجع إلى الشك في

المصداق ال يمكن التمسك بقاعدة الضرر، ألن التخصيص وإن كان لبيا ال لفظيا إالأن الخارج لو كان عنوانا كليا - كخروج يد المحسن عن قاعدة على اليد - يكون

اللبي كاللفظي في عدم جواز التمسك بعموم العام في الشبهة المصداقية.

(١٢٦)

Page 128: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فال يقاس على جواز لعن المشكوك إيمانه من بني أمية تمسكا بعموم لعن اللهبني أمية قاطبة، لكون التخصيص فيه أفراديا - كما بينا وجهه في األصول - ولكن

الشك في المقام راجع إلى المفهوم، ألن الشبهة المصداقية ما كان المقدار المتسامحفيه الخارج عن عموم ال ضرر معلوما - كالعشرة - والباقي تحت العموم معلوما- كالخمسة - وشك في أن الغبن في هذه المعاملة عشرة أو خمسة. وفي المقام

نفس القدر المتسامح فيه مشكوك مفهوما، لدورانه بين األقل واألكثر، فالمرجع هوعموم قاعدة ال ضرر.

وأما إذا كان مدرك الخيار تخلف الشرط إما بنفسه أو بضميمة ال ضرر،فالمرجع هو قاعدة اللزوم المستفادة من العمومات.

قوله (قدس سره): (بقي هنا شئ.... إلى آخره).ال يخفى أن قاعدة ال ضرر وال حرج في مقام حكومتهما على أدلة األحكام

يراعى فيهما الضرر والحرج الشخصي ال النوعي.نعم، إذا كانا حكمة لتشريع الحكم - كطهارة الحديد وثبوت الشفعة - فالمدار

على النوعي، بل على االتفاقي منهما ولو لم يكن نوعيا، كجعل العدة لعدم اختالطالمياه وال فرق في رعاية الشخصي منهما بين الحكم التكليفي والوضعي.

إذا عرفت ذلك فنقول: شراء ماء الوضوء لمن ال يضر به وعدم شرائه لمن يضربه، تارة يفرض فيما إذا كان قيمة الماء في محل الشراء أضعاف قيمته في غير هذاالمحل - كالماء في المفازة في شدة الهجير - وأخرى فيما إذا لم يكن قيمته إال

كقيمته في سائر األزمنة واألمكنة.ففي األول: نفس المعاملة ليست ضررية، ألن ذلك قيمة الماء، فيجب شراؤه

على من يتمكن منه، ألنه واجد للماء ومتمكن عن إيجاده. وإنما لم يجب على منال يتمكن من شرائه، ألن إيجاب الوضوء على هذا الشخص ضرري ال لزوم

المعاملة. ولذا لو اشترى هذا المفلس هذا الماء بهذا المقدار ال خيار له في المعاملة.وفي الثاني: لم يعلم من األصحاب فتوى بوجوب الشراء ولو للمتمكن، ألن

نفس المعاملة ضررية إال أن يتمسك بدليل النص.

(١٢٧)

Page 129: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبالجملة: في جميع األبواب المدار على الضرر الشخصي، والغبن فيالمعاملة بمقدار الثلث ضرر على كل شخص ولو كان ذا ثروة ومال، وبمقدار نصفالعشر ليس ضرريا ولو للمعدم المفلس. وشراء ماء الوضوء لو كان قيمة الماء كثيرةولم يقع الغبن في المعاملة ال يكون ضرريا، حتى يقال: شخصي أو نوعي. وإذا وقع

الغبن فيها فالمدار على أنه مما يتسامح أو ال يتسامح.نعم، قد يكون شراء الماء للمعدم حرجيا ولو لم تكن المعاملة ضررية - كما إذا

كان قيمة الماء في المفازة بمقدار ما اشتراه به - فإذا كان حرجيا فإيجاب الوضوءعليه حرجي باعتبار مقدمته.

قوله (قدس سره): (مسألة: ظهور الغبن شرط شرعي لحدوث الخيار أو كاشفعقلي.... إلى آخره).

ال يخفى أن الخيار حق واقعي، سواء قلنا بأن مدركه تخلف الشرط الضمنيمطلقا أو من جهة الضرر، أم قلنا بأن مدركه قاعدة ال ضرر من دون أن يكون

التساوي شرطا بل كان داعيا أو شرطا بنائيا غير مذكور في العقد، فال يدور مدارالعلم بالغبن بل العلم به كاشف عقلي، ألن معنى الخيار أن ملك االلتزام بيد نفس

الملتزم. فإذا كان منشأ الخيار اشتراط التساوي فتخلفه من حين العقد موجبلعدم التزام المغبون بما التزم به، فيرجع اشتراط التساوي إلى الخيار الجعلي منحين تخلف التساوي. وهكذا إذا كان منشأ الخيار قاعدة ال ضرر، ألنه يرجع

مفادها إلى جعل الشارع الخيار للمتضرر. ومعلوم أنه متضرر حين العقد، فال بد أنيكون لزومه مرتفعا من حين وقوعه، ال من حين العلم بالضرر، لما ذكرناه فيقاعدة ال ضرر أن الضرر الواقعي رافع لألحكام الوضعية ال المعلوم، ألن الضرر

هنا ال يستند إلى الجهل بل إلى اللزوم، ألن الجهل به ال يوجب إال صدور المعاملةمن المغبون. ونفس صدورها ليس ضرريا، بل الضرر يتحقق بعد تحقق المعاملة إذا

كانت الزمة.فال يقاس المقام على األحكام التكليفية، حيث تقدم أن العلم بالضرر له دخل

(١٢٨)

Page 130: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

في رفع الحكم، وهذا بخالف الوضعيات، فإن الضرر مستند إلى الجعل الشرعي،وهو لزوم العقد، وال دخل للعلم والجهل فيه.

نعم، يكون العلم كاشفا عقليا، وقد يتوقف إعمال الخيار على العلم به، كما إذاقيل: بأن التصرف مسقط للخيار، لكشفه عن الرضا الفعلي ال لكونه مسقطا تعبديا

وال لكونه مصداقا للمسقط بالحمل الشائع الصناعي، فإن كاشفيته عن الرضاالفعلي موقوف على العلم بالخيار.

ومما ذكرنا ظهر ما في كالم المصنف من قوله: " وتوضيح ذلك أنه إن أريدبالخيار السلطنة إلى آخره " فإن الخيار كما عرفت هو ملك االلتزام، وهو حقواقعي شرعيا كان أو جعليا، ومن آثاره السلطنة ال أنه نفس السلطنة. وتوقف

إعمال الحق في بعض المقامات على العلم به ال يوجب أن يكون الخيار مرددا بيناألمرين.

ثم إن اآلثار المجعولة للخيار بأجمعها تترتب على نفس الحق الواقعي - ال أنبعضها مترتب على العلم به، وبعضها على واقعه، وبعضها مردد بين األمرين - لماعرفت من أن تصرف ذي الخيار فيما انتقل إليه إجازة إذا كان كاشفا عن الرضا،ومع عدم العلم بالحق ال يكشف عن الرضا، وهذا بخالف ما لو قلنا بأنه مسقط

تعبدي، فإنه يكون مسقطا ولو لم يعلم بالخيار.قوله (قدس سره): (مسألة: يسقط هذا الخيار بأمور.... إلى آخره).

ال يخفى أن محل البحث تارة: يقع في إسقاط الخيار بال عوض بعد العلمبالغبن.

وأخرى: في المصالحة عنه بالعوض، فلو كان بال عوض فلو أسقط مرتبةخاصة وظهر الغبن الواقعي مخالفا لما أسقطه فال وجه لسقوطه، ألن ما هو الواقع

لم يقصد وما قصد لم يقع.وأما لو كان مطابقا لما أسقطه فال إشكال في سقوطه، كما أنه لو كان جاهالبمرتبته ولكن احتمل بلوغه إلى مائة دينار مثال فأسقطه بالغا ما بلغ وظهر الغبن

بأقل من مائة أو بمقدار مائة فال إشكال في سقوطه أيضا.

(١٢٩)

Page 131: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وإنما اإلشكال في موردين آخرين:أحدهما: ما لو أسقطه بزعم أنه عشرة فتبين كونه مائة.

والثاني: ما لو أسقطه بالغا ما بلغ ولكن لم يحتمل بلوغه إلى مائة بل تخيل أنغايته خمسين فظهر كونه مائة ففي السقوط وجهان، قد يقال: إن مبنى الوجهين إن

اعتقاد مرتبة من الغبن أو احتماله لو كان من قبيل الداعي فتخلفه ال يضر بسقوطخيار الغبن بلغ ما بلغ، وأما لو كان من قبيل التقييد فال.

وال يخفى أن المقام ليس من موارد دوران األمر بين الداعي والتقييدكالوجوب أو األداء مثال في باب العبادات، ألن المدار في المعامالت صحة

وفسادا على تخلف الوصف، أو العنوان - أي الصورة النوعية - فتخلف العنوانيوجب البطالن ولو ذكر بنحو الشرط، كقوله " بعتك هذا إن كان حمارا " وأما

تخلف األوصاف والقيم فال يوجب الفساد ولو جعلهما عنوانا للمبيع، كقوله: " بعتكهذا الكتاب أو هذا الذي قيمته كذا ".

نعم، لو جعلهما قيدا للموضوع بطل العقد من جهة التعليق، ال من جهة تخلفالقيد.

وبالجملة: األوصاف أو القيم ال يتردد أمرها بين القيدية والداعوية، بل هيإلى الدواعي أقرب. كما أن العناوين ليست مرددة بينهما، بل هي من قبيل القيدية.

إذا عرفت ذلك، فإسقاط ما احتمله أو اعتقده من مرتبة الغبن لو كان موجبالتقييد اإلسقاط بتلك المرتبة نظير تقييد المبيع بالصورة النوعية لكان لعدم سقوطالخيار عند تبين زيادة الغبن عما احتمله أو اعتقده وجه، إال أنه ال يمكن التقييد

في المقام، ألن الخيار أمر واحد بسيط ليس ذا مراتب، وال يقبل التأكد، وفي المقامال يقبل التخصص بسبب دون سبب كما في اجتماع خيار المجلس والحيوان

- مثال - ألن التخصص فرع اختالف األسباب، وفي المقام للخيار سبب واحد، ألنمائة دينار مرتبة واحدة من الغبن. وليس إسقاط الخيار كإسقاط الدين باعتقاد أنهعشرة فتبين كونه مائة، ألن دوران الدين بين األقل واألكثر واشتغال الذمة بديون

(١٣٠)

Page 132: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

متفاوتة موجب لسقوط ما أسقطه دون الزائد. وهذا بخالف مرتبة واحدة من الغبنفإن في هذه المعاملة الخاصة ليس سبب الخيار إال هذه المرتبة التي هي إحدى

مراتب االختالف، وليست مركبة من مراتب طولية.وبالجملة: إذا لم يكن سبب الخيار إال أمرا واحدا ولم يكن نفس المسبب إال

أمرا بسيطا فليس اعتقاد مرتبة إال من قبيل الداعي، بحيث لو قيد اإلسقاط بهذهالمرتبة لبطل من جهة التعليق في المنشأ، فبدون إرجاعه إلى تقييد المنشأ ال وجه

لبطالنه، ومقتضاه سقوط الخيار. هذا كله فيما لو أسقطه بال عوض.وأما إسقاطه بالعوض - أي المصالحة عنه بالعوض - فحكم الصور الثالث

األول حكم اإلسقاط بال عوض. وأما الصورتين األخيرتين - وهما ما لو صالحعنه بزعم أنه عشرة فتبين كونه مائة، وما لو أسقط الغبن بالغا ما بلغ مع اعتقاده بأنه

خمسون فتبين كونه مائة - فالمحتمالت ثالثة: صحة الصلح مع الخيار للغبن فيالمصالحة، والفساد، والصحة بال خيار. وقد ذكر المصنف وجه الجميع في المتن،

ولكنه ال يخفى أنه لو صالح خيار الغبن بالغا ما بلغ يكون الصلح مبنيا علىالمحاباة، فال يجري فيه خيار الغبن.

قوله (قدس سره): (وأما إسقاط هذا الخيار بعد العقد قبل ظهور الغبن.... إلى آخره).لو قلنا بأن ظهور الغبن كاشف عقلي فال إشكال في سقوطه على جميع

المدارك.وأما لو قلنا بأنه شرط شرعي فبناء على كون المدرك النص الوارد في تلقي

الركبان أو اإلجماع فتارة: يسقطه على تقدير ظهور الغبن ومعلقا فيكون منالتعليق في المنشأ، إال أنه ال إشكال فيه، لما ظهر في محله من أن الشرط لو كان

لفرض وجود الموضوع يخرج عن التعليق والتقييد.وأخرى: يسقطه فعال ومنجزا فيكون من إسقاط ما لم يجب.

والجواب عنه بأن مع تحقق المقتضي يخرج من إسقاط ما لم يجب غيرصحيح، كما بيناه في خيار المجلس ومحصله: أن بطالن إسقاط ما لم يجب حكم

(١٣١)

Page 133: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

عقلي غير قابل للتخصيص، ألنه من مصاديق " وهب األمير ما ال يملك " وبمجردحصول المقتضي مع عدم تحقق الجزء اآلخر للعلة ال يمكن ترتب المقتضى -

بالفتح - عليه. وال يقاس إسقاطه بعد العقد على إسقاطه في متن العقد، فإنه يرجعإلى الدفع ال الرفع، ألن العقد يقتضي الخيار لو خلي وطبعه، أي إطالق العقد

يقتضي التساوي والسالمة عن العيوب. أما لو التزم بعدم التساوي وبالبراءة عنالعيوب فال مقتضي للخيار أصال.

وأما مسألة إبراء المالك الودعي المفرط عن الضمان فال ربط له بالمقام، ألناالبراء قبل التفريط يرجع إلى إذن المالك الودعي في وضع المال في غير المخزن،

فيرجع إلى اإلذن في التفريط، ال إلى إسقاط الضمان بعد التفريط، وإال ال يسقطكما في المقام.

وأما إسقاطه بعد التفريط كما هو ظاهر العبارة فليس إسقاطا لما لم يجب، ألنالمال بمجرد التفريط يدخل في ضمان المفرط. واعتبار التلف إنما هو العتبار

قيمة المال يوم التلف، ال لتحقق الضمان في ذلك الزمان. فتأمل.كما أن البراءة عن العيوب لو تحققت في متن العقد فترجع إلى الدفع، ولو

تحققت بعد العقد قبل ظهور العيب مع كون ظهوره شرطا للخيار فالكالم الكالم.وبالجملة: مجرد تحقق المقتضي للخيار ال يخرج إسقاط الخيار عن " إسقاط

ما لم يجب " لو كان مدركه النص أو اإلجماع.نعم، لو كان مدركه تخلف الشرط أو قاعدة الضرر يمكن إسقاطه ولو كانالخيار متوقفا على العلم بالغبن، لما عرفت في خيار الشرط من أنه لو شرط

الخيار بعد سنة بحيث كان مبدؤه رأس السنة فهو قبل تمام السنة وإن لم يكن ذاخيار إال أنه مالك للشرط فله إسقاط شرطه ويذهب به موضوع الخيار، ففي المقام

أيضا له االلتزام بغير المساوي أو اإلقدام به.نعم، في متن العقد حكم إسقاطه حكم إسقاط خيار المجلس من أن إسقاط

الحق في محل ثبوته ليس من إسقاط ما لم يجب، فيكون اإلسقاط راجعا إلى دفعالحق، ألنه قد رضى بعدم التساوي والضرر.

(١٣٢)

Page 134: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبالجملة: العقود اللفظية متضمنة لاللتزام العقدي، وال شبهة أن محل االلتزامنفس العقد، فلكل من المتعاقدين أن يلتزم بمدلول العقد ويذهب موضوع الخيار،فال فرق بناء على هذا بين إسقاط الخيار بعد العقد قبل ظهور الغبن وإسقاطه فيمتن العقد، ألن في األول من قبيل إسقاط الشرط، وفي الثاني من التزام العاقد بما

أنشأه. وال شبهة أنه لصاحب االلتزام أن يتصرف فعال فيما هو تحت سلطانه.قوله (قدس سره): (نعم هنا وجه آخر للمنع يختص بهذا الخيار وخيار الرؤية.... إلى

آخره).محصل اإلشكال: أن إسقاط الخيار في متن العقد يوجب الغرر.

أما في خيار الرؤية فألن بيع العين الغائبة ال يصح إال بذكر األوصاف التي بهاتختلف مالية المال، ومرجع إسقاط الخيار إلى اشتراء المال بأي وصف كان، وهذاغرري، ألن األوصاف لها دخل في المالية، فمقدار المالية من هذا المبيع غير معلوم.

وأما في خيار الغبن فكذلك، فإن اعتبار ذكر أوصاف المبيع ليس إال ألجلالعلم بمقدار ماليته، فإذا كان الجهل بالمبيع أو بالصفة راجعا إلى الجهل بالمالية

فاسقاط خيار الغبن أيضا يرجع إلى الجهل بمقدار مالية المال، فيلزم الغرر.وفيه: أوال النقض بالمعاملة المحاباتية، فإنها تصح بال شبهة، وال فرق فيها بين

العلم بمقدار المالية والمعاملة بأنقص منها أو أزيد وبين الشك فيه.وبالجملة: ال إشكال في أنه يصح أن يبيع ما لم يعلم قيمته السوقية بمقدار

معين من المال.وثانيا: بالحل وهو أن المعاملة مع الجهل بالقيمة السوقية ليست غررية، فإن

الغرر يرجع إلى الجهل بالعوضين أو إلى الجهل بصفاتهما الراجعة إلى التفاوت فيالمالية، للفرق بين عدم العلم بأن المبيع حنطة أو شعير أو أن الحنطة متصفة بكذا أو

كذا وبين عدم العلم بأن الحنطة الكذائية بأي مقدار تشترى في السوق. ففياألولين مالية المال مشكوكة، وفي األخير ماليته معلومة عند المتبايعين،

ومشكوكة في أن غيرهما يشتريه بهذا المقدار أو أزيد أو أنقص.

(١٣٣)

Page 135: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبالجملة: حكم الغبن حكم العيب، وال شبهة في صحة البراءة من العيوب،ومنشأ ذلك أن أصالة السالمة أو اشتراط التساوي في المالية ليس مصححا للبيع

حتى بإسقاطهما يفسد، بل هما من الشروط الضمنية التي يوجب تخلفهما الخيار.فإذا بنى العاقد على الشراء ولو كان معيبا أو لو لم يسو بما اشتراه فيسقط شرطه.

وهذا بخالف األوصاف التي بها تختلف القيمة في العين الغائبة، فإن اعتبارهامصحح للبيع فال يمكن إسقاطها، فإنه يناقض اعتبارها. فال يصح قياس إسقاط

خيار الغبن على خيار الرؤية، بل الصواب فيه أن يقاس على خيار العيب. فكما أنوصف الصحة ليس من األمور التي بسبب اعتبارها يصح العقد ويخرج البيع عن

الغرر، ألن البيع ليس غرريا كان األصل في األشياء هو السالمة أو العيب. فكذلكالبيع بمقدار معين من الثمن ليس غرريا، كان بناء المتعاقدين على اشتراط

تساوي العوضين في المالية أو ال.قوله (قدس سره): (الثالث تصرف المغبون.... إلى آخره).

قد ذكرنا في خيار الحيوان وجه كون تصرف ذي الخيار فيما انتقل إليهإجازة، بما ال مزيد عليه، فراجع.

وظهر مما قدمناه أن التصرف المالكي مسقط للخيار مع العلم بموضوعالخيار. فلو اشتبه عليه الحيوان الذي اشتراه وتصرف فيه بتخيل غيره فهذا

التصرف ليس مسقطا، ففي المقام لو لم يعلم بالغبن فالتصرف الواقع منه ليسالتزاما بالناقص مقابل الزائد، وهذا واضح.

قوله (قدس سره): (فتأمل).ال يخفى أن ما يتخيل كونه منشأ لألمر بالتأمل أحد الوجوه الثالثة:

األول: المناقشة في الفرق بين الدفع والرفع فيما كان الدليل الدال على حكمالمستصحب اجماعا، أي ال فرق بين أن يكون الشك في الدفع أو الرفع فال يجري

االستصحاب مطلقا، ألن الحكم ثبت باإلجماع ال بالدليل حتى يستصحب فيمورد الشك. ولكن ال يمكن أن يكون ذلك وجه نظر المصنف (قدس سره)، لما

أوضحه في

(١٣٤)

Page 136: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

األصول من أن االستصحاب يجري في مورد الشك في الرافع ولو كان الدليلالمثبت للحكم إجماعا، وإنما يناقش في خصوص دليل العقل.

الثاني: كون الشك في المقتضي ال الرافع، وتقريبه: أن مقدار استعداد بقاءالمستصحب مع التصرف غير معلوم. ولكنه أيضا كالسابق ليس منشأ لألمر

بالتأمل، ألن المدار في الشك في المقتضي على أن ال يعلم مقدار بقاء المستصحبمن حيث الزمان ال بقاؤه من حيث الزماني وبالنسبة إلى كل طار وعارض، وإال

يرجع جميع أقسام الشك في رافعية الموجود إلى الشك في المقتضي، مثال لو شكفي استعداد بقاء الطهارة مع الوذي والمذي فلو لم يجر استصحاب الطهارة - لكونه

شكا في المقتضي - فال مورد ألغلب االستصحابات كما ال يخفى.والثالث: وهو المتعين أن يكون الشك شكا في الموضوع، ألن موضوع من لهالخيار ليس ذات المغبون حتى يستصحب حكمه، وهكذا ليس الموضوع الذي

تعلق به الخيار العقد الغبني، بل يحتمل أن يكون لوصف عدم الرضا ولو نوعا دخلفي الموضوع - فمن تصرف تصرفا يكشف عن رضاه ليس له الخيار - كاحتمال

دخل عدم التصرف في الموضوع الذي تعلق به الخيار.قوله (قدس سره): (الرابع من المسقطات تصرف المشتري المغبون قبل العلم

بالغبن.... إلى آخره).ال يخفى أنه ال وجه لسقوط خيار المشتري المغبون قبل العلم بالغبن إال إذا

ثبت إجماعا تعبديا، فيكون كخيار العيب الذي ثبت بالنص سقوط الرد به لوتصرف في العين - ولو قبل العلم بالعيب - تصرفا مغيرا للعين كما سيجئ في

محله.وما ذكروه وجها للسقوط ضعيف، كما اعترض عليهم شيخنا الشهيد (قدس سره)، وال

إجماع في المسألة. والقاعدة تقتضي عدم سقوط الخيار إذا كان منشؤه الضرر أوتخلف الشرط إال في مورد اإلقدام على الضرر أو إسقاط الشرط، والمفروض أن

مع الجهل بالغبن ال يتحقق اإلقدام أو اإلسقاط إال معلقا أو إسقاطه في متن العقد.

(١٣٥)

Page 137: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فمجرد التصرف ليس مسقطا، سواء كان تصرفا ناقال - كالبيع ونحوه - أو كان فكاللملك - كالوقف والعتق - أو رهنا وإجارة واستيالدا، أو تلفا حقيقيا، أو نقال جاز

للناقل الرد، كالهبة والبيع الخياري.نعم، لو ثبت كون التصرف من المغبون مطلقا أو من خصوص المشتري

المغبون مسقطا إجماعا يجب أن يفصل بين التصرفات.ففي مورد التلف الحقيقي أو الحكمي - كالعتق والوقف - ينبغي القول بسقوط

الخيار.وأما في مورد النقل فيمتنع الفسخ ما دام العين المغبون فيها خارجة عن ملك

المغبون ولو كان النقل جائزا، ألن الفسخ يقتضي رد العين من ملك الفاسخ إلىملك المفسوخ عليه ورد بدلها من ملك المفسوخ عليه إلى ملك الفاسخ، والعين إذا

لم تكن ملكا للفاسخ يمتنع الرد.نعم، له رد العين إلى ملكه، إال أنه ما لم يردها يمتنع ردها إلى ملك المفسوخ

عليه.وأما في مورد التدبير والوصية فال إشكال في إمكان الفسخ، ألن نفس الفسخ

إبطال لهما.وفي مورد اإلجارة أيضا كذلك، ألن كون العين تحت يد المستأجر ال يمنع

عن رد رقبة الملك إلى الغابن، والفسخ ال يقتضي إال رد الملك.وأما في مورد الرهن واالستيالد فيمتنع الرد.

أما الرهن فألن حق الرهانة يقتضي بقاء العين المرهونة في ملك الراهنليستوفي المرتهن حقه منها، فكون الرقبة ملكا للراهن ال يفيد لصحة الرد، المتناع

إخراج الرهن ما دام رهنا عن ملك الراهن وليس حق الرهانة. كحق الجناية يتبعرقبة العبد أينما كان.

وأما االستيالد فكذلك أيضا، ألنه لو انعقد الولد في ملك المستولد بال تعلقحق أحد على األمة يمتنع إخراجها عن الملك ما دام الولد حيا.

(١٣٦)

Page 138: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره): (وربما يبنيان على أن الزائل العائد كالذي لم يزل أو كالذيلم يعد.... إلى آخره).

قد يورد على المصنف (قدس سره) بأنه ال وجه لذكر هذه العبارة المنقولة من الشافعيةإال حسنها، ولكنه ال يخفى أن وجه إمكان الرد وعدمه بعد عود الملك إلى ملكالمغبون وارتفاع المانع ليس إال هذين المبنيين. فلو قيل بأن الزائل العائد كالذي

لم يزل فله الرد، ولو قيل بأنه كالذي لم يعد فال. والحق هو التفصيل بين موارد العود.فلو عاد إلى ملك المغبون على الوجه الذي كان ملكه قبل التصرف بحيث كانقوام ملكه بعد العود هو قوامه قبل التصرف فالزائل العائد كأنه لم يزل. فلو باع

بالبيع الخياري أو وهبه ثم فسخ البيع أو رجع عن الهبة فالفسخ وإن كان حل العقدمن حينه ال من حين العقد إال أن سبب الملك للمغبون بعد الفسخ أو الرجوع عنالهبة هو السبب الذي كان قبل تصرفه وهو اشتراؤه من الغابن، فإذا رجع العين إلى

حالها قبل التصرف فال مانع من ردها إلى الغابن. ويلحق بالفسخ اإلقالة وفكالرهن وموت ولد أم الولد، وكل ما رجع الملك إلى سببه الذي كان بين الغابن

والمغبون.وأما لو عاد إلى ملكه على غير ما كان له قبل التصرف كما لو رجع إليه

باالشتراء أو باإلرث ونحو ذلك - بحيث كان سببه بعد العود غير سببه قبل التصرف- فالزائل العائد كالذي لم يعد، ألن هذه الملكية الحاصلة له فعال غير الملكيةالحاصلة له قبل التصرف، فإن سبب ملكه قبل التصرف هو اشتراؤه من الغابن،

وسبب ملكه فعال هو اإلرث أو االشتراء من غير الغابن، فيختلف السببان، فيمتنعالفسخ، ألنه عبارة عن رد كل مال إلى مالكه األصلي على نحو خرج عن ملكه.

والعين بعد رجوعها إلى ملك المغبون بسبب جديد ال يمكن ردها إلى ملك الغابنعلى نحو خرج عن ملكه ودخل في ملك المغبون.

وبعبارة أخرى: الفسخ يتعلق برد الملك أي مبطل لسببه، فالسبب لو كانموجودا أمكن إبطاله، وأما لو انعدم وتبدل بسبب آخر فال معنى إلبطاله.

(١٣٧)

Page 139: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره): (هذا كله في تصرف المغبون وأما تصرف الغابن فالظاهر أنهال وجه لسقوط خيار المغبون به.... إلى آخره).

هذه المسألة من صغريات تصرف من عليه الخيار. والظاهر أنه ال يسقطبتصرفه خيار من له الخيار - سواء تصرف بالنقل الالزم أو ما بحكمه من اإلتالف

والهبة لذي الرحم، أم بالنقل الجائز، أم بالتغيير، أو المزج والخلط - ألنه ال موجبلسقوط الخيار ولو قلنا بنفوذ تصرف من عليه الخيار، لعدم المالزمة بين نفوذ

تصرفه وسقوط حق ذي الخيار. وهذه المسألة وإن كان محل تنقيحها في أحكامالخيار، إال أنه ال بأس بالتعرض لها إجماال تبعا لما أفاده شيخنا األستاذ مد ظله

وتوضيحا للفروع اآلتية في المتن.فنقول: في نفوذ تصرف من عليه الخيار مطلقا، أو عدم نفوذ تصرفه مطلقا، أو

التفصيل بين الموارد أقوال:والظاهر أن محل الخالف في غير العين التي اشترط ردها برد الثمن، فإن

المشتري ليس له التصرفات الناقلة فيها، إال أن يكون النظر بماليتها.وكيف كان فلو فسخ ذو الخيار ووجد العين خارجة عن ملك من عليه الخيار،

فلو قيل بعدم جواز تصرف من عليه الخيار وضعا وتكليفا فخروجها كالعدم، ألنتصرفه باطل رأسا.

وأما لو قيل بجواز تصرفه تكليفا، فهل ينفذ منه مطلقا أو في خصوص العتقفلذي الخيار المثل أو القيمة أو يبطل من أصله أو من حين الفسخ؟ وجوه، بل

أقوال، منشؤها االختالف في متعلق حق الخيار، فقيل بأنه العين، وقيل بأنه العقدبما هو عقد، وقيل بأنه العقد طريقا السترجاع العين. فعلى األول والثالث ال ينفذ

تصرفه، ألن العين إذا كانت متعلقة لحق الغير ال ينفذ تصرف مالكها فيها - كما فيالعين المرهونة - واستشهد لهذا القول بما اختاره الفقهاء: من أن التصرف الناقل إذا

وقع بإذن ذي الخيار سقط خياره، فلو لم يكن حقه متعلقا بالعين لم يكن إذنهموجبا لسقوط حقه، وكان له فسخ العقد.

(١٣٨)

Page 140: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأورد عليه المصنف: بأن سقوط الخيار باإلذن في التصرف إنما هو لداللةاإلذن عرفا على السقوط، ال لتعلق الخيار بالعين.

وفيه: أنه لو كان منشأ السقوط داللة اإلذن عليه عرفا لكان الالزم سقوطهمطلقا، سواء تصرف من عليه الخيار أم لم يتصرف، مع أن األقوى أن السقوط إنما

هو بالتصرف المأذون فيه، ال بمجرد اإلذن، كما هو الشأن في بيع الراهن بإذنالمرتهن، فإنه ال يسقط حق المرتهن أيضا بنفس اإلذن.

هذا، مع أن داللة اإلذن على اإلسقاط ممنوعة، ألنه قد أذن لمن عليه الخيارفي التصرف في ماله الذي يقتضيه طبع المعاملة، فال يدل على اإلجازة. ولذا

يفصل في العرض على البيع بين عرض المنتقل عنه والمنتقل إليه، فإنه بالنسبة إلىالمنتقل عنه فسخ وليس إجازة بالنسبة إلى المنتقل إليه.

وبالجملة: ال وجه لسقوط حقه بمجرد إذنه لمن عليه الخيار في التصرف فيماله، وال ينافي ذلك كون إذنه لألجنبي في بيع المنتقل عنه فسخا، وذلك الختالف

المقامين في داللة اإلذن على اإلجازة أو الفسخ عرفا، كاختالف العرض علىالبيع بالنسبة إليهما.

نعم، المالزمة بين الفسخ واإلجازة إنما تكون في التصرف الناقل من نفسذي الخيار، فكل مورد كان تصرفه في المنتقل إليه إجازة يكون تصرفه في المنتقل

عنه فسخا.فالصواب في الجواب أن يقال: إنه يمكن القول بسقوط الخيار بالتصرف

المأذون فيه وإن لم يكن الحق متعلقا بالعين، ألنه باإلذن يرفع موضوع الخيار،فإن إعماله ال يمكن إال إذا أمكن الفسخ واإلمضاء كالهما. وبعد إذنه في التصرف

لو تصرف المأذون ال يمكن أن يكون ضمان العين في عهدته، فإذا امتنع الضمانامتنع الفسخ فامتنع الخيار.

ثم إن هذا بناء على سقوط الخيار بالتصرف المأذون فيه ال بنفس اإلذن، وأمابناء على صحة ما نسبه شارح الميسية إلى المشهور من سقوط الخيار سواء

(١٣٩)

Page 141: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

تصرف المأذون أم لم يتصرف فيصح االستشهاد به لتعلق حق الخيار بالعين، ألنهلو لم يكن حقه متعلقا بها لكان إذنه كإذن األجنبي.

هذا بناء على الوجه األول والثالث.وأما لو قيل بتعلق حق الخيار بالعقد بما هو هو، فقد يقال بنفوذ تصرفه مطلقا،

وقد يفصل بين اإلتالف واإلخراج عن الملك، وعلى أي حال ال ينافي ذلكإعمال الخيار. فلو فسخ يتعلق حقه بالبدل مطلقا، أو في مورد اإلتالف. وأما في

التصرف الناقل فيرجع المال عن ملك من أنتقل إليه إلى ملك المتصرف وعن ملكهإلى ملك الفاسخ إما من حين الفسخ أو من أصله.

ثم إنه استشهد المصنف لنفوذ تصرفه مطلقا وكون الخيار متعلقا بالعقدبمقدمتين:

األولى: أنه لو كان الخيار متعلقا بالعين لزم سقوطه بتلفها.الثانية: أن الفقهاء اتفقوا بأن تلف العين ال يوجب سقوط حق من له الخيار.

فتنتج هاتان المقدمتان اللتان إحداهما بمنزلة الصغرى واألخرى بمنزلة الكبرىنفوذ تصرفات من عليه الخيار مطلقا، وأن الخيار متعلق بالعقد ال بالعين.

وفيه: منع المقدمة األولى، فإن سقوط الحق بتلف متعلقه إنما يصح لو لم يكنالمتعلق في عهدة من تلف عنده، والغبن في المعامالت مضمونة، إما بالمسمى، أو

بالمثل والقيمة.وكيف كان فوجه تعلق حقه بالبدل لو نفذ تصرف من عليه الخيار هو أنه لوجاز التصرف فال موجب إلهمال ما يقتضيه من ترتيب آثار الملك على ملك

المشتري الثاني، فلو فسخ ذو الخيار يتعلق حقه بالبدل جمعا بين الدليلين.وأما وجه انفساخ المعاملة الثانية بفسخ المعاملة األولى فهو لحديث الفرعية.

وحاصله: أن جواز التصرف واالنتقال إلى المشتري الثاني نشأ من كون المالملكا للمشتري األول، فإذا زال المنشأ بفسخ ذي الخيار ينفسخ العقد الثاني إما منحين الفسخ - كما هو مقتضى تأثير الفسخ في غير المقام - أو من أصله كما هو

(١٤٠)

Page 142: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

مقتضى الفرعية، فإن العقد الثاني لو كان متفرعا على األول، فإذا بطل األول يبطلالثاني من أصله ويصير كأن لم يوجد. هذا مع أن مقتضى الفسخ تلقي كل من

المتعاقدين الملك من اآلخر فال بد من انفساخ العقد الثاني من أصله، حتى يتلقىالفاسخ الملك من المفسوخ عليه ال من المشتري الثاني.

إذا عرفت مدرك األقوال إجماال فال بأس لإلشارة إلى ما هو المختار، فنقول:األقوى هو تعلق حق الخيار بالعقد طريقيا، فإن المقصود من جعل الخيار لذي

الخيار هو تمكنه من استرجاع العين وردها إلى حالها قبل العقد.ويؤيد ذلك تفصيل المشهور في إرث الزوجة الخيار الذي يستحقه الزوج

الميت المتعلق باألرض بين ما كانت األرض منتقلة عن الزوج فال ترث وما كانتمنتقلة إليه فترث، ألن في االنتقال عنه ال يفيد للزوجة حق الخيار، ألنها ال ترث

من العقار، وفي االنتقال إليه ترث الثمن لو فسخت العقد. ولو لم يكن العين متعلقةلحق الخيار بل كان الخيار مجرد السلطنة على حل العقد من دون نظر إلى العين لما

كان وجه للتفصيل كما ال يخفى.ويؤيده أيضا عدم إرث وارث األجنبي الخيار المجعول له، فإنه لو كان الخيار

مجرد السلطنة على العقد ولم يكن ماليته من باب استرجاع العين بل كان هو شيئافي حيال ذاته لكان الالزم إرث الوارث له، ألنه مما تركه الميت. وهذا بخالف ما

إذا كان مالية الخيار باسترجاع العين، فحيث إن الوارث ليس له حظ من العينونفس حل العقد ليس له مالية فال يرثه الوارث.

ويؤيده أيضا عدم صحة نقل الخيار إلى غير من عليه الخيار، فإنه لو لم يكنللخيار مساس بالعين لما كان وجه لعدم االنتقال إلى األجنبي، فعدم االنتقال إليه

يكشف عن تعلق الخيار بالعين.اللهم إال أن يقال: إن جميع هذه المؤيدات ال تقاوم ما تقدم في بيان حقيقة

الخيار من كونه راجعا إلى ملك االلتزام وحل التبديل والتعهد، فإنه تقتضي كونهراجعا إلى العقد من دون مساس له بالعين.

(١٤١)

Page 143: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

هذا مضافا إلى أن نفس حقيقته ال تختلف ببقاء العين وتلفها وفي كلتاالصورتين يعمل الخيار ويفسخ التعهد بغاية واحدة، ال أن مع بقائها يرجع إلى ردشخصها ومع تلفها يرجع إلى ماليتها. فإذا كان إعمال الخيار على وجه واحد في

المقامين فال بد من أن يكون متعلقا بنفس العقد واالختالف ناشئا من اختالفالموارد، ألن إبطال التبديل بين المالين مع بقاء العين يقتضي قهرا رد العين، ومع

تلفها حيث إنها في ضمان الطرف يرجع المثل أو القيمة.وعلى هذا فالحق ما اختاره المصنف (قدس سره). وصحيحة ابن سنان " حتى يصير

للمشتري " غير ناظرة إلى تعلق الخيار بالعين أصال، فإنها في مقام بيان أن تلفالعين في ضمان من ليس له الخيار وفي عهدته، إال إذا انقضى الخيار ويصير

الحيوان ملكا مستقرا للمشتري، بحيث ال يقدر أن يخرجه عن ملكه إال بمعاملةجديدة.

وبعبارة واضحة: الفسخ ليس تملكا جديدا حتى يتقوم بالعين ويمنع كونهملكا لذي الخيار عن تصرفات من عليه الخيار، بل رد للتبديل السابق وحل

للتعقيد والتعهد ورجوع العين أو بدلها إلى حالها السابق من لوازم رد التبديل، المن جهة تعلق الحق بها.

ثم إنه لو جاز تصرف من عليه الخيار فال وجه لبطالن المعامالت الصادرة منهال من أصلها وال من حين الفسخ، وحديث الفرعية ال محصل له، كما ال يخفى.

وأما لو لم يجز، لتعلق الخيار بالعين، فهل يبطل المعامالت رأسا بمعنى أن منشرائط صحة البيع - مثال - كون الملك غير متعلق للخيار كما أن من شرائطه عدم

الغرر، أو أن معنى عدم جواز تصرفاته أن لزوم العقد يتوقف على عدم تعلق الحقبالعين؟ والحق هو الثاني، إال على القول ببطالن الفضولي فيما لو كان العين متعلقا

لحق الغير - كبيع الراهن - وحيث إن المختار صحته مع إجازة ذي الحق، فيصح فيالمقام مع إجازة من له الخيار.

ثم إن تعلق حقه بالعين هل هو من قبيل تعلق حق الجناية بالعبد الجاني

(١٤٢)

Page 144: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وتعلق حق الشفعة بالدار المشتركة أو من قبيل حق الرهانة؟ وجهان، والحق هوالثاني، ألنه ال يمكن أن يتعلق الحق في المقام بملك الثالث.

وعلى هذا، فالتصرفات المتلفة ال تجوز أصال. وأما التصرفات الناقلة فمراعىبإجازة ذي الخيار، أو انقضاء مدة الخيار. ويجري نزاع الكشف والنقل في

اإلجازة كما يجري نزاع الفسخ من الحين أو من األصل في الفسخ بالنسبة إلىالعقد األول.

وأما بالنسبة إلى العقد الثاني فبفسخ العقد األول يبطل الثاني من رأسه، ألنهكبيع الراهن مع فسخ المرتهن.

نعم، ليس لذي الخيار إبطال العقد الثاني من دون فسخ العقد األول، ألن حقهلم يتعلق إال بالعين، وليس له السلطنة على عقد المالك. وقد أشرنا إليه في باب

الفضولي.وأما وطء األمة فلو كانت الطلقية من شرائط صيرورة األمة أم الولد شرعا

فاالستيالد غير مانع عن تعلق حق الخيار بالعين، فال مانع من الوطء.وأما لو لم تكن الطلقية شرطا فال يجوز، ألنه موجب إلتالف حق ذي الخيار.

ولكنه لو استولدها ولو معصية تصير الموطوءة أم الولد فيمتنع ردها بالفسخ وإنكان الخيار مقدما، ألن تقدم الحق إنما يؤثر لو كان الحقان في رتبة واحدة، وأما لو

كان أحدهما معدما لموضوع اآلخر فال يالحظ التقدم. وإذا كان رجوع العينمشروطا بإمكانه عقال أو شرعا يؤثر االستيالد ألنه مانع شرعي.

ثم إن مما ذكرنا ظهر مدرك الوجوه التي ذكرها المصنف من تسلط المغبونعلى إبطال تصرفات الغابن من حين الفسخ أو من األصل، ومن عدم تسلطه.وظهر أيضا أن بطالن التصرف من حين الفسخ أو من األصل يمكن على كال

القولين: من عدم تعلق حق الخيار بالعين، ومن تعلقه بها فعلى القول بعدم التعلقفمنشأ البطالن من حينه أو من أصله هو الفرعية، وعلى القول بالتعلق فمنشأاالحتمالين كون التصرف من قبيل تصرف الراهن فبالفسخ يبطل من أصله،

(١٤٣)

Page 145: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

أو كونه من قبيل تصرف من عليه حق الشفعة فيمكن للشفيع إبطال العقد الثانيأو الثالث.

ثم ال يخفى أن الحق بناء على جواز التصرف هو عدم الفرق بين العقودالجائزة والالزمة.

وال وجه لما ذكره في المسالك: من كون الغابن ملزما بالفسخ فيما لو باعبخيار أو وهب بغير ذي الرحم، لما عرفت من أن حقيقة الفسخ تقتضي رد التبديل

بمجرد الفسخ، وإذا انتقل بدل العين حين الفسخ إلى ملك الفاسخ فال موجب إللزامالمفسوخ عليه بالفسخ.

وليس البدل في المقام كبدل الحيلولة، فإن العين في بدل الحيلولة باقية علىملك مالكها، والبدل غرامة، فلصاحب العين إلزام الضامن بتحصيل العين، بخالف

المقام، فإن حق المغبون بمجرد الفسخ يتعلق بالبدل.ثم بناء على القول بعدم وجوب الفسخ في العقد الجائز، فلو اتفق عود الملك

إلى الغابن بالفسخ قبل فسخ المغبون فال إشكال في أن فسخه يتعلق بالعين، ولواتفق عوده إليه بسبب جديد فالعائد كأنه لم يعد.

وأما لو اتفق عوده بعد فسخ المغبون فلو عاد بسبب جديد فال إشكال في أنهال يتعلق حق المغبون به.

وأما لو اتفق عوده بالفسخ فال يبعد أن يقال بتعلق حق المغبون به خالفاللمصنف، ألن البدل في المقام وإن لم يكن من قبيل بدل الحيلولة إال أن منشأ تعلقالحق به تعذر العين، فلو ارتفع التعذر يرجع البدل. ولذا لو فرض محاال عود العينالتالفة فال إشكال في تعلق حق المغبون بها، فيكون المقام كما لو صار الخل عند

الغاصب خمرا فأخذ المالك بدله ثم صار بعده خال فإنه يرتفع البدلية.وبعبارة أخرى: إذا فسخ الغابن المعاملة الواقعة بينه وبين الثالث ورجع العين

إليه فال بد أن ال تبقى في ملكه مع فسخ المغبون، ألن المفروض أن منشأ ملكيتهللعين كانت المبادلة بينه وبين المغبون، فإذا ارتفعت المبادلة ولو قبل رجوعه إلى

(١٤٤)

Page 146: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الثالث ترجع العين إلى ملك المغبون وبدلها إليه، حتى بناء على ما اختاره صاحبالمقابس: من أن التلف وما بحكمه يوجب المعاوضة القهرية الشرعية، ألنه ال

ينافي وقوع المعاوضة قهرا بالتلف وبطالنها برجوع التالف، إال أن يكون للدليلالدال على وقوع المعاوضة إطالق بحيث يشمل بعد رجوع التالف إلى حاله

السابق، وحيث إنه ال دليل على ذلك من أصله فضال عن إطالقه، فال فرق بين فسخالغابن قبل فسخ المغبون أو بعده، قبل أخذ البدل أو بعده.

قوله (قدس سره): (ولو تصرف الغابن تصرفا مغيرا للعين.... إلى آخره).ال يخفى عدم صحة ما فصله في النقيصة بين أن يكون النقص موجبا لألرش

وبين ما ال يوجبه، فإنه مضافا إلى عدم صحته في نفسه يكون مخالفا لما اختارهفي األبواب األخر من عدم الفرق بين األوصاف.

وبالجملة: لو كان وصف الصحة الذي يوجب فقده األرش في باب خيارالعيب موجبا لكون الغابن ضامنا له لكان وصف الكمال أيضا كذلك، ولو لم يكنفقد وصف الكمال موجبا للضمان فال يوجب فقد وصف الصحة أيضا، ألن التفرقة

بينهما إنما يكون بأحد الوجهين:األول: كون وصف الصحة بمنزلة الجزء بأن يقع مقدار من الثمن بإزائه دون

وصف الكمال، وذلك مما ال يلتزم به المصنف وال يمكن االلتزام به، ألن األوصافوإن كانت موجبة لزيادة مالية المال إال أنها ال تقع بإزائها في عقد المعاوضة شئمن العوض. وثبوت األرش في مقابل وصف الصحة إنما هو بالتعبد، ال من جهة

وقوع الثمن بإزائه، وإال كان الالزم رد بعض من خصوص الثمن.والثاني: أن يكون زوال وصف الصحة تحت اليد موجبا للضمان دون وصف

الكمال، فيقال بأن الضمان المعاوضي وإن تبدل بضمان اليد بعد القبض إال أن تبدلهبه إنما هو في خصوص العين ووصف الصحة دون وصف الكمال، وهذا أيضا مما

ال يمكن االلتزام به، ألنه ال فرق بين األوصاف في أنها بأجمعها مضمونة علىالمفسوخ عليه كما تكون مضمونة على الغاصب، ألن وجه الضمان في البابين

هو قاعدة اليد.

(١٤٥)

Page 147: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وال يمكن أن يقال بأنه ال وجه لضمان المفسوخ عليه النقص الحاصل فيماله، فإنه لو تم ذلك اقتضى أن ال يكون ضامنا لوصف الصحة بل العين أيضا - ألنكال منهما ملكه وتلف تحت يده - مع أنه ضامن بال إشكال، بمعنى أنه يجب عليه

رد المثل أو القيمة واسترداد ما دفعه إلى طرفه لو لم يكن التلف في زمان خيارالطرف، وإال يجب عليه رد المثل أو القيمة من دون استرداد ماله أو بدله.

ومما ذكرنا ظهر حكم اإلجارة، فإنها نقص يجب على المفسوخ عليه تداركهوال يمكن الفرق بين الفسخ والتفاسخ، ولم يبين المصنف وجه الفرق أصال.

ثم إن مما ذكرنا ظهر ما في حاشية السيد من قوله " ولكن الظاهر أن الفقهاءال يلتزمون بما ذكرناه " (١) فإن سقوط خيار التفليس بنقصان وصف الصحة وعدم

سقوطه بنقصان سائر األوصاف لو قيل بهما فليس ذلك للفرق بين األوصاف، بلالعتبار قيام العين على ما كانت عليه حال البيع في ذاك الباب، ومع تلف وصف

الصحة ليس العين قائمة بعينها دون وصف الكمال. ففي تلف وصف الصحة تكونالعين كسائر أمواله مما يتعلق بها حق الغرماء دون تلف وصف الكمال، فإن البائع

يأخذ نفس العين. وقولهم في باب الفلس بأنه لو رد البائع العين المعيبة ليس لهاألرش للنقصان ال يستقيم، ولذا ينقل هو خالفه عن العالمة والشهيد.

وبالجملة: معنى الضمان في المعاوضات كالبيع مثال هو أن البائع ضامن للمبيعقبل القبض - أي عهدة المبيع عليه فإذا تلف ينفسخ البيع ويتعين المسمى للعوضية،أي يرجع نفس الثمن إلى المشتري - وبعد إقباضه ينتقل الضمان - أي عهدة المبيع

- إلى المشتري، فإذا تلف وطرأ على العقد فسخ أو إقالة يجب عليه رد المثلأو القيمة، ويسترد ثمنه من البائع لو كان موجودا، ومثله أو قيمته لو كان تالفا.

فعلى هذا يكون كل من المتبايعين ضامنا لما انتقل عنه قبل القبض، وضامنالما انتقل إليه بعد القبض. وضمانه بعده ضمان اليد، فإذا كانت يده يد ضمان يجب

--------------------(١) حاشية السيد: ص ٤٤ سطر ٢٢.

(١٤٦)

Page 148: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

عليه رد قيمة العين بجميع أوصافها التي تتفاوت بها مالية المال ولو كانت مثلوصف الكمال.

وعلى هذا فال فرق في النقص الحاصل في مال الفاسخ بين أن يكون من جهةإجارة الطرف أو غيرها، فإن إجارته وإن كانت صحيحة بناء على عدم تعلق حقالخيار بالعين في غير المشروط برد مثل الثمن، إال أنها توجب نقصا في المال،فإن مناط مالية المال منافعه. والمفروض أن ضمان النقص على المفسوخ عليه،فيجب عليه تدارك النقص بتقويم المال غير مسلوب المنفعة وتقويمه مسلوب

المنفعة في مدة اإلجارة وأخذ التفاوت.وبالجملة: كون المنفعة تابعة للملك ال ينافي ضمان المؤجر للنقص الحاصل

باإلجارة.نعم، ال وجه ألن يكون ضامنا ألجرة المثل، ألنه قد تصرف في ملكه من دون

تعلق حق به. وأجرة المثل إنما تصح في التصرف في مال الغير بدون تعيينالعوض، كما أنه ال يكون ضامنا ألجرة المسمى، وذلك واضح.

فالفرق بين التفاسخ والفسخ ال يعقل، وكون التفاسخ من األصل والفسخ منالحين غير فارق، بعد ما ظهر أن المناط في الضمان كون يده يد ضمان. هذا مضافا

إلى أنه ال وجه للفرق بين التفاسخ والفسخ، فإن كال منهما من الحين وحكمهماحكم اإلقالة واالنفساخ.

قوله (قدس سره): (وإن كان التغيير بالزيادة.... إلى آخره).الزيادة قد تكون حكمية محضة - أي ليس لها ما بحذاء خارجي كقصارة

الثوب - وقد تكون عينية محضة كالغرس، وقد تكون من كلتا الجهتين - كالصبغبالنيل، وخياطة الثوب إذا كان الخيط من الخياط - ثم إن الزيادة قد تكون موجبة

لزيادة قيمة العين، وقد ال تكون.أما ما ال يوجب زيادة القيمة فالحق عدم ثبوت شئ لمحدثها، ألنه عمل

لنفسه في ماله، وال يمكن أن يكون عمله لنفسه مضمونا على غيره.

(١٤٧)

Page 149: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما ما يوجب الزيادة في القيمة فإذا كانت حكمية، فتارة تكون هذه الزيادةبفعل الغابن، وأخرى بفعل من الله سبحانه.

وما بفعل الله سبحانه قد يكون عمل الغابن معدا له - كتعليف الدابة وسقيهاالموجبين للسمن - وقد ال يكون فعل من الغابن أصال، كما لو صار العبد كامال

بصنع الله تبارك وتعالى. ومعنى كون الزيادة بفعل الغابن أن تكون الزيادة أثرالفعله، بحيث كان فعله علة تامة لحصول الزيادة كقصارة الثوب.

ثم إن في المقام مصاديق مشتبهة في أن األثر مترتب على الفعل بال واسطة،أو مترتب عليه مع الواسطة كتعلم العبد، فإنه قد يقال بأن التعليم علة تامة له، وقد

يقال بأنه معد له كالعلف للدابة، فإنه معد للسمن. وكيف كان فلو كانت الزيادة بفعلمن الله من دون مدخلية للغابن في حدوثها أصال، أو كان فعل الغابن معدا لها، فإذا

فسخ المغبون فليس للغابن شئ بإزائها، ألنها وإن حدثت في ملكه وكان هومالكها قبل الفسخ، إال أن منشأ ملكيته لها هو التبعية للعين، فإذا انتقلت العين عنه

إلى المغبون تصير تابعة لملك المغبون.وأما لو كانت الزيادة بفعل من الغابن فيصير شريكا مع المغبون، فإن كونالزيادة أثرا لفعله يوجب أن يملكها العامل، وال ينافي تبعية العمل للعين في

الملكية ملكيته االستقاللية عند خروج العين عن ملكه، فإن هذا العمل له جهتان:جهة منسوبة إلى الفاعل من حيث صدوره عنه، وجهة منسوبة إلى المحل من حيثوقوعه فيه. وجهة الوقوع متأخر رتبة عن جهة الصدور، فيالحظ في المقام ملكيته

من حيث الصدور، فإذا ملكه مستقال فانتقال العين عنه ال يوجب انتقال هذا الملكمنه، فلو لم ينتقل يصير شريكا مع المغبون في المالية ال في العين، فيقوم الثوب

مثال مع القصارة وبدونها ويكون التفاوت بين القيمتين ملكا للغابن.ومن هذا البيان ظهر وجه فرق األساطين في وجوب تسليم العين الذي عمل

فيها المؤجر عمال وعدم وجوبه بين الموارد، فإن المورد الذي له حبس العين هوما كان العمل ملكا له مستقال، فكأن المؤجر يبدل عمله باألجرة، فله حبس عمله

(١٤٨)

Page 150: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

حتى يأخذ ثمنه، ولما لم يمكن حبسه إال بحبس العين فال يجب عليه تسليمها.والمورد الذي ليس له الحبس ما لم يكن عمله علة تامة لترتب األثر - كسقي الدابة

وعلفها - فليس له األجرة إال بعد تسليم العين، ألن المؤجر ال يستحق األجرةإال بعد العمل.

والمفروض أن عمله ليس موجبا ألن يملك أثره، لعدم كونه علة لتحقق األثر،فليس له إال أجرة العمل. هذا كله في الزيادة الحكمية.

وأما الزيادة العينية المحضة - كالغرس - فتنقيح البحث فيه يتوقف على بيانأقسام الغرس إجماال.

فنقول: إذا اختلف وتعدد مالك األرض ومالك الشجر، فتارة يكون تعددهماابتدائيا، وأخرى عارضيا.

فاألول كما إذا غرس من استعار األرض، أو استأجرها إعارة، أو إجارةمطلقة: أو لخصوص الغرس، أو غرس غاصب في أرض الغير، وغرس فيها

الجاهل بفساد المغارسة المعمولة في بعض البلدان، وهي أن يغرس في أرض الغيربأن يشتركا في الغرس واألرض.

والثاني كمن باع الشجر دون األرض، أو بالعكس، أو باع األرض من زيدوالشجر من عمرو، أو باع األرض من زيد فغرس زيد فيها ثم أخذ األرض منه

بالشفعة. وهذا على أقسام ستة غير التعدد بالبيع، قسمين منها تعدد المالك نشأ منجهة الحق الثابت قبل الغرس - كحق الخيار وحق الفسخ - وأربعة منها نشأ الحق

بعد الغرس، كالتفاسخ واالنفساخ واإلقالة وخيار التفليس.أما إذا كان المالك متعددا ابتداء فالحق في جميع الصور أن لمالك األرض قلعالشجر من دون أرش عليه لصاحبه، أما في مورد الغصب فألنه ليس لعرق ظالم

حق، وأما في البيع الفاسد فألن الغارس وإن لم يقدم على تلف ماله إال أنه مشتركمع الغاصب في عدم ثبوت حق اإلبقاء له، ألن مناط جواز القلع عدم ثبوت حقللغارس ال اإلثم واإلقدام. ومنه يظهر جواز القلع في موارد العارية واإلجارة ولو

(١٤٩)

Page 151: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

للغرس فإن بعد انقضاء مدة اإلجارة أو بعد رجوع المعير ال حق للغارس في بقاءشجره في أرض الغير.

وأما إذا طرأ التعدد فال شبهة أنه لو تعدد المالك بالبيع فليس لمالك األرضالقلع وال األجرة، ألنه ملكها مشغولة بالشجر، والشجر مناط ماليته وصف

الشجرية. فيستحق مالكه بقاءه من دون حق عليه لمالك األرض، ومن هذا القبيلإرث الزوجة للمثبتات، فإنها تستحق قيمتها بما هي مثبتات وأما لو تعدد بالفسخ

أو بالشفعة أو بسائر األسباب من االنفساخ أو التفاسخ أو اإلقالة أو خيار التفليس،فقد يقال: في جميع هذه األقسام الستة بعدم جواز قلعه لمالك األرض مطلقا.

وقد يقال بجواز قلعه مع األرش في جميع الصور أو بجوازه بال أرش.وقد يفصل بين الفسخ والشفعة وبين سائر األسباب فيجوز القلع فيهما ال في

غيرهما، ومنشأ التفصيل توهم أن الملك في مورد الشفعة والخيار متزلزل، وحقذي الخيار والشريك متعلق باألرض قبل الغرس فيجوز لذي الحق قلع الشجر إذا

رجع إليه األرض.ولكن الحق أن الملكية في جميع الموارد غير متزلزل، وجواز الرجوع حكم

شرعي، فاألرض ال يتعلق بها الحق في جميع الموارد.ومنشأ جواز القلع مطلقا إن الفسخ أو االنفساخ وما بحكمهما يقتضي رجوع

العين على ما هو عليه قبل الغرس. والغرس لو كان موجبا لتلف وصف مناألوصاف حقيقة لكان ضمانه على من تلف الوصف عنده كما لو صارت العين

معيبة ال يمكن زوال عيبها، وأما لو لم يوجب تلف الوصف حقيقة إلمكان قلعه فالوجه ألن يكون باقيا حتى يكون على الغارس أجرة المثل.

ومن هذا البيان ظهر وجه جواز القلع مع األرش على القالع، أما جوازه فلماتقدم، وأما األرش فللضرر الوارد على مالك الشجر من دون إقدام منه عليه.

وبعبارة أخرى: غرسه عمل محترم فال يمكن إزالته من دون أرش.ومنشأ عدم جواز القلع مطلقا أن الغرس وقع من أهله في محله، فالغارس

مالك للغرس بوصف الشجرية.

(١٥٠)

Page 152: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

غاية األمر أن غرسه موجب لتفويت منفعة األرض على مالكها، فله أرشنقص هذه المنفعة الفائتة.

وبالجملة: الغارس استوفى منفعة األرض ما دام غرسه باقيا فيجب عليه بعدالفسخ أو االنفساخ تدارك ما استوفاه بأجرة المثل أو قيمة النقص. وال يبعد أن

يكون هذا القول هو المشهور بين العلماء.ولكنه يرد عليه إن هذا التقريب دور واضح، ألن استحقاق مالك الغرس للبقاء

يتوقف على استيفائه منفعة األرض حتى يكون باستيفائه متلفا منفعة األرض،وكونه مستوفيا متوقف على عدم جواز قلع مالك األرض.

وأما لو جاز فلم يستوف إال قبل زمان الفسخ أو االنفساخ، وعدم جوازهيتوقف على استحقاق مالك الغرس لإلبقاء.

وبالجملة: كما أن مالك الشجر مالك له بوصف الشجرية فكذلك مالك األرضمالك لجميع منافعها، فتقديم حق أحدهما من دون مرجح ممتنع. إال أن يقال

بالفرق بين الفسخ وما بحكمه وبين االنفساخ وما بحكمه، وهو أن الملك في األولوإن كان تاما والحق لم يتعلق إال بالعقد، إال أن كونه في معرض الزوال يوجبالشك في بقاء احترامه بعد الفسخ، فيجب أن يثبت االحترام للغرس بعد الفسخ

حتى ال يمكن لمالك األرض قلعه، وإثبات احترامه بعده دوري، وهذا بخالفه فيالثاني، فألنه ليس في معرض الزوال أصال إال إذا وقع التفاسخ أو اإلقالة على

خالف العادة، فيكفي في ثبوت حق الغارس كون ملكه من حيث السبب والمسببتاما، فغرسه محترم، ألنه وقع من أهله في محله، فيكون كسائر تصرفاته مثل

إجارته وهبته. فإذا كان حين الغرس محترما فيوجب أن يكون القلع ممتنعا شرعا،فيصير كالتلف الخارجي.

نعم على الغارس أجرة المثل ما دام شجره باقيا، وعليه ضمان النقص فيالملكية أيضا لو كان الغرس موجبا له ولو مع ثبوت األجرة، فإنها قد ال يتدارك بها

النقص الحاصل في المبيع، فإن األرض المستأجرة مدة مديدة ال يرغب في

(١٥١)

Page 153: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

شرائها ولو أعطى األجرة للمشتري، ألن نفس كون األرض في يد المالك بحيثيتصرف فيها ما يشاء له مالية ال تتدارك بأجرة األرض. وعدم تعرض األساطينألرش النقص وذكر أجرة المثل وحدها إنما هو إليكال األمر إلى محله، وهو

ضمان الصفات التي بها تتفاوت المالية.وبالجملة: ولو قلنا باستحقاق مالك الغرس لإلبقاء إال أنه مع ذلك يجب عليه

أجرة المثل في ما بعد االنفساخ، ألن عدم جواز القلع لمالك األرض تكليفي الينافي ثبوت األجرة له، كما في جواز أكل مال الناس في المخمصة، فإنه ال ينافي

الضمان، فالضمان يجتمع مع حق البقاء.ثم إنه قد ظهر أن وجه ثبوت حق البقاء له هو حرمة المال، ال الضرر الوارد

عليه، ألن الضرر عليه معارض بضرر المالك. وال يقاس بالضرر الوارد على الجارمن جهة تصرف صاحب الدار في أن ضرر صاحب الدار ال يرتفع بقاعدة ال ضرر،

ألن الضرر عليه نشأ من قاعدة ال ضرر في حق الجار. فقصر السلطنة الناشئة عنال ضرر إذا كان ضرريا ال يرتفع بال ضرر، ألن الموضوع المتولد من الحكم على

موضوع ال يشمله هذا الحكم، وهذا بخالف المقام، فإن كل واحد من ضرر مالكاألرض وضرر صاحب الغرس في عرض واحد، فال يمكن أن يكون أحدهما

مرفوعا بال ضرر دون اآلخر.ثم إنه بناء على أن يكون جواز القلع دائرا مدار الضرر فوجه فتوى المشهور

" بأن الزرع ليس حكمه حكم الشجر في جواز قلعه لمالك األرض " ظاهر، ال لماقيل: من أن للزرع أمدا ينتظر، فإن مجرد ذلك ال يوجب الفرق، بل ألن بقاء الزرع

إلى زمان الحصاد ليس ضررا على مالك األرض، فإن األرض معدة في طبعهاللزراعة واستيفاء منفعتها. فإذا أمكن استيفاؤها بأخذ األجرة من مالك الزرع لم

يتوجه ضرر على مالك األرض، حتى يتعارض الضرران. وهذا بخالف بقاءاألرض مشغولة بالشجر مدة مديدة، فإنه ضرر على مالكها ولو استوفى أجرة

األرض. ولذا لو أعطى غاصب الدار أجرتها أزيد مما يعطيه غيره لكان نفس عدمتسلط المالك على داره ضررا عليه.

(١٥٢)

Page 154: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبالجملة: فرق بين الزرع والغرس في ورود الضرر على مالك األرض.نعم، غرس شجر التوت لدود القز حكمه حكم الزرع، فاألولى التفصيل بين

موارد الغرس، ثم إنه ال يبعد أن يكون وجه التفصيل بين الغرس والزرع - من أنللزرع أمدا ينتظر - راجعا إلى ما ذكرناه من الفرق بينهما في الضرر وعدمه.

قوله (قدس سره): (ولو كان التغيير باالمتزاج.... إلى آخره).ال يخفى أن المزج قد يكون اتفاقيا، وقد يكون بفعل شخص.

فإذا كان اتفاقيا فال ضمان على من كان المال عنده وإن أوجب النقص لو لمتكن يده يد ضمان، وأما إذا كانت يده يد الضمان فحكمه حكم المزج عمدا.وأما لو كان بفعل شخص فالنقص عليه لو كانت يده يد الضمان - كالغاصب،

ومن بحكمه كما في مورد المعاملة الفاسدة أو المعاملة الصحيحة بعد القبض - لماتقدم سابقا أن كل نقص حصل في يد من عليه الخيار ومن بحكمه ممن يكون

ضامنا للمقبوض فضمانه على ذي اليد.ثم إن المزج إما أن يكون بغير الجنس أو بالجنس، والممزوج بغير الجنس قد

يعد تالفا عرفا - كمزج ماء الورد بالنفط - وحكمه هو الرجوع إلى المثل أو القيمة،وقد ال يكون تالفا وهو على أقسام، ألنه إما يوجب المزج انقالب المالين إلى

حقيقة أخرى - أي به تتبدل الصورة النوعية للممتزجين إلى صورة أخرى، كما فيمزج أجزاء الترياق الفاروق، ومزج الخل باألنجبين على قول - وإما ال يوجب

االنقالب وهو على قسمين: قسم يرتفع االمتياز بينهما كمزج الخل بالدبس، وقسمال يرتفع االمتياز، إال أنه يتعذر أو يتعسر اإلفراز بينهما، كمزج الحنطة بالشعير.وحكم الصورة األولى هو االشتراك في المالية كما هو مقتضى القاعدة في كل

مال اختلط مع اآلخر اختالطا يرفع التمييز، ألن الخصوصية العينية الشخصية لكلمن المالين إذا ارتفعت ال يمكن أن يتعلق بهما حكم تكليفا كان أو وضعا، فيتعلق

الوضع بأصل المالية، فيشتركان في العين بحسب المالية، أي يقوم الخل منفرداواألنجبين منفردا ويؤخذ لكل من المالكين قيمة الممزوج بالنسبة من نفس العين.

(١٥٣)

Page 155: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فإذا كان قيمة من من األنجبين دينارا وقيمة منين من الخل دينارا واختلطاوصارت القيمة ثالثة دنانير فليس االشتراك هنا أوال في العين بأن يأخذ صاحب

األنجبين منا من المخلوط وصاحب الخل منين، ألن بالخلط تصير قيمة األنجبينناقصة وقيمة الخل زائدة، فال بد من أن يشتركا في المالية بأن يأخذ صاحب

األنجبين منا ونصفا وصاحب الخل أيضا كذلك، ألن هذا نسبة قيمة مالهما إلىالمجموع، وال يتوقف التقسيم واإلفراز هنا على البيع، كما في قصارة الثوب، ألنه

ال يمكن فيها تقسيم الثوب.وأما حكم الصورة الثانية والثالثة فسيجئ. وعلى أي حال المزج في الصور

الثالث ال يوجب سقوط حق الخيار، وال الرجوع إلى المثل أو القيمة.نعم، لو كان الخيار متوقفا على بقاء العين بعينها سقط من هذه الجهة كخيار

التفليس والعيب، كما أنه لو كان الجواز الحكمي أيضا متوقفا على البقاء - كما فيالهبة - ال يجوز الرجوع عند الخلط.

وأما لو امتزج بالجنس ففي صورة تساوي الجنسين ال شبهة في االشتراك فيالمقدار. إنما الكالم في المزج بغير الجنس في الصورتين األخيرتين، والمزج

بالجنس في صورة الخلط باألردأ واألجود. وتنقيح البحث في جميع صوراالمتزاج يتوقف على بيان أمرين:

األول: أن االمتزاج في المائعات يوجب االشتراك بمقتضى القاعدة األولية،لما عرفت من أن التالف ال يتعلق به تكليف أو وضع، سواء حصل التلف قهراأو باالختيار عدوانا أو بحق. والمفروض أن االمتزاج موجب لتلف الخصوصية

الشخصية من كل مال في جميع الصور، فكما ال يمكن أن يتعلق تكليف بإفرازالمالين فكذلك الوضع، فمع تلف الشخصية ال يمكن أن يكون مالك المال قبل

االمتزاج مالكا لشخص ماله بعد االمتزاج، فيوجب التلف اإلشاعة قهرا عكسالقسمة.

الثاني: أن لالشتراك مراتب ثالثة، ال تصل النوبة إلى المرتبة الالحقة إال بعدتعذر السابقة.

(١٥٤)

Page 156: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

األولى: االشتراك في الممتزج بنسبة المالين في المقدار، ألنه لو أمكن أخذكل مالك من عين الممزوج بمقدار حقه قبل المزج فهو المتعين. وهذا في مزج

الجنس بالجنس مع تساويهما في الصفات واضح، فإن الفائت ليس إال الخصوصيةالشخصية دون أصل المال ووصفه وماليته، فيأخذ كل منهما بمقدار حقه من العين.

الثانية: الشركة في العين بمقدار المالية ال بمقدار الوزن، وهذا كما في مزجالخل بالعسل، ألن الفائت هنا شيئان خصوصية المالين وتلف الصورة ولو عرفا،فإن الخل لم يبق بصورته األولى وال العسل، فهما شريكان في قيمة الممزوج،ولكن من نفس الممتزج، فإنه ال وجه لشركتهما في الثمن مع أن مادة مالهما

موجودة.الثالثة: الشركة في الثمن كما في قصارة الثوب وصبغه، فإنه ال يمكن االشتراك

في الثوب، فيباع ويقسم الثمن بمقدار المال والعمل، أو بمقدار المالين والعمل.

إذا عرفت ذلك ظهر أن الحق في المزج بالجنس مطلقا هو الشركة في المقدار.نعم، لو امتزجه الغابن أو الغاصب باألردأ فعليه أرش النقص، وال وجه

للشركة في المالية، ألنه إذا أمكن الشركة في المقدار ال تصل النوبة إلى الشركة فيالقيمة، فإن امتزاج الحنطة الجيدة بالرديئة ال يوجب إال فوت الخصوصية

الشخصية وتلف وصف الجودة. أما فوت الخصوصية فيوجب الشركة، وأما تلفالجودة فيوجب استحقاق األرش، فال وجه ألن يقوم المجموع ويأخذ كل منهما

منه بمقدار قيمة ماله مع إمكان أخذ مقدار المال مع األرش. وليس مزج الجيدبالردئ كمزج العسل بالخل في تلف الصورة حتى يقاس عليه، فإن الصورة باقية

هنا عرفا.وأما لو امتزجه باألجود فال شئ له، أما الغاصب فظاهر. وأما الغابن فألنه لم

يعمل عمال حتى يشترك في الثمن، وليس على أحد ضمان جودة ماله فال شئ له،وزيادة صفة في مال المغبون رزق رزقه الله تعالى.

ثم ال يخفى ما في عبارة المصنف من اختصاص إشكال الربا في الخلط

(١٥٥)

Page 157: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

باألجود، مع أنه لو لزم الربا للزم في الصورتين، ألنه ال فرق بين أن يأخذ الغابنأزيد من مقدار ماله أو المغبون، ولكنه ال يلزم في المقام من أصله، وأنه يجري في

المعاوضات وتوابعها وفي الضمانات. وفي المقام إذا اقتضى مزج المالين ذهابالمقدار كما في تبدل الصورة بصورة أخرى تصير العين مشتركة بينهما بحسب

المالية وهذا ليس تبديال حتى يلزم الربا (١).قوله (قدس سره): (بقي الكالم في حكم تلف العوضين.... إلى آخره).

ال يخفى أنه ينبغي أن يذكر حكم التلف في أحكام الخيار، وإنما ذكره فيالمقام لمزيد اختصاص به، وهو أنه قد ادعى الشهرة بل اإلجماع على أن تصرفالمشتري المغبون قبل العلم بالغبن مسقط لخياره. فقد يتوهم أنه لو كان التصرف

مسقطا لكان التلف أولى. فذكروا حكم التلف في المقام لدفع هذا التوهم، وهو أنهلو قلنا بسقوط الخيار بالتصرف فال يلزمنا القول بسقوطه بالتلف، إال أن يكون ما

علل به في التذكرة للسقوط بالتصرف " وهو عدم إمكان استدراكه مع الخروج عنالملك " هو بنفسه موردا لإلجماع، أو يكون مفاد دليل معتبر. والمفروض أنه ال

هذا وال ذاك فال وجه للسقوط بالتلف، مع أنه قد عرفت أن أصل سقوطه بالتصرفليس إجماعيا.

ثم إنه ال يخفى عدم الفرق بين تلف مال من عليه الخيار وتلف مال من لهالخيار، فإن حكم التلف في جميع الصور واحد سواء تلف مال الغابن أو المغبون،

كان قبل الفسخ أو بعده، فال وجه للبحث فيما وصل إلى كل منهما مستقال.نعم، في خصوص الفسخ قبل التلف فرق العالمة فيما وصل إلى من عليه

الخيار، فقال: لو فسخ ذو الخيار وتلف ما وصل إلى من عليه الخيار ليس عليهضمان، فإن العين في يده أمانة، وأما لو تلف ما وصل إلى من له الخيار بعد الفسخ

فيده يد ضمان.--------------------

(١) ال يخفى أن االشتراك بنحو اإلشاعة ال يمكن إال أن يتبدل المفروز بالمشاع. وهذا عبارةأخرى عن المبادلة بين المالين. منه عفي عنه.

(١٥٦)

Page 158: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ولكن أورد عليه شراح هذه العبارة وقالوا بعدم الفرق بين الصورتين وأن يدكل منهما يد ضمان، ومجرد كون الفسخ ناشئا من قبل من له الخيار ال يوجب أن

يكون يد من عليه الخيار يد أمانة. فإذا لم يكن فرق بين الصور أصال فنقول فيمحل البحث - وهو التلف قبل الفسخ - إن التلف إما أن يكون بآفة سماوية أوباإلتالف، والمتلف إما من كان المال بيده أو طرفه أو األجنبي. فإذا كان التلف

بآفة أو بإتالف من كان المال بيده فبالفسخ ينحل العقد ويرجع كل من المالين إلىصاحبه، فلو كان الثمن موجودا عند البائع الغابن وتلف المبيع عند المشتري

المغبون بآفة أو بإتالفه يرجع المغبون إلى عين ثمنه، ويضمن قيمة التالف للبائع.ثم إن المدار في القيمة هل على قيمة يوم التلف أو يوم الفسخ أو يوم األداء أوأعلى القيم؟ وجوه، واألقوى هو الثالث، ألن منشأ القول بأعلى القيم في غير

المورد، هو أن تفاوت القيمة السوقية كتلف األوصاف مضمون على القابض. وفيالمقام نفس األوصاف الحاصلة بين القبض والفسخ ليس ضمانها على الفاسخ

فضال عن ارتفاع القيمة، فإن سمن الدابة المهزولة حين العقد غير مضمون علىالفاسخ، فإن ما اخترناه من ضمان األوصاف هو األوصاف الموجودة حال العقد

التالفة حين الفسخ، ال كل صفة تالفة ولو لم تكن موجودة حال العقد، فيدور األمربين األقوال الثالثة. والقول بيوم القبض في غير هذا المورد ينطبق على القول بيوم

الفسخ في المقام، ألنه يوم يصير المال في عهدة من كان مالكا له قبل الفسخ،وحيث قلنا - في باب الغصب والعقد الفاسد - إن صحيحة أبي والد ال تدل علىاعتبار يوم الغصب وال تقتضي القواعد العامة أيضا االنتقال إلى القيمة يوم الغصبفالقول بيوم الفسخ ال وجه له، ألنه وإن كان يوم رد كل مال إلى صاحبه، إال أن

المال لما صار بسبب القبض مضمونا بضمان اليد فمقتضى الضمان أنه لو طرأالفسخ وكان المال تالفا يجب رده بماليته. وأما رد قيمته يوم الفسخ فال دليل عليه.

فيدور األمر بين يوم التلف أو يوم األداء، ومنشأ الوجهين هو ما تقدم في ضماناليد: من أن التلف هل يقتضي أن تتقدر مالية المال في ذاك اليوم أو ال يقتضي ذلك

(١٥٧)

Page 159: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

بل يبقى ماليته في ذمة المتلف أو من تلف عنده إلى يوم األداء؟ والمختار هواألخير.

وكيف كان فال يحتمل الضمان في الفسخ بعد التلف إال قيمة يوم التلف أو يوماألداء ال سائر االحتماالت.

ثم ال يخفى أنه لو قيل بأن المدار على قيمة يوم التلف فال وجه لصحةالمصالحة على العين التالفة، ألنه لو لم يكن للعين اعتبار البقاء ولو بحسب الماليةفال يصح الصلح إال على قيمتها، فلو صح على نفس العين يجب أن يكون المدارعلى يوم األداء. فالجمع بين جواز الصلح والقول بيوم التلف غير ممكن كما أنه

لو قيل بأن المدار على يوم التلف فينبغي عدم الفرق بين االنفساخ والفسخ.فما يظهر من الدروس ومن تبعه: من أنه لو اشترى عينا بعين فقبض إحداهما

دون األخرى فباع المقبوض ثم تلف غير المقبوض أن البيع األول ينفسخ بتلفمتعلقه قبل القبض دون الثاني فيغرم البائع الثاني قيمة ما باعه يوم تلف غير

المقبوض ال وجه له، ألن غرامة البائع الثاني - الذي هو المشتري - قيمة ما باعهيوم تلف غير المقبوض ينطبق على القول بأن المدار على يوم الفسخ، وإال لكان

على البائع الثاني قيمة يوم البيع الصادر منه مع المشتري الثاني، فإنه يوم تلفالمبيع.

وبالجملة: قد ذكرنا مرارا أن مقتضى الضمان المعاوضي كون البائع ضامناللمبيع والمشتري للثمن قبل القبض، فإذا تلف أحدهما حينئذ يرجع الباقي إلى

مالكه األول، النفساخ المعاملة بسبب التلف قبل القبض.ثم إذا وقع التقابض يتبدل ضمان البائع للمبيع بضمانه للثمن وضمان المشتري

للثمن بضمانه للمبيع وينتقل الضمان المعاوضي بضمان اليد، أي إذا تلف المبيع -مثال - ثم طرأ الفسخ أو االنفساخ أو اإلقالة يرد المشتري إلى البائع قيمة المبيع

ويأخذ ثمنه الذي كان بدال عن المبيع. وإذا تلف كل منهما فيأخذ كل منهما قيمةماله الذي انتقل إلى اآلخر، ففي هذا المثال حيث تلف المبيع أوال النتقاله إلى الغير

(١٥٨)

Page 160: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ثم طرأ االنفساخ من جهة تلف الثمن الغير المقبوض فاالنفساخ يقتضي رجوع كلمال إلى صاحبه األصلي. وإذا كان كل منهما تالفا أحدهما قبل القبض واآلخر بعده

فالقاعدة تقتضي في تلف المقبوض الرجوع إلى قيمته يوم التلف بناء على مااختاروه، ويوم تلف المبيع هو قبل االنفساخ - أي يوم البيع - وفي تلف الثمن

حيث إنه قبل القبض يقتضي رجوع المبيع إلى مالكه األصلي. ولما لم يمكنالرجوع بعينه فيرجع بماليته إما متقدرة أو غير متقدرة، وال وجه لرجوع قيمته يوم

االنفساخ. والفرق بين الفسخ واالنفساخ ال وجه له.هذا كله حكم التلف أو اإلتالف من المنتقل إليه. وظهر أنه ال فرق بين تلف ماعند الغابن أو المغبون، فحكم تلف ما عند الغابن بتلف سماوي أو بإتالفه حكم

التلف عند المغبون.بقي الكالم في إتالف كل واحد ما عند اآلخر وإتالف األجنبي، فلو أتلف

الغابن ما عند المغبون فلو لم ينفسخ يأخذ قيمة ماله يوم اإلتالف، وإذا فسخ يأخذثمنه، ثم يرد عليه قيمة التالف يوم التلف أو يوم الفسخ أو يوم األداء ويأخذ منه

قيمة التالف يوم اإلتالف، بناء على أن اإلتالف يقتضي اشتغال ذمة المتلف بقيمةذلك اليوم. فقد يختلف القيمة التي يردها والتي يأخذها.

ولو أتلف المغبون ما عند الغابن ثم فسخ يأخذ المغبون قيمة ماله على أحدالوجوه المتقدمة، ولكن يأخذ الغابن من المغبون قيمة يوم اإلتالف، زادت على

القيمة التي قيل بها في التلف أو نقصت.وبالجملة: كل مورد وقع تلف أو إتالف في أحد العوضين دون اآلخر فالباقييرد إلى صاحبه األصلي بالفسخ أو االنفساخ، وإنما الكالم في التالف في أنه

يؤخذ قيمته يوم التلف أو يوم الفسخ أو يوم األداء، فإذا قلنا بأن اإلتالف يقتضيقيمة التالف يوم اإلتالف، والفسخ يقتضي قيمة التالف يوم الفسخ أو األداء، فإذا

كان قيمة يوم اإلتالف مغايرا لقيمة يوم الفسخ أو األداء يختلف ما يأخذه الفاسخمع ما يأخذه المفسوخ عليه. وأما لو كان موافقا فيصير تهاترا قهريا.

(١٥٩)

Page 161: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ولو أتلف األجنبي، فلو أخذ منه صاحب المال قبل الفسخ قيمة التالف يتعينرجوع الفاسخ إلى المفسوخ عليه وكذا العكس. وأما لو لم يأخذها ففسخ ذوالخيار فال يتعين على كل منهما الرجوع إلى طرفه، بل يتخير بين الرجوع إلى

الطرف والرجوع إلى المتلف، كما هو مقتضى ضمان شخصين لمال واحد علىالتعاقب.

نعم، بناء على االعتبار بيوم الفسخ يتعين الرجوع إلى الطرف، ألن المال وإنكان في ذمة المتلف أيضا إال أنه قد أتلف ما ليس للفاسخ قبل الفسخ فهو ضامن

لمالكه الفعلي، والمالك األصلي يطلب مصداق ماليته يوم الفسخ. ومن يشتغلذمته بمصداق هذا اليوم هو الطرف، ال المتلف، فإنه إنما يضمن لعين المال أو قيمته

يوم التلف أو يوم األداء.وعلى أي حال ال وجه لتعين الرجوع إلى المتلف حتى بناء على اشتغال ذمته

بالعين أو بماليتها الغير المتقدرة، ألن المال وإن كان قبل الفسخ ملكا لمن أنتقل إليهوبعد الفسخ ملكا لمن أنتقل عنه إال أن مقتضى ضمان الطرف جواز رجوع من

انتقل عنه التالف إلى الطرف أيضا، كما في تعاقب األيدي.ثم إنه ال يخفى أن اإلبراء بمنزلة القبض، كما في إبراء الزوجة قبل الدخول

مهرها، فلو أتلف الغابن مثال مال المغبون فأبرأه المغبون ثم فسخ يأخذ ثمنه منالغابن ويرد عليه قيمة ما أبرأه من دون أخذ قيمة التالف، وذلك واضح.

قوله (قدس سره): (الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاوضة مالية.... إلى آخره).ال يخفى أنه لو كان مدرك ثبوت خيار الغبن هو اإلجماع لكان الالزم هو

االقتصار على مورده.وأما لو كان هو الشرط الضمني أو نفي الضرر فيجري في كل معاوضة كان

بناؤها نوعا على الدقة وعدم المغابنة.ولما اخترنا أن مدركه الشرط الضمني فيتعدى إلى المعاوضات التي مبناها

على الدقة، فينبغي بيان بناء المعاوضات طرا. فنقول: منها ما يقتضي البناء النوعي

(١٦٠)

Page 162: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فيه على تساوي المالين، وهو البيع واإلجارة والصلح القائم مقامهما، كصلح ما فيذمة شخص بعوض معين.

ومنها: عكس ذلك كالصلح الواقع في مقام رفع الخصومة وكالصلح الواقع فيمقام إبراء ما في ذمة المصالح له، فإن بناء هذين العقدين نوعا على التسالم

والتجاوز عن الحق كائنا ما كان.ومنها: ما ال يقتضي هذا وال ذاك فيتبع اشتراط شخص العاقد في شخص

المعاملة كالجعالة ونحوها.فلو كانت المعاوضة من القسم األول يجري فيها خيار الغبن، إال إذا بنى أحدالمتعاقدين أو كالهما على المعاوضة بالغا ما بلغ، فإن مع اإلقدام يسقط شرط

التساوي ويقدم البناء الشخصي على النوعي.ولو كانت من القسم الثاني ال يجري فيها، ألنه ال اشتراط وال في رفعه منة. بل

يمكن أن يقال: ليس الصلح في مقام رفع الخصومة وال في مقام اإلبراء منالمعاوضات، ولذا ال يعتبر فيهما ثبوت حق أصال.

ولو كانت من القسم الثالث فيدور ثبوت الخيار فيه مدار االشتراط، ويتبعحكم كل معاملة شخص تلك المعاملة.

فظهر مما ذكرنا أن التفصيل الذي ذكره عن بعض هو الحق، فإنه لو لم يكنلخصوص معاوضة بناء نوعي يدور ثبوت الخيار فيه مدار الشرط ومع البناء على

التسامح ال يجري الخيار، بل قد عرفت أن البناء الشخصي مقدم على البناءالنوعي.

قوله (قدس سره): (مسألة: اختلف أصحابنا في كون هذا الخيار على الفور أوالتراخي.... إلى آخره).

ال يخفى أن هذا االختالف يجري في كل عقد خياري لم يكن لمدة الخيارتحديد من الشرع، كخيار الرؤية والعيب ونحو ذلك. ومنشأ القول بالفورية هوالرجوع في زمان الشك إلى عموم أوفوا بالعقود، وبالتراخي إلى االستصحاب.

(١٦١)

Page 163: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

والمصنف (قدس سره) قد ناقش في كليهما، أما االستصحاب فللشك في موضوعه.وال يرد

عليه أن الموضوع في باب االستصحاب يؤخذ من العرف فال وجه للشك فيه، ألنما يرجع فيه إلى العرف هو حيثية بقاء المستصحب ال حيثية ثبوته، بمعنى أنه لو

أحرز الموضوع أوال ثم شك في ارتفاع الحكم عنه الحتمال مدخلية القيد الزائلفي علية ثبوت الحكم مع حكم العرف باتحاد الموضوع في زمان الشك معالموضوع في زمان المتيقن لعده التبدالت من حاالت الموضوع ال من قيوده

يجري االستصحاب. وأما لو لم يحرز الموضوع أوال بل ثبت الحكم في العنب -مثال - وشك في مدخلية العنبية في موضوع الحكم فال يمكن إجراء الحكم في

الزبيب.وبالجملة: إذا أحرز بمناسبة الحكم والموضوع أن الموضوع هو ذات الشئ

وشك في علية الوصف للحكم حدوثا أو حدوثا وبقاء فهنا محل االستصحاب.وأما لو لم يحرز أن الموضوع ذات الشئ أو أحرز عدمه وأن الوصف هو تمام

الموضوع كالفقر الستحقاق الزكاة فال يمكن إجراء االستصحاب.ومما ذكرنا ظهر ما في كالم الرياض (قدس سره) من التفصيل بين ما إذا كان مدرك

الخيار هو اإلجماع فيجري االستصحاب، وما كان مدركه قاعدة الضرر فاليجري (١). وذلك ألنه لو سلم اتحاد الموضوع في القضية المتيقنة والمشكوكة

يجري االستصحاب، سواء كان دليل المستصحب اإلجماع أو قاعدة الضرر، وألنفائدة االستصحاب إجراء الحكم الثابت سابقا الساكت عن زمان الشك في مورد

الشك. ولو ناقش في الموضوع ال يجري االستصحاب، كان دليل المستصحب هواإلجماع أو قاعدة الضرر.

فاألولى أن يقال: إن الموضوع في المقام غير محرز ال لما أفاده المصنف (قدس سره):من أن الموضوع هو من لم يتمكن من تدارك ضرره بالفسخ، بل لوجه أمتن وأدق،

--------------------(١) الرياض ٨: ١٩١.

(١٦٢)

Page 164: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وهو أنه فرق بين أن يدل دليل على أن الخيار ثابت للمتضرر وبين أن ينفي اللزوملحكومة ال ضرر على الحكم الذي ينشأ منه الضرر. فلو كان من قبيل األول يمكن

أن يقال: إن الموضوع هو الشخص المتضرر ال الوصف العنواني، والشخص باقكما في الخيار الثابت للبيع ولصاحب الحيوان ولذا يستصحب. وأما لو كان منقبيل الثاني فال معنى لالستصحاب، لعدم تحقق أركانه أصال، ألنه لم يثبت الخيارلشخص المغبون حتى يستصحب الخيار له. بل إنما دل ال ضرر على أن الحكم

الضرري منفي، ففي مورد لم يكن الحكم ضرريا فال حكومة. فالقضية المتيقنة غيرالمشكوكة بأسرها موضوعا ومحموال ونسبة، ألن من يتمكن من إعمال الخيارولو آنا ما فاللزوم ليس ضرريا عليه أصال. هذا كله في التمسك باالستصحاب.

وأما الرجوع إلى العموم في زمان الشك فتنقيح ما فيه يتوقف على ترتيبأمور:

األول: أن الزمان بحسب طبعه األصلي ظرف لألمر الواقع فيه، وكونه قيدا لهيحتاج إلى عناية ومؤنة زائدة. ومنشأ جريان االستصحاب في الزمانيات هو كون

الزمان ظرفا، وإال يكون من إسراء الحكم من موضوع إلى موضوع آخر.الثاني: أن الزمان قد يكون ظرفا لمتعلق الحكم، وقد يكون ظرفا لنفس الحكم

له، قد يقع الزمان تحت دائرة الحكم ويرد الحكم على الزمان كما يرد على األفرادكما إذا كان إكرام كل عالم في كل زمان واجبا، وقد يقع الحكم تحت الزمان ويرد

الزمان على الحكم فيكون الزمان ظرفا لوجوب اإلكرام.الثالث: أنه لو كان الزمان ظرفا للمتعلق يمكن استفادة العموم الزماني من

الدليل الدال على وجوب المتعلق.وأما لو كان الزمان ظرفا للحكم فال يمكن استفادته من نفس دليل الحكم،

ألن الحكم ال يمكن أن يتعرض لبقاء نفسه. فال بد في ثبوته من التمسك بدليلالحكمة أو دليل آخر، كقوله (عليه السالم): حالل محمد (صلى الله عليه وآله) حالل

إلى يوم القيامة، وحرامهحرام إلى يوم القيامة.

(١٦٣)

Page 165: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الرابع: أن ما ذكرناه في األمر األول من أن الزمان بمقتضى طبعه األولي يكونظرفا وكونه قيدا يحتاج إلى مؤنة زائدة إنما هو بالنسبة إلى الحكم الثابت فياألزمنة المتعددة المتكثرة، فإن الحكم الثابت في زمان إذا كان الزمان قيدا له

ال يمكن استصحابه في زمان آخر.وأما متعلق الحكم فال يجري فيه هذان اللحاظان، ألنه أمر وحداني في جميع

األزمنة وال يمكن فيه التكثر بلحاظ األزمنة، ألن المتعلق في زمان ينظر العرفعين المتعلق في زمان آخر. فإذا وجب الجلوس من الزوال إلى الغروب في كل

آن وشك في آن أنه من بعد الغروب أو من قبله ال يمكن استصحاب الحكم، وأمالو شك في بقاء الجلوس وارتفاعه أو شك في أنه جلوس نهاري أو ليلي فال مانع

من استصحابه.الخامس: أن العموم على قسمين: مجموعي، واستغراقي، والمراد من

المجموعي ما كان الحكم الوارد على األفراد المتعددة واألزمنة المتكثرة ملحوظاعلى وجه االرتباطية بين األفراد أو األزمان فيكون كل فرد أو كل زمان جزء منالكل، والمراد من االستغراقي ما كان كل فرد جزئيا. وال فرق بين الزمان وغيره

في صحة انقسامهما إلى المجموعي واالستغراقي وصحة تخصيص كل منهما. وإنالتخصيص ال يضر بالمجموعية كما ال يضر باالستغراقية، ألنه كما يوجب خروجفرد من االستغراقي كذلك يوجب خروج جزء من المجموعي. وكما أنه إذا خرجفرد عن العموم االستغراقي يجب امتثال الحكم في سائر األفراد، فكذلك إذا خرج

جزء عن المركب يقع االرتباطية في باقي األجزاء.ثم إنه كما إذا شك في التخصيص في االستغراقي يتمسك بالعموم، فكذلك إذا

شك في خروج بعض األجزاء من المجموعي يتمسك بالعموم.وكيف كان، فال يخفى أنه ليس االرتباطي غير المجموعي، وال ينقسم العموم

إلى أزيد من القسمين.إذا عرفت ذلك ظهر أنه لو كان الزمان ظرفا للمتعلق لكان استفادة العموم

(١٦٤)

Page 166: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الزماني من الدليل الدال على وجوب المتعلق في مقام اللفظ بمكان من اإلمكان،فيصح أن يقال: أكرم العلماء دائما، أو في كل زمان، أو مستمرا، وغير ذلك من

األلفاظ. وأما إذا لم يكن ظرفا للمتعلق فال يمكن استفادة العموم واستمرار الحكمإال من دليل خارجي من حكمة وغيرها، وهذا ال إشكال فيه. إنما الكالم في تمييز

الموارد التي يكون الزمان ظرفا للحكم عن غيرها، فنقول: جميع األحكامالوضعية ال بد من أن يكون الزمان فيها ظرفا للحكم - كقوله هذا نجس، وهذا

طاهر، وهذا ملك زيد، والعقد الزم، وهكذا - لعدم ثبوت متعلق فيها حتى يردد بينكون الزمان ظرفا له أو للحكم، بل هناك حكم وموضوع، فيجب أن يكون الزمان

ظرفا للحكم.فإن قلت: هذا لو قيل بتأصلية األحكام الوضعية، وأما لو قيل بانتزاعيتها من

األحكام التكليفية فال محالة كل حكم تكليفي له متعلق، فيمكن أن يكون الزمانظرفا له ال للحكم.

قلت أوال: أنه ال يمكن أن يكون مثل النجاسة والطهارة ولزوم العقد والملكيةوالزوجية وأمثال هذه الوضعيات منتزعة، لعدم صحة انتزاع النجاسة المترتبة

عليها آثار مختلفة - كحرمة شربها، وفساد بيعها، وعدم جواز الصالة معها - منحكم تكليفي يكون منشأ النتزاع هذه األحكام واآلثار، ألن قوله: اجتنب عنه،

أو ال تشربه، أو غيرهما ال يشمل جميع اآلثار الوضعية.وثانيا: أن الحكم التكليفي المنتزع عنه لزوم العقد - كأوفوا بالعقود - ليس له

متعلق صادر عن المكلف خارجا، ألن الوفاء ليس من أفعال المكلف حتى يمكنأن يكون دائميا بلحاظ كل آن من اآلنات. وحرمة تصرف كل عاقد فيما انتقل عنه

ليس من آثار الوفاء ولكون التصرف نقضا له، بل من جهة أن ما انتقل عنه صارمال الغير فيكون تصرفا غصبيا. فهذا الحكم التكليفي ال محالة يرجع إلى أن العقد

الزم وال ينتقض. وليس " أوف بالعقد " ك " أوف بالنذر " حتى يكون وجوب الوفاءبه هو العمل به كالعمل بالنذر، وإال وجب العمل بالعقد بأن يتصرف في ما انتقل إليه.

(١٦٥)

Page 167: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وثالثا: أن الحكم التكليفي المجعول ال بد من أن يكون مناسبا للحكمالوضعي، ألن المقصود باألصالة إذا كان تشريع الوضعي ولم يمكن جعله إال بجعل

منشأ انتزاعه فيجب أن يجعل منشأ االنتزاع على نحو ينتزع عنه الحكم الوضعي.فإذا قيل: يجب الوفاء بالعقد فال بد من إثبات الوجوب في جميع اآلنات وبالنسبةإلى كل طار من الفسخ وغيره، وإثبات الوجوب في جميع اآلنات ال محالة، إما

بدليل خارجي، وإما بدليل الحكمة، وهو لغوية وجوبه في بعض اآلنات. فباألخرةيرجع الزمان إلى الحكم ال إلى المتعلق. وأما إثبات الوفاء بالنسبة إلى كل طار

فال يفيد إال أن العقد بالفسخ ال ينفسخ، ال أن الوفاء ثابت دائما.وبالجملة: وإن أمكن أخذ الزمان ظرفا للمتعلق فيقال: إن الوفاء في كل آن

واجب، إال أنه لو لم يؤخذ في اللفظ كذلك وعلم من الخارج لغوية تشريع هذاالحكم في بعض األزمان يقع الزمان فوق دائرة الحكم ال محالة.

وأما التكليفيات فالكالم فيها تارة يقع في النواهي، وأخرى في األوامر. أماالنواهي فيمكن ثبوتا كال القسمين فيها، بأن تكون حرمة الخمر - مثال - دائمية في

جميع األزمنة، أو يكون الشرب محرما دائما.فإذا كان الزمان ظرفا للحكم ال يمكن تشريع االستمرار ثبوتا بتشريع الحكم،

وال استفادته إثباتا من دليل الحكم، ألن الحكم بمنزلة الموضوع للدوامواالستمرار، فال بد من تشريعه أوال ثم جعله دائميا، وهكذا في مقام اإلثبات ال بد

من استفادة االستمرار من غير دليل الحكم كدليل الحكمة ونحوه.وإذا كان ظرفا للمتعلق فيمكن تشريعه ثبوتا بتشريع الحكم واستفادته إثباتا

منه. وتقدم أن اعتبار ثبوت المتعلق في جميع اآلنات ال يختص بلفظ خاص،فينشأ بمثل أبدا أو دائما أو في كل آن، أو يستفاد من دليل التخصيص كما إذا خرج

الشرب في زمان خاص من ال تشرب الخمر، فإنه يستكشف منه أن الشرب فيجميع اآلنات كان متعلقا للحكم.

ثم ال يخفى أن لفظ االستمرار والدوام واألبد مثل لفظ كل آن في أن الظاهر

(١٦٦)

Page 168: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

من الجميع هو العموم األصولي - أي كل آن من اآلنات موضوع غير اآلن اآلخر -ال العموم المجموعي، فعلى هذا كان الزمان ظرفا للحكم أو للمتعلق، لو عصى

المكلف في آن وأطاع في اآلخر كان كل آن تابعا لنفسه وال يرتبط طاعة آن بآنآخر. فمحل النزاع في المقام هو العموم الزماني األصولي كعموم األفرادي

العرضي، كما أن النزاع أيضا يختص باألحكام الشخصية المتعلقة بالموضوعاتالخارجية بعد تحققها.

وأما األحكام الكلية - أي المجعولة على سبيل القضية الحقيقية والمنشأة علىالموضوعات المقدر وجوداتها - فالزمان المأخوذ فيها ظرف للحكم، وعموم

الحكم معناه عدم نسخه. فما يقال: إن النسخ تخصيص في األزمان قول صدر علىخالف االصطالح، ألن عموم الزمان الذي يرفعه النسخ إنما هو للحكم المجعول

على كل موضوع على فرض وجوده، ال للمتعلق أو الموضوع حتى يقبلالتخصيص.

ثم إنه إذا كان الزمان ظرفا للمتعلق فخروج بعض أفراد المتعلق ال يوجب رفعاليد عن غيره - ففي مورد الشك يرجع إلى العام، ال إلى استصحاب حكم

المخصص، وال يمكن الرجوع إليه ولو لم يكن هناك عام، ألنه من إسراء حكمموضوع إلى موضوع آخر - لما عرفت أن محل البحث إنما هو فيما إذا كان كل آن

من اآلنات موضوعا مستقال غير اآلن اآلخر.وأما إذا كان الزمان ظرفا للحكم فال يمكن الرجوع إلى العموم، ألن العموم

الثابت بدليل الحكمة أو بدليل آخر تابع لوجود موضوعه، أي إذا كان شئ حالالفحليته تستمر إلى أن يزيلها المزيل. وأما إذا خرج عن الحلية كما لو صارت الشاة

جاللة ثم شك بعد خروجها عن الجلل بأنها حالل أو حرام فبقوله (عليه السالم): "حالل

محمد حالل إلى يوم القيامة " ال يمكن التمسك لرفع الشك وإثبات الحلية، ألن كلحالل يستمر حليته، وأما إن هذا حالل أو حرام فال يمكن إثباته بهذا العموم، ألنهكما يدل على استمرار حلية الحالل كذلك يدل على استمرار حرمة الحرام. ومع

(١٦٧)

Page 169: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الشك في الحلية والحرمة ال يمكن إثبات االستمرار الذي هو تابع إلحرازالموضوع، وال يعقل أن يكون عموم الحكم محرزا لموضوعه. ففي المقام مرجع

األمر إلى استصحاب حكم المخصص ال إلى عموم العام، بل لو لم يجراالستصحاب لم يمكن الرجوع إلى العام.

فتلخص مما ذكرنا أنه لو كان الزمان ظرفا للمتعلق - أي أخذ كل آن من آناتالشرب موضوعا وتعلق الحكم بجميعها - فإذا شك في أصل التخصيص أو في

مقدار المخصص فالمرجع هو عموم العام، ألنه ال فرق في صحة التمسك بالعمومبين األفراد العرضية للشرب وأفراده الطولية. غاية الفرق بينهما أن أفراده العرضيةبنفس تعلق النهي بالطبيعة يندرج كل فرد تحتها ولذا يقال: إن ترك الطبيعة بتركجميع األفراد، وأما األفراد الطولية فال بد من لحاظها على حدة غير تعلق الحكم

بالطبيعة، ألن ترك الطبيعة بنفسه ال يدل على تركها في جميع األزمان. ولكنها إذالوحظت وتعلق الحكم بالطبيعة بهذا اللحاظ فال يتوقف على عناية زائدة، ألنطواري المتعلق يمكن لحاظها إطالقا أو تقييدا في مرتبة الجعل، ألن طواريه

كطواري الموضوع تكون في المرتبة السابقة على الحكم.وأما لو كان الزمان ظرفا للحكم فبنفس تشريع الحكم ال يمكن لحاظ بقائه

في كل آن، بل ال بد من تشريعه أوال ثم لحاظه، كذلك ألن بقاء الحكم كالعلموالجهل به من الطواري المتأخرة عن رتبة الجعل. فال بد من ثبوت الموضوع أوالثم الحكم ببقائه. وإذا جعل الزمان ظرفا له بجعل آخر فلو شك في أصل تخصيصه

أو في مقدار المخصص فالمرجع ليس عموم العام، بل استصحاب حكم العام إذاشك في أصل التخصيص، واستصحاب حكم المخصص إذا شك في مقدار المخصص.

فتبين مما ذكرنا أن مورد الرجوع إلى العام غير مورد الرجوع إلى االستصحاب.ولم يفرض المصنف (قدس سره) ظرفية الزمان في مورد واحد على قسمين حتى يورد

عليه ما أورد، وتمام الخلط نشأ من هذا التوهم. وبعد وضوح المقصود فلو كانالتعبير منه (قدس سره) قاصرا وموهما فاإليراد على التعبير ال وقع له.

(١٦٨)

Page 170: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وعمدة الفرق ما ذكرنا: من أن الزمان قد يؤخذ تحت الحكم، وقد يؤخذ فوقه،والرجوع إلى العموم يصح في األول دون الثاني، والرجوع إلى االستصحاب يصح

في الثاني دون األول.وإذا تبين أن النواهي بأسرها قابلة لكال القسمين، فهل األصل اللفظي يقتضي

أن يكون الزمان ظرفا للحكم أو المتعلق؟ فنقول: إن مقتضى القواعد اللفظية هواألول، ألن كونه ظرفا للمتعلق ال بد من التصريح به في اللفظ بأن يقال: الشرب فيكل آن حرام. فإذا لم يؤخذ المتعلق في كل آن متعلقا للحكم، بل ورد النهي على

الطبيعة المرسلة أو على النكرة، فتعلق النهي بهما ال يقتضي إال عموم الطبيعة لجميعأفرادها العرضية دون الطولية، وذلك ألن النهي لم يوضع للدوام والتكرار، ولذا

يجري النزاع في داللة األمر على الفور وعدمها في النهي. وإلحاق النهي باألمر فيهذا النزاع يكشف عن أن جهة الفرق بينهما تختص بداللة النهي على ترك الطبيعة

بمطلق وجوداتها العرضية دون األمر فإنه يدل على صرف الوجود، وأما من غيرهذه الجهة فهما سيان، فال بد من إثبات الفورية والدوام من دليل خارج. فإذا ورد

النهي مجردا عن الدوام كأن قيل " ال تشرب الخمر " فيحتاج في استفادة تركالطبيعة زائدا عن المقدار المتيقن - وهو آن ما - إلى مقدمات الحكمة. وال شبهة أن

الحكمة تقتضي تعلق الطلب بأزيد من مقدار ما، ألن ترك الشرب آنا ما حاصل،فتشريعه لغو. فإذا استفيد الدوام من مقدمات الحكمة فال محالة يرجع نتيجة الدوام

إلى دوام الحكم ال إلى آنات المتعلق، ألن المتعلق معنى أفرادي وقرينة الحكمةتجري في الجمل، ألنه ال معنى ألن يقال: إن الحكمة تقتضي دوام الخمر أو دوام

الشرب، بل الحكمة تقتضي دوام النهي ودوام اللزوم، وهكذا.وظهر مما ذكرناه سر عدم تمسك العلماء لحرمة الخمر في مورد الشك في

حليته وحرمته كحال المرض بمثل ال تشرب الخمر، بل يتمسكون إلثبات حرمتهباالستصحاب، ألن التمسك بالخطاب ال يمكن إال إذا أخذ الزمان ظرفا للشرب.وأخذه كذلك يجب أن يكون بتصريح في اللفظ، وإال فال محالة يقع الزمان ظرفا

(١٦٩)

Page 171: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

للحكم لما ظهر أن الحكمة ال تجري في ناحية المتعلق، ألنه من دون تعلق حكم بهال معنى ألن يؤخذ دائما أو ال دائما. فدليل الحكمة في ناحية المتعلق يكون من

السالبة بانتفاء الموضوع.هذا كله في النواهي. وأما األوامر، فما كان من األمور االعتقادية فأخذ الدوام

في نفس الحكم بمكان من اإلمكان. وبعد ما أسسنا األصل اللفظي في مورد الشكفي أخذ الزمان في الحكم أو في المتعلق فاألصل يقتضي أن يقع الزمان ظرفا

للحكم.وما كان من األعمال الجوارحية كالصوم والصالة، فما كان للزمان دخل في

مصلحته ومالكه كالصوم فأخذ الزمان ظرفا للحكم أيضا ال محذور فيه - بأنيكون وجوب الصوم من أول الطلوع إلى الغروب مستمرا - كما يمكن أن يكون

اإلمساك المستمر واجبا، أي يمكن أن يجعل االستمرار ظرفا للطلب كما يمكن أنيجعل ظرفا للمطلوب. فلو لم يكن الزمان في مقام اإلثبات ظرفا للمطلوب فال

محالة يرجع إلى الطلب.والثمرة بين الوجهين تظهر في وجوب اإلمساك في بعض اآلنات مع العلم

بعدم تعقب هذا الجزء باألجزاء الالحقة، كما إذا علم بأنه يسافر قبل الزوال، أوعلمت المرأة بأنها تحيض في أثناء النهار.

فلو كان الزمان ظرفا للحكم يجب اإلمساك، ألن الطلب باق بمقدار بقاءالشرط. ووجوب الكفارة يستقيم في هذا الفرض أيضا، ألن كل آن تابع لدليل

حكمه. وال يتوقف أيضا على تصوير الشرط المتأخر وجعل األمر االنتزاعيشرطا، ألن الشرط لوجوب اإلمساك في كل آن حاصل.

وأما لو كان الزمان ظرفا للمتعلق فالزمه أن يكون الطلب بالنسبة إلى هذااألمر الممتد فعليا من أول الطلوع والزم فعليته مع كون المطلوب مستمرا أن

يكون تعقب سائر األجزاء مع شرائطها معتبرا في فعليته فيتوقف الفعلية علىالشرط المتأخر بنحو التعقب، والزمه أيضا أن يكون وجوب اإلمساك والكفارة

(١٧٠)

Page 172: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

مع العلم بعدم تعقب هذا الجزء بسائر األجزاء من جهة دليل خارجي، وإال فال بدمن القول بصحة أمر اآلمر مع العلم بانتفاء شرطه.

وبالجملة: قد ذكرنا في باب الترتب أنه يمكن تصوير االستمرار في نفسالطلب ويتبعه المطلوب في االستمرار ويرتفع به اإلشكاالت الواردة في الصوم،مع االلتزام بقبح أمر اآلمر مع العلم بانتفاء شرطه. هذا إذا كان للزمان دخل في

المصلحة.وأما إذا لم يكن كذلك وإن كان زمانيا ال بد وأن يقع في الزمان - كالصالة

وأمثالها - فقد يتوهم أنه ال يمكن أن يجعل الزمان ظرفا للحكم، ألن الزماستمراره أن يكون المكلف في كل آن مشغوال بالصالة. ولكنه توهم فاسد، ألن

استمرار الحكم تابع لكيفية جعل المتعلق، فإذا وجب الصالة في أول الظهر ثم بعدالعصر ثم بعد الغروب، أو جعل الصالة واجبة في أول الظهر من اليوم وفي أولالظهر من الغد وهكذا... وأخذ الزمان ظرفا للحكم، فمعنى استمرار الحكم أن

الوجوب في أول الظهر في جميع األيام باق وانفصال االمتثال ال يضر باالتصال.فيمكن أخذ الزمان ظرفا لنفس الحكم في مثل الصالة ونحوها مما لم يكن للزماندخل في مالك الحكم كما يمكن أخذه ظرفا للمتعلق. وتظهر الثمرة بين الوجهين

فيما إذا خرج المقيم عن بلد اإلقامة من دون إنشاء سفر جديد بل كان قاصداللرجوع إلى محل اإلقامة، أو كان مترددا، بناء على أن تكون اإلقامة قاطعة للسفر

حكما ال موضوعا، وأما لو قيل أيضا قاطعة موضوعا فال يترتب على الوجهينثمرة.

وتوضيح ذلك: أنه لو قيل بأن المقيم ليس بمسافر موضوعا كما هو المختارفالحكم واضح، ومعنى كونه غير مسافر موضوعا أن تكون اإلقامة عرفا ضدا

للسفر، فإن المكث في محل يخرج المسافر عن كونه مسافرا.نعم، خروجه عن هذا العنوان له مراتب متفاوتة في نظر العرف ولكن الشارع

حدد الموضوع وعينه في إقامة عشرة أيام، كسائر التحديدات الشرعية كتحديده

(١٧١)

Page 173: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

أصل السفر، فإنه بنظر العرف مختلف ولكن حدده الشارع بثمانية فراسخ، وهكذاالكثرة في الماء الذي ال يستقذر حددها الشارع بمقدار خاص. فال يقال: إن المقيم

لو كان حاضرا موضوعا لكان الالزم عدم الفرق بين عشرة أيام وعشرة أيام إالساعة، ألن العرف وإن لم يفرق بينهما إال أن بعد تحديد الشارع هذا الموضوعالعرفي ال يبقى مجال لسؤال الفرق. فإذا كان المقيم غير مسافر موضوعا فيجب

على المقيم الخارج عن محل الترخص العازم على العود أو المتردد في السفرالتمام، وذلك ألنه يستفاد من األدلة على أن كل مكلف يجب عليه التمام خرج

عنها المسافر. فإذا شك في أن الخارج عن محل اإلقامة العازم على العود حكمهحكم حال اإلقامة أو حكمه حكم حال السير فمقتضى العموم هو وجوب التمامعليه، سواء كان الزمان في باب السفر مأخوذا في المتعلق، أو في الحكم، ألنه

على أي حال خارج عن كونه مسافرا.وأما لو قيل بأن المقيم مسافر ولكنه خارج عنه حكما كالعاصي بسفره فإنه الإشكال في كونه مسافرا يجب عليه التمام فتظهر الثمرة بين جعل الزمان ظرفاللحكم أو للمتعلق، ألنه لو كان وجوب القصر على المسافر مستمرا فلو رجع

العاصي بسفره عن عزمه ولم ينشئ بعد الرجوع سفرا جديدا - أي بمقدار المسافة- وهكذا لو خرج المقيم من دون عزم على السفر الجديد فالمرجع هو استصحابحكم المخصص، ولو كان الزمان ظرفا للمتعلق بأن كان مفاد الدليل على أن لكلمسافر القصر فخروج بعض أفراد الصالة ال يمنع عن الرجوع إلى العام في البعضاآلخر المشكوك فيجب عليه القصر بعد الخروج، أو بعد الرجوع عن المعصية.

فتلخص مما ذكرنا أن الزمان في الوضعيات بأسرها مأخوذ في الحكم.وأما التكليفيات وجوبية كانت أو تحريمية والوجوبية جوانحية كانت أو

جوارحية فيمكن بحسب الثبوت أن يكون الزمان ظرفا للمتعلق، وأن يكون ظرفاللحكم. وإذا لم يصرح في اللفظ بكونه ظرفا للمتعلق وعلم بأن ثبوت التكليف فيالجملة لغو فال محالة يقع الزمان ظرفا للحكم، والزمه أن ال يكون المرجع عموم

العام، بل إما استصحاب حكم العام، أو استصحاب حكم المخصص.

(١٧٢)

Page 174: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فتلخص مما ذكرنا أنه لو شك في كون الخيار على الفور أو التراخي ليسالمرجع عموم أوفوا بالعقود، بل ال بد أن يرجع إلى استصحاب حكم المخصص.

إن قلت: يمكن أن يكون المرجع عموم العام بتقريب آخر وهو أنه ال شبهة أن" أوفوا بالعقود " وضعية كانت أو تكليفية حكم على من أنشأ االلتزام العقدي،

والمنشئ ينشئ الملكية الدائمة ال الموقتة، فإذا كان وجوب الوفاء بالملكيةالدائمة الزما فيرجع في غير القدر المتيقن من زمان ثبوت الخيار - وهو الفور -

إلى وجوب الوفاء بالمنشأ.قلت فيه أوال: إن الدوام والتوقيت ليسا من منشئات المتعاقدين، بل إنما هما

من األحكام الشرعية، وليس المنشأ بقوله: " بعت " البيع من زمان اإلنشاء إلى آخرالدهر.

وبعبارة أخرى: اللزوم والجواز أو التأبيد والتوقيت في البيع من األحكامالشرعية، ال من منوعات البيع، وال يختلف حقيقته باختالف أحكامه. وهكذا في

النكاح على المشهور، فإن حقيقة االنقطاع والدوام واحدة، ولذا لو نسي ذكراألجل يقع دائما بمقتضى القاعدة، ألن الدوام ال يحتاج إلى إشارة إليه في العقد،

بل عدم ذكر المدة مع إنشاء علقة الزوجية يقتضي الدوام.نعم، لو كان الدوام واالنقطاع حقيقتين مختلفتين فنسيان األجل يقتضي

بطالن النكاح رأسا، ألن ما قصد لم يقع.وثانيا: أن الدوام وإن كان من منشئات المتعاقدين إال أنه يجب الوفاء به إذا

دل عليه لفظ - أي إذا أنشأ بما هو آلة إليجاده - ومجرد قصد العاقد الدوام مع عدمإيجاده بآلة من قول أو فعل ال اعتبار به في العقود، ألنه يكون كالشروط البنائية

التي لم تذكر في العقود ال صريحا وال إشارة.قوله (قدس سره): (وأما استناد القول بالتراخي إلى االستصحاب فهو حسن على ما

اشتهر من المسامحة.... إلى آخره).قد ذكرنا في أول العنوان أن المصنف (قدس سره) ناقش في أدلة الفور والتراخي

(١٧٣)

Page 175: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

كليهما، وظهر أن المدرك للخيار لو كان هو قاعدة ال ضرر ال يجري االستصحابلوجهين:

األول: أن الموضوع لو كان اشتقاقيا كالمتضرر يمكن أن يكون بحسبالثبوت تمام الموضوع للحكم هو الوصف العنواني، ويمكن أن يكون الموصوف

بالوصف ففي مقام اإلثبات إذا أحرز بمناسبة الحكم والموضوع أن الموضوع أيهمافهو وإال فال يجري االستصحاب للشك في الموضوع، ولو كان جامدا فالموضوع

هو ذات الشئ بصورته النوعية ال بالمادة الهيوالئية. وحيث إن الموضوع فيالمقام عنوان اشتقاقي ويشك في أنه الموصوف أو الوصف فال يجري

االستصحاب.والثاني: أن مقتضى حكومة أدلة ال ضرر وال حرج على األحكام الثابتة أن

يكون الحكم المعنون بالضرر والحرج مرفوعا. فالعقد الالزم إذا كان لزومهالشرعي ضرريا فلزومه منفي، وأما لو لم يكن كذلك فال وجه لنفيه ورفعه، ففي غير

مورد الضرر ال حكومة أصال.وأما لو كان المدرك للخيار هو اإلجماع، فهذان اإلشكاالن غير واردين، ألن

اإلجماع يثبت الخيار للمغبون فالموضوع باق حين الشك، إال أنه حيث ثبت فيمحله عدم جريان االستصحاب مع الشك في المقتضي - أي مع الشك في بقاء

المستصحب بحسب طبعه في عمود الزمان مع قطع النظر عن طرو زماني عليه -فال يفيد اإلجماع أيضا الستصحاب الخيار.

ثم إنه ال يخفى أن منشأ اإلشكال بحسب كل مدرك غير منشئه بحسب مدركآخر.

وعبارة الكتاب ال يخلو من اضطراب، والخطب هين.هذا تمام الكالم فيما استفدته من شيخنا األستاذ - دام ظله - في الخيارات.

ولما فاتني ما أفاده في خيار التأخير وأحكام الشروط فاستنسخته مما كتبه العالمالفاضل ثقة اإلسالم المرحوم الشيخ أبو الفضل - طاب ثراه - نجل المرحوم

(١٧٤)

Page 176: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

اآلخوند مال محمد علي الواعظ اآلبي األصفهاني النيم آوردي، فخيار التأخيروأحكام الشروط من تقريرات هذا الفاضل المرحوم

* * *قال - رحمه الله تعالى - في حاشيته على الكتاب:

(القول في خيار التأخير.... إلى آخره).من باع شيئا ولم يسلمه إلى المشتري وال قبض الثمن لزمه البيع ثالثة أيام،

فإن جاء المشتري بالثمن في الثالثة فهو أحق بالعين، وإال يتخير البائع بين الفسخوالصبر والمطالبة بالثمن، هكذا عند اإلمامية، كما قال العالمة في التذكرة وعلله:

بأن الصبر أبدا مضر بالبائع فينفي بحديث الضرر (١).ولكنه ال يخلو عن المناقشة، حيث إن مجرد الصبر على الثمن ال يعد ضررا.

وباعتبار كونه في ضمانه ودركه عليه لو تلف قبل قبضه فهو أيضا ال يصلح لكونهموجبا للخيار فعال، حيث إنه في معرض الضرر. هذا مضافا إلى أن إناطة الحكم به

ال تنطبق على ما بنوا عليه نفيا وإثباتا سعة وضيقا.وربما يعلل بإطالق العقد بتقريب: أن مقتضاه تسليم المبيع وتسلم الثمن على

غير وجه المماطلة والمسامحة عرفا، وحيث إنه لم يكن منضبطا عند العرف فربمايوجب التشاح والتشاجر فحدده الشارع بثالثة أيام، كما في غيره من التحديدات

الشرعية، فمرجعه إلى الشرط الضمني والخيار عند تخلف الشرط.وهذا وإن يساعده االعتبار وربما يشعر به بعض األخبار، لكنه إنما يصلح ألن

يكون علة لتشريع الحكم، ال أن يناط به الحكم نفيا وإثباتا، وإال فال وجهالختصاصه بالبائع، وال بصورة عدم قبض الثمن وإقباض المثمن فتأمل جيدا.وكيف كان فالمدرك الصحيح في المسألة األخبار الخاصة، إال أن مقتضاها

--------------------(١) التذكرة ١: ٥٢٣ س ١٥.

(١٧٥)

Page 177: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

طرا إبطال البيع وأنه ال بيع بينهما بعد الثالثة الظاهر في نفي حقيقته وصحته،ال مجرد لزومه. ولذا توقف فيه بعض األجلة، وجزم به صاحب الحدائق (١) طاعنا

على العالمة في المختلف (٢)، حيث إنه (قدس سره) اعترف بظهور األخبار فيالبطالن، ومع

ذلك اختار نفي اللزوم وثبوت الخيار مستدال بأن األصل بقاء صحة العقد.هذا، ولكن ال يخفى على المتأمل أن بعد القطع بأن تشريع هذا الخيار

لخصوص البائع دون المشتري إنما هو ألجل اإلرفاق على البائع، إما لكون المبيعقبل القبض في ضمانه، إما لتوقيف ثمنه وعدم انتفاعه به مع خروج المبيع عن

ملكه.وعلى أي حال اإلرفاق عليه ال يقتضي أزيد من خياره بل ربما يكون الحكم

بالبطالن منافيا له كما ال يخفى.هذا مضافا إلى ظهور قوله (عليه السالم) في غير واحد من األخبار: " ال بيع له... الخ "

في انتفاء البيع من طرف المشتري المنتج لثبوت الخيار في طرف البائع. وبعداعتضاده بما ذكرنا من االرفاق وبفهم العلماء منها نفي اللزوم ال الصحة باالتفاق

إال ما شذ وبموافقته مع األصل المقتضي لبقاء الصحة عند الشك، فال يعارضه ما فيرواية علي بن يقطين: من أنه ال بيع بينهما (٣) الظاهر في بطالن البيع وانفساخه من

الطرفين رأسا، كما ال يخفى.وكيف كان فالقدر المسلم من هذه األخبار - في قبال عمومات صحة العقود

ولزومها - ثبوت الخيار بالشرائط المذكورة في عنوان المسألة.منها: أن ال يقبض المبيع. والظاهر عدم الخالف في اشتراطه، كما هو المصرح

به في بعض األخبار، فيقيد به سائر مطلقاتها، كما هو القاعدة في جميع األبواب.فأصل االشتراط مما ال إشكال فيه، وإنما اإلشكال في أن المراد منه القبض

الخارجي - كما هو مقتضى ظهوره األولي فلو مكنه من المبيع فلم يقبض كان--------------------

(١) الحدائق ١٩: ٤٧.(٢) المختلف ٥: ٧١.

(٣) الوسائل ١٢: ٣٥٦، الباب ٩ من أبواب الخيار.

(١٧٦)

Page 178: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الخيار باقيا على حاله، لصدق أنه ما قبضه، وفي قباله لو قبضه بدون إذن البائعواطالعه كان رافعا للخيار، لصدق أنه قد قبضه مطلقا أو مع عدم االسترداد - أو

المراد منه القبض الرافع لضمان البائع الحاصل بالتمكين ولو لم يقبض الغيرالمتحقق بالعدوان فلو لم يسترد فال خيار في الفرع األول لتحقق القبض دون

الثاني لعدم تحققه؟ وجهان: من التعبد بظاهر النصوص، ومما ذكرنا من القرينةالمقامية المرتكزة من أن جعل الخيار هنا للبائع من جهة اإلرفاق عليه وكون

المبيع قبل قبضه في ضمانه ودركه على عهدته.فيدور الحكم هنا مدار تلك المسألة، فكل قبض كان مسقطا لضمان البائع

ها هنا مسقط لخياره هناك. فلو مكنه من المبيع ولم يقبض لم يكن له خيار، حيثال يكون له ضمان، وكذلك لو قبضه ثم أودعه عنده.

ودعوى إطالق األدلة حيث إن قوله (عليه السالم): ثم يدعه عنده (١) أعم من كونهمسبوقا بالتمكين وعدمه مدفوعة، بما استظهرنا من القرينة المقامية والقاعدة

االرتكازية، وهي كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه، وبها رفعنا اليد عنظهور األخبار في نفي الصحة، إذ ليس هذا الظهور بأقوى من ذاك الظهور قطعا،

وكذلك ظهور القبض في القبض الخارجي. بل بعد ارتكازية ذاك الحكم واحتفافالكالم بتلك القرينة ال ينعقد ظهور على خالفها وعلى وجه ينافيها ويعارضها،

فتأمل جيدا.ومن هنا يظهر الوجه في الفرع الرابع - الذي ذكروه في هذا المقام - وهو قبضبعض المبيع دون بعض، فعلى البناء على التعبد ال وجه لتبعض الخيار، بل الالزم

القول به مطلقا نظرا إلى صدق عدم قبض المبيع - الظاهر في الجميع فقبض البعضكال قبض - أو القول بعدم الخيار كذلك، بدعوى انصراف األخبار إلى صورة عدم

قبض شئ منه. وعلى البناء على أنه إرفاق للبائع من جهة الضمان فالالزم تبعضالخيار بالنسبة إلى المقبوض وغيره وإن قلنا بأنه خارج عن منصرف األخبار.

--------------------(١) الوسائل ١٢: ٣٥٦، الباب ٩ من أبواب الخيار ح ١.

(١٧٧)

Page 179: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبالجملة: فهذه الفروع األربعة المذكورة في المقام كلها مبنية على الوجهين:من احتمال التعبد فيدور الحكم نفيا وإثباتا مدار االستفادة من األخبار، واحتمال

كونه إرفاقا للبائع فيدور مدار هذا المعنى كما ال يخفى.واإلنصاف أن االلتزام بالتعبد المقتضي للجمود على ألفاظ الروايات في

جميع المقامات بعيد جدا، وإال فالالزم هو القول بنفي الصحة ال اللزوم. وفهماألصحاب حينئذ ال اعتماد به بعد احتمال استناده إلى تلك القرينة المرتكزة أي

كون الحكم من جهة اإلرفاق على البائع بمقتضى الضمان قبل القبض، كما أن إناطةالحكم بتلك الجهة أيضا موجبة للخروج عن مورد األخبار طرا، لوضوح أن قبضالثمن وعدمه غير مرتبط بتلك الجهة، مع أن اشتراط عدمه مجمع عليه ظاهرا نصاوفتوى. وإن كان اإلرفاق من جهة تأخير ثمنه ال من جهة كون المبيع في ضمانهكما احتملناه سابقا، فحينئذ فاشتراط عدم قبض المبيع غير موجه، لعدم مدخليتهفي تلك الجهة. وإن كان كل واحدة من الجهتين مقتضية لتشريع الخيار للبائع

فالزمه االكتفاء بأحد األمرين، من عدم قبض الثمن أو إقباض المثمن.وبالجملة: فالجهتان كأنهما متدافعتان، وهذا المطلب يعطي التعبدية

واالقتصار على ما يستظهر من األخبار من الخصوصية. اللهم إال أن يقال: إن كلتاالجهتين كانتا مرعيتين في تشريع هذا الخيار، والشاهد عليه كما يساعده االعتبار

أن مع إقباض المثمن وعدم قبض الثمن يمكن استيفاء حقه بالمقاصة ونحوها،وكذلك مع قبضه الثمن فقط يمكن إقباض المثمن إلى الحاكم وغيره رفعا لضمانه

وتخلصا عن دركه. وهذا بخالف ما إذا لم يقبض الثمن ولم يقبض المثمن، فإنتخلصه من درك هذه المعاملة إنما هو بالخيار بعد الثالثة وجواز الفسخ واستيفاء

حقه من نفس المثمن فتأمل جيدا.وكيف كان فالمعتبر نصا وفتوى اعتبار كال األمرين، من عدم إقباض المثمن

وعدم قبضه للثمن، كما هو ظاهر النصوص المتقدمة. وقد تقدم الكالم فيما يتعلقباألول.

(١٧٨)

Page 180: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما الثاني فيقع الكالم فيه أيضا في فرعين:األول: الظاهر أن قبض بعض الثمن هنا أيضا كال قبض فال يضر بالخيار كماهو ظاهر األخبار لصدق أنه ما قبض الثمن. ودعوى انصرافها إلى صورة عدم

قبض شئ منه في غاية المنع، كما يشهد عليه فهم أبي بكر بن عياش في رواية ابنالحجاج المتقدمة، وإقناع المتنازعين بما حكي عن اإلمام، مع أن الظاهر المحكي

عنه (عليه السالم) عدم قبض تمام الثمن. فاستدالل التذكرة بالرواية في محله وإن نظرفيه

شيخنا العالمة، ولكن لم يعلم وجه النظر. فتدبر.الثاني: لو قبض الثمن بدون إذن المشتري، فهل هو كعدمه - لظهور األخبار

وانصرافها إلى القبض الصحيح األعم من أن يكون بإذن المشتري أو قبضه بحقكما إذا كان بعد تمكين المبيع للمشتري وعدم قبضه الموجب لسقوط ضمانه للمبيع

وجواز التصرف في الثمن بأي وجه - أو أنه في حكم القبض موجب لسقوطالخيار نظرا إلى إطالق بعض األخبار وظاهر عنوانهم للمسألة من اشتراط عدم

إقباض المبيع وعدم قبض الثمن الظاهر في معناه األعم وبه يفرق بين الثمنوالمثمن؟ وجهان، أقواهما األول، لما عرفت من أن الظاهر المتبادر من إطالق

القبض ما هو المتعارف المتداول في المعامالت من وقوعه مع اإلذن. والتعبير فيالعنوان باإلقباض في طرف المبيع والقبض في طرف الثمن إنما هو الختصاص

المسألة بالبائع وثبوت الخيار له، ال ألجل االكتفاء بقبض الثمن كيف ما اتفق وهذاواضح ال يكاد ينكر، وإال فما ذكر ال اختصاص له بظاهر العناوين، بل هو الظاهر

من رواية علي بن يقطين أيضا.ولكن مع ذلك كله ال داللة لها على االكتفاء بالقبض مطلقا لما عرفت منانصرافه في النصوص والفتاوى إلى القبض الصحيح المتعارف في المعاملة.نعم، يمكن المناقشة في ثبوت الخيار حينئذ من جهة أخرى، وهي أن قبض

الثمن عدوانا كأنه ارتضاء للبيع فيكون مسقطا للخيار من تلك الجهة، ولعله الوجهلما في عناوين المسألة من التعبير بإقباض المبيع وقبض الثمن.

(١٧٩)

Page 181: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ولعل لبعض ما ذكرنا أمر شيخنا العالمة بالتأمل. فتأمل.وكيف كان فعلى اعتبار اإلذن كما هو األقوى واألظهر فاإلجازة الالحقة

أيضا في حكم اإلذن وهل هي كاشفة أو ناقلة؟ وجهان، أقواهما الثاني. ويتفرععليه ما لو قبض قبل الثالثة فأجاز المشتري بعدها، فعلى النقل ال يمنع من الخيار،

لعدم قبض الثمن في الثالثة، وعلى الكشف ال خيار، حيث إنه قبض الثمن.وربما يتخيل جريان هذا الفرع في قبض المبيع أيضا - فيشكل على الشيخ (قدس سره)

من جهة تخصيصه بقبض الثمن - ولكنه توهم فاسد، لوضوح أن إجازة البائعلقبض المبيع ارتضاء منه للبيع وإسقاط لخياره، سواء وقعت قبل الثالثة أو بعدها،

فال يتفاوت بين كونها كاشفة أو ناقلة فال تغفل.وكيف كان هل اإلجازة هنا كما في باب الفضولي فيجري فيه ما ذكر هناك مناألقوال أو الالزم هنا القول بالنقل وإن كان في الفضولي محال لإلشكال وجهان،أقواهما الثاني كما اختاره شيخنا العالمة، مع أنه قائل بالكشف الحكمي في تلك

المسألة. فال يرد عليه أن هذا مخالف لمبناه.وتوضيح المقام: أن توقف العقد على اإلجازة تارة ألجل أن العقد بنفسه وقع

صحيحا جامعا لشرائط الصحة، ولكن حيث إنه وقع عن غير المالك فال يستند إليهال تسبيبا وال مباشرة حتى صار العقد عقده فيعمه أدلة لزوم الوفاء بالعقد، فيتوقف

على اإلجازة ليستند إليه ولو تسبيبا حيث إنه قابل للنيابة وأعم من التسبيبوالمباشرة على الفرض. فإذا أجاز واستند إليه العقد فعال يقع الكالم في أن استنادالعقد إلى المالك باإلجازة يوجب صحته من أول األمر فيترتب عليه آثار الصحةكذلك، أو يتصف بالصحة من حين اإلجازة حيث إن في هذا الحين صار العقد

عقدا له.وبالجملة: فمحل الكالم في أن اإلجازة كاشفة حقيقة أو حكما أو ناقلة من

حينها إنما يختص بما إذا كان عدم تمامية العقد من جهة عدم االستناد إلى المالكفقط، وإال فجميع جهات العقد - من اإليجاب والقبول، والنقل واالنتقال، وكون

كل واحد من العوضين مضمونا عليه وغير ذلك - محفوظة كما ال يخفى.

(١٨٠)

Page 182: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وهذا بخالف ما إذا كان من قبيل جعل األجرة على األعمال كما في جميعالعقود العهدية - مثل القراض والمضاربة والسبق والرماية والجعالة ونحو ذلك -

فإن قوام وقوع العمل محترما مضمونا على الغير بأن يكون بأمر الغير والتماس منه.وبعبارة أخرى: كأن إرادة الفاعل منبعثة عن إرادة الغير، وإال فال يقع محترما

ومضمونا عليه جدا. وحينئذ لو أجاز مالك الجعل أحد هذه العقود المذكورة،فباإلجازة وإن استند العقد إليه وصار عقدا له ولكن فائدته إن العامل لو لم يأت

بالعمل فمن حين اإلجازة يصير عمله محترما وواقعا بإذن الغير والتماس منه فيقعمضمونا عليه. وأما األعمال السابقة فال يكاد يفيدها اإلجازة، لوضوح أن

باإلجازة ال يخرج العمل عما وقع عليه من كونه متبرعا غير مضمون على أحد.نعم، لو كان جاهال بالحال وأقدم بتغرير الفضولي يرجع إليه بمقتضى المغرور

يرجع إلى من غره وهذا مطلب آخر.وبالجملة: ففي هذا السنخ من العقود ال سبيل إلى القول بالكشف ولو قلنا به

في العقود المعاوضية، كما ال سبيل إليه في العقود اإلذنية التي قوام تحققها باإلذنواالستنابة - كالوكالة والوديعة والعارية وأشباه ذلك - فلو وكل شخص أحدا

فضوال من الغير فمرجع إجازة الغير إلى إذنه واستنابته فيما وكل له فعال، وال معنىلكشفها عن صحة ما وقع فضوليا، لما عرفت أن حقيقة هذه العقود اإلذن

واالستنابة فيما هو وظيفة للمنوب عنه، فال يعقل وقوعها بدون اإلذن وإن لحقه.ويترتب عليه ضمان الوكيل الفضولي لو تصرف في مال الغير على وجه

يوجب الضمان، إال أن يكون إذنه وإجازته فيما بعد على وجه يستلزم سقوطضمانه فتأمل جيدا.

وأولى بما ذكرنا من عدم قابلية اإلجازة للكشف ما إذا كان توقف المعاملةعليها ألجل تعلق حق للمجيز على أحد العوضين على وجه يمنع من تصرف

المالك، كما في بيع الراهن العين المرهونة بال إذن من المرتهن، وكما في بيع ماتعلق به حق الخيار بناء على أنه حق متعلق بالعين.

(١٨١)

Page 183: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وكيف كان ففي هذه المواضع أيضا ال معنى لكاشفية اإلجازة بال شبهة، ألنالبائع إنما باع مال نفسه فال معنى لتوقفه على إجازة غيره.

غاية األمر حيث إنه مناف لحق المرتهن فال بد من التخلص عنه بوجه، إما بفكالرهن أو باستيذان منه، وإال فالبائع ما باع مال غيره حتى يتوقف على اإلجازة،

ال من جهة االستناد وال من جهة أخرى كما ال يخفى.وبالجملة: ففي هذه الموارد الثالثة ال محيص عن القول بأن اإلجازة مثبتة،

بمعنى أن ما يترتب على الفضولي يثبت بها ال أن يثبت بالعقد ويكون اإلجازةكاشفة عنه كما ال يخفى.

وما نحن فيه من قبيل القسم األخير، حيث إن البائع إنما قبض ماله، غايتهللمشتري حق الحبس، لعدم أخذه المبيع، فقبضه بدون إذن منه مناف لحقه الثابت

فيه، فيكون من قبيل تصرف المالك في العين المرهونة. فتأمل وال تغفل.قوله (قدس سره): (إال أن الظاهر من لفظ الشئ الموجود الخارجي.... إلى آخره).

وحاصل االستظهار بنحو أسد وأخصر أن ظاهر لفظ " الشئ " كلفظ المبيعوالمتاع أن يكون المبيع معنونا بهذا العنوان قبل البيع، والكلي الثابت في الذمة ال

يكون قبل البيع شيئا، بل اعتبار يحدث بالعقد. فرواية أبي بكر بن عياش أيضامنصرفة عنه كسائر األدلة.

قوله (قدس سره): (منها عدم الخيار ألحدهما أو لهما).الوجوه المحتملة ها هنا: أن الخيار تارة في الثالثة، وأخرى بعدها، وثالثة

عندها - أي رأس الثالثة - وعلى التقادير إما ألحدهما أو لكليهما. والذي يمكناستظهاره من األدلة على ما يشير إليه أن يكون خيار في البين عند الثالثة الذيهو موقع جعل خيار الشرط، أما بعدها أو قبلها فال وجه لالشتراط. وعلى هذا

فال ينافي مع خيار الحيوان على ما يتضح لك إن شاء الله.قوله (قدس سره): (وكيف كان فال أعرف وجها معتمدا في اشتراط هذا الشرط....

إلى آخره).

(١٨٢)

Page 184: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ال يخفى أن ما أفاده أخيرا: من أن ظاهر األخبار كون عدم مجئ المشتريبالثمن بغير حق التأخير وذو الخيار له حق التأخير مبنيا على ما أفاده في التذكرةفي أحكام الخيار - من أنه ال يجب على البائع تسليم المبيع وال على المشتري

تسليم الثمن في زمن الخيار (١) - وجه وجيه لعدم الخيار.ومناقشته فيه بقوله: وفيه بعد تسليم الحكم في الخيار إلى آخره، كما ناقش

فيه في أحكام الخيار أيضا مما ال وجه له، مع اعترافه (قدس سره) به في باب القبضوعليه

بنى جواز حبس أحد المتبايعين ما انتقل عنه مع امتناع اآلخر عن تسليم ما انتقلإليه، وبه يجيب (قدس سره) في ذاك الباب عن إشكال األردبيلي في المسألة: من أن

ظلمأحد المتبايعين ومنع الغير عن حقه ال يوجب جوازه على اآلخر.

وبالجملة: ما أفاده في التذكرة في غاية المتانة.وتوضيحه: أن بعد ما كان بناء المعاملة وعقد المعاوضة على التسليم والتسلموالتبديل والتبدل، فيصير القبض واإلقباض من الشروط الضمنية التي التزم بها

المتعاقدان في متن. العقد وهذا هو المراد من قولهم: إن إطالق العقد يقتضي كذاوكذا. وحينئذ فمرجع كون العقد خياريا إلى أنه بجميع ما تضمنه من الشروط

الضمنية أو الصريحة غير واجب الوفاء، فكما ال يجب الوفاء بنفس العقد كذلك اليجب الوفاء بما في ضمنه من التعهدات الضمنية، وعليه يتفرع أن الشروط

الصريحة في ضمن العقد غير واجبة على المشروط عليه إذا كان العقد خياريا.أما إذا كان له الخيار فواضح.

وأما إذا كان عليه الخيار ولم يسلم اآلخر ما انتقل عنه، فلما عرفت من أنالتسليم والتسلم التزام من الطرفين، فإذا لم يف أحدهما به ولو حقا فال يجب على

اآلخر أيضا الوفاء به.نعم، لو سلم ذو الخيار فيجب على من عليه الخيار أيضا أن يسلم ما انتقل عنه

بجميع ما اشترط عليه في ضمن العقد صريحا أو ضمنا.--------------------

(١) التذكرة ١: ٥٣٧ س ٣٠.

(١٨٣)

Page 185: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وحينئذ ففي المسألة لو فرضنا أن يكون ألحدهما أو كليهما خيار عند الثالثة- التي هي زمان جعل الخيار - فال يجب على المشتري بذل الثمن في هذا الحال،أما لو كان له خيار فلما عرفت أن ذلك مقتضى عدم وجوب الوفاء بالعقد بجميع ما

يتضمنه ضمنا أو صريحا ومن جملته تسليم ما انتقل عنه، وأما لو كان للبائع خيارفألن المفروض أنه لم يسلم المبيع فال يجب عليه البذل أيضا، لما عرفت من أنه

التزام من كال الطرفين. فإذا لم يكن أحدهما ملزما به بمقتضى خياره فال يلزماآلخر أيضا بمقتضى التزامه، إال أن يشترط عليه تعجيل الثمن، وهو خارج عن

موضوع المسألة.وحينئذ فبضميمة االستظهار من األخبار من كون عدم مجئ المشتري

بالثمن بغير حق التأخير يتم المطلب، كما أن حكمة تشريع هذا الخيار وهو كونهقهرا على المشتري المماطل وجبرا على البائع، ومالحظة مناسبة الحكم مع

موضوعه أيضا يقتضي أن يكون كذلك.ولكن ال يخفى أن ذلك ال يقتضي أزيد من أن ال يكون التأخير عند الثالثة

بحق وعن مماطلة، وأما في الثالثة فال موجب لاللتزام به كما أفاده (قدس سره)،فأشكل

عليه لزوم اختصاصه بغير الحيوان مع اتفاقهم على ثبوته فيه ظاهرا. بل ربمايستأنس من التحديد بالثالثة أن يكون الغرض منه مراعاة خيار الحيوان، فجعل

الخيار للبائع بعد الثالثة.وبالجملة: فال وجه وال موجب لاللتزام بكون تأخير الثمن عن مماطلة في

مجموع الثالثة، بل غاية ما يقتضيه ما تقدم عدم كونه كذلك عند الثالثة فال ينافيمع خيار الحيوان بوجه.

نعم، ربما ينافي مع ما يدعى ظهور األخبار في كونه إمهاال على المشتري فيالجملة. فتأمل.

وكيف كان فال ينافي هذا الخيار مع خيار المجلس أصال.والعجب أنه (قدس سره) مع التزامه بذلك وتقوية كون مبدأ هذا الخيار من حين العقد

(١٨٤)

Page 186: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

كما يأتي آنفا المستلزم لعدم كون التأخير في بعض الثالثة بغير حق فمع ذلك يلتزمبأن ال يكون في مجموع الثالثة كذلك. وعلى أي حال فال ينافي مع خيار المجلس

بال إشكال إال أن يتفق بقاء المجلس واصطحابهما إلى الثالثة.فمقتضى ما ذكرنا أيضا عدم الخيار ولكنه فرض نادر جدا.

ومن مطاوي ما ذكرنا ظهر أن مبدءه أيضا من حين العقد كما هو المستظهر منمضامين األدلة.

وأما احتمال كونه من حين التفرق فال وجه له عدا ما تقدم من اإلشكالالمعروف في خياري الحيوان والمجلس، مع دعوى امتناع اجتماعهما في زمان،ولكنها باطلة جدا كما هو المحقق في محله. واحتمال كون المبدأ في خصوصالمقام بعد التفرق استظهارا من األخبار فاستظهاره على مدعيه، وإال فقد عرفت

أن ظاهر األخبار يعطي خالفه.وأما خيار الحيوان الثابت للمشتري فال يمنع أيضا عن هذا الخيار، بناء على

ما حققناه أن غاية ما يمكن أن يلتزم به ويستظهر من األدلة من مناسبة الحكموموضوعه أن يكون التأخير عند انقضاء الثالثة بغير حق. فالواجب أن ال يكون لهخيار في هذا الحال، وأما قبله أو بعده فال وجه لاللتزام به بال إشكال. فال ينافياعتبار ذلك مع ما في المختلف من االتفاق على ثبوته في الحيوان، بل قد عرفت

أن اإلمهال في الثالثة لعله ألجل مراعاة خيار الحيوان.نعم، بناء على ما أفاده (قدس سره) واستظهره من األدلة: من أن ال يكون التأخير بحق

في مجموع الثالثة، فينافي مع خيار الحيوان كما أفاده. لكن االتفاق المذكوريدفعه، مضافا إلى منافاته مع جعله (قدس سره) المبدأ من حين العقد. فتأمل.

وأما سائر الخيارات - مثل خيار العيب والغبن والرؤية المشروطة فعليتهابالعلم بالعيب وظهور الغبن وفقد الوصف وإن كان مبدؤها من حين العقد، فربما

يختلف الحال فيها من حيث حدوث العلم في الثالثة أو بعدها، كما يتفاوت الحكمأيضا من جهة القول بالفورية وعدمها - فالضابط في منعها عن هذا الخيار ما ذكرنا:

(١٨٥)

Page 187: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

من أن ال يكون عند انقضاء الثالثة الذي هو محل خيار الشرط وموقع حلولهخيار، بأن علم به ولم يفسخ وقلنا بسقوط خياره بسبب الفورية.

وأما إذا لم يعلم به إلى أن حل الثالثة فمنعه عن خيار التأخير وعدمه مبنيعلى أن استفادة الحكم يدور مدار واقعه فلم يكن التأخير بغير حق فال يكون

خيار، أو مدار فعلية الخيار فال يمنع عنه حيث ال خيار بالفعل. ولعل الثاني أظهر،لصدق المماطلة في تأخير الثمن. فتأمل جيدا.

ومنه يظهر حال خيار الشرط وأن المعتبر في منعه أن يكون ثابتا موجودا عندانقضاء الثالثة، إما بأن يكون مبدؤه عند انقضاء الثالثة، أو من حين العقد إلى التالي

كما هو الشائع المتداول في خيار الشرط. ولعله الوجه في تخصيص السرائرالحكم بخيار الشرط. فال تغفل.

قوله (قدس سره): (وفي سقوطه باالسقاط في الثالثة وجهان.... إلى آخره).بل ال ينبغي التأمل في سقوطه به وكذلك في إسقاطه في متن العقد - كما فيخيار العيب والغبن - فإن فعلية الخيار وإن كانت عند الثالثة ولكن مبدؤه وهواستحقاق مطالبة الثمن في كل آن موجود من حين العقد، فمرجع إسقاطه إلى

اجتيازه عن حقه الثابت بالعقد، كما اعترف به (قدس سره) في خيار الغبن ونحوه، معأن

فعليته أيضا مشروطة بالعلم به. فال مجال لنظره (قدس سره) والتأمل فيه.هذا إذا أسقطه في الثالثة. وأما اشتراط اسقاطه في متن العقد فيزيد إشكاال

تارة: من جهة الشك في مشروعيته ومنافاته لما هو مقتضى العقد شرعا، فال يصحالتمسك بأدلة الشروط بعد تخصيصها بما ال يكون منافيا للمشروع، فال دليل على

لزوم الوفاء به شرعا.وأخرى: من جهة كونه إسقاطا لما يتحقق بالعقد بعد تماميته، فيكون من قبيل

إسقاط ما لم يجب.وقد أجيب عن األول في محله بأن كلما كان من قبيل الحقوق فإسقاطه جائز

نافذ، لوضوح أن الحق سلطنة وجدة مجعولة لصاحبه، فمعناه متقوم بجواز رفع اليد

(١٨٦)

Page 188: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

عنه وكون زمام اختياره بيده، إال أن يقوم دليل خاص على أنه نحو سلطنة ال يصحاالجتياز عنه، وإال فمقتضى طبعه جواز سلبه عنه والتقليب والتقلب فيه. وهذا هو

أحد الوجوه الفارقة بين الحق والحكم.نعم إذا كان الحكم الشرعي هو اإلباحة فهو أيضا كذلك، حيث إن معناه

ترخيص المكلف بالنسبة إليه فعال وتركا، فيصح التزامه به كذلك بالنذر أوباالشتراط في ضمن العقد، إال أن يدل دليل على عدم جوازه كشرط عدم التسري

في عقد المزاوجة كما قيل.وأما إذا كان الحكم الشرعي من قبيل الوضع أو الوجوب والتحريم فمعلوم أن

االلتزام بخالفه في ضمن العقد أو بالنذر والعهد يكون منافيا للمشروع، إال إذا دلدليل خاص على جوازه أيضا، كما في نذر اإلحرام قبل الميقات أو الصوم في

السفر على ما حقق في محله.وعن الثاني: بمنع كونه من قبيل إسقاط ما لم يجب، حيث إنه يشترط

اإلسقاط في رتبة حصول الملكية، فيكون انشاؤه مترتبا على إنشائها كما أنتحققه أيضا مترتب على تحققها، فلم يرد اإلسقاط ال في مرحلة اإلنشاء وال

مرحلة التحقق إال على أمر ثابت. واحتياجه إلى أزيد من ذلك ممنوع جدا، والموجب له عقال كما ال يخفى، ونظائره كثيرة في الفقه أيضا. كما صرحوا بصحة أن

يقال: بعتك هذا وجعلت ثمنه رهنا عندك، أو اشتريت هذا ورهنته عندك، أو يقال:وكلتك في نكاح فالنة وطالقها، إلى غير ذلك مما يشبه المقام.

والعجب من شيخنا العالمة حيث إنه ملتزم بما ذكرنا كله في محله، ومع ذلكيقول: فإن كان إجماع على السقوط، وإال فللنظر فيه مجال. مع أن من جهةاإلشكال األول وهو أن الخيار إنما هو مسبب عن التأخير بعد الثالثة ال العقدوحده فهو مشترك مع خيار الغبن والعيب، بناء على أن فعلية الخيار مسببة عن

ظهور العيب والعلم بالغبن، وقد تقدم تفصيه عنه بما ذكرنا من أن اإلسقاط راجعإلى ما هو مبدأ الخيار الثابت في حال العقد. ومن جهة اإلشكالين األخيرين

مشترك مع خيار المجلس والحيوان أيضا.

(١٨٧)

Page 189: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وقد أجاب عنهما أيضا بما يرجع إلى ما ذكرنا.وكيف كان فليس للنظر فيه مجال، بل يسقط الخيار بجميع أنحاء إسقاطه

بال ريب وال إشكال.قوله (قدس سره): (وال يبعد دعوى انصراف األخبار إلى صورة التضرر فعال.... إلى

آخره).ال يخفى أن بعد دعوى هذا االنصراف ال مجال للتمسك بإطالق األدلة على

فرض إطالقها، وال باستصحاب الخيار الذي استحسنه (قدس سره) أوال على فرضإهمالها، إذ انصراف األدلة يوجب تخصيصها بخصوص هذه الصورة، وكذلك

يوجب تبدل الموضوع المستصحب على ما عرفت في خيار الغبن أيضا. فالمجال للتمسك بهما إال أن دعوى هذا االنصراف ال تخلو عن التمحل واالعتساف،

مع أنه ليس في األدلة من الضرر ال عين وال أثر.ولو سلم دخله فهو من قبيل علل التشريع الغير المقتضية إلناطة الجعل بها نفيا

وإثباتا، وحينئذ فمختار التذكرة من القول بالسقوط ال يخلو عن اإلشكال فضالمن أن يكون فيه القوة.

اللهم إال أن يدعى أن من مالحظة مجموع أدلة الباب والتفصيل بين مايتسارع فيه الفساد وغيره وغير ذلك يشرف الفقيه القطع بإناطة الحكم بالضرر نفيا

وإثباتا.وكيف كان فعهدتها على مدعيها. فتأمل وال تغفل.

قوله (قدس سره): (فلو احتمل كون األخذ بعنوان العارية.... إلى آخره).ال يخفى أن المناط إنما هو بقصد الدافع، فاحتمال األخذ بعنوان العارية ال

ينفع بعد ما كان دفع المشتري ظاهرا في بذل الثمن، فأخذ البائع بال تصريح بخالفهأيضا يحمل عليه، ويكون رضا فعليا والتزاما بالعقد الموجب لسقوط خياره،

كما أفاده (قدس سره).نعم، يمكن المناقشة في أصل كون مجرد األخذ التزاما كما في سائر أبواب

(١٨٨)

Page 190: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الخيارات، ولكن الفرق بينها وبين خصوص هذا الخيار المسبب عن تأخير الثمنواضح، فال تغفل.

نعم، مطالبة الثمن ال تدل على االلتزام إلمكان أن يكون ألجل أنه لو رآهمماطال سيفسخ، فيكون استدفاعا للضرر المستقبل كما أفاد قدس الله روحه.

قوله (قدس سره): (وقد تقدم ما يصلح أن يستند إليه لكل من القولين.... إلى آخره).إشارة إلى ما أفاده في خيار الغبن من ابتناء الفورية وعدمها على التمسك

بعموم " أوفوا بالعقود " أو االستصحاب، وقد منع في ذاك الباب التمسك بكالاألمرين، أما العموم فلجعل الدوام واالستمرار ظرفا للحكم ال لمتعلقه بحيث

يكون مكثرا ألفراده بحسب الزمان كتكثره بحسب األفراد، وأما االستصحابفلعدم إحراز بقاء الموضوع بعد تمكن المغبون من تدارك الضرر، فالمرجع إلىأصالة عدم تأثير الفسخ وعدم ترتب األثر عليه. هذا ملخص ما أفاده هناك. أما

المقام فمن جهة التمسك بالعموم فالكالم فيه هو الكالم.لكن ال يخفى أن من جهة الضرر فرقا بين المسألتين كما اعترف به (قدس سره)، فإن

في مسألة الغبن نفس العقد وقع ضرريا فعدم المبادرة إلى الفسخ مع علمه بالخيارحكما وموضوعا يمكن القول بأنه رضا فعلي بالعقد وإقدام على الضرر، كما لو

علم به من حين العقد. فالمسامحة والمماطلة - مع أنها خالف العادة العقالئية -كاشف نوعي عن ارتضاء العقد واختياره الموجب لسقوط خياره.

وهذا بخالف المقام، فإن الضرر مستند إلى تأخير الثمن المتجدد بدوامالتأخير في كل آن، فعدم المبادرة إلى الفسخ غايته الكشف عن الرضا بالضرر

الفعلي فال يوجب سقوط الخيار لسبب الضرر المستقبل. فمقتضى حديث نفيالضرر ثبوت الخيار له في كل آن من غير حاجة إلى االستصحاب، فال تغفل.

قوله (قدس سره): (وكيف كان فالقول بالتراخي ال يخلو عن قوة، إما لظهور النصوإما

لالستصحاب.... إلى آخره).أما ظهور النص ففي محل المنع، إذ ليس لنا لفظ نستظهر منه نفي اللزوم رأسا

(١٨٩)

Page 191: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

أو في الجملة، ودعوى النسبية بنفي الحقيقة غير موجهة، إذ ليس في البين عدااإلجماع وبعض القرائن على إرادة نفي اللزوم في الجملة، فااللتزام بإهمال النص

أمس بالقواعد اللفظية.وأما استصحاب الخيار فاإلشكال فيه من جهة إرجاع الشك إلى المقتضي

- على حسب الضابط الذي أفاده في محله - حيث لم يحرز من األدلة بقاء هذاالخيار إلى أن يعرضه العارض، فأصل المقتضي له لم يحرز إال في الجملة.

فالمرجع إلى ما ذكرنا من التمسك بنفس أدلة الضرر فتدبر.قوله (قدس سره): (لكن النبوي أخص من القاعدة األولى.... إلى آخره).المراد من القاعدة ما يستفاد من الحديث النبوي المعروف المتلقى بالقبول

وهو قوله (صلى الله عليه وآله) " الخراج بالضمان " (١) والمراد بالخراج ما يستخرجمن الشئ من

الزيادات والمنافع، فيوهم أن منافع الشئ وزياداته في مقابل دركه وخسارته،فكل من يستوفي المنافع كانت العين مضمونة عليه. ولذا حكم الشيخ (قدس سره) في

المبسوط بأن نماء المبيع المردود بخيار العيب قبل القبض للبائع، بمقتضى ضمانه.ولكنه مبني على األصل الذي هو المختار عنده: من عدم حصول النقل واالنتقال

التام قبل انقضاء الخيار. وأما على األصل الذي هو المشهور بل أرسلوه منالمسلمات: من حصول الملكية التامة بالعقد وجميع المنافع والزيادات لمالكه -أي المشتري - فربما يوهم التعارض بين تلك القاعدة والقاعدة األخرى مسلمة

أيضا، وهي أن كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه.ولكن ال يخفى أن معنى الحديث " الخراج بالضمان " أن الشئ بعد ما ضمنه

اإلنسان وتضمنه ودخل في ملكه فمع قطع النظر عن عروض العوارض عليهيكون تكفله عليه - من حفظه وإصالحه واإلنفاق عليه لو كان حيوانا - ولو تلفكان من كيسه بإزاء ما يستوفي منه من منافعه وزياداته. وهذا ال ينافي أن يقع في

عهدة الغير وضمانه بتلف أو غصب أو عارية مضمونة وغير ذلك، كما ال ينافي أن--------------------(١) عوالي الآللي ١: ٢١٩ ح ٨٩.

(١٩٠)

Page 192: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

يكون العين في عهدة مالكه ولكن كان منافعه للغير بسبب آخر. فالمراد بالضماننفس التعهد الحاصل للمشتري بالعقد ودخول المبيع في ملكه بإزاء ثمنه، كمايشهد بذلك ما في الخبر الوضيعة بعد الضمينة حرام (١) إلى آخره حيث أطلق

الضمينة على نفس العقد، بل إطالق العقد عليه أيضا بتلك المالحظة، حيث إنه لغةالعهد أو العهد المؤكد.

وبالجملة: فهذا الضمان ال ينافي مع ما يحصل من سائر األسباب االتفاقية -من اليد أو التلف ونحوهما، فال ينافي مع ضمان البائع قبل القبض تعبدا، بل كلها

وارد عليه، فإن شئت عبر عن هذا الضمان بضمان التكفل وعن تلك الضماناتبضمان الغرامة، كما عبر كذلك بعض السادة األجلة - كما ال ينافي مع القاعدة

األخرى وهي " أن التلف في زمان الخيار ممن ال خيار له " بذاك البيان الذي قلنا،فإن كل ذلك ألجل جهات خارجة عن المعاملة.

وكيف كان فالمسألة منقحة خالية عن الشبهة.نعم، الذي يوجب التحير في المقام التفصيل الذي نقل عن بعض األجلة: من

أنه لو تلف المبيع بعد الثالثة كان من البائع ولو تلف في الثالثة فمن المشتري، فإنهال يوجه بوجه من الوجوه.

بل يوهم أن يكون التفصيل بالعكس بتوهم المعارضة بين قاعدة " التلف قبلالقبض " وقاعدة " التلف في زمان الخيار ممن ال خيار له " وتقديم الثانية. مع أنهأيضا فاسد، حيث إن الثانية مخصوصة ببعض الخيارات أوال، وموردها التلف بعد

القبض، فال يعارض مع هذه أبدا ثانيا.وكيف كان فينبغي التأمل والتتبع لعله وقع اشتباه في النقل. فراجع وتأمل.

* * *--------------------

(١) الوسائل ١٢: ٣٣٤، الباب ٤٤ من أبواب آداب التجارة ح ٦.

(١٩١)

Page 193: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره):(الكالم في شروط صحة الشرط)

(وهي أمور قد وقع الكالم أو الخالف فيها، أحدها: أن يكون داخال تحتقدرة المكلف.... إلى آخره).

ال يخفى أن اشتراط هذا العنوان يوجب اختصاصه بما إذا كان الشرط منمقولة األفعال، وأما اشتراط الوصف الحالي في المبيع - مثال - فال يتصف بالقدرة

وعدمها إال بإرجاعه إلى التسليم بشرط كذا وكذا، وكذلك اشتراط بعض النتائجالغير المتوقفة على سبب خاص المتحقق بنفس الشرط، فإنه ال إشكال في صحته

كما اعترف به مع أنه ال يتصف بالمقدورية.نعم، لو كان مرجع الشرط إلى إيجاد األسباب فهو كاشتراط الفعل. وحينئذ

فاألولى التعبير بكون ما يشترط تحت سلطانه واستيالئه، فيعم األفعال التوليديةوالمباشرية وغيرها من الشروط الجائزة ككون العبد كاتبا، فإنه يسلط على

الوصف بسلطنته على العين. وكذلك في الغايات المتوقفة على األسباب وغيرهاغايته مرجعه في األول إلى اشتراط إيجاد السبب وفي الثاني بنفس االشتراط.

وبالجملة: فالمعتبر أن يكون الشرط مملوكا للمشروط عليه كما اعتبر فيباب اإلجارة كذلك، فيعم األعيان والمنافع واألوصاف وغيرها واألفعال بجميعأقسامها. ووجه اعتباره أيضا أوضح من اعتبار القدرة، فإن الشرط أعد لنقل ما

يصح نقله بسائر العقود وما ال يصح نقله بها، فال بد كالبيع واإلجارة وغيرهما أنيكون مملوكا للشارط، وإال فهو من قبيل وهب األمير ما ال يملك.

(١٩٢)

Page 194: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وعلى أي حال ما كان فعال للشارط فال بد أن يكون تحت قدرته، إما ابتداءكاألفعال المباشرية، أو بتوسيط سببه على وجه لم يكن بين السبب والمسبب أمور

غير اختيارية الموجبة لحصول الغاية تارة وعدم حصولها أخرى، كاشتراط جعلالزرع سنبال والبسر رطبا، فإن هذه األمور من أفعال الله تبارك وتعالى بتوسيط

أمور خفية وغير خفية يكون فعل العبد - وهو الزرع والسقي ونحوهما - مجردإعداد لها، فال يصح استناده إلى العبد وعده من أفعاله كما ال يخفى.

وأما ما كان من قبيل أوصاف المبيع، فال بد أن يكون حاليا بحيث يقدرالشارط على أن يسلمه تبعا للعين، فإن لم يكن حاليا مثل األوصاف التي يمكن

تحققها كما يجوز عدمه - ككون الزرع سنبال أيضا بناء على اشتراط اعتباره وصفاللمبيع ال فعال للشارط، إذ يصح اعتباره بكال الوجهين، واشتراط القدرة احتراز

عنه بكال وجهيه - فال يجوز اشتراطه، لما ذكرنا من عدم كون الوصف الغير الفعليمملوكا له وتحت سلطنته.

وما كان من قبيل شرط النتائج مثل كون المال المخصوص لزيد - مثال -فالقدرة عليه حصوله بنفس االشتراط من غير حاجة إلى سبب خاص، فاشتراط

كون زوجته مطلقة أو أمته حرة وأمثال ذلك باطل جدا.نعم، يصح اشتراط إيجاد السبب مثل أن يعتق عبده - مثال - فال مانع منه من

تلك الجهة، لكونه تحت سلطنته لو لم يكن فيه محذور من جهة أخرى، فتأملجيدا.

قوله (قدس سره): (الثاني أن يكون الشرط سائغا في نفسه.... إلى آخره).الظاهر أن ذكر هذا الشرط مستدرك، إلرجاعه إلى اشتراط القدرة، فإن

الممتنع شرعا كالممتنع عقال، وكذلك على ما ذكرنا من اعتبار كونه مملوكا له، إذبالنهي الشرعي يخرج عن تحت سلطنته ومملوكيته، مضافا إلى أن مرجع اشتراط

المحرم إلى االشتراط المخالف للكتاب، فيكون من مصاديق المسألة اآلتية،فتأمل وال تغفل.

(١٩٣)

Page 195: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره): (الثالث أن يكون مما فيه غرض معتد به عند العقالء.... إلى آخره).ولو لم يوجب زيادة في المالية ولم يجعل بإزائه المال أيضا، فإن الشرط على

أي حال ال يقع بإزائه الثمن وال يقصد في العقد أصالة، فال يلزم أن يكون له المالية.وهذا بخالف باب اإلجارة، فإن تمام الغرض هناك انتقال المنفعة فال بد أن تكون

لها مالية وتكون عائدة إلى المستأجر بإزاء ثمنه، ولذا ال يصح إجارة العباداتالغير القابلة للنيابة.

وكيف كان حيث إن المدار على كون الغرض معتدا به عند العقالء، فربما يشكفي بعض مصاديقه مثل اشتراط كون العبد كافرا أو جاهال بالعبادات أو آكال

ألشياء مخصوصة، والضابط عدم اللغوية على وجه يوجب ثبوت حق للمشروطله على الشارط، فتأمل جيدا.

قوله (قدس سره): (الرابع أن ال يكون مخالفا للكتاب.... إلى آخره).وهذا هو العمدة في باب الشروط، والدليل عليه األخبار المتظافرة بين ما هو

مضمونه بطالن الشرط المخالف للكتاب، أو بطالن ما ليس في كتاب الله، أو ماكان سوى كتاب الله، أو ما كان مما حرم حالال أو أحل حراما.

وفي صحيحة ابن سنان: من اشترط شرطا مخالفا لكتاب الله عز وجل فاليجوز على الذي اشترط عليه، والمسلمون عند شروطهم فيما وافق كتاب الله (١).إلى غير ذلك من العناوين. وفي عد اشتراط الوالء لغير المعتق مخالفا للكتاب كمافي بعض هذه األخبار داللة على أن المراد أعم من الكتاب والسنة، كما صرح به

في رواية محمد بن قيس: فيمن تزوج امرأة واشترطت عليه أن بيدها الجماعوالطالق قال (عليه السالم) خالفت السنة ووليت حقا لست أهال له (٢) إلى آخره.

فالضابط أن ال يكون مخالفا للمشروع، وعلى هذا فال فرق بين اعتبارالموافقة أو عدم المخالفة - إذ لو لم يكن مخالفا للمشروع فال محالة يكون موافقا

--------------------(١) الوسائل ١٢: ٣٥٣، الباب ٦ من أبواب الخيار ح ١.(٢) الوسائل ١٥: ٤٠، الباب ٢٩ من أبواب المهور ح ١.

(١٩٤)

Page 196: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ألحد العمومات واإلطالقات الواردة في الكتاب والسنة، فمرجع جميع هذهالعناوين إلى ما ذكرنا من عدم المخالفة للمشروع - كما ال فرق بين كون نفس

الشرط أي الملتزم به مخالفا للكتاب أو االلتزام به كاشتراط عدم التسريوالتزويج، كما مثل به (قدس سره) بناء على استفادة عدم جوازه من األخبار. ولكنها ال

تخلو عن إشكال، فإنه ورد في روايتين على ما نقل (قدس سره).إحداهما: رواية منصور بن يونس (١). وهي وإن دلت على التوبيخ عليه حيثقال (عليه السالم) بئس ما صنع، لكنها مصرحة بنفوذ الشرط ووجوب الوفاء به

مستشهدابقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) المسلمون عند شروطهم.

وثانيتهما: رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السالم) (٢). وهي وإن كانتظاهرة في عدم نفوذ الشرط، لكن مفروض السائل تعليق الطالق وأنه إن تزوج

عليها أو هجرها أو أتى عليها سرية فهي طالق، فيمكن أن يكون عدم نفوذه لتعليقالطالق ال لكون الشرط بنفسه مخالفا للمشروع. اللهم إال أن يقال: استشهاد اإلمام

وتعليله (عليه السالم) بمثل * (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) * (٣) * (وأحل لكمما ملكت

أيمانكم) * (٤) وقوله تعالى: * (والالتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فيالمضاجع) * (٥) يدل على أن عدم النفوذ ألجل مخالفة االشتراط لتلك العمومات

فيتم المدعى، ولعله الوجه ألمره (قدس سره) بالتأمل بعد التفاته إلى ما ذكرنا مناإلشكال،

فراجع وتأمل.وكيف كان العمدة في المقام تشخيص الضابط لمخالف الكتاب وتمييزه عن

غيره، فإنه في غاية اإلشكال.--------------------

(١) الوسائل ١٥: ٣٠، الباب ٢٠ من أبواب المهور ح ٤.

(٢) الوسائل ١٥: ٣١، الباب ٢٠ من أبواب المهور ح ٦.(٣) النساء: ٣.

(٤) نص الكتاب: * (أو ما ملكت أيمانكم) * النساء: ٣.(٥) النساء: ٣٤.

(١٩٥)

Page 197: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وقد أطنب الكالم (قدس سره) في بيان الضابط تارة بما حاصله: أن الحكم الشرعيلو كان ثابتا على موضوعه لو خلى وطبعه مع قطع النظر عن الطواري فاشتراط

خالفه ليس مخالفا للكتاب - فإنه من الطواري المغيرة له فال ينافي كونه لو خلىوطبعه مباحا ولكن صار واجبا بعروض االشتراط أو النذر والعهد أو بأمر

الوالدين وغيرهما ممن يجب إطاعته - وإن كان ثابتا لمتعلقه بجميع حاالتهوطواريه فاشتراط الخالف مخالف للكتاب.

وأخرى بما حاصله: الفرق بين كون ثبوت الحكم لمتعلقه على وجه العليةأو وجه االقتضاء فال ينافيه اشتراط الخالف، إلى غير ذلك مما يكون من قبيل

اإلحالة إلى المجهول.والذي ينبغي أن يقال في المقام: إن الشرط أي ما يتعلق به الشرط تارة من

الوضعيات الشرعية.وأخرى من التكاليف الخمسة التكليفية كاشتراط ترك واجب أو مباح أو فعل

محرم أو مكروه ونحو ذلك.أما الوضعيات فتارة من األمور التي جعلها الشارع تحت سلطنة الشارط

وأعطاه زمام اختياره، كما في باب الحقوق واألموال.وأخرى ليست من هذه األمور مثل كون الوالء لمن أعتق، وولد الحر حرا،

والطالق بيد من أخذ بالساق، وغير ذلك من األمور التي ليست تحت اختيارالمكلف بوجه. أما هذا القسم من الوضع فال ينبغي الشبهة في أن اشتراط خالفها

مخالف للمشروع جدا - إال أن يقوم دليل خاص على جواز تغييره بالشرط أوالنذر ونحوهما، ومن هذا القبيل اشتراط إرث المتمتع بها أو رقية من كان أحد

أبويه حرا، فإن اإلشكال فيها من جهة تعارض النصوص، فمن يدعي جوازهيدعيه لسبب نص خاص وإال ال يكاد يصح تبدله بالشرط ونحوه كما ال يخفى -كما ال ينبغي الشبهة في التبدل بالشرط فيما إذا كان من قبيل القسم األول - أي

الحقوق واألموال - إذ المفروض سلطنته عليها وكون اختيارها بيده فيتصرف فيها

(١٩٦)

Page 198: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

كيف ما شاء. وقد أشرنا سابقا أن الشرط وضع لتملك ما ال يصح تملكه بالبيعواإلجارة وغيرها، فيعرض عن حق خياره في المجلس وغيره أو كون مال كذا

لزيد أو غير ذلك. وهذا أيضا ليس على وجه العلية، إلمكان قيام دليل خاص علىالمنع من التصرف الخاص كبيع المصحف من الكافر وما يكون من نظائره.

فتأمل جيدا.وأما ما كان من قبيل التكاليف فالظاهر أن االلتزام بترك الواجب أو فعل

المحرم نوعا خالف المشروع، بل ال ينبغي الشبهة فيه، لمكان إطالق دليلهماالشامل لصورة االلتزام بالخالف وعدمها، فيكون مخالفا للكتاب ومحلال للحرام،

إال أن يقوم دليل خاص على جواز تغييره بالشرط، كسائر العوارض المجوزةلفعل الحرام وترك الواجب. ودليل وجوب الوفاء بالشرط ال يصلح لذلك،

الشتراطه بعدم كونه مخالفا للكتاب ومحلال للحرام. فال يقع التعارض بين دليلالتكليف وأدلة الشرط أبدا كما توهم، وقيل: بالرجوع إلى المرجحات. وكيف كانفهذا وظيفة دليل آخر غير دليل الشرط، أو كان دليل الواجب أو المحرم مهمال من

تلك الجهة - أي لم يكن له إطالق حتى في صورة اشتراط خالفه - وهذا وإن كانمجرد الفرض إال أن على تقدير تحققه فالمرجع إلى األصل الذي ينقح تفصيال.

فهذا أحد موارد الشك التي تحتاج إلى األصل. وكذلك فيما إذا تعارض األدلة فيجواز تغيير الحكم بالشرط، والشبهة وإن كانت مفهومية بل الشك من جهة

الموضوع في أمثال المسألة قليل جدا، ولكن مع ذلك ال مجال للرجوع إلى العام،لكون المخصص متصال فيوجب إجماله، فراجع وتأمل.

وأما المباحات فااللتزام بتركها أو فعلها ليس مخالفا للمشروع، لعدم منافاةوجوبها بالعرض مع إباحتها كما ال يخفى.

نعم، قد يقال بأن نفس االلتزام محرم للحالل وإن لم يكن الملتزم به مخالفاللكتاب، لما قيل من عدم المنافاة، بل يلزم ذلك في مثل النذر والعهد وما يشبههما

أيضا، حيث إن االلتزام بترك المباح محرم له ال محالة، فيعمه تلك األدلة مع أن

(١٩٧)

Page 199: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

جميع موارد االلتزامات الصحيحة، إما التزام بفعل مباح أو مندوب، أو ترك مباحأو مكروه فكيف التوفيق!

ويمكن استفادة ما يذب به عن اإلشكال مما ورد في بعض األخبار منبطالن الحلف على ترك شرب العصير المباح دائما، معلال بأنه ليس لك أن تحرم

ما أحل الله.فيمكن أن يقال بأن االلتزام على ترك المباح تارة التزام بترك مصداق منه،

أو بتركه مطلقا في برهة من الزمان، وهذا ال بأس به، لعدم مخالفته للكتاب ال منحيث االلتزام، وال من حيث الملتزم.

وأخرى التزام بترك نوع مباح دائما - كالحلف على ترك شرب العصير دائما -وحينئذ يكون التزامه محرما لما أحله الله، كما في الرواية.

وبالجملة: يمكن الفرق بين االلتزام على ترك مباح نوعا أو بعض مصاديقهوكذلك بين تركه دائما أو في برهة من الزمان، ويكون ذلك توفيقا بين األدلة، على

حسب ما تقتضيه الرواية الواردة في العصير.واإلنصاف أنه لو لم تكن تلك الرواية كانت المسألة محل الشبهة. فتأمل

جيدا.ثم إن بناء على هذا التفصيل، فالقدر المسلم من صحة االلتزام ما إذا كان على

بعض مصاديق المباح أو نوعه في برهة قليلة من الزمان، ومن عدم صحة االلتزامما إذا كان على نوع المباح دائما. وأما االلتزام على بعض مصاديقه دائما، أو على

نوعه في مدة متمادية، فيكون من موارد الشك، فالمرجع إلى األصل.وكيف كان فالمسألة ال يخلو عن التأمل واإلشكال في بعض الموارد وأنحاء

االلتزامات. فاألولى تأسيس ما يقتضيه األصل فيها، حتى يكون هو المرجع فيهذه المقامات.

والذي أفاده (قدس سره) هنا أن المرجع عند الشك في مشروعية الشرط أصالة عدممخالفته للكتاب، خالفا لما اختاره في أصوله، وعقد تنبيها خاصا لعدم جريان هذا

(١٩٨)

Page 200: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

األصل في تنبيهات االستصحاب، ألن المخالفة ليست مسبوقة بالعدم مع فرضوجود موضوعه حتى يحكم باستمرار العدم، إذ الشرط إما وجد مخالفا أو غيرمخالف، فال محالة يكون استصحاب عدم المخالفة بلحاظ العدم السابق على

وجود موضوعها من حيث كونها بنفسها من الحوادث المسبوقة بالعدم األزلي المحالة. وبهذا اللحاظ - أي بلحاظ عدمها النفسي المحمولي - لم يؤخذ موضوعا،بل أخذ بلحاظ عدمها النعتي - أي عدم كون الشرط مخالفا - وبهذا االعتبار ليس

مسبوقا بالحالة السابقة.وحاصل اإلشكال على هذا األصل: أن عنوان المخالفة بوجوده النفسي

المحمولي وإن كان مسبوقا بالعدم ال محالة، لكن إثباته ال يكاد يثبت الموضوعالشرعي، وال يكاد يلتئم به الموضوع المقيد ويحرز بضم الوجدان إلى األصل

حتى يترتب عليه حكمه إال بنحو من المالزمة العقلية التي ال اعتبار بها فياألصول على ما حقق في محله. وبوجوده النعتي الرابطي إذا استصحب عدمه

يلتئم منه الموضوع، ولكنه غير مسبوق بالعدم الكذائي، لوضوح أن العدم ال يكاديصير نعتا لموضوعه إال بتحقق الموضوع، غير متصف بالوصف، فيصير عدم

الوصف نعتا له. أما قبل وجود الموضوع فليس إال العدم المحمولي.ولقد أجاد (قدس سره) في تنبيهات االستصحاب في بيان الضابط بين العدم النفسي

والنعتي، وعدم جريان األصل في الثاني دون األول، وكأنه عدل عنه وبنى علىجريان هذا األصل.

وحيث إنه أصل دائر في كثير من المسائل الفقهية فال بأس بشطر من الكالمفيه، وبيان ما هو التحقيق فيه في الجملة.

فنقول: إذا أخذ قيد في موضوع الحكم الشرعي وجودا أو عدما، فتارة منقبيل العرض ومحله، وأخرى من قبيل الجوهرين - مثل كون زيد وعدم كون عمرومعه مثال - أو عرضين لموضوعين، أو لموضوع واحد خارج عن موضوع الحكم.

أما ما لم يكن من قبيل العرض وموضوعه، فجريان االستصحاب في كل

(١٩٩)

Page 201: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

واحد من الجزئين مبني على مسألة معلومي التاريخ، ومجهولي التاريخ فإن كانأحدهما معلوما كموت المورث واآلخر مجهوال كإسالم الوارث - مثال -

يستصحب عدمه إلى زمان اآلخر، فيلتئم الموضوع بضم الوجدان إلى األصلويترتب عليه الحكم الشرعي، أو نقيضه إذا كان المأخوذ في لسان الدليل مجردكون الحادثين مجتمعين في سلسلة الزمان، أو كان أحدهما قبل اآلخر أو بعده

كذلك من دون اعتبار عنوان بسيط من العناوين المنتزعة عن ذلك كالتقارنوالتقدم والتأخر حتى عنوان الحال وشبهه، وإال فجريان األصل ال يكاد يثبت هذا

العنوان كما ال يخفى.نعم، لو كان كالهما مجهولي التاريخ فاألصالن فيهما متعارضان متساقطان،

كما شرح في محله.وأما ما كان من قبيل العرض وموضوعه، فتارة يكون العرض نعتا لموضوعه

مسبوقا بالوجود أو العدم، مثل أن زيدا كان عادال فيشك فيستصحب عدالته، أوكان ولم يكن بفاسق فيستصحب عدم فسقه، وهذا مما ال إشكال فيه. وإنما

اإلشكال في استصحاب عدمه المحمولي، أي بلحاظ عدمه السابق على وجودموضوعه فيما إذا لم يكن بوصفه النعتي مسبوقا بالوجود أو العدم بل موضوعه إماوجد متصفا به أو غير متصف به من أول األمر، وهذا مبني على إمكان أخذه بهذااللحاظ في موضوع الدليل ثبوتا وإثباتا، حتى يلتئم الموضوع ببركة االستصحاب

وضم الوجدان إلى األصل.واألقوى عدم إمكان أخذه كذلك - أي بوجوده النفسي المحمولي أو عدمه

كذلك - ال ثبوتا وال إثباتا.أما من حيث الثبوت فألن المعروض بالنسبة إلى انقسامه إلى هذا العرض

ونقيضه، إما أن يكون مطلقا، فتقيده بعدم كون العرض بوجوده المحمولي مقارنا لهيدافع مع هذا اإلطالق، لبداهة أن المالزمة العقلية مرعية بحسب الواقع ونفس

األمر، وإنما لم يعين بها في مقام إجراء األصول. ووجود العرض بنفسه ولنفسه

(٢٠٠)

Page 202: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

عين وجوده لموضوعه، فإذا فرضنا أن المعروض من حيث انقساماته األوليةالملحوظة قبل انقساماته من حيث األمور المقارنة له مطلق غير مقيد ال بوجود

العرض نعتا له وال بعدمه فتقيده بعدمه المحمولي يدافع مع هذا اإلطالق ال محالة.وإن كان مقيدا به أو بنقيضه على وجه النعتية، فتقيده به كذلك - أي كونه أمرا مقارنا

له - لغو صرف، ألجل المالزمة الواقعية بين نحويه من الوجود مثال في قولنا " أكرمالعالم " إذا كان العالم من حيث انقسامه إلى الفاسق ونقيضه مطلقا غير مقيد ال به

وال بنقيضه، فتقييده بعدم وجود فسقه مقارنا لوجوده يدافع مع هذا اإلطالقويناقضه ال محالة. وإن كان مقيدا بعدم كونه فاسقا، فتقيده أيضا بعدم وجود الفسق

في زمانه تقييد لغو مستهجن. فيتعين أن يكون العرض ملحوظا على وجه النعتيةفي مقام اإلطالق والتقييد بالنسبة إلى معروضه، وال تصل النوبة إلى لحاظه عرضا

ومحموال، لما أشرنا إليه من أن لحاظ الموضوع إطالقا أو تقييدا بالنسبة إلىعوارضه وانقساماته الطارئة عليه أوال مقدم على لحاظه باعتبار مقارناته.

فإطالق الموضوع أو تقييده بالنسبة إلى عوارضه إنما يالحظ بوجوداتها النعتية،وال يعقل اإلطالق وال التقييد بلحاظ وجوداتها النفسية. وبما هي أشياء في حد

نفسها مباينة لوجود موضوعاتها فتأمل جيدا.وأما من حيث اإلثبات ومالحظة األدلة، فألن أخذ القيد في موضوع الحكم

تارة بنحو المركب التوصيفي كقولك " أكرم العالم العادل " مثال واعتباره نعتالموضوعه بديهي في هذا القسم، واستصحاب وجود العدالة مقارنا للعالم ال يثبت

عنوان " العالم العادل " كما هو واضح.وأخرى بدليل منفصل كقولك " ال تكرم الفاسق من العالم " بعد الحكم بإكرام

العالم مطلقا.وهذا القسم أيضا يكشف الدليل المنفصل عن اعتبار نقيضه العدمي - أي من

ليس بفاسق في مصب العموم - ويخرج العام عن كونه تمام الموضوع، فيساوقالتوصيف غايته بعنوان عدمي الذي هو نقيض الخارج.

(٢٠١)

Page 203: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وما أفيد في المقام من بعض أساتيذنا األعالم طاب ثراه: من عدم معنونيةالعام بعنوان النقيض بل هو معنون بكل عنوان - فيعم صورة لحوق العرض عليهبوجوده المحمولي فيستصحب عدمه األزلي، وببركته يدخل في موضوع العامويعمه حكمه - مرجعه إلى عدم التخصيص المفروض وجوده، فيلزم الخلف،

لبداهة أن بعد خروج عنوان الفاسق مثال عن تحت العام فال محالة تضيق موضوعالحكم ومصب العموم، وال يبقى انقسامه إلى الخارج ونقيضه. وال نعني بالتقييد

إال هذا.نعم، إطالقه بالنسبة إلى وجود العرض وعدمه بما هو أمر مقارن له وإن لم

ينثلم بالتقييد اللفظي، فإن الخارج إنما هو بعنوانه النعتي ونقيضه الذي يقع فيمصب العموم كذلك ال محالة.

ولكن قد عرفت أن بعد هذا التقييد ال يكاد يبقى ذاك اإلطالق، وإال يتدافعانألجل المالزمة الواقعية.

وتوضيح المقام بأزيد من هذا البيان موكول إلى محله.وكيف كان فهذا القسم أيضا - بعد وقوع نقيض الخارج في مصب العموم -

مرجعه إلى التقييد بالمتصل.وثالثة يكون بنحو االستثناء كقولك " أكرم العالم إال الفاسق منهم " وهذا أيضاكالمنفصل في تضييق مصب العموم وتقييده بنقيض الخارج، بل هو أولى كما

ال يخفى على المتأمل. فتأمل.ورابعة يكون بدليل منفصل لكن على نحو يكون التقييد واردا على عنوان

الوصف كما هو الشائع المتعارف في ألسنة العلماء، وال يخلو لسان األدلة عنهأيضا كقولهم: يشترط في اإلمام العدالة والذكورية والحرية مثال. وهذا القسم معقطع النظر عما ذكرنا في مرحلة الثبوت يمكن في مقام اإلثبات أن يكون اعتبار

الوصف في موضوع الحكم بجواز االقتداء بوجوده النفسي المحمولي، بأن يكونالشرط في جواز االقتداء مثال كون العدالة والحرية ونحوهما موجودة في زمان

(٢٠٢)

Page 204: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وجود اإلمام ومقارنة لوجوده، ال نعتا له، بأن يكون عادال أو حرا مثال. وهذا معقطع النظر عن كونه تقييدا مستهجنا ربما يقطع بعدمه وعدم إرادته لو فرض وقوعهفي لسان األدلة، غايته أنه يوجب الشك في أحد النحوين، وهما كيفيتان متباينتانمن التقييد، فال بد من إحراز القيد بكال الوجهين، فال بد أن يكون الوصف بكال

نحويه مسبوقا بالوجود أو العدم، بل إثبات عدمه نعتا يالزم عدمه مقارنا،وال عكس. فتأمل جيدا.

وبالجملة: فقد ظهر أن بحسب لسان األدلة إنما أخذ األوصاف التي نسبتها إلىموضوع الحكم نسبة العرض إلى محله على وجه النعتية والصفتية - ال بوجوداتهاالنفسية وبما هي ماهيات في حيال ذاتها - فال بد في إحرازها باالستصحاب أنتكون مسبوقة بالحالة السابقة بما هي نعوت لموضوعاتها. وإحراز عدمها األزليبما هي ماهيات في قبال موضوعاتها ال يثبت عنوان نعتيتها، إال بالمالزمة العقلية

الغير المرعية في األصول العملية على ما حقق في محله. وحينئذ فالالزم تنقيحأنها بوجوداتها النعتية مسبوقة بالعدم حتى يستصحب عدمها، أو ليست مسبوقة

بالعدم كذلك فلم يكن مجال لالستصحاب. وصحة االستصحاب هنا مساوقة لماهو المعروف عند المنطقيين من صدق السالبة بانتفاء الموضوع وعليه بنوا الفرق

بين السالبة المحصلة والموجبة المعدولة المحمول. ولكن المرضي عند المحققينأنه من األغالط، كما صرح به الحكيم السبزواري في حاشيته على األسفار وإن

تبعهم في منظومته في المنطق.وكيف كان توضيح المقام مبني على بيان إجمالي في حقيقة الربط والنسبة فيالقضية، وأنه من ناحية الماهية، بمعنى أن الماهيات العرضية مع قطع النظر عنوجوداتها لها جهة نفسية، وجهة ربطية بموضوعاتها. فإذا كانت الماهية بكلتاجهتيها مسبوقة بالعدم فنعتيتها لموضوعها تكون مسبوقة بالعدم األزلي، فيصحاستصحاب عدمها بنحو من العناية. أو أن الربط والنسبة بأنفسهما ماهية ثالثة

خارجة عن ماهية الموضوع والمحمول، وهي المادة المشتركة التي يرد عليها

(٢٠٣)

Page 205: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

اإليجاب تارة والسلب أخرى، فيكون عنوان الربط بنفسه كسائر الماهياتمسبوقا بالعدم، فيستصحب استمرار العدم وعدم طرده بالوجود. أو أنه معنىمنتزع من ناحية وجود العرض. والماهية بنفسها ليست إال هي تارة يلحقها

الوجود المحمولي الطارد لعدمه كذلك، وأخرى باقية على عدمها.فالنعتية والربطية واالتصاف وغيرها - كلما شئت فعبر - عناوين منتزعة عن

خصوصية وجود العرض، وأنه إذا وجد وجد في الغير ال محالة.وبعبارة أخرى إذا أفيض الوجود إلى العرض ووجد في موضوعه فلوجوده

اعتباران، ال أن له وجودين، فإنه من األغالط اعتبار كونه بنفسه موجودا منالموجودات في عرض موضوعه، واعتبار كونه حاال فيه وقائما به وفانيا فيه. فمن

اعتباره الثاني ينتزع الوجود الربطي النعتي، كما أن من اعتباره األول ينتزعالوجود النفسي المحمولي.

وعلى هذا ليست النعتية مسبوقة بالعدم، بل المسبوق به هو الماهية العرضيةالتي تنقسم إلى الموجودة تارة وإلى المعدومة أخرى، وهي التي نسبتها إليهما على

حد سواء.وأما الوجود فال يعقل أن يعرضه العدم كما هو واضح ال يخفى. وما قيل: من

أن الوجود مسبوق بالعدم. فيه مغالطة، فإن معناه أن وجود الماهية مسبوق بعدمهاال بعدمه، بمعنى أن وجودها يطرد عدمها وينقضه، ال أن الوجود كان معدوما ثملحقه الوجود أو يشك فيه فيستصحب عدمه، فإن ذلك من األغالط الواضحة التيال يكاد يتفوه به ذو مسكة، فإنهما وصفان متقابالن يعرضان الماهيات، فال يعقل

اتصاف أحدهما باآلخر تارة وبنقيضه أخرى، كما ال يخفى.وبالجملة: الذي يكون مسبوقا بالعدم هو الماهية، وهي القضية المتيقنة في

االستصحاب التي يصح أن يقال: إنها كانت معدومة واآلن كما كانت، وال يصح أنيقال: إن الوجود الربطي كان معدوما واآلن كما كان، بالضرورة من العقل والبداهة

من الوجدان.

(٢٠٤)

Page 206: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فقد ظهر من ذلك كله أن الربطية والنعتية وغيرهما من العناوين منتزعة عنوجود العرض، وتحققه في الخارج قائما بموضوعه وفانيا فيه، فال يعقل أن يكونمسبوقة بالعدم المحمولي فضال عن النعتي، وإنما المسبوق به ذات العرض بما هو

عرض، ال بما هو عرضي. فافهم واغتنم.وقد ظهر أن هذا مساوق لكذب القضية السالبة بانتفاء الموضوع كما قال به

أهل التحقيق.نعم بناء على الوجهين األولين وهو أن يكون الربطية من قبل ذات الماهية

العرضية أو تكون ماهية ثالثة رابطة بين الموضوع والمحمول فإذا كانت الماهيةبخصوصياتها مسبوقة بالعدم فيصح أن يقال: خصوصيتها النعتية كذلك مسبوقة

بالعدم.وأوضح من ذلك الوجه الثاني، لوضوح أن عنوان الربطية إذا كانت ماهية من

الماهيات فمسبوقة بالعدم ال محالة، فيصح االستصحاب. وكذلك يصح قولهمبصدق السالبة بانتفاء الموضوع، فإن نفي الربط كما يصدق مع وجود الموضوع

كذلك يصدق مع عدمه أيضا. ولعله يرجع إلى ما ذكرنا من الوجهين الخالفالمحكي بين القدماء من المنطقيين والجماعة المتأخرة عنهم: من أن مفاد السالبة

هو سلب الربط الذي في الموجبة - بمعنى أن اإليجاب في الموجبة عبارة عننسبة المحمول إلى الموضوع فيرد على مادة المحمول - وفي السالبة يرد السلب

على هذه النسبة اإليجابية، والزمه عدم وجود السلب وااليجاب على شئواحد.

وهذا خالف ما يقضي به الوجدان بداهة أن ما يثبت للموضوع في الموجبةبعينه يسلب وينفى في السالبة. وكذلك الزم هذا القول خلو القضية السالبة عنالربط والنسبة، وهذا أيضا مما ال يساعده الضرورة من الوجدان. ولذا عدل عن

ذلك الجماعة المتأخرة، وقالوا بأن مفادها ربط السلب أي السلب واإليجابيردان على النسبة الخبرية على حذو واحد - وهي المادة المشتركة في كلتا

(٢٠٥)

Page 207: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

القضيتين الخارجة عن مادتي الموضوع والمحمول - والزمه القول بتربيع أجزاءالقضية كما قالوا. وهذا الوجه وإن كان أصلح من الوجه األول، إال أنه أيضا خالف

التحقيق ويصادمه الوجدان الدقيق، إذ من البديهي في استعماالتنا ومحاوراتنا أنالنسبة ليست شيئا برأسها وجزء للقضية بنفسها، إذ الزمه أن يكون من سنخالماهيات، مع أنها منحصرة في المقوالت المعروفة، مضافا إلى أن بناء عليه

تحتاج بنفسها إلى ما يربطها بطرفيها. فافهم جيدا.وقد خرجنا عما هو المقصود في المقام. وكيف كان فعلى هذين الوجهين يتم

استصحاب األعراض بوجوداتها النعتية، كما يصح صدق السالبة بانتفاء الموضوعأيضا. ولكن على ما هو تحقيق الحق في المقام كما قال به المتأخرون من أهلالصناعة من أن النسبة في حاق حقيقتها منقسمة إلى ثبوتية وسلبية، وأنها بكال

قسميها واردة على مادة المحمول، فاإليجاب عبارة عن ثبوت المحمول العرضيلموضوعه، كما أن السلب سلب المحمول عن موضوعه، وأنه غير متصف به وغيرمعنون بعنوانه. ومرجعه إلى ما ذكرناه واخترناه - على ما يساعد عليه الوجدان في

االستعماالت والمحاورات - من أن النسبة الثبوتية أمر منتزع عن نفس وجودالعرض في محله وقيامه به وفنائه فيه، كما أن السلبية عبارة عن عدم قيام العرضبمحله، فيصير ذلك وصفا وعنوانا عدميا للموضوع ال محالة. وهذا معنى قولهم

النسبة في حاق حقيقتها تنقسم إلى الثبوتية والسلبية.ويشهد لذلك ما بنوا عليه وحققوه: من أن كل واحد من الوجود والعدم ينقسم

إلى النفسي المحمولي والرابطي.نعم، قد استشكل صدر المتألهين في العدم الربطي نظرا إلى أن العدم كيف

يكون رابطا، مع أنه ال يصلح ألن يكون منشأ ألثر، بل اآلثار كلها من قبل الوجودوهو منشؤها ومبدؤها. ولذا قد مال في حقيقة النسبة إلى ما ذهب إليه المتقدمون:

من أن النسبة السلبية سلب ما في القضية اإليجابية، غفلة عن تواليه الفاسدةومحاذيره التي أشير إليها في الجملة، مع مصادمته للضرورة والوجدان.

(٢٠٦)

Page 208: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وقد أجاد شيخنا األنصاري (قدس سره) وكيف أجاد، بل لعله مما أجرى الله تعالىعلى قلمه من التعبير عن العدم الربطي بالنعتي، وبه يحسم مادة اإلشكال، لوضوح

صالحية العدم المضاف أن يصير نعتا لمنعوته وعنوانا له ولو سلم عدم صالحيتهللربط كما توهم.

والحاصل: أن الذوات كما تتصف باألوصاف الوجودية، كذلك تتصفباألوصاف العدمية، بمعنى أن يكون عدم القيام مثال عنوانا ووجها لزيد كما أن

وجوده ربما يكون كذلك.وقد ظهر أن كال منهما بذاك االعتبار ليس مسبوقا بالعدم فال مجال

الستصحابه بل المسبوق به باعتبار وجود الوصف وعدمه المحمولي، واستصحابهبذاك االعتبار ال يثبت وجوده وعدمه نعتا وإن يالزمه واقعا، إال أن بناء األصول

على التفكيك بين اللوازم والملزومات والمالزمات، كما ال يخفى.وقد ظهر أيضا أن صدق السالبة بانتفاء الموضوع من األغالط الواضحة. وما

يتداول في األلسنة بنحو من العناية ال محالة لو كان من االستعماالت الصحيحة فاليزاحم مع ما ذكرنا من البيان وإقامة البرهان.

نعم، هناك مغالطة قد استدل بها القائلون بالصدق، وهي أنه لو لم يصدقالسالبة عند انتفاء الموضوع لصدق نقيضه ال محالة، والتالي باطل بالضرورة،

فالمقدم مثله. مثال لو لم يصدق " زيد ليس بقائم " عند انتفاء الموضوع لصدقنقيضه وهو " زيد قائم " المتناع ارتفاع النقيضين.

وحله: أن العوارض الالحقة للموضوعات تارة هي نفس الوجود والعدم.وأخرى سائر العوارض كالقيام والقعود ونحوهما.

أما الوجود والعدم فيلحقان ذات الموضوع بماهيته وحقيقته العارية عن كالالوصفين، ولذا يكون الحمل في مثل " زيد موجود " مبنيا على العناية والتجريد.وحينئذ فهما وصفان متقابالن تقابل اإليجاب والسلب، بمعنى امتناع ارتفاعهمابالقياس إلى الماهيات كما يمتنع اجتماعهما أيضا، وال يعقل الواسطة بينهما، إذ

معروضهما ذوات الماهيات كما قلنا.

(٢٠٧)

Page 209: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما سائر العوارض فتلحق الموضوعات المفروضة وجودها، فإنها هي التيتصح قيام العرض بها أو نقيضه وانقسامها إلى القسمين، وأما الماهية بذاتها مع قطع

النظر عن كونها موجودة ال تكاد تتصف بالقيام وال بنقيضه. وكذلك سائرالعوارض، فيكون تقابل كل عرض ونقيضه تقابل العدم والملكة، لورودهما علىموضوع قابل ألن يتصف بهما، وهو الموضوع المفروض الوجود، فيصح حينئذ

ارتفاعهما بانتفاء موضوعه.نعم، بعد فرض وجود الموضوع ال يعقل ارتفاعهما، كما ال يمكن اجتماعهما.وال يجري ذلك بالنسبة إلى وصفي الوجود والعدم، فإن فرض انتفاء الموضوع

مساوق التصاف الماهية بالعدم، فال يعقل تصور خلوها عن الوصفين، كماال يخفى.

وحينئذ نقول: السالبة عند انتفاء الموضوع بنفسها من األغالط، لعدم صالحيةالموضوع بعد فرض انتفائه للحوق عدم القيام به، كما ال يصلح للحوق القيام به،

فتأمل جيدا.فإن قلت: على هذا فال فرق بين السالبة المحصلة والموجبة المعدولة

المحمول من حيث الصدق، مع أنهم قد فرقوا بينهما باعتبار ثبوت الموضوع فيالثانية كما في سائر الموجبات، دون األولى.

قلت: نعم ال فرق بينهما بحسب الصدق، والتفرقة المذكورة عين المدعى،فمصادرة.

نعم، فرق بينهما من جهة أخرى، وهو ما أشرنا إليه: من أن الموضوع إذااتصف بوصف عدمي يصير ذلك العدم المضاف عنوانا له بلحاظ الثانوي.

فالفرق بينهما هو الفرق بين العناوين األولية والثانوية، بمعنى أن زيدا إذاحكم عليه بعدم القيام فينتزع منه عنوان بسيط ثانوي باللحاظ الثانوي، فيتصف

بكونه " ال قائم " ولذا لو كان موضوعا لحكم شرعي بهذا العنوان فاستصحاب عدماتصافه السابق بالعرض ال يثبت ذاك العنوان. فافهم جيدا.

(٢٠٨)

Page 210: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وكيف كان، فنتيجة ما ذكرنا من التفصيل والتطويل وإن لم يكن خاليا عنالفائدة واإلفادة، لشيوع هذا االستصحاب في األبواب كثيرا فال بد من تنقيحه. أن

النعوت العدمية التي نسبتها إلى منعوتاتها نسبة العرض إلى موضوعه - مثل عدمكون الشرط مخالفا، أو عدم كون الدم حيضا أو عدم كون الماء كرا، أو عدم كون

االمرأة قرشية، إلى غير ذلك من الموارد العديدة التي ال تحصى - ال مجالالستصحابها بلحاظ عدمها السابق على وجود موضوعاتها، لعدم كونها بهذا

اللحاظ مسبوقة بالعدم، وبلحاظ عدمها المحمولي لم تؤخذ موضوعا لحكم، بل قدعرفت امتناعه ثبوتا، وعدم وقوعه إثباتا. وحينئذ لو شك في هذه الموارد مثل إنالشرط مخالف للكتاب أم ال؟ فال أصل في تلك المرحلة، ولكنه حيث يوجب

الشك في نفوذ الشرط فاألصل المسببي - أي أصالة عدم نفوذ الشرط وعدم كونالمشروط عليه ملزوما به - هو المحكم. فافهم واغتنم.

قوله (قدس سره): (الشرط الخامس أن ال يكون منافيا لمقتضى العقد.... إلى آخره).اعلم أن مقتضيات العقد تارة ما يقتضيه بذاته، بمعنى أن سلب ذاك المقتضى

عنه يكون مساوقا لنفيه وإبطاله.وأخرى ما يقتضيه بإطالقه، سواء كان من آثاره المترتبة عليه عرفا - مثل

اقتضائه للتسليم والتسلم، وكون الثمن نقدا، وكونه نقد البلد وما يشبه ذلك - أو مناألحكام الثابتة له شرعا مثل ثبوت خيار الحيوان للمشتري وخيار المجلس

للمتعاقدين ونحوهما، فإن مرجع الجميع إلى األحكام الثابتة له شرعا غايته إماتأسيسا أو إمضاء، وإال فاألثر العرفي لوال اإلمضاء الشرعي ال مانع من اشتراطخالفه، لعدم منافاته مع ذات العقد، وال يندرج تحت عموم الشرط المخالف

للكتاب، فال محذور.وكيف كان، فمن المعلوم أن ما كان منافيا إلطالقه ال مانع عن اشتراطه،

لوضوح أن معنى اإلطالق صالحيته للتقييد وصحة االشتراط على خالفه، فالمنععنه من جهة أخرى ال محالة. فيندرج المسألة من تلك الجهة في المسألة السابقة،

(٢٠٩)

Page 211: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

من مالحظة كونه مخالفا للمشروع، أو غير مخالف. فما أفاده (قدس سره) منالوجهين لعدم

الصحة ال يجريان في مورد واحد، بل الوجه األول لما كان منافيا لذات العقدوالثاني لما كان منافيا لما جعله الشارع من آثاره فال بد من مالحظة دليل ذلك

الجعل، من أنه جعل أثرا لذات العقد أو إلطالقه.وعلى أي حال ال دخل له بما يقتضيه العقد من االلتزامات المنشأة به صريحاأو ضمنا، مطابقة أو التزاما، بل من األحكام الثابتة له بالتعبد، فالمتبع مالحظة

دليله.وكيف كان، فقد اختلط هذه المسألة بالمسألة السابقة، ولعله المنشأ لإلشكالوصعوبة الفرق بين الموارد التي يصح االشتراط عما ال يصح. فكان حق المقام

تخصيص البحث هنا باآلثار المترتبة بحسب العرف والعادة على ما ينشأ بالعقد،والبحث عما هو مقتضى ذات العقد بحيث لو لم يكن كان اإلنشاء لغوا، وكان

اشتراط عدمه مناقضا لما أنشأه بالعقد أوال، وما هو مقتضى إطالقه فاشتراط عدمهكان رافعا لإلطالق المقتضي له، ال منافيا لما اقتضاه مع حفظ المقتضي، كما

ال يخفى على المتدبر، فتدبر.وأما اآلثار المجعولة على العقد شرعا - التي ال ربط لها باإلنشاء العقدي وماينشأ به ويلتزم به المتعاقدان صريحا أو ضمنا - فهي خارجة عن هذه المسألة

رأسا، ومندرجة في المسألة السابقة.وقد عرفت أن المتبع مالحظة دليل الجعل، وحينئذ فتشخيص القسمين - أي

ما يقتضيه ذات العقد أو إطالقه - في غاية الوضوح وكمال السهولة، فإن المنشئاتالعقدية تارة ينشئها العاقد أوال وبالذات ويدل العقد عليه مطابقة، مثل تمليك

األعيان في البيع والمنافع في اإلجارة. وأخرى ينشئها تبعا وضمنا بحيث يعد منمداليل العقد التزاما، مثل كون العوض نقد البلد أو كون ما انتقل عنه صحيحا أو غير

ذلك من األمور التي يتضمنه العقد، ويدل عليه بالداللة االلتزامية.فإن كان مرجع االشتراط إلى ما ينافي األول - مثل أن يكون مرجعه إلى عدم

(٢١٠)

Page 212: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

حصول المبادلة والتمليك والتملك مثال - فهو مناف لمقتضى العقد ال محالة، للزومالمناقضة الواضحة.

ومن هنا يظهر وجه بطالن اشتراط كون البيع بال عوض واإلجارة بال أجرة،فإن العوض واألجرة في البيع واإلجارة من مقوماتهما التي يدل العقد عليه

بمدلوله اللفظي المطابقي، لما عرفت من أن حقيقة البيع مبادلة األعيان باألموال،واإلجارة مبادلة المنافع بها، فاشتراط عدمهما مناف لما أنشأه العاقد ابتداء، كما

ال يخفى.وهذا بخالف اشتراط عدم بيعه أو وقفه أو هبته مطلقا أو بشخص خاص، فإنه

ال ينافي مع التمليك والتملك المنشأ بالعقد، بل هو من آثاره ولوازمه المترتبة عليهبحسب العرف والعادة لوال االشتراط على خالفه.

نعم، إذا كان مرجع االشتراط إلى منع جميع اآلثار المترتبة على ما ينشأبالعقد من الزوجية والملكية ونحوهما فال يبعد إلحاقه إلى ما ينافي لمقتضى العقد،ألن ما ينشأ به إنما هو طريق للوصلة إلى تلك اآلثار، فمع اشتراط عدمها كأنه لمينشئ بالعقد شيئا، فيلزم المناقضة ولو بنحو من العناية والمسامحة. وكذلك األثرالظاهر على وجه كان تمام الغرض والغاية للعقد - وكان سائر اآلثار بالنسبة إليه

من قبيل ضم الحجر إلى جنب اإلنسان غير ملحوظة بنظر المتعاقدين، وغيرمرغوبة من العقد بحسب العرف والعادة - بحيث كان انتفاؤه بنظرهم مساوقا

النتفاء العقد. ولعل نظر المشهور في عدم صحة اشتراط المنع عن البيع والهبة فيضمن عقد البيع إلى ذلك. ولكنه ليس بجيد، ألن البيع بالنسبة إلى الملكية ليس بهذه

المثابة.نعم، ربما يكون كذلك في بعض األعيان بالنسبة إلى بعض األشخاص، إال أنالمناط ليس على مالحظة األشخاص، بل على ما هو كذلك نوعا بحسب ما

يقتضيه العرف والعادة، ومن هذا القبيل اشتراط عدم الوطء في عقد المزاوجة، فالمانع عنه كما ورد عليه الرواية.

(٢١١)

Page 213: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

نعم، ال يبعد أن يكون المنع عن مطلق االستمتاع فيه منافيا لمقتضى العقد بذاكالمعنى الذي أشرنا إليه.

وإن كان مرجعه إلى نفي االلتزامات الضمنية التبعية التي يتضمنها العقدبحسب العرف والعادة، فقد عرفت أنها من مقتضيات إطالقه المنصرف إلى ما هو

المعمول في نوع المعاملة عرفا، فإذا صرح على خالفه كالبراءة عن العيوب أوكون الثمن مؤجال ونحو ذلك فال إطالق، حتى يكون اشتراط الخالف منافيا

لمقتضاه، فال محذور.وبالجملة: فرق بين االلتزام المنشأ في متن العقد صريحا ومطابقة،

وااللتزامات التبعية المتفرعة عليه الالحقة له عند إطالقه. فاشتراط الخالف منافلمقتضى العقد في القسم األول، دون الثاني، ويلحق بالقسم األول اشتراط المنععن جميع اآلثار أو األثر المطلوب المرغوب من العقد، بحيث يكون سائر اآلثار

في جنبه وجودها كعدمها، غير مرعية بنظر المتعاقدين، كالملكية في عقد البيع بناءعلى كونها من لوازم البيع، حيث إن حقيقته مبادلة المال بالمال في الملك، وإن قلنا

بأنه تمليك بالعوض فالملكية نفس المنشأ بالعقد.وعلى أي حال اشتراط عدمها مناف لمقتضى العقد، بخالف مثل االلتزام

بوصف الصحة أو عدم تغابن العوضين أو كون الثمن مؤجال ونحو ذلك، فإنهاالتزامات تبعية يقتضيها العقد بإطالقه بحسب العرف والعادة. فبالتصريح على

خالفه يرتفع موضوع اإلطالق، من دون انثالم في حقيقة العقد، كما هو واضح.وأما اآلثار الشرعية الثابتة للعقد تعبدا فتارة مترتبة على المعقود عليه من

دون نظر إلى سببه أصال، مثل " الناس مسلطون على أموالهم " فإن السلطنة جعلتأثرا للملكية من أي سبب كانت ولو حصلت من األسباب القهرية كاإلرث مثال،وهذا ال مساس له بباب منافيات العقد بوجه، فيتمحض المنع عنها بكونه مخالفا

للكتاب، ومن هذا القبيل حق اإلسكان الثابت للزوج فال ربط له بالعقد حتى يكونمنعه عنه مناف لمقتضاه، بل الكالم فيه ينبغي أن يقع من حيث كونه حقا قابال

(٢١٢)

Page 214: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

لإلسقاط أو حكما تعبديا غير قابل له، ال من حيث منافاته للعقد. وكذلك ما يرجعإلى قصر السلطنة في األموال، مثل المنع عن البيع وأمثاله.

وقد عرفت في المسألة السابقة أن كلما يرجع إلى باب الحقوق يصح إسقاطهباالشتراط في متن العقد أو بعده، فإنه مقتضى كمال السلطنة وتماميتها، كما ال

يخفى.وأخرى مترتبة على العقد بما هو عقد خاص كخياري المجلس والحيوان في

عقد البيع، وهذا القسم يمكن إدراجه في المسألة بأن المنع عن تلك اآلثار مخالفلما يقتضيه العقد شرعا. ولكن مع ذلك حكمه موكول إلى المسألة السابقة من الفرق

بين كونها حقا أو حكما، وضعا أو تكليفا، والرجوع إلى دليله، من حيث قابليتهلالشتراط على خالفه، وعدمها.

وحينئذ فاشتراط عدم الخيارين في البيع مثال ال محذور فيه إن كان مرجعهإلى إسقاط ما جعله الشارع حقا لهما، لما نقحنا في المباحث السابقة أن حقيقة

الحق متقومة بكونه تحت سلطانه وزمامه بيده.نعم، لو كان مرجعه إلى عدم كون العقد خياريا فيرجع إلى التصرف في الحكم

الشرعي، فال ينفذ، وال يجوز قطعا. فتأمل جيدا.ومما ذكرنا ظهر أن بعض المسائل المبحوث عنها في المقام ال مساس له

بالشرط المخالف لمقتضى العقد، مثل اشتراط عدم بيعه أو وقفه أو هبته مطلقا أومن شخص خاص، فال مانع من االشتراط، من غير فرق بين العتق وغيره كما قيل،

وإال فبناء العتق على التغليب ال يكاد ينفع، كما ال يخفى. وكذلك اشتراط عدمإخراج الزوجة عن بلدها، لما عرفت من أنه غير مرتبط بالعقد.

نعم، ينبغي التكلم في بعض هذه المسائل - مثل الفرق بين اإلجارة والعارية،وجواز اشتراط الضمان في الثاني دون األول، واشتراط توارث الزوجين في عقد

المتعة، واشتراط عدم الخسران في عقد الشركة - فإنها ال يخلو عن التأملواإلشكال.

(٢١٣)

Page 215: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فنقول: وعلى الله االتكال أما األولى: فالمشهور بينهم عدم جواز اشتراطالضمان في عقد اإلجارة دون العارية، معلال بأنه مخالف لمقتضى العقد.

وناقش فيه المقدس األردبيلي (١)، وتبعه شارح الروضة في حاشيته (٢) عليها،بمنع كونه منافيا لذات العقد، بل ينافي إطالقه الغير المنافي مع اشتراط خالفه.وعن بعضهم على ما حكى شيخنا المحقق األستاذ - دام ظله - التفصيل بين

اإلجارة على األموال فال يجوز، وعلى األعمال فيجوز، إذ فرق بينهما. ففي إجارةالعين يقع مال المؤجر في يد المستأجر، ومعنى ضمانه ضمان المستأجر. وفي

اإلجارة على األعمال - كالخياطة والقصارة ونحوهما - يقع مال المستأجر في يداألجير، والمراد بضمانه ضمان األجير، ال المستأجر.

ثم إن المتسالم بينهم ظاهرا في القسم الثاني عدم استحقاق األجير لألجرة إالبمقدار وفائه للعمل، فيستحق األجرة تدريجا بأداء العمل كذلك. وهذا ينطبق علىما هو المعروف من أن اإلجارة عقد على المنافع التدريجية الموجودة جزء فجزء،

وال إشكال فيه - من حيث كونها معدومة فال يصح تعلق العقد بها وتملكها - بعد ماكان لها نحو وجود اعتبارا عند العقالء، ويصح بذل المال بإزائها عندهم، وجرت

سيرتهم عليه.وأما القسم األول - أي اإلجارة على األعيان - فالمتسالم عندهم ظاهرا

استحقاق المؤجر لألجرة بمجرد تسليم العين، وعدم حق النكول للمستأجر بعدوضع يده عليها، وأن استقرار ملكيته لألجرة يتوقف على انقضاء المدة، فلو تلف

العين أو سلب عنها المنفعة تحسب عليه. وانطباق هذا الفتوى على تمليك المنافعال يخلو عن اإلشكال، إذ المنافع تدريجية فالزمها استحقاق األجرة كذلك.

ثم إنه لو استحق األجرة بتسليم العين فتوقف استقرار ملكيته على انقضاءالمدة ال يستقيم بظاهره.

--------------------(١) مجمع الفائدة ١٠: ٦٩.

(٢) شرح الروضة: ٣٦٥ س ٢٦.

(٢١٤)

Page 216: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ومن ذلك كله يستكشف أن ما يقع عليه اإلجارة ليس صرف المنافعالمتدرجة، وإال فقد عرفت أنه ال وجه الستحقاق األجرة بتسليم العين، بل للعين

نحو دخل في متعلق اإلجارة. ولذا نقل عن بعض أهل النظر من هؤالء األواخر أناإلجارة تمليك العين موقتا. ولكن فساده واضح، لعدم معهودية التوقيت في

الملكية في الشريعة، إال أن بناء ذاك القائل مخالفة القوم في هذه المراحل فتأمل.ويظهر من المحقق والعالمة (قدس سرهما) (١) (٢) - من تعريفهم لها بأنها عقد

ثمرته تمليكالمنافع - أن المعقود عليه ليس صرف المنافع، بل المحكي عن التذكرة التصريح

بذلك.وهو كذلك عند التحقيق والنظر الدقيق، فإن النقل واالنتقال تارة يقع على

نفس األعيان فيتبعه آثار الملكية، وكلما يكون من لوازمها عرفا وشرعا، ومنهاكون العين تحت يده االنتفاعية، بمعنى سلطنته عليها على نحو يصح له االنتفاع بها

بأنحاء منافعها وإن لم ينتفع بها فعال.وأخرى يقع على نفس المنافع المستوفاة تدريجا، فإنها وإن كانت معدومة

ولكن لها نحو وجود باعتبار قابلية العين لها ونحو اعتبار عقالئي يصح بذل المالبإزائها - كما قدمناه - فال إشكال في تمليكها من تلك الجهة، ولكن الزمه تقسيطالثمن الذي يقابلها وانتقاله إلى من أنتقل إليه جزء فجزء، حيث إن استحقاقه لألخذ

مشروط بقبض ما انتقل عنه - أي المنافع - والمفروض كون قبضها تدريجيا،فيكون استحقاقه ألخذ الثمن كذلك، فافهم.

وثالثة يقع على ذاك األمر المتوسط الذي أشرنا إليه من أنه من توابع الملكيةولوازمها، أي كون العين تحت يد االنتفاع، وهذا المعنى أيضا اعتبار عقالئي يصح

بذل المال بإزائه، بل هو أقوى من المنافع الفعلية، فإنه أمر يتحقق بالعقد، وينشأبإنشاء تملكه وإن كان بقاؤه منوطا ببقاء العين على قابلية االنتفاع.

أما القسم األول فهو مختص البيع وما هو موضوع لنقل األعيان من العقود.--------------------

(١) الشرائع ٢: ١٧٩.

(٢) القواعد ٢: ٢٨١.

(٢١٥)

Page 217: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما القسمان األخيران فيقع الكالم في أن المعقود عليه في عقد اإلجارةأيهما، هل هو نفس المنافع التدريجية أو ذاك المعنى المتوسط الذي تصورناه؟

وعلى الثاني ينحل ذاك اإلشكال - الذي أشرنا إليه من تسالمهم علىاستحقاق األجرة بتمامها بتسليم العين إلى المستأجر - لما عرفت من أنه أمر

متحقق حال العقد وينشأ به آنا ال تدريجا، وقبضه إلى من أنتقل إليه أيضا بنفسقبض العين ووضع يده عليها، فيستحق المؤجر العوض - أي األجرة بتمامها -بنفس تسليم العين، ال أن يكون القبض تدريجا، حتى يكون استحقاق العوض

أيضا كذلك. كما يستقيم أيضا تسالمهم على توقف استقرار العوض في ملكه ببقاءالعين على قابلية االنتفاع، لما عرفت من أن هذا المعنى وإن كان آني الحصولبالعقد لكن بقاؤه متقوم ببقاء العين أيضا، فبخروج العين عن االنتفاع المقصود

بالعقد يخرج عن كونه مقبوضا، ويترتب عليه حكم التلف قبل القبض. فتأمل جيدا.وكيف كان، فلو قلنا بأن المعقود عليه في إجارة األعيان ذاك المعنى المتوسط

المستتبع للمنافع التدريجية - كما هو التحقيق والظاهر من كلمات بعض األجلةكالمحقق والعالمة بأنها عقد ثمرته تمليك المنافع - فاستحقاق المستأجر لوضعاليد على العين في كمال الوضوح، لما عرفت من أن حقيقة المعقود عليه متقومة

بوضع اليد على العين، بل هو هو معنى، كما ال يخفى.وأما على القول بأنه نفس المنافع، فالزم استحقاقها وملكيتها وضع اليد عليها

عقال.وعلى أي حال فنفس اإلنشاء العقدي متضمن لكون العين تحت انتفاعه، إما

مطابقة على األول، أو التزاما على الوجه الثاني. فيكون وضع اليد على العين عنحق مالكي منشأ بالعقد مطابقة أو التزاما، فاشتراط ضمانها على المستأجر خالف

الكتاب، كما هو واضح. فكون اليد عن حق مالكي إنما يثبت بالعقد ومنالمدلوالت االلتزامية لما هو المنشأ به، بل نفس المنشأ على تقدير، وعدم ضمان

اليد الثابت عن حق واستحقاق أمر ثابت في الشرع فال ينفذ اشتراط الضمان.

(٢١٦)

Page 218: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وهذا بخالف اإلجارة على األعمال، فإن مال المستأجر هنا يقع عليه يد المؤجر،وال استحقاق له على وضع اليد عليه، لجواز استيفاء العمل مع كون العين في يد

مالكها، أو بذل المالك لألجرة بال استيفاء العمل، فال يكون يد المؤجر عليها بحقيلزمه العقد بوجه. فال بأس باشتراط كونها مضمونا عليه، لعدم منافاته لمقتضى

العقد، بل هو ال اقتضاء بالنسبة إليه، كما في العارية على ما سنشير إليها إجماال،وال يكون مخالفا للمشروع أيضا كما هو واضح.

وحينئذ فالتحقيق هو التفصيل بين اإلجارة على األعيان واألموال لما ذكرنامن أن الفرق الواضح بينهما. وعلى هذا فما ورد في بعض األخبار من جواز شرط

الضمان على مثل المالح والمكاري والجمال خال عن اإلشكال، وعلى مقتضىالقاعدة، فإنه في إجارة السفينة من المالح لحمل الطعام واشتراط أنه لو نقص كانعليه فقال (عليه السالم) جائز (١) إلى آخره فيكون من باب اإلجارة على العمل،

فراجعوتأمل وال تغفل.

وكيف كان، فقد ظهر أن وجه عدم الضمان في اإلجارة إنما هو استحقاقالمستأجر لوضع اليد على العين الناشئ من قبل نفس العقد مطابقة أو التزاما بأحد

الوجهين، وإذا كان يده بحق مالكي - أي يملكه بالعقد - ال مجرد كونه برضا المالكوتسليطه عليه فاشتراط كون اليد يد ضمان خالف للمشروع، إذ الذي هو محلالكالم هو هذا ال مجرد أنه لو تلف العين يتداركه المستأجر من ماله، فإنه ربما

يكون نافذا جائزا، فتأمل جيدا.ومن هذا القبيل يد المرتهن على العين المرهونة، فإنه أيضا بحق مالكي ناش

من قبل العقد، فإن كون العين وثيقة عنده - بحيث كان له استيفاء ماله عنها في محله- ال يكاد ينفك عن وضع اليد على العين وكونها تحت سلطنته - فاشتراط الضمان

فيه أيضا مناف لمقتضى العقد بالمعنى الذي ذكرناه.--------------------

(١) الوسائل ١٣: ٢٧٠، الباب ٢٧ من أبواب اإلجارة ح ١، وليس فيه: جائز.

(٢١٧)

Page 219: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما سائر أبواب األمانات فما عدا العارية وهو الوكالة والوديعة فكذلك - أيال يصح شرط الضمان - لكن ال من جهة استحقاقه كون العين في يده، بل من جهةكونهما استنابة عن المالك، فجعل يدهما بمنزلة يده ينافي ضمانه. فحقيقة االستنابة

منافية للضمان، إلرجاعه إلى ضمان نفسه.وعلى هذا فال فرق في الوكالة بين كونها تبرعا أو بجعل، فإن الجعل ال ينافي

االستنابة.نعم، لو قيل، كما توهم: إن عدم الضمان من جهة إرجاعهما إلى مصلحة المالك

فيتفاوت صورة التبرع وغيرها، ولكن مجرد ذلك ال يكاد يكفي في عدم الضمان،إال بضميمة مثل ما جعل الله على المحسنين سبيال وأمثال ذلك، حتى يتم وينتج.

وعلى أي حال بعد ما عرفت من منافاة االستنابة مع الضمان وكونهما من هذاالباب فال نحتاج إلى كبرى أخرى.

بقي الكالم من األمانات الخمس في العارية وقد ظهر أنه ال مانع من اشتراطالضمان فيها، لعدم دخولها في إحدى الكبريات المذكورة - من كون تصرف

المستعير عن حق مالكي، أو استنابة، أو كونه مصلحة للمالك وإحسانا عليه - بلمجرد تحليل وإباحة، وهذا غير مقتض لعدم الضمان بوجه.

نعم، مقتضى إطالقها وإرسالها ذلك. وعليه يحمل ما في بعض األخبار " ليسعلى المستعير عارية ضمان (١) إلى آخره ". فإن عدم الضمان كما يمكن أن يكون

مستندا إلى علة موجبة لذلك، كذلك يمكن أن يكون لعدم المقتضي للضمان. فالاقتضاء للعقد بحسب ذاته ال له، وال لعدمه. فيصح اشتراط الضمان، كما يصحاشتراط عدمه. وطريق استكشاف ذلك - أي كونه من باب عدم العلة، أو العلة

الموجبة لعدمه - ما في األخبار العديدة من الضمان عند االشتراط فراجع.وقد ظهر مما تقدم أن حال اإلجارة على األعمال بعينه حال العارية في عدم

دخولها في الكبريات المذكورة المنافية لالشتراط، كما هو واضح.--------------------

(١) الوسائل ١٣: ٢٤٠، الباب ٣ من أبواب العارية ح ٣ و ٤.

(٢١٨)

Page 220: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الثانية: في اشتراط عدم الخسران في عقد الشركة، فإنه أيضا محل خالفوإشكال. وعلى جوازه وردت رواية صحيحة عن رفاعة قال: سألت أبا الحسن

موسى (عليه السالم) عن رجل شارك رجال في جارية له، وقال: إن ربحنا فيها فلكنصف

الربح، وإن كانت وضيعة فليس عليك شئ، فقال (عليه السالم): ال أرى بهذا بأسا إذاطابت

نفس صاحب الجارية إلى آخره (١). ولكن منعه ابن إدريس مطلقا (٢)، لمنافاته معالشركة. والرواية خبر واحد ليس حجة عنده.

وعن التنقيح (٣): االقتصار على مورد النص تعبدا. وعن المحقق في الشرائع (٤)جوازه في مطلق الحيوان، وال يعلم له وجه. وعن الدروس كما نقل عنه التعدي إلى

مطلق المبيع، معلال بأن تبعية المال من لوازم الشركة المطلقة، ال مطلق الشركة،فال ينافي اشتراط خالفها. والرواية على القاعدة فيتعدى عن موردها إلى سائر

الموارد أيضا.هذا ما أفاده (قدس سره) في بيع الحيوان (٥)، وفي الشركة االبتدائية استظهر

البطالن (٦)، وفي الصلح تسلم الصحة بال إشكال (٧).ولذا أورد عليه صاحب الجواهر (٨) بالتهافت بين كلماته. ولكن سيتضح لك

عدم التهافت بينها وإن كل واحد وقع في محله.وبالجملة: كلمات األكابر على ما نقل مختلفة في األبواب الثالثة، فالظاهر في

باب الصلح تسالمهم على الصحة، لمكان غير واحد من األخبار. كما أن الظاهرأيضا تسالمهم على البطالن فيما إذا كان الشرط في ضمن عقد الشركة، معلال بعدم

وقوع الزيادة ألحدهما في مقابل عوض، وال وقع اشتراطها في ضمن عقد--------------------

(١) الوسائل ١٣: ٤٢، الباب ١٤ من أبواب بيع الحيوان ح ١.(٢) السرائر ٢: ٣٤٩.(٣) التنقيح ٢: ١٢٠.(٤) الشرائع ٢: ٥٧.

(٥) الدروس ٣: ٢٤٤.

(٦) الدروس ٣: ٣٣٣.

(٧) الدروس ٣: ٣٣٣.(٨) الجواهر ٢٤: ٢٦٨، ٢٦: ٢٢٠.

(٢١٩)

Page 221: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

معاوضة ليضم إلى أحد العوضين، وال اقتضى تملكها عقد هبة. واألسباب المقررةللملك معدودة، وليس هذا منها.

هكذا أفادوا، ونعم ما أفادوا، فإن حقيقة الشركة إنما تحصل بامتزاج المالين،ال بالعقد. ولذا لو عقدا ولم يحصل االمتزاج ال يتحقق الشركة، كما أنه لو امتزج

الماالن يتحقق الشركة وإن لم يعقدا. فالشركة من لوازم االمتزاج الواقع في الخارج.ومن الواضح كون النماءات الحادثة أيضا مشتركة بينهما بنسبة أصلها، كما أن

النقص لو ورد يرد على المجموع. وليس لذلك االمتزاج المتحقق في الخارج قهراأو اختيارا مساس بباب العقد واللفظ واإلنشاء ونحو ذلك - حتى يبحث أن

التساوي في الربح والخسران هل مقتضى ذات العقد أو مقتضى إطالقه - كما هوواضح، بل هو مقتضى الشركة الخارجية الحاصلة باالمتزاج. ولكن حيث إن

مقتضى الشركة عدم جواز التصرف لكل منهما بدون إذن اآلخر، ففائدة العقد هياإلذن في التصرف في مقام التجارة واالسترباح من أحدهما أو كليهما، وكيفيةالعمل على وجه تعاطيا عليه في عقد الشركة. وحينئذ فاشتراط التفاضل والنقص

في الربح والخسران في ضمنه ال يكاد يفيد شيئا، ألنه بمثابة الشروطاالبتدائية، حيث ال يرجع إلى خصوصيات اإلذن وكيفية العمل، لوضوح أن مجرد

اقترانه بالعقد ال يوجب صيرورته شرطا في ضمن العقد، فافهم.وبالجملة: إذا لوحظ هذا االشتراط إلى الشركة الحاصلة باالمتزاج ولو لم

يكن مسبوقا بالعقد فمخالف للمشروع وما يقتضيه الشركة عرفا وشرعا، وهو أننماء كل مال لصاحبه ال محالة إال بسبب مملك مفقود في المقام على الفرض. وإذا

لوحظ إلى عقد الشركة يكون من قبيل الشروط االبتدائية الغير النافذة - على ماسيأتي توضيحه - لعدم ارتباطه بما هو المنشأ بالعقد من إذن كل واحد منها في

التصرف في مال اآلخر بأعماله في مقام التكسب واالسترباح.نعم، لو كان الشرط راجعا إلى خصوصيات العمل فكونه في ضمن عقد جائز

ال يضر، حيث إن مرجعه إلى تقييد اإلذن فبدونه يبطل العقد، ال الشرط.

(٢٢٠)

Page 222: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبعبارة أخرى: المشروط عليه ملزم بالوفاء بالشرط مع التزامه بالشركة،نظير الوجوب الشرطي في المستحبات العبادية.

وكيف كان، فقد تحصل أن المتجه بطالن اشتراط التفاوت في الربحوالخسران في الشركة االبتدائية، أي ما يكون بالعقد كما أفاد الدروس وغيره.ولكن ال يخفى أن مقتضى تعليلهم: من لزوم انتقال الزيادة في ملك المشروط

له بال عوض وبال سبب مملك من هبة أو وقوعه في ضمن عقد معاوضة ليضم إلىأحد العوضين، أنه لو كان للمشروط له عمل أو كان االشتراط في ضمن عقدالمعاوضة - كالبيع مثال كما هو مورد الروايتين الواردتين في الجارية - كان

صحيحا نافذا.إذ على األول يكون الزيادة في مقابل العمل كما في باب القراض، ولذا قالوا

بأن االسترباح إذا كان منوطا بعمل فهو بالقراض أشبه من الشركة. فيصير الشرطهنا من خصوصيات اإلذن وكيفية الجعل المنشأ بالعقد.

وقد عرفت أن مع فرض بقاء الشركة وحفظها يجب الوفاء بالشرط إذ بدونهال إذن كما في سائر العقود اإلذنية - كالوكالة ونحوها - فيصح االشتراط سواء كان

لآلخر أيضا عمل أو اختص بالمشروط له، إذ مرجع االشتراط إلى تبرع الشارطفي عمله، فال بأس.

وأما الثاني - أي ما كان في ضمن عقد معاوضة نشأت منه الشروط - فمقتضىالقاعدة والتعليل المذكور أيضا الصحة، لصيرورته ضميمة ألحد العوضين فال

يكون بال عوض، ولوقوعه في ضمن عقد الزم، فيلزم.نعم، فيه إشكال الغرر والجهالة، وكونه معلقا على أمر غير حاصل، وانحصار

األسباب المملكة بالعقود الخاصة.فإن قلنا بأن الملكية ال تتوقف على سبب خاص - كما يأتي توضيحه إن شاء

الله - وأن القدر المسلم من التعليق الممنوع إنما هو في باب العقود واإليقاعات،ألن الدليل الوافي به ليس إال االجماع الممكن تخصيصه بالبابين دون باب

(٢٢١)

Page 223: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الشروط - كما يأتي تنقيح ذلك أيضا إن شاء الله - وأن الجهالة حيث يضاف الربحوالخسران إلى رأس المال وهو أمر مقدر ال بأس بها، فاشتراط التفاضل ال بأسبه، كما هو المنصوص في قضية الجارية. فيكون الروايتان على القاعدة الموجبة

لجواز التعدي إلى سائر الموارد، كما أفاد الدروس (قدس سره). وبينه وبين االشتراطفي

ضمن عقد الشركة بون بعيد، ال يقاس أحدهما باآلخر. فتدبر.هذا، إذا كان مرجع االشتراط إلى جبر خسرانه من ماله الذي ينتقل إليه

بالمعاملة، فمرجعه إلى تمليك مقدار من حصته على تقدير الخسران فال محذورفيه، عدا الجهالة والتعليق.

وأما إذا كان المرجع عدم انتقال مقدار من الثمن إلى الشارط رأسا، بل ينتقلإلى المشروط له ابتداء فهذا خالف القاعدة ومخالف للكتاب والسنة بالبداهة،إلرجاعه إلى عدم انتقال العوض إلى من له المعوض، بل إلى غيره. وهذا فاسد

جدا.والروايتان، وإن أمكن انطباقهما على الوجهين ولكن ال داعي إلى حملهما

على الوجه الثاني بعد صالحية الحمل على الوجه األول لو لم تكونا ظاهرتين فيه،ألن ما يتعلق به الغرض غالبا عدم الخسران، وجبر النقصان بأي وجه كان، وأما

كونه بوجه خاص فال يكون ملحوظا لألنظار كما ال يخفى، كما أن صحة االشتراطأيضا مبني على عدم شمول الخسران لصورة تلف المال رأسا - كما هو الظاهر

المتبادر منه عرفا - وأما لو قيل بشموله للتلف أيضا حيث إنه أقوى مصاديقالخسران فال ينبغي الشبهة في بطالن الشرط، إلرجاعه إلى كون المملوك في عهدة

غير مالكه، وأن خسارته ودركه على غيره. وهذا مناف للقاعدة والمالزمة بينالضمان والملكية، وال يقاس على ضمان ما في الذمة، لبداهة الفرق بين المقامين -

كما ال يخفى على أهل البصيرة - فإن مرجع الضمان انتقال ما في ذمة المضمون لهإلى ذمة الضامن، ال كون العين الموجودة مملوكة ألحد وكون ضمانها على اآلخر،

فإن حقيقة الملكية كون الدرك والخسارة على المالك. فافهم.

(٢٢٢)

Page 224: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ولكن اإلنصاف أن المتبادر من الخسران وقوع النقص على المال عندالمعاوضة، ال مطلق الدرك حتى عند التلف.

نعم، ظاهر ما ورد في باب الصلح من قوله: " وعليك التوى... " (١) شمولهلصورة التلف أيضا. ولكن هذه األخبار كلها محمولة على صورة إرادة فسخ

الشركة وتسالم أحد الشريكين على أخذ رأس ماله وتجاوزه عن ربحه وخسرانه.وهذا ال مانع منه بوجه من الوجوه، ال من جهة منافاته مع الشركة لما عرفت من

أنه عند إرادة فسخها أو انقضائها، وال من جهة الربح والخسران إلرجاعه إلى هبةكل واحد منهما ما عنده من الزيادة إلى اآلخر إن كان عينا، وإلى إبراء ما في ذمته

إن كان دينا.نعم، ربما يلزم في بعض صوره الربا، ولكنه كالغرر والجهالة مغتفر في باب

الصلح.وبالجملة: فقد ظهر اختالف الحكم في األبواب الثالثة كما نقل عن الشهيد

وتبعه غيره أيضا فال تناقض بين كلماتهم، كما أورد صاحب الجواهر علىالشهيد (قدس سرهما).

وقد عرفت كمال الفرق بين األبواب. والعجب منه (قدس سره) (٢) أنه شدد النكيرعلى

الشهيد في صحة االشتراط في ضمن عقد البيع، وفي باب الشركة ظاهره الميل إلىالصحة، مع ما عرفت أن األمر بالعكس. فراجع وتأمل.

وأعجب منه حمله مورد الروايتين في الجارية على بيع الكلي في المعين فيمقام تطبيقهما على القاعدة، مع أن تصويره في غاية اإلشكال، وعلى فرض

التصوير الزمه عدم استحقاق الربح أيضا.نعم، في األخبار الواردة في باب الصلح يمكن تطبيقها عليها كما تقدم.

وكيف كان، فما أفاد الشهيد في باب الصلح، وفي ضمن عقد البيع الموجب--------------------

(١) الوسائل ١٣: ١٦٥، الباب ٤ من أبواب الصلح ح ١.(٢) الجواهر ٢٤: ١٦٨، ٢٦: ٢٢٠.

(٢٢٣)

Page 225: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

للشركة من صحة االشتراط، بل وكذلك كل عقد الزم كان موجبا للشركة، وعدمالصحة في عقد الشركة، كلها على القاعدة، ومنطبق على األصول الكلية، كما أشير

إليها في الجملة.بقي الكالم فيما إذا حصل الشركة بسبب آخر قهري - كاإلرث ونحوه - أو

اختياري كالبيع والحيازة ونحوهما، ثم اشتراط التفاوت في الربح والخسران فيضمن عقد الزم آخر.

وبعبارة أخرى: تارة يكون االشتراط في ضمن عقد هو منشأ الشركة،وأخرى في ضمن عقد بعد فرض تحققها بسبب آخر. والفرق أن على األول يمكن

القول بأن الشركة إنما تحققت على هذا الوجه فال اقتضاء لها حتى ينافيهاالشتراط، بخالف الثاني، فإن الشركة المتحققة سابقا مقتضية لتساويهما في الربح

والخسران. فاشتراط التفاوت مناف لمقتضاها وإن لم يكن فيه محذور من جهةكون التفاضل بال عوض، أو من جهة عدم السبب المملك، لما عرفت من اندفاعهما

إذا كان في ضمن عقد الزم.ولكن قد عرفت أن اشتراط التفاضل يتصور بأحد الوجهين:

تارة يكون مرجعه إلى عدم دخول الزيادة في ملك الشارط وانتقاله إلىالمشروط له ابتداء، أي عند حصول المعاوضة وظهور الربح.

وأخرى إلى انتقالها إلى مالكها على القاعدة، ثم انتقاله من ملكه إلىالمشروط له.

وقد عرفت أن على األول: ال يجوز االشتراط في ضمن العقد المنشأ للشركةأيضا، لمنافاته مع ما يقتضيه الملكية، ومخالفته للقواعد المستفادة من الكتاب

والسنة.وعلى الثاني ال محذور فيه في كال المقامين، لعدم منافاته مع ما يقتضيه

الشركة، حتى يفرق بين كونها متحققة سابقا أو حاصلة بنفس هذا العقد.نعم، فيه إشكال الغرر والجهالة، وانحصار سبب الملك في العقود المعهودة،

(٢٢٤)

Page 226: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وتعليق التمليك على المرابحة وظهور الربح. وقد أشرنا سابقا أن الوجوه الثالثةقابلة للمنع، كما يأتي توضيحه إن شاء الله.

وكيف كان، فقد تلخص من مجموع ما ذكرنا أن اشتراط التفاضل ألحدالشريكين بجميع وجوهه المتصورة - من كون الربح ألحدهما والخسران بينهما،أو الربح بينهما والخسران على أحدهما، أو تفاضل أحدهما في الربح من دون أن

يكون له عمل موجب الستحقاقه لذلك - تارة في ضمن عقد الشركة ابتداء.وأخرى في ضمن عقد الزم يحصل منه الشركة، سواء كان العقد بينهما، أو

بينهما وبين ثالث يشترط تفاضل أحدهما في الربح على اآلخر.وثالثة في ضمن عقد الزم مع تحقق الشركة سابقا بأسبابها القهرية أو

االختيارية.ففي القسم األول الوجه بطالن الشرط، لمنافاته مع القواعد الكلية، وما

يقتضيه عقد المشاركة أيضا.وأما في القسمين األخيرين فالمتجه النفوذ والجواز إن كان مرجعه إلى ما

ذكرنا من أحد الوجهين ولم يمنع الغرر والتعليق وكون الشرط مملكا، وإال ففيصحته إشكال، بل منع. والله العالم بحقيقة الحال.

قوله (قدس سره): (الشرط السادس أن ال يكون الشرط مجهوال.... إلى آخره).وليعلم أوال أن محل الكالم في الشرط الواقع في ضمن العقد الذي لم يكن

وضعه على التغابن والمهابات - كالبيع واإلجارة ونحوهما - وأما ما بني لذلكووضع للتمليك والتملك لألشياء المجهولة - كالصلح - فالشرط المجهول في ضمنه

ال بأس به، إذ ال معنى ألن يعتبر فيه ما لم يعتبر في نفس العوضين، وأن ال يغتفرفيما هو بمنزلة الضميمة ألحدهما ما اغتفر فيهما من الغرر والجهالة. كما ال محذور

فيه من جهة إطالق النبوي النهي عن الغرر، لخروج الصلح عنه على الفرض،فيكون خارجا بجميع ما يتضمنه من الشروط واللواحق ال محالة.

وبالجملة: فهذا القسم من الشرط خارج عن محل الكالم وال يضر به الجهالة

(٢٢٥)

Page 227: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

بال شبهة، كما ال شبهة ظاهرا في بطالن ما يكون راجعا إلى أوصاف العوضين، فإنالظاهر اتفاقهم على بطالنه، كما صرحوا به في مسألة تعيين األجل للثمن أو

المثمن في النسية وبيع السلم، بأن اشتراط األجل لو لم يكن مضبوطا معينا يوجببطالن المعاملة، لمكان الغرر والجهالة، فضال عن األوصاف الراجعة إلى نفس

الثمن والمثمن، كما هو واضح ال يخفى.فمحط الكالم في الشروط الخارجية الغير المرتبطة بهما لوال الشرط، فالكالم

في أن باشتراطها في ضمن العقد يرتبط بهما - بحيث تصير ضميمة لهما وجهالتهيوجب جهالتهما - أو مجرد التزام تبعي غير مقصود في العقد أصالة، فيكون من

قبيل توابع الدار - مثال - مثل ممره ومفتاحه وأمثال ذلك مما ال يكون جهالتهموجبا لجهالته. وهذا هو المراد من الدروس فيما لو جعل الحمل جزء للمبيع،

فقال: األقوى الصحة، ألنه بمنزلة االشتراط وال يضر الجهالة، ألنه تابع (١). انتهى.ولكن ال يخفى أن مجرد التبعية ليس من الكبريات التي ال يضر فيها الجهالة،

لعدم مساعدة دليل عليه ال عقال وال نقال. واغتفارها بعض التوابع ألجل دليل أوإجماع ال يقتضي استفادة قاعدة كلية في جميع التوابع. فلو سلم كون الشرط تابعاوعدم وقوعه ضميمة ألحد العوضين فال دليل على اغتفار الجهالة فيه بمجرد ذلك.

نعم، تعليله بذلك في العقود التي ال يضر الجهالة فيها بنفسها كالصلح - مثال -ال بأس به ويتم به المدعى، حيث إن تبعيته تقتضي اغتفار الجهالة فيه أيضا، كما

ال يخفى.وأما في غير هذا المقام فاثبات التبعية ال يقتضي عدم المنع من الجهالة. هذا،

مضافا إلى إمكان منع التبعية رأسا، مع كون االلتزام العقدي منوطا بالشرط بحيثلو لم يف به كان للمشروط له فك التزامه وفسخه. وكون عدم الوفاء به موجبا

للخيار دون البطالن ال يقتضي تبعيته.--------------------

(١) الدروس ٣: ٢١٦.

(٢٢٦)

Page 228: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

كيف! والحكم في الشروط الراجعة إلى أوصاف العوضين أيضا كذلك،يوجب الخيار، دون الفساد.

هذا مضافا إلى ما صرحوا به من أن للشرط قسطا من الثمن، بمعنى أنه يوجبزيادة المالية وبذل الثمن بإزاء ما كان في طرفه - بحيث لو لم يكن هذا الشرط لميبذل بإزائه هذا المقدار من الثمن أو هذا المثمن - ومع ذلك كيف يصح دعوى أنه

غير مقصود في العقد، غير ملحوظ في المعاوضة.وبالجملة: فقد ظهر أن المتجه هو القول بالبطالن، لصيرورته ضميمة ألحد

العوضين كاألوصاف، فجهالته توجب جهالتهما ال محالة، مضافا إلى أن إطالقالنبوي يقتضي بطالنه بنفسه، وال موجب ألن يدعى انصرافه إلى غير الشروط.

نعم، ما كان مشتمال على لفظ البيع من األخبار فيمكن دعوى عدم شمولهللشرط المجهول، بناء على كون المراد من " البيع " هو المسبب ال عقد البيع.

فتأمل جيدا.وكيف كان، فما أفاده (قدس سره) من الوجهين للبطالن في محله وفي غاية المتانة، إال

أن استداركه في آخر كالمه فيما إذا عد المشروط تابعا غير مقصود بالبيع - كبيضالدجاج - ال يخلو عن اإلشكال، إذ لو لم يكن مقصودا فال موجب لالشتراط.

وقد عرفت أن التبعية ليست كبرى كلية حتى في مثل المقام.قوله (قدس سره): (الشرط السابع أن ال يكون مستلزما للمحال.... إلى آخره).

وقد مثلوا له بقول البائع " بعتك بشرط أن تبيعه مني " أو " بعتك بشرط أنيكون مبيعا لي " واألول شرط الفعل، والثاني شرط النتيجة فيملك بنفس الشرط لو

كان صحيحا، بناء على عدم اختصاصه بسبب خاص وحصوله بالشرط أيضا.وكيف كان فالثاني أولى بالبطالن - كما سيتضح عليك إن شاء الله ولكن محط

الكالم والنقض واإلبرام هو األول، والظاهر اتفاقهم على بطالن هذا الشرط.وإنما الكالم في وجه البطالن، فقد علله العالمة في التذكرة بأنه مستلزم

للدور، ألن بيعه له يتوقف على ملكيته له المتوقفة على بيعه فيدور. أما لو شرط أن

(٢٢٧)

Page 229: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

يبيعه على غيره فإنه يصح عندنا، حيث ال منافاة فيه للكتاب والسنة (١) انتهى.وقرره في جامع المقاصد بأن انتقال الملك موقوف على حصول الشرط

وحصول الشرط موقوف على الملك (٢). وهذا بظاهره واضح الفساد. كما أوردعليه جماعة ممن تأخر عنه، إذ ال يكاد يخفى على فاضل أن حصول الملكية

ال يتوقف على تحقق الشرط في الخارج فكيف يخفى على مثل العالمة، مع أنكلماته في التذكرة وغيره مشحونة من أن سبب الملكية هو العقد، وحصول الشرط

موجب للزومه. فال وقع إنصافا لإليراد عليه: بأن صحة العقد ال يتوقف علىحصول الشرط فال دور وإن صدر ذلك عن بعض األكابر، مثل الشهيد وغيره - كما

أنه (قدس سره) متفطن لالنتقاضات الواردة عليه - من اشتراط بيعه لغيره، أو وقفه عليهأو

على ولده، أو عتقه، أو اشتراط كون المبيع رهنا على الثمن، وغير ذلك من األمورالمتوقفة على الملك فإن الملكية لو كانت متوقفة على الشرط أيضا يلزم الدور

بالتقريب المتقدم. فتخصيصه للمقام بلزوم الدور يكشف عن أن غرضه بيان مطلبآخر.

قال في التذكرة بعد كالمه المتقدم ال يقال: ما التزموه من الدورات هنا أي فياشتراط بيعه على غيره، ألنا نقول: الفرق ظاهر، لجواز أن يكون جاريا على حد

التوكيل أو عقد الفضولي، بخالف ما لو شرط البيع على البائع (٣) انتهى.ومنه يعلم أيضا أن جهة اإلشكال ليست مجرد توقف صحة الشرط على

المالك، بل المحذور شئ آخر، مختص باالشتراط على البائع، دون غيره.وكيف كان، فالظاهر أن ما أورد عليه كله من سوء التعبير الواقع في كالمه في

بيان الدور.والذي يمكن أن يقال - في تقريب الدور وتوجيه اإلشكال على وجه يختص

بالمقام دون سائر األمور المتوقف على الملك، كما يلوح من كالمه (قدس سره) فيمقام

--------------------(١) التذكرة ١: ٤٩٠ س ٢١.(٢) جامع المقاصد ٤: ٢٠٤.(٣) التذكرة ١: ٤٩٠ س ٢٢.

(٢٢٨)

Page 230: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

آخر من التذكرة - إن الشرط ال بد وأن يكون مقدورا ومملوكا للشارط، كما بيناهسابقا بمعنى أن يكون أمرا طرفاه بيده وتحت سلطنته نفيا وإثباتا، وهذا المعنى

منتف في المقام، حيث إن ظرف االشتراط ظرف ملكية البائع وعدم انتقال المبيعبعد إلى المشتري، فاشتراط بيعه على نفسه مرجعه إلى اشتراط بيع المال على

مالكه، وهذا أمر غير معقول وتحصيل أمر حاصل. ولذا قد صرح (قدس سره) أنه لوشرطه

بعد فرض خروجه عن ملكه وانتقاله إلى المشتري ال محذور فيه.وقد نقل كالمه شيخنا أستاذ األساتيذ (قدس سرهما) المشعر بذلك، بل المصرح به في

باب النقد والنسية، فراجع وتأمل.وبالجملة: فحاصل تقريب الدور أن صحة الشرط يتوقف على صحة العقد،

وانتقال المبيع إلى المشتري وخروجه عن ملك الشارط، لئال يكون من قبيل شرطبيع المال على مالكه، وصحة العقد وكونه موجبا لذلك يتوقف على صحة الشرط،بناء على بطالن العقد المشروط بالشرط الفاسد. وحينئذ فالفرق بين اشتراطه على

نفسه أو على غيره أو اشتراط وقفه أو عتقه ونحو ذلك في غاية الوضوح، لعدمإرجاعه إلى اشتراط أمر غير معقول - وهو بيع المال على مالكه - وهذا هو المرادمن قوله: لجواز أن يكون بيعه على غيره جاريا على حد التوكيل أو عقد الفضولي،

وبيانه يوجب تطويل المقال، وال يساعده الحال، والله الموفق والمعين في جميعاألحوال.

ولكن يرد عليه أن في جميع هذه الموارد بل في كل شرط يرجع إلى التصرففي المبيع، إن كان بعد فرض خروجه عن ملك البائع وانتقاله إلى المشتري فال

محذور في االشتراط بوجه. وإن كان قبل فرض خروجه عن ملكه يعم المحذورفي الجميع أيضا، فإن مرجعه في اشتراط الوقف أو العتق مثال إلى اشتراط وقف

ماله أو عتق عبده على غيره وجعل ماله رهنا عند نفسه في اشتراط الرهن. وقوله:من جواز أن يكون جاريا على حد التوكيل أو عقد الفضولي، ال يكاد ينفع، فإن

الغرض من اشتراط الوقف أو العتق وقف المشتري أو عتقه من ماله ومن قبلنفسه، ال من قبل البائع، مع أنه ال يجري في اشتراط الرهن. فتأمل تفهم.

(٢٢٩)

Page 231: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبالجملة: فلزوم المحذور في الجميع على نهج واحد.وحله ما أشرنا إليه: من أن ظرف وقوع اإلنشاء ظرف خروج المبيع عن ملك

البائع وانتقاله إلى المشتري، فيكون الشرط واردا على المال المفروض انتقاله إلىالمشروط عليه إنشاء.

وبعبارة أخرى: إنشاء الشرط مترتب على إنشاء البيع وفرض تحققه إنشاء،كما أن تحقق الشرط خارجا بعد تحقق البيع وانتقال المبيع إلى المشتري كذلك،فيكون قادرا عليه ومملوكا له. ونظائره كثيرة في أبواب الفقه، كقوله " أنت وكيلفي نكاحها وطالقها، أو طلقتك ورجعت إليك، أو بعت وارتهنت " بل عليه يحمل

ما ورد في الرواية أعتقتها وزوجتها وجعلت عتقها مهرها (١). فإن إسقاط جميعذلك يصح وينطبق على القاعدة بالبيان الذي تقدم. بل به يمكن حل اإلشكال

الوارد على إسقاط الخيار في متن العقد وأنه إسقاط لما لم يجب، فإن ظرف إنشاءالبيع ظرف تحقق الخيار وإيجابه إنشاء، فيكون اإلسقاط بعد فرض اإليجاب

انشاء. كما أن حصول اإلسقاط خارجا بعد تحقق البيع وإيجاب الخيار كذلك،فال إشكال. فتأمل جيدا.

وكيف كان، فقد ظهر أنه ال محذور في الشرط المبحوث عنه من تلك الجهة،أي من جهة لزوم الدور واستلزامه للمحال.

ولذا علل الشهيد (٢) البطالن بعدم القصد إلى البيع بعد ما أجاب عن الدورالمذكور بما أشرنا إليه، وهذا أيضا مضافا إلى االنتقاضات الواردة عليه من

اشتراط البائع وقفه عليه وعلى عقبه ونحو ذلك، مما يوهم كون البيع وسيلةإليه... (٣) يدل على المنع كليا، إلمكان تحقق القصد إليه حقيقة هذا أوال. وثانياكون الداعي على البيع رجوع المبيع إليه ثانيا - بيعا أو وقفا أو هبة - ال ينافي مع

القصد اإلنشائي لمدلول العقد. فتأمل جيدا.--------------------

(١) الوسائل ١٤: ٥٨٢، الباب ٧١ من أبواب نكاح العبيد واإلماء ح ١، والوسائل ١٦: ٣٠،الباب ٢٥ من أبواب كتاب العتق ح ١.

(٢) الدروس ٣: ٢١٦.(٣) هنا عبارة غير مقروءة.

(٢٣٠)

Page 232: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وربما يعلل البطالن ويستدل عليه بأخبار العينة، وهي أن يشتري اإلنسانشيئا نسية ثم يبيعه على البائع بأقل من ثمنه نقدا، تخلصا عن الربا، أو لوجه آخر.ففي رواية الحسين بن منذر: بعد ما سئل (عليه السالم) عن صحة هذا البيع، أنه

قال (عليه السالم): إن كان هو بالخيار إن شاء باع وإن شاء لم يبع، وكنت أنتبالخيار إن

شئت اشتريت وإن شئت لم تشتر إلى آخره (١).ونحوها رواية علي بن جعفر (٢). فإنهما تدالن على صحة المعاملة وعدم

البأس بها إذا لم يكن كل واحد من المتعاقدين ملزما بالبيع الثاني، بل كان لكلواحد خيار إن شاء يبيع وإن شاء ال يبيع. فيدل بمفهومه على البأس والبطالن إذا

كان المشتري ملزما بالبيع ثانيا ألجل االشتراط، إذ ال موجب اللتزامه به إالاشتراطه عليه، كما هو محل الكالم.

واإلنصاف أنه ال مساس لهذه األخبار بما نحن فيه أبدا، بل هي في مقام بيانمطلب آخر، وهو التفصيل بين كون البيع الثاني عن طيب أو كره، مضافا إلى أن

ظاهرها السؤال عن البيع الثاني، والبحث في صحة االشتراط إنما هو في البيعاألول: فال مساس لها بالمقام.

وكيف كان، فقد ظهر أنه لو كان إجماع على بطالن هذا الشرط كما ال يبعد،فإن بطالنه كأنه مفروغ عنه عندهم فهو، وإال فال موجب للبطالن، لعدم مساعدة ما

ذكر من الوجوه عليه كما عرفت.نعم، فيما إذا كان مرجع الشرط إلى النتيجة، كأن يقال " بشرط أن يكون مبيعاأو مملوكا لي " يمكن القول بالبطالن، إلرجاعه إلى خالف ما يقتضيه العقد،فيدخل في تلك المسألة، ال ألجل الوجوه المتقدمة. فتأمل جيدا، فإن المسألة

ال تخلو عن اإلشكال.قوله (قدس سره): (الشرط الثامن أن يلتزم به في متن العقد.... إلى آخره).

--------------------(١) الوسائل ١٢: ٣٧٠، الباب ٥ من أبواب أحكام العقود ح ٤.(٢) الوسائل ١٢: ٣٧١، الباب ٥ من أبواب أحكام العقود ح ٦.

(٢٣١)

Page 233: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

والمراد به العقود الالزمة وإن لم يصرح به، لوضوح أن العقد الجائز بنفسهال يجب االلتزام به، فضال عن الشرط الذي في ضمنه.

نعم، قد أشرنا في األبحاث السابقة - المتعلقة بالشركة - أن العقود اإلذنية، إنكان الشرط فيها راجعا إلى اعتبار خصوصية في اإلذن - مثل اشتراط الضمان في

العارية، أو كون المال في حرز خاص مثال في الوديعة، أو كون تصرف أحدالشريكين أو عمله على وجه خاص مثال - يلزم الوفاء به، ال من باب وجوب

الوفاء بالشرط، بل إلناطة اإلذن في التصرف به، فبدونه ال إذن.وكيف كان، فالمراد ذكره في عقد المعاوضة حتى يصير بمنزلة الضميمة ألحد

العوضين، ويخرج عن كونه مجانا، إذ المستأنس من حكم الشارع بجواز العقودالمجانية - مثل الهبة والعارية - أن مطلق التعهدات المجانية ال يجب الوفاء بها.ولعله المستكشف من اإلجماع المحقق ظاهرا على عدم لزوم الشروط االبتدائية،وتوقف اللزوم على صيرورتها بمنزلة الجزء ألحد العوضين. فالوجه لعدم لزومها

مجانيتها، ال مجرد كونها ابتدائية. ولذا لو التزم بشئ من األعيان أو المنافع بعوضوقلنا بعدم توقف ملكيتها على لفظ خاص، ال يبعد القول بلزومه وإرجاع األول

إلى البيع، والثاني إلى اإلجارة، أو إلى الصلح في كليهما. فتأمل جيدا.وكيف كان فتحقيق الكالم في الشروط بحسب أقسامها: أنها تارة مذكورة في

متن عقد المعاوضة، فال شبهة في لزوم الوفاء به على المشروط عليه كوفائه بأصلالمعاوضة - وضعا وتكليفا - على التفصيل الذي يأتي الكالم فيه إن شاء الله.وأخرى غير مذكورة في العقد، بل مجرد تعهد والتزام من أحدهما لآلخر من

غير تعقبه بعقد ومعاوضة أصال، وهذا هو المراد من الشروط االبتدائية. وال شبهةفي عدم إفادتها اللزوم بوجه.

وقد عرفت ثبوت اإلجماع على عدم لزومها، وبه يخصص عموم " المؤمنونعند شروطهم " بناء على شموله لمثلها، وعدم اختصاصه بااللتزام في البيع، كماتقدم نقله عن القاموس أو في مطلق العقد، كما ورد االستشهاد به في كثير من

األبواب في غير واحد من األخبار.

(٢٣٢)

Page 234: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وثالثة تواطئا عليه قبل العقد، من دون ذكرها في متن العقد وإيقاعه في حيزاإلنشاء، سواء كان راجعا إلى أوصاف العوضين أو غيرها. وهذا هو المصطلح

عندهم بشروط التباني، ووقع في الجملة محل اإلشكال، من جهة لزوم الوفاء بهوعدمه وإن كان المشهور على عدم اللزوم أيضا، إال أن ظاهر الخالف (١)

والمختلف (٢) يوهم خالفه. وغاية ما قيل أو يقال في توجيه اللزوم من (٣) وجوه:أحدها: أنه ال شبهة في أن بعض األمور - مثل التسليم والتسلم، وكون الثمن

نقد البلد، ونحو ذلك - بسبب تعاهده عند العرف والعادة يصير مدلوال للعقد التزاماولو لم يذكر في متن العقد، بل لم يكن العاقد ملتفتا إليه أصال. وليس ذلك إال من

جهة أن تعاهده عند العرف وتبانيهم عليه وجرى عادتهم على اإللزام وااللتزام بهيوجب وقوع العقد مبنيا عليه، وكون االلتزام منوطا به على وجه يوجب انتفاؤه

الخيار، ال البطالن على ما سيأتي توضيحه.وحينئذ يمكن أن يكون تواطؤ المتعاقدين وتبانيهما على أمر قبل العقد

موجبا لصيرورته كذلك ووقوع العقد مبنيا عليه، إذ ال فرق بين كون ذلك بالتعاهدعند العرف، أو بسبب تعاهده عندهما وتبانيهما عليه. غايته أن الالزم هنا التفاتهما

إليه وعدم نسيانهما، حتى يقع العقد مبنيا عليه، بخالف الشروط الضمنية، فإنهالكونها بحسب العرف والعادة فال يلزم االلتفات إليها، بل العقد يتضمنها ولو كان

العاقد جاهال بها، أو ناسيا لها.وبالجملة: فحال شروط التباني كحال الشروط الضمنية في كون التعاهد في

خارج العقد موجبا لتضمنه عليها ووقوعه مبنيا عليه، فتقع تحت اإللزام وااللتزامالعقدي، ويدل عليه العقد بمدلوله االلتزامي، فيجب الوفاء به كما يجب الوفاء بها.

ويوجب تعذره الخيار، كما يوجب ذلك تعذرها.وفيه ما ال يخفى من الفرق بين المقامين، لوضوح أن الشروط الضمنية بسبب

--------------------(١) الخالف ٣: ٢١، المسألة ٢٨.

(٢) المختلف ٥: ٦٣.(٣) كذا، والظاهر زيادة: من.

(٢٣٣)

Page 235: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

تعاهدها عند العرف يصير من المدلوالت العرفية للفظ - قصدها المتعاقدانأو لم يقصدا - وهذا بخالف ما تبانيا عليه، فإنه ال يكاد يصير مدلوال للفظ أبدا،لبداهة أن تباني المتكلم والمخاطب على معنى ال يكاد يوجب الداللة وصيرورة

اللفظ داال عليه بنحو من األدلة، بخالف كون الشئ متفاهما من اللفظ عرفا. فافهموتأمل جيدا.

ثانيها: أنه إذا كان التباني على أمور راجعة إلى أوصاف العوضين يوجبانصراف لفظ الثمن أو المثمن إلى ما هو المعهود عندهما، كما هو كذلك في غير

المقام.وفيه: أنه لو كان مرجع االشتراط مطلقا - سواء كان من أوصاف العوضين

أو غيرها - إلى تقييد الثمن أو المثمن ببعض الخصوصيات بحيث يوجب انتفاءالخصوصية انتفاءهما كما هو قضية التقييد واالنصراف فله وجه، إال أن مقتضاه

بطالن العقد بتخلفه أو تعذره. وليس البناء في الشروط على ذلك، بل االلتزام بهاعلى نحو ينتج الخيار عند تعذرها، وارتباطها بالعقد بهذا المقدار من االرتباط،

ال التعليق والتقييد الموجبان النتفاء المشروط عند انتفائها كما ال يخفى.وهذا المعنى ال يكاد يحصل باالنصراف، بل يحتاج إلى التزام على حدة

وإنشائه عند العقد. ولذا قالوا بأن مرجع التوصيف في باب العقود إلى االشتراط،وسيأتي مزيد توضيح في ذلك إن شاء الله.

وثالثها: ما أشار إليه (قدس سره): أن التباني يوجب إناطة التراضي - المعتبر فيالمعاملة - بوجود الشرط، ولو لم يكن كذلك بحسب اللفظ واإلنشاء فيكون العقد

بدونه تجارة ال عن تراض الداخل في عنوان أكل المال بالباطل.وفيه: أن التواطؤ على الشرط غايته أن يصير داعيا على إيقاع العقد إنشاء.

فتخلفه كتخلف سائر الدواعي ال يكاد يوجب قصورا فيما اعتبر في العقد - منقصد إنشائه وتحقق مدلوله كما في سائر المقامات - كيف! ولو كان القصد منوطا

بوجود الشرط فالزمه البطالن عند فقدانه، ال ثبوت الخيار للمشروط له، كما

(٢٣٤)

Page 236: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

هو المدعى. فال بد من االلتزام بتحقق القصد المعتبر في صحة المعاملة مع فقدالشرط أيضا، فإن قصد مدلول العقد مطلب وكون الغرض الباعث إليه شيئا ربما

يترتب عليه وربما ال يترتب عليه مطلب آخر. فتدبر.وكيف كان، فالظاهر من كلماتهم وعدم ترتيبهم أثر اللزوم على الشرط الغير

المذكور في العقد - من كون فساده موجبا لفساده، وكون التباني عليه موجبالبطالن معاوضة أحد المتجانسين بأزيد منه، وغير ذلك مما يوجب الفساد لو كانمذكورا في العقد - التسالم على عدم لزوم هذا القسم من الشرط أيضا، كما في

الشرط االبتدائي. وأنت إذا تأملت في الفروع التي ذكروها في أبواب العقودوالمعامالت ربما تقطع بصحة هذه الدعوى. فراجع وتأمل. والله هو العالم.

قوله (قدس سره): (وقد يتوهم هنا شرط تاسع.... إلى آخره).الظاهر أنه من المحقق الثاني (قدس سره) (١) على ما أفاد أستاذنا المحقق دام ظله

العالي وحاصله اعتبار التنجيز في الشروط، كاعتباره في نفس العقود عدا الوصيةوالتدبير إجماعا على ما هو الظاهر من كلماتهم.

وتوضيح المقام: أن التعليق بمعنى إناطة العقد على تقدير دون تقدير، تارة:يرجع إلى اإلنشاء - أي قصد مدلول اللفظ وتحققه به - وهذا أمر غير معقول،

إذ مرجعه إلى عدم القصد الذي يتقوم به اإلنشاء وال يكاد يحصل بدونه.وأخرى: يرجع إلى المنشأ - بمعنى أن يقصد حصول الملكية على تقدير

مجئ زيد مثال - وهذا في التكوينيات العينية مثل الضرب والقتل مثال أيضا غيرممكن، بأن يقصد حصول القتل على تقدير كون ما وقع عليه عدوا - مثال - وإناطته

به على وجه لو كان صديقا لم يقع عليه. وهذا واضح، لبداهة وقوع القتل على أيحال، غايته أن الداعي على إيقاعه - وهو قتل العدو - تارة يصادفه، وأخرىيتخلف عنه. فإناطة ذات الفعل على تقدير كونه قتل العدو أمر مستحيل غير

--------------------(١) لم نعثر عليه.

(٢٣٥)

Page 237: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

معقول، كما هو واضح. ولكن في االعتباريات مثل ما ينشأ بالعقود، أو اإليجابوالتحريم في باب التكاليف، فحيث إن أصل وجودها باعتبار المعتبر وعلى نحواعتباره فيمكن أن يكون اعتباره على تقدير خاص، وإناطته على أمر خارج عن

االختيار من زمان أو زماني ونحو ذلك. فيصح إيجاب الحج على تقديراالستطاعة، أو إنشاء الملكية على تقدير الموت، كما في الوصية ونحو ذلك.

وبالجملة: فالمنشئات بالعقود كالملكية والزوجية وغيرهما وكذلكاإليقاعات وإن أمكن تعليقها على أمر حالي أو استقبالي، إال أن ظاهرهم االتفاق

والتسالم على بطالن العقد أو اإليقاع به، ال لكونه موجبا للغرر، حتى يختص بماإذا كان معلقا على أمر مشكوك الحصول ويصح فيما اغتفر فيه الغرر - كما في باب

الصلح - بل التفاقهم على ذلك تعبدا، وإطالق معاقد إجماعاتهم فيعم التعليق علىمتيقن الحصول كالزمان أيضا.

نعم، فيما إذا كان المعلق عليه أمرا حاليا حاصال عند العقد، فربما يظهر منبعض الكلمات جوازه، وكذلك فيما إذا كان التعليق من مقتضيات نفس العقد

- بمعنى كون العقد متضمنا له ولو لم يصرح به - كقوله " إن كان هذا حمارا فبعته،أو

إن كان هذا رقا فأعتقته " وأمثال ذلك. فيبقى التعليق على أمر حالي مشكوكالحصول، أو االستقبالي سواء كان متيقنا أو مشكوكا حصوله على إشكال في

المتيقن منه، وتمام الكالم في محله.ومن هنا ظهر عدم صحة مقايسة المقام كقوله " بعتك هذا بدرهم على أن

تخيط لي إن جاء زيد " على قوله " أنت وكيلي في أن تبيع إذا جاء رأس الشهر "نظرا إلى أن التعليق والتقييد راجع إلى متعلق الشرط - وهو الخياطة على تقدير

المجئ - كما أن في الثاني راجع إلى متعلق الوكالة، وهو البيع في زمان خاص،فال يلزم التعليق في نفس الشرط أو الوكالة فال محذور.

وفيه إمكان تصحيح ذلك في المقيس عليه حيث ال محذور فيه إال التعليقعلى أمر متيقن الحصول، الممكن إرجاعه إلى ما أفاده (قدس سره). وهذا بخالف

المقيس،

(٢٣٦)

Page 238: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الستلزامه الجهل بالثمن والغرر في المعاملة بناء على كون الشرط بمنزلة جزء منالعوضين، فيلزم أن يكون الثمن هو الدرهم على تقدير ومع الضميمة على تقدير

آخر، وهذا معنى لزوم أدائه إلى البيع بثمنين كما قيل.وإرجاع التعليق إلى متعلق الشرط - أي الخياطة - ال إلى نفس الشرط ال يدفع

هذا المحذور، وهو اختالف الثمن على التقديرين.وحينئذ فالمتجه في الجواب أن يمنع كون الشرط جزء للثمن حقيقة حتى

يختلف الثمن، كيف! والزمه تبعض المعاملة بتعذر الشرط كما في األجزاءالحقيقية. بل المراد من كونه بمنزلة الضميمة أن اإللزام وااللتزام الواقعين بين

العوضين منوطان بالوفاء به، فمع التعذر ال إلزام وال التزام. وهذا هو حقيقة الخياركما قدمناه مشروحا.

وكيف كان، فال إشكال فيه من تلك الجهة، وال من جهة اإلجماع على اعتبارالتنجيز في العقود، فإن القدر المسلم منه خصوص بابي العقود واإليقاعات

باستثناء موارد فيهما أيضا.وعلى أي حال ثبوته في باب الشروط غير معلوم، بل الظاهر من غير واحد

من األجلة نفوذ الشرط مع التعليق - كما صرحوا به في الخيار المشروط بردالثمن - ويدل على نفوذه مضافا إلى ذلك كله ما ورد " في امرأة مكاتبة أعانها ولد

زوجها على أداء مال كتابتها مشترطا عليها عدم الخيار على زوجها بعداالنعتاق (١) " من نفوذ الشرط وصحته مستشهدا بعموم " المؤمنون عند شروطهم "

فإنه أقوى دليل على المدعى، كما ال يخفى.قوله (قدس سره): (وال إشكال في أنه ال حكم للقسم األول إال الخيار مع تبين فقد

الوصف المشترط، إذ ال يعقل تحصيله هنا.... إلى آخره).ينبغي تخصيص ذلك باألوصاف التي ال يمكن تحصيلها وإحداثها للمشروط

عليه قبل تسليم الموصوف إلى مالكه، وإال كوصف الكتابة للعبد - مثال - أو إزالة--------------------

(١) انظر الوسائل ١٦: ٩٥، الباب ١١ من أبواب المكاتبة ح ١.

(٢٣٧)

Page 239: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

العيب عنه إذا كان معيبا فالالزم عليه تحصيل الشرط وتسليمه متصفا بالوصف،وال خيار للمشروط له أيضا، فإن المدار في وجود الوصف وعدمه حال التسليم

ال حال وقوع العقد عليه. ولذا حال فقد الوصف كتجدد العيب - مثال - بعد العقدوقبل القبض حال فقدانه حال العقد في كونه موجبا للخيار، كما تقدم تفصيال.

نعم، إذا كان المناط حال العقد واتصافه بالوصف حين وقوعه عليه فيتجه ماأفاده من عدم الفرق، لعدم إمكان تحصيل الوصف المعتبر وجوده حال العقد، إال

أن ذلك يحتاج إلى قرينة أخرى ومؤنة زائدة على ما يقتضيه االشتراط، وإال فماهو المعهود المتعارف من االشتراط في ضمن العقود من أوصاف العوضين

اتصافهما بها حال تسليمهما. وعليه يتفرع ما اختاره في خيار العيب: من أنه لوزال بعد العقد وقبل القبض بل قبل العلم ولو بعد القبض يسقط به الرد، بل نقل عنالعالمة التصريح في مواضع من التذكرة بأنه مهما زال العيب قبل العلم أو بعده قبل

الرد سقط حق الرد. وكذلك لو زادت القيمة السوقية في خيار الغبن قبل العلم به أوبعده وقبل الفسخ أو بعده وقبل الرد يسقط خياره وإن ناقشناه في بعض فروضه.

وعلى أي حال لو زادت القيمة أو زال العيب قبل تسليمه إلى من أنتقل إليهفال ينبغي اإلشكال في سقوط الرد، فالمدار على حال القبض ال على حال العقد،

كما ال يخفى.ثم إن ما أفاده (قدس سره): من أنه ال حكم لهذا القسم - أي اشتراط الوصف الراجع

إلى العوضين - إال الخيار لعدم أثر آخر له شرعا حتى يترتب عليه بأدلة وجوبالوفاء بالشرط مبني، على ما اختاره في هذا الباب: من أن مفاد أدلة الشرط

ووجوب الوفاء به ترتيب ما له من األثر شرعا، فتكون فقط متكفلة لبيان الحكمالتكليفي. وأما اللزوم الوضعي فهو منتزع من التكليف، كما هو مختاره في مطلق

الوضعيات على ما يظهر من بعض كلماته وإن كان بعضها موهما لخالفه.وكيف كان، فما أفاده هنا - من أنه ال معنى لوجوب الوفاء فيه وعموم

المؤمنون مختص بغير هذا القسم - مبني على هذا المسلك، أي انتزاع الوضعياتمن التكليف وعدم تأصلها بالجعل.

(٢٣٨)

Page 240: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ويرد عليه مضافا إلى بطالن هذا المبنى من أصله - كما حققناه في محله - أنبناء عليه ال موجب للخيار أيضا، وال دليل على جوازه ونفوذه، إذ المفروض عدم

شمول األدلة للمسألة، النتفاء األثر الشرعي. وال يصح شمولها باعتبار نفسالخيار، ألنه متفرع على نفوذ الشرط ولزومه على المشروط عليه حتى يوجبتعذره أو امتناعه جواز الفسخ للمشروط له، فيلزم أن يكون ثبوت الخيار في

المسألة بال دليل يوجبه، وال يكاد يصح االلتزام به، ألنه من أظهر موارد ثبوتالخيار لتعذر الشرط وأوضح أقسامه، كما ال يخفى على المتأمل فتأمل.

وحينئذ فال محيص من القول بأن مفاد األدلة بيان اللزوم الوضعي، ويترتبعليه ما له من األثر الشرعي لو كان له أثر كما في غير المقام. وهذا هو الظاهر

المتبادر من قوله (عليه السالم) " المؤمنون عند شروطهم " فإن الظاهر من موارداستعماالت

هذا الظرف الوقوف عند الشئ وعدم امكان المضي عنه. فيكون المعنى واللهالعالم أنهم واقفون عند شروطهم وملزمون بها، وهذا معنى اللزوم الوضعي، كما

ال يخفى. وكذلك وجوب الوفاء بالشرط لو كان في أدلة الشروط ما هو بهذاالمضمون - كما في أوفوا بالعقود - كناية عن حصول الشرط وتحققه وثبوته على

المشروط عليه وفي ذمته وغير ذلك من التعابير التي نتيجتها مطلوبيته ألدائه،ال مجرد ترتب اآلثار، حتى يختص بمورد دون مورد. بل معنى يعم جميع الموارد

ويستتبع وجوب معاملة ملك الغير مع المشترط في ماله من اآلثار شرعا،فتأمل جيدا.

قوله (قدس سره): (وأما الثالث فإن أريد اشتراط الغاية.... إلى آخره).والمراد من الغايات النتائج الحاصلة بالعقود واإليقاعات مثل الملكية

والحرية ونحوهما، فالكالم فيها في أنها كما تحصل بأسبابها المعدة لها كذلكتحصل بنفس االشتراط في ضمن عقد آخر أم ال؟ بل ال بد في حصولها من إنشائهامستقال، وال يصح جعلها تبعا ألحد العوضين في عقد آخر. ولذا لو كانت بنفسهاتبعا ألحد العوضين كالزوائد المتصلة في الحيوان مثل صوفه ووبره - مثال - فإنه

(٢٣٩)

Page 241: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

يملك بتبع العين سواء اشترط أو لم يشترط، بل استثناؤه يحتاج إلى االشتراط.وكذلك ما لم يكن بنفسه تبعا ولكن باشتراطه يصير تابعا حقيقة.

وبعبارة أخرى: يصير من لواحق المتبوع وزوائده كبيع الدابة مع الحمل والعبدمع ماله ونحو ذلك، فإن الظاهر عدم اإلشكال في صحة االشتراط في أمثال هذه

المقامات، سواء كانت الغاية متوقفا حصولها على سبب خاص أو لم يكن. فلو بيعالدابة مع حملها أو الشجرة مع ثمرتها يصح ولو قلنا بتوقف البيع على سبب خاص،

فإن المعاوضة هنا بين المتبوع وعوضه حقيقة وإنشاء. فال يرد عليه ما يرد علىغير هذا المقام، كما يأتي اإلشارة إليه إن شاء الله.

وحينئذ فدعوى تسويغ هذه الموارد لكونها توابع للمبيع موجهة. وما أفيدمن عدم صالحية ذلك للفرق غير مفيد، لوضوح الفرق بين اشتراط حمل الدابة

أو ثمرة الشجرة واشتراط كون مال آخر ملكا له بال عوض.وحينئذ ما يوجه على المحقق الثاني هو جعل الحمل تبعا لدابة أخرى، فإن

من المعلوم أنه ال يصير تبعا لها بالجعل كما ال يخفى، ال على أصل التبعية وعدمصالحيتها للفرق.

وكيف كان، فالذي هو محل اإلشكال أن ال يكون المشترط بنفسه تبعا ألحدالعوضين وال باالشتراط يصير كذلك، بل كان تبعا ألحدهما في العقد إنشاء، مع

كونه بنفسه شيئا مستقال في عرضهما يبذل بإزائه المال كالبذل بإزائهما، كأن يقال:بعتك هذا الكتاب بدرهم على أن يكون هذا القميص لي أو لزيد أيضا.

وعلى أي حال فقد بناه (قدس سره) على أن يكون الغاية مما ثبت بالدليل اعتبارتحققها بسبب خاص - كما ال يبعد دعواه في جميع اإليقاعات كالطالق والعتاق -

فال تكاد تحصل بالشرط بل يكون الشرط فاسدا لكونه مخالفا للكتاب، أو كانتمما ال يتوقف تحققه على سبب خاص - كالوكالة والوصاية - فيصح االشتراط.

والذي يشك في أنه من أي القسمين ولم يدل دليل واضح على أحد الوجهينفيبني على نفوذ الشرط وصحة االشتراط، ال ألجل التمسك بعمومات الشرط فإن

(٢٤٠)

Page 242: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الشبهة مصداقية، بل لألصل الذي أسس في مسألة الشك في المخالفة مناستصحاب عدم المخالفة للكتاب بالبيان الذي أسلفناه.

هذا ملخص ما أفاده (قدس سره) في هذه المرحلة. وحيث أثبتنا سابقا وبينا مشروحاعدم جريان هذا األصل ونظائره رأسا، فال بد في المقام من الكالم:

أوال في أن المانع من نفوذ االشتراط ما أفاده (قدس سره) من اختصاص الغاية بسببخاص، أو من جهة أخرى غير تلك الجهة.

وثانيا فيما هو المعول عند الشك في النفوذ وعدمه بعد البناء على عدم جريانهذا األصل. فنقول: الظاهر أن الشك في حصول الملكية لشئ بالشرط - كما في

المثال المذكور الذي هو أحد الموارد المشكوكة - ليس من ناحية السبب واحتمالاختصاصه بلفظ البيع أو الهبة مثال، فإن الزم ذلك عدم جواز وقوع الصلح عليهأيضا، فإن حال الصلح بعينه حال الشرط من هذه الجهة، بناء على كونه عقدا

برأسه كما هو التحقيق، ال أن يكون تبعا لسائر العقود كما قيل. وكذلك الزم ذلكالتسليم على عدم إفادة المعاطاة للملكية، مع أنها محل كالم وإشكال.

بل قد حقق في محله أن العمدة في جهة البحث عنها ليس من جهة اختصاصالملكية بسبب خاص أو عدم اختصاصها به، بل من جهة أن ما وقع في الخارج من

الفعل، هل هو مصداق للتمليك - بحيث يصح حمله عليه بالحمل الشائع - أومصداق لمطلق اإلباحة والتسليط األعم من التمليك وغيره؟

وبالجملة: فالظاهر أنه ال ينبغي اإلشكال في عدم اختصاص الملكية بسببخاص، ولذا يجوز حصولها بالصلح عليها بال خالف فيه ظاهرا. وإذا جاز حصولها

بالتسالم عليها جاز حصولها باالشتراط أيضا، فإنهما توأمان يرتضعان من ثديواحد - كما حقق في محله - وكذلك لو كان الشرط ملكية شئ بعوض خاص غير

ما جعل عوضا في عقد المعاوضة مثل أن يقال " بعتك هذا الكتاب بدرهم بشرطأن يكون هذا القميص لك أيضا بدرهم " فالظاهر عدم اإلشكال في صحته، مع أنه

لو كان مختصا بسبب خاص ينبغي اإلشكال في تلك الصورة أيضا.

(٢٤١)

Page 243: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وكيف كان، فالظاهر أن اإلشكال في اشتراط الملكية في ضمن العقد ليس منجهة السبب واحتمال اختصاصه بسبب خاص، بل من ناحية المسبب، فإن

المعهود من الشريعة في تملك األعيان كونها إما بعوض مسمى - كما هو مدلولعقد البيع - وإما مجانا بال عوض وأعد له عقد الهبة. وأما كونه ال بال عوض وال مع

العوض على مقتضى ظاهر العقد وأن يقع بإزائه بعض الثمن ال محالة بعد ما فرضنااستقالله وعدم صيرورته تبعا ألحد العوضين باالشتراط فكأنه غير معهود من

الشريعة، فيكون الشرط مخالفا للكتاب والسنة، ال أنه غير مقدور للمشروط عليه- كما أفاده (قدس سره) في مسألة اشتراط القدرة - فإن الغاية وهي تمليك ماله إلى

الغيرمقدور له وتحت سلطانه. وعدم حصوله بنظر الشارع إال بأسباب خاصة ال يوجب

سلب القدرة عنه.والحاصل: أن التصرف الشرعي تارة في ناحية المسبب كعدم جواز بيع

المصحف أو المسلم من الكافر بحيث يكون دليله مخصصا لعموم السلطنة وقاصرالسلطنته على غير ذلك الوجه، فيصير المسبب غير مقدور له وخارجا عن سلطنته،

ولذا يدل النهي عنه على فساده.وأخرى يكون في ناحية السبب وأن الغاية الفالنية مثال ال تحصل إال بسبب

كذا وكذا، وهذا ال يوجب خروجها عن قدرته وقصورا في سلطنته، كما ال يخفى.وتمام التحقيق في ذلك موكول إلى محله فافهم واغتنم.

وكيف كان، فالمانع في المقام سواء كان من جهة السبب واحتمال اعتبارالخصوصية فيه - كما أفاده (قدس سره) - أو من جهة المسبب، أي كون المشترط ال

مجانيةصرفة وال مع العوض هو احتمال كون الشرط مخالفا للكتاب كما أفاده في المقام،

ال كونه غير مقدورا، كما أفاده في ذاك الباب. وحينئذ فال بد من البحث فيه من تلكالجهة وأن المعول في صورة الشك في أحد الوجهين هو عمومات الشرط، أو

أصالة عدم تحقق الغاية إال بما علم كونه سببا لها، بعد ما عرفت من عدم جريانأصالة عدم المخالفة.

(٢٤٢)

Page 244: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

نعم، على تقدير جريانها تكون حاكمة على األصل المتقدم، إال أن صحةجريان سنخ هذا األصل كلية في محل منع، كما حققناه في محله مشروحا.وحينئذ فإن أمكن األخذ بعموم المؤمنون عند شروطهم فهو، وإال فالمرجع

هو األصل المتقدم - أي أصالة عدم تحقق الغاية - واإلنصاف أن التمسك بالعمومال محذور فيه. وإن كون الشبهة مصداقية ممنوع جدا. بل مرجع الشك في جميع ما

شك في المخالفة إال ما شذ إلى الشك في أن الحكم الفالني مجعول في الشريعةحتى يكون اشتراط خالفه مخالفا للسنة أم ال كما في المقام؟ فإن الشك في أنالمستفاد من األدلة اختصاص انحصار السبب المملك لألعيان بالبيع والهبة أو الينحصر بهما كما في تمليك المنافع كاألفعال، فإنها تارة تبرع محض، وأخرىبإزاء العوض كذلك، وثالثة باشتراطها في ضمن عقد آخر نتيجته وجوب الوفاءبها، فال يكون تبرعا محضا، وكون تعذره موجبا للخيار فال يكون بإزاء األجرةكذلك، بل واسطة بينهما. فهل يكون األعيان كذلك أو ينحصر تملكها بأحد

الوجهين؟ فيكون الشبهة حكمية ال مصداقية، كما ال يخفى. وكذلك إذا كان الشكمن جهة االختصاص بسبب خاص وعدمه، فإن مرجعه أيضا إلى االشتباه في

الحكم وأن غيره سبب لحصول النقل واالنتقال بنظر الشارع أم ال. فال مساس لهباالشتباه من جهة المصداق أو الشك في أن الحكم المجعول في الشريعة

كقوله (عليه السالم): من حدود المتعة أن ال ترث (١) وما يشبه ذلك، هل يعم صورةاالشتراط أم ال؟ فيكون الشبهة مفهومية مرددة بين األقل واألكثر فيؤخذ بالمتيقن،

وفي المشكوك عموم أدلة الشرط هو المحكم. وأوضح من ذلك في التمسكبالعموم ما كان من قبيل القسم األول - أي يكون الشبهة حكمية - إذ التمسك

بالعموم فيها بال محذور وال شبهة، كما حقق في محله.نعم، ربما يشكل في التمسك بالعمومات من جهة أخرى، وهي كونها مخصصة

بالتخصيص المتصل الموجب إلجمالها وسقوط داللتها التصديقية على العموم--------------------

(١) انظر الوسائل ١٤: ٤٨٥، الباب ٣٢ من أبواب المتعة.

(٢٤٣)

Page 245: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

بالنسبة إلى الموارد المشكوكة كما هو القاعدة في جميع المخصصات المتصلة علىما حقق في محله، ولكن ذلك إنما يختص ببعض العمومات. وأما ما ال يكون

مخصصا بالتخصيص المتصل - كما في بعض أخبار الباب مثل الرواية المتقدمة فياالمرأة المكاتبة - فداللته على العموم محفوظة. فيخصص بما علم خروجه عنه

باألدلة المنفصلة وهو ما علم مخالفته، وأما بالنسبة إلى مشكوك المخالفة سواء كانمن جهة الشك في الحكم أو من جهة الشبهة في المفهوم فعمومه هو المحكم.وإجمال ما هو المجمل ال يكاد يسري إلى اآلخر لو لم يكن اآلخر مبينا ورافعا

إلجماله فتدبر.وبالجملة: هذه قاعدة كلية تجري في جميع أبواب المخصصات والمقيدات

من أنه لو كان في المسألة دليالن أحدهما مخصص بما يوجب إجماله فال وجهألن يعامل معاملة المجمل مع اآلخر أيضا، مع أن أصالة العموم بالنسبة إليه غيرساقطة. وانقسامه إلى ما يحتمل خروجه ونقيضه محفوظ، مثال إذا قيل: أكرم

العلماء إال الفساق منهم، وتردد الفسق بين خصوص ارتكاب الكبيرة أو األعم منهومن ارتكاب الصغيرة فشمول هذا العام لمرتكب الصغيرة وإن كان غير معلوم

لتخصيصه بما عدا ما هو الفاسق واقعا ولكن لو كان في البين عام آخر غيرمخصص به كذلك فعمومه بالنسبة إليه محفوظ، ولم يعلم خروجه عنه إال علىتقدير كون الفاسق لغة وعرفا أعم منه ومن غيره. وهذا التقدير ليس من لواحق

العام وانقساماته حتى يكون الشك فيه موجبا للشك في عمومه. فاالنقسام الذيمن لواحقه وطواريه وهو انقسامه إلى مرتكب الصغيرة وغيره محفوظ لم يقع

انثالم فيه، وما ليس بمحفوظ شموله له على تقدير شمول الفاسق له بمفهومه، وهذاليس من لواحق العام وطواريه كما هو واضح.

والحاصل: أن التمسك بعمومات الشرط في المقام - التي لم تكن مخصصةبتخصيص متصل - ال مانع فيه وال محذور فيما إذا كان االشتباه من جهة الشبهة في

المفهوم فضال عن كونه من جهة الشبهة في أصل الحكم وأن الحكم الفالني في

(٢٤٤)

Page 246: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الشريعة مجعول أوليس بمجعول، بل يمكن التمسك بالعمومات المخصصة بغيرعنوان الموافقة والمخالفة أيضا كقوله (عليه السالم): المؤمنون عند شروطهم إال شرطا

حرمحالال أو أحل حراما. ونحو ذلك، فيما إذا شك من جهة المخالفة والموافقة، ال من

جهة الحلية والحرمة كما في أمثال المقام، فإن إطالقها من تلك الجهة محفوظ،فيعم موارد الشك، فإن الشك في تحقق الملكية أو الحرية مثال بالشرط ال ربط لهبالحلية والحرمة، بل من جهة كونه مخالفا للكتاب وعدمه. فتلك العمومات أيضا

ال مانع من التمسك بها فتأمل جيدا.ولعل هذا هو الوجه فيما هو المرتكز في الذهن من عدم صحة البناء علىفساد الشرط بمجرد احتمال مخالفته للكتاب ويأبى عنه الفهم المستقيم.

ولذا يرى أن الشيخ (قدس سره) مع إصراره البليغ ومنعه األكيد لجريان استصحابالعدم النعتي بلحاظ العدم السابق على وجود الموضوع وعقد تنبيه لذلك في تنبيهات

االستصحاب يتشبث بذيل هذا األصل في هذا الباب ويتم المطلب بذاك المشرب.ولكن التحقيق ما ذكرناه من التمسك بالعمومات. ومنشأ الخلط تخيل أن

الشك في هذه الموارد من جهة الشبهة في المصداق لتبين مفهوم المخالفة فمرجعهإلى أنه مخالف أم ال. ولكن قد عرفت أن مفهوم المخالفة عنوان منتزع عن أنواع

االلتزامات المنافية للحكم المجعول في الشريعة، فلو كان الشك في أصل جعلالحكم أو في إطالقه لمورد المشكوك فمستند إلى القصور في البيان الشرعي

ال إلى االشتباه من جهة األمر الخارجي.نعم، لو شرط في ضمن عقد ثم شك في كيفية شرطه بأنه كان على وجه

يخالف الكتاب أو على وجه ال يخالفه فيكون الشبهة مصداقية.ولكنه قليل جدا، بل غالب موارد الشك في المخالفة من إحدى الجهتين

اللتين أشرنا إليهما، فال مساس له بالشبهات المصداقية. فافهم واغتنم، فإن المقامصار مزلة ألقدام األجلة، فضال عن أمثالنا من الطلبة. والله الهادي إلى طريق

الرشد والهداية.

(٢٤٥)

Page 247: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره): (وإنما الخالف واإلشكال في القسم الثاني وهو ما تعلق فيهاالشتراط بفعل.... إلى آخره).

اعلم أن البحث في المسألة ليس من جهات عديدة - كما أفاده (قدس سره): من جعلالكالم تارة في الحكم التكليفي وجعل المخالف فيه خصوص الشهيد (قدس سره)،

وأخرىمن حيث جواز اإلجبار وعدمه عند امتناع المشروط عليه. ثم إرجاع ذلك إلى

المسألتين، تارة من حيث الوضع وكون الشرط سببا لثبوت حق لصاحبه على مناشترط عليه كسائر الحقوق من كونه موجبا الشتغال الذمة ويسقط بإسقاطه وغيرذلك. وأخرى من حيث جواز اإلجبار وعدمه على كال الوجهين - بل الظاهر أن

مرجع البحث كله إلى أمر واحد، وهو أن مقتضى االشتراط فقط انقالب العقدالالزم جائزا كما أفاده الشهيد، أو يكون متضمنا لوضع آخر وهو استحقاق الشرط

لمن له الشرط واشتغال ذمة المشروط عليه. فالزمه جواز اإلجبار عليه عندامتناعه - كما لو آجر نفسه لفعل وعمل - وكذلك مقتضاه وجوب أداء الحق إلى

صاحبه. فمرجع الكالم إلى ما أفاده (قدس سره) في آخر كالمه: من أن المشروط لهقد ملك

الشرط على المشروط عليه بمقتضى العقد المقرون بالشرط انتهى.وذلك لوضوح أن الحكم التكليفي الساذج بحيث ال يسقط بإسقاط المشروط

له ويكون وجوب الوفاء به تكليفا كسائر التكاليف الوجوبية في عرض التكليفبوجوب أداء مال الغير مع مطالبته مما ال ينبغي أن يحتمله أحد، لبداهة سقوطهبإسقاط الشرط. فال يكون من قبيل حرمة الغيبة والشتم والضرب ونحوها أيضا

بأن يكون فيه جهتان: جهة متعلقة بالله تعالى من حيث كون هذه األمور مخالفةوعصيانا له، وجهة متعلقة بالمغتاب والمضروب من حيث كونها إيذاء لهما. ولذا ال

يكاد يسقط عصيانه تبارك وتعالى بإسقاط المغتاب حقه، كما ال يكاد يجوز بإذنهفي غيبته أو شتمه. وهذا بخالف المقام، فإنه يسقط الشرط بإسقاط المشروط له،

وال يجب الوفاء به مع إذنه ورضاه بتركه أو بتأخيره.وكيف كان، بعد االتفاق ظاهرا على سقوط الشرط بإسقاطه من صاحبه فيما

(٢٤٦)

Page 248: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

عدا شرط العتق، فالتكليف الممحض في كونه حقا لله تبارك وتعالى مما ال يكاديحتمل، وكذلك المشوب منه ومن حق الناس كما في موارد الغيبة والشتم والقذف

ونحوها، لبداهة عدم تسويغها بإذن المشتوم والمقذوف قطعا كما ال يخفى.فالتكليف الذي يتصور في المقام ما يتبعه ملكية الشرط للمشروط له

واستحقاقه ألن يطالبه، فيجب أداؤه شرعا أيضا كما في الدين وأشباهه.وحينئذ، فالبحث عنه في قبال الوضع وجعله أمرا مستقال بنفسه في غير محله،

فضال عن البحث في ظواهر األدلة من أنها دالة على الوجوب أو االستحباب كمااحتمل، فإنه مبني على حمل ظواهر األدلة على التكليف الساذج. فيمكن القول

باالستحباب، نظرا إلى ترتب الحكم على عنوان المؤمن، أو لكون مساقها مساقأدلة استحباب الوفاء بالوعد ومكروهية خلفه ونحو ذلك.

وأما بعد ما عرفت من عدم احتمال التكليف المحض وداللة األدلة علىثبوت الوضع - كما استظهرناه من قوله (عليه السالم): عند شروطهم، أي واقفون

عندهاملزومون بها - فال يبقى مجال االستحباب بال ارتياب، بل احتماله من مثل شيخناأستاذ األساتيذ بعيد غاية البعد. كما أن مقايسة الشرط بالوعد وأخباره الدالة على

حسن الوفاء به في غير محلها، لبداهة أن الوعد ليس متضمنا لإللزام وااللتزامبوجه، بل إخبار بأمر ممكن الوقوع وعدمه، غايته يستحب القيام به مع إمكانه.وأنى هذا من االشتراط وااللتزام وإيجاب شئ على نفسه إنشاء ال إخبارا فتأمل

جدا.وكيف كان، فالذي ينبغي أن يحرر في المقام أن فائدة الشرط صرف جعل

العقد عرضة للزوال وإناطة لزومه العقدي أو الشرعي بحصول الشرط، فمع عدمحصوله ولو باالختيار ينتفي اللزوم. فال موجب للقهر واإلجبار أو ثبوت حقمالكي لصاحب الشرط على اآلخر المستتبع لجواز الفسخ عند تعذر تسليمه

كتعذر تسليم العوضين ال مجرد تخلفه، فلو امتنع يجبر على التسليم وأداء الحقإلى مالكه كما لو امتنع من تسليم العوض المنتقل عنه، فإن مجرد ذلك ال يوجب

(٢٤٧)

Page 249: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الخيار مع إمكان األخذ منه ولو باإلجبار، بل يتوقف الخيار وانفساخ العقد علىتعذر التسليم كما هو واضح ال يخفى.

ومن هنا يظهر أن المخالف في المسألة ال ينحصر بالشهيد (قدس سره)، بل كل منقال

بعدم جواز إجباره - كالعالمة في بعض كتبه والشيخ على ما نقل عنه في المبسوطوغيرهما - مرجع كالمه إلى الوجه األول ال محالة، إذ ال يكاد يستقيم المنع إال

بذلك، أي منع الحق المالكي للمشروط له على الشارط رأسا، أو ثبوته على وجهينتج التخيير بين الوفاء بالشرط أو فسخ العقد عرضا. وتصويره ال يخلو عن

غموض، فتأمل جيدا.وحينئذ، فالتفكيك بين المسألتين - أي من حيث وجوب الوفاء وعدمه،

وتخصيص الخالف فيه إلى الشهيد (قدس سره) من حيث جواز اإلجبار وعدمه، ونسبةالخالف فيه إلى جماعة - في غير محله.

نعم، ربما يكون االختالف بينهم من جهة المبنى حيث لم يوجه غير الشهيدالمنع إلى تعليق العقد وإناطة االلتزام بالشرط فينتفي عند انتفائه، فلعل الوجه

عندهم مطلب آخر، كما يدل عليه تصريح العالمة في مواضع من التذكرة ببطالنالتعليق في العقد على وجه اإلناطة.

وأما الشهيد (قدس سره) فصريح كالمه في نكت اإلرشاد وغيره: أن الوجه في ذلك هوالتعليق وإناطة االلتزام العقدي بحصول الشرط، فإذا لم يحصل فيجوز له الرضا

بالفاقد من دون التزام، وهذا معنى الخيار وقلب العقد الالزم جائزا.قال (قدس سره) في مقام التفصيل بين اشتراط الغاية أو الفعل - المعبر عنهما تارة بأمر

حالي أو استقبالي، وأخرى بما كان العقد كافيا في تحققه وما لم يكن كافيا فيتحققه، ومرجعهما إلى اشتراط الغايات أو المبادئ، فال يكون تفصيال فيما هو

محل الكالم كما توهم -: إن الشرط الواقع في العقد الالزم إن كان العقد كافيا فيتحققه وال يحتاج بعده إلى صيغة فهو الزم ال يجوز االختالل به كشرط الوكالة،

وإن احتاج إلى أمر آخر وراء ذكره في العقد كشرط العتق فليس بالزم، بل ينقلب

(٢٤٨)

Page 250: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

العقد الالزم جائزا، أو جعل السر فيه أن اشتراط ما يكون العقد كافيا في تحققهكجزء من اإليجاب والقبول فهو تابع لهما في اللزوم والجواز. واشتراط ما سيوجدأمر منفصل عن العقد وقد علق عليه العقد والمعلق على الممكن ممكن وهو معنى

قلب الالزم جائزا (١) انتهى.وفيه أوال: أن ظاهر االشتراط ليس تعليق االلتزام عليه بل التزام بنفس

الشرط كما هو محل البحث، وإن قيل: إن مرجعه إلى إناطة االلتزام به وتعليقه عليهفهذا ال يوجب الفرق بين المقامين ففي كليهما يؤول إليه، غايته في اشتراط

الغايات إن كانت الغاية مما يمكن إيجادها بسبب كالوكالة يجب تحصيال للشرطووفاء بالعقد، وإن كانت مما ال يمكن إيجادها بسبب كاشتراط الخيار أو عدمه

يكون فاسدا، لتعليق العقد على أمر غير حاصل ال يمكن تحصيله أيضا بسبب. وإنقيل بأنه ال يؤول إلى التعليق بل التزام به ونفس اشتراطه انشاؤه كما في اشتراط

الخيار فنحن نقول به في شرط الفعل أيضا.وعلى أي حال بعد ما كان كيفية العقد واالشتراط بحسب اإلنشاء العقدي

على نهج واحد، فال وجه للتفصيل والتفرقة بين اشتراط الفعل والغاية.وثانيا: أن مرجع التعليق إن كان إلى إناطة اإلنشاء وإيقاعه على تقدير دون

تقدير فهذا أمر مستحيل، كما حققنا في محله: أن المعاني اإليجادية غير قابلةإلناطتها بأمر غير حاصل، فإنها إما توجد بإنشائها أو ال توجد فال معنى إليجادها

معلقة على غيرها كما ال يخفى، مضافا إلى أنها معان حرفية غير ملحوظة عنداالستعمال غير ملتفت إليها في هذا الحال، فال يمكن لحاظ اإلطالق أو التقييد

فيها. وإن كان المرجع إلى تقييد المنشأ - أي البيع مثال - بأن ينشأ ملكية خاصةبإرجاع القيد إلى المادة نظير قيد الواجب، وهذا وإن كان في األمور الخارجية

- كالضرب والقتل مثال - أيضا غير متصور، المتناع إناطة الفعل الصادر على أمر--------------------

(١) لم نعثر عليه.

(٢٤٩)

Page 251: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

خارج عن االختيار مثل إناطة الضرب على وقوعه على المضروب إن كان عدوادون ما إذا كان صديقا، بل يكون العنوان من قبيل الدواعي على الفعل تارة يتخلف

عنه، وأخرى يصادفه كما هو واضح، إال أنه فيما إذا كان المنشأ من االعتبارياتكالملكية والزوجية فحيث إن وجودها على نحو اعتبارها، فيصح اعتبارها على

وجه خاص وإناطتها على تقدير دون تقدير. فيكون التعليق فيها بمكان مناإلمكان كما في قيود الواجب، فإنها أيضا من هذا الباب.

ولكن ذلك - مضافا إلى كونه مخالفا لإلجماع على بطالن التعليق في العقود،واعتبار التنجيز فيها بال إشكال - ال يكاد ينتج الجواز، بل مقتضاه بطالن العقدرأسا، ألن المفروض عدم انشاء البيع على تقدير انتفاء الشرط. وانتفاء المشروطبانتفاء شرطه حكم عقلي غير قابل للتخصيص، إال بإرجاع االشتراط إلى معنى ال

ينافي مع بقاء المشروط، كما يأتي تصويره إن شاء الله.نعم، الذي يفيد الخيار وانعقاد العقد جائزا إناطة االلتزام - الذي يدل عليه

العقد التزاما ويتضمنه عرفا - على وجود الشرط، فعند انتفائه ال التزام للمشروطله حتى يجب الوفاء به بدليل اإلمضاء شرعا فينقلب اللزوم جوازا كما هو

مدعاه (قدس سره)، ولكنه مبني على كون االلتزام ملحوظا بنفسه في حال العقد ومنشأبه

باستقالله، مثل أن يصرح به بأن يقول: مثال بعت هذا بهذا والتزمت به. وليس كذلكبالبداهة، بل مدلول العقد إنشاء البيع على وجه االلتزام فيكون كيفية إلنشائه

ونحوا من أنحائه يتبعه قهرا على حسب ما هو المفهوم منه عرفا، وبهذا االعتباريسمى عقدا، ولذا نقول بأن المعاطاة بيع ال عقد، فتأمل جيدا.

وكيف كان، فقد ظهر بطالن التعليق بجميع أنحائه. وما يتصور فيه التعليق منهاال يكاد يفيد الخيار وينتج الجواز، وما يفيده وينتجه ال يكاد يصح التعليق فيه كماقلنا. هذا إذا كان المراد تعليق اإلنشاء وااللتزام العقدي على وجود الشرط كما هوصريح كالم الشهيد رفع مقامه وإن قيل توجيها لكالمه ووجها لمن قال بمقالته من

األجلة كما أشرنا إليه من التردد أو الميل إليه من بعض عبارات التذكرة.

(٢٥٠)

Page 252: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ونقل عن الشيخ في مبسوطه أيضا وغيرهما: أن المراد إناطة الحكم الشرعيوهو وجوب الوفاء بالعقد بوجود الشرط بعد تسليم أنه بحسب التزامه بالعقد غير

منوط بشئ وغير معلق على تقدير دون تقدير ولكن ال شبهة أنه لم يلتزم بالفاقدفال يعمه دليل وجوب الوفاء بالعقود فيقع جائزا، لعدم الدليل على اللزوم.

وفيه أن المشروط له وإن لم يلتزم بالفاقد إال أن المشروط عليه التزام بإعطاءالشرط وصفا كان أو فعال فيجب عليه الوفاء على حسب التزامه، بأن يؤدي

الشرط إلى من له الشرط أداء الحق إلى صاحبه، فمع امتناعه يجبر عليه كما فيسائر الحقوق واألموال.

وثانيا أن عدم التزام صاحب الشرط بالفاقد وإن صح إال أن فيه مغالطة،إذ ليس معناه عدم وجوب وفائه بالعقد، بل معناه األخذ بالشرط والوفاء بالعقد،

بمعنى أنه إما أن يتجاوز عن حقه أو يطالبه، ومع امتناعه يجبره عليه نظير ما يقالفي الشك في األقل واألكثر إن األقل على تقدير وجوب األكثر ليس بواجب، فإن

معناه وجوب اإلتيان به وباألكثر ال سقوط التكليف عنه، فتدبر.وكيف كان، فما يظهر من هؤالء األجلة من عدم جواز اإلجبار على الشرط

- مع تصريحهم بأنه كالجزء من العوضين بل إن له قسطا من الثمن وثبوت الخياربمجرد التخلف - ال وجه له.

وأضعف من ذلك تفصيلهم في مسألة اشتراط العتق بأنه إن قلنا: إنه حق للهتعالى يجبر عليه لو امتنع، وإن قلنا: إنه حق للبائع لم يجبر، إذ ال معنى لكونه حقا له

تبارك وتعالى إال اعتبار قصد التقرب فيه، والزمه التعدي إلى كل ما يكون كذلك- كاشتراط الوقف، أو الصدقة، أو بناء قنطرة وغيرها من الوجوه البرية - فال وجه

لالختصاص بالعتق. وال يقاس بمنذور الصدقة وغيره، لبداهة الفرق بينهما، فإنطرف االلتزام هنا هو الله تعالى دون المشروط له كما ال يخفى.

وكيف كان، فقد ظهر من مجموع ما ذكرنا: أن بالشرط يثبت حق مالكيللمشروط له على الشارط الموجب الشتغال ذمته به كما في سائر الحقوق،

ويسقط باإلسقاط كما اتفقوا عليه وتسالمهم ظاهرا في غير اشتراط العتق.

(٢٥١)

Page 253: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وقد عرفت عدم الفرق بينه وبين غيره من األمور القربية وغيرها الراجعانتفاعها إلى من له الحق أو األجنبي، فيستحق المطالبة واإلجبار مع المماطلة، ومع

التعذر يوجب الخيار، لعدم التزامه بفاقد الشرط.نعم، توجيه الخيار مع صحة البيع دون البطالن كما يسبق في بادئ النظر

مطلب آخر يأتي الكالم في تنقيحه آنفا فتدبر.قوله (قدس سره): (الثالثة في أنه هل للمشروط له الفسخ مع التمكن من اإلجبار).

ال يخفى أن المسألة بعينها هي المسألة السابقة باختالف يسير وتفاوت فيالعبارة ولعله سهو من قلمه فراجع وتدبر.

نعم، زيادتها على السابقة أنه لو كان الشرط من قبيل اإلنشاء القابل للنيابةفهل يوقعه الحاكم عنه إذا فرض تعذر إجباره أو عند امتناعه مطلقا نظرا إلى عدمتحقق اإلنشاء عن طيب ورضاء مع اعتباره فيه فيدور بين سقوط أحد الشرطين

من الطيب والرضاء أو المباشرة.وقد استدل على جواز إيقاعه للحاكم بعموم والية السلطان على الممتنع،

ولكن ال يخفى أن عمومه مع وجود المولى عليه وحضوره وكمال عقله وبلوغهممنوع، فتأمل جيدا.

قوله (قدس سره): (الرابعة (١) لو تعذر الشرط فليس للمشتري إال الخيار.... إلىآخره).

سواء كان الشرط متعذرا حال العقد أو طرأ التعذر عليه، من غير فرق بين مايرجع إلى العوضين كاألوصاف أو غيره من األمور الخارجية كاألفعال واألعمال.

نعم، لو كان الفعل متعذرا ابتداء فيدخل في مسألة العقد المشروط بالشرطالفاسد.

وسيأتي أن الحكم فيه أيضا هو الخيار ال الفساد، كما هو مختار جماعةمن األمجاد.

--------------------(١) كذا وردت في النسخة، وستأتي عين هذا المتن في ص ٢٥٨ مصدرا ب (قوله (قدس سره)).

(٢٥٢)

Page 254: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وكيف كان تحقيق البحث في المقام يقع في مطالب ثالثة:األول: في صحة العقد وعدم بطالنه بتعذر الشرط.

الثاني: في جوازه وثبوت الخيار للمشروط له، وكيفية الجمع بين الصحةوالجواز على ما يقتضيه القاعدة.

نعم، بناء على مسلك شيخنا العالمة (قدس سره) من اقتضاء القاعدة البطالن وإثباتالخيار بالتعبد من اإلجماع وقاعدة الضرر فاألمر سهل، ولكن قد أبطلنا هذا

المسلك في خيار الغبن وغيره مشروحا، فإن اإلجماع في أمثال تلك المسائلالعرفية اإلمضائية شرعا تحصيله ال يخلو عن تأمل.

وأما القاعدة فقد حققنا في محله أنه لو ثبت الخيار بوجه آخر من استناده إلىتعذر الشروط الضمنية أو الصريحة فالتمسك بها في محله، حيث إن الوفاءوالرضاء بفاقد الشرط ضرر على المشروط له إال أنه مستغنى عنه في تلك

الصورة، وإن لم يثبت الخيار بوجه آخر فال موقع للتمسك بأدلة الضرر إلقدامالمشروط له على المعاملة بعلم منه واختياره، ومجرد تخلف الشرط ال يكاد

يوجب الخيار كتخلف سائر األمور الباعثة على اإلقدام على المعاملة فتأمل جيدا.وبالجملة: تتميم المسألة على ما تقتضيه القواعد ال يخلو عن الغموض

وتدقيق النظر كما سيتضح عليك إن شاء الله.الثالث: في جواز أخذ األرش من التفاوت بين واجد الشرط وفاقده بالنسبة

إلى الثمن والمثمن كما في خيار العيب، ومبنى المسألة أن ثبوت األرش فيه علىالقاعدة أو على خالفها ثبت بالنصوص تعبدا، فها هنا مقامات من الكالم:

األول في إثبات الصحة وعدم بطالن العقد بتعذر الشرط، فنقول: إنالخصوصية الفاقدة تارة تكون ركنا في المعاملة وعنوانا للعوضين - كالصور

النوعية التي لألشياء التي يبذل بإزائها األموال وتقع في العقد بإزائها الثمن - مثلكون المبيع حمارا أو غالما ونحو ذلك مما يوجب تخلفه اختالال في أركان العقد

على حسب ما قصده المتعاقدان مثل ما إذا باع غالما حبشيا وظهر حمارا

(٢٥٣)

Page 255: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وحشيا، وهذا يوجب بطالن المعاملة بال شبهة ولو في البيع الشخصي، فإن المبادلةفيه وإن وقعت بين الثمن وهذا الموجود الخارجي كيف ما كان لكن ال بمادته

الهيوالئية حتى تكون محفوظة في المثال المفروض بل بصورته النوعية المفروضانتفاؤها، ألنها التي يبذل بإزائها المال ويقع في مقابلها الثمن. فما يقال: إن العقودتابعة للقصود محل استعماله في تلك الصورة، حيث إن ما قصده البائع مثال وبذل

بإزائه الثمن منتف وما هو موجود لم يقصده ولم يبذل بإزائه شئ. وال يصح أنيقال: إنه من قبيل تخلف الدواعي، بمعنى أن اعتقاد كونه غالما صار داعيا لبذل

المال بإزاء الموجود الخارجي، لما عرفت من أن المعنى المحفوظ فيه ولوبانسالخ ذلك العنوان عنه هو المادة الهيوالئية الغير القابلة للمعاوضة لعدم الماليةلها، فإن مالية األشياء بصورها النوعية بل بالصور العرفية التي ربما تكون أخص

من الصور النوعية العقلية فتأمل جيدا.وببيان أوضح: الخصوصية الفاقدة تارة توجب أن يعد الموجود الخارجي

مباينا لما وقع عليه العقد عرفا فانتقاؤهما يوجب بطالن العقد ال محالة، سواءجعلت عنوانا للمبيع كقوله بعتك العبد الذي هو هذا أو وصفا له كقوله بعتك هذا

العبد أو عبر عنه بلسان االشتراط كقوله بعتك هذا بشرط أن يكون عبدا، فإن انتفاءالعبدية في جميع هذه الصور يوجب البطالن، إذ التوصيف أو االشتراط هنا ال يفيد

أزيد مما يعتبر في أصل المعاملة بعد ما عرفت عدم صالحية بذل المال بإزاءالمادة المبهمة الجنسية.

وأخرى تكون الخصوصية فضلة بمعنى أن انتفاءها ال يوجب اختالال فيمبادلة المالين بحيث يعد الموجود فعال مباينا للمعقود عليه عقال أو عرفا، وإن كان

االلتزام بكون أحدهما عوضا عن اآلخر منوطا بوجود الخصوصية فانتفاؤها فيتلك الصورة يوجب انتفاء االلتزام ال انتفاء أصل المبادلة، وذلك كما في اشتراط

األمور الراجعة إلى أوصاف العوضين أو األمور الخارجية التي بمؤنة الشرطتصير بمنزلة الوصف والضميمة لهما. وهذا القسم محل الكالم وإن تعذره يوجب

الخيار أو ال يوجبه.

(٢٥٤)

Page 256: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما ما كان من قبيل القسم األول فهو خارج عن محل البحث رأسا وال ينبغيعده في عداد الشروط واألوصاف، لما عرفت من أن التعبير عنه وصفا أو شرطا اليفيد أزيد مما يعتبر في أصل المعاوضة من اعتبار كون العوضين معلوما وعنوانهما

محفوظا نظير اشتراط بقاء الموضوع في جريان االستصحاب.وما اعتبروه في جريان قاعدة الميسور في كون الفاقد يعد ميسورا للواجد ال

مباينا له، فإن الخصوصية المنتفية تارة تكون عنوانا للموضوع ومتقومة بها حقيقةالواجب بحيث يكون انتفاؤها موجبا النتفاء الموضوع وتعذر الواجب رأسا فال

مجال لجريانهما.وأخرى ليست كذلك بل عنوان الموضوع - أي ما هو معروض الحكم -

بحسب المناسبة التي بين األحكام وموضوعاتها محفوظ بنظر العرف، وكذلكالواجب لم تتعذر بحقيقته بل ببعض أبعاضه، فيصح جريان القاعدتين وإن لم

يشملهما إطالق دليلهما ألجل انتفاء الخصوصية كما حقق في محله.وبالجملة: صحة المعاملة ووقوع المبادلة مبتنية على حفظ عنوان المتعاوضين

أي ما يبذل بإزاء األموال في العرف والعادة، كالصور النوعية التي لألعيان، فإنماليتها تدور مدارها غالبا ال على المادة الهيوالئية وال على األوصاف الخارجية

وإن كانت موجبة لتفاوت القيمة بسببها. فإن كانت تلك الصورة التي وقعت عليهاالعقد محفوظة إلى حين القبض بل موجودة في هذا الحال ولو فرض انتفاؤها حالالعقد فيصح المعاملة وتقع المبادلة ال محالة، وال يعقل إناطتها بوجود الوصف أوالشرط، فإنهما من قبيل الدواعي ال يعقل أن يكون وقوع الفعل الخارجي وعدم

وقوعه منوطا بهما كما ال يخفى.وإن لم تكن تلك الصور محفوظة إلى حين التسليم وإن كانت موجودة حال

العقد كما إذا صار الخل خمرا مثال فال مجال للصحة، لذهاب المالية وعدم وقوعالمعاوضة بين الثمن والمادة الهيوالئية الموجودة في حال خمريته نظير ما ذكر في

القاعدتين، أي قاعدة الميسور واالستصحاب كما أشرنا إليه.

(٢٥٥)

Page 257: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

نعم، ما ذكرنا كله إنما يتم في البيع الشخصي ومبادلة األعيان الخارجيةبالثمن كذلك، وكذلك في األوصاف التي ال يكون مالية الموصوف متقومة بهاكوصف الصحة في الجوز والبيض ونحوهما، وإال فانتفاء الوصف يوجب فساد

المعاملة بذاك المناط الذي نقحناه، فإن الثمن في مثل هذه األشياء يقع بإزاء وصفصحتها حقيقة فيكون الوصف فيها بمنزلة الصور النوعية في غيرها والموصوف

بمنزلة المادة الغير القابلة لوقوع المعاوضة عليها كما قلنا.وكذلك الكالم في البيع الكلي فإن اشتراط الوصف فيه يوجب تقييد المبيع

الثابت في الذمة، ففاقد الوصف ليس فردا لما وقع عليه العقد والزمه الفساد، إال أنالمشهور فيه أيضا الصحة والخيار لكن بتقريب آخر ليس هنا محل ذكره فتدبر.

وربما يظهر من بعضهم الحكم بجواز اإلبدال أيضا، والفرق بينه وبين الخيارال يخلو عن التأمل، فتأمل.

وكيف كان، فقد ظهر أن تعذر الشرط فيما هو محل البحث - أي الشروطالزائدة عن عنواني العوضين الخارجة عما يقع بينهما المبادلة - ال يكاد ينثلم به

صحة العقد ووقوعه على نحو أوقعاه فال موجب للفساد مع تمامية جهات الصحة.وأما اللزوم فليس كذلك، فإنه ناش عما يتضمنه العقد ويدل عليه بمدلوله االلتزامي

العرفي وهو التزام كل من المتعاقدين بما عقد عليه وإعطاء القول من كل واحدلصاحبه وبهذا االعتبار يسمى عقدا ويعمه عموم أوفوا بالعقود، ولذا قيل: إن

المعاطاة بيع ال عقد، ومن المعلوم أن االلتزام بما وقع عليه العقد منوط بوجوده الاإلناطة على وجه التعليق بمعنى االنتفاء عند االنتفاء، بل يكون الشرط من قبيل

شرط الواجب بمعنى أنه يجب على المشروط عليه الوفاء بالعقد وتسليم ما انتقلعنه مع الشرط فيجب على المشروط له الوفاء به كذلك، فإذا تعذر الشرط فال ملزم

للعقد، لعدم االلتزام بالفاقد فعلى صاحبه االلتزام به فعال والرضاء به أو فسخ العقدوحله، وهذا معنى الخيار.

فقد ظهر أن العقد الذي شرطه كالمعاطاة على قول فيه بيع ال عقد أما األولفلوقوع المبادلة بين العوضين.

(٢٥٦)

Page 258: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

بل قد عرفت عدم صحة إناطتها بوجود الشرط على وجه ال يرجع إلى تعليقاإلنشاء الممتنع وقوعه أو تعليق المنشأ المجمع على بطالنه. وأما أنه ليس عقدا

فلما عرفت من انتفاء االلتزام بالمبادلة مع فقد الشرط وصفا كان أو غيره، فال يعمهعموم أوفوا بالعقود، فإنه إمضاء لما التزما به وهو في المقام على الفرض متعذر

مفقود.وبالجملة: فقد تلخص مما ذكرنا أن ما أفاده األصحاب من صحة العقد

وثبوت الخيار للمشروط له عند التخلف كما هو مقتضى مختار الشهيد ومن وافقه،أو عند التعذر كما هو مختار المشهور صحيح منطبق على القاعدة وما يقتضيه العقد

واالشتراط، فال وجه للقول بفساد العقد لوال الشرط. وإثبات الخيار باإلجماعوقاعدة الضرر كما يظهر من شيخنا العالمة (قدس سره) في بعض كلماته نظرا إلى

إرجاعالشرط إلى تقييد المنشأ فينتفي بانتفائه، لما عرفت من أنه ليس تقييدا لإلنشاء وال

للمنشأ بل التزام في التزام.ولنعم ما عبروا عنه بالشرط في ضمن العقد! فهو غير مرتبط بالعقد على وجه

يوجب انتفاؤه فساده ومرتبط به بوجه يوجب انتفاؤه الخيار بالتقريب الذي ذكرنامن دخله في االلتزام العقدي ال فيما هو مدلوله المطابقي أي المبادلة بين العوضين

فتأمل جيدا.أقول: واإلنصاف أن تصوير ذلك على وجه ال يرجع إلى التعليق في اإلنشاء

وال إلى تقييد المنشأ الموجب النتفائه عند انتفائه وال إلى نظير تعدد المطلوب فيالواجبات وال إلى نظير الواجب في الواجب كما قيل، ومع ذلك كان النتيجة عندانتفائه صحة العقد وثبوت الخيار للمشروط له في غاية اإلشكال، وكذلك تصويرما ذكر من إناطة االلتزام به مع ما عرفت أن االلتزام ليس بنفسه ملحوظا في العقد

بل إنما لوحظ حالة وكيفية لإلنشاء أي كون اإلنشاء على وجه االلتزام.وكيف كان، فتصوير المطلب - أي الجمع بين الصحة والجواز - في غاية الدقةويحتاج إلى إمعان الفكر وتدقيق النظر، وقد أتعب نفسه شيخنا المحقق وأستاذنا

(٢٥٧)

Page 259: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الماجد في تصوير ذلك وقد أجاد فيما أفاد، ولكن ما قررناه غير واف بمرادهوقاصر عن بيانه، ولعلك إذا تأملت فيما ذكرنا في الواجب المشروط من إرجاع

الشرط إلى المادة حال اإلسناد ال إليها قبل اإلسناد والنسبة كما في سائر قيودالواجب المطلق وال إلى الهيئة، بل عقد جملة بجملة كما هو مفاد أداة الشرط يتضح

لك حال المقام وتصوير ما بنى عليه علماؤنا األعالم. فتأمل جدا، فإن المسألة منمزلة األقدام.

قوله (قدس سره): (الرابعة لو تعذر الشرط فليس للمشتري إال الخيار لعدم دليل علىاألرش.... إلى آخره).

هذا هو المطلب الثالث من المطالب التي أردنا تنقيحها.وحاصل الكالم فيه بعد إثبات أن تعذر الشرط ال يوجب فساد العقد بل

ينقلب العقد جائزا فللمشروط له الفسخ والرجوع إلى ما انتقل عنه فهل يجوز لهأخذ األرش كما في العيب أو ال يجوز له سوى الفسخ والرد؟ ومبناه ما ذكرنا في

مسألة خيار العيب من أن األرش فيه هل ثبت على القاعدة وحسب ما يقتضيهالمعاوضة أو ثبت بالتعبد فيقتصر على مورده.

وقد أثبتنا هناك عدم إمكان تطبيقه على القواعد، ألنه إن كان تتميما للناقصوغرامة للعيب فالزمه أخذ قيمته الواقعية دون ما يخصه بالنسبة إلى الثمن، وإن

كان تنقيصا للثمن فالزمه رجوع ما يخصه من عين الثمن دون غيره.وكيف كان، فالمتعدي عن مورد العيب يحتاج إلى الدليل المفقود في المقام،

بل في سائر الخيارات أيضا، خالفا لما هو ظاهر التذكرة (١) من التعدي إلى المقام،بل إلى غيره مثل خيار الغبن أيضا على ما يخطر بالبال، بل الظاهر منه في المسألة

التفصيل بين أقسام الشروط على وجه ال يكاد أن يستقيم ويوجه.وحاصله: أن الشرط تارة من األوصاف التي ال توجب إال زيادة الرغبة

--------------------(١) انظر التذكرة ١: ٤٩١ - ٤٩٢.

(٢٥٨)

Page 260: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

في موصوفها من غير أن يوجب وجوده أو عدمه زيادة في قيمة الموصوف بوجه،فقد قال (قدس سره) بتعين الخيار عند تعذره.

وأخرى من األوصاف التي توجب زيادة المالية في الموصوف، فقال إذاتعذر يتخير المشروط له بين الفسخ والرجوع بالتفاوت بين قيمته مطلقا وقيمته معالشرط، وتبعه الصيمري (١) فيما لو شرط تدبير العبد ثم امتنع فيرجع إلى جزء من

الثمن نسبته إليه كنسبة التفاوت إلى القيمة ال قيمته الواقعية، كما صرح به فيالتذكرة وهو المصطلح في األرش عند إطالقه.

وثالثة من األفعال التي يقابل بإزائها المال كخياطة الثوب وصباغته فيتخيرالمشروط له بين الفسخ والمطالبة به أو بعوضه إن فات وقته، وظاهر العوض قيمته

الواقعية كما هو واضح، هكذا يستفاد من كلماته على ما نقلها شيخنا العالمة (قدسسرهما).

وفيه أوال: أن التفصيل بين األوصاف ممنوع، لعدم وقوع شئ منها في مقابلالثمن، بل المقابلة عرفا وشرعا بين العوضين وإن كانت مالية المال ربما تزيد

وتنقص بوجود الوصف وعدمه، وإال فالالزم بطالن العقد بالنسبة إلى ما يقابله كمافي الجزء.

وثانيا: الفرق بين شرط الوصف وغيره أشكل من األول، ألنه إن كان مضمونافي عقد المعاوضة ويصير ضميمة ألحد العوضين ويقابله شئ من الثمن فال وجه

للرجوع إلى القيمة مع وجود العوض المسمى فإن الضمان إنما يكون بمالية الشئواقعا إذا لم يلتزم المتعاقدان على األزيد أو األنقص منه أو التزما ولم يمضه

الشارع كما في المقبوض بالعقد الفاسد، وإن كان مضمونا بضمان اليد فمع وضوحبطالنه الزمه الرجوع إلى القيمة في شرط الوصف أيضا، لبداهة أن دخل الشرط

في العقد على نهج واحد ال يكاد يختلف باختالف المشترط وصفا أو عمال خارجيا.وبالجملة: ما أفاده (قدس سره) غير قابل للتوجيه بوجه، هذا مضافا إلى أن الجمع بين

الخيار واألرش مطلقا غير متصور، ألن مالية الشئ دائما محفوظة في العهدة--------------------

(١) غاية المرام: ٦٤ س ٢٦ (مخطوط).

(٢٥٩)

Page 261: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وال تكاد تتعذر حتى يوجب الخيار، فإن كان المال مطلقا مضمونا بخصوصيتهوبشخصه فتعذره يوجب الخيار وال موجب للرجوع إلى عوضه ال بما سمي في

العقد وال بقيمته الواقعية، وإن كان مضمونا بماليته المحفوظة في حال التلف وعدمهوحال تعذر أدائه بشخصه وعدم تعذره فال موجب للخيار، فلو سلم أن الشرط

أيضا يبذل بإزائه المال ويقابله شئ من الثمن فحاله كذلك ال محالة فافهم.وكيف كان، فالتحقيق في المقام كما أفاده شيخنا أستاذ األساتيذ (قدس سره) عدم

جواز الرجوع إلى األرش مطلقا، لعدم وقوع شئ من الثمن بإزاء الشرط كان لهمالية لنفسه أو لم يكن، من غير فرق بين األوصاف وال بينها وبين غيرها من

الشروط الخارجية مثل شرط الخياطة والصباغة، لما عرفت من أن دخلها بالعقدعلى نهج واحد، وال ينافي ذلك مع وقوعها تحت الضمان، ولكن بمعنى أن تعذرأدائها يوجب الخيار في المبادلة الواقعة بين العوضين، فيكون ضمانها بهذا المعنى

ال بمعنى ثبوتها في ذمة المشروط عليه على نهج سائر األموال، فإنه فرع قابليةالمضمون لذلك ووجود المالية له بنفسه مع لحاظ تلك المالية أيضا في عقدالمعاوضة، وهذه كلها في الشروط مفقودة كما بين بما ال مزيد عليه فتأمل.

أقول: هكذا أفاد أستاذنا الماجد أدام الله أيام إفاضاته تبعا لشيخنا العالمة (قدس سره)،ولكن فيما إذا كان الشرط بنفسه له مالية يبذل بإزائه المال - كشرط الخياطة - ولم

يكن تبعا ألحد العوضين ال بنفسه كالنماءات المتصلة وال بالشرط كمال العبدوحمل الدابة ونحوها فما أفاده ال يخلو عن التأمل ولإلشكال فيه مجال، لوقوع

شئ من الثمن بإزائه واقعا وصيرورته ضميمة ألحد العوضين ال محالة وإن لميقع بإزائه شئ في متن العقد وكان االلتزام به شرطا ال جزءا. اللهم إال أن يقال

بأن الضمان واشتغال الذمة يدور مدار كيفية العقد واعتبار المضمون وتعهده فيالعهدة على حسب ما يقتضيه المعاوضة وال يدور مدار واقعه فتأمل جيدا.

قوله (قدس سره): (الخامسة لو تعذر الشرط وقد خرج العين عن سلطنة المشروطعليه.... إلى آخره).

(٢٦٠)

Page 262: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ال يخفى أن ظاهره فرض التعذر بعد خروج العين بالتلف أو بالتصرف،فيكون من قبيل الخيارات المنفصلة - كالتأخير والتفليس ونحوهما - وحينئذ

يشكل عليه بأن بعض الوجوه المذكورة مثل فسخ العقد المترتب من حينه أو منأصله إنما يجري في الخيار المتصل بحيث يقع التصرف الناقل في زمان الخيار،

فعلى القول بتعلق حق الخيار بالعين أو بوجه آخر يوجه القول بفسخ العقدالمترتب.

وأما في الخيار المنفصل وكون العين طلقا في حال التصرف الناقل فالموجب لبطالنه مطلقا أو جواز فسخه كذلك، لعدم المانع من التصرف الناقل كغيره

من التصرفات، بل يتعين الرجوع إلى المثل أو القيمة كما هو المحقق في محله.ولكنه مندفع بما حققناه في بحث الخيار أن الخيار المنفصل تارة يحدث بعدالعقد بمبدئه وفعليته، كما في خيار التفليس والتأخير على وجه وخيار الرؤية

والعيب على القول بكونهما صرف التعبد.وأخرى يكون مبدؤه موجودا حال العقد وإن كان فعليته منوطا بزمان متأخر

كما في الخيار المشروط بالزمان أو بزماني كذلك، كما في خيار الغبن بل العيبوالرؤية على ما هو التحقيق فيها من كون الخيار مستندا إلى ما يتضمنه العقد ضمنامن عدم التغابن وكون المبيع صحيحا أو على وفق ما شاهده، فتخلف هذه األمور

يوجب الخيار. وحينئذ تكون الخيارات الثالثة من صغريات مسألتنا هذه - أيخيار تخلف الشرط - غاية األمر محل البحث هنا في الشرط الصريح وفيها يكون

الشرط ضمنيا، وال فرق بينهما من تلك الجهة فتأمل جيدا.وكيف كان، فالتحقيق في هذا القسم من الخيار المنفصل ترتب آثار الخيار

على العقد من حينه، لتحقق مبدئه حال العقد الموجب لتزلزله كنفس الخيار. فلومنعنا عن التصرفات الناقلة في زمان الخيار أو قلنا بتوقفها على اإلجازة لقلنا بهما

في هذا القسم من المنفصل أيضا، لما عرفت من تزلزل العقد من أول األمر وكونالعين متعلقا لحق الغير على القول به وغير ذلك من األحكام المترتبة على الخيار.

(٢٦١)

Page 263: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فما أفاده (قدس سره) في غاية المتانة إال أنه لم يؤد ما هو حق المسألة من التوضيحوالتفصيل، بل اكتفى بمجرد عنوان البحث ونقل األقوال ووجوه االحتمال من غير

تعرض لمداركها، فينبغي تداركه تتميما لمرامه وتوضيحا لكالمه رفع مقامه.فنقول: إن التصرفات الناقلة تارة تنافي مع نفس االشتراط، مثل أن يشترط

عليه أن ال يبيعه من زيد فباعه منه، أو أن يبيعه من عمرو فباعه من غيره ونحوذلك.

وأخرى ال منافاة لها مع ما اشترط عليه، مثل أن يشترط عليه عمال فتعذرعلى المشروط عليه بعد ما خرج العين عن ملكه بأحد أسبابه الموجبة لذلك.

أما الثاني فالحكم فيه كما أفاده (قدس سره) من عدم منع التصرف عن الفسخ والرجوعإلى المثل أو القيمة أو فسخ العقود المترتبة من حينه أو من أصله واسترجاع العين

بنفسها على الخالف المتقدم في أحكام الخيار.وقد عرفت أن الشرط بنفسه موجب لثبوت حق للمشروط له على ذمة

الشارط، فال يقال: إن الخيار إنما يحدث بعد التعذر فالتصرف إنما وقع في حالملكية العين طلقا للمشروط عليه فال موجب لالنفساخ، لما عرفت أن مبدأ الخيار- وهو الشرط - موجود في حال العقد فيكون حاله كالخيار المتصل في تزلزل

العقد وعدم استقراره، إما لتعلق حق للمشروط له في العين أو في العقد علىالخالف المتقدم.

وكيف كان، فال إشكال في هذا القسم. وإنما الكالم في القسم األول - وهو أنيكون التصرف بنفسه منافيا للشرط كما مثلناه - وقد ذكر فيه وجوه ثالثة: من

القول بالصحة مطلقا، أو الفساد كذلك، أو التوقف على إجازة من له الشرط. فلوأجاز ينفذ التصرف ويسقط خياره، ألن إجازته مساوقة إلسقاطه كما قلنا في

محله. ولو لم يجز فينفسخ العقود المترتبة وال خيار له أيضا، لعدم تعذر الشرط بليجبره على الوفاء به حسب ما له من الحق الثابت باالشتراط. فانحصر الخياربالتعذر في الوجه األول وهو نفوذ التصرفات مطلقا من غير توقف على إجازته

(٢٦٢)

Page 264: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

بناء على ما تقدم من الشهيد (رحمه الله) ومن تبعه من أن الشرط ال يوجب حقاللمشروط

له، بل فائدته انعقاد العقد جائزا، فله الفسخ عند تخلف المشروط عليه ابتداء منغير توقف على التعذر أو أحد األمرين من ثبوت حق للمشروط له وسلطنته على

الفسخ عرضا كما وجهنا به القول بعدم جواز اإلجبار ممن تبع الشهيد (قدس سره) فيذلك.

وكيف كان، فالتعذر الموجب للخيار مبني على صحة العقد المترتب بوجه،وإال فال تعذر لفساد العقد بنفسه أو بفسخ المشروط له، فيجب على المشروط عليه

الوفاء بشرطه وإيقاع العقد ثانيا في محله على وفق ما اشترطا عليه، كما يجوزإجباره عليه عند امتناعه حسب ما تقدم تفصيله. والغرض من اإلشارة إليه هنا

أيضا التنبيه على انحصار وجه القول بالصحة بعدم إفادة الشرط حقا للمشروط لهمطلقا - كما هو مقالة الشهيد - أو إفادة أحد األمرين من حق الشرط أو الفسخ

المتحد مع سابقه في عدم جواز اإلجبار وثبوت الخيار بمجرد التخلف ولو معاالختيار.

نعم، يمكن توجيه الصحة على وجه ال ينافي مع القول باإلجبار، وهو إرجاعشرط التصرف على وجه خاص إلى ناحية السبب ال المسبب أي إلى شرط الفعلال النتيجة، كما أفاده أستاذنا المرحوم طاب ثراه في تعليقته المختصرة فراجعها.

هذا كله في وجه القول بالصحة. وأما الفساد فربما يوجه بأن مقتضى اشتراطالبيع على وجه خاص مثال ووجوب الوفاء به النهي عن ضده الموجب لقصر

سلطنة المالك - أي المشروط عليه - عن سائر أنحاء التصرفات بناء على رجوعالنهي إلى المسبب، فإنه الذي يتعلق به الغرض العقالئي أحيانا ويصح جعله

ضميمة ألحد العوضين كما هو واضح.وحينئذ، فحال المسألة مثل التصرف في منذور الصدقة والمعامالت المنهية

- كبيع المسلم أو المصحف من الكافر ونحو ذلك - فيقع المعاملة باطلة ولو معإجازة من له الشرط، لتوقف نفوذ التصرف على سلطنة المالك عليه وعدم أخذ

الشارع إياها بسبب النهي عنه كما في األمثلة المذكورة وأشباهها، ويكون العين

(٢٦٣)

Page 265: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

بنفسها متعلق لحق الغير ومحجورا عليها عن سائر أنحاء التصرفات ال مما يتوقفأداء واجب آخر على صرفه في مصرف خاص حتى يقال بعدم اقتضاء النهي هنا

للفساد، كما لو توقف الحج الواجب على صرف مال بالخصوص فتخلف المستطيعوصرفه في وجه آخر كبيعه ونحوه، فإن النهي هنا ال يوجب فساد معاملة، كما

حقق في محله. ولذا فرقوا في مسألة اشتراط تمكن المالك من التصرف فيالنصاب في تمام الحول بين ما لو نذر أن يتصدق ببعض النصاب ولو مشروطا بأمر

غير حاصل فإنه يوجب انتفاء الشرط في أثناء الحول لتخلل حجره عن التصرففي المنذور كيف ما شاء وبين ما لو توقف وانحصر أداء واجب كالحج مثال على

صرفه في طريق خاص، فلو عصى وتخلف حتى حل الحول يجب عليه الزكاة،لبقاء تمكنه إلى هذا الحال.

والسر فيه ما أشرنا إليه من أن في القسم األول تعلق النهي برقبة العين فيصيرمحجورا عن التصرف فيها شرعا، الموجب لقصر سلطنته وخروجه عن عمومالناس مسلطون على أموالهم بسبب المنع الشرعي، الذي هو كاالمتناع العقلي

المنافي مع بقاء تمكنه من التصرف في تمام السنة. وهذا بخالف ما إذا كان النهيألجل مقدميته لواجب آخر، فإن التوقف والمقدمية ال يقتضي أزيد من إيجاب

الفعل على المكلف، وأما قصر سلطنة المالك عن ماله وحصرها في مصرف خاصفهو أمر زائد يحتاج إلى مؤنة زائدة، وال يكفي فيه النهي الناشئ عن المقدمية كما

ال يخفى.وبالجملة: بهذا الوجه يمكن توجيه الفساد، ولكن أصل المطلب وإن كان فيغاية المتانة، إال أن جعل المسألة من صغرياته مبني على كون وجوب الوفاءبالشرط كالوفاء بالنذر حقا إلهيا وحكما تكليفيا محضا في عرض ما يقتضيه

الشرط من الوضع، كما يظهر من شيخنا العالمة (قدس سره) في بعض كلماته السابقة.ولكن قد ظهر أنه ليس كذلك، وإال ال يكاد يسقط بإسقاط المشروط له شرطه

وتجاوزه عن حقه، مع أن الظاهر تسالمهم على سقوطه باإلسقاط في غير العتق،

(٢٦٤)

Page 266: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فال يكون التكليف فيه كالتكليف بوجوب الوفاء بالنذر، بل تكليف تبعي يتبعالوضع ويدور مداره كما في الدين ونحوه، نظير تصرف العبد في ماله أو في نفسه

المتوقف صحته على إجازة مواله معلال بأنه لم يعص الله وإنما عصى سيده.ومن المعلوم أن هذا النحو من التكليف ال يكاد يصلح لتخصيص أدلة السلطنة،

بل إنما يتبع الوضع فإن كان الحق الثابت للمشروط له مانعا عن نفوذ التصرف فيالعين فهو وإال فال موجب للبطالن. وحينئذ الصحة والفساد مبنيان على الخالفالمتقدم بين الشهيد ومن تبعه وبين المشهور من أن االشتراط يوجب إحداث حقمالي مالكي في ذمة المشروط عليه كسائر الحقوق المالية أو ال يوجب إال جواز

العقد، وبناء على ما حققناه من إفادته الحق ال محالة. ولذا يجوز له إسقاطه فليسمن قبيل حق الجناية بمعنى كونه حقا ثابتا على رقبة العين كل ما كان حتى ال

ينافي استيفاؤه مع نفوذ التصرفات الناقلة ولو بالعقود المتعددة، بل ثابت في رقبةالعين ملكا لمالكها فينافي مع نفوذ التصرفات كما في باب حق الرهانة.

وبالجملة: فالمسألة من صغريات ذلك الباب فيجري فيها الخالف الذي فيهبين األصحاب من توقف الصحة على إجازة المرتهن - أي صاحب الحق - كما هوالمشهور ظاهرا والمعروف من جماعة من األجالء أو الفساد مطلقا، كما حكي عن

بعض المتأخرين مثل صاحب المقابس وغيره مدعيا لعدم جريان حكم الفضوليفي المسألة ونظائرها.

وكيف كان، فالقول بالفساد مطلقا مبني على هذا الوجه كما أن القول بتوقفهعلى اإلجازة مبني على إجراء حكم الفضولي عليه، كما هو المحقق المختار في

محله. وحينئذ فالمتجه ما أفاده (قدس سره) من أن خير األقوال أوسطها، وحينئذ لوأجاز

صحت العقود المترتبة ويسقط حقه الثابت باالشتراط، لما ذكرنا من إرجاعها إلىإسقاط الشرط والرضاء بالعقد بدونه، ولو رد العقود الالحقة تنفسخ كلها ويجب

على المشروط عليه الوفاء بالشرط، لعدم تعذره بعد انفساخ العقود المترتبة فالموجب للخيار كما ال يخفى.

(٢٦٥)

Page 267: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وحينئذ فقوله (قدس سره) " فإذا فسخ المشروط له ففي انفساخ العقد من أصله أو منحينه أو الرجوع بالقيمة وجوه، رابعها التفصيل بين التصرف بالعتق فال يبطل، لبنائه

على التغليب فيرجع بالقيمة وبين غيره فيبطل انتهى " مبني على االستدراك الذيفي كالمه من صحة العقد الثاني بناء على عدم جواز اإلجبار ال أنه متفرع على ما

اختاره أوال، لما عرفت من أن حدوث الخيار بالتعذر مبني على صحة العقودالمترتبة وإال فال تعذر للشرط أصال. أما على القول بالفساد فواضح، وكذلك على

القول األوسط مع رد العقود المترتبة، حيث إن العين باقية في ملك المشروط عليه.وأما مع اإلجازة فالعقود المترتبة وإن صحت بها ويتعذر الشرط ال محالة إال أن

مرجعها إلى إسقاط حقه رأسا كما قلنا.وبالجملة: فالعبارة ال يخلو عن التعقيد، وعلى أي حال فالتفصيل بين العتق

وغيره للمنع عنه مجال، والزمه القول به بالنسبة إلى جميع الخيارات، بل في العينالمرهونة أيضا مع أنه لم يلتزم به أحد.

نعم، من بعض كلمات شيخنا العالمة في أحكام الخيار يلوح أن التصرفبالعتق محل اإلشكال في جميع أبواب الخيار، لكنه لم يلتزم به في الرهن بال

إشكال.وقد عرفت أن المسألة من هذا الباب، فال موقع للتفصيل. وكون بناء العتق

على التغليب ال يكاد يثبت المدعى، فإن معناه أنه لو انعتق بعض العبد بوجه يلحقهالباقي بالتفصيل الذي ذكر في محله، وهذا ال دخل له بما هو محل البحث في

المسألة، كما أن احتياجه إلى القربة ال يوجب كونه من حقوق الله تعالى، وإال يلزمالقول به في سائر الشروط التي من الوجوه القربية - كالوقف والصدقة وتسبيل

المنفعة على الوجوه العامة ونحوها - فال وجه لالختصاص بالعتق، مضافا إلى ماأشرنا إليه سابقا من أن طرف االلتزام في اشتراط العتق ونحوه هو المشروط له.والشارط يلتزم له ويشتغل ذمته له، ال لله تعالى حتى يكون حقا له تبارك وتعالى

كما في النذر، فإنه التزام له تعالى كما ال يخفى. فالقياس على النذر وشبهه في غير

(٢٦٦)

Page 268: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

محله، بل يكون حقا محضا للمشروط له - كاشتراط الوقف والصدقة ونحوهما -فيسقط بإسقاطه ال محالة.

ومن هنا ظهر ما هو التحقيق في المسألة اآلتية فال نعيده لضيق المجال وعدممساعدة الحال، وأسأل الله التوفيق وحسن المآل.

قوله (قدس سره): (السابعة قد عرفت أن الشرط من حيث هو ال يقسط عليه الثمن....إلى آخره).

ال يخفى أن المسألة مع إطناب الكالم فيها لم تنقح كما هو حقها مع أنها منأهم المسائل، فينبغي جعلها خاتمة لباب الشروط وبيان أقسامها كما هو حقهاوتمييز ما يتقسط بإزائه الثمن عما ال يتقسط بإزائه شئ منه وبيان الضابط في

ذلك، فنقول: إن الشرط - أي ما يقع في عقد المعاوضة بصورة االشتراط - تارةيكون من األمور الخارجية الغير الراجعة إلى العوضين بوجه كاشتراط عمل أو

ضميمة شئ خارجي إلى الثمن أو المثمن على وجه االشتراط من غير أن يوجبحدوث خصوصية فيهما.

وأخرى من األمور الراجعة إلى العوضين، وهذا أيضا تارة من قبيل الصورالجوهرية التي بها شيئية األشياء ومالية األموال وتقع متعلقة لألغراض أوال

وبالذات ويبذل بإزائها األعواض كحمارية الحمار وما يشبه ذلك.وأخرى من األوصاف العرضية ألحد العوضين، مثل كون العبد كاتبا والثمن

نقدا غالبا ونحو ذلك.وثالثة من قبيل كمية األشياء ومقاديرها، كقولك بعتك هذه الصبرة بشرط أنتكون عشرة أصواع أو هذه األرض بشرط أن تكون عشرة أجرب وغير ذلك

وإنما جعل ذلك قسما ثالثا مع أنه أيضا من األعراض الالحقة ألحد العوضين منالثمن أو المثمن، ألن فيه جهتين وحيثيتين: جهة الوصفية من حيث إفادته لوصف

االجتماع وكون العين الشخصية متصفة بوصف كونها كذا جزء، وجهة ذاتيةجوهرية باعتبار إفادته لتعيين مقدار العوضين الذي به يزيد وينقص ويختلف

باختالفه قلة وكثرة.

(٢٦٧)

Page 269: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وببيان أوضح: األوصاف ممحضة العتبار خصوصية في الموصوف من غيرأن يوجب تغييرا في الموصوف من حيث القلة والكثرة والزيادة والنقيصة، غايته

أن الموصوف الخارجي تارة واجد للوصف وأخرى فاقد له.وبعبارة أخرى اختالف فيه من حيث النقص والكمال ال من حيث الزيادة

والنقصان في الصورة الجوهرية التي أخذت عنوانا في المعاملة، وهذا بخالفالمقدار فإنه يوجب اختالف تلك الصورة الجوهرية زيادة ونقيصة، فيشبه من تلك

الجهة باشتراط نفس الصورة الجوهرية أي القسم األول فتأمل جيدا.وبالجملة: هذه أقسام الشروط، ومن الواضح أن القسم األول أي اشتراط ما

هو الخارج عن حقيقة العوضين تعذره أو تخلفه ال يوجب إال الخيار، فإما أنيفسخ العقد ويرد العوض وإما أن يمضيه بتمام العوض من الثمن أو المثمن، لما

حققناه أنه التزام بشئ وراء االلتزام الذي بين العوضين.وبعبارة أخرى التزام في ضمن االلتزام األول بعد تماميته بتمام جهاته، غايته

حيث إنه مرتبط به ومحقق في ضمنه فانتفاؤه يوجب الخيار بالبيان الذي تقدم،وعلى أي حال ال يوجب انتفاؤه تبعضا في الصفقة وال تقسيطا في الثمن بال شبهة،

لعدم وقوع شئ من الثمن بإزائه على حسب التزام المتعاقدين وما أنشئ بعقدالمعاوضة، وما يقال: إن للشرط قسطا من الثمن أي عند التحليل ال بحسب ما

يقتضيه العقد فتأمل.ومن هذا القبيل القسم الثالث أي ما كان راجعا إلى اعتبار وصف في العوضين

فإن انتفاءه أيضا يوجب الخيار في فسخ العقد بكله أو إمضائه كذلك، لما عرفتمن أن المبادلة بين العوضين وال يقع شئ بإزاء الوصف وإنما يوجب زيادة فيالموصوف من حيث المالية، فانتفاؤه ال يوجب انثالم في االلتزام األول أي فيأصل المعاملة وإنما يوجب جوازه، لعدم التزامه بالفاقد وإناطته بوجود الوصف

بالتقريب الذي تقدم.ومن هنا يظهر الكالم في القسم الثاني - أي ما كان الشرط من الصور

(٢٦٨)

Page 270: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الجوهرية - فإنه ال ينبغي الشبهة في أن تخلفه يوجب بطالن العقد رأسا عكس ماذكرنا في األوصاف، فإن حقيقة المعاملة متقومة بها، فمع انتفائها ال معاملة أصال،وذلك لما أشرنا إليه مرارا أن المواد الهيوالئية ليست لها مالية وال يقع بإزائها شئ

من األموال، بل يقع العوض بإزاء الصورة النوعية العرفية التي ربما تكون أضيقمن الصورة العقلية، فإن في مثل العبد الزنجي والرومي يكون الصورة النوعية

محفوظة، ولكن العرف يرى كل واحد مباينا لآلخر فتأمل.وكيف كان، فانتفاء ما هو من قبيل الصور النوعية للعوضين يوجب بطالن

المعاملة وفساد العقد، سواء كان العقد على الكلي أو على الموضوع الخارجي.غاية األمر في القسم األول - أي في الكلي - فرض انتفاؤه بتعذر الكلي

بجميع أفراده فال عبرة بتخلف عنوان المقبوض، وسواء جعل العنوان مقدما علىاإلشارة كقولك بعت الحمار الذي هو هذا أو مؤخرا عنها كما في قولك بعت هذا

الحمار أو جعل شرطا كقولك بعت هذا على أن يكون حمارا وغير ذلك منالتعبيرات، لما عرفت من أن البحث ليس في مرحلة اللفظ حتى يمكن االختالف

باختالف التعبير، بل ما هو المناط في الشرط وهو أن يكون التزاما في ضمنااللتزام المنشأ بالعقد مفقود في مثل تلك األمثلة - أي في الصور النوعية - فإنهاقوام العقد وحقيقة ما ينشأ به ال أن تكون أمرا زائدا عليه كما هو واضح، كما أن

مالك العنوانية هو هذا. فلو جعل الوصف عنوانا كقولك بعتك هذا الكاتب ال يكاديوجب انتفاؤه بطالن العقد، ألنه بأي لفظ عبر ال يخرج عن كونه التزاما زائدا على

العقد متحققا في ضمنه فال موجب لبطالنه بانتفائه.وبالجملة: فالالزم مالحظة ما هو المناط في القسمين أي الشرطية والعنوانية

ال مالحظة اختالف األلفاظ والتعابير، فإن هذه قاعدة جارية سارية في غير واحدمن أبواب الفقه كما أشرنا إلى بعضها فيما تقدم.

وأما القسم األخير الذي هو محل البحث وهو أن يكون الشرط من قبيلالمقادير فحيثما عرفت أن فيه جهتين وحيثيتين فقد وقع محل الخالف واإلشكال

(٢٦٩)

Page 271: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

في أنه يعامل معه معاملة العنوانية. فلو تخلف المقدار المشترط يبطل المعاملةبالنسبة إلى المقدار الفائت ويقسط الثمن بنسبته، كما إذا أخذ المقدار عنوانا الشرطا كقولك: بعتك هذه العشرة أمنان من الحنطة، فإنه ال إشكال وال خالفظاهرا في أن عند التخلف يقسط الثمن بحصته مع ثبوت الخيار للمشتري أيضا

لتبعض صفقته، فكذلك إذا أخذ شرطا كقولك: بعتك هذه بشرط أن تكون عشرةأمنان، فظهر أنها خمسة أمنان من غير فرق بين متساوي األجزاء أي ما كان مثلياكما في المثال وغير متساوي األجزاء كقولك بعتك هذه األرض على أن تكونعشرة أجرب فظهر أنها خمسة أجرب. ففي كلتا الصورتين يرجع المشتري إلى

نصف الثمن وله الخيار بالنسبة إلى الباقي أيضا، كما إذا باع ما يملك مع غيره أومال نفسه مع مال غيره وعدم إجازة مالكه، فإنه يرجع من الثمن بحصته

وللمشتري الخيار لتبعض صفقته، أو يعامل معه معاملة األوصاف فله الفسخ بكلهأو اإلمضاء كذلك، نظرا إلى أن المبيع هو الموجود الخارجي كائنا ما كان وهو

محفوظ على حاله.غاية األمر أنه التزم أن يكون بمقدار معين وهو وصف غير موجود في المبيع

فأوجب الخيار كالكتابة المفقودة، هكذا أفاد القائلون بهذه المقالة كصريح القواعدومحكي اإليضاح وقواه في محكي حواشي الشهيد والميسية والكفاية واستوجهه

في المسالك ويظهر من جامع المقاصد (١) أيضا لو فرق بين متساوي األجزاءوغيره.

قوله (قدس سره): (األول أن الشرط الفاسد ال تأمل في عدم وجوب الوفاء به بلهو داخل في الوعد، فإن.... إلى آخره).

اعلم أن فساد الشرط ال محالة بانتفاء أحد األمور المذكورة المعتبرة بعضها--------------------

(١) القواعد ٢: ٩٢، واإليضاح ١: ٥١٧، ونقله عن حواشي الشهيد والميسية صاحب مفتاحالكرامة ٤: ٧٤٤ س ٢٢، وكفاية األحكام: ٩٠ س ٣٣، والمسالك ٣: ٢٨٠، جامع المقاصد ٤:

.٤٢٨ - ٤٣٠

(٢٧٠)

Page 272: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

في أصل كونه شرطا مصطلحا وبعضها في صحته من كونه مذكورا في متن العقد،وغير مناف لمقتضاه وغير مخالف للمشروع وكونه مقدورا وغير مستلزم للمحالوال مجهوال وال لغوا أي عدم تعلق الغرض المعتد به عند العقالء به نوعا إلى غير

ذلك، وال إشكال في عدم وجوب الوفاء به. وأما استحبابه في غير ما كان مخالفاللمشروع فقد أفاد (قدس سره) أنه ال تأمل فيه لدخوله في الوفاء بالوعد، وفيه تأمل بل

منع،ألن الوعد إخبار فال ربط له بباب الشروط التي هي من مقولة اإلنشاء كما ال

يخفى، فال دليل على استحباب الوفاء به كوجوبه.وعلى أي حال، الكالم في الشرط الفاسد تارة يقع في تحرير محل النزاع

وتعيين ما هو محل الخالف منه، وأخرى في أنه هل يوجب فساد العقد أو اليوجب الفساد بال خيار أو مع الخيار. فاألقوال في المسألة ثالثة.

وأما سائر التفاصيل ففي الحقيقة راجعة إلى الجهة األولى ال أن يكون أقواالفي أصل المسألة.

وملخص الكالم فيها أن فساد الشرط إن كان موجبا الختالل أصل العقد- كالشروط المنافية لمقتضاه، أو النافية لجميع آثاره المترتبة عليه أو آثاره

المرغوبة منه عرفا، كشرط أن ال يملك في عقد البيع، أو ال يستمتع مطلقا في عقدالنكاح إلى غير ذلك - فال شبهة في أنه فاسد ومفسد للعقد ال محالة، إلرجاعه إلىنقض العقد وإنشائه السابق إما صريحا كما في القسم األول، أو ضمنا والتزاما كمافي الثاني، فهذا القسم خارج عن محل البحث بال كالم. وكذلك إذا كان فساده

موجبا الختالل شئ من األمور المعتبرة في العوضين من كونهما ماال معلومامقدورا لكل واحد من المتعاقدين من تسليم ما انتقل عنه إلى ما انتقل إليه، كبيعالخشبة بشرط أن يجعله صنما أو العنب بشرط أن يعمله خمرا، فإن مرجع هذا

الشرط إلى سلب المنافع المحللة وحصرها في المحرم، فيوجب خروج العين عنالمالية وصيرورتها مسلوبة المنفعة، أما المنافع المحللة فلعدم جواز استيفائها

بمقتضى االشتراط وأما المنفعة المحرمة فلسلبها عنه شرعا، فيخرج المال عن

(٢٧١)

Page 273: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

كونه ماال وصالحا ألن يقابل بالعوض، وهذا هو المراد من قوله (قدس سره) " أنه أكلالمال

بالباطل " فال تغفل. ومن هذا القبيل الشرط المجهول لكن ال مطلقا، بل إذا كانمرجعه إلى اشتراط إحداث وصف مجهول في أحد العوضين، فإنه يوجب الجهالة

فيهما فيوجب البطالن ال محالة.وعليه ينزل كالمه (قدس سره): وال تأمل أيضا في أن الشرط الفاسد ألجل الجهالة

يفسد العقد، لرجوع الجهالة فيه إلى جهالة أحد العوضين، انتهى.وإال إذا كان الشرط أجنبيا مجهوال بنفسه فال موجب إلفساده، وكون

التراضي منوطا به هو عين دعوى القائلين باإلفساد في محل النزاع، فال يصلحللتمسك به على الخروج عنه كما ال يخفى، فال محالة مراده الجهالة الراجعة إلى

أوصاف العوضين، كما يظهر من تعليله ومطاوي كالمه فراجع.ومن هذا القبيل الشرط الغير المقدور، فإنه تارة يكون كذلك بنفسه، وأخرى

يوجب تعذر تسليم ما اشترط فيه، فتارة يقال: بعتك هذا الزرع بشرط أن تجعلهسنبال ففساد الشرط يوجب فساد العقد أيضا، لتعذر تسليمه سنبال حيث إنه ليس

بفعله وتحت قدرته.وأخرى بعتك هذا الثوب بشرط أن تجعل زرعي سنبال بحيث يكون الشرط

بنفسه متعذر التسليم، وحينئذ ال موجب لكونه مفسدا إال من جهة إناطة التراضيوهي في محل المنع كما يأتي.

وبالجملة الموارد الخارجة عن محل النزاع صحة وفسادا ال بد وأن يكونفساد الشرط من جهة أخرى غير إناطة التراضي به أو كونه ضميمة ألحد العوضين

فإنهما عين الدعوى في محل البحث كما ال يخفى.وحينئذ فكلما كان مرجع البحث في إفساده وعدمه إلى هاتين الجهتين فهو

محل الخالف ومحط األقوال، وما كان جهة البحث فيه إلى جهة أخرى مثل كونهمخال بالعقد أو بشرائط العوضين كالموارد المشار إليها فهو خارج عن محل

البحث ومفسد للعقد بال إشكال.

(٢٧٢)

Page 274: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ومن هنا يظهر أن فساد الشرط لو كان من جهة لغويته وعدم تعلق غرضالعقالء به، فخروجه عن البحث وعدمه مبني على كون نظر القائل باإلفساد إلى أن

الشرط ضميمة ألحد العوضين وله قسط من الثمن كما هو الوجه األول الذياستدلوا به فال يوجب فساد العقد لعدم ماليته وجريان الدليل المذكور بالنسبة إليه،

وإن كان نظرهم إلى الوجه الثاني وهو إناطة التراضي به فال وجه إلخراجه عنمحل النزاع والتسالم على صحة العقد كما قيل فإن إناطة الرضاء ال تدور مدار

المالية وعدمها كما ال يخفى.نعم، إذا كان فساد الشرط لعدم ذكره في متن العقد كشروط التباني فال ينبغي

التأمل في عدم فساد العقد به، بل هنا من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع، حيث الشرط اصطالحا ال أنه شرط فاسد غير مفسد.

هذا ملخص ما أفاده أدام الله أيام إفاضاته في تحرير الضابط فيما هو محلالبحث وما هو خارج عنه صحة وفسادا.

وحاصله: أن جهة البحث إن كانت راجعة إلى إناطة الرضاء بالشرط وعدمهافهو محل البحث والخالف، وإال فإن كانت راجعة إلى لزوم اختالل في العقد أو

شرائط المعقود عليه فهو موجب للفساد بال إشكال، وإن كان مفاد الشرط من جهةأخرى غير راجعة إلى شئ منهما فهو خارج عن محل البحث أيضا من طرف

الفساد.ولقد أجاد - دام ظله - فيما أفاد وأتى بالتحقيق حقه وبتوضيح المراد من

كلمات األصحاب غايته، إال أنه يختلج ببالي القاصر إشكال في هذا الباب، وهوأن معنى الصحة في الشروط بل في الوضع واإلنشاءات من العقود واإليقاعات

وغيرهما أن ما أنشأه المنشئ وأوجده بأسبابه وجد وتحقق عند الشارع الذي بيدهاعتباره، فبإنشاء المنشئ وإمضاء الشارع صح اعتبار ووجد في ظرف االعتبارشئ لم يكن بموجود قبل اإلنشاء أو بدون اإلمضاء هذا معنى الصحة، ومعنى

الفساد ما يقابل هذا - أي لم يتحقق باإلنشاء شئ في موطنه وظرف وجوده بل

(٢٧٣)

Page 275: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

كان مجرد لفظ ولقلقة لسان - وحينئذ فلو قلنا بفساد الشرط فمعناه أنه ولو التزم بهإنشاء إال أنه لم يتحقق التزام ولم يعتبر اعتبار، وحينئذ فكيف يمكن أن يؤثر فيفساد العقد، لبداهة أن مجرد اللفظ واإلنشاء غير صالح لذلك، بل ما ينشأ ربما

يكون منافيا لمقتضى العقد أو مخالفا للكتاب ونحو ذلك.اللهم إال أن يقال: إن مجرد إنشائه نقض إلنشائه السابق أو محرم شرعا

فيفسد، ولكن هذا ال ينحل به اإلشكال، ولعله لقصور فهمي وعدم إدراك ما هوحقيقة الوضع واإلنشاء وأسأل الله البصيرة في دينه وفقها في حكمه فإنه الموفق.

وكيف كان، إذا عرفت محل الخالف وميزت ما هو قابل للنزاع عن غيرهبالضابط الذي أفاده األستاذ دام ظله العالي، فلنشرع في ذكر األقوال وبيان

االستدالل فنقول: وعلى الله االتكال أنه قد حكي عن الشيخ واإلسكافي وابنالبراج وابن سعيد (١) القول بأن فساد الشرط يوجب فساد العقد.

وعن جماعة من األجلة المتأخرة مثل الشهيدين والعالمة والمحقق الثاني (٢)وجماعة أن العقد يبقى على الصحة. وهذا أيضا يرجع إلى قولين الصحة مع الخيار

أو بال خيار على التفصيل الذي يأتي الكالم فيه. أما القول بالصحة فيدل عليهالعمومات واإلطالقات الدالة على مشروعية المعاملة تأسيسا أو إمضاء، كما هو

الغالب في العقود فال يحتاج إلى دليل آخر ومؤنة أخرى في إثباتها كما ال يخفى،بل القول بالفساد يحتاج إلى إقامة الدليل المخرج للعقد عن هذا األصل وهو

من وجوه:األول: دعوى أن فساد الشرط يوجب جهالة العوض، ألن له قسطا من الثمن

--------------------(١) المحكي عنهم هو القول بالصحة، كما نبه عليه الشهيدي في هداية الطالب: ٥٨٠ س ١٠،

وكذلك مفتاح الكرامة ٤: ٧٣٢ س ١٤، انظر المبسوط ٢: ١٤٩، كما في المختلف ٥: ٢٩٨، لمنعثر عليه في المهذب حكاه عنه في المختلف ٥: ٢٩٨، الجامع للشرائع: ٢٧٢.

(٢) المحكي عنهم هو القول بالفساد كما نبه عليه الشهيد في هداية الطالب ٥٨٠ س ١٠،وكذلك مفتاح الكرامة ٤: ٧٣٢ س ١٤، انظر اللمعة والروضة ٣: ٥٠٥، المختلف ٥: ٢٩٨،

جامع المقاصد ٤: ٤٣١.

(٢٧٤)

Page 276: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وجهالة العوض يوجب الغرر المبطل للمعاملة كما إذا كان من أول األمر. وفسادهاواضح حال ونقضا كما أفاده (قدس سره)، لمنع وقوع الثمن بإزاء الشروط واألوصاف،

بلإنما توجب زيادة المالية في المثمن الذي يقع العوض بتمامه بإزائه، وعلى فرض

تسليم وقوع الثمن بإزائها أيضا ال يكاد يوجب الفساد كما في صور فساد الجزءمثل العقد على ما يملك مع ما ال يملك - كالعبد والخنزير - وما يملك مع ما ال

يملك كما في الفضولي. فهذه الجهالة غير مضرة بصحة المعاملة، لمعلومية كل منالعوضين حال العقد وإمكان رفعها بتقويم الجزء الصحيح منفردا ومنضما، غايتهيوجب الخيار لمكان تبعض الصفقة وتعذر شرط االنضمام المعتبر ضمنا، ونحن

نقول به في المقام على ما يأتي الكالم فيه إن شاء الله.والثاني: وهو العمدة دعوى إناطة التراضي الحاصل عند العقد على وجود

الشرط فإذا انتفى لفساده ينتفي الرضاء المعتبر في صحة المعاملة عرفا وشرعا.وأجيب عنه بالنقض والحل أيضا، أما النقض فبوجوه:

منها: النقض بالشروط الفاسدة في النكاح، فإنه ال خالف نصا وفتوى في عدمفساد النكاح بمجرد فساد شرطه المأخوذ فيه، هكذا أفاد (قدس سره). وليكن المراد

كمايظهر من كالمه فيما تقدم الشروط المرتبطة بالمهر أي التي بمنزلة الضميمة له،ففسادها ال يوجب فساد عقد المهر الذي يتضمنه عقد النكاح، فإنه ينحل إلىعقدين: عقد المزاوجة - وهو إنشاء العلقة الزوجية بين الزوجين من غير توقفه

على ذكر المهر مقدارا وتعيينا، غايته حيث إنه يتضمن التسليط على البضع فال بدمن كونه بعوض وبإزائه شئ من المال، ولذا يصح النكاح بال ذكر المهر فيجب مهرالمثل مع الدخول واالمتاع على الموسع قدره وعلى المقتر قدره مع عدمه، وكذلكنكاح المفوضة فيجب ما يعينه الزوج ولو بعد العقد وتمام الكالم خارج عن المرام

- وعقد المهر، وهو تعيين ذاك األمر الكلي الثابت على الزوج بإزاء تسليطه علىالبضع في مقدار معلوم أو في عين معلومة. فما يكون مرتبطا بهذه المرحلة وبمنزلة

الضميمة للمهر فساده ال يوجب فساد عقد المهر فيرجع إلى مهر المسمى.

(٢٧٥)

Page 277: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما ما يكون مرتبطا بأصل النكاح - مثل اشتراط الخيار فيه أو عدماالستمتاع بالكلية - ففساده لمنافاته مع مقتضى العقد عرفا أو شرعا، يوجب فساد

النكاح كما ال يخفى، فراجع وتأمل.ثم إن عدم رجوعهم إلى مهر المثل عند فساد الشرط كما أفاد (قدس سره) بمجرده ال

يصير دليال على المطلب وال يثبت المدعى، فإن بناءهم في صور فساد المهر تارةالرجوع إلى مهر المثل كما إذا عقدا على عبد فبان حرا، وأخرى بالرجوع إلى مثل

المسمى أو قيمته كما إذا عقدا على مال فظهر مال الغير، وبعض المقامات صارمحل اإلشكال - كالعقد على الخمر والخنزير ونحوهما - في بطالن أصل المهر

والرجوع إلى مهر المثل أو بطالن تعيينه في ما ال يملك فيرجع إلى قيمته عندمستحليه. والضابط في ذلك أن الفساد تارة يرجع إلى تقديره كما إذا عقدا على

شئ ال قيمة له أصال كالعقد على الحر مثال، وأخرى يرجع إلى بطالن تعيينه كمافي مال الغير فيرجع إلى قيمته. ومنه يظهر وجه اإلشكال في مثل الخمر والخنزير

من حيث إنه ال مالية لهما في الشرع فيرجع الفساد إلى بطالن التقدير، ومن حيثإن لهما تقدير عند مستحليه فيرجع إلى القيمة.

وكيف كان، المسألة من قبيل القسم الثاني، فإن فساد الشرط ال يوجب بطالنأصل التقدير، بل غايته بطالن تعيين ما هو بمنزلة الضميمة للمهر، فيقوم ما جعل

مهرا مع الشرط تارة ومع عدمه أخرى ويرجع إلى التفاوت. وحينئذ فلو ثبتتسالمهم على عدم الرجوع إلى شئ مطلقا واالقتصار على ما هو المسمى كما هو

الظاهر فيدل على المدعى، وإال فال داللة بمجرد عدم الرجوع إلى مهر المثلفاحفظ ما ذكر من الضابط.

ومنها: النقض بالجزء الفاسد، فإنه ال يكاد يوجب فساد العقد قطعا، بل يقسطالثمن بنسبته ويصح في الباقي، وللمشتري الخيار، لتبعض الصفقة الراجع إلى

انتفاء شرط االنضمام.ومنه يظهر أن مرجعه أيضا إلى انتفاء الشرط ال أن يكون الفرق بينه وبين

(٢٧٦)

Page 278: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الشرط عسرا كما أفاده في جامع المقاصد بل هو عينه، فإن فساد الجزء يوجبانتفاء شرط االنضمام المعتبر في العقد ضمنا، فيكون التراضي أيضا منوطا به كما

في الشرط الفاسد.وكيف كان، فالتفصيل بين الجزء الفاسد والشرط الفاسد وأن الثاني يوجب

فساد العقد دون األول تحكم صرف، كما هو واضح.ومنها: النقض بصورة تعذر الشرط، فإن التراضي لو كان منوطا به على وجهيوجب انتفاؤه انتفاءه فالالزم القول بالفساد في صورة التعذر أيضا، غايته أن

التعذر تارة يكون عقليا وأخرى شرعيا، كما في صور فساد الشرط. وهذا ليسبفارق ألن التعذر الشرعي كالتعذر العقلي، كما أن الفرق بأن في صورة التعذر وقع

العقد صحيحا على وجه المراضاة ثم طرأ عليه التعذر الموجب لخياره إما برضائهبالفاقد وإما بفسخه للعقد وهذا بخالف فساد الشرط فإن الرضا من أول األمر

منوط بأمر فاسد فال يقع العقد من أول األمر صحيحا أيضا ليس بفارق، لما يأتياإلشارة إليه من أن الرضا غير منوط بالشرط مطلقا على وجه ينتفي بانتفائه

بالتعذر الطارئ وغيره.وكيف كان، فمن عدم التزامهم بالفساد هنا يكشف أن اإلناطة ليس على وجه

يوجب انتفاء الشرط انتفاء التراضي المعتبر في صحة العقد. وحل ذلك ما أشرناإليه سابقا في توجيه الخيار عند تعذر الشرط ونعيده هنا أيضا توضيحا للمقام

وتبعا له (قدس سره) حيث حمل كالمه على خالف مقصوده فال بأس بالتنبيه عليه.وحاصله: أوال أن المراد من التراضي المعتبر في العقود ليس ذلك المعنى

القلبي المعبر عنه بطيب النفس، فإنه من قبيل الدواعي غالبا وتخلفه ال يوجببطالن المعاملة، وإال يلزم بطالن كثير من المعامالت الواقعة ألجل الفقر والحاجة

أو ألجل بعض األغراض التي لو علم عدم حصولها لم يقدم على المعاملة أصالوغير ذلك من الدواعي التي قد تحصل وقد تتخلف، بل المراد الرضا المعاملي أيفي مقام العقد واإلنشاء الخارجي إيجابا أو قبوال ال يكون بمكره وال مجبور كما

هو واضح.

(٢٧٧)

Page 279: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ثم إن العناوين التي يقع عليها العقد أو القيود المأخوذة فيه وصفا أو شرطاتارة تكون من الصور النوعية لما يقع عليه العقد، وأخرى تكون من العوارض

الخارجية بالنسبة إليه.والذي يقع عليه المبادلة ويبذل بإزائه العوض هو القسم األول أي الصورة

الجوهرية التي للشئ وبها يكون الشئ شيئا وبها يكون مالية األشياء، لوضوحأن المادة الهيوالئية غير صالحة ألن يبذل بإزائها المال وال يعد من األموال، كما

أن العوارض أيضا ال يبذل بإزائها شئ من العوض، بل توجب زيادة في الماليةوكثرة الرغبة في معروضها.

وعلى أي حال، فالمبادلة تقع بين الشئ بصورته النوعية وعوضه كما أنالرضا المعتبر في المعاملة منوط بها، فإذا تخلف الصورة النوعية مثل أنه باع

حمارا فبان بغلة أو بقرة فال شبهة في بطالن العقد رأسا، ألن البغلة أو البقرة لم يقععليها العقد ولم يكن المواطاة والمراضاة عليها، فيحتاج إلى مبادلة جديدة ورضاء

جديد سواء أخذت الصورة النوعية عنوانا للمبيع في لسان العقد كقوله " بعتك هذاالحمار " أو وصفا كقوله " بعتك هذا الذي هو حمار أو الحمار الذي هو هذا "

أو شرطا كقوله " بعتك هذا بشرط أن يكون حمارا " إلى غير ذلك من التعبيرات.ففي جميع هذه الصور يفسد المعاملة عند التخلف، لما ذكر من أن ما وقع عليه العقد

والمراضاة غير الموجود والموجود لم يقع عليه العقد والمراضاة.وأما العوارض فحيث عرفت عدم وقوع شئ من العوض بإزائها فانتفاؤه ال

يوجب خلال في العقد وفيما وقع عليه العقد وال يكون التراضي بالمعنى الذي قلناأيضا منوطا به، وإال فانتفاؤه يوجب البطالن ال الصحة والخيار، بل من قبيل قيودالواجب بمعنى أن المبيع وقع عليه العقد بهذا الوصف فيجب على البائع تسليمه

كذلك، ال من قبيل قيد الوجوب بمعنى التعليق في اإلنشاء وال التعليق في المنشأ،فإن جميع ذلك يوجب الفساد عند عدمه، بل التزام زائد في ضمن االلتزام األول

نتيجته وجوب الوفاء به، ومع عدمه عدم لزوم الوفاء به، من غير أن يوجب

(٢٧٨)

Page 280: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

اختالال في االلتزام األول وأركانه. والمراضاة المعتبرة فيه نظير وجوب األكثر فيضمن الكل في العبادات، فإن انتفاءه ال يوجب انثالم وجوب األقل كما هو الوجه

في جريان البراءة في هذه المسألة، إال من حيث دخله في الغرض. وهذا ساقطفي باب المعامالت، لما عرفت أن صحتها وفسادها ال يدوران مدار الدواعي

واألغراض.وكيف كان، فقد ظهر أن التراضي المعتبر في المعاملة غير منوط بوجود

الشرط وعدمه، وهذا هو مراده (قدس سره) من كون المفقود في المعاملة ركنا أو غيرركن.

وضابطه ما ذكرنا من كونه من الصور النوعية أو من األوصاف واألعراضبالنسبة إلى المتعاوضين، ال أن يكون مراده التفصيل بين ما يكون على نحو وحدة

المطلوب أو تعدد المطلوب.فال يصح توجيه الخيار بأن باب العقود من قبيل الثاني كما قيل وحمل كالم

المصنف عليه، فإن ذلك أوال ليس أمرا كليا مضبوطا حتى يمكن دعواه في جميعالعقود، بل يختلف باختالف الموارد واألغراض.

وثانيا ال يكاد يوجب التفاوت بين ما هو الركن وغيره، فإن غير الركن أيضاربما يكون له دخل في أصل المطلوب.

وثالثا ليس بناؤهم في الخيار وعدمه على ذلك، لوضوح أنه لو أحرزنا فيالقسم األول - أي في مثل بعتك هذا الحمار - أن غرض المشتري ومطلوبه مطلقدابة تحملها وتحمل أثقاله من دون مدخلية للحمارية فيما هو مطلوبه من المعاملة

مع ذلك لو بان أنه بقرة أو بغلة يفسد البيع بال خالف وال إشكال، كما أنه لو أحرزأن تمام غرضه من شراء العبد أن يكون كاتبا بحيث لو علم بعدم كتابته ال يقدم

على المعاملة وشرائه بفلس، ومع ذلك لو اشترى الكاتب ثم تخلف الوصف ليسله إال الخيار أيضا بال خالف وال إشكال.

والسر فيه ما ذكرنا أن باب العقود والمعامالت صحة وفسادا ال يدور مداراألغراض الباطنية والدواعي الشخصية.

(٢٧٩)

Page 281: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وكيف كان، فقد ظهر أن ثبوت الخيار ليس مبنيا على وحدة المطلوب وتعددهبل بمعزل عن هذا الباب غير مرتبط به بال شك وال ارتياب، بل مبني على الضابط

الذي ذكرناه فاحفظه، فإنه من دقائق األفكار النفيسة التي استفدناها من شيخناالمحقق وأستاذنا المدقق أدام الله إفاضاته.

وبالجملة: فقد تحصل من مجموع ما ذكر أن مقتضى القواعد في الشرطالفاسد هو الخيار مع صحة العقد، كما عن جماعة من األجلة واختاره المصنف (قدس

سره)باألخرة أيضا مع اضطراب في قلمه، لمخالفته مثل المحقق والعالمة والشهيدين

وغيرهم من األجالء الذين ليست مخالفتهم بأمر سهل في أمثال هذه المسائل، معتفصيله (قدس سره) بين صورة علم المشروط له بالفساد وجهله.

والوجه فيه أن بناءه (قدس سره) في خيار تخلف الشرط مطلقا أنه على خالفالقاعدة وثبوته في موارده إنما هو بمثل قاعدة الضرر ونحوها كما ال يخفى علىالمتتبع في كالمه (قدس سره)، فيختلف الحال من حيث شمول القاعدة وعدمه

باختالفالعلم والجهل.

وأما على ما اخترناه في جميع األبواب من أنه على القواعد من غير حاجةإلى دليل آخر فال يكاد يفرق بين صورتي العلم والجهل أيضا.

نعم، الذي يشكل األمر في المسألة ويصعب المشي على طبق ما ذكرنا منالقاعدة أنه ليس من الخيار ال في كلمات القائلين بالفساد أو الصحة وال في لسان

األخبار واألدلة عين وال أثر، ولذا صارت المسألة في غاية اإلشكال.أقول: ويؤيد ذلك - أي عدم ذكر من الخيار في األقوال واآلثار - ما تقدم من

اإلشكال في أصل المسألة وأن الشرط بعد فرض فساده كيف يؤثر في العقد، معأن تأثيره فيه نحو ترتيب أثر عليه المنافي مع فساده، وقد أجاب األستاذ عنه بأن

معنى الفساد عدم ترتيب األثر عليه شرعا.وأما األثر الالزم لوجوده تكوينا الحاصل بإنشائه ال محالة فال ينافي مع

فساده، مثال البيع المشترط فيه بما يخالف الكتاب مثل بيع العنب على أن يصنعهخمرا معنى فساده عدم ترتب آثار الصحة عليه وإلغاؤه عند الشارع.

(٢٨٠)

Page 282: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما كونه التزاما في ضمن العقد عرفا بحيث لو لم يكن المنع الشرعي يصحفهو أمر حاصل بالتزام المتعاقدين، وتأثيره في فساد العقد من تلك الجهة.

ولكن ال يخفى أن هذا مبني على كون المجعول الشرعي في العقود هو ترتيباآلثار ال نفس المسببات مثل الملكية والزوجية، بل كانت هي منتزعة عن اآلثار

وهو خالف التحقيق.قوله (قدس سره): (الثالث رواية عبد الملك.... إلى آخره).

هذا هو الوجه الثالث الذي استدل به القائلون بالفساد، وهو عدة أخبار غيرواضحة الداللة على المدعى.

منها: رواية عبد الملك عن الرضا (عليه السالم): عن الرجل ابتاع منه طعاما أو متاعاعلى أن ليس منه علي وضيعة هل يستقيم ذلك ويأخذ ذلك؟ قال (عليه السالم) ال ينبغي

إلىآخره (١). بناء على أن المراد ال ينبغي البيع الشتماله على شرط عدم الوضيعة

المخالف للسنة فيفسد، وإال فال موجب للكراهة. وفيه ما ال يخفى، الحتمال أنيكون المراد كراهة األخذ بالوضيعة فال يدل على فساد الشرط، فضال عن فساد

العقد، كما يحتمل إرجاعه إلى الشرط أي ال ينبغي مثل هذا الشرط.وعلى أي حال، غايته الكراهة ال الفساد مع ما فيه من اإلجمال واإلبهام،

كما ال يخفى.ومنها: ما رواه الحسين بن منذر عن أبي عبد الله (عليه السالم) في بيع العينة،

والمشهورفيه ما هو المعهود المتداول بين الناس تخلصا عن الربا، وهو أن يشتري السلعةبثمن مؤجل ثم يبيعها من بايعها بأقل من هذا الثمن نقدا متبانيا على ذلك قبل

العقد، فقد سأله عن ذلك فقال (عليه السالم): إذا كان هو بالخيار إن شاء باع وإنشاء لم يبع

وكنت أنت بالخيار إن شئت اشتريت وإن شئت لم تشتر فال بأس (٢) إلى آخره.بحمل الخيار على ما يقابل التزامهما بالبيع الثاني، وهو ال يكون إال باشتراط البيع

--------------------(١) الوسائل ١٢: ٤٠٩، الباب ٣٥ من أبواب أحكام العقود ح ١.(٢) الوسائل ١٢: ٣٧٠، الباب ٥ من أبواب أحكام العقود ح ٤.

(٢٨١)

Page 283: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

على بايعه وقد قلنا بفساد هذا الشرط، فيدل على أن مع االشتراط فيه بأسوال موجب له إال فساد الشرط.

وفيه تكلف واضح، بل الظاهر أن مراده (عليه السالم) من قوله " إن كان بالخيار وكنتبالخيار " وقوع المعاملة األولى جدا وحقيقة بحيث لو لم يشأ أحدهما للبيع الثاني

كان عليه ذلك في مقابل وقوعها صوريا ووسيلة للعقد الثاني، كما ال يخفىعلى المتأمل.

ومنها: رواية علي بن جعفر (عليه السالم) في بيع العينة أيضا عن أخيه (عليه السالم)قال: سألته

عن رجل باع ثوبا بعشرة دراهم إلى أجل ثم اشتراه بخمسة نقدا أيحل؟ قال (عليهالسالم)

إذا لم يشترطا ورضيا فال بأس (١) إلى آخره.قال (قدس سره): داللتها أوضح من األولى، وهو كما أفاد من حيث التصريح بعدم

االشتراط إال أن تفسيره بقوله (عليه السالم) " ورضيا " شاهد على ما ذكرنا، أي وقوعالبيع

األول عن مراضاة وعن طيب ال صوريا للتوصل إلى الثاني.وكيف كان، فاإلنصاف عدم داللة شئ منها على المدعى، خصوصا في قبال

ما ذكر من األخبار العديدة الواضحة الداللة في أن الشرط الفاسد كاشتراط كونوالء العتق على غير المعتق كما في قضية بريدة. واشتراط عدم اإلرث فيالروايتين األخيرتين ال يوجب فساد أصل البيع، وداللتها على ذلك في غاية

الظهور ولم نذكرها لوضوحها فراجع.هذا مع أن عمومات مشروعية العقود والمعامالت يكفي للقول بالصحة كما

ال يخفى.نعم، قد استدل عليها أيضا بأن صحة الشرط فرع صحة البيع فلو كان صحته

أيضا موقوفا على صحة الشرط يدور. ولكنه مدفوع بأن المراد من صحة الشرطإن كان صالحيته ألن يقع صحيحا وواجب الوفاء فهو ال يتوقف على صحة البيعبل على الشروط المتقدمة، وإن كان المراد وجوب الوفاء به فعال فهو وإن توقف

--------------------(١) الوسائل ١٢: ٣٧١، الباب ٥ من أبواب أحكام العقود ح ٦.

(٢٨٢)

Page 284: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

على صحة البيع ووجوب الوفاء به أيضا إال أن التوقف من الطرفين في مرتبةواحدة كتوقف صحة اإليجاب على القبول والقبول على اإليجاب. وهذا ال

محذور فيه وال يكون مستحيال كما حقق في محله.قوله (قدس سره): (ثم على تقدير صحة العقد.... إلى آخره).

كان الحقيق هنا عقد فروع وجعل ذلك أولها مقابل قوله: الثاني، ولعله غلطمن النسخة أو سهو من قلمه.

وكيف كان، قد حققنا سابقا أن خيار تخلف الشرط على القاعدة وفسادالشرط أيضا أحد مصاديقه، فإن التعذر الشرعي كالتعذر العقلي في كونه موجبالتخلف ما التزم عليه المتعاقدان، بمعنى أن صاحب الشرط لم يلتزم بالفاقد فال

ملزم للعقد بالنسبة إليه شرعا، فإن دليل اللزوم مفاده وجوب الوفاء في ما التزما بهوالمفروض تعذره، وحينئذ فال فرق بين علم المشروط له أو جهله به.

وأما بناء على مختاره (قدس سره) - من أنه على خالف القاعدة - قد ثبت في بعضالموارد باإلجماع ودليل الضرر ونحوه فالتفصيل في محله، ألن مع علمه بالحال

قد أقدم على ضرره فال يعمه القاعدة، واإلجماع أيضا منتف في المقام.بل قد عرفت أن في كلماتهم ليس من الخيار عين وال أثر، فالالزم األخذ

بالمتيقن. هذا آخر ما استفدناه منه دام ظله في باب الشروط، وأسأل الله أن يجزيهعنا خير الجزاء ووفقنا وإياه لما يحب ويرضى. هذا آخر ما استنسخته منتقريرات العالم الفاضل، المرحوم الميرزا أبي الفضل اإلصفهاني طاب ثراه،

فلنرجع إلى ما استفدناه منه - دام ظله - في أحكام الخيار.* * *

(٢٨٣)

Page 285: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره):(الكالم في أحكام الخيار)

(الخيار موروث بأنواعه.... إلى آخره).ال يخفى أن توضيح ما أفاده في هذا العنوان يتوقف على التنبيه على أمور قد

تقدم اإلشارة إليها في هذا الكتاب إجماال:األول: أن المجعول الشرعي األعم من التأسيسي واإلمضائي على قسمين:

تكليف، ووضع. وإنكار األخير وجعله منتزعا من األول ال وجه له، فإن بعضأقسامه - كالسببية والجزئية والشرطية والمانعية - وإن لم يكن قابال للجعل متأصال

إال أن ما عداه قابل لذلك، ألن المجعول الشرعي التأصلي عبارة عما كان وجودهالتكويني عين تشريعه. فإذا تحقق شئ في عالم االعتبار بنفس إنشائه فهو قابل

للجعل، وال شبهة أن الملكية والوالية والحرية ونحو ذلك تتحقق في عالم االعتبارخارجا بنفس إنشاء من بيده ذلك، فكما أن التكليفيات سنخ من االعتباريات إذا

أضيفت إلى الجاعل تكون من أفعاله، وإذا أضيفت إلى األفعال تشبه الكيفياتالخارجية، وإذا أضيفت إلى المكلف تكون من سنخ االنفعال ولها آثار وأحكام من

وجوب الطاعة وقبح المعصية، فكذلك الوضعيات، ومنها الملكية التي تسمىبالجدة االعتبارية واإلضافة الخاصة بين المالك والمملوك الحاصلة من أسباب

خاصة اختيارية أو قهرية، كالبيع واإلرث ونحوهما.ثم إن لهذه اإلضافة مرتبتين: مرتبة قوية تسمى بالملك، وضعيفة تسمى

(٢٨٤)

Page 286: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

بالحق، أي لو كانت تامة من حيث نفسها ومن حيث متعلقها تسمى ملكا والزمهسلطنة المالك عليه المستتبعة لنفوذ أنحاء التصرفات فيه إال ما خرج، ولو كانت

ناقصة من حيث نفسها كاإلضافة الحاصلة بين المرتهن والعين المرهونة أو منحيث متعلقها كالحاصلة بين ذي الخيار وما تعلق الخيار به أو الحاصلة بين المالك

والشئ الغير المتمول كحبة الحنطة تسمى حقا.الثاني: أن انتقال هذه اإلضافة إلى الغير بمعناها الجامع بين الملك والحق تارةبمبادلة المملوك الذي هو أحد طرفي اإلضافتين، وأخرى بتبدل المالك الذي

هو الطرف اآلخر، وثالثة بإعطاء نفس اإلضافة.والسبب لحصول األول هو العقود المملكة للعين أو المنفعة مجانا أو بالعوض

التي تجمعها العناوين األربعة، الهبة والعارية والبيع واإلجارة وما يحذو حذوها.وللثاني هو اإلرث الذي قد بينا في أول الكتاب أنه عبارة عن تبدل المالك مع

بقاء الملك واإلضافة التي بينه وبين مالكه على حاله.وللثالث هو الهبة المعوضة فإنها على ما احتملناه في المعاطاة عبارة عن

إعطاء المالك نفس اإلضافة لغيره، بل ال يبعد أن يكون الهبة الغير المعوضة أيضاكذلك، فإنهما ال تختلفان من هذه الجهة.

وكيف كان، فال إشكال في أن اإلرث سبب لالنتقال إلى الوارث بالتبدلالمالكي، واالنتقال الحاصل بالوراثة مباين سنخا مع االنتقال الحاصل بالعقود

المملكة.الثالث: أن إرث الخيار يتوقف على أمرين:

أحدهما: كون الخيار حقا ال حكما شرعيا، كاإلجازة للعقد الفضولي وجوازالرجوع في الهبة.

الثاني: أن ال يكون من األمور القائمة بشخص مخصوص كحق الحضانةوالمضاجعة، ألن تبدل ذي الحق وقيام شخص مقام آخر بمقتضى أدلة اإلرث

يتوقف على أن يكون الحق مما تركه الميت، فلو لم يكن كذلك إما بأن ال يكون

(٢٨٥)

Page 287: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

حقا بل يكون حكما أو ال يكون بعد الميت باقيا لكون القائم به هو شخص الميتبحيث يذهب بذهابه فال معنى لالنتقال إلى الغير، وحيث قد تقدم في بحثي

المعاطاة والخيار كون الخيار حقا مالكيا ال حكما تعبديا وبينا الفرق بين الجوازالحقي والحكمي فإثبات األمر األول ال يتوقف على قيام اإلجماع عليه، ولكن

إثبات كونه قابال لالنتقال إلى الغير بغير اإلجماع مشكل، فإن الحقوق بأجمعها وإنكانت قابلة لإلسقاط - وهذا هو الضابط التام بين الحق والحكم. وقد أوضحنا في

صدر مبحث البيع أنه ال وجه لتقسيم بعض المحشين الحقوق بما يقبل اإلسقاطوما ال يقبله كحق الوالية واألبوة وحق االستمتاع للزوج ونحو ذلك ألن هذه من

األحكام وتسميتها حقا إنما هو بعناية ومناسبة - إال أن إثبات كونها قابلة لالنتقالإلى الغير مشكل، إلمكان كونها حقا وإضافة خاصة ولكنها قائمة بشخص خاص.

وقد يتوهم إمكان إثبات ذلك من نفس أدلة الخيار، فإن الظاهر منها أن الميتالمالك لحق الخيار مورد للحق ال مقوم له، فإذا كان موردا له ينتقل إلى وارثه.

وفيه: أنه لو كان موردا له أنتج عكس المقصود، فإن كون الشخص موردالحق أو مال إنما هو النطباق عنوان عليه من دون نظر إلى خصوصيته الشخصية

كأعلم البلد والفقراء ونحوهما، وهذا العنوان لو انطبق على شخص يكون مصرفاللمال أو الحق، ولو لم ينطبق عليه ال يستحقه. وكون أبيه متصفا بهذا العنوان ال

يوجب انتقال ما كان له إلى وارثه، فأصل مورد اإلرث مبني على أن ال يكونالمورث موردا بل كان ذا حق لخصوصيته الشخصية، فيقع النزاع في أنه هل ينتقل

هذا الحق إلى وارثه أو ال؟وقد يقال: إن الحق لو كان مما يستجلب به المال كحق الخيار والشفعة

والتحجير والسبق في المباحات األصلية أو يستجلب به أمر آخر كالقصاص وحدالقذف فهو مما تركه الميت وينتقل إلى وارثه، وأما لو لم يكن كذلك كحق السبق

في المشتركات العامة من المدارس والمساجد والخانات فليس مما تركه الميتحتى ينتقل إلى وارثه. وهذا منشأ التفصيل بين جعل الخيار ألحد المتعاقدين

(٢٨٦)

Page 288: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فيرثه وارثه وجعله لألجنبي فال يرثه، ألن األجنبي ال يستجلب المال لنفسهبإعمال الخيار وال شيئا آخر، فحق الخيار ليس مما تركه حتى يقوم الوارث

مقامه.والسر في ذلك أنه لو كان الحق متعلقا بشئ كالمال أو القصاص فحيث إن

غير نفس اإلضافة يكون هناك أمر باق فال بد أن ينتقل إلى الوارث، وأما لو لم يكنللمورث إال نفس السلطنة من دون تعلقه بأمر آخر كالجلوس في المدرسة

والمسجد أو التولية والقيمومة من قبل الحاكم فليس غير االستيالء شئ باقياحتى ينتقل إلى الوارث هذا.

ولكنك خبير بأن إثبات هذا التفصيل أيضا بغير اإلجماع مشكل، فإن تعلقالخيار المجعول ألحد المتعاقدين بالمال وعدم تعلقه به لو كان مجعوال لألجنبي

دعوى بال برهان، وهكذا الفرق بين حق التحجير مثال وحق الجلوس في المسجد.نعم، لو ثبت التفصيل فال فرق بين أن يكون متعلق الحق ماال فعليا - كحق

السبق في المباحات األصلية - وأن ال يكون كذلك كالصيد الذي يقع في الشبكةالمنصوبة من الميت، بل ال يبعد أن يقال: إن إرث الصيد من إرث األموال ال

الحقوق، ألنه ال فرق في نظر العرف والعقالء بين األموال الفعلية وما يؤول إليها.وكيف كان، فما أفاده المصنف (قدس سره) " من أن االستدالل على إرث الخيار

بالكتاب والسنة الواردين في إرث ما ترك الميت يتوقف على كون الخيار حقاال حكما وأن يكون قابال لالنتقال " مما ال شبهة فيه.

وقد عرفت أن إثبات الجزء الثاني بغير اإلجماع مشكل. وأما إثبات الجزءاألول فال يتوقف على اإلجماع على نفس الحكم، وال على اإلجماع على سقوطهباإلسقاط، وال على الخبر الوارد في خيار الحيوان من سقوطه بالتصرف معلال بأنهرضى منه، لما عرفت من أن الخيار حق مالكي ال حكم تعبدي فهو قابل في نفسه

ألن ينتقل إلى الوارث.ونحن وإن استوفينا البحث عن ذلك سابقا إال أنه ال بأس باإلشارة إليه

(٢٨٧)

Page 289: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

توضيحا لما سبق وتنبيها لما سيأتي، فنقول: إن اللزوم والجواز تارة يلحقانالمنشأ بالعقد بمعنى أن ذات المعقود عليه قد يقتضي اللزوم مع قطع النظر عن

وقوعه في حيز العقد - كالنكاح والضمان والوقف ونحو ذلك - بحيث إنه لو صحوقوعه بالمعاطاة لكان الزما أيضا، وقد يقتضي الجواز كما في الهبة الغير

المعوضة، وهذا القسم من اللزوم أو الجواز يكون حكما تعبديا صرفا، ولذا اليتغير النكاح ونحوه بالشرط على خالفه وال يقبل اإلقالة، وال يتغير الهبة أيضا عن

مقتضى ذاتها بالشرط على خالفها، وال يؤثر وقوعها تحت االلتزام العقدي فيلزومها، فهي خارجة عن عموم أوفوا بالعقود بالتخصيص.

وأخرى يلحقان نفس العقد بمعنى أن المنشأ كالبيع مثال في حد ذاته ال يقتضيالجواز أو اللزوم، ولكنه حيث أنشئ بالعقد الذي هو العهد المؤكد فبمدلولهااللتزامي العرفي يدل على التزام كل من المتعاقدين بالمدلول المطابقي وهو

المبادلة بين المالين. ومرجع قوله عز من قائل " أوفوا بالعقود " إلى تحقق تلكااللتزام وأن البائع اللتزامه بالتبديل ملزم على أن يكون المبيع عوضا عن الثمن،وهذا االلتزام يملكه المشتري والمشتري أيضا ملزم على أن يكون الثمن عوضا

عن المبيع والتزامه بذلك يملكه البائع، فكل واحد مالك اللتزام طرفه، وحل هذاااللتزام العقدي إما باإلقالة - أي رد كل منهما إلى طرفه االلتزام الذي ملكه - أو

بفسخ أحدهما إذا كان مالكا لكال االلتزامين الذي يعبر عنه بالخيار، فحقيقةاإلقالة هي الفسخ ال البيع ثانيا.

غاية األمر ال يتحقق حل العقد إال بتجاوز كل منهما عن حقه، ألن كل واحد اليملك إال أحد طرفي العقد، وحقيقة الخيار هي ملك كال االلتزامين، أحدهما:

السلطنة على التزام صاحبه الذي ملكه بالعقد الذي به جاز له اإلقالة، الثاني:السلطنة على التزام نفسه الذي ثبت له شرعا كخيار المجلس والحيوان، أو بجعل

منهما كخيار الشرط، أو بتخلف الشروط الضمنية كخيار الغبن والعيب ونحو ذلك.إذا عرفت ذلك ظهر الفرق بين الخيار والجواز الحكمي واللزوم العقدي

(٢٨٨)

Page 290: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

والحكمي، فإن الجواز الحكمي مقابل للزوم الحكمي، وأما الخيار فهو مقابل للزومالعقدي الذي هو حق من الحقوق، فإنه عبارة عن سلطنة كل من المتعاقدين على

التزام اآلخر، فكل منهما مسلط ومسلط عليه.وعلى هذا، فال شبهة أن الخيار قابل لإلسقاط واالنتقال إلى غيره بعد ما ثبت

إجماعا أنه ليس لنفس ذي الخيار خصوصية بها يقوم به حتى ينتفي بموته أو جنونه.قوله (قدس سره): (بقي الكالم في أن إرث الخيار ليس تابعا إلرث المال.... إلى

آخره).ال يخفى أن المسلم من عدم تبعية إرث الخيار إلرث المال إنما هو بالنسبة

إلى الدين المستغرق لتركة الميت، فإنه لو قيل بعدم انتقال التركة إلى الوارثفال تالزم بينه وبين عدم انتقال الخيار إليه.

وأما بالنسبة إلى الزوجة المحرومة من العقار وغير األكبر من األوالدالمحروم من الحبوة فظاهر المشهور هو التالزم.

وكيف كان، ففي إرث الوارث للخيار المتعلق بالمال الذي ال يرث منه وجوه،ثالثها: التفصيل بين كون ما يحرم الوارث عنه منتقال إلى الميت أو عنه، فيرث في

األول دون الثاني.ورابعها: عدم الجواز في هذه الصورة واإلشكال في غيرها.

وقبل بيان مدرك الوجوه ينبغي التنبيه على أمر، وهو أن النزاع في إرثالزوجة الخيار المتعلق بما تحرم عنه وهكذا إرث غير الولد األكبر الخيار المتعلق

بالحبوة إنما هو بعد الفراغ عن أن إرث الخيار ليس كإرث حق الشفعة، فإن أصلثبوت خيار الشفعة للشريك إنما هو بمعنى ثبوت حق إبطال المعاملة وإرجاعهاإلى نفسه بالثمن الذي اشترى المشتري به، فإرثه عبارة عن انتقال هذا الحق إلى

الوارث بل يرجع المعاملة إلى نفسه بالثمن من ماله، وأما إرث الخيار فليس عبارةعن حق إرجاع المعاملة إلى نفسه، بل عبارة عن حق حل المعاملة وإرجاع ما

انتقل عن الميت إليه ثم إرث الوارث منه، فال تالزم بين ثبوت حق الشفعة للوارثوثبوت حق الخيار له.

(٢٨٩)

Page 291: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبعبارة أخرى األقوال األربعة في إرث الزوجة الخيار مبتنية على أن يكونالفسخ حال للعقد وأن يكون كاإلقالة على مذهب الخاصة، ال أن يكون كاألخذ

بالشفعة وكالتملك الجديد.ثم إنه ال تالزم أيضا بين إرث حق اإلقالة وحق الخيار، لما عرفت أن الخيار

ملك كال االلتزامين. وأما ما به يقدر على اإلقالة فهو ملك التزام الطرف، وهو ليستابعا إلرث المال وإال لزم أن يكون الطرف مالكا للفسخ دون الوارث، ألن الطرفمالك اللتزام الميت من دون أن يملك الوارث التزام الطرف. فمن عدم قدرته على

الفسخ نستكشف أن االلتزام الذي كان الميت مالكا له يملكه الوارث، وهذاالبرهان ال يجري في الخيار، ألن من عليه الخيار ال يملك التزام طرفه.

وكيف كان، فاألقوال في المسألة مبتنية على أن يكون الخيار حال للعقد.إذا عرفت ذلك فنقول: الوجه لعدم إرث الخيار مطلقا هو أن الخيار على ما

تقدم ملك كال االلتزامين، وال يمكن أن تملك الزوجة مثال كليهما، ألن األرض لوانتقلت عن الميت فهي ليست مالكة اللتزام نفسها، ولو انتقلت إليه فهي ليست

مالكة اللتزام الطرف، ألن األرض لغيرها من الورثة، فلو أراد البائع أن يفسخ البيعويرد األرض إلى نفسه ليس للزوجة منعه عنه.

ووجهه المصنف (قدس سره) بوجه آخر فقال: والخيار حق فيما انتقل عنه بعد إحرازتسلطه على ما وصل بإزائه. وال يخفى أن هذا نظير ما أفاده في خيار المجلس منعدم ثبوته للوكيل الغير المفوض، وهذا الوجه بظاهره ال يستقيم في كال المقامين،

لوضوح أن الخيار حق متعلق بالعقد ال بما انتقل عنه، وال يتوقف على السلطنةعلى المنتقل إليه أيضا، وإال لم يثبت لألجنبي وال للورثة مع استغراق الدين.

ولكنه يمكن أن يكون مقصوده أن الخيار وإن كان متعلقا بالعقد إال أنه ال بماهو في حيال نفسه، بل لكونه طريقا السترجاع ما انتقل عنه ورد ما انتقل إليه، فإذا

كان الوارث محروما عن أحدهما فال معنى لفسخه.

(٢٩٠)

Page 292: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما وجه ثبوت الخيار لها مطلقا - كما قواه صاحب الجواهر (١) - فهو أنالخيار ليس إال السلطنة على الفسخ واإلمضاء، وهو متعلق بالعقد على ما عرفت

من تعريفه في بحث الخيار من أنه ملك فسخ العقد وإقراره، وال ربط له بالمنتقلعنه أو إليه حتى تحرم الزوجة عنه، ولذا صح جعله لألجنبي. وال ينافي ذلك ما

قيل من أنه ملك كال االلتزامين، فإن مالكية االلتزامين لها معنيان، أحدهما:صحيح وثابت في المقام وهو التسلط على الفسخ واإلمضاء، فإن هذا اعتبار

عقالئي كان للمورث فيرثه وارثه وذلك ليس تابعا للملك، وبهذا المعنى يصحجعله لألجنبي.

والثاني: هو الملك المطلق بحيث يكون له السلطنة على طرد غير ذي الخيارومنعه عن الفسخ، وهذا ال دليل على اعتباره.

وأما وجه ثبوت الخيار لها إذا انتقلت األرض إلى الميت - كما اختاره فخرالمحققين (٢) وفسر به عبارة والده في القواعد - فألن به تستجلب الثمن، فإن ملك

بائع األرض للثمن لما كان متزلزال حين حياة المورث اقتضى بقاء هذا التزلزلبعد موته ثبوت حق للزوجة وإن لم يكن لها تسلط على نفس األرض، وهذا القول

هو الظاهر من القواعد.قال (قدس سره) الخيار موروث بالحصص كالمال في أي أنواعه كان إال الزوجة غير

ذات الولد على إشكال أقربه ذلك إن اشترى بخيار لترث من الثمن (٣) انتهى.فإن الظاهر أن المشار إليه في قوله " أقربه ذلك " هو اإلرث، كما فسر به الفخر

والسيد عميد الدين والشهيد.وأما وجه عدم ثبوت الخيار لها في هذه الصورة، كما اختاره جامع المقاصد

وفسر به عبارة القواعد وقال: إن المتبادر أن المشار إليه بقوله " ذلك " هو عدماإلرث الذي سيقت ألجله العبارة فألنه إذا انتقلت األرض إلى الميت ال ترث

--------------------(١) الجواهر ٢٣: ٧٧.(٢) اإليضاح ١: ٤٨٧.

(٣) القواعد ٢: ٦٨.

(٢٩١)

Page 293: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الزوجة منها بل هي حق لباقي الورثة استحقوها بالموت، فكيف تملك الزوجةإبطال استحقاقهم إلى أن قال: وأيضا فإنها إذا ورثت في هذه الصورة وجب أن

ترث فيما إذا باع الميت أرضا بطريق أولى، ألنها ترث حينئذ من الثمن وأقصى مايلزم من إرثها من الخيار أن يبطل حقها من الثمن وهو أولى من إرثها حق غيرها

الذي اختصوا بملكها (١) انتهى.واألقوى من هذه الوجوه هو ما اختاره فخر المحققين، وتوضيحه يتوقف

على اإلشارة إلى أمور تقدم التنبيه عليها:األول: أن العقد بمدلوله االلتزامي يدل على التزام كل من المتعاقدين بمالكية

صاحبه لما انتقل عنه إليه وهذا معنى لزوم العقد، وحله إما برد كل منهما التزامصاحبه الذي هو مقوم مالكيته لما انتقل إليه وإما بالسلطنة على كال االلتزامين،

واألول هو اإلقالة والثاني هو الخيار.الثاني: أن اعتبار الحقوق التي هي من األمور االعتبارية النفس األمرية، تارة

على وجه الموضوعية سواء كانت من الحقوق المتقومة لشخص خاص كحقالمضاجعة والحضانة أم ال كحق القصاص وحد القذف، وأخرى على وجه

الطريقية الكتساب المال وجلب منافع األموال كحق الخيار.الثالث: أن ثبوت الخيار للوارث ليس من جهة تبعيته للملك، فإن هذا ال

يختص بالحق، بل الحكم أيضا يثبت للوارث إذا انتقل المال إليه كحق إجازة العقدالواقع فضوال في ملك المورث.

إذا عرفت ذلك ظهر بطالن القول بإرث الخيار لها مطلقا، ألن هذا الحق حيثاعتبر لجلب المال ال يمكن أن ترثه الزوجة إذا انتقلت األرض عن الميت. وال

ينافي ذلك كون الخيار عبارة عن التسلط على الفسخ واإلمضاء وعدم كونه تابعاإلرث المال، ألن انتقاله إلى الوارث يتوقف على كون الحق متروكا بحيث لو لم

--------------------(١) اإليضاح ١: ٤٨٧، كنز الفوائد ١: ٤٥١، حكاه عن الشهيد في مفتاح الكرامة ٤: ٥٩٠ س ١٣.

(٢٩٢)

Page 294: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

يملكه الوارث لبقي الحق بال مستحق، وكونه متروكا يتوقف على إثبات كونه ممايستجلب به شئ إما لنفس ذي الحق أو لغيره كاألجنبي، وال ندعي امتناع ثبوت

الخيار لمن ليس مالكا للمال شرعا أو عقال حتى ينتقض بثبوته لألجنبي.إن قلت: ال إشكال في بقاء هذا الحق بعد الميت ولذا يرثه سائر الورثة، فلو

كان باقيا ولم يكن تابعا للمال بل كان مجرد السلطنة على الفسخ واإلمضاء ترثهالزوجة أيضا.

قلت: بقاؤه لسائر الورثة ال يالزم إرث الزوجة منه، سواء قيل بأن الوارثيستحق الخيار بالحصة، أو قيل بكونه قائما بالمجموع، أو قيل بأن لكل وارث

خيارا مستقال.أما على األول فواضح، ألن الزوجة ليست لها حصة.

وأما على األخيرين فألن اعتبار اجتماعها معهم أو ثبوته لها باالستقالل أولالكالم، إلمكان كونها كالوارث القاتل أو الكافر، فإثباته لها لبقائه لسائر الورثة ال

وجه له.وظهر بطالن القول بعدم اإلرث مطلقا، ألن مبناه على أن يكون أدلة الخيار

مسوقة لبيان تسلط ذي الخيار على ما انتقل عنه بعد الفراغ عن تسلطه على ماانتقل إليه، ولذا ال يثبت للوكيل في إجراء الصيغة. والمبنى ممنوع، ألنها مسوقة

لبيان تسلط ذي الخيار على الفسخ واإلمضاء، وهذا التسلط ليس تابعا للتسلطعلى المال المنتقل عنه وإليه، وعدم تسلط مجري الصيغة على الفسخ واإلمضاء

إنما هو العتبار قيد في الموضوع وهو كونه بيعا الذي هو فاقد له ال لعدم تسلطهعلى المالين. هذا مع أن المورث في المقام كان مسلطا على ما انتقل إليه وكانالخيار ثابتا له، فإذا كان ألدلة اإلرث إطالق فمقتضاه ثبوته للوارث ولو لم يكنمسلطا على ما انتقل إلى الميت، لما عرفت في األمر الثالث من أن اثبات الحقللوارث ليس من جهة تبعيته للملك، فإن ذلك ال يختص بالحق بل الحكم أيضا

كذلك.

(٢٩٣)

Page 295: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وظهر بطالن القول باإلرث إذا انتقلت األرض عن الميت، ألنها بالفسخ التستجلب شيئا، وهذا بخالف ما إذا انتقلت إليه، فإنها تستجلب الثمن فال مانع منسلطنتها على التزام الميت بكون الثمن باقيا في ملك الطرف، فإنه بعد أن ثبت أن

هذا االلتزام بيد الميت وكونه مالكا له - كملكيته اللتزام الطرف بكون األرض باقيةفي ملك الميت - وثبت بأدلة اإلرث أن ما كان للميت فهو لوارثه فيثبت لها ملكية

هذا االلتزام وإن حرمت عن التزام صاحب الميت للميت، لعدم إمكان توصلها بهإلى األرض المنتقلة إلى الميت، ألن أثر الحرمان عن األرض الموجب لحرمانها

عن مالكية التزام طرف الميت ليس إال عدم إمكان اإلقالة لها. وأما من حيث دخلذلك االلتزام في حل العقد فيدخل في عموم أدلة اإلرث.

وبعبارة واضحة، ال شبهة أن التزام الميت فيما انتقل عنه ترثه الزوجة، ألنسلطنتها عليه طريق السترجاع الثمن. وأما التزام الطرف بكون األرض باقية فيملك الميت فله حيثيتان: حيثية كون األرض متقومة به فهي لسائر الورثة ولهم

اإلقالة ورد هذا االلتزام دون الزوجة، وحيثية مدخليته في الفسخ وقدرة ذيالخيار عليه، ومن تلك الجهة من لوازم الخيار الذي هو حق مالي تتوصل الزوجة

به إلى الثمن فتأمل.ثم إنه قد يجعل مبنى األقوال األربعة االختالف في حقيقة الخيار. فلو قيل

بأنه ملك إقرار العقد وإزالته فترثه مطلقا. ولو قيل بأنه السلطنة على الردواالسترداد في عرض واحد فال ترثه مطلقا، ألن األرض لو كانت منتقلة عن

الميت ليس لها السلطنة على االسترداد، ولو كانت منتقلة إليه ليس لها السلطنةعلى الرد. ولو قيل بأنه السلطنة على الرد ويتبعه االسترداد قهرا ال ترثه لو كانت

األرض منتقلة إلى الميت، وأما لو كانت منتقلة عنه فترثه، ألن لها السلطنة على ردالثمن. ولو قيل بأنه السلطنة على االسترداد ويتبعه الرد قهرا فاألمر بالعكس.وفيه: أن الخيار عبارة عن التسلط على الحل واإلمضاء، والرد أو االسترداد

خارج عن حقيقته. ومنشأ األقوال األربعة مع االعتراف بأن حقيقة الخيار ذلك

(٢٩٤)

Page 296: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

إنما هو للنزاع في اعتبار قيد في دليل اإلرث وعدمه، وهو كون هذا الحق طريقاالسترجاع العين أو أنه لوحظ بحيال نفسه.

وعلى أي حال كون الخيار عبارة عن الرد وحده ال معنى له، فإن ذلك هبةوكذلك االسترداد استيهاب، والرد واالسترداد إما هبتان أو تبديل مال بمال.هذا كله لو أريد من الرد واالسترداد الرد إلى الشخص، وأما لو أريد منه الرد

إلى الملك فالرد إليه ال يمكن إال بحل العقد وإبطاله. فمن دون حله كيف يمكن أنيرد العوضان إلى ما كانا قبل العقد، مع أنه لو أمكن ذلك فال محالة يملك الردواالسترداد في عرض واحد، ألن الرد إلى الملك عبارة عن إبطال التبديل الواقع

أوال. والتبديل ليس تبديال مكانيا حتى يالحظ رد أحد العوضين أوال واآلخرثانيا، بل اعتباري ويحصل في كل منهما في رتبة واحدة وفي زمان واحد.

قوله (قدس سره): (مسألة في كيفية استحقاق كل من الورثة الخيار مع أنه شئ واحدغير قابل للتجزئة.... إلى آخره).

ال يخفى أن الوجه األول وهو استحقاق كل واحد منهم خيارا مستقال كمورثه- بحيث يكون له الفسخ في الكل وإن أجاز الباقون بمعنى تقديم الفاسخ علىالمجيز وإن تأخر فسخه - ممتنع ثبوتا، فإن الملك والحق واالستيالء وكل مايتصور من اإلضافات واالعتبارات التي وجوداتها العينية هي عين جعلها ممن

بيده جعلها وإيجادها ال يعقل أن تكون مع وحدتها مملوكة أو مضافة إلى اثنينبتمام الملكية واإلضافة بحيث كان لكل منهما منع اآلخر عن التصرف فيها، إذ كما

ال يمكن توارد علتين مستقلتين على معلول واحد كذلك ال يمكن أن يكون ملكواحد بتمامه لمالكين وحق واحد بتمامه لمستحقين.

وما يقال: من أن الملك حيث كان من االعتباريات فال مانع من اعتبارمالكين لملك واحد، فقد ظهر جوابه في عقد الصبي من أن االعتبار الصحيح هوالمدار في االعتباريات ال التخيالت والفرضيات. ويمتنع أن تكون إضافة واحدة

قائمة بإثنين، وما يمكن ثبوته لهما مع فرض وحدته هو حق المطالبة أو حق

(٢٩٥)

Page 297: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

االستيفاء، فثبوت حق الخيار لألب والجد إذا جن العاقد أو ثبوته لحاكمين مستقالليس من باب قيام إضافة واحدة بشخصين، فإن الحق قائم بنفس المجنون وإنما

يكون للولي إعماله. فال يصح قياس إرث حق الخيار على إرث حق حد القذف،ألن الحق الذي ثبت للمورث في القذف هو حق مطالبة الحد، ال أن له إضافة إلى

الحد، فإن الحد جزاء شرع للتشفي فله المطالبة به وله العفو.وبالجملة الذي يمتنع ثبوته لشخصين مستقال وفي عرض واحد هو ما يكون

من قبيل الملك ال ما يكون من قبيل الوالية وحق االستيفاء أو المطالبة، وحق حدالقذف وإن جاز لكل من الورثة إعماله من دون المراجعة إلى غيره إال أنه نظير

حق حد السرقة والزنا لكل فقيه. فلو دل الدليل على أن حد القذف ال يسقط بعفوبعض المستحقين فال يستكشف عنه أن ملك الخيار أو المال يمكن أن يكونبتمامه الثنين مستقال وفي عرض واحد، إلمكان أن يكون هذا الدليل في مقام

إثبات السلطنة لهما على المطالبة بحيث لو لم يكن هذا الدليل لقلنا بمقتضى أدلةاإلرث أن حق الحد بمقدار حقهم من إرث المال. وال يقاس إرث الخيار أيضا

على إرث الشفعة، لقيام الدليل على أن الشريك المتعدد الطارئ أو االبتدائيكالشريك الواحد إما مطلقا أو إذا كان شريكه اآلخر غائبا، فإذا انتقل المال إلىالورثة يصير كل واحد منهم شريكا النطباق عنوان الشراكة عليه، فلو أراد كل

منهم إعمال الحق يقع التزاحم وإذا أسقط أحدهم حقه فلآلخر إعماله. وهذا الحكمفي ابتداء العقد خالفي إال أن الظاهر هو االتفاق في ثبوته للورثة المتعددة، فال

محالة يكون كيفية ثبوته لهم نظير كيفية ثبوته للمتعدد حين العقد لو قيل به، وهذا الربط له بإرث الخيار مستقال، ألن كيفية ثبوته للمتعدد هي الشركة بينهم لو أخذ

الكل بالشفعة وإال يقع بينهم التزاحم. وأما لو أخذ واحد منهم دون غيره فهذا بمنزلةتفويض المسقط حقه إلى غيره.

ثم ال يخفى أن حق القصاص أيضا ليس مما يستقل به كل وارث، ألنه لو كانكذلك لم يكن وجه لرد الدية بمقدار حق غير األخذ بالحق إلى أولياء المقتص منه،

(٢٩٦)

Page 298: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فإمكان استيفاء الحق من كل واحد كإمكان األخذ بالشفعة لكل واحد مع رجوعالمال المأخوذ إلى الجميع.

وهذا ليس عبارة عن استقالل كل واحد على األخذ بالحق.وحاصل الكالم: أن استحقاق كل واحد من الورثة خيارا مستقال في عرض

اآلخر بحيث ينتج تقديم الفاسخ على المجيز كما في خيار المجلس للمتعاقدينمما ال يمكن ثبوتا. واستحقاق كل واحد منهم على نحو استقالل الوكيل المفوضوموكله بحيث ينتج تقديم السابق مجيزا كان أو فاسخا وإن أمكن ثبوتا إال أنه ال

دليل عليه إثباتا، ألن ظاهر أدلة الوراثة أن الحق كالمال يتحصص، وليس هناكدليل آخر يدل على استحقاق كل منهم مستقال ولم يقم برهان على أن الشارع

جعل لكل منهم ذلك وال على أن المورث اشترط على صاحبه أن يكون لكل منورثته الخيار. فالوجه األول ال أساس له، سواء قيل بأن الحق الواحد الفعلي قائم

بالمتعدد أو قيل بأن حق االستيفاء قائم بهم، إال أن يقال: إن مقتضى ورود الحكمعلى العام أو المطلق هو استقالل كل فرد من األفراد، وهذا المعنى حيث يمتنعبالنسبة إلى المال أو الحق على نحو اجتماع المالك المتعددة على ملك واحد

فيلتزم بتقسيم المال والحق بالحصص.وأما استقالل كل منهم على نحو الوكالء المتعدد أو المولى والعبد بالنسبة إلى

مال العبد ونحو ذلك فيجب األخذ بظهور العام أو المطلق، ألنه ال دليل على امتناعثبوت حق واحد في سائر الحقوق للمتعدد، كحق القصاص وحد القذف والشفعة،

فإن األولين عبارتان عن حق االستيفاء والثالث عبارة عن حق أن يملك كحقاإلحياء. وهكذا ثبت حق السبق للمتعدد، وإنما الممتنع إعمال هذا الحق للمتعدد،

للتزاحم بينهم، فإذا أسقط بعضهم حقه فللباقي إعماله. وعلى هذا فلو دل دليلاإلرث على أن ما تركه الميت فلكل واحد من ورثته، فاألخذ بظهوره وهو ثبوت

هذا الحق للمتعدد مستقال ال مانع منه، هذا تمام الكالم في الوجه األول.وأما الثاني - أي استحقاق كل منهم خيارا مستقال في نصيبه - فهو أصح

(٢٩٧)

Page 299: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الوجوه كما اختاره العالمة في القواعد، وقال: الخيار موروث بالحصص كالمال (١)ألن ظاهر قوله (عليه السالم): " ما ترك الميت من حق فلوارثه " (٢) أن يكون إرث

الحق كإرثالمال وأن يكون جنس الوارث واحدا كان أو متعددا قائما مقام المورث وأن

تكون اإلضافة الخاصة به قائمة بهذه الطبيعة بمطلق وجودها، والزم ذلكاستحقاق الفسخ واإلجازة لكل واحد في مقدار نصيبه إال أنه ينافي ذلك تبعض

الصفقة على طرف الميت. ومقتضى الشرط الضمني الذي التزم به الميت من عدمتبعض الصفقة عليه عدم نفوذ إعمال الخيار لكل واحد مستقال، بل ال بد من اتفاقهم

على الفسخ واإلجازة، إال أن يرضى الطرف بالتبعض أو اشترط عليه المورث أيجعل لنفسه خيار الفسخ في البعض، وإال فالورثة ملزمون بعدم التشقيص قضية

للشرط الضمني المقتضي للنفوذ وضعا. وما أفاده المصنف (قدس سره) من جوازالفسخ

لبعض الورثة غايته ثبوت خيار التبعض لمن عليه الخيار مبني على عدم اقتضاءالشرط الوضع والنفوذ، وهو خالف التحقيق ومناف لمختاره أيضا إال أن يقال: إن

العقد باعتبار تعدد الورثة ينحل إلى عقود والتعدد الطارئ كالتعدد االبتدائي،ولكن سيجئ في آخر البحث فساده.

وأما الثالث وهو استحقاق مجموع الورثة لجميع الخيار - بأن ال يتعدد الحقوال المستحق الذي الزمه عدم جواز الفسخ وال اإلجازة من البعض - فمبني على

ما أفاده (قدس سره) من الفرق بين إرث الحق والمال وإن كان دليلهما واحدا، وهو أنالمال

قابل للتجزئة فيقسم على حسب السهام والحق أمر بسيط غير قابل للتجزئةفيشتركون فيه.

وفيه: أن عدم قابليته للتجزئة مبني على أن يكون من الحقوق الموضوعيةالتي مطلوبيتها عند العقالء باعتبار أنفسها ال باعتبار كونها طريقا للتوصل إلى

المال، وقد تقدم أنه طريق الستجالب المال واسترداد المنتقل عنه بالفسخ وإبقاء--------------------

(١) القواعد ٢: ٦٨.(٢) لم نعثر عليه في كتب الحديث، ولكن نقله الشهيد في المسالك ١٢: ٣٤١.

(٢٩٨)

Page 300: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

المنتقل إليه باإلجازة، فال مانع من تجزئته بتجزئة األموال، بل ال محيص عن ذلك،لما عرفت من أن حقيقته هي سلطنة أحد المتعاقدين أو كليهما على التزام نفسهبكون المنتقل عنه في ملك صاحبه والتزام صاحبه بكون المنتقل إليه في ملكه،وأحد االلتزامين يملكه بالعقد واآلخر بالجعل الشرعي أو المالكي بحيث لو لم

يكن هذا الجعل كان كل واحد من الورثة ملزما بما التزم به المورث، وال شبهة أنلزوم التزامه بما التزم به المورث إنما هو بمقدار حصته من المال، وال وجه ألن

يلتزم بما في يد سائر الورثة، فإذا كان وجوب التزامه بمقدار نصيبه من المالفكذلك سلطنته على االلتزام أيضا بمقدار نصيبه من المال، وهذا ينتج الوجه الثاني.

وأما الوجه الرابع وهو قيام الخيار بالمجموع من حيث تحقق الطبيعة فيضمنه فمبني على أن يكون إرث الخيار ثابتا لصرف الموجود من الوارث ال

لمطلق الوجود، وحيث إن صرف الوجود قائم بكل واحد من الورثة فكل من بادرإلى إعمال الحق فسخا كان أو إجازة ينفذ في حق الجميع، وال عبرة بما يقع متأخرا.

وفيه: أن المتبادر من أدلة اإلرث كون الحكم شموليا، ألن البدلية وقيامالطبيعة بفرد ما وبصرف الوجود يتوقف على مؤنة زائدة في مقام الثبوت

واإلثبات، فلو جئ بتنوين التنكير - كما في قوله: جئني برجل - أو تعلق األمربالطبيعة كقوله: صل فالزمه كفاية الفرد في مقام االمتثال. أما التنوين فألنها

وضعت إلفادة الفرد المنتشر، وأما األمر فألن المادة وإن كانت مجردة عن الطبيعةوالفرد إال أن الهيئة حيث دلت على طلب الطبيعة وطرد العدم فبمجرد وجود

الطبيعة وبأول وجودها ينقض العدم، وأما لو جعلت الطبيعة موضوعا للحكم - كمافي قوله: ال تشرب الخمر، وما تركه الميت فلوارثه - فظاهر الخطاب يقتضي أن

يكون كل فرد من أفراد الطبيعة موضوعا للحكم مستقال.وبالجملة: ما أفاده (قدس سره) من قيام الخيار بالمجموع من حيث تحقق الطبيعة في

ضمنه ال من حيث كونه مجموعا وإن كان تحقيقا دقيقا - والزمه وحدة الحقوالمستحق بقيام الحق الواحد بصرف الوجود من الوارث، وينتج نفوذ إعمال الحق

من كل من بادر إليه وصحة قيامه بالمجموع فسخا أو إجازة من حيث كونه مصداقا

(٢٩٩)

Page 301: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

للقدر الجامع ال بما هم هم، وكونه كالفسخ واإلمضاء من ذي الخيار بتصرف واحدلو اختلفوا في الفسخ واإلمضاء مقارنا - إال أنه يرد عليه أوال: أن عنوان الوارثليس عنوانا واقعيا ثابتا لهم حتى يمكن أن يكون الخيار قائما بصرف الوجود منه

بل عنوان انتزاعي من نفس دليل اإلرث، فموضوع الحكم ليس إال األشخاصوإطالق الوارث عليهم إنما هو من قبيل من قتل قتيال فله سلبه.

وثانيا: لو كان مراده (قدس سره) من الطبيعة الجامعة هي اإلضافة الخاصة التي بينهموبين المورث التي بها ينتقل ماله إليهم ال إلى غيرهم - ال ما هو ظاهر كالمه من

كونها عنوان الوراثة - فظاهر األدلة ال يساعد على ذلك، لوضوح أن كيفيةاالستحقاق بالنسبة إلى األموال والحقوق على نهج واحد، وال شبهة أن المال يرثه

األشخاص على سبيل العام االستغراقي ال المجموعي بكال معنييه.فالوجه الثالث والرابع مما ال دليل عليه وإن لم يمتنعا ثبوتا، كما اعترف به (قدس سره)

بالنسبة إلى الوجه الرابع.وأما الوجه األول فقد عرفت امتناعه ثبوتا، فانحصر الوجه الصحيح في

الوجه الثاني.وقد عرفت أنه يشترك مع الوجه الثالث في أن نفوذ الفسخ واإلمضاء يتوقف

على اتفاقهم.غاية الفرق بينهما أن عدم نفوذ الفسخ أو اإلجازة من البعض في الوجه الثالث

إنما هو لعدم المقتضي، وأما في الوجه الثاني فلوجود المانع وهو تبعض الصفقةعلى طرف الميت.

نعم، لو قلنا بأن التعدد الطارئ من قبل الوراثة كالتعدد االبتدائي فال مانع منإعماله كل منهم حقه مستقال.

فالصواب تنقيح هذا المعنى الذي دار في ألسنة األعالم، وتنقيحه يتوقف علىبيان الفرق بين قولهم في بعض الموارد: إن العقد واحد ال يتبعض وقولهم: إن العقد

ينحل إلى عقود متعددة.

(٣٠٠)

Page 302: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فنقول: مورد األول هو العقد الصادر من واحد المتعلق بشئ واحد - كما لوبيع حيوان - أو المتعلق بشيئين متفقي الحكم كما لو بيع حيوانان، فإنه ال يجوز

للمشتري الفسخ في البعض واإلمضاء في غيره، ألن االلتزام الواحد ال يقبلالتبعيض. والتفرقة بين أجزاء المنشأ من النصف والثلث والربع تنافي الشرط

الضمني الذي بناء المتعاقدين عليه وهو مقابلة مجموع المبيع لمجموع الثمن، ولذالو كان المبيع مشتركا بين مالكين ولم يعلم به المشتري لو فسخ أحدهما يثبت

خيار تبعض الصفقة للمشتري.ومورد الثاني هو الجمع بين مختلفي الحكم في عقد واحد سواء كان منشأ

االختالف االختالف في المالكين - كما لو جمع بين ملك نفسه وملك غيره فيالمبيع - أو في اللزوم والجواز كما لو جمع بين الحيوان وغيره، أو في الصحةوالفساد - كالجمع بين الشاة والخنزير - فإن اإلنشاء وإن كان واحدا في هذه

الموارد إال أنه حيث جمع بين المختلفات فينحل منشؤه والتزامه إلى متعدد، فيتبعكل واحد حكمه إذا كان المشتري عالما بذلك. وذلك واضح، ألنه إذا كان المالك

متعددا - مثال - فال معنى اللتزام كل منهم بكون المبيع بتمامه باقيا في ملك المشتري،ألنه ال معنى اللتزامه بما هو من وظيفة شريكه إال إذا كان وكيال مفوضا عنه.إذا عرفت ذلك فنقول: أصل تعدد الحق بموت المورث ال ينبغي الشبهة فيه،

فإنه ال ينافي ذلك كون الحق واحدا في ابتداء العقد، فإن مناط انحالل العقد إلىالعقود المتعددة موجود في المقام وهو عدم إمكان التزام كل واحد من الورثة

بالنسبة إلى نصيب اآلخر.وطرو التعدد على العقد الواحد ليس بعزيز - كما لو تلف بعض المبيع قبل

القبض أو في زمان الخيار، أو خرج بعضه عن المالية كما إذا صار الخل خمرا - إالأن مجرد تعدد العقد وانحالله إلى العقود ال يؤثر في جواز الفسخ بالنسبة إلى كلواحد من الورثة، ألن مالكية الطرف اللتزام المورث تقتضي عدم تسلط كل منهم

بمقدار نصيبه، بل يتوقف فسخهم وإجازتهم على اتفاقهم مثل الوجه الثالث، إال أن

(٣٠١)

Page 303: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الفرق بينهما أنه على الوجه الثاني يجوز لكل واحد من الورثة اإلقالة دون الثالث،ألنها تدور مدار رضا الطرف، فلو رضي بها فقد أسقط حقه وهكذا لو رضي

بالتشقيص، يجوز لكل واحد فسخ البيع بالنسبة إلى حقه دون الوجه الثالث، ألنهلو كان الحق قائما بالمجموع فرضا الطرف ال يفيد جواز إعمال الخيار لكل واحد،

وأما لو كان الحق لكل واحد منهم مستقال بمقدار نصيبه فرضا الطرف يؤثر فيصحة إعمال الحق لكل واحد.

فتحصل مما ذكرنا أن التعدد الطارئ ليس كالتعدد االبتدائي، وهذا النزاعيجري في مثل الرهن والشفعة ونحوهما، وأنه فرق بين ما كان الراهن متعددا

ابتداء وبين ما إذا عرض التعدد كما لو تعدد ورثة الراهن أو المرتهن، فإن تعددالوارث وإن أوجب تعدد الحق بمقدار نصيبه من المال إال أن إعماله يتوقف

على اتفاقهم.هذا تمام الكالم في أصل المسألة، وأما كلمات األساطين فقابلة للحمل على

المختار وعلى ما اختاره المصنف من الوجه الثالث.بل ظاهر عبارة القواعد والدروس والمسالك (١) أن المانع من إعمال الخيار

هو تبعض الصفقة على المشتري ال قيام الخيار بالمجموع.نعم، عبارة اإليضاح موهمة لذلك، فإن قوله (قدس سره) في توجيه المنع بأنه " لو لم

يكن لمورثهم إال خيار واحد " (٢) ظاهر في أن الخيار الثابت للورثة خيار واحدقائم بالمجموع.

ولكنه بعد التأمل في كالمه يظهر أن مقصوده أن التعدد الطارئ ليس كالتعدداالبتدائي.

وما ذكره (قدس سره) في توجيه كالم العالمة في اعتبار توافق الورثة في إعمال خيارالعيب من قوله: (إن المراد بوجود التوافق وجوبه الشرطي ومعناه عدم نفوذ

--------------------(١) القواعد ٢: ٦٨، والدروس ٣: ٢٨٥، والمسالك ٣: ٢٨٧.

(٢) اإليضاح ١: ٤٨٧.

(٣٠٢)

Page 304: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

التخالف وال ريب أن عدم نفوذ التخالف ليس معناه عدم نفوذ اإلجازة من أحدهممع فسخ صاحبه بل المراد عدم نفوذ فسخ صاحبه من دون إجازته وهو المطلوب).

ال يخفى ما فيه، فإن عدم نفوذ فسخ صاحبه مع عدم إجازة الشريك اآلخرهذا الفسخ مرجعه إلى عدم نفوذ إجازة بعضهم مع فسخ اآلخر، ألن مقتضى اعتبار

التوافق أن يكون الفسخ واإلمضاء كالهما باالتفاق، فال يمكن أن تكون اإلجازةمن أحدهم نافذة دون فسخه، فمراد العالمة من اعتبار التوافق أنه لواله لزم

التقرير.وكذا ما استظهره من عبارة العالمة " لترث من الثمن " وهو قوله: (إن هذا

الكالم قد يدل على أن فسخ الزوجة فقط كاف في استرجاع تمام الثمن.... إلىآخره).

ال يخفى ما فيه، فإن قول العالمة: " لترث من الثمن " حيث وقع بعد قوله:" الخيار موروث بالحصص " ظاهر في استقالل كل واحد من الورثة في مقدار

حصته من المال ال في استقالل كل واحد في استرجاع تمام الثمن.قوله (قدس سره): (فرع إذا اجتمع الورثة كلهم على الفسخ فيما باعه مورثهم.... إلى

آخره).ال يخفى أن ما ذكره من التفصيل بين ما كان للميت مال وما لم يكن وما أفادهمن التقابل بين ثبوت حق انحالل العقد للورثة وقيامهم مقام الميت مما ينافي ما

اختاره في غير المقام.وتوضيح ذلك: أنه قد تقدم أن حقيقة اإلرث هي تبدل المالك أو المستحق ال

تبدل الملك أو الحق، ففي إرث الحق تنحل اإلضافة التي أحد طرفيها قائمة بالحقوطرفها اآلخر بالمستحق من طرف المستحق وتقوم بشخص آخر مع بقاء الحق

على حاله، وهكذا في إرث المال وهذا بخالف البيع، فإن فيه يتبدل الملك الالمالك. فإذا كان ذلك حقيقة اإلرث فيتفرع عليه أمور:

األول: أنه ال بد أن ينتقل إلى الوارث حق حل العقد وإقراره ال التملك

(٣٠٣)

Page 305: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

والتمليك، فإن حق الخيار المنتقل إلى الوارث بأدلة اإلرث ال يمكن أن يتغير عماهو عليه بسبب اإلرث، والمفروض أن ما كان للمورث هو حق حل العقد وإقراره

ال التملك والتمليك، ولذا صار إرث الزوجة الخيار المتعلق بما تحرم عنه محالللخالف. ولو كان الخيار عبارة عن التملك والتمليك لم يكن وجه لإلشكال

بانتقاله إلى الزوجة، فإن تملك الزوجة األرض وإعطاء الثمن من مالها غير قابلللمناقشة فيه.

الثاني: أنه ال بد أن ال يكون حق الخيار للورثة كحق الشفعة لهم بأن يعطواالثمن من مالهم ويتملكوا المثمن، بل ال بد أن ينتقل المثمن بفسخهم إلى المورث

ويرد الثمن إلى المفسوخ عليه لو كان باقيا وبدله لو كان تالفا وكان للميت مال ولولم يكن له مال يبقى في ذمته. وهذا التفصيل إنما يتفرع على كون الخيار ملك إقرار

العقد وحله، وأما إن كان عبارة عن التملك والتمليك فال وجه للفرق بين كونالثمن باقيا في ملك الميت أو تالفا، وال فرق في صورة التلف بين أن يكون على

الميت دين مستغرق أو ال، وال بين أن يكون للميت مال أو ال، ألن في جميعالصور للورثة أن يعطوا الثمن من مالهم ويتملكوا المثمن كما في الشفعة.

الثالث: أنه ال يمكن أن يكون حق الفسخ مقابال لقيام الورثة مقام الميت، ألنقيامهم مقامه بأدلة اإلرث هو الذي اقتضى ثبوت حق الفسخ لهم، وأدلة اإلرث التجعل طرف اإلضافة للورثة إال على نحو كان المورث عليه، وال تثبت لهم حقا

آخر من غير سنخ الحق الثابت للمورث.وبالجملة: وإن كان بين الورثة واألولياء والوكالء فرق فإنهما من قبيل النائب

عن ذي الحق في االستيفاء وال يرجع أثر االستيفاء إليهما وأما الورثة فهم نفسالميت إال أن هذا الفرق ال يقتضي جعل ملك الفسخ واإلقرار مقابال لقيام الوارث

مقام الميت، فإذا كان ملك الفسخ واإلقرار ثابتا للوارث فلو فسخ يرجع كل عوضإلى محله الذي خرج عنه، فيرجع المنتقل عن الميت إليه ولو لم يكن له مال تشتغل

ذمته ببدل ما انتقل إليه.

(٣٠٤)

Page 306: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

نعم، للطرف أن يحبس المال المنتقل إليه حتى يستوفي دينه من الميت، ولوكان عليه دين مستغرق فللطرف حق األولوية بالنسبة إلى المال المردود من سائر

الغرماء، ولو كانت قيمته أزيد عما يستحقه الطرف بعد الفسخ يرد الزائد إلىالغرماء، ولو كانت أنقص يضرب مع الغرماء، وال وجه لرجوع المال إلى الوارث

واشتغال ذمته بعوضه لو لم يكن له مال.وحاصل الكالم: أن الفسخ ضد البيع الواقع أوال وليس بيعا جديدا وتملكا

وتمليكا، ولذا وقع النزاع في اإلقالة بأنها بيع أو فسخ، فإذا كان ضدا للبيع الواقعأوال فلو ارتفع البيع بالفسخ فال محالة يرجع كل مال إلى مالكه األصلي ومنه إلى

الورثة، وال وجه ألن يرجع إلى مالكه الفعلي إال من حيث كونه قائما مقام المالكاألصلي ال من حيث إنه مالك له فعال، ولذا لو وقع العقد ثانيا على أحد العوضين أوكليهما ثم طرأ فسخ أو انفساخ ال يرجع العوضان إلى مالكهما الفعلي، بل يرجعانإلى مالكهما األصلي ويرجع المالك األصلي إلى الناقل بالمثل أو القيمة. وهكذا لورجعت األرض المنتقلة عن الميت بالفسخ ال ترث منها الزوجة، ولو كانت راجعةإلى المالك الفعلي للثمن لكانت الزوجة مثل سائر الورثة، ألن الرجوع إليها كذلك

مثل شرائها األرض ممن يملكها.الرابع: ال وجه النتقال ما يرجع بالفسخ إلى الفاسخ وحده ولو قلنا بجواز

إعمال حق الخيار لكل واحد منهم مستقال، لما عرفت من أن إرث الخيار ليسكإرث حق الشفعة والتملك الجديد فال بد أن يرجع المال إلى جميع الورثة، ألن

بفسخ أحدهم يبطل العقد ويرجع من حين الفسخ كل مال إلى مالكه األصلي.وما أفاده (قدس سره) في قوله (قدس سره): (ومن هنا جرت السيرة بأن ورثة البائع ببيع

خياررد الثمن يردون مثل الثمن من أموالهم.... إلى آخره).

ال شهادة فيه على أن بالفسخ ينتقل تمام المال إلى الفاسخ وأن حق حل العقدوإقراره مقابل لقيام الوارث مقام المورث وأن الفسخ يقتضي رجوع المال إلى

المالك الفعلي ال األصلي، ألن وجه جريان السيرة كذلك غير معلوم، فيحتمل أن

(٣٠٥)

Page 307: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

يكون ردهم مثل الثمن من أموالهم ال لكونهم مالكين فعال، بل ألن الفسخ يقتضيرجوع المبيع إلى ملك المورث فتشتغل ذمته بالثمن المنتقل إليه، فللورثة بل لكل

أحد أداء دينه.نعم، لو جرت السيرة بعدم أداء سائر ديون الميت من المبيع وعدم كونهم

ملزمين بذلك لكشف عن عدم انتقال المبيع إلى ملك الميت، بل ينتقل إليهم بما هممالكون فعال فيكون نظير حق الشفعة. وقيام السيرة كذلك ممنوع، بل الظاهر عدم

التزام أحد بذلك، مع أنه لو ثبت ذلك أيضا بالسيرة، فغاية األمر أن إرث الخيارالمشروط برد مثل الثمن يخرج عن إرث سائر الخيارات ويكون هو بالخصوص

عبارة عن ملك أن يملك كالشفعة، والزم ذلك أنه لو اشترى أحد الورثة سهم البقيةثم طرأ فسخ أو انفساخ أن يرجع جميع ما انتقل عن الميت إلى الوارث المشتري،

والظاهر عدم التزام الفقهاء به أيضا.وكيف كان، فقد تقدم من المصنف (قدس سره) في أول الخيار أنه عبارة عن ملك حل

العقد وعدمه وليس عبارة عن ملك أن يملك كحق الشفعة.نعم، يمكن أن يكون خصوص الخيار المشروط برد مثل الثمن واسطة بين

حق الشفعة وملك الفسخ وإقراره، بأن يكون بالنسبة إلى الرد مثل الشفعة فال يعتبرفيه إخراج الثمن أو مثله عن ملك الميت - بحيث لو كان ا لثمن موجودا ال يجب

على الورثة رد عينه بل لهم أن يردوا مثله من أموالهم - وأن يكون بالنسبة إلىرجوع ما انتقل عن الميت مثل سائر الخيارات فيرجع إلى ملك الميت ويرثه

الورثة أو يؤدى منه ديونه لو كان عليه دين. ومنشأ هذا االحتمال هو ما عرفت أنبناء هذه المعاملة على إتالف الثمن فال يشترط رد نفس الثمن، وليس نظر

المشتري أيضا إلى الثمن المنتقل عنه بخصوصيته، بل غرضه أن ال يتلف ماله. فإذاأخذ منه المبيع بفسخ أحد الورثة فله مثل الثمن ولو من ملك الفاسخ، نهاية األمر

حيث إن الفاسخ دفعه من ماله فله حبس المثمن ليستوفي ماله من الورثة. وأماانتقال المبيع إلى خصوص الفاسخ فال وجه له.

(٣٠٦)

Page 308: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره): (مسألة لو كان الخيار ألجنبي ومات.... إلى آخره).ال يخفى أن مقتضى ما ذكرناه من الضابط بين الحقوق التي يرثها الوارث

والتي ال يرثها أن ال يكون الخيار المجعول لألجنبي مما يرثه وارثه، ألنه ليس لهغير نفس اإلضافة وهي السلطنة على الفسخ واإلمضاء من دون أن يستجلب بها

نفعا من مال أو حق فبموته يسقط هذا الحق وال وجه أيضا ألن ينتقل بالوراثة إلىجاعل هذا الحق له، ألنه ليس وارثا لألجنبي.

وإرث المال أو الحق ألولي األرحام ال لغيرهم.نعم، من غير عنوان اإلرث يمكن أن يكون له، كما إذا كان الحق لكل منهمامستقال وإنما فوض أمر إعماله إلى األجنبي فإذا مات يبقى أصل الحق له. وقد

تقدم في خيار المجلس توجيه ما أفاده العالمة من انتقال حق الخيار من الوكيلإلى الموكل.

قوله (قدس سره): (ومن أحكام الخيار سقوطه بالتصرف.... إلى آخره).قد تقدم مرارا أن كل فعل خارجي يكون مصداقا لعنوان من عناوين العقود

واإليقاعات - بحيث يحمل عليه بالحمل الشائع الصناعي - يوجد به هذا العنوانكما يوجد بالقول، إال أن يدل دليل تعبدي على اعتبار اللفظ، وقد تقدم في باب

المعاطاة أن قوله (عليه السالم) إنما يحلل الكالم ويحرم الكالم ليس ناظرا إلى ذلك ولمينعقد إجماع عليه أيضا.

نعم، أصل الصغرى وأن أي عنوان يكون الفعل مصداقا له وأي عنوان اليكون مصداقا له مطلب آخر ال بد من إحرازه.

وقد تقدم أن النكاح والضمان والصلح في العقود والطالق والعتق فياإليقاعات ال يكون الفعل مصداقا لها. وأما اإلجازة والفسخ فال شبهة في وقوعهما

بالفعل، ولذا اشتهر بين الفقهاء أن كل تصرف ورد في المنتقل إليه إجازة وكلتصرف ورد في المنتقل عنه فسخ بقيود ثالثة:

األول: كونه تصرفا مالكيا.

(٣٠٧)

Page 309: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الثاني: أن ال يكون لالمتحان واالختبار.الثالث: أن يكون المتصرف ملتفتا إلى كون المتصرف فيه محال للخيار.

ووجه اعتبار هذه القيود واضح، ألنه لو انتفى واحد منها ال يكون التصرفمصداقا للفسخ أو اإلجازة.

وقد تقدم أيضا أنه لو كان الفعل مصداقا لعنوان فقصد الفعل كاف في تحققالعنوان به وإن لم يقصد بإيجاده ذاك العنوان، بل بعض العناوين يتحقق بنفس قصدالفعل وإن قصد عنوان الخالف، كالتصرفات المالكية في المنتقل إليه، فإنه لو قصد

عنوان الغصب بها تقع إجازة.وإن أبيت عن ذلك فال شبهة أن وطء المطلقة الرجعية رجوع وإن قصد الزنا.

وعلى أي حال لو قصد الفعل ولم يقصد الخالف يقع العنوان به، وال وجهالعتبار قصد العنوان حتى يحرز تحققه من حمل فعل المسلم على الصحة، مع أن

إحرازه بهذه القاعدة في غاية اإلشكال، ألنها ليست أمارة على ما هو الحق تبعالما اختاره المصنف في األصول.

قوله (قدس سره): (مسألة هل الفسخ يحصل بنفس التصرف أو يحصل قبيله.... إلىآخره).

ال يخفى أنه ال بد أوال من بيان المحذور الذي يرد في تصرف ذي الخيار فيماانتقل عنه ثم الدفع عنه.

فنقول: إن المحذور تارة يقرر في الوضعيات، وأخرى في التكليفيات أماالوضعيات فحاصله أنه لو باع ذو الخيار ما انتقل عنه فتتوقف صحة بيعه على كونه

ملكا له قبل البيع، وكونه ملكا له قبل البيع وكونه مالكا له يتوقف على أن يكونقوله للمشتري " بعتك " فسخا، وكونه فسخا متوقف على كونه بيعا. فالبيع يتوقف

على الملك، والملك على الفسخ، والفسخ على البيع. ويلزم أيضا اجتماع العلةوالمعلول في رتبة واحدة، ألن البيع معلول للملك، والملك معلول للتصرف فمن

التصرف يحصل تملك الفاسخ وتملك المشتري المترتب على ملكية الفاسخ. وأما

(٣٠٨)

Page 310: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

التكليفيات فألن البيع والوطء ونحوه محرم على غير المالك، فبالوطء مثال يتحققالملك والحلية المترتبة عليه في رتبة واحدة.

وأما الدفع فمن وجوه أربعة:األول: أن تكون إرادة التصرف مملكة، وهذا الوجه إن صح يرتفع به جميع

اإلشكاالت حتى في الوطء، ألنه يقع بعد تحقق الملك، إال أنه قد تقدم مرارا أنالفسخ واإلجازة من اإليقاعات، وهي ال تحصل بمجرد الكراهة الباطنية والرضا

القلبي.الثاني: أن الفسخ يحصل بأول جزء من الفعل أو القول ونفوذ التصرف يحصل

بباقي األجزاء، وهذا يتم في البيع ال الوطء فإن الجزء األول يقع محرما.الثالث: أن الفسخ والبيع يحصالن معا بنفس التصرف، إال أن األول مقدم رتبة

على الثاني، وهذا الوجه وإن اختاره جملة من األساطين إال أنه ال يخلو منإشكال كما سنشير إليه.

الرابع: أن التصرف تارة بالعقد الناقل، وأخرى بالمعاطاة، فإذا كان بالعقدفالفسخ يحصل باإلنشاء والبيع بالمنشأ، وإن كان بالمعاطاة فالفسخ يحصل باألخذ

من المنتقل إليه والبيع باإلعطاء للمشتري.نعم، ال يجري هذا التعاطي من طرف واحد، وعلى أي حال فأصح الوجوه

في الجواب عن اإلشكال في الوضعيات هو األخير. وتقريبه يظهر مما تقدم فيالمعاطاة من تقدير الملك آنا ما فيما يقتضي الجمع بين األدلة ذلك، ففي المقام

يقدر الملك آنا ما للفاسخ ثم ينتقل إلى المشتري، وتقدير الملك وإن توقف علىالدليل إال أن دليله في المقام كون الفعل بنفسه مصداقا للفسخ بالحمل الشائع

الصناعي، وحيث إن انشاءه القولي فعل من أفعاله فبقوله " بعت " ينفسخ العقد،ويملك ما انتقل عنه من حيث اإلنشاء، وينتقل إلى المشتري من حيث أثر القول،

ومرتبة األثر متأخرة عن مرتبة أصل القول.نعم، لو اعتبر في االنتقال إلى الغير كون العقد واقعا في ملك الناقل لزم

(٣٠٩)

Page 311: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

المحذور، ألن الملكية تحصل بنفس العقد. وأما لو اعتبرت الملكية في المسببالذي مرتبته متأخرة عن السبب فال محذور.

وبالجملة: بناء على ما هو الحق من اعتبار وقوع المنشأ في الملك ال اإلنشاءولذا ال تعد الملكية من شروط العقد بل تعد من شروط العوضين فالفسخ يحصل

بذات اإلنشاء، واالنتقال إلى المشتري يحصل بأثره. ولذا لو عقد فاسدا يتحقق بهالفسخ أيضا، ألنه يحصل باإلنشاء ال بالمنشأ.

وأما في التكليفيات فاإلشكال أصال غير وارد، ألن حلية الوطء مثال التتوقف على ملك الرقبة، بل على سلطنة الواطئ. ولذا يجوز بالتحليل والتزويج،

فلو كان لذي الخيار السلطنة عليه بالوطء حالل له، وبه يفسخ المعاملة من حيثكونه مصداقا للفسخ.

نعم، لقائل المنع عن ثبوت هذه السلطنة له في ملك غيره. وأما لو سلم عموممعقد اإلجماع بجواز تصرف ذي الخيار فيما انتقل عنه لكل تصرف حتى الوطء

واألكل والشرب والبيع ونحو ذلك من اإلتالف الحقيقي والحكمي فال وجهلتفصيله بين نفوذه وضعا وحرمته تكليفا، المتناع كون طرفي الفعل تحت سلطنة

الفاعل وضعا وخروج أحد طرفيه عن تحت سلطنته تكليفا.وقد ذكرنا في اإلجارة على الواجبات بيان المالزمة، وأوضحنا أن المالزمةثابتة في العكس أيضا، أي إذا كان الشئ واجبا أو حراما تكليفا ال يمكن أن

يكون التصرف فيه نافذا وضعا.ويمكن أن يكون نظر صاحب الجواهر (قدس سره) في قوله " إن الرجوع من حقوق

المطلق " إلى ما ذكرناه، أي ال يعتبر في حلية الوطء أن تكون الموطوءة زوجة قبلالوطء، ألنه يكفي في سلطنته على الوطء كونه من حقوق الزوجية. وهذا التوجيهوإن لم يكن له محل في الرجوع في زمان العدة لعدم خروج المطلقة الرجعية عن

الزوجية، إال أنه وجيه بنفسه.ثم إن مما ذكرنا ظهر أن التفصيل بين رهن ذي الخيار وعقد الواهب ال وجه

(٣١٠)

Page 312: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

له، فإنه إن تحقق الفسخ بنفس عقد الرهن يتحقق له رجوع الواهب بالعقد علىالعين الموهوبة أيضا، فإن الحكم في الهبة والخيار واحد.

قوله (قدس سره): (وقد أجاب الشهيد عن الثاني بمنع الدور التوقفي وأن الدورمعي (١).

ال يخفى أن الدور المعي في المقام ال يرجع إلى محصل، ألنه عبارة عما كاناألثر الحاصل مستندا إلى مجموع الشيئين من دون توقف أحدهما على اآلخر،

كالهيئة الحاصلة من اعتماد لبنة على أخرى.وفي المقام لو كان الفسخ بالفعل متوقفا على الملك قبله مع أن الملك متوقف

عليه فالدور توقفي، لتوقف الشئ في الوجود على ما يتوقف عليه. فالصواب فيالجواب منع توقف الفسخ على الملك قبله ال بمعنى حصولهما معا وفرض األول

مقدما على الثاني رتبة - فإن التقدم الرتبي إنما يتصور في الشيئين المجتمعينزمانا مع كون أحدهما علة لآلخر واإلشكال في المقام إنما هو في صحة علة الملك

وهي الفسخ - بل لما عرفت من أن الفسخ يحصل باإلنشاء في التصرف القولي،فيملك الفاسخ آنا ما وينتقل عن ملكه إلى الثالث بأثر اإلنشاء، وهو متأخر رتبة

عن اإلنشاء. وأما في التصرف الفعلي كالوطء ونحوه فاإلشكال غير وارد أصال.وما أفاده المصنف (قدس سره) في قوله: (وتوهم إن الفسخ إذا جاز بحكم الخيار جاز

كل ما يحصل به قوال كان أو فعال فاسدا.... إلى آخره).ال يستقيم، لما عرفت من المالزمة بين الحلية الوضعية والتكليفية، فإذا جاز

الفسخ بأدلة الخيار جاز كل ما يحصل به قوال كان أو فعال، لما ظهر أنه ال تدل أدلةتوقف الوطء والبيع على الملك على اعتبار ملك الرقبة، بل الملك لغة وعرفا

هو السلطنة، كما في قوله: عز من قائل * (بملكنا) * (٢) ولو سلم فقوله (صلى اللهعليه وآله) " ال بيع

--------------------(١) لم نعثر عليه، نقله صاحب مفتاح الكرامة ٤: ٦٠١ س ١٦.

(٢) طه: ٨٧.

(٣١١)

Page 313: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

إال في ملك " (١) قابل للتخصيص، فال يقتضي الجمع بين أدلة نفوذ التصرف.وهذا الدليل االلتزام بحصول الفسخ قبيل التصرف.

نعم، لو قيل بأن الجواز الوضعي ال ينافي الحرمة التكليفية تعين االلتزامبحصول الفسخ واإلجازة بالكراهة والرضا.

قوله (قدس سره): (فرع لو اشترى عبدا بجارية مع الخيار له فقال أعتقتهما.... إلىآخره).

ال يخفى أن عتق المشتري العبد والجارية بصيغة واحدة تارة يقع فيما كانالخيار له.

وأخرى فيما كان للبائع.وثالثة فيما كان لهما.

أما الصورة األولى، فاألقوال فيها ثالثة: نفوذ عتق الجارية لتقديم الفسخ علىاإلجازة فيما وقع التزاحم بينهما، ونفوذ عتق العبد ألنه ملكه دون الجارية ألنها

ملك البائع وعتقها من المشتري يتوقف على الملك المتوقف على الفسخ وفي رتبةتحقق ملك الجارية ينعتق العبد فال يبقى مجال النعتاق الجارية، وعدم نفوذهماأصال. واألقوى هو األخير، ألن تقديم الفسخ على اإلجازة - الذي هو مدركالقول األول - مورده ما كان الحق لمتعدد فيؤثر الفسخ وإن كان متأخرا عن

اإلجازة، ألن أثر اإلجازة سقوط الحق من طرف المجيز ال مطلقا، فلآلخر إعمالحقه بالفسخ.

وأما مدرك القول الثاني.ففيه: إن مقابل عتق الجارية هو عتق العبد ال إجازة ذي الخيار، فإن اإلجازة

تقابل الفسخ، وكما أن عتق الجارية متوقف على الفسخ فكذلك عتق العبد يتوقفعلى اإلجازة، فإنه وإن كان مملوكا فعال له إال أن نفوذ عتقه يتوقف على إمضاء

--------------------(١) عوالي الآللي ٢: ٢٤٧ ح ١٦، وفيه (ال بيع إال فيما تملك).

(٣١٢)

Page 314: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

العقد، وإمضاؤه يتوقف على عدم كون عتق الجارية فسخا كما في العكس، فإذاكان التوقف من الطرفين فال ينفذ كالهما.

وأما الثانية: فعتقه العبد يتوقف على نفوذ تصرف من عليه الخيار في متعلقالخيار.

وأما عتقه الجارية فال ينفذ بال إشكال ال من قبل نفسه، لعدم كونه مالكا لها،وال من قبل ذي الخيار، لبطالن الفضولي في اإليقاعات.

وأما الثالثة: فبناء على نفوذ تصرف من عليه الخيار فحكمها حكم الصورةاألولى فال ينعتق كالهما.

وأما بناء على عدم نفوذه فيصح عتق الجارية، لكونه فسخا من ذي الخيار،وال يصح عتق العبد، ألنه يوجب إبطال خيار البائع.

قوله (قدس سره): (مسألة من أحكام الخيار عدم جواز تصرف غير ذي الخيار.... إلىآخره).

قد تقدم في خيار الغبن في ذيل عنوان تصرف الغابن األقوال في المسألةومدركها إجماال، ولكنه ال بأس بإعادتها تبعا لما أفاده شيخنا األستاذ مد ظله

وتوضيحا لما تقدم، فنقول: أمهات األقوال ثالثة: عدم جواز تصرفه وضعا وتكليفافال ينفذ معامالته ويحرم عليه إتالفه، وجوازه مطلقا بحيث لو فسخ ذو الخيار

يرجع إلى المثل أو القيمة، وجوازه مطلقا إال أنه لو فسخ يبطل إما من حين الفسخأو من أصله. والزم القول األخير التفصيل بين التصرفات المتلفة والناقلة فال تجوز

األولى وتجوز الثانية. والزمه أيضا التفصيل في التصرفات الناقلة بين العتقوغيره فال ينفذ العتق وينفذ غيره، ألن بطالن تصرفه بفسخ ذي الخيار ال يتصور في

اإلتالف الخارجي واإلتالف الشرعي، ألن التالف ال يمكن استرجاعه والحر اليمكن عوده رقا، فلو صح العتق نفذ مطلقا ولو لم ينفذ يجب أن ال يصح رأسا.

ثم إنه ربما يتوهم ابتناء المسألة على حصول الملك بنفس العقد أو بانقضاءالخيار، كما أنه ربما يتوهم ابتناؤها على تعلق الخيار بالعقد أو بالعين، فعلى األول

من كل منهما يجوز تصرفاته مطلقا، وعلى األخير ال يجوز مطلقا.

(٣١٣)

Page 315: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ولكنك خبير بفساد كال التوهمين.أما األول: فألنه لو قيل بما ينسب إلى الشيخ وجماعة من توقف الملك على

انقضاء الخيار فال بد من القول بعدم جواز تصرف غير ذي الخيار مطلقا سواء كانمنافيا لالسترداد أم ال، وأن يكون تصرفه منوطا بإذن ذي الخيار كما في تصرف

الراهن في العين المرهونة، وال بد أن يعلل المنع بقوله (عليه السالم) " ال يحل مال امرءإال

بطيب نفسه " ال بما علل به أكثر المانعين من أن تصرفه ينافي استرداد العين.وأما الثاني: فألنه وإن جعله مبنى القولين أو األقوال جملة من األساطين، إال

أنه ال يمكن االلتزام به، فإن تعلق الخيار بالعين ابتداء ال وجه له، لما ظهر سابقا أنالخيار سلطنة لذي الخيار على التزامه العقدي الذي لو لم يكن له الخيار كان ملزما

بالتزامه.وبعبارة أخرى الخيار ملك فسخ العقد وإقراره وال يتعلق بالعين رأسا، ولذا

يصح إعماله في صورة بقاء العين وتلفها.فاألولى أن يقال: إن الخيار وإن كان سلطنة على حل العقد وإبقائه إال أنه

يمكن أن يكون هذا المعنى طريقيا أو موضوعيا، وعلى الطريقية يمكن أن يكونالغرض منه استرجاع المال باألعم من العين أو المثل أو القيمة، وأن يكون الغرضمنه استرجاع نفس العين. فلو كان موضوعيا صرفا يجوز تصرف من عليه الخيار

بجميع أنحاء التصرفات كما ال يخفى، إال أن ذلك باطل جدا، ألنه لو كان هذا بنفسهمن االعتبارات العقالئية وجب إما أن ترثه الزوجة مطلقا وأن يرثه وارث

األجنبي، وإما أن ال يرثه الوارث أيضا، ألن االعتبار العقالئي تارة من قبيلالوالية أو القيمومة - التي هي عبارة عن نفس السلطنة - فهذا ال ينتقل إلى الغير ولو

كان وارثا للمال.وأخرى اعتباره باعتبار متعلقه، فال بد أن ينتقل إلى وارث ذي الحق ولو لم

يكن وارثا للمال.وبالجملة: كون الخيار موضوعيا صرفا ال وجه له، فانحصر في الوجهين على

(٣١٤)

Page 316: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الطريقية. ومبنى الوجهين أنه لو قلنا في باب الضمان بأن المدار فيه على قيمة يوماألداء إما لبقاء العين التالفة بخصوصيتها الشخصية في عهدة الضامن أو بماليتهاالغير المتقدرة بالمقدار فالزمه أن يجب عليه حفظها ليتمكن المضمون له عن

استرجاع نفس العين، فال يجوز له التصرفات المتلفة والناقلة، ويكون حفظها منقبيل المقدمات الوجودية للواجب المطلق.

وأما لو قلنا بأن المدار على قيمة يوم التلف فالزمه أن يكون ماليتها المتقدرةفي عهدة الضامن فيجوز له إتالفها ونقلها إلى الغير، ألن ما في ذمة الضامن هو

القدر المشترك بين العين والمثل أو القيمة، ويكون حفظ العين من المقدماتالوجوبية للواجب، وحيث اخترنا في مسألة الضمان أن المدار على قيمة يوم

األداء فال يجوز له التصرفات المانعة عن االسترداد، بل في الخيار المشروط بردمثل الثمن ال شبهة في عدم جواز التصرف المانع وإن قلنا بتعلق الضمان باألعم،

ألن الغرض من جعل الخيار نوعا هو رد نفس المبيع.ال يقال: غاية ما يقتضيه الخيار مطلقا هو طريقيته لجلب المال الذي هو القدر

الجامع بين العين وبدلها، ولذا ال يسقط بتلف العين بل ينتقل إلى البدل.ألنا نقول: الذي يمكن أن يكون الخيار وسيلة إلى استرداده هو ما انتقل عن

ذي الخيار إلى من ال خيار له وهو نفس العين، ولذا لو طرأ الفسخ أو االنفساخوكانت العين باقية ال يصح رد المثل أو القيمة، وردهما عند التلف إنما هو لتعذر رد

العين وعدم موجب لسقوط الخيار، فال مالزمة بين الرجوع إلى البدل مع التلفوجواز اإلتالف.

ثم بناء على ذلك، هل يبطل التصرفات الناقلة أصال وال تصح باإلجازة أو أنحكمها حكم الفضولي؟ وجهان، تقدم مدركهما في عقد الراهن وقلنا: إنه ال فرقفي الفضولي بين أن يكون العقد قاصرا من حيث المقتضي أو لوجود المانع. وإذا

صح عقد الراهن بإجازة المرتهن صح عقد من عليه الخيار بإجازة ذي الخيار،ألن مرجع إجازته إلى إسقاط حقه.

(٣١٥)

Page 317: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ثم إنه لو وقع عقود مترتبة على المال فليس له استرداد العين إال بعد فسخالعقد األول، إال أن يكون االسترداد فسخا فعليا لألول.

وبالجملة: فرق بين اإلجازة والفسخ، فإن اإلجازة مرجعها إلى إسقاط الحقفينفذ الجميع، وأما فسخ العقد الثاني مع عدم الفسخ األول فال معنى له.

ثم إنه قد ظهر في خيار الغبن وجه حرمة الوطء إذا كان االستيالد مانعا عنإعمال الخيار ولو كان سبب الخيار مقدما.

وقد ظهر أيضا حكم العقود الجائزة الواقعة من غير ذي الخيار، وتقدم أيضاأن ما أفاده المصنف (قدس سره) من جواز تصرفات من عليه الخيار مطلقا أقوى من

المنع.ولكن المسألة مشكلة جدا حيث إن المشهور على المنع وإن كان حقيقة الخيارال تقتضي ذلك، لما عرفت أنه في صورة تلف العين وبقائها ال تختلف حقيقته،فال بد من أن يكون طريقا الستجالب المال الذي هو القدر المشترك بين العين

والمثل أو القيمة.قوله (قدس سره): (ثم إن المتيقن من زمان الخيار الممنوع فيه من التصرف على القول

به هو زمان تحقق الخيار فعال.... إلى آخره).توضيح ذلك أن الخيار على أقسام ثالثة، ألنه تارة: فعلي منجز بال توقفه

على شئ، أي متصل بالعقد بال شرط متأخر شرعيا كان - كخياري المجلسوالحيوان - أو جعليا من المتعاقدين، كشرط الخيار في متن العقد مطلقا لهما أو

ألحدهما.وأخرى: متأخر بنفسه وبمنشئه كخيار التفليس، وخيار التأخير بناء على كونهتعبديا، وأما بناء على كونه ناشئا عن تخلف الشرط الضمني - وهو التسليم

والتسلم الذي بناء المعاملة عليه نوعا وإن أعمل فيه التعبد من حيث تعيين الحدبالثالثة - فحاله حال الغبن والعيب والرؤية، وسيجئ حكمها.

وثالثة: واسطة بين األولين كالخيار المشروط برد الثمن بعد سنة، فإن شرطالخيار حاصل حين العقد ولكن زمان إعماله متأخر.

(٣١٦)

Page 318: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ثم إنه يظهر من جملة من األساطين أن خيار العيب والغبن والرؤية كخيارالتفليس متأخر عن العقد بنفسها وبمنشئها، لتوهمهم ثبوتها بالتعبد واشتراط تحققأصل الخيار شرعا بظهور العيب والغبن وتخلف الوصف في مقابل القول بأن العلم

بها كاشف عقلي.ولكنك خبير بأن منشأ ثبوتها هو الشرط الضمني خصوصا في خيار الرؤية

المسبب عن فقد الوصف المشترط في العقد اعتمادا على الوصف أو المشاهدةالسابقة، فإن فقد الوصف الموجب للخيار حاصل حين العقد والعلم به وعدمهليس له مدخلية في ذلك. فقياس خيار الرؤية على خيار التأخير ال وجه له. بل

المصنف (قدس سره) صرح في خيار الغبن بأن ثبوت الحق للمغبون قبل العلم به الشبهة فيه

وإن كان إعماله فعال مشروطا به، ومع هذا فكيف! ينفي الخالف ظاهرا في جوازتصرف من عليه الخيار في الثالثة لتوقف الخيار على أمر متأخر من ظهور العيب

أو الغبن أو تخلف الوصف.إذا عرفت ذلك فنقول: أما الخيار المتأخر بنفسه وبسببه فال ينبغي اإلشكال

في جواز تصرف من عليه الخيار فيما يتعلق به وضعا وتكليفا قبل تحقق سببه،لكونه مالكا له ملكا طلقا، ومجرد تعلق الحق به بعد ذلك ال يمنع عن تصرفات

مالكه، وذلك واضح، كما أفاده (قدس سره) الستلزام المنع عنه المنع عن التصرف فيأحد

العوضين قبل قبض اآلخر من جهة كون العقد في معرض االنفساخ بتلف ما لميقبض.

كما ال ينبغي اإلشكال في المنع عن جواز التصرف بناء على القول به فيزمان تحقق الخيار فعال، كالمجلس والثالثة في الحيوان والزمان المشروط فيه

الخيار.وأما التصرف في زمان الخيار المشروط بأمر متأخر سواء كان وقتا كيوم

الجمعة، أو أمرا آخر كرد مثل الثمن، ففيه إشكال وخالف، واألقوى إلحاقهبالخيار المنجز، فإن المانع عن التصرف على القول به هو تزلزل العقد وفعلية حق

(٣١٧)

Page 319: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ذي الخيار، وهما حاصالن، ألن نفس الشرط الموجود حال العقد حق مالكييجوز إسقاطه وإبقاؤه، والتصرف المتلف مناف له.

وأما الخيارات الثالثة المسببة عن الشرط الضمني فحيث إن الخيار حاصلحين العقد على ما هو األقوى وال مدخلية لظهور الغبن والعيب وتخلف الوصففإلحاقها بالخيارات الثالثة - أي المجلس والحيوان والشرط - في غاية الوضوح

لوال اإلجماع على خالفه، والظاهر عدم تحققه وإن ادعى المصنف (قدس سره) أن هذاالنحو من الخيار غير مانع من التصرف بال خالف ظاهرا.

ألن عدم الخالف ال يكشف عن اإلجماع، أما أوال فلذهاب جملة من الفقهاء[إلى] جواز التصرف في متعلق الخيار ولو في خيار المجلس ونحوه.

وأما ثانيا فلذهاب جملة منهم إلى عدم تحقق الخيار إال بعد العلم به وكونالعلم شرطا شرعيا له فلم يبق إال قليل ممن يعترف بثبوت الخيار وكون العلمكاشفا عقليا ويلتزم بعدم جواز التصرف في زمان المجلس ونحوه، ومع ذلكيختار جواز تصرف الغابن ونفوذه قبل ظهور الغبن، وبهذا المقدار ال يتحقق

اإلجماع.وعلى هذا فإلحاقه بالخيار المنجز فعال أقوى.

ثم إن جماعة من المانعين من جواز التصرف جوزوا وطء األمة المتعلقة لحقالخيار مع التزامهم بتقديم حق االستيالد وتفويته لحق الخيار وإن كان متأخرا عن

سبب الخيار.وما يمكن أن يكون وجها لذلك أمران:

األول: أن المتيقن من المنع هو التصرف المتلف فعال لحق ذي الخيار، وأمامجرد كونه معرضا للفوات فال دليل على المنع عنه.

الثاني: التمسك باستصحاب عدم العلوق وعدم صيرورة الموطوءة حبلى.ولكن األقوى هو المنع - كما هو ظاهر المحكي عن التذكرة والدروس - ألن

متعلق التكليف فيما كان حصول األثر متوقفا على أمر خارج عن اختيار المكلف

(٣١٨)

Page 320: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

هو نفس فعل المكلف، فما يحرم عليه في المقام هو الوطء ال حصول العلوق لكونفعل المكلف بالنسبة إليه معدا فال يصح إناطة التكليف به، فعلى هذا نفس الوطءتفويت لحق ذي الخيار ال أنه في معرض ذلك. وال يقاس بالعرض على البيع، فإنهبنفسه ليس تفويتا بل المفوت هو البيع، وهو أمر اختياري يمكن تركه بعد العرض

على البيع.وأما االستصحاب فمضافا إلى كونه استقباليا ليس له حالة سابقة إال بالعدم

المحمولي، والجواز ترتب على عدم كون هذا الوطء موجبا للحمل، وهذا غيرمسبوق بالعدم.

قوله (قدس سره): (الثاني أنه هل يجوز إجارة العين في زمان الخيار.... إلى آخره).ال إشكال في أنه لو آجره من ذي الخيار أو بإذنه ففسخ لم تبطل اإلجارة، بل

يمكن أن يقال: إن استئجار ذي الخيار وإذنه في اإلجارة مسقطان لخياره فال يبقىمحل للفسخ.

وكيف كان، فلو لم نقل بذلك إال أنه ال شبهة أن بعد إجارته منه أو من غيرهبإذنه إذا فسخ ال تبطل اإلجارة وترد العين إليه مسلوب المنفعة وبال غرامة، ألن

اإلذن في تفويت المنفعة كاإلذن في إتالف األوصاف ال تكون عهدتها علىالمتلف.

وبالجملة: بعد اإلذن في اإلجارة ال وجه لبطالنها بفسخ ذي الخيار، واليقاس على إجارة البطن األول من الموقوف عليه للفرق بينهما، فإن البطن الثاني

يتلقى الملك من الواقف ال من البطن األول، فإذا تلقاه من الواقف فال محالة ملكيةالبطن األول موقتة، إذ ال يعقل أن يملك الواقف كل واحد من البطون ملكية تامةمطلقة قابلة للدوام، فإجارة البطن األول تبطل بموته إال أن يكون متوليا أيضا وهو

أمر آخر، وأما من عليه الخيار فيملك العين ملكية تامة صالحة للدوام ومن نماءهذا الملك المنفعة الدائمة.

غاية األمر أنه متزلزل من حيث تعلق حق ذي الخيار به، فإذا أذن في

(٣١٩)

Page 321: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

اإلجارة فإذنه وإن لم يناف فسخه بالنسبة إلى العين إال أنه ينافي فسخه بالنسبةإلى اإلجارة.

وأما لو آجره بال إذن منه فالظاهر عدم اإلشكال أيضا في صحة اإلجارة إلىزمان الفسخ حتى على القول ببطالن التصرف من حينه بالفسخ، ألنه مختص

بالتصرف المنافي السترداد العين.وأما بالنسبة إلى ما بعد الفسخ فقوالن: بطالن اإلجارة، وصحتها مع غرامة

المؤجر المنفعة التالفة في مدة اإلجارة. واحتمال عود العين مسلوب المنفعة باطلجدا، ألن المنافع المستوفاة في الضمان المعاوضي مضمونة على المستوفي.أما وجه الصحة فهو ما أفاده في المتن من أنه يكفي في ملك المنفعة الدائمة

تحقق الملك المستعدة للدوام لوال الرافع آنا ما.هذا مضافا إلى قياسه على التفاسخ بعد اإلجارة، فإنه ال يلتزم واحد ببطالن

اإلجارة.وأما وجه البطالن فلتبعية ملك المنفعة لملك العين، ال بالمعنى الذي علله به

المحقق القمي: من أنه علم بالفسخ أن المشتري لم يملك منافع ما بعد الفسخ وأناإلجارة كانت متزلزلة ومراعاة بالنسبة إلى فسخ البيع، فإن هذا يستلزم التوقيت

في الملك الذي لم يعهد في الشرع عدا باب الوقف على البطون، بل بمعنى أنه بناءعلى عدم جواز تصرف غير ذي الخيار تصرفا يمنع عن الرد فتصرفه باإلجارة

نظير تصرفه بالنقل إلى الغير حيث إنه ال يمكن مع بقاء العين الحيلولة بينها وبينالمالك. فمجرد عود اإلضافة المالكية من دون رجوع آثار الملك من قدرة المالك

على القلب واالنقالب ال أثر له.وبناء على جواز تصرفه يمكن المنع في المقام أيضا، لمنافاته لتبعية المنافع

للعين فإذا رجعت العين ال بد أن ترجع منافعها أيضا، ولمنافاته لحقيقة الفسخ أيضاألنه يقتضي عود الملك إلى ما كان حين العقد والمفروض أنه كان مع المنفعة،ولمنافاته للتسليم والتسلم المشترط ضمنا في متن العقد، ألن العقد كما يقتضي

(٣٢٠)

Page 322: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

التسليم والتسلم بعد العقد فكذلك يقتضيه بعد الفسخ بعكس ما يقتضيه حين العقد.وصحة اإلجارة تستلزم عدم لزوم تسليم العين إلى الفاسخ، الستحقاق المستأجرأن تكون العين تحت استيالئه فيقتضي أن يستحق المؤجر أخذ ماله دون الفاسخوقياس الفسخ. على اإلقالة إما مع الفارق وإما أن الحكم في المقيس عليه حكم

المقيس، ألنهما لو أقاال مع علمهما باإلجارة فالتزما بكون العين في يد المستأجر.وأما لو آجر أحدهما ما انتقل إليه ثم استقال اآلخر مع جهله فال وجه لصحة اإلقالةوصبر المقيل إلى انقضاء مدة اإلجارة، بل ال بد إما من بطالن اإلجارة أو اإلقالة أو

ثبوت الخيار للمقيل الجاهل. فما أفاده المصنف في أول العنوان وجها لبطالناإلجارة من كونها إبطاال لتسلط الفاسخ على أخذ العين هو الصواب، سواء قلنا

بنفوذ التصرفات الناقلة من غير ذي الخيار أو لم نقل، ألن العين في المقام باقية فيملك المؤجر فيؤثر فسخ ذي الخيار بالنسبة إليها وإذا عادت إليه فال بد أن يكونمسلطا عليها، وهذا ال يجتمع مع صحة اإلجارة المقتضية الستحقاق المستأجر

وضع اليد عليها.قوله (قدس سره): (ثم إنه ال إشكال في نفوذ التصرف بإذن ذي الخيار وأنه يسقط

خياره بهذا التصرف.... إلى آخره).ال يخفى أن نفوذ تصرفه بإذن ذي الخيار واضح جدا، ألنه مالك للمال فعال

والمنع كان لتعلق حق ذي الخيار به فإذا أجاز ارتفع المنع، إنما الكالم في سقوطخياره به، مع أنه ال منافاة بين اإلذن في التصرف الناقل بل اإلتالف وإرادة الفسخ

وأخذ البدل.والمصنف جعل منشأ السقوط أمرين:

األول داللة اإلذن عرفا على االلتزام بالعقد.والثاني أن التصرف المأذون فيه تفويت لمحل هذا الحق.

ولكنك خبير بأن الوجه األول ال يمكن االلتزام به كما أشرنا إليه في خيارالغبن، ألن اإلذن لو كان داال على إسقاط الحق لزم سقوطه ولو لم يتصرف

(٣٢١)

Page 323: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

المأذون، مع أنه ال يلتزم به المصنف وال يمكن االلتزام به، فإنه نظير إذن المرتهنفي بيع الرهن من أنه ال يؤثر في السقوط ما لم يقع البيع من الراهن، ويجوز

رجوعه عن إذنه.نعم، التفصيل بين إذنه في التصرف للثالث ولمن عليه الخيار في محله، فإن

إذنه للثالث كاشف عن الفسخ، ألنه ال معنى ألن يأذن غير المالك في التصرف فيالمال فيجب حمله على الفسخ.

وأما إذنه لمن عليه الخيار في التصرف فيما انتقل عنه إليه فال يدل عليه أنهإمضاء للعقد، ألنه إذن فيما يقتضيه طبع المعاملة.

وبالجملة: كون اإلذن بنفسه إسقاطا مستلزم ألن يكون إذن المرتهن أيضاكذلك، مع أن كونه ملحوظا بلحاظ نفسه عرفا ممنوع جدا، بل المتبادر عند العرف

كونه ملحوظا باعتبار متعلقه وأنه إذن في المسقط، ولذا أنكر القواعد وجامعالمقاصد والمسالك (١) على الميسية (٢) الذي نسب إلى المشهور ذلك.

وكيف كان، فداللة اإلذن بنفسه على إسقاط الخيار ممنوع.وأما الوجه الثاني فهو الصواب الذي ال محيص عنه وإن كان تعليله بقوله

" ألن أخذ البدل بالفسخ فرع تلف العين في حال حلول الحق فيه ال مع سقوطهعنه " قابال للمناقشة، ألن االنتقال بالبدل ليس فرع كون العين متعلقا للحق، فإن

االنتقال إليه في مورد تلف العين مسلم حتى في العقود الالزمة إذا طرأ عليهاالفسخ أو االنفساخ كما لو أقاال وكانت العين تالفة.

فاألولى أن يعلل بما أشرنا إليه في خيار الغبن، وهو أن التصرف المأذون فيهمفوت لمحل الحق، حيث إن الغرض من الفسخ استرجاع الملك السابق إما بعينه

أو ببدله، وكل منهما متعذر، أما العين فلخروجها عن ملك المشتري بالتصرفالناقل أو باإلتالف، وأما البدل فألنه فرع كون العين مضمونة عليه. وبعد كونه

--------------------(١) القواعد ٢: ٦٨، وجامع المقاصد ٤: ٣٠٥ - ٣١١، والمسالك ٣: ٢١٣.

(٢) نقله عن الميسية صاحب مفتاح الكرامة ٤: ٥٨٩ س ٨.

(٣٢٢)

Page 324: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

مأذونا في التصرف ال يمكن أن يكون ضمان العين عليه، فال موضوع النتقالالضمان إلى بدلها، فإذا امتنع الضمان امتنع الفسخ فامتنع الخيار.

قوله (قدس سره): (مسألة المشهور أن المبيع يملك بالعقد وأثر الخيار تزلزلالملك.... إلى آخره).

ال يخفى أن هذا العنوان مقدم طبعا على العنوان السابق، فإن جواز تصرف منعليه الخيار فيما انتقل إليه متفرع على تحقق الملك له قبل انقضاء الخيار، فكان

األنسب تقديمه.وكيف كان، فاألقوى ما عليه المشهور من عدم توقف الملك على انقضاء

الخيار مطلقا، لألدلة العامة والخاصة.أما العامة فألن قوله عز من قائل: * (أحل الله البيع) * (١) ظاهر في أن البيع علة

تامة لجواز التصرف الذي هو من لوازم الملك، وكذلك قوله * (تجارة عنتراض) * (٢) الدال على أن التجارة عن تراض خارجة عن أكل المال بالباطل،

وإطالقهما يشمل البيع الخياري وغيره.وأما الخاصة فمنها: صحيحة يسار بن يسار، عن الرجل يبيع المتاع ويشتريه

من صاحبه الذي يبيعه منه، قال: نعم ال بأس به، قلت: أشتري متاعي؟ فقال: ليسهو متاعك وال بقرك وال غنمك (٣). واالستدالل إنما هو بقوله (عليه السالم) ليس

متاعك البجواز البيع من البائع، حتى يقال بأن البيع منه جائز ولو لم نقل بحصول الملك قبل

انقضاء الخيار.ومنها: ما دل على جواز النظر في الجارية في زمان الخيار إلى ما ال يحل له

قبل ذلك. واإلشكال عليه بأنه نظير حل وطء المطلقة الرجعية الذي يحصل بهالرجوع غير وارد، ألن التصرف في وطء المطلقة الرجعية وقع من ذي الحق

--------------------(١) البقرة: ٢٧٥.(٢) النساء: ٢٩.

(٣) الوسائل ١٢: ٣٧٠، الباب ٥ من أبواب أحكام العقود ح ٣، وفيه " بشار " بدل " يسار ".

(٣٢٣)

Page 325: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فيتحقق به الرجوع، وفي المقام وقع من غير من له الخيار، فلو لم يكن مالكا لكونالعقد خياريا حرم النظر إليه.

وبالجملة: لو قيل بأن تصرف من ال خيار له يوجب سقوط خيار ذي الخيارلم يكن جواز تصرفه كاشفا عن كونه مالكا، إلمكان حصول الملكية بنفس

التصرف إال أن هذا ال دليل عليه.وأما لو كان تصرف ذي الخيار فيما انتقل إليه موجبا لسقوط خياره فتحقق

الرجوع بالوطء في المطلقة الرجعية ال ربط له بالمقام.ومنها: ما دل على أن نماء المبيع للمشتري وتلفه منه في الخيار المشروط بردالثمن، وال شبهة أن تملك المنافع فرع تملك العين. والمناقشة فيه بأنه من قبيل

اشتراط انفساخ البيع برد الثمن ال اشتراط الخيار حتى يكون دليال للمقام ال وجهلها، فإنه خالف ظاهر األدلة - كما اعترف به المصنف (قدس سره) - بل قد تقدم في

تلكالمسألة أن اشتراط االنفساخ بال سبب باطل، وكون نفس هذا الشرط سببا له يلزم

من وجوده عدمه.وبالجملة: داللة هذه األخبار على حصول الملك في زمان الخيار في غاية

الوضوح، بل جميع األخبار الواردة في العينة يدل على حصول الملك في زمانالخيار، فإن بيع المشتري المبيع في المجلس من البائع ال يمكن أن يصح إال أن

يكون مالكا له مع ثبوت خيار المجلس له وللبائع. وما عن المصنف (قدس سره) مناإلشكال فيه بأن تواطئهما على البيع ثانيا موجب لسقوط خيارهما مستشهدا

بتصريح الشيخ بجواز ذلك مع منعه عن بيعه على غير صاحبه في المجلس غيروارد، ألن مجرد التباني والتواطؤ على البيع ثانيا ال يوجب أن يكون العقد الزما،وكما أن التباني على الخيار ال يوجب أن يكون العقد جائزا فكذلك التباني على

البيع ال يقتضي أن يصير الجائز الزما.وما صرح به الشيخ ال يدل على أن إسقاط الخيار ال يتوقف على اإلنشاء،

بل يكفي التباني عليه، الحتمال كون المنع عن بيعه على غير صاحبه ألجل ما بنى

(٣٢٤)

Page 326: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

عليه من عدم حصول الملك في زمان الخيار، وجواز البيع على صاحبه ألجلأخبار العينة الدالة عليه بالخصوص تعبدا.

وكيف كان، فمجرد التباني ال أثر له، وإسقاط الخيار كسائر اإليقاعات يحتاجإلى اإلنشاء.

هذا كله مع أن كلمات القائلين بتوقف الملك على انقضاء الخيار مضطربة غايةاالضطراب، وال ينطبق دليلهم على مدعاهم، فبعضهم يجعل االنقضاء كاشفا،

ومنهم من يجعله ناقال، وبعض محط كالمه الخيار المتصل، وبعض يدعي عدمحصول الملك حتى في الخيار المنفصل، وقد يتفق لشخص واحد قوالن مختلفان.فقد يظهر من الشيخ موافقة المشهور، وقد يظهر منه على ما حكاه المحقق توقفالملك على انقضاء الخيار سواء كان الخيار للبائع أو للمشتري أو لهما، وعبارتهالمحكية عنه في الشفعة صريحة في التفصيل بين ما إذا اختص الخيار بالمشتريفيملك بنفس العقد وبين ما إذا كان للبائع أو لهما فيتوقف على انقضاء الخيار.

والظاهر عدم الخصوصية للمشتري، بل كون أحدهما ذا خيار بحيث يقدرعلى إبطال العقد يوجب أن ال يملك اآلخر إال بعد انقضاء الخيار، فإذا كان الخيارللبائع ال يملك المشتري كالعكس، وإذا كان لهما ال يملك كل منهما. واإلشكال

عليه بأن حصول الملك ألحدهما دون اآلخر يقتضي إما الجمع بين العوضوالمعوض أو بقاء الملك بال مالك وإن كان قابال للدفع بجعل االنقضاء كاشفا ال

ناقال، إال أن أصل المدعى ال دليل عليه، ألن غاية ما استدل له أمور:األول: أن الغرض من الملك هو التصرف الممتنع في زمان الخيار.

وفيه أوال: أنه مبني على عدم جواز التصرف في زمان الخيار.وثانيا: أن التصرف الممتنع ما كان متلفا أو ناقال ال كل تصرف.

وثالثا: ال مالزمة بين امتناع التصرف وعدم حصول الملك.الثاني: صحيحة ابن سنان، عن الرجل يشتري العبد أو الدابة بشرط إلى يوم

أو يومين فيموت العبد أو الدابة أو يحدث فيه حدث على من يكون ضمان ذلك؟

(٣٢٥)

Page 327: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فقال: على البائع حتى ينقضي الشرط ثالثة أيام، ويصير المبيع للمشتري شرط لهالبائع أو لم يشترط قال: وإن كان بينهما شرط أياما معدودة فهلك في يد المشتري

فهو من مال البائع (١) فإن قوله (عليه السالم) " حتى ينقضي الشرط ثالثة أيام ويصيرالمبيع

للمشتري " ظاهر في توقف الملك على انقضاء الخيار، وأما قبله فال يصيرللمشتري.

وفيه: أن ظهوره ال يقاوم صريح قوله (عليه السالم) " ليس متاعك " لقابلية حمله علىاالستقرار أو الطلقية، وفي المقام وإن كان الملك للمشتري طلقا إال أنه ليس

مستقرا عليه بحيث ال يقدر على سلبه عن نفسه إال بأسباب خاصة.وبالجملة: في قوله (عليه السالم) " ويصير المبيع للمشتري " احتماالت ثالثة:

األول حصول الملك له.الثاني صيرورته طلقا.

الثالث صيرورته مستقرا، وال يتنزل إلى الثاني إال بعد تعذر األول، وال إلىالثالث إال بعد تعذر الثاني، إال أنه يتعذر الحمل على أصل الملكية، وكذلك على

الطلقية فيتعين الحمل على االستقرار.الثالث: النبوي المشهور " الخراج بالضمان (٢) " فإنه يدل على أن المنافع بإزاء

الضمان، وينعكس بعكس النقيض إلى أن من ليس ضامنا ليس الخراج له.وبضميمة قاعدة التلف في زمان الخيار ممن ال خيار له ينتج عدم حصول الملكفي زمان الخيار، ألن كون التلف على البائع في زمان خيار المشتري يقتضي أن

يكون منافع المبيع للبائع، ألن كون المبيع في زمان خيار المشتري في ضمانالبائع يقتضي أن يكون المنافع له، فإذا كانت المنافع له لم يحصل الملك للمشتري

وإال كانت المنافع له لتبعيتها للعين.وال يخفى أنه قد استدل بالنبوي لقول المشهور أيضا بتقريب أن المبيع في

--------------------(١) الوسائل ١٢: ٣٥٢، الباب ٥ من أبواب الخيار ح ٢ و ٣ و ٣٥٥، الباب ٨ من أبواب الخيار ح ٢.

(٢) عوالي الآللي ١: ٢١٩ ح ٨٩.

(٣٢٦)

Page 328: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

زمان الخيار المشترك أو المختص بالبائع في ضمان المشتري وخراجه له،وبقاعدة التالزم بين ملك المنفعة وملك العين يثبت حصول الملك بنفس العقد.ولكنك خبير بعدم داللته على كال القولين. أما قول المشهور فلما فيه أوال: أنه

لم يعلم من القائلين بتوقف الملك على انقضاء الخيار التزامهم بكون ضمانه علىالمشتري حتى يكون منافعه له، فيستكشف منه حصول الملك بنفس العقد.وثانيا: أن داللة النبوي على التالزم بين ضمان العين وملك المنافع هو الذي

أفتى به أبو حنيفة في الدابة المستأجرة، وقد أوضحنا ما فيه في المقبوض بالعقدالفاسد، وبينا أن مفاده هو أن الضمان العقدي يقتضي أن يكون المنافع بإزائه، فالينافي تملكه لمنفعته كونه في عهدة الغير بأحد موجبات الضمان - مثل الغصب

واإلتالف - كما ال ينافي كون ضمانه على مالكه أن يكون منفعته لغيره بسبب آخركاإلجارة والعارية.

وأما قول الشيخ ومن تبعه فألن انضمام النبوي إلى قاعدة التلف في زمانالخيار ممن ال خيار له ال ينتج ما نسب إلى الشيخ من التفصيل، بل يدل على

خالفه، فإن الشيخ يعترف بحصول الملك للمشتري مع اختصاص الخيار به، بلانضمامه إليها ال ينتج عدم حصول الملك في زمان الخيار مطلقا، لما ذكرنا من عدم

التالزم بين الملك والضمان، لعدم داللة النبوي على ذلك، بل النبوي ال يدل إالعلى ما هو مقتضى المعاوضة من أن التضمين العقدي بإزاء المنافع، ال أن كون

الشخص ضامنا بإزاء الخراج.وبالجملة: لو كان النبوي داال على أن كل من هو ضامن لشئ فمنافعه له حتى

الغاصب لتم االستدالل به على عدم حصول الملك في زمان الخيار.وأما لو كان ناظرا إلى الضمان المعاوضي فال ربط له بالمقام. وعلى أي حال

االستدالل به منضما إلى قاعدة التلف في زمان الخيار ممن ال خيار له ينتج عدمحصول الملك لذي الخيار، وهذا قول بعض المخالفين للمشهور ومضاد للمحكيعن الشيخ في الخالف، كما أن االستدالل بما دل على كون تلف المبيع من مال

(٣٢٧)

Page 329: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

البائع في زمان الخيار - كصحيحة ابن سنان المتقدمة ونحوها منضما إلى قاعدةالضمان بالخراج - ال يجدي لما نسب إلى الشيخ.

نعم، لالستدالل بنفس هذه األخبار وجه للقول بالتوقف مطلقا، إال أنه قد ظهرمما تقدم أنه ال مالزمة بين الملك والضمان على سبيل اإلطالق، بل إنما يكون

التالزم بينهما فيما لم يكن موجب لضمان غير المالك. وهذه األخبار تدل على أنالبائع ضامن لما انتقل إلى المشتري ما لم ينقض خياره، كما أن مقتضى المعاوضة

أن يكون كل من المتعاقدين ضامنا لما انتقل إلى اآلخر ما لم يسلمه إليه، فهذهاألخبار مخصصة لما يدل على أن بالتسليم يرتفع الضمان، فتدل على أن القبض

في زمان خيار القابض كال قبض.ولنعم ما عبر به الشهيد (قدس سره) عن مفاد قاعدة المعاوضة وهذه األخبار بقوله:

وبالقبض ينتقل الضمان إذا لم يكن خيار (١).وعلى هذا فما أفاده المصنف (قدس سره) في قوله: (فهذه األخبار إما أن تجعلمخصصة ألدلة المشهور بضميمة قاعدة تالزم الملك والضمان أو لقاعدة التالزم

بضميمة أدلة المسألة.... إلى آخره).تبعيد للمسافة، لما عرفت أن مفاد هذه األخبار أن قبض ذي الخيار كالعدم،

وأن الضمان الثابت قبل القبض باق بعد القبض أيضا إلى أن يرتفع الخيار، هذا معأن العلم اإلجمالي بتخصيص أحد العامين يسقط كليهما عن الحجية، والشهرة

ال تنفع في مقام الداللة.قوله (قدس سره): (ثم إن مقتضى ما تقدم من عبارتي المبسوط والخالف من كون

الخالف في العقد المتقيد بشرط الخيار عمومه للخيار المنفصل.... إلى آخره).ال يخفى أنه لو قيل بتوقف الملك على انقضاء الخيار لما علل به بعضهم من أنفائدة الملك التصرف الممتنع في زمان الخيار فالتعدي إلى الخيار المنفصل مبني

--------------------(١) الدروس ٣: ٢١٠ - ٢١١.

(٣٢٨)

Page 330: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

على المسألة السابقة، وهي منع تصرف من عليه الخيار حتى في الخيار المنفصلأو اختصاص المنع بالخيار المتصل.

وحيث قد عرفت أن عدم الجواز كان مختصا بالخيار الفعلي، فعدم حصولالملك أيضا مختص به.

نعم، كان هناك نزاع آخر في الصغرى، وهو أن خيار العيب والغبن والرؤيةكخيار التأخير والتفليس أو أنها كخيار المجلس والحيوان، وظهر أن األقوى كونها

من الخيارات الحاصلة حين العقد وإن توقف إعمال الخيار على العلم بالعيبوالغبن وفقد الوصف.

وكيف كان، فالتخصيص أو التعميم في المقام مبني على التخصيص أو التعميمفي المسألة السابقة.

وقد ظهر أن القدر المسلم هو خيار المجلس والحيوان والشرط المطلق.وأما لو قيل بالتوقف لألخبار المتقدمة الدالة على أن التلف في زمان الخيار

ممن ال خيار له فالتعدي إلى الخيار المنفصل مبني على المسألة اآلتية، وهي أنقاعدة التلف ممن ال خيار له سارية في غير خيار الحيوان والشرط اللذين هما

مورد الروايات.وأما لو اختصت بهما وخيار المجلس على إشكال فيه فال يمكن التعدي إليه.

وكيف كان، فالتعدي وعدمه إما مبني على المسألة المتقدمة أو اآلتية.نعم، بناء على ما اختاره المصنف في كلتا المسألتين من اختصاص كال

الحكمين بخيار الحيوان والشرط والمجلس فال فرق بين أن يكون مدرك القولبتوقف الملك على انقضاء الخيار عدم جواز التصرف في زمان الخيار أو األخبار

المتقدمة.قوله (قدس سره): (مسألة من أحكام الخيار كون المبيع في ضمان من ليس له

الخيار.... إلى آخره).ال يخفى أن هذه القاعدة أي كون التلف في زمان الخيار ممن ال خيار له في

(٣٢٩)

Page 331: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الجملة من القواعد المسلمة بين الفقهاء كقاعدة تلف المبيع قبل قبضه من مالبائعه، وال إشكال في أنها ال تشمل ما إذا كان الخيار للطرفين، ألنه ليس هناك من

ال خيار له حتى يكون التلف منه. وإنما اإلشكال من جهات أخرى.األولى: في شمولها للخيار الثابت للبائع، أو اختصاصها بالمشتري، بأن يكون

تلف المبيع في زمان خيار المشتري على البائع، ال تلف الثمن في مدة خيار البائععلى المشتري.

الثانية: في شمولها لجميع الخيارات، أو اختصاصها بالخيار الزماني كالحيوانوالشرط، أو تعمه وما كان متوسطا بين الزماني وغيره كالمجلس، فإنه ليس زمانيا

ومضروبا في الزمان حتى يكون كخيار الحيوان والشرط، بل هو معنون بعنواناالجتماع المنطبق على الزمان.

الثالثة: في كونها تعبدية صرفة مستفادة من األخبار المتقدمة في المسألةالسابقة، أو أنها مقتضى قواعد باب المعاوضة أيضا.

الرابعة: أن الضمان فيها هل ضمان المعاوضة أي بتلف المبيع يرد الثمن إلىالمشتري أو ضمان اليد فيرجع المشتري إلى البائع بالمثل أو القيمة؟ وكل هذه

الجهات محل الخالف بين األعالم وليس إجماع على إحداها.والمشهور بينهم في الجهة األولى والثانية هو االختصاص، فاختاروا

اختصاص القاعدة بخيار المشتري في خصوص الحيوان والشرط وصرحوا بأنهإذا مات المعيب لم يكن مضمونا على البائع وإن مات بعد العلم بالعيب.

وقيد المحقق الثاني كون الضمان على البائع في االقتصاص من العبد الجانيبما إذا كان في الخيار المخصوص بالمشتري (١) - أي خيار الحيوان - فيظهر من

تقييده أن العبد من جهة العيب ليس في ضمان البائع، مع أن العبد الجاني فيهجهتان من الخيار: كونه معيبا، وكونه حيوانا.

--------------------(١) جامع المقاصد ٤: ٣٤٥.

(٣٣٠)

Page 332: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ولكن يظهر من جماعة من المحققين التعميم بالنسبة إلى الجهتين.فمنهم الشهيد (قدس سره) حيث قال: وبالقبض ينتقل الضمان إلى القابض إذا لم يكن

لهخيار (١).

ومنهم المحقق جمال الدين في حاشية الروضة (٢).ومنهم صاحب الرياض ومفتاح الكرامة (٣).

وحيث إن المسألة خالفية فال بد أوال من تنقيح الجهة الثالثة.فنقول: العقد المعاوضي متضمن اللتزام كل من المتعاقدين بتسليم ما انتقل

عنه إلى طرفه، بحيث إن لكل واحد منهما حق حبسه حتى يسلمه اآلخر، ولو سلمأحدهما وامتنع اآلخر فله إجباره والترافع عند الحاكم، ومع تعذره فله المقاصة منهبإذن الحاكم أو مطلقا وإن تلف مال كل منهما قبل التسليم على اآلخر ولكن هذاإذا لم يكن العقد خياريا. وأما إذا كان خياريا فهو بجميع ما يتضمنه من المدلولالمطابقي وااللتزامي خياري، ألنه ال يمكن أن يكون لذي الخيار حل العقد وكانملزما بما التزم به صريحا أو ضمنا، فال يجب عليه التسليم إلى أن ينقضي خياره،

ولو سلم تبرعا فله استرداده، وهذا بخالف من ليس له الخيار، فإنه ليس لهاالمتناع من التسليم لو طولب به بمقتضى التزامه في ضمن العقد.

نعم، لو امتنع ذو الخيار من التسليم فله المنع أيضا، وله االسترداد أيضا. ولكنكل ذلك ال يقتضي أن يكون تسليم غير ذي الخيار كالعدم، ويبقى ضمانه الثابت

قبل القبض إلى ما بعد القبض قبل انقضاء خيار الطرف، فال بد من قيام دليل تعبديعلى بقاء الضمان بعد خروجه عما هو وظيفته من القبض.

وعلى هذا فانحصر المدرك في األخبار المتقدمة، وهي مختصة بخيارالحيوان والشرط، وال تعم المجلس فضال عن غيره من الخيارات. فالمرجع هو

--------------------(١) الدروس ٣: ٢١٠ - ٢١١.

(٢) حاشية الروضة: ٣٦٤، عند قول (النتقال المبيع إليه).(٣) الرياض ٨: ٢٠٨، ومفتاح الكرامة ٤: ٥٩٩ س ٣٠.

(٣٣١)

Page 333: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

القواعد العامة، وهي تقتضي أن يكون ضمان المال بعد القبض على مالكه الفعلي.وال يقال: إن كون التلف ممن ال خيار له ليس منافيا للقواعد، ألن مرجعه إلى

انفساخ العقد، ورجوع كل مال إلى مالكه األصلي قبل التلف آنا ما ثم التلف منهكما يظهر منه (قدس سره) في المتن.

ألنا نقول: وإن اقتضى االنفساخ ذلك إال أنه بنفسه مخالف للقاعدة، فإن مثلقوله عز من قائل * (أوفوا بالعقود) * يدل على لزوم العقد وعدم انفساخه بال

موجب، وبدون االنفساخ يمتنع أن يكون تلف المقبوض على غير قابضه. وهكذااألدلة الدالة على أن تلف المبيع في العقد الخياري المشروط برد الثمن على

المشتري تدل على أن القبض موجب ألن يكون تلف المال على مالكه، وكذلكاألدلة الدالة على التفصيل بين صورة القبض وعدمه. فال نحتاج إلى استصحاب

عدم االنفساخ حتى يقال: إن أصالة الضمان الثابت قبل القبض حاكم عليه، ألنالشك في االنفساخ مسبب عن الشك في الضمان.

هذا مضافا إلى أن األدلة االجتهادية على خالف االستصحاب، ألن الضمانلو كان جعليا وكان مقتضى الشرط الضمني فالجعل مقيد بعدم التسليم، وأما لو كان

شرعيا فقوله (عليه السالم) " حتى يخرجه من بيته " يدل على انتهاء الضمان باإلخراجالذي

هو كناية عن التسليم.نعم، لو قلنا بكون الضمان قبل القبض تعبديا مع عدم تعرض دليل التعبد لحكم

الضمان بعد القبض كان لالستصحاب مجال.وبالجملة: لو كان الضمان شرعيا صح االستصحاب لو شك في بقائه بعد

القبض، وأما لو كان للشرط الضمني فيرتفع موضوعه بالتسليم، وثبوته بعده إنماهو بسبب آخر مشكوك الحدوث فاستصحابه داخل في القسم الثالث من

استصحاب الكلي، إال أن يقال بحجيته فيما كان المرتفع والمشكوك من سنخواحد، والتفاوت بينهما إما بالشدة والضعف أو بحسب الدقة العقلية دون المسامحة

العرفية كالحركة المتحصلة من أمور متبائنة.

(٣٣٢)

Page 334: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبالجملة: مقتضى العمومات ورواية عقبة بن خالد " في رجل اشترى متاعامن رجل وأوجبه غير أنه ترك المتاع عنده ولم يقبضه قال: آتيك غدا إن شاء الله،

فسرق المتاع من مال من يكون؟ قال: من مال صاحب المتاع الذي هو في بيتهحتى يقبض المال ويخرجه من بيته، فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه

حتى يرد إليه حقه (١) أن المال بعد القبض في عهدة مالكه وال يضمنه غيره حتىيقال باالنفساخ. فلو نوقش في داللة األخبار الواردة في خيار المشروط برد

الثمن على كون الضمان بعد القبض على المالك ولو كان ذا خيار - بأن يقال: هذهاألخبار تدل على ضمان المشتري الذي ال خيار له المبيع المنتقل إليه وال تعرض

فيها لضمان البائع الذي هو ذو الخيار الثمن الذي انتقل إليه فال تنافي قاعدة التلففي زمان الخيار ممن ال خيار له - لكفى العمومات ورواية عقبة. والقدر المسلم

من قاعدة التلف في زمان الخيار هو خيار الحيوان والشرط الثابتان للمشتري.وال وجه للتعدي إلى سائر الخيارات وال إلى الخيار الثابت للبائع إال توهم

استفادة العلية من قوله " حتى ينقضي الشرط ويصير المبيع للمشتري " بأن يقال:كل من لم يستقر عليه المال لكونه ذا خيار يقدر أن يسلب ملكيته عن نفسه فتلفماله على غيره، أي بالتلف ينفسخ المعاملة ويصير التالف قبل التلف آنا ما في ملك

من ال خيار له ثم يتلف من ماله، وعلى هذا فال فرق بين الخيار الثابت للبائعأو المشتري، وال بين خيار الحيوان والشرط وغيرهما من خيار المجلس وخيار

تخلف الشروط الضمنية.ولكنه فاسد، ألن كلمة " حتى " قلما تستعمل في العلية، ومعناها غالبا هي

الغاية، مع أن استفادة العلية منها تؤثر لو أحرز كونها علة للمجعول ال الجعلوالتشريع.

هذا مضافا إلى أن الظاهر من قوله (عليه السالم) " إن كان بينهما شرط أياما معدودة "--------------------

(١) الوسائل ١٢: ٣٥٨، الباب ١٠ من أبواب الخيار ح ١.

(٣٣٣)

Page 335: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

أن يكون الشرط أمرا مضبوطا له أمد محدود، وأن يكون نفس الخيار مجعوالبينهما بجعل شرعي كخيار الحيوان، أو بجعل منهما كخيار الشرط، ال أن يكون

الشرط أمرا آخر يوجب تخلفه الخيار كاشتراط التساوي والصحة والوصف.وعلى هذا فال يشمل الدليل خيار المجلس وإن كان مجعوال شرعيا، فضال

عن الخيارات الثالثة. ال سيما لو قلنا بحدوثها بعد العلم بالعيب والغبن وفقدالوصف.

أما خيار المجلس فلعدم كونه مضبوطا وليس له أمد محدود، فإن األيام فيقوله (عليه السالم) " أياما معدودة " وإن لم تكن لها خصوصية بل تشمل شرط الخيار

الساعة والساعات، إال أنها ال بد أن تكون معدودة محدودة.وأما الخيارات الثالثة فألنها ليست شرطا مجعوال ابتداء، وإلغاء جميع

الخصوصيات وجعل المناط كون العقد في معرض الزوال ليس قطعيا، بل هو أشبهشئ بالقياس، سيما إذا قلنا بما ينسب إلى المشهور من كون ظهورها موجبا

للخيار، فإنه يلزم تبدل الضمان وانتقاله من المغبون مثال إلى الغابن، وهذا بعيد كماأفاده المصنف (قدس سره) من عدم شمول الرواية التزلزل المسبوق باللزوم.

نعم، لو قيل بالتعدي إلى خيار المجلس فله وجه، ألن منتهاه وإن لم يكنمضبوطا إال أن كونه محدودا بزمان االفتراق مضبوط، فكما يتعدى من األيام إلىالساعات قطعا يتعدى إلى عدم االفتراق وبقاء المجلس، مع أنه في السنخ متحدمع الخيارين في كونه مجعوال. هذا بالنسبة إلى سائر الخيارات الثابتة للمشتري.

وأما التعدي من حيث المثمن إلى الثمن، فدعوى القطع باتحادهما مناطاليست جزافية - كما أفاده المصنف (قدس سره) - بل دعوى القطع بعدم الخصوصية

للمشتري وكون التالف مبيعا مسموعة، إذ ال منافاة بين ذلك وقاعدة كون ضمانالمال على مالكه، فإنها ليست تعبدية حتى تصلح للمعارضة مع قاعدة تلف المال

ممن ال خيار له، بل هي من األمور االرتكازية المرتفعة بكل ما دل على أن ضمانالمال على غير مالكه حتى استصحاب الضمان الثابت قبل القبض. بل ولو قيل

(٣٣٤)

Page 336: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

بأنها قاعدة تعبدية إال أنه ال شبهة في كونها مخصصة بقاعدة التلف قبل القبض، فلوشك بعد القبض في بقاء الضمان فالمرجع هو استصحاب حكم الخاص ال عموم

القاعدة، كما ظهر وجهه في خيار الغبن.فالعمدة في دفع المنافاة بين القاعدتين ما ذكرناه من تخصيص قاعدة كون

تلف المال على مالكه بقاعدة التلف، ال ما أفاده (قدس سره) " من أن المراد منالضمان

انفساخ العقد فال منافاة " لما عرفت من أن االنفساخ بال موجب هو بنفسه مخالفللقاعدة، واالنفساخ قبل القبض إنما هو للشرط الضمني، أو لدليل تعبدي وهو

قوله (عليه السالم): كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه.وحاصل الكالم: أنه يمكن دعوى القطع باتحاد المناط، وأنه ال خصوصية

لتلف المبيع عند المشتري: ولو أنكرنا ذلك فاستصحاب الضمان الثابت قبل القبضكاف في حكومته على قاعدة كون تلف المال على مالكه، وليس تقديريا وال شكا

في المقتضى كما ال يخفى.وال يعارضه استصحاب عدم االنفساخ، فإن الشك فيه مسبب عن الشك في

الضمان، واألصل السببي حاكم على المسببي.قوله (قدس سره): (نعم يبقى هنا أن هذا مقتض لكون تلف الثمن في مدة خيار البيع

الخياري من المشتري.... إلى آخره).ال يخفى أن االلتزام بالتعميم ال محذور فيه، فإذا تلف الثمن عند البائع ينفسخ

البيع، ويرد المبيع إليه من دون أن يكون ضمان الثمن عليه. وتوهم أن جعل الخيارللبائع بشرط رد الثمن مرجعه إلى أن ال يرد المبيع إليه إال بعد رد الثمن فكأنه

اشترط أن ال يكون ضمان الثمن على المشتري فاسد، ألنه بعد االلتزام بالتعديمن مورد النص إلى تلف الثمن في زمان خيار البائع لتنقيح المناط أو الستفادته

من العلة المنصوصة في األخبار وهي " حتى ينقضي الشرط ويصير المبيعللمشتري " فشرط عدم كون تلف الثمن في زمان خيار البائع من المشتري مخالف

للكتاب، فيكون كما لو اشترطا عدم ضمان كل منهما لما انتقل عنه قبل القبض.

(٣٣٥)

Page 337: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

بل لو قلنا بأن القاعدة ليست تعبدية وإنما هي من مقتضيات الضمان المعاوضيفشرط عدم كون تلف الثمن من المشتري في زمان خيار البائع فاسد أيضا، لكونه

منافيا لمقتضى العقد.وبالجملة: بناء على التعدي إلى الثمن وعدم الفرق بين الخيار المتصل

والمنفصل فال محيص عن االلتزام باطراد القاعدة وشمولها لخيار البائع المشروطبرد الثمن كما أفاده (قدس سره) في قوله: (فاألولى االلتزام بجريان هذه القاعدة إذا

كانالثمن شخصيا.... إلى آخره).

ثم ال يخفى أنه ال فرق في الثمن والمثمن من حيث الكلية والشخصية أيضا،والقاعدة تختص بالشخصي دون الكلي.

وتوضيح ذلك: أنه لو كان أحد العوضين أو كل واحد منهما كليا فمقتضىالمعاوضة بقاء الكلي في ذمة من أنتقل عنه إلى أن يسلم الفرد المنطبق عليه الكليإلى المنتقل إليه. فلو سلم غير المنطبق عليه عنوانا - كالشعير بدال عن الحنطة -فهذا التسليم كالعدم، لعدم وقوع العقد على ما ينطبق على المقبوض، فيجب عليه

اإلبدال، وال خيار للمنتقل إليه بال إشكال.وأما لو سلم غير المنطبق عليه وصفا - كالمعيب بدال عن الصحيح وغير

الكاتب بدال عن الكاتب - فمقتضى القاعدة أيضا اإلبدال، لعين ما ذكرناه فيتخلف العنوان، إال أن الظاهر من بعض الفقهاء هو التخيير بين اإلبدال والخيار بينالفسخ واإلمضاء، بل إذا كان معيوبا فالتخيير بين الرد واألرش واإلبدال. والظاهر

أن ذلك جمع بين المتناقضين، إذ لو تعين الكلي في الفرد المقبوض فتخلف الوصفال يقتضي إال الخيار دون اإلبدال، وإن لم يتعين فيه فالمتعين هو اإلبدال ال التخيير

بينه وبين الخيار إال أن يقال: إن الجمع بينهما إنما هو للجمع بين القاعدة وأدلةالخيار، فإن القاعدة تقتضي اإلبدال، لعدم كون المقبوض مما ينطبق عليه ما وقعالعقد عليه. وأدلة الخيار مثل قوله (عليه السالم) " فإن خرج السلعة معيبا وعلم

المشتري

(٣٣٦)

Page 338: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فالخيار إليه إن شاء رده وإن شاء أخذه أو رد عليه بالقيمة أرش العيب " (١) تقتضيالتخيير بين الرد - أي فسخ المعاملة - واإلمضاء بال أرش أو معه فتأمل.

وكيف كان، فالخروج عن عهدة الكلي ثمنا كان أو مثمنا إنما هو بأداء الفردالمنطبق عليه عنوانا ووصفا، فإذا أداه كذلك فال ضمان عليه لوال قاعدة الضمان

في زمان الخيار، ولكن حيث قد عرفت أن معنى القاعدة هو انفساخ العقد بالتلفوأن الضمان المعاوضي الثابت قبل القبض باق بعد القبض فال وجه لشمول القاعدةلتلف الفرد المقبوض من الكلي، ألن تلف الفرد ال يقتضي إال صيرورة الكلي كغيرالمقبوض، فال وجه النفساخ العقد به، وال جامع بين صيرورة العقد كالعدم - كمافي تلف الشخصي - والقبض كالعدم، والمفروض شمول القاعدة لتلف الشخصي

فال تشمل الكلي.نعم، لو قيل بأن معناها ثبوت الضمان الواقعي ال المسمى فال مانع من شمولها

للكلي، ألن العقد بناء عليه ال ينفسخ حتى يكون الشخصي مبائنا مع تلف الفردالمقبوض من الكلي.

وبالجملة: إذا قلنا بأن معنى القاعدة أن الضمان الثابت قبل القبض ال يرتفعبالقبض في زمان الخيار وأن الضمان المعاوضي باق، فالفرق بين تلف الشخصي

والفرد من الكلي واضح، فإن تلف المبيع الشخصي إذا كان في زمان خيارالمشتري على البائع بمقتضى النصوص يقتضي انفساخ العقد ال محالة ورجوعالمبيع إلى ملك البائع آنا ما حتى يكون التلف من ماله، وهذا بخالف الفرد من

الكلي، فإنه يمكن أن يكون من البائع بال انفساخ المعاملة.ومما ذكرنا ظهر وجه األمر بالتأمل في قول المصنف، وهو أن انفساخ العقدال عين له وال أثر في األخبار حتى يكون لزومه في الشخصي وعدم لزومه في

الكلي منشأ للفرق بينهما، بل كون التلف من ملك البائع بناء على ظهور الخبر--------------------

(١) لم نعثر عليه بهذا اللفظ ولكن انظر الوسائل ١٢: ٣٦٢، الباب ١٦ من أبواب الخيار،و ص ٤١٤ الباب ٤ من أبواب أحكام العيوب، وانظر البحار ١٠٠: ١١٠ ح ١١.

(٣٣٧)

Page 339: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

في ذلك هو الموجب للفرق بينهما، فإنه في الشخصي ال يستقيم إال باالنفساخ،وهذا بخالفه في الكلي. ولذا لو قلنا بأنه ليس معنى قوله " من البائع " كون التالفملكا له، بل معناه أن خسارته عليه فال حاجة إلى فرض االنفساخ بال فرق بينهما.قوله (قدس سره): (ثم إن ظاهر كالم األصحاب وصريح جماعة منهم كالمحقق

والشهيد الثانيين أن المراد بضمان من ال خيار له لما انتقل إلى غيره هو بقاءالضمان الثابت قبل قبضه.... إلى آخره).

هذه هي الجهة الرابعة التي أردنا تنقيحها، فنقول: االحتماالت في المراد منالضمان ثالثة:

األول: هو الضمان المعاوضي كالضمان في قاعدة تلف المبيع قبل قبضه،فمفاد النصوص في المقام أن الضمان الثابت قبل القبض باق بعده، إذا كان

للمشتري خيار فالقبض في زمان الخيار كالعدم.وهذا هو الظاهر من الشهيد في الدروس حيث قال: وبالقبض ينتقل الضمان

إال إذا كان خيار (١) فمعنى كون تلف المبيع في زمان خيار المشتري من مال البائعهو

انفساخ المعاملة وانتقال المبيع إلى البائع آنا ما قبل التلف.وعلى هذا، ال يمكن أن يقيد االنتقال إليه بما إذا فسخ المشتري، ألن العقد

بمجرد التلف ينفسخ قهرا، فيرتفع موضوع حق الفسخ، ألن بقاءه ببقاء العقد.الثاني: هو الضمان الواقعي أي المثل والقيمة المعبر عنه بضمان اليد، فمفاد

الروايات أنه لو تلف المبيع في زمان خيار المشتري فغرامته على البائع، سواءفسخ المشتري أم لم يفسخ.

غاية األمر أنه لو فسخ يسترجع الثمن وال شئ عليه للبائع، ولو لم يفسخيأخذ المثل أو القيمة. فالفرق بين هذا االحتمال واالحتمال األول يظهر في صورة

عدم الفسخ، وأما في صورة الفسخ فال فرق بينه وبين االنفساخ في أنه يسترجعالثمن.

--------------------(١) الدروس ٣: ٢١١ والعبارة هكذا: وبالقبض ينتقل الضمان إلى القابض إذا لم يكن له خيار.

(٣٣٨)

Page 340: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الثالث: هذا االحتمال مع تقييد الضمان على البائع بما إذا فسخ المشتري،وأما لو لم يفسخ فال شئ له.

ثم ال يخفى أنه بناء على التقييد ال وجه لالحتماالت الثالثة في قوله (قدس سره):(فيحتمل أنه يتخير بين الرجوع على البائع بالمثل أو القيمة وبين الرجوع بالثمن،

ويحتمل تعين الرجوع بالثمن، ويحتمل أن ال يرجع بشئ.... إلى آخره).ألنه إذا قيد التلف على البائع بصورة فسخ المشتري فال وجه للرجوع إليه في

صورة عدم الفسخ.هذا مضافا إلى أنه ال يعقل التخيير بين الرجوع إلى الثمن وإلى المثل أو

القيمة، ألن الرجوع إلى الثمن - أي المسمى - إنما هو النفساخ المعاملة فال يجتمعمع بقائها.

وكيف كان، فأقوى االحتماالت هو الوجه األول، ألن الظاهر من النصوصأن الضمان السابق باق بعد القبض في زمان الخيار.

نعم، قد يرد عليه إشكاالن:األول: أن في صحيحة ابن سنان فرض األعم من تلف الوصف أو تلف العين،

فقال: فيموت العبد أو الدابة أو يحدث فيه حدث على من يكون ضمان ذلك إلىآخره (١) وال معنى ألن تكون األوصاف مضمونة بالمسمى، لعدم وقوع شئ من

الثمن بإزائها في عقد المعاوضة، وال يمكن الجمع بين الضمانين في قوله " على منيكون ضمان ذلك "؟ فيتعين إرادة الضمان بالمثل أو القيمة في تلف العين أو

الوصف.وفيه: أن الضمان الواقعي وإن كان هو الظاهر من لفظ الضمان أو منصرفه

ولكنه إنما يراد منه لو لم تكن قرينة على خالفه، ومع تعهد الضامن ضمان المسمىوإمضاء الشارع له ال معنى ألن يراد الضمان الواقعي، فينحصر إرادة ذلك فيما إذالم يكن في البين تسمية كما لو قيل " ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه " أو لم

--------------------(١) الوسائل ١٢: ٣٥٢، الباب ٥ من أبواب الخيار ح ٢.

(٣٣٩)

Page 341: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

يمض الشارع المسمى كما في المقبوض بالعقد الفاسد، فإذا فرض أن الرواياتدلت على أن القبض كالعدم وأن الضمان السابق باق فال معنى ألن يراد منها

الضمان الواقعي.نعم، لو دلت على ارتفاع الضمان السابق بالقبض وجعل ضمان على حدة بعد

القبض كان الظاهر منه أو منصرفه هو الضمان الواقعي، وهذا خالف ظاهر السؤالأيضا، فإن قوله " على من يكون ضمان ذلك " ال يمكن أن يكون سؤاال عن ضمان

اليد، لوضوح أنه على من تلف العين في يده. وأما اتحاد معنى الضمان في تلفالوصف وتلف العين فهو وإن كان كذلك، إال أن نتيجة كون الوصف في ضمان من

ليس له الخيار أن عهدة الوصف عليه أيضا بعد القبض كما يكون عليه عهدةالموصوف، وتلف الموصوف يقتضي االنفساخ.

وأما تلف الوصف فال يقتضي إال بقاء خيار تخلفه دون الغرامة ال بالضمانالواقعي وال بالمسمى.

وبالجملة: الضمان في كليهما بمعنى واحد، وهو أن عهدة الوصف والموصوفعلى من ال خيار له، فلو أسقط المشتري خيار الشرط أو انقضى مدته فله إعمال

الخيار بالنسبة إلى فقد الوصف.وعلى أي حال ال يقع بإزائه شئ من الثمن فال يوجب تخلفه الغرامة.

نعم، قد ثبت في تخلف وصف الصحة التخيير بين األرش والخيار تعبدا،ال لكونه مقتضى المعاوضة.

الثاني: أن الضمان بالمسمى قد ارتفع بالقبض، لخروج كل واحد منالمتعاقدين عن عهدة ما ضمنه، وبالقبض انتقل الضمان بالمثل أو القيمة وانعكس

األمر به أيضا، فصار كل منهما ضامنا لما انتقل إليه، فلو دل دليل على ضمان كلمنهما لما انتقل عنه بعد القبض أيضا يؤخذ بظاهره وهو الضمان الواقعي.وفيه: أن مفاد الدليل لو كان عدم تأثير القبض في رفع الضمان ال تشريع

ضمان على حدة فالزمه بقاء الضمان السابق وهو المسمى، وهذا هو الظاهر من

(٣٤٠)

Page 342: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (عليه السالم) " على البائع حتى ينقضي الشرط ثالثة أيام ويصير المبيع للمشتري "ألن

معناه أن القبض ليس غاية للضمان، بل الغاية انقضاء شرطه واستقرار الملك عليهبحيث ال يقدر أن يسلب الجدة االعتبارية عن نفسه.

وعلى هذا، فتأمل المصنف في عبارة الدروس بقوله: " والعبارة محتاجة إلىالتأمل من وجوه عديدة " في محله.

وإشكاله تارة يرجع إلى المبنى، وأخرى إلى المعنى.أما األول: فوارد على ما هو ظاهر كالمه في قوله " وبعده ال يبطل الخيار " (١) منأن القبض يرفع الضمان المعاوضي وأن الضمان في مدة الخيار ضمان واقعي، وهومناف لقوله في مقام آخر " وبالقبض ينتقل الضمان إال أن يكون خيار " فإن ظاهره

أن القبض كالعدم والضمان المعاوضي باق.وأما الثاني: فوارد على جملتين من كالمه:

األولى: قوله " فلو فسخ البائع رجع بالبدل في صورة عدم ضمانه " فإن هذاالكالم تفريع على قوله " وبعده ال يبطل الخيار " أي لو قلنا بأن التلف في زمان

الخيار ال يوجب سقوط الخيار - كما هو مسلم في الجملة - فلو كان ذو الخيار هوالبائع وتلف المبيع عند المشتري كما هو مورد البحث وفسخ البائع يرجع إلى

المشتري ببدل المبيع إذا لم يكن البائع ضامنا، وهذا القيد األخير ال يستقيم أصال،ألنه ال يمكن رجوعه إلى المشتري إال إذا كان الخيار مختصا به وال يكون مشتركا

وال مختصا بالمشتري.أما في الخيار المختص بالمشتري فبما عرفت أن المشتري يرجع إلى البائع،

وأما في الخيار المشترك فألن ضمان كل منهما ال يمنع أن يرجع كل منهما إلىاآلخر، فلو تلف المبيع عند المشتري وفسخ البائع يرجع إلى بدل المبيع مع كونه

ضامنا للثمن، بمعنى أنه لو تلف عنده يرجع المشتري إليه ببدله، فال يختص رجوع--------------------

(١) الدروس ٣: ٢٧١.

(٣٤١)

Page 343: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

البائع إليه بالبدل بصورة عدم ضمانه. هذا، مع أن الضمير في قوله " عدم ضمانه "يرجع إلى المبيع ال إلى الثمن، كما هو واضح.

وبالجملة: لو كان الخيار مختصا بالبائع فال يتصور كونه ضامنا حتى يقيدرجوعه بالبدل بصورة عدم ضمانه، وال يمكن فرض المسألة في تلف الثمن عند

البائع مع كونه ذا خيار.أما أوال فألن ظاهر قوله " ال يبطل الخيار وإن كان التلف من البائع كما إذا

اختص الخيار بالمشتري " (١) هو اختصاص القاعدة بتلف المثمن، وإال كان حقالتعبير أن يقال: وإن كان التلف ممن تلف عنده كما لو كان الخيار لطرفه حتى

يشمل الثمن أيضا.وأما ثانيا فألنه لو فرض تلف الثمن عند البائع وقلنا بأن التلف ال يسقط

الخيار، فمقتضاه أنه لو فسخ يسترجع المبيع، ولو لم يفسخ يسترجع بدل الثمن.وعلى أي حال ليس هو ضامنا مع اختصاص الخيار به، فال وجه للتقييد. وال

يمكن فرضها في إتالف البائع المبيع عند المشتري حتى يتصور ضمانه مع كونه ذاخيار، أما أوال فألن اإلتالف موجب لسقوط خياره.

وأما ثانيا فألن القاعدة ال تشمل اإلتالف.وأما ثالثا فألن مفروض الشهيد (قدس سره) هو التلف.

الثانية: قوله (قدس سره) " ولو أوجبه المشتري في صورة التلف قبل القبض لم يؤثر فيتضمين البائع المثل أو القيمة " (٢) فإن إيجاب المشتري إما بعد التلف أو قبله.

فإذا كان بعده فال محل له، ألن خياره سقط بانتفاء الموضوع الرتفاع العقدوانفساخه بالتلف قبل القبض، فال موقع لقوله " لم يؤثر في تضمين البائع " ألنه

لم يكن إيجابه قابال ألن يؤثر حتى يقال: لم يؤثر.وإذا كان قبله فإيجابه غاية األمر يجعل العقد غير خياري، وال أثر لكون العقد

--------------------(١) الدروس ٣: ٢٧١.(٢) الدروس ٣: ٢٧١.

(٣٤٢)

Page 344: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الزما إلبطال أثر التلف قبل القبض، فإن العقد سواء كان خياريا أم لم يكن يبطلبالتلف الطارئ قبل القبض، فإذا تلف المبيع يرجع الثمن إلى المشتري قهرا.

وال وجه ألن يكون بدل المبيع من المثل أو القيمة راجعا إليه.وبعبارة أخرى انفساخ العقد بالتلف قبل القبض ال يختص بالبيع الخياري،

فسقوط الخيار ال يوجب بقاء العقد حتى يضمن البائع بدل المبيع، فعلى أي تقديرقوله (قدس سره) " لم يؤثر إلى آخره " توضيح الواضح.

نعم يمكن توجيهه بأن تكون هذه الجملة توطئة للجملة األخيرة، وهي قوله" وفي انسحابه فيما لو تلف بيده في خياره نظر " (١) فيكون حاصل الجملتين هو

الترديد بين الوجه الثاني والثالث من الوجوه المتقدمة، بأن يكون الضمان واقعيامطلقا أو مقيدا بصورة الفسخ، فلو لم يفسخ المشتري بل أوجب العقد في زمانالخيار فهل يؤثر في تضمين البائع المثل أو القيمة أو ال يؤثر؟ وجهان، فلو كان

مقيدا ال يؤثر - أي ال يوجب تضمينا - ولو كان مطلقا يؤثر.قوله (قدس سره): (ثم إن الظاهر أن حكم تلف البعض حكم تلف الكل.... إلى

آخره).ال يخفى أن تلف البعض موجب النفساخ المعاوضة بالنسبة إليه كتلف الكل،ألن األبعاض يقسط عليها الثمن، فتلف البعض في زمان الخيار في ضمان من

ال خيار له.وأما تلف الوصف فهو وإن كان في ضمانه، بمعنى أنه يوجب الخيار سواء كانقبل القبض أو بعده، إال أنه ال وجه النفساخ المعاملة به من غير فرق بين وصف

الصحة وغيره، لعدم وقوع شئ من الثمن بإزائه.نعم، بين وصف الصحة وغيره فرق من جهة أخرى، وهو أن في تلف وصف

الصحة يتخير المالك بين الرد واألرش دون غيره.وعلى أي حال ال فرق بينهما من جهة االنفساخ، وقد تقدم في خيار الغبن

في ذيل عنوان التغيير ما يوضح ذلك فراجع.--------------------

(١) الدروس ٣: ٢٧١.

(٣٤٣)

Page 345: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره): (وأما إذا كان بإتالف ذي الخيار سقط به خياره.... إلى آخره).ال يخفى أن مورد القاعدة مثل مورد قاعدة التلف قبل القبض هو التلف

السماوي لقوله (عليه السالم) " فهلك في يد المشتري " (١) وأما اإلتالف فله أحكامأخر،

وتقدم اإلشارة إليها إجماال في خيار الغبن.فنقول توضيحا لما تقدم وتنبيها على عبارة المتن: إن صور اإلتالف كثيرة،ألنه تارة يكون بفعل البائع، وأخرى بفعل المشتري، وثالثة بفعل األجنبي.

وعلى التقادير تارة يكون الثمن تالفا، وأخرى المثمن.وعلى التقادير تارة يكون قبل القبض، وأخرى بعده.

وعلى التقادير تارة يكون الخيار ألحدهما أو كليهما، وأخرى ال يكون خيارمطلقا.

وهذه الصور تجري في إتالف البعض أو الوصف والوصف، تارة يكونوصف الصحة، وأخرى غيره من األوصاف.

وكيف كان، فال شبهة في أنه لو أتلف ذو الخيار ما انتقل إليه سقط به خياره،ولو أتلف ما انتقل عنه فإتالفه فسخ للمعاملة، ألن كال من اإلتالف فيما انتقل إليهوفيما انتقل عنه تصرف منه، وتصرفه فيما انتقل إليه إجازة وفيما انتقل عنه فسخ

بالشرائط المتقدمة، بأن ال يكون لالختبار أو الغفلة ونحو ذلك.وأما لو كان لالختبار، أو الغفلة أو الجهل بسبب الخيار - كإتالف المغبون ما

انتقل إليه قبل اطالعه على الغبن - فليس إجازة كما تقدم في خيار الغبن.وعلى هذا، فلو أتلف ذو الخيار ما انتقل عنه غفلة قبل إقباضه إلى من أنتقل

إليه ال يكون إتالفه فسخا، بل يكون موجبا للخيار لمن أنتقل إليه لتعذر التسليم،كما لو أتلفه األجنبي قبل القبض.

وبالجملة: إتالف ذي الخيار ما انتقل إليه سواء وقع قبل القبض أو بعده--------------------

(١) الوسائل ١٢: ٣٥٥، الباب ٨ من أبواب الخيار ح ٢.

(٣٤٤)

Page 346: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

استيفاء لماله وإسقاط لخياره بالشرائط المتقدمة، وإتالفه ما انتقل عنه مطلقا فسخللمعاملة بالشرائط المتقدمة، ومع فقد الشرائط يختلف حكم القبض وبعده، فإنه

لو وقع قبله يوجب الخيار للمنتقل إليه، وأما لو وقع بعده فال يوجب الخيار،هذا حكم إتالف ذي الخيار.

وأما إتالف غير ذي الخيار واألجنبي فال يبطل خيار ذي الخيار وتقدمحكمهما في خيار الغبن، فلنرجع إلى العبارة فنقول: مفروض كالمه (قدس سره) هو

تلفالمبيع في يد المشتري الذي له الخيار وينطبق ما أفاده على الفروض إلى قوله:

وإن كان بإتالف أجنبي.وأما من قوله: (وإن كان بإتالف أجنبي تخير أيضا بين اإلمضاء والفسخ، وهل

يرجع حينئذ بالقيمة إلى المتلف أو إلى صاحبه أو يتخير؟ وجوه.... إلى آخره).فكأنه ينعكس الفرض وهو إتالف األجنبي ما انتقل عن ذي الخيار وهو

الثمن، كما هو ظاهر غير موضع من كالمه.منها: قوله " وهل يرجع حينئذ " فإن الظاهر أن ضمير " يرجع " راجع إلى ذي

الخيار، ولو كان المبيع تالفا ال يستقيم، سواء أمضى العقد أو فسخ، ألنه لو أمضاهفليس له الرجوع إلى صاحبه، الستقرار الثمن في ملك البائع بإمضاء المشتري،

ولو فسخه ليس له الرجوع إلى الغاصب، ألن المبيع بمجرد الفسخ ينتقل إلى البائع،فله الرجوع إلى الغاصب، أو إلى ذي الخيار، ال أن ذا الخيار مخير.

نعم، لو كان ضمير " يرجع " راجعا إلى المفسوخ عليه ينطبق على فرض المقاموهو تلف المبيع عند المشتري، إال أنه خالف الظاهر.

وأما لو فرض كون اإلتالف واقعا على الثمن المنتقل إلى البائع ففسخالمشتري فللترديد بين رجوعه إلى المتلف أو إلى صاحبه وجه.

ومنها: قوله " وألن الفسخ موجب لرجوع العين قبل تلفها في ملك الفاسخ إلىآخره " ألن رجوع المبيع التالف في ملك الفاسخ - أي المشتري - ال معنى له، بل

فسخ المعاملة يقتضي رجوع الثمن إليه.

(٣٤٥)

Page 347: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ومنها قوله: أو العتبارها عند الفسخ ملكا تالفا للفاسخ إلى آخره.ومنها قوله: الفاسخ في السطر األخير من هذا العنوان.

ومنها قوله بعد ذلك: ومن كون يد المفسوخ عليه يد ضمان.نعم، ينطبق العبارة على المقام إذا قلنا بأنها غلط من قلم الناسخ، وأن الصحيحهو " المفسوخ عليه " بدل " الفاسخ " في المواضع الثالثة، و " الفاسخ " بدل

" المفسوخ عليه " في قوله: ومن كون يد المفسوخ عليه يد ضمان كما ال يخفى.وهكذا، ال بد من التصرف في لفظي الثمن والمثمن، فإن انطباقها على المقام

يصح، بأن تكون العبارة هكذا: ومن أنه إذا دخل الثمن في ملك من تلف المثمنفي ملكه.

وكيف كان، فانطباق العبارة على المقام يحتاج إلى التصرف فيها. وأما لوجعلنا قوله " إن كان بإتالف أجنبي إلى آخره " إعراضا عنه وبيانا للقاعدة الكلية

فإذا أتلف الثمن ولم يفسخ المشتري يرجع البائع إلى المتلف بال شبهة.وأما لو فسخ فتارة يفسخ بعد رجوعه إلى المتلف، وأخرى قبله، فإذا فسخ بعد

رجوعه إليه فال إشكال أيضا، ألن الثمن كان ملكا للبائع ورجع مالكه إلى المتلفوبرأ ذمة المتلف، وفسخ المشتري ال يوجب إال تعلق حقه ببدل الثمن الذي هو في

عهدة البائع ال المتلف.وأما لو فسخ قبل رجوع البائع إلى المتلف فهنا محل الوجوه الثالثة: من تعين

الرجوع إلى البائع، أو المتلف، أو التخيير، ومبنى الوجوه قد تقدم في خيار الغبن،وقلنا: إن األقوى هو التخيير كما هو مقتضى ضمان شخصين لمال واحد، كما في

تعاقب األيدي.وما أفاده المصنف في المقام من أنه " أضعف الوجوه " ال وجه له، بل تعين

الرجوع إلى البائع أضعف الوجوه، ألنه متفرع على أن يكون المتلف ضامنا للمالكالفعلي للمال، وهو متفرع على االنتقال إلى القيمة يوم التلف، وقد تقدم في ضمان

القيمي أنه أضعف األقوال سندا.

(٣٤٦)

Page 348: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره): (ومن أحكام الخيار ما ذكره في التذكرة فقال: ال يجب على البائعتسليم المبيع وال على المشتري تسليم الثمن في زمان الخيار (١).... إلى آخره).

قد عرفت في خيار المجلس أن من أعظم الشروط التي يتضمنها العقد هوالتسليم والتسلم، بل هو الغرض األصلي من المعاوضة، فإذا لم يكن العقد خياريايجب التسليم على الطرفين ويثبت لكل واحد منهما حق حبس ما انتقل عنه إذا

امتنع اآلخر من التسليم، ألن ذلك أثر التزام كل منهما على التسليم، فيكون حاكماعلى قاعدة السلطنة وحرمة التصرف في مال الغير بدون إذن مالكه. وأما لو كان

خياريا فحيث إن العقد بجميع مداليله المطابقية وااللتزامية تحت يد ذي الخيار اليجب عليه التسليم، كما ال يجب عليه الوفاء بأصل العقد. فال يقال: هذا مخالف

لقاعدة السلطنة، ألن من ال خيار له لو انتقل إليه المال على نحو كان لمالكهاألصلي التسلط على عدم التسليم لم يثبت له السلطنة المطلقة، وبالجملة قاعدة

السلطنة قابلة للتضييق.فما أفاده (قدس سره) من " أنه لم أجد لهذا الحكم وجها معتمدا " ففيه ما ال يخفى،

مع أنه (قدس سره) في فروع بيع الصرف وأحكام القبض ملتزم بذلك.وكيف كان، فما أفاده العالمة غير قابل للمناقشة وإن قلنا بتعلق الخيار بالعقد،

ألن عدم وجوب التسليم على ذي الخيار ليس لتعلق حقه بالعين كتعلق حقالمرتهن بالعين المرهونة حتى يكون قابال للمنع، بل لما عرفت من أنه لو لم يجبالوفاء بالعقد عليه ال يجب عليه الوفاء بما التزم به في ضمنه، فيجوز له حبس العين

وإن جاز لآلخر أيضا حبس ما انتقل عنه ولو لم يكن له الخيار، ألن التزامهبالتسليم كان منوطا بتسليم صاحبه.

نعم يصح المناقشة فيما أفاده في قوله " ولم يتبرع أحدهما بالتسليم لم يبطلخياره وال يجبر اآلخر على تسليم ما عنده " فإن المتبرع لو كان من عليه الخيار

فلمنع ذي الخيار عن التسليم وجه وهو كونه ذا خيار، وأما لو تبرع ذو الخيارفال وجه لمنع اآلخر عن التسليم مع كونه ملتزما به.

--------------------(١) التذكرة ١: ٥٣٧ س ٣٠.

(٣٤٧)

Page 349: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

غاية األمر أن التزامه كان منوطا بتسليم ذي الخيار والمفروض تبرعه به وهكذافي قوله " وله استرداد المدفوع قضية للخيار " ألن الدافع وإن كان من له الخيار إال

أن مقتضى خياره هو االمتناع عن التسليم ابتداء، وأما بعده فال دليل على جوازاسترداده إال إذا كان اتفاقيا كما هو الظاهر، حيث جعل المخالف بعض الشافعية.

قوله (قدس سره): (قال في القواعد ال يسقط الخيار بتلف العين.... إلى آخره) (١).ال يخفى أن هذه القاعدة مسلمة في الجملة، وال تعارضها قاعدة " التلف قبل

القبض " وقاعدة " التلف في زمان الخيار " فإن التلف في الموردين وإن أوجبسقوط الخيار إال أن إيجابه له إنما هو النفساخ العقد به، ومورد هذه القاعدة إنماهو مع بقاء العقد فال تزاحم بينهما، ثم إن موردها إنما هو في الخيار الشرعي ال

الجعلي، فإنه تابع لكيفية الجعل، فقد يتعلق الخيار بنفس العين بخصوصيتهاالشخصية، وقد يتعلق بماليتها. فمن اختالفهما ال يمكن االستظهار إلثبات القاعدةأو نفيها، كما أنه ال يمكن إحراز الثبوت أو السقوط من كلمات األعالم، فإنه قد

يظهر منهم التأمل في بقائه مع التلف في جملة من الموارد.منها: في المرابحة لو ظهر كذب البائع في رأس المال، فإنه ال شبهة في ثبوت

الخيار للمشتري، إما لإلجماع، أو إلرجاعه إلى تخلف الشرط الضمني، حيث إنبيعه برأس المال يتضمن اشتراط صدقه في إخباره. ومع ذلك لو تلف المتاع في يد

المشتري فقد تردد العالمة في ثبوت الخيار، بل حكى عن المبسوط وبعض آخرالجزم بالعدم، وعلل ذلك بأن الرد إنما يتحقق مع بقاء العين، ولكن قوى في

المسالك وجامع المقاصد (٢) ثبوته.ومنها: في الغبن فإن المحقق الثاني تردد في سقوط خيار الغبن بتلف المغبون

فيه (٣)، بل ظاهر العالمة سقوطه في التلف الحكمي، كما إذا نقل المغبون العينعن ملكه معلال بعدم إمكان االستدراك حينئذ.

--------------------(١) القواعد ٢: ٧٠، وفيه (ال يبطل).

(٢) المسالك ٣: ٣١٠، وجامع المقاصد ٤: ٢٦٣.(٣) جامع المقاصد ٤: ٣١٨.

(٣٤٨)

Page 350: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ومنها: خيار الرؤية فإن المحقق الثاني ألحقه بخيار الغبن في سقوطه بتلفالعين.

وعلى هذا فالصواب تحقيق المسألة على مقتضى القواعد العامة، فنقول بعد ماتقدم مرارا: إن الخيار عبارة عن ملك فسخ العقد وإقراره فتلف العين ال يقتضي

سقوطه ولو كان طريقا السترجاع العين، ألنه ليس طريقا السترجاعهابخصوصيتها الشخصية بل طريق السترجاعها بماليتها، وهي محفوظة في كلتاصورتي بقاء العين وتلفها، بل لو لم يرد في األدلة لفظ الخيار وإنما ورد الرد

واالسترداد فتلف العين ال يقتضي امتناعهما، ألنهما ليسا ظاهرين في الردواالسترداد الخارجيين، بل المقصود منهما الرد واالسترداد في الملك، مع أنه لم

يرد في األدلة لفظ الرد إال في خصوص خيار العيب. والنزاع في سقوطه بالتلف أوبقائه لغو، ألن إعمال الخيار فيه يتوقف على بقاء العين بحالها، فلو تغيرت عما وقع

العقد عليه ولم تكن العين قائمة بعينها سقط الخيار فضال عما إذا تلفت.هذا، مع أنه لو دل الدليل على ثبوت حق الرد فنقول: إنه إما أمر أجنبي عن

الخيار وإنما هو حكم شرعي تعبدي وال يترتب عليه آثار الخيار من سقوطه ونقلهإلى الغير كجواز الرجوع إلى العين الموهوبة أو جواز الرجوع في المعاطاة فإنهال يصلح لإلسقاط وال المصالحة عليه وال أن يرثه الوارث، وإما مرجعه إلى ذاك

المعنى المتعلق بالعقد الغير المرتبط بشئ من العوضين.وبالجملة: لو استفيد من جواز الرد هذا المعنى القابل للنقل واإلسقاط فهو

متعلق بالعقد وال يدور مدار بقاء العين، ولو لم يستفد ذلك فهو حكم شرعيفي مقابل الخيار، فليس في المقام معنيان قابالن ألن ينطبق عليهما الخيار وكان

أحدهما متوقفا على بقاء العين دون اآلخر فال وقع للترديد.وما أفاده (قدس سره) من " أن إرادة ملك الفسخ من الخيار غير متعينة في كلماتالشارع " فيه ما ال يخفى، فإن حاصل ما أفاده هو أن الرد وإن كان مقابال للخيار

ولزوم بقاء العين فيما إذا ورد في األدلة لفظ " الرد " ال يقتضي لزوم بقائها إذا ورد

(٣٤٩)

Page 351: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فيها لفظ " الخيار " إال أن لفظ " الخيار " أيضا مردد بين معنيين ولم يعلم ما أريد منهفي األدلة فيحتمل إرادة معنى منه يتوقف على بقاء العين.

وال يخفى أنه ليس معنى الخيار في األدلة إال ما هو اصطالح المتأخرين فيه،فإنهم استفادوا هذا المعنى من األخبار ومن كلمات القدماء، وهذا المعنى ال

يتوقف على بقاء العين، فإنه في مقابل لزوم العقد سواء كان ثابتا بجعل شرعي أمناشئا من تخلف الشرط الضمني.

نعم، الخيار الجعلي المالكي يمكن تقييده بصورة بقاء العين، وأما مع اإلطالقفحكمه حكم القسمين األولين.

أما الخيارات المجعولة شرعا - كما في خيار الحيوان والمجلس والتأخيرعلى وجه - فالظاهر من أدلتها كقوله (عليه السالم) " وافترقا وجب البيع " وقوله (عليه

السالم) " فإذامضت ثالثة أيام فقد وجب الشراء " وقوله (عليه السالم) " وإال " أي لو لم يأت بالثمن

فالبيع بينهما كون الخيار في مقابل اللزوم العقدي الذي ال ربط له بالعوضين، مع أنه لو

منعنا الظهور في ذلك إال أنه ال شبهة في أن إطالق األدلة يقتضي بقاء الخيار معالتلف أيضا، هذا مع أن االستصحاب يقتضي بقاءه أيضا، وليس من الشك في

المقتضي، ألنه لو لم يحدث األمر الزماني وهو التلف نقطع ببقائه في عمود الزمان.وأما ما كان مستندا إلى تخلف الشرط كخيار الغبن والعيب والرؤية فتعلقه

بالعقد أوضح، فإنه ليس متعلقا به ومجعوال في ضمنه ابتداء، بل المجعول هوالشرط فإذا تخلف فال التزام حقيقة، ونتيجته صحة العقد، وعدم االلتزام بالفاقد

ثبوت الخيار بين الفسخ واإلمضاء، وعدم توقفه على بقاء العين واضح.وحاصل الكالم: أنه ال وجه لسقوط الخيار بتلف العين بعد كون يد

المتعاقدين يد ضمان.غاية األمر أن كال منهما يضمن مال صاحبه قبل القبض، ويضمن ما انتقل إليه

بعده، وكون الشخص ضامنا لمال نفسه معناه أنه لو تلف ثم طرأ فسخ أو انفساخأو إقالة يجب عليه رد المثل أو القيمة وال ينتقل إليه بدل التالف مجانا، فضمانه

(٣٥٠)

Page 352: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

يقتضي عدم سقوط حق الخيار بتلف متعلقه، وإنما المانع عن إعماله عدم كون ذياليد ضامنا كما في الهبة، ولذا يمتنع الرجوع إذا تلف العين الموهوبة.

قوله (قدس سره): (مسألة لو فسخ ذو الخيار فالعين في يده مضمونة.... إلى آخره).ال يخفى أنه ال فرق بين يد الفاسخ والمفسوخ عليه، فإن يد كل منهما يد

ضمان، ومجرد عدم أخذ الفاسخ ماله من المفسوخ عليه وإبقاؤه عنده ال يقتضي أنتصير يده يد أمانة، إال أن يجعله وكيال في الحفظ، وإقدام الفاسخ على الفسخ ليس

تسليطا للمفسوخ عليه على ماله، فال وجه لخروجه عن الضمان.نعم، قد يتوهم اإلشكال على أصل الضمان مطلقا.

وحاصله: أن الضمان بعد الفسخ إن كان هو الضمان الثابت عليهما قبله - أيالضمان المعاوضي - فالمفروض انتفاء موضوعه، هذا، مع أنه كان بالعوض

المسمى وهو ارتفع يقينا فبطل أصل الضمان، المتناع بقاء الجنس مع ذهاب فصله.وإن كان ضمان اليد فشمول دليل اليد للمقام مشكل، لعدم تجدد اليد واالستيالء

على مال الغير.ولكنك خبير بفساد التوهم، فإن المستفاد من دليل اليد أن كون مال الغير

تحت استيالء شخص يقتضي أن يكون ضمانه عليه إال أن يتحقق رافعه، ولم يؤخذمال الغير عنوانا للمأخوذ حتى يقال: إنه حين األخذ لم يكن مال غيره فال يشمله

قوله (صلى الله عليه وآله) " على اليد ما أخذت " بل اعتبر بالقرينة العقلية في موضوعالحكم

بوجوب األداء، وال شبهة أنه حين الحكم بوجوب األداء هذا العنوان موجود، ألنهفي هذا الحين مال الغير وإن لم يكن حين األخذ كذلك.

وبالجملة: المال المقبوض إذا طرأ عليه عنوان مال الغير يترتب عليه الضمان،كما أنه لو خرج عن هذا العنوان يرتفع عنه الضمان.

ثم إنه ال ينافي ضمان كل منهما لما في يده مع جواز حبسه حتى يسلم اآلخرما في يده، لما تقدم أنه من مقتضيات عقد المعاوضة كاقتضائه التسليم على كل

منهما ابتداء.* * *

(٣٥١)

Page 353: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

[القول في القبض]قوله (قدس سره):

(اختلفوا في ماهية القبض في المنقول.... إلى آخره).ال يخفى أن معنى القبض متحد في جميع الموارد وهو االستقالل واالستيالءعلى الشئ، وإنما االختالف نشأ مما يتحقق به القبض، ففي غير المنقول هوالتخلية، وفي المنقول هو حصوله تحت اليد، وال فرق بين أفراد المنقول منالمكيل والموزون والمعدود وغيرها. واعتبار الكيل والوزن والعد في المكيل

والموزون والمعدود ليس لعدم تحقق القبض إال بها، بل لدليل خارجي. كما أنمجرد الكيل والوزن والعد من دون التسليم إلى من انتقلت هذه األشياء إليه ال

يتحقق بها القبض.فمما ذكرنا ظهر أنه ال وجه لعد االختالف في اآلثار بين اإلقباض والقبض

من اختالف معنى القبض، لما عرفت من أن معناه في جميع الموارد واحد.فاألولى صرف الكالم إلى األحكام المترتبة على القبض، فنقول: اإلقباض

والقبض الذي بمعنى االنقباض ليسا كالكسر واالنكسار بحيث ال يمكن التفكيكبينهما خارجا، بل هما من قبيل اإليجاب والوجوب، فإن الكسر واالنكسار ليس

لهما مرتبة إنشائية، بل هما أمران خارجيان ال يتحقق كل منهما بدون اآلخربخالف اإليجاب والوجوب، فإن لهما مرتبة إنشائية ومرتبة خارجية، واإلنشائيمن اإليجاب وإن لم ينفك من منشئه في هذه المرتبة ولو صدر ممن ليس له حقاإليجاب إال أن الخارجي منه والذي يترتب عليه األثر ينفك عن اإلنشائي، ألن

(٣٥٢)

Page 354: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

السافل وإن أنشأ جدا وحقيقة إال أنه ال يصير إيجابه منشأ لتحقق الوجوبخارجا. وهذا حال جميع العقود واإليقاعات، فإن تأثيرها خارجا ينفك عن

إيجادها - أي إنشاؤها لفظا - وذلك واضح، وحال القبض واإلقباض كحالالوجوب واإليجاب لو قلنا بأن اإلقباض هو التخلية واالنقباض دخوله تحت اليدواالستيالء، فإنه قد يتحقق التخلية وال يتحقق تحت االستيالء، كما أنه قد يقعدخوله تحت االستيالء من دون تسليط من له حق اإلقباض. فإذا اختلفا خارجا

فال بد من البحث عن أحكام القبض في أنها هل مترتبة على فعل المقبض أو علىفعل القابض؟ فنقول: الحكم لو كان تكليفيا - كوجوب اإلقباض على الغاصبوعلى المتبايعين فيما يجب عليهما - فال محالة يترتب على فعل المقبض، ألن

التكليف يتعلق بالمقدور، فوجوب اإلقباض على الغاصب هو رفع موانع استيالءالمغصوب منه على ماله ال وصوله تحت يده. ولو كان وضعيا فتارة ينشأ من قبل

اشتراط أحدهما، وأخرى من التعبد، فلو نشأ من االشتراط فيصير األمركالتكليفي، ألن الشرط راجع إلى ما هو تحت قدرة المشروط عليه، فلو شرطالبائع على المشتري أن يبيع المبيع من زيد فمرجع الشرط إلى وجوب عرض

المشتري المبيع على زيد وإنشاء البيع من المشتري، وأما شراء زيد وقبوله له فهوخارج عن الشرط، فلو قلنا بأن كون تلف المبيع قبل القبض من باب الشرط

الضمني فإذا رفع البائع موانع قبض المشتري وخلى بينه وبين المبيع فهو برئ منالضمان وإن لم يتسلمه المشتري. ولو نشأ من دليل التعبد يراعى كيفية الجعل.

وظاهر النبوي " كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه " (١) أن رفع الضمانبقبض المشتري. وظاهر رواية عقبة بن خالد " حتى يقبض المتاع ويخرجه من

بيته " (٢) هو أن رفعه بتخلية البائع، فإن ظاهر قوله (عليه السالم) " حتى يقبضه " وإنكان

موافقا لظاهر النبوي، ألن اإلقباض خارجا بدون القبض ال يتحقق، إال أن عطف--------------------

(١) المستدرك ١٣: ٣٠٣، الباب ٩ من أبواب الخيار ح ١.(٢) الوسائل ١٢: ٣٥٨، الباب ١٠ من أبواب الخيار ح ١.

(٣٥٣)

Page 355: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (عليه السالم) " ويخرجه من بيته " على قوله " يقبض المتاع " يوجب صرفظهور

اإلقباض عما هو ظاهر فيه ويجعله بمعنى التخلية الصرفة، ألنه ظاهر في كونهتفسيرا له. فال بد من حمل أحد الخبرين على كونه واردا مورد الغالب، وإذا لميتحقق ترجيح وأمكن حمل كل منهما على الغالب، بأن يحمل رواية عقبة علىالغالب من مالزمة اإلخراج مع الوصول إلى المشتري فالمدار على الوصول إليه،أو يحمل النبوي على وروده مورد الغالب من مالزمة حصول القبض مع إقباضالبائع، فالمدار على فعل البائع فيتساقطان والمرجع هو األصول. واالستصحاب

يقتضي الضمان إال إذا حصل القبض خارجا من إقباض البائع لو كان منشأ الضمانالتعبد، وأما لو كان منشأ الشرط الضمني فال يجري االستصحاب، ألن االشتراط

يرجع إلى ما هو فعل المشروط عليه.قوله (قدس سره): (الكالم في أحكام القبض.... إلى آخره).

ال يخفى أنه من القواعد المجمع عليها أن تلف المبيع قبل قبضه من مال بائعه،ومع الغض عن اإلجماع يدل عليه النبوي ورواية عقبة بن خالد، فأصل الحكم في

الجملة مسلم. وإنما الكالم في أنه تعبد صرف، أو من باب اشتراط المتعاقدين.وقبل تنقيح البحث عنه يجب ذكر معاني األلفاظ الواردة في هذا العنوان التي أشير

إليها إجماال في بحث الخيار وأحكامه.أما المبيع فال يشمل بحسب اللفظ الثمن ولو قيل بشموله له مناطا كما سيجئ

إن شاء الله.وأما التلف فهو ظاهر في التلف السماوي، أو ما يلحق به، كما لو كان اإلتالف

واجبا شرعا كمورد القصاص واالرتداد وصيرورة العبد حرا ال بفعل من مالكهكالمزمن والمقعد، فمثل التنكيل خارج عن هذا الباب، ألنه إتالف وإن ترتب

العتق عليه كترتب المعلول على علته، وكما إذا سرق المتاع وال يعرف السارق،أو غصبه سلطان ال يرجى عوده.

وأما اإلتالف من البائع أو المشتري أو األجنبي فهو خارج عن هذه القاعدة

(٣٥٤)

Page 356: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وال يشمله النص، سواء قلنا بالتعبدية أو من باب اشتراط التسليم، ألنه على أيحال ال موجب النفساخ العقد باإلتالف، كما أشير إليه أيضا في قاعدة التلف في

زمان الخيار.وأما القبض فقد عرفت معناه وهو االستيالء على الشئ.

وأما قوله " فهو من مال بائعه " فظاهره أن التلف يقع في ملك البائع والتالفيصير من أمواله، سواء جعل الظرف لغوا متعلقا بتالف أو مستقرا متعلقا بثابت.وعلى أي حال ليس معناه أن خسارته عليه كما في الغصب، وإال لكان الالزم

التعبير بعلى البائع ونحوه، فال يمكن جعل الرواية دليال على ثبوت الضمان الواقعيمن المثل أو القيمة.

إذا عرفت ذلك فنقول: أما أصل الضمان فمما ال إشكال فيه، ألن المشتري لميعط الثمن مجانا للبائع وال البائع المثمن مجانا للمشتري، بل جعل كل منهما ماله

بإزاء مال اآلخر، وهذا هو معنى الضمان في قاعدة " الخراج بالضمان " وفي قاعدة" كل ما يضمن بصحيحه " فمعناه التعويض.

وإنما الكالم في أنه كيف يقتضي التلف انفساخ العقد، ألن كون الثمن عوضاعن المبيع وعدم كونه مجانا معناه عدم هبة المشتري ال وقوع التلف من البائع، ألن

المثمن ملك المشتري وتلف في يد غيره من دون تفريط، فنقول: معنى عدمالمجانية وإن لم يقتض ذلك، إال أن المعاوضة تتضمن التزامات مطابقية والتزامات

ضمنية.ومن االلتزامات الضمنية تسليم البائع المثمن إلى المشتري خارجا، فإذا لم

يمكنه التسليم يبطل العوضية.فإن قلت: تعذر التسليم ال يقتضي البطالن غايته ثبوت خيار تخلف الشرط

للمشتري.قلت: لو بقي المال على قابلية التسليم غاية األمر تعذر لعارض - كاإلباق،

أو السرقة المرجو عوده، أو امتنع البائع عنه - نلتزم بالخيار.وأما لو لم يبق على صالحية التسليم - كالتلف وما في حكمه - فال معنى

(٣٥٥)

Page 357: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

لخيار تخلف الشرط، ألنه بطل العوضية وامتنع الوفاء بااللتزام الضمني.إن قلت: امتناعه ال يقتضي أيضا بطالن المعاوضة، غاية األمر أنه يجب على

البائع رد المثل أو القيمة.قلت: لو كان االلتزام الضمني هو البدلية على تقدير البقاء فاألمر كما ذكر،

وأما لو اقتضى البدلية على كل تقدير - أي البدلية المطلقة - فحيث خرج المثمنعن كونه قابال للبدلية فال بد من رجوع الثمن إلى ملك المشتري، القتضاء

المعاوضة ذلك.وبالجملة: كل من المتعاقدين يجعل المبادلة بين المالين اعتبارا، وكذلك

بينهما خارجا - أي يعطي ماله ويأخذ عوضه - وهذا معنى اشتراط التسليم،فمرجع اشتراطه إلى أخذ ما سماه في عقد المعاوضة عوضا ال إلى أخذ البدل

الواقعي، فإذا بطل ما سماه في عقد المعاوضة عن العوضية وخرج عن صالحيةالبدلية يخرج اآلخر عن البدلية، فيرجع قهرا إلى مالكه وهذا معنى االنفساخ.ثم إذا رجع الثمن إلى المشتري فال بد أن يرجع المبيع إلى البائع، وال يمكن

قياسه على الغصب في أنه مع بقاء المغصوب على ملك المغصوب منه يرجع بدلهإليه، ألن الغصب لم يكن فيه معاوضة حتى ال يمكن الجمع بين العوض والمعوض،

بل وجوب البدل على الغاصب من باب الغرامة وبدل المالية ال بدل العين.وفي المقام حيث إن بدلية المثمن للثمن كانت بالمعاوضة، والمعاوضة إذا

اقتضت خروج العوض عن ملك من دخل في ملكه العوض وبالعكس فبطالنهامقتض للعكس، فإذا دخل الثمن في ملك المشتري فال بد أن يخرج المثمن عن

ملكه، بل قيل بذلك في الغصب أيضا.وكيف كان، ففي المقام ال إشكال أن االنفساخ كالفسخ، كما أن بالفسخ يرجع

كل من العوضين إلى ملك مالكه األصلي فكذلك في االنفساخ، وهذا مما ال إشكالفيه. إنما الكالم في أن رجوع المبيع إلى ملك البائع قبل التلف آنا ما أيضا على

(٣٥٦)

Page 358: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

مقتضى القواعد أو تعبد صرف، وإال فمقتضى القواعد هو انفساخ المعاملة ورجوعالمبيع إلى البائع من جهة التلف، فهو معلول للتلف فكيف يتقدم عليه؟ فنقول: هذا

أيضا على طبق القواعد، وحقيقة المعاوضة تقتضي ذلك، ويصير التلف كاشفا ال علة.وتوضيح ذلك: أنه لو سلم أن عقد المعاوضة اقتضى ضمان المسمى ال المثل

أو القيمة والزمه انفساخ المعاوضة، وأنه اقتضى رجوع المثمن إلى البائع يجب أنيقال برجوعه إليه آنا ما قبل التلف، ألنه بعد التلف ال يصلح للرجوع وال قابلية لهللعوضية، والمفروض أن بطالن المعاوضة يقتضي دخول ما خرج، فإذا لم يبق ما

خرج على صالحية الدخول اقتضى خالف ما يقتضيه االنفساخ. ومجرد فرضالتالف موجودا ال يخرجه عن المعدومية، فال بد أن يلتزم بما هو صالح للرجوع،

والصالح إنما هو قبل التلف. فتحصل: مما ذكرنا أن المحتمالت أو األقوال ثالثة:األول: كون تلف المبيع قبل القبض من مال البائع تعبديا صرفا مطلقا.

الثاني: كونه مطابقا للقاعدة مطلقا - أي وإن لم يكن نص في المقام - فجميع ماذكرنا من االنفساخ ورجوع المثمن إلى ملك البائع ورجوعه إليه قبل التلف هو

مقتضى قواعد المعاوضات.الثالث: التفصيل بين الجهات بأن يكون أصل االنفساخ على طبق القاعدة،

وأما تحققه قبل التلف فبالنص الخاص، وهو الرواية والنبوي.ثم إنه يتفرع على األول أنه ال يمكن التعدي من تلف المبيع إلى الثمن وال من

البيع إلى غيره، إال إذا استظهر كون الخصوصية ملغاة، كما في خيار العيب، فإنهيتعدى عن البيع إلى سائر المعاوضات، بل إلى شبه المعاوضات من الخلع ومثله.

وأما لو علم دخل الخصوصية أو احتمل كما في خيار المجلس فال يمكن التعدي.وعلى الثاني والثالث يتعدى إلى الثمن في البيع وإلى المثمن في جميع

المعاوضات، ألن أصل االنفساخ على القولين على طبق القواعد. وكونه قبل التلفأو بعده من جهة السريان إلى غير البيع وفيه إلى الثمن ال أثر له، بل على الظاهر

ال أثر له أصال بل هو نزاع علمي، فتدبر.

(٣٥٧)

Page 359: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قوله (قدس سره): (مسألة تلف الثمن المعين قبل القبض كتلف المبيع المعين.... إلىآخره).

ال يخفى أنه حيث ثبت أن مقتضى المعاوضة مع إمضاء الشارع لها هوانفساخها بتلف كل واحد من العوضين قبل التسليم، فال فرق بين تلف المثمن أوالثمن، وال بين البيع وغيره من الصلح واإلجارة، بل لو قلنا بالتعبدية فال فرق أيضابين تلف المبيع أو الثمن، فإن النبوي وإن اختص بتلف المبيع إال أن رواية عقبة بن

خالد صريح أو ظاهر في سراية هذا الحكم إلى الثمن أيضا، فإن قوله (عليه السالم) "فإذا

أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد إليه ماله " صريح في أن المبتاع هوالمشتري، والضمان الثابت عليه هو الضمان المعاوضي الثابت على البائع.

والضمير في قوله " لحقه " راجع إلى البائع، فيصير مفاده أن المشتري لو قبضالمبيع فهو ضامن لحق البائع حتى يرد إليه الثمن، فإذا تلف الثمن قبل أن يرده إليه

ينفسخ المعاوضة ويرجع المبيع إلى البائع. واحتمال كون المبتاع هو البائع مساوقألن ال يكون للشرط جزاء. كما أن احتمال رجوع الضمير إلى المشتري أو كونالضمان عليه هو ضمان اليد ال المعاوضي احتمال ال يعتنى به. مع أن الرواية لو لم

تكن صريحة فال أقل من ظهورها في سراية الحكم إلى الثمن فيكفي للمدعى.نعم، بناء على التعبدية ال يتعدى من البيع إلى غيره من المعاوضات، ألن إلغاء

الخصوصية واستظهار أن المناط هو المعاوضة يتوقف على شم الفقاهة خصوصافي تسرية الحكم إلى شبه المعاوضات كعوض الخلع والمهر.

ثم إن مما ذكرنا ظهر أمور:أحدها: ثبوت أصل الضمان.

وثانيها: كون الضمان ضمانا معاوضيا ال ضمانا واقعيا فمقتضاه االنفساخ.وثالثها: أن االنفساخ قبل التلف آنا ما على طبق مقتضى المعاوضة، فعلى هذا

يجري هذه األحكام في سائر المعاوضات.ورابعها: أن الضمان يرتفع بتخلية البائع وإن لم يقبضه المشتري.

وبقي هنا أمر آخر يجب التعرض له، وهو أنه هل هذا الضمان قابل لإلسقاط

(٣٥٨)

Page 360: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

أم ال؟ والحق عدم سقوطه باإلسقاط ال ألنه إسقاط لما لم يجب، ألن الضمان فعليبمقتضى المعاوضة، وال ألنه مجعول شرعي تعبدي ال يقبل اإلسقاط، ألن التعبدي

على قسمين: قسم راجع إلى حق خلقي - كخيار الحيوان - وقسم ممحض في كونهحكما شرعيا، كلزوم النكاح وجواز الهبة. فلو كان من قبيل الثاني فال يقبل

اإلسقاط مطلقا، ألنه من آثار الحكم وهو المائز بينه وبين الحق. وأما لو كان منقبيل األول فلو رجع اإلسقاط إلى أصل الجعل كما لو جعل العقد غير خياري فهذا

راجع إلى الشرط المخالف للكتاب أو لمقتضى العقد، وأما لو رجع إلى إسقاط حقهفال محذور كما قدمناه في خيار المجلس، بل ألن حكم الضمان المعاوضي حكمضمان األعيان، فكما أنه ليس للمغصوب منه إسقاط الضمان عن الغاصب مع بقاءيده على حالها من كونها يد ضمان فكذلك في المقام، ألن المعاوضة إن اقتضت

الضمان قبل القبض فقبل رفعها باإلقالة وقبل رفع عدم القبض بهبة أو إباحة اليمكن أن يرفع مقتضاها.

وبالجملة: ال بد في رفع الضمان من رفع موضوعه، فمع بقاء الموضوع علىحاله ال يمكن رفع أثره، إما ألنه مخالف ألصل الجعل أو مخالف لمقتضى العقد،

فليس رفعه تحت استيالئه وسلطنته.قوله (قدس سره): (لو تلف بعض المبيع قبل قبضه.... إلى آخره).

ال شبهة في أن تلف بعض المبيع كتلف كله لو كان البعض مما يقسط عليهالثمن في عقد المعاوضة - كتلف أحد العبدين اللذين باعهما صفقة، وتلف من من

الحنطة من عشرة أمنان - سواء قلنا بأن القاعدة على القاعدة أو على التعبد. أمابناء على األول ألن التلف إذا اقتضى انفساخ المعاوضة بالنسبة إلى التالف فيرجعالتالف آنا ما إلى ملك البائع. وأما على الثاني فألن المبيع وإن كان منصرفا عن

بعض المبيع وظاهره هو المنتقل إلى المشتري بعقد مستقل ال في ضمن العقد الواقععلى المجموع إال أن هذا االنصراف بدوي، لصدق المبيع على كل جزء مما وقع

عليه العقد، ولذا لو لم يكن هذا الجزء موجودا أو مملوكا في حال العقد يبطل البيعبالنسبة إليه ويصح في الباقي.

(٣٥٩)

Page 361: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما لو لم يكن البعض مما يقسط عليه الثمن - كيد العبد ورجله - فحكمهحكم تلف الوصف، والحق فيه أن تلفه ال يوجب إال تحقق الخيار للمشتري، سواء

كان الوصف مما ثبت فيه األرش لو كان في أول العقد مفقودا أو لم يكن.وبالجملة: ال فرق بين تلف وصف الصحة وسائر األوصاف وتعذر الشرط،

فإن كلها لو حدث بعد العقد وقبل القبض يكون موجبا للخيار ال األرش، ألن تعهدالبائع بالتسليم موصوفا ال يقتضي انفساخ المعاوضة بالنسبة إليه بعد كونه موصوفاحال العقد. وسره أن في عقود المعاوضة ال يجعل مقدار من الثمن مقابال للوصفمطلقا، فإن الوصف وإن أوجب تفاوت المبيع في القيمة إال أن القيمة تجعل بإزاء

المبيع وال تجعل مقدار منها مقابال للموصوف ومقدار منها بإزاء الوصف،فاالنفساخ بال موجب.

غاية األمر أن الملزم لقبول المشتري لم يتحقق، فله الرد أو اإلمضاء مجانا،ألن له االلتزام فعال بالفاقد.

وقد ظهر سابقا أن األرش على خالف القاعدة فال يتعدى إلى غير مورده.* * *

هذا آخر ما وفقني الله تعالى لضبطه مما استفدت من تحقيقاته - دام ظله -فيما يتعلق بالمكاسب المحرمة وكتاب البيع والخيارات. والحمد لله أوال وآخرا،

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.ثم لما لبى شيخنا المعظم - قدس الله تعالى سره - داعي الحق وجاور ربه

الكريم، طلب مني جماعة من العلماء واألعاظم من إخواني المؤمنين، بل أمرونيبطبعه ونشره ليكون تذكرة السمه وينتفع به أولو العلم من بعده، فامتثلت أمرهم

وأحببت أن ألحق به ما استفدته منه في قاعدة الضرر، وزينته تيمنا بثالث، وهو ماصنفه (قدس سره) في حكم اللباس المشكوك فيه، فإنه رسالة شريفة تحتوي على جملة

منالقواعد الفقهية والمسائل األصولية والدقائق الحكمية، وتأليف لطيف لم يكتب

مثله في اإلمامية. فأقول وبالله سبحانه وتعالى أستعين:

(٣٦٠)

Page 362: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

قاعدة نفي الضرر

(٣٦١)

Page 363: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الحمد لله رب العالمين، وأفضل صلواته وأكمل تحياته على من اصطفاه مناألولين واآلخرين محمد وآله األئمة الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على

أعدائهم أجمعين أبد اآلبدين.وبعد فيقول موسى بن محمد النجفي الخونساري: لما كانت " قاعدة نفيالضرر " من أهم القواعد الفقهية فينبغي تحريرها على وجه يتبين المراد منها

ويظهر كيفية الجمع بينها وبين سائر األحكام الشرعية والقواعد الكلية.وتنقيح ذلك يتم في ضمن جهات من البحث:

األولىفي تشخيص متن الحديث المبارك

والمشهور عند الفريقين هو قوله (صلى الله عليه وآله) " ال ضرر وال ضرار " (١) بالزيادة كلمتي

" في اإلسالم " أو " على مؤمن " ولكن في نهاية ابن األثير: ال ضرر وال ضرار فياإلسالم. والمحكي عن التذكرة أنه أرسله كذلك أيضا. وفي رواية ابن مسكان عن

زرارة عن أبي جعفر (عليه السالم) (٢) في ذيل رواية سمرة بن جندب بزيادة " علىمؤمن ".

واألضبط بل المتعين ما هو المشهور بال إضافة هاتين الكلمتين، فإنه في مقام--------------------

(١) الوسائل ١٧: ٣٤١، الباب ١٢ من أبواب إحياء الموات الحديث ٣.

(٢) الوسائل ١٧: ٣٤١، الباب ١٢ من أبواب إحياء الموات الحديث ٤.

(٣٦٣)

Page 364: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

التعارض بين الزيادة والنقيصة كما إذا كانت القضية شخصية وإن كان بناء أهلالحديث والدراية على تقديم أصالة عدم الزيادة على أصالة عدم النقيصة والحكمبثبوتها في نفس األمر وسقوطها عن الرواية األخرى الحاكية لتلك القضية بدونها- ألنه بعيد غاية البعد أن يزيد الراوي من عند نفسه على ما سمعه من المعصوم،

وهذا بخالف سقوط هذه الكلمة، فإنه ليس بتلك المثابة من البعد، فال ينافي ذلكحجية كل واحد من األصلين من باب أصالة عدم الغفلة - إال أن في المقام

خصوصية بها تقدم أصالة عدم النقيصة على أصالة عدم الزيادة، ألن منشأ حجيةهذين األصلين في حد أنفسهما إذا كان بناء العقالء، ومنشأ تقديم أصالة عدمالزيادة على أصالة عدم النقيصة إذا كان ما عرفت: من أن توهم أحد الراويين

وزيادته على ما سمعه أبعد عن غفلة اآلخر عن ضبط ما صدر فيختص بالزياداتالبعيدة عن األذهان دون المعاني المأنوسة واألمور المألوفة.

فمثل كلمة " في اإلسالم " أو " على مؤمن " ال تدخل تحت القاعدة المسلمةعند أهل الحديث والدراية.

أما األولى: فألنه إذا جاز النقل بالمعنى - كما إذا كان المحكي من األحكامالشرعية دون الخطب واألدعية - يمكن أن يزيدها الراوي عند حكايته قضايا

رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإن نفي الضرر حيث إنه من المجعوالت الشرعيةفيتوهم الراوي

أنه (صلى الله عليه وآله) نفاه في اإلسالم، خصوصا مع ثبوتها في غالب أقضيته (صلىالله عليه وآله) كقوله " ال

رهبانية في اإلسالم " (١) ال صرورة في اإلسالم (٢)، ال إخصاء في اإلسالم (٣)،ونحو

ذلك. فيقيس الراوي نفي الضرر على نفي الضرورة مثال.هذا مضافا إلى أنها لم تثبت في شئ من مسانيد أصحابنا اإلمامية، وإنما

أثبتها ابن األثير وهو عامي وأرسلها العالمة في التذكرة التي بناؤه فيها علىاالعتماد على طرق العامة فال يجدي إثباته كلمة غير مثبتة في مسانيد أصحابنا.

--------------------(١) كشف الخفاء ٢: ٥٢٨.(٢) سنن البيهقي ٥: ١٦٤.

(٣) التاريخ الكبير ٥: ٢٦٩، الحديث ٨٦٩.

(٣٦٤)

Page 365: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

نعم، في الوسائل في أول باب الميراث وقال الصدوق وقال النبي (صلى الله عليه وآله):اإلسالم يزيد وال ينقص، قال وقال (صلى الله عليه وآله): ال ضرر وال ضرار في

اإلسالم، فاإلسالميزيد المسلم خيرا وال يزيده شرا... إلى آخره (١). ولكن الظاهر من الوسائل أن

الصدوق أيضا رواها مرسال.وكيف كان، فمع عدم وجود هذه الكلمة في جل روايات األصحاب

ومسانيدهم ال عبرة بإثبات ابن األثير والعلمين من أصحابنا في بعض مصنفاتهما.وعلى هذا فلو لم تكن القضية شخصية وأمكن أن يتعدد المروي تارة مع الزيادة

وأخرى بدونها كما هي كذلك في المقام - حيث تكرر صدور قوله (صلى الله عليهوآله) ال ضرر

وال ضرار في عدة من الروايات - فال تنافي بين ما يشتمل عليها وما ال يشتمل، إالأنها حيث لم تثبت في شئ من مسانيد أصحابنا اإلمامية فال عبرة بها أصال.

وأما الثانية: فألن الرواية المشتملة عليها وإن كانت من طرقنا ويكفي فيثبوتها وجودها في الكافي إال أن استفاضة هذا الحديث بدون هذه الزيادة من

طرق الفريقين توجب وهنا فيها وإن كانت أصالة عدم الزيادة مقدما على أصالةعدم النقيصة، ألن تقديمها عليها ليس تعبديا صرفا، بل هو من باب بناء العقالء

وأبعدية الغفلة بالنسبة إلى الزيادة عن الغفلة بالنسبة إلى النقيصة.وهذا البناء ال يجري فيما إذا تعدد الراوي من جانب مع وحدة اآلخر كما في

المقام، ألن غفلة المتعدد عن سماع كلمة " على مؤمن " في غاية البعد، هذا مع أنهيحتمل أن يكون الراوي الواحد زادها من جهة المناسبة بين الحكم والموضوعوأن المؤمن هو الذي يشمله العناية اإللهية ويستحق أن ينفى عنه الضرر امتنانا.

وعلى أي حال ال أثر لوجود هاتين الكلمتين، وال يفرق معنى ال ضرروال ضرار بزيادتهما ونقصهما، أما كلمة " في اإلسالم " فواضح، ألنها لو لم تكن

في ذيل الحديث المبارك لكان المنفي أيضا هو الحكم المجعول في اإلسالم.--------------------

(١) الوسائل ١٧: ٣٧٦، الباب ١ من أبواب موانع اإلرث الحديث ٩ و ١٠ و ١١.

(٣٦٥)

Page 366: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

نعم، شيخنا األنصاري (قدس سره) جعل هذه الكلمة مؤيدة لما استفاده من الحديثالمبارك من حكومة القاعدة على األحكام المجعولة، ومبعدة إلرادة النهي من

كلمة " ال ".ولكنك خبير بأن منشأ اختيار الحكومة على المحتمالت األخر اآلتية ليس

إال أظهريتها من بين المحتمالت ال لوجود هذه الكلمة، فإنها ثابتة في قوله (صلى اللهعليه وآله)

" ال نجش في اإلسالم " (١) مع أن " ال " في هذا المورد ال يناسب النفي، وال معنىللحكومة، ألن قوله (صلى الله عليه وآله) " ال نجش " أي يحرم تعريف السلعة أو زيادة

قيمتهاليرغب إليها المشتري، وأين هذا المعنى من الحكومة ورفع الحكم الثابت وضعا؟

هذا مضافا إلى أن الحكومة مبنية على أن يكون الظرف لغوا ومتعلقا بالضررالمنفي، فيكون معنى الحديث أن الضرر في اإلسالم ليس. وأما لو كان الظرف

مستقرا - كما في ال نجش في اإلسالم، الذي ال شبهة في أن الظرف فيه ظرفللنفي - ال للمنفي فيمكن إرادة النهي منها أيضا.

وبالجملة: وجود هذه الكلمة وعدمه سيان في استفادة المعاني المحتملةاآلتية من الحديث الشريف.

وأما كلمة " على مؤمن " فهي أيضا من جهة الحكومة وسائر المحتمالتوجودها وعدمها سيان.

نعم، بناء على ثبوتها ال يشمل الحديث الضرر على النفس والضرر على غيرالمؤمن من الذمي والمعاهد، ولكن بعد ما ثبت من األدلة األخرى أن الذمي

والمعاهد محقون دمهما ومحترم مالهما وعرضهما وثبت أيضا أن الضرر علىالنفس محرم كالضرر على الغير فال فرق بين ثبوتها وعدمها، إللحاق غير المؤمن

بالمؤمن وإلحاق النفس بالغير. بل حرمة الضرر على النفس قد جعلت أصال فيبعض الروايات كما في الوسائل في باب إحياء الموات عن الكليني بسنده إلى أبي

--------------------(١) مجمع البحرين ٤: ١٥٤، وفيه (نهى عن النجش) و (ال تناجشوا وال تدابروا).

(٣٦٦)

Page 367: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

عبد الله (عليه السالم) " قال: إن الجار كالنفس غير مضار وال إثم " (١) مع أن بعضأقسامه

يدخل في التهلكة المنهي عن إلقاء النفس فيها.وبالجملة: ال يترتب على وجود هاتين الكلمتين في ذيل الحديث الشريف

كثير فائدة.الجهة الثانية

في موقع صدورهوالظاهر أنه ورد على وجهين:

أحدهما: مستقال من دون كونه ذيال لقضية، وكبرى لصغرى خارجية.وثانيهما: أنه ورد كبرى لصغرى خارجية، كما في ذيل قضية خاصة.

أما األول: فقد نقله شيخنا مد ظله العالي عن دعائم اإلسالم فقال: فيه خبرانمرويان عن الصادق (عليه السالم) يتضمن كل منهما حكاية ال ضرر وال ضرار عن

النبي (صلى الله عليه وآله) بال تعرض لقضية سمرة ونحوها.وفي الوسائل في باب ثبوت خيار الغبن أيضا نقل هاتين الجملتين مع زيادة

" على مؤمن " بال تعرض لقضية أخرى، ولكن حيث إن بناء صاحب الوسائل علىتقطيع األخبار فالظاهر أن ما نقله في هذا الباب هو الذي نقله في ذيل قضية سمرة

في كتاب إحياء الموات.وعلى أي حال وروده مستقال على الظاهر مما ال إشكال فيه، فإن في نهاية

ابن األثير والتذكرة والعبارة التي نقلناها عن الوسائل ناقال عن الصدوق لم يذكرفي ذيل قضية.

وأما الثاني: أي وروده كبرى لصغرى خارجية، فقد ورد في ذيل قضية سمرةبن جندب مستفيضا، بل فوق االستفاضة، فإن هذه القضية مذكورة في كتب

--------------------(١) الوسائل ١٧: ٣٤١، الباب ١٢ من أبواب إحياء الموات الحديث ٢.

(٣٦٧)

Page 368: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الفريقين بطرق متعددة، ففي مصنفاتنا مروية عن ابن بكير عن زرارة عن أبيجعفر (عليه السالم). وعن الصدوق بإسناده عن ابن بكير (١). وعن الشيخ بإسناده عن

أحمدبن محمد بن خالد وعن ابن مسكان عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السالم) (٢). وفي

الجميعورد قوله (صلى الله عليه وآله): ال ضرر وال ضرار، بال زيادة على مؤمن أو معها بعد

ذكر قضيةسمرة الذي كان يدخل على دار األنصاري بغير إذنه.

وفي ذيل حديث أبي عبيدة الحذاء قال (صلى الله عليه وآله): ما أراك يا سمرة إالمضارا،

اذهب يا فالن فاقطعها واضرب بها وجهه (٣).وبالجملة: فورود المتن المذكور ابتداء وفي ذيل قضية سمرة ال إشكال فيه،

إنما الكالم في وروده في ذيل قضية أخرى.وقد صرح األصحاب بوروده في موردين آخرين:

أحدهما: في ذيل ثبوت الشفعة، ففي الوسائل محمد بن يعقوب عن محمد بنيحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن عبد الله بن هالل عن عقبة بن خالد عن

أبي عبد الله (صلى الله عليه وآله) قال: قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالشفعةبين الشركاء في

األرضينوالمساكن، وقال: ال ضرر وال ضرار (٤).

وثانيهما: في ذيل كراهة منع فضل ماء البئر ومنع فضل الماء، ففي الوسائلعن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن عبد الله بن هالل عن عقبة

بن خالد عن أبي عبد الله (عليه السالم) قال: قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينأهل المدينة في

مشارب النخل أنه ال يمنع نفع الشئ. وقضى بين أهل البادية أنه ال يمنع فضل ماءليمنع فضل كالء فقال ال ضرر وال ضرار (٥). وفي بعض النسخ بدل " نفع الشئ "

--------------------(١) الفقيه ٣: ٢٣٣، الحديث ٣٨٥٩.

(٢) التهذيب ٧: ١٤٦، الحديث ٦٥١، وليس في سنده ابن مسكان.(٣) الوسائل ١٧: ٣٤٠، الباب ١٢ من أبواب إحياء الموات الحديث ١.

(٤) الوسائل ١٧: ٣١٩، الباب ٥ من أبواب الشفعة الحديث ١.(٥) الوسائل ١٧: ٣٣٣، الباب ٧ من أبواب إحياء الموات الحديث ٢.

Page 369: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

(٣٦٨)

Page 370: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

" نقع البئر " فيظهر من أئمة الحديث أن قوله (صلى الله عليه وآله) ال ضرر وال ضرارمن تتمة

قوله (صلى الله عليه وآله) في حكم الشفعة، وهكذا من تتمة نهيه عن منع نقع البئرومنع فضل الماء.

ولكنه يمكن أن يقال: إن ال ضرر وال ضرار حكم مستقل منه (صلى الله عليه وآله)،وليس من

تتمة حكمه في الشفعة وحكمه في منع نقع البئر وفضل الماء وذلك من وجوه:األول: أن أقضية النبي (صلى الله عليه وآله) مضبوطة عند اإلمامية وأهل السنة

والجماعة،وبعد اتفاق ما رواه العامة عنه (صلى الله عليه وآله) مع ما رواه أصحابنا عن أبي عبد

الله (عليه السالم) وبعدورود ال ضرر مستقال في طريقهم إليه (صلى الله عليه وآله) يحدس الفقيه أن ما ورد في

طريقناأيضا كان مستقال، وكان هو بنفسه من أقضيته (صلى الله عليه وآله) من دون أن يكون

تتمة لحديثالشفعة ومنع فضل الماء.

وبالجملة: مقتضى ما نقله شيخنا األستاذ مد ظله عن عالمة عصره شيخالشريعة األصبهاني (قدس سره) أن أكثر أقضية النبي (صلى الله عليه وآله) مروي في

مسند أحمد بن حنبل،وأول من رواه عنه (صلى الله عليه وآله) هو عبادة بن الصامت الذي هو من خيار

الصحابة، وأنكثيرا منها أو جلها مروية في كتبنا عن الصادق (عليه السالم)، وأول من رواه عنه (عليه

السالم)هو عقبة بن خالد. وحيث إن المروي عن عبادة كان ال ضرر وال ضرار قضاء

مستقال، فإذا عرضنا ما رواه عقبة من تلك األقضية المتفرقة في كتب أصحابنا علىاألبواب على ما رواه ابن حنبل عن عبادة مجتمعة وجدناه موافقا له بألفاظه،

سوى أن ما روي عن عقبة جعل ال ضرر في ذيل قضائه (صلى الله عليه وآله) بالشفعةوقضائه بين

أهل المدينة ومشارب النخل وقضائه بين أهل البادية وصاحب الماشية.وأما ما روي عن عبادة فهو من األقضية المستقلة.

ومن التوافق بينهما يحدس الفقيه أمرين:أحدهما: أن هذه األقضية كما كانت مجتمعة في رواية عبادة كانت كذلكأيضا في رواية عقبة، وإنما فرقها أصحاب الحديث على األبواب على ما هو

Page 371: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ديدنهم من ذكر ما يرتبط بذاك الباب دون مجموع الحديث.والثاني: عدم وجود هذا الذيل في حديث الشفعة ومنع فضل الماء في رواية

(٣٦٩)

Page 372: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

عقبة، بل كان قضاء مستقال وكان من الجمع في الرواية ال في المروي. وظاهرالسياق وإن كان هو الجمع في المروي، إال أن هذا ظهور لم يخبر به عقبة، وإنمااستفاده أئمة الحديث من الجمع في الرواية، وهو يرتفع بأدنى تأمل فيما رووه عنعبادة. بل يشهد اجتماع األقضية في رواية عقبة أيضا كون الراوي عنه في جميع

األبواب المتفرقة محمد بن عبد الله بن هالل، بل على ما تتبعت يكون الراوي عنمحمد بن عبد الله محمد بن الحسين والراوي عن محمد بن الحسين محمد بن

يحيى، فراجع.وكيف كان، فهذا الظهور السياقي حجة مع عدم قيام أمارة على خالفه،

ويكفي في األمارة على خالفه تطابق ألفاظ القضايا المروية عن الفريقين، فإن منهيستكشف كون " ال ضرر وال ضرار " من القضايا المستقلة.

الثاني: أنه لو كان من تتمة قضية أخرى في رواية عقبة لزم خلو رواياتهالواردة في األقضية عن هذا القضاء الذي هو من أشهر قضاياه (صلى الله عليه وآله)،

ألنه لو كانتتمة لقضية أخرى ال يصح عده من قضاياه (صلى الله عليه وآله) مستقال.الثالث: أن كلمة " ال ضرار " على ما سيجئ من معناها ال تناسب حديث

الشفعة ومنع فضل الماء.الرابع: أنه ال شبهة أن بيع الشريك وكذا منع فضل الماء ليس مما يترتب عليه

الضرر، مع أنه من العناوين الثانوية المترتبة على العناوين األولية، فإن الضرر إماعنوان ثانوي للفعل كما هو كذلك خارجا، أو للحكم الشرعي من حيث كونه

كالعلة التكويني له.وبالجملة: ليس الضرر من العناوين األولية، لعدم وجود مصداق له ابتداء،

وإنما يكون دائما معلوال لمصداق كلي طبيعي من العناوين األولية، فإذا كان كذلكفال بد أن يكون هذا الحكم المعلل به علة خارجية لهذا العنوان الثانوي كاالطالع

على أعراض الناس كما في قضية سمرة ولزوم العقد الغبني ونحو ذلك. وال إشكالأن بيع الشريك ليس مقتضيا للضرر، فضال عن أن يكون علة له، مع أنه لو كان علة

(٣٧٠)

Page 373: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

له فالزمه عدم لزوم البيع ال ثبوت حق الشفعة، وهكذا منع فضل الماء ال يوجبالضرر.

نعم، ال ينتفع الممنوع وليس عدم النفع ضررا.وبالجملة: تعليل ثبوت الشفعة وكراهة منع فضل الماء بالضرر ال يستقيم

أصال، فمنه يستكشف عدم كونه من تتمة الحديثين.إن قلت: عدم استقامة كونه علة للحكم ال يكشف عن عدم كونه في ذيل

الحديثين، إلمكان أن يكون علة للتشريع.قلت: نعم وإن كان على فرض وروده في ذيلهما ال مناص عن كونه علة

التشريع كاختالط المياه بالنسبة إلى جعل العدة والحرج بالنسبة إلى جعل الطهارةللحديد إال أن كونه علة للتشريع أيضا بعيد، ألن وقوع الضرر على الشريك

والممنوع من فضل الماء اتفاقي. وعلة التشريع وإن لم يعتبر كونها دائميا ولكنهيعتبر أن تكون غالبيا أو كثير االتفاق، فإن الضرر االتفاقي ليس بتلك المثابة مناألهمية بحيث يجعل له حكم كلي لئال يقع الناس فيه، إال أن يقال: إن مناطات

األحكام غير معلومة، فلعل سد باب الضرر ولو في مورد صار منشأ لجعلالحكمين مطلقا.

وكيف كان، فعلى فرض اقتران حديثي الشفعة ومنع الفضل بهذا الذيل ال بد منجعله حكمة للتشريع، ألنه لو كان هذا الذيل بمساق واحد في موارده الثالثة وكانكبرى كلية لها وكانت هذه الموارد بأجمعها من صغرياتها لزم إشكاالت غير قابلةالدفع، فال محيص عن االلتزام بالفرق بين الموارد، وهو جعله كبرى كلية في قصة

سمرة، وحكمة لتشريع الحكم اإللزامي في باب الشفعة، ولتشريع الحكم الغيراإللزامي في باب منع فضل الماء.

توضيح اإلشكاالت: أنه لو كان كبرى كلية في الموارد الثالثة لزم أوال: هدمأساس الحكومة وسائر المعاني المذكورة في الحديث المبارك، ألنه ال ريب أن منع

فضل الماء المملوك ليس إال على نحو الكراهة دون الحرمة، وال شبهة أيضا أن

(٣٧١)

Page 374: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الصغرى ال بد أن تكون قطعي االندراج في الكبرى. والزم هاتين المقدمتين أنيكون ال ضرر مستعمال في القدر المشترك بين الحكم االلزامي وغيره، نظير صيغةاألمر المستعملة في القدر المشترك بين الطلب االلزامي وغيره، فال يمكن استفادةنفي الحكم بلسان نفي الموضوع، وال نفي الحكم الضرري، وال نفي الضرر الغير

المتدارك، وال النهي.وثانيا: يلزم ارتفاع ا ألحكام المجعولة إذا كان جعلها من معدات الضرر ومنالمقدمات البعيدة له، فإن الشريك بنفسه ليس ضرريا ال حقيقة وال عرفا، بلاستلزام بيع الشريك الضرر على شريكه، نظير استلزام استخراج الحديد منالمعدن قتل المقتول بالسيف واستلزام استخراج الرصاصة منه قتل المقتول

بالبندق، في كونه من المعدات للضرر ال العلة له.وبالجملة: قد تقدم أن الضرر من العناوين الثانوية لألفعال، فال بد أن يكون

ترتبه على معنونه ترتب المعلول على علته، كترتب الضرر على دخول دار الغيربال إذن منه، ال كترتب الضرر على الماشية بمنع فضل الماء وترتب الضرر على

الشريك ببيع شريكه، وإال لزم تأسيس فقه جديد.وثالثا: مقتضى كون الموردين متيقن االندراج تحت الكبرى هو التعدي إلى

ما يشاركهما في مناط االندراج تحتها، ألن بعد االلتزام أن كلما استلزم الضرر ولوبوسائط عديدة فهو مرفوع، فيلحق بمسألة الشفعة سائر صور بيع الشريك بليلحق بها غير البيع أيضا، ويلحق بالماشية الزرع وغيره، وفي الزرع وإن قيل

باإللحاق بها على ما نقل عن المبسوط إال أنه ال يمكن إلحاق غيره بها، بأن يقال:كلما يستلزم من منع المالك فضول ماله ضررا على الغير فهو مرفوع، فإن االلتزام

به يستلزم فقها جديدا كاستلزامه على اإلشكال السابق.والفرق بين هذا المحذور والمحذور السابق، هو أن التعدي إلى سائر الموارد

على الوجه السابق إنما هو من طرف الموضوع ومن حيث أخذ الضرر بالعنواناألعم من العلة والمعد مرفوعا وعلى هذا الوجه من طرف الحكم المستفاد من

النفي فتدبر جيدا.

(٣٧٢)

Page 375: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وهذه اإلشكاالت مندفعة بما ذكرنا: من أنه على فرض ورود " ال ضرر "و " ال ضرار " في ذيل حديثي الشفعة ومنع فضل الماء ال محيص عن كون نفي

الضرر حكمة للتشريع ال علة للحكم، وال يلزم محذور وال توهم إشكال إال أمران:األول: أنه كيف يكون عنوان واحد تارة علة للتشريع وأخرى بنفسه من

المجعوالت الشرعية مع ما بينها من التباين والتنافر على ما بينا في مبحث العاموالخاص، وإجماله أن علة التشريع ما ال يمكن للمكلف إحرازه وتمييز المورد

المشتمل على العلة عما ال يشتمل عليها، ولذا ال يمكن جعله حكما تكليفيا ملقىإلى المكلف، وهذا بخالف المجعول الشرعي، فإنه هو الذي يلقى إلى المكلف

ويكلف بفعله أو تركه، لكونه مقدورا له إما ابتداء أو بالواسطة ويميز مورد تحققهعن غيره.

والثاني: أنه لو دار أمر الشئ بين كونه علة للتشريع وكونه مجعوال شرعيافاألصل هو الثاني، فكيف يترك هذا األصل في المقام ويحكم بكون ال ضرر علة

للتشريع في باب الشفعة ومنع فضل الماء.ولكنك خبير باندفاعهما:

أما األول: فألن العنوان الواحد لو كان من العناوين األولية وكان بالنسبة إلىمصاديقه متواطيا لما صح إرادة علة التشريع منه تارة ومجعوال شرعيا أخرى.وأما لو كان من العناوين الثانوية وكان مشككا بالنسبة إلى مراتبه والمصاديق

المندرجة تحته - بأن يكون مسببا توليديا ومقدورا بالواسطة تارة وأثرا إعدادياأخرى - فال مانع من أن يجعل مجعوال شرعيا في مورد وحكمة للتشريع في مورد

آخر. ومجرد اتحاد اللفظ ال يمنع عن وروده بكال اللحاظين، ألنه في أحدالموردين يجعل حكما شرعيا وملقى إلى المكلف ويطلب منه فعله أو تركه لكونهمقدورا له ولو بواسطة أسبابه ومقدماته كما يؤمر بالتطهير والتبريد ونحوهما، وفي

المورد اآلخر يجعل حكمة للتشريع كما في سائر موارد حكم التشريع وعلله.وضابطه أن يكون هو بالنسبة إلى األثر المرغوب من المعد دون الجزء األخير من

(٣٧٣)

Page 376: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

العلة التامة، بل يكون الجزء األخير من العلة أمرا غير اختياري يكون هو الواسطةبين األمر االختياري واألثر المترتب على مجموع األجزاء.

ثم إنه لو جعل الضرر حكمة للتشريع أمكن اختالف الحكم الذي شرع لعدمورود الضرر أحيانا، فقد يكون حكما وضعيا كما في الشفعة، وقد يكون تكليفا

غير إلزامي وعلى جهة الرجحان والفضل، كما في النهي عن منع فضل الماء.وعلى هذا فال يلزم استعمال " ال ضرر " في القدر المشترك بين الحكم

الوضعي وغيره نظير الطلب المشترك بين اللزوم وغيره، وال في القدر المشتركبين كونه مجعوال شرعيا بنفسه وحكمة للتشريع، بل استعمل في كل مورد بمعنىيباين ما استعمل في مورد آخر، وال محذور فيه، لما ظهر أن مجرد اتحاد التعبير

ليس مانعا عن استعماله في المعاني المتباينة، كما هو الشأن في كل مشكك.وأما الثاني: فألن األصل فيما ورد من الشارع وإن كان يقتضي أن يكون هو

الحكم المجعول ال الحكمة وبيان الخواص والغايات المترتبة على األفعال، ألنوظيفة الشارع هي التشريع، إال أن مستند هذا األصل هو الظهور السياقي وهو

يرتفع بأدنى ظهور على خالفه، وال سيما في مثل المقام الذي يمتنع جعله حكماشرعيا في الموردين ثبوتا وإثباتا.

أما ثبوتا فلما هو المشاهد بالعيان أن بيع الشريك ليس علة لترتب الضررعلى شريكه وال منع فضل الماء علة لترتب الضرر على الماشية، بل غاية ما هما

عليه أن يكونا من المقدمات اإلعدادية للضرر نظير ما ذكرنا من أن استخراجالحديد من المعدن من المقدمات اإلعدادية للقتل، فإذا كانا من المعدات فال يمكنجعل الضرر المترتب عليهما أحيانا من الحكم المجعول بحيث يرد النهي عليه، بل

ال محيص عن جعل عدم ترتبه من علل تشريع الشفعة وكراهة منع فضل الماء.وأما إثباتا فألن ضابط كون العنوان مجعوال شرعيا وكونه بمنزلة الكبرىلمورده ال حكمة للتشريع أن يكون المورد مندرجا فيه موضوعا وحكما.

أما موضوعا فبأن يكون مصداقا خارجيا له وفردا تكوينيا منه كقوله

(٣٧٤)

Page 377: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

" ال تشرب الخمر ألنه مسكر " فإن الخمر من المصاديق الخارجية للمسكر بحيثلو لم يكن هذا التعليل أيضا لكان مندرجا تحته.

وأما حكما فهو على أحد وجهين:إما بأن يكون ذكر المورد لمجرد تحقق الموضوع والعام مسوقا لبيان حكمه،

كما في أخبار االستصحاب، فإن قوله " فهل علي أن أغسله؟ " بمنزلة الموضوعوقوله (عليه السالم) " ال، ألنك أعرته إياه وهو طاهر " (١) سيق لبيان حكمه. وهكذا

في قضيةسمرة ونحو ذلك، من العمومات الواردة بعد تحقق بعض مصاديقها.

وإما بأن يكون الحكم الوارد على المورد متعقبا بحكم عام كما في قوله" أكرم زيدا لكونه عالما، وال تشرب الخمر لكونه مسكرا ".

وال شبهة أن " ال ضرر " على فرض وروده في ذيل حديثي الشفعة ومنع فضلالماء ال يمكن أن يكون بمنزلة الكبرى الكلية للموردين، لخروجهما عنه موضوعا

وحكما.أما موضوعا فلعدم كونهما مصداقين خارجيين منه، لما عرفت أنهما من

المقدمات البعيدة منه. بل ولو فرض تحقق الضرر دائما من بيع الشريك ومنع فضلالماء إال أنه من باب االتفاق أيضا ال العلية، وذلك لوضوح أنه ال مناسبة بين البيعوالضرر وال بين منع فضل الماء والضرر. فال يمكن أن يكون الضرر عنوانا ثانويا

لهما، كما في التطهير والغسل ونحو ذلك من العناوين المترتبة على أسبابهاالخارجية والمحصالت التوليدية.

وأما حكما فلما عرفت أنه على أحد وجهين، وكل منهما ال يجريان فيالضرر في الموردين على أي معنى أريد من ال ضرر، سواء قيل بأنه لبيان حرمة

اإلضرار، أو أن الضرر الغير المتدارك غير مجعول، أو كان نفي الحكم بلسان نفيالموضوع، أو كان لنفي الحكم الضرري.

--------------------(١) الوسائل ٢: ١٠٩٥، الباب ٧٤ من أبواب النجاسات الحديث ١.

(٣٧٥)

Page 378: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

أما على األولين فواضح، ألنه لو لم يرد قوله (صلى الله عليه وآله) " ال ضرر وال ضرار" في

ذيل حديثي الشفعة ومنع فاضل الماء بل ورد حكما مستقال ال يكاد يستفاد منهحكم الشفعة وفاضل الماء، ألنه ال مناسبة بينهما. مع أنهما لو كانا محكومين بهذا

الحكم لكان الالزم استفادة حكمهما من مجرد قوله (صلى الله عليه وآله) " ال ضرر "كاستفادة

وجوب إكرام " زيد العالم " من أكرم العلماء، وحرمة " شرب الخمر " من ال تشربالمسكر، واستفادة حرمة " نقض اليقين بالطهارة " من قوله: ال تنقض اليقين بالشك.

وهذا اإلشكال وإن كان في الحقيقة إشكاال في الموضوع، ولكنه على فرضصدق الضرر على الموردين أيضا نقول: ال يمكن استفادة هذين الحكمين من

نفس ال ضرر على فرض عدم تصريحه (صلى الله عليه وآله) بثبوت حق الشفعة وكراهةمنع فضل

الماء، لعدم مناسبة بين حرمة اإلضرار أو وجوب تدارك الضرر وثبوت حقالشفعة وكراهة منع فضل الماء وإن سلمنا السببية التامة بين بيع الشريك ومنع فضل

الماء ولزوم الضرر على الشريك اآلخر والماشية.وأما على األخيرين اللذين مرجعهما إلى حكومة ال ضرر على األحكام

المجعولة فلعدم المناسبة أيضا بين الحكومة وهذين الحكمين، ألن مقتضىالحكومة في األول فساد البيع وخروج فاضل الماء عن تحت استيالء مالكه، ال

ثبوت خيار الشفعة للشريك الذي مرجعه إلى إمضاء الضرر الوارد من بيع الشريكمع تداركه بالخيار الذي قد يتدارك به الضرر وقد ال يتدارك كما عند إعسار من له

األخذ بالشفعة.وفي الثاني الحكم بكراهة منع فضل الماء ومرجوحية اإلضرار على الماشية

الذي مرجعه أيضا إلى إمضاء الضرر من دون تدارك.وبالجملة: على فرض اقتران الحديثين الشريفين عند صدورهما عنه (صلى الله عليه

وآله)بهذا الذيل فال بد من حمله على حكمة التشريع، وال يصح جعله كبرى كلية

لمورده، فينحصر مدرك القاعدة على هذا بما هو المستفيض صدوره كبرى كليةمنه (صلى الله عليه وآله) في قصة سمرة بن جندب، فإن هذه القضية هي التي تسلم عن

جميع

(٣٧٦)

Page 379: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

المناقشات، لكون المرور على األنصاري بغير إذن منه الموجب لهتك عرضه منأعظم أفراد الضرر، فيكون صغرى لهذا الكبرى ومندرجا فيها موضوعا وحكما

بأي معنى من المعاني اآلتية للحديث.الجهة الثالثة

في فقه الحديث الشريفوقد اختلفت تعبيرات اللغويين وشراح الحديث في تفسير كل من الضرر

والضرار، ففي الصحاح: الضر خالف النفع، وقد ضره وضاره بمعنى، واالسمالضرر. ثم قال: والضرار المضارة.

وعن المصباح: ضره يضره من باب قتل إذا فعل به مكروها، وأضر به يتعدىبنفسه ثالثيا وبالباء رباعيا واالسم الضرر، وقد يطلق على نقص في األعيان،

وضاره يضاره ضرارا يعني ضره.وفي القاموس: الضرر ضد النفع، وضاره يضاره ضررا، ثم قال: والضرر سوء

الحال، ثم قال: والضرار الضيق.وفي نهاية ابن األثير: في الحديث ال ضرر وال ضرار في اإلسالم الضرر ضد

النفع، ضره يضره ضرا وضرارا وأضر به يضره إضرارا فمعنى قوله " ال ضرر " أيال يضر الرجل أخاه بأن ينقصه شيئا من حقه. والضرار فعال من الضر، أي

ال يجازيه على إضراره بإدخال الضرر عليه. والضرر فعل الواحد والضرار فعلاالثنين، والضرر ابتداء الفعل والضرار الجزاء عليه. وقيل الضرر ما يضر صاحبك

وتنتفع أنت به، والضرار أن تضره من غير أن تنتفع. وقيل هما بمعنى واحد،والتكرار للتأكيد.

وفي مجمع البحرين - الذي هو في مصنفاتنا كنهاية ابن األثير في مصنفاتالعامة من كتب التفسير - قال: وفي حديث الشفعة قضى رسول الله (صلى الله عليه

وآله) بالشفعة

(٣٧٧)

Page 380: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

بين الشركاء في األرضين والمساكن، وقال: وال ضرر وال ضرار في اإلسالم.ثم فسر الكلمتين بما فسرهما به ابن األثير بأدنى تفاوت في العبارة فراجعه.

والمتحصل من مجموع هذه الكلمات ومن موارد االستعمال: أن الضرر عبارةعن فوت ما يجده اإلنسان من نفسه وعرضه وماله وجوارحه، فإذا نقص ماله

وطرف من أطرافه باإلتالف أو التلف أو زهق روحه أو هتك عرضه باالختيار أوبدونه يقال: إنه تضرر به، بل يعد عرفا عدم النفع بعد تمامية المقتضي له من الضرر

أيضا.وأما الضرار فهو وإن كان من مصادر باب المفاعلة واألصل فيه أن يكون بين

اثنين ولذا فسره ابن األثير به، إال أن الظاهر بل المتعين في أغلب موارد استعمالهأن يكون بمعنى الضرر، كقوله عز من قائل * (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفراوتفريقا بين المؤمنين) * (١) وقوله * (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فامسكوهنبمعروف أو سرحوهن بمعروف وال تمسكوهن ضرارا لتعتدوا) * (٢) وعلى هذا

فيمكن أن يكون في المقام للتأكيد.وعلى أي حال، لم يستعمل في المقام على معنى باب المفاعلة وال بمعنى

الجزاء على الضرر، ألنه لم يرد من األنصاري ضرر على سمرة وال وقع مضارةبينهما، فتفسير الحديث بفعل االثنين أو الجزاء على الضرر ال وجه له.

ويحتمل قريبا أن يكون استعمال ال ضرار هنا بعناية أخرى، وهي العنايةالموجبة لخطابه (صلى الله عليه وآله) بسمرة بقوله (صلى الله عليه وآله) " إنك رجل

مضار " وهي عبارة عن إضرارذلك الشقي بإضراره على األنصاري على ما يظهر من متن الحديث. فقوله (صلى الله

عليه وآله):إنك رجل مضار وإن أمكن أن يكون بمعنى أنك رجل مضر، كما في قوله عز من

قائل و * (ال تضار والدة بولدها) * (٣) إال أن إصراره على اإلضرار كأنه صار بمنزلةصدور الفعل بين االثنين منه، وكأنه اتصف بهذا الوصف، فإن أغلب موارد

--------------------(١) التوبة: ١٠٧.(٢) البقرة: ٢٣١.(٣) البقرة: ٢٣٣.

(٣٧٨)

Page 381: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

استعمال اسم الفاعل من باب المفاعلة هو أن يكون صدور المبدأ نعتا للفاعل كمايقال: زيد محارب أو مماطل أو مقاتل، قال الله سبحانه * (وفضل الله المجاهدين

على القاعدين) * (١) وقال سبحانه * (ومن يخرج من بيته مهاجرا) * (٢) وقال عزاسمه * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم اآلخر

وجاهد في سبيل الله) * (٣).والجملة: يحتمل قريبا أن يكون ال ضرار لبيان نفي تعمد الضرر واإلصرار

عليه، ويؤيد ذلك ما رواه هارون بن حمزة الغنوي " عن أبي عبد الله (عليه السالم) فيبعير

مريض اشتراه رجل بعشرة دراهم وشاركه اآلخر بدرهمين بالرأس والجلد،فقضى إن برأ البعير وبلغ ثمنه دنانير، فقال (عليه السالم): لصاحب الدرهمين خمس ما

بلغ،فإن قال أريد الرأس والجلد فليس له ذلك، هذا الضرار... إلى آخره (٤).

فإن ظاهر هذه الرواية أنه استعمل الضرار في التعمد على الضرر والقصد إليه،كما في قضية سمرة. فحاصل الفرق بين الضرر والضرار أنه لو كان حكم أو فعليلزم منه الضرر من دون تعمد وإصرار عليه فهو الضرر، وأما إن كان عن قصد إلى

ورود الضرر وتعمد عليه فهو الضرار.وكيف كان، فليس اختالف معناهما أو كون الثاني تأكيدا لألول مما يهم الفقيهكثيرا وإنما المهم البحث عن مفاد الجملة التركيبية، فاألولى صرف العنان إليه،

فنقول: قد ذكروا فيه وجوها، وقال بكل قائل:األول: إبقاء النفي على حقيقته وكون المنفي هو الحكم الضرري، ومرجعه إلى

نفي الحكم الذي يوجب ثبوته ضررا على العباد، سواء كان الضرر ناشئا من نفسالحكم كما في لزوم العقد وسائر األحكام الوضعية، أو باعتبار متعلقه كالوضوء

--------------------(١) النساء: ٩٥.

(٢) النساء: ١٠٠.(٣) التوبة: ١٩.

(٤) الوسائل ١٣: ٤٩، الباب ٢٢ من أبواب بيع الحيوان الحديث ١.

(٣٧٩)

Page 382: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الضرري وغيره من األحكام التكليفية. وقد نسب هذا الوجه إلى فهم األصحاب،واختاره شيخنا األنصاري (قدس سره) (١)، وهذا هو المختار كما سنبين وجهه.

الثاني: إرادة النهي من النفي، ومرجعه إلى تحريم اإلضرار.وهذا هو الذي يظهر من كلمات اللغويين وشراح الحديث كما تقدم عبائرهم.

فإن قول ابن األثير في تفسيره بأن ال يضر الرجل أخاه، وما يقرب من ذلك يرجعإلى النهي عن إضرار الغير.

لكن يمكن أن يستظهر منهم حيث أوردوا تفاسيرهم بصيغة المضارع المنفيدون النهي أنهم بصدد تفسير المنفي دون النفي.

وكيف كان فقد اختار ذلك صاحب العناوين (٢) وأصر عليه شيخ الشريعةاإلصفهاني (قدس سرهما) (٣)، وبالغ الثاني في استظهار هذا المعنى محتجا بنظائره

مما ورد فيالكتاب والسنة مدعيا ظهورها في النهي أيضا.

ولكنك خبير بأن مجرد دعوى التبادر وظهور هذا المعنى في سائر التراكيب -على فرض تسليمه - ال يثبت المدعى، مع منع إرادة النهي من سائر التراكيب أيضا.

نعم، لو لم يمكن إرادة المعنى األول وال ما يرجع إليه من المعنى الثالثفيتعين ذلك.

الثالث: نفي الحكم بلسان نفي الموضوع، كما في قوله (صلى الله عليه وآله) " الرهبانية في

اإلسالم " ونحو ذلك، ومرجع هذا المعنى إلى أن الموضوع الضرري ال حكم له.واختار ذلك المحقق الخراساني (قدس سره) ورتب على هذا آثارا:

منها: عدم حكومة ال ضرر على االحتياط العقلي، فقال في الكفاية فيالمقدمة الرابعة من االنسداد: وذلك لما حققناه في معنى ما دل على نفي الضرروالعسر من أن التوفيق بين دليليهما ودليل التكليف والوضع المتعلقين بما يعمهما

هو نفيهما عنهما بلسان نفيهما، فال يكون له حكومة على االحتياط العسر إذا كان--------------------

(١) المكاسب ٢٣: ١١٤، الرسائل ٢: ٥٣٤.(٢) العناوين ١: ٣١٦ - ٣١٩.(٣) قاعدة ال ضرر: ٢٤ - ٢٥.

(٣٨٠)

Page 383: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

بحكم العقل، لعدم العسر في متعلق التكليف، وإنما هو في الجمع بين محتمالتهاحتياطا.

نعم، لو كان معناه نفي الحكم الناشئ من قبله العسر - كما قيل - لكانت قاعدةنفيه حاكمة على قاعدة االحتياط (١).

ومنها: ما أفاده في حاشيته على مكاسب الشيخ األنصاري في شرح قوله" في خيار الغبن بأن انتفاء اللزوم وثبوت التزلزل في العقد ال يستلزم ثبوت الخيار

في العقد " فقال: هذا إذا كان المرفوع بحديث ال ضرر الحكم الناشئ منه الضرر،وأما إذا كان المرفوع ما كان للضرر من الحكم مع قطع النظر عن هذا الحديث كان

المرفوع في المعاملة الغبنية وجوب الوفاء بها وهو يستلزم جوازها كما ال يخفى.نعم ال يستلزم ثبوت الخيار الحقي (٢).

وبالجملة: فحاصل ما أفاده (قدس سره) في مقابل أستاذه شيخنا األنصاري هو أنالشيخ يعبر عن مفاد ال ضرر بأن الحكم الضرري ال جعل له، وهو يعبر عنه بأن

الموضوع الضرري ال حكم له. ونحن بينا في باب االنسداد وفي خيار الغبن بأنهال فرق بين هذين التعبيرين في األثر على فرض صحة ما أفاده، وسيجئ فيالمقام أن نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ممتنع في ال ضرر وال ضرار.الرابع: أن يكون كناية عن لزوم التدارك، أي الضرر المجرد عن التدارك

منفي. وهذا المعنى نسبه شيخنا األنصاري (قدس سره) إلى بعض الفحول، وقال بعد مااختاره من المعنى: ثم إن أردء االحتماالت هو الثاني وإن قال به بعض الفحول،

ألن الضرر الخارجي ال ينزل منزلة العدم بمجرد حكم الشارع بلزوم تداركه وإنماالمنزل منزلته الضرر المتدارك فعال إلى آخر كالمه (قدس سره) (٣).وال يخفى أن ما أفاده من أن هذا الوجه أردء االحتماالت هو الحري

بالتحقيق، خصوصا لو أراد بعض الفحول من لزوم التدارك - الذي ادعى كونه معنى--------------------

(١) الكفاية: ٣٥٨.(٢) حاشية المكاسب: ١٨٣.

(٣) رسالة في قاعدة ال ضرر (رسائل فقهية): ١١٤.

(٣٨١)

Page 384: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

كنائيا أو مدلوال التزاميا لنفي الضرر والضرار - مجرد وجوبه تكليفيا على المضردون اشتغال ذمته به، ألن مجرد حكم الشارع بوجوب تدارك الضرر تكليفا غير

موجب لعد الضرر الواقع بمنزلة العدم ويقال ال ضرر وال ضرار. وعلى فرضاستفادة الوضع منه أيضا يكون هذا الوجه أردء الوجوه، ألنه على هذا يكون

ال ضرر مدركا لقاعدة فقهية ال عين لها وال أثر في كلمات األصحاب، ألنه لم يعهدمن واحد منهم عد الضرر من أحد أسباب الغرامة كعدهم اإلتالف والتلف في

بعض المقامات منها.وبالجملة: مع ورود صحيحة الكناني ورواية الحلبي الصريحتين في أن " منأضر بشئ من طريق المسلمين فهو له ضامن " لم يعدوا اإلضرار من أسباب

الضمان، وإنما حكموا بالضمان على من حفر بئرا في طريق المسلمين ونحوه منباب اإلتالف بالتسبيب الستناد التلف إلى السبب دون المباشر، فراجع باب

الضمان.وكيف كان، فأحسن الوجوه وأصحها هو ما أختاره شيخنا األنصاري - وهو

ثالث الوجوه في كالمه - ألن هذا الوجه يصلح ألن يكون مدركا للقاعدة الفقهيةالمتداولة بين الفقهاء دون الثاني والرابع.

أما الثاني فألنه بناء عليه يكون " ال ضرر " بنفسه حكما فرعيا ودليال علىحرمة اإلضرار كسائر أدلة المحرمات.

وأما الرابع فلما عرفت من أنه لم يعهد من أحد عد الضرر من أسبابالغرامات، وهذا بخالف هذا الوجه، فإنه دليل لكثير من األحكام الشرعية، كخيار

الغبن وسقوط النهي عن المنكر وإقامة الحدود ولزوم أداء الشهادة ووجوبالوضوء وغير ذلك من الموارد العديدة المعدودة أغلبها في " العناوين " وكثير مماعده في هذا الكتاب وإن لم يخل عن مناقشة، لعدم انحصار مدركه في قاعدة نفيالضرر، ولكنه على أي حال هي المدرك في كثير من الفروض ويطلع عليه المتتبع

المراجع في كتب األصحاب ال سيما العالمة (قدس سره) في التذكرة.

(٣٨٢)

Page 385: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وكيف كان، هذا الوجه هو المتعين بين المحتمالت من حيث نفس التركيبوباعتبار وروده في الروايات كبرى كلية، كالرواية الواردة في قضية سمرة

والواردة في البعير المريض، وبهذا الوجه يقدم على أدلة األحكام، فإن هذا هوأساس الحكومة أو ما يرجع إلى ذلك دون المعنيين اآلخرين.

أما كون هذا المعنى متعينا بين المحتمالت فتوضيحه يتوقف على تمهيد أمور:األول: قد ذكرنا في أول البراءة في بيان معنى حديث الرفع: أن وجود هذه

المرفوعات في الخارج ال يالزم استعمال الرفع في الحديث المبارك في غير معناهالحقيقي، أو تقدير شئ من المؤاخذة ونحوها حتى يصح استعماله في معناه

الحقيقي. بل حيث إن الرفع الوارد في كالم الشارع رفع للتسعة في عالم التشريعفاستعمل في معناه الحقيقي، ويتعلق بما يقبل الرفع بنفسه - كقوله (صلى الله عليه

وآله) رفع ما اليعلمون - وما ال يقبله إال بأثره كرفع النسيان وأخواته بجامع واحد.

نعم يختلف نتيجة الرفع باختالف المرفوع، فقد يفيد الحكم الظاهري وقد يفيدتخصيص األحكام الواقعية، وحال " ال ضرر وال ضرار " بعينه حال " رفع عن أمتيتسعة " فكما أن الرفع في هذا الحديث تعلق بما يقبل الرفع بنفسه وما ال يقبله إالبأثره فكذلك يمكن تعلق نفي الضرر بكلتا الطائفتين من دون لزوم تجوز أو ادعاء

ونحوهما من العنايات، ألنه ليس قوله (صلى الله عليه وآله) " رفع " أو " ال ضرر "إخبارا حتى

يلزم تجوزا وإضمارا لئال يلزم الكذب، فإذا لم يكن ال ضرر إال إنشاء ونفيا له فيعالم التشريع فيختلف نتيجته باختالف المنفي كاختالف المرفوع.

ثم إنه كما يكون النفي الخبري حقيقيا تارة كقوله - ال رجل في الدار -وادعائيا أخرى كقوله (عليه السالم) " يا أشباه الرجال وال رجال " كذلك النفي

التشريعيأيضا ينقسم إلى هذين القسمين كقوله (عليه السالم) " ال صالة إال بفاتحة الكتاب "

وقوله (عليه السالم) " ال صالة لجار المسجد إال في المسجد " وينتج الفساد في األولونفي

الكمال في الثاني من دون استعمال النفي في الصحة في األول والكمال في الثاني،بل ألن نفي األمر القابل ألن تناله يد الجعل حقيقة مقتضاه نفي المجعول واقعا،

وهذا عين الفساد، ونفيه ادعاء مقتضاه نفي الكمال.

(٣٨٣)

Page 386: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وكيف كان، النفي باعتبار األثر أيضا من مراتب النفي في عالم التشريع، كماأوضحنا ذلك في حديث الرفع وقلنا: إنه بجامع واحد يتعلق بما ال يعلمون وبالخطأوالنسيان، وكذلك فيما ال يعلمون يشمل بجامع واحد الشبهة الموضوعية والشبهة

الحكمية، وكذلك في قوله (عليه السالم) " كل شئ حالل حتى تعلم أنه حرام " يشملالحلية

بجامع واحد مشتبه الحكم ومشتبه الموضوع. وذكرنا أن ما أفاده المحقق القمي:من أن إرادة األمرين منه استعمال للفظ واحد في أكثر من معنى غير صحيح، ألن

األمرين كل منهما من مصداقه. وقلنا في باب االستصحاب أيضا إن قوله (عليه السالم)" ال تنقض اليقين بالشك " يشمل بجامع واحد الشبهة الحكمية والموضوعية،

فإشكال استعمال اللفظ فيما أريد رفع الحكم والموضوع في أكثر من معنى واحدفي استعمال واحد غير وارد. والتوقف إلى اإلضمار أو التجوز فيما لو تعلق الرفع

أو النفي بموضوع ذي حكم غير صحيح، بل يصح تعلقهما بالموضوع بال إشكال.ولكنه مع ذلك لو دار األمر بين تعلقهما بالحكم وبموضوع ذي أثر فتعلقهما

بالموضوع في طول تعلقهما بالحكم.وبالجملة: وإن صح تعلق النفي في مثل " ال ضرر " بالموضوع، ألن النفي

بلحاظ األثر أيضا نفي تشريعي حقيقي، ولكنه ال تصل النوبة إليه إال بعد تعذر تعلقالنفي في مثل " ال ضرر " بالموضوع، ألن النفي بلحاظ األثر أيضا نفي تشريعيحقيقي ولكنه ال تصل النوبة إليه إال بعد تعذر تعلق النفي بما هو مجعول بنفسه.

وأما لو أمكن ذلك فهو مقدم على النفي بلحاظ األثر.وضابطه: أن يكون نفس هذا النفي صالحا ألن تناله يد الجعل، إما باعتبار

المنفي كما لو قيل ال وجوب وال لزوم ونحوهما، وإما من حيث نفس النفي كما لوقيل ال صالة إال بفاتحة الكتاب وال بيع إال في ملك ونحوهما.

وعلى هذا، فال فرق بين أن يكون المنفي من األحكام الشرعية الوضعية أوالتكليفية، وال بين أن يرد النفي على الماهيات المخترعة كالصالة والصوم وأن يرد

على األمور اإلمضائية كالبيع والرهن، وال بين أن يرد على العنوان األولي

(٣٨٤)

Page 387: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

كاألمثلة المتقدمة أو يرد على العنوان الثانوي أي المسبب التوليدي كالضرروالحرج ونحوهما، وال فرق أيضا بين أن يكون النفي نفيا بسيطا - أي كان النفيواردا لسلب ذات الشئ - وأن يكون نفيا تركيبيا أي واردا لسلب شئ عن شئ.

وتوضيح ذلك: أنه قد تقدم منا مرارا أن األحكام الشرعية من األموراالعتبارية النفس األمرية ووجودها التكويني عين تشريعها، فإذا كانت كذلك

فإثباتها أو نفيها راجعة إلى إفاضة حقيقتها وإيجاد هويتها أو إعدامها عن قابليةالتحقق، فعلى هذا يكون نفيها من السلب البسيط. وقوله (صلى الله عليه وآله) " ال

ضرر وال ضرار "أيضا من هذا القبيل كما سيجئ توضيحه.

وأما الماهيات االختراعية أو األمور الدائرة بين العقالء المتعلق بها اإلمضاءفحيث إن قابليتها للجعل اختراعا وتأسيسا أو إمضاء وتقريرا عبارة عن تركيبأنفسها أو محصالتها دون إفاضة هوياتها وإيجاد حقائقها، فال محيص من أن

يكون النفي الوارد عليها من السلب التركيبي، وال جرم يكون المجعول فيها نفسالنفي دون المنفي.

وبالجملة: األحكام الشرعية سواء كانت تكليفية أو وضعية كالوجوبواللزوم فنفيها نفي بسيط، وما تناله يد الجعل هو المنفي، فإنها بشراشر هويتها مماتناله يد الجعل. وأما متعلقات التكليف كالصالة والصيام ونحوهما والمعامالت من

العقود واإليقاعات فنفيها نفي تركيبي، وما تناله يد الجعل هو نفيها دون أنفسها،ألنها من األمور الخارجية. والشارع إما يجعل التركيب بينها كالماهيات المخترعة

وإما يمضيها كباب العقود واإليقاعات.ثم إن السلب التركيبي على قسمين:

قسم ينفى فيه هذه الماهيات عن شئ كقوله: ال صالة إال بطهور، وال صياملمن لم يبت الصيام من الليل، وال عتق إال في ملك، وال رهن إال مقبوضا، وال سبق

إال في خف أو حافر أو نصل، ونحو ذلك.وقسم عكس ذلك وهو أن ينفى فيه شئ عن هذه الماهيات، كما في مثل

(٣٨٥)

Page 388: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

" ال شك في المغرب " (١) و * (ال رفث وال فسوق وال جدال في الحج) * (٢)ونحوذلك.

وفي القسم األول يفيد النفي الجزئية أو الشرطية.وفي القسم الثاني المانعية، فإن نفي الماهية عن شئ معناه عدم تحقق الماهية

بدون ذلك.وأما نفي شئ عن الماهية فمعناه ضدية وجود هذا الشئ فيها، أي الماهية

قيدت بعدمها.وكيف كان، فينتج النفي في القسمين الفساد ال الستعمال النفي في نفي الصحة

في هذه األمثلة وفي نفي الكمال في مثل " ال صالة لجار المسجد إال في المسجد "ألن نفي هذه الطبيعة عن شئ حقيقة ونفي شئ عنها كذلك مرجعه إلى نفي هذا

التركيب أو هذا المجعول أو ردع ما عند العقالء، ونفيه تشريعا على نحو الحقيقةينتج الفساد. واعتبار شئ في الماهية وجودا أو عدما، أو اعتبار قيد في ما بيد

العرف والعقالء كذلك. هذا تمام الكالم في ضابط ما يكون النفي الوارد في هذاالتركيب قابال ألن يتعلق به الجعل من حيث نفس النفي أو المنفي. وأما ضابط مايكون النفي واردا باعتبار األثر فهو ما إذا امتنع تعلق الجعل به ال من حيث النفي

وال من حيث المنفي لكونه من األمور الخارجة، ولكنه كان ذا حكم لوال هذا النفيبأحد وجهين: إما بأن يكون بنفس عنوانه موضوعا لحكم عند العرف أو في

الشرائع السابقة والنفي واردا إللغاء ذلك الحكم ونسخه كقوله (صلى الله عليه وآله) "ال رهبانية في

اإلسالم " وقوله (صلى الله عليه وآله) " ال صرورة في اإلسالم " وقوله (صلى الله عليهوآله) " ال إخصاء في

اإلسالم " ونحو ذلك مما صدر منه (صلى الله عليه وآله) لنسخ األحكام السابقةوإلغائها من

االعتبار، وإما بأن يكون مندرجا لوال هذا النفي في عموم أو إطالق وكان النفيواردا إلخراج هذا الفرد عن موضوع العام أو المطلق كقوله (صلى الله عليه وآله) " ال

شك لكثير--------------------

(١) الوسائل ٥: ٣٠٦، الباب ٢ من أبواب الخلل الواقع في الصالة الحديث ١٣، وفيه (وليسفي المغرب سهو).(٢) البقرة: ١٩٧.

(٣٨٦)

Page 389: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الشك " و " ال شك في نافلة " و " ال شك للمأموم مع حفظ اإلمام " ونحو ذلك مماورد إلخراج مصداق عن موضوع العام أو المطلق.

وأمثلة هذا القسم كالقسم األول كثيرة فمن أمثله القسم الثاني قول علي (عليه السالم):ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

ومن أمثلة القسم األول قوله (صلى الله عليه وآله) " ال حمى إال ما حمى الله ورسوله "وقوله (صلى الله عليه وآله): ال صمت يوم إلى الليل.

وبالجملة: كلما تعلق النفي بالموضوع الخارجي سواء كان بلفظ " ال "كقوله (صلى الله عليه وآله): ال كالم في الصالة، أو كان بلفظ " ليس " كقوله (عليه

السالم): وضع الرجلإحدى يديه على األخرى في الصالة عمل وليس في الصالة عمل (١)، أو كان بلفظ

" رفع " كقوله (صلى الله عليه وآله): رفع عن أمتي تسعة الخطأ والنسيان... إلى آخره.فغاية ورود

النفي فيه إنما هو بلحاظ األثر فإذا كان النفي نفيا بسيطا فهو الذي يكون من نفيالحكم بلسان نفي الموضوع، وهذا الموضوع ال محالة محكوم إما في الجاهليةوإما في الشرائع السابقة بحكم حتى يكون هذا النفي واردا لنفي حكمه السابق.

وأما لو لم يكن له حكم فال معنى لنفي الحكم بلسان نفي الموضوع، وزيادة كلمةفي اإلسالم في كثير من هذا القسم إنما بعناية نسخ الحكم السابق في اإلسالم.

ثم إنه ال بد أن يكون عنوانا اختياريا كالرهبانية والخصاء ونحو ذلك حتىيكون نفيه التشريعي موجبا لنفيه التكويني، بل ينحصر حسن التعبير عن نفي

الحكم بلسان نفي الموضوع بذلك، ولذا ال يصح ورود النفي على الموضوعاتالخارجة عن تحت قدرة المكلف لنفي أحكامها. وال بد أيضا أن يكون الحكم

المنفي هو الحكم الجائز قبل ورود النفي. وأما لو كان حكما تحريميا فال ينتج نفيالحكم بلسان نفي الموضوع نسخه بل يدل على إمضائه، كما لو قيل: ال ختان وال

طالق وال تعدد زوجات في اإلسالم. فتأمل.--------------------

(١) الوسائل ٤: ١٢٦٤، الباب ١٥ من أبواب قواطع الصالة الحديث ٤.

(٣٨٧)

Page 390: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وحاصل الكالم: أن نفي الحكم بلسان نفي الموضوع يصح في النفي البسيطبقيود ثالثة: وهي كونه ذا حكم، واختياري، وحكم جوازي.

وأما إذا كان النفي نفيا تركيبيا فالنفي فيه تخصيص بلسان الحكومة.وبعبارة أخرى: النفي فيه تحديد لما أخذ موضوعا لذلك الحكم المنفي بما عدا

مورد النفي، فمثل قوله (عليه السالم) " ال شك لكثير الشك " يدل على اختصاص البناءعلى

األكثر لغير كثير الشك، وهكذا في نظير ذلك. وهذا عين معنى الحكومة فمثلقوله (صلى الله عليه وآله) " ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق " ورد تحديدا لما ورد

من األمربإطاعة الوالدين أو الزوج أو المولى، وال وجه لحمل النفي في هذا المثال ونظيره

على النهي، فإنه مضافا إلى كونه خالف ظاهر النفي وال تصل النوبة إلى حمله علىالنهي إال بعد تعذر حمله على النفي التشريعي يمتنع إرادة النهي في المقام،

إذ ال معنى لتحريم معصية الخالق، فإنه من تحصيل الحاصل.نعم، لو ضاق الخناق في مورد فال بد من حمله على اإلرشاد إلى ما يستقل بهالعقل من قبح معصية الله سبحانه، كحمل األوامر الواردة في قوله عز من قائل

* (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم) * (١) على اإلرشاد.الثاني: أن الكالم المشتمل على النسبة التامة منه ما يتمحض لإلنشائية كاألمر

والنهي، ومنه ما يتمحض للحكاية كالجمل االسمية التي موضوعها من الجوامدالغير المصدرة ب " ال " و " ليس " و " اإلشارة " و " الضمير " مع كون محمولها من

غيرعنوان اإليقاعات كالطالق والعتق ونحوهما كزيد قائم وعمرو ضارب ونحو ذلك،

ومنه ما يشترك بين األمرين كالجمل الفعلية الماضوية والمضارعية واالسميةالمصدرة ب " ال " و " ليس " و " رفع " ونحو ذلك واالسمية التي محمولها من

اإليقاعات مثل " هند طالق " وزيد حر.ثم إنه ال إشكال أن اإلنشاء واإلخبار من المداليل السياقية ال مما وضع له

--------------------(١) النساء: ٥٩.

(٣٨٨)

Page 391: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

اللفظ، والمدلول السياقي يختلف باختالف المقامات. فقد يستكشف من قوله" بعت " انشاء البيع، وقد يستكشف منه الحكاية. وعلى هذا، فلو لم يمكن إبقاءالنفي على حقيقته، لعدم كون المنفي صالحا ألن تناله يد الجعل ال باعتبار نفس

النفي وال باعتبار المنفي، وعدم كونه ذا حكم ال بنفس عنوانه وال لكونه مندرجالوال النفي تحت عمومه أو إطالق.

فإذا كان المنفي عنوانا اختيارا صالحا لتعلق التكليف به تعين بمقتضى السياقحمل الجملة على الجملة الطلبية، وجعل النفي في قوة النهي تارة تحريميا

كقوله (صلى الله عليه وآله) " ال غش بين المسلمين " (١) وأخرى تنزيهيا كقوله(صلى الله عليه وآله) " ال هجر بين

المسلمين فوق ثالثة أيام " (٢) من دون رعاية عناية في اللفظ وال تقدير في الكلمة،ألن مقام الشارعية يقتضي الحمل على الطلب، فإن حال الجملة المتضمنة لنسبة

المصدر أو اسم ا لمصدر إلى الفاعل هو حال فعل المضارع بعينه، وكما أن فعلالمضارع يحمل على الطلب إذا لم يرد حكاية عن تلبس الفاعل بمبدأ االشتقاق

فكذلك حال المصدر واسم المصدر من دون مؤنة إضمار وال تجوز وعنايةونحو ذلك.

والسر في ذلك أن مناط تمحض األمر والنهي لإلنشاء هو كونهما موضوعينإليقاع التلبس بالمبدأ وعدم التلبس به في عالم التشريع على الفاعل، ومعنى

" اضرب " أنت متلبس بالضرب تشريعا الذي مفاده كن متلبسا بالضرب. ومنإلقاء المبدأ إلى الفاعل تشريعا وإيقاع التلبس به إليه كذلك ال تكوينا يتحقق مصداق

للطلب، وليس معنى " اضرب " أطلب منك الضرب. فإذا كان هذا مناط اإلنشاءوالطلب في األمر والنهي، فكل ما يشاركهما في هذا المناط فهو مثلهما في كونه

طلبيا. وفعل المضارع كقوله: " يعيد " أو " ال يعيد " أو المصدر كقوله: " ال غش "و " ال هجر " إذا كان إليقاع التلبس بالمبدأ أو عدم التلبس فيفيد الطلب أمرا أو نهيا

--------------------(١) سنن الدارمي ٢: ٢٤٨.(٢) العزلة ألبي خطاب: ٥.

(٣٨٩)

Page 392: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فقوله (صلى الله عليه وآله) " ال غش " أي يحرم. وهكذا في غير هذا المثال لو وصلتالنوبة إلى

هذا المعنى فمعناه التحريم، كقوله عز من قائل * (ال رفث وال فسوق وال جدال فيالحج) * (١) من دون تجوز ورعاية عالقة. هذا إذا كان المنفي عنوانا اختياريا.

وأما إذا لم يكن عنوانا اختياريا إما لذاته وإما ألخذه مفروض الوجود فيالخارج والنفي قد ورد بعد فرض وجوده، فال يصح أن يكون النفي الوارد عليه

بمعنى النهي إما لخروج متعلقه عن تحت القدرة وإما لكون النهي عنه من الطلبالحاصل، فال مناص حينئذ عن كونه تنزيال لوجوده منزلة عدمه. فلو قيل: ال رجلفي الدار أو ال ضرر في اإلسالم وفرضنا وجود الرجل في الدار ووجود الضرر فياإلسالم فال محالة ينزل وجودهما منزلة العدم، ويستكشف عن هذا التنزيل منشأالتنزيل ويكون هو مدلوال التزاميا للكالم، ويختلف باختالف مورد التنزيل. ففي

مثل " ال رجل " يدور مدار وقوع هذا الكالم في أي مورد صدر، فقد يقع في مقامنفي الشجاعة، وقد يقع مقام نفي الرجولية واآلثار الحاصلة منها، وغير ذلك من

األمور التي ال تحصى. وأما في مثل " ال ضرر في اإلسالم " فينحصر وجه التنزيلإما بالوضع أو التكليف، وهذا مضافا إلى بعده النحصار هذا المعنى في هذا المثال

فقط ال يمكن االلتزام به أيضا ال لما ذكره شيخنا األنصاري (قدس سره)، فإنه يمكنالجواب عنه إذا وصلت النوبة إليه وضاقت األرض بما رحبت، بل ألنه ال تصل

النوبة إليه، لما ظهر في هذين األمرين أن مراتب النفي التشريعي أربع:األول: نفي الحكم الضرري.

الثاني: نفي الحكم بلسان نفي الموضوع، أي نفي األثر.الثالث: إرادة النهي.

الرابع: فرض الموجود بلحاظ لزوم تداركه وضعا أو بلحاظ حكمه تكليفامنزلة العدم.

--------------------(١) البقرة: ١٩٧.

(٣٩٠)

Page 393: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وهذه المراتب األربع طولية ال يتنزل من كل سابق إلى الحقه إال بعد تعذرالسابق، وأما مع إمكانه كما سيتضح فال وجه إلرادة هذا المعنى الذي هو أردء

الوجوه إال على توجيه سنذكره.الثالث: قد ذكر الفقهاء في باب الضمان أنه لو تلف العين المضمونة فيجب

على الضامن من تداركها، إما بالمثل أو القيمة. وذكروا أن أداء المثل أو القيمةبمنزلة أداء نفس العين التي يجب أداؤها بمقتضى قوله (صلى الله عليه وآله): على اليد

ما أخذتحتى تؤدي.

ومقتضى ذلك: أنه إذا حكمنا باشتغال ذمة الضار وضعا صح تنزيل الضررالموجود منزلة المعدوم، كما يصح تنزيل المعدوم منزلة الموجود في العين التالفة.

وبالجملة: المعنى الرابع وإن كان متأخرا عن المعاني السابقة عليه ولكنه إذاوصلت النوبة إليه فال بد من االلتزام به وفرض الضرر الموجود منزلة عدمه بلحاظ

اشتغال ذمة الضار بلزوم التدارك وضعا، وهذا التنزيل في العرف شائع، ولذايخسرون األموال لجلب المنافع وإذا حصل لهم النفع فال يعدون ما خسروه ضررا.

نعم، مجرد وجود التدارك تكليفا ال يقتضي صحة تنزيل الضرر المفروضوجوده منزلة عدمه.

وحاصل الفرق: أن مجرد الجعل الشرعي ال يرفع الضرر الخارجي إذا كانتكليفيا محضا.

وأما إذا انتقل قيمة العين التي أتلفها المتلف إلى ذمته، فيصح أن يقال: ال ضرر،كما يصح أن يقال: أدى العين إذا أدى مثلها أو قيمتها.

فما أفاده شيخنا األنصاري (قدس سره) في ملحقات المكاسب في تعليل كون هذاالوجه أردء االحتماالت من قوله: إن الضرر الخارجي ال ينزل منزلة العدم بمجرد

حكم الشارع بلزوم تداركه، وإنما المنزل منزلة الضرر المتدارك فعال إلى آخركالمه (قدس سره) (١).

--------------------(١) رسالة في قاعدة ال ضرر (رسائل فقهية): ١١٤.

(٣٩١)

Page 394: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ففيه: أنه ال وجه لجعل النفي كناية عن وجوب التدارك تكليفا، بل إذا وصلاألمر إلى هذا فيجعل كناية عن اشتغال ذمة الضار وضعا، فينزل منزلة العدم بهذا

االعتبار. فما جعله وجها لكونه أردء االحتماالت ال يصلح إال معينا لما يستكشفمن هذا التنزيل ال دليال على االمتناع، فوجه االمتناع أنه ال تصل النوبة إلى فرض

الموجود منزلة المعدوم، إذ بعد كون الضرر من العناوين االختيارية الصالحة لتعلقاألحكام بها فإخراجه عن هذه الصالحية بفرض وجوده وكذلك إخراج النفي

الوارد عليه عن كونه حكما شرعيا بجعله مسوقا إلفادة حكم آخر وهو اشتغالذمة الضار في غاية البعد ونهاية الغرابة، مع أنك قد عرفت أنه لم يجعل أحد من

الفقهاء الضرر من أسباب الضمان إال إذا دخل تحت عنوان اإلتالف. ويرجع إليهقوله (عليه السالم) في صحيح الكناني ومثله: من أضر بشئ في طريق المسلمين فهو له

ضامن.وكيف كان فهذا الوجه أبعد االحتماالت، فيدور األمر بين الوجوه األخر

والمتعين هو الوجه األول، ألن إرادة النهي من النفي بعيد ال يصار إليه إال بعد تعذرالنفي. هذا مضافا إلى أن النص والفتوى يخالف هذا المعنى، فإن في قضية سمرةوكذلك البعير ال يناسب كون ال ضرر واردا لمجرد بيان الحرمة. والمراجع إلى

كلماتالعلماء يعلم بأنهم استدلوا به لنفي الحكم الوضعي وجعلوه حاكما على أدلة األحكام.

وكذلك ال يمكن إرادة نفي الحكم بلسان نفي الموضوع بأن يكون النفي وارداباعتبار األثر، لما ظهر أن النفي الوارد بلحاظ األثر على قسمين:

قسم منه يمكن أن يكون من قبيل نفي الحكم بلسان نفي الموضوع، وهوالسلب البسيط المتعلق بما كان ذا حكم جوازي مع كونه عنوانا اختياريا. وقوله" ال ضرر " وإن كان نفيا بسيطا والضرر وإن كان عنوانا اختياريا إال أن حكمهالسابق حيث لم يكن إباحة كان إما تحريما وإما قبيحا على ما يستقل به العقل

فإرادة نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ينتج ضد المقصود في بعض المقامات، كمافي مورد إتالف مال الغير فإنه لو ورد في هذا المقام قوله (صلى الله عليه وآله) ال ضرر

فمفاده أن

(٣٩٢)

Page 395: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

هذا الفرد الصادر خارجا من المتلف ال حكم له كما أن هذا مفاد قوله (عليه السالم) السهو

في سهو أي السهو الصادر من الساهي ال حكم له.وما أفاده المحقق الخراساني في توجيه هذا المعنى في حاشية الرسائل من

أن المنفي هو جواز اإلضرار بالغير أو وجوب تحمل الضرر عن الغير فإذا لم يكناإلضرار بالغير مشروعا فيبقى هذا الفرد الصادر خارجا من المتلف تحت عموم

من أتلف (١) ال يفيد لرفع اإلشكال، ألن اإلضرار بالغير لم يكن جائزا في الجاهليةأو في الشرائع السابقة حتى يرد ال ضرر لنفيه، كورود ال رهبانية في اإلسالم

ونحوه لنفي ما كان مشروعا في السابق.وبالجملة: نفي الحكم بلسان نفي الموضوع إنما يصح مع القيود الثالثة

المتقدمة، وفي مثل " ال ضرر " ال يستقيم هذا المعنى، فورود النفي بلحاظ األثر فيهذا القسم وهو السلب البسيط ال يصح.

وأما القسم اآلخر وهو السلب التركيبي الذي عرفت أن ضابطه إخراج فردعن عنوان ذي حكم لواله لكان مندرجا تحت ذلك العنوان كقوله (عليه السالم) " ال

شكلكثير الشك " فال يستقيم في المقام أيضا، لعدم كون السلب سلبا تركيبيا.

نعم، لو كان الخبر مثل قوله " ال وضوء ضرريا ال عقد ضرريا " ونحو ذلكلكان من قبيل ال شك لكثير الشك.

وعلى هذا فال سبيل إلى دعوى كون النفي في المقام واردا باعتبار األثر.وعلى أي حال، ما استنتجه المحقق الخراساني (قدس سره) مما اختاره من نفي الحكم

بلسان نفي الموضوع من عدم حكومة ال ضرر على االحتياط العقلي، ففيه: أنه الفرق على مسلكه ومسلك شيخنا األنصاري (قدس سره) كما بينا وجهه في األصول في

مقدمات االنسداد.وهكذا ما أفاده في باب خيار الغبن من الفرق بين المسلكين ال يستقيم أيضا

كما ال يخفى.--------------------

(١) درر الفوائد: ٢٨٣.

(٣٩٣)

Page 396: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

بل يمكن أن يقال: إنه لو كان المراد منه أن الفرد الضرري ال حكم له فمقتضاهبطالن نفس العقد، ألن العقد الغبني لو لم يكن له حكم فرفع خصوص اللزوم

ال وجه له. وهذا بخالف ما إذا كان المراد منه أن الحكم الناشئ منه الضرر ليسبمجعول، ألنه ال بد أن يالحظ أن المجعول الذي ينشأ منه الضرر هل هو الصحة

أو اللزوم؟ وال إشكال أن الجزء األخير للعلة التامة هو اللزوم ال الصحة فيجبأن يتعلق الرفع به ال بالصحة.

وكيف كان، فالمعنى األول وهو نفي الحكم الضرري أصوب الوجوه وأقوىالمحتمالت، ألنه هو المعنى الحقيقي للنفي.

نعم، قد يتوهم أن الضرر حيث يكون عنوانا ثانويا لألفعال فيختص صحةورود النفي البسيط عليه بما إذا كان عنوانا ثانويا ومسببا توليديا عن األمور

الخارجية التكوينية، دون ما إذا كان عنوانا ثانويا لألمور التشريعية كلزوم العقدووجوب الوضوء، ال سيما في مثل األخير، فإن إيجاب الوضوء على من يتضرر بهليس علة تامة للزوم الضرر، بل هو من المعدات. فإسناد الضرر إلى الحكم إسناد

مجازي.ولكنك خبير بفساد هذا التوهم وأنه ال فرق في اإلسناد الحقيقي بين أن يكونالضرر عنوانا ثانويا لألمور الخارجية التكوينية وأن يكون عنوانا ثانويا لألمور

الشرعية، وأنه يصح نفي الضرر حقيقة عن كليهما بجامع واحد.أما إذا كان الحكم الضرري من قبيل لزوم العقد من الوضعيات المترتبة عليها

آثارها بنفس تشريعها فواضح، ألن الضرر الناشئ من لزوم العقد كالعقد الغبنيمثال إنما ينشأ من نفس تشريع اللزوم بقوله عز من قائل * (أوفوا بالعقود) * (١)ونحوه، فيكون جعل اللزوم وإنشاؤه تشريعا للضرر وعلة تامة له من دون توسط

أمر آخر في البين.--------------------

(١) المائدة: ١.

(٣٩٤)

Page 397: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما إذا كان من التكليفيات كإيجاب الوضوء على من يتضرر به وما كان منقبيل ذلك كجعل السلطنة للمالك أو الشريك على ما يتضرر به الجار أو الشريك،فألن ترتب الضرر على اإليجاب والجعل وإن كان بتوسط إرادة المكلف واختياره

وليس نفس البعث والجعل علة تكوينية للوقوع في الضرر إال أن إرادة المكلفحيث كانت مقهورة في عالم التشريع لهذا البعث والجعل الشرعي فباألخرة ينتهيالضرر إلى البعث والجعل كانتهاء المعلول األخير إلى العلة األولى، ال كانتهائه إلىالمعد، فإنه فرق بين سقي الزارع وحرثه وبين أمر الشارع وجعله، فإن السقي معدلحصول السنبل. والجزء األخير من العلة التامة وهو النمو وانعقاد الحبة ونحو ذلك

من األمور الملكية والملكوتية خارج عن تحت قدرة الزارع. وأما إرادة العبدواختياره ففي عين كونها اختيارية مقهورة إلرادة الله سبحانه، ألن العبد ملزم عقال

ومجبور شرعا باالمتثال. فالعلة التامة لوقوع المتوضئ أو الشريك أو الجار فيالضرر هي الجعل الشرعي.

وبالجملة: كلما وقع في سلسلة معلوالت الحكم الشرعي فال يخرج األثرالمترتب بتوسطها عن كونه متولدا عن العلة األولى وعنوانا توليديا لها.

نعم، إذا كانت هناك واسطة خارجة عن هذه السلسلة فال يستند األثر إلى تلكالواسطة، ولذا حكموا بأنه لو حفر أحد بئرا في الشارع العام ووقع أحد فيه بال

التفات وال إلقاء من غيره فالضمان يستند إلى الحافر.وأما لو دفعه غير الحافر إلى البئر فالضمان يستند إليه ال إلى الحافر.

وحاصل الكالم: أنه ال فرق بين لزوم العقد ووجوب الوضوء في صحة إسنادالضرر إلى الجعل الشرعي على كال التقديرين، فإن الضرر في القسم األول يجريمجرى اإلحراق من اإللقاء في النار، وفي القسم الثاني مجرى االحتراق المنتهى

بتوسط علله الطولية إلى تأجيج النار.نعم، بينهما فرق من جهة أخرى، وهي أن في القسم األول ال يصح إسناد

الضرر إال إلى الجعل الشرعي.

(٣٩٥)

Page 398: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وفي الثاني يصح إسناده إلى فعل المكلف واختياره أيضا، إال أن هذا اليوجب عدم صحة إسناده إلى ذي الواسطة وهو الجعل الشرعي، والشاهد على

ذلك قوله عز من قائل * (وما جعل عليكم في الدين من حرج) * (١) فعبر سبحانهوتعالى عن عدم جعل ما يترتب الحرج على امتثاله بنفي جعله، وال شبهة أن نسبة

الضرر والحرج الشرعي نسبة واحدة. فما أريد من اآلية الشريفة هو المراد منالحديث الشريف. غاية األمر أن اآلية الشريفة صريحة في أن الحكم الحرجي غيرمجعول، والحديث المبارك ظاهر في هذا المعنى، إلمكان جعل الضرر فيه عنوانا

ثانويا ألفعال المكلفين، ولكنه ال يصادم هذا الظهور مجرد االحتمال.هذا مضافا إلى أنه لو جعل عنوانا ثانويا للحكم لكان النفي مستعمال في معناه

الحقيقي، وهذا بخالف ما لو جعل عنوانا ثانويا للفعل، فإنه ال بد أن يكون النفيبمعنى النهي كما تقدم وجهه. فالحمل على الحقيقة يقتضي األخذ بهذا المعنى

مضافا إلى اتحاد سياقه وسياق نفي الحرج.ومما ذكرنا ظهر: أن نفي الحكم الضرري الذي قلنا: إنه المراد من قوله (صلى الله عليه

وآله):" ال ضرر " ال يستلزم المجازية - بأن يكون من قبيل استعمال المسبب وإرادة سببه

كي يرد عليه كما في حاشية المحقق الخراساني (قدس سره) على رسائل شيخنااألنصاري (قدس سره) بأنه ليس من الشائع المتعارف في المحاورات التعبير عن نفيالسبب بنفي مسببه (٢) - لما ذكرنا من أن الضرر عنوان ثانوي للحكم ونفي العنوان

الثانوي وإرادة العنوان األولي ليس من باب المجاز، وإنما يستلزم المجاز لو كانالحكم من قبيل المعد للضرر أو إذا كان سببا له كان من قبيل حركة اليد بالنسبة إلى

حركة المفتاح في كونهما وجودين مستقلين أحدهما مسبب عن اآلخر، وأما مثلالقتل أو اإليالم المترتب على الضرب فإطالق أحدهما على اآلخر شائع متعارف.

وبالجملة: نفس ورود القضية في مقام التشريع وإنشاء نفي الضرر حقيقة--------------------

(١) الحج: ٧٨.(٢) درر الفوائد: ٢٨٢.

(٣٩٦)

Page 399: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

تقتضي أن يكون المنفي هو الحكم الضرري، ال أنه استعمل الضرر وأريد منهالحكم الذي هو سببه.

ثم إنه ينبغي التنبيه على أمور:- األول -

قد ظهر مما ذكرنا أن عمدة الدليل على هذه القاعدة ما ورد منه (صلى الله عليه وآله)في ذيل

قضية سمرة، ولكن أورد عليه شيخنا األنصاري (قدس سره) إيرادين:األول: ما أفاده في رسالته المعمولة في هذه المسألة التي طبعت في آخر

كتاب مكاسبه فقال (قدس سره): وفي هذه القصة إشكال من حيث حكم النبي (صلىالله عليه وآله) بقلع

العذق مع أن القواعد ال تقتضيه ونفي الضرر ال يوجب ذلك، لكن ال يخلباالستدالل (١).

والثاني: ما أفاده في رسالته في هذه المسألة في الرسائل فقال (قدس سره): ثم إنك قدعرفت بما ذكرنا أنه ال قصور في القاعدة المذكورة من حيث مدركها سندا وداللة،

إال أن الذي يوهن فيها هي كثرة التخصيصات فيها بحيث يكون الخارج منهاأضعاف الباقي كما ال يخفى على المتتبع... إلى آخره (٢).

ولكنك خبير بعدم ورودهما أصال.أما األول: ففيه أوال أن قوله (صلى الله عليه وآله) " ال ضرر " ليس علة لقلع العذق، بل

علةلوجوب استئذان سمرة وإنما أمر األنصاري بقلع عذقه، ألنه (صلى الله عليه وآله)

بإصرار سمرةعلى إيقاع الضرر على األنصاري قد أسقط احترام ماله فأمر (صلى الله عليه وآله) بقلع

عذقه منباب الوالية العامة حسما للفساد.

وثانيا لو سلمنا كونه علة لقلع العذق إال أن هذا ال ينافي القواعد، ألن ال ضررحاكم على قاعدة السلطنة التي من فروعها احترام مال المسلم الذي هو عبارة عن

سلطنة المالك على منع غيره عن التصرف في ماله.--------------------

(١) المكاسب ٢٣: ١١١.(٢) الرسائل ٢: ٥٣٧.

(٣٩٧)

Page 400: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وال يقال: على فرض أن يكون احترام مال المسلم من فروع سلطنته وعدمكونه قاعدة مستقلة، إال أن قاعدة السلطنة مركبة من أمر وجودي وهو كون المالكمسلطا على التصرف في ماله بما يشاء، وأمر سلبي وهو سلطنته على منع غيره عنالتصرف في ماله. والضرر إنما يرد على األنصاري من تصرف سمرة في ماله بما

يشاء ال من منع األنصاري عن قلع عذقه، فال وجه لسقوط احترام ماله رأساوكونه من قبيل ما ال مالك له، ولذا ال شبهة في سلطنته على بيعه أو هبته من غيره.وبالجملة: ال بد أن يالحظ الجزء األخير من علة الضرر، وليس هو إال دخوله على

األنصاري بال استئذان ال كون ماله محترما.ألنا نقول: جهة السلطنة وإن انحلت إلى جزئين إيجابي وسلبي، إال أن هذا

تحليل عقلي ال أنها مركبة من حكمين، فال معنى ألن يكون قاعدة ال ضرر حاكمةعلى أحد جزئي السلطنة دون اآلخر.

نعم، الجزء األخير من علة الضرر ابتداء وبال واسطة هو الدخول بال استئذان،إال أنه حيث يكون متفرعا على إبقاء نخلته في البستان فالضرر ينتهي وينشأ

باألخرة من علة العلل فينفي حق اإلبقاء.وتوضيح ذلك بعد ظهور القضية في أن سمرة لم يكن مالكا إال للعذق، وأن

البستان المغروس فيها النخيل كان لألنصاري. غاية األمر أنه كان مستحقا إلبقائهافيها مجانا إما الستئجاره األرض للغرس وإما لكون مالكها واحدا ابتداء ثم انتقل

األرض إلى أحد والنخلة إلى آخر. فعلى أي حال كان سمرة مستحقا إلبقائها، فإذاكان كذلك وكان هذا علة لجواز الدخول على األنصاري بال استئذان، فلو كان

المعلول والفرع مستلزما للضرر فنفي الضرر رافع ألصل العلة واألصل.وبالجملة: الضرر في الحقيقة نشأ من استحقاق سمرة إلبقاء العذق في األرض،ألن جواز الدخول بال استئذان من فروع هذا االستحقاق. فقاعدة ال ضرر يرفع

هذا االستحقاق، ألنها بمنزلة الكبرى الكلية، وقوله (صلى الله عليه وآله) " إنك رجلمضار " صغرى

لها وقوله (صلى الله عليه وآله) " اذهب فاقلعها " نتيجة لهاتين المقدمتين. وتفرع جوازاالدخول بال

(٣٩٨)

Page 401: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

استئذان على استحقاق إبقاء النخلة نظير تفرع وجوب المقدمة على وجوب ذيها،وكما ال شبهة في أنه لو ارتفع وجوب المقدمة لكونه ضرريا يرتفع وجوب ذي

المقدمة إال إذا دل دليل على سقوط مقدميتها في هذا الحال كالمقدمات الشرعيةللصالة فكذلك إذا ارتفع جواز الدخول بال استئذان يرتفع استحقاق اإلبقاء.

وال يقال: مجرد الفرعية والترتب ال يقتضي ذلك، ولذا في العقد الغبنيال يرتفع الصحة بل يرتفع اللزوم مع كونه مترتبا على الصحة، ألن المدار على

الجزء األخير لعلة الضرر.وال ريب أنه في المقام هو الدخول بال استئذان البقاء استحقاقه.

ألنا نقول: فرق بين المقام ومسألة الصحة واللزوم، فإن الصحة وإن كانتمتقدمة في الرتبة على اللزوم إال أن كل واحد منهما حكم مستقل مالكا ودليال والربط ألحدهما باآلخر وال علية بينهما، وهذا بخالف المقام، فإن جواز الدخول بال

استئذان مع كونه مترتبا على استحقاق إبقاء العذق يكون من آثاره أيضا. فالضرروإن نشأ من الدخول بال استئذان إال أنه معلول من استحقاق اإلبقاء نظير ما تقدممن أن الضرر في باب الوضوء وإن نشأ من اختيار المكلف إال أنه معلول للحكمالشرعي وهو إيجاب الوضوء، وليس الحكم الشرعي في المقامين مقدمة إعدادية

بل مقدمة تسبيبية، والضرر عنوان ثانوي للحكم أيضا وإن صح نسبته إلى فعلالمكلف على ما تقدم.

وبالجملة: فالصواب في الجواب عن هذا اإلشكال هو ما ذكرناه، مضافا إلىما عرفت من أن القلع لعله كان من باب قطع الفساد لكونه (صلى الله عليه وآله) أولى

بالمؤمنين منأنفسهم.

ومن الغريب ما أفاده شيخنا األنصاري (قدس سره) من: أن عدم انطباق التعليل علىالحكم المعلل ال يخل باالستدالل، فإن ذلك يرجع إلى أن خروج المورد ال يضربالعموم فيتمسك به في سائر الموارد (١). مع أنك خبير بأن عدم دخول المورد

--------------------(١) لم نعثر عليه.

(٣٩٩)

Page 402: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

في عموم العلة يكشف عن عدم إرادة ما تكون العلة ظاهرة فيه، وهذا مرجعهإلى االعتراف بإجمال الدليل فكيف ال يخل باالستدالل.

وأما الثاني: فقد أجاب عنه شيخنا األنصاري (قدس سره) بما أجيب به عن سائرالعمومات المخصصة بالتخصيصات الكثيرة وهو أن الخارج إنما خرج بعنوان

واحد وال استهجان فيه.وأورد عليه المحقق الخراساني (قدس سره) بأنه ال يستهجن خروج الكثير بعنوان

واحد إذا كان أفراد العام أنواعا، ألن خروج عنوان واحد من تحت األنواعالكثيرة ال محذور فيه. وأما إذا كان أفراده أشخاصا فال يتفاوت في االستهجان

بين تخصيصات كثيرة أو تخصيص واحد بعنوان واحد يندرج تحت هذا العنوانأفراد كثيرة (١).

وقبل البحث عن أصل اإلشكال وأن التخصيص الوارد على القاعدة هليكون من تخصيص األكثر أم ال؟ ينبغي التكلم فيما أفاده العلمان فنقول: إن

العمومات على قسمين:قسم يرد على األفراد الخارجية.

وقسم يرد على األفراد المقدر وجودها الذي يعبر عنه بالقضية الحقيقية.والمالك في الخارجية ورود الحكم على كل شخص شخص من األفراد ابتداء

بال جامع بينها بحسب المالك، وإنما الجامع بينها دخولها تحت لفظ واحد وصحةإيرادها في قالب واحد كقوله: قتل من في العسكر، ونهب ما في الدار.والمالك في الحقيقية أن يرد الحكم على الطبيعة وبلحاظ انطباقها على

األفراد يشمل الحكم لألفراد، فال نظر في الحقيقية إلى األفراد.ولذا بينا في باب العام والخاص أن إشكال الدور المعروف في الشكل األول

ال يجري في القضايا الحقيقية.--------------------

(١) الرسائل ٢: ٥٣٧.

(٤٠٠)

Page 403: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ثم إن التخصيص الوارد على القضايا الحقيقية على قسمين:قسم يوجب التصرف في كبرى الحكم.

وقسم يوجب التصرف في كلية الكبرى، ألنه قد يرد على المدخول وهو فيالحقيقة تقييد وقد يرد على األداة، وما في القضايا الخارجية فدائما يرد على

األداة.وتفصيل ذلك راجع إلى باب العام والخاص، وإجماله: أن العام من جهة

المدخول نظير المطلق أي: توسعة المدخول وتضييقه إنما هما بمقدمات الحكمة،ألن أداة العموم وضعت لكلية الكبرى، وأما الكبرى ما هي؟ فليست األداة

موضوعة لتعيينها، فكل ما أريد من المدخول فاألداة على عمومه. فالعام من هذهالجهة نظير المطلق وإن كان بينهما فرق في إحراز كون المتكلم بصدد البيان، فإنه

يحرز في باب المطلق بقرينة الحال، بخالف باب العام، فإنه يحرز بنفس األداة.فالتخصيص لو كان من قبيل العناوين فهو موجب لتقييد المدخول، كما لو قيل

" أكرم العالم " أو قيل بالدليل المنفصل " ال تكرم فساقهم " فإن موضوع الحكميصير مقيدا بالعدالة، ويصير عنوان العام أحد جزئي الموضوع والجزء اآلخر هوالقيد الناشئ من التخصيص. ولذا ال يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية،ألن عنوان العام ليس هو تمام الموضوع للحكم. وأما لو كان أفراديا فلو علم أنخروج هذه األفراد بجامع واحد فهو أيضا موجب للتصرف في الكبرى، ولو لم

يعلم فهو موجب للتصرف في األداة - أي في كلية الكبرى - من دون تصرف فيمدخولها، أي في الكبرى هذا في القضايا الحقيقية.

وأما في التخصيص الوارد في القضايا الخارجية فحيث إن األفراد ال جامعبينها فال كبرى في البين حتى يرد التخصيص عليها، فال محالة يرجع إلى أداةالعموم. فلو خرج أفراد كثيرة من قوله " نهب ما في الدار " يصير التخصيص

مستهجنا. وحيث إن قاعدة ال ضرر من قبيل العمومات الواردة على األفرادالخارجية، فإن المنفي هو الضرر الناشئ من األحكام المجعولة في الخارج فكثرة

الخارج أيضا مستهجن ولو كان اإلخراج بعنوان واحد.

(٤٠١)

Page 404: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبالجملة في القضايا الخارجية ال فرق بين كثرة اإلخراج وكثرة الخارج.فما أفاده الشيخ األنصاري (قدس سره) في المقام ال يرفع اإلشكال. ويرد عليه ما

أورده المحقق الخراساني (قدس سره).ولكن الصواب في الجواب منع الصغرى، ألن ما توهم خروجه بالتخصيص

- الذي هو عبارة عن رفع الحكم عن موضوعه - هو باب الجنايات والحجوالجهاد والخمس والزكاة وباب المحرمات ونحو ذلك من األحكام الوضعية

الراجعة إلى باب الغرامات لإلتالف أو التلف تحت اليد العادية ونحوها.والحق أن خروج أكثر هذه الموارد بالتخصص، وذلك لما أشرنا إليه وسيجئإن شاء الله تعالى أن قاعدة ال ضرر ناظرة إلى األحكام ومخصصة لها بلسان

الحكومة، والزم الحكومة أن يكون المحكوم بها حكما لم يقتض بطبعه ضررا،ألنه لو اقتضى جعله في طبعه ضررا على العباد لوقع بينهما التعارض.

وبعبارة واضحة: قاعدة نفي الضرر يرفع جعل الحكم الذي ينشأ منه الضرربعد ما لم يكن ضرريا، ال الحكم الذي بنفسه وفي طبع جعله يقتضي الضرر، أي

الضرر الطارئ ينفى بقوله (صلى الله عليه وآله): ال ضرر. فمثل وجوب الجهاد والحجوالخمس

والزكاة مما يقتضي نفس جعله في طبعه ضررا ال يخصص بقاعدة ال ضرر.نعم، لو اقتضى هذه األحكام ضررا زائدا على ما تقتضيه نفسها لكان قاعدة الضرر مخصصا لها أيضا، مثال لو لم يكن في البلد هاشمي أو فقير واستلزم نقل

الخمس أو الزكاة إلى بلد آخر ضررا فهذا يرتفع بال ضرر دون أداء نفس الخمسوالزكاة، وهكذا لو استلزم الحج أو الجهاد ضررا زائدا على ما يقتضيه نفس

وجوبهما، فال محذور في القول بارتفاعهما كما ال يخفى.هذا مضافا إلى منع أصل الصغرى في أغلب األمثلة، فإن باب الجنايات

واإلتالف والخمس والزكاة بل جميع األحكام الوضعية المجعولة في باب التلفونحوه ليس جعل الحكم فيها ضرريا، ألن وجوب تدارك ما أتلفه المتلف

ووجوب الدية على من جنى أو قتل نفسا ووجوب إخراج حق الفقراء ليس ضررا

(٤٠٢)

Page 405: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

عرفا على العباد، ألن الضرر في الماليات عبارة عن إحداث نقص في مال الغير،وحق الفقراء مثال ليس مال الغير لكون الفقير شريكا مع من عليه الخمس والزكاة.

وبالجملة: كما أن أداء الدين على من عليه الدين وأداء الشريك حق شريكهليس ضررا عليه فكذلك أداء الخمس والزكاة وأداء الدية وأداء ما أتلفه المتلف

ليس ضررا على من عليه األداء، سواء قلنا بأن ال ضرار تأكيد لالضرر أو قلنا بأنهفي مقام نفي مجازاة الضرر بالضرر، ألن المجازاة المنفي معناه أنه لو أتلف متلف

مال الغير فال يتلف الغير مال المتلف، وليس معناه أنه ليس عليه الغرامة، فإنأخذها ليس مجازاة الضرر بالضرر.

ثم إن الضرر الناشئ عن اليد الغير الحقة أيضا ال يرتفع بال ضرر، لكونه ناشئامن اإلقدام كما ال يخفى.

وكيف كان فلو سلمنا ورود التخصيصات الكثيرة على القاعدة، فاستقرارسيرة الفريقين على العمل بها في مقابل العمومات ال يفيد في رفع االستهجان،

وليس من قبيل عملهم في باب قاعدة الميسور، فإن قاعدة الميسور متبعة فيما إذاأحرز صغراها وأن الباقي ميسور من المركب المتعذر بعض أجزائها.

وعمل األصحاب كاشف عن الصغرى ومبين في أن المتعذر ليس ركنا.وأما عملهم في المقام فليس معينا للباقي تحت هذه القاعدة، الحتمال

استكشافهم معنى من القاعدة بحيث ال يلزم منه تخصيص أصال فضال عنالتخصيص الكثير.

وبالجملة: لو سلمنا كثرة التخصيص فحيث إنها مستهجنة والمستهجنيستحيل صدوره من المعصوم فالعام يصير مجمال. وعمل األصحاب به ال يرفع

إجماله ألن الشهرة العملية ال تكون جابرة لضعف الداللة، فإن الظن الخارجي اليوجب الظهور الذي هو المدار في األلفاظ.

فالصواب في الجواب هو المنع عن كثرة التخصيص، ألن ما توهم كونهمخصصا للقاعدة إما [من] باب الغرامات والديات والخمس والزكاة والحج

(٤٠٣)

Page 406: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

والجهاد. فقد عرفت عدم كونها كذلك أصال. وأما من قبيل ما ورد من أن من أجنبنفسه متعمدا وجب عليه الغسل وإن كان مستلزما للضرر ففيه:أوال أن هذا الحكم مخصوص بالغسل ولم يتعد أحد إلى غيره.

وثانيا لم يعمل بهذا الخبر من يعتنى بشأنه حتى في باب الغسل أيضا. وذكرهفي االستبصار ال يدل على عمل الشيخ به، ألن بناءه ليس على العمل بجميع ما

تضمنه من األخبار.فبقي في المقام المحرمات والتزموا برفع حرمة الترافع عند حكام الجور ولم

يلتزموا بارتفاع حرمة األموال المتنجسة ولم يجوزوا بيع المتنجس وأكله وشربهوإن لزم من تركها الضرر، فهي مخصصة لقاعدة ال ضرر وال محذور.

والجواب عنه بأن ال ضرر يختص باألفعال الوجودية وناظر إلى األحكامالباعثة على وجود األفعال كقوله (صلى الله عليه وآله): رفع عن أمتي تسعة - فإن النفي

أو الرفع إذاتعلق باألمور الوجودية تشريعا فيكون كناية عن نفي حكمها ورفعه تشريعا كما

أن نفي أحكامها تشريعا عبارة عن انتفاء تلك األفعال تشريعا فيناسب تعلقهبالفعل فالمحرمات خارجة تخصصا - مما ال وجه له، فإنه فرق بين الرفع والنفي

في المقام، ألن المناسب للرفع أن يكون متعلقا بما كان مفروض الوجود فيرفعتشريعا وال يصح تعلقه بالترك. وهذا بخالف النفي في قوله (صلى الله عليه وآله) " ال

ضرر " فإنهناظر إلى نفي العنوان الذي يتولد منه الضرر إما بال واسطة كلزوم العقد وإما معالواسطة كوجوب الوضوء. وهذا العنوان على ما نقحناه ليس إال حكم الشارعوهو أعم من أن يكون وضعيا أو تكليفيا، والتكليفي أعم من أن يكون إيجابيا

أو تحريميا.فالصواب هو االلتزام بالتخصيص في الجملة والمنع عن كثرته، بل يمكن أن

يقال: إن المحرمات المالية أيضا خارجة عن قاعدة ال ضرر تخصصا، لما عرفتفي معنى الضرر أنه في األموال عبارة عن نقص ما يجده اإلنسان، وبعد كون

الشئ نجسا يخرج عن المالية ويكون النجس والمتنجس كالخمر والخنزير

(٤٠٤)

Page 407: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وإتالفهما ليس ضررا شرعا بل عرفا بعد عدم كونهما ماال فال تخصيص أيضافتأمل.

نعم، لو كانت قاعدة ال ضرر واردة كبرى كلية لقضية سمرة وكبرى كلية لخيارالشفعة وكراهة منع فضل الماء لورد عليها التخصيصات الكثيرة، وإال لزم من

االلتزام بها تأسيس فقه جديد، ألنه لو كان كل ما كان من المقدمات اإلعداديةللضرر مرفوعا ومنفيا بقوله (صلى الله عليه وآله) ال ضرر وال ضرار لكان أغلب

األحكام الشرعيةمنفية، ألنه قلما يتفق أن ال يكون حكم شرعي من المقدمات اإلعدادية للضررولزم أن ال يتسلط إنسان على منع غيره عن التصرف في ماله إذا استلزم تضرر

الغير من المنع كما هو مفاد ورودها في مورد منع فضل الماء.ثم إن هاهنا إشكاال آخر من بعض أعاظم عصرنا وهو: قلة الفائدة لهذه

القاعدة، ألن غالب مواردها مالزم للحرج. فتأمل.- التنبيه الثاني -

في بيان هذه القاعدة مع أدلة األحكام الدالة بعمومها على تشريع الحكمالضرري، واألقوى هي الحكومة فتقدم عليها وإن كانت النسبة بينهما على العموم

من وجه. وهذا هو الذي اختاره شيخنا األنصاري (قدس سره).وقيل في الجمع بينهما وجوه أخر:

األول: ما أشار إليه شيخنا األنصاري وتبعه المحقق الخراساني من: أنوقوعها في مقام االمتنان يكفي في تقديمها على العمومات (١).

الثاني: ما أشار إليه أيضا من معاملة التعارض بينهما أوال ثم ترجيح هذهالقاعدة عليها، إما بعمل األصحاب وإما باألصول كالبراءة في مقام التكليف

وغيرها في غيره.--------------------

(١) الرسائل ٢: ٥٣٥.

(٤٠٥)

Page 408: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الثالث: ما اختاره المحقق الخراساني من التوفيق العرفي بينهما، حيث إنالعرف يوفق بين أدلة األحكام ودليل ال ضرر بحمل أدلتها على الحكم االقتضائي

ودليله على الحكم الفعلي (١).الرابع: أخصية دليله من دليل مجموع األحكام وإن كان بين دليله ودليل كل

حكم مستقال عموم من وجه، إال أن ورود نفيه على أحكام اإلسالم كورود نفيالحرج في الدين يقتضي مالحظته مع مجموع األحكام، فيقدم عليها ألخصيته.

الخامس: عدم إمكان معاملة العموم من وجه في المقام، ألن نسبته مع جميعاألدلة نسبة واحدة. فلو قدم عليه كل دليل فال يبقى له مورد، وتقديم البعض

ترجيح بال مرجح. وأما لو قدم هذا على سائر األدلة فال يلزم محذور، لبقاء حكمهافي غير مورد الضرر.

ثم إن المحقق الخراساني (قدس سره) استشكل في الحاشية على مختار الشيخ منالحكومة بقوله: حكومتها يتوقف على أن يكون بصدد التعرض لبيان حال أدلة

األحكام المورثة للضرر بإطالقها أو عمومها على ما أفاده (قدس سره) (٢)، أو حالاألدلة

الدالة على جواز اإلضرار بالغير أو وجوب تحمل الضرر عنه باإلطالق أو العمومعلى ما ذكرنا. وإال بأن يكون لمجرد بيان ما هو الواقع من نفي الضرر فال حكومة

لها، بل حالها كسائر أدلة األحكام.ونحن نقول: ال فرق بين القولين في الحكومة، وال فرق في الحكومة بين أن

يكون لمجرد بيان ما هو الواقع من نفي الضرر وأن يكون بصدد التعرض لبيانحال األحكام، ألنه ليست الحكومة منحصرة في أن يكون الحاكم مفسرا

للمحكوم بلفظ " أي " أو " أعني " بل إذا رفع أحد الدليلين ما أخذ موضوعا مثال فياآلخر فهذا أيضا حاكم، كما في مثل " ال شك لكثير الشك " الحاكم على قوله " إذا

شككت فابن على األكثر " فبناء على أن يكون المراد من الحديث نفي الحكم--------------------

(١) الكفاية: ٤٣٣.(٢) درر الفوائد: ٢٨٣.

(٤٠٦)

Page 409: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

بلسان نفي الموضوع، فهذا الدليل إذا أخرج فردا من موضوع أدلة األحكامفهو حاكم عليها.

ثم إن بيان وجه الحكومة مطلقا في المقام وبيان ضابطها في كل مقام علىطريق اإلجمال يتوقف على تمهيد مقدمة، وهي أن القرينة تارة تكون قرينةللمجاز، وأخرى للتخصيص أو التقييد، بناء على ما هو الحق من أن العام

المخصص أو المطلق المقيد ليس بمجاز.والفرق بينهما أن قرينة المجاز قرينة للمراد من اللفظ، فإن " يرمي " في قولك:

رأيت أسدا يرمي، قرينة على أن المراد من األسد في هذا الكالم بالداللةالتصديقية هو الرجل الشجاع.

وأما المخصص أو المقيد فليس قرينة للمراد من اللفظ، بل قرينة لموضوعالحكم وأن عنوان العام أو المطلق ليس تمام الموضوع بل جزؤه.

وعلى هذا فمراد شيخنا األنصاري (قدس سره) من: أن الحكومة هي أن يكون أحدالدليلين بمدلوله اللفظي متعرضا لحال دليل آخر (١) ليس خصوص ما كان الحاكم

من قبيل قرينة المراد من اللفظ بأن يفسر بكلمة " أي " أو " أعني " وإال الختصباألدلة اللفظية وال يشمل حكومة بعض األحكام العقلية على بعض، بل مراده منهااألعم من ذلك، فمن أقسامها ما كان أحد الدليلين ينفي ما هو المفروض موضوعافي الدليل اآلخر، أو يثبت موضوعا مثل ما فرض موضوعا في الدليل اآلخر، كما

إذا قيل " أكرم العلماء " وورد دليل على أن زيدا مع كونه عالما ليس بعالم، أو يدلعلى أن زيدا مع كونه جاهال عالم.

وبالجملة: غرضه من هذا البيان الفرق بين التخصيص والحكومة، فإن ضابطالتخصيص أن ال يكون في اللفظ إشعار أصال بالحكم الثابت في العام، فإن قوله

" ال تكرم زيدا " ال تعرض له بحسب المدلول بالحكم الثابت في جميع أفراد--------------------

(١) الرسائل ٢: ٧٥٠.

(٤٠٧)

Page 410: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

العلماء الشامل لزيد. فكونه بيانا للعام إنما هو بحكم العقل بعد العلم بصدورالخاص والعام من العاقل الملتفت، فإن العقل يحكم بأن الملتفت ال يحكم واقعا

بوجوب إكرام جميع األفراد مع حكمه في فرد منها بخالف حكمه في سائراألفراد، وبعد نصوصية الخاص أو أظهريته من العموم في شموله له يحكم بأن

المتكلم لم يقصد من العموم هذا الفرد.وضابط الحكومة: أن يكون هذا الوجه من الجمع مدلوال لفظيا وال تختص

الداللة اللفظية بأن يكون مدلول الحاكم هو " أردت من المحكوم هذا " حتى يكونشارحا بلفظ " أي " و " أعني " ونحوهما، فيكون كقرينة المجاز. بل تشمل ما كان

كالمقيد والمخصص بيانا للمراد من الحكم الواقعي كأغلب الحكومات، فإن مثلقوله " ال شك لكثير الشك " يبين بنفس مدلوله اللفظي موضوع قوله " إذا شككت

فابن على األكثر " ويضيق دائرة الموضوع.فالفرق بين التخصيص والحكومة هو أن بيانية الخاص للعام إنما هو بحكم

العقل وبيانية الحاكم للمحكوم إنما هو بنفس مدلوله.وفرق آخر بينهما وهو أن الحكومة تتوقف على ورود المحكوم أوال ثم ورود

الحاكم، وذلك ألنه مسوق لبيان حكمه ومتفرع عليه بخالف التخصيص الذيهو أحد أقسام التعارض.

وبالجملة: لم يرد حكم من الشارع ال عموما وال خصوصا، فال مجال لورودقوله (صلى الله عليه وآله) " ال حرج في الدين " أو " ال ضرر في اإلسالم " وهذا

بخالف مثل" ال تكرم زيدا " فإنه غير متفرع على ورود أكرم العلماء.

ثم إن الحكومة على أقسام:منها: ما يتعرض لموضوع المحكوم، كما لو قيل بأن زيدا ليس بعالم، بعد قوله:

أكرم العلماء.ومنها: ما يتعرض لمتعلق الحكم الثابت في المحكوم، كما لو قيل بأن اإلكرام

ليس بالضيافة.

(٤٠٨)

Page 411: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ومنها: ما يتعرض لنفس الحكم، كما لو قيل بأن وجوب اإلكرام ليسفي مورد زيد.

ثم إن الحكومة كما توجب التضييق فقد توجب التوسعة أيضا، كما إذا أدخلدليل الحاكم فردا خارجيا في موضوع المحكوم أو متعلقه أو في حكمه.

ثم إن جهة تقديم الحاكم وعدم مالحظة مرجحات الداللة أو السند واضحة.أما الداللة فألن المحكوم إنما هو حكم على تقدير والحاكم هادم لذلك

التقدير، أي ثبوت وجوب إكرام كل عالم مثال موقوف على فرض وجود موضوعهخارجا. وعلى فرض التحقق والصدق لمتعلقه تصورا وعلى بقاء أصل الحكمواستمراره مطلقا، فإذا دل دليل على إبطال هذا الفرض وإخراج موضوع عن

موضوع المحكوم - مثال - فال تعارض بينهما، ألن الحكم على تقدير ال يعقل أنيحفظ تقديره.

وهذا هو المناط في صحة الترتب وتقديم األمارات على األصول، كماأوضحناه في محله.

ثم إن ظاهر أفراد الحكومة هو التعرض ألصل الحكم، ألن هدم الموضوع أوالمتعلق يرجع بالواسطة إلى التعرض للحكم.

وعلى هذا، فال فرق بين أن يكون المراد من ال ضرر ما اختاره شيخنااألنصاري وأن يكون المراد منه ما اختاره المحقق الخراساني، أي سواء قيل بأن

الحكم الضرري غير مجعول أو قيل بأن الموضوع الضرري ال حكم له، إذ كالهماحاكمان على أدلة األحكام، غاية الفرق أن أدلة ال ضرر على مختار الشيخشارحة ألصل الحكم، وعلى مختاره فشارحة لموضوعات األحكام. وأما

الحكومة في باب السند فتفصيلها موكول إلى باب التعادل والترجيح.- الثالث -

مقتضى كون األلفاظ موضوعة للمعاني الواقعية دون المعلومة أن يكونالضرر المنفي هو الضرر الواقعي، علم به المتضرر أو لم يعلم.

(٤٠٩)

Page 412: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ولكن يظهر من شيخنا األنصاري (قدس سره) في الوضوء: أنه يشترط في جريان أدلةنفي الضرر علم المكلف بكون الوضوء ضرريا.

ويظهر من غير واحد في المعاملة الغبنية: أنه يشترط في جريان أدلة نفيالضرر كون المكلف جاهال بالغبن.

وسلكوا في غير هذين البابين غير هذا المسلك، فجعلوا المدار على صدقالضرر واقعا من دون دخل للعلم أو الجهل به - كما هو مقتضى كون األلفاظ

موضوعة للمعاني الواقعية - فحكموا بأنه لو كان حفر البئر في الدار موجبا لتضررالجار فليس للمالك حفره علم الجار بالضرر أو لم يعلم. وحينئذ يقع اإلشكال

بالنسبة إلى اعتبار العلم في باب الوضوء وما يلحق به كالصوم وإلى اعتبار الجهلفي المعاملة الغبنية وما يلحق بها، وعدم اعتبار العلم وال الجهل في غير هذين

البابين كمسألة تضرر األنصاري وما يلحق بها.ولكنك خبير بحل اإلشكال بناء على ما ذكرنا من أن الحكم المنفي هو الذي

يكون الجزء األخير من العلة للضرر ال ما إذا كان من المقدمات اإلعدادية له، ففيمثل حفر البئر نفس ثبوت السلطنة للمالك موجب لتضرر الجار ككون ثبوت حقاالستطراق لسمرة بن جندب بال استئذان موجبا لتضرر األنصاري، وال دخل لعلمالطرف وال جهله في لحوق الضرر به، وكذلك ال دخل لعلم الحافر أو المستطرق

وال جهله في إلقاء الضرر على طرفه، فال بد أن يكون المنفي هو نفس السلطنةالمجعولة له واقعا الموجبة لتضرر الجار.

وأما مسألة الوضوء والصوم فمضافا إلى أن كون الحديث مسوقا لالمتنانيقتضي التقييد بالضرر المعلوم - وإال يلزم إعادة الوضوء والصوم على من تضرر

بهما ولو لم يعلم به وهذا خالف المنة - أن في مورد الضرر الواقعي ليس الموجبللضرر الحكم الشرعي بوجوب الوضوء والصوم، أي ليس الجزء األخير من العلة

التامة للضرر إطالق الحكم، ولذا لو فرض انتفاء الحكم في الواقع لوقع هذا المتضررفي الضرر لجهله واعتقاد عدم تضرره، فليس الضرر مستندا إلى تشريع الحكم.

(٤١٠)

Page 413: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبعبارة أخرى: الحكم الفعلي على المتضرر العالم بالضرر موجب للضرر،وأما الحكم الواقعي - الذي ال يتفاوت وجوده وعدمه في إقدام المكلف على هذاالفرد ألنه كان أو لم يكن ألوجد المكلف هذا الفرد باعتقاد عدم الضرر - فليس

هو الجزء األخير من العلة للضرر.نعم، لو كان المراد من الحديث أن الفرد الضرري ال حكم له، فالتقييد بالضرر

المعلوم لم يكن له وجه.وبالجملة: بناء على كون المنفي هو الحكم الضرري فحيث كان هذا الشخص

معتقدا بعدم ترتب الضرر على وضوئه مثال فال يكون نفي وجوب وضوء الضرريبالنسبة إليه مالزما لنفي الضرر، من باب أن نفي العلة مالزم لنفي المعلول، ألن مع

عدم علمه به يقع في الضرر.نعم، لوال الحكم الشرعي بوجوب الوضوء لما حصل له الداعي بالوضوء

المضر، ولكن مجرد سببيته للداعي وباعثيته على العمل ال يقتضي أن يكون هوالعلة التامة أو الجزء األخير. غاية األمر أنه يكون من المقدمات اإلعدادية.

ثم إن مقتضى ما ذكرنا من اعتبار األمرين - الضرر الواقعي والعلم به - أنه لواعتقد الضرر ولم يكن ضرر في الواقع لم يسقط عنه وجوب الوضوء. والزم ذلك

إعادة الصالة لو تيمم وصلى باعتقاد الضرر. ثم انكشف عدم كونه ضرريا لعدمانتقال الفرض إلى التيمم. وهكذا في الغسل مع أن ظاهر المشهور عدم وجوب

اإلعادة، فيستكشف من ذلك أن اعتقاد الضرر له موضوعية في البابين.ولكن يمكن رفع اإلشكال بأن ظاهر عدم الوجدان في قوله عز من قائل

* (فلم (١) تجدوا ماء فتيمموا) * (٢) هو األعم من الواقعي واالعتقادي. واعتقادالضرر موجب إلدراج الشخص فيمن لم يجد الماء، ألن المراد من عدم الوجدان

عدم التمكن من استعمال الماء إما لعدم وجوده وإما لعدم القدرة على استعماله--------------------

(١) في النسخة األصلية " وإن لم " وهو سهو.(٢) النساء: ٤٣.

(٤١١)

Page 414: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

لمانع شرعي أو عادي. ولذا لو اعتقد عدم وجود الماء في راحلته وصلى متيمماثم تبين وجود الماء أفتوا أيضا بصحة الصالة، وليس ذلك إال من باب أن عدم

الوجدان أعم من عدم الوجود واقعا أو اعتقادا.ثم إنه فيما إذا انقلب التكليف بالطهارة المائية إلى الترابية كما إذا كان الوضوء

مضرا وكان عالما به لو توضأ حينئذ بطل وضوؤه، وال يمكن تصحيحه ال بالمالكوال بالترتب وال بما يقال: إن التيمم رخصة ال عزيمة، وال بما يرجع إلى ذلك مثل

ما يقال: إن الضرر يرفع اللزوم ال الجواز، وذلك ألن مقتضى الحكومة خروج الفردالضرري عن عموم أدلة الوضوء والغسل، وعدم ثبوت المالك له، لعدم وجود

كاشف له. وال معنى الحتمال الرخصة في المقام، فإن التخصيص بلسان الحكومةكاشف عن عدم شمول العام للفرد الخارج، وال معنى لرفع اللزوم دون الجواز، فإن

الحكم بسيط ال تركيب فيه حتى يرتفع أحد جزئيه ويبقى اآلخر. وال يقاس بابالتكليف على الخيار، فإن العقد يشتمل على الصحة واللزوم معا، كل منهما بخطابيخصه ومالك يختص به. فالجزء األخير من العلة للضرر إذا كان لزوم العقد ال وجه

لرفع صحته، وهذا بخالف الوجوب، فإنه إذا ارتفع بكال جزئي تحليله العقلي.ولوال توهم بعض األعاظم أنه لو تحمل المشقة وتوضأ أو اغتسل حرجيا

لصح وضوؤه وغسله، لورود نفي الحرج في مقام االمتنان فال يكون االنتقال إلىالتيمم عزيمة لما كان البحث عن صحة الوضوء في مورد الضرر مجال. ولكنا

تعرضنا لذلك لرفع هذا التوهم وأنه ال فرق بين نفي الحرج ونفي الضرر فإن كالمنهما حاكمان على أدلة األحكام، وال فرق بين الحكومة والتخصيص. وكون

االمتنان حكمة أو علة ال يقتضي صحة الوضوء والغسل إذا كان حرجيا أو ضرريا.هذا مضافا إلى أنه يلزم أن يكون ما في طول الشئ في عرض الشئ وهذا

خلف، ألن التكليف ال ينتقل إلى التيمم إال إذا امتنع استعمال الماء خارجا أوشرعا. وإذا كان مرخصا شرعا في الطهارة المائية فال يدخل فيمن ال يجد الماء

حتى يشمله قوله عز من قائل * (فتيمموا) * فإقدام المتضرر في باب التكاليف على

(٤١٢)

Page 415: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الضرر ال يكون موجبا لعدم جريان أدلة نفي الضرر بالنسبة إليه الستناد الضرر فيهاولو مع اإلقدام إلى نفس الحكم، ألن اإلقدام هنا عبارة عن اختيار الفعل وإرادته.

وقد عرفت فيما تقدم أن توسط اإلرادة ال يخرج الحكم عن كونه علة للضرر،ألن السلسلة الطولية تنتهي باألخرة إلى العلة األولى وهي الحكم.

نعم إنما يؤثر اإلقدام في عدم شمول ال ضرر في المسألة األخرى وهيالمعاملة الغبنية، حيث إن المغبون إذا كان حين صدور عقد المعاوضة عالما بالغبن

والضرر يكون الضرر مستندا إلى إقدامه، وكان حكم الشارع باللزوم منالمقدمات اإلعدادية للضرر.

وتوضيح ذلك: أنك قد عرفت أن هذه القاعدة كما تدل على نفي األحكامالتكليفية إذا نشأ عنها الضرر تدل على نفي األحكام الوضعية إذا كانت مستلزمة له.

بل قد عرفت أن شمولها لألحكام الوضعية أولى، ألنها ابتداء علة له ولكنيستند الضرر إلى الحكم إذا كان الشخص جاهال بالغبن والضرر. ففي البيع

المحاباتي والصلح المجاني كان العقد الزما أو لم يكن كان قاصد العطاء مقدماعلى الضرر، ولزوم العقد ليس علة إلرادة المكلف واختياره هذا العقد الصوري.

وليس كإيجاب الوضوء الذي يسلب قدرة المكلف عن فعله وتركه، فإن المكلفبالوضوء مجبور شرعا به، وهذا بخالف العاقد.

ثم إن منشأ ثبوت الخيار للمغبون هو تخلف الشرط الضمني الذي هو عبارةعن اشتراط تساوي المالين في المالية إال بمقدار يسير يتسامح فيه. فإذا كان

المعاملة غبنية صح االستدالل على عدم لزومها بأدلة نفي الضرر، ألن فقد الشرطالذي اشترط ضمنا ضرر على من له الشرط، فإن الضرر عبارة عن نقص ما كان

المتضرر واجدا له.وعلى هذا فلو أقدم على الغبن فمرجعه إلى عدم اشتراط التساوي في المالية،

فإذا لم يكن مشترطا له فال يكون واجدا لشئ، فال يكون متضررا بعدمه. بل لو لميرجع التساوي في المالية إلى الشرط الضمني فمجرد الضرر ولو مع عدم العلم به

(٤١٣)

Page 416: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ال يكون موجبا لرفع اللزوم وثبوت الخيار فضال عما إذا كان عالما به، ألنه لو لميشترط التساوي فال يكون واجدا لشئ حتى يكون فقده ضررا عليه. بل مع عدم

الشرط يكون مرجع المعاملة إلى اإلقدام بها على أي وجه اتفق.ثم إن هاهنا فروعا قد يتوهم التنافي بينها بأنفسها والتنافي بين بعضها وما

ذكرناه من أن اإلقدام على الضرر في التكليفيات ال يوجب عدم حكومة القاعدةعليها وفي الوضعيات موجب لذلك.

فمنها: ما يقال من أنه لو أقدم على موضوع يترتب عليه حكم ضرري - كمنأجنب نفسه متعمدا مع كون الغسل مضرا له - أن هذا اإلقدام ال يوجب عدم جريانقاعدة ال ضرر. وهكذا في نظير ذلك كمن شرب دواء يتضرر بالصوم ألجل شربه.

ومنها: ما يقال بعكس ذلك كمن أقدم ونصب اللوح المغصوب في سفينته، فإنهيقال: يجوز لمالك اللوح نزع لوحه وإن تضرر مالك السفينة بنزعه بلغ ما بلغ. نعم

إذا استلزم تلف نفس محترمة فال يجوز له.ومنها: ما يقال لو استأجر شخص أرضا إلى مدة وبنى فيها بناءا أو غرس فيها

شجرا يبقى بعد انقضاء زمان اإلجارة أن لمالك األرض هدم البناء وقلع الشجروإن تضرر به المستأجر. وهكذا لو غرس أو بنى من عليه الخيار في الملك الذي

تعلق به حق الخيار أن لذي الخيار هدمه أو قلعه إذا فسخ العقد الخياري وإنتضرر به من عليه الخيار، مع أنه لم يقدم على ضرره.

ولكنك خبير بعدم تنافي هذه الفروع مع ما تقدم. وإن هنا فرقا بين مسألة منأجنب نفسه متعمدا أو شرب دواء يتضرر ألجل شربه بالصوم ومسألة من نصب

لوحا في سفينة أو غرس شجرا في األرض المستأجرة، فإن المجنب نفسه أوشارب الدواء لم يكن مكلفا بالغسل أو الصوم إال بعد الجنابة والشرب. وال شبهة

أن التكليف بالغسل والصوم يكون ضرريا، فالضرر مستند إلى الحكم الشرعي.وهذا بخالف غاصب اللوح، فإنه مأمور قبل النصب بالرد ولم يكن الرد له

ضرريا، وإنما أقدم على إتالف ماله لمخالفته التكليف بالرد. وهكذا مسألة الغرس

(٤١٤)

Page 417: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

في األرض المستأجرة، فإن مع علمه بعدم استحقاقه للبناء أو الغرس إال في مدةاإلجارة فقد أقدم على الضرر.وبالجملة لإلقدام صور ثالث:

األولى إقدامه على موضوع يتعقبه حكم ضرري كمن أجنب نفسه أو شربدواء.

الثانية: أن يكون اإلقدام على نفس الضرر كاإلقدام على المعاملة الغبنية.الثالثة: إقدامه على أمر يكون مستلزما لتعلق الحكم الضرري عليه، سواء كان

الحكم قبل اإلقدام فعليا - كما في غاصب اللوح - أو لم يكن كذلك ولكنه يعلمبتحققه بعد ذلك، كمن بنى في األرض المستأجرة.

أما الصورة الثانية فالفرق بينها وبين الصورة األولى في كمال الوضوح، ألنفي الصورة الثانية أقدم على نفس الضرر والحكم ليس إال مقدمة إعدادية، إذ ليسالضرر إال هو النقص في المال، وهو بنفسه أقدم عليه، سواء كان العقد الزما أوجائزا، فلم ينشأ الضرر من لزوم العقد، بل ال يصح نسبة الضرر إليه، ألن الضرر

الذي أقدم عليه في رتبة الموضوع للزوم فال يعقل أن يكون مسببا عنه، فال يمكنأن يرتفع هذا اللزوم بأدلة الضرر.

وأما في الصورة األولى فلم يقدم إال على أمر مباح خال عن الضرر وإنماينشأ الضرر من الحكم، فالحكم في هذه الصورة هو الجزء األخير من العلة،

واإلقدام على إيجاد موضوعه هو المقدمة اإلعدادية عكس الصورة الثانية.وإنما اإلشكال في الفرق بين الصورة األولى والثالثة، ال سيما القسم األخير

منها وهو الغرس في األرض المستأجرة، فإن الحكم بتخليص األرض وتفريغهاليس فعليا كالحكم بوجوب الغسل والصوم، وهو أيضا لم يقدم إال على أمر خال

من الضرر فعال كإقدامه على إجناب نفسه وشرب الدواء.ولكنه بالتأمل فيما ذكر - وهو أن كلما كان الضرر عنوانا ثانويا للحكم فهذا

الحكم مرفوع بقاعدة نفي الضرر وكلما كان عنوانا ثانويا إلقدام المكلف وكان

(٤١٥)

Page 418: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

الحكم مقدمة إعدادية فهذا الحكم ال يرتفع - يظهر الفرق بين الصورة الثالثةبكال قسميه والصورة األولى، فإن حكم الصورة األولى حكم ما إذا كان الصومأو الوضوء ضرريا من دون دخل للمكلف فيه أصال. فكما أن اإلقدام على الصوم

الضرري ال يوجب عدم شمول القاعدة له إذا كان الصوم ضرريا بنفسه فكذلك إذانشأ الضرر من شرب الدواء، فإن الصوم بعده ليس إال من باب وقوعه في طريق

االمتثال. ولوال الحكم الشرعي لم يكن الشخص متضررا بشرب الدواء، فالشربليس إقداما على الضرر وال يتعلق به حكم ضرري، وإنما هو علة لتحقق الموضوع

الحكم الضرري ال عنوان ثانوي له وال لحكمه، بل هو عنوان ثانوي لحكم الشارع.وحيث إن تضرره بالصوم سواء كان قهريا أو لشرب دواء إنما ينشأ من طريق

امتثال الحكم فالحكم هو علة العلل واالمتثال مقدمة إعدادية.وأما حكم الصورة الثالثة فحكم اإلقدام على المعاملة الغبنية، سواء كانت من

قبيل إدخال خشب الغير في البناء أو نصب لوح الغير في السفينة أم كانت من قبيلغرس الشجر في األرض التي ينتزع من يده قبل وصول الشجر إلى حد كماله.أما مسألة اللوح والخشب فمضافا - إلى أن اإلقدام هو الجزء األخير من العلة

للضرر ال الحكم الشرعي - ال تشملها القاعدة لوجهين آخرين:األول: أن هدم البناء وكسر السفينة ليس ضررا، ألن مع فرض كون اللوح أو

الخشب مغصوبا لم يكن صاحب السفينة مالكا لتركيب السفينة وال صاحب الدارمالكا لبنائها. فهذه الهيئة الحاصلة إذا لم تكن مملوكة له فرفعها ليس ضررا، ألن

الضرر عبارة عن نقص ما كان واجدا له.وبعبارة أخرى: كما أن الغاصب لم يكن مالكا من أول األمر إلدخال الخشب

في البناء ونصب اللوح في السفينة ال يكون مالكا إلبقائهما فيهما، وكما ال ضررعليه في ردهما إلى مالكهما قبل البناء والنصب فكذلك بعدهما.

الثاني: حيث دل الدليل على أنه ليس لعرق ظالم حق فال حرمة لماله،فال يشمله القاعدة، لخروج هذا المال عنها تخصصا، كخروجه عنها كذلك بناء

(٤١٦)

Page 419: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

على الوجه األول، ألن القاعدة تنفي الضرر الذي يرد على المال المحترم.نعم، مقتضى هذا الوجه اختصاص جواز الهدم والنزع بمورد علم الباني

والناصب بالغصبية دون مورد الجهل.وكيف كان فيكفي في خروج هذه الصورة عن القاعدة من جهة اإلقدام

خروجا حكميا، وذلك ألن الضرر مع العلم بوجوب الرد فورا إلى مالكه مستندإلى نفس اختياره وفعله. وليس اختياره واقعا في طريق امتثال الحكم حتى ينتهي

الضرر باألخرة إلى الحكم، ألن البناء أو النصب يقع في طريق عصيان الحكمعكس اإلقدام على الوضوء الضرري، والحكم إنما يكون من المقدمة اإلعدادية

للضرر.وأما مسألة الزرع أو الشجر الذي ينقضي زمان استحقاق مالكهما إلبقائهما

قبل كمالهما فحالها حال مسألة نصب اللوح، فإن وجوب تخليص أرض الغير وإنلم يكن فعليا إال أنه مع علمه بانقضاء زمان االستحقاق قبل كمال الزرع والشجرفهو أقدم على الضرر، فرد األرض فارغة وإن كان ضررا إال أنه بنفسه أقدم عليه،

وإال لم يكن رد األرض الخالية عن الزرع والشجر ضررا، واإلقدام على الزرعليس في طريق امتثال الحكم. فقياسه على من أجنب مع علمه بتضرره بالغسل

قياس مع الفارق، ألن الضرر في الغسل ينشأ من الفعل المعلول من الحكم، وهذابخالف الضرر في رد األرض كما هي عليها.

وعلى هذا يطرد هذا الحكم في جميع الفروع التي كانت من هذا القبيل،كما إذا علم المفلس بعدم تمكنه من رد ثمن ما اشتراه من األرض ومع ذلك فقد

غرس فيها أشجارا وبنى فيها بناء، فإن الضرر الذي يرد عليه إنما هو من إقدامهعلى الغرس والبناء. وهكذا من عليه الخيار. وهكذا لو فرض أن اإلقدام على

المعاملة الغبنية لم يكن إقداما على الضرر حدوثا، إال أنه إقدام عليه بقاء. فالضررالوارد عليه من لزوم العقد بحسب البقاء يستند إلى إقدامه ال إلى الحكم الشرعي

فتدبر جيدا.

(٤١٧)

Page 420: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

- الرابع -مقتضى ما بينا من فقه الحديث أن ال ضرر حاكم على األحكام الوجودية

تكليفية كانت أو وضعية، ونتيجة حكومتها رفع هذه األحكام. وأما حكومتها علىاألحكام العدمية ففيها إشكال، بل ال دليل عليها. فعلى هذا إذا لزم من عدم الحكم

في مورد ضرر على شخص ال يمكن نفي هذا العدم بقاعدة ال ضرر، بأن يكونمفادها إثبات الحكم الغير الثابت كما يكون مفادها نفي الحكم الثابت. فلو فتحشخص قفص طائر فطار أو حبس حرا ففات عمله ال يمكن الحكم بالضمان من

باب أنه لوال الحكم به يلزم الضرر على صاحب الطير وعلى الحر.وبعبارة أخرى في الموارد التي ال تدخل تحت قاعدة اإلتالف وغيرها من

موجبات الضمان كاليد ونحوها ال يمكن للفقيه الحكم بالضمان من جهة أنه لوالالحكم به لزم ضرر على شخص، ألن قاعدة ال ضرر ناظرة إلى نفي ما ثبت

بالعمومات من األحكام الشرعية. ومرجع مفادها إلى أن األحكام المجعولة إذانشأ منها الضرر فهي منفية، وعدم الحكم بالضمان ليس من األحكام المجعولة.

ودعوى أن العدم وإن لم يستند بحسب بدوه ومفهومه إلى الشارع ألن العدماألزلي عبارة عن عدم وجود علة الوجود ال عن وجود علة العدم إال أنه بحسب

البقاء مستند إلى الشارع - ألن ما هو المالك لتعلق النهي بنفس أن ال تفعل ال الكفهو المالك لصحة إسناد العدم إلى الشارع - مما ال تنفع في المقام، فإن العدم وإن

كان قابال ألن تناله يد الجعل بحسب البقاء - بأن يرفعه الشارع - أو يبقيه علىحاله بأن يحكم بعدم الضمان، إال أنه لو لم يتعلق به الجعل ال وضعا على حاله

وال رفعا فال معنى ألن يكون مستندا إلى الشارع.وبعبارة أخرى: لو كان الحكم المجعول هو عدم الضمان فإذا نشأ منه الضرر

لقلنا بارتفاعه، وأما إذا لم يكن هناك جعل أصال فال يمكن أن تكون قاعدةال ضرر حاكمة على ما ليس مجعوال، فإن ما ليس مجعوال ال يستند إلى الشارع.

وال يقال: إن ما هو المالك لجريان االستصحابات العدمية هو المالك لصحة

(٤١٨)

Page 421: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

إسناد هذا المعدوم إلى الشارع، فإن مالك جريانها أن الفاعل إذا كان قادرا علىالفعل فهو قادر على الترك ال محالة، وإال لزم أن يكون مضطرا في الفعل كاضطرارالمرتعش في الحركة، فيصح أن يسند الترك إلى الفاعل وعدم الحكم إلى الشارع.

ألنا نقول مرجع االستصحابات العدمية إلى حكم الشارع بالعدم، فإناستمراره بمفاد ال تنقض مرجعه إلى وضع العدم على حاله وعدم طرده بإيجاد

نقيضه، وأين هذا مما ال يكون هناك حكم أصال ال نفيا وال إثباتا.ولو سلمنا صحة إسناد هذا العدم إلى الشارع بالمسامحة والعناية بأن يقال:

كان للشارع أن يحكم إما بالضمان أو بعدم الضمان، فإذا لم يحكم فعدم الحكمأيضا من أحكامه، فإذا لزم منه الضرر يرتفع ويحكم بالضمان. ولكنا نقول: إن هذا

الضرر ال يمكن أن يكون مرفوعا بقاعدة ال ضرر إال إذا كان مفاد الحديث أنالضرر الغير المتدارك ليس مجعوال، وهذا المعنى مرجعه إلى الوجه الرابع الذي

تقدم في فقه الحديث، وهو الذي ظهر أنه أردء الوجوه وال تصل النوبة إليه إال بعدتعذر المحتمالت األخر.

وعلى أي حال لو التزمنا بهذا فال معنى لحكومته على األحكام الثابتة، ألنهال جامع بين هذا المعنى والمعنى األول.

وال يقال: إن ورودها في مورد الشفعة وفي مورد منع فضل الماء بل في قضيةسمرة كاشف من حكومتها على األحكام العدمية، فإن مفادها في هذه الموارد نفي

عدم ثبوت حق للشريك، ونفي عدم ثبوت حق لصاحب المواشي، ونفي عدمثبوت حق لألنصاري، وعدم تسلطه على قلع العذق.

ألنا نقول: أما مسألة الشفعة ومسألة منع فضل الماء فليس ثبوت حق الشفعةوكراهة منع الماشية فيهما من باب حكومة ال ضرر على األحكام العدمية، بل

ثبوت هذين الحكمين إنما هو كثبوت الطهارة للحديد للحرج. فكما أن الحرجحكمة لرفع النجاسة عن الحديد، فكذلك الضرر حكمة لجعل الخيار واستحقاق

صاحب المواشي لالنتفاع بفاضل ماء بئر الغير. ولذا ال يدور الحكم مدار الضرر،

(٤١٩)

Page 422: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

فال يمكن أن يقاس على هذين الحكمين سائر الموارد. وليس للمجتهد أن يحكمبحكم لواله لزم الضرر، فإن تشريع األحكام النوعية للمصالح االتفاقية وظيفة

للشارع وهو الذي يليق به أن يشرع العدة لئال يلزم اختالط المياه.وأما قضية سمرة فقاعدة ال ضرر تنفي الحكم الثابت - وهو حرمة التصرف

في مال الغير - أو تنفي سلطنة المالك، ال أنها مثبت للحكم العدمي وهو عدم تسلطاألنصاري على قلع عذق سمرة.

وبالجملة: مفاد الحديث رفع الحكم الثابت، فيجب أن يكون هناك حكم ثابتعلى وجه العموم وكان بعض مصاديقه ضرريا حتى يرتفع بال ضرر. وليس مفاده

أن الضرر إذا تحقق في الخارج يجب تداركه.وفي الموارد التي ينتج النزاع ثمرة فيها - مثل ما إذا حبس حرا حتى فات

عمله أو حبسه حتى أبق عبده - ال يكون هناك حكم حتى يرتفع بال ضرر.وأما الموارد التي هناك سبب للضمان كاإلتالف أو اليد الغير الحقة فمنشأ

الضمان فيها هو نفس أدلتها ال قاعدة الضرر، كما أن ثبوت حق الشفعة أيضا إنماهو لدليل خاص.

ثم إن هذا كله مضافا إلى أن االلتزام بهذا مستلزم لتأسيس فقه جديد، ألنه لووجب تدارك كل ضرر فلو كان هناك إنسان صار سببا له فالضمان عليه وإال فمنبيت المال. ويلزم كون أمر الطالق بيد الزوجة لو كان بقاؤها على الزوجية مضرا

بها، كما إذا غاب عنها زوجها أو لم ينفق عليها لفقر أو عصيان ونحو ذلك. وبعضاألساطين وإن التزم بهذا المعنى، إال أنه لعله اعتمد على األخبار الواردة في هذا

المقام الدالة على جواز طالق الولي والسلطان االمرأة التي ليس لها من ينفق عليهاوغاب عنها زوجها، ولم يعبأ بمعارضتها بمثل النبوي " تصبر امرأة المفقود حتى

يأتيها يقين موته أو طالقه " (١) والعلوي " هذه امرأة ابتليت فلتصبر " (٢) ونحو ذلك.--------------------

(١) انظر سنن البيهقي ٧: ٤٤٤ - ٤٤٥، مع اختالف يسير، وانظر الحدائق الناضرة ٢٥: ٤٨٦.(٢) انظر سنن البيهقي ٧: ٤٤٤، مع اختالف يسير، وانظر الحدائق الناضرة ٢٥: ٤٨٦.

(٤٢٠)

Page 423: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

نعم تمسك السيد الطباطبائي في ملحقات العروة (١) بقاعدة الحرج والضررلجواز طالق الحاكم الشرعي كل امرأة تتضرر ببقائها على الزوجية.

مضافا إلى ما في رواية أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السالم) يقول من كانتعنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها ويطعمها ما يقيم صلبها كان حقا على

اإلمام أن يفرق بينهما (٢).ولكنك خبير بأن هذه الرواية وما يكون بمضمونها غير معمول بها.

وأما قاعدة نفي الضرر فال يمكن إثبات الوالية للحاكم الشرعي بها بمجرد أنعدم ثبوت الوالية له ضرر على الزوجة.

هذا مضافا إلى أن قوله (صلى الله عليه وآله) " الطالق بيد من أخذ بالساق " (٣) ظاهرفي أن

رفع علقة الزوجية منحصر في طالق الزوج، إال في بعض الموارد كولي المجنونوالمعتوه.

وبالجملة: لو كان لقاعدة نفي الضرر مجال في هذا المورد، وكلما كان من هذاالقبيل كالعبد الواقع تحت الشدة لكان مقتضاها رفع بقاء عالقة الزوجية وطالقةالرقية. والمفروض أنهم ال يلتزمون بذلك، بل يجعلون طالق الحاكم نازال منزلة

طالق الزوج، وهذا مرجعه إلى إثبات الحكم بقاعدة نفي الضرر.وقد عرفت أن الزمه أن يتدارك ضرر كل متضرر إما من بيت المال أو من مال

غيره، وهذا فقه جديد.وبالجملة: ليس الضرر في حد نفسه من موجبات الضمان ولذا لم يعدوه منه،

وإنما حكموا بالضمان فيما لو حفر بئرا في داره وسقط جدار جاره لقاعدةالتسبيب الراجعة إلى اإلتالف.

وقد تقدم منا أن قول الصادق (عليه السالم) في صحيحة الحلبي: كل شئ يضر بطريق--------------------

(١) ملحقات العروة ٢: ٧٥.(٢) الوسائل ١٥: ٢٢٣، الباب ١ من أبواب النفقات الحديث ٢.

(٣) عوالي اللئالي ١: ٢٣٤، الحديث ١٣٧.

(٤٢١)

Page 424: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه (١). وقوله في حديث أبي الصباح: كل من أضربشئ من طريق المسلمين فهو له ضامن (٢). يرجع إلى الضمان بالتسبيب.

وموضوع البحث ما إذا كان الضمان مسببا عن نفس اإلضرار.نعم، قد يتوهم أن بعض الروايات يدل على أن نفس الضرر موجب للضمان،

مثل ما ورد في من حول نهره عن رحى الغير أنه يرجعه إلى حاله، ومثل ما وردفيمن أسقط الشرافة الساترة بينه وبين جاره أنه يعيدها إلى حالها األولى.

وفيه أوال: أن الدليل الدال على الحكم األول ال يدل على إرجاع النهر إلىحاله، بل بعد ما سئل عن أبي محمد (عليه السالم) عن رجل كانت له رحى على نهر

قريةوالقرية لرجل فأراد صاحب القرية أن يسوق إلى قريته الماء في غير هذا النهر

ويعطل هذه الرحى أله ذلك أم ال؟ فوقع (عليه السالم) يتقي الله ويعمل في ذلكبالمعروف

وال يضر أخاه المؤمن (٣).وهكذا ما ورد من الفقيه (عليه السالم) بهذا المضمون. وأما الدليل على الحكم الثاني

فلم نجده في مجامع األخبار.وثانيا: لعل األمر باإلعادة كان لمعلومية ثبوت الحق لكل من صاحب

الطاحونة والجار في بقاء ما أمر بإعادته وإن كان ظاهر السؤال أنه ال يعلم بالحالإال مجرد كون الطاحونة على نهر الغير.

وثالثا: لعل األمر باإلعادة على فرض التسليم كان لعدم سلطنة صاحب النهرعلى تحويل نهره ال حدوثا وال بقاء، وهكذا صاحب الستارة لم يكن مسلطا كذلك.

وبعبارة أخرى: الذي يتولد منه الضرر ليس مجرد التحويل والتخريب، بلنتيجة ذلك فهي منفية بقاعدة الضرر، ومقتضاها إعادة النهر والشرافة على ما كانتا

عليه لئال تبقى الرحى والدار على هذه الحالة.--------------------

(١) الوسائل ١٩: ١٨١، الباب ٩ من أبواب الضمان الحديث ١.

(٢) الوسائل ١٩: ١٨١، الباب ٩ من أبواب الضمان الحديث ٢.(٣) الوسائل ١٧: ٣٤٣، الباب ١٥ من أبواب إحياء الموات الحديث ١.

(٤٢٢)

Page 425: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وبالجملة: لو لم يدخل اإلضرار في أحد موجبات الضمان ال يمكن إثباتحكم لواله يلزم منه الضرر.

- الخامس -هل المدار في الضرر المنفي هو الضرر النوعي أو الشخصي؟ وجهان، والحق

هو الثاني، لما قد ظهر من أول المبحث إلى هنا من حكومة أدلة نفي الضرر علىاألحكام الثابتة في الشريعة على نحو العموم. ومقتضى الحكومة أن يكون كل

حكم نشأ منه الضرر مرفوعا دون ما لم ينشأ منه.نعم، قد يكون الضرر في بعض الموارد منشأ لجعل الحكم مطردا في جميع

الموارد.ولكنه تبين أن هذا الجعل وظيفة الشارع كجعله الضرر في بعض الموارد

حكمة لتشريع الخيار للشريك، وجعله الحرج في الجملة حكمة لتشريع الطهارةللحديد.

وعلى هذا، فال يمكن القول بأن المدار على الضرر النوعي مع االلتزامبالحكومة، فإن الجمع بينهما ممتنع.

وال يقال: قد تمسك األصحاب بهذه القاعدة إلثبات الخيار للمغبون ولوفرض عدم تضرره لعدم وجود راغب في المبيع فعال مع كون بقائه ضررا عليه.ألنا نقول: الجمع بين كونه مغبونا وكونه غير متضرر ممتنع، فإن الغبن عبارة

عن الشراء بأزيد من ثمن المثل أو البيع بأقل من ثمن المثل. وال شبهة أن قيمةاألموال بحسب األزمان مختلفة، فلو لم يوجد راغب وباعه بأقل مما يباع في غير

هذا الزمان فال يكون مغبونا.وبالجملة: مقتضى الحكومة بل مقتضى كون الحديث واردا في مقام االمتنان

أن يكون كل شخص ملحوظا بلحاظ حال نفسه.

(٤٢٣)

Page 426: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

- السادس -مقتضى ورود الحديث في مقام المنة عدم وجوب تحمل اإلنسان الضرر

المتوجه إلى الغير لدفعه عنه، وال وجوب تدارك الضرر الوارد عليه، أي ال يجبرفعه عن الغير كما ال يجب دفعه عنه. وهكذا ال يجوز توجيه الضرر الوارد إليه إلى

الغير، فلو توجه السيل إلى داره فله دفعه ال توجيهه إلى دار غيره، وذلك لتعارضالضررين وعدم المرجح في البين.

ومقتضى ذلك أنه لو دار األمر بين حكمين ضرريين بحيث يلزم من الحكمبعدم أحدهما الحكم بثبوت اآلخر اختيار أقلهما ضررا سواء كان ذلك بالنسبة إلى

شخص واحد أم شخصين، ألن الله سبحانه إذا نفى الحكم الضرري منة على عباده،والمفروض أن نسبة الحكم المنفي بالنسبة إلى كل عبد واحدة، فكما لو توجه أحد

الضررين إلى شخص واحد يختار أخفهما وأقلهما، فكذا لو توجه إلى أحدالشخصين.

وعلى هذا فلو لم يكن بينهما ترجيح فمقتضى القاعدة هو التخيير ال الرجوعإلى سائر القواعد، ألنه ليس المقام من باب تعارض الدليلين، ألن عدم إمكان

الجمع لم ينشأ من عدم إمكان الجمع في الجعل، بل إنما نشأ من تزاحم الحقينكتزاحم الغريقين، فلو كان في البين أهمية كدوران األمر بين الضرر على العرض

والمال فينفي الضرر على العرض ولو لم تكن فالتخيير.اللهم إال أن يقال: فرق بين دوران األمر بين أحد الضررين الواردين على

شخص واحد ودورانه بين أحد الضررين الواردين على شخصين، فإذا توجهأحدهما على شخص فيختار أخفهما لو كان وإال فالتخيير.

وأما لو دار بين شخصين كالتولي من قبل الجائر الذي تركه ضرر علىالمتولي وإقدامه ضرر على غيره فال وجه للتخيير وال الترجيح، ألنه يدخل فيما

تقدم أنه ال يجب تحمل الضرر لدفعه عن غيره.

(٤٢٤)

Page 427: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

نعم، لو أكرهه الجائر على دفع مال فال يجوز له نهب مال الناس ودفع ضررالجائر به عن نفسه، ففرق بين ما إذا أكرهه على أخذ مال الناس له وما إذا أكرهه

على دفع أموال نفسه إليه.ومسألة التولية من قبل الجائر تدخل في القسم األول وال يالحظ فيه أقل

الضررين، ألنه توجه الضرر أوال إلى الغير فال يجب تحمل الضرر حتى يدفع عن الغير.ومسألة اإلجبار على دفع أموال نفسه تدخل فيما تقدم أنه ال يجوز رفع

الضرر عن نفسه بإدخال الضرر على الغير.وعلى هذا فما اختاره شيخنا األنصاري في مسألة التولي من قبل الجائر من

الفرق بين المسألتين في كتاب المكاسب (١) هو الصواب، ال ما أختاره في رسالتهالمعمولة لهذه المسألة من: أن حكم الضرر الوارد على أحد الشخصين حكم أحد

الضررين الوارد على شخص واحد من اختيار أقلهما لو كان، وإال فالرجوع إلىالعمومات األخر ومع عدمها فالقرعة (٢).

ثم فرع على هذا أنه يالحظ الضرر الوارد بمالحظة حال األشخاص فقديكون ضرر درهم على شخص أعظم من ضرر دينار على آخر، وذلك لما عرفتأنه لو توجه الضرر إلى الغير أوال فال يجب دفعه عنه بتحمل الضرر ولو كان ضرر

الغير أعظم، ولو توجه أوال إلى نفسه فال يجوز توجيهه إلى الغير ولو كان ضررالغير أخف.

نعم، لو حمل عبارة الرسالة المعمولة على ما إذا ورد ضرر من السماء ودارأمره بين وروده على أحد الشخصين، كما إذا أدخلت الدابة رأسها في القدر مندون تفريط أحد المالكين ودار األمر بين كسر القدر أو ذبح الدابة، فيمكن هنا

القول بنفي الضرر األعظم واختيار األقل، ألنه أحد المرجحات وإن كانت كلماتالعلماء مضطربة على ما حكاه عنهم قدس الله تعالى أسرارهم.

--------------------(١) المكاسب ٢: ٦٩ - ٩٤.

(٢) رسالة في قاعدة ال ضرر (رسائل فقهية): ١٢٥.

(٤٢٥)

Page 428: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما عبارته في الرسائل فال يمكن حملها على هذا المورد، ألنه مثل بالواليةمن قبل الجائر المستلزمة لإلضرار على الناس.

فالصواب جعل عنوان مسألة تعارض الضررين بالنسبة إلى شخصينما هو من قبيل مسألة القدر وجعل مسألة الوالية من قبل الجائر عنوانا آخر،

كما ال يخفى.- السابع -

ال ينبغي اإلشكال في أنه كما يكون هذه القاعدة حاكمة على العمومات المثبتةلألحكام التكليفية فكذلك حاكمة على العمومات المثبتة لألحكام الوضعية، سواء

كان الحكم الوضعي من قبيل لزوم العقد أم من قبيل قاعدة السلطنة.إنما اإلشكال في أن قاعدة السلطنة مطلقا محكومة بقاعدة ال ضرر أو فيما إذا

لم يلزم من عدم سلطنة المالك ضرر عليه. وأما إذا لزم فال تكون محكومة بها بلتكون قاعدة السلطنة هي المرجع، أو أن المسألة مبتنية على الفرع السابق وأنه

يالحظ أعظم الضررين وهو المرفوع ال األقل؟يظهر من شيخنا األنصاري (قدس سره) أن المسألة مبتنية على الفرع السابق، فإنه في

الرسائل بعد أن مثل لمورد تعارض الضررين بالتولي من قبل الجائر المستلزمتركه لتضرر الوالي وإقدامه لتضرر الغير قال (قدس سره): ومثله ما إذا كان تصرف

المالكفي ملكه موجبا لتضرر جاره وتركه موجبا لتضرر نفسه، فإنه يرجع إلى عموم

" الناس مسلطون على أموالهم " ولو عد مطلق حجره عن التصرف في ملكه ضررالم يعتبر في ترجيح المالك ضرر زائد على ترك التصرف فيه، فيرجع إلى عموم

التسلط. ويمكن الرجوع إلى قاعدة نفي الحرج، ألن منع المالك لدفع ضرر الغيرحرج وضيق عليه، إما لحكومته ابتداء على نفي الضرر وإما لتعارضهما والرجوع

إلى األصول... إلى آخره (١).--------------------

(١) الرسائل ٢: ٥٣٨.

(٤٢٦)

Page 429: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ونحن قبل التكلم فيما أفاده شيخنا األنصاري نتعرض للصور التي يلزم منتصرف المالك في ملكه ضرر على جاره، فنقول: تارة يكون المالك محتاجا إلى

التصرف في داره بحيث لو لم يحفر فيها بئرا أو بالوعة يتضرر.وأخرى ال يتضرر بترك التصرف، بل إنما ينتفع بالتصرف ويفوته النفع لو لم

يتصرف.وثالثة ال يتضرر وال ينتفع بالتصرف بل يكون عبثا ولغوا، وهذا على قسمين،

ألنه قد يقصد به تضرر الجار وقد ال يقصد ذلك لكونه غافال.أما الصورة األولى فظاهر كلمات األصحاب رعاية ضرر المالك فيجوز

تصرفه وإن كان ضرر الجار أعظم، بل يجعلونه من مصداق ما تقدم من أنه اليجب تحمل الضرر لدفع الضرر عن الجار. وكفاك شاهدا على ذلك ما نقله شيخنا

األنصاري (قدس سره) عن األصحاب ولم ينقل عنهم الخالف إال عن صاحب الكفاية،بل

صاحب الرياض حمل قاعدة ال ضرر على ما إذا لم يكن غرض إال اإلضرار (١).فراجع.

وأما الصورة الثانية فظاهر ما نقله الشيخ عن األصحاب الجواز أيضا،واستدل له أيضا بعموم " الناس مسلطون " بعد تعارض قاعدة نفي الضرر بالنسبة

إلى الجار مع قاعدة نفي الحرج بل الضرر بالنسبة إلى المالك.وأما الصورة الثالثة فيظهر منهم عدم جوازها سواء قصد بتصرفه اإلضرار أم

ال، ألن المفروض عدم ورود ضرر عليه. وال يلزم من تصرفه جلب نفع حتىيكون تركه حرجيا، فليس هنا إال عموم السلطنة وهو محكوم بقاعدة ال ضرر.إذا عرفت ذلك فنقول: ما يظهر من شيخنا األنصاري (قدس سره) - من وقوع

التعارضبين الضررين أو بين ال ضرر وال حرج في الصورتين األوليين وأنه يراعى جانب

ضرر المالك أو جانب ال حرج إما لحكومته على قاعدة ال ضرر وإما لتعارضهما--------------------

(١) الرسائل ٢: ٥٣٨ - ٥٣٩.

(٤٢٧)

Page 430: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

والرجوع إلى العمومات كقاعدة السلطنة أو إلى األصول مثل اإلباحة - ممنوعصغرى وكبرى.

أما الصغرى فألن الحرج عبارة عن المشقة، ومطلق منع المالك عن التصرففي ملكه لدفع ضرر الغير ليس حرجا عليه.

وبعبارة أخرى ال يشمل نفي الحرج المشقة الطارئة على الجوانح كما أنهاليست مرفوعة بال ضرر أيضا، فترك الوالية من قبل الجائر لو كان موجبا للضررعلى األقرباء أو للضرر المالي ليس حرجا منفيا، وكذلك ترك حفر البئر في الدار

وترك مطلق التصرف في األموال.وبالجملة: ال معنى لتعارض ال ضرر وال حرج في نحو هذه األمثلة وال

لتعارض ضرر المالك وضرر الغير، ألنه ال يمكن أن يصدر حكمان متضادان منالشرع. فالحكم المجعول منه إما جواز تصرف المالك في ملكه وإما عدم جوازه،

فإذا كان جواز التصرف كما هو مفاد " الناس مسلطون على أموالهم " فلو كانضرريا على الغير فهو مرفوع بقاعدة ال ضرر ولو استلزم رفع هذا الحكم الضرر

على المالك، فإن الضرر الناشئ عن رفع السلطنة من باب حكومة ال ضرريستحيل أن يدخل في عموم ال ضرر. وإذا كان الصادر منه عدم جواز تصرف

المالك فهذا الحكم حيث إنه ضرري على المالك فهو مرتفع، ولو استلزم رفع عدمالجواز الضرر على الجار فضرر المالك بناء على األول وضرر الجار بناء على

الثاني ال يدخل في عموم ال ضرر، ألن الضرر الناشئ عن حكومة ال ضرر علىاألحكام الجوازية وهكذا الضرر الناشئ من حكومة ال ضرر على األحكام

التحريمية ال يعقل أن يدخل في عموم ال ضرر وإن قلنا بشمول قوله " كل خبريصادق أو كاذب " مثال لنفس هذه القضية بتنقيح المناط أو بوجه آخر كما في

شمول " صدق العادل " للخبر المتولد من شموله لموضوع وجداني حيث إنه علىنحو القضية الحقيقية، وذلك للفرق بين المثالين وبين المقام، فإنه إذا تولد من

وجوب تصديق الشيخ أو الكليني موضوع آخر فيمكن أن يشمل هذا الموضوع

(٤٢٨)

Page 431: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

المتولد وجوب تصديق آخر من سنخ " صدق العادل " الشامل لخبر الشيخأو الكليني.

وأما في المقام فحيث قد عرفت أن قاعدة ال ضرر حاكمة على األحكامالوجوبية والتحريمية فإذا نشأ ضرر من حكومة ال ضرر فال يمكن أن يكون الضرر ناظرا إلى هذا الضرر، ألن المحكوم ال بد أن يكون مقدما في الرتبة على

الحاكم حتى يكون الحاكم شارحا له وناظرا إليه.والمفروض أن هذا الضرر الحادث متأخر في الرتبة عن قاعدة ال ضرر فال

يمكن أن يكون محكوما بال ضرر.نعم، لو قلنا بأن ال ضرر إخبار عن الواقع فيمكن تعارض الضررين، وأما معااللتزام بالحكومة فال يعقل التعارض بحيث يدخل كل منهما تحت العموم.

فمسألتنا هذه ال تبتني على المسألة السابقة وهي ما إذا دار األمر بين أحدالضررين على أحد الشخصين كما إذا أدخل الدابة رأسها في القدر، فإنه ال بد في

المسألة السابقة من ترجيح الضرر األعظم ورفعه دون األخف. وفي موردالتساوي ال بد من التخيير، ألن مالحظة صاحب الدابة أو صاحب القدر مطلقا ال

وجه له لو فرض أن الضرر جاء من دون تفريط أحد المالكين، وهذا بخالفالمقام، فإنه هنا ليس ضرران خارجيان دار األمر بين أحدهما. بل المرفوع إما

ضرر المالك ليس إال لو كان الحكم هو تصرف المالك في ملكه مع تضرر جاره،وإما ضرر الجار لو كان المجعول سلطنة المالك مطلقا.

وحاصل الكالم: أنه ال بد في الضرر المنفي بأدلة نفي الضرر من كونه ناشئاعن الحكم الشرعي الضرري ليكون نفي الضرر نفيا لذلك الحكم المعنون بعنوانالضرر. ومن المعلوم أن الضرر الذي يلحق المالك من ترك التصرف ليس لحكمشرعي يقتضي الضرر إال إذا كان الحكم هو حرمة التصرف، وأما مع فرض كون

الحكم هو عموم السلطنة فالحكم الذي ينشأ منه الضرر ليس إال نفي الضرر بالنسبةإلى الجار، فضرر المالك في طول نفي الضرر بالنسبة إلى الجار فال يعقل أن يكون

مرفوعا بال ضرر.

(٤٢٩)

Page 432: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

وأما الكبرى وهي أنه بعد تعارض الضررين يكون المرجع هو عموم التسلطأو عموم قاعدة نفي الحرج، إما لحكومتها على قاعدة ال ضرر ابتداءا وإما

لتعارضهما والرجوع إلى األصول.ففيها: أما مسألة كون المرجع هو عموم قاعدة السلطنة، فهو إنما يصح فيما إذا

تعارض مخصص للعام مع ما هو في عرضه، فبعد تعارضهما وتساقطهما يرجع إلىالعموم. وأما لو خصص عموم بالحكومة وتولد فرد آخر من سنخ الحاكم من هذهالحكومة فتعارض هذين الفردين من أفراد الحاكم ال يوجب أن يكون المرجع هو

المحكوم.وبعبارة أخرى: كون العام مرجعا إنما هو في مورد تعارض الدليلين اللذين

أحدهما مخصص له ال في مورد تعارض فردين من المخصص القطعي.نعم، لو كان هناك حكمان كعموم سلطنة صاحب الدابة وعموم سلطنة صاحبالقدر وتعارض ضرر أحدهما مع ضرر اآلخر فال يمكن الحكم بتخصيص أحد

العامين دون اآلخر إال إذا كان هناك مرجح، وإال يلزم الترجيح بال مرجح.وأين هذا مما إذا كان هناك حكم واحد وبتخصيصه تولد خاص آخر

معارض مع الخاص األول.وأما مسألة حكومة ال حرج على ال ضرر، فهي تتوقف على أمرين:

األول: كون ال حرج مثبتا للحكم أيضا، أي كما أنه حاكم على األحكامالوجودية يكون حاكما على األحكام العدمية أيضا، وإال ال يعقل تعارضه مع ال

ضرر واجتماعه معه في مورد واحد حتى يكون حاكما عليه، ألنه لو كان حاكماعلى خصوص األحكام الوجودية ال مثبتا لحكم لواله لزم الحرج. فينحصر الصور

المتقدمة في قاعدة ال ضرر ال الحرج، ألن عموم السلطنة مستلزم للضرر فيرفعهذا الحكم الثابت بقاعدة ال ضرر. وعدم السلطنة وإن كان حرجيا إال أنه ال يجوز

إثبات حكم بال حرج، ألن عدم السلطنة ليس مجعوال حتى يرتفع بال حرج.فعلى هذا لم يجتمع ال حرج مع ال ضرر في هذا المورد بل المورد مورد

ال ضرر.

(٤٣٠)

Page 433: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

ولو فرض عكس هذه المسألة، كما لو كان تصرف المالك حرجا على الغيروعدمه ضررا على المالك، فيصير األمر بالعكس أي ينحصر المورد بال حرج

وال يجري ال ضرر.وإن شئت قلت: إن هذا الشرط يرجع إلى منع الصغرى، وحاصله عدم إمكان

تعارض ال ضرر مع ال حرج.الثاني: أن يكون ال حرج ناظرا إلى ال ضرر، ومعنى النظر أن يكون الحكم

في طرف المحكوم مفروض التحقق حتى يكون الحاكم ناظرا إلى الحكم الثابتفي المحكوم.

وأما لو كان كل منهما في عرض اآلخر، وال أولوية لفرض تحقق أحدهما قبلاآلخر فال معنى للحكومة.

وبالجملة: ال وجه لجعل " ال حرج " حاكما على " ال ضرر " فال يمكن عالجالتعارض بالحكومة، كما أنه ال يمكن عالجه بتقديم ال ضرر على ال حرج مطلقا

من باب أن مورد الضرر أقل من الحرج، ألن كل ضرري حرجي وال عكس.فإنه أوال: أقلية المورد موجب للترجيح فيما إذا كان المتعارضان متضادين ال

مثل المقام الذي يتوافقان غالبا، فإنه لو قدم دليل ال حرج على ال ضرر ال يلزمبقاء ال ضرر بال مورد، لكفاية المورد فيما كان األمر ضرريا أيضا كغالب الموارد،

بل جميعها سوى مورد الدوران بين الحرج والضرر كاألمثلة المذكورة.وثانيا: بناء على ما عرفت من أن الحرج هو المشقة في الجوارح ال في

الروح، فقد يكون الشئ ضرريا كالنقص في المال وال يكون حرجيا. فقولك: كلضرري حرجي وال عكس، غير صحيح.

وعلى هذا فيقتضي عدم تسلط المالك في الصورة الثانية أيضا فضال عنالصورة الثالثة، لما عرفت من أن قاعدة السلطنة من إحدى القواعد العامة محكومة

بال ضرر.ثم إنه ال يمكن إدراج الصورة األولى فيما يقال: إنه ال يجب تحمل الضرر

(٤٣١)

Page 434: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

لدفع الضرر عن الغير، فإن مورد هذا الكالم ما لو توجه بالء ودار بين أن يردعلى الجار وأن يرد على النفس، فيقال: إنه ال يجب توجيهها إلى النفس لئال تتوجه

إلى الغير كما مثلنا في مسألة السيل المتوجه إلى إحدى الدارين.وأما الصورة األولى فالضرر توجه أوال إلى المالك وهو يريد رفعه عن نفسه

المستلزم لتضرر الجار.نعم هنا وجه يمكن أن يوجه به ما ذهب إليه المشهور من: جواز تصرف

المالك في الصورتين األوليين دون الصورة األخيرة، وهو أنه ال شبهة أنه لوالورود هذا الحديث المبارك في مقام االمتنان لكان مقتضى الصناعة ما ذكر من

حكومة قاعدة ال ضرر على عموم السلطنة، إال أن وروده في مقام االمتنان يقتضيأن ال يكون رفع الضرر موجبا للوضع. فسلطنة المالك ال ترتفع بضرر الجار إال إذا

لم يكن عدم تسلطه موجبا لتضرره، كما إذا لم يكن حفر البئر في داره موجبالكمال في الدار وال تركه موجبا لتضرره، بل يحفره تشهيا، بل قد يقصد به

اإلضرار. وأما إذا استلزم رفع الضرر وضعه فهذا ال يدخل في عموم ال ضرر، سواءقلنا بأن المدار على الضرر النوعي أو الشخصي، ألنه على أي حال هذا الحكم

وهو رفع ضرر الجار بإلقاء الضرر على المالك خالف االمتنان. فإذا لم يدخل هذهالموارد في عموم قاعدة ال ضرر فيبقى قاعدة السلطنة بال مخصص. وال يبعد أنيكون منشأ اتفاقهم على جواز إضرار الغير بما دون القتل لدفع الضرر الناشئ عن

توعيد المكره عدم شمول ال ضرر هذا الضرر المتوجه إلى الغير، وإال فالمسألةمشكلة.

وما اختاره شيخنا األنصاري (قدس سره) في مسألة التولية من قبل الجائر من الفرقبين ما إذا توجه الضرر أوال إلى النفس وأراد رفعه بتوجيهه إلى الغير فال يجوزوأما إذا توجه أوال إلى الغير وأراد رفعه عنه بتوجيهه إلى النفس فال يجب، هو

الصواب كما تقدمت اإلشارة إليه.* * *

(٤٣٢)

Page 435: ﺐﻟﺎﻄﻟﺍ ﺔﻴﻨﻣ :ﺏﺎﺘﻜﻟﺍ ﻰﻟﻭﻷﺍ :ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ …lfile.ir/feqhi-library/book421.pdf · ٩٦٤ - ٤٧٠ - ٠٠٧ - ٤ ﻚﺑﺎﺷ ٩٦٤

هذا تمام الكالم فيما أردنا إيراده في المقام، والحمد لله أوال وآخرا، وصلىالله على محمد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.

قد وقع الفراغ منه بيد مؤلفهالمفتقر إلى رحمة ربه البارئ

موسى بن محمد النجفي الخونساريفي ليلة النيروز، وهي ليلة الثالث والعشرين

من شهر ذي قعدة الحرام من سنة ألف وثالثمائة وواحد وخمسينمن الهجرة المباركة النبوية، على هاجرها وأهل بيته الطاهرين

آالف السالم والتحية.

(٤٣٣)