الدكتور: أحمد زياد محبّك - wordpress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا...

757
كّ لدكتور أحمد زياد محب اات شعبية حكايب العربلكتاد اتحا منشورات ا من ز9111

Upload: others

Post on 12-Aug-2020

1 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

الدكتور أحمد زياد محبك

حكايات شعبية

من منشورات اتحاد الكتاب العرب

9111ز

Page 2: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 2 -

Page 3: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 3 -

احلقوق كافة مـحــــفــــوظـة

التـحــاد الـكـتـاب الــعـرب

Page 4: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 4 -

Page 5: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 5 -

مذخ

للحكاة الشعبة قمة كبرة، فه مادة خصبة لبحوث شعبة واجتماعة وتارخة وفكرة ودنة وأدبة وثقافة وإنسانة، وقد عنت بها شعوب كثرة، جمعا وتوثقا ودراسة، وتكاد ف العصر الحاضر تنسى، بسبب ما استجد من وسابل الترفه والتسلة والتعلم، ولقد كانت إلى وقت ؼر بعد الوسلة األولى

لذلك كله.

ولست الؽاة من تدون هذه الحكاات إحاءها، وإنما حفظها وتوثقها، ووضعها مادة أمام الدارسن،

هذا الحفظ إمكان توظفها ف أشكال جددة، فقد تح ولذلك قد تبدو ف بعض الحكاات عناصر أو مفاهم أصبحت ؼر مناسبة لهذا العصر، ولكن هذا ال حول

دون حفظها تدونا وتوثقا لما لها من أهمة وقمة.

وضم هذا الكتاب بن دفته أكثر من مبة وخمسن ة الفصحة، كما سمعت حكاة شعبة، مروة بالعرب

من ؼر تعدل ف شخصاتها أو حوادثها أو مؽزاها، وال تؽر ف بنتها العامة، ولكن تم الحرص على رواتها بالعربة الفصحة ألنها الوسلة األرقى واألبقى، ولست الؽاة من توثق الحكاات دراسة اللهجة العامة، الت ه لهجة متؽرة، ودرسها ال

العربة الفصحى ف شء، بخبلؾ الشعوب خدماألوربة الت دون كل شعب منها حكااته باللهجة العامة الت ه لؽته القومة، ولس علنا أن نقلدهم،

Page 6: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 6 -

ألن اللؽة العربة ه لؽة العرب جمعا، وهم شعب واحد، ومهما تعددت لهجاتهم أو اختلفت فه ترجع ف

، ومهما ابتعدت عنها فبل جذورها إلى العربة الفصحةمكن أن تستقل، أو تتحول إلى لؽة، بخبلؾ اللهجات األوربة الت تحولت إلى لؽات ألن كل لهجة ترجع إلى لؽة وه خاصة بشعب دون آخر، ولذلك كله ال مسوغ لتدون الحكاات الشعبة العربة باللهجات العامة، والضرورة كل الضرورة ف تدونها بالعربة

الفصحة.

وتم تصنؾ الحكاات ف نوعن، األول حكاات طولة، والثان حكاات قصرة، والمعار ف هذا التصنؾ لس الحجم أو عدد الصفحات، وإنما البنة العامة، بما فها من حوادث وشخصات. وقد تتابعت الحكاات داخل كل نوع من ؼر أن تخضع لترتب

هاشها للقارئ، وجعل كل نوع معن، ك تحافظ على إدف قسم، وكان البدء بالدهالز، واحتوت على ثبلثة، وقد ذلت كل حكاة بتعلق، قد طول أو قصر، وفق ة منه فتح آفاق على ماتوح به الحكاة نفسها، والؽاجوانب مختلفة ف الحكاة، ولقد تم وضع مدخل

ة للحكاات تضمن الكبلم على التراث الشعب عام والحكاة الشعبة خاصة.

ومعظم هذه الحكاات سمعت ف مدنة حلب وال -ورفها، من عجابز متقدمن ف العمر، وأكثرها

من رواة جدت ألب، وقد توفت عام -سما الطوالوكان لها من العمر خمسة وثمانون عاما، وقد 79

سمعتها عنها مرات عددة، ورجع اهتمام بهذه وتدون لها إلى عهد بعد، وقد تراكمت الحكاات

عندي مع الزمن.

وثمة رواات لبعض هذه الحكاات ف معظم أرجاء الوطن العرب، قد تتفق معها أو قد تختلؾ،

Page 7: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 7 -

وبعضها له رواات ف بقاع مختلفة من العالم، ومن هنا تؤت قمة الحفظ والتدون والتوثق، إذ تعن

ن البتة شبا من اإلنؽبلق، التواصل واللقاء، وال تعوسكون للحكاات الشعبة مستقببل عن ؼر شك قمة ال مكن التنبإ بها اآلن، وحسبها أنها نتاج وجدان شعب صادق وعفوي، ومثل هذا النتاج جدر من ؼر شك بالحفظ والتدون، بل جدر بالقراءة واإلفادة منه

والدرس.

أحمد زياد محبك

Page 8: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 8 -

ذخ

Page 9: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 9 -

Page 10: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 01 -

ازشاس اؾؼج

إف التاريخ الحقيقي لحياة الشعوب، في طبيعة تفكيرىا، ونمط تعبيرىا، وأشكاؿ انفعاليا، وأساليب فعميا، وفي ىموميا وآماليا، وشقائيا وطموحاتيا، مايزاؿ تاريخا غير

مكتوب إلى اليوـ. والدراسات التي يظنيا المرء قريبة مف الشعب، مثؿ

ة اآلداب والفنوف، والتاريخ وسير الرجاؿ، ىي دراسات دراسأكثر بعدا عف الشعب، عمى الرغـ مما تبدو عميو مف قرب

في الظاىر. إف تاريخ األدب يعنى بأشكاؿ وأنواع ىي مف نتاج فئة مف الشعب، وليست نتاج الشعب نفسو، وال شؾ في أف تمؾ

غمب عف الفئة ىي جزء مف الشعب، ولكنيا التعبر في األوجية نظره، وال تمثمو في ثقافتيا المتميزة، ومزاجيا نما ىو موجو الخاص، واألدب ليس بصادر عف الشعب، وا نما التأثير فيو، إليو، فميست الغاية منو ىي التعبير عنو، وا فاألدب يراد بو إلى التغيير، أو الدعاوة لفكرة أومذىب، أو

ورة ما لمشعب، الشيرة عمى األقؿ. وقد تبدو في األدب ص

Page 11: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 00 -

نما ىي صورة ولكنيا ليست صورة موضوعية، وال حقيقة، وا مف وجية نظر خاصة، ذاتية، وىي صورة منعكسة في األدب انعكاسا، وليست متحققة فيو، والباحث ىو الذي يستنبطيا، وىي بعد ذلؾ صورة عامة، ذات مبلمح باىتة،

ىي مايعبر عنو عادة بػ "روح العصر": خ، فقد كاف، ومايزاؿ إلى اليوـ، معنيا بسير وأما التاري

العظماء، وتاريخ حياتيـ، وأثرىـ في الحياة العامة، ودورىـ في مجتمعاتيـ، وحتى حيف يحاوؿ التاريخ العناية بجماىير الشعب، ذات الدور الحقيقي في صنع التاريخ، يظؿ ميتما بأفراد متألقيف، يرسـ مف خبلليـ صورة عامة لمناس، ال

ظير فييا معاناتيـ الحقيقية، ويبدو أف التاريخ الحديث قد تأخذ يتجو نحو التاريخ العاـ، الذي يعنى بتاريخ الحضارات، وبظواىر التاريخ وقضاياه العامة، مثؿ الحروب والثورات

والتغيرات االقتصادية.إف التاريخ الحقيقي لمشعب، في ىمومو وعذابو وآالمو

حاتو وآمالو وكفاحو، وفي تفكيره وشقائو، وفي أفراحو وطمو وانفعالو، وفي فعمو وتعبيره، اليمكف أف يتحقؽ إال بالبحث

في نتاج يقدمو الشعب نفسو. والنتاج الذي يقدمو الشعب نفسو، ىو النتاج الذي كاف، إلى عيد قريب، منبوذا مف أكثر دارسي األدب،

النتاج والباحثيف في التاريخ، بؿ كاف مزدرى وممقوتا، إنو الذي يوصؼ عادة بأنو نتاج غير راؽ وال متطور وال رفيع،

Page 12: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 02 -

وأنو نتاج "العامة" والذي ال يحظى بشيء مف الرعاية ف كاف في حقيقتو ليس واالىتماـ، بؿ ال يمقى االعتراؼ، وا كذلؾ، بؿ إنو في أىميتو وقيمتو، عمى النقيض مف ذلؾ

كمو. نتاج والبد مف أف يبلحظ أف موقؼ االزدراء مف

الشعب ليس موقفا أصيبل وال قديما في المجتمع العربي، ف ىو إال موقؼ طارئ. وا

لقد عني الدارسوف األوائؿ بالمرويات الشعبية، وحفظوىا، وصنفوا فييا، وأبرزوا قيمتيا، مثميا في ذلؾ مثؿ األدب الذي يبدعو كبار األدباء، أو األقواؿ التي يقوليا

ذكر في ىذا المجاؿ أفذاذ عنوا كبار الفبلسفة، وال يبالمرويات الشعبية، أمثاؿ أبو عبيدة معمر بف المثنى

ىػ(، ىػ( واألصفياني )ىػ( واألصمعي))توفي نما يذكر غيرىـ أيضا، مف كبار األدباء، عنوا فحسب، وا

ىػ(، وابف عبد ربو بالمرويات الشعبية، أمثاؿ الجاحظ) ىػ(. ي )ىػ(، وأبي عمي القال)

ومما الشؾ فيو أف العناية اليوـ بالنتاج الشعبي ليست كالعناية بو في القديـ، وال سيما في األساليب والمناىج، ولكف عناية األقدميف بو، تظؿ ذات داللة عمى موقؼ

سميـ. ذف فالنتاج الذي يمكف مف خبللو معرفة الشعب وا

Page 13: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 03 -

ي، ىو نتاج معرفة صحيحة، ويمكف بو كتابة تاريخو الحقيقالشعب نفسو، ويتمثؿ في كؿ مايقولو الناس ويفعمونو، في حياتيـ اليومية، تجاه موقؼ ما، استجابة منيـ لذلؾ الموقؼ، استجابة عفوية، تامة، وتعبيرا عف موقؼ منو

أيضا. ويمكف أف يبلحظ في النتاج الشعبي نوعاف، النوع

األوؿ قولي، والنوع الثاني فعمي. األوؿ، القولي، الحكـ واألمثاؿ واألغنيات ومف النوع

والحكايات والنكات والتحزورات والدعاوات ونداءات الباعة وأسماء المحبلت ومايكتب مف كممات أو جمؿ أو تعميقات أو أبيات عمى المناديؿ والثياب وجدراف البيوت مف الداخؿ، وعمى األبواب وشاىدات القبور، وعمى وسائط النقؿ، وغير

ذلؾ.ومف النوع الثاني، الفعمي، االحتفاالت في األعياد، والمناسبات والطوارئ مف زواج ووفاة ووالدة، والرقص وألعاب األطفاؿ، وعادات الزيارة والوالئـ، وأزياء المبلبس،

وأثاث البيت وزينتو، وغير ذلؾ. والنوعاف في النتاج الشعبي، مف قولي وفعمي،

كثيرا مايصحب أحدىما اآلخر متكامبلف، بؿ متداخبلف، إذ ويشاركو.

وأبرز مايتسـ بو النتاج الشعبي ىو عفويتو وشمولو،

Page 14: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 04 -

فيو موقؼ عفوي، يصدر فورا مف غير تخطيط وال دراسة، ولكنو موقؼ أصيؿ، يحمؿ الفكر واالنفعاؿ، معا، ويمثؿ شعورا جمعيا، وىذا مايضمف لو سرعة االنتشار والقبوؿ مف

ذلؾ الشموؿ، فإذا ىو كمي، عاـ، مشترؾ. الجميع، فيحقؽ بوالنتاج الشعبي في حقيقتو إبداع جماعي، قد يكوف مبدعو األوؿ فردا، وقد يكوف نتيجة لحادثة وقعت فعبل، ولكنو ال يظؿ كذلؾ، إذ مايمبث أف يصبح ممكا لمجميع، يتناقمونو، ويضيفوف إليو، بؿ يبدعونو ثانية، حتى يبدو في

ي، فيتخذ عندئذ طابعو الشعبي، وينسى أصمو غير حقيقف مبدعو األوؿ، كما تنسى حادثتو الحقيقية األولى، وا

ذكرت فكأنيا خرافة ال حقيقة. وألف النتاج الشعبي تعبير عفوي، فيو مؤقت، ومتغير، وليس ذا شكؿ أو قالب ثابت، وىو متجدد دائما، تموت فيو

أشكاؿ، وتولد أشكاؿ. ف كاف يبدو أنو قد والنتاج الشعبي ماي زاؿ إلى اليوـ، وا

ماؿ إلى الضعؼ، فاإلذاعة والتمفزيوف والصحؼ وغيرىا مف وسائؿ اإلعبلـ، قممت مف دوره، وحمت محمو، في

بعض جوانبو. ولكف ال يمكف لمنتاج الشعبي أف يموت، فيو مستمر، دائما، ولكف في أشكاؿ جديدة مختمفة، ويكفي لممرء أف

تي ىي حية دائما والتي ىي دائما دليؿ يذكر النكتة، ال

Page 15: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 05 -

حياة. ف حيوية النتاج الشعبي واستمراره، تبرز خطأ وا المصطمح الشائع في الدراسات العربية. وىو "التراث الشعبي"، إذ يدؿ ىذا المصطمح عمى القديـ مف النتاج الشعبي فحسب، وكأنو نتاج قد انقطع، أو كأف القديـ منو

سة، عمى حيف أف النتاج الشعبي نتاج وحده الجدير بالدرا حي متواصؿ، واليمكف أف تقتصر قيمتو عمى القديـ منو.

ف كممة "فولكمور" اإلنكميزية، التي استعمميا Folklorوا ال تعني سنة W.Thomsأوؿ مرة وليـ طومس

نما تعني في المغة مايعنيو مصطمح "التراث الشعبي"، وا ة الشعبية"، وىي تعني في "حكمة الشعب"، أو "المعرف

االصطبلح النتاج الشعبي كمو. وقد اقترحت في المغة العربية بعض المصطمحات البديمة مف مصطمح "التراث الشعبي" مثؿ: "المأثورات الشعبية"، و"المرددات الشعبية"، و"الفنوف الشعبية" و"الشعبيات" ولكف لـ تحظ ىذه المصطمحات مف القبوؿ

ثمما حظي بو مصطمح "التراث الشعبي". واالنتشار مولدعـ انتشار مصطمح "التراث الشعبي"، وتأكيد وحدتو في األقطار العربية، يبدو أنو البد مف القبوؿ بو، ولكف البد أيضا مف تأكيد أف معناه يجب أال يقتصر عمى القديـ مف نما يجب أف يشممو كمو، قديمو وحديثو. النتاج الشعبي، وا

Page 16: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 06 -

ف "ال تراث الشعبي" اليقؿ في أىميتو التاريخية وا والعممية عف أىمية الحفريات واآلثار، والوثائؽ والمحفوظات، بؿ ال يقؿ في أىميتو عف التقارير الحية واإلحصاءات، فيو يقدـ مادة أولية، عفوية ووصادقة، تساعد في معرفة ال تغيب عنيا أدؽ التفاصيؿ، في عمؽ

ووضوح، وفي نبض ودؼء حي. ولقد لفتت أىمية "التراث الشعبي" أنظار الباحثيف العرب، حوالي منتصؼ ىذا القرف، فبدؤوا العناية بو، وكاف أوؿ ما أولوه اىتماميـ ىو السير الشعبية، وكاف رائد ىذا االتجاه ىو الدكتور عبد الحميد يونس، ثـ أخذوا بعد ذلؾ

اليـو باالىتماـ بجوانب أخرى، ولكف اىتماميـ مايزاؿ إلىمنصبا عمى القديـ مف "التراث الشعبي" وعمى الجانب

القولي منو خاصة. ف دراسة "التراث الشعبي" ال يمكنيا أف تنيض وا نيوضا صحيحا، بؿ ال يمكنيا أف تبدأ بداية سميمة، قبؿ تدويف ذلؾ التراث، ورصده وتسجيمو، في جوانبو كميا، وفي

معناه العاـ الشامؿ. تأكيد عمى ضرورة تسجيؿ "التراث الشعبي" والبد مف ال

بالمغة العربية الفصحى، ال بالميجة العامية، كي ال يكوف في ذلؾ تشجيع الميجة العامية، ولتحقيؽ انتشار التراث الشعبي بيف أقطار الوطف العربي جميعا، وىو في حقيقتو ذا ما ظيرت فيو بعض السمات تراث واحد مشترؾ، وا

Page 17: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 07 -

آخر، فإف سمات أخرى عامة أكثر وأىـ الخاصة بقطر أو بتظير في جميع أشكاؿ التراث في الوطف العربي، بؿ إف جزئيات خاصة يتكرر ظيورىا في التراث الشعبي في كؿ قطر، سواء في الحكاية والمثؿ واألغنية، أـ في العادات

واألزياء والتقاليد، مما يؤكد وحدة ذلؾ التراث. ورة الحقيقية لمشعب، وىو إف "التراث الشعبي" ىو الص

بالنسبة إلى الشعب العربي، تراث شعبي واحد مشترؾ، يؤكد وحدة الشعب العربي، ويدعميا.

Page 18: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 08 -

اذىبخ اؾؼجخ

الحكاية الشعبية ىي أحدوثة يسردىا راوية في جماعة مف المتمقيف، وىو يحفظيا مشافية عف راوية

د بألفاظ الحكاية، آخر، ولكنو يؤدييا بمغتو، غير متقيف كاف يتقيد بشخصياتيا وحوادثيا، ومجمؿ بنائيا وا

العاـ. وغالبا ماتروييا العجائز ألحفادىف، في ليالي الشتاء الطويمة، قبؿ الذىاب لمنوـ، وقد يروييا غير العجائز، في مواقؼ تقتضييا، لمعظة واالعتبار وضرب

ليبل، في المثؿ، ولكف الحكاية ال تسرد عمى األغمب إالجو يتـ التييؤ لو، فالجدة تقعد عمى حشية، ويقعد

األوالد أماميا في استعداد لمتمقي. وتمقى الحكاية بمغة خاصة متميزة، ليست لغة الحديث العادي، مما يمنحيا قدة عمى اإليحاء والتأثير، وغالبا مايكوف اإللقاء مصحوبا بتمويف صوتي، يناسب

Page 19: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 09 -

بإشارات مف اليديف والعينيف المواقؼ والشخصيات، و والرأس، فييا قدر مف التمثيؿ والتقميد.

ويتـ التمقي بإصغاء حاد، قد يتخممو الضحؾ، أو الفزع، كما يقتضي الموقؼ، ولكف في تقدير واحتراـ،

وتصديؽ واندىاش، ومف غير مقاطعة. وغالبا ماتسبؽ الحكاية بمدخؿ، يدعى "الدىميز"

، ذات فكرة ىزلية، سخيفة وىو حكاية قصيرة جدا ضاحكة، يمقى بمغة محفوظة، مسجوعة أو منظومة، وال

عبلقة لو بالحكاية التي تمقى بعده. ومف أمثمة ذلؾ، الدىميز التالي: "طمعت والدنيا دغشة، ألعمؽ لمتبف جحشة لقيت عمى غفمة قدامي، الحيط ينقب الحرامي، ال حني ولحتو، مف عزمي وقعت

بتي، ما أحمرىا، مف الكؼ المي تحتو، شوفوا رق سمختو".

* ولكؿ حكاية اسـ، ىو عنوانيا، ويستمد مف عنصر بارز فييا، مف الشخصيات أو الحوادث، وىو اسـ ثابت، قميبل ما يتغير، وبعض العنوانات تطمؽ عمى

عدة حكايات، مثؿ حكاية "األخوات الثبلث".

"كاف وتبدأ الحكاية ببداية ثابتة محفوظة، مثؿ:

Page 20: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 21 -

ياماكاف، ياقديـ يازماف، نحكي إال نناـ، إال نصمي عمى محمد بدر التماـ، كاف في قديـ الزماف....".

وكثيرا مايتـ في الحكاية القطع، بالوقوؼ في موضع مف الحكاية، والعودة إلى الوراء لسرد حديث عف شخصية، أو حادثة، يدعي الراوي أنو نسي سردىا،

ف كاف يعمد إلى بقوليف: "فاتني أف أح كي لكـ..."، وا مثؿ ذلؾ، عمى األغمب، ألف الحكاية مبنية عمى القطع، الذي يمكف أف يصطمح عميو في الحكاية

الشعبية بالفوت. وقد يخمط الراوي حكاية بحكاية، فيضع نياية حكاية ما، موضع حكايتو التي يروييا، أو قد تقترب

قيف إلى سماع الحكاية مف نيايتيا، فيشعر بحاجة المتمالمزيد، فيصؿ حكاية بحكاية، وغالبا مايتنبو المستمعوف إلى ذلؾ، فيقاؿ عف الرواية عندئذ بأنو قد

"وصؿ الحبؿ بالحبؿ". وأحيانا يبتسر الراوية الحكاية، فيقفز سريعا إلى نيايتيا، ألنو يجد لدى المتمقيف، مايحممو عمى مثؿ

ذلؾ االبتسار، مف ممؿ أونعاس. وأحيانا أخرى يشرؾ الراوية المتمقيف في حوادث الحكاية، وشخصياتيا، فيخرج عف السرد ويفاجئ المتمقيف، فيشبو أحدىـ بإحدى الشخصيات، أو يدخمو

Page 21: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 20 -

في الحكاية، ويعطيو دورا فييا، عمى سبيؿ المزاح. وتختتـ الحكاية بخاتمة محفوظة وثابتة، مثؿ قوؿ

دوتة"، ثـ يمتفت إلى الراوية:"توتة توتة، خمصت الحالمتمقيف فيسأليـ: "مميحة إال مفموتة؟!"، أي" ىؿ الحكاية جيدة أـ ىؿ ىي سيئة!"، فيجاب بقوؿ المتمقيف:"مميحة، يسمـ تمؾ"، أي" جيدة، حفظ اهلل

فمؾ". *

والحكاية تقدـ قصة ذات بداية ونياية، متكاممة، عمى وتمتاز بالتماسؾ وقوة الحبؾ والبناء، وىي تعتمد

حوادث كبيرة فاصمة، وغالبا ماتكوف غريبة ونادرة، وىي حوادث كثيرة وكبيرة، وليس فييا شيء مف الوقوؼ عمى الحوادث الصغيرة والتفصيبلت، أو شيء مف

االىتماـ بالمواقؼ النفسية واالنفعاالت. والحكاية تمتد طويبل في الزماف، وتشغؿ حيزا كبيرا

المواضع، وتتبدؿ العيود، وال في المكاف، فتتغير فييا تنتيي الحوادث حتى يستقر كؿ شيء، وتتحقؽ االحتماالت والتوقعات كافة، ويناؿ كؿ ذي حؽ حقو، بما يرضي الجميع، ولذلؾ غالبا ماتكوف النياية ىي الموت، بعد السعادة واالستقرار، فيقاؿ في الختاـ عف

وا شخصيات الحكاية: "وعاشوا في ثبات وتبات، وأنجب

Page 22: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 22 -

البنيف والبنات، حتى أتاىـ ىادـ الممذات، ومفرؽ الجماعات، فنقميـ مف وسيع القصور، إلى ضيؽ

القبور، فسبحاف الحي الذي ال يموت". وعمى األغمب ال يحدد الزماف، وال المكاف، فالزماف ىو "قديـ الزماف، وسالؼ العصر واألواف". والمكاف ىو

يحدداف تحديدا عاما، "بمد مف ببلد اهلل الواسعة"، وقد كبغداد، مثبل، أياـ ىاروف الرشيد، وقد يشبياف بالزمف الحاضر، وبالمدينة التي تمقى فييا الحكاية، عمى سبيؿ

التقريب والتوضيح، أو ضرب المثؿ. ويتـ تجاوز األبعاد الزمانية والمكانية في سرعة كبيرة، مف غير مباالة بالعقبات والصعاب، فاألياـ تمر

الظبلؿ، حتى قبؿ أف تعد، فيقاؿ: "عدوا البيض في كالمقبلة، وال تعدوا أياـ الحبمى"، داللة عمى سرعة مر األياـ، والببلد تطوى طي البساط، والركباف"، تحمميـ

ببلد، وتحط بيـ ببلد، حتى يبمغوا البمد المقصود. والشخصيات في الحكاية واضحة مجددة، وىي

طية، تتحدد بموقعيا في عمى األغمب شخصيات نماألسرة، أو بمكانتيا في المجتمع، كاألب واالبف والزوج والكنة والحماة، أو كالممؾ والوزير والتاجر والسياؼ والخادـ والفقير، وال توصؼ الشخصيات، وال تحدد مبلمحيا الجسمانية أو النفسية، إال إذا كاف فييا عيب،

ؿ أو جبف أو مف عور أو عرج أو قصر، مثبل، أو بخ

Page 23: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 23 -

خبؿ، وغالبا ما يكتفى بصفة واحدة، تتحدد بيا الشخصية.

وعادة ماتوجد شخصية محورية، أو شخصيتاف، ذا كانت وتوجد مف حوليا شخصيات ثانوية كثيرة، وا الشخصيات الثانوية ثابتة ومسطحة، فإف أغمب

الشخصيات المحورية نامية ومتطورة. ف الشخصيات، في وتقدـ الحكايات أنواعا كثيرة م

غنى وتنوع كبيريف، فيي تقدـ األب المغرور واألـ العطوؼ، وزوجة األب الظالمة، واالبنة الوفية، واألخت المشفقة، واألخ الغادر، والزوجة المعوب، والصديؽ الوفي، والجار الغني، والكنة التي تكيد لحماتيا، والحماة التي تبغض كنتيا، كما تقدـ الممؾ الجائر

موـ، والسمطاف العادؿ الحكيـ، والوزير الذكي الظالماكر، والنديـ الوفي المخمص، وابف الممؾ الذي ييوى

ابنة الوزير، وبنت الممؾ التي ييواىا شحاذ فقير. وىي تقدـ تمؾ الشخصيات، وغيرىا، في توازف وانسجاـ غريبيف، ىو توازف الحياة وانسجاميا، عمى

اىر، مف تعدد وتناقض الرغـ مما يبدو فييا، في الظ واختبلؼ.

ويبلحظ أف الحكايات تقدـ غالبا الشخصيات القمقة

Page 24: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 24 -

المضطربة، ولكنيا تنتيي إلى الخبلص مما ىي فيو، والتحوؿ إلى األفضؿ.

ومف ذلؾ حكاية الممؾ المغرور، الذي سأؿ بناتو الثبلث أف تصؼ كؿ واحدة منيف حبيا لو، فتممقت

عنيما، وزوجيما مف اثنتاف منيف غروره، فرضيوزيريف مف وزرائو، وأبت الثالثة أف تتممقو فغضب عمييا، وزوجيا مف فقير، يعمؿ وقادا في حماـ، فصبرت عمى الفقر والذؿ واليواف، ثـ ساعدتيا الجف، فاغتنت ىي وزوجيا، وابتنت قصرا، ودعت إليو والدىا،

فتعرؼ إلييا ورجع عما كاف فيو مف غرور. ايات الشعبية شخصيات غير بشرية وتقدـ الحك

كثيرة، ذات دور فريد ومتميز، وغالبا ماتكوف وفية لئلنساف، مخمصة لو، تساعده عمى الخبلص، حيف ال

يجد المساعدة عند البشر. ومف تمؾ الشخصيات السمكة التي تقدـ الرزؽ الوفير لمصياد، عمى شرط أف يطمقيا مف الشبكة،

فعى التي تقدـ العوف والخير ويعيدىا إلى البحر، واأللمف يعينيا ويساعدىا، والطائر الذي يقدـ نفسو لئلنساف، كي يذبحو ويصنع مف دمو وريشو ولحمو

مرىما يشفي الجراح. كما تقدـ الحكايات الشعبية شخصيات بشرية

Page 25: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 25 -

مسخت بفعؿ السحر وحولت إلى حيواف أو نبات أو إلى ماكاف جماد، وال تنتيي الحكاية، حتى يعود المسخ

عميو، في وضع أكـر مف قبؿ، وأفضؿ ولكف بعد معاناة.

ومف تمؾ الشخصيات ابف السمطاف الذي مسخ طائرا أو حصانا، واألخ الذي مسخ غزاال، واألخت التي مسخت ىرة، واألخوة الذيف مسخوا شجرات، وأىؿ البمدة

الذيف مسخوا حجارة. خرى كما تقدـ الحكايات الشعبية شخصيات أ

غريبة، كالغوؿ والعفريت والمارد والجني، وأكثرىا يخدـ اإلنساف، ويساعده.

وتعتمد الحكايات الشعبية عمى كثير مف األدوات والوسائؿ التي تحدث في الحكاية تغيرا، تقوـ عميو نيايتيا، مف ذلؾ كرة الخيطاف التي تتدحرج فتدؿ مف

حضر يتبعيا عمى موضع يطمبو، وعود الثقاب الذي يباشتعالو جني؛ يخدـ مف أشعمو، والخاتـ الذي يوضع في صحف الطعاـ، فيتعرؼ بوساطتو األب إلى ابنتو،

أو الحبيب إلى حبيبتو، بعد فرقة طويمة وغياب. ومثؿ تمؾ األدوات والوسائؿ، وغيرىا مف الجزئيات الثابتة، تتكرر في كثير مف الحكايات، تكرار غريبا،

ع واإلدىاش، عمى الرغـ مف تكراره، فيو كثير مف اإلقنا

Page 26: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 26 -

وىو مايمنح الحكايات جميعا، وحدة متماسكة، وطابعا خاصا، ىو إحدى ميزاتيا.

وتظير في الحكايات جمؿ وتعابير جاىزة محفوظة، ىي كالمرتكزات، يستعيف بيا الراوية في السرد، وأغمبيا جمؿ وصفية، تصمح في مواضع

قطعة بالجممة التالية: مختمفة، منيا وصؼ األرض المن " أرض ال طير فييا يطير، وال وحش فييا يسير".

وتتضمف كثير مف الحكايات أمثمة وحكما ومواعظ ومواويؿ، وبعضيا بني خاصة عمى تمؾ المواد،

وبعضيا اآلخر يحشد منيا حشدا ىائبل. *

ويمكف تمييز أنواع كثيرة في الحكايات الشعبية، وليا، أو بنائيا، أو غايتيا، بحسب موضوعيا، أو ط

كالحكايات الدينية، وحكايات الجف والعفاريت، وحكايات السحر والخوارؽ، وحكايات االنتقاد االجتماعي، وحكايات الحيواف، وحكايات العظة واالعتبار، وحكايات الفكاىة والتندر، وكالحكايات الطويمة، والحكايات القصيرة، والحكايات القصيرة جدا،

لحكايات ذات القصة الواحدة، وىي كثيرة، وكاوالحكايات ذات القصتيف، أو األكثر مف ذلؾ، متداخمة، أو متفرعة، أو متبلحقة، وكالحكايات الخاصة

Page 27: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 27 -

باألطفاؿ، وحكايات الكبار. وىي أنواع كثيرة، بعضيا يتداخؿ في بعض، وكثير مف الحكايات يمكف تصنيفيا في أكثر مف نوع،

نيؼ أمرا ال يخمو مف تعسؼ. ولذلؾ يبدو التصوالحكايات عامة شائقة، ليس لؤلطفاؿ فحسب، بؿ لمكبار أيضا، وحكايات الصغار نفسيا تعبر عف

الكبار، وتتضمف تجاربيـ، وتحمؿ خبلصة خبرتيـ. ومف الحكايات الخاصة باألطفاؿ، والتي تعبر عف أحاسيس الكبار وانفعاالتيـ حكاية "أنؼ القاضي"، وىي

دث عف بنت صغيرة، عثرت بفمس صغير، فاشترت تتحبو دبسا، وضعتو في صحنيا الصغير، ثـ زارتيا الذبابة، تطمب منيا أف تعيرىا غرباال، فدلتيا عمى موضعو في مطبخيا الصغير، وماكاف مف الذبابة إال أف لعقت الدبس، حيف رأتو في الصحف، وتركت بدال

رىا إلى القاضي، منو القذر، وشكت البنت الصغيرة أمفسخر منيا، لصغرىا، وصغر بيتيا وأدواتيا، ثـ قاؿ ليا: "حيثما رأيت الذبابة، فاقتمييا إذا استطعت"، وحطت ذبابة عمى أنؼ القاضي، فخمعت البنت

الصغيرة نعميا ، وضربت بو الذبابة. ولئف دلت الحكاية عمى شيء فيي تدؿ عمى

القضاء أف إحساس الضعيؼ بضعفو، وعدـ توقعو مف

Page 28: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 28 -

ينصفو، وأنو ليس لو إال أف ينتصؼ لنفسو بنفسو، وقد تـ التعبير عف اإلحساس بالضعؼ بالرمز إليو بالصغر

في الجسـ والمسكف واألدوات. *

وكثير مف الحكايات تعبر عف قضايا في الواقع يعاني منيا الفقراء والمحروموف، وتحمؿ توقيـ إلى

يتحقؽ ليـ ذلؾ في العدؿ والحرية والرخاء، ولكف الالحكاية إال بالمعجزات والخوارؽ، مما يدؿ عمى إحساسيـ باستحالة الوصوؿ إلى العدؿ والحرية والرخاء في الواقع، وىو مايجعؿ لمحكاية دورا في خبلصيـ مما ىـ فيو مف ضيؽ ومعاناة، فكأف الحكاية حمـ، يتحقؽؾ فيو ماال يمكف أف يتحقؽ في الواقع، والحكاية بذل

تخفؼ مف اإلحساس بالظمـ والقير، وال تنسي شيئا مف ذلؾ اإلحساس، وال تشير إلى شيء مف محاولة الرفض والتغيير، وأكثر الحكايات تقوـ عمى موقؼ سمبي، عماده الصبر واالنتظار، والتعمؽ باآلماؿ واألحبلـ، والتي تتحقؽ أخيرا مف غير كدح وال عناء، وال سعي

ن ما بالمصادفة، والمعجزات. إلى التغيير، وا ومف الحكايات التي تمثؿ ذلؾ حكاية )عمود الذىب( وىي تتحدث عف امرأة تمح عمى زوجيا الفقير أف يشتري ليا الحمي واألساور والعقود الذىبية، كي تتحمى بيا، كما تتحمى زوجات األغنياء، ويعدىا الزوج

Page 29: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 29 -

ده، عدة مرات أف يشتري ليا ماتريد، ولكنو ال يفي بوعألنو اليستطيع، لفقره، ثـ يعدىا أف يشتري بدال مف ذلؾ دارا، ويتحقؽ الوعد، إذ تعرض في السوؽ دار تسكنيا الجف، ويمكف مف يريد شراءىا أف يسكنيا سبعة أياـ، ليجربيا، ويقرر بعد ذلؾ، شراءىا، أوتركيا، وينقؿ الزوج الفقير زوجتو وأوالده إلى تمؾ الدار، وتنعـ

برحابة الدار، وجماليا، وبما فييا مف أثاث الزوجة ورياش وفراش، وفي نياية األياـ السبعة، يدعوىا الزوج إلى العودة إلى الدار القديمة، ولكف الزوجة تدعوه إلى كنز في الدار، تمكنت بجرأتيا ورباطة جأشيا مف ىزيمة الجني الذي يرصده فأصبح الكنز ممكيا،

وتحققت ليا األحبلـ كميا. وتعبر الحكايات عامة عف فمسفة بسيطة، ال تعقيد فييا، وال عمؽ، ىي فيـ اإلنساف لمحياة فيما أوليا، في أثناء بحثو عف التبلؤـ مع الواقع، ورغبتو في تحقيؽ الراحة واالستقرار، وىي فمسفة توسطية، عمادىا اعتبار الفضيمة وسطا بيف رذيمتيف، مع ميؿ إلى القبوؿ

الحة، واالقتناع بالبساطة والكفاؼ، وىي والرضى والمصفمسفة ال تخمو مف ذكاء وتألؽ، وتمتاز بالبساطة،

والقدرة عمى التأثير. *

وال يعرؼ واضح الحكاية األوؿ كما اليعرؼ راوييا

Page 30: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 31 -

ذا األوؿ، إذ أنيا ال تمقى شيئا مف التوثيؽ في الرواة، وا ، الذي ما ذكر أحد منيـ، فغالبا مايذكر الراوية األخير

ىو أحد أفراد األسرة والسيما الجدة. وتحمؿ بعض الحكايات طابع بيئتيا ومبلمحيا، فمف الممكف أف يبلحظ في بعض الحكايات، مثبل، البحر والبحارة والسفف، وفي حكايات أخرى األسواؽ والتجار والبضائع، مما يوحي بإمكاف نسبة حكاية ما

قع الجـز بتمؾ إلى بيئة ما، ولكف ال يمكف في الواالنسبة، كما ال يمكف تخصيص نوع مف الحكايات ببيئة

ما، فالحكايات سريعة االنتشار، سيمة التناقؿ. وكثيرا ماتروى حكاية في بمد ما، وتشبييا شبيا كبيرا حكاية أخرى، تروى في بمد آخر، وبيف البمديف بعد كبير، واختبلؼ في المغة والثقافة، وقد يفسر ذلؾ

ابو بوحدة التجربة اإلنسانية. التشومف ذلؾ حكاية الممؾ المغرور الذي تمت اإلشارة إلييا مف قبؿ، فيي تشبو شبيا كبيرا مسرحية )الممؾ لير( لمؤلفيا )وليـ شكسبير(، وىي مبنية عمى حكاية

شعبية. ومف ذلؾ أيضا حكاية رواىا األخواف )غريـ(

ئة مع زوجيا، تتحدث عف امرأة عاقر، كانت تعيش ىانوتمنت ذات يوـ أف ترزؽ ولدا، ولو كاف بطوؿ اإلصبع

Page 31: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 30 -

الواحدة، ورزقت بمثؿ ذلؾ الولد، وأخذ يعمؿ مع والده في الحقؿ، وىو بذلؾ الطوؿ، وذات يوـ اشتراه مف

رجبلف شريراف، ولكف الولد ىرب منيما، -عنوة-والده وضاع في سنابؿ القمح، ورعتو بقرة، وصار في

ذبحت البقرة، وألقيت أحشاؤىا عمى المزابؿ، جوفيا، ثـوالتيـ ذئب األحشاء، والولد في داخميا، فأخذ يحدث الذئب عف بيت المؤونة، في مسكف أبويو، ويغريو بدخولو، وطمع الذئب، فدخؿ بيت المؤونة، وتناوؿ كثيرا مف الطعاـ، حتى أصبح ال يستطيع الحركة،

ىو في بطف الذئب، وعندئذ أخذ الولد ينادي أبويو، و فحضر األبواف، فقتبل الذئب، وخمصا الولد.

وتشبييا حكاية تتحدث عف امرأة عاقر، تمنت األمنية نفسيا، في ظروؼ مشابية، ورزقت بمثؿ ذلؾ الولد، وأخذ يعمؿ مع والده في الحقؿ، وذات يوـ كاف والده يحرث فيو الحقؿ، وىو يسير إلى جانبو، انقمب

ذي يشقو سف المحراث، ومات تحتو. عميو التراب ال *

إف الحكاية الشعبية تسعى دائما إلى تحقيؽ الشموؿ الكمي، بالتعبير عف جوىر التجربة اإلنسانية، منطمقة مف الخاص إلى العاـ، غير متخمية عف تفرد التجربة، مستعينة إلى ذلؾ بالحدث الكبير الفاصؿ،

لواضحة، وبالشخصية النمطية المحددة، وبالفكرة ا

Page 32: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 32 -

وبالتعبير العفوي البسيط، مما يتيح ليا سيولة السيرورة واالنتقاؿ، فإذا ىي تعبير عف تجربة عامة شائعة شاممة، تحمؿ وجداف الجماعة، وتمثؿ روحيا، ذا كؿ رواية ليا ىي تعبير وأحاسيسيا وانفعاالتيا، وا فردي جديد، يكسب الحكاية وىج االنفعاؿ، وحدة

تعبير. الشعور، وقوة الإف الحكاية الشعبية تفي وفاء كبيرا بحاجة

اإلنساف إلى التعبير عف نفسو، بحكاية تجربتو، ومنحيا شكبل فنيا، ذا استقبلؿ يعادؿ التجربة، ويوازييا، ويحمؿ

إمكانات إقناع اآلخريف، والتأثير فييـ. *

وتبدو الحكاية الشعبية مرتبطة بأشكاؿ التعبير جتمع، وقد أخذت مثؿ تمؾ األشكاؿ تفقد الشفوي في الم

مكانتيا في العصر الحديث، بسبب انتشار أشكاؿ تعبير جديدة، تعتمد الكممة المكتوبة، والصورة المتحركة، وتمثميا الصحؼ ووسائؿ اإلعبلـ، التي

أخذت تحؿ محؿ أشكاؿ التعبير الشفوي. ولكف عمى الرغـ مف ذلؾ كمو تظؿ الحكاية

بإمكانات كبيرة، تساعد عمى التعبير الشعبية محتفظةعف الوجداف الجماعي، تحمؿ ىموـ الناس، وتزودىـ بخبرات وتجارب وثقافات، تمس وجداف الفرد، وتنتمي

Page 33: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 33 -

إلى ذاتو، وترتبط بيا، لتمنحو اإلحساس باالنتماء إلى الجماعة، واالنسجاـ معيا، وىو غاية ماتسعى إليو

فنوف القوؿ. شعبية مادة أولية، تستثمرىا ولقد غدت الحكاية ال

كثير مف األشكاؿ واألنواع األدبية والفنية، تستميميا، وتبنى عمييا، أغنيات ومسرحيات وروايات وتمثيميات

وبرامج شتى. والحكايات الشعبية غنية بعد ذلؾ بما يخدـ الباحثيف في المجاالت اإلنسانية والتراثية واألدبية

والفنية. *

وف في الغرب، منذ القرف ولقد جمع المختصالماضي، مف الحكايات الشعبية، مايمؤل عشرات

المجمدات. لـ يتنبو العرب إلى أىمية الحكايات الشعبية، وضرورة حفظيا، إال بعد منتصؼ ىذا القرف، فأخذت تظير مجموعات تسجؿ الحكايات الشعبية في أجزاء ف كانت حركة مختمفة مف أقطار الوطف العربي، وا

ع ماتزاؿ تسير بطيئة مترددة. الجمواإلشكاؿ الذي يواجيو جامع الحكايات الشعبية في الوطف العربي ىو الميجات المحمية، ويمكف تجاوز مثؿ

Page 34: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 34 -

ذلؾ اإلشكاؿ بتدويف الحكاية بالمغة الفصحى، ولكف مف غير إجراء تعديؿ في بنائيا وتركيبيا العاـ،

ييا، وىو والحفاظ ما أمكف ذلؾ، عمى أسموب الجممة فمايعمد إليو بعض الذيف تصدوا لجمع الحكايات

الشعبية. *

ف كثيرا مف الحكايات الشعبية متشابية، بؿ وا متماثمة، في أجزاء مف أقطار الوطف العربي، وليس فييا إال اختبلؼ في جزئيات ثانوية، نتيجة لتقادـ الزماف، وتعدد الرواة، وىو مايطرأ عمى الحكاية

المكاف الواحد. الواحدة، فيومثؿ ذلؾ التشابو ال يرجع إلى تشابو الحكايات الشعبية في مواضع مختمفة مف العالـ، فحسب، بؿ يرجع أيضا إلى وحدة الحكاية الشعبية في الوطف العربي، وىي وحدة يمكف تممسيا في عدد غير قميؿ مف الحكايات الشعبية المتشابية، عمى الرغـ مف قمة

ات شعبية في الوطف العربي، وحيت ماجمع مف حكاييتـ جمع عدد أكبر مف تمؾ الحكايات، يمكف عندئذ

براز سماتيا العامة. تأكيد تمؾ الوحدة، وتوثيقيا، وا وتتضح أىمية الحكاية الشعبية، وىي جزء مف التراث

الشعبي، حيف يذكر المرء محاوالت العدو الصييوني

Page 35: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 35 -

في ذلؾ التراث طمس التراث الشعبي في فمسطيف، ألف برىانا عمى أصالة الشعب العربي في فمسطيف.

* ومف ذلؾ كمو تتأكد ضرورة تسجيؿ الحكايات الشعبية، وحفظيا، قبؿ أف تنسى وتندثر، فيضيع بضياعيا تراث ال يمكف تعويضو، ىو التراث الذي يحمؿ مبلمح الشعب، ويعبر عف ىمومو ويمثؿ وجدانو

العاـ.

Page 36: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 36 -

دهبض

Page 37: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 37 -

Page 38: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 38 -

ػىد ػ اجذء

كاف كتكتاف طؼ سمح بالدكاف لقى طابة خيطاف

مسح بيا ورماىا عمى الجيراف قاؿ ليـ ياجيراني عطوني خيطاني

قالوا لو ال نعطيؾ خيطانؾ حتى تسمـ عمى حيطانؾ

قاؿ لو سبلمة ياحيط قاؿ لو أنا الفارة نقبتني قاؿ ليا سبلمة يافارة

ت لو أنا القطة أكمتني قال قاؿ ليا سبلمة ياقطة

Page 39: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 39 -

قالت لو أنا العصا قتمتني قاؿ ليا سبلمة ياعصا

قالت لو أنا السكينة قطعتني قاؿ سبلمة ياسكينة

قالت لو أنا الحداد طرقني قاؿ لو سبلمة ياحداد قاؿ لو أنا ربي خمقني

تعلق: ثم هذا النص هو دهلز فتتح به الراوي سهرته،

تبعه ببعض الحكاات، وهو دهلز قصر محفوظ، والؽاة منه، مثله ف ذلك مثل معظم الدهالز، إثارة االهتمام

وجذب انتباه المتلقن، والتؤثر فهم.

وهو عتمد على التتال المنطق الراض، باالنتقال مما شبه النتجة إلى ماشبه السبب، وهو بدأ من األدنى،

با فشبا ف تدرج بطء، ولكنه راض ومنطق فنتقل شحتى بلػ األقوى واألعظم واألعلى، إذ بدأ بالجدار وهو جماد، ثم مر بالحوان، حتى بلػ اإلنسان، ثم رقى من

خبلله إلى هللا.

والدهلز نته عند خالق الكون، وهو هللا عز وجل، إلى فاعل، أي إنه نتقل من مإثر إلى مإثر، ومن فاعل

ومن محرك إلى محرك، حتى صل إلى المحرك األول للكابنات كلها، وخالقها، وهو هللا تعالى، وبذلك ضع القارئ ف تسلسل منطق أمام السبب الذي ال سبب له،

وهو الخالق عز وجل.

ومن هنا كانت الحكاات كلها تبدأ وتنته بصػ تنته بذكر هللا تعالى، مختلفة متعددة، ولكنها جمعا تبدأ و

Page 40: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 41 -

لتجعل الحكاة شكبل من أشكال الفعل والتحرك والعمل اإلرادي داخل اإلرادة الكلة المطلقة وه إرادة المولى

عز وجل.

وبذلك فالدهلز ذكر بقوة هللا وه القوة األولى والعظمى والفاعلة والمحركة، ثم تؤت الحكاات لتإكد أنها

ة، داخل إرادة هللا. شكل من أشكال الحرك

Page 41: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 40 -

ثذ اجشا

كاف كتكتاف، طؼ عمى أراضي الشاـ، نصب المرايا، عمؽ الميزاف، القى عجوز مغطاية بإزار، ثبلثة أشكاؿ، رز ومحشي وباتنجاف، قالت لو: يابني عندؾ فستؽ ولباف، قاؿ ليا: عندي فستؽ ولباف، يمبؽ لمصبايا، ال يمبؽ لمعجايز،

لو: عندي صبية لبية، تحاكي الشمس المضية، تقوؿ قالت لمقمر غيب، ألقعد محمؾ رقيب، قاؿ ليا: ياخالتي، يافتاحة الفاؿ، دليني عمى المكاف، قالت لو: ما أدلؾ عمى المكاف، حتى تحط في ىذا الجيب مية، وفي ىذا الجيب مية، وتمؼ

رة الفبلنية، لفة مغربية، وتركب بغمة زرزورية، وتمحقني لمحاحط الولد في ىالجيب مية، وفي ىالجيب مية، ولحقيا لمحارة الفبلنية، دؽ الجرس، رد الورؽ، طمعت جارية بريؽ وصينية، دخؿ في أوؿ نارنجية، عمى رأسيا طست وا دىميز، مافي مثمو بالتمييز، دخؿ في ثاني دىميز، مافي

نبسط، مثمو باالسكندرية، دخؿ في ثالث دىميز، أكؿ واوحمد اهلل، قالت لو: ياعمي، افتح كتابؾ، قاؿ ليا: مابفتح

Page 42: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 42 -

كتابي إال ببوسة، قالت لو: تضرب، في أي كبلـ كنا، وبأي كبلـ صرنا، ونادت الجواري، جاءت واحدة نارنجية، وواحدة بإيدىا بابوجية، ضربوه عمى ذقنو، طيروا أسنانو، فاؽ في

قاؿ: ياقمب بقيت نصؼ الميؿ، القى القمر، ونجـ سييؿ،تعشؽ، قاؿ لو: أعشؽ وأتمعشؽ، ساعة العشؽ ليا نيراف، وأنفؽ الزماف، وىو بيحمـ ببنت الجيراف، نحكي إلى نناـ،

إال نصمي عمى محمد بدر التماـ. تعلق:

عبر الدهلز عن حلم بالمرأة، بسبب الحرمان منها، ث وصعوبة الوصول إلها، وهو دل على مشروعة الحد

عن هذا الموضوع أمام المتلقن، سواء أكانوا كبارا أم صؽارا.

ووظفة الدهلز ه التمهد للحكاة بنص افتتاح متمز، دهش المتلق، وثر اهتمامه، وشده لمتابعة الحكاة. وقد حقق الدهلز وظفة بما ف اللؽة من سجع

من عفوي، وبما ف الجمل من توازن وإقاع، كما حققهاخبلل االنتقال من حالة إلى حالة انتقاال ؼر متوقع وال معقول، ومن خبلل المفاجؤة بؤن كل ماتقدم من حاالت لم

كن سوى حلم.

وافتتاح الحكاة بدهلز موضوعه المرأة ذكر بالشاعر الجاهل الذي كان ستهل قصابده ؼالبا بالؽزل،

لق، ولعبر، لستثر ف نفسه الشاعرة، ولحرض المتقبل ذلك كله، من ؼر شك، عن حالة خاصة وعامة ف

آن، فحقق التواصل.

Page 43: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 43 -

Page 44: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 44 -

فشػ ؼىىط

أنا مف بني شحشبو، الكذب مابعرؼ أكذبو، ربيت البرغوث حتى صار قد األرنبو، لما أسرجوا يخوض البحر

مف مشرقو لمغربو، ومايطمو إلى ركبو. ؼ محشي برقاؽ عف طاؽ عف طرنطاؽ عف خرو

معمؽ عمى باب الزقاؽ، شدوا مف دانوا يشر دىانو. طمعت ىيؾ القيت أرض مغراؽ، وأربع قراقير، والقممة شاحطة الخنزير، والعصفور براس الجبؿ، يدركؿ عمينا

الشعير.قمت بالميؿ دغشة، ألعمؽ لمتبف جحشة، لقيت المزابؿ

ني ولحتو، تعوي عمى الكبلب، والحيط ينقب الحرامي، الحومف عزمي وقوتي وقعت تحتو ولوال حسيف ابف أختو، مايخمصني مف تحتو، كنت دبحتو، شوؼ رقبتي ما

أحمرىا، مف الكؼ المي سمختو. تعلق:

الفرش هو نفسه الدهلز.

Page 45: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 45 -

وهذا الفرش مدخل جمل جدا قوم على مؽالطات ال معقولة، إذ عكس األمور، فحدث اإلدهاش، وثر الشعور

بالمفاجؤة، ونبه المتلق وعده لسماع الحكاة.

وهو فرش ساخر، ثر قدرا ؼر قلل من الضحك بفضل مافه من تناقض.

Page 46: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 46 -

اذىببد اطىخ

Page 47: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 47 -

Page 48: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 48 -

عبلخ ػغ

وعبلخ ع

جرت مف باب القصر الممكي ساقيتاف، إحداىما مف بشفاء ابف الممؾ مف عسؿ، واألخرى مف سمف، فرحا

مرض عضاؿ، ألـ بو سنوات طويمة، وانداحت الساقيتاف في شوارع البمدة وطرقاتيا، وأقبؿ الناس عمى جمع السمف والعسؿ في الجرار، ولـ يبؽ أحد في المدينة، لـ يختزف مف

السمف والعسؿ. ولكف عجوزا تقيـ في طرؼ البمدة، تناىى إلييا الخبر

مف بيتيا تحمؿ جرتييا، كانت متأخرا، ولما خرجتالساقيتاف قد نشفتا، ولـ يبؽ فييما شيء، فراحت تتبعيما، وتجمع ماعمؽ بحوافيما، وماتبقى في زواياىما، حتى بمغت منبعيما، عند باب القصر، فاكتفت بما مؤلت بو جرتييا مف سمف وعسؿ، وحممت إحداىما عمى رأسيا، واحتضنت

Page 49: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 49 -

تتدحرج في مشيتيا، األخرى إلى صدرىا، وراحت عائدة إلى بيتيا، وقد ناؿ منيا التعب، واإلرىاؽ.

وكاف ابف الممؾ في شرفتو، يرى إلييا، فمـ يعجبو صنيعيا، وظف فييا الطمع والجشع، فمقد ظمت الساقيتاف مف الصباح إلى المساء، أفمـ يكفيا ماقد نالت؟ فما كاف

مى رأسيا، منو إال أف حمؿ حصاة، وقذؼ بيا الجرة التي عفسقطت عمى األرض، وتحطمت، وساح منيا العسؿ، فقيقو بصوت عاؿ، ضاحكا منيا، فالتفتت إليو، وأخذت تتأممو مميا، ثـ ماكاف منيا إال أف رمت الجرة التي كانت تحتضنيا، وقالت: "أسأؿ اهلل تعالى أف يوقعؾ في حب

سممى، مثمما أوقعت الجرة". ميوفا، وسأليا: "ومف ىي فأسرع إلييا ابف الممؾ، م

سممى؟"، فقالت لو: "صبية، عيناىا عيناؾ، وفميا فمؾ، وأنفيا أنفؾ، تشبيؾ في جماليا ومبلحتيا، إذ رآىا مف ذا رآؾ مف يعرفيا حسبؾ إياىا"، يعرفؾ حسبيا أنت، وا فتميؼ ابف الممؾ إلى لقائيا، وقاؿ ليا: "ىبل دلمتني عمييا،

ي الجرتيف، أوال"، فأمر الخدـ، ياخالة"، فقالت لو: "امؤل لفممؤوا ليا سبع جرار عسبل، وسبع جرار سمنا، فقالت لو: "إنيا في بمد بعيد، بعيد جدا، وراء بغداد، يدعى شيراز..".

وىمت العجوز باالنصراؼ، ولكف ابف الممؾ لحؽ بيا، وتوسؿ إلييا أف تدلو عمى طريؽ الوصوؿ إلييا، فقالت لو:

يابني، وزوجيا كبير الصاغة في شيراز، وىو "إنيا متزوجة

Page 50: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 51 -

يغار عمييا غيرة شديدة، وقد وضع عمييا سبعة أقفاؿ، فميس إلييا مف سبيؿ".

فذىؿ ابف الممؾ، وأحس بخفؽ قمبو يزداد، وشعر برغبة كبيرة في الوصوؿ إلى سممى، ولقائيا، أيا كاف الثمف، فمقد وقع في حبيا، وكأنما أجاب اهلل دعاء تمؾ

لعجوز. اولـ يمبث ابف الممؾ إال أياما، تجيز فييا بالخدـ واألمواؿ، ثـ شد الرحاؿ إلى شيراز، فمما بمغيا نزؿ فييا متنكرا في زي تاجر، وظؿ يطوؼ في أسواقيا وطرقاتيا، ويتعرؼ عمى تجارىا وأمرائيا حتى اىتدى إلى كبير الصاغة فييا، فقصد إليو ذات مساء، وأقبؿ عميو وحياه،فدىش الصائغ لمرآه، بؿ ذىؿ، ولوال الثياب التي يرتدييا، ولوال يقينو مف أنو قد وضع عمى زوجتو سبعة أقفاؿ، لحسبو زوجتو نفسيا، فكؿ شيء فيو يشبييا: األنؼ

والعيناف والوجو والفـ، بؿ الحديث والكبلـ. وقدـ الشاب إلى الصائغ جوىرة نادرة، طمب منو أف

يزيف بو بنصره، ال يصغر عنو، وال يصوغ عمييا خاتما، يكبر، ثـ قدـ لو ثبلث جواىر ىدية، فوؽ أجرتو وطمب منو أف ينجزه في الصباح، وكاف الصائغ يعد نفسو في الحقيقة إلغبلؽ الدكاف، والذىاب إلى البيت، ولكنو أماـ جود

الشاب، لـ يستطع االعتذار، فوعده أف ينجزه لو.

Page 51: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 50 -

إلى البيت، فتناوؿ قميبل وأغمؽ الصائغ دكانو، ومضىمف العشاء، وحدث زوجتو بأمر الفتى الشاب، ووصفو ليا، وأخبرىا بما بينيا وبينو مف شبو، وأكد ليا أف ذلؾ الفتى يكاد يكوف ىي نفسيا، ثـ أخبرىا بأمر الخاتـ، والمجوىرات، ورجاىا أال تشغمو في شيء وأكب عمى صوغ الخاتـ، وظؿ

يعمؿ فيو حتى الصباح. وكانت الزوجة تساىر زوجيا، وترقبو وىو يصوغ الخاتـ، وىي تتخيؿ ذلؾ الفتى الشاب، وتتمنى لو تراه، وقد

شغمت بو شغبل. ولما كاف الصباح، انطمؽ الشاب إلى الصائغ، الذي كاف ينتظره في دكانو بقمؽ واىتماـ، فقدـ إليو الخاتـ،

يحتفظ بو فجربو، فوجده صغيرا، فرده إليو، وطمب منو أف لنفسو، ثـ قدـ لو جوىرة أخرى، أروع مف األولى، وأثمف، وطمب منو أف يصوغ عمييا خاتما آخر يريده في المساء،

ثـ قدـ لو ثبلث جوىرات ىدية، باإلضافة إلى أجرتو. فأغمؽ الصائع الدكاف، مف الداخؿ، حتى ال يشغمو أحد، وأكب عمى صوغ الخاتـ، بدقة وعناية واىتماـ،

ضى فيو معظـ يومو، حتى إذا حؿ المساء، قصده فأمالشاب فوجده في انتظاره، فمما قدـ إليو الخاتـ، جربو، فوجده أكبر مف بنصره، فرده عمى الصائغ، وطمب منو أف يحتفظ بو لنفسو، ثـ قدـ لو جوىرة ثالثة، أروع مف األولى

والثانية، وأثمف، وطمب منو أف يصوغ لو عمييا خاتما،

Page 52: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 52 -

في الصباح، ثـ قدـ لو ثبلثة جوىرات ىدية، يريده باإلضافة إلى أجرتو.

وأقفؿ الصائغ الدكاف، ومضى إلى بيتو، وىو في قمؽ وخجؿ شديديف، فقص عمى زوجتو ماكاف مف أمر الشاب، ورده الخاتميف عميو، وتقديمو لو الجوىرات الثمينة، ىدايا

تمنت لو، فدىشت الزوجة لكـر الشاب، وجوده، وطيبو، ثـعمى زوجيا أف يسمح ليا بتجريب الخاتـ الذي صاغو لو، وكاف أصغر مف بنصره، فقدمو إلييا، فوضعتو في إصبعيا، فإذا ىو يناسبيا، وقد تألؽ في أنمميا وازداف، فسألت زوجيا أف تحتفظ بو لنفسيا، فقاؿ ليا: "ىو لؾ"، فحممت الخاتـ، ومضت تساىره، وتناجيو، وتتخيؿ الفتى

فيو، وتتمنى لو تمقاه. الشابومضى الزوج في صوغ الخاتـ، فأكب عميو، معظـ الميؿ، وىو يوليو مف العناية واالىتماـ جؿ مايستطيع، حتى

أنياه. وفي الصباح قصد الدكاف، وقعد ينتظر الفتى، فمما أطؿ عميو، رحب بو، وقدـ لو الخاتـ، وىو قمؽ مضطرب،

موافقا لو، فشكره، فوضعو الفتى الشاب في بنصره، فجاءوأثنى عميو، ثـ قدـ لو اثنتي عشرة جوىرة كبيرة، ىدية، فدىش الصائغ، ودعا الشاب إلى مشاركتو العشاء، فوعده

بالحضور.

Page 53: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 53 -

وفي المساء قدـ الصائغ لضيفو أطايب الطعاـ، مما أشرفت عمى إعداده زوجتو، نفسيا، وأمرت الخدـ أف يعنوا

نت السيرة، أرسمت إلييما مع بو العناية كميا، ثـ لما كاالخادـ كأسيف مف الشراب، ووضعت في أحدىما منوما،

ونصحت الخادـ أف تقدمو إلى زوجيا. وما إف رشؼ الزوج شيئا مف كأسو، حتى استغرؽ في نوـ عميؽ، وقبؿ أف يتـ الضيؼ كأسو، دخمت عميو سممى زوجة الصائغ، فدىش كبلىما، وأخذ كؿ منيما بيد اآلخر،

راح يتممى مبلمحو، ويطيؿ فيو النظر، وىو معجب بو، و مفتوف.

باح كؿ منيما لآلخر بيواه، مف قبؿ أف يراه، وأمضيا معا ليمة فييا األنس والنعيـ، حتى طمع الفجر، وأشرؼ الزوج عمى أف يفيؽ، فكاف البد مف الفراؽ، وخاؼ الفتى الشاب أال يستطيع إلييا الوصوؿ، فسأليا ماذا يفعؿ، فنصحت لو بالنزوؿ في الغد إلى البازار ، وحضور المزاد، فإف دارا مجاورة ليا سوؼ تباع، وماعميو إال أف يزيد في ثمنيا، حتى يرسو البيع عنده، وعندئذ يمكف ليما أف يتواصبل مف خبلؿ ثغرة يحدثانيا في الجدار الذي يفصؿ

بيف الداريف. ب الدار، وكاف لمعاشقيف مادبراه، فقد اشترى الشا

وأحدث في جدارىا خرقا، يفضي إلى غرفة في دار الصائغ، ميجورة، فكانا يمتقياف، ويتواصبلف، وينعماف معا

Page 54: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 54 -

بطيب المقاء، والصائغ ال يشؾ في شيء، وكيؼ يشؾ، وىوا لذي وضع عمى زوجتو سبعة أقفاؿ؟!

وكاف الفتى الشاب مايفتأ يزور الصائغ في دكانو، وكاف الصائغ يدعوه أحيانا إلى داره، فيجمس معو ويسامره،

فيمبي الفتى، وقد توطدت بينيما صداقة متينة، والصائغ ال ف كاف قد عرؼ أف ينتبو إلى مايدور وراءه في الخفاء، وا الفتى الشاب ىو ابف ممؾ، وقد استغرب منو طوؿ مقامو

في البمد، ولكنو سوغو بالنزىة والفرجة واالستجماـ. فيو عمى األمير أف يعود إلى ببلده، ثـ حاف يوـ كاف

فقد أرسؿ إليو والده يعمف عف عزمو عمى التخمي عف العرش، وتوليتو إياه، فحدث سممى باألمر، فقالت لو: "أرحؿ معؾ"، وحيف سأليا عف زوجيا، قالت لو: "أتخمى عنو"، ثـ عمدت إلى سيؼ زوجيا، وكاف قد صاغ قبضتو

فقدمتو إلى عشيقيا، بنفسو، ورصعيا بأغمى الجواىر، وقالت لو: "اذىب إلى زوجي، فشاوره في شرائو".

وحمؿ األمير السيؼ ومضى بو إلى الصائغ، فعرضو عميو، يسألو رأيو، فيو، فيو يريد شراءه، وقد ادعى أف أحد التجار قد عرض عميو شراءه، وما إف رأى الصائغ السيؼ

ىو حتى دىش، ولكنو ماكاف ليشؾ في إخبلص زوجتو، و الذي وضع عمييا سبعة أقفاؿ، فأخذ السيؼ بيف يديو، وقمبو وتمبله، وأداـ فيو النظر، وتفحصو، وىو بيف شؾ ويقيف، فكاف كمما دقؽ فيو، ازداد بو تعرفا، ولكنو أنكر

Page 55: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 55 -

األمر، ونصح لؤلمير بشراء السيؼ. وما إف انصرؼ األمير حتى أغمؽ الصائغ دكانو،

ئت قدمو أرض الدار، حتى وأسرع إلى بيتو، وما إف وطصاح بزوجتو، طالبا منيا أف تحضر لو سيفو، فتظاىرت بالتوعؾ، وأنكرت عميو صياحو، وقالت لو:"سيفؾ في موضعو، فاطمبو تجده"، ومضى إلى حيث كاف قد وضع سيفو، فوجده في مكانو، فخجؿ وتخاذؿ، وكتـ األمر،

ووارى شكو واضطرابو. مى الصائغ، يعرض عميو وفي يوـ آخر، قدـ األمير ع

عباءة يشاوره في شرائيا، وما إف رأى الصائغ العباءة حتى عرؼ فييا عباءتو، فأخذىا منو،وتفحصيا، وتمبلىا، فازداد يقينا بأنيا عباءتو، ولكنو تجاىؿ األمر، وأخفى اضطرابو، ونصح لؤلمير بشرائيا، ثـ أغمؽ دكانو، وأسرع إلى بيتو،

ؿ، حيف رأى السيؼ، ولكنو خرجوفعؿ مثؿ مافعؿ مف قبثانية مخذوال، فقد رأى عباءتو في موضعيا، وكانت زوجتو

سممى ىي التي دبرت األمر، مثمما دبرتو مف قبؿ. ومرت بضعة أياـ، كانت الزوجة تتظاىر فييا بالتوعؾ والمرض، وكاف الزوج يعرض عمييا إحضار الطبيب،

، فيزداد بذلؾ فكانت تنكر عميو أف تسمح لرجؿ أف يراىاف كاف يحس أف ثمة أمرا ما خبلصيا، وا يقينا بوفائيا وا

غريبا، يشعر بو، وال يستطيع تحديده.

Page 56: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 56 -

وذات يوـ دخؿ األمير عمى الصائغ في الدكاف، يصطحب معو جارية، جاء يشاوره في شرائيا، وما إف رأى الصائغ الجارية حتى عرؼ فييا زوجتو، وقد صبغت

زي الجواري، فتقدـ منيا، وأخذ يتأمميا، وجييا، وتنكرت فيوىو في قمؽ واضطراب وغضب كبير، ولكنو ممؾ نفسو، ووارى مايجيش في داخمو، ثـ عمد إلى المثقب الذي يثقب بو الآللئ، فحممو، وتقدـ منيا، فأحدث في خدييا جرحيف خفيفيف، وقاؿ لصاحبو األمير:"إف مف عادة المرء إذا

بيا مثؿ ذلؾ، عبلمة"، ثـ نصح لو اشترى جارية، أف يفعؿبشرائيا، وبارؾ لو فييا، وكاف الزوج يريد بالجرحيف، ترؾ

أثر فييا، يفحميا بو، حيف يعود إلى البيت. ولما مضى األمير مع الجارية، أغمؽ دكانو، وأسرع إلى البيت، ولكف زوجتو كانت سبقتو، فغسمت الصبغ الذي

تمقت فيو، وما دخؿ دىنت بو وجييا، ومدت الفراش، واسالزوج، ونادىا، حتى أخذت تمطـ وجييا، وتحدث فيو جروحا بأظافرىا، متظاىرة بالفزع الشديد، مف دخولو

المفاجئ عمييا، وىي في المرض. ولما رآىا الزوج مجرحة الخديف بأظافرىا، لـ يستطع أف يتيميا بشيء، فصمت، وخرج مخذوال ولكنو أدرؾ

الحقيقة وعرؼ األمر.وأخيرا حاف يوـ رحيؿ األمير، وكاف مف قبؿ قد كشؼ عف شخصو، وزار ممؾ الببلد، وتعرؼ إلى كبار الرجاؿ،

Page 57: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 57 -

فتييأت شيراز لوداعو، ونصبت األقواس، ورفعت األعبلـ، ولـ ينس األمير صاحبو الصائغ، فمر بو في دكانو، قبؿ يوـ مف رحيمو، يودعو، وقدـ إليو ىدايا ال تقدر بثمف،

الصائغ لفراؽ صاحبو، وندـ لشكوكو فيو، وأسؼ فحزفخبلصيا. لسوء ظنو في زوجتو، وعاد إلى يقينو بوفائيا وا

وحيف عاد الزوج إلى البيت في المساء، وأخبر زوجتو بعـز األمير عمى الرحيؿ، وصارحيا بألمو لفراقو، فأبدت تأثرا خفيفا لسفره، والمتو إذ لـ يسمح ليا بأف تراه طواؿ

متو في البمد، ثـ توسمت إليو أف يسمح ليا بمشاركتو في إقاوداعو، فأبى، فعرضت عميو أف يأذف ليا فقط باإلطبلؿ مف نافذة بيتيا كيما تراه مف بعد، قبؿ ذىابو، وىو الذي طالما حدثيا عف شبيو بيا، فوافؽ عمى أف ال تطيؿ المكث في

النافذة. ور خير وكانت سممى قد ىيأت كؿ شيء، ورتبت األم

ترتيب، فما إف خرج موكب األمير، وانضـ إليو الصائغ لوداعو، حتى رأى زوجتو إلى جانب األمير، فمـ يصدؽ ما رأى، وىو الذي أحكـ إغبلؽ األقفاؿ السبعة عمييا قبؿ ، والتفت إلى نافذة بيتو، فرأى خروجو، كعادتو كؿ يـو

ييا، زوجتو واقفة فييا، وال يظير مف وراء خمارىا سوى عينفاطمأف قمبو، ولكنو أعاد النظر إلى موكب األمير، فإذا زوجتو ىي بنفسيا إلى جانب األمير، ورجع ببصره ثانية إلى نافذة بيتو، فإذا ىي تطؿ مف النافذة، فحار في أمره،

Page 58: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 58 -

ولـ يستطع أف يغادر الموكب، إذ كاف عميو أف يبمغ معو حدود البمدة.

دعو صديقو الصائغ، ولما بمغ األمير حدود البمدة، و وعاد إلى بيتو كالريح، وارتقى درجات السمـ وىو يميث، ذا فييا دمية خشبية، عمى ىيئة وأقبؿ عمى النافذة، وا زوجتو، وشكميا، قد ألبستيا مثؿ ثيابيا، ووضعتيا أماـ

النافذة لخداعو. وطاؼ الصائغ في أرجاء الدار ينادي "سممى...

جيب. سممى... سممى"، ولكف ما مف م تعلق:

حكاة مسرفة ف الخال، تشبع لدى العامة أوهامها وأحبلمها، وتنبه ف المتلق ذكاءه وتحفزه، وتسرح به ف

عالم من الجمال والعواطؾ والمؽامرة.

وه تإكد قوة الحب وانتصاره على الذهب واألموال، كما تإكد تؽلبه على القود والحدود واألؼبلل

قدر ال مفر منه وال مهرب. وهو بعد ذلك كله

لقد ارتحل الشاب من بلد إلى بلد، حتى لتق بمن هوى، وقد ظفر المحبان باللقاء على الرؼم من األقفال،

وكان ذلك كله مقدرا لهما.

والحكاة تنتصر للمرأة، وتبرز دورها على الرؼم من األسوار واألبواب المؽلقة، محققة بذلك انتقاما لبنات

ا. جنسه

وبلحظ أن الحب تحقق ف الحكاة خارج حدود الوطن، وف ببلد األعاجم، مما دل على فقدان الحب

والحرمان منه داخل الوطن.

Page 59: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 59 -

Page 60: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 61 -

افز ذ اه

كاف أحد المموؾ قد رأى حمما غريبا، أفاؽ عميو مزعوجا، فأمر الحكماء والعرافيف باالجتماع وطمب منيـ

وكاف قد رأى كممة "ال" مكتوبة عمى أحد األلواح، تفسيره، ثبلث مرات، فقدمت لو تفسيرات كثيرة، لـ يقتنع بأحدىا، مما زاد في قمقو واضطرابو، فما كاف منو إال أف صرؼ الحكماء والعرافيف، وطمب مف الوزير أف يجد لو تفسيرا

ال قطع رأسو، فاستميمو الوزير، فأميمو ثبلثة أيا ـ. مناسبا، وا ومضى الوزير إلى بيتو ميموما، يفكر ويتأمؿ، ويشاور ويسأؿ، ويقمب األفكار، ويناقشيا، وىو ال يستقر عمى قرار، وظؿ عمى ىذه الحالة طواؿ المدة، ولـ يصؿ في نيايتيا إلى تفسير معقوؿ، يفضي بو إلى الممؾ، فما كاف منو إال أف خرج مف بيتو، يجر خطواتو جرا، وىو ال

ماذا يفعؿ؟ ىؿ يعتذر إلى الممؾ؟ أـ ىؿ يسألو يعرؼ اإلمياؿ؟ وكاف يمشي بادي القمؽ، متعثر الخطا، يقدـ رجبل ويؤخر أخرى، مطرقا، ال يرى ما أمامو، حائر المب، شارد ذا فتى دوف سف الشباب، يعترضو ويسألو عما التفكير، وا

Page 61: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 60 -

بو، فنظر الوزير إليو، مدىوشا لجرأتو، مأخوذا بوسامتو،وىو ال يستطيع الجواب، فأعاد عميو الفتى السؤاؿ، فرجاه الوزير أف يكؼ عنو، وحاوؿ صرفو، ولكف الفتى ألح عميو، فوجد الوزير نفسو مسوقا إلى البوح بما في نفسو، واالعتراؼ، فحدثو بأمر الحمـ، واشتغالو في تفسيره، فأبدى الفتى دىشتو مف الوزير، وعجب لو، كيؼ يشغؿ بيذا

حمـ، ىذا االشتغاؿ كمو، وىو حمـ واضح التفسير، ثـ قاؿ ال لو، وىو يبتسـ:

مثؿ ىذا الحمـ، ال يستحؽ مثؿ ىذا االىتماـ، -وماتفسيره سوى: أوؿ ال، كؿ جسمؾ فيو شعر إال راحة كفؾ، وثاني ال: ابف ابنؾ لؾ، وابف بنتؾ ال، وثالث ال

عقمؾ يعجبؾ، عقؿ غيرؾ ال. لتفسير، وأسرع إلى قصر الممؾ، ودىش الوزير لروعة ا

مف غير أف يودع الفتى، أو يشكره، ولما دخؿ عمى الممؾ، ألقى عميو تفسير الحمـ، وىو مزىو معتد، فأعجب الممؾ بالتفسير أي إعجاب، ولكنو أنكر عمى الوزير أف يكوف ىو نفسو صاحب التفسير، وأمره أف يعترؼ، ويصرح عمف

مص وراوغ، ولكنو لـ يجد في فسره لو، وحاوؿ الوزير التمالنياية بدا مف أف يحدث الممؾ بأمر الفتى، فروى لو ماكاف، فأمره الممؾ أف يحضره، فصعؽ الوزير، وطاش صوابو، فيو ال يعرؼ الفتى، بؿ ال يذكره، ولو رآه، ولكنو لـ يجد بدا مف االستجابة، فطمب مف الممؾ اإلمياؿ،

Page 62: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 62 -

فأميمو ثبلثة أياـ. ر عمى الفور إلى الموضع الذي صادفو فيو ورجع الوزي

الفتى، ونظر حولو، فرأى مقيى، يطؿ عمى الطريؽ، فقعد أماـ باب المقيى، وأخذ يرقب الطريؽ، لعمو يرى في الناس الماريف ذلؾ الفتى، ومضى اليوـ األوؿ، فمـ يمر أحد يشبو ذلؾ الفتى في شيء، فقمؽ الوزير، ومر اليوـ الثاني، مثؿ

فازداد قمقو، وثارت شكوكو، ومر اليوـ الثالث، مف األوؿ، غير أف يرى أحدا ولو فيو بعض الشبو بذلؾ الفتى، فماكاف منو إال أف مضى إلى قصر الممؾ، يجر خطاه جرا،

ميموما مكدودا، ال يعرؼ ماذا يفعؿ؟ وبينما الوزير في الطريؽ إلى الممؾ، وىو عمى تمؾ

ذا الفتى نفسو أمامو، يحييو، الحالة مف اليـ واالنقباض و ا فذىؿ الوزير، ولكنو ممؾ نفسو، وأمسؾ بيد الفتى عمى الفور، وأسرع بو إلى الممؾ، مف غير أف يحدثو بشيء،

والفتى يساير الوزير، وىو ال يعمـ عمى ماذا ىو مقبؿ. ولما أدخؿ الوزير الفتى عمى الممؾ، وقدمو إليو عمى

دىش لو الممؾ، وأخذ أنو الفتى الذي فسر لو الحمـ،جبلؿ، فأعجب بوسامتو، وعندئذ حياه الفتى تحية إعظاـ وا الممؾ بطبلقتو وحسف تحيتو، فرحب بو، وأدناه منو، وعينو عمى الفور نديما لو، وأفسح لو أفضؿ موضع في مجمسو.

ومنذ ذلؾ الحيف غدا الفتى مرافؽ الممؾ، في كؿ آف،

Page 63: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 63 -

كثير مف أمره، ويرتاح يأنس بو، يطمئف إليو، ويشاوره فيإليو، ويبوح لو بأسراره، ويصحبو في زياراتو وجمساتو، ويقربو منو، ويدنيو، ويعزه ويكرمو، بؿ ويقدمو عمى وزرائو، وكبار رجاؿ ببلطو، وىو مايزاؿ بعد فتى، حتى إنو كاف يوكؿ إليو النيابة عنو، وتمثيمو في كثير مف االحتفاالت

المممكة، وطار صيتو في والمناسبات، حتى عرفو أىؿالببلد، وعـ ذكره في كؿ مكاف، وشير بما عرؼ عنو مف

خبلص ووفاء. وسامة وذكاء، وا وفي أحد األعياد خرج الممؾ في موكب مييب، يطوؼ في طرقات العاصمة، وشوارعيا، وقد احتشد الناس في الشوارع والنوافذ واألسطحة، ينظروف إلى الممؾ ويرسموف

، وييتفوف بحياتو، وكاف الممؾ يتقدـ ىذا إليو التحياتالموكب، عمى جواد مطيـ، يتموه وزيره األوؿ، ثـ نديمو، وكاف اليحظى باىتماـ الناس أحد بعد الممؾ، غير الفتى، نديمو، بؿ إف بعضيـ كاف ال يعير الممؾ مف اإللتفات

واإلىتماـ، مثؿ ماكاف يعير النديـ. تقؼ في إحدى وبينما كاف الموكب يسير، كانت

النوافذ فتاة حسناء، وما إف مر أماميا الممؾ، حتى أشارت إليو بإصبع مف يدىا إشارة خاصة، فيميا الممؾ.

ولما مر الوزير، أشارت لو بأصبعيف مف يدىا، إشارة خاصة، فيميا الوزير، ولما مر الفتى، أشارت إليو أيضا

الفتى. بثبلثة أصابع مف يدىا، إشارة ثالثة خاصة، فيميا

Page 64: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 64 -

وبعد مضي يوـ عمى االحتفاؿ، تزيى الممؾ بزي تاجر غريب وخرج مف القصر خمسة، في وقت محدد، مف غير أف يشعر بو أحد، ومضى إلى البيت الذي رأى الفتاة في نافذتو، ودؽ الباب، فخرجت لو خادـ عجوز، فأشار أماميا بإصبع مف يده، مثؿ اإلشارة التي كاف قد رآىا مف

ة، فرحبت بو الخادـ وقادتو إلى غرفة، رجتو، أف ينتظر الفتافييا قميبل، وىي ال تعرؼ مف يكوف، ولـ تمبث أف رجعت إليو تحمؿ دجاجة مشوية، ورغيؼ خبز، وكأس لبف، وضعتيا بيف يديو، وأخبرتو أنيا سترجع إليو بعد ساعة، ثـ

خرجت. وما إف خرجت الخادـ، حتى شمر الممؾ عف ساعديو،

عمى كؿ ماوضعتو الخادـ بيف يديو مف طعاـ، فالتيـ وأتىالدجاجة، والرغيؼ، وشرب كأس المبف، وقعد ينتظر، وىو يمني نفسو، وبعد طوؿ انتظار، دخمت عميو الخادـ، فنظرت، فرأتو قد التيـ كؿ شيء، فأظيرت بعض االمتعاض، واصطنعت األسؼ، ثـ اعتذرت إليو، وأخبرتو

ترغب في زيارتو، في موعد آخر، أف السيدة مريضة، وأنيافغضب الممؾ، ولكنو لـ يجد غير الخروج، فحمؿ نفسو،

وخرج ليعود إلى القصر، مغيظا يجر أذياؿ الخيبة. وفي اليوـ التالي، تزيى الوزير بزي تاجر، وخرج إلى نفس البيت، فاستقبؿ بمثؿ ما استقبؿ بو الممؾ، ففعؿ مثؿ

يو الممؾ، فخرج مغيظا، يجر مافعؿ الممؾ أيضا، فمقي مالق

Page 65: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 65 -

أذياؿ الخيبة. وفي اليـو التالي استأذف الفتى الممؾ في الذىاب لعمؿ لو خارج القصر، لف يتأخر فيو، فأذف لو الممؾ، فخرج عمى الفور إلى البيت الذي رأى الفتاة في نافذتو، وقرع الباب، فخرجت لو

وقادتو إلى الخادـ، فقاؿ ليا: فبلف، نديـ الممؾ، فرحبت بو،الغرفة حتى كانت قد قادت إلييا مف قبؿ الممؾ ثـ الوزير، وقدمت إليو مثؿ ماقد قدمت إلييما، ثـ خرجت. ونظر الفتى إلى الطعاـ أمامو، ولـ يمبث أف عمد إلى رغيؼ الخبز فقطعو قطعا لى الدجاجة، فعرقيا تعريقا، فعزؿ عظميا عف المحـ، قطعا، وا

فوؽ الخبز، ثـ صب كأس المبف فوؽ وفتت المحـ، وزعو الفتات، ثـ غسؿ يديو، وقعد ينتظر، ولما دخمت الخادـ، ورأت مافعؿ، أخبرتو أف سيدتيا باالنتظار، وقادتو عمى الفور إلى

مخدعيا. وفي المخدع التقتو الفتاة، فرحبت بو أروع ترحيب، ثـ صرفت الخادـ، وأغمقت الباب وراءىا، فقد وفرت لدييا كؿ

سيحتاجانو، وأخذت تمر بيما الساعات، وىما في اجتناء ماووصاؿ، حتى حؿ المساء، فرجا النديـ فتاتو أف تسمح لو بالعودة إلى القصر، عمى أف يعود إلييا في اليوـ التالي، فأبت عميو إال أف يبقى الميؿ عندىا، فمـ يجد بدا مف و االستجابة لطمبيا، ولما كاف الصباح، رجاىا أف تسمح ل

بالعودة إلى القصر، فمـ تسمح لو، وىكذا ظمت تمنعو مف تركيا، حتى مرت بيما سبعة أياـ، فأخذ الفتى يتوسؿ إلييا

Page 66: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 66 -

ويرتجييا، ويعدىا أف يعود إلييا، حتى سمحت لو، فخرج إلى القصر عمى الفور.

وكاف الممؾ قد قمؽ عمى النديـ أشد القمؽ، وثارت فيو بعد ذلؾ الغياب الطويؿ، شكوكو وظنونو، فمما دخؿ عميو

تمقاه بالغضب الشديد، وسألو أف يعترؼ أيف كاف، فادعى زيارة أىمو، فمـ يصدقو، فذكر السفر، فكذبو، فذكر المرض، فرده، ثـ ماكاف منو إال أف اتيمو بالخيانة، والتعاوف مع األعداء، ورمى بو في السجف، حتى تحيف

كما لـ تنفع في شيء محاكمتو، ولـ يجد شيئا ذكاء الفتى، شفاعة الوزير، وال توسمو وال رجاؤه في أف يعفو عف النديـ. ولبث الفتى في سجنو شيرا أو يزيد، قمقت الفتاة في األياـ األولى عميو، وكانت تنتظر عودتو، ثـ شكت فيو، ولـ تمبث أف وصمتو بالغدر والخيانة، وتناستو، واصطنعت

أف تنساه، وكانت تتوقع السموى عنو، ولكنيا لـ تستطع دائما أف يعود إلييا، وترتجيو ولو طيؼ خياؿ.

حتى كاف يوـ أعمف فيو الممؾ خيانة الفتى النديـ، وأرسؿ في أنحاء المممكة الرسؿ، يعمنوف الحكـ عميو باإلعداـ، ويذيعوف في الناس جريمتو، ويدعونيـ إلى

ساحات اجتماع في يـو محدد، ليشيدوا إعدامو، في إحدى ال الكبرى.

وفي اليوـ المحدد ألبس الفتى النديـ ثياب اإلعداـ،

Page 67: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 67 -

وعمؽ في صدره بياف ذكر فيو جرمو، وىو الخيانة العظمى، وسار بو الجند في موكب، يطوؼ بو في الشوارع والطرقات، وقد احتشد الناس ليروا إليو، وفييـ النادـ عميو،

لو، وفييـ واآلسؼ عمى شبابو، وفييـ الشامت بو، والناكرالمتفرج الذي ال يبالي شيئا، وىو يمر بيـ متحمبل كمماتيـ ىاناتيـ وشتائميـ ونظراتيـ، مف غير أف يبدي النابية، وا انفعاال ما، حتى مر بو الموكب بالنافذة التي كاف رأى فييا الفتاة مف قبؿ، فنظر إلييا، فرآىا فييا، وىي تنظر إليو،

أدركت مما صار إليو حالو مبمغ دامعة العينيف، وكانت قدصدقو ووفائو، ولما أصبح تحت نافذتيا، قذفتو برمانة، أصابتو، ثـ وقعت عمى األرض، فانكسرت، وانفرطت حباتيا وتناثرت، فنظر إلييا وظؿ صامتا، ال يريـ، فمـ تمبث أف قذفتو بزجاجة عطر، فارتطمت باألرض،

، وابتسـ، وأومأ وتحطمت، وانتشر شذاىا، فنظر إلييا ثانية إلييا برأسو.

ولما بمغ موكبو ساحة اإلعداـ، حيث كاف ينتظره الممؾ نفسو، ليشيد مع الوزير تنفيذ حكـ اإلعداـ فيو، مضى بخطوات واثقة إلى منصة اإلعداـ، رافع الرأس، مف غير ذا الممؾ يرسؿ وراءه الجند، أف يبدي انفعاال، حتى بمغيا، وا

سألو الممؾ إف كاف يطمب العفو، فأحضروه بيف يديو، ففأجابو أف "ال" فغضب الممؾ، ولكنو ممؾ نفسو، وأدناه منو، بحيث ال يسمعيما أحد، ثـ سألو: "أريد أف أعرؼ أيف كنت

Page 68: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 68 -

خبلؿ األياـ السبعة التي غبت فييا عف القصر، قبؿ أف تشنؽ"، وعندئذ اعترؼ الفتى بالحقيقة، فدىش الممؾ،

عف النديـ، ففرح الناس بذلؾ فرحا، وأعمف عمى الفور العفوومشى موكب الممؾ، والنديـ إلى جانبو، وأخذ يطوؼ بالشوارع والطرقات، والناس يحيوف الممؾ والنديـ، وقد تغير

كؿ شيء. وفي القصر خبل الممؾ بالنديـ، وسألو أف يشرح لو سر احتفاؿ الفتاة بو، واستقباليا إياه، عمى حيف كانت قد

بالو، وىو الممؾ، وكاف الممؾ قد اعترؼ لمنديـ رفضت استقبماكاف مف أمره في زيارتو ليا، فطمب النديـ مف الممؾ األماف، فأعطاه األماف، فأخبره بأنو كاف قد قسـ الخبز، وفتت المحـ، وسكب المبف، وىو يعني بذلؾ أنو لف يبوح بشيء، ولو فتت لحمو، وأريؽ دمو، فأعجب الممؾ بذكائو،

ألو: "كيؼ بحت لي إذف بماكاف؟"، فأجابو بأنو لـ ولكنو سيفعؿ ذلؾ إال بعد أف قذفتو الفتاة بالرمانة فانفرط حبيا، وىي تعني أف أفرط القضية، وبعد أف رمتو بزجاجة العطر، وىي تعني أف أنشر الخبر، وال تبؽ األمر مكتوما، فازداد إعجاب الممؾ بالنديـ، وأدرؾ سر اعتذار الفتاة عف

تقبالو، وىو الذي التيـ الطعاـ والشراب، ولـ يفقو مف اس األمر شيئا.

ثـ ماكاف مف الممؾ إال أف عيف النديـ وزيرا لو، ثـ أرسؿ وراء الفتاة، فزوجو إياىا، وأقاـ ليما في القصر

Page 69: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 69 -

األفراح، فالتقى المحباف، بعضيما ببعض فسعدا بالمقاء، ذاب، وىواف. وعاشا في ىناءة وسرور، بعد فراؽ وطوؿ ع

تعلق: حكاة بدعة فها اللؽز والرمز والخال والعاطفة

والملك والمرارة والعذاب والوصال والسعادة.

وأبرز ماف الحكاة الفتى، الذي هو محض فتى من العامة، ولكنه متاز بالشباب والذكاء والوسامة والشجاعة

ق حلم والتضحة والوفاء، ولذلك كله كان جدرا بؤن حقالعامة ف دخول قصور الحكام ومنادمة الملك والتفوق

علهم بذكابه والظفر بؤكثر النساء جماال وذكاء.

وظهر اللؽز الجمل ف حلم الملك، وعجز الحكماء عن حله، وتمكن الفتى من فك رموزه، كما ظهر الرمز الشعري الجمل ف تفتت الفتى لحم الدجاجة، وسكبه اللبن

تذوقه شبا، وف رم الفتاة للفتى بالرمانة وزجاجة وعدم عطر.

والحكاة مملوءة بمواقؾ الحب والبطولة والتضحة والوفاء، وه تنجح ف تطور الحوادث وتصعد المواقؾ حتى تبلػ بها أزمة خانقة ثم ؤت الحل منطقا مقنعا، وذلك

القارئ، كله ف حبكة قوة متماسكة، قادرة على شد انتباهوإثارة مشاعر الخوؾ لده من ظلم الملك واإلشفاق على

الفتى واإلعجاب بمواقفه النبلة.

والحكاة تدل على ترؾ الملوك وانصرافهم إلى التفكر بؤوهامهم وأحبلمهم الخاصة، بعدا عن قضاا الناس ومشكبلتهم، ومكن أن تعد الفتاة فها رمزا للوطن،

لملك وال الوزر، وإنما ظفر بها الفتى وال ظفر بها ال االذي هو من عامة الناس، ألنه األولى بها، واألحق،

واألجدر.

والحكاة مكن أن تروى للفتان والفتات لتشحنهم بعواطؾ الحب السامة والبطولة الذكة ف عالم من

Page 70: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 71 -

الخال والسحر والجمال ال إسفاؾ فه وال فحش، بل فه الشعر والسمو.

إن كل عناصر الحكاة تإكد نجاحها وقوتها وتماسكها، وه مثل رابع للحكاة الشعبة.

Page 71: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 70 -

ازبجش دغ

كاف في قديـ الزماف تاجر كبير، ولـ يكف لو سوى ابف وحيد، اسمو حسف، فمما كبر التاجر وشاخ، لـز البيت،

وحؿ ابنو محمو في السوؽ، يبيع ويشتري. ا، مميح الوجو، حمو الحديث، وكاف حسف فتى شاب

جذب إليو كثيرا مف المشتريف، وذات يوـ قصده درويش يرتدي مسوحا غريبة، اشترى منو بعض القماش، ثـ قعد

عنده، وقد أعجبو منو حديثو، وراقو بيعو. وبينما كاف الدرويش عنده، كانت وفود المشتريف تقدـ

عرؼ كيؼ وفد عميو، حتى امتؤلت خزانتو بالنقود، وىو ال يعميو الرزؽ؟ حتى إذا حؿ المساء، وجد أنو باع في السويعات التي مكث فييا الدرويش عنده، ماكاف يبيعو مف قبؿ في أياـ، فمما حاف لو أف يغمؽ الدكاف، دعا الدرويش

إلى زيارتو في اليـو التالي، فوعده الدرويش بذلؾ. و ولما كاف اليوـ التالي، حضر الدرويش، فحضرت مع

وفود المشتريف، تقصد الدكاف أفواجا أفواجا، وداـ األمر

Page 72: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 72 -

عمى ىذه الحالة عدة أياـ، يأتي الدرويش إلى دكاف حسف التاجر، فيبيع في ساعات مكثو لديو، مايبيعو في أسبوع، حتى ضج أصحاب الدكاكيف المجاورة، فعقدوا العـز عمى

مراجعة والد حسف في األمر. دكاكينيـ، وحمموا مفاتيحيا، وأغمؽ التجار جميعا

وقصدوا إلى دار والد حسف، فمما خرج إلييـ ألقوا المفاتيح بيف يديو، وأعمنوا اعتزاليـ التجارة، فاستضافيـ، ودعاىـ إلى التحاور، فمما عرؼ منيـ أمر الدرويش، وعدىـ أف يمنع ابنو مف النزوؿ إلى السوؽ، وقرر أف يتخذ أجيرا،

مف ابنو. يعمؿ في الدكاف، بدال ونفذ والد حسف وعده، فانقطع حسف عف النزوؿ إلى السوؽ أياما، كاف الدرويش يقصد فييا الدكاف فبل يجده، فيعود أدراجو، حتى عمـ ذات يوـ أف والد حسف، ىو الذي منع ابنو مف النزوؿ إلى الدكاف، بسببو ىو، فقصد عمى

فسو، الفور إلى دار والد حسف، فمما خرج لو، عرفو بنوطمب منو أف يأذف لحسف بالعودة إلى الدكاف، فرفض األب طمبو، فنظر فيو الدرويش نظرة، فإذا ىو معمؽ بيف السماء واألرض، فأخذ يصيح، ويقطع الوعود بالسماح البنو بالعودة إلى الدكاف، فنظر فيو الدرويش نظرة، فإذا ىو عمى

األرض. الدرويش وىكذا رجع حسف التاجر إلى الدكاف، وأخذ

، فيقعد عنده، فيبيع في حضوره، ماال يبيعو يزوره كؿ يـو

Page 73: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 73 -

في أياـ، حتى ذاع صيت حسف التاجر في البمد، ومؤلت شيرتو اآلفاؽ، وتناقؿ حديثو الغادي والرائح، فبمغ ابنة السمطاف، فقررت النزوؿ إلى السوؽ لشراء بعض الثياب

مف دكاف حسف التاجر. أصحاب الدكاكيف، أف ونادى منادي السمطاف في

يرسؿ كؿ منيـ في الغد أختو أو ابنتو لتحؿ محمو في الدكاف، فقد عزمت ابنة السمطاف عمى النزوؿ إلى السوؽ.

فمما سمع حسف التاجر منادي السمطاف شاور الدرويش في األمر، فقاؿ لو:"اترؾ األمر لي". ثـ نصح لو

ة، وليقعد أف يكتحؿ، في اليوـ التالي، وأف يتزيى بزي فتافي الدكاف، مدعيا أنو أخت حسف التاجر، ثـ ىمس لو: "فمتعمـ أف ابنة السمطاف ماقصدت السوؽ إال مف أجمؾ،

فكف ذكيا". وفي اليوـ التالي اكتحؿ حسف التاجر، ووضع الخمار وتزيى بزي فتاة، وقعد في الدكاف، ينتظر قدوـ بنت

السمطاف. حؼ بو الخدـ ودخؿ موكب بنت السمطاف السوؽ، ي

والعبيد، ىي في ىودجيا كالقمر، حتى إذا بمغت دكاف حسف التاجر، نزلت إليو، فقاـ يحيييا، ويرؽ ليا في الحديث، جاعبل مف نفسو أخت حسف التاجر، ولقد دىشت بنت السمطاف لجماؿ األخت، وقدرت أف أخاىا مثميا في

Page 74: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 74 -

الحسف، فتمنت لو تراه. د حسف التاجر، وىو وأطالت بنت السمطاف المكث عن

يحادثيا ويؤانسيا، ويسمييا، وىي تنتقي أفخر الثياب، حتى إذا أرادت دفع ثمف ما اشترت، قاؿ ليا حسف التاجر، وىو

يصطنع دور األخت: أنا ال أعرؼ األسعار، وسوؼ أسأؿ أخي، وغدا -

آتيؾ ألخذ الثمف. فأطرقت بنت السمطاف، وتأممت مميا، ثـ أدركت أف مف

ثيا ىو حسف التاجر نفسو، ال أختو، ولـ تمبث أف يحدانقادت إلى نظراتو، فحددت لو موعد المقاء، وعرفتو بمداخؿ

القصر، وطريقو إلى جناحيا فيو. ولما كاف اليوـ التالي تنكر حسف التاجر، ومضى إلى القصر، في الموعد المضروب لو، فأذف لو بالدخوؿ، فسمؾ

ذا ىو أماـ درج، وقؼ عمى كؿ درجة طريقو إلى جناحيا، وا جندي، فاضطرب، وتردد، ولكنو ذكر أنو في زي فتاة، فمر بيـ، وقمبو يخفؽ، حتى بمغ نياية الدرج، فمضى عمى الفور إلى الباب الذي كانت قد دلتو عميو، فقرعو، فإذ ىي في

االنتظار. وأمضى العاشقاف ساعات وساعات، يأنس كؿ منيما

البعاد، حتى دخؿ الميؿ، فكاف البد باآلخر وال يستطيع عنو مف انصراؼ حسف التاجر، فخرج مثمما دخؿ، بحذر شديد.

Page 75: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 75 -

وتكررت زيارة حسف التاجر، لبنت السمطاف، حتى أخذ يزورىا كؿ يوـ، يحمؿ إلييا أثواب الحرير، متنكرا في زي

فتاة، يأتييا في الصباح، فبل يخرج إال في المساء. ال مف حسف التاجر صاحبو وكاف يقعد في الدكاف بد

الدرويش، فكاف يبيع ويشتري، محققا األرباح، ومنافسا أصحاب الدكاكيف األخرى.

ومرة ثانية اجتمع أصحاب الدكاكيف وتشاوروا في األمر، فعقدوا العـز عمى مراجعة والد حسف، فأغمقوا دكاكينيـ، وحمموا مفاتيحيا، ومضوا إليو، فمما خرج ليـ،

يديو، فعجب ليـ، فأخبروه أف ابنو ال ينزؿ إلى ألقوىا بيفالدكاف، وأف الدرويش ىو الذي يحؿ محمو، فبل يرد عمييـ أحد مف المشتريف، فأنكر والد حسف ذلؾ، فأخبرىـ أف ابنو ينزؿ كؿ يوـ لمسوؽ، وعندئذ ثارت شكوؾ التجار وقرروا

أمرا. د وما كاف مف التجار إال أف اختاروا واحدامنيـ، رص

دار والد حسف، حتى إذا خرج حسف التاجر في الصباح، تبعو مف وراء وراء، حتى رآه يدخؿ بيتا، فكمف لو خارجو، وماىي إال برىة حتى خرجت فتاة، تمشي عمى عجؿ، فمبث ينتظر، وانتظر طويبل، فمـ يخرج أحد، فحدس أف الفتاة التي خرجت ليست إال حسنا، وقد تنكر، فأعاد رصده في

يوـ التالي، وحدث نفس ماحدث، فمما خرجت الفتاة، الذا الفتاة تدخؿ قصر تبعيا، وقد أيقف أنيا حسف متنكرا، وا

Page 76: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 76 -

السمطاف، ورجع الرجؿ إلى التجار يخبرىـ، فتشاوروا، فقرروا إخبار السمطاف.

فما كاف مف السمطاف إال أف أخمى غرفة ابنتو، ومؤلىا بالدخاف، ولما جاء باليشيـ، ثـ أحرقو، فامتؤلت الغرفة

حسف متنكرا، مر بالجند كعادتو، ورقي الدرج، حتى بمغ الباب، فقرعو، ثـ دخؿ، فاحتواه الدخاف، ودمعت عيناه،

وأطبؽ عميو الجند، فاقتادوه إلى السمطاف. وعمى الفور أمر السمطاف بقطع رأسو، ولكف التاجر

ه، أف حسف رجا السمطاف أف يأذف لو بالكبلـ، فأذف، فأخبر ذا سألو ، والبد أف يناؿ معو العقاب، وا لو شريكا في الجـرالسمطاف مف يكوف أجابو بأنو الدرويش، مف قبؿ قد أوصاه إف ىو وقع في مأزؽ أف يقوؿ مثؿ ذلؾ، وعندئذ أمر السمطاف عمى الفور بإحضار الدرويش، ودليـ التاجر حسف

عمى بيتو. يش، يطمبونو، فمما وذىب نفر مف الجند إلى بيت الدرو

دخموا عميو، رأوه يتنزه في حديقة قصره، فبيتوا لفخامة مارأوا، ثـ أخبروه أف السمطاف يطمبو، فاستأذف منيـ أف يسمحوا لو بارتداء ثيابو، فسمحوا لو، فقادىـ إلى غرفة كي ينتظروه، فدخموا الغرفة، فإذا ىي مميئة بأفخر الثياب

ى ارتداء مايشاؤوف ثـ تركيـ العسكرية، وأرقاىا، ودعاىـ إلوخرج، فأقبؿ الجند عمى ارتداء الحمؿ العسكرية الفخمة، والتقميد بالسيوؼ المرصعة بالجواىر، وتعميؽ األوسمة عمى

Page 77: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 77 -

الصدور، ولكف ماىي إال ىنيية، حتى غمبيـ النعاس، ، فناموا، ورجع الدرويش، فرآىـ وأخذتيـ سنة مف النـو

ا فتركيـ وخرج، متوقعا ممدديف عمى األرض، وقد أغفو وصوؿ فريؽ آخر مف الجند.

لقد أحس السمطاف بتأخر جنده، فأرسؿ فريقا آخر، فمما دخموا عمى الدرويش، رأوه في حديقة قصره، متكئا في مجمسو، وأمامو فواكو مما تشتييو األنفس، والغانيات تتبختر حولو، يقمف عمى خدمتو ومنادمتو، عمى حيف كانت

لمغنييف والمغنيات تؤدي أجمؿ األغاني، وقد جوقة مف اانفمتت ثمة مف الراقصات، تتمايؿ عمى أعذب األلحاف، فبيت الجند لما رأوا، وأخذىـ الطرب، فوقفوا مشدوىيف، يتأمموف مايروف، فمما أتـ الجوؽ غناءه، رحب الدرويش بالجند، ودعا كؿ واحد إلى انتقاء غادة مف الغيد، والمضي

ث يشاء، في حديقة القصر، فتيافت الجند عمى بيا، إلى حيمخاصرة الغيد، واالختبلء بيف تحت الظبلؿ، وعمى المروج، ونظر إلييـ الدرويش، وىو يتوقع وصوؿ فريؽ

ثالث. وكاف السمطاف قد أحس أيضا بتأخير الجند، فأرسؿ آخريف، فأتوا إلى القصر، حيث دليـ التاجر حسف، فإذا ىـ

أحد األكواخ، فإذا ىـ في مستودع في اصطبؿ، ودخموالمتبف، ونظروا، فرأوا رفاقيـ الجند، مستمقيف عمى أكواـ التبف، وىـ في أسوأ حاؿ، فواحد ممتؼ ببردعة حمار، وآخر

Page 78: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 78 -

معمؽ في عنقو عناف بغؿ، وثالث مرتد كيس شعير، فصاحوا بيـ، فنيضوا، فرأوا ماىـ فيو، فدىشوا، ومضوا

ذا ىـ في مضمار االصطبؿ، يبحثوف عف الدرويش، وا حيث تروض الخيوؿ، ورفاقيـ الجند مستمقوف في ىذا المضمار، فوؽ التراب والطيف، وىـ في أسوأ حاؿ، فواحد مستمؽ إلى جانب حمار، وآخر يعانؽ بغبل، وثالث قد توسد ذراع كمب وناـ، وصاح بيـ الجند، فنيضوا مذعوريف، وقد

لدرويش. بيتوا لما رأوا ثـ مضوا يبحثوف عف اولما رأى الجند الدرويش ىجموا عميو، فسمـ ليـ، فقيدوه، ووضعوه في كيس، وحمموه إلى السمطاف، ولما صاروا إليو، قصوا عميو ماكاف مف أمرىـ، واعتذروا ذا ىـ يمقوف مجموعة لتأخرىـ ثـ ألقوا بيف يديو ماحمموه، وا عظاـ بالية نخرة، فغضب السمطاف وثار، وقرر أف يذىب بنفسو إلحضار الدرويش، فنزؿ عف كرسي الحكـ وصار إلى حديقة القصر، فإذا الدرويش فصاح الجند: الدرويش،

الدرويش. وبيت السمطاف، فأمر، وىو يتمعثـ، بقطع رأسو،

فقاطعو الدرويش محتجا، وقاؿ لو: ال يحؽ لؾ أييا السمطاف أف تصدر حكما في -

الغتساؿ أوال. الناس وأنت جنب، فبل بد لؾ مف ا وذىؿ السمطاف، وقاؿ لمدرويش:

Page 79: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 79 -

أنت عمى حؽ. -والتفت إلى الجند يأمرىـ أف يعدوا موكبو لممضي إلى الحماـ، ولكف الدرويش أشار إلى البركة في حديقة القصر،

وقاؿ لو: أمامؾ البركة، فيي أقرب، ىيا فانزؿ فييا، واغتسؿ. -

و جميعا، أماـ وماكاف مف السمطاف إال أف خمع ثيابالجند، فقد وقع تحت تأثير الدرويش، ثـ أسرع إلى البركة، ذا ىو في أرض عراء، ال طير فييا وألقى بنفسو فييا، وا يطير، وال وحش فييا يسير، فمشى عمى غير ىدى، ال يعرؼ إالـ يصير، حتى ناؿ منو العطش والتعب، فرأى نبع

الفور ماء، فأقبؿ عميو، فعب منو وشرب، فأحس عمىبشيء مف التغير، فإذا ىو امرأة، بشعر طويؿ، وثدييف ممتمئيف، فحار في أمره، ولـ يعرؼ ماذا يفعؿ، فمشى حتى بمغ غابة، مميئة باألشجار، فدخميا، فسمع صوت ضربات ذا حطاب شاب، الفأس، فمضى إلى حديث الصوت، وا يكسر جذع شجرة يابس، وما إف رآه الحطاب، حتى أقبؿ

خايؿ اإلعجاب بو، تموح عميو، وىو ينظر إليو عميو، ومنظرات رغبة واشتياء، فاضطرب السمطاف وحار، ولكف ذكر أنو امرأة، فرضي وسمـ، فمما عرض عميو الحطاب أف يتزوجو، قبؿ، في صمت، ومضى يسير وراء الحطاب، ويطيعو في كؿ ما يأمره بو، فكاف يجمع الحطب أكواما

البعيد، ويعد الطعاـ، ويجمب أكواما، وينقمو إلى كوخو

Page 80: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 81 -

الماء، ويشعؿ النار، ويييئ الكوخ، ويغسؿ الثياب، ويقـو بواجب المرأة تجاه زوجيا.

ومرت بو األياـ والشيور، وىو زوجة لمحطاب، حتى كبرت بطنو، واستدارت، وتحرؾ الجنيف في أحشائو، واستيقظ ذات صباح، وىو في المخاض، وبعد عناء، وضع

اه "حسف"، ومرت األياـ، وكبر الولد، وحمؿ ولدا، سم السمطاف ثانية، ووضع صبيا آخر، سماه "حسيف"، ولـ تزؿ األياـ تمر، حتى وضع السمطاف ولدا ثالثا، سماه "حسوف"، وكاف خبلؿ ذلؾ كمو مايفتأ يساعد الحطاب، في الذىاب عداد الطعاـ، وغسؿ إلى الغابة، وتكويـ الحطب، ونقمو، وا

. الثيابوذات يوـ كاف السمطاف يحمؿ كومة حطب، وييبط

ذا قدمو تزؿ، فسقط، ووقع عمى بيا عمى صخرة ممساء، وا األرض، واصطدـ رأسو بحجرة، ولكف لـ يمبث أف نيض، فإذا ىو خارج مف البركة، فنظر، فرأى الجند والدرويش

والتاجر حسف مازالوا جميعا واقفيف، فصاح بيـ: وؼ طواؿ ىذا العمر؟ أنجبت أنا ماتعبتـ مف الوق -

حسف وحسيف وحسوف، وأنتـ مازلتـ واقفيف؟! جف، جف السمطاف، فضحؾ الجند، وصاحوا "السمطاف"

وثبت الدرويش عمى السمطاف الجنوف، وأكده، لخروجو مف البركة عاريا، ثـ أمر بخمعو، فوافؽ الجند في الحاؿ، ثـ

Page 81: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 80 -

ايعوه، فارتقى التاجر اقترح مبايعة التاجر حسف سمطانا، فبحسف العرش، وتزوج ابنة السمطاف، وأصبح ىو السمطاف، وقرب إليو كبل مف أمو وأبيو، فأما الدرويش فودعو وارتحؿ

إلى ببلد ال يعمميا إال اهلل. تعلق:

حكاة بعدة الخال، تحقق أحبلم العامة ف الوصول لؽرابب إلى سدة الحكم، وتشبع لدهم الشوق إلى سماع ا

والعجابب، وه تقدم شكبل بدعا من أشكال السحر الجمل، لتؤكد الذات، وتحقق وجودها، واالنتقام من السلطان والزواج من ابنته، على نحو مارد ف كثر من

الحكاات الشعبة، ولكن ف شكل فن بدع.

والحكاة تكاد تنقسم إلى قسمن، ف القسم األول الشاطر حسن، وتؤلق، حتى دخل قصر منهما علو نجم

السلطان، ولتق ابنته، وف القسم الثان ضعؾ السلطان، فكون النل من جنده وحرسه، ثم سقط ف البركة وخرج منها عارا مجنونا، وكون الختام بإقصابه عن الحكم

وتول الملك من بعده الشاطر حسن.

ة، والتماسك، ومتاز هذا العرض بالمنطقة، والقوبعضه قود إلى بعض، ف تسلسل متصاعد، وفق مراحل ثبلث دابما، حتى كون الظفر ف النهاة بابنة السلطان

وسدة الحكم.

ورجع الفضل ف تحقق ذلك كله إلى الدروش، وه شخصة أسطورة بدعة تمثل السحر أو الرصد أو

وجهها أة الحظ، وف الحاالت كلها هو ذو قوة ال تقؾ فقوة، وهو قادر على تحول األشاء، كما هو قادر على التحول، وذلك كله لتحقق الحلم الجمل بالزواج من ابنة السلطان، والظفر بالحكم، ال لنفسه، وإنما للشاطر حسن، وكؤن الدروش بذلك قوة مطلقة متخلة، حلم بحضورها

كل محروم ومظلوم.

Page 82: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 82 -

ركة، وتحوله داخلها إلى وحكاة سقوط الملك ف البامرأة، وزواجه وإنجابه ومض بضع سنن عله، ثم خروجه منها عارا بعد هنهة من الزمن، وه حكاة عجاببة، تعد رحلة ف عالم الؽب والسحر والخال، وه رحلة ال معقولة منحت الحكاة جمالها، وكانت حكاة

السخرة من داخل الحكاة، وقد حققت قدرا كبرا من الملك والنل منه.

والحكاة مملوءة بتفاصل ممتعة، تخلق مناخ الحكاة وأجواءها، وتثر الخال، وتشد المستمع، منبهة فه الشوق إلى المتابعة ومعرفة المصر، عبر المتعة والتسلة، ومن

خبلل أشكال من التنكر والسحر واإلقاع والمؽامرة.

ة الدروش ه الشخصة وعلى الرؼم من أن شخصالمحركة للحكاة كلها، وه الت تحظى باندهاش المتلق، لما فها من قوة عجبة، ومالها من سحر ؼرب، تظل شخصة ثانوة بالقاس إلى شخصة الشاطر حسن، فهو محور الحكاة، وهو الذي ؽامر فها لصل إلى ابنة

ر بالنسبة إلى السلطان وظفر بالحكم، وظل السلطان كالقد الشاطر حسن، أو كالخادم أو التابع أو الكنز المرصود.

Page 83: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 83 -

ػىد ازهت

كانت أسرة منكودة ، شقية الحظ، بائسة فقيرة، فاألب يخرج إلى العمؿ، قبؿ شروؽ الشمس، ليعود بعد غروبيا، متعبا مكدودا، وىو ال يستطيع أف يوفر لعيالو إال بعض

كأنو في سعيو وراء الرزؽ، إنما يسعى عمى الحاجات، فقدميو، وراء فرس ىارب منو، واألـ توقظ مف بعد خروجو األوالد، فترسؿ بعضيـ إلى الكتاب، وترسؿ بعضيـ إلى األزقة والحارات لمعب، ثـ تخرج ىي لتطوؼ عمى جاراتيا، تسمع قصة مف ىنا، وحديثا مف ىناؾ، وتناؿ خبلؿ ذلؾ

تعود إلى البيت، قبؿ الغروب، فتعد فضبل مف طعاـ، للؤلفواه الجائعة، واألجساد المتعبة، مايمسؾ عمييا رمقيا،

ويحفظ ليا الحياة. وعمى ىذه الحالة، كانت تمر باألسرة األياـ، رتيبة مممة، ال سبيؿ فييا إلى الخبلص، وال حيمة، بؿ إنيا

لتنحدر باألسرة مف فقر قاس مر، إلى فقر أقسى وأمر. وذات يوـ رأت األـ جارة ليا في طوؽ ذىبي، يحمي

Page 84: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 84 -

عنقيا، وىي الجارة التي كانت تشمخ عمييا دائما بغناىا، وتفخر أماميا بما لدييا مف حمي وثياب، والتي لـ تكف مثميا في الجماؿ، فحنقت وتألمت وتذكرت أبوييا المذيف

زوجاىا لرجؿ فقير معدـ. ساء، تمقتو بالمـو ولما رجع الزوج مف عممو في الم

والعتاب، وأثقمت عميو، وىي تندب حظيا، وتبكي جماليا الضائع، الذي ال يزينو عقد، مثؿ عقد جارتيا، فأدرؾ الزوج سر غضبيا، وعرؼ أمرىا، فقاؿ ليا:"غدا آتيؾ بعقد ذىبي"، فجف جنونيا، وفرحت فرحا، ونسيت حالة زوجيا،

ت في فجر اليـو وغفمت عما ىـ فيو مف بؤس وشقاء، وغدالتالي إلى جارتيا تزؼ ليا وعد زوجيا، وتكيد ليا، وتباىي أماميا بجيدىا الذي يميؽ بو عقد رائع، ثـ طمبت منيا أف توسع ليا طوؽ ثوبيا، ليكشؼ عف صدرىا، ويغدو العقد

فيو أكثر بروزا وظيورا، بؿ أكثر بياء وروعة. ساء، ولما ورجعت إلى البيت تنتظر أوبة زوجيا في الم

سمعت صوتو في الباب، أسرعت إليو بالتيميؿ والترحيب، وىي تتوقع أف يضع الطوؽ في عنقيا، قبؿ أف يخطو داخؿ الدار، ولكنيا فوجئت بو ال يحمؿ شيئا، فوجمت، وأطرقت، في خيبة كبيرة، فمـ يجد الزوج بدا مف مداراتيا.

، تحمي فأخبرىا أنو رأى أف يشتري ليا زوجيف مف األساوربيما معصميا، فاألساور في يدىا أحمى وأجمؿ، ففرحت

بوعده، ونامت ىانئة، وىي تحمـ باألساور.

Page 85: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 85 -

وأسرعت في اليـو التالي إلى جارتيا، لتخبرىا باألساور التي سيشترييا ليا زوجيا، وتباىى بيا أماميا، وترتجييا أف تقص ليا أكماـ ثوبيا، كي تكشؼ عف معصمييا، فتظير

ىا، فاستجابت الجارة إلى طمبيا، وقد أدركت حماقتيا، أساور وكانت تضحؾ منيا.

وفي المساء كانت تنتظر زوجيا، واستقبمتو في الباب بفرح كبير، وىي تتوقع أف يقدـ ليا األساور، ولكنيا فوجئت بو ال يحمؿ شيئا، ولكي يتخمص الزوج مف غضبيا

ألساور ونكدىا، أقنعيا بأنو سيشتري ليا بدال مف اخمخاليف، تزيف بيما قدمييا، فإذا مشت سمع الجيراف ليا رنينا، فصدقت وعده، ورأت أف الخمخاليف في قدمييا أحمى،

وأجمؿ، وأكثر إغاطة لجارتيا. ومنذ الفجر، أسرعت إلى جارتيا تخبرىا بوعد زوجيا، وتؤكد ليا أف الخمخاليف في قدمييا، أجمؿ مف الطوؽ في

ور في معصميا، ثـ رجتيا أف تقص ليا عنقيا، أو األساطرؼ ثوبيا، كي يكشؼ عف قدمييا، فيظير الخمخاالف،

فأجابت الجارة طمبيا. وفي المساء، انتظرت زوجيا، بميفة كبيرة، ولما دخؿ عمييا ال يحمؿ شيئا، خاب أمميا، وقعدت حزينة، ولـ يجد ا، الزوج بدا مف وعد آخر، ينسييا ماىي فيو، ويجد فيو عذر

مف غير أف يذكرىا بما ىـ فيو مف بؤس مدقع، فقاؿ ليا: "لقد رأيت أف نشتري دارا نرتاح فييا، وىي أفضؿ مف

Page 86: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 86 -

األساور والخبلخيؿ والعقود"، فصدقت وعده وفرحت لذلؾ. وخرج الزوج إلى عممو في الصباح، وبينما ىو في بعض الطريؽ، إذ سمع رجبل ينادي معمنا عف دار كبيرة،

غرؼ كثيرة، مفروشة، بأثمف األثاث، معروضة لمبيع، ذات وال يطالب شارييا بثمنيا إال بعد أف يسكنيا سبعة أياـ، فأصغى الرجؿ إلى المنادي، وتتبع الصوت، حتى رأى المنادي فسألو عف الدار، فدلو عمييا، وأعطاه مفاتيحيا عمى الفور، وأكد لو أنو لف يطالب بثمنيا قبؿ أف تمضي

ناه فييا سبعة أياـ، ففرح الرجؿ، وأخذ المفاتيح، عمى سك وطار بيا إلى زوجتو.

واستغربت الزوجة عودة زوجيا، ولكنيا ما إف رأت المفاتيح في يده، حتى جف جنونيا، فأخذت تزغرد وتنادي الجارات، كي يودعنيا، ويشاركنيا في نقؿ ما لدييا مف

جيا. متاع إلى الدار الجديدة التي اشتراىا ليا زو وتمقفت المفاتيح، وأسرعت إلى ماعندىا مف فرش عتيقة تطوييا، ومالدييا مف كراس محطمة تحزميا، ومافي مطبخيا مف أواف مكسرة تجمعيا، وبدأت تييئ نفسيا لبلنتقاؿ، ولكف زوجيا أخبرىا أف الدار مفروشة بفاخر األثاث، وطمب منيا أال تحمؿ شيئا معيا البتة، فميس عمييا

ى الذىاب إلى الدار، وسكناىا، فمـ تكد تصدؽ سو ماسمعت، فأيقظت األوالد، ومنعتيـ مف الذىاب إلى ماكاف يذىب إليو كؿ واحد منيـ مف قبؿ، ثـ قادتيـ أماميا،

Page 87: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 87 -

وخرجت وراء زوجيا، تحمؿ صرة ثيابيا، التي أبت إال حمميا معيا ومضت قاصدة الدار الجديدة. دىا، وأصواتيا، وكانت الجارات قد سمعف زغاري

وجمبتيا وضجيجيا، فوقفف في نوافذىف، يريف إلييا، وىي تخرج مع زوجيا وأوالدىا إلى الدار الجديدة، فأخذت تخطر أماميف، مزىوة بنفسيا، وىي تشير إلييف بيدىا، مودعة وتدعوىف إلى زيارتيا في الدار الجديدة، وىف يتيامسف

ومايريف. عمييا، ويتغامزف، غير مصدقات مايسمعف، ولما بمغ الزوج بأسرتو الدار الجديدة، فتح الباب، وأدخميـ فييا، ثـ تركيـ ومضى إلى عممو، مف غير أف

يدخؿ الدار. ودىشت الزوجة لما رأت، بؿ ذىمت، دار كالقصر، بؿ كجنة الفردوس، باحتيا واسعة، فييا بركة كبيرة، تترقرؽ

مى حوافيا فييا المياه، تمعب فييا األسماؾ، وتحوـ عالطيور، وتظمميا شجيرات الورود والياسميف، فتنشر عبقيا الناعـ المذيذ، وحوؿ الباحة الواسعة، تمتد الغرؼ، وىي كثيرة، بشرفاتيا، ونوافذىا، وقد بدت مف وراء النوافذ الستائر الرقيقة اليفيافة، تداعبيا النسمات، فتميس، وفي صدر

ب الساج، حفرت فيو الدار إيواف، تظممو واقية مف الخشأحمى النقوش وطعمت بالعاج، وقد مدت في صدر اإليواف أريكة، وبسطت في أرضو سجادة، عمى حيف ترؾ بابا الغرفتيف المطمتيف عمى اإليواف مفتوحيف، فبدا أنيما غرفتاف

Page 88: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 88 -

لمزوار، مفروشتاف بأفخر األثاث. والتفتت المرأة إلى أوالدىا، وضمتيـ إلييا،

ماذا اشترى لنا أبوكـ". وقد ذىمت بما رأت، وقالت:"انظرواودىشت، وممكت عمييا الدار عقميا، فنست أف زوجيا معدـ فقير، وأنو ال يستطيع شراء غرفة مف ىذه الدار، فميس لديو

مف ثمنيا شيء، ولو درىـ. ثـ أخذت تدخؿ الغرؼ غرفة غرفة، تتأمميا، وتؤخذ بما

ما لـ تكف تحمـ حوت مف فراش وديباج وأثاث وسجاد، ومبو مف قبؿ، أو تفكر فيو، أو تتمناه، أو لـ تكف في الحقيقة

تسمع بو، أو تعرفو، أو تراه. ولما اىتدت إلى الحماـ فرحت بيا، فأدخمت فييا األوالد، فغسمتيـ، وحممتيـ، وأخرجتيـ كالورود، وألبستيـ مما في الخزائف، مف فاخر الثياب، ثـ ارتدت ىي أجمؿ

نشرت حوليا العطور، وماست، وتبخترت، مارأتو، و وخطرت في باحة الدار، تتمتع باألزىار والطيور، وتتمنى

لو شيدت جاراتيا ماىي فيو. ثـ لما كاف الغداء، أعدت ألوالدىا أطيب ألواف الطعاـ، مما لـ تكف قد ذاقتو مف قبؿ، أو كانت تسمع عنو

إال في في أحاديث الجارات، مما كف ىف أنفسيف ال يذقنوالوالئـ والمناسبات، فكانت تأكؿ وتطعـ أوالدىا وتتمنى أف يشاركيـ زوجيا الطعاـ، ولكنيا كانت تؤمؿ عودتو في

Page 89: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 89 -

المساء. وأقبؿ المساء، ولكف الزوج لـ يأت، فتسمت عنو وأوالدىا بالقعود في اإليواف، والتفرج عمى البركة واألشجار

األزىار. والتمتع بالنسمات العميمة، تنفح عبؽ ثـ نعس األوالد فحممت كؿ واحد إلى سرير، وغطتو بأفخر األغطية، واطمأنت عميو، ثـ قعدت وحدىا تنتظر زوجيا، ولما تأخر، وغمبيا النعاس، قصدت مخدعيا، فإذا ذا ذا كمتيا مف لؤلؤ وحرير، وا سريرىا مف خشب ساج، وا فراشيا مف دمقس الشاـ، تفوح في غرفتيا األطايب

خور، وما ىي إال برىة حتى غمبيا النعاس، فنامت. والبولـ تكد تغفى، حتى سمعت صوتا أجش، غريبا يخيؼ، ييتؼ بيا سائبل:"أقوـ؟" فمـ تجب، فتكرر السؤاؿ، بصوت راعب: "أقوـ"؟ فمـ ترد، فتكرر ثالثة: "أقوـ"؟، وعـ

الصمت، وعادت إلى النوـ. ار، وقد ثـ استيقظت في الصباح، عمى صوت األطي

تسمؿ النور مف خبلؿ نافذتيا، رقيقا ىادئا، تمونو الستائر بأزىى األلواف، فتمطت في فراشيا، ولـ تنيض، وأمضت فترة الضحى مسترخية، ناعمة بالدؼء والنعومة والطيب، حتى غمر نور الشمس الزجاج، فنيضت وأعدت ألوالدىا الفطور، وأخذت تمضي معيـ الساعات في تفرج عمى

غرؼ، والتسمي بالمعب في باحة الدار، ثـ أعدت ليـ عند ال

Page 90: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 91 -

ف كانت قد الظير غذاء شييا، وىي ناعمة مطمئنة، وا شغمت قميبل عمى زوجيا.

وفي المساء، انتظرت زوجيا، وقد داخميا القمؽ، وساورتيا الشكوؾ، وذكرت الصوت األجش الغريب،

وحدىا، وسيرت، وطاؿ بيا السير، وقد ناـ األوالد، وظمت ذا حتى غمبيا النعاس، فمجأت إلى فراشيا، ونامت، وا الصوت األجش الغريب، الذي سأليا في ليمة أمس، يسأليا الميمة السؤاؿ نفسو، ثبلث مرات، مف غير أف تجيب، وقد

فزعت فزعا، ولكنيا لـ تمبث أف عادت إلى النوـ. وأمضت اليوـ الثالث، وىي تنعـ بما ىي فيو مف

عيـ، ولكنيا شغمت عمى زوجيا وقمقت، ولما كاف أسباب النالمساء، ذكرت ذلؾ الصوت، وفكرت، فحسبت أنو رجؿ عمـ بغياب زوجيا، فيو يريد بيا أذى، فممكت نفسيا وعزمت عمى تحديو، فعمدت إلى ىراوة غميظة، جعمتيا إلى جانبيا في السرير، وأمسكت بيا، بحيث تستطيع أف تيوى

ثـ أغمضت عينييا، وباتت بيا عمى مصدر الصوت،تنتظر الصوت، وقمبيا يخفؽ بشدة، ويدىا تقبض عمى

اليراوة، بقوة. وطرؽ سمعيا الصوت، أجش غريبا يخيؼ:"أقوـ"؟ فمـ تتحرؾ، وشدت يدىا عمى اليراوة، وسأليا ثانية: "أقوـ"؟ وحبست أنفاسيا، فسأليا ثانية:"أقوـ؟" وطوحت باليراوة بقوة،

تجاه الصوت، فاصطدمت بجسد صمد، مغمضة العينيف،

Page 91: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 90 -

ثـ سمعت صوت شيء ثقيؿ، يقع عمى األرض. فقالت تحدث نفسيا: "لقد قتمتو"، ثـ نيضت بيدوء، ذا عمود طويؿ، ممدد عمى األرض، ونزلت مف السرير، وا فدنت منو، فإذا ىو أصفر الموف، فمالت عميو، بخوؼ، ثـ

و، وتأكدت جستو، فإذا ىو صمد، رطب، لو بريؽ، فتممت فيمنو، فإذا ىو ذىب، وعندئذ أدركت سر الدار، فيي مسكونة بالعفاريت، عافيا أىميا، وىـ راغبوف في بيعيا، بمافييا، بأبخس األثماف، وما العفاريت في الحقيقة إال كنز مرصود لصاحبو، وىي صاحبة ىذا الكنز، كما أدركت سر

يعيدىا غياب زوجيا، فيو ينتظر مضي األياـ السبعة، كيإلى الدار القديمة،ويرد المفتاح إلى أصحابو، وما عمييا ىي إذف غير االنتظار، كي تكسر قطعة مف عمود الذىب، لتدفع ثمف الدار، وماكاف منيا إال أف عمدت إلى مبلءة الفراش، فجذبتيا، وغطت بيا العمود، وأوت إلى الفراش،

ونامت فيو إلى الصباح. تالية في سعادة ونعيـ، وىي وأخذت تمضي األياـ ال

وأبناؤىا، تمتع نفسيا بما كانت تحمـ بو، وتتمناه، بؿ بما ىو أكثر مما كانت تحمـ بو أو تتمناه.

وفي صباح اليوـ الثامف حضر زوجيا، فاستقبمتو بترحيب كبير، فأبدى تجيما وأسفا، ثـ رجاىا أف تتييأ

الدار، وىي واألوالد لمغادرة الدار، وأخذ يشرح ليا حقيقةتصغي إليو بصبر كبير، ثـ ذكرىا بحاليـ، وبماىـ عميو

Page 92: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 92 -

مف فقر، وعاتبيا في طمبيا أف يشتري ليا عقدا، كما الميا في تصديقيا وعده، ثـ اعتذر ليا، وأكد ليا أنو مف الممكف أف يعيشوا في الفقر، بسعادة وىناءة، إف ىـ قنعوا بماىـ

يف. فيو، ولـ يتطمعوا إلى ماعند اآلخر وكانت الزوجة ماتزاؿ تتحمؿ الحديث الطويؿ، بصبر، حتى لـ يبؽ لدى الزوج شيء يقولو، وعندئذ قادتو إلى مخدعيا، ثـ وقفت بو أماـ العمود المغطى، وطمبت منو أف يكشؼ عنو الغطاء، فتردد، ثـ فعؿ، فإذا ىو أماـ عمود مف ف الذىب، فدىش لما رأى، فروت لو ماكاف، ثـ طمبت منو أ

يكسر مف العمود قطعة، ليمضي بيا إلى السوؽ، فيبيعيا، ليدفع ألصحاب الدار ثمنيا.

ففرح الزوج بما رأى، وىنأ زوجتو، وبارؾ ليا في صبرىا، وقد أدرؾ أف األسرة قد ودعت عيد الفقر والبؤس

والحرماف، وأنيا دخمت في حياة السعادة واليناءة والنعيـ. لذىب، وىـ بالمضي بيا ولما حمؿ الزوج قطعة مف ا

إلى السوؽ، نادتو زوجتو، وىو في الباب، فالتفت إلييا يسأليا عما تريد، فقالت لو: "ال تنس أف تشتري لي العقد الذي وعدتني بو"، فضحؾ وقاؿ ليا: "سأشتري العقد واألساور والخبلخيؿ، وأنت ال تنس دعوة جاراتؾ إلى

وأغمؽ الباب وراءه.زيارتؾ، في الدار الجديدة"، ثـ خرج، تعلق:

تعبر الحكاة عن حلم الفقراء بالخبلص من الفقر،

Page 93: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 93 -

وهو محض حلم، ال حمل شبا من الوع بالفقر واإلدراك ألسبابه ومعرفة سبل الخبلص الواقعة. فالحكاة تتوهم الخبلص ف شكل ساخر وأهم عماده الحظ والسحر

والجن، ولس الفعل الواقع الصحح.

حكاة تجمع الوهم الجمل، والخال الخصب، إلى والالسخرة المرة، واأللم الفاجع، فتصور حرمان المرأة من أسباب المتعة والزنة والحاة الرؼدة، ثم تصورها وه تنعم بؤقصى أشكال المتع من طعام وشراب وسكن وفراش وأثاث وراش وحرر وذهب محققة أبعد أشكال الوهم

والحلم.

اة تإكد عدة قم ف المرأة، فه صابرة على والحكفقرها، وه شجاعة ف مواجهة المجهول، وه حكمة ف تصرفها، وه ذات حظ جمل، ولكنها ف الوقت نفسه تصورها جاهلة بواقعها تحلم بالعقود والحل واألساور

متناسة فقر زوجها.

وهكذا فالحكاة ترد الؽنى ووفرة المال إلى الحظ لسحر والجن، وتنسى استؽبلل األؼناء وسطرتهم على وا

األموال وتحكمهم ف األسواق واألسعار واألجور.

والحكاة تقوم على بنة ثبلثة تتكرر ف كثر من الحكاات كما تقوم على فكرة الدار المسكونة بالجن

والعفارت، والكنز المرصود لصاحبه.

Page 94: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 94 -

األخىاد اثالس

ف في أحد الببلد ممؾ شاب، وسيـ الطمعة، قوي كاالساعد، ولكنو سريع الغضب، حاد االنفعاؿ، وذات يوـ أراد أف يتعرؼ عمى أحواؿ الناس، فأمر أال يضاء في الميؿ مصباح، وخرج مع الوزير، متنكرا وبدأ يدور في األحياء، يتنصت عمى األقواؿ، مف وراء األبواب، ولفت نظره ضوء

رؼ البمدة، فمضى إليو، حتى إذا بمغو وقؼ بيت في طتحت شباكو المضاء، وأخذ يصيخ السمع إلى مايدور في داخمو، وىو في أشد الغضب لمخالفة أصاحب البيت أمره،

في إضاءة المصباح. وكاف في البيت ثبلث أخوات، صبايا، فقيرات، يعممف في غزؿ القطف، مف أجؿ تأميف لقمة العيش، فقد توفي

والدىف، ولـ يترؾ ليف مف الماؿ شيئا، ولذلؾ أضأف عنيف المصباح، ليعممف، مخالفات أمر الممؾ، وبينما كاف الممؾ يصغي إلى مايدور في بيتيف، تحت الشباؾ، كف يتحدثف

ويتمازحف ولقد تأوىت الكبرى منيف، وقالت:

Page 95: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 95 -

لو يتزوجني الفراف عند الممؾ، لشبعت مف الخبز. - قالت: ثـ تأوىت الوسطى، و

آه لو يتزوجني المحاـ عند الممؾ، لشبعت مف - المحـ.

فضحكت الصغرى، ساخرة منيف، وقالت باعتداد: أنا، واهلل، ال أتزوج إال الممؾ الشاب، أضربو عمى -

خده، فيدير لقدمي القبقاب. ولما سمع الممؾ قوليا، أخذه الغضب، وىـ باقتحاـ

طيب نفسو،ورجاه أف الباب، والدخوؿ عمييف، ولكف الوزيرينتظر إلى الصباح، ثـ عرض عميو أف يرسؿ وراءىف، لينظر في الغد في أمرىف، وعندئذ طمب الممؾ مف الوزير أف يضع عمى الباب عبلمة ليستدؿ بيا الجند عمى البيت.

وفي صباح اليوـ التالي، أحضر الجند األخوات ادئا الثبلث، فأمرالممؾ أف يدخمف عميو واحدة واحدة، ب

بالكبرى، وكانت أمو حاضرة في مجمسو، فمما رأتيا دىشت لجماليا، وتمنتيا زوجة البنيا الممؾ الشاب، عمى الرغـ مف مظيرىا الزري، وثيابيا البالية، ولكف أمميا خاب، فمقد سأؿ الفتاة عف أمنيتيا، فصرحت أنيا تتمنى أف يزوجيا مف

لؾ، وخرجت الفراف، الذي يعمؿ في قصره، فأمر ليا بذ محممة باليدايا.

ثـ دخمت عميو الوسطى، فأعجبت األـ بجماليا

Page 96: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 96 -

اإلعجاب كمو، عمى الرغـ مف مظيرىا الداؿ عمى فقرىا، وتمنتيا زوجة البنيا، ولكف أمميا خاب، حيف سمعتيا تتمنى مف الممؾ أف يزوجيا مف المحاـ في قصره، ولقد

ممة أجاب الممؾ طمبيا، وأمر ليا بذلؾ، فخرجت مح باليدايا.

وأخيرا دخمت الصغرى، فبيتت األـ أماـ جماليا الفتاف، وعزمت أف تتخذىا البنيا زوجة، أيا كانت أمنيتيا، ثـ قوى عزميا حيف سمعتيا تجيب الممؾ بجرأة يشوبيا

الخفر والحياء، وال تخمومف دالؿ ودلع: أنا ال أتزوج إال الممؾ الشاب، أضربو عمى خده، - قدمي القبقاب. فيدير ل

ولـ يكد الممؾ يسمع قوليا، حتى أمر السياؼ بضرب عنقيا، وقد طاش صوابو، وثار غضبو، وىـ بيا السياؼ، ولكف األـ تدخمت، ورجت ابنيا أف يميؿ الفتاة، فيي صغيرة ال تعقؿ، فمعميا تراجع نفسيا، وتغير قوليا، فإف لـ

ثة أياـ، ثـ تفعؿ، فميقطع عندئذ رأسيا، فأميميا الممؾ ثبلتوسمت إليو أمو أف يسمح لمفتاة أف تقيـ عندىا، األياـ

الثبلثة، فاستجاب الممؾ لطمب أمو، ومنحيا ماسألت. وكانت األـ قد أعجبت بالصغرى إعجابا فاؽ إعجابيا بشقيقتييا، فأخذتيا إلى غرفتيا، وأمرت بيا الخدـ، فأخذت

ب، وأفخرىا، إلى الحماـ، فغسمت، وخرجت ترتدي أبيى الثيا

Page 97: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 97 -

تفوح منيا روائح العطور، وىي تتخطر في مشيتيا، رشيقة، فاتنة، تحمي جيدىا أغمى الجواىر، لو رأتيا أختيا لما

عرفتيا، ولظنتيا إحدى أميرات القصر. ولقد صرحت األـ ليا بأنيا تتمناىا زوجة البنيا ولكنيا

ؾ أكدت ليا أنيا ال تستطيع أف تفعؿ أكثر مما فعمت، فالممالشاب سريع الغضب، حاد االنفعاؿ، وليس أماميا سوى ثارة اىتمامو بيا، ثـ ذكائيا، وقدرتيا عمى لفتو إلييا، وا ، قبؿ المساء، في أخبرتيا أف ابنيا يخمو بنفسو كؿ يـوشرفة القصر، فما عمييا إال أف تنزؿ ىي إلى حديقة

القصر، لتتمشى أمامو، وتبرز لو. الفتاة إلى حديقة القصر، ولما كاف األصيؿ نزلت

ومضت تتثنى بيف الزىور، كأنيا إحداىا، ويمر بيا النسيـ، فيحمؿ في كؿ األنحاء شذاىا، وىي في رشاقة حركاتيا، ورقة لفتاتيا، كأنيا نسمة مف النسمات، تمر باألطيار، فتغرد ليا األطيار، وتطوؼ باألزىار، فتعطؼ عمييا

األزىار. بصرالممؾ الشاب، وىو في وكاف ذلؾ كمو يجري تحت

شرفة القصر، ففتف بتمؾ األميرة الرشيقة، فأرسؿ الخدـ ليدعوىا إليو، ولما مضى إلييا الخدـ، لـ يعثروا ليا عمى أثر، إذ كانت قد رجعت إلى غرفتيا التي خصتيا بيا أـ

الممؾ، كما رجعت إلى ثيابيا البالية القديمة.

Page 98: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 98 -

ة إلى حديقة وفي أصيؿ اليوـ التالي خرجت الفتاالقصر، بأبيى مما خرجت بو أمس مف ثياب، فتثنت بيف الزىور، وتمايمت تحت الظبلؿ، ونشرت في األجواء أروع العطور، وشدت بأعذب األشعار، وجرت وراء الفراشات،

أرؽ مف الفراشات. وكاف الممؾ الشاب في شرفة قصره، كعادتو، يراىا

ؼ مف ىي؟ وال مف ويسمعيا، وىو بيا مولو مفتوف، ال يعر تكوف؟ حتى إذا أرسؿ وراءىا الخدـ، غابت عف العيوف.

وفي غرفتيا بشرتيا أـ الممؾ بافتتاف ابنيا بيا، وصارحتيا بأف ابنيا قد باح ليا بما في قمبو مف حب ألميرة يراىا، وال يعرؼ مف ىي، وىنأتيا بما أحرزت مف نجاح، ثـ

ماتتمناه ليا. تمنت ليا أف تحقؽ في اليـو األخير، وفي اليوـ الثالث ىيأتيا األـ بأروع مما ىيأتيا بو مف قبؿ، فخرجت إلى حديقة القصر تتيادى في مشيتيا، تسحب وراءىا ذيؿ ثوبيا األبيض، ممشوقة القواـ، دقيقة الخصر، بجيد أتمع، وشعر مرسؿ، تنشر حيثما مشت غيمة

مف عطر. ظر، وما إف وكاف الممؾ الشاب في شرفة القصر، ينت

رآىا حتى ناداىا، ولما رنت إليو دعاىا، فمبت الدعاء، وصعدت إليو في شرفتو، وجمست تحادثو وتسامره، وىو يقدـ ليا أشيى الفواكو، وأطيب الشراب، وقد ذىؿ بحمو

Page 99: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 99 -

حديثيا، عف رقيؽ جماليا، وىو بيا مولو مفتوف، يقبؿ اـ. حيث لثمت مف كأس الشراب، ويستقبؿ نظراتيا ببوح وىي

ومرة كاف يناوليا كأس الشراب، فتعمدت إفبلتيا، مف غير أف تشعره بذلؾ، فانصب بعض الشراب عمى طرؼ ثوبيا، فأسرع إلى منديمو الخاص، يمسح بو طرؼ ثوبيا، فماكاف منيا إال أف طمبت منو أف يسمح ليا باالحتفاظ

بمنديمو، فقدمو إلييا ىدية. والشراب، حتى وطاؿ بيما السمر والحديث، واألكؿ

حؿ المساء، فاستأذنت منو باالنصراؼ، ووعدتو أف تمقاه، فأبى إال أف يودعيا حتى باب الحديقة، ومضى ييبط معيا عمى درج القصر، وبينما كانا ييبطاف عميو معا، افتعمت زلة القدـ، مف غير أف تشعره بذلؾ، فسقط قبقابيا مف قدميا

إليو، فالتقطو، ثـ صعد ووقع إلى أسفؿ الدرج، فأسرع الممؾإلييا، وانحنى ووضعو أماـ قدميا الصغيرة، مسحت عمى خده الناعـ األسيؿ، بأنامميا البضة الرقيقة، فتناوليا بيف

يديو. وأماـ الباب، كاف الوداع.

ولما كاف الصباح، عقد الممؾ مجمسو، ودعا إليو الفتاة، فدخمت عميو، مع األـ، في ىيئتيا األولى، وىيالفقيرة، التي كانت تغزؿ القطف، فمما سأليا عف أمنيتيا،

Page 100: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 011 -

أعادت عميو الجواب بأف تتزوج الممؾ الشاب، تضربو عمى خده فيدير لقدميا القبقاب، فغضب الممؾ وأعاد عمييا السؤاؿ، فأعادت عميو الجواب نفسو، وعندئذ ثار ثائره،

وأمر السياؼ أف يضرب عنقيا عمى الفور. وجئ بيا وىي ترفع بأنامميا البضة ولكف الممؾ ف

الرقيقة، منديمو الخاص، وماتزاؿ بو آثار مف بقع الشراب، فدىش الممؾ وسأليا:

ماىذا.؟ -فأجابت: "أنا التي أحضرت ليا يوـ أمس، مف أسفؿ

الدرج، القبقاب، وأنا التي مسحت عمى خدؾ بأناممي". مرأى فأسرع إلييا الممؾ، يعانقيا، ويضميا إليو، عمى

مف الجميع، ثـ التفت إلى أمو، فشكر ليا حسف تدبيرىا، وأعمف في المممكة عزمو عمى الزواج مف تمؾ الفتاة، فأقيمت في المممكة األفراح، وقرب الممؾ إليو الفراف والمحاـ، وجعميما مف خالص ندمائو، وكبار مرافقيو، وأفرد

لكؿ منيما جناحا في قصره.

تعلق: ، أشبه بالفانتازا، تحلق بالمتلق إلى حكاة جملة

عوالم من الفن والجمال والذكاء، تتحقق فها اآلمال واألمنات بسر ورخاء، كما ف األحبلم.

وه كما بدو ذات هدؾ تربوي، ولعلها على األؼلب

Page 101: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 010 -

موجهة إلى الفتات، لتعلمهن الطموح إلى الزواج من أكثر ل الذكاء، وأسالب اإلقاع الشباب فتوة وقوة، ولتعلمهن سب

بالرجال، ولكن بالرشاقة والخفر والدل، ولس بالمكر أو الخبث أو االحتال.

والملك الشاب ههنا لس محض ملك، إنما هو رمز للقوة والشباب، وأبعد مامكن أن تتطلع إله الفتاة من عزة

وجاه.

والحكاة تدل بصورة ؼر مباشرة على حلم الفقرات زواج من الملك والعش ف القصور، ولذلك فه ترسم بال

صورة لمثل تلك الحاة لتثر الخال، وتشبع الرؼبة.

Page 102: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 012 -

افأسح وازهت

يحكى أف ثبلث أخوات فقيرات، ماتت أميف، فمـ تترؾ ليف سوى المغزؿ، فكف يغزلف عميو القطف، مف أجؿ أف

إلى السوؽ، يعشف، وكف يرسمف كؿ يوـ أختيف الصغرى لبيع ماغزلف مف قطف وشراء مايحتجف مف طعاـ.

وذات يوـ ذىبت الصغرى إلى السوؽ، كعادتيا، فرأت فيو فارة في قفص، يعرضيا رجؿ لمبيع، فأعجبت بيا، وبخفة حركاتيا، وزقزقتيا، فاشترتيا بثمف ما باعت مف قطف، وحممتيا إلى البيت فرحة بيا، ولكنيا فوجئت بأختييا

يا في شرائيا الفارة، وتغمظاف ليا في القوؿ ثـ تقدماف تعنفان عمى طردىا مف البيت.

فخرجت حزينة باكية، تحمؿ القفص، وفيو فارتيا، تنط وتزقزؽ فسارت عمى غير ىدى، ال تعرؼ إلى أيف تمجأ، فقادتيا خطاىا إلى قبر أميا، فقعدت في جواره، وراحت

تيا سنة مف النوـ، تتأمؿ الفارة، وماىي إال برىة، حتى أخذفأغفت، ولما نيضت، وجدت فارتيا قد وضعت قطعتيف معدنيتيف، فحممتيما، وراحت تتأمميما، وال تعرؼ ماتفعؿ

Page 103: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 013 -

بيما؟ وبينما ىي عمى ىذه الحالة، مر بيا رجؿ يحمؿ عمى رأسو طبقا فيو زبيب، ينادي لبيعو، فمما رأتو، عرضت عميو

يبل مف الزبيب، فمما القطعتيف، ورجتو أف يعطييا بيما قمرأى الرجؿ القطعتيف فرح بيما، فتمقفيما، وناوليا الطبؽ كمو، ثـ لما عرؼ أمرىا، خمع عباءتو، وغطاىا بيا، ووعدىا أف يأتييا بخيمة تنصبيا عمى قبر أميا، لتناـ فييا، واعتذر ليا لعدـ قدرتو عمى إيوائيا، ألنو مثميا مشرد، ليس

لو بيت. التالي وضعت الفارة قطعتيف أخرييف، ولماكاف اليوـ

فأعطتيما الفتاة لمرجؿ، فجاءىا بطعاـ وشراب وكساء ، مساء، فيأخذ وفراش، صار دأب الرجؿ، يمر بيا كؿ يـوالقطعتيف، المتيف تضعيما الفارة، ويزود الفتاة بكؿ ماتحتاجو، وىي ال تعمـ أف القطعتيف المعدنيتيف، ىما

ليرتاف ذىبيتاف. مر موكب ابف السمطاف بالمقبرة، فرأى وذات يوـ

الخيمة منصوبة فييا، فعجب ألمرىا، وأرسؿ الجند الستطبلعيا، فعاد إليو بالفتاة والفارة، فمما سأليا عف أمرىا، حكت لو حكايتيا كاممة، وعرضت عميو القطعتيف، فأخذىما منيا، ومضى يتأمميا، غير مصدؽ، ثـ عرض عمييا أف

لتقيـ عنده، فترددت في أوؿ األمر، ثـ يصحبيا إلى قصره، قبمت.

Page 104: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 014 -

وفي القصر، أفرد ليا ابف السمطاف جناحا، وخصيا بالخدـ، يسيروف عمى راحتيا، ويوفروف ليا أسباب العيش الينيء، واستمرت فارتيا تضع ليا كؿ يوـ قطعتيف مف

الذىب، يأخذىما ابف السمطاف. المغزؿ، وأكمتا وكانت الحالة قد تردت بأختييا، فباعتا

بثمنو أياما، ثـ اضطرتا إلى سؤاؿ الناس لقمة العيش، فكانتا تطوفاف في الطرقات تطمباف مف الناس العطاء، وتعوداف إلى البيت، في المساء، لتجتمعا بعد تشرد،

وتقتسما ما التقطتا. وذات يوـ كانت الصغرى في نافذة القصر، تتفرج

قتييا، رأت بائسة فقيرة، عمى البمد والناس، وتتذكر شقيتتجوؿ بيف الناس، وتمد يدىا بالسؤاؿ، فراحت تتأمميا، حتى إذا دنت مف القصر، عرفت فييا أختيا، فأسرعت إلى

الخدـ تأمرىـ بإحضارىا. ولما دخمت عمييا أختيا، رقت لحاليا، وحزنت لما صارت إليو، فأعطتيا بعض الثياب، وحثتيا عمى المضي

كي تقيما معيا، في جناحيا بالقصر. إلحضار أختيا، ولما حضرت أختاىا، وشاىدتا ماتنعـ بو أختيما مف عزة ورفاىية، داخميما الحسد، وعشش في قمبييما البغض لمفارة، والحقد عمى أختيما، التي ناليا مف الحظ، بسبب الفأرة، مالـ ينميما، فأضمرتا ليا األذى، ولكنيما أظيرتا

Page 105: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 015 -

الحب والوداد. عمييما أياـ كانتا تنعماف فييا بما تغدقو عمييما ومرت

األخت مف خيرات، وبما ترفؿ بو ثبلثتيف مف نعيـ، ولكنيما كانتا تتحيناف الفرص، كي تغدرا بيا، وذات يوـ سافر ابف السمطاف إلى بمد قريب في زيارة قصيرة، فاغتنمت األختاف

قت. الفرصة، واقترحتا عمييا أف يذىبف إلى الحماـ، فوافومضت األخوات إلى الحماـ، فأمضيف فيو وقتا، ثـ ادعت إحدى األختيف أنيا نسيت في البيت شيئا، وأف عمييا أف تذىب إلحضاره، فخرجت مف الحماـ، وأسرعت إلى القصر، ثـ عمدت إلى الفأرة، فخنقتيا، ثـ رجعت إلى

الحماـ. ولما خرجت األخوات مف الحماـ، ورجعف إلى القصر،

رعت الصغرى إلى الفارة تطمئف عمييا، فوجدتيا مخنوقة، أسفعرفت عمى الفور أف أختيا ىي التي قامت بخنقيا، فحزنت، وبكت بكاء مرا، وعمدت إلى ركف في حديقة القصر، فحفرت فيو حفرة، دفنت فيو الفارة، والتقطت مف األرض غصنا يابسا، فغرستو فوؽ قبرىا عبلمة، حتى

طاف، فيراىا. يرجع ابف السم

ولبثت بضعة أياـ تكظـ غيظيا، وتخفي حزنيا أماـ أختييا، حتى رجع ابف السمطاف، فأخبرتو بما كاف، فزود

Page 106: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 016 -

أختييا بالماؿ والثياب، وطمب منيما أف تغادرا القصر، عمى أف تزورا أختيما حيف ترغباف.

وأخذت األخت بعد ذىابيما تزور كؿ يوـ قبر فارتيا غزيرة، وذات يوـ فوجئت بالغصف اليابس وتبكييا بدموغ

الذي غرستو فوؽ القبر، عبلمة، قد بزغت فيو براعـ صغيرة، وماىي إال بضعة أياـ حتى أورؽ الغصف وأزىر، ففرحت بو فرحا، ودعت ابف السمطاف إلى زيارتو ومشاىدتو، فمبى دعوتيا، ولما رأى الغصف، أعجب بو

ت نسمة خفيفة، فتمايؿ اإلعجاب كمو، وبينما ىو يتأممو، ىبالغصف، وسقطت منو بضع زىرات، التقطيا ابف السمطاف، فإذا ىي لؤلؤ ومرجاف، فأخذ يقمبيا، ويتأمؿ فييا، فرحا،

وىنأ الصغرى بما تحظى بو. ، وقت ومنذئذ أخذ ابف السمطاف يزور الغصف كؿ يـواألصيؿ، فيقعد أمامو بعض الوقت، ويمضي في تأممو،

ب النسمات، والفتاة تطوؼ بيف يديو وتقدـ لو مستروحا بأطيأشيى الفواكو، وأطيب الشراب، حتى إذا ىـ بالقياـ، دنت مف الغصف، وعطفت عمى أعواده وأزىاره، تداعبيا بيدىا،

وتقوؿ ليا: ىري لولو ومرجاف

حتى يفرح ابف السمطاف ويميؿ الغصف، فتتساقط بضع زىرات، يمتقطيا ابف

Page 107: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 017 -

ي لؤلؤ ومرجاف. السمطاف، فإذا ىوىكذا عادت الفرحة إلى قمب الصغرى، وسعدت بوفاء فارتيا ليا، وارتفعت مكانتيا عند ابف السمطاف، فقربيا منو، فينئت برغد األياـ، ولكنيا ذكرت ثانية أختييا ورقت لحاليما، وتمنت لو تستطيع الوصوؿ إلييما، وظمت ترسؿ

ـ تفمح في العثور الخدـ في السؤاؿ عنيما أياما، ولكنيا ل عمييما.

ولكف ذات يوـ فوجئت بإحدى أختييا، تزورىا، فرحبت بيا، وفرحت لزيارتيا، فأكرمت وفادتيا، وقدمت ليا الطعاـ والثياب، وسألتيا عف أختيا، فأخبرتيا أنيا مريضة، ال تستطيع الحراؾ، وبالغت في وصؼ مرضيا، فتألمت

ية، مف طعاـ لحاليا، وأغدقت عمييا مما عندىا، ثانوشراب، ثـ رافقتيا إلى الباب تودعيا، وقبؿ أف تخرج األخت سألتيا إف كانت ماتزاؿ تزور قبر الفارة، كؿ يوـ، وتبكييا، كعادتيا، وكانت تسخر منيا، فمـ تنتبو إلى قصدىا، ومضت تحدثيا عف الغصف الذي غرستو فوؽ ، مف لؤلؤ قبرىا، وعف أزىاره، وبما يتساقط منو كؿ يـوومرجاف، ودعتيا إلى رؤيتو، فوعدتيا أف يكوف ذلؾ في

زيارة أخرى. وأخذت األخت تتردد عمييا بيف الحيف والحيف، فتظير ف كانت تضمر ليا الحسد والبغض، ليا الحب والوداد، وا وكانت الصغرى تستقبميا وتفرح بيا، وفي كؿ يوـ تصحبيا

Page 108: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 018 -

لتي كانت إلى الغصف لتزوره، وتراه، ولما زارتيا األخت امريضة، عمى زعـ األخت الثانية، فرحت بيا، وأكرمتيا وكانت ىي التي خنقت الفارة، فمما دعتيا إلى زيارة الغصف ورؤيتو، ترددت، ثـ قبمت، ومضت، ولما مثمت أمامو، أخذ منيا الحقد كؿ مأخذ، وودت لو تقمعو، ولكنيا صبرت

نفسيا. قصد ومرة زارت األختاف شقيقتيما الصغرى، ثـ

ثبلثتيف الغصف لمفرجة عميو، فغافمت إحدى األختيف شقيقتيما، عمى حيف شغمتيا، األخرى بأمر ما، ثـ عمدت إلى قميؿ مف الممح، كانت تحممو تحت ثوبيا، فرشتو فوؽ الغصف، ثـ ودعت األختاف شقيقتيما، وخرجتا، وىما

تعدانيا بأف تزوراىا باستمرار. ابف السمطاف، كعادتو، ولما كاف أصيؿ ذلؾ اليوـ نزؿ

ذا بو يفاجأ بالفتاة إلى حديقة القصر، ليتأمؿ الغصف، وا أماـ الغصف تبكي، وتمطـ خدييا، فدنا منيا، وضميا إلى صدره، وأخذ يواسييا، ثـ أخبرىا أف الجاني لف يفمت مف العقاب، ولما سأليا فيمف تشؾ، أكدت لو أنيا ال تشؾ في

ال تعرؼ أيف ىما؟ وال أيف غير أختييا، ولكنيا تأسؼ إذ تقيماف؟ فأكد ليا أنو قادر عمى إحضارىما عمى الفور، فقد شؾ فييما مف قبؿ، وأرسؿ وراءىما أحد الجند، ليتعرؼ موضع إقامتيما، وأنو ليعرفو، ثـ سأليا إف كانت توافؽ

عمى عقابيما، فأجابت أف نعـ.

Page 109: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 019 -

وفي اليوـ التالي مثمت الشقيقتاف أماـ ابف السمطاف،لى جانبو كانت تقعد أختيما الصغرى، فتميزتا مف الغيظ وا وودتا لو شقت األرض وابتمعتيما، ولما سأليما ابف السمطاف عف سبب فعمتيما، أنكرتا أوؿ األمر، ثـ لـ تمبثا أف أقرتا، واعترفتا بما تحمبلنو ألختيما مف بغض وحسد، فمما سمعت الصغرى كبلميما حزنت أشد الحزف، وخرجت

د تركتيما البف السمطاف، يوقع بيما مايشاء مف عقاب. وقوعندئذ أمر ابف السمطاف بتعطيش الخيوؿ وتجويع الكبلب، ثبلثة أياـ، ثـ عمد إلى األختيف فربط كؿ واحدة بذيؿ فرس، وأطمؽ الفرسيف يجراف األختيف، ثـ أطمؽ في

أثرييما الكبلب. ورجع إلى الصغرى، فأعمف خطبتو ليا، فأعدت،وجيزت، ثـ أقيمت األفراح، فتزوجيا، وغدت أميرة القصر،

وعاشت مع ابف السمطاف في ىناءة وسرور.

Page 110: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 001 -

تعلق: تدل الحكاة على فقر العامة وسوء حالهم وجهلهم وتعلقهم باألوهام واألحبلم لحل مشكبلتهم، كما تدل على توهمهم الخبلص متحققا ف الحظ أو السحر، وهو خبلص

ق ف النهاة إال بفضل قوة كبرة تتمثل ف الملك ال تحقالقادر على فعل كل شء، وظل قصر الملك وأسلوب

العش فه هو النمط المتصورللخبلص المنشود.

وزداد األمر سوءا حن ؽب الوع، فكون الحسد والبؽض، فكد األخ ألخه، وتنقم األخت على أختها،

ف الحظ ومساعدة الملك، ومرجع ذلك إلى توهم الخبلصولس ف الكدح والعمل الجاد وتحدي قوى الظلم

واالستبداد.

إن األخت الصؽرى تحقق خبلصها الفردي المحدود بفضل مصادفة سحرة ؼربة، متمثلة ف الفؤرة الت تضع كل وم لرتن ذهبتن، وبمساعدة مباشرة من الملك، ال

ألجل اللرتن ألجل األخت الصؽرى نفسها، وإنما الذهبتن اللتن تضعهما الفؤرة.

ولذلك بدو طبعا كد األختن ألختهما الصؽرى وحسدهما، فهما تكدان، وتعمبلن، وتتعبان ف ؼزل القطن، وال تحققان خبلصهما، بسبب مجتمع ظالم، ال قدر

الجهد وال العمل.

كد إن الحكاة تإكد حلم العامة بعش القصور، كما تإؼاب وعهم، وتوهمهم أن ال خبلص إال بالحظ، أو

السحر، وبتدخل الملك نفسه.

ومهما كن من أمر، فالحكاة جملة، وه تدل على خال واسع، ولعل أجمل مافها الفؤرة الت تضع لرتن ذهبتن، وتحولها بعد خنقها إلى شجرة تثمر اللإلإ

لحظ أو السحر.والمرجان، وتبدو هذه الفؤرة رمزا ل

Page 111: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 000 -

Page 112: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 002 -

دىبخ اصذك

كاف االبف الوحيد ألبويو، فعنيا بتربيتو، والسير عميو، واالىتماـ بو، حتى أصبح رجبل، فسعيا في تزويجو، وبعد بحث طويؿ عف فتاة تميؽ بو، اىتدت األـ إلى بنت مف إحدى قريباتيا، زوجتو إياىا، وأممت في ىذه البنت أف

بيا. يسعد االبف ومرت األياـ األولى مف الزواج في فرح وسرور، اشترؾ فيو األىؿ واألقارب واألصحاب، ولكف لـ تمض بضعة أياـ، بعد أفراح الزواج، حتى تكشفت الحقائؽ وباف

الخبلؼ. فالعروس تناـ إلى الظير، وال تساعد حماتيا في

شيء، فبل تخرج مف غرفتيا إال لتناوؿ الطعاـ، وقضاء جة، ثـ تعود إلييا، لتحبس نفسيا فييا، مف غير أف الحا

تشارؾ حماتيا في إعداد الطعاـ، أو تييئة البيت. ولما كانت األـ تحب ابنيا، فقد رضيت بيذا الوضع،

وصبرت، مؤممة أف يحيف يوـ تغدو فيو كنتيا أفضؿ مما

Page 113: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 003 -

ىي عميو، ولكف األياـ كانت تكشؼ عف ازدياد الكنة عزلة، عميا وحماتيا، وكأنيا ال تعرؼ في البيت وانصرافا عف

أحد سوى زوجيا. وكاف االبف ال يطمع عمى شيء مما يجري في البيت، فيو يخرج إلى عممو في الصباح، وال يعود إال في المساء،

وأمو ال تحدثو بشيء. وذات يوـ خرج العـ كعادتو إلى السوؽ، فاشترى

عمؿ في غسمو شواء، ورجع إلى البيت، فأخذت الحماة توتنظيفو، ولما صار الظير، خرج العـ إلى المسجد لمصبلة، فرأت الحماة أف تنادي كنتيا لتساعدىا في تييئة

الشواء، وتتسمى معيا. فنادت الحماة الكنة، مرة، ومرتيف، وثبلثا، فمـ تسمع جوابا، فقمقت عمى كنتيا، فدقت عمييا باب الغرفة، وبعد

، وىي طوؿ انتظار، خرجت لي ا الكنة، في قميص النـوتفرؾ عينييا، ثـ تمطت طويبل، وتثاءبت، وقالت بميجة

ممطوطة: آوه، شيء مزعج، ماعرفت كيؼ أناـ -

فعجبت الحماة، وسألتيا: خير يابنتي، ماذا أزعجؾ؟ -

فتمطت الكنة، وقالت: كنت في حمـ مزعج. -

Page 114: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 004 -

فسألت الحماة بقمؽ. كي لي. خير، خير يا ابنتي، اح -

فتثاءبت الكنة، وقالت: كنت شايفتؾ دبة طالعة مف القبة وأربعة شايمينؾ

ع التربة فبيتت الحماة وذىمت، ولـ تجد ماتقوؿ.

ورجعت إلى المطبخ، وقد اسودت الدنيا في وجييا، ال تعرؼ ماذا تفعؿ، إال أنيا ممكت نفسيا، وكتمت غضبيا،

ومضت تتابع تييئة الشواء. قميؿ رجع العـ مف الصبلة، فوجد الحماة تعمؿ وبعد

وحدىا، فسأليا أف تنادي الكنة، لتساعدىا، فوارت غضبيا، وأخفت حزنيا، وأكدت لو أنيا تريد أف ترتاح في غرفتيا، وال تريد أف تزعجيا، فأنكر عمييا العـ ذلؾ، وأبدى رغبتو في أف يرى كنتو تساعدىا في العمؿ، ففي ذلؾ مايسره، ومالبثأف ناداىا، مرة ومرتيف، فمـ يسمع جوابا، فقمؽ وطمب مف الحماة أف تذىب لتنظر مابيا، ولكف الحماة تمكأت، وداورت، فمضى ىو بنفسو إلى غرفتيا، يدؽ عمييا الباب، وحاولت الحماة ثنيو، ومنعو، ولكنو كاف مصمما، فقد شغؿ

Page 115: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 005 -

بالو، ومضى يدؽ الباب. ، تفرؾ وبعد انتظار، خرجت لو الكنة ف ي قميص النـو

عينييا وتتثاءب وتتمطى وتبدي انزعاجا، وتتأوه فشغؿ العـ، وقمؽ، وسأليا:

خير، يا ابنتي. - فأجابتو بجفاء:

أؼ، ال أعرؼ كيؼ أناـ. - وأراد العـ الكبلـ فقاطعتو قائمة: كنت في مناـ، ولكف كؿ لحظة يأتي اإلزعاج. -

فعجب العـ، وسأليا: ابنتي، احكي لي. خير يا -

فتمطت، وتثاءبت، وقالت بصوت يغمب عميو القرؼ والنعاس:

كنت شايفتؾ خنزير. - معمؽ بجنزير

وأربعة شايمينؾ ع البيت الصغير

فصعؽ العـ، وأظممت الدنيا في عينيو، ولـ يعرؼ ماذا يفعؿ، ولكنو فضؿ الصمت عمى الفضيحة، ورجع إلى

Page 116: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 006 -

جؿ، ولكف الحماة جابيتو الحماة، يواري ألمو، كي ال يخبالحقيقة، فاعترؼ، وباح ليا بما قالتو كنتو لو، فاعترفت ىي بدورىا بماكاف معيا، ثـ تشاورا في األمر، فعزما عمى

أال يقوال البنيما شيئا. لما حضر االبف في المساء، اجتمع األربعة عمى ف كاف األب واألـ لـ المائدة، وتناولوا جميعـ الطعاـ، وا

طيعا في الحقيقة تناوؿ شيء، غير بضع لقيمات، وقد يستالحظ االبف ذلؾ في والديو، فصمت، ثـ خبل بأبيو، فسألو،

وألح عميو في السؤاؿ، فحكى لو األب ماكاف. وعندئذ طمب الولد مف أمو أف تضع لو قميبل مف الشواء في رغيؼ، ففعمت، فجعمو في صرة ثـ حممو إلى

أف تتييأ لزيارة أىميا، فأدركت غرفتو، وطمب مف زوجتو عمى الفور أف في األمر شيئا ما، فاعتذرت، وأكدت أنيا ليست في شوؽ ألىميا، وادعت التوعؾ والمرض، ولكف الزوج أصر، فمـ تجد بدا مف االنصياع، فخرجت معو لزيارة

أىميا. واستقبؿ العـ صيره بالترحيب، وقدـ الصير لعمو

ثـ اجتمعت األسرة كميا، العـ ماحممو مف شواء، فشكره،خوتيا، وتنوعت والحماة، والصير، والزوجة، وأخواتيا، وا األحاديث واختمفت الموضوعات، حتى وجد الصير وقتا

مناسبا لمحديث، فتحدث، وىو يقوؿ:

Page 117: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 007 -

كنت اليوـ مع أحد أصحابي، وقد حكى لي ماجرى -مع أمو وزوجتو.. ثـ سرد الصير القصة مف أوليا إلى

خرىا، ولكنو نسبيا إلى صديؽ لو، وكاف يتبسط في آالحديث، ويتوسع في التفاصيؿ، وزوجتو تضيؽ بو، وتتمممؿ مف حديثو، وتشكو مف طوؿ السيرة، وتدعي التوعؾ، وتظير النعاس، وتطمب العودة إلى البيت، عمى حيف كاف العـ يستنكر فعؿ تمؾ المرأة، الطائشة، المعوب،

بأبشع النعوت، ويمحؽ بيا الشتائـ، ويزري بيا، وينعتيا وبأبوييا المذيف لـ يحسنا تربيتيا، وىو يظير غضبا وانفعاال شديديف، كما كانت الحماة ال تفتأ تشيد ببناتيا، وتثني عمييف، وتذكر زواجيف الموفؽ، وأخبلصيف ألزواجيف،

والزوجة خبلؿ ذلؾ تنفعؿ وتغتاظ. العـ حتى إذا انتيى الصير مف حكايتو سأؿ

قائبل:"مارأيؾ ياعمي بمثؿ ىذه الزوجة؟". فنيض العـ، وأقسـ اإليماف المغمظة أف مثؿ تمؾ الزوجة ال تستحؽ غير الطبلؽ، ولو أنيا كانت ابنتو أو زوجتو أو كنتو لطمقيا

عمى الفور. وعندئذ قاؿ الصير بيدوء:"ىي ابنتؾ وىي طالؽ"، فصعؽ

نتو كذلؾ، وثارت األـ، العـ، وذىؿ، ولكنو نفى أف تكوف ابوثارت األخوات، وأكد الجميع أف ابنتيـ ليست كذلؾ، ولكف الصير أكد ليـ أف تمؾ الحكاية ىي حكايتو ىو، ال حكاية

الصديؽ، وماعمييـ إال أف يسألوا ابنتيـ.

Page 118: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 008 -

ونظر الجميع إلى ابنتيـ، فصمتت، ثـ انفجرت كنو باكية، وركضت إلى زوجيا تقبؿ يديو، وتعتذر لو، ول

أكد أنو لف يقبؿ بغير حكـ أبييا فييا، وحكمو فييا قد صدر، وىي البد طالؽ، وقبؿ األىؿ بطبلقيا وتـ التفريؽ

بينيما. تعلق:

تكشؾ الحكاة بعض حاالت الزواج وانتهاءها بالتفرق، والسبب الظاهر هو كسل الزوجة وعدم قامها

ولكن بؤعمال البت وسوء معاملتها لحماتها وحمها،السبب الخف هو عدم تبلإمها مع حماتها وحمها، ومرجع

ذلك إلى عشهم جمعا ف سكن واحد.

إن لدى كل زوجة رؼبة ف أن تكون وحدها سدة البت، وال قبل بوجود من نافسها ف بتها وزوجها ومعشتها، وه حن تعش مع حماتها وحمها ف سكن

الخضوع والتخل عن واحد تضطر إما إلى التنازل وبعض سادتها على البت وإما إلى اصطناع الشقاق

والخصام والنكد، مما قد نته بها إلى الطبلق.

والحكاة تحمل الزوجة وحدها المسإولة عن النهاة المفجعة، وتقدمها ف صورة سلبة مدانة، لتبرر الطبلق،

بوة. وال تشر ف شء إلى مسإولة أي من الزوج أو أ

ولكؤن الحكاة موجهة إلى البنت قبل الزواج، ك تإكد لها ضرورة التعامل مع حماتها وحمها بما هو البق،

خبلفا لما تعاملت به تلك المرأة الت ف الحكاة.

ولكؤن الحكاة تخوؾ البنت من مصر الزواج المخفق، كما ترسم صورة منفرة للزوجة، لردع البنت

دخولها حاة الزوجة. سلفا، قبل

وثمة ذكاء واضح ف عرض الزوج مشكلته على حمه، وهوعرض ؼر مباشر، عماده الرمز والتلمح،

Page 119: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 009 -

وحمل كل المبررات االجتماعة التخاذ قرار الطبلق.

والحكاة قوة البناء محبوكة بعناة، والشخصات فها مرسومة بدقة، وإن كانت أحادة الجانب، ولعل ف

سر نجاح الحكاة، وقوة تؤثرها. هذا

وبلحظ أن الزوج ف الحكاة هو الولد الوحد ألبوه، مما دل على إثارة الحكاة مشكلة مثل هذا الولد، الذي علق أبواه كل حاتهما عله، وكون أملهما الوحد، وزد هذا من منافستهما للزوجة، كما زد بالنتجة تفاقم

المشكلة.

ذا أضا ماإكد دقة الحكاة ف اختارها وف هالعناصر والجزبات، وقوة ربط بعضها ببعض، لتقود إلى

نتجة منطقة.

دبح خؾت

يحكى أف شابا عزبا أنيى دراستو القانوف، وتسمـ منصب القضاء، في بمدة بعيدة عف بمدتو، وكاف تعيينو في

ظر في دعاوى الزوجات القضاء الشرعي، فكاف يقعد لمنوشكاواىف عمى أزواجيف، وفي كؿ يوـ تأتيو النسوة، يشكوف لو حماواتيف، وسوء معاممتيف، ومايكوف بيف مف

Page 120: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 021 -

خرؼ، ومف تدخؿ في شؤوف المنزؿ، ومف مضايقة ومعاندة، فيحكـ لمزوجات عمى األزواج.

ولكنو الحظ بعد حيف أف أكثر أسباب الدعاوى التي مى أزواجيف، ىي الحماوات، فشؾ في تقدميا النساء ع

األمر، وقاؿ:"ال يخمواألمر مف مبالغة"، فأخذ يتروى في حكمو ويتريث، خشية أف يكوف في رأيو شيء مف الجور، وىو شاب عزب، قميؿ الخبرة في أمور الزوجات والحماوات، ولذلؾ قرر أف يجرب األمر بنفسو، حتى يكوف

حكمو عف بينة. يف، وحيدا في البمدة، ال أحد لو فييا، وكاف يتيـ األبو

سوى مف تعرؼ إلييـ مف األصحاب، فطمب مف ىؤالء المساعدة عمى الخطبة والزواج، وماىي إال أياـ حتى اىتدى إلى فتاة توسـ فييا الخير والصبلح، فقرر خطبتيا، وقعد إلى والدىا يحدثو، فأخبره أف لو أما عجوزا، قد أسكنيا

ة في داره، وأنيا ال تغادر غرفتيا ألبتو، في غرفة، خاصفيي قعيدة، تظؿ أبدا أماـ النافذة، تصمي هلل، وتسبحو، وأنو ال يكمؼ زوجتو مف أمرىا شيئا، فيو يتكفؿ أمر إطعاميا حيف يعود إلى البيت، ووافؽ الوالد عمى الخطبة، وعقد

القراف ثـ صار الزفاؼ. ريف أف يصنع لو وكاف الشاب قد أوصى أحد النجا

دمية مف خشب، عمى ىيئة امرأة عجوز، وأف يجعؿ رأسيا عمى نابض، يتيح لو الحركة المستمرة، وقد حمؿ ىذه

Page 121: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 020 -

الدمية، ووضعيا في غرفة خاصة، في داره، وجعميا تجاه النافذة، ثـ وضع عمى رأسيا مبلءة بيضاء، وجعميا في

ىيئة مف يصمي هلل، ويسبح. ، قاؿ وبعد انتياء أياـ ا لزواج األولى، وفي صباح يـو

لزوجتو، قبؿ أف يخرج إلى عممو: ىذه ىي أمي، ترينيا مف وراء زجاج النافذة، ال تخرج إليؾ، وال تذىبيف إلييا، وأنا أتكفؿ بيا حيف أرجع"، فقالت لو زوجتو:"ال تقمؽ، إف أمؾ ني أخدميا بعيوني مثؿ أمي، بؿ ىي أغمى عندي، وا

ا، ثـ تركيا، وخرج. "فشكر ليا عواطفيولما عاد في المساء، سأؿ زوجتو عف أمو، فأجابتو: "لقد سررت بيا السرور كمو، فوجييا يفيض تقوى وورعا، وبركاتيا تحؿ عمى الدار،وكـ أتمنى لو تنزؿ إلي لمتسمي معي"، فقاؿ ليا الزوج: "ال، دعييا لصبلتيا وعبادتيا"، ثـ

ندىا بعض الوقت، استأذنيا، ومضى إلى أمو، فأمضى ع ثـ خرج.

، قبؿ أف وكاف ىذا دأبو، يوصي زوجتو بأمو كؿ يـويخرج، ويسأليا عنيا حيف يعود، وكانت زوجتو تمدح أمو، وتثني عمييا، ولكنيا شيئا فشيئا أخذت تضيؽ بيا، وتتذمر، وتبدي عجبيا مف طوؿ مكثيا أماـ النافذة، وعدـ مغادرتيا

سيا الذي ماتنفؾ تيزه، ال لموضعيا، كما أنيا ضاقت برأتفتر وال تتعب، وكاف زوجيا يجيبيا بما يقنعيا، فتصمت

مكرىة.

Page 122: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 022 -

وذات يوـ كاف الطعاـ الذي أعدتو زوجتو كثير الممح، بشكؿ ال يطاؽ، فعاتبيا في ذلؾ، فقالت لو: "ال تعاتبني، ولكف عاتب أمؾ، فقد نزلت ىذا اليوـ مف غرفتيا، وتدخمت

ي التي وضعت الممح في الطعاـ، وقد في أمر الطبخ، وىقمت ليا إنؾ التحب الممح الكثير في الطعاـ، ولكنيا رفضت إال أف تضع الممح ىي بنفسيا". وماكاف مف الزوج

إال أف وارى امتعاضو وصمت. وفي يوـ آخر، رجع إلى البيت، فوجدىا لـ تنتو مف الغسيؿ الذي كانت قد بدأت بو قبؿ خروجو في الصباح،

اتبيا في ذلؾ، فقالت لو: "إف أمؾ قد نزلت ىذا اليـو فعأيضا، وأخذت تتدخؿ في كؿ شيء، تطمب مني أف أغسؿ كؿ قطعة مرتيف وثبلثا، فتأخرت في الغسيؿ، وماكاف مف

الزوج إال أف وارى غضبو، وصمت أيضا. وىكذا أخذت الزوجة، كمما أخطأت في شيء، أو

اتيا، وكانت في كؿ قصرت، تمقي السبب في ذلؾ عمى حممرة ترتاح إلى ذلؾ وتفرح، إذ تظف أف زوجيا قد صدؽ ادعاءىا، وأنيا نجت مف الموـ والعتاب، وتظف أنو يدخؿ

عمى أمو فيموميا ويعاتبيا. وكانت في كؿ مرة تعمد إلى الكيد لحماتيا، فتشير إلييا بيدييا ورأسيا إشارات تقمدىا فييا، وتريد إغاظتيا،

ت تزداد ىي نفسيا غضبا وغيظا، حيف ترى ولكنيا كانحماتيا ال تغضب، وال تكؼ عف ىز رأسيا، في ثبات

Page 123: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 023 -

واستقرار. وذات يوـ رجع الزوج إلى البيت، فرأى زوجتو تبكي، وتمطـ وجييا، فسأليا عف أمرىا، فانفجرت صائحة بغضب: "أمؾ، أمؾ، انظر إلييا، إنيا تكيد لي، وتغيظني

لزوج تيدئتيا، ولكنو لـ يفمح، وأصرت بيز رأسيا". وحاوؿ ا عمى الذىاب إلى أىميا، لتشكو األمر إلى أبييا.

وماكاف مف الزوج إال أف استجاب إلى طمب زوجتو، فأخذىا إلى أىميا، فروت ألبييا ماتعانيو مف مضايقة حماتيا وكيدىا، وحاوؿ الزوج الدفاع عف أمو، وتأكيد

جادة صبلتيا، ولكف صبلحيا وتقواىا، وأنيا ال تغادر ساألب لـ يستجب لقولو، وغضب البنتو، غضبا شديدا، ثـ قاؿ لو:"إف أمؾ تغيظ ابنتي، وتكيد ليا، وأنا لف أردىا إليؾ إال إذا خرجت أمؾ إلى بيت خاص، بعيد عف بيت ابنتي". وأخذت الزوجة تبكي وتندب، وتبالغ في األمور، حتى إنيا

أبي أف حماتي قد أقدمت قالت ألبييا:"وال أخفي عنؾ ياعمى ضربي وشد شعري، وتمزيؽ ثيابي، وىذه آثار أظافرىا في جسمي". وىنا أظير الزوج غضبا شديدا، وفزع لزوجتو، وىب واقفا، ثـ قاؿ: "واهلل ماكنت أعرؼ بمثؿ ىذا مف قبؿ، وأنا ال أقبؿ بو مف أمي، وأنا ذاىب اآلف لقتميا والخبلص

وخرج. منيا" ، وفتح الباب ولحقت بو زوجتو، ووالدىا، فأدركاه، وىو يحمؿ عصا غميظة، وييـ بالدخوؿ بيا عمى أمو، فتوسموا إليو أال يفعؿ،

Page 124: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 024 -

وذكراه بأنيا أمو، وأنو قاض يعرؼ الحبلؿ والحراـ، ولكنو بالغ في إظيار غضبو، واندفع داخبل عمى أمو، فدخبل

طار الرأس، وراءه، وىوى بالعصا الغميظة عمى الدمية، ف ونفر النابض، وسقطت المبلءة، وباف الخشب.

ثـ مضى بعد ذلؾ إلى المحكمة وأصدر حكما بطبلؽ زوجتو، بصفتو قاضيا، ثـ أعمف استقالتو ، وتخميو عف القضاء، وندـ عمى ما أصدر مف قبؿ مف أحكاـ، ظمـ فييا أزواجا كثيريف، حيف صدؽ شكاوى زوجاتيـ مف حماواتيف.

تعلق:حكاة طرفة، ذات بعد اجتماع، ال تخلو من مبالؽة،

بقصد قوة اإلقناع والتؤثر.

وه مبنة على العداء المستحكم بن الحماة وكنتها، بسبب رؼبة الزوجة، دابما ف االستقبلل بعشها وحاتها وسكنها، وتدخل الحماة دابما ف شإون كنتها، والسما

حن تشاركها السكن.

الحكاة قدر ؼر قلل من المبالؽة، لتوضح وف شخصة الكنة الت تضق ذرعا بحماتها، وتعمق مبلمحها وترسخها، والحكاة تمل إلى تحمل الكنة المسإولة كلها، بل تبالػ فتجعلها أسرة الوهم، كما تدفع بها إلى

الكذب، ك تدنها.

فة وفكرة الدمة من خشب تمثل الحماة، فكرة طرجدا، وه الت منحت الحكاة تمزها وخصوصتها،

وه ال تخلو من ذكاء.

والحكاة موجهة على مابدو لؤلزواج الشباب تحثهم على التنبه والروة والقظة، وتضرب لهم مثبل قوا بشاب

ؼر.

Page 125: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 025 -

ورجح أن تكون الحكاة من صنع حماة تؤذت من كاذبة الواهمة المبالؽة كنتها، وفاصطنعت ذلك المثل للكنة ال

ف تذمرها من حماة ال تإذها ف شء، ولست إال دمة.

وثمة فكرة ثانوة تستفاد من الحكاة، وه ضرورة خبرة الحاة وأهمتها حث التنفع الدراسة وحدها، وقد بدا

ذلك واضحا ف شخص القاض الشاب.

فا، ومهما كن، فالحكاة تعكس واقعا اجتماعا متخلتشؽله قضاا الحماة والكنة، وتستنفد طاقاته، وتمثل مشكلة

كبرة من مشكبلته.

Page 126: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 026 -

ػجخ األضشاط

يروى أف ابف أحد التجار كاف والده قد أرسمو في تجارة، إلى ببلد بعيدة، ليكسب رزقا، وليتعمـ أصوؿ التجارة،

ما إف ويتعرؼ إلى الببلد والعباد، وكاف فتى شابا، عزبا،نزؿ في إحدى المدف، حتى قادتو خطاه إلى المبغى، ولما كاف ابف التاجر، يحمؿ معو كيس نقود، فقد استطاع أف ينتقي أجمؿ العاىرات ويمضي ليمة معيا، ينفؽ عمييا، بكـر

وسخاء. يبدو أف العاىرة قد وجدت فيو بعض ماتصبو إليو،

ت أف تأخذ فقبمت منو كؿ ما أنفقو في ليمتو، ولكنيا رفضما اتفقت عميو معو مف أجر، وتوسمت إليو أف يعود إلييا في المساء، وكاف الفتى قد أعجب بيا، بؿ فتف وسحر، فيي المرأة األولى التي يتعرؼ إلييا، وقد وجد فييا كؿ ماال

يعرفو في المرأة، فوعدىا أف يجيء. ولما كاف المساء، أنيى عبلقاتو مع التجار، وأسرع

غى، محمبل باليدايا، فاستقبمتو، خير استقباؿ، إلى المب

Page 127: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 027 -

ورحبت بو، خير ترحيب، وأمضيا الميمة معا، ولما كاف الصباح قالت لو ماقالتو باألمس، فأجابيا عمى سؤاليا،

ولبى رغبتيا. واستمر الحاؿ بالفتى، عمى ىذا المنواؿ، أشيرا طواال،

ف لـ أصبح فييا خديف العاىرة، وقد محضتو ىي الحب، وا تستطع أف تمحضو الوفاء، وقد عرفتو إلى كبار التجار مف رواد المبغى، وساعدتو في سيرورة تجارتو ورواجيا، وتوسطت لو لدى أصحاب الخانات، حتى كبرت تجارتو

واتسعت، وزادت أموالو ونمت. ، وصمو نبأ بمرض والده، ودعوتو لو ولكف ذات يـو

قبؿ وفاتو، فاغتـ لمنبأ، إلى العودة إلى ببلده، كي يراه واكتأب، خوفا عمى أبيو مف طرؼ، وحزنا لفراؽ خدينتو، مف طرؼ آخر، ولكنو اضطر لمرحيؿ، فحمؿ بضائعو عمى الجماؿ، وجمع أموالو في األكياس، ولـ ينبئ خدينتو إال قبيؿ الرحيؿ، فأوقؼ الجماؿ، ومر بيا يودعيا، فأظيرت

وف مف بعاد، ولكنو وعدىا حزنا لفراقو، وألما لما سيكبالعودة، فور شفاء والده، وأكد ليا أنو رجؿ أسفار، فطمبت منو أف يقدـ إلييا شيئا تذكره بو، فسأليا أف تطمب ماتريد، فمو سألتو بضائعو وجمالو وأموالو، لمنحيا إياىا، وما أبقى غير راحمتو، ولكنيا أكدت لو أنيا ال تطمع في شيء، وال

د مف أضراسو، لمذكرى، ومد يده إلى ضرسو، تريد سوى واحوشده بقوة، وقدمو إلييا، فأخذتو منو شاكرة، وودعيا

Page 128: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 028 -

ومضى، وىو يحمـ بالعود القريب. ولما بمغ ببلده، ألفى والده عمى فراش الموت، ولـ يطؿ بو المقاـ قربو، حتى وافاه األجؿ، فكفنو، وواراه التراب، ثـ

كبير التجار، مؤل حؿ محؿ والده في السوؽ، وأصبحالسوؽ ببضائعو، وتقاطر إليو التجار مف كؿ حدب وصوب، وأموالو ماتفتأ تنمو تزيد، وتجارتو تتسع، حتى

مؤلت اآلفاؽ. وكاف في أثناء ذلؾ يذكر خدينتو، ويحف إلييا، ، بعد عاـ ويشتاؽ، ويفكر في الرحيؿ إلييا، حتى كاف يـو

د، وما إف نزؿ أو بعض عاـ، حمؿ بضاعتو إلى تمؾ البمفييا حتى أسرع إلى المبغى، وكاف الوقت مساء، فقرع عمى خدينتو الباب، فأطمت عميو مف نافذة غرفتيا، تسألو عما يريد، فدىش، وقاؿ ليا:"أنا فبلف"، فمـ يظير عمييا تأثر ما، وسألتو ثانية عف غايتو، فزاد عجبو، وحسر عف رأسو

غب عنؾ سوى عاـ، عمامتو، وقاؿ ليا: "أنا فبلف، لـ أوبعض العاـ"، فمـ تجب بشيء، فألح عمييا، وذكرىا بما كاف بينيما مف حب ووصاؿ، فازداد إنكارىا، ثـ لـ تمبث أف سألتو إف كاف يستطيع أف يذكرىا بداللة أو إشارة أو عبلمة تعرفو بيا، فقاؿ ليا: "نعـ، نعـ، ضرسي، قدمتو لؾ قبيؿ

تظر قميبل"، فخفؽ قمبو، الرحيؿ"، فضحكت ثـ قالت: "انوفرح، وأدرؾ أنيا البد ستعرفو، ووقؼ ينتظر، ثـ فتح الباب، وظيرت لو ىي نفسيا، ولكنيا متبدلة، مربدة الوجو،

Page 129: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 029 -

فاضحة الثياب، ومدت لو يدىا بعمبة، وىي تقوؿ لو:"خذ، افتحيا"، وتناوؿ منيا العمبة، مدىوشا، وىو ينظر إلييا،

ذا ىو أماـ كومة مف ولياف، ثـ فتح العمبة، بيد مرتعشة، وا األضراس، فدىش، وعبله الخباؿ، ونظر إلييا فاغر الفـ،

ال يعي مايقوؿ. تعلق:

حكاة تربوة، ذات بعد اجتماع، تتوجه إلى الشباب، والسما األؼرار، ك تحذرهم من المومسات، وتنصح

لهم.

والحكاة تنجح ف تصور الشاب الؽر، وانساقه ء متعه وملذاته، وانخداعه بكبلم العاهرة، بسبب قلة ورا

خبرته، كما تنجح ف اختاره من وسط التجار األؼناء، وتقدمه ؼنا قادرا على اإلنفاق.

والحكاة ال تدن شخص العاهرة، بقدر ماتدن موقعها االجتماع، وتؽررها بالشباب، وإفسادها لهم، كما تكشؾ

ها وتضللها، وتنجح ف اختار علبة الحكاة أسالب خداعاألضراس رمزا لخداعها الرجال وعدم وفابها، وقد منحت هذه العلبة الحكاة بعدها الفن، وكانت المحور الذي بنت

عله.

والحكاة التخلو من جرأة، ولكنها موظفة لؽاة نبلة، وه تحذر الشباب، والحرص على إبعادهم عن مواطن

الرذلة.

والحكاة تعبر عن واقع اجتماع متخلؾ، نتشر فه البؽاء، كما تكشؾ بصورة ؼر مباشرة عن واقع التجار ورواج بضاعتهم وكسب األموال من خبلل عبلقات كون

للعاهرة فها دور.

ومهما كن، فالحكاة قوة التؤثر واإلقناع، وشخصاتها قللة، وه مرسومة بدقة والتطور فها

Page 130: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 031 -

ول مدروسان بعناة. والتح

Page 131: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 030 -

روبء اضوجبد

يحكى أنو كاف إلحدى األسر الفقيرة ثبلث بنات، وكف عمى قدر كبير مف الجماؿ، ولكف لـ يكف عمى مثؿ ذلؾ القدر مف الذكاء، وقد تـ زواجيف جميعا باكرا، واحدة إثر األخرى، وكاف زوج األولى سمانا، وزوج الثانية بائع

وزوج الثالثة بائع حناء، وقد سعدت كؿ واحدة صابوف،منيف في األياـ األولى مف الزواج، وىنئت باىتماـ زوجيا بيا، وتمتعت بما يممكو مف وسائؿ الغنى والترؼ، مما لـ

تحظ بو مف قبؿ في بيت أىميا. ، ويطمب ()وكاف زوج األولى، السماف، يحب المامونية

امونية، حتى أنيا ممت منيا أف تعد لو كؿ صباح صحف موضجرت مف تكرار الطبخ، كؿ يوـ، ففكرت، ثـ اىتدت إلى حؿ، وكاف زوجيا قد اختزف في الدار أكياسا مف الدقيؽ والسكر وصفائح مف السمف، مما يبيعو في دكانو، فعمدت إلى ماكاف اختزنو، فأفرغت أكياس الدقيؽ في البئر التي

انأيىنية : نىع ين انطعاو، يصهح نهفطىر، تشتهز به يذينة حهب، ويصنع ين (0)

)انذقيق انخشن(. انسن وانسكز وانسيذ

Page 132: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 032 -

لسكر، ثـ صبت في الدار، ثـ أفرغت بعدىا أكياس اصفائح السمف جميعا، ثـ أخذت تخبط الدلو في البئر خبطا، وفي الصباح كالعادة، طمب منيا زوجيا أف تييئ لو صحف مامونية، فأسرعت إلى البئر، وسحبت الدلو، فسأليا زوجيا عما تفعؿ، فطمبت منو أف ينتظر، ثـ صبت الدلو

ماذا في الصحف، وقدمتو لو، ونظر فيو، ثـ سأليا: "فعمت؟!"، فأجابتو: "لقد مممت مف طبخ المامونية كؿ يوـ، فطبخت لؾ منيا في البئر ماال ينفد، تأكؿ منو كؿ صباح"، وأسرع الزوج إلى غرفة المؤونة، لينظر إلى ماكاف قد اختزنو مف السمف والسكر والدقيؽ، فوجد الغرفة فارغة،

ى فعرؼ ماصنعت، وما كاف منيا إال أف صحبيا معو إلبيت أىميا، في المساء، وقعد إلى أميا وأبييا يحدثيما عما فعمت، فأنكرا عميو شكواه، وال ماه، وحمدا البنتيما ذكاءىا، وأثنيا عمييا، واتيماه بسوء الفيـ، وقمة التدبير، وعاتباه،

وعنفاه، فغضب، وترؾ زوجتو، وخرج. أما االبنة الثانية، التي كاف زوجيا بائع صابوف، فقد

الحظت أف فناء الدار مايزاؿ ترابيا، غير مرصوؼ ، كما كانت تعاني بالببلط، وكانت تتعب في كنسو كؿ يـومف الغبار الذي تثيره الريح، ففكرت، وتأممت في أكياس الصابوف المودعة في إحدى الغرؼ، ثـ مالبثت أف اىتدت إلى حؿ ذكي، فعمدت إلى أكياس الصابوف، وأخذت تفرغيا

في فناء الدار، ثـ أخذت تصؼ قطع الصابوف في جميعا

Page 133: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 033 -

أرض الدار، وترص بعضيا إلى جانب بعض، حتى فرشت أرض الدار، جميعيا، ولكف السماء لـ تمبث أف تمبدت ، وزمجر الرعد، وىطؿ المطر، ولما كاف المساء بالغيـودخؿ الزوج، عائدا مف عممو، وما إف وضع قدمو عمى

قع عمى قفاه، وحاوؿ النيوض، أرض الدار حتى انزلؽ، وو فانزلؽ ثانية ووقع، وتنبو إلى األرض، فوجدىا مفروشة بالصابوف، فعجب لؤلمر، ونادى زوجتو، فأسرعت إليو، ولكنيا قبؿ أف تبمغو، وقعت ىي األخرى، ثـ نيضت بصعوبة، ولما سأليا عما فعمت أخبرتو أنيا بمطت فناء

إال أف أخذىا إلى بيت الدار، فأدرؾ مافعمت، ثـ ماكاف منو أىميا، ليشكو لوالدييا فعميا، ولكف والدييا دافعا عف ذكائيا، وحسف تدبيرىا، واتيماه باإلنكار وسوء النية، فترؾ زوجتو وخرج، وقعدت االبنة الثانية، إلى جانب أختيا، تعيد كؿ منيما عمى األخرى قصتيا، وتتبادالف المديح، وتذكراف

ىـ زوجاتيـ. األزواج، وسوء تقدير أما االبنة الثالثة، وكاف زوجيا بائع حناء، فإنيا الحظت مع قدوـ فصؿ الشتاء أف سقؼ بيتيا ما إف تسقط بعض حبات المطر حتى يكؼ، فخرجت إلى السطح، فوجدت فيو بعض الشقوؽ، فتأممت فيو وفكرت، ثـ اىتدت إلى حؿ، وماكاف منيا إال أف عمدت إلى أكياس الحناء

ف يختزنيا زوجيا في البيت، فحممتيا إلى السطح، التي كاوأخذت تفرشو بيا، وتنديو وترصو، وتسد بو الشقوؽ، وىي

Page 134: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 034 -

تحسب أنيا تطميو باإلسمنت، وتموـ زوجيا في سرىا، وتتيمو بقمة الذكاء، ولما انتيت، نزلت مف السطح، مزىوة ، وقصؼ بمافعمت، ولكف السماء لـ تمبث أف تمبدت بالغيـو

د، وىطؿ المطر غزيرا، وفي ىذه األثناء رجع زوجيا الرعإلى البيت، ولما دخؿ إلى الدار، رأى الحناء تسبح في الفناء، مع المطر المنساب، ولما سأؿ زوجتو عما فعمت، أخبرتو مزىوة، فأدرؾ مبمغ خسارتو، وماكاف منو إال أف مضى بيا إلى أىميا، وأخبر والدييا وأختييا، بما فعمت،

الجميع بذكائيا، وأنكروا عميو سوء تقديره، والموه ففرح وعنفوه، فترؾ زوجتو، وخرج.

وانضمت البنت الثالثة إلى أختييا، ومضت كؿ واحدة منيف تعيد عمى األخرى حكايتيا، آسفات عمى ذكائيف، وحسف تدبيرىف، ناعيات عمى األزواج الذيف ال يقدروف

ذكاء الزوجات. تعلق:

ة طرفة، ؼالبا ماتروى على سبل حكاة اجتماعالمزاح والتسلة، وه ناجحة ف فن السخرة وإثارة

الضحك، ولكنها ال تخلومن دالالت اجتماعة.

ولعل أول ماتدل عله هو جهل المرأة، وحرمانها من التعلم، وزواجها ف وقت مبكر، مما قودها إلى أفعال

و االمر ف ومواقؾ لست ناجمة عن ؼباء، كما بد الظاهر، وإنما ه ناجمة ف الحققة عن قلة خبرة.

كما بلحظ أن األخوات الثبلث هن من أسرة فقرة،

Page 135: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 035 -

وقد تم تزوجهن إلى ثبلثة رجال أؼناء، تاجر سمن، وتاجر صابون، وتاجر حناء، فكان هإالء الرجال قد اشتروا الزوجات الفقرات بؤموالهم، فعمدت الزوجات إلى

أموال األزواج المكدسة انتقاما. تبدد

وال بد من أن بلحظ أضا دافع الزوجات إلى مافعلن، أال وهو شح نفس األزواج، على الرؼم من ؼناهم، فؤحدهم لح على طعام واحد الكاد ؽره، واآلخر الطل سطح بته ماجعل الماء كؾ منه، والثالث ال فرش فناء داره

للتحول إلى طن. بالببلط مما عرضه

وهذا كله إكد أن الزوجات لم فعلن مافعلن عن ؼباء، إنما عن ردة فعل على شح نفس األزواج وبخلهم.

كما تدل الحكاة على مجتمع ال تعمل فه المرأة، وتعش فه عالة على زوجها، وه التخرج من بتها، وال

د تتصل بالناس، ولذلك ال تحسن التصرؾ، وه تعان بعذلك كله من الطبلق، وتصبح بسببه قعدة البت، الهم لها سوى الثرثرة، واجترار الحدث عن أسباب طبلقها، لملء

فراؼات كثرة ف النفس والوقت والمجتمع.

وعلى كل حال فإن تصرؾ الزوجات ال خلو من مبالؽة، كما ال خلومن بعض الجهل وعدم الدراة وسوء

ح الحكاة طرافتها، وقدرتها على التدبر، وهذا مامن تحقق عنصر السخرة وإثارة الضحك.

وللحكاة رواات أخرى مختلفة، بلػ ف بعضها عدد الزوجات سبعا، لكل منهن حكاة مختلفة.

Page 136: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 036 -

دبح وى غش وخ

يحكى أف أما كانت قد ربت ابنا ليا وحيدا، بعد وفاة نحتو حبيا وعطفيا وحنانيا كمو، فقد أبيو، وعنيت بو، وم

كاف بالنسبة إلييا كؿ شيء في حياتيا، وشب ىذا االبف، وكبر، وكاف برا بأمو، وفيا ليا، يعمؿ دائما عمى إسعادىا،

ونيؿ رضاىا. ولما بمغ االبف مبمغ الرجاؿ، وآف لو أف يتزوج، عرضت عميو أف تخطب لو بعض مف تعرؼ مف بنات

نو اعتذر ليا، وطمب منيا تأجيؿ موضوع الجيراف، ولك زواجو.

ومرت األياـ، فعرضت عميو ثانية موضوع زواجو، فاعتذر ليا كذلؾ، وطمب تأجيمو، ولكنيا ظمت تمح عميو، وتحاوره، وتحاوؿ إقناعو، وىو يعتذر ويؤجؿ، حتى ضاقت أمو بو، فسألتو عف السبب الذي يمنعو مف الزواج، فمـ يرد

ولكنيا أصرت إال أف تعرؼ السبب، فأقر أف يعترؼ لنا، ليا بأنو ال يريد الزواج، مادامت ىي عمى قيد الحياة، إذ إنيا تكفيو مؤونة العيش، فيي تطبخ لو طعامو، وتغسؿ

Page 137: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 037 -

ثيابو، وتسير عميو في حالة صحتو ومرضو، وال يريد ليا كنة تعكر عمييا صفو عيشيا، فبلمتو أمو في ذلؾ،

ا ستسر بكنتيا، وستعيش معيا بأىنأ وعاتبتو، وأكدت لو أني مما تعيش اآلف، ولكنو رد عمييا ذلؾ كمو واعتذر.

ولكف األـ لـ تفتأ تحاوؿ إقناع ابنيا، بضرورة زواجو في حياتيا، وىو يعتذر ويؤجؿ، حتى كاف يوـ ذىبت فيو أمو في زيارة إلى بعض أقاربيا في الريؼ، ومكثت عندىـ

يابيا قرر ابنيا أف يوىميا، شيرا وبعض الشير، وفي غحيف تعود، بأنو قد تزوج، ليجربيا، ويختبر إمكاف عيش الكنة معيا، فمجأ إلى إحدى الغرؼ، فعمؽ الستائر عمى نوافذىا، مف الداخؿ، وجدد طبلءىا مف الخارج، ووضع

عمى بابيا قفبل، وأغمقيا. ولما رجعت األـ مف زيارتيا، فوجئت بما ناؿ تمؾ مف تغيير، فأخبرىا أنو تزوج في غيابيا، فغضبت الغرفة

وثارت، إذ كيؼ يتزوج مف غير أف تعرؼ ذلؾ، ومف غير أف يشاورىا في عروسو، بؿ مف غير أف تكوف ىي

خاطبتيا لو. وأجابيا االبف بما يقنع ويرضي، وأكد ليا أف عروسو جميمة وغنية، وذات حسب ونسب، فيي مف أسرة مرموقة،

ار التجار، فطمبت منو أف تراىا، وأف تدخؿ ووالدىا مف كبإلى غرفتو لترى مافرش فييا مف أثاث، فاعتذر ليا، ورجاىا أف تؤجؿ ذلؾ بضعة أياـ، وأكد ليا أنو ال يريد أف يكوف

Page 138: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 038 -

بينيا وبيف زوجتو في األياـ األولى مف الزواج لقاء، حتى ال يكوف بينيما فيما بعد خصاـ، وتوسؿ إلييا أف تنتظر

تستقر العروس في البيت، وتطمئف وظؿ يحاورىا في ريثماف لـ تكف مقتنعة. ذلؾ ويداورىا حتى سممت لو، وا

وفي اليوـ التالي ذىب االبف إلى عممو، وما إف ذىب، وحتى مضت الحماة إلى باب غرفة الكنة، وقرعت عميو قرعات خفيفة، ولكنيا لـ تسمع جوابا، فقالت: لعميا ماتزاؿ

رت بعض الوقت ثـ أعادت عمييا القرع، ثـ نائمة، فانتظأخذت تنادييا، وتعرب ليا عف حبيا وفرحيا وتمنييا أف تراىا، ولكنيا لـ تمؽ جوابا، فقالت: "لعميا ماتزاؿ تحس بالغربة، فؤلتركيا ىذا اليوـ، والبد أنيا ستحدثني غدا،

وستخرج إلي".يا، ولما كاف اليوـ الثاني أسرعت إلييا بعد خروج ابن

وأخذت تقرع عمييا الباب وتنادي، ولما لـ تمؽ جوابا، ضاقت بيا، وبدأ الغضب يتسمؿ إلى نفسيا، فأخذت تمـو وتعاتب وتعنؼ معرضة بكنتيا معيبة عمييا سفييا وعجبيا بنفسيا، وعدـ إجابتيا نداء حماتيا، ثـ تركتيا وقررت

شكايتيا البنيا في المساء. مساء شكت لو صمت زوجتو، ولما رجع ابنيا في ال

وعدـ إجابتيا نداء حماتيا، فتوسؿ إلى أمو أال تكمؼ نفسيا أمر الحديث معيا، ورجاىا أف تتركيا وشأنيا، فضاقت األـ

بموقؼ ابنيا، وصمتت عمى امتعاض واستياء.

Page 139: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 039 -

ولما كاف اليوـ الثالث أسرعت إلى غرفة كنتيا، بعد طا، وتنادييا، خروج ابنيا، وأخذت تخبط عمييا الباب خب

وتقذع ليا في القوؿ وتفحش، وتسبيا وتشتميا، وتؤكد ليا أنيا ليست دونيا في األصؿ أو الجماؿ، ولما لـ تسمع منيا جوابا، أدركت أف كنتيا تريد بصمتيا إغاظتيا والكيد ليا، فانفجر غضبيا وأخذت تعوؿ وتبكي وتنادي الجيراف كي

وتضربيا، ثـ تدخؿ إلى يروا إلى الكنة التي تشتـ حماتيا غرفتيا، وتغمؽ عمى نفسيا الباب، وال تأبو بأحد.

وأسرعت الجارات إلييا، فرأينيا ممزقة الثياب، مقطعة الشعر، ممطمة الخديف، فاستنكرت الجارات ذلؾ، وأدركف أف الكنة ىي التي ضربت حماتيا، فأرسمف عمى الفور وراء

مو. االبف كي يحضر، ويرى مافعمت زوجتو بأودخؿ الزوج، فتمقتو الجارات بالموـ والعتاب والتعنيؼ، إذ كيؼ يسمح لزوجتو بأف تجرؤ عمى أمو، وعبف عميو عدـ وفائو ألمو التي ربتو خير تربية، وتعبت ألجمو،

وضحت. وكاف الزوج يسمع ذلؾ كمو وىو صامت ال ينطؽ

بشيء، حتى أنيت النسوة كؿ ما لدييف مف عتاب ولوـ، أعطى مفتاح الغرفة ألمو، وطمب منيا أف تدخؿ وعندئذ

عمى زوجتو، مع النسوة، ليؤدبنيا، ولما فتحت أمو الباب ودخمت، ودخمت وراءىا النسوة، ذىمت األـ، وذىمت النسوة،

ثـ نظرف جميعا إلى األـ، وخيـ الصمت.

Page 140: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 041 -

تعلق: حكاة طرفة، ال تخلو من مبالؽة وإدهاش، ولكنها

سة اجتماعة، تتمثل ف ؼرة الحماة تدل على حققة نفمن كنتها، ورؼبتها ف معرفتها حق المعرفة، وأن تتدخل ف أمور حاتها، وأن كون لها دور أساس ف اختارها وترتب أمور بتها وعشها وحاتها، وه جمعا ظواهر اجتماعة تدل على ؼاب استقبلل الفرد، كما تدل على

ق ذاتها، وه صبة شابة ف ظل حرمان المرأة من تحقزوجها، ثم تسعى بعد ذلك إلى تحقق ذاتها بقوة ف كهولتها ف ظل ابنها، وكون ذلك التحقق لذاتها على حساب كنتها، وبقدر كبر من التدخل ؼرة وانتقاما، ولكن بصورة ؼر واعة، وبدعوى رؼبتها ف تحقق مصلحة

ولدها.

، وتدنها، وتكشؾ دواخلها، والحكاة تفضح الحماةوه مثال نادر ف الحكاات الشعبة، إذ سعى معظمها

إلى إدانة الكنة بخبلؾ هذه الحكاة.

وتبدو الحكاة قوة البناء، قوة التؤثر، وه ال تخلو من ذكاء، وحسن اختار للعناصر والجزبات والشروط،

ود لها ف ولعل أبرزها فكرة الكنة المتوهمة والت الوج الحققة، وه فكرة ذكة، وعلها بنت الحكاة.

ولعل الحكاة من صنع كنة أرادت أن تتوجه بها إلى كل حماة، وه ف األحوال كلها تدل على مجتمع متخلؾ، تطؽى فه مشكلة الحماة والكنة، وتدل على ؼاب الحرة

ة. الحققة للجمع، سواء ف ذلك الزوج والكنة والحما

Page 141: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 040 -

اىأط واذ

يحكى أف أحد المموؾ سمع بجماؿ زوجة وزيره، وحسنيا الباىر، فثارت في نفسو الرغبة في لقائيا، فادعى ذات يوـ المرض، وأرسؿ إلى الوزير يسند إليو أمور الحكـ، ويعتذر عف النزوؿ إلى الديواف، ثـ خرج مف القصر سرا،

ومضى إلى بيت الوزير. شت زوجة الوزير لزيارة الممؾ، ولكنيا مضطرة إلى ودى

الترحيب بو، وىمت أف تطمب مف الخدـ أف يييئوا لو جناحا خاصا بو، ولكنو رجاىا أف تبقي زيارتو سرا، وأال تخبر بيا أحدا، ثـ طمب منيا أف تضيفو في غرفة زوجيا، فقادتو إلى

حيث طمب، وىيأت لو أطايب الطعاـ والشراب. الممؾ يتبسط شيئا فشيئا في الحديث معيا، ويثني وأخذ

عمى أثاث غرفة زوجيا، وحسف إعدادىا الطعاـ، ثـ أخذ يثني عمييا ىي نفسيا، ويعرب عف حسده لوزيره عمى

تنعمو بجماليا. ثـ طمب منيا أف تسمح لو باالتكاء عمى فراش

Page 142: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 042 -

زوجيا، فاضطرت إلى السماح لو بذلؾ، فاتكأ عميو، دـ لو مالذ مف الفواكو، تريد إشغالو بالطعاـ، عما وأخذت تق

في نفسو مف غرض، أدركت أنو يسعى إليو. ثـ طمب منيا أف تحضر لو كأس شراب، مشعشع بالثمج، فأحضرت لو كأس مف زجاج فخـ رقيؽ شفاؼ، فأبدى إعجابا شديدا بالكأس، وقد تناولو منيا بمنديمو

ورمت بو عمى الفور إلى الخاص، ثـ أعاده إلييا، فتناولتو، األرض، فتحطـ، وتناثر زجاجو.

ودىش الممؾ لما فعمت، وسأليا عف سبب ذلؾ، فأجابت: "بعد أف تشرب منو السباع، ال يجوز أف تمغ فيو الكبلب"، فثار غضب الممؾ، ونيض عمى الفور، ومضى

خارجا، ال يموي عمى شيء. لوزير وبعيد العصر، فض الديواف في القصر، ورجع ا

إلى بيتو، فطمب الطعاـ والشراب ثـ قصد إلى فراشو ليناـ، فعثر بمنديؿ الممؾ، فدىش، ولكنو كظـ مابنفسو، وخبأ المنديؿ في مكاف أميف، وقرر أف ييجر زوجتو، ولـ

يصارح باألمر أحدا. ومرت األياـ، والوزير والممؾ في القصر يمتقياف،

كؿ منيما نظرات اآلخر. يسيراف معا أمور الببلد، ويتجنب وامتدت األياـ، فإذا ىي أشير، تكاد تصير إلى عاـ، ضاقت فييا نفس الزوجة، فشكت أمرىا إلى أخييا، وحدثتو

Page 143: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 043 -

بماكاف مف زيارة الممؾ، كما حدثتو عف ىجر زوجيا ليا، ورجتو أف يرفع األمر إلى الممؾ والوزير، وىي ال تعمـ مف

خييا براءتيا. أمر المنديؿ شيئا، وقد أكدت ألوقصد شقيؽ الزوجة القصر، وطمب اإلذف في المثوؿ أماـ الممؾ والوزير، ولما صار أماميما وجد رجاؿ القصر حاضريف، وفييـ كبار القضاة والعمماء والقادة، فحار في أمره، كيؼ يعرض الموضوع عمى المؤل، وتردد، ولكنو لـ

الوزير أفضؿ يمبث أف تحدث إلى الممؾ، فقاؿ: " لقد أجرتبستاف، كثير األشجار، طيب الثمار، فصد عنو، وقابمو

باليجراف.".وأدرؾ الوزير مراده، فرد عمى الفور، قائبل لو:

"بستانؾ داسو مف داس، فخرب فيو األساس.". وفطف الممؾ إلى المقصود بذلؾ كمو، فقاؿ: "ماداسو

أحد، ولكف مر في سمائو نسر، والبستاف مافسد". وانتيى المقاء، وعاد كؿ إلى بيتو.

وواصؿ الوزير زوجتو، واطمأف إلى براءتيا، ووصفت نفسو نحو الممؾ، وأخذت نظرات كؿ منيما تمتقي بنظرات اآلخر، وال ترتد، والسيما بعد أف أعاد الوزير إلى الممؾ

المنديؿ. تعلق:

تدل الحكاة على براءة المرأة ونقابها، وقدرتها على

Page 144: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 044 -

ن نفسها، ودرء كل ماحط بها من مكر، بفضل صوذكابها وحسن تدبرها، كما تدل على ماف قصور الحكام من فساد، إذ ال تورع الملك عن محاولة تدنس عرض

وزره، بل سعى إلى ذلك عن قصد، وسبق إصرار.

والحكاة تعتمد على الرمز، واضحة مباشرة سواء ن شقق الزوجة وكل من بن زوجة الوزر والملك، أو ب

الملك والوزر.

والحكاة ذات هدؾ تربوي تعلم، فه تزرع الثقة ف نفس المرأة، كما تنبه الذهن على الرموز وطرق

استخدامها.

Page 145: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 045 -

ث ازهت

كاف ألحد الرجاؿ بنت وحيدة، ذات جماؿ باىر، رباىا الزواج، خير تربية، ونشأىا أفضؿ تنشئة، ولما بمغت سف

أخذت الخاطبات بالتوافد عمييا، ولكنيف كف يرجعف خائبات، ألف والدىا كاف يطمب فييا وزنيا ذىبا، فانصرفت

الخاطبات عنيا، وأصبحت ال يطرؽ بابيا أحد. وذات يوـ تقدـ إلى خطبتيا شاب أعمف عف استعداده لدفع مايعدؿ وزنيا ذىبا، عمى شرط أف يأذف لو أبوىا

إلى بمده، فيو غريب، وأال يسأؿ بعدئذ عف باصطحابياابنتو أبدا، فوافؽ األب ودفع الشاب مايعدؿ وزف البنت

ذىبا، ثـ ارتحؿ بيا إلى بمده. وتـ الزواج مف غير احتفاؿ وال زوار وال مينئيف، وأقامت الزوجة في بيت زوجيا ىانئة مسرورة بما يوفره ليا

كاف يخرج كؿ يوـ إلى زوجيا مف أسباب الراحة والنعيـ، و عممو في الصباح، يقفؿ الباب عمييا، وال يرجع حتى

المساء، وكانا ال يزورىما أحد، وال يزوراف أحد.

Page 146: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 046 -

ومرت األياـ، فحممت الزوجة، وتتابعت الشعور، فوضعت ولدا،وىي في الدار وحدىا، مف غير أف يعينيا ـ أحد، أو تشرؼ عمييا قابمة، فتكفمت بكؿ شيء بنفسيا، ث

رجع زوجيا في المساء مف عممو، فرأى الطفؿ الوليد، فحممو وخرج بو، ثـ رجع مف غيره، فسألتو الزوجة عف طفميا، فأجابيا بأنو قد باعو، ثـ أكد ليا أنو سيبيع كؿ ولد تضعو، حتى يسترد الثمف الذي دفعو فييا، فغصت الزوجة

بدموعيا، ولـ تجب بشيء. ذا الزوجة قد حممت ومرت األياـ، وتمتيا الشيور ، وا

ثانية، ثـ وضعت طفبل ثانيا، ففعؿ الزوج مافعمو مف قبؿ بالولد األوؿ.

ومرت شيور أخرى، حممت فييا الزوجة مرة ثالثة، ثـ وضعت بنتا تشبييا في حسنيا وجماليا، ودخؿ عمييا الزوج، فتوسمت إليو زوجتو أف يترؾ الطفمة ليا كي تأنس

زوج لـ يباؿ بيا، فحمؿ الطفمة وخرج بيا وتتسمى، ولكف ال بيا، ثـ رجع مف غيرىا، ليخبرىا بأنو قد باعيا أيضا.

وغصت الزوجة بدمعيا، ولـ تجب بشيء، ولكنيا قررت أف تمنع نفسيا مف الحمؿ، حتى ال يكوف مصير األوالد اآلخريف مصير مف سبؽ، وظمت عمى ىذه الحالة

في الصباح، مف الصبر والصمت، يخرج زوجيا كؿ يوـفيقفؿ عمييا، وال يرجع حتى المساء، ال تزور وال تزار، وال

ترى أحدا، وال يراىا أحد.

Page 147: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 047 -

ومرت الشيور تمتيا السنوف واألعواـ، إذا زوجيا يخبرىا ذات يوـ بضيقو بيا، وعزمو عمى الزواج مف غيرىا، متذرعا بعدـ حمميا، مؤكدا حاجتو إلى الولد، فأكدت

افقتيا عمى كؿ مايراه، فطمب منيا أف تبحث لو الزوجة مو عف زوجة تميؽ بو، فأجابتو بأنيا لـ تخرج مف البيت قط، وال تعرؼ أحدا، ثـ أشارت عميو أف يختار ىو الفتاة التي تروؽ لو، ثـ وعدتو أف تقوـ بدورىا في إتماـ الخطبة

والسعي في أمور الزواج. ، فطمب منيا أف وبعد بضعة أياـ رجع إلييا الزوج باكرا

تخرج معو، فخرجت، فدليا عمى بيت، وطمب منيا أف تزور أىمو، وتخطب ابنتيـ، وأوصاىا أف توافؽ عمى مايطمبوف

مف أمور. ودخمت الزوجة إلى البيت الذي دليا عميو، فاستقبمتيا فيو بعض النسوة، فأخبرتيف بأنيا جاءت تخطب إلييف

تاة دوف الخامسة عشرة ابنتيف، تريدىا لزوجيا، فبرزت ليا فمف عمرىا، ذات حسف وجماؿ، خفؽ ليا قمبيا، ودىشت لمرآىا دىشا عظيما، ثـ سألت األىؿ عف طمباتيـ وشروطيـ، وأكدت ليـ استعداد زوجيا لموفاء بكؿ

مايطمبوف. وسارت األمور عمى مايراـ، فتمت الخطبة، وحاف

Page 148: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 048 -

موعد الزفاؼ، والزوجة تسعى في ذلؾ كمو، وتساعد زوجيا، صابرة صامتة، ال تبدي انزعاجا وال قمقا وال غضبا. وفي ليمة الزفاؼ أحضرت العروس في أبيى زينتيا، وكاف يصحبيا أخواىا، وىما يفوقانيا في الحسف والبياء، وطمب الزوج مف زوجتو أف تنيض الستقباؿ عروسو وأخوييا، وأف تقودىـ إلى مخدعو، فنيضت الزوجة،

العروس وأخوييا، وقادتيـ جميعا إلى مخدع فاستقبمت ذا زوجيا يدخؿ عمييا زوجيا، ثـ تركتيـ وىمت بالرجوع، وا ويطمب منيا البقاء، ليقدـ ليا العروس معرفا بيا، بوصفيا

ابنتيا، ويقدـ ليا شقيقي العروس بوصفيما ولدييا. وعانقت األـ ابنتيا، العروس، وضمت إلييا ولدييا، ثـ

ليو زوجتو وأوالده، وشكر لمزوجة صبرىا، ضـ الزوج إوبارؾ فييا وأكد ليا أنيا تستحؽ أف يدفع فييا مايعادؿ

وزنيا ذىبا. تعلق:

تإكد الحكاة قمة الصبر، فهو المعار الوحد الذي تقوم به المرأة، ولكنه معار صعب وقاس جدا، ودل على

ها بؤن مدى مالحق المرأة من حؾ وظلم لتإكد جدارتتكون زوجة، والرجل وحده هو الذي طلب منها تلك الجدارة، وهو الذي متحنها، ف هذا داللة واضحة على

ظلم المجتمع للمرأة.

وتدل الحكاة على دور التربة وأهمتها ف إعداد الفتاة لتكون امرأة المستقبل، كما تدل على أن القمة العلا

ه شء، حتى الذهب نفسه، ه لئلنسان، وال مكن أن عدل

Page 149: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 049 -

وقد تم اختاره هنا ألنه أؼلى المعادن وأكثرها ندرة ولثباته وعدم تحوله.

وواضح لجوء الحكاة إلى المبالؽة واالفتعال، لتخلق األثر النفس والتربوي، وه موجهة على األؼلب للفتات

لتعلمهن الصبر وتعدهن للمستقبل.

Page 150: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 051 -

اىصخ

ألحد الرجاؿ ثبلثة أوالد، وكاف عمى قدر كبير كاف مف الغنى، فمديو األراضي والماشية والديار، وكاف أوالده يسألونو دائما أف يقسـ فييـ أموالو، قبؿ وفاتو، ولكنو كاف ال يستجيب إلى طمبيـ، ويعدىـ بأف كؿ مايممكو ىو ليـ، وأنو قد رتب األمور، وأعد وصيتو، وأنو أودعيا خزانتو،وما عمييـ أال أف يفتحوىا بعد وفاتو، ليجدوا واكؿ شيء قد

أعد خير إعداد. ومضى األوالد ينتظروف مرور األياـ، وحتى وافت المنية والدىـ، فواروه التراب، وأسرعوا إلى الخزانة يفتحونيا، ذا بيـ يدىشوف لما يروف، فميس ثمة غير قبضة مف وا

كتب أماـ كؿ واحدة تراب، وعظمة نخرة، وورقة بيضاء،وقداسـ أحدىـ، فمـ يفيموا مما رأوا شيئا، وحاروا في أمرىـ،

كيؼ يقتسموف أمبلؾ أبييـ؟ وكاد الخبلؼ يدب في األخوة، ولكف أحدىـ اقترح مشاورة صديؽ ألبييـ، فرجعوا إليو يستشيرونو في األمر،

Page 151: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 050 -

فنصح ليـ بالتوجو إلى حكيـ في أحد الببلد، ليعرضوا . أمرىـ عميو

وسار الثبلثة إلى بمد ذلؾ الحكيـ، وبينما ىـ في بعض الطريؽ، رأوا نخمة عالية، تتدلى منيا عثاكيؿ التمر، فتسمؽ أحدىـ النخمة، وقطؼ عثكوال مف التمر الناضج، وأقبؿ ذا أوؿ تمرة فيو مرة ال تذاؽ، وكذلؾ حاؿ ثبلثتيـ عميو، وا

غير ثبلث، الثانية، فالثالثة، حتى لـ يبؽ في العثكوؿ ذاقوىا فإذا ىي حموة فاقتسموىا.

ثـ مضوا في الطريؽ، وماىي إال بضعة فراسخ، حتى رأوا واحة، فنزلوا بقربيا، وكاف ماؤىا أبيض رقراقا، فأدنوا منيا إبميـ، ودعوىا إلى الشرب، فمـ تشرب، فحاولوا الشرب منيا، فإذا ماؤىا ممح أجاج، فعافوىا، ومضوا في طريقيـ

ف بمد الحكيـ. قاصديوما إف قطعوا فراسخ أخرى، حتى رأوا حصاة صغيرة، تذروىا الريح، فتعمو، فإذا ىي قصر مشيد، ثـ ماتمبث أف تيوي، حصاة صغيرة، تدوسيا األقداـ، فعجبوا مما رأوا، وكانوا قد وصموا بمد الحكيـ، فدخموىا، ومضوا إلى حيث

باب، فخرج ليـ دليـ الناس، حتى بمغوا داره، فدقوا عميو الغبلـ قادىـ إلى غرفة التقوا فييا بشيخ عجوز، متيدـ، ذي لحية بيضاء، يبدو أنو في التسعيف، فحسبوه الحكيـ، فحيوه، وأخبروه أف لدييـ حاجة، فأخبرىـ أنو ليس ىو نما أخوه األكبر، وماعمييـ إال أف ينتظروه حتى الحكيـ، وا

Page 152: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 052 -

يجيء. يـ رجؿ قوي مشدود ولبث اإلخوة ينتظروف، فدخؿ عمي

القامة، مييب الطمعة، متقدـ في العمر، ولكنو محتفظ بقوتو وحيويتو، يبدو كأنو في الستيف، وما إف دخؿ حتى نيض لو الشيخ العجوز، وقبؿ يده، وحياه، ثـ قدمو إلى اإلخوة عمى أنو أخوه الحكيـ، فعجبوا لو، وحيوه، وىـ دىشوف، ثـ

ر ماترؾ ليـ والدىـ. عرضوا عميو أمرىـ، وسألوه تفسيأطرؽ الحكيـ قميبل، ثـ أخبرىـ بتفسيره، فأما كومة التراب فتشير إلى مايممؾ والدىـ مف أرض، وأما العظمة النخرة فتشير إلى مايممكو مف ماشية، وأما الورقة البيضاء فتشير إلى مايممكو مف ديار مسجمة في األمبلؾ، وماعمييـ

عة. إال أف يقتسموىا، كما ىي موز وأعجب اإلخوة بتفسير الحكيـ، كما أعجبوا بقسمة والدىـ ليـ، ثـ أخبروا الحكيـ بما رأوه في الطريؽ، وسألوه تفسيره، فأخبرىـ أف التمر الكثير، الذي لـ يجدوا فيو حموا سوى اثنتيف أو ثبلث، فمثمو كمثؿ األصحاب، وىـ كثير

افي، مالح ولكف المخمص فييـ قميؿ، وأف الماء الرقراؽ الصالطعـ، فمثمو كمثؿ المرء، يعجبؾ مظيره، يخدعؾ بو عف فعالو وخمقو، التي ال توافؽ مظيره، وأف الحصاة التي تعمو فتشيد قصرا، ثـ تسقط فتيدمو، فمثميا كمثؿ الكممة، تحمو وترؽ، فتبني بيتا، وتغمظ وتقسو فتخرب مابنت، فأعجب

النصراؼ. األخوة بتفسيره، وشكروه عميو، وىموا با

Page 153: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 053 -

ولكف األخوة التفتوا إلى الحكيـ، قبؿ مضييـ، يسألونو عف حالو، كيؼ يكوف أكبر مف أخيو، في حيف يبدو أخوه ىو األكبر، فأخبرىـ الحكيـ أف أخاه غارقا في اليموـ، يفكر فيما مضى، وفيما سيأتي ويطيؿ التفكير، أما ىو

و، فأعجبوا فيرمي اليموـ جانبا، وال يفكر إال فيما ىو في بحكمتو، وعادوا إلى بمدىـ ىانئيف بما أفادوه مف حكمة.

تعلق حكاة تربوة، تتوجه إلى الناشبة، لتثر لدهم ملكة التفكر، من خبلل ألؽاز تطرحها، ثم تجب عنها بعد حن. وه تإكد ف أثناء ذلك قما خلقة متعددة، تعلق بعضها

مظهر، وتمثلها الثمرات بالصداقة والكلمة الطبة والوالحصاة والماء، وتعلق بعضها اآلخر بحكمة عامة،

مفادها الرضا بالواقع، وعدم القلق.

والحكاة ذات بنة ثبلثة تتكرر ف اإلخوة الثبلثة، وف وصة األب ذات الجوانب الثبلثة، وف األمور الثبلثة الت شاهدها اإلخوة ف أثناء الطرق، وعلى الرؼم

ن وفرة العناصر ف الحكاة فه بسطة وسهلة الحفظ. م

والحكاة تقوم على فلسفة عمادها الظاهر والباطن. فثمة دابما ظاهر عادي وبسط، وال مكن فهمه وحده، والبد من إدراك ماوراءه، حتى تحقق فهمه فهما صححا، وهو ؼالبا ماخف وراء الظاهر البسط باطنا ذا قمة

ة وداللة عمقة. كبر

وثمة حكاات كثرة تنحو هذا المنحى، ولعل مثل هذه الحكاات متؤثرة بما ورد ف القرآن الكرم من قصة موسى والرجل الصالح ف سورة الكهؾ من اآلة ذات

، وفها رى موسى 1إلى اآلة ذات الرقم 4الرقم هاة ثبلث ظواهر ؼربة مافتؤ سؤل صاحبه عنها، وف الن

خبره الرجل الصالح بتفسرها، فدهش، ودرك أن وراء

Page 154: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 054 -

الظاهر باطنا أهم منه وأؼنى.

Page 155: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 055 -

اخخى

" وكاف كاف المرأة عجوز حفيد وحيد، يدعى "الخمخـوأقرع، تممع قرعتو تحت الشمس، وكاف أخف يصدر صوتو مف أنفو، ال يكاد أحد يفيـ مايقولو، وكاف ال يحسف عمؿ

ء، وضعتو جدتو عند حداد، فقرض إصبعو، ولـ يطؽ شيعمى العمؿ صبرا، ووضعتو عند خياط، فما استطاع مرة ضـ خيط في إبرة،وكيؼ يطيؽ صبرا عمى عمؿ، ودأبو أف يأكؿ، حتى ينتفخ بطنو، فميس لو إال أف يحمؿ معو أطباؽ

الخبز، حيثما ذىب، ليمتيميا رغيفا رغيفا.لعجوز في وضعو فيو، ىو وكاف آخر عمؿ جيدت ا

البناء، فقد مرت بورشة بنائيف، فتوسمت إلى رئيسيا أف يقبؿ عنده الخمخوـ أجيرا، فمما سألو عما يستطيع أف يعمؿ، فأجابو عمى الفور: "األكؿ"، فضحؾ منو طويبل، ثـ وجيو إلى بئر، وطمب منو أف ينضح الماء لمعماؿ، فاطمأنت

لحفيدىا، وشكرت رئيس العجوز إلى أنيا وجدت عمبل الورشة، ثـ مضت.

Page 156: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 056 -

ومضى الخمخوـ إلى البئر يحمؿ أطباؽ الخبز، فوضعيا إلى جانبو، وبدأ العمؿ، فكاف إذا خرج لو الدلو يتقاطر منو الماء، بش لو وفرح بو، وقاؿ:"أىبل"، ثـ رفعو إلى فمو، وظؿ يعب منو حتى ينزلو فارغا، ثـ يتناوؿ وراءه

ا دأبو، يشرب دلوا، ويأكؿ رغيفا، حتى أتى رغيفا، وظؿ ىذعمى ماعنده مف خبز، فانطمؽ إلى رئيس الورشة يعمف لو عف انتياء عممو، فما كاف مف الرجؿ إال أف صرفو، طالبا

منو أف يزيد في الغد عدد األرغفة. ولما كاف اليوـ التالي، ىيأت لو جدتو ضعؼ ماكانت

وـ إلى عممو، فرحا بو، تييئو لو مف قبؿ، وانطمؽ الخمخوأكب عمى األرغفة، يمتيميا بنشاط كبير، ويشرب مف البئر ماشاء أف يشرب، حتى أتى عمى كؿ ماحمؿ مف أرغفة، فمضى إلى رئيس الورشة يطمب منو أجرتو، فسخر منو المعمـ، وقاؿ لو: "أعطيؾ أجرتؾ آخر األسبوع"، ففرح

و، ويضاعؼ الخمخوـ بوعد المعمـ، وأخذ يزيد مف نشاطمف عممو، ويقبؿ عميو، بتناوؿ مزيد مف األرغفة، وشرب مزيد مف الدالء، حتى ازداد في األسبوع وزنا، عمى حيف

شقيت جدتو في تييئة الخبز لو. حتى إذا انتيى األسبوع أقبؿ عمى معممو يطالبو فحار المعمـ في أمره، كيؼ يعطيو أجرا، وىو الذي لـ يفعؿ

لو، فرأى بعيدا عف الورشة خـ دجاج، شيئا؟، ونظر حو ، فقاؿ لو: فقاؿ لو: "انظر إلى ىناؾ"، فنظر الخمخـو

Page 157: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 057 -

"اذىب إلى ىناؾ، وأدخؿ الخـ، ثـ خذ بيضة واحدة، أجرا لؾ"، فسألو الخمخوـ:"بيضة واحدة؟"، فقاؿ المعمـ: "نعـ، بيضة واحدة، وال تعد في األسبوع القادـ"، فسألو: "وىؿ تعده

اؿ المعمـ: "نعـ"، فسألو:"وتعطيني في نيايتو عطمة؟"، فق أجري؟"، فقاؿ المعمـ، وقد نفذ صبره: "نعـ، نعـ".

، ثـ انطمؽ إلى الخـ، حتى إذا بمغو، وضحؾ الخمخـودخمو، وىو يمني نفسو ببيض كثير، ولكنو فوجئ بالخـ خاويا، فأخذ يبحث في نواحيو، فمـ يعثر عمى شيء، فأعاد

اـ التبف واألقذار، فرأى بيضة غريبة، البحث، ونبش أكو صفراء الموف ، أكبر مف البيض، وأثقؿ، فحمميا، وأسرع بيا إلى جدتو، وىو ينادي طواؿ الطريؽ: "أخذت أجرتي

ياجدتي، أخذت أجرتي، ياجدتي". فمما سمعت الجدة، فرحت بو، فيذه أوؿ أجرة لو في

ـ تميزىا حياتو، ولكف لما دخؿ عمييا بالبيضة الصفراء، ولجيدا، غاض فرحيا، وخاب أمميا، وأخبرتو أف البيضة فاسدة، وأف مف الخير لو أف يرمييا، فخرج الخمخـو غاضبا، مصمما عمى الذىاب بيا إلى الممؾ، ليشكو لو أمره، فمما بمغ قصره، منعو الحرس مف الدخوؿ، فأخذ يصيح وينادي، حتى سمع الممؾ، فنظر مف نافذة القصر

، وأشار إلى جنده أف اسمحوا لو فضحؾ ل مرأى الخمخـو بالدخوؿ.

ودخؿ الخمخوـ عمى الممؾ، فشكا لو أمره، وعرض

Page 158: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 058 -

عميو البيضة، فمما رآىا الممؾ، دىش لمرآىا، وفرح بيا، فقد كانت ذىبا، فتمقفيا مف يده، وسألو في ليفة عما يطمبو مف

ض ثمف ليا، فقاؿ الخمخوـ بببلىة: "ال أريد ثمنيا"، فعر عميو الممؾ أف يتمنى شيئا ليحققو لو، فقاؿ لو عمى الفور: أريد فرنا وجرنا وخرابا"، فعجب الممؾ مف طمبو وسألو لـ يريد ذلؾ؟ فأجابو: "الفرف لمخبز آكمو، والجرف لمماء أشربو، والخراب لحاجتي أقضييا فييا"، فضحؾ الممؾ منو وأمر

الجند أف يييئوا لو ماطمب. يف أشيد فرف، في ظاىرالبمدة، وحفر إلى وخبلؿ يوم

جانبو بئر، وتـ تسييج مايحيط بيما مف أرض، وسمـ ذلؾ ، فكاف يمضي يومو بيف البئر والفرف، في أكؿ كمو لمخمخـووشرب، ىانئا بالنعيـ ومرت األياـ وىو عمى ىذه الحالة، ليس لو عمؿ غير األكؿ والشرب، وقضاء الحاجة بيف فرف

تى جاء يوـ مؿ فيو عيشو، وأراد التنزه، وجرف وخراب، حفطمب مف عماؿ الفرف أف يييئوا لو لمغد أرغفة كثيرة، ففعموا ذلؾ، فمما كاف الغد، حمؿ األرغفة عمى ظير حمار، ومضى بيا إلى ضفة نير قريب، وأخذ يمتيـ ىناؾ األرغفة، ويشرب مف ماء النير، مايشاء، ناعما بتجديد

مف األرغفة التي حمميا امتؤلت المكاف، حتى إذا انتيىبطنو وانتفخت، وأراد الرجوع، أحس بالتعب الشديد، ولـ يستطع الحمار حممو، لثقمو، فأخذ يمشي والعرؽ يسح منو،

ويغسمو غسبل.

Page 159: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 059 -

وبينما ىو في بعض الطريؽ، مرت بو أفعى، ورجتو أف يخبئيا، فعجب ألمرىا، فتوسمت إليو، وشرحت لو أف

، فحار في أمره، ماذا يفعؿ؟ فماكاف منو إال ثعبانا يبلحقياأف فتح فمو، وقاؿ ليا: "ىيا، ادخمي"، حتى إذا دخمت في فمو ابتمعيا، فمما مر بو الثعباف غضباف يصؿ صميبل، سألو إف كانت األفعى قد مرت بو، فأجابو: "نعـ" ودلو عمى طريؽ بعيدة، وقاؿ لو: "ذىبت مف ىنا"، فغدا الثعباف

ؽ فمما ابتعد، دؽ الخمخوـ عمى بطنو، ودعا في الطرياألفعى إلى الخروج، فخرجت، ثـ سألتو عما يتمناه، حتى تحققو لو، فسخر منيا، وقاؿ ليا: "وماذا تستطيعيف أف تفعمي؟"، فأعادت عميو السؤاؿ، فقاؿ ليا ساخرا، ومتحديا: ذا األفعى تدخؿ تحتو، "أتمنى أف تحمميني إلى الخراب"، وا

مؽ بو زاحفة، وىو فوقيا يختاؿ، كأنو في ىودج. وتنطوفي تمؾ األثناء، كانت ابنة الممؾ في بستاف قريب، تمرح بيف األشجار مسمية نفسيا، فمر بيا الخمخوـ وىو عمى ظير الحية، فضحكت لمرآه، ضحكا شديدا، وقذفتو بتفاحة كانت في يدىا، فغضب منيا وماكاف منو إلى أف

يا أف تغدو لتوىا حامبل. شتميا، ودعا عميذا بطف الفتاة قد تكورت، وأخذت تنتفخ ومرت األياـ، وا قميبل قميبل، وبدأت عبلمات الحمؿ تظير عمييا، وأدركت الفتاة عمى الفور أف دعاء الخمخوـ قد استجيب، فأسرعت إلى أميا تخبرىا، وحارت األـ في أمر ابنتيا، وىي تعمـ

Page 160: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 061 -

لـ يمسيا، وبعد تردد، عرضت براءتيا وتوقف أف أحدا األمر عمى الممؾ، فغضب وثار، ولكف األـ أكدت لو صدؽ

ابنتيا، فقرر عندئذ تزويجيا مف الخمخوـ. ، فمما مثؿ بيف يديو وأرسؿ الممؾ في طمب الخمخـوأمر بو الخدـ أف يأخذوه إلى الحماـ، وفي الحماـ غسموه

ألبسوه وىو يصرخ ويصيح، ويرفض الماء والصابوف، ثـأفخر الثياب، وىو ضائؽ بيا، نافر منيا، ثـ أدخموه عمى الممؾ، وىو في ىياج شديد، يريد العودة إلى الخراب، فمما أخبره الممؾ أنو يريد تزويجو ابنتو، فزع فزعا شديدا، والتـز الباب، وفر راكضا، ال يقدر عمى المحاؽ بو أحد، يرمي

. طواؿ الطريؽ ماكسي بو مف ثيابحتى إذا بمغ الخراب، دخميا شبو عار، معفرا بالتراب وىو فرح بخبلصو، مطمئف إلى بموغو مأمنو، ولكنو أحس أف شيئا سمسا ناعما قد تمزؽ وانسحؽ تحت قدميو، حيف ذا ثعباف ىائؿ، قد وطئ أرض الخراب، والتفت ينظر، وا داس بقدمو رأسو، فذعر الخمخوـ وتراجع، وعرؼ أنو

ف الذي كاف قد خدعو بإخفائو أنثاه األفعى في بطنو، الثعباوخاؼ مف شره، إذ أدرؾ أنو ماجاء إال لينتقـ منو، ولكف الثعباف انتفض مرتيف أو ثبلثا، ثـ ىمد ميتا، فتنفس

الخمخـو الصعداء. ذا األفعى تدخؿ عميو، فتحييو، وتشكر لو إنقاذىا، وا

كاف يريد إرغاميا وتخميصيا مف شر الثعباف الماكر، الذي

Page 161: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 060 -

عمى الزواج منو، وىي ال تحبو وال تريده، وسألتو مرة ثانية عما يريد، ففرح بيا وقاؿ ليا، بصوتو األخف:"أنا مثمؾ يريدوف تزويجي ابنة الممؾ، وأنا ال أريد"، فضحكت منو طويبل، وقالت: "يالؾ مف أبمو، لماذا ترفض؟"، فقاؿ ليا:"أنا

بنت ممؾ"، فقالت لو: "اترؾ أقرع، وخمخوـ وفقير، وىياألمر لي"، ثـ طمبت منو أف يغمض عينيو ىذه الميمة

ويناـ، وأال يفكر في شيء. ومضى الخمخوـ كعادتو إلى طرؼ في الخراب،

واستمقى عمى أكواـ مف التبف وأغمض عينيو وناـ. ذا الخدـ بيف يديو، وقد تحولت وفي الصباح استيقظ وا

وىو في سرير ذىبي، مغطي بكمة الخراب إلى قصر كبير،لؤلؤية ونيض وتأمؿ نفسو في مرآة كبيرة، تغطي الجدار ، فرأى نفسو في حمة مزركشة، مف أفخر الثياب، وعمى رأسو جمة مف الشعر األشقر، وقد تدلت منيا طرة عمى جبينو ولما التفت إلى الخدـ ينادييـ، أحس لصوتو قوة وفخامة، ال

ثـ أحضر لو طعاـ الفطور، فدىش يحظى بيا أقوى الرجاؿذا فيو أطايب الطعاـ، وأشياه. لو طويبل وتمبله، وا

ثـ لما كاف الضحى مثؿ بيف يديو كبير الخدـ، وأعممو أف موعد زيارتو لمممؾ قد حاف، وأنو قد أعد لو موكبو، فنزؿ الخمخوـ مف قصره، ومضى إلى قصر الممؾ، في موكب

ه، فرحب بو أعظـ ترحيب، مييب، وكاف الممؾ في انتظار وقربو منو، وأدناه، وأنزلو في ضيافتو ثبلثة أياـ، وقد خصو

Page 162: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 062 -

بجناح في قصره. ثـ كانت الخطبة فالزواج، في احتفاؿ داـ سبعة أياـ مع سبعة لياؿ، ىنئ فييا الخمخوـ بابنة الممؾ، ونعـ، ونسي قرعتو وشقاءه، ولكنو في صباح اليوـ الثامف أفاؽ

تو زوجتو عما يحزنو، فأخبرىا أنو ذكر جدتو، حزينا، فسألفحف إلييا، وأنو يريد رؤيتيا، فنصحت لو بالمضي إلييا

إلحضارىا كي تقيـ معيما في القصر. وانطمؽ الخمخوـ إلى جدتو، حتى إذا دخؿ عمييا لـ تعرفو، فأخبرىا بأمره، وبما صار إليو مف نعيـ، ثـ حمميا

و، وعيف ليا الخدـ يسيروف إلى قصره، وأفرد ليا جناحا فيعمى راحتيا، فأمضت بقية عمرىا ىانئة بما توفر لحفيدىا مف نعيـ، وماتت مطمئنة راضية، ىادئة الباؿ، فسبحاف

مغير األحواؿ. تعلق:

تدل الحكاة على شعور الفقراء ببإسهم وإحساسهم بسوء حظهم، كماتدل على حلمه بالخبلص والوصول إلى

ادة، ف ظنهم، وه الظفر بابنة أعلى أشكال السع السلطان.

والحكاة تدل على رؼبة ف االنتقام للفقراء البابسن إذ وات الحظ ذلك الخمخوم فصل إلى الزواج من ابنة السلطان، وتتضح هذه الرؼبة ف االنتقام من خبلل تصور ابنة السلطان، وقد أصبت باالكتباب فه ال تتكلم،

إال على د الخمخوم، تؤكدا لحاجة وال كون شفاإها السلطان إلى الشعب.

Page 163: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 063 -

وثمة شعور داخل باأللم، وإحساس عمق باستحالة تحقق ذلك كله، ولهذا ظهرت العجابب والقوى الؽربة القادرة على الفعل كاألفعى، مما دل على معاناة الفقر،

وإدراكه أنه بحاجة إلى معجزة حتى حقق خبلصه.

لحكاة تعبر عن حلم، وه تنضح بالمرارة وبذلك فاوالمعاناة، ولقد اتخذت األسلوب الساخر. لتإكد أن شر البلة ماضحك. ولتدل من خبلل السخرة أضا على

النقمة والمعاناة.

Page 164: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 064 -

اطبئش األثض

في بركة القصر، كانت ابنة الممؾ الوحيدة، تستحـ كؿ ، ومرة افتقدت سوارىا الذي تركتو عمى طرؼ البركة، يـو

فمـ تجده، ومرة أخرى فقدت منديميا، وثالثة فقدت مشطيا، ثـ انتبيت إلى أف طائرا أبيض يسرقيا أشياءىا، وىي

تستحـ، فعجبت منو. وذات ليمة، وىي في مخدعيا، فوجئت بالطائر األبيض يحط في نافذتيا، ولـ يمبث أف نزع ريشو، وىبط

وسيـ، حمو الحديث، سامرىا طواؿ إلييا، فإذا ىو فتىالميؿ، وباح ليا بحبو، وناـ معيا، ثـ غادرىا في الصباح،

قبؿ أف تستيقظ. وبينما كانت المربية تصمح ليا فراشيا، كعادتيا كؿ صباح، وجدت تحت وسادتيا صرة نقود، فأخذتيا، وكتمت

األمر. وقد داخؿ حب الفتى قمب الفتاة، وىو مايفتأ يزورىا

مساء، ليغادرىا في الصباح، وحبو في قمبيا ينمو كؿ

Page 165: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 065 -

ويكبر، وىي ال تعرؼ مف ىو؟ وال تستطيع أف تبوح ألحد بشيء.

كما ألفت المربية أف تجد كؿ صباح صرة نقود تحت وسادة الفتاة، فتأخذىا في كتماف، وال تخبر أحدا.

وجاء يوـ لـ تستطع فيو الفتاة أف تبقى عمى صمتيا، بأمر الفتى، الطائر، فأوصتيا أميا أف تطمب فباحت ألميا

ف ىو جاء، تتعرؼ بيا عميو. منو ىدية، وا ذ سألتو، أخبرىا أنو يترؾ ليا كؿ صباح صرة نقود، وا تحت الوسادة، فأدركت عندئذ أف المربية ىي التي تسرقيا الصرة، فأمرتيا أف تترؾ إصبلح الفراش، فثار الغيظ في

رفت أمر الطائر الذي يزورىا صدر المربية، وكانت قد ع كؿ مساء، فقررت أف تكيد ليا.

وذات يوـ نزلت األـ والبنت والمربية إلى الحماـ، فاغتنمت المربية الفرصة، وادعت أنيا نسيت شيئا في البيت، واستأذنت في الرجوع إلى القصر، ثـ عمدت إلى زجاج، فحطمتو، وىشمتو، ثـ فرشت بو أرض الغرفة التي

ييا الطائر، ثـ رجعت إلى الحماـ، وأخذت تغري ييبط ف البنت واألـ بالبقاء في الحماـ حتى يدخؿ المساء.

ولقد كاف ليا ذلؾ، فقد دخؿ الميؿ، وأقبؿ الطائر كعادتو، وىبط في النافذة، فجرحو الزجاج المحطـ تجريحا، وما إف رجعت البنت إلى القصر، حتى أسرعت إلى

Page 166: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 066 -

ـ يمتد مف النافذة إلى أسفؿ غرفتيا، ففوجئت بخيط د الجدار، فأدركت فعمة المربية، وكتمت غيظيا.

ومرت األياـ والطائر ال يزورىا، وىي تنتظر في شوؽ، حتى برح بيا الحنيف، وأمضيا االنتظار، فانزوت، وانطوت عمى نفسيا، في كرب وضيؽ، فاعتمت ومرضت،

وكادت تشرؼ عمى اليبلؾ. ذ أعجز االطباء شفاؤىا، أخبروا الممؾ أف داء ابنتو وا

في فؤادىا، ال في جسميا، وأف الشفاء ليا سوى التسمية والسمواف ولما سأليا أبوىا عف أمرىا، باحت لو بمكنونات صدرىا، فأمر الممؾ ببناء حماـ، تقعد فييا، لتستقبؿ الزائرات، وليكف أجر االغتساؿ فييا حكاية غريبة، تسمي

بنت الممؾ. قؿ الناس خبر الحماـ، فأقبمت النساء عمييا مف وتنا

كؿ صوب، حتى وصؿ الخبر إلى القرى المجاورة، واألرياؼ، وكانت إحدى النسوة قد سمعت بالحماـ، فأسرعت إلى جارتيا تخبرىا، وترتجي عندىا قصة، فاتفقتا عمى أف تقصدا المدينة، في الصباح، لمذىاب معا إلى

وقد عمقت إحداىما جرسا في الحماـ، ونامتا مبكرتيف، بيتيا، مربوطا بحبؿ ويتمد إلى بيت جارتيا، حتى تنبييا

في الصباح الباكر. وحدث أف مرت أثناء الميؿ، قطة بالحبؿ، فاىتز، وقرع

Page 167: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 067 -

الجرس، فنيضت التي عمقت الجرس في بيتيا، ومضت في ذا رأت القمر يتوسط السماء، ليفة إلى خارج البيت، وا

، لغفمتيا وظنت أف جارتيا قد غدرت بيا، حسبتو الشمسفسبقتيا، وماكاف منيا إال أف انطمقت في الفبلة، متجية نحو المدينة، ولكنيا مالبثت أف أدركت خطأىا، فمما أرادت العودة إلى قريتيا، ضمت الطريؽ، فخافت الميؿ والوحش

والصمت، فقررت أف تصعد إلى شجرة، لترقد فييا. ليا شيء مف النعاس، ولكنيا وعمى غصف مريح، نا

انتبيت إلى أف األرض قد شقت، وخرج منيا خمؽ غريب، ذا جوقة مف المغنييف تقعد في شكؿ حمقة، يتوسطيا وا سرير رقد فيو فتى ممفوؼ الجسـ بالضمادات، يبدو عميو الكرب والضيؽ، وبيف يديو سوار ومنديؿ ومشط، ولـ تمبث

لو الفتى الشاب، وىو الجوقة، أف غنت غناء حزينا، بكى يقوؿ:

بحق من ىذا سوارىا أبكوا عمى حالي وحاليا

ثـ أمر الجوقة، أف تنصرؼ، فانصرفت، ثـ غاب، وقد أخذت الشمس في السطوع،

ونزلت المرأة مف مرقدىا عمى الشجرة، وقد مؤل النور الكوف، فدىشت لعجب مارأت، وانطمقت إلى المدينة، تمني

Page 168: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 068 -

اـ، ففي جعبتيا قصة ستعجب مف غير شؾ نفسيا بالحم ابنة الممؾ.

ولقد وقعت القصة مف بنت الممؾ موقع الدواء مف الداء، فيي قصتيا، ولـ تمبث أف انطمقت مع المرأة، إلى حيث رأت مارأت، وصعدتا معا الشجرة، وباتتا تنتظراف الميؿ، وظيور الفتى وطاؿ بيما االنتظار، ولكف ما إف

لسماء، حتى حدث ماحدث باألمس، ومع توسط القمر االصباح اختفى كؿ شيء، ورجعت المرأة إلى قريتيا، فرحة بما أجزلت ليا بنت الممؾ مف عطاء، عمى حيف مضت بنت الممؾ حزينة مكتئبة، ال تعرؼ كيؼ يكوف ليا

الوصوؿ إلى فتاىا، وما الدواء الذي يمكف أف يشفيو. امتيف وبينما ىي في بعض الطريؽ، سمعت حم

تتناجياف، فتقوؿ إحداىما لؤلخرى: "كـ أنا حزينة لجراح الفتى؟"، وتجيبيا أليفتيا، "قد يزداد حزنؾ إذا عممت أف شفاءه بنا"، وتسأليا صديقتيا: "ولكف كيؼ؟"، فتجيبيا: "إف شفاءه في لحمنا ودمنا، وذلؾ بأف تأخذنا بنت الممؾ،

نا، وتعجف فتذبحنا، وتعتصر دمنا، ثـ تحرؽ ريشنا ولحمالرماد بدمنا، وتصنع منو مرىما، تمسح بو جراح الفتى، فيشفى"، وتجيبيا صديقتيا: "إني ألفرح إذ شفاؤه فينا، ىيا،

فمنمكف بنت الممؾ مف أنفسنا". وكانت بنت الممؾ قد أصغت إلى تحاورىما، ففعمت بما سمعت، ومضت فتنكرت في زي طبيب، وأخذت تدور

Page 169: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 069 -

د، تنادي عمى دواء لكؿ العمؿ في الممالؾ والببلواألمراض، ومافتئت تحمميا ببلد، وتضعيا ببلد، حتى بمغت بمد الفتى، وكاف مرورىا بقصره، فناداىا أىمو، وىي

الطبيب، فصعدت، فرأت الشاب، فعرفتو، وىو اليعرفيا. وأمرت في الحاؿ أف ينقؿ الفتى إلى الحماـ، وىناؾ

ىنتيا بما صنعت مف غسمت لو جروحو، وىي متنكرة، وددـ الحمامتيف ورمادىما، وأقامت عنده تسير عمى عبلجو،

حتى شفي، وزاؿ عنو السقاـ. ولما سأليا الفتى ماتطمب مف جزاء، رفضت أف تأخذ

أجرا، ولكنيا رجتو، وىي ماتزاؿ متنكرة، أف يمنحيا منديمو، ىدية، وكاف ىو نفس المنديؿ الذي سرقيا إياه، وىي تستحـ

بركة القصر، فتردد الفتى، في البدء، ولكنو لـ يمبث أف في قدمو إلييا، فشكرتو، ورجعت قافمة إلى بمدىا.

وفور وصوليا، عمدت إلى نافذة مخدعيا، فأصمحتيا، وكنستيا، وفرشتيا، بالدمقس، ومضت تنتظر

زيارة الفتى. ذا الطائر ييبط في النافذة، ومامر إال يوـ أو يوماف، وا

ساء، كعادتو مف قبؿ، وكانت الفتاة ترقد في سريرىا، مع الم وقد ارتدت لمقدمو أجمؿ ماعندىا مف الثياب،

وتزينت بأغمى الحمى واألساور، وحممت المنديؿ في يدىا، وما إف ىبط مف النافذة، حتى امتشؽ حساما مصمتا، يريد

Page 170: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 071 -

قتميا، إليقاعيا بو مف قبؿ، كما اعتقد. المنديؿ، فعرفيا، ودىش ولكنيا رفعت يدىا تريو

ألمرىا، فقصت عميو ماكاف، وعرفتو بأبييا الممؾ، وتمت خطبتيا إليو، ولـ تمبث أف زفت في أروع احتفاؿ وعاشا معا

في سعادة وىناءة. تعلق:

جمل جدا أن تجلى المحب على حببته ف هبة طابر، رمز الحرة، وطالما حلم اإلنسان بالتحلق، بماف

لق من علو إكد النزعة الؽرزة، ولكن ف تسامها التحالجلل، وقدما تحدثت األساطر عن تجل رب األرباب زوس، على إحدى نساء األرض ف شكل طابر البجع،

وطالما حلم اإلنسان بالطور، رمز التواصل واللقاء.

ومن الجمل أضا أن تعامل ذلك المحب الطابر مع خاصة من سوار ومشط ومندل، ف مداعبة أشاء المرأة ال ناعمة بربة.

ولكن البد بعد ذلك من أن حاط ذلك كله بقدر ؼر قلل من التنؽص والعذاب، تؤكدا لما ف الحاة من

منؽصات، ولكن العبرة بالخواتم، الت ه دابما سعدة.

وبلحظ الفارق بن األمرة وخادمتها، وماهو الفارق ، إنما هو على مستوى آخر، إذ تتعلق األولى بالحب الطبق

والطابر والسمو، وتكابد العذاب حث كون مطهر الروح على حن تتعلق الثانة بالمال، وتصطنع الدسابس والمكر،

وتجعل اآلخرن تعذبون، دلبل على طوة ؼر نقة.

ومن هذا التناقض تكون الحاة ف صراعها الدابم، ألزل األبدي. وتحركها ا

والحكاة ف مجملها حلم جمل، أو فانتازا رابعة، ولس وراءها أكثر من السمو والتحلق والعش ف عالم

Page 171: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 070 -

األحبلم والعواطؾ والعذابات الحلوة الت تصفو معها الروح وتصل إلى السعادة المطلقة.

ما أحوج اإلنسان إلى تؤمل هذا العالم، من خبلل رة، أو األؼنة، أو الموسقا، ففها إشباع الكلمة، أو الصو

حقق لقوة ال ؼنى عنها، وه الخال الحر كالطابر الحر الذي لم قتبس اسمه إال من حرته المبدعة.

Page 172: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 072 -

لؼخ سؤوط

كاف لتاجر كبير ابف وحيد، وكاف يصطحبو معو دائما كبيرة، إلى الدكاف، فيرى أباه وىو يبيع ويشتري، بسماحة

قانعا بالريح القميؿ، وكاف إذا طمب منو أحد قرضا منحو إياه، مف غير أف يكتبو، حتى إنو كاف يمنح قروضو لمف ال يعرفو، وكمما راجعو ابنو في ذلؾ، قاؿ لو: "افعؿ الخير يابني، ثـ اـر بو في البحر"، حتى إف االبف كاف يضيؽ

بطيب والده، وجوده. في سياحة إلى ببلد بعيدة، وذات يوـ أرسمو أبوه

ليعرؼ الدنيا، ويرى الحياة. فحممتو األسفار مف ببلد إلى ببلد، حتى حطت بو في بمد، سار فيو يتفرج عمى منازلو ذا ىو أماـ قمعة رصفت واجيتيا بالجماجـ، ومبانيو، وا فعجب مما رأى، وأخذ يسأؿ الناس عف شأف القمعة، فما

لمقمعة سرا، وقرر ظفر مف أحدىـ بجواب، فأدرؾ أف اإلقامة في البمد، لمعرفة السر.

ونزؿ في خاف، وأخذ يطوؼ في الطرقات، حتى رأى دكاف حبلؽ، دخميا، وقعد ينتظر دوره ويصغي إلى أحاديث

Page 173: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 073 -

الناس، فما ورد في حديثيـ ذكر لمقمعة، فمما كاف دوره، أخذ يحدث الحبلؽ، ويسامره، ولما انتيى، أجزؿ لو العطاء.

، يحمؽ لحيتو عنده، وأ خذ يتردد عمى الحبلؽ كؿ يـوويعطيو، فيكثر لو في العطاء، ويحدثو فيتبسط معو في الحديث، ويمكث عنده، فيطيؿ المكث، ثـ دعاه إلى الغذاء، حتى تعرؼ إليو، وقويت بينيما أسباب الصداقة، فجعؿ الحبلؽ يدعوه إليو، فيزوره في بيتو، ويحدثو بدخيمة

لو الحبلؽ عف ىمومو، حتى وثؽ كؿ منيما نفسو، ويكشؼ باآلخر.

وذات يوـ رأى الشاب الفرصة مواتية، فسأؿ صديقو الحبلؽ عف سر القمعة، فنصح لو الحبلؽ بالعدوؿ عف معرفة سرىا، وحذره منو، ورجاه أال يمح عميو فيو، ولكف الشاب أبى، وألح في السؤاؿ، فراوغو وموه عميو، ثـ رأى

بد لو مف إجابة صديقو، فروى لو سر القمعة. أخيرا أف الففي القمعة ترقد األميرة بنت السمطاف، وىي قمعتيا، خصيا بيا أبوىا، مع الخدـ، أما الجماجـ جميعا، فيي رؤوس خاطبييا، أو باألدؽ ىي رؤوس أزواجيا، ذلؾ أف كؿ زوج يدخؿ عمييا في المساء، يعمؽ رأسو عمى سور

ال أحد يعرؼ السبب، سوى أف الخدـ القمعة في الصباح، و يدخموف عمييا في مخدعيا في الصباح، فيروف رأس الزوج

مقطوعا.

Page 174: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 074 -

فمما سمع الشاب قصة القمعة، ثار في نفسو العجب، ورغب في المغامرة، وأعمف عف عزمو عمى خطبة األميرة، والدخوؿ عمييا، زوجا، أيا كاف الثمف، فحذره الحبلؽ،

ليو، ورجاه، ولكف مف غير جدوى، فقد ونصح لو، وتوسؿ إعـز الشاب، وصمـ، وعندئذ اشترط عميو الحبلؽ أف

يناصفو في كؿ مايحصؿ عميو، فوافؽ الشاب. ومضى الحبلؽ، فسعى لدى السمطاف، يخطب ابنتو لصديقو الشاب، ثـ الزمو في كؿ ما كاف عميو أف يقضيو،

كاف ال يفارقو فاشترى لو فاخر الثياب، وأعده لميمة الزفاؼ و قيد أنممة، حتى كانت ليمة الزفاؼ، فأعد لو أروع احتفاؿ،

ورافقو إلى باب القمعة، ثـ ودعو وتمنى لو التوفيؽ. ومضى الشاب وحده، يرقى األدراج، إلى مخدع األميرة، حتى إذا بمغو، دخؿ عمييا في غرفتيا، فرآىا ترقد عمى فرش مف دمقس، في سرير مف عاج، تعموىا كمةخيوطيا مف ذىب وحرير، فدنا منيا، فغمرتو روائح العطور الفاغمة، فمما نظر إلييا، خفؽ قمبو، وىو يرى إلى عينييا لى شعرىا المرسؿ عمى ذواتي األىداب السود الطويمة، وا صدرىا، وتممى فميا الصغير، وأنفيا الدقيؽ، وصدرىا الناىد، وىو يعمو وييبط في نفس دافئ ىادئ، فقد كانتتناـ كالطفؿ الغرير، فمـ يشأ أف يوقظيا، وراح يتأمؿ محاسنيا، كأنو في معبد، حتى أخذتو سنة مف النوـ،

فأغفى، وىو راكع أماـ سريرىا.

Page 175: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 075 -

وعندئذ نيض مف وراء السرير عفريت ىائؿ، انتضى حساما مصمتا ورفعو إلى فوؽ، لييوي بو عمى رأس الشاب،

راوة غميظة، ووقع عمى ولكنو انشطر فجأة إلى نصفيف، بي األرض، مف غير أف يمس الشاب بأذى.

وكاف الحبلؽ قد دخؿ القمعة، وراء الشاب، متسمبل، مف غير أف يشعر بو أحد، وتتبعو، حتى دخؿ غرفة األميرة، فدخؿ وراءه، ووقؼ خمؼ الباب، فمما أغفى الشاب، ورأى العفريت ييـ بو، التقط ىراوة، وشطر بيا

تسمؿ خارجا، مثمما دخؿ مف غير أف يشعر بو العفريت، ثـ أحد.

ولما وقع العفريت عمى األرض، تآكؿ وذاب، ولـ يبؽ منو أثر، وعندئذ تممممت األميرة في سريرىا، وفتحت عينييا، ثـ نيضت، فرأت الشاب راكعا أماـ سريرىا، وىو في إغفاءة، فأقبمت عميو، مفتونة بوسامتو، وىو أوؿ شاب

قظتو، وأخذتو بيف يدييا، ولما أفاؽ الشاب، ضميا تمقاه، فأيإليو، وأمضيا معا بقية الميؿ، في اجتناء ووصاؿ، حتى إذا

أقبؿ الفجر، أغفى كؿ منيما، وىو يوسد اآلخر ذراعو. ومع الصباح دخؿ الخدـ عمى األميرة، كعادتيـ، وىـ يتوقعوف أف يروا رأس الزوج مقطوعا، مثمما ألفوا، ولكنيـ

ئوا بو نائما مع األميرة، فارتدوا خجميف، ثـ أسرعوا إلى فوجإخبار السمطاف، فقدـ بنفسو إلى القصر، فرحا بسبلمة

صيره، وبخبلصو مف مقتؿ أزواج ابنتو.

Page 176: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 076 -

وأقيمت األفراح، واحتفؿ الناس في البمد بزواج بنت السمطاف، وانتياء سر القمعة، فرفعت عنيا الجماجـ، وزينت

مشاعؿ، ودامت األفراح سبعة أياـ، مع سبع باألعبلـ واللياؿ، لـ ينس فييا الحبلؽ صديقو الشاب، فقد زاره، وىنأه

بزواجو، وبارؾ لو فيو، وحمؿ أغمى اليدايا لو ولعروسو. ومرت أياـ وشيور، كانت ساعاتيا ىناءة لمزوجيف، وكاف الشاب ال ينقطع فييا عف زيارة صديقو الحبلؽ،

ب في العودة إلى األوطاف، فشاور وذات يوـ رغب الشاالسمطاف في ذلؾ واستأذنو في أخذ زوجتو معو، فأذف لو، وأعد لمزوجيف موكب الوداع، وحممت الجماؿ اليدايا، وأثمف الرحاؿ، وخرج الجند في وداعو، واألميرة إلى جانبو، حتى

بمغوا حدود الببلد، عادوا راجعيف. الذي أبى إال وكاف في موكب وداعو صديقو الحبلؽ،

أف يظؿ مرافقا لو، حتى يبمغ بو حدود ببلده، فسارت بيما اإلبؿ معا، ينزؿ الحبلؽ حيث ينزؿ الشاب، ويرحؿ حيف يرحؿ، حتى دخبل صحراء قاحمة، فنزال في أرض قفراء، ليتناوال شيئا مف الطعاـ، فدعا الحبلؽ صديقو وزوجتو إلى

دا عف الخدـ تناوؿ الطعاـ، عمى كثيب مف الرمؿ، بعيالمرافقيف، فاستجاب الشاب إلى طمب صديقو وبعدوا جميعا

عف الخدـ. وعندئذ ذكر الحبلؽ صديقو الشاب بما اشترط عميو، فمـ يكد يذكر الشاب، فذكره بأنو اشترط عميو أف يناصفو

Page 177: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 077 -

مايحصؿ عميو، فذكر الشاب الشرط، واعترؼ بموافقتو أموالي فخذىا"، فأبى عميو، وقاؿ لو عمى الفور: "لؾ نصؼ

الحبلؽ، فعرض عميو أموالو كميا، فرفض، فحار الشاب، واستفسر مف الحبلؽ عما يريد، فصرح لو بأنو يريد أف يشاطره زوجتو، فدىش الشاب مف صديقو الحبلؽ، وأنكر خاء، فأبى إال أف عميو ذلؾ، وذكره بما بينيما مف صداقة وا

د نفسو وحده، يكوف لو شطرىا، فنظر الشاب حولو، فوجاليممؾ فعؿ شيء، فعرض عمى صديقو أف يتخمى لو عف زوجتو وأموالو، فأبى وقاؿ: "ال أريد إال شطرىا"، فاستسمـ

الشاب لطمب الحبلؽ. وعندئذ عمد الحبلؽ إلى حبؿ، فعمؽ بو األميرة مف قدمييا في نخمة، جاعبل رأسيا إلى األسفؿ، ثـ أوقد نارا تحتيا، وألقى

عض البخور، مما كاف يحممو في كيس صغير، ثـ شير فييا بسيفو، ورفعو إلى أعمى، وىـ بشطرىا إلى نصفيف، وصاح: "اهلل ذا عفاريت صغيرة، تندلؽ مف فميا، فتمقفيا النار، أكبر"، وا

فتذوب فييا، كالممح، وتحترؽ". ثـ التفت الحبلؽ إلى صديقو الشاب، وقاؿ لو: "خذ

الشاب لما رأى، وعانؽ زوجتؾ، مباركة لؾ"، فدىشالحبلؽ، وراح يقبمو، ثـ قاـ كبلىما بإنزاؿ األميرة، التي بدت أحمى مما كانت عميو، وأجمؿ وأروع، فقد كانت مرصودة لذلؾ العفريت، يقتؿ كؿ رجؿ يريد زواجيا، ليحتفظ بيا خالصة لنفسو، وقد أودع فييا تمؾ العفاريت الصغيرة،

Page 178: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 078 -

فخمصو منيا الحبلؽ. د الجميع إلى حيث كاف الخدـ، فحمؿ الحبلؽ ثـ عا

صديقو الشاب وزوجتو عمى راحمتيما، وامتطى ىو راحمتو، ثـ ودعيما، ومضى متمنيا ليما حياة سعيدة، وابتعد عنيما قافبل إلى ببلده، ولكف ما إف ابتعد عنيما بضع خطوات حتى ناداه الشاب قائبل: "باهلل عميؾ، ىبل خبرتني أييا

ف تكوف؟"، فالتفت إليو الحبلؽ، وىو يبتعد، ثـ الرجؿ م أجابو: "أنا الخير الذي كاف يفعمو أبوؾ، ويرميو في البحر".

تعلق: جزى تإكد الحكاة أن فعل الخر ال ضع، إذ صاحبه خر جزاء، ولو تؤخر، فما على المرء إال أن فعل الخر، ف كل حن وآن، وأن من ؼر أن رتقب الجزاء.

والحكاة تظهر مامر به الشاب الؽر من تجارب قاسة تكسبه عبرة وحنكة وخبرة، وماعله إال أن تزود بالصدق والجرأة، أن حسن معاشرة الناس، وجد اختار

األصحاب، فالمرء بمن حوله من صحب وخبلن.

والحبلق رمز لفعل الخر، الذي ساعد الشاب، وكان رت رمز للشر، وهو مهما استفحل صدقا صدوقا، والعف

وقوي فمآله إلى زوال، بفضل التعاون والصدق واإلخبلص.

والحكاة موجهة إلى الشباب، وه تعدهم للمستقبل، وتبن لهم ماقد عترضهم من صعاب وتزودهم بقدر كبر

من الثقة والتفاإل، وتزن لهم ضرورة فعل الخر.

سكة، وفها خال والحكاة منسجمة وعناصرها متما مبدع.

Page 179: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 079 -

Page 180: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 081 -

ثذ اه

كاف ألحد المموؾ ثبلث بنات، يحبيف حبا كبيرا، إال الصغرى منيف، فقد كف كمما جمب ليف شيئا، شكرنو وحمدنو، وقمف لو:"أدامؾ اهلل يا أبي" إال الصغرى، فكانت ال ذا ماعاتبيا والدىا، قالت لو: "ىو مف تقوؿ شيئا مف ذلؾ، وا عند اهلل". وكاف يغضب منيا، ويحاوؿ أف يثنييا عما ىي فيو، فبل تستجيب لو، فيتيددىا، ويتوعدىا، فبل تخشى،

وتظؿ عمى قوليا. وذات يوـ غضب منيا غضبا شديدا، فقرر تزويجيا لوقاد في الحماـ، عمى حيف زوج ابنتيو الكبرى والوسطى

العطايا، وحرميا الثنيف مف كبار وزرائو، وزودىما باليدايا و ىي مف كؿ شيء، ولقد زاد في غضبو ونقمتو عمييا أنيا تقبمت ذلؾ كمو برضى وصمت، ولـ تبد أسفا وال حزنا وال ندما، وكانت إذا الميا أحد عمى ذلؾ، قالت: "ىو مف عند

اهلل".ولقد كاف مسكنيا مع زوجيا الوقاد في القميف، حيث

ريبة مف أكواـ أخذت تشارؾ زوجيا فراشو الخشف، ق

Page 181: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 080 -

األقذار، قانعة بما ىو دوف القميؿ، صابرة عمى حظيا، جاىدة عمى إسعاد زوجيا ما استطاعت، مف غير ضيؽ وال

تذمر وال ألـ. ذا ىي حامؿ، ففرحت بحمميا، ومرت عمييا أياـ، وا ف عمى الرغـ مما ىي فيو، وأخبرت زوجيا، ففرح مثميا، وا

كر، وأخذت تعد الميالي كاف ال يريد مثؿ ىذا الحمؿ المبواألياـ، وىي تكر عمييا سريعة، حتى اقترب أواف وضعيا، فتوسمت إلى زوجيا أف يسأؿ أصحاب الحماـ أف يسمحوا ليا بدخوؿ الحماـ ليبل بعد إغبلقيا، لتضع فييا، إذ ال مكاف ليا في القميف، لتمد فيو، ففعؿ ذلؾ، ووافؽ أصحاب

الحماـ. في المخاض، فأخذىا زوجيا وذات ليمة أحست أنيا

إلى الحماـ، وأدخميا فييا، ووقؼ خارجا ينتظر، وىي وحدىا، تعاني آالـ الوضع، بصبر وصمت، وبينما ىي في المخاض، دخمت عمييا أربع نسوة، حيينيا أحسف تحية، وىف يحممف لفائؼ لموليد، وغسمنو وقمطنو، ثـ ألبسنيا

فسألتيف مف يكف؟ أجمؿ الثياب، وودعنيا وىممف بالخروج،فأخبرنيا أنيف بنات أصحاب الحماـ، فشكرت ليف سعييف

وتمنت ليف تحقيؽ اآلماؿ. ثـ خرجت ففرح بيا زوجيا، ودىش لما ىي فيو مف

ثياب، ولما قمط بو الوليد، فأخبرتو أف بنات صاحب الحماـ ىف المواتي عنيف بيا، ثـ عاد بيا إلى القميف، لتناـ مع

Page 182: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 082 -

ى جانب األكواـ مف األقذار مما يوقده. الوليد، إلومرت عمييا الشيور واألياـ، وىي تعنى بوليدىا، وترعى زوجيا، حتى أحست ذات يوـ بأنيا حامؿ، فأخبرت زوجيا، ففرح بحمميا، وأخذا يعداف معا أياـ الحمؿ، حتى حاف وقت وضعيا، وأدخميا ثانية الحماـ، فوضعت فيو،

قبؿ، إذ حضرت أربع نسوة وكاف ماكاف في وضعيا مف عنيف بيا وساعدنيا، ثـ خرجف. وأضحى القميف ضائقا بأربعة اشخاص، األب واألـ، والوليديف، ولكف صبر األـ

وحسف مداراتيا، كاف ينسي كؿ ضيؽ. ومرت الشيور واألياـ، فإذا ىي حامؿ، وكاف أيضا ماكاف مف قبؿ، ولكف قبؿ أف تخرج النسوة المواتي ساعدنيا

ي المخاض، أخبرنيا أنيف في الحقيقة لسف إال ممكات مف فبنات الجف، فقد أشفقف لحاليا، ورثيف ليا، ثـ باركف صمتيا، وقدمف ليا خاتما، قمف ليا افركيو، حيف تشائيف

فيخرج لؾ عفريت يحقؽ كؿ ماتطمبيف. ففرحت بيف فرحا، وأسرعت إلى زوجيا تينئو بالوليد

عرض عميو الخاتـ، ومالبثت أف الجديد، تقدمو إليو، وتباردت إلى فركو، فبرز ليا عفريت سأليا عما تريد، فتمنت عميو أف يشيد ليا قصرا تجاه قصر والدىا، وأف ينقميا مع زوجيا إليو، وأف يعد لزوجيا محبل كبيرا في سوؽ التجارة، ذا ىي وزوجيا فنفذ العفريت في الحاؿ كؿ ما تمنت وا

منيؼ، والخدـ بيف يدييا، يأتمروف وأوالدىا في قصر

Page 183: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 083 -

ذا بأمرىا، ومضى زوجيا إلى محمو التجاري يشتري ويبيع وا ىو بيف عشية وضحاىا كبير التجار.

وأطؿ الممؾ ذات يوـ مف شرفة قصره، فرأى القصر الذي نيض تجاىو، فسأؿ لمف يكوف ىذا القصر؟ فأخبر

ي بأنو لكبير التجار، فرغب في التعرؼ إليو، فأرسؿ فطمبو، وماىي إال أياـ حتى توطدت بيف الممؾ وصيره الوقاد كبير التجار المودة، فأضحى أثيرا لديو، يدنيو منو، ويرفع مف مكانتو، ويخصو باالحتفاالت والدعوات وىو ال

يعرؼ مف يكوف. ولما أدركت بنت الممؾ أف الوقت قد حاف لمكشؼ

عو أباىا ألبييا عما آلت إليو، طمبت مف زوجيا أف يدالممؾ إلى القصر، وأمرت الخدـ أف يعدوا أطايب الطعاـ، ثـ قامت ىي نفسيا بإعداد نوع يحبو والدىا، وحيف دخؿ الممؾ مع وزرائو إلى قاعة الطعاـ، وأخذ موضعو مف المائدة، الحظ النوع الذي يحبو، فماؿ إليو، وأخذ يتناولو

التي كانت متحسرا متألما، وىو يحدث مضيفو عف ابنتو تعد لو مثؿ ىذا النوع، والتي ظمميا فزوجيا مف وقاد، وتخمى عنيا، وماعاد يسأؿ عنيا، وكاف المضيؼ يسمع

مف غير أف يتكمـ. ثـ قاـ الممؾ بدعوة مف مضيفو بجولة في القصر تعرؼ فييا إلى أرجائو ونواحيو، وخبلؿ تجوالو قدـ لو

الممؾ بجماليـ مضيفو ثبلثة أطفاؿ، وىـ أوالده، فأعجب

Page 184: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 084 -

وذكائيـ، ثـ ماؿ عمى أكبرىـ وقبمو، وقد تحرؾ في نفسو شيء مف الحنيف، ثـ سألو وىو يداعبو: "مف أيف لؾ ىذا الجماؿ؟"، فأجاب الولد عمى الفور: "ىو مف عند اهلل"، وكانت أمو قد أوصتو بذلؾ، فمما سمع الممؾ الجواب،

ىبل أخبرتني صعؽ، والتفت إلى مضيفو يسألو:"باهلل عميؾ، مف تكوف أـ ىذا الولد؟".

وعندئذ برزت لو ابنتو، وقالت: "ىذه أنا يا أبي"، فكاد الممؾ ينكرىا، ولكنو فتح ليا ذراعيو، وضميا إلى صدره، والدموع تنحدر مف عينيو، ثـ أمر بتعييف صيره وزيرا عنده، وقرب منو ابنتو، وأعاد إلييا ماكانت فيو مف عزة، وأسؼ

مافرط، وندـ. عمى تعلق

تعالج الحكاة مشكلة العبلقة بن اآلباء والبنن، من زاوة خاصة، وه رؼبة اآلباء دابما ف سماع كلمة طبة من أبنابهم، وؼالبا ماقع اآلباء، والسما العجابز، ف شرك األبناء الذن كلون المدح والثناء آلبابهم، فكرمون

حن سبون إلى األبناء الذن ال مثل هإالء األبناء على عرفون المداهنة والتملق.

والحكاة تإكد أن الوفاء ال كون بالضرورة بالكبلم المعسول إنما هو بالمواقؾ النبلة، وف الحكاة خال شعب جمل ومواقؾ ذكة، وه تدل على حلم الفقراء

رش. أضا بالزواج من بنات الملوك والوصول إلى سدة الع

والحكاة تشبه إلى حد كبر الحكاة الت بنت علها مسرحة شكسبر "الملك لر"، والمجال مفتوح للمقارنة.

Page 185: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 085 -

Page 186: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 086 -

افمش واىصش كاف أحد الرجاؿ فقيرا معدما، وكاف ذا عياؿ كثير، يعمؿ مف الصباح إلى المساء، عتاال يسوؽ حماره، يحمؿ

يفوز بقميؿ مف الدراىـ، يشتري عميو لمناس أشياءىـ، كيبيا لعيالو الخبز واإلداـ، وكاف في كثير مف األياـ ال يحصؿ غير ثمف الشعير لمحمار، ويعود إلى البيت،

ليمضي الميؿ مع العياؿ، غرثى جائعيف. وذات يوـ فتح اهلل عميو برزؽ كثير، فاشترى ألىمو

وقصد بيتو، ألوانا مف الطعاـ، ومؤل كيس الحمار بالشعير، وبينما ىو في بعض الطريؽ عرضت لو حاجة، فانتحى

جانبا، تاركا الحمار، ثـ قضاىا. ولما رجع لـ يجد الحمار، فتمفت يبحث عنو، فمـ ير لو أثرا، فأخذ يفتش عنو، فطاؼ في األزقة، ودار في الحارات، وىو ينادي، ويسأؿ عنو، حتى تورمت قدماه،

كاف منو إال أف حدج السماء ولكف في غير جدوى، فما بنظرة شزراء، ثـ صاح في غضب:

يارب، كؿ األياـ ال أرزؽ إال بالقميؿ، ويوـ رزقت -

Page 187: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 087 -

بالكثير ضاع الحمار؟!.. ومضى إلى الممؾ، مغاضبا، يريد أف يشكو اهلل إليو، فمنعو الحرس مف الدخوؿ، فأخذ يصرح ويصيح، حتى

ر، فرأى ذلؾ سمع الممؾ الصوت، فأطؿ مف نافذة القصالبائس الفقير، فأشار إلى الحرس أف اسمحوا لو بالدخوؿ، فدخؿ، والغضب باد عميو، ليعمف أنو يريد رفع شكوى ضد اهلل، فضحؾ الممؾ طويبل، وطيب خاطره، ثـ سمع حكايتو،

فأمر لو بعطاء جزيؿ، فخرج فرحا بو مسرورا. في نفسو وكاف الوزير إلى جانب الممؾ، يسمع ويرى، فحز

أف يحظى ىذا الفقير، بذاؾ العطاء، فماؿ عمى الممؾ، وأوغر صدره عميو، موحيا إليو أنو ليس إال محتاال، اختمؽ تمؾ القصة، ليظفر بالماؿ، ثـ طمب مف الممؾ أف يرسؿ وراءه، فإف لديو سؤاال يريد أف يمتحنو بو، ليكشؼ احتيالو، فأرسؿ الممؾ

روه، فدخؿ مذعورا، فأخبره الممؾ أف الجند وراء الفقير، فأحضالوزير يريد أف يسألو سؤاال، إف عرؼ الجواب، أجزؿ لو العطاء،

ف لـ يعرؼ، قطع رأسو. وا فاضطرب الفقير واغتـ، ولكنو امتثؿ، وأعمف استعداده، لسماع السؤاؿ، وعندئذ سألو الوزير: "أيف أوؿ الدنيا؟ وأيف

د أقداـ الممؾ، أوليا آخرىا؟"، فأجابو عمى الفور: "عنوآخرىا". فسر الممؾ بالجواب، ونظر إلى الوزير، فإذا ىو صامت ال يريـ، فأمر لمفقير بعطاء كبير، فأخذه الفقير

وخرج فرحا، والوزير يتميز مف الغيظ.

Page 188: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 088 -

ولكف لـ يمبث الوزير أف ماؿ عمى الممؾ، وأكد أف لديو ذلؾ الفقير محتاؿ، ثـ طمب منو أف يرسؿ وراءه، فإف

سؤاال آخر يريد أف يمتحنو بو، فأرسؿ الممؾ الجند وراءه، فأحضروه، فدخؿ، وقد أدرؾ أف الوزير ىو الذي يكيد لو، ويؤلب الممؾ عميو، ولما عرض عميو الممؾ الشرط، أف

، فميس لو في يعرؼ الجواب، أو يقطع رأسو، أعمف القبوؿ األمر حيمة.

وجو اهلل؟"،فأطرؽ وعندئذ سألو الوزير:"في أي جية الفقير قميبل، ثـ طمب مف الممؾ أف يأمر الخدـ كي يحضروا لو شمعة، فمما أحضرت أشعميا، ووضعيا أماـ الممؾ، ثـ سألو:"أيف وجو ىذه الشمعة؟". فأجاب الممؾ: "في كؿ الجيات"، فالتفت الفقير إلى الوزير، وأجابو: "وكذلؾ

لممؾ بجوابو أي وجو اهلل، فيو في كؿ الجيات". فأعجب اإعجاب، وأجزؿ لو العطاء، فأخذه وخرج، مزىوا بنصره،

فرحا بالعطاء، والوزير في ضيؽ شديد، وغضب كبير. ولكف لـ يمبث الوزير أف حـز أمره، وماؿ عمى الممؾ، وطمب منو أف يأمر بإحضار الفقير، فإف لديو سؤاال أخيرا،

ره، وأرسؿ وراء يريد أف يمتحنو بو، فأجاب الممؾ طمب وزيالفقير، فأدخمو الجند، وىو في قمؽ كبير، فقد أيقف أنو ىذه المرة أماـ امتحاف قد يخسر فيو حياتو، ولكنو ممؾ نفسو، وصمـ عمى تحدي الوزير، ولما أعاد عميو الممؾ الشرط،

أكد بحـز قبولو، واستعداده لسماع السؤاؿ.

Page 189: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 089 -

سؤالو: "ماىو وعندئذ تحرؾ الوزير، وزىا بنفسو، ثـ ألقى عمؿ اهلل؟". فتبسـ الفقير، والتفت إلى الممؾ يسألو أف يعطيو األماف، فأعطاه األماف، فطمب منو أف يأمر الوزير بخمع ثيابو، فأمر الممؾ وزيره بذلؾ، فدىش الوزير، وارتبؾ، وراوغ، يحاوؿ التممص، ولكف الممؾ أشار عميو أف أفعؿ، ففعؿ، وعندئذ خمع

وألقاىا عمى الوزير، ثـ طمب مف الممؾ أف يأمر الفقير ثيابو،الوزير بارتداء ثيابو، ىو الفقير، فأمر الممؾ الوزير أف يرتدي ثياب الفقير، فتردد الوزير واضطرب، ثـ تبسـ، واصطنع المزاح، ولكف الممؾ نظر إليو يحذره، فمـ يجد بدا مف االنصياع، فمبس

ب الوزير، ثـ التفت إلى ثياب الفقير، وعندئذ لبس الفقير ثياالممؾ يسألو أف يأمره وزيره بالنزوؿ عف كرسيو، فأمره الممؾ أف ينزؿ عف الكرسي، فارتبؾ، وحار في أمره، ولكف الممؾ عاجمو أف افعؿ، فنزؿ، وعندئذ ارتقى الفقير إلى جانب الممؾ، وقعد عمى كرسي الوزير، ثـ التفت إلى الوزير، وقاؿ لو: "انظر، ىذا

جواب سؤالؾ، إف عمؿ اهلل أف يرفع أناسا، وأف يضع ىو آخريف".

فأعجب الممؾ بذكاء الفقير، وقاؿ لو: "لقد ثبتناؾ فيما أنت فيو، فأنت منذ اليوـ وزيري"، فبيت الوزير، وصعؽ، وقبؿ أف ينطؽ بشيء، أمر الممؾ الجند أف يسوقوه إلى

و، ويبارؾ السجف، ثـ التفت إلى الفقير، وقد غدا وزيره، يينئلو، وقد أدرؾ أف في شعبو مف ىو أذكى مف ذلؾ الوزير

المحتاؿ، وأجدر بالوزارة منو.

Page 190: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 091 -

تعلق: تإكد الحكاة أن ثمة تفاوتا كبرا ف الحظوظ بن الناس، فهذا وزر وذاك فقر، ولس مرجع ذلك إلى ذكاء أو ؼباء، وإنما مرجعه إلى مشبة هللا عز وجل، فرب ذك

ورب وزر لس بالقدر نفسه من الذكاء. فقر،

وتإكد الحكاة أن على المرء أن سعى وعمل، وال ستسلم لما هو فه، بدعوى أنه قدره، إذ إن انتقاله إلى

وضع آخر أفضل هو قدره أضا.

والبنة الثبلثة واضحة ف الحكاة، وتتمثل ف سبلة قدر األسبلة الثبلثة الت طرحها الوزر، وف هذه األ

ؼر قلل من األلؽاز ، وه تعلم الناشبة، وتنبه تفكرهم، وتدربهم على حسن اإلجابة.

وإذا كان الفقر قد أضاع ف بداة الحكاة حماره، فقد تولى الوزارة ف نهاة الحكاة، مما دل على قام العدل، ومثل هذه النهاة تدل على عمقها وبصورة ؼر مباشرة

ألجدر بؤمور الحكم هو األذكى، ولكن ذلك نادرا على أن اة. ماتحقق، وبذلك تحمل الحكاة ف داخلها نقمة خف

Page 191: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 090 -

اغضاخ

كاف ألحد المموؾ ثبلث بنات وثبلثة صبياف، وقد عني بتربيتيـ، وحرص عمى أف يغرس فيما بينيـ المودة

ة أف والتفاىـ، ولما حضرتو المنية أوصى أبناءه الثبلثيزوجوا شقيقاتيـ ألوؿ خاطب يطمب الزواج منيف، فوعده اإلخوة بتحقيؽ ذلؾ، وبعد وفاتو تولى االبف الكبير الممؾ، وعيف أخاه األوسط وزيرا لمميمنة، والصغير وزيرا لمميسرة،

وسارت ليـ األمور عمى خير مايراـ. وذات يوـ تقدـ إلييـ رجؿ رث الثياب، زري الييئة،

زواج مف أختيـ الكبرى، ولما سألو األخ الكبير عف يطمب العممو، أجاب بأنو يعمؿ وقادا في حماـ، في بمد بعيد، فغضب األخ، وأقسـ لف يزوجو أختو، ولو سمخوا جمده، وشايعو األخ األوسط وأقسـ لف يزوجو إياىا ولو فرموا لحمو، وتدخؿ األخ الصغير، فذكر أخويو بوصية الوالد،

تنفيذ وعدىـ لو، فأحس كؿ مف األخويف وطالبيـ بباإلحراج، واضطرا لمموافقة، وفي أياـ تـ تجييز البنت الكبرى، وزفافيا إلى الغريب، الذي لـ يمبث سوى أياـ، حتى

Page 192: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 092 -

أخذىا معو إلى ببلده البعيدة.وفي يوـ آخر قدـ غريب آخر، فكاف مف أمره ماكاف

مره أيضا مف أمر األوؿ، ثـ قدـ غريب ثالث، فكاف مف أماكاف مف أمر األوليف، وىكذا تزوجت األخوات الثبلث عمى كره مف األخويف، الكبير واألوسط، وبموافقة مف األخ

الصغير، تنفيذا لوصية الوالد. وبدأ األخواف الكبير واألوسط يحساف بالضيؽ مف أخييما الصغير، وأخذا يكيداف لو، حتى أصبح ال يطيؽ

قصر، فقرر اعتزاؿ الحكـ والتخمي عف اإلقامة معيما في الالمشاركة فيو، وماكاف منو إال أف ىجر القصر، وتاه في الببلد، ال يستقر بو المقاـ في بمد، حتى ينتقؿ إلى سواه، وكاف دائما يتمنى أف يدخؿ بمدا تكوف فيو إحدى شقيقاتو، لعمو يمتقي بيا، ويطمئف عمى حاليا، وىو ال يعرؼ في أي

رىف. الببلد مق، وىو في الفبلة، يسير وحده تائو الخطا، وذات يـوالحت لو غزالة، اقترب منيا، فمـ تجفؿ، فاقترب أكثر، فإذا ىي تنطمؽ وتحييو بفصيح الكبلـ، فدىش ألمرىا، وقد فتنتو بحور عينييا، وجيدىا األتمع، وشعر باألنس في قربيا،

. وأخذ ال يفارقيا، يسير حيث تسير ويقيـ حيث تقيـولما تأكدت الغزالة مف تعمقو بيا، عرضت عميو صحبتيا، ووعدتو بأف تحقؽ لو مايتمناه، فوعدىا أف يظؿ

Page 193: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 093 -

وفيا ليا مدى العمر، ثـ تمنى عمييا أف تحممو إلى شقيقتو الكبرى، فطمبت منو أف يبقي أمرىا سرا، وأال يبوح بشيء عنيا، ميما حاولت أختو وزوجيا استدراجو إلى ذلؾ، ثـ

ذا ىو أماـ قصر ح ممتو عمى ظيرىا وقفزت بضع قفزات، وا شاىؽ، قعد في ظمو، ال يعرؼ ماذا يفعؿ، وىو غير مصدؽ أف تكوف أختو فيو، ولما طاؿ قعوده، أخذتو سنة

مف نوـ، فأغفى وناـ. وخرجت إحدى الجواري في القصر، فرأت شابا وسيما،

ى سيدتيا بيي الطمعة، يشبو سيدتيا الشبو كمو، فأسرعت إلتخبرىا بأمره، وقد وصفتو ليا، ثـ قالت: "عينو عينؾ، ووجيو وجيؾ، والشؾ أنو أخوؾ أوابف عمؾ"، فدىشت السيدة، وأرسمت الخدـ إلحضاره ولما دخؿ عمييا أسرعت إليو تعانقو وتبكي، وتعجبت لتمكنو مف حضوره إلييا، وسألتو إذا كانت الغزالة قد أحضرتو، فنفى ذلؾ، فحذرتو

نيا، فأكد أنو لـ يمتؽ بغزالة، وال يعرؼ مف أمرىا شيئا. موأعدت األخت ألخييا أطايب الطعاـ، وفرحت بو، وسعدت بمقائو، ثـ فجأة عـ الكوف قتامة سوداء، وقصؼ الرعد، وزمجر، فسرى الخوؼ في أوصاؿ األخت، فعجب أخوىا لؤلمر، فأخبرتو أف زوجيا قادـ، فسأليا:"ومف

بتو: "ممؾ الجاف األحمر"، ثـ نفخت عمى زوجؾ؟!"، فأجا أخييا فحولتو إلى قطعة حموى صغيرة، خبأتيا في ثوبيا.

ودخؿ الزوج غاضبا، وبادر إلى سؤاليا عمف في

Page 194: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 094 -

زيارتيا مف اإلنس، فأنكرت فأكد ليا أنو يشتـ رائحة اإلنس، وال داعي لئلنكار، فأقرت بوجود أخييا، فازداد غضبو، وأكد

جمده، إف كاف أخاىا األكبر، وسيمزؽ أنو سوؼ يسمخلحمو، إف كاف أخاىا األوسط، أما إذا كاف أخاىا األصغر، فإنو يرحب بو خير ترحيب، فاطمأنت األخت، وأعادت أخاىا إلى حالتو األولى، فرحب بو زوجيا، وعانقو، ثـ سألو إف كانت الغزالة قد أوصمتو إلى القصر، فنفى ذلؾ،

لى الحموؿ في القصر ضيفا. فاطمأف إليو، ودعاه إوأقاـ األخ في قصر أختو أياما، سعد فييا بمقاء

أختو، ولما عـز عمى الرحيؿ زوده زوج أختو بثبلث شعرات، أوصاه أف يحرقيا إذا ماوقع في مأزؽ.

وخارج القصر، وجد الغزالة في انتظاره، فامتطى انا ظيرىا، فقفزت ثبلث قفزات، فإذا ىما في الغابة حيث ك

مف قبؿ، وسألتو الغزالة إف كاف قد حدث أختو أو زوجيا عنيا، فنفى ذلؾ، وأكد إخبلصو ليا، ووعدىا أال يتخمى

عنيا أبدا. ثـ طمب منيا أف تحممو إلى أختو الوسطى، ففعمت، وكاف مف أمره معيا ماكاف مف أمره مع أختو الكبرى، وقد

بؿ وداعو عرؼ أف زوجيا ممؾ الجاف األخضر، وقد زوده ق بثبلث شعرات، أوصاه فييا، أف يحرقيا إذا وقع في مأزؽ.

ثـ زار أختو الصغرى، فكاف مف أمره معيا أيضا

Page 195: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 095 -

ماكاف مف أمره مع أختو الكبرى والوسطى، وقد عرؼ أف زوجيا ممؾ الجاف األزرؽ، وقد زوده قبؿ وداعو بثبلث

شعرات، أوصاه أف يحرقيا إذا ماوقع في مأزؽ. أختاه األخيرتاف كما أوصتو أختو الكبرى وقد أوصتو

بالحذر مف الغزالة، وأنكرتا عميو أف تكوف ىي التي حممتو إلييا، ولكنو نفى ذلؾ، وأكد أنو ال يعرؼ الغزالة.

وكاف لما خرج مف قصر أختو الصغرى قد وجد الغزالة بانتظاره، فامتطى ظيرىا فقفزت ثبلث قفزات، فإذا ىما معا

يث كانا مف قبؿ. في الغابة، حوأعادت عميو الغزالة سؤاليا، إف كاف عمى استعداد لمبقاء معيا، والوفاء ليا، فأكد ذلؾ، ووعدىا أال يتخمى عنيا مدى العمر كمو، وكاف مايزاؿ ممتطيا ظيرىا وىي تسير بو، فقفزت فجأة قفزة قوية، فحمؽ في اليواء، ثـ وقع، فإذا

ىو في خضـ البحر. يشرؼ عمى الغرؽ، ولكنو أخذ يسبح وبيت، وكاد

نحو الشاطئ، بكؿ ما أوتي مف قوة، حتى بمغو بعد عناء شديد، فألقى نفسو عمى الرماؿ، وناـ.

ولما استيقظ رأى حمامتيف تختصماف، وكؿ منيما تقوؿ لؤلخرى:" الطاقية لي، الطاقية لي"، ثـ تنبيت إحداىما

اإلنسي"، ثـ إليو، فقالت لؤلخرى:"تعالي نحتكـ إلى ىذاقدمتا إليو، وطمبتا منو أف يحكـ بينيما في طاقية اختمفتا

Page 196: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 096 -

فييا لمف تكوف، فقد ورثتا عف أبييما بساطا، وعصا، وطاقية، وقد أخذت إحدىما العصا، وأخذت األخرى البساط، ثـ اختمفتا في الطاقية، فوعدىما أف يحكـ بينيما،

وقذفو بقوة، ثـ وماكاف منو إال أف التقط مف األرض حجرا طمب مف الحمامتيف أف تسرعا إلى الحجر، ومف تحضره

منيما، تكوف ليا الطاقية. وأسرعت الحمامتاف وراء الحجر، وقد تركتا عنده الطاقية والبساط والعصا، فمد البساط وقعد فوقو، ووضع

الطاقية عمى رأسو، ثـ حمؿ العصا، وأشار إلى البساط حيث الغزالة، تاركا طالبا منو أف يوصمو إلى

الحمامتيف. وحط بو البساط في قصر الغزالة، فمضى إلييا في مخدعيا، والخدـ ال يرونو، ألف الطاقية عمى رأسو، فمما صار أماميا، وضع الطاقية، فسألتو عف سبب مجيئة إلييا، فأكد ليا وعده بعدـ التخمي عنيا، فسرت بو، وصدؽ عندىا

خاصا في قصرىا، ليقيـ فيو. وفاؤه، فجعمت لو جناحا ثـ سممتو أربعيف مفتاحا، ألربعيف غرفة، وأذنت لو في دخوليا جميعا، ماعدا غرفة واحدة، رجتو أال يدخميا أبدا، فأمضى في القصر أياما وىو يتفرج عمى الغرؼ وماضمتو

مف جواىر وعقود، ونفسو تراوده بفتح الغرفة األربعيف. دفوعا إلى الغرفة األربعيف، وذات يوـ وجد نفسو م

Page 197: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 097 -

ذا رجؿ معمؽ مف يديو في جدارىا، وىذا ففتحيا ودخؿ، وا الرجؿ طولو شبر واحد، ما إف رآه حتى أخذ يتوسؿ إليو راجيا منو أف يفؾ قيده ويطمقو، فأشفؽ عميو، فأطمقو، فإذا

الغزالة قد حمت محمو عمى الفور. را، وىـ بقتؿ الرجؿ القصير، ولكف ىذا ضحؾ ساخ

وقاؿ لو: "ىييات ال يمكنؾ قتمي، فروحي محفوظة في قمب فيدوس، صاحب سبعة رؤوس"، وأخذت الغزالة تبكي وتتوسؿ إلى الفتى ترجوه أف يبذؿ جيده كمو ليحصؿ عمى روح الرجؿ القصير مف قمب فيدوس، وعمىالفور مد الفتى

البساط، وطمب منو أف يحممو إلى حيث فيدوس. ط في ظاىر بمدة، قرب بيت صغير، وحط بو البسا

قرع بابو، فخرجت لو عجوز، طمب منيا شربة ماء، فعجبت ألمره وأدركت أنو غريب، ثـ أخبرتو أف الماء قد نضب مف آبار البمدة كميا، وأف سواقييا قد جفت، والناس ينتظروف وصوؿ ابنة الممؾ إلى فيدوس حتى تصؿ المياه إلى اآلبار

عمى البمدة، وسد بقدمو نبع الماء في والسواقي، فقد تسمطالجبؿ، وقد اعتاد الناس أف يقدموا لو في كؿ ربيع أجمؿ فتاة في البمدة، فيشغؿ بافتراسيا عف سد النبع ، فينبجس الماء، ويتدفؽ نحو البمدة ليمؤل آبارىا وسواقييا، وقد وقع

اختيار الضحية ىذا العاـ عمى ابنة الممؾ. ؾ، أسرع إلى البمدة، فرأى فييا ىرجا ولما عمـ الفتى بذل

ومرجا، وفييا أناس يندبوف ويبكوف، لتقديـ ابنة الممؾ

Page 198: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 098 -

ضحية، وأناس يرقصوف ويغنوف، فرحا بقرب وصوؿ الماء إلى آبارىـ، ثـ رأى موكبا يخرج مف قصر الممؾ، وفيو فتاة صبية، في أبيى حمة، يقودىا فارس ممثـ، فأدرؾ عمى

لممؾ، تقاد إلى حيث فيدوس، فتتبع الموكب الفور أنيا ابنة اإلى أف غادر البمدة، وأخذ يصعد الجبؿ، ولما اقترب الموكب مف القمة توقؼ المرافقوف، ومضى الفارس الممثـ، يقود ابنة الممؾ وحدىا، إلى حيث فيدوس، فمما ابتعد بيا عف األنظار، برز لو الفتى، مشيرا سيفو، طالبا منو ترؾ

، ليتولى ىو بنفسو قيادتيا، فتركيا الفارس عمى ابنة الممؾ الفور، ومشى بيا إلى فيدوس.

ولما بمغ مغارتو، ناداه طالبا منو الظيور، فعجب فيدوس لؤلمر، وىو الذي لـ يعتد عمى ذلؾ مف قبؿ، فرد عميو طالبا منو ترؾ الضحية وحدىا، ولكف الفتى أصر

المغارة، فيوى طالبا منو الظيور، فمد فيدوس رأسو مف عميو بالسيؼ، فقطعو، فغضب فيدوس، ومد رأسو الثاني، فيوى عميو بالسيؼ أيضا، وىكذا حتى أتى عمى رؤوسو السبعة، ثـ التفت إلى ابنة الممؾ، وطمب منيا أف تعود مف

حيث جاءت، وأال تخشى شيئا. ثـ دخؿ المغارة ، فشؽ صدر فيدوس، وأخرج قمبو،

صندوؽ صغير، فخبأه تحت وفتحو، فعثر فيو عمى قميصو، ورجع إلى البمدة.

وكاف الماء قد انبجس مف النبع، وجرى ممتزجا بدـ

Page 199: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 099 -

فيدوس، ليمؤل السواقي واآلبار، وفرح بو الناس فرحا شديدا، ثـ ازداد فرحيـ حيف رأوا ابنة الممؾ قادمة مف الجبؿ سميمة

ا الناس معافاة، وأقاـ الممؾ الزينات، وأعمف األفراح، ودعجميعا إلى والئـ أقاميا في الساحات، ثـ أعمف أنو سيزوج ابنتو مف قاتؿ فيدوس، وتقدـ شباف كثيروف، يدعي كؿ منيـ أنو ىو الذي قتمو، ولكف ابنة الممؾ كانت تكذبو، فيرتد

مدحورا. وبينما ىي جالسة في شرفتيا، إلى جانب أبييا، تنظر

لمقامة في الساحات، رأت إلى الناس مقبميف عمى الوالئـ االفتى، فعرفتو عمى الفور، وأشارت إليو، وىي تقوؿ ألبييا:

"ىذا ىو قاتؿ فيدوس". وأرسؿ الممؾ عمى الفور جنده، فأحضروا الفتى، فسألو إف كاف ىو حقيقة قاتؿ فيدوس، فأجاب: "نعـ"، فشكره

الممؾ عمى ذلؾ، وأخبره أنو يرغب في تزويجو ابنتو. فراح، كما جددت الوالئـ، وتزوج الفتى ابنة وجددت األ

الممؾ، وسعد بيا، كما سعدت بو، ومرت عمييما أياـ وشيور، كادت تصير إلى عاـ، حممت فييا الزوجة، وبدأت

تستعد الستقباؿ المولود. وذات يوـ عثرت الزوجة عمى العمبة الصغيرة، وكاف

سألتو الزوج قد خبأىا في مكاف أميف، فعجبت ألمرىا، ولماعنيا، تذكر الغزالة والرجؿ القصير، فراوغ في الجواب، ثـ

Page 200: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 211 -

ألحت عميو أف يفتح العمبة، واضطر أماـ إلحاحيا إلى فتح العمبة، فطار منيا عصفور صغير، وأدرؾ عمى الفور خطر ما أقدـ عميو، فأشعؿ ثبلث شعرات، فحضر عمى الفور زوج أختو الكبرى، فطمب منو أف يحضر لو ذلؾ

فور، فأحضره إليو، فأعاده إلى العمبة. العصومرة أخرى ألحت عميو، ففتحيا، ومرة أخرى استنجد بزوج أختو الصغرى، فأعاد إليو العصفور، وكرة ثالثة أعاد األمر نفسو، ثـ أدرؾ أف إرادتو قد ضعفت، وأنو يوشؾ أف

يودي بالغزالة، فعـز أمره عمى الرحيؿ. المخاض، قدـ ليا وذات صباح، وبينما زوجتو في

عقدا، وطمب منيا أف تمبسو لممولود في عنقو إف كاف أنثى، وفي معصمو إف كاف ذكرا، ثـ مد البساط، وقعد فوقو،

وطمب منو أف يوصمو إلى حيث الغزالة. وحط بو البساط أماـ الغزالة، والرجؿ القصير يضربيا

خذ بالسوط، وعمى الفور فتح العمبة، وأمسؾ بالعصفور، فأالقصير يرجو منو إطبلقة، في حيف أخذت الغزالة ترجوه أف

يبادر إلى فصؿ رأسو عف جسده. وكادت نفس الفتى أف تضعؼ، ولكنو أسرع ففصؿ

رأس العصفور عف جسده، فوقع الرجؿ القصير عمى األرض، جثة ىامدة، ال حياة فييا، ثـ نظر إلى الغزالة

ذا ىي صبية حس ناء، في ربيع المقيدة إلى الجدار، وا

Page 201: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 210 -

طبلقيا. العمر، فبادر إلى فؾ قيودىا، وا ولما المتو الغزالة عمى تأخره عنيا، اعتذر ليا، وأكد عزمو عمى البقاء بجانبيا، فأخبرتو أنيا ممكة عمى سبعة ببلد، وأف ذلؾ الرجؿ القصير ىو الذي مسخيا غزالة، ثـ حممتو، وحطت بو في قصرىا، فإذا ىي ممكة متوجة، يحؼ

يا الخدـ والوزراء. بولما عرضت عميو الزواج منيا، وافؽ، فتزوجتو، وتنازلت لو عف الحكـ، وأصبح ممكا يتصرؼ في شؤوف

الببلد والعباد. أما ما كاف مف أمر زوجتو، ابنة الممؾ التي أنقذىا مف فيدوس، ثـ تركيا وىي في المخاض فقد وضعت ولدا ذكرا،

ف ال يعرؼ لنفسو أبا سواه. ربتو في حجر جده الممؾ، وكاثـ كبر الولد، فوضعت أمو في معصمو الطوؽ الذي كاف

قد أىداىا إياه أبوه، وأخذت تبدو عمى الولد مبلمح الذكاء.وذات يوـ كاف يمعب مع ابف الوزير، فإذا ابف الوزير يعيب عميو أنو ال يعرؼ مف أبوه، فأنكر ذلؾ، ولكف ابف

ه أباه ليس إال جده ألمو. الوزير أكد لو أف مف يدعو وسأؿ الولد بعض المقربيف عف األمر، فأكدوا لو ماقالو ابف الوزير، فماكاف منو إال أف ترؾ القصر، وىاـ عمى

وجيو في الببلد، يبحث عف أبيو. وتقمبت بو الببلد، كما تقمبت بو األعماؿ، حتى بمغ

Page 202: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 212 -

البمد الذي يحكمو أبوه، ففتح فيو مطعما، وأخذ يصنع أطايب الطعاـ، حتى بمغت شيرتو قصر الممؾ، فجرب طعامو يوما، فأعجب بو، وأصبح الممؾ ال يتناوؿ طعاما إال مف صنعو، وكاف ال يتردد أحيانا عف زيارتو في مطعمو

مساء لتناوؿ طعاـ العشاء، وقضاء السيرة معو. وكاف يحدث زوجتو عنو، ويصفو ليا، حتى أنيا

أخذت تتمنى لقاءه، ثـ قررت أف عشقتو عمى السماع، و تصؿ إليو، ميما كمفيا األمر، فأرسمت وراء البنائيف، فطمبت أف يحفروا ليا نفقا تحت األرض يصؿ مابيف قصرىا ومطعمو، وأف تشاد وراء المطعـ غرفة خاصة ليتـ ليما المقاء، ولما تـ ليما ذلؾ، أخذت تزوره كؿ مساء،

تأنس بحديثو، وترتاح إلى لقياه.وذات يوـ قدـ إليو الممؾ مساء، لتناوؿ طعاـ العشاء، ذا الممؾ يسمع قرعا عمى وتزجية الوقت، وبينما ىما معا، وا باب في عمؽ المطعـ، فسأؿ عف األمر، فأجاب الولد أف الخدـ والطباخيف يغسموف الصحوف والقدور، ثـ توجو نحو

وجود الباب وىمس طالبا عدـ إحداث الضجيج، معمنا عف الممؾ في المطعـ.

ذا القرع يتكرر ثانية، ومرت ساعة وبضع الساعة، وا فدىش الممؾ، فعمؿ الولد ذلؾ بما عممو في المرة األولى، ذا القرع يتكرر ثالثة، فشؾ الممؾ في ومرت ساعة أخرى، وا ذا زوجتو وراء األمر، وقاـ إلى الباب بنفسو، ففتحو، وا

Page 203: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 213 -

ؽ، وعرؼ حقيقة األمر، الباب، ودخؿ الغرفة فرأى النففاقتاد زوجتو والولد إلى القصر، وأمر الجبلد بضرب عنؽ

الولد عمى الفور. وتوسمت إليو الزوجة، ترجوه العفو عف الولد، وأكدت لو براءتيا وبراءتو معا، ولكف الممؾ لـ يصغ إلييا، وأشار

إلى الجبلد، يأمره بتنفيذ ميمتو. بادر ىؤالء إلى خمع وتقدـ الجبلد، يصحبو الخدـ، ف

قميص الولد عف جسده، وأحضروا األغبلؿ لتقييد يديو، فرأى الممؾ العقد الذي أىداه إلى زوجتو في معصـ الولد، فأشار إلى الخدـ أف كفوا عنو، ثـ بادر إليو يسألو عف حقيقة أمره، فروى لو الولد حكايتو بالتفصيؿ، فعرؼ فيو

فا عنو. الممؾ ابنو، فضمو إليو وعانقو، وع ثـ أرسؿ إلى زوجتو أـ الولد التي كاف قد خمصيا مف

فيدوس، وكاف أبوىا قد توفي، وكانت قد ورثت العرش مف بعده، فأحضرىا إليو، وأفرد ليا جناحا خاصا في القصر وضـ ببلدىا إلى ببلده، وعيف ابنو حاكما عمييا، وقد

أصبح ممكا عمى ثمانية ببلد. ر لبمده يقتتؿ فيو أخواف عمى الحكـ، ثـ سمع ببمد مجاو

فخشي أف يكونا أخويو، فأرسؿ إلييما يدعوىما إليو، فإذا ىما أخواه، فمما عرفاه اعتذرا لو، وتنازال لو عف الحكـ،

Page 204: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 214 -

فضـ ببلدىما إلى ببلده، وعينيما وزيريف لو، وعاش يحكـ في الناس بالعدؿ، إلى أف وافاه األجؿ.

تعلقن حكاات وعناصر كثرة، حكاة متمزة، تتضم

ركبت بإتقان، وه تعالج مشكلة األخ األصؽر، قسو عله إخوته، فؽترب، وضع، وعان وتشرد، ولكن الفوز

كون له ف النهاة.

وظهر السحر ف الحكاة كما ظهر ملوك الجان، مما ثر الخال، وعبر عن تعلق اإلنسان بالعجابب، ومله

اوز المعقول والواقع. دابما إلى تج

وتبدو معاناة الؽزالة من السحر موازة لمعاناة األخ األصؽر، وه الت تساعده على لقاء إخوته، وهو الذي ساعدها على الخبلص من السحر، فإذا هما متضافران،

والعقبى ف النهاة لهما.

وف الحكاة عناصر مكرورة ف حكاات كثرة، ون، والعصا والبساط والطاقة، منها األبواب األربع

والشعرات الثبلث، والسرداب بنى بن قصرن لصل بن عاشقن، وه كلها عناصر مكرورة، ولكن ضمتها هذه

الحكاة بإحكام، ووظفتها خر توظؾ.

وف الحكاة أضا حكاات جزبة، ولكنها لست منها منفصلة وال مستقلة، وإنما ه مرتبطة بالبنة العامة،

حكاة الوحش الذي منع الماء عن البلد، وحكاة الولد التابه لتق به والده، وعرفه بعبلمة ف ده، والحمامتان المختصمتان. وتظهر ف الحكاة واضحة البنة الثبلثة،

ف اإلخوة الثبلثة، واألخوات الثبلث، والشعرات الثبلث.

كان، متعددة والحكاة طولة ف الزمان، ممتدة ف المف الشخصات، ملبة بالعجابب والخوارق والمفاجآت،

حافلة بالتحول والتؽر.

وعماد الحكاة تفرق الشمل ثم التبامه بعد معاناة

Page 205: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 215 -

ومصاعب وعقبات كثرة، وهو التبام إكد ف النهاة، االنتصار للعبلقة األسرة الحممة.

Page 206: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 216 -

اذالق

بلد حبلؽ فقير الحاؿ، حسف يحكى أنو كاف في أحد الباألخبلؽ، ورث مينة الحبلقة عف أبيو وجده، فكاف يتقنيا

أيما إتقاف. وذات يوـ دخؿ عميو رجؿ غريب، فقص لو شعره، وحمؽ لو لحيتو، ورش لو العطور، فأعجب بو الغريب، ، ليحمؽ ذقنو، وأجزؿ لو العطاء، وأخذ يتردد عميو كؿ يـو

لو في العطاء. وفي كؿ يوـ يعطيو، ويضاعؼ ودخؿ الغريب عمى الحبلؽ يوما وىو يأكؿ، فحياه، فرد عميو، ولـ يدعو إلى مشاركتو في الطعاـ، فدىش الغريب، وسألو عف سبب عدـ دعوتو إياه، فأجاب بأنو ال يريد أف يكوف بينيما خبز وممح، حتى ال يتحمؿ أحد منيما

غريب تبعة ذلؾ، وما يقتضيو مف تضحية ووفاء، ولكف الأنكر األمر، وأكد رغبتو في مشاركتو الطعاـ، ثـ أخذ يأكؿ

معو. ومرت األياـ، والصمة تزداد بيف الرجميف قوة، حتى

Page 207: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 217 -

إنيما أخذا يأكبلف معا، ويمضياف معا أوقاتا طويمة. ثـ انقطع الغريب عف الحبلؽ يوميف أو ثبلثة، فقمؽ

يب، ذات وتمنى لو يعرؼ بيتو، ليزوره، ثـ دخؿ عميو الغر يوـ شاحب الوجو، ذاوي العود، بادي اليـ، كاسؼ الباؿ، فأسرع إليو الحبلؽ ويسألو عف حالو، فأجاب بأنو رأى في الطريؽ امرأة بيره جماليا، فوقع في ىواىا، وال شفاء لو إال بالزواج منيا، فطمأنو الحبلؽ، ووعده بالمساعدة، ثـ سألو

نعـ، فما كاف مف إف كاف يعرؼ دارىا، فأجاب الغريب أفالحبلؽ إال أف أغمؽ دكانو، وطمب مف الغريب أف يدلو

عمى بيتيا، ليسعى لو في الزواج منيا. ذا ىو يتجو إلى وسار الغريب، والحبلؽ يسير إزاءه، وا الحي نفسو الذي يسكف ىو فيو، ففرح الحبلؽ بذلؾ، واستبشر، وتمنى أف تكوف المرأة ممف يعرؼ مف الجيراف،

طيع التوسط لدى أىميا، ليزوجوىا مف صاحبو. كي يستولكف قمب الحبلؽ خفؽ فجأة، وامتقع لونو، وكاد يغشى عميو، فقد أشار الغريب إلى بيتو ىو نفسو، ولما سألو عف مبلمح المرأة، وصفاتيا، أجابو الغريب بما يؤكد أف المرأة ىي زوجتو نفسيا، فغالب الحبلؽ انفعالو، ثـ

إمكاف تحقيؽ مرامو، ووعده بالمساعدة، طمأف الغريب إلى ثـ ودعو، ورجع إلى بيتو، وقد اسودت الدنيا في عينيو.

ولما دخؿ الحبلؽ عمى زوجتو، طمب منيا أف تييئ

Page 208: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 218 -

نفسيا وولدييا لمذىاب إلى أىميا، وعند أىميا أعمف أف الديوف تراكمت عميو، وأنو ال سبيؿ إلى وفائيا إال بالرحيؿ

ؿ فيو، ثـ أكد عزمو عمى طبلؽ زوجتو، إلى بمد آخر لمعمفدىشت لذلؾ زوجتو، وتوسمت إليو ترجوه أف يصحبيا معو، أو أف يتركيا إلى أف يعود، ووعده أىميا بمساعدتو، ولكنو رفض إال الطبلؽ، ثـ ودع ولديو، وىما يبكياف ويتعمقاف بو،

وخرج، وقد طمؽ زوجتو. أف يتخذ مف وفي اليوـ التالي باع الحبلؽ داره، وقرر

دكانو مأوى لو، يأكؿ فيو ويناـ، ولما دخؿ عميو الغريب، يسألو عف مساعيو، أظير الجمد، وأجابو بأف زوج المرأة قد توفي عنيا منذ مدة قريبة، والبد مف االنتظار حتى انقضاء

مدة العدة. وتكدر عيش الحبلؽ، وأصبح في أسوأ حاؿ، شحب

اب، ولكنو كاف ال يبدي لونو، واصفر جمده، وعبله االكتئ مف أمره شيئا، والسيما أماـ صاحبو الغريب.

وبعد انقضاء مدة العدة مضى الحبلؽ إلى أىؿ مطمقتو، وأخبرىـ أنو ينصح ليا بالزواج مف صاحب لو يعرفو، كي يضمف ليا السعادة، ويكفؿ لولديو حسف التربية،

ىؿ وأخذ يزكي صاحبو، ويشيد بأخبلقو الحميدة، فدىش األلسعيو، وأنكروه، ولكف ظؿ يحاورىـ، حتى أقنعيـ باألمر

كمو.

Page 209: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 219 -

ثـ أخذ الحبلؽ يساعد صاحبو الغريب، ويعينو عمى تجييز نفسو لمزواج، فينزؿ معو إلى السوؽ لشراء األثاث والثياب واليدايا، وال يتردد في تقديـ النصح والمشورة،

عمى وصاحبو الغريب يسألو عف األمور كميا، ويستعيف بو قضائيا، إلى أف كاف الزفاؼ، فأرسؿ الحبلؽ إلى صاحبو

مع أحد الخدـ ىدية الزواج.ومرت األياـ، والغريب ىانئ بزواجو، وىو ما يفتأ ، ليعرب لو عف سروره بالزواج، يزور صاحبو كؿ يـوواطمئنانو إلى زوجتو، وسعادتو بيا، ويشكر لو مساعيو،

يكظـ ما بنفسو ويكتمو. والحبلؽ يتميز قيرا وألما، ولكنووذات يوـ دخؿ الغريب عمى الحبلؽ ليخبره بعزمو عمى الرحيؿ إلى ببلده، واصطحابو زوجتو وولدييا مف الزوج السابؽ، ثـ كرر شكره لو عمى مساعيو، ودعاه إلى زيارتو في بمده، وودعو، فعانقو الحبلؽ، والدموع تتفجر مف

مآقيو.ريب البمد، باع الحبلؽ وفي اليوـ التالي لمغادرة الغ

دكانو، وأدوات الحبلقة، وقرر أف يسوح في الببلد، فقد عز عميو المقاـ.

وأخذ الحبلؽ ينتقؿ مف بمد إلى بمد، ضائؽ النفس، كاسؼ الباؿ، شارد المب، ال يموى عمى شيء، ليمو حزف، ونياره اكتئاب، حتى بمغ بمد صاحبو الغريب، فقصد إليو،

Page 210: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 201 -

ة، وىو في أفخـ حاؿ، وأبيى مظير، فوجده في محؿ لمتجار فرحب بو صاحبو خير ترحيب، وتعجب لحالو، ثـ دعاه إلى منزلو فاعتذر، ووعده أف يزوره كؿ يوـ في متجره، وعرض عميو مبمغا مف الماؿ يساعده بو، فأبى أف يأخذ

شيئا.وأخذ الحبلؽ يتردد كؿ يوـ عمى متجر صاحبو، يقعد

ثـ يمضي ليتوه في دروب عنده ساعة أو بعض الساعة، البمدة، مشرد الخطا، تائو الفكر.

، وىو قاعد مع صاحبو في متجره، دخؿ وذات يـوولداف إلى المتجر، ما إف لمحاه، حتى أسرعا إليو، وىما

، وارتميا في حجره، وحاوؿ الحبلؽ أف ”بابا، بابا“ييتفاف: يشيح عنيما بوجيو، ولكف عاطفة األبوة غمبتو، فعانقيما

ىو يبكي.و وبيت الغريب لما رأى، فسأؿ صاحبو الحبلؽ تفسير ذلؾ، فمـ يجب بشيء، ونيض ييـ باالنصراؼ، ولكف صاحبو أقسـ عميو إال أف يطمعو عمى حقيقة األمر، فروى

لو الحكاية مف أوليا إلى آخرىا.ودىش الغريب لما سمع مف الحبلؽ، ثـ اعتذر إليو،

أف يصحبو إلى بيتو، وأسؼ لما كاف منو، وآلى عميو إال وىناؾ عرض عميو الزواج مف أختو، فوافؽ.

وخبلؿ أياـ، تـ زواج الحبلؽ مف أخت صاحبو

Page 211: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 200 -

الغريب، وقد اشترى لو دارا، ورد عميو ولديو، وأوصى أختو بيما خيرا، وجعمو شريكا في متجره، وتنازؿ لو عف نصؼ

أموالو. ، وقد ولكف الحبلؽ لـ يكف لو طمع في شيء مف الماؿ

اطمأنت نفسو بعض االطمئناف إلى ما صار إليو، فرأى أف يعود إلى بمده، فحمؿ زوجتو وولديو، وودع صاحبو، ورجع إلى

بمده، واشترى لنفسو دكانا فيو، وعاد إلى عممو القديـ. تعلق:

تقدم هذه الحكاة مثبل عجبا للصداقة والتضحة فه مة علا وراء ذلك كله، قدر كبر من المبالؽة، ولس ثمة ق

سوى محض الصداقة والتضحة وكؤن ذلك الرجل الذي حل على الحبلق ضفا لس سوى القدر.

وكل ما تفعله الحكاة هو إثارة الشعور بالحزن واإلحساس باأللم لتضحة الحبلق الكبرة، وما تحمله من مكابدة وتشرد وعناء، وهو حزن ال هذب طبعا، بل كاد

مرء نفر من ذلك الشكل من أشكال الصداقة جعل ال والتضحة.

وعلى الرؼم من انتهاء الحكاة بشء من السعادة، وذلك بزواج الحبلق من أخت صدقه، فه ؼر مقنعة، وال تعوض الحزن السابق، وال تجزي عن التضحة

الكبرة الت قدمها الحبلق.

طول وف الحاالت كلها تظهر المرأة ال حول لها وال وال قرار وال رأي، بل ال تكاد تظهر، وإنما طلقها هذا وتزوجها ذلك، لمجرد أن هذا قد رآها فؤحبها، وه ال

تدري من أمره شبا.

وبدو الهدؾ من الحكاة ؼابما، وال عقل أن كون تمجد الصداقة أو التضحة، بل لعله إدانة الحب الذي قاده

Page 212: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 202 -

على مثل تلك المواقؾ.

كاة تقوم على عنصر المصادفة المتمثل ف حب والحالضؾ زوجة صدقه الحبلق من ؼر أن عرؾ، وهو عنصر ضعؾ من بناء الحكاة، كما ضعؾ من قوتها أضا كتمان الحبلق مشاعره، وتضحته الكبرة ألجل

صدقه.

Page 213: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 203 -

ابي واجى

يـ، كاف لرجؿ عجوز ثبلثة أبناء، أفنى عمره في تربيتوالعمؿ عمى إسعادىـ، وقد سعى إلى تزويجيـ جميعا، ثـ قسـ فييـ أموالو، كي يباشر كؿ واحد منيـ حياتو مستقبل، وأبقى الرجؿ لنفسو دارا صغيرة، أقاـ فييا وحده، يمضي فييا بقية عمره، قانعا بالقميؿ، ىانئا بقيامو بواجبو نحو

يف وحيف، كي أوالده، وقد تمنى عمييـ أف يزوروه بيف ح يسعد برؤيتيـ.

ولقد أخذ األوالد بالتردد عمى أبييـ، كما أوصاىـ، ولكف مع األياـ زادت مسؤولية كؿ واحد منيـ، كما زاد اىتمامو بالحياة، واشتغالو بيا، فقمت زيارتيـ ألبييـ، ثـ نسوه، حتى بات وحيدا، وىو الذي قسـ فييـ ما كاف يممؾ

أو سنتاف، حتى قؿ ما ادخره مف أمواؿ، وما ىي إال سنةلنفسو، وبات ميددا بالجوع والحرماف، فحار في أمره، ولـ يجد ما يفعؿ؟! فقصد أوالده واحدا واحدا، يسأليـ عف أحواليـ، مف غير أف يبدي ليـ شيئا مف الضيؽ، فأبدوا كثيرا مف الجفاء، فمما عاتبيـ في إىماليـ إياه، أنكروا عميو

Page 214: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 204 -

ما ىـ فيو مف -كما ادعوا-إذ يكفييـ ذلؾ، والموه، مسؤولية، وانشغاؿ بأسرىـ وأحواليـ.

ورجع األب مف لقاء أوالده مخذوال، نادما عمى تفريطو بما كاف لديو مف ماؿ، آسفا عمى ما كاف لو مف عزة وجاه، ومضى إلى بيتو، ال تحممو قدماه، مف الحزف واأللـ، وقبع

وشرابو، وىو في كرب في ركف داره، يقتصد في طعامووضيؽ، واألياـ تمر بو قاسية مؤلمة، حتى أمسى في أسوأ حاؿ، فقد بمي ما كاف عنده مف ثياب، وكاد ينفد ما بقي لديو مف ماؿ، وىزؿ جسمو، وتغير لونو، ودب فيو العجز، فمـ يجد بدا مف أف يقصد أحد أصحابو، ليجد شيئا مف

العزاء، والنصيحة.و، ورأى ما صار إليو مف حاؿ، وحيف لقيو صاحب

عاتبو والمو عمى تفريطو بأموالو ثـ نصح لو أف يعمد إلى أرض غرفتو، التي ىو فييا، فيحفر فييا حفرة، ثـ ينزؿ فييا جرة فارغة، ويجعؿ فوىتيا مع مستوى األرض، ثـ يرمي فييا ما يكنسو كؿ يوـ مف أرض الغرفة، وفناء الدار، مف

امتؤلت، إال قميبل، سد فوىتيا غبار وتراب، حتى إذا باالسمنت، وغطاىا بالحصير، ووعده صاحبو أف يزوره،

حيف تمتمئ، ليخبره بما يجب عميو فعمو، بعد ذلؾ.ورجع األب إلى بيتو، وقاـ عمى الفور بتنفيذ ما نصح لو بو صاحبو، ولـ تمض بضعة أياـ، حتى امتؤلت الجرة،

ار وتراب، مما يكنسو أو كادت، بما كاف يرميو فييا مف غب

Page 215: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 205 -

مف فناء الدار، فسد فوىتيا، وغطاىا بالحصير، وقعد ينتظر صاحبو.

ولما زاره صاحبو، عرض عميو ما فعؿ، ففرح بذلؾ، وأخبره أنو سيمر بأبنائو واحدا واحدا، ليؤكد ليـ أف أباىـ مازاؿ بخير، وأنو يممؾ مف الماؿ أكثر مما أعطاىـ، وأنيـ

ا، ثـ نصح لصاحبو أف يتوقع قصروا في حقو تقصير زيارتيـ، وطمب منو أف يعمد إلى الحصير، فيكشؼ طرفيا أماـ أبنائو، واحدا واحدا، وينقر عمى موضع الجرة، ليوىميـ ألنو مازاؿ يممؾ قدرا جيدا مف الماؿ، قد خبأه في ىذه

الجرة، وأنو ليـ، إف ىـ عنوا بو.عمى الفور أف وفي اليوـ التالي دؽ الباب، فأدرؾ

القادـ ابنو، فرحب بو، وقاده إلى غرفتو، وكاف الولد مدفوعا بطمع شديد، إلى معرفة ما يممؾ أبوه، فبعد قميؿ مف السؤاؿ عف الصحة والحاؿ، واالعتذار عما كاف مف تقصير، سأؿ أباه إف كاف في حاجة إلى شيء، فاتنفض األب غاضبا،

حد، ثـ رفع طرؼ وأكد أنو بخير، وليس بحاجة إلى أالحصير، عف موضع الجرة، ونقر عمييا، فرنت رنينا، فقاؿ

لو: "أتسمع؟ إني ماأزاؿ أحتفظ بجرة مف الماؿ."

فطمع الولد، ورغب في أف يحظى بالجرة، دوف إخوتو، أو بأكبر قدر مما فييا، فبادر إلى إرساؿ زوجتو، لتكنس

Page 216: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 206 -

اـ، وبدأ ألبيو البيت، وتسير عمى رعايتو، وتحمؿ لو الطع. يزوره كؿ يـو

وفي اليـو الثاني، زاره ولده الثاني، فكاف مثمو مثؿ أخيو، وكذلؾ كاف شأف الولد الثالث، ومنذئذ أخذ األوالد ييتموف بأبييـ،

ويعنوف بو أشد العناية، بدافع مف الطمع بمالو.وذات يوـ زاره صديقو، ليطمئف عميو، فرآه في أحسف

نظيفة، بيتو مفروش ومكنوس، حاؿ، وىو في ثياب جديدة والطعاـ عنده كثير، ومظاىر النعيـ بادية عميو، فينأه، بما

ىو فيو، عمى حيف شكر الرجؿ لصاحبو نصيحتو.وىكذا أمضى األب بقية عمره، ىانئا باىتماـ أوالده بو، حتى وافتو المنية، فأسرع أوالده في تجييزه ودفنو، وباتوا

حتى يقتسموا ما في الجرة، ينتظروف مضي يوـ أو يوميف،ولما كاف اليوـ الثالث، بادروا إلى إخراجيا، وىموا بكسرىا، ولكف بدأت عبلئـ االختبلؼ تظير عمييـ، فكؿ واحد يدعي أنو عني بوالده أكثر مف اآلخر، وأف مف حقو أف يحظى بقدر أكبر مما في الجرة، وبينما ىـ في خبلؼ ونزاع، دخؿ

كاف يتوقع ذلؾ منيـ، فباغتيـ، عمييـ صديؽ أبييـ، و فخجموا، ثـ اعترفوا بما ىـ فيو مف خبلؼ، وسألوه رأيو، فنصح ليـ أف يمجؤوا إلى شيخ في البمدة، كي يقسـ الجرة

فييـ.ومضى األوالد إلى الشيخ، فحدثوه عف أمرىـ، فوعدىـ

Page 217: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 207 -

أف يأتييـ في المساء، ليقسـ الجرة فييـ، ثـ مضى إلى ا كثيرة مف القماش، ولما كاف المساء، السوؽ، فاشترى أمتار

ذىب إلى األوالد، يحمؿ ما اشترى، وىو يتوكأ عمى عصا غميظة، ولما دخؿ عمييـ أخبرىـ أنو سيضع الجرة عمى رأسو، وأف كبيرىـ سيضربيا بعصاه، وليس ليـ بعدئذ سوى أف يمتقطوا ما في الجرة، وقد تناثر عمى األرض، ولكؿ

التقاطو، وامتعض األوالد مف طريقة واحد منيـ ما يستطيع االقتساـ، ولكنيـ رأوا ال مفر ليـ مف القبوؿ.

ولجأ الشيخ إلى القماش، فمفو عمى رأسو، طمعا في أف يحظى بقدر أكبر مما سيتساقط مف الجرة، فإذا حوؿ رأسو لفة عريضة جدا، كاف األوالد ينظروف إلييا مستائيف، ثـ

األوالد إلى التحمؽ حولو، ثـ وضع الجرة عمى رأسو، ودعا ناوؿ عصاه إلى كبيرىـ، وأمره بضرب الجرة، فحمؿ الكبير العصا، ولوح بيا، ثـ ضرب الجرة ضربة عنيفة، فانفجرت، وتناثر ما فييا، مف تراب وغبار، مؤل الغرفة، وسد عمى األوالد والشيخ العيوف واألنوؼ واآلذاف، فعبل الصراخ

ج، ومضوا يبحثوف عف الباب، والسعاؿ والمغط والضجيوبعضيـ يصطدـ ببعض، وكاف آخر مف خرج الشيخ، فقد

كاف أكثرىـ حظا مما في الجرة. تعلق:

تدن هذه الحكاة عقوق األبناء آلبابهم، وتكشؾ ما قد كون عله بعض األبناء من تقصر تجاه والدهم، فبل

منه.عنى الولد بؤبه، وال بره إال بقدر ما ستفد

Page 218: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 208 -

ومرجع هذه العبلقة ؼر السلمة إلى المال، الذي فسد بن األب وأبه واألخ وأخه.

ومما الشك فه أن الحكاة تدن المال، كما تسخر من الطامعن فه والمتعلقن به.

والحكاة ال تخطو من كآبة وحزن، ؼاتها اإلصبلح واإلرشاد، من خبلل تقدمها النموذج السلب.

Page 219: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 209 -

اذع امغى

يحكى أف فتى مف أمراء العرب كاف شقيا، يعاقر الخمر، وال يتورع عف ارتكاب المحرمات، كثير الميو والمجوف، وكاف ذات يوـ منطمقا في الصحراء عمى ظير فرسو، يقصد الصيد، فإذا ىو بيف جبميف، أماـ رجؿ عجوز، ذي لحية بيضاء، ينتقؿ بخطوة واحدة مف ىذا

إلى ذاؾ، ثـ ينحني عمى األرض، فيقتمع نبتة الجبؿصغيرة، ثـ ينتقؿ إلى الجبؿ اآلخر، ليضع ىذه النبتة، إلى جانب نبتة أخرى ىناؾ، وكاف ما ينفؾ ينتقؿ بيف الجبميف، فدىش الفتى لمرآه، ولما اقترب منو، سمـ عميو وسألو عف

أزوج بنت المشرؽ البف “عممو، فأجابو الشيخ العجوز: ، وابف المشرؽ لبنت المغرب، وأركب حظ ىذا عمى المغرب

أريد “فقاؿ لو الفتى: ”. حظ ىذه، وحظ ىذه عمى حظ ذاؾ، فقاؿ لو الشيخ العجوز: “أف تنظر لي حظي أيف يكوف؟

حظؾ في مضارب الشرؽ، وضعتيا أميا ىذه الساعة، “وىي بنت فبلف، وأميا فبلنة، فشكر لو الفتى الجواب،

Page 220: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 221 -

المضارب، وفي نيتو فعؿ شيء ما، فقد وأسرع إلى تمؾ قرر مف قبؿ أال يتزوج ألبتة.

ولما بمغ المضارب، وجد القوـ في فرح وابتياج، بمناسبة المولودة، فنزؿ فييـ، فرحبوا بو، وأكرموا وفادتو، ولما كاف الميؿ، تسمؿ إلى خيمة البنت، فدخميا، حتى

شقو، بمغيا، فانتفى سكينة، وطعف بيا صدر الطفمة، و وخرج، ثـ مضى بعيدا عف مضارب القوـ، مرتاحا إلى

. خبلصو مف حظو المقسـو، فرأوا الطفمة في رامة ولما كاف الصباح، أفاؽ القـومف دميا، فمجؤوا إلى امرأة عجوز، تمارس الطب عندىـ، فعممت عمى خياطة الجرح، ودىنتو بما تصنعو بنفسيا مف

حتى شفي الجرح، وكتبت مراىـ، وما ىي إال أشير وأياـ، لمبنت السبلمة والنجاة.

ومضى ذلؾ الفتى يسدر في فجره وفسوقو، حتى كاف يوـ توفي فيو أبوه، وىو أمير، فحزف لموتو أشد الحزف، وأحس بحقيقة الحياة، ورأى نفسو أماـ المصير، فاستغفر ربو وتاب، وأقمع عف الغي والفساد، وقد أسندت إليو اإلمارة

الده.مف بعد و ومرت األياـ، وىو مشغوؿ باإلمارة، وبالضيوؼ، وبالقبائؿ التي تفد عميو، ولكنو أحس ذات يوـ بحاجة إلى زوجة، يطمئف إلييا ويرتاح، ويحس في قربيا بالسعادة

Page 221: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 220 -

والرضا واألماف، فأخذ يبحث عف زوجة صالحة، ومضى يفكر بمف يعرؼ مف األىؿ واألقارب، ولكنو لـ ييتد إلى

بغيتو.وذات يوـ خرج إلى الصيد، وابتعد عف مضارب قبيمتو، وتاه في الصحراء، فرأى مف بعيد خيمة وحيدة، فمجأ إلييا، فاستقبمو صاحب الخيمة وزوجتو، وكانا عجوزيف، خير استقباؿ، وشاركتيما في االستقباؿ فتاة صبية، ىي

ابنتيما.، عمى الرغـ مف فقرىـ، وأكرموا وفادتو، وأضافو القـو

كاف قد أعجب بالفتاة اإلعجاب كمو، فقرر خطبتيا، و وحدث والدىا في األمر، فوافؽ، فنقميـ جميعا إلى مضارب

قبيمتو، وفي بضعة أياـ تمت االستعدادات لمزواج.وليمة الزفاؼ، دخؿ الفتى عمى عروسو، ولما خبلؿ بيا، رأى أثر جرح غائر في صدرىا، فسأليا عنو، فروت لو

ا أىميا عف فتى غريب، نزؿ في ضيافتيـ ماكاف يرويو لييوـ والدتيا، ثـ غدر بيا، فعرؼ فييا عمى الفور حظو

المقسوـ، الذي كاف الشيخ العجوز قد أخبره بو.واستغفر الفتى لذنبو، وعاش مع زوجتو، في ىناءة

وسرور، وأنجبا البنيف والبنات. تعلق:

ه تإكد الحكاة قوة القدر الذي المكن أن رد، وتقدم لذلك مثبل فه قدر ؼر قلل من المبالؽة، ولكنها

Page 222: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 222 -

مبالؽة فنة جملة.

والحكاة تهدؾ إلى الوعظ، وتسعى إلى النصح بالتسلم للقدر، والقبول بما هو مقسوم، كما تلمح إلى أنه ال مفر للمرء وال ملجؤ له إال إلى باربه، لجد الراحة

واالطمبنان.

دور فه للمرأة وال خار، وه تدل على مجتمع ال وال فعل، فالدور كل الدور للرجل وحده.

ولعل أجمل ماف الحكاة هو الشخ العجوز الذي زاوج بن نبتة ف هذا الجبل وأخرى ف ذاك، وه صورة مبتكرة، ترمز بالشخ إلى القدر، كما ترمز

بالنبتتن إلى الزوجن.

Page 223: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 223 -

اغىخ واإلخىح اثالثخ

حكي أف غولة سكنت في مغارة قريبة مف إحدى يالقرى، فأخذت تغير كؿ يوـ عمى بيت، فتيدد صاحبو إذا ىو لـ يخرج ليا بأنيا سوؼ تنفخ عمى بيتو فتيدمو، وتمتيمو ىو وزوجتو وأوالده، وكانت بيوت القرية كميا مبنية مف الطيف، فكاف صاحب البيت يخاؼ، فيخرج إلى الغولة،

والده، فتمتيمو، حتى إنيا أتت عمى بيوت فداء زوجتو وأالقرية كميا، والتيمت كؿ رجاليا، ولـ يبؽ سوى األطفاؿ

والنساء. وكاف يسكف في طرؼ مف أطراؼ القرية ثبلثة إخوة، أحدىـ يعمؿ صانع منا خؿ، واسمو منيخبلف، والثاني يعمؿ قزازا، واسمو قزيزاف، والثالث يعمؿ حدادا، واسمو حديداف،

انت الغولة قد بدأت بيـ أوؿ األمر، ولكف أحدا منيـ لـ وك يخرج، ألنيـ كانوا واثقيف أف بيوتيـ لف تتيدـ.

ولما لـ يبؽ في القرية بيت إال مرت بو، والتيمت صاحبو، عادت ثانية إلى بيوت اإلخوة الثبلثة، وقررت أف

تمجأ إلى الحيمة، كي تمتيميـ واحدا واحدا.

Page 224: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 224 -

رعت الباب عمى أصغرىـ، وفي اليوـ األوؿ قوىومنيخبلف، ودعتو لمخروج إلى كـر التيف، ليشاركيا في قطافو، فأدرؾ أنيا تتوى التيامو، فوافؽ عمى الدعوة، وطمب

منيا أف تسبقو، ووعدىا أف يمحؽ بيا.وأسرع منيخبلف إلى أخويو يخبرىما باألمر، فمضى

، وقد ىيؤوا كتبل صغيرة مف الط يف، الثبلثة إلى الكـرجعموىا عمى ىيئة التيف، ثـ بحثوا عف أكبر شجرة في ، وعمقوا تمؾ الكتؿ عمى أغصانيا، ورجعوا إلى الكـر

بيوتيـ.، وأخذت تنتظر وصوؿ وجاءت الغولة إلى الكـرمنيخبلف، ولما تأخر عمييا، ويئست مف مجيئو، قامت، ، وأخذت تمتيـ ما تجده فبحثت عف أكبر شجرة في الكـر

ا مف طيف، وىي تظنو تينا، حتى أتت عميو عمى أغصاني كمو.

ورجعت إلى منيخبلف، وأخذت تقرع عميو الباب، فمما أطؿ عمييا مف نافذة بيتو، بدأت تمومو عمى عدـ حضوره، وتؤكد لو ظفرىا بالتيف وحدىا، فأخذ يضحؾ، وىو يخبرىا أف ما التيمتو طيف، وما ىو بالتيف، فتنبيت إلى حماقتيا

أخذت تيدده وتوعده، وتطمب منو النزوؿ إلييا، وغفمتيا، و ال، فإنيا ستنفخ عمى بيتو حتى تيدمو، فسخر منيا وقاؿ وا

ليا: "انفخي كما تشائيف، فإني ال أخاؼ".

Page 225: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 225 -

وأخذت تنفخ عمى بيتو، ولكنو بيتو لـ يتيدـ، ألنو مبني مف النسيج الذي يصنع بو المنخؿ، وكمو ثقوب

، وال تؤثر فيو.وثغرات، الريح تنفذ مف خبللووفي يوـ آخر قرعت الباب عمى األخ األوسط، وىو قزيزاف، فخرج ليا، فدعتو إلى الحقؿ، اللتياـ الخيار، فوافقيا عمى الدعوة وطمب منيا أف تسبقو، ثـ أسرع إلى أخويو يخبرىما باألمر، ومضى اإلخوة إلى الحقؿ، فقطفوا

عوا إلى الخيار كمو، ووضعوا بدال منو الكوسا، ثـ رج بيوتيـ.

وقدمت إلى الحقؿ، وأخذت تنتظر، ولما تأخر عمييا قزيزاف، ويئست مف حضوره، قامت، فالتيمت كؿ ما في الحقؿ مف كوسا، وىي تحسبو خيارا، ثـ مضت إلى قزيزاف وأخذت تقرع عميو الباب، فأطؿ عمييا، مف نافذتو، فبدأت

، فأخذ تمومو عمى عدـ حضوره، وتؤكد لو أنو خسر كثيرا يضحؾ، وىو يخبرىا أنو جنى الخيار كمو، وأف ما أكمتو

نما كوسا. ليس خيارا، وا وثار الغضب في نفس الغولة، وطمبت مف قزيزاف أف ينزؿ ال فإنيا ستنفخ عمى بيتو حتى تيدمو، فسخر منيا إلييا، وا

قزيزاف، وقاؿ ليا: "انفخي كما تشائيف، فإني ال أخاؼ".و، ولكف بيتو لـ يتيدـ، ألنو مبني وأخذت تنفخ عمى بيت

مف القزاز، يصد الريح، وال تستطيع أف تؤثر فيو شيئا.

Page 226: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 226 -

وفي يوـ ثالث قرعت الباب األخ الثالث، وىو حديداف، ودعتو إلى الغابة، لقطع األشجار، وصنع الحطب، فوافقيا،

وطمب منيا أف تسبقو، ووعدىا أف يمحؽ بيا.ا باألمر، ومضى وأسرع حديداف إلى أخويو يخبرىم

اإلخوة الثبلثة إلى الغابة، اقتطعوا بعض األشجار، وصنعوا كومة مف الحطب، قعد حديداف في داخميا، وقاـ األخواف

بحزميا بالحباؿ، ثـ رجعا إلى البيت.وقدمت الغولة إلى الغابة، فرأت كومة الحطب، جاىزة محزومة، ففرحت بظفرىا بيا دوف حديداف، فحممتيا عمى

ا، ومضت بيا نحو بيتيا، وفي الطريؽ أحست بثقميا، ظيرىولكنيا عممت ذلؾ بكبر الكومة وكثرة ما فييا مف حطب، ثـ أخذ حديداف يخزىا بمسمة في يده، فتتحمؿ الوخز، متوىمة أف أعواد الحطب ىي التي تخزىا، ومضت عمى الفور إلى

بيت حديداف.وكاف حديداف قد قطع الحبؿ الذي حزمت بو كومة الحطب، وأسرع إلى بيتو، فمما قرعت عميو الغولة الباب، وأطؿ عمييا مف نافذتو، فأخذت تمومو ألنو لـ يحضر إلى الغابة، وتذكر لو ظفرىا بكومة حطب، وتؤكد خسارتو، فأخذ يضحؾ منيا، ويذكرىا بالوخز وثقؿ الحمؿ، ويؤكد ليا

أنو كاف مختبئا في كومة الحطب.با شديدا، وطمبت إليو وعندئذ غضبت الغولة غض

Page 227: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 227 -

ال فإنيا ستنفخ عمى بيتو، لتيدمو، فسخر منيا النزوؿ، وا حديداف، وقاؿ ليا: "انفخي كما تشائيف، فإني ال أخاؼ".

وأخذت تنفخ عمى بيتو، ولكف بيتو لـ يتيدـ، ألنو مبني مف الحديد، والريح ال تؤثر فيو، وكانت الغولة في غضب

يبل، إلى أف انفجرت وماتت.شديد، فظمت تنفخ طويبل طو تعلق:

حكاة طرفة، فها قدر ؼر قلل من التسلة واإلمتاع، وه كما بدو موجهة إلى األطفال، ولكنها ال

تخلو من رمز جمل.

والحكاة تإكد إمكان االنتصار على الخطر أا كان شكله أو حجمه أو أسلوبه، إن لم كن بالصدام المباشر، فبالذكاء

لحلة، وبالثقة بالنفس والعزمة، والتعاون وحسن التدبر.وا

إن كل أخ من اإلخوة الثبلثة لجؤ إلى الحلة ف مواجهة الؽولة، ونجح ثبلثتهم ف التصدي لها، حتى كون لهم النصر

علها، ف الوقت الذي خاؾ كل الرجال، واستلموا لها.

وبلحظ أن بوت اإلخوة الثبلثة ه أضعؾ بوتأهل القرة، فبوتهم من منخل وزجاج وحدد، وأقوى منها ف الحققة بوت أهل القرة ه من حجر وطن. وهذا إكد أن القوة لست ف المادة وإنما ف اإلنسان، ولست

ف جسده وإنما ف عقله.

كما بلحظ أضا أن المنخل والزجاج والحدد عناصر لمهارة اإلنسانة ف مكن أن توح بشء من الصناعة وا

مجتمع رف بوته كلها من حجر وطن، وهذا عن بصورة ؼر مباشرة االنتصار للصناعة من خبلل مهارة

اإلخوة الثبلثة وذكابهم.

ومكن أن تعد الؽولة رمزا مطلقا ألي شكل من أشكال القهر والظلم والقمع واإلرهاب.

Page 228: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 228 -

ف وعلى كل حال، مكن أن تقرأ الحكاة كما هالظاهر من ؼر أن تحمل أي قدر من الرمز أو اإلحاء،

وتظل محتفظة بجمالها وجاذبتها وقوة تؤثرها.

ومرجع جمال الحكاة عفوتها، وذكاء اإلخوة ف مواجهة الؽولة، وقدرتهم على تحدها واالنتصار علها،

كما تبلحظ البنة الثبلثة واضحة ف الحكاة.

اات الجن والؽبلن من أجمل وتبقى ف الواقع حكالحكاات وال سما لدى األطفال، فه تنم لدهم ملكة الخال وتقوي لدهم روح التحدي، وتنزع من نفوسهم

الخوؾ والضعؾ، وتزدهم قوة.

خ اغجخ

يحكى أف رجبل غنيا كاف قد تزوج عدة مرات، وفي كؿ مة مف الزواج، حتى مرة كانت زوجتو تموت بعد أشير قمي

اشتير أمره في الناس، وعرؼ، فأصبحت كؿ فتاة تخشى ف كانت في الحقيقة مف تقدمو إلى خطبتيا وتخاؼ، وا ترغب في ذلؾ، وتطمع، فقد كاف غنيا وافر الغنى، وكاف يعيش في قصر كبير، تحمـ كؿ فتاة بالعيش فيو،

Page 229: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 229 -

واالستمتاع بما فيو مف وسائؿ الترؼ والرفاىية.قد تزوج مف أسرة فقيرة بنتا صبية، وبعد أقؿ مف وكاف

شير توفيت، فتقدـ إلى األسرة نفسيا يخطب شقيقتيا، خوتيا السبعة فوافقت البنت عمى الفور، ولكف أباىا وا رفضوا ذلؾ، فيي البنت الوحيدة المتبقية عندىـ، ولكف البنت أصرت، وأكدت رغبتيا في الزواج مف ذلؾ الغني،

فاة شقيقتيا، والزوجات السابقات جميعا.كي تكتشؼ سر و وتـ الزواج، وعاشت الفتاة في القصر عيشة ىانئة، فييا الرغد والوفر الكثير، وحظيت مف زوجيا باىتماـ بالغ، وعناية كبيرة، بؿ لقيت منو تعمقا شديدا، كاد ينسييا غايتيا،

وىي البحث عف سبب وفاة أختيا.الثياب، وتييأ وذات صباح، ارتدى الزوج فاخر

لمخروج، ورافقتو زوجتو إلى الباب مودعة، وقبؿ أف يخرج ىذه مفاتيح “ناوليا حمقة فييا مفاتيح كثيرة، وقاؿ ليا:

أربعيف غرفة مف غرؼ القصر، يمكنؾ أف تتفرجي عمى تسع وثبلثيف غرفة، وتتسمي بمحتوياتيا، في غيابي، ولكني

ثـ ”. دـ فتحياأحذرؾ مف الغرفة األربعيف، وأطمب منؾ ع تركيا في القصر وخرج، وبيف يدييا مفاتيح الغرؼ كميا.

وأخذت تطوؼ في أرجاء القصر، تتفرج عمى غرفو واحدة واحدة، وتدىش لما تحويو كؿ غرفة مف أثاث وفراش ورياش، يفوؽ ما تحويو الغرفة األخرى، مما يذىؿ لو

Page 230: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 231 -

الناظر.وأمضت عمى ىذه الحالة أياما، وىي تسأؿ كيؼ يسمح ليا الزوج بدخوؿ الغرؼ جميعا، عمى الرغـ مما فييا مف أثاث ثميف، وال يسمح ليا بدخوؿ الغرفة األربعيف؟! وكانت تفكر دائما بفتحيا، والدخوؿ إلييا، ولكنيا كانت

تتردد وتخاؼ.وذات يوـ وضعت مفتاح الغرفة األربعيف في قفؿ

دمت، الباب، وأدارتو، ثـ أحجمت، ولكنيا عادت، فأقوفتحت الباب، فصر صريرا راعبا، ومدت رأسيا مف شؽ الباب، فدىشت، وثار في نفسيا الخوؼ، فالغرفة خاوية، وال

شيء فييا، سوى الغبار والعناكب.وأدركت عمى الفور أف في ىذه الغرفة يكمف سبب وفاة الزوجات السابقات، وأف وراء ىذا الفراغ سرا كبيرا، يخفيو

ويحذرىا بسببو مف فتح الغرفة. عنيا زوجيا، ودخمت، وفي عمؽ الغرفة رأت خزانة خشبية، تقدمت منيا بحذر وخوؼ، ونظرت، فإذا بابيا مف غير قفؿ، فتحتو فانفتح، وعمى رؼ مف رفوؼ الخزانة رأت قطعة قماش بيضاء، عتيقة، مصفرة، يعموىا الغبار، فمـ تممسيا، وأغمقت

قفمت باب الغرفة.الخزانة عمى الفور، وخرجت، وأوفي المساء رجع الزوج كعادتو، فسأليا عف يوميا كيؼ أمضتو، فأكدت لو سرورىا بما رأت في الغرفة مف

Page 231: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 230 -

أثاث فاخر، ثـ حاولت التشاغؿ بعد ذلؾ بإعداد مائدة ولكف لـ تسأليني “ العشاء، ولكنيا فوجئت بو يقوؿ ليا:

”عف سر القماش األبيض في الخزانة الخشبية؟!قت، وأدركت عمى الفور أنو عرؼ أنيا فتحت فصع

الغرفة األربعيف، ولـ تجد مفرا مف االعتراؼ، وىي في خوؼ وقمؽ شديديف، ولكف الزوج تبسـ، وأظير ىدوءا باردا، ثـ أكد أنو ال يبالي باألمر، ثـ رجاىا أف تنساه، وأخذ يعبر عف اىتمامو بيا ، وحرصو عمييا، ولكف ىذا زاد مف

أخذت ترجوه أف يخبرىا بسر الغرفة، والقماش قمقيا، فاألبيض، وبعد إلحاح منيا، وتوسؿ، ورجاء، أخبرىا أنو يحتفظ بذلؾ القماش لميمة الغنجة، وزادىا ذلؾ قمقا، فأخذت تسألو عف تمؾ الميمة، كيؼ ىي؟! ومتى تكوف؟ فمـ يجب،

ووعد أنو سيخيرىا بأمرىا في الوقت المناسب.وترقب، متوفزة األعصاب، وال وأخذت تعيش في قمؽ

، وىي تنتظر تمؾ الميمة، متوقعة تسعد بطعاـ؛ وال تينأ بنـو فييا الخطر، بؿ الموت.

وذات صباح، وقبؿ أف يخرج الزوج مف القصر، أخبرىا أف الميمة القادمة ىي ليمة الغنجة، وطمب منيا أف ة تتييأ ليا، وأف تكوف في زينتيا الكاممة، وأف ترتدي حمة ليم الزفاؼ، وأوحى ليا أنيا ليمة لذة وسرور، ثـ ودعيا وخرج.

ولكف الزوجة أحست في كبلمو الخداع، فأسرعت إلى

Page 232: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 232 -

خوتيا، وأخبرتيـ باألمر كمو، ثـ دعتيـ إلى النزوؿ أبييا وا في غرفة قريبة مف الغرفة األربعيف، واالختباء فييا، والتييؤ

لنجدتيا، إذا ما أحسوا بالخطر.تزينت، وارتدت حمة ليمة الزفاؼ، ولما ثـ تييأت، و

حضر الزوج في المساء، أظيرت رباطة جأش، واستعدت لكؿ االحتماالت، ولكف الزوج كاف لطيفا المطؼ كمو،

فآنسيا، وتناوؿ معيا طعاـ العشاء، وأبدى رقة مفرطة.وفي الغرفة األربعيف، أخرج القماش األبيض مف

لقدمو واصفراره، ثـ الخزانة، وبسطو عمى األرض، واعتذررجاىا بمطؼ شديد أف تستمقي فوؽ ذلؾ القماش، فترددت، خوتيا في الجوار. ولكنيا استجابت، مطمئنة إلى أف أباىا وا ومرة أخرى اعتذر ليا الزوج، وأكد ليا أنو مضطر إلى لفيا بالقماش األبيض، وربطو بحزاـ متيف عند قدمييا،

، فاستجابت لذلؾ، وعند رأسيا، حتى تبدأ ليمة الغنجةورضيت، وعند ئذ أخذ يدغدغ أخمص قدمييا بيدوء ونعومة، فأخذت تضحؾ، ثـ بدأ يدغدغ أخمص قدمييا بحدة، فبدأت تقيقو، ثـ شرع يحفر بأظافره، في أخمص قدمييا بعنؼ ووحشية، وىي خاضعة لتأثير الدغدغة تقيقو بألـ شديد وال تقدر عمى إيقاؼ ذلؾ، حتى أغمي عمييا،

و مايزاؿ يحفر بأظافره في أخمص القدميف.وىخوتيا في الغرفة المجاورة باالنقطاع وأحس أبوىا وا

Page 233: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 233 -

المفاجئ في القيقية، فأدركوا أف في األمر خطرا، فاقتحموا الغرفة، وذىموا لما رأوا.

وأسرعوا عمى الفور إلى انعاش الزوجة، ثـ اقتادوا قد كاف يمجأ الزوج إلى الحاكـ، واعترؼ أمامو بجرائمو، ف

إلى قتؿ زوجاتو عمى تمؾ الطريقة، حتى ال يترؾ فييف أثرا يدؿ عمى القتؿ.

ودعا الحاكـ آباء الزوجات المواتي توفيف عند ذلؾ الزوج، كما دعا ذوي قرابتيف، وسأليـ عف القصاص الذي يرغبوف في إيقاعو بو، وكانت الزوجة األخيرة التي نجت

مو بالطريقة نفسيا التي كاف مف الموت حاضرة، فاقترحت قت يقتؿ بيا زوجاتو، فوافؽ الجميع، وتـ تنفيذ ذلؾ عمى الفور.

تعلق:تدل الحكاة بصورة ؼر مباشرة على ظلم األؼناء للفقراء، وقد تجسد ذلك ف صورة الرجل الؽن المقتدر، الذي تزوج فتاة إثر فتاة، لقود كل واحدة إلى حتفها

وؼروره. بطرقة ترض نزوته

كما تدل على قدرة المرأة على صنع الخبلص بذكابها وحسن تدبرها، وه ال تحقق خبلصها وحدها، إنما تحقق خبلص بنات جنسها ومجتمعها كله، وتنه سطرة ذلك الؽن المقتدر، الذي قتل المرأة، رمز الخصب والتجدد

والعطاء..

لرجل وتبدو الحكاة للوهلة األولى تصورا لظلم اللمرأة واستبداده بها، ولكن الحال لس كذلك، مثل هذا الفهم قاصر، ألن الرجل ههنا لس رمزا لكل الرجال، إنما

هو رمز للرجل الؽن المقتدر لس ؼر.

Page 234: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 234 -

والحكاة تبدو شبهة بحكاة شهرار وشهرزاد، وإذا كان شهرار قد قتل زوجته ألنه رأى عبدا ف مخدعها،

هذه الحكاة الذنب لها.فإن المرأة ف

ولعل الرجل ف هذه الحكاة مثل نموذج الرجل السادي الذي الجد متعته إال ف إلحاق األذى بالمرأة. أو لعله عقم، ولذلك فهو قدم على قتل المرأة حتى ال نكشؾ سره، وكؤنه رد بقتله المرأة أن ثؤر لنفسه من المجتمع

كله، فجعله عقما مثله.

والحكاة معروفة لدى شعوب كثرة، وال سما شعوب أوروبة، وبقدر قلل جدا من االختبلؾ، وقد حولت إلى شرط عرض لؤلطفال، وإلى مسرحة، وإلى أوبرا ؼنابة،

وه مشهورة بعنوان: " الرجل ذو اللحة الزرقاء".

Page 235: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 235 -

اث اذطبةرج كؿ يـو يحكى أف رجبل فقيرا ذا عياؿ كثير، كاف يخ

إلى الجبؿ، فيحتطب، ثـ ينزؿ إلى السوؽ، فيبيع حمؿ حطب، ليوفر لعيالو قوت يوميـ.

، وىو راجع مف الجبؿ، استوقفو ولد مشرد، وذات يـورث الثياب، زري الييئة، رجاه اف يتخذه ابنا لو، فانصرؼ عنو الرجؿ، ولـ يباؿ بو، إذ يكفيو ما عنده مف أوالد، وما

ر وبؤس.ىو فيو مف فقومرة أخرى، في يوـ آخر، استوقفو الولد، وألح عميو، يرجوه أف يتخذه ابنا، فرؽ لو قمبو، ولكنو ذكر عيالو وفقره، فانصرؼ عنو، ولما وصؿ البيت روى لزوجتو ما كاف مف أمر الولد المشرد، فأنكرت عميو إعراضو عنو، ورجتو أف

و سيكوف ليما يحضره معو، إذا رآه مرة أخرى، وأكدت لو أنبمثابة الولد، وستكوف لو منزلتو في سائر أوالدىما، ولف

تثقؿ عمييـ مؤونتو، فيو واحد في عياؿ كثير.ومرة ثالثة رآه الولد المشرد، فتوسؿ إليو أف يتخذه ابنا، فعطؼ عميو الرجؿ، وأخذه إلى البيت، وانضـ الولد إلى

Page 236: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 236 -

ف بو المقاـ، عياؿ الرجؿ، ففرحوا بو، كما فرح بيـ، واطمأ وقد أصبح لو الرجؿ أبا، وزوجتو أما، واألوالد إخوة.

وذات يوـ خرج الولد إلى السوؽ ليشتري حاجة لممنزؿ، فسمع بعض الرجاؿ يتحاوروف ىمسا، فأصغى إلييـ خمسة، فسمعيـ يتحدثوف عف خزينة الممؾ، وامتبلئيا باألمواؿ، كما

سونيا، سمعيـ يذكروف موضعيا والحراس الذيف يحر وطريقة الوصوؿ إلييا، وكأنيـ يعدوف العدة لسرقتيا، فرجع

إلى البيت، وقد بيت في نفسو أمرا.ولما كاف المساء، ىيأ سمما مف حباؿ، وقصد قصر الممؾ، فتسوره، ووصؿ إلى الخزينة، فسرؽ منيا مبمغا كبيرا، ورجع إلى البيت بأماف، وفي الصباح أعطى الماؿ

منو أف يشتري إلخوتو الطعاـ والثياب، ورجاه ألبيو، وطمب أف يترؾ االحتطاب.

وذىؿ الممؾ لسرقة الخزينة، فجمع وزراءه، ورجاؿ قصره، وعرض عمييـ األمر، وأخذ يستفتييـ فيو، ويسأليـ طريقة الوصوؿ إلى السارؽ، وبعد تشاور تـ االتفاؽ عمى

تتبعيا إرساؿ ناقة مشيود ليا بقدرتيا عمى اقتفاء األثر، ب ريحو لتيدييـ إلى السارؽ.

وكاف الولد قد خرج إلى السوؽ، وأخذ يصغي إلى كبلـ الناس، فعرؼ أف الممؾ سيرسؿ ناقة تقتفي أثره، فأعد لؤلمر عدتو، ولما صارت الناقة قريبة مف داره، غافؿ الحراس،

Page 237: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 237 -

وأدخميا إلى الدار، فذبحيا، وألقى بمعظـ لحميا في بئر، خوتو إلى اشتواء المحـ وترؾ بعضو، ودعا أ مو وأباه وا

وتناولو.ولما كاف المساء قصد الولد قصر الممؾ، فتسوره، وسرؽ مف خزينتو مبمغا آخر، وترؾ في موضعو لساف الناقة، ثـ رجع إلى بيتو بسبلـ، عمى الرغـ مف كثرة

الحراس.وفي الصباح غضب الممؾ غضبا شديدا، وشاور

وا عميو بإرساؿ عجوز تستطمع الوزراء في األمر، فأشار األمر، وأخذت العجوز تطوؼ بالبيوت، وتحاوؿ بدىائيا ومكرىا وحيمتيا أف تقؼ عمى السارؽ، ولما بمغت بيت الحطاب كاف الولد في الخارج يمعب مع إخوتو، وقد استقبمتيا األـ، وىي ال تدري مف أمرىا شيئا، وأخذت

، وىي في قـر إلى العجوز تروي لؤلـ أف ابنتيا في الوحاـالمحـ، وأخذت تذكر الممؾ، وتنعى عميو، وتذكره بالسوء، ألنو منع الذبح، وحـر بيع المحـ، فعطفت عمييا األـ، ورقت لحاليا، وأخبرتيا أف المحـ عندىا كثير، ثـ أخرجت ليا قطعة مف البئر، وقدمتيا إلييا، ففرحت العجوز، وأدركت

د فاجأىا قبؿ أف تخرج مف أنيا ظفرت بالسارؽ، ولكف الولالدار، وأدرؾ الخطر الكامف وراءىا، فعالجيا بضربة عمى

رأسيا، ثـ رمى بيا وبقطعة المحـ في البئر.ولما كاف المساء قصد قصر الممؾ، وتسوره، وسرؽ

Page 238: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 238 -

مبمغا مف خزينتو، وعاد إلى بيتو بسبلـ.وفي الصباح رأى الممؾ الخزينة وقد سرقت، فقرر أف

لطريؽ إلى الخزينة، وعاء كبيرا، فيو زيت مغمي، يضع في اوفي المساء عـز الولد عمى المضي إلى القصر، فطمب منو أبوه أف يصحبو معو، وأراد الولد أف يعتذر عف ذلؾ، ولكف األب ألح وأصر، فاضطر الولد إلى القبوؿ، وذىبا إلى القصر معا، وكاف األب في حالة عظيمة مف الذعر

إف خطا داخؿ القصر خطوة، حتى تعثرت والخوؼ، وما قدمو، ووقع في الزيت المغمي، وبادر الولد إلى الفرار.

وفي الصباح فرح الممؾ بسقوط الرجؿ في الزيت المغمي، وقد ظنو السارؽ، وأمر بتعميؽ جثتو في ساحة المدينة، وأعمف أنو لف يسمح بدفنو، وأف كؿ مف يبكي عميو

يشنؽ إلى جانبو.ـ لفقد زوجيا، كما حزف األوالد جميعا، وزاد وحزنت األ

في حزنيـ قرار الممؾ، ولكف الولد حاوؿ أف يسري عنيـ، ووعدىـ أف يمكنيـ مف البكاء عميو، وأف يساعدىـ، عمى

دفنو.ومضى الولد إلى السوؽ، فاشترى حمارا، وحممو بكيس مميء بالجوز، ثـ طمب مف األـ أف تذىب إلى ساحة

ع األوالد، وأف تقود الحمار، حتى إذا بمغت جثة المدينة، مزوجيا، دفعت الكيس، وتركت الجوز يتدفؽ عمى األرض،

Page 239: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 239 -

ويمكنيا عندئذ أف تبكي، ىي واألوالد، ماشاء ليـ البكاء، ”.يا جوزي، يا جوزي، ضاع جوزي“بؿ أف تصرخ وتندب:

وفعمت المرأة ما أشار عمييا بو الولد، وتمكنت مف ، والبكاء عميو، ىي واألوالد، ثـ عادوا رؤية جثة زوجيا

جميعا إلى البيت سالميف.وفي المساء ارتدى الولد مبلءة، وتنكر في زي امرأة، وحمؿ زؽ خمرة، ومضي إلى الجند الذيف يحرسوف جثة أبيو، فتعرض ليـ بوصفو امرأة، وأخذ يغرييـ بشرب الخمرة، ويمنييـ بالمتع، حتى إذا سكروا، تركيـ ومضى،

تبعوه، فأخذ يراوغيـ في األزقة والمنعطفات، وحتى فأضاعوه، فأسرع إلى جثة أبيو، فحمميا، ومضى إلى البيت،

خوتو بدفنيا. وقاـ مع أمو وا وقبؿ أف ينقضي الميؿ مضي إلى القصر، فسرؽ خزينة الممؾ، ورجع إلى البيت، وفي الصباح عمـ الممؾ

ة لئليقاع باألمر كمو، فثار غضبو، وأخذ يبحث عف طريقبالسارؽ، وقد الحظت ابنتو ما ىو فيو مف غضب،

فتطوعت لمكشؼ عف السارؽ بنفسيا.وأخذت ابنة الممؾ تطوؼ بالبيوت متنكرة، تستقصي األخبار، وتحاوؿ سماع ما ييدييا إلى السارؽ، حتى بمغت دار الولد، فأكرمتيا أمو، وقدمت ليا أطايب الطعاـ، وفيو

ابنة الممؾ عمى الفور أنيا في بيت المحـ الكثير، فأدركت

Page 240: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 241 -

السارؽ، فما كاف منيا إال أف شكرت األـ عمى ضيافتيا، وودعتيا وخرجت، وقد تركت عمى باب الدار إشارة.

بعد قميؿ حضر الولد، فرأى اإلشارة عمى باب الدار، فعرؼ أف في األمر خطرا، فوضع مثؿ تمؾ اإلشارة عمى دور الحي

لمقبض عمى الولد، فرجعوا خائبيف، ولكف كميا، وقدـ رجاؿ الممؾابنة الممؾ عادت بيـ ثانية، ودلتيـ عمى البيت، فدخموه وألقوا

القبض عمى الولد، وزج في السجف.ولما حؿ الميؿ توسؿ الولد إلى الحارس أف يخرجو لساعة واحدة، وأقسـ لو أنو سيعود، وقدـ لو صرة نقود

ه إلى البيت، فارتدى كبيرة، فأطمقو الحارس، فمضى مف تو ثيابا حمراء، وغطى رأسو بعمامة حمراء، وحمؿ عصا حمراء، وقصد القصر، فدخؿ عمى الممؾ وىو نائـ، فأيقظو، فذىؿ الممؾ، وسألو مف يكوف، فأجاب بأنو ممؾ الجاف، وحذره مف إيذاء الولد السجيف، ألنو أخوه، فارتعدت فرائص

لد مف فوره إلى الممؾ ووعده بإطبلؽ سراحو، وخرج الو الوزراء جميعا، وفعؿ بيـ واحدا واحدا مثمما فعؿ بالممؾ، ثـ

ألقى الثياب، ورجع إلى السجف.وفي الصباح اجتمع الممؾ بالوزراء، وحدثيـ بما كاف في ليمتو، وحدثوه باألمر نفسو، فسأليـ رأييـ، فاقترحوا

طبلقو. جميعا العفو عف الولد، وا ولد، وطمب منو أف يعترؼ بحقيقة وأرسؿ الممؾ وراء ال

Page 241: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 240 -

أمره، فحدثو الولد بقصتو كاممة، فأعجب بذكائو وجرأتو، وعرض عميو الزواج مف ابنتو، فوافؽ، وفي أياـ تـ االستعداد لحفؿ الزفاؼ، وتزوج الولد ابنة الممؾ، ونقؿ إلى القصر أمو وأخوتو، وعاش مع زوجتو في ىناءة وسرور،

العرش، وأصبح ممكا، وأخذ إلى أف توفي الممؾ، فورث يسوس الناس بالعدؿ،، فيدني منو الفقراء والبائسيف ويغدؽ

عمييـ الخير الوفير. تعلق:

تصور الحكاة فتى ال أصل له، لتقه الحطاب فتخذه ولدا، وربه مع أوالده، وعندما كبر ؤت بالفعال العجبة، وكلها تقوم على تحدي قوة الملك وسلطته

ره، إلى أن ظفر بابنته، ثم رث من بعده العرش. وعسك

والحكاة بذلك تعبر عن حقد شدد على ظلم الملوك وقسوتهم، وتشبع لدى العامة الرؼبة ف االنتقام من جبروتهم وسطوتهم، كما تحقق حلم العامة بالوصول إلى

سدة الملك وتحقق العدل.

تجعله والحكاة تجعل الولد لقطا ال أصل له، كما فاسدا سرق ونهب وقتل، ولكنها تجعله بعد ذلك تسلم الحكم وقم العدل، وكؤن الحكاة تفضل ولدا لقطا ال أصل

له على ملك ظالم، وظل العدل هو المنشود.

والحكاة تتضمن حاالت من السرقة والسطو واالحتال تمتاز بالجرأة والذكاء وحسن التخلص، وه

تفاقم.حاالت تتطور وت

كما تتضمن الحكاة عنصرا تكرر ف كثر من الحكاات وهو وضع عبلمة على باب دار من الدور للتعرؾ عله ثم قام البطل بوضع عبلمات مماثلة على

أبواب سابر الدور للتضلل.

Page 242: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 242 -

Page 243: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 243 -

ؽؼش اؼجىص

ودصب اث اه

يحكى أف امرأة عجوزا كانت تعيش وحدىا، فقيرة ة، فقد توفي عنيا زوجيا، ولـ يخمؼ ليا شيئا، ولـ بائس

يكف ليما أوالد، فكانت تتسقط لقيمات الطعاـ مف ىنا وىناؾ، وتأوي إلى دار حقيرة، وكانت تمضي شيور الشتاء حبيسة الدار، ال تغادرىا مكتفية بما ادخرتو مف طعاـ في الصيؼ، حتى إذا حؿ الربيع خرجت تقصد الناس، سائمة

العطاء.وفي يوـ مف أياـ الربيع، رجعت إلى دارىا عصرا، وقعدت في فناء الدار، تتدفأ بأشعة الشمس، وأخذت تسرح شعرىا، وكانت ال تغسمو، بؿ ال تسرحو، إال مرة في العاـ،

حيف يحؿ الربيع.وبعد أف انتيت مف تسريح شعرىا، عمى قمتو، جمعت

ميو في ماتساقط منو، ورأت أف تحرقو، بدال مف أف تر

Page 244: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 244 -

األقذار، فأشعمت النار، وألقتو فييا.وشـ الجيراف رائحة شعر يحترؽ، وكاف عندىـ عنزة، ضاعت منذ أياـ، فأسرعوا إلى الجارة يتيمونيا بسرقة العنزة، وىـ يدعوف أنيا أحرقت جمد العنزة وعظاميا، حتى ال يبقى ليا عمى أثر، وذىبوا بالعجوز إلى الممؾ، يشكونيا

مت العجوز اإليماف مؤكدة براءتيا، وأنيا لـ إليو، وأقستحرؽ سوى شعرات تساقطت مف رأسيا، الذي ال تسرحو إال مرة في السنة، فصدؽ الممؾ كبلميا، ولكنو حذرىا مف

إحراؽ ما يتساقط مف شعرىا مرة أخرى.ورجعت العجوز إلى دارىا، يائسة، تندب حظيا،

وشقاءىا.عاـ آخر، لـ ومرت األياـ، ومضى عمى العجوز

تسرح فيو شعرىا، وقد اتسخ اتساخا شديدا، وعشش فيو القمؿ، ولما حؿ الربيع، قعدت في فناء الدار، تدفئ جسميا بنور الشمس، وتسرح شعرىا، ثـ جمعت ما تساقط منو، وحممتو إلى خارج الدار، وألقتو، بعيدا، ورجعت إلى دارىا

مطمئنة.ما فيو مف قمؿ، ولكف الريح حممت شعرىا العجوز ب

وحطت بو في بيدر قمح، ألحد كبار األغنياء، فعرؼ عمى الفور شعر العجوز، وأسرع بو إلى الممؾ، يشكوىا، وىو يدعي أف القمؿ الذي في الشعر أضر بقمحو، وأرسؿ الممؾ

Page 245: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 245 -

وراء العجوز، فأحضرىا الجند، فاعترفت بما فعمت، ولكنيا ا الممؾ عنيا، وحذرىا أكدت أنيا لـ تكف تريد إيذاء أحد، فعف

مف أي تمقي شعرىا مرة أخرى في الفبلة، وعوض لمغني خسارتو في قمحو.

ورجعت العجوز إلى دارىا حزينة، بائسة، تندب حظيا، وال تجد ما تفعؿ.

ذا سنة مرت، وشعرىا ومرت األياـ، وحاؿ الحوؿ، وا مف غير غسؿ وال تسريح، وقد تشعث واغبر، فاضطرت

ع، إلى تسريحو، ثـ جمعت ما تساقط منو، حيف حؿ الربيوحممتو، ومضت إلى نير قريب، ورمت بو في النير،

ورجعت إلى دارىا آمنة مطمئنة.ولكف النير حمؿ شعر العجوز، وسار بو إلى بستاف كاف ابف الممؾ قد خرج إليو لمنزىة، وترؾ حصانو يسرح في ذا شعر الحقوؿ، ودنا الحصاف، وشرب مف النير، وا

عجوز يدخؿ إلى حمقو، ويعمؽ فيو، وأسرع ابف الممؾ إلى الالحصاف، وساعد، الجند عمى إنقاذه، وأخرجوا الشعر مف حمقو، وذىبوا بو إلى الممؾ، فعرفو عمى الفور، فأرسؿ وراء

العجوز.ودخمت العجوز عمى الممؾ، يائسة، حائرة، ال تعرؼ

لقاء م ا تساقط ما تقوؿ، ولما عاتبيا عمى تسريح شعرىا، وا منو في النير، تمنت عميو أف يقطع رأسيا، وأف يريحيا مف

Page 246: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 246 -

شعره، فضحؾ الممؾ، وعفا عنيا، ثـ أمر الخدـ أف يعنوا بيا، وأف يفردوا ليا غرفة في القصر، تعيش فييا بقية

عمرىا، عزيزة مكرمة. تعلق:

حكاة نقدة ساخرة تدل على إحساس العامة بسطرة ها وسده اآلفاق، كما تدل على شعورهم السلطان على األمور كل

بالنكد والقهر من خبلل تصور تلك العجوز البابسة الت ال تإذي أحدا وال تؤت بفعل مس اآلخرن، ولكن نكد الحظ

قودها دابما إلى مواجهة السلطان ألنه امتلك كل شء.

والحكاة تلجؤ إلى شخصة العجوز لما فها من ، فتضعها أمام ابن السلطان، ك ضعؾ وعفوة وبساطة

تحدث المفارقة الكبرة بنهما، كما تلجؤ الحكاة إلى عنصر الشعر لما فه من ضعة وانعدام قمة وال سما شعر العجوز، ومع ذلك فقد جر على العجوز مشكبلت

كثرة.

والسخرة ف الحكاة واضحة، وه سخرة مرة هم وعجزهم مإلمة، تدل على إحساس العامة بضعف

وشعورهم بالنقمة.

لف وفزبح

يحكى أف امرأة أقامت عند زوجيا سنيف كثيرة، لـ

Page 247: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 247 -

تحمؿ فييا، وذات يوـ كانت راجعة فيو مع زوجيا إلى البيت ليبل، فمرا بكمب أسود، نبحيما، فجفمت المرأة، وقالت

في سرىا: "لو رزقني اهلل بنتا، لزوجتيا لكمب أسود"

ذا المرأة تحس بآثار الحمؿ، فأدركت ومرت األي اـ، وا أف اهلل قد أجاب دعاءىا، ولكنيا خشيت أف ترزؽ ببنت، فتضطر عند ئذ لموفاء بنذرىا، وكاف ما خشيت منو، إذ رزقيا اهلل ببنت، ففرحت بيا ىي وزوجيا، فقد مؤلت

حياتيما أنسا وبيجة، ونسيت األـ نذرىا.تيا أميا إلى الكتاب، ومرت األياـ فكبرت البنت، وأرسم

، كانت البنت راجعة فيو لتتعمـ القراءة والكتابة، وذات يـومف الكتاب إلى البيت، مر بيا كمب أسود ونبحيا، فخافت، وابتعدت عنو، فتبعيا، وقاؿ ليا: "قولي ألمؾ، أوفي نذرؾ"، ومضت البنت إلى البيت، ونسيت أف تقوؿ ألميا ما قالو

لتالي قاؿ ليا الكمب، ما قالو ليا في ليا الكمب، وفي اليوـ االيوـ األوؿ، ولكنيا نسيت أيضا، وكذلؾ الحاؿ في اليوـ الثالث، وفي اليوـ الرابع سأليا الكمب لـ ال تقوؿ ألميا ما يوصييا بو ، فأجابتو بأنيا تنسى، ووعدتو أف تفعؿ، فحذرىا مف النسياف، وأعطاىا قطعا مف الحموى، وطمب منيا أف

في جيبيا، ولما بمغت البنت البيت نسيت أيضا أف تضعياتقوؿ ألميا ما أوصاىا بو الكمب، ولكف األـ رأت قطع الحموى في جيب ابنتيا، فسألتيا عف مصدرىا، فذكرت

Page 248: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 248 -

الكمب، وأخبرتيا بما أوصاىا بو، وذكرت األـ نذرىا، وحزنت لذلؾ، ولما جاء زوجيا في المساء أخبرتو باألمر

ب، وقاؿ لؤلـ: "البد مف الوفاء بالنذر".كمو، فحزف األوبات األبواف يييئاف نفسييما لفراؽ ابنتيما، وكأنيما

في كؿ يوـ عمى موعد مع الكمب األسود. وذات يوـ قرع الباب، فخفؽ قمب األـ، وأسرعت ذا الكمب األسود في الباب، فأدركت قصده، تفتحو، وا

نتي"، ثـ حكت ورجعت إلى البنت، وقالت ليا: "تييئي يا بليا ما كاف مف أمر النذر، فاستجابت البنت، ودخمت عمى أبييا فودعتو، ثـ ودعت أميا، وخرجت إلى الكمب، ومضت

تسير إلى جانبو، تاركة أبوييا يبكياف.وسار الكمب بالبنت، حتى بمغا خارج البمدة، فطمب منيا أف تصعد عمى ظيره، فصعدت، فطار بيا، وحمؽ في

اء، وىي متشبثة بو، وبعد زمف مف التحميؽ أجواء الفضسأليا: "كيؼ تريف األرض؟" ، فأجابت: "مثؿ صينية كبيرة"، فأخذ يعمو بيا أكثر فأكثر، ثـ أعاد عمييا السؤاؿ، فأجابت: "مثؿ الصحف الكبير"، فأخذ يعمو بيا أكثر فأكثر، ثـ أعاد عمييا السؤاؿ، فأجابت: "مثؿ صحف صغير"،

فإذا ىي أماـ مخدع فخـ، فرشو مف وعندئذ حط بيا، الدمقس، وغطاؤه مف الحرير، تتصاعد مف حولو أبخرة

المسؾ والكافور، وتركيا الكمب ىناؾ، وغاب.

Page 249: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 249 -

وأخذت تجوؿ في أنحاء الغرفة، مدىوشة لما ترى مف أثاث ورياش، ثـ أطمت مف النافذة، فرأت أماميا فناء

لناعمة، واسعا، في وسطو بركة ماء، تترقرؽ أمواجيا اوتسبح فييا األسماؾ الممونة، وتتنقؿ عمى أطرافيا الطيور، وتحيط بيا األشجار المزىرة، مف شتى األنواع، ونزلت إلى حديقة القصر، وأخذت تتسمى وتمرح، حتى كاف المساء، فرجعت إلى مخدعيا، وقدمت ليا الخادمة، بعد عشاء

وت فاخر، فنجاف قيوة، فشربتو، فأحست بنعاس لذيذ، فأ إلى فراشيا، واستسممت لنـو عميؽ.

وفي الصباح نيضت لتمضي النيار كمو في حديقة القصر، تناغي األطيار، وتداعب األسماؾ، وتتفرج عمى الزىور، وفي المساء شربت فنجاف القيوة، وأوت إلى الفراش، وظؿ ىذا دأبيا، تمرح وتتسمى وتمعب، ال تحس

ـ شعرت بشيء مف بكدر وال قير، وال ضيؽ، ولكف ذات يو الدوار، فأدركت أنيا حامؿ.

وفي يوـ آخر نعؽ غراب، فذكرت أبوييا، وتمنت لقاءىما، وأخذت تبكي، وعمى الفور ظير الكمب األسود، فطمب منيا أف تمتطي ظيره، ففعمت، فحمؽ بيا في أجواء الفضاء، حتى سأليا مثؿ ما سأليا مف قبؿ، فمما قالت لو

ف صغير، حط بيا، فإذا ىي إنيا ترى األرض مثؿ صحأماـ دارىا، ودخمت عمى أبوييا، ففرحا بيا، وفرحت بيما، ذا الكمب ينبح، وأمضت معيما ساعة، أو بعض الساعة، وا

Page 250: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 251 -

فودعت أبوييا، وحمميا الكمب عمى ظيره، ورجع، مثمما جاء بيا.

وفي القصر عادت إلى حياتيا التي اعتادت عمييا، الخادمة فنجاف قيوة، فأخذتو، ولما كاف المساء، قدمت ليا

وتظاىرت بارتشافو، حتى إذا خرجت الخادمة رمتو جانبا، ، وكانت واستمقت في سريرىا، وتظاىرت باالستسبلـ لمنـوأميا ىي التي نصحت ليا بذلؾ، حيف حدثتيا عف فنجاف

القيوة.ولـ يمض بعض الوقت، حتى برز شاب وسيـ

تستقبمو، فاضطرب الطمعة، كأنو البدر، فنيضت تحييو و أوؿ األمر، ولكنو لـ يمبث أف اطمأف إلييا، ورجاىا أال تبوح ألحد بسره، وأخبرىا أنو يأتييا كؿ ليمة، وىي نائمة، وأنو

ابف ممؾ الجاف.وفرحت البنت بالشاب، زوجيا، وأنست بو، واطمأنت إليو، وأمضيا الميؿ في جنى ووصاؿ، ثـ استسمما لنـو

فاقت وأخذت تنظر إليو وىو نائـ، ىانئ، وقبيؿ الفجر أوتتممى وسامتو، ثـ الحظت شيئا ما تحت قميصو، فوؽ السرة، فدفعيا الفضوؿ إلى معرفة ما يخفيو، فكشفت قميصو بيدوء، فإذا ىي ترى فوؽ سرتو قفبل ومفتاحا،

فدىشت لما رأت. وأدارت المفتاح في القفؿ، فانفتح عف سرداب عميؽ،

Page 251: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 250 -

ي في نيايتو أماـ سوؽ كبيرة، فييا جميع ونزلت فيو، فإذا ىأنواع الصناعات واألعماؿ، فأخذت تسير في السوؽ تتفرج عمى النجاريف والصاغة والخياطيف، وىي ترى الجميع منيمكيف في العمؿ، ثـ مرت بنجار يصنع سريرا صغيرا، فسألتو لمف السرير، فأجابيا بأف زوجة ابف الممؾ حامؿ، وأف ىذا السرير

و لموليد المنتظر، وأدركت أنيا ىي المقصودة، فخرجت عمى ى الفور، وأغمقت القفؿ بالمفتاح.

وتنبو زوجيا، فاستيقظ، والميا عمى ما فعمت، ثـ نادى الكمب األسود، فمثؿ بيف يديو، فأمره بحمؿ البنت إلى حضار كأس مف دميا ليشربو، وتوسمت الفبلة، وذبحيا، وا

عفو، فأبى، فاستسممت، وحمميا إليو، تستعطفو وترجوه الالكمب عمى ظيره، ومضى بيا إلى أرض منقطعة، وتركيا ىناؾ، ثـ اصطاد طائرا، فذبحو، واعتصر دمو، ومؤل بو

كأسا قدمو إلى ابف الممؾ.ومضت البنت تسير في الفبلة أياما وليالي طويمة، وحيدة، الجوع يتعبيا، والسير يضنييا، والجنيف في أحشائيا

ىف قواىا، حتى الح ليا مف بعيد قصر شامخ، فاقتربت يو منو، وأخذت تمتقط ما تعثر عميو مف بقايا الطعاـ مما يمقى خارجو، وبينما ىي كذلؾ، إذ أقبمت عمييا خادمة تدعوىا إلى دخوؿ مطبخ القصر، وسمحت ليا أف تقيـ مع الخدـ، وأوصتيا أال تخرج، كي ال يراىا أحد، وتوسمت إلى الخدـ

أال يحدثوا أحد عنيا.

Page 252: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 252 -

وأمضت البنت مع الخدـ أياما، تساعدىـ وتتزلؼ إلييـ، كي تحظى بعطفيـ عمييا، حتى كاف يوـ أفاقت فيو، ذا ىي في المخاض، فساعدتيا الخادمات، حتى وضعت وا ولدا ذكرا، ما إف رأتو الخادمات حتى دىشف دىشة عظيمة،

ادمات لمولد فقد كاف عمى سرتو قفؿ ومفتاح، وىيأت الخوألمو كؿ ما يحتاجانو مف ثياب وفراش وطعاـ، وأصبح حديث الولد الذي عمى سرتو قفؿ ومفتاح حديث الجميع، حتى بمغ سيدة القصر، فأمرت بإحضاره عمى الفور، ىو

وأمو.ولما رأت السيدة الولد، نظرت إلى أمو نظرة احتقار،

و، وىي وسألتيا مف تكوف، فروت ليا ما كاف مف أمرىا كمترتجي العطؼ عمييا، ولكف الغيظ مؤل صدر سيدة القصر، فالشاب والد الطفؿ ىو ابنيا، وىو وريث عرش ممؾ الجاف، وكانت تريد تزويجو مف ابنة أختيا، وموعد حفؿ الزفاؼ بعد يوـ أو يوميف، وكتمت سيدة القصر غيظيا ثـ التفتت

في القصر إلى أـ الولد، تشترط عمييا كي تسمح ليا بالبقاء أف تأخذ ستائر القصر كميا إلى ضفة النير، وتغسميا وترجع بيا في اليوـ نفسو، ثـ قدمت ليا قطعة صابوف صغيرة، أوصتيا أف ترجع بيا، مف غير أف يذوب منيا

شيء.وحممت األـ الستائر، ومضت إلى ضفة النير، وأخذت ذا عبلء الديف تتأمؿ قطعة الصابوف الصغيرة، وتبكي، وا

Page 253: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 253 -

ر بيا، فيسأليا عف سبب بكائيا، فتروي لو حكايتيا كميا، يمفيأمر الستائر، فإذا بيا قد غسمت ونظفت وجفت، وطويت في لمح البصر، ثـ قدـ لؤلـ ثبلث شعرات، نصح ليا أف

تحرؽ إحداىا حيف تشعر بالخطر.وحممت األـ الستائر، ورجعت بيا إلى القصر، وقدمت

مف غير أف يذوب منيا قطعة الصابوف إلى سيدة القصر،شيء، فضاقت بيا ذرعا، ثـ ألقت إلييا بولدىا، وأمرتيا أف تمـز المطبخ، وأال تخرج منو، فالميمة عرس ابنيا، وطمبت

منيا أف تفـر أكواما كبيرة مف البصؿ.ولما كاف المساء، أقيمت األفراح في فناء القصر،

دة وأنشدت المغنيات، ورقصت الراقصات، والعروس قاععمى منصة عالية، تنتظر مجيء ابف الممؾ، وأشفقت الخادمات عمى األـ وطفميا، فأخذف يساعدنيا في فـر البصؿ، حتى فرغف منو كمو، ولما جاء ابف الممؾ، كف ارتديف أفضؿ ما لدييف مف ثياب، وخرجف يحممف الشموع، وكانت األـ وطفميا معيف، تشاركيف، فكانت تحمؿ شمعة

يد، وكاف عمييف أف يمررف جميعا أماـ ابف بيد، وطفميا ب الممؾ وعروسو.

ولما صارت األـ وطفميا أماـ العروس، أفمتت الشمعة مف يدىا، فسقطت عمى ثوب العروس، فاحترؽ، واشتعمت فيو النار، فأسرعت الخادمات والمدعوات وأـ العروس إلى إطفاء النار، وفي تمؾ األثناء كانت األـ قد ألقت بطفميا

Page 254: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 254 -

يف يدي ابف الممؾ وقالت لو: "خذ ابنؾ، وانظر القفؿ بوالمفتاح عمى سرتو"، وكاف ابف الممؾ قد عرفيا، فنيض

إلييا وعانقيا.وعمى الفور حضر الكمب األسود، فامتطى ابف الممؾ ظيره، وأردؼ وراءه زوجتو، وكاف الطفؿ بيف يديو، وانطمؽ

ركضوا الكمب بيـ، وتنبو القوـ إلى ىرب ابف الممؾ، فوراءه، وأحست زوجتو بالخطر، فأشعمت شعرة مف الشعرات الثبلث التي كاف عبلء الديف قد أعطاىا إياىا، وألقتيا،

فاشتعمت وراءىا النيراف.ولكف القوـ داسوا النيراف وأطفؤوىا، ولحقوا بيـ، فأشعمت شعرة ثانية وألقتيا، فامتؤلت البقاع وراءىا بالبحار،

لبحار، ولحقوا بيـ، فأشعمت الشعرة ولكف القوـ خاضوا االثالثة وألقتيا، فإذا جباؿ شاىقة تنتصب وراءىا، وتفصميا

. عف القـووعند ئذ حمؽ الكمب األسود في السماء وطار، وظؿ يعمو ويعمو، حتى بدت ليـ األرض مثؿ صحف صغير، ذا البنت وزوجيا وطفميما وعند ئذ حط عمى األرض، وا

ت تقرع عمييما الباب.أماـ دار أبوييا، فأخذوكاف أبواىا في غيابيا قد أرىقيما األسى والحزف، حتى قعد بيما طريحي الفراش، وأتعبيما البكاء والعويؿ، حتى فقدا البصر، فيما مقعداف ال يبصراف، وما مف أحد

Page 255: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 255 -

يطرؽ عمييما الباب، سوى األوالد يقرعوف الباب ساخريف ، وال يفتحاف الباب.بيما، حتى إنيما ما عادا يجيباف أحدا

وكانت البنت ماتزاؿ واقفة بالباب تقرع وتنادي، وىما ذا الكمب ينبح، ولما سمعت األـ نباح الكمب، ال يجيباف، وا أدركت أف ابنتيا بالباب، فأخذت تزحؼ حتى وصمت إلى الباب، ففتحتو، وما إف رأت أماميا ابنتيا، حتى عاد إلييا

، فنيضت إلى ابنتيا، بصرىا، كما عادت إلييا قوتياوعانقتيا، وطاؿ العناؽ والبكاء، ثـ مضت البنت إلى أبييا، وما إف دخمت عميو حتى رد إليو بصره، ونيض معافى،

ليعانؽ ابنتو.ثـ رحب األبواف بزوج ابنتيما، وفرحا بالطفؿ، وقرر الزوج اإلقامة مع زوجتو عند أبوييا، قانعا بالفقر، متخميا

القصور، مفضبل بني اإلنساف، عمى عف الغنى، وعيش بني الجاف.

تعلق:حكاة متمزة، عمادها اؼتراب البنت وبعدها عن أهلها، ومعاناتها ف أثناء ذلك، ومقاساتها األهوال، ثم عودتها إلهم،

وه أهنؤ باال، وأحسن حاال، ك لتم الشمل.

والحكاة مملوءة بالسحر والخوارق والعجابب، وتإكد لق اإلنسان بما هو ؼر معقول وؼر طبع، وفها تع

عناصر حكابة مكرورة ف كثر من الحكاات، منها الشعرات الثبلث، ومسخ ابن الملك، واألمر بالذبح، واالفتداء بذبح طابر، والمخلص عبلء الدن، والبنة الثبلثة واضحة ف الحكاة، وال سما ف طلب سدة

Page 256: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 256 -

ثة طلبات.القصر من الفتاة ثبل

والحكاة تدل على حاجة اإلنسان إلى الولد، والسما المرأة، كما تدل على إعبلء الحب على الملك، فقد تخلى الملك آخر األمر عن ملكه، لعش هانبا مع زوجته، وتدل الحكاة أضا على إحساس الفقر بفقره، ورؼبته ف

لحلم، الخبلص منه، وهو خبلص متحقق بوساطة األمنة وا من خبلل زواج البنت الفقرة من ابن ملك الجان.

وف الحكاة مبلمح من قصة وسؾ عله السبلم وقد ؼاب عن أبه، فعم من الحزن والبكاء عله، ثم حن عاد

إله ارتد بصرا.

Page 257: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 257 -

افؼ ذي ػ األص

يحكى أنو كاف لرجؿ بائس فقير عشرة أوالد، ال لشدة فقره وبؤس حالو، وذات يوـ ضاؽ يستطيع إطعاميـ،

ضيقا شديدا، فقرر أف يقدـ أحد أوالده ىدية لمممؾ، وكاف ممؾ الببلد عقيما، لـ يرزؽ بولد، فاختار الرجؿ مف أوالده أشدىـ ذكاء، وأكثرىـ وسامة، وكاف عمره ال يزيد عمى العاشرة، فسار بو إلى الممؾ، فقدمو إليو، فرحب بو، وضمو

تو، وعيف لو المعمميف والمربيف، ثـ أمر لوالده إلى حاشي بطعاـ كثير، يكفيو ىو وعيالو أياما.

أخذ الفتى يحضر مجمس الممؾ، ويقعد إلى يمينو، ويرى مناقشات الوزراء، ويشيد شكاوى الناس، ويسمع حكـ

الممؾ في ذلؾ كمو، حتى مرت عميو شيور وأعواـ.بالصقر، وذات يوـ أراد الممؾ الخروج إلى الصيد

فطمب مف وزيره أف يحضر لو صقرا مدربا، وبعد عدة أياـ أحضر لو الوزير صقرا، ما إف رآه الفتى وىو يتناوؿ بمنقاره المحـ مف يد الوزير، حتى طمب مف الممؾ أال يخرج إلى الصيد بو، فسألو عف السبب،فأخبره أف أـ ىذا الصقر أمو

Page 258: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 258 -

لصيد بو مع دجاجة، فأنكر ذلؾ الممؾ، ومضى إلى ا الوزراء،ولكنو رجع خائبا،إذ لـ يظفر صقره بشيء.

وفي اليوـ التالي طمب الممؾ مف الفتى أف يحدثو عف ! فأجاب الصقر، ويوضح لو كيؼ عرؼ أف أمو دجاجة؟

الفتى بأنو رأى الصقر يمتقط قطع المحـ مف كؼ الوزير بعد طفيا أف ينقرىا كما تنقر الدجاجة الحب في األرض، وال يخت

اختطافا حادا، كما يفعؿ الصقر، فاقتنع الممؾ بجوابو، والتفت إلى الوزير يطمب منو توضيح األمر، فأرسؿ الوزير وراء الرجؿ الذي اشترى منو الصقر، فاعترؼ الرجؿ بأنو كاف يربي صقرا، وقد وضعت أنثاه بيضة وماتت، فحار في

ت تعنى األمر، ثـ حمؿ البيضة، وكانت لدى زوجتو دجاجابيا، وكانت إحدى الدجاجات راقدة عمى البيض، فوضع بيضة الصقر تحتيا، مع سائر البيض، ولما فقست، نشأ فرخ الصقر مع فراخ الدجاجة، وتعمـ منيا نقر قطع المحـ،

ولما سمع الممؾ ذلؾ، ازداد إعجابو بالفتى.وفي يوـ آخر أراد الممؾ أف يتفرج عمى سباؽ الخيؿ،

ئو إلى ميداف السباؽ، ويصحبو الفتى، فخرج مع وزراواختار فرسا، أراد الرىاف عمييا، ولكف الفتى نصح لو أف يختار غيرىا، وأكد أف أـ تمؾ الفرس أتاف، ولكف الممؾ أبى إال أف يراىف عمييا، وجرى السباؽ، وتخمفت الفرس، وخسر الممؾ الرىاف، فالتفت إلى الفتى يسألو كيؼ عرؼ أف أـ

عرفت ذلؾ مف رأسيا، “ي خسرت أتاف، فأجابو: الفرس الت

Page 259: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 259 -

”.تطأطئو دائما إلى األرض، شأنيا في ذلؾ شأف األتافوأمر الممؾ بسائس الخيؿ، فحضر بيف يديو، فسألو عف الفرس التي راىف عمييا، وعف سبب خسارتيا، فاعترؼ السائس بأف أـ تمؾ الفرس أتاف، اضطر إلى أف يسمح ليا

ديو، في إحدى السنوات، لقمة األفراس.باإلنجاب مف جواد لوازداد إعجاب الممؾ، وعـز عمى تبني الولد، ولكنو أجؿ ذلؾ، وقرر أف يختبره في أمر، ال يعرفو ىو نفسو، فدعاه إليو، وخبل بو، ثـ أخبره أف لديو ثبلث زوجات، قدميف إليو مموؾ الببلد األخرى، وىو يريد منو أف يعرؼ

و الفتى أف يسمح لو برؤيتيف وىف مينة آبائيف، فطمب من يدخمف عميو، ويخرجف، واحدة، بعد األخرى.

ودعا الممؾ أولى زوجاتو، فدخمت عميو، فطمب منيا أف تستعد الميمة الستقبالو، ثـ صرفيا، ولما خرجت التفت إلى الفتى يسألو عف مينة أبييا، فأجابو بأف والدىا حبلؽ،

ت عميو، فطمب منيا أف ثـ دعا الممؾ زوجتو الثانية، فدخم التفت خرجت ولما صرفيا، ثـ ،تستعد الستقبالو في ليمة غد

ثـ حداد، والدىا بأف فأجابو أبييا، مينة عف يسألو الفتى إلى تستعد أف منيا فطمب عميو، فدخمت الثالثة، الممؾ دعا

خرجت ولما صرفيا، ثـ غد، لميمة التالية الميمة في الستقبالو ثـ فبلح، بأنو فأجاب أبييا، مينة عف يسألو ىالفت إلى التفت فقد األولى أما“ الفتى: فأجابو ذلؾ، عرؼ كيؼ الممؾ سألو منيا تفوح الرائحة، زكية دخمت وقد اليديف، ناعمة كانت

Page 260: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 261 -

كانت فقد الثانية وأما حبلؽ، والدىا أف فعرفت العطور، رائحة أف فتفعر القوة، مبلمح فييا الخطو، ثابتة الكتفيف، عريضة سريعة اليديف، خشنة كانت فقد الثالثة وأما حداد، والدىا

”.فبلح والدىا أف فعرفت الشمس، لوحتيا الخطو،وخبل الممؾ بعد ذلؾ بزوجاتو واحدة واحدة، وسأؿ كؿ واحدة منيف عف مينة أبييا، فكاف جوابيف جميعا مثؿ

ادا، جواب الفتى، فكاف والد األولى حبلقا، ووالد الثانية حد ووالد الثالثة فبلحا.

ودىش الممؾ لذلؾ، وثار الفضوؿ في نفسو، فدفعو إلى سؤاؿ الفتى عف مينة أبيو ىو نفسو، أي الممؾ، فطمب منو الفتى أف يمنحو األماف، فمنحو األماف، فأجاب عمى الفور بأف والده كاف طباخا، فمـ يجب الممؾ بشيء، وأسرع

أبوؾ ىو “ف أبيو، فقالت لو: عمى الفور إلى أمو، يسأليا ع، فأنكر، وألح عمييا أف تعترؼ، فاعترفت بأف زوجيا ”الممؾ

الممؾ كاف عقيما، ولكي يحتفظ بالممؾ لنفسو، طمب منيا أف تمكف الطباخ في القصر مف نفسيا، ففعمت، فحممت

منو، وىو والده.ورجع الممؾ إلى الفتى يسألو كيؼ عرؼ أف والده

عرفت ذلؾ مف عطائؾ، فقد أعطيت “فتى: طباخ، فأجاب ال، وعندئذ نزؿ ”أبي الذي أىداني إليؾ طعاما لو ولعيالو

الممؾ عف كرسي الممؾ، ورفع التاج عف رأسو، ووضعو ”.أنت أولى بالعرش مني“عمى رأس الفتى، وقاؿ لو:

Page 261: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 260 -

تعلق:حكاة مدهشة، تإكد ذكاء أوالد الفقراء، وأنهم أولى

فسهم وه تعبر عن انتقام الطبقة بالملك من الملوك أن الفقرة لنفسها على األقل من خبلل حكاة مرحة.

والحكاة تقوم على ألؽاز عمادها ما دعى علم العرافة، أي معرفة أخبلق اإلنسان ومزاجه وشخصته من

خبلل مبلمحه وطرق تصرفه.

وف الحكاة قدر كبر من الذكاء، وه على ما بدو ب، ك تعلمهم أسالب التعامل مع الواقع موجهة إلى الشبا

ومعرفة األشخاص. وتظهر البنة الثبلثة واضحة ف الحكاة.

Page 262: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 262 -

اجغ اطهىس

كانت تعيش في قصر كبير عجوز، أمضت عمرىا في الصوـ والصبلة والعبادة وكانت تسير عمى رعايتيا

يف خادماتيا المواتي الزمنيا وأخمصف ليا، واطمأنت نفوس إلى تقواىا وورعيا.

وذات ليمة ماطرة شديدة البرد، مف ليالي الشتاء القارس، قرع باب القصر، فنزلت إحدى الخادمات لتنتظر مف في الباب، فإذا عجوز فقيرة بائسة، يظير عمييا اإلرىاؽ والمرض الشديد، تستجدي وتتوسؿ طالبة مف

ا، كي الخادمة أف تستأذف سيدتيا في إيوائيا، معترفة ليترؽ لحاليا وتشفؽ عمييا، بأنيا كانت مومسا، فقدت زىرة شبابيا في المبغى، ثـ تشردت في الشوارع، التجد مف

يؤوييا.وأسرعت الخادمة إلى السيدة تخبرىا باألمر، فأمرتيا بطردىا، فرجعت الخادمة خائبة لتخبرىا بقرار سيدتيا، فمـ

والمرض تجب العجوز بشيء، ومضت يائسة تحت المطر،يشؿ خطاىا، فأشفقت عمييا الخادمة، ودعتيا إلى الدخوؿ،

Page 263: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 263 -

ثـ قادتيا إلى حجرة صغيرة، تمقى فييا الحاجات الميممة، وطمبت منيا أف تبقى فييا وتمـز اليدوء، ثـ أحضرت ليا

بعض الطعاـ، ووعدتيا أف ترجع إلييا.وأسرعت الخادمة إلى سيدتيا، وظمت إلى جانبيا،

سيا حتى حاف موعد نوميا، فرافقتيا إلى تساىرىا وتؤانفراشيا، وقدمت ليا دواءىا، ولما اطمأنت إلى نوميا، تركتيا وخرجت مسرعة إلى العجوز، ولما دخمت عمييا، وجدتيا في النزع األخير، فوقفت إلى جانبيا تواسييا

وتعطؼ عمييا، حتى لفظت الروح.نما وتنبيت الخادمة إلى المأزؽ الذي وقعت فيو، وبي

ىي في حيرة مف أمرىا، إذا نسوة صبايا جميبلت كاألقمار، يدخمف عمييا، يحممف أباريؽ مف فضة، وثيابا مف سندس،

ثـ بادرف فغسمف العجوز ثـ كفنيا وحممنيا وخرجف بيا.ودىشت الخادمة لما رأت وكأنيا في حمـ، ثـ تنبيت إلى أرض الغرفة، فوجدت فييا بعض الماء، فأسرعت إلىمسحو وتنشيفو، قبؿ أف يشعر أحد باألمر، ولكنيا ذىمت أماـ رائحة الماء العطرة، فقررت أف تجمع قميبل منو في زجاجة صغيرة وأف تحتفظ بو، فقد أدركت أف تمؾ العجوز

ذات مكانة رفيعة عند ربيا.ومرت األياـ، تمتيا الشيور واألعواـ، وذات يوـ أفاقت

تة في سريرىا، فقد باتت في الخادمات، فوجدف السيدة مي

Page 264: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 264 -

الميؿ، وحيدة في غرفتيا، مف غير أف يكوف ثمة أحد إلى جانبيا، وبدأت الخادمات االستعداد لتجييز السيدة ودفنيا، فاستدعيف غاسمة خاصة، لتعمؿ في غسميا وتكفينيا، وقد

حضر بعض أقارب السيدة وقريباتيا.سميا ودخمت الغاسمة عمى السيدة لتباشر عمميا في غ

وتكفينيا، ولكنيا لـ تمبث أف خرجت إلى الخادمات والقريبات وىي تشتـ وتمعف لممقمب الذي أوقعنيا فيو، فدىشت النسوة وسألنيا عف األمر، فاستنكرت عمييف أف يدخمنيا عمى رجؿ ميت لكي تغسمو، فأنكرف ذلؾ وأكدف أف الميت امرأة، ولكف الغاسمة أكدت أنيا رجؿ، ثـ طمبت

رجؿ غاسؿ.إحضار وتـ إحضار رجؿ غاسؿ ليغسميا، ولما دخؿ عمييا، خرج مستنكرا دعوتو، وأكد ليف أف الميت امرأة، وتكرر دخوؿ الغاسمة والغاسؿ، عدة مرات، وفي كؿ مرة يؤكد الغاسؿ أف الميت امرأة، وتؤكد الغاسمة أف الميت رجؿ، إلى

أف حار الناس في األمر.غي، فأسرعت إلى الزجاجة وتذكرت الخادمة المرأة الب

الصغيرة، التي احتفظت فييا ببعض الماء الذي غسمت بو، وطمبت مف الغاسمة أف تصبو عمى الميتة.

وبعد أف صبت الغاسمة ماء الزجاجة عمى الميتة، تـ غسميا وتكفينيا وتجييزىا ثـ دفنت بسبلـ.

Page 265: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 265 -

تعلق:تإكد الحكاة جوهر اإلنسان، فه تكشؾ الؽطاء،

الظاهر الزابؾ، وعندبذ بدو الباطن الصحح، وه لتزلتإكد ضرورة تقدم العون والستر لئلنسان ف أي ظرؾ كان، كما تإكد أضا أن جوهر الدن هو المعاملة، ولس

محض العبادة.

والحكاة تقوم على المفارقة الكبرة بن العجوز ، المتعبدة والعجوز المومس، وما لقت كل منهما من جزاء

بسبب سوء النة.

ومما الشك فه أن الحكاة ال تمجد المومس ألنها مومس، وإنما تمجد روح اإلنسان المنكسرة، وال سما حن

أهانتها صاحبة القصر وطردتها ف الللة الماطرة.

كما تدل الحكاة على ضرورة تفكر المرء ف العاقبة ن، وإنما والمصر، وعلى اإلنسان أال خدع بما هو فه اآل

عله أن فكر ف قابل األام.

Page 266: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 266 -

اؾم وازم

يحكى أنو كاف ألحد الرجاؿ األتقياء، جار شقي، ال يتورع عف ارتكاب الفواحش، ما ظير منيا وما استتر، وكاف مايزاؿ شابا عزبا، وأمو تيديو، وتنصح لو بالزواج،

وىو يرفض، ويستمر سادرا في شقائو.قرر الجار التقي أداء فريضة الحج، فييأ وذات يوـ

نفسو لمسفر، وأعد لمحج عدتو، وجيز نفسو، وودع أىمو وأصحابو، ثـ ودع جاره، وانطمؽ مع القافمة.

وكاف السفر إلى الحج يستغرؽ أشيرا طويمة، إذ كانوا يسافروف عمى الجماؿ، فيمضوف شيرا في الذىاب، وشيرا

فكاف الحاج يغيب عف أىمو في الحج، وشيرا في اإلياب، ثبلثة أشيرا أو أربعة.

وفي غياب الجار التقي، قرر الجار الشقي الزواج، فطمب مف أمو أف تخطب لو، ففرحت األـ بقرار ابنيا، وسعت تطوؼ باحثة عف فتاة تميؽ بو، ثـ استقر بيا المطاؼ عمى فتاة، وتـ الزواج، وتاب الشقي، واستقر،

بؿ.وترؾ ماكاف فيو مف ق

Page 267: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 267 -

وفي تمؾ األثناء كاف الجار التقي في الحجاز، يؤدي مناسؾ الحج، وبينما ىو في الحـر الشريؼ، يطوؼ حوؿ بيت اهلل الحراـ، ويدعو اهلل، ذكر جاره، فدعا لو باليداية

ذا ىاتؼ مف السماء يقوؿ لو: جارؾ الشقي “والصبلح، وا مع، ، فذىؿ لما س”سيدخؿ الجنة قبمؾ، وسيجد بابيا مفتوحا

وفاضت عيناه بالدموع، وتمنى أف يعرؼ سر مغفرة اهلل تعالى لو، وبات ينتظر العودة إلى بمده، ليمتقي جاره،

ويسألو عما فعؿ، حتى عفا اهلل عنو.وانتيت أياـ الحج، ورجع التقي إلى بمده، وأمضى بضعة أياـ يستقبؿ الناس القادميف لمقياه، ولما انتيت تمؾ

اره يسأؿ عنو، فمقيو، فسمـ عميو، ودعاه األياـ، أسرع إلى جإلى ضيافتو، وقعد يحدثو عما جرى معو في الحـر الشريؼ، وسألو باهلل أف يقص عميو ما كاف مف أمره، ومف سر مغفرة اهلل لو، وفي البدء تردد الشقي، ولكنو لـ يمبث أف

حدثو، فقاؿ:طمبت مف أمي أف تخطب لي، فقد قررت في غيابؾ “

ا ىي إلى بضعة أياـ حتى اىتدت إلى فتاة، ثـالزواج، ومكاف حفؿ الزفاؼ، ودخمت عمى عروسي، ولـ أمض معيا بعض الوقت، حتى ظيرت عمييا آثار ألـ شديد، وسألتيا، ذا ىي في المخاض، ودىشت، لما رأيت، فتوسمت إلي أف وا أكتـ أمرىا، وقد آلمني كثيرا ما بدا عمييا مف وجع شديد،

ميا، وتحبس صراخيا، وترىؽ نفسيا، حتى وىي تكتـ أل

Page 268: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 268 -

كاف الفجر، فوضعت ولدا، فحممتو تحت عباءتي، وخرجت، وأنا أدعي أماـ أىمي أني ذاىب إلى صبلة الفجر، ولـ ألبث أف عدت إلى البيت، ألدعي أماـ أمي أني عثرت بيذا الطفؿ الوليد، ممقى عمى باب المسجد، فأخذتو أمي وفرحت

رت أف تعنى بو، وتربيو، ثـ عممت مف فرحا شديدا، وقر عروسي أف ابف عميا كاف قد غرر بيا، ثـ سممت أمرىا إلي، ألقرر مصيرىا بما أشاء، فرؽ قمبي ليا، وقررت أف أعيش معيا، أخا، مف غير أف أمسيا، وىي إلى اليوـ معي، ىانئة صابرة مطيعة، وأنا ال أقربيا، وقد مضى عمى

”.أحد يعمـ بما بيننا، غير اهلل وأنت زواجنا ثبلثة أشير، والوكاف التقي يستمع إلى الشقي، والدموع تطفر مف

بارؾ اهلل فيؾ يا أخي، “عينيو، ولما أنيى حديثو، قاؿ لو: فقد غفر اهلل لؾ، ولكف لي عندؾ رجاء، آمؿ منؾ أال

، فوعده الشقي أال يخيبو، فتمنى عميو أف يباشر ”يخيبلو، فبفضميا قد غفر اهلل لو، وىداه زوجتو، وأف تصبح حبل

إلى الحؽ والرشاد، فوعده الشقي بذلؾ.وعاش الشقي مع زوجتو، في أىنأ حاؿ، وأسعد باؿ، وأصبح تقيا ورعا، يخاؼ اهلل ويخشاه، ورزؽ البنيف والبنات، وأما الولد، فقد نشأ مع إخوتو ألمو، يحظى بما

يحظوف بو مف عطؼ واىتماـ. تعلق:كاة على أن الدن ف األساس هو المعاملة، تدل الح

Page 269: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 269 -

وأن عبلقة اإلنسان بالمجتمع واآلخرن والناس من حوله، ه الت تقرر مصره، ولست العبادة وحدها، وإن كانت

الحكاة ال تلؽ العبادة، وال تقلل من قمتها.

والحكاة تعل من شؤن اإلنسان، وتإكد أن رعاة العفو عنه، ه األمور الت نال اإلنسان وحماته وستره و

بها المرء رضى هللا وعفوه.

والحكاة تدل على أن الدن هو تعبد اإلنسان هلل من جهة، وتعامله مع اآلخرن من جهة، والجانبان متكامبلن

ال نفصل أحدهما عن اآلخر.

وظهر من خبلل الحكاة ما نال المرأة دابما من من خبلل الحكاة أضا أنها ظلم المجتمع لها، كما ظهر

ه نفسها معار العفو والرضا، والرجل نال الحظو عند ربه بمقدار ما منحها من رعاة واهتمام.

والحكاة ذات رإة إجابة، تقدر المرأة، وتدافع عنها، وتدعو إلى رعاتها وتكرمها.

Page 270: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 271 -

ػمذح اإلصجغ

ئيف، أمضيا كاف في إحدى القرى زوجاف يعيشاف ىانردحا مف عمرىما ال يكدر صفو عيشيما شيء، فممزوج قطعة أرض يعمؿ في زرعيا، وتدر عمييما مف الغبلؿ ما يكفييما، والزوجة تمضي يوميا في البيت، تطيو الطعاـ، وتربي الدواجف، ولكف كاف ينقصيما شيء واحد ىو الولد،

فقد كانت المرأة عاقرا.تحمؿ بولد، ولو كاف بطوؿ وذات يوـ تمنت المرأة أف

عقدة اإلصبع، ويبدو أف أمنيتيما قد تحققت، فحممت، ووضعت ولدا بطوؿ عقدة اإلصبع، وفرح األبواف بالولد، وعنيا بو، وأحاطاه باىتماميما، حتى كبر وشب، ولكف

طولو لـ يتجاوز طوؿ اإلصبع الواحد.وذات يوـ كانت األـ تعد فيو الطعاـ، زفرت، ثـ قالت:

لو أني رزقت بولد ليس كعقدة اإلصبع لكاف حمؿ الطعاـ “، وعمى الفور رد عمييا عقدة اإلصبع، ”إلى أبيو في الحقؿ!!

أنا سأحمؿ الطعاـ إلى أبي، وسأساعده في “ قائبل: فأجابيا: ” وكيؼ؟“ونظرت األـ مدىوشة، ثـ قالت: ”. العمؿ

ضعي الطعاـ عمى ظير الحمار، وأنا سأقعد في أذنو، “

Page 271: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 270 -

”.أقوده إلى الحقؿو ولـ تصدؽ األـ ما قالو ابنيا، ولكنيا استجابت إليو، فوضعت الطعاـ عمى ظير الحمار، ونط عقدة اإلصبع إلى أذنو، فقعد فييا، ثـ أخذ يصيح، وانطمؽ الحمار، وفي الطريؽ، كاف عقدة اإلصبع يوجيو، فيصيح بو لينعطؼ

ا عف طريقو، إلى يميف أو شماؿ، أو ينبو الناس كي يبتعدو وكاف ىؤالء يدىشوف لسماع الصوت وعدـ رؤيتيـ أحدا.

ولما بمغ عقدة اإلصبع الحقؿ، نادى والده، ولما سمع األب النداء، دىش وأقبؿ عمى الحمار، يبحث عف ولده، ويطمب منو أف يظير، ونط عقدة اإلصبع مف أذف الحمار

تناوؿ إلى األرض، فتمقاه والده، وحممو عمى يده، ثـ قعد ي غذاءه معو.

ومرت األياـ، سعد فييا األبواف بابنيما وبما يمتاز بو مف حركة ونشاط، وبما يبد عميو مف ذكاء، عمى الرغـ مف صغره، وضآلة حجمو، وذات يوـ كاف األب يقود فيو ثوره، وقد ربطو إلى المحراث، ليحرث بو األرض، استعدادا

ى جانبو، وينط لموسـ الزرع، وكاف عقدة اإلصبع يسير إلذا كومة مف التراب يقمبيا سف المحراث فوؽ أكواـ التراب، وا فتنياؿ عميو وتردمو، وقبؿ أف تمتد إليو أصابع والده لتبحث

عنو وتنقذه، كاف قد أسمـ الروح. تعلق:

تدل الحكاة على شعور حاد بالحرمان من الولد،

Page 272: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 272 -

ى إنها ولعل األم ه أكثر معاناة لهذا الشعور من األب، حتتمنت أن ترزق بولد ولو كان ضببل بشكل ؼر معقول، لتشبع ؼرزة األمومة، وقد تحقق لها ذلك بوضعها عقدة

اإلصبع.والنهاة المبكرة لما وضعت تإكد أنه ال شء ؽن عن الولد، وشبع عاطفة األمومة، سوى الولد، أما شبهه

أو مسخه فبل ؼناء فه.ب حاجة إلى الولد، وه على ومن الواضح أن لدى األ

األؼلب حاجة اقتصادة اجتماعة، لساعده ف أعمال الحقل، على حن تظهر حاجة األم محض حاجة طبعة تتصل بتحقق

أمومتها، ولذلك كان شعور األم أقوى وأكثر رسوخا.والحكاة تقوم على خال خصب، بتكر شخصة

ه بسطة جدا، عقدة اإلصبع تعوضا عن ؼاب الولد، ووتبدو موجهة ف الظاهر إلى األطفال، ولكنها تنم ف

الداخل عن شعور الكبار، وال سما األمهات.وثمة حكاة رواها األخوان ؼرم تشبه هذه الحكاة الشبه كله، وال تختلؾ عنها ف ؼر مرور عقد اإلصبع بسلسلة من المؽامرات نجو ف نهاتها، وظل على قد

ة، وسعد به أبواه.الحا

اضوجخ اىفخ

كاف ألحد األغنياء ولد وحيد، رباه خير تربية، ولما

Page 273: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 273 -

شب، وحاف أواف زواجو، نصح لو أف يختار لنفسو زوجة أنا وأنت عمى “وفية، وأوصاه أف يسأليا ليمة الزفاؼ:

؟ أنا والدىر “، فإذا أجابتو: ”الدىر، أـ أنت والدىر عمي و سوى طبلقيا، قبؿ أف يخمو بيا.، فما ل”عميؾ

وخطب الفتى لنفسو فتاة، وفي ليمة الزفاؼ سأليا ما ، فأصبح وقد ”أنا والدىر عميؾ“أوصاه بو أبوه، فأجابتو:

طمقيا، ثـ خطب لنفسو فتاة أخرى، وكاف مف أمره معيا ما كاف مع األولى، ثـ خطب فتاة ثالثة، وقد عـز عمى العيش

ؿ ما أجابتو األولى والثانية.معيا، ولو أجابتو بمثأنا والدىر “وتحقؽ ما توقعو الفتى، فقد أجابتو زوجتو:

، فكتـ ذلؾ، ولما سألو أبوه عف جوابيا عمى السؤاؿ ”عميؾالذي أوصاه بو، أجاب أباه بما يرضيو، ففرح األب بذلؾ،

واطمأف. وذات يوـ نادى األب زوجة ابنو، بعد خروج ولده،

و ماذا يريد، فقادىا إلى بركة في فناء فأسرعت إليو تسألالدار، وطمب منيا أف ترفع سدادتيا، ففعمت، وتسرب الماء ذا في قاع البركة باب، فتحو األب، ودعا زوجة ابنو كمو، وا ذا ىي في سرداب تحت البركة، إلى النزوؿ فيو، فنزلت، وا فيو أمواؿ وذىب كثير، فالتفت إلى والد زوجيا مدىوشة،

ىذه األمواؿ كميا البني، وأنا أخشى أال يحسف : “فقاؿ لياالتصرؼ بيا بعد موتي، ولذلؾ سأبقي أمرىا سرا، لتعطيو

، ففرحت بذلؾ، ”منيا شيئا فشيئا، عند الحاجة الشديدة

Page 274: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 274 -

ووعدتو أف تكوف وفية لوصيتو، مخمصة لزوجيا.ومرت األياـ والزوجة تعنى بوالد زوجيا، وتيتـ بو،

المنية، فأخذت تطمب مف زوجيا كؿ يوـ أمرا إلى أف وافتوجديدا، ففي يوـ تطمب منو شراء حمية ليا، وفي يوـ آخر تسألو شراء أثاث جديد لممنزؿ، وىكذا حتى نفد ماورثو مف أبيو، وىي ما تزاؿ تحتفظ بسر األمواؿ المدفونة تحت البركة، وال تعطيو منيا شيئا، حتى جاء يوـ أصبح فيو غير

عمى تمبية حاجاتيا، وىي ما تزاؿ تمح عميو بالطمب، قادر وتسألو شراء الحاجات، فنزؿ إلى السوؽ، ووقؼ مع جماعة مف البنائيف، ينتظر أحدا يدعوه إلى العمؿ عنده، وكاف مف حسف حظو أف قدـ رجؿ دعا البنائيف جميعا لمعمؿ، وكاف ـ ىو في جممتيـ، وبعد فراغيـ مف العمؿ، بدأ كؿ واحد مني

يأخذ أجرتو ويمضي، ولما جاء دور الفتى، استبقاه الرجؿ، إلى أف انصرؼ البناؤوف جميعا، فأعطاه أجرتو مضاعفة، ثـ دعاه إلى تناوؿ طعاـ العشاء، ثـ فاجأه الرجؿ بمعرفتو ألبيو، وأنكر عميو حاجتو إلى العمؿ في مينة ال يتقنيا،

نو ال يشؾ في أف وأكد لو أف لدى أبيو أمواال ال نفاد ليا، وأ زوجتو ىي التي تخفي عميو موضع أموالو.

ودىش الفتى لذكاء الرجؿ ونفاذ بصيرتو، ثـ سألو النصيحة، فدلو الرجؿ عمى أمر طمب منو أف ينفذه فور

وصولو إلى البيت. -كما أوصاه الرجؿ-وأسرع الفتى إلى زوجتو وأخبرىا

Page 275: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 275 -

عمى اإلنفاؽ أنو أصبح ال يممؾ شيئا مف الماؿ، وال يقدر عمييا، وأنو مضطر إلى الرحيؿ إلى ببلد أخرى، ثـ طمب منيا مفتاح الدار، ووعدىا أف يبيعيا في صباح الغد، ليدفع ليا صداقيا كامبل، وتصبح طالقة، فما كاف مف الزوجة إال أف ناولتو مفتاح الدار، وحممت صرة ثيابيا، ومضت إلى

بيت أىميا.ى الرجؿ، وكاف قد أوصاه وعمى الفور رجع الفتى إل

بذلؾ، فأخبره باألمر كمو، فطمب منو الرجؿ أف يمضي بو إلى داره، ولما دخميا أسرع إلى البركة في الفناء، وفتح سدادتيا، ولما فرغ ماؤىا، انكشؼ ليما الباب، ففتحو الرجؿ ودعا الفتى إلى الدخوؿ، فذىؿ لما رأى مف أمواؿ وذىب،

نقميا إلى دار الرجؿ.وبادر عمى الفور إلى وفي الصباح طمب الفتى مف الدالؿ أف يعمف عف بيع داره بالمزاد، وتقاطر الناس إلى المشاركة، وكاف أوؿ المبادريف جاره القصاب، وقد أخذ يعمي في ثمنيا ويغالي، حتى استقر البيع عميو، فقبض منو ثمف الدار، وسممو

واقفا بجواره، المفتاح، وكاف الرجؿ الذي نصح لو بذلؾ ، ثـ دعاه إلى منزلو، ”ىذا ىو عشيؽ زوجتؾ“فيمس لو:

وطمب منو أف يتريث حتى المساء، ليريو أمرا عجبا.وفي الميؿ.. مضى الفتى إلى داره، يصحبو الرجؿ، وقد نصحو مف قبؿ أف يحتفظ لنفسو بمفتاح آخر لمدار، ففتح الباب ودخؿ، والرجؿ يتبعو، وأسرعا إلى السرداب

Page 276: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 276 -

تحت البركة، فوجد الفتى زوجتو مذبوحة وممقاة في السرداب، فصعؽ وخاؼ، ولكف الرجؿ طمأنو، وقاؿ:

الشؾ في أف عشيقيا القصاب قد ذبحيا بعدما رأى “السرداب فارغا ال ماؿ فيو، وما عميؾ إال التريث حتى

”.الصباحوفي الصباح كاف القصاب يدؽ الباب عمى الفتى،

ؿ، يطمب منو أف يعيد إليو ثمف الدار، وىو مقيـ عند الرجألنو عدؿ عف شرائيا، ونصح لو الرجؿ أف يفعؿ، ففعؿ

واسترد المفتاح.وعند ئذ تبيف لمفتى صدؽ الرجؿ، وصواب مايراه، فسألو النصيحة ثانية، فنصح لو أف ينتظر إلى الميؿ، كي يحمؿ جثة زوجتو المذبوحة ويرمي بيا في البحر، أو أف

إلى القاضي، فاختار األمر الثاني. يرفع األمرواعترؼ القصاب أماـ القاضي بفعمتو، وتـ إعدامو،

وتسمـ أىؿ الزوجة جثة ابنتيـ، وواروىا التراب.وكاف الفتى ما يزاؿ مقيما عند الرجؿ وقد اطمأف إليو، واستراح إلى ضيافتو، فسألو النصيحة مرة ثالثة، فنصح لو

الفتى قد رأى إحدى بنات أف يبادر إلى الزواج، وكاف الرجؿ، فطمب منو أف يزوجو ابنتو، فوافؽ وشاور ابنتو في

إف مير ابنتي “األمر، فوافقت، ولكف الرجؿ قاؿ لمفتى: قطع رطؿ “، فسألو عف مقداره، فأجاب الرجؿ: ”غاؿ جدا

Page 277: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 277 -

، وأعمف الفتى عف استعداده لذلؾ، ونادى ”مف لحـ فخذؾتيا وىي ال تعرؼ الغاية ابنتو أف أحضري السكيف، فأحضر

منيا، فطمب منيا أبوىا أف تساعده عمى قطع رطؿ مف لحـ فخذ الفتى، ليكوف ميرا ليا، فرفضت البنت ذلؾ، وأعمنت عف استعدادىا لتقدـ الرطؿ مف لحـ فخذىا ىي بدال مف لحـ فخذ الفتى، وعند ئذ أعمف الرجؿ أنو لـ يفعؿ ذلؾ إال

ي الزواج مف ابنتو، وصدؽ ليعرؼ صدؽ الفتى في رغبتو ف ابنتو أيضا في رغبتيا في الزواج مف الفتى.

ثـ أخبر الفتى أنو شقيؽ أبيو، وأنو كاف فقيرا، وأف أباه كاف قد تنكر لو، وأمضى حياتو كميا مف غير أف يتصؿ بو.

ثـ تـ زفاؼ الفتى إلى الفتاة، ابنة عمو، وعاشا في ؤاليا الذي كاف أبوه ىناءة وسرورة، وقد فكر ذات يوـ في س

قد أوصاه بو، ولكنو لـ يجد ضرورة لمسؤاؿ، فقد وجد في أفعاليا ومواقفيا خير جواب.

تعلق:تقدم الحكاة نموذجن للمرأة، إحداهما خابنة ؼادرة، واألخرى وفة مخلصة، وتبدو األولى ه الطاؼة والمسطرة، ولكن تؤت الثانة لتجلو الصدأ، وتزرع ف

األمل والحب والثقة.النفس

والحكاة تثق بالمرأة، وتعل من شؤنها، وتقدرها حق التقدر، وه بتقدمها النموذج السا الفاسد، إنما تسعى إلى إظهار النموذج الطب الصالح أكثر إشراقا، وه ف

الحالتن تإكد مكانة المرأة ف المجتمع والحاة.

ن وبنات، ك والحكاة وعظة، مقدمة للشباب من بن

Page 278: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 278 -

تعلمهم جمعا ضرورة تبلحم الزوجن وتعاونهما وإخبلص كل منهما لآلخر.

والحكاة ال تخلو من مبالؽة إلحداث التؤثر القوي.

Page 279: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 279 -

و ئغب ؼ ثأصهفي إحدى البوادي كاف يعيش محمد مع أمو وزوجتو، ، بينما يرعى وكاف عنده بعض اإلبؿ يرعاىا، وذات يـو

و، سمع أنينا وراء صخرة، وأسرع نحو الصوت، فرأى إبمرجبل ممقى، وليس في جسمو موضع إال قد طعف، والدماء تنزؼ منو، فحممو، وأسرع إلى أمو، فطمبت منو أف يذبح عمى الفور إحدى النوؽ، وأف يجوفيا، ثـ حممت األـ الرجؿ الجريح وأدخمتو في جوؼ الناقة، وتركتو ثبلثة أياـ، ثـ

ذا جروحو كميا قد التيبت، فأمرت ولدىا أف أخر جتو، وا يذبح عمى الفور ناقة ثانية، وأف يجوفيا، ثـ وضعت الرجؿ الجريح داخميا، وتركتو ثبلثة أياـ أخرى، ولما أخرجتو منيا،

كانت جروحو قد شفيت تماما.وأراد الرجؿ مغادرة األسرة، ولكف العجوز أصرت عمى

أخرى، حتى تطمئف إلى شفائو بقائو في ضيافتيـ أياما تماما، وحتى يسترد عافيتو وأكدت لو أنيا بمنزلة أمو، وأف ولدىا محمد كاألخ، وأف زوجة ولدىا ىي كاألخت، وكاف

تعد لو الطعاـ بنفسيا، وترعاه وتعنى بو.وقد سر ولدىا محمد بو، وكاف ال يكمفو شيئا، فيخرج

Page 280: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 281 -

مع الغروب، ليشاركو ىو مع الفجر لرعاية اإلبؿ، ويرجع السير، ويتركو طواؿ النيار في البيت مع أمو وزوجتو، يعد

القيوة، ويستقبؿ مف قد يمر بيـ مف ضيوؼ.وذات يوـ أخبرت زوجة محمد حماتيا باف الرجؿ، واسمو حسيف، وقد تودد إلييا، وعبر عف رغبة في نوليا،

كدت ليا فبلمتيا العجوز عمى ذلؾ، واتيمتيا بسوء الظف، وأ أف الرجؿ ضيؼ، وأنو كاألخ بالنسبة إلييا.

ومرة أخرى، بعد يـو أو يوميف، شكت زوجة محمد إلى حماتيا أمر الضيؼ، وأكدت تعرضو ليا، ومحاولتو النيؿ منيا، فبادرت العجوز إلى عتاب حسيف، وأكدت لو أنيا ستخبر ولدىا محمدا بذلؾ، إف ىو عاد فتعرض لزوجة

ولدىا.د مع الغروب مع اإلبؿ، فرأى الضيؼ ورجع محم

حسيف قاعدا وحده، والحزف ظاىر عميو، فسألو عف حالو، فعبر عف رغبتو في الرحيؿ، فقد برح بو الشوؽ إلى أىمو، فما كاف مف محمد إال أف قدـ ناقة ليمتطييا، وناقة أخرى تحمؿ زوادة الطريؽ وبعض اليدايا، ثـ سار برفقتو مسافة،

يا أخي يا حسيف، أرجو أف تعمؿ “عو، قاؿ لو: وقبؿ أف يود ”.دائما بأصمؾ

ورجع محمد إلى أمو وزوجتو، وىو يحس بشيء مف االكتئاب ألنو فقد صديقا لو.

Page 281: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 280 -

ووصؿ حسيف إلى ديار أىمو، فاستقبموه بفرح كبير، وسألوه عف سر ىذا الغياب، فأخبرىـ عف رجؿ غني جدا،

كاف قد اختطفو، وأجبره يممؾ إببل كثيرة، ويعيش وحده،عمى اإلقامة عنده، ليتخذ منو خادما، ولكنو استطاع أف يفر تحت جنح الظبلـ، وحسبو دليبل عمى ذلؾ ما يسوؽ معو مف ناقتيف، وأخذ يشجع قومو عمى غزو ذلؾ الرجؿ، واإلغارة عميو، ثأرا لنفسو، وطمعا فيما يممؾ مف إبؿ، وظؿ

تى أقنعيـ.يزيف ليـ اإلغارة عميو، حومع الفجر، شنت قبيمة حسيف غارة شعواء عمى خيمة محمد، فقتموه، واسروا العجوز، وساقوا اإلبؿ كميا غنائـ ليـ، وأقامت العجوز أـ محمد في ديار حسيف، أسيرة،

ترعى إبميـ، وتطيو طعاميـ، وتعنى بأطفاليـ.أما زوجة محمد، فقد بحث عنيا حسيف في أثناء

جدىا، وىو الذي شجع قومو عمى الغزو طمعا الغارة، فمـ ي بيا، فرجع إلى دياره خائبا.

وكانت زوجة محمد قد ىربت أوؿ ما رأت الغارة، ولجأت إلى ديار أىميا، وأقامت بينيـ، وكانت حامبل، في شيرىا األخير، ولـ تمبث أف وضعت ولدا، أسمتو محمدا

باسـ زوجيا.مـ الفروسية وركوب ونشأ محمد في ديار أخوالو، وتع

الخيؿ والمبارزة، وأصبح شابا، وذات يوـ سمع شيئا ما عف

Page 282: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 282 -

مقتؿ أبيو، فأسرع إلى أمو يطمب أف تخبره بالحقيقة، وألح عمييا، فأخبرتو بكؿ ما كاف، فحمؿ سيفو، وامتطى جواده، وودع أمو، ثـ مضى، مقسما أف يثأر ألبيو، وظؿ يطوي

لى ديار حسيف، فشاىد عجوزا البوادي والقفار، حتى وصؿ إترعى اإلبؿ، فسأليا مف تكوف؟ ولمف اإلبؿ؟ ونظرت العجوز فيو، فرأت فيو مبلمح مف ولدىا، فروت لو الحكاية كميا، فعرفيا عمى الفور، وعرفيا إلى نفسو، فضمتو إلى

صدرىا، وأخذت تقبمو وىي تبكي. ثـ أخبرتو أف حسيف قد تزوج وأنجب ولدا ىو في مثؿعمره، وأف الميمة ىي ليمة زفافو، ثـ دلتو عمى خيمة العروس، ولما صار الميؿ، ودخؿ ابف حسيف عمى عروسو، ىجـ عميو محمد، فقمتو، ثـ أردؼ العروس وراءه عمى الحصاف، وانطمؽ بيا إلى قبيمة كبيرة، لجأ إلييا، طالبا الحماية لو ولمعروس، فأضافو شيخ القبيمة، وحماه، وأمر أف

فرد لو خيمة تميؽ بو وبعروسو، ولكف الفتى محمد طمب تأف تناـ العروس في ضيافة شيخ القبيمة مع أسرتو وأوالده،

وأف يناـ ىو وحده في الخيمة.ومع الصباح اقترب حسيف مف خيمة ابنو، وناداه، فمـ يسمع جوابا، وناداه ثانية، وثالثة، وما مف جواب،

، ولـ يجد أثرا لمعروس، ودخؿ الخيمة، فوجد ابنو مقتوال واقتفى آثار الحصاف، حتى بمغ القبيمة الكبيرة، التي كاف الفتى محمد قد لجأ إلييا، ودخؿ عمى شيخ القبيمة،

Page 283: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 283 -

وطمب منو أف يسممو العروس.واستدعى شيخ القبيمة الفتى والعروس، وسألو مف يكوف؟ وماقصة تمؾ العروس، فأخبره بقصتو وقصة أبيو،

ذ حسيف أف ىذا الفتى قد ثأر منو ألبيو، فأدرؾ عند ئ فسكت، وقد عرؼ أف عاقبة الغدر والخيانة وخيمة.

طبلؽ وحكـ شيخ القبيمة برد اإلبؿ عمى الفتى، وا العجوز مف األسر، ثـ يسأؿ العروس إف كانت تقبؿ بالفتى محمد زوجا ليا، وكانت العروس قد رأت شيامة محمد

اب. وجرأتو وعفتو، فأجابت باإليجوىكذا، رجع حسيف إلي أىمو يجر ذيوؿ الخيبة والحزف والمرارة، جزاء ماصنعت يداه، عمى حيف رجع الفتى محمد إلى مضارب أبيو، ليرعى إبمو مع جدتو وأمو وزوجتو،

وليعيشوا جميعا في ىناءة وسرور. تعلق:

تمجد الحكاة قم الكرامة والضافة والشهامة والعفة، الخانة والؽدر، وتكشؾ بعض عادات وتدن الطمع

البادة، وال سما الثؤر، وه تدل على أن الحق ال ضع، وتنته باالحتكام إلى القضاء إلنهاء المشكلة، مإكدة أن

للظلم نهاة، ولكن البد من تحكم العقل.

Page 284: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 284 -

صبذخكاف في قديـ الزماف أخت اسميا صالحة، تعيش مع

ييما، وكانت حياتيما ىادئة ىانئة، ال أخييا بعد وفاة والدينغصيا شيء. وكانت األخت صالحة تمح عمى أخييا كي يتزوج، وكاف يخشى إذا تزوج أال تعيش زوجتو في وفاؽ مع أختو. ولكف األخت ألحت عميو، ثـ سعت بنفسيا إلى

زواجو، فخطبت لو فتاة تعرفيا. وحيف تـ الزواج فرحت فرحا كبيرا.

تتودد إلى زوجة أخييا، وتساعدىا في وكانت األخت شؤوف البيت، بؿ كانت تسعى في خدمتيا، وتقوـ بكثير مف األعباء بدال منيا، كرمى ألخييا، وحرصا منيا عمى جو

السعادة والوفاؽ.وحممت زوجة األخ، وأنجبت ولدا، فرح بو الجميع، وزادت سعادتيـ بو. ولعؿ األخت كانت أكثر فرحا بو، إذ

ت فيو ما يمؤل حياتيا، ويزيد مف الرابطة بينيا وبيف وجدزوجة أخييا، فأخذت تخدـ الولد وترعاه وتحمؿ عف زوجة

أخييا كؿ أعباء البيت.

Page 285: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 285 -

ولكف زوجة األخ بدأت تغار مف األخت صالحة، وأخذت تحس نحوىا بكراىية، وجعمت تفكر بالتخمص منيا

لميالي إلى بأي طريقة، وما كاف منيا إال عمدت في إحدى اولدىا، فذبحتو، ثـ غطتو، وأسرعت إلى زوجيا، تطمب منو أف يحضر الولد لترضعو، ومضى الزوج ليحضر الولد، فذعر مما رأى، وصاح ينادي زوجتو، فأسرعت إليو، لتؤكد

لو أف أختو ىي التي فعمت ذلؾ.وثار الغضب في نفس األخ، فاستؿ خنجره، وأسرع

مف غير أف يوقظيا أو يكمميا، إلى أختو، فوجدىا نائمة، و قطع يدييا االثنتيف، ولفيا في مبلءة وحمميا، ومضى بيا

إلى بستاف بعيد، ورمى بيا ىناؾ.وفي الصباح خرج البستاني مف كوخو ليتفقد الزرع وينظر في الزىور فرأى فتاة صبية كالقمر، ولكنيا مقطوعة

ستانو؟ اليديف، فسأليا عمف فعؿ بيا ذلؾ؟ ومف رماىا في بفأخبرتو بما كاف مف أمرىا، فأشفؽ عمييا، ودعاىا لتعيش في البستاف فشكرت لو ذلؾ، وطمبت منو أف يبني ليا

كوخا صغيرا، بعيدا عف العيوف، وأال يخبر بيا أحدا.وكاف ىذا البستاف لمممؾ، وكاف يقصده بيف الحيف والحيف ليرتاح مف أمور المممكة وشؤونيا وذات يوـ دخؿ الممؾ البستاف مع جنده وخدمو، وأخذ يطوؼ في أرجائو

يتممى جمالو ويمتع نفسو بما فيو مف زىور.

Page 286: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 286 -

وكاف جنده يشاركونو في تممي جماؿ البستاف يطوفوف في أرجائو، لمتسمية واالستمتاع، وشاىد أحد جنده الكوخ الجديد، فاتجو إليو، ولما رأتو صالحة مقببل نحوىا، لجأت

يا، فمحؽ بيا، وىـ بيا، لكنيا صاحت تطمب إلى داخؿ كوخالغوث، وتنبو الممؾ، فأسرع إلى الكوخ، فوجد جنديو وصالحة تفر مف بيف يديو مستغيثة، ولما عاتبو الممؾ عمى ذلؾ، ادعى أف الفتاة ىي التي بادرت إلى دعوتو إلى كوخيا، وأكد أنيا ىي التي جذبتو بكمتا يدييا ليدخؿ الكوخ

ؾ عمى الفور إحضار الفتاة، ولما رآىا مقطوعة وطمب المماليديف، عرؼ الكذب في كبلـ جنديو، فأمر بسجنو، ثـ أنيى زيارتو لمبستاف، ورجع إلى قصره. وكاف جماؿ صالحة قد استولى عمى لب الممؾ، فأخذ يفكر فييا ليمو ونياره، صورة محياىا ال تغادره، وذات يوـ مضى إلى البستاف،

لحة أف تكوف زوجة لو، ولكف صالحة وطمب مف صااعتذرت، وبينت لمممؾ أنيا مقطوعة اليديف وأنيا ال تميؽ زوجة بو، ولكف الممؾ أصر، وتدخؿ البستاني وأقنعيا بالزواج مف الممؾ فقبمت. وشاع الخبر في أرجاء الببلد؛ الممؾ يتزوج مف فتاة مقطوعة اليديف تدعى صالحة،

ـ، ووصؿ الخبر إلى زوجة األخ، وأقيمت األفراح، والوالئ فازدادت غيظا وقيرا.

ومرت األياـ وحممت صالحة مف الممؾ، فازداد حبو ليا، وتعمقو بيا، ولكف حدث أف اضطر الممؾ إلى السفر

Page 287: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 287 -

إلى بعض الببلد، وظمت صالحة وحدىا، وفي غيابو وضعت ولدا جميبل، فسعد بو كؿ مف في القصر وأقيمت

ـ إرس اؿ رسوؿ إلى الممؾ يحمؿ نبأ المولود.األفراح، وتوما كاف مف زوجة األخ إال أف اعترضت طريؽ الرسوؿ، وىو ماض إلى الممؾ ليخبره بالمولود، ودعتو إلى بيت قريب، وقدمت لو شرابا. فيو منوـ، فاستسمـ لنوـ عميؽ، فاستمت منو الرسالة التي يحمميا إلى الممؾ،

دال منيا، ولما استيقظ، فمزقتيا، ودست رسالة أخرى بشكرىا لحسف ضيافتيا ثـ مضى، وىو ال يعمـ مما حصؿ شيئا. ولما وصؿ الرسوؿ إلى الممؾ، قدـ إليو الرسالة،

وضعت زوجتؾ ولدا أسود الموف، قبيح “فقرأىا فإذا فييا: الشكؿ، مف المؤكد أنو ليس ولدؾ، ومما يؤكد أيضا خيانة

”.صالحةءتو الرسالة حزنا شديدا، ثـ كتب وحزف الممؾ لدى قرا

إلى أىمو جوابا يطمب فيو إكراـ صالحة والعناية بالمولود، وعدـ التصرؼ بشيء إلى حيف عودتو.

وفي طريؽ العودة تصدت زوجة األخ لمرسوؿ أيضا، ودعتو الستراحة قصيرة، وفعمت مثمما فعمت في المرة

لة أخرى.األولى، إذ بدلت الرسالة التي يحمميا برساوقرأ أىؿ الممؾ الرسالة التي كاف يحمميا الرسوؿ، فإذا

، ”تخمصوا مف صالحة ومف ولدىا بأي شكؿ كاف“فييا:

Page 288: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 288 -

ودىش أىؿ الممؾ والوزراء لجواب الممؾ، ولكنيـ اضطروا إلى التنفيذ، وعيدوا باألمر إلى أحد الوزراء.

وما كاف مف ىذا الوزير إلى أف حمؿ صالحة وولدىا ؽ، وتركيا عند شاطئ البحر. في صندو

ومر صياد فقير، ففتح الصندوؽ، فوجد صالحة مع ولدىا، فأشفؽ عمييا، ودعاىا إلى العيش مع زوجتو وأوالده.ورجع الممؾ إلى قصره بعد مدة، فمـ يجد زوجتو، وال ولده، فسأؿ عنيما، فأخبروه بما كاف مف أمره ىو في رسالة

فأنكر ذلؾ، ثـ طمب مف منو بالتخمص مف صالحة وولدىا، الوزير أف يخبره بحقيقة ما فعمو بصالحة.

ثـ أسرع الممؾ بنفسو مع الوزير إلى شاطئ البحر، حيث كاف الوزير قد ترؾ صالحة مع ولدىا، وسأؿ عف

الصياديف، فدلوه عمى كوخ الصياد الذي كاف قد آواىا.والتقى الممؾ بزوجتو وولدىا، وعرؼ أف ثمة تزييفا في

رسائؿ قد حصؿ، فاستدعى إليو الرسوؿ، ولما سألو عف الأمر الرسائؿ أخبر بالمرأة التي استضافتو عندىا في الذىاب

والعودة.وأمر الممؾ بإحضار تمؾ المرأة، فإذا ىي زوجة أخي صالحة، فسأؿ الممؾ زوجتو عف العقاب الذي تريد أف

”.العفو“يوقعو الممؾ بزوجة أخييا، فقالت لو: عفا الممؾ عف زوجة األخ، فعادت إلى بيتيا وىكذا

Page 289: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 289 -

آسفة نادمة، وعاش الممؾ مع زوجتو صالحة وولدىما، في ىناءة وسرور. التعلق:

تإكد الحكاة أن الحب هو الخبلص، وبه وحده ستطع أن عش الناس حاتهم العش الحق.

إن كراهة زوجة األخ قادت إلى األذى، على حن أن زوج صالحة، هو الذي أدى إلى الهناءة حب الملك ألخت ال

والسعادة.

كما تإكد أنه البد من المعاناة والمرور بمصاعب كبرة، مما قتض الصبر والتضحة، قبل أن تحقق

النصر للحق والخر والعدل.

Page 290: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 291 -

اضجغ واؾبة

في قرية صغيرة، كاف إلحدى األميات ستة أوالد وكانت دائما تتمنى أف ترزؽ ذكور، ولـ يكف عندىا بنت،

ببنت، لتكوف إلى قربيا تأنس بيا.وذات يوـ دعت ربيا أف ترزؽ ببنت، ولو كانت ذا ىي ضبعا، فاستجيب دعاؤىا، فحممت ووضعت بنتا، وا

ضبع.ومع ذلؾ فرحت األـ وعنيت بيا، وربتيا أحسف تربية

حتى كبرت وأصبحت شابة.ي الزريبة قد بدأت وذات يوـ الحظت األـ أف األغناـ ف

تنقص يوما فيوما، فطمبت مف ولدىا الكبير أف يسير ليمتو في الزريبة، ليرى مف يسرؽ الغنـ.

وسير الولد األوؿ معظـ الميؿ، ولكف النوـ غمبو، فناـ، وفي الصباح استيقظ، فوجد الغنـ قد نقص، ولـ يعرؼ

السارؽ.فالخامس، وىكذا كاف شأف الولد الثاني، فالثالث فالرابع

Page 291: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 290 -

كؿ منيـ يغمبو النعاس، فيناـ، وفي الصباح يستيقظ فيجد الغنـ ناقصا، مف غير أف يعرؼ السارؽ.

ولما كاف دور الولد السادس، عمد إلى إصبعو فجرحيا، ورش عمييا الممح وثقب إبريقا، وعمقو فوؽ فراشو، ومؤله بالماء. وأمضى الميؿ ساىرا والماء ينقط فوؽ رأسو،

يؤلمو، ولـ يغمض لو جفف.والجرح وقبيؿ الفجر أحس دبيب حركة، ثـ رأى أختو تتسمؿ إلى الزريبة، وتنقض عمى خروؼ، وتنتحي بو جانبا،

لتمتيمو كامبل، ثـ تخرج دوف أف يشعر بيا أحد.خوتو بما رأى، فمـ وفي الصباح أخبر الولد أمو وا

و، يصدقوه، فما كاف منو إال أف جمع حاجاتو، وركب حصانخوتو، وارتحؿ، مؤكدا ليـ أنو اليريد أف يعرض وودع أمو وا

حياتو لمخطر.واستقر لمولد المقاـ في إحدى القرى، حيث اشترى بيتا، وعاش فيو، ثـ اصطاد شبميف وأخذ يربييـ بنفسو، ويعنى

، وكاف يبلعبيما ”عنتر ورباب“بيما، وقد سماىما ويداعبيما، ويطعميما بيده، حتى ألفاه.

ولما كبرا، وصارا سبعيف، وتأكد أنيما قد أصبحا قادريف عمى االفتراس، أودعيما عند سيدة عجوز، ثـ أعطاىا خاتما سحريا، وطمب منيا أف تطمؽ السبعيف، عندما تحس بأف الخاتـ قد ضاقت بو إصبعيا، وأصبح

Page 292: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 292 -

خوتو. يؤلميا، ثـ ركب حصانو، وانطمؽ إلى قرية أمو وا لقرية، وجدىا خاوية، ال أحد فييا ولما وصؿ إلى ا

سوى أختو الضبع، فدخؿ عمييا، فرحبت بو، وسألتو كيؼ وصؿ إلى القرية، فأخبرىا أنو جاء راكبا حصانو، فما كاف منيا إال أف خرجت إلى الحصاف، إذ كانت شديدة الجوع، فقد ىرب الناس كميـ مف القرية ولـ يبؽ شيء تأكمو، ولذلؾ

أخييا، ثـ رجعت إليو لتسألو إف كاف التيمت قائمة حصافلحصانو أربع قوائـ أو ثبلث، فأدرؾ أنيا قد التيمت إحدى قوائمو، فأجابيا أف لحصانو ثبلث قوائـ، وخرجت ثانية إلى الحصاف فالتيمت قائمة أخرى، ورجعت إلى أخييا لتسألو إف كاف لحصانو ثبلث قوائـ أو قائمتاف فعرؼ أنيا التيمت

رى، فأجابيا بأف لحصانو قائمتيف، فرجعت إلى قائمتو األخالحصاف فالتيمتو كمو، ثـ رجعت لتسأؿ أخاىا إف كاف قد جاء راكبا أو ماشيا فأجابيا بأنو قد جاء ماشيا. وكانت الرغبة في اإللتياـ لدى األخت الضبع أقوى مف حبيا

، ”جاء دورؾ“ألخييا، فما كاف منيا إال أف قالت لو صراحة التيامو فطمب منيا شربة ماء قبؿ أف تمتيمو، وىمت ب

فخرجت إلى البئر لتحضر الماء، فصعد إلى سطح الدار، ثـ قفز مف السطح إلى ” عنتر ورباب“ونادى بأعمى صوتو

خارج الدار، وأخذ يعدو راكضا، وأحست بو أختو الضبع فتركت دلو الماء، وأخذت تعدو في إثره، وىو يركض

يحاوؿ النجاة.

Page 293: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 293 -

ي تمؾ األثناء بدأ إصبع العجوز يضيؽ بالخاتـ وفالذي كاف قد أعطاىا إياه فذكرت وصيتو ليا، فأسرعت إلى السبعيف، فأطمقتيما، وجرى الرجؿ الذي كاف قد رباىما، ولما شاىدا الضبع تعدو في إثره تريد أف تمتيمو، انقضا

عمى الضبع، وافترساىا.خوتو في القرى ا لمجاورة، ثـ أخذ يبحث عف أمو وا

حتى وجدىـ فأعادىـ إلى قريتو.كما عاد أىؿ القرية كميـ إلييا، وعاشوا جميعا بأمف

وسبلـ. تعلق:

تدل الحكاة على نزعة ؼرزة لدى اإلنسان وه رؼبته ف أن متلك ما لس لده، ولو كان عنده الكثر

الكثر، وال سما المال والولد.

شكلها الحوان وقد تطؽى هذه النزعة، فتظهر فالمنحط والخطر، وه ال تلحق األذى بصاحبها وحده، بل

بكل من حوله، من أسرة ومجتمع.

لقد طؽت هذه النزعة عند األم الت تملك ستة ذكور، فتمنت بنتا ولو ضبعا، أي أنها انحدرت من المستوى اإلنسان إلى المستوى الحوان، الشء إال لتحقق

لم لحق بالممتلكات كالؽنم فقط، إنما رؼبتها، وضررها لحق األسرة والقرة كلها.

وما تلبث الحكاة أن تحد من طؽان تلك النزعة البموت األخت الضبع أو قتلها، وإنما بطرقة أخرى أكثر ذكاء وأكثر تؤكدا إلنسانة اإلنسان وسموه عن النزعة

الحوانة.

خته، بل ترفع عن إن الولد السادس القدم على قتل أ

Page 294: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 294 -

ذلك وإنما لجؤ إلى تربة سبعن، لقدما على افتراس الضبع، وبذلك واجه الحوان بالحوان وال واجه الحوان باإلنسان وحقق الخبلص ألسرته وقرته وعد إلهما معا

الحاة.

Page 295: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 295 -

أثى ػؾخ

عاش في قرية نائية زوجاف، فييما قدر غير قميؿ مف ، وكاف ليما بنت اسميا عيشة، تمتاز بالجماؿ الخباؿ

والذكاء. وقد اعتاد الزوجاف أف يخرجا كؿ يوـ إلى الحقؿ لمعمؿ، وكانا يتركاف عيشة في البيت، لتعد ليما الطعاـ.

وذات يوـ قعدا في ظؿ شجرة، ليستريحا مف العمؿ، فمر بيما شاب عمى صيوة جواد، فأشار إليو أبو عيشة،

إلى أيف أنت ذاىب أييا “لشاب، فسألو: فاقترب منو اوستمر “، فسألو ثانية: ”إلى قرية التؿ“، فأجابو: !” الشاب؟

، فقاؿ لو أبو عيشة عندئذ: ”نعـ“فأجابو: ” بالقرية الفبلنية؟!أنا بيتي في تمؾ القرية التي ستمر بيا، وأماـ بيتي شجرة “

توت كبيرة، وقد وضعت المفتاح تحت حجرة بجانب الباب، وفي داخؿ الدار ابنتي عيشة، وىي جميمة وذكية، وقد خبأت تحت الفراش كؿ ما أممؾ مف ماؿ، وأنا أحذرؾ مف

”.سرقة الماؿ، أو اختطاؼ البنتولما سمع الشاب ذلؾ أدرؾ أف الرجؿ مخبوؿ، أو مجنوف، فتركو، ومضى مف غير أف يقوؿ شيئا، وىو يكاد

صد إلى بيتو، ال يصدقو، فمما وصؿ إلى قرية الرجؿ، ق

Page 296: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 296 -

ليتأكد مف صدؽ كبلمو، فوجد المفتاح تحت الحجر، ففتح أنت “الباب ودخؿ، فرأى صبية حسناء كالبدر، فسأليا:

، ثـ رفع الفراش، فوجد تحتو صرة ”نعـ“فأجابت: ” عيشة؟!ليرات ذىبية، فأخذ الصرة وحمؿ البنت عمى الجواد، وانطمؽ

بيا إلى قريتو.ر إلى بيتو ومعو زوجتو، ورجع أبو عيشة آخر النيا

فشاىد الباب مفتوحا، فدخؿ وىو ينادي ابنتو، ولكف ما مف مجيب، ونظر تحت الفراش، فما وجد شيئا، فأدرؾ عندئذ أف الشاب قد سرؽ مالو، وخطؼ ابنتو، فالتفت إلى زوجتو

التيتـ، أنا أعرؼ الشاب، “يشاورىا في األمر، فأجابتو: ة، والبد أنو تزوج ابنتنا، وىي فيو ابف آغا الضيعة المجاور

، واطمأف أبو عيشة إلى ماقالت ”اآلف ىانئة في العيش معو” وماذا عمينا أف نفعؿ؟!“زوجتو، ولكنو أضاؼ يسأليا:

عمينا أف نزورىا بعد ثبلثة أياـ، وأف نحمؿ ليا “فأجابت: ”.اليدايا؟!

وبعد مضي يوميف، أيقظت أـ عيشة زوجيا في تحثو عمى النيوض لزيارة ابنتو، الصباح الباكر، وىي، فأجابتو: ”وماذا سنحمؿ إلييا معنا“فنيض وىو يسأليا:

سآخذىا ” التيتـ، فقد ىيأت كؿ شيء، عندي قطعة قماش“ليا، كما سنأخذ ليا ظرؼ زيت، وقد عجنت الدقيؽ، لنصنع

”.ليا بعض الكعؾ، فييا قـ وأوقد النار في التنور، فوجد أشعة الشمس وانطمؽ أبو عيشة إلى التنور

Page 297: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 297 -

منعكسة فيو، وىي في أوؿ إشراقيا، فظف النار مشتعمة، فأسرع إلى زوجتو، يخبرىا بأف النار في التنور موقدة، وكانت قد أعدت أقراص الكعؾ، فتناوليا وأخذ يمصقيا بالتنور، ووقؼ ينتظر نضجيا، في حيف ذىبت زوجتو

لتييئ ظرؼ الزيت، والثوب.و، وىي تسوؽ الحمار، وقد وبعد قميؿ رجعت زوجت

وضعت عمى ظيره ظرؼ الزيت، وتأبطت تحت ذراعيا أما نضج الكعؾ، فأجابيا: “الثوب، فسألت زوجيا:

ولكني أرى أف نحمؿ “، وفكر قميبل، ثـ أضاؼ: ”نضج“ التنور معنا، حتى يبقى الكعؾ ساخنا، فوافقتو زوجتو.

ة وما كاف منو إال أف اقتمع التنور، وفكر في طريقضعو في “حممو، ولما سأؿ زوجتو عف ذلؾ، أجابتو:

، ففعؿ، فأصبح اليرى، فسأؿ زوجتو عف الحؿ، ”رأسؾالتيتـ، أمسؾ الحمار مف ذيمو، وأنا سأقود مف “فأجابتو:

”.أماـومشت أـ عيشة، تسحب الحمار مف رسنو، وتحت إبطيا القماش، وعمى ظير الحمار ظرؼ الزيت، وأبو

ور، يسير وراء الحمار، وقد أمسؾ بو عيشة في رأسو التن مف ذيمو.

ومرت أـ عيشة بأرض قد تشققت مف العطش، فقالت لو ترى يا أبا عيشة األرض كـ ىي عطشى، “ألبي عيشة:

Page 298: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 298 -

أشفقت عمييا “، فرد عمييا والتنور في رأسو: ”ألشفقت عمييايا أـ عيشة مف غير أف أراىا، ما رأيؾ في أف تسقييا

، ثـ شقت الظرؼ، وأىرقت ”البأس“ ، فأجابت:”الزيت؟! الزيت عمى األرض.

وبعد قميؿ مرت أـ عيشة بشجرة حور باسقة، فقالت لو ترى يا أبا عيشة ىذه الصبية وىي عارية، “ألبي عيشة:

أشفقت “، فرد عمييا، والتنور في رأسو: ”ألشفقت عمييا، فأجابت: ”عمييا مف غير أف أراىا، ما رأيؾ أف تسترييا؟

، ثـ أخذت تمؼ حوؿ جذع الشجرة القماش الذي ”البأس“ كانت تحممو تحت إبطيا ىدية البنتيا.

ولما وصمت أـ عيشة إلى بيت اآلغا، أخذت تقرع الباب بعنؼ، وتنادي ابنتيا، طالبة منيا أف تفتح ليا الباب، وىي تبشرىا بقدوميا إلييا، وقدوـ أبييا، حامبل ليا التنور،

وفيو الكعؾ ساخنا.ج ابف اآلغا ليستقبؿ عمو وزوجة عمو، فدىش لما وخر

رأى، وأمر الخدـ أف ينزلوا التنور مف رأس عمو، وعمى الفور بادر أبو عيشة إلى عناؽ زوج ابنتو، والمباركة لو في زواجو، وكانت عيشة ترى ذلؾ كمو وتسمعو، فخجمت أشد الخجؿ مف تصرؼ والدييا، كما خجمت مف الثياب الرثة

يرتديانيا.التي كانا ودعا ابف اآلغا عمو إلى الغرفة التي يستقبؿ فييا

Page 299: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 299 -

ضيوفو، وكاف فييا عدد مف وجياء القرية ورجاؿ اآلغا، فدخؿ عمييـ أبو عيشة مسمما وىو ييمؿ فرحا، ويعرب عف إعجابو بابف اآلغا، وغناه وقصره، ثـ أخذ يحدثيـ عف

لزيت، األرض العطشى التي رآىا في الطريؽ والتي سقاىا اوعف الصبية العارية التي كساىا، وعف الكعؾ الذي أعده بنفسو وحممو في التنور ساخنا، وكاف يسيب في الحديث ويتبسط والقوـ يضحكوف ويقيقيوف، وىو يزداد إسيابا وتبسطا ظنا منو أنو يحسف صنعا، إلى أف ضجر منو ابف

، أال أما اشتقت إلى ابنتؾ” اآلغا، فماؿ عميو، وىمس لو:نعـ، “، فأجابو أبو عيشة بصوت مرتفع: ”تريد أف تراىا

، ثـ ودع القوـ، ”نعـ، لقد اشتقت إلى ابنتي، وأريد رؤيتيا وىو ييمؿ ويضحؾ ويرقص فرحا.

ودخؿ عمى ابنتو وأميا عندىا، وأخذ يحدثيما عف عجابيـ بو وارتياحيـ إلى حديثو، بؿ ضيوؼ ابف اآلغا وا

أنو كاف سيد المجمس، والمتحدث سرورىـ بو، ويؤكد ليما الوحيد فيو، ثـ أخبرىما أنو حدثيـ عف األرض العطشى والصبية العارية والتنور، فخجمت ابنتو مف ذلؾ كمو خجبل شديدا، وخرجت إلى زوجيا تعتذر إليو عما بدر مف أبييا

وأميا.ولما كاف المساء سأؿ ابف اآلغا زوجتو عيشة عف

غرفة “ناـ فيو والداىا، فأجابتو: الموضع الذي تختاره ليالمؤونة، وأنكر عمييا ذلؾ، واقترح أف يناما في غرفة

Page 300: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 311 -

خاصة، ولكنيا رفضت، خشية أف يفسدا أثاث الغرفة.ودخؿ أبو عيشة وزوجتو غرفة المؤونة، حيث أعدت ليما ابنتيما فراشيف متواضعيف. وفي الميؿ نيضت أـ

ىيا، “فأجابتو: عيشة وأيقظت زوجيا، فسأليا ما األمر، لنساعد ابنتنا عمى جمع أكواـ الحب، أما ترى كومة ىنا

، ونيض أبو عيشة، ”وكومة ىناؾ؟! لماذا ىذا التبعثر؟!وأخذ يساعد زوجتو عمى جمع أكواـ الحب، بعضيا إلى

بعض، حتى جعبلىا كومة واحدة.وفي الصباح أسرعا إلى ابنتيما عيشة يخبرانيا بما

ت عيشة إلى غرفة المؤونة، فصعقت فعبله ألجميا، ودخملما رأت، فقد جمعا العدس إلى القمح إلى الشعير إلى الشوفاف، واعتذرت لزوجيا، وأسفت لما فعبله، فما كاف منو

إال أف باع الخميط عمفا، بثمف بخس.وفي المساء سأؿ ابف اآلغا زوجتو أيضا عف الموضع

لزريبة، فأنكر الذي ترغب أف يناـ فيو والداىا، فأجابت ا عمييا ذلؾ، ولكنيا أصرت.

ودخؿ أبو عيشة وزوجتو إلى الزريبة، وناما، وفي ما “الميؿ نيضت أـ عيشة وأخذت توقظ زوجيا، فسأليا

ىيا انيض، وانظر كـ عند ابنتؾ مف “، فأجابتو: ”األمرجرار الحناء، وكـ عندىا مف جماؿ، ىيا لنصبغ رأسينا

ا جمبل ولنمض إلى الحجاز، بالحناء، وليمتط كؿ واحد من

Page 301: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 310 -

”.ألداء فريضة الحجوفي الصباح أسرعت عيشة إلى الزريبة لتنظر إلى والدييا وترى مافعبله، فإذا ىما ممتصقاف مف رأسييما بالسقؼ، فقد دىنا رأسييما بما في الجرار مف دبؽ لصيد العصافير، وىما يحسبانو حناء، ثـ امتطيا جمميف، ولما

قا بالسقؼ لما في رأسييما مف دبؽ، نيض الجمبلف، لصأردنا أداء فريضة “ولما سألتيما عيشة عما فعبله، أجابا:

، فأنزلتيما، وغسمت رأسييما، ”الحج، ولكف السماء، لـ ترد واعتذرت لزوجيا عما بدر منيما.

وفي المساء سأليا زوجيا عف المكاف الذي ترغب أف ”.حظيرة الدجاج“يناـ فيو والداىا، فأجابت:

ودخؿ أبو عيشة وزوجتو إلى حظيرة الدجاج، وناما، ما “وفي الميؿ نيضت أـ عيشة لتوقظ زوجيا، فسأليا:

ىيا انيض، لتشـ رائحة الدجاج كـ “، فأجابت: ”األمر؟!، ”ىي نتنة، يبدو أف عيشة لـ تغسؿ الدجاج منذ زمف

فنيض أبو عيشة، وأخذ يساعد زوجتو عمى غمي الماء، لماء الحار والصابوف.وغسؿ الدجاج، با

وفي الصباح الباكر أسرعت عيشة إلى أبوييا لتطمئف عمييما، فرأت الدجاج كمو جيفا ىامدة، فحممتيا ورمت بيا

إلى الكبلب.، ودع أبو عيشة وزوجتو وبعيد ظير ذلؾ اليـو

Page 302: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 312 -

ابنتيما، ورجعا إلى قريتيما، وبينما ىما في الطريؽ مرا مى زوجيا أف ينزال بنير صغير، فاقترحت أـ عيشة ع

ذا ذبابة تحط ليستريحا قميبل، وقعدا عمى ضفة النير. وا عمى أنؼ أـ عيشة، فالتفتت إلى زوجيا تسألو عما حط

، ”ىذا عزرائيؿ جاء ليقبض روحؾ“عمى أنفيا، فأجابيا: ، فما كاف ”ويمؾ، اقتمو قبؿ أف يسمبني روحي“فقالت لو:

، وضرب بو وجو أـ مف أبي عيشة إال أف حمؿ حجرا كبيرا عيشة فوقعت ميتة.

ىؿ ىذا ىو “فقعد إلى جانبيا وىو يحدث نفسو فيقوؿ: ، عمينا أف نصؿ إلى القرية قبؿ حموؿ الظبلـ ، ”أواف النـو

وىـ أف يوقظيا، ولكنو لـ يشأ إزعاجيا، فتركيا، وأخذ يتأمؿ ماء النير المنساب، فأخذتو سنة مف نوـ، فأغفى وناـ.

خؿ الميؿ، فقدـ وحش، فافترس أبا وحؿ الظبلـ، ود عيشة.

التعلق:حكاة ساخرة، ؼاتها انتقاد المفارقة المرة بن حاة الفبلح وحاة اآلؼا، إذ تظهر حاة األخر مفعمة بالحركة والؽنى، على حن تظهر حاة األول فقرة مجدبة، وف مجال اآلؼا سء الفبلح التصرؾ، لس بسبب الخبال،

ف الظاهر، وإنما بسبب ما حط به من ظروؾ كما هو لم ؤلفها، وهذه الظروؾ ه الت تقوده إلى الوحش فترسه، وتبقى ابنته رمز الخصوبة والحاة ف منزل

اآلؼا.

ومما الشك فه أن الحكاة التقدم تلك األحوال كلها

Page 303: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 313 -

لتإكدها وتسوؼها، وإنما لتسخر منها وتنتقدها، إن الحكاة خبلل السخرة المرة الفاجعة إلى إثارة الوع، تسعى من

وتنبه الشعور، وإثارة القظة، فه تسخر وتضحك، لك تفجع وتإلم، وتحقق الصحوة.

إن ظفر ابن اآلؼا بابنة الفبلح لم كن عن حب، وال عن جدارة، وإنما كان اختطافا، مما إكد إدانة الحكاة

الفبلح البسط. الستبلب اآلؼا الفتاة والحاة من دي

وخبال الفبلح لس عطبا ف عقله، وإنما مرجعه إلى جدب الحاة الت عشها وما فها من فقر وحرمان، فهو خبال، ولس جنونا، وهو نتجة ولس سببا، وهذا الخبال نفسه رمز بطرقة ساخرة إلمكان تحقق الخبلص، بإعمال

الفكر.

ومتمزة. إن السخرة ف هذه الحكاة مسوؼة

Page 304: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 314 -

أه اؾظ وأثىن امش

خطبت لو أمو فتاة ” حسف“يحكى أف شابا يدعى ، ولما كاف الزفاؼ أوصتيا خاالتيا أال ترد ”فاطمة“تدعى أمؾ الشمس وأبوؾ “بأي كممة إال إذا قاؿ ليا: ” حسف“عمى

”.القمر وخاالتؾ الكواكب” فحس“زوجيا ” فاطمة“وفي ليمة العرس لـ تكمـ

بشيء، فأخذ يبلطفيا ويكمميا ويتحدث إلييا، وىي ال ترد عميو، فظف أف صمتيا يرجع إلى خجميا.

ال تكممو بشيء، حتى ” فاطمة“ولكف مرت األياـ و مؿ منيا، وضاؽ ذرعا، فقرر أف يكيد ليا، فأخبرىا ذات صباح أنو دعا إلى منزلو عشريف ضيفا وعمييا أف تعد ليـ

ال فيي طالؽ، ثـ تركيا وخرج.طعاـ الغداء، وا قد جيزنيا بصحوف وأباريؽ ” فاطمة“وكانت خاالت فور خروج زوجيا أف تنتقؿ ” فاطمة“سحرية، طمبت منيا

إلى المائدة، وأف تمتمئ بما لذ وطاب، وما ىي إال طرفة عيف حتى نزلت الصحوف واألباريؽ مف الرفوؼ والخزائف

Page 305: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 315 -

متؤلت.واتخذت مواضعيا عمى المائدة وقد اوقبيؿ موعد الغداء جاء زوجيا ليخبرىا بتأجيؿ الدعوة إلى وقت آخر، ولكنو ذىؿ عندما رأى المائدة جاىزة، فسأليا كيؼ تييأ ليا ذلؾ كمو فمـ تجبو عمى عادتيا بشيء.

أنو سوؼ يتزوج فتاة أخرى وييجرىا إذا ” حسف“وأقسـ ىي لـ تتكمـ، فظمت صامتة، ولـ تقؿ شيئا.

ما أراد، فقد تزوج فتاة حسناء، وعاش وكاف لحسف ”. فاطمة“معيا في دار أخرى، وىجر

وحدىا، ولـ يكف ليا شيء تتسمى بو ” فاطمة“وعاشت سوى الجموس في النافذة تغزؿ مف شعاع الشمس خيوطا

ذىبية تحيكيا ثوبا.وذات يوـ أرسمت زوجة حسف خادمتيا إلى منزؿ

نبأ عنيا، فرجعت لتتجسس عمييا، وتأتييا ب” فاطمة“الخادمة لتخبرىا أنيا تجمس في النافذة، تغزؿ مف الشمس خيوطا ذىبية، فغارت منيا، وقررت أف تقعد مع بزوغ الشمس في النافذة مثميا، لتغزؿ أشعتيا خيوطا، ولكنيا لـ

تكد تقعد حتى وقعت، وماتت.، وىو يمني نفسو ”فاطمة“إلى زوجتو ” حسف“ورجع

لقيت مف ىجره ليا، ولكنيا لـ تفعؿ. أف تكممو بعدماومرة ثانية أخبرىا أنو قد دعا عشريف ضيفا إلى الغداء، وأنو يريد الطعاـ جاىزا، ثـ أوىميا بخروجو، ولكنو

Page 306: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 316 -

اختبأ في دىميز الدار، وأخذ يرقب ما ستفعؿ.مف صحونيا وأباريقيا السحرية أف ” فاطمة“وطمبت

المائدة، وأف تمتمئ، تنزؿ مف الرفوؼ وتتخذ مواضعيا عمىوكاف زوجيا يرقبيا مف وراء إحدى النوافذ، فدىش لما سمع

كبلميا، وذىؿ لما رأى.وبينما كانت األباريؽ والصحوف تتحرؾ ىابطة مف الرفوؼ اصطدـ صحف بآخر فوقع وانكسر، وأسرع اإلبريؽ

وقاؿ ليا:” فاطمة“السميـ إلى لكواكب وحياة أمؾ الشمس وأبيؾ القمر وخاالتؾ ا“

”سامحيني ”:فاطمة“فأجابتو

”سامحتؾ“سر كبلـ زوجتو، فأسرع إلييا ” حسف“وعندئذ عرؼ

وقاؿ:وحياة أمؾ الشمس وأبيؾ القمر وخاالتؾ سبع “

”.الكواكب ردي عمي، كمميني فردت عميو، وأخذت تكممو. وعاشا معا بسعادة وسرور.

تعلق:النشؤة ف تإكد الحكاة التؤثر المباشر للتربة و

شخصة الفرد وف حاته المستقبلة وطبعة عبلقاته مع

Page 307: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 317 -

اآلخرن.

كما تإكد ضرورة احترام الزوج لزوجته وأسرتها وتقدره لهما وخطابه لهما بما لق بهما.

ولعلها تدل على طبعة الرابطة بن الزوجن الت ال مكن أن تقوم على عبلقة الجسد وحده، إذ البد من الحوار

التواصل الثقاف بنهما من خبلل الكلمة الت ه أرقى و أشكال اللقاء بن اإلنسان واإلنسان.

ولعلها تدل أضا على أن العبلقة بن الزوجن لست عبلقة بن فردن فحسب، إنما ه عبلقة أوسع تمتد إلى

األسرة والمجتمع.

Page 308: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 318 -

عذ اذغ وابسد

وسدت في وجيو أبواب ضاقت األحواؿ بالفتى محمد،الرزؽ، ولـ يجد ما يعيش بو، فاضطر إلى االرتحاؿ عف بمده، سعيا وراء لقمة العيش، فأخذ يقطع الفيافي والقفار حتى بمغ بمدة، دخميا وىو في غاية التعب، ورأى عجوزا

أماـ باب الدار فطمب منيا بعض الماء.اء فجمبت لو كأسا، ولما ىـ بالشراب، الحظ أف الم

أحمر الموف، فسأليا عف السبب، فأخبرتو أف ماردا يسيطر عمى النبع، وال يسمح ألىؿ البمدة بالشرب، مالـ يقدموا لو كؿ أسبوع واحدة مف أجمؿ الفتيات، حتى إنو لـ يبؽ في البمدة سوى ابنة الممؾ، ست الحسف، واليوـ حاف موعد

لماء، تقديميا، والبد مف أف ترقى مع الغروب إلى نبع ا حيث المارد.

ولما مالت الشمس إلى المغيب خرج الفتى، فرأى موكبا مييبا، والجند يحمموف ست الحسف في محفة، ويسيروف بيا إلى سفح الجبؿ، وىناؾ أنزلوىا، ثـ ودعتيا أميا وودعيا أبوىا، ورجع الجميع حزانى يبكوف، وتقدمت

Page 309: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 319 -

عد ست الحسف تصعد الجبؿ، وحدىا وأخذ الفتى محمد يصفي إثرىا، فتنبيت إليو فطمبت منو أف يرجع، فأشفؽ عمييا فأخبرتو أنيا مستسممة لقدرىا، راضية بما قسـ ليا، لكي

تنقذ أبناء بمدىا وتوفر ليـ ماء الشرب.ولكف الفتى أصر عمى المضي في إثرىا، وأكد ليا أنو سيعمؿ عمى إنقاذىا مف ذلؾ المارد، ثـ طمب إذا بمغت

قدـ أكثر، وأف تطمب مف المارد أف يبرز ليا بدال النبع أال تتمف أف تمضي ىي إليو. وىكذا أخذت ست الحسف تتسمؽ الجبؿ، حتى بمغت النبع، فناداىا المارد أف تقدمي أكثر فأكثر، ولكف ست الحسف ردت عميو تطمب منو أف يبرز ليا، وما إف برز المارد حتى أسرع الفتى محمد فغرس

فخر المارد صريعا.خنجره في قمبو، ورجعت ست الحسف إلى أميا وأبييا، وظف أىؿ البمدة أف ست الحسف قد خافت المارد، ورجعت، كما خافوا أف يحرميـ المارد مف الماء، ولكف ست الحسف أكدت ليـ أف المارد قد قتؿ، فمـ يصدقوا، وانتظروا إلى الصباح، فإذا

الماء يجري صافيا كالسمسبيؿ.والممكة، كما فرح أىؿ البمدة جميعا، إذ ففرح الممؾ

تخمصوا مف ذلؾ المارد، وأقيمت الوالئـ، وأعمف الممؾ أنو سيزوج ابنتو مف قاتؿ المارد.

وأخذ كؿ واحد مف فرساف القصر يدعي أنو ىو قاتؿ

Page 310: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 301 -

المارد.ولما سأؿ الممؾ ابنتو إف كانت تعرؼ قاتؿ المارد،

مبت منو أف يسمح ليا أجابتو أنيا تعرفو إذا ما رأتو، وطبالقعود في شرفتيا، وما عمى مدعي قتؿ المارد إال أف

يمروا تحت الشرفة لمتعرؼ عمى القاتؿ الحقيقي منيـ.وىكذا أخذ الفرساف والشباب بالمرور تحت الشرفة، وىي تنكر أف يكوف أي منيـ ىو القاتؿ، إلى أف مر الفتى

محمد، وعندئذ أشارت إليو أنو ىو.زفت ست الحسف إلى الفتى محمد، ليودع إلى وىكذا

األبد حياة البؤس والشقاء والفقر، وليعيش مع ست الحسف طوؿ العمر في ىناء وسرور.

تعلق:الذي قتل الوحش ”. أودب“الحكاة تذكر بؤسطورة

الرابض على باب طبة، وكان لده سإال لقه على كل همه، حتى ضج به عابر، وإذا لم تمكن من اإلجابة عنه الت

الناس، وقد تمكن أودب من اإلجابة، فمات الوحش، ودخل أودب المدنة، فزوجه أهلها أرملة ملكهم المقتول، وعنوه

ملكا، وكان بالنسبة إلهم المخلص.

ومؽزى الحكاة تلخص ف الفتى محمد، وهو فتى فقر، من عامة الناس، ؼرب عن البلدة، حقق لها

لمارد، رمز الظلم، ونقذ الفتات، رمز الخبلص من االخصب والتجدد، ووفر للناس الماء، رمز الحاة، وتزوج ابنة الملك، لإول إله الحكم بعد وفاة أبها، على حن القدر على ذلك الفرسان من رجال القصر، وال

الشباب من عامة الناس.

Page 311: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 300 -

ولعل الحكاة تعبر عن رؼبة اإلنسان العادي الفقر بالخبلص من الظلم، والظفر بؤجمل فتاة، والوصول إلى كرس الملك، أي تحقق أحبلمه ف الحرة والحب

والحكم.

وبلحظ أنه الحقق ذلك سوى فرد واحد ؼرب، وتبقى أحبلم الشعب محض أحبلم.

Page 312: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 302 -

اضذ وامشد

أراد أحد األشخاص أداء فريضة الحج مع زوجتو، ار عشر صفائح ممموءة زيتا، حار في وكاف عنده في الد

أمرىا، أيف يخبئيا، إذ كاف يخشى عمييا مف المصوص، وكاف أداء فريضة الحج في تمؾ األياـ يستغرؽ أشيرا، لسفرىـ عمى ظيور اإلبؿ، وأخيرا قرر الرجؿ أف يودع

صفائح الزيت عند جاره أمانة.ولما رجع مف الحج، طمب مف جاره أف يرد لو صفائح

لزيت، فقاؿ لو الجار، ىي ىناؾ في القبو، انزؿ وخذىا، اوحمؿ الرجؿ الصفائح إلى داره، وشكر لجاره أمانتو، ثـ بعد يوـ أف يوميف احتاج إلى إحدى الصفائح ففتحيا، فوجدىا ممموءة ماء ال زيتا، وفتح الثانية فالثالثة فالرابعة، وىكذا فتح

ا، فأسرع إلى جاره الصفائح كميا، فوجد فييا ماء ال زيتيسألو عف الزيت؟ فأكد لو الجار أنو اليعرؼ مف أمر الصفائح شيئا، ولعؿ الزيت فييا انقمب إلى ماء، وكؿ شيء

قابؿ لمتغير. فعرؼ أف جاره قد خدعو، فقرر أف ينتقـ.

Page 313: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 303 -

ومضى الرجؿ إلى السوؽ، فاشترى قردا صغيرا، ثـ رؼ، فقيد القرد أدخمو إلى منزلو خفية، وخبأه في إحدى الغ

في زاوية منيا، وحمؿ عصا، وأخذ يضربو بيا أشد الضرب، ثـ تركو وخرج إلى السوؽ فاشترى ثيابا كثياب جاره، ثـ اشترى بعض الموز، واصطنع ىيئة جاره، ودخؿ

عمى القرد، ففؾ قيده، ثـ أخذ يداعبو ويطمعو مف الموز. وظؿ الرجؿ عمى ىذه الحاؿ أياما، يدخؿ عمى القردبثياب كثياب جاره، فيطعمو ويعنى بو، ثـ يدخؿ عميو بثيابو

ىو نفسو ويأخذ في ضربو وتعذبيو.وكاف لمجار ولد وحيد، وكاف كثيرا مايأتي ىذا الولد إلى دار الرجؿ ليميو في فنائيا ويمعب، فانتظر الرجؿ حضور ابف جاره، فاختطفو، وخبأه في غرفة أخرى، وافتقد

سأؿ عنو، ثـ قرع عمى الرجؿ الباب الجار ولده، فأخذ يوسألو إف كاف قد رأى ولده، فأخبره أف الولد جاء إلى الدار ، وأنو تركو منذ قميؿ في إحدى الغرؼ وىو كعادتو كؿ يـويمعب، ثـ دعاه إلى الغرفة التي فييا القرد، وقاؿ لو مطمئنا:

، ودخؿ معو الغرفة، وما إف رأى القرد ”تعاؿ خذ الولد“حتى قفز إليو، وتعمؽ بثيابو، فدىش الجار وسأؿ: الجار

الأعرؼ، تركت “، فاصطنع الرجؿ الدىشة وقاؿ: ”ماىذا؟“ولكف، لعمو “وصمت قميبل، ثـ أضاؼ: ” الولد منذ قميؿ ىنا

تحوؿ إلى قرد، ألـ تقؿ أنت إف كؿ شيء قابؿ لمتحوؿ ”.والتغير

Page 314: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 304 -

وأدرؾ الجار عندئذ غرض الرجؿ، فاعتذر إليو، وأكد و أنو سيدفع لو ثمف الزيت أضعافا عمى أف يرد إليو ولده.ل

وأشفؽ الرجؿ عمى جاره، فرد إليو ولده، وسامحو في ثمف الزيت، عمى شرط أف يحفظ األمانة ويرعاىا.

تعلق:حكاة تربوة ف أسلوب ساخر، ؼاتها تذكر الناس باألمانة، وتحذرهم من الؽدر، وه تقوم على مقولة رد

اع صاعن، وتنطلق من أؼلى ما تعلق به الناس: الصالمال والولد، وتعتمد على فكرة التحول والمسخ، وتنه

بالتسامح والموعظة.

Page 315: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 305 -

اصبد وابسد

عمى شاطئ البحر، كاف يعيش صياد فقير، مع زوجتو وأوالده، وكاف عاثر الحظ، يصطاد في اليوـ بضع

يصطاد شيئا.سمكات، وفي عشرة أياـ يكاد الوذات يوـ رجع إلى البيت ال يحمؿ سوى شبكتو الفارغة، فمر بالخباز، وطمب منو بضعة أرغفة، ووعده أف يعطيو في الغد كؿ ما يصطاده، ولكف الخباز أبى، بؿ

لعمؾ ال تصطاد شيئا، فأنا أعرفؾ، “سخر منو وقاؿ لو: ”.أنت عاثر الحظ

كف الجميع وكانت زوجتو وأوالده في انتظاره ول اضطروا إلى النـو مف غير عشاء.

وفي الصباح خرج الصياد إلى البحر، يحمؿ شبكتو عمى كتفو، وفي الطريؽ صادفو رجؿ يحمؿ سمة فييا بعض الفاكية، عرضيا عميو، فاعتذر إليو الصياد، وقاؿ لو أنا لـ أصطد بما أشتري بو الخبر، فكيؼ أشتري الفاكية؟ فقاؿ لو

” فاكية لؾ، سواء اصطدت أو لـ تصطدالرجؿ:" بؿ ال

Page 316: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 306 -

وحاوؿ الصياد االعتذار ثانية، ولكف الرجؿ ألح عميو، وأكد لو أف خير اهلل كثير وأف لكؿ امرئ نصيبو مف الرزؽ.

وأخذ الصياد سمة الفاكية، وتابع طريقو إلى البحر، حيث ألقى الشبكة، وقعد ينتظر، ثـ سحبيا، فأحس بيا

ذ في الشبكة مارد، يخرج ليقوؿ ثقيمة فسحبيا بقوى أكبر، وا ، فتركو الصياد فناولو المارد دنانير ”إذا تركتني أغنيؾ“لو

ذىبية، ثـ طمب منو سمة الفاكية، فأعطاه الصياد إياىا، إذا أتيتني كؿ يوـ بمثؿ ىذه “فشكره المارد، وقاؿ لو:

الفاكية، أعطيتؾ مثؿ ىذه الدنانير، ولكف بشرط أال يعرؼ ، فوعده الصياد ومضى إلى السوؽ، ”ا مف أمرأحد ما بينن

فاشترى لزوجتو وأوالده أطايب الطعاـ.وىكذا صار دأب الصياد، يحضر كؿ يوـ لممارد بعض الفاكية، فيعطيو بعض الدنانير فيشتري لزوجتو، وأوالده الطعاـ والثياب، وقد صمح حالو، وطاب لو العيش.

زوجيا وأحست زوجة الصياد تبدؿ الحاؿ، ورأت جودوكرمو، بؿ إسرافو، فداخميا الشؾ، كيؼ ينقمب زوجيا بيف عشية وضحاىا، فيصبح عمى ىذه الحاؿ مف الغنى واليسر: أيعقؿ أف يكوف الصيد وحده ىو مورد ذلؾ الخير كمو؟ وماكاف منيا إال أف أرسمت ابنتيا ذات يوـ إثر أبييا،

بنت وأوصتيا أف تتبعو مف غير أف يحس بيا، ولما رأت الالمارد يأخذ مف أبييا سمة الفاكية ويناولو الدنانير أسرعت إلى أميا تخبرىا باألمر، وأخذت الزوجة تنشر الخبر بيف

Page 317: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 307 -

الجيراف.وفي صباح اليوـ التالي ذىب الصياد إلى البحر كعادتو، وىو يحمؿ شبكتو، ثـ مر ببائع الفاكية، فاشترى

ر، وجمس عمى سمة مؤلىا بأطيب األنواع، ومضى إلى البحالشاطئ وأخذ ينادي المارد، وظؿ ينادي وينادي، ولكف ما

مف مجيب.ورجع الصياد إلى البيت، يحمؿ سمة الفاكية، وفور

لماذا رجعت بالفاكية، ألـ يظير لؾ “دخولو سألتو زوجتو: فأدرؾ الصياد أف زوجتو قد عرفت سر ” المارد ىذا اليوـ؟

، وليس لو إال أف المارد، وأف المارد لف يظير لو ب عد اليـو يعود إلى حياة البؤس والشقاء.

تعلق:تدل الحكاة على ؤس الفقر وإحساسه بالفارق الكبر بنه وبن الؽن، وشعوره بؤنه ال خبلص له من فقره إال

بقوة مجهولة كبرة ال قبل له بها.

وهذا الخبلص الذي رتجه الفقر لس خبلصا، وإنما ، ال تحقق بالعمل والكفاح والدأب، وإنما هو حلم وهم

بالمصادفة وبقوة كبرة مجهولة.

والحكاة تحقق هذا الحلم الجمل ف عالم من الخال والوهم، ولكن سرعان ما نكسر الحلم، لتكون العودة ثانة إلى الواقع، ولتؤكد أن الخبلص ال مكن أن كون بواسطة

المارد.

ا هو حقق وواقع وطبع، والمرأة تمثل ههنا كل مألنها ه الت تكشؾ زؾ الحلم وبطبلن الوهم لتحقق

الصحوة.

Page 318: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 308 -

ولذلك تبدو كالمتهمة والمدانة، ألنها كسرت الحلم، ولكنها ف الحققة لست كذلك، بل ه الت لها الفضل ف

خلق الوع وتحقق الصحوة.

وقد تدل الحكاة ببساطة على أن السعادة محض وهم، ذل السعادة “إنها سرعان ما تزول، وكما قال ف المثل: و

”.أملس

Page 319: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 309 -

ثذ اذاخ

كاف إلحدى القاببلت بنت وحيدة، تعنى بتربيتيا، وتسير عمييا، ولكنيا تضطر دائما إلى تركيا وحدىا، بحكـ عمميا، ولذلؾ كانت توصي بيا بنات الجيراف، ليزرنيا في

مور البيت.غيبتيا، ويساعدنيا في أوذات يوـ تركتيا كعادتيا مع بنات الجيراف، فأخذت تمرح معيف وتميو، ولكف فجأة خرج ليف مف زاوية في المنزؿ غوؿ كبير ففزعت البنات وىربف، وبقيت بنت الداية وحدىا، فأخذت تصيح منادية جارىا النجار، فسمع الصوت، فأسرع إلييا، ولما رأى الغوؿ بادره بضربة مف

رقة التي كانت في يده فقتمو ثـ وضعو عمى ظير المطحمار، وتركو ليمضي بو إلى أخوات الغوؿ السبع، ولما رأت الغوالت الحمار مقببل، فرحف بو، وتوقعف أف تكوف بنت الداية ىي القتيؿ الممقى عمى ظير الحمار، ولكف تبيف ليف أنو لـ يكف سوى أخييف الغوؿ، فحزنت الغوالت،

قاـ.وقررف اإلنتوفي صباح اليوـ التالي قدمت الغوالت إلى منزؿ

Page 320: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 321 -

الداية، وىف متنكرات، وخطبف ابنتيا إلى أخييف، فوافقت الداية مف غير أف تعرؼ مف أمرىف شيئا، ووعدنيا أف يرجعف بعد أسبوع ألخذ العروس معيف، وقد ادعيف أف أخاىف يعمؿ في ببلد بعيدة، وقد أغريف األـ باألمواؿ

الكثيرة.وىكذا حضرت الغوالت بعد أسبوع، فودعت البنت أميا، ومضت بيا الغوالت، وبينما ىف في زحمة السوؽ، أحست ابنة الداية أف األمر ليس طبيعيا، فغافمت الغوالت وىربت منيف، ولجأت إلى النجار، وطمبت منو أال يخبر أحدا بأمرىا، حتى أميا، كي التعود الغوالت إلييا، ثـ رجتو

يصنع ليا ثوبا مف الخشب. أفوارتدت ابنة الداية ثوبيا الخشبي وخرجت بو ال تعرؼ أيف تذىب، حتى قادتيا خطواتيا إلى قصر الممؾ، فقعدت تحت سوره تأكؿ مما يمقى مف فضبلت، وتنبيت إحدى الجواري في القصر إلى ىذا الكائف الخشبي، الذي يمشي

الممكة ويتحرؾ ويعيش في ظؿ القصر، فأسرعت إلى تخبرىا بأمره، فطمبت منيا إحضاره.

واقتادت الجارية بنت الداية في ثوبيا الخشبي إلى ، ثـ ”خشيباف“الممكة، فعجبت ألمر ىذا الكائف، وسمتو

أذنت لو أف يعيش في حديقة القصر، ليسير عمى اإلوزات، ويعنى بيا.

Page 321: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 320 -

وكانت الممكة تنزؿ صباح كؿ يوـ إلى حديقة القصر، ية ليا، فتقعد بجوار البركة، وتمضي في تأمؿ بصحبة جار

اإلوزات، لتسمي نفسيا، ثـ يغمبيا الحزف، فتبكي، نادبة ابنيا األمير، وىنا تتدخؿ الجارية، فتدعوىا لمعودة إلى القصر.

وقد الحظت بنت الداية ذلؾ، ولكنيا لـ تستطع أف تعرؼ حقيقة ذلؾ األمر، كما الحظت أف الجارية نفسيا

مؿ كؿ ليمة خمسة وتمضي إلى كوخ بعيد في كانت تتسحديقة القصر، وتقضي بعض الوقت ىناؾ، ثـ ترجع إلى

القصر خمسة.وذات يوـ تسممت بنت الداية في إثر الجارية، وتبعتيا إلى حيث الكوخ، ثـ اختبأت وراء الباب فرأتيا تدخؿ عمى

فتى مقيد اليديف، تقدـ لو بعض الطعاـ، ثـ تخرج.لجارية مف الكوخ دخمت بنت الداية، وىي وفور خروج ا

في ثوبيا الخشبي، فسألت الفتى مف يكوف، فأخبرىا انو ابف الممؾ، وأف الجارية اختطفتو وخبأتو في ىذا الكوخ الذي اليتوقع أحد أف يكوف فيو، انتقاما مف أبيو الممؾ، الذي كاف قد قتؿ زوج الجارية، فوعدتو بنت الداية بالمساعدة،

مف غير أف يعرؼ مف تكوف.وخرجت وذات يوـ ذىبت الممكة إلى الحماـ، فاصطحبت معيا جاريتيا، فاىتبمت بنت الداية الفرصة، فأسرعت إلى الكوخ، ففكت قيد األمير، ونصحت لو أف يدخؿ القصر خمسة، وأف

Page 322: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 322 -

يختبئ في غرفة أمو، لتكوف المفاجأة سارة، كما أوصتو أال يخبرىا بمف أطمقو.يبوح ألمو بحقيقة أمره، وأال

” خشيباف“وقد حصؿ ىذا كمو واألمير ال يعرؼ حقيقة إذ كاف يظنو خادما مف خدـ القصر، اتخذ لنفسو ىذا الثوب

الخشبي.ورجعت الممكة مف الحماـ، ودخمت غرفتيا، فسرت كثيرا عندما رأت ولدىا األمير عائدا إلييا، وألحت عميو أف

يفعؿ.يخبرىا بما كاف مف أمره، فمـ ، أف تخمع كؿ ”خشيباف“وكاف مف عادة بنت الداية

ليمة ثوبيا الخشبي، وتستحـ في بركة القصر، ثـ تنتحي جانبا لتناـ. وذات ليمة، بينما ىي تخمع ثوبيا الخشبي، كاف األمير يتجوؿ في حديقة القصر، فرآىا، فاختبأ وراء إحدى

أنقذتو.الشجيرات وقد أذىمو جماليا، وعرؼ أنيا ىي التي وفي صباح اليوـ التالي أخبر أمو عف رغبتو في الزواج، فسرت الممكة كثيرا، ووعدتو أف تبادر إلى الخطبة

، فدىشت األـ، ”خشيباف“لو ، فأخبرىا أنو يريد الزواج مف ولكنو عندما أخبرىا بالحقيقة سرت كثيرا، وعندئذ حكى ليا

ما كاف مف أمر الجارية، فأمرت بسجنيا.ذا تزوجت بنت الداية مف ابف الممؾ، ودعت أميا وىك

لتقيـ معيا في القصر، وعاش الجميع في سعادة وسرور.

Page 323: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 323 -

تعلق:تدل هذه الحكاة على ما عانه اإلنسان من شقاء ك صل إلى السعادة، فمر بمصاعب وتحدات كثرة، تتمثل ف تحوالت، فابنة الداة الوحدة تصبح شردة وتتحول

ن خشب، واألمر المعزز تسجنه جارة وتقده، إلى كاب وتخفه عن األنظار.

إن الحكاة تدل على إمكان انتصار الشر، وؼلبة الباطل، وؼاب الحق، ولكن لحن، ولس دابما، إذ البد

للحق أن ظهر ف النهاة، والبد للخر أن ؽلب.

Page 324: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 324 -

ثذ اجبصسوب

وحيدة، توفيت أميا، فعني كاف لكبير )البازركاف( بنت بيا، ورباىا خير تربية، وذات يوـ قرر أداء فريضة الحج، ولكنو حار في أمره، أيف يترؾ ابنتو؟ وحيف شاورىا في

األمر، شجعتو، وأكدت لو أنيا ستتدبر أمرىا في غيابو.وىكذا ودعيا، وترؾ ليا قدرا مف الماؿ، وأوصى بيا

ما أوصى بيا سائر الجزار والخباز وبائع الخضر، كالجيراف، وكانت كمما أرادت حاجة، دلت سمة مف نافذة غرفتيا لترفع بيا ما يحضره ليا أجير الجزار أو الخباز

أوبائع الخضر مف حاجات.وفي أحد األياـ سمعت طرقا عمى الباب، ونظرت مف نافذتيا، فرأت فتاة في مثؿ عمرىا، فقيرة بائسة، رثة الثياب،

لعوف، فدعتيا إلى الدخوؿ، وقدمت إلييا بعض تطمب منيا اما عندىا مف ثياب، ولمست فييا البراءة، فدعتيا إلى اإلقامة معيا كي تأنس بيا، فاستجابت الفتاة لدعوتيا،

وأقامت عندىا، تشاركيا الطعاـ والمناـ.

Page 325: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 325 -

وىكذا أنست بنت كبير التجار بتمؾ الفتاة، واطمأنت التجار، وسفره إلى ببلد إلييا، وحدثتيا عف والدىا كبير

الحجاز ألداء فريضة الحج، وما تركو ليا مف أمواؿ لتتدبر أمورىا.

وذات يوـ نادتيا الفتاة لترى ما في الشارع، فأسرعت إلى النافذة، وما إف صارت أماميا حتى دفعتيا، فإذا ىي في الشارع، فدىشت لما فعمتو، ورجتيا أف تفتح ليا الباب،

أف المكاف ليا في ىذا البيت.فأبت وأكدت ليا ولجأت بنت كبير التجار إلى نخاس، يعرؼ والدىا، ترجوه أف يبيعيا في سوؽ الجواري، كي تجد مف يؤوييا لديو، فعرض عمييا أف تقيـ عنده مع زوجتو وأوالده، ولكنيا

أبت إال أف يبيعيا جارية. ونزؿ بيا النخاس مضطرا إلى سوؽ الجواري،

ـ نفسو نزوؿ ممؾ تمؾ الببلد إلى السوؽ، وصادؼ في اليو فمما رآىا اشتراىا بأغمى األثماف.

وكاف ذلؾ الممؾ قد فقد ولدا شابا، وانقطعت عنو األخبار، فأخذىا إلى قصره، لعمو يجد فييا العوض مف الولد، وأوصى بيا كبيرة الخدـ، ولكف ىذه استاءت منيا،

أف تعمؿ في تقشير وقادتيا عمى الفور إلى المطبخ وأمرتيا البصؿ.

ولما صار الميؿ ناـ كؿ مف في القصر، إال بنت كبير

Page 326: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 326 -

التجار إذ أوت إلى ركف في المطبخ وقعدت، التغمض ليا عيف وبينما ىي عمى ىذه الحاؿ إذا كبيرة الخدـ تدخؿ المطبخ خمسة، فتجمع بقايا الطعاـ، ثـ تخرج، وتخرج في

يا.إثرىا، وتظؿ تتبعيا مف غير أف تحس بذا ىي تمضي إلى حديقة القصر، وتزيح الحشائش وا واألعشاب عف بقعة في األرض صغيرة، فتظير ببلطة ليا ذا تحتيا سرداب، تنزؿ فيو، وتنزؿ في حمقة، وترفعيا، وا إثرىا بنت كبير التجار، لترى شابا يتوسؿ إلى كبيرة الخدـ راجيا أال تضربو، ولكنيا تخرج سوطا مف تحت طيات

يا، وتشرع في ضربو، وىي تعده أف تكؼ عف ىذا إذا ثوب، ثـ لـ تمبث أف رمت ”ال“قبؿ بالزواج منيا، وىو يؤكد أف

لو ما تحممو مف بقايا الطعاـ، وىمت بالخروج.وأسرعت بنت كبير التجار إلى الخروج قبميا مف

السرداب، وعادت إلى موضعيا مف المطبخ .إذا جمعتؾ “سألتو: وفي اليوـ التالي التقت الممؾ، ف

فوعدىا الممؾ بذلؾ، فاقترحت عميو أف ” بولدؾ فيؿ تعتقني؟يرسؿ إلى الحماـ كؿ نساء القصر مف الممكة إلى الجواري، وكاف ليا ذلؾ، وعندئذ دلتو عمى مكاف ابنو، فمما رآه فرح فرحا كبيرا، وعرؼ حقيقة األمر، فأرسؿ عمى الفور جبلدا

الخدـ، ثـ استدعى الطبيب ليعالج إلى الحماـ ليقتؿ كبيرة ابنو.

Page 327: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 327 -

وبعد بعضة أياـ ذكرت الممؾ بوعده ليا، فعرض عمييا الزواج مف ابنو، فاعتذرت، فعرض عمييا اإلقامة في

القصر، فرفضت، وأبت إال أف يعتقيا، فأعتقيا.ومضت بنت كبير التجار عمى الفور إلى النخاس

ري، فذىؿ تطمب منو أف يبيعيا ثانية في سوؽ الجوالطمبيا، ورجاىا أف تقيـ عنده مع زوجتو وأوالده، فأبت،

فأخذىا إلى سوؽ الجواري، وىناؾ كاف ليا ما أرادت.وفي ىذه المرة اشتراىا ممؾ ببلد بعيدة، كاف قد أتى إلى ىذه الببلد لمعبلج، فيو مريض معتؿ، ولما رجع بيا

، لتكوف إلى ببلده، نقمت عمييا زوجتو، واتخذتيا خادمة ليادائما تحت سمعيا وبصرىا، وكانت تأمرىا كؿ ليمة بتيييء مائدة العشاء ثـ تصرفيا، وفي صباح اليوـ التالي تجد المائدة نظيفة ال شيء عمييا، فأدىشيا األمر؟ ىؿ يعقؿ أف تقوـ الممكة بتنظيفيا؟ وىؿ يعقؿ أف تتناوؿ الممكة كؿ

ماكاف عمى المائدة مف طعاـ؟متيا أنيا قد انصرفت، ولكنيا ظمت وراء وذات ليمة أوى

الباب، تنظر مف ثقبو، فرأت الممكة تقدـ لمممؾ كأس شراب، ما إف شربو، حتى راح في سبات عميؽ، وأخذت الممكة تجمع ما عمى المائدة مف طعاـ، وتضعو في كيس ثـ تخرج

بو.وخرجت بنت كبير التجار في إثرىا، وأخذت تسير

Page 328: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 328 -

ذا الممكة تمضي إلى وراءىا، مف غير أف تحس بيا، وا غابة قريبة، لتدخؿ كوخا فيو عفريت، ما إف رآىا حتى الميا عمى تأخرىا، ثـ بسطت أمامو ما حممت معيا مف طعاـ، فأقبؿ عميو يمتيمو، ثـ جمست معو بضع ساعات يتسامراف ويتناجياف، حتى كاد الفجر يظير، وعندئذ ودعتو

ورجعت قافمة إلى القصر.ت كبير التجار قد سبقتيا إلى موضعيا في وكانت بن

المطبخ، واستمقت متظاىرة بالنوـ ولما كاف الصباح، التقت الممؾ، وسألتو إف كاف يعتقيا إذا دلتو عمى سبب مرضو واعتبللو، فوعدىا بذلؾ، فأخبرتو بكؿ ماكاف مف أمر زوجتو

والعفريت، ثـ اتفقا عمى خطة.ئدة العشاء، ثـ ولما كاف المساء، أعدت كعادتيا ما

تظاىرت باالنصراؼ وحيف قدمت الممكة إلى الممؾ كأس الشراب طمب منيا أف تحضر لو عباءة يضعيا عمى كتفيو، ألنو يحس بالبرد، ومضت لتحضر لو ما طمبو، فسكب ، ولما رجعت، غطتو عمى األرض الشراب ثـ تظاىر بالنـو

وخرج بالعباءة وجمعت كعادتيا الطعاـ وخرجت إلى الغابة، في إثرىا الممؾ تصحبو بنت كبير التجار، ورأى بعينيو ما

كانت تفعمو كؿ ليمة.ورجع إلى القصر، ليطمب مف الجند أف يذىبوا إلى الغابة ويقطعوا رأس العفريت، وليحمموه إلى القصر، ولما رجعوا برأسو، ألقاه بيف يدي زوجتو، فذعرت، وأخذت تبكي

Page 329: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 329 -

ولكف الممؾ دحض وتمطـ وجييا مدعية أنو أخوىا، ادعاءىا، ثـ أمر بقطع رأسيا.

وبعد بضعة أياـ ذكرت بنت كبير التجار الممؾ بوعده، فعرض عمييا أف يتزوجيا، ولكنيا اعتذرت وأبت إال أف

يعتقيا.ورجعت إلى النخاس ترجوه أف يعرضيا لمبيع في سوؽ الجواري مرة ثالثة، فنصح ليا، وعرض عمييا أف تعيش في

زوجتو وأوالده، فأبت، وكاف ليا ما أرادت.بيتو، مع واشتراىا ىذه المرة أحد المموؾ، وكاف عنده بنت وحيدة مجنونة، حبسيا في غرفة مف غرؼ القصر، وكانت كمما أدخؿ عمييا جارية لتخدميا أكمتيا، ولما دخمت عمييا بنت كبير التجار ىجمت عمييا بنت الممؾ المجنونة، وىمت

اليمكف أف تأكميني بما أنا عميو مف غبار “بيا، فقالت ليا: السفر، انتظري حتى أستحـ، ثـ بعد ذلؾ، يمكنؾ أف

، ولكف ابنة الممؾ أعربت عف خوفيا مف أف ”تأكمينيتيرب، فأكدت ليا أنيا لف تيرب، ثـ رأت في زاوية الغرفة

”.اربطيني بو حتى ال أىرب“خيطا، فقالت ليا: مف القصر ىاربة مف وىكذا خرجت بنت كبير التجار

ابنة الممؾ المجنونة، وأخذت تجري ال تعرؼ أيف تذىب، ولمحت مف بعيد ضوءا، فاتجيت إليو، ولما بمغتو رأت نارا لى جانب متقدة، تحت حمة كبيرة، فييا قطراف يغمي، وا

Page 330: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 331 -

الحمة عفريتتاف تحرساف الحمة، األولى نائمة، والثانية رىا، فغافمتيا، ورضعت مستيقظة، وقد ألقت ثديييا إلى ظي

لوال “مف ثديييا، ثـ ألقت عمييا السبلـ، فردت العفريتة: ، وردت ”سبلمؾ سبؽ كبلمؾ ألكمت لحمؾ مع عظامؾ

عمييا منكرة أف تفعؿ بيا ذلؾ وقد أصبحت ابنتيا، فأثر كبلميا في نفس العفريتة، وذكرت بنتا ليا كانت قد فقدتيا،

إذف ىيا “نيا ثـ قالت ليا: وسرت كثيرا ألنيا وجدت بدال مراقبي النار تحت ىذه الحمة، وال تتركييا تخمد، فقد آف لي

وىنا تشجعت بنت ” بعد سبع سنيف مف إيقادىا أف أستريحكبير التجار فسألت عف سر تمؾ النار والغاية مف ذلؾ القطراف، فأجابتيا بأف ابنة الممؾ في تمؾ الببلد ستظؿ

مي، فتشجعت أكثر وسألتيا عف مجنونة ما داـ القطراف يغسبب ذلؾ، فأجابتيا العفريتة بأنيا تفعؿ ذلؾ انتقاما منيا ألنيا رفضت أف تصبح ابنة ليا بعد أف فقدت ابنتيا، فطمأنتيا بنت كبير التجار، وأكدت ليا أنيا ستكوف ىي بدال مف ابنتيا التي فقدتيا، ثـ طمبت منيا أف تستريح

، فما كاف لترعى النار بدال منيا، وأخمدت العفريتة إلى النـومف بنت كبير التجار إال أف صبت القطراف وىو يغمي عمى العفريتتيف، ثـ أخمدت النار. ورجعت إلى قصر الممؾ ودخمت عمى ابنة الممؾ، فرأتيا سميمة معافاة ففرحت بذلؾ وألبستيا أحسف الثياب، ثـ دخمت عمى الممؾ وسألتو إذا

يت فيؿ يعتقيا؟ فوعدىا بذلؾ، وما كاف كانت ابنتو قد شف

Page 331: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 330 -

منيا إال أف دعتو ليرى ابنتو، ولما رآىا فرح كثيرا، ودعا ابنة كبير التجار إلى العيش معيا في القصر كأخت ليا؟

ولكنيا رجتو أف ينفذ وعده؟ فكاف ليا ما أرادت.ورجعت إلى النخاس مرة أخرى تطمب منو أف يعرضيا

لكنو أخبرىا أف والدىا قد رجع لمبيع في سوؽ الجواري، و مف الحجاز بعد أدائو فريضة الحج، وأكد ليا أنو سيقودىا

إلى البيت.وكاف والدىا قد فوجئ بالفتاة الغربية في منزلو، فأكدت لو أنيا ابنتو، فسأليا عف سمرتيا، فأخبرتو أف الشمس قد لوحتيا، وسأليا عف احمرار عينييا؟ فأجابت أف ذلؾ بسبب

ائيا، فطمب منيا أف تطبخ لو الحريرة، فأكدت لو فرط بك بأنيا نسيت طريقة طبخيا.

وعاش كبير التجار مع تمؾ الفتاة الغريبة كارىا، وىي تصر عمى أنيا ابنتو.

وذات يوـ طرؽ الباب، فأسرع يفتحو، فرأى النخاس ومعو ابنتو، فعرفيا عمى الفور، ولكنو تظاىر بعدـ معرفتيا،

نخاس إلى الدخوؿ، وجمعيا بالفتاة الغريبة ثـ دعاىا مع الالتي في بيتو، وطمب منيما أف تطبخا لو الحريرة، وأكد ليما

أف التي تجيد طبخيا ىي ابنتو.وبادرت ابنتو عمى الفور إلى طبخ الحريرة، عمى حيف

ترددت تمؾ الفتاة الغريبة، وعند ئذ ظير الحؽ.

Page 332: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 332 -

يوقعو في وسأؿ األب ابنتو عف العقاب الذي تريد أف الفتاة التي كانت سبب خروجيا مف بيتيا وتشردىا، فأجابت

العفو.وعادت الفتاة إلى تشردىا وتسوليا، عمى حيف التأـ

شمؿ األب والبنت وعاشا في ىناء وسرور. تعلق:

تإكد الحكاة ضرورة معاملة اإلنسان لآلخرن انطبلقا من مبادبه وقمه، ال كما عاملونه، وأن قابل

اإلساءة باإلحسان، وأن ظل مردا للخر ولو أراد به اآلخرون الشر.

وه مبنة على حب اآلخرن، ونذر الذات ألجلهم، والتضحة ف سبل التقلل من آالمهم مع نكران الذات، وتحمل المصاعب، والشعور بالمتعة ف الشقاء لسعادة

اآلخرن.

بحسن والحكاة توح بؤن ذلك كله ال كون إالالتربة، إذ تشر منذ البدء إلى أن األب قد ربى ابنته فؤحسن تربتها، ولذلك صدرت عنها مثل تلك المواقؾ

النبلة.

وتعد بنت كبر التجار نموذجا فردا للمرأة ف النقاء والطهر والتضحة وحب اآلخرن، وه خبلؾ معظم من

التقت من نساء، من ملكات وجارات.

مركبة من حكاة إطارة ه حكاة بنت والحكاة كبر التجار، وتضم ف داخلها ثبلث حكاات.

والناظم بنهما جمعا بنت كبر التجار الت تبدو أشبه بالبطل المخلص.

وحكاة الفتى الذي تحبسه الجارة وتهنه مكرورة وردت ف حكاة أخرى، وحكاة زوجة الملك الت تترك

Page 333: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 333 -

مر العفرت تشبه حكاة شهرزاد أو زوجها نابما لتسا بعض حكاات ألؾ للة وللة.

ولعل أهم عنصر ف بناء الحكاة هو حرصها على ثبلثة الحدث، وه ظاهرة شابعة ف الحكاات عامة.

Page 334: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 334 -

األش دغ واغىي

كاف ألحد المموؾ تسعة أوالد ذكور، كأنيـ البدور لممؾ مجاور تسع بنات حازوا الشجاعة والبطولة، وكاف كالزىرات، حزف الجماؿ واألخبلؽ.

وذات يوـ توجو أصغر األوالد، ويدعى األمير حسف، إلى الممؾ المجاور، وخطب صغرى البنات، ولما سمع

بذلؾ إخوتو، لحقوا بو وخطبوا باقي البنات.وىكذا أقيمت األفراح، ونصبت الزينات، وأعدت

أياـ مع األميرات في سعادة الوالئـ، وأمضى األمراء سبعة وسرور، ولكف كاف البد أف يعودوا بعد ذلؾ إلى مممكتيـ

مع زوجاتيـ.وكاف عمييـ أف يمروا في الطريؽ بغابة كثيفة األشجار، فساروا رتبل واحدا، كؿ أمير عمى فرس، ووراءه

زوجتو عمى فرس آخر.وكاف األمير حسف في مقدمتيـ، يسبقيـ، بمسافة غير

Page 335: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 335 -

، ليستطمع ليـ الطريؽ، وكانت زوجتو تسير في آخر قميمة الركب، مع إخوتو وزوجاتيـ.

وبينما ىـ في وسط الغابة، وقد تقدميـ األمير حسف، برز ليـ غوؿ عمبلؽ، نفخ عمييـ واحدا إثر اآلخر، فجعميـ حجارة سوداء، عدا زوجة حسف، فقد اختطفيا

وىرب بيا.فرجع إلييـ، فرآىـ والتفت األمير حسف، فمـ ير إخوتو،

جميعا حجارة سوداء، ولـ تكف زوجتو فييـ، وتتبع آثار أقداـ الغوؿ، فقادتو إلى جبؿ شاىؽ، ينيض عمى قمتو قصر منيؼ، فأدرؾ أنو منزؿ الغوؿ فأخذ يتسمؽ الجبؿ حتى بمغ القصر، ولـ يكف لو مدخؿ وال باب، سوى نافذة

شعرىا في أعبله، فنادى األمير حسف زوجتو، فمدت لوالطويؿ مف تمؾ النافذة، فتعمؽ بو، ورفعتو إلييا فدخؿ

القصر، وقد ذىؿ مما رأى مف أكواـ العظاـ والجماجـ.وما ىي إال برىة حتى أحس األمير صوت قعقعة غريبة، فنبيتو زوجتو إلى قدوـ الغوؿ، ثـ ماكاف منيا إال أف أدخمتو في صندوؽ ثياب عتيؽ، وأغمقت بالقفؿ

والمفتاح.ولما دخؿ الغوؿ قاؿ لزوجة األمير حسف إنو يشـ رائحة إنسي، فأنكرت ذلؾ، فأعاد القوؿ ثانية، ولكنيا

أنكرت، وأعاده ثالثة، فظمت عمى إنكارىا فصمت.

Page 336: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 336 -

وكاف زوجيا قد أوصاىا أف تسأؿ الغوؿ عف روحو أيف ىي؟ فمما سألتو، أجاب بأف روحو في المكنسة،

ت تداعبيا، لتوىمو أنيا تحبو، فألبست المكنسة ثيابا، وأخذوفي يوـ آخر أخبرىا أف روحو في اإلبريؽ، ففعمت األمر نفسو، وفي كؿ مرة كاف يخبرىا أف روحو في مكاف، حتى

اطمأف إلييا، ووثؽ بيا.وفي يوـ أخبرىا أف روحو عصفور مخبأ في عمبة صغيرة، والعمبة في قمب عنزة عرجاء جرباء، ولما خرج

كؿ يوـ إلى الغابة، أخبرت زوجيا األمير الغوؿ كعادتو حسف بمكاف روح الغوؿ، فودعيا وخرج.

وأخذ األمير حسف يسير في الببلد حتى وصؿ إلى خيمة فييا عجوز، وعندىا بضع غنمات ترعاىا، فعرض عمييا أف تتخذ منو ولدا ليا، ووعدىا أف يرعى الغنمات بدال

الغنمات في منيا، فوافقت، فأخذ األمير حسف يسرح ب المرعى، ليرجع بيا في المساء إلى خيمة العجوز.

وذات يوـ نبيتو إلى وجود عنزة جرباء عرجاء قرب المرعى، وحذرتو مف االقتراب منيا، ألنيا تيمؾ كؿ مف يقترب منيا، وفرح األمير حسف بذلؾ، وأسرع مف فوره إلى العنزة الجرباء العرجاء، وأخذ يصارعيا إلى أف صرعيا

فو، ثـ شؽ صدرىا وأخرج قمبيا، فوجد فيو العمبة ففتحيا بسي فرأى عصفورا صغيرا، فأمسكو وأسرع بو إلى قصر الغوؿ.

Page 337: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 337 -

وأماـ القصر ضغط األمير حسف عمى عنؽ العصفور فسمع مف الداخؿ صرخة ألـ شديدة، ثـ خرج الغوؿ وىو يتموى مف األلـ، وضغط ثانية عمى عنؽ العصفور، فتوسؿ

أف يطمؽ العصفور، ووعده أف يحقؽ لو ما يريد، إليو الغوؿفطمب منو أف يعيد إخوتو وزوجاتيـ إلى ماكانوا عميو، ثـ ضغط مرة ثالثة، فتموى الغوؿ مف األلـ أكثر وأكثر، وسألو ما يريد، فطمب منو األمير حسف أف يعيد إليو زوجتو، فأعادىا إليو، وعندئذ فصؿ األمير حسف رأس العصفور

فسقط الغوؿ جثة ىامدة. عف جسده،ورجع األمير حسف مع زوجتو إلى الغابة، فرأى إخوتو وزوجاتيـ عمى ظير الخيوؿ وىـ يتابعوف سيرىـ وكأف شيئا

لـ يحصؿ.وتابع الجميع سيرىـ يتقدميـ األمير حسف وزوجتو، إلى أف وصموا إلى مممكة أبييـ، فأقيمت األفراح، ونصبت

سبعة أياـ وثماني لياؿ، ال أحد الموائد، وأعمف في المممكة يأكؿ وال أحد يشرب إال مف قصر الممؾ.

وعاش األمراء التسعة مع زوجاتيـ في سعادة وسرور. التعلق:

تدل الحكاة على أن مالقاه الشاب من تحدات للوصول إلى زوجته، فقد بدو األمر قادرا على الخطبة

تبقى هنالك بسهولة بما ملك من مكانة وقدرة، ولكن تحدات أخرى أكبر عله أن واجهها، ك ثبت رجولته،

وصل إلى المرأة.

Page 338: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 338 -

إن الؽول الذي سكن قصرا على قمة جبل، هو رمز قوة مجهولة، على الشاب أن نتصر علها، ك ثبت

رجولته، وظفر بالمرأة.

وما تلك القوى المجهولة إال القوة الجنسة الؽامضة الشاب قبل أن مارسها، ولذلك عله أن الت ال فقهها

تؽلب علها ببطولته وشجاعته، لحقق نصره.

وهذا النصر ال تحقق إال بؤمرن، األمر األول تعاون المرأة نفسها معه، إذ تقدم له شعرها ك تعلق به ، وصعد إلها، وه الت تساعده على معرفة روح الؽول

نه القوة الجنسة أن تكون، أي تساعده على معرفة كوجوهرها، وما عله بعد ذلك إال أن كتشفها بنفسه، وهنا حتاج إلى األمر الثان لحقق نصره، وهو قوته وفروسته وشجاعته وجرأته، إذ مض فصارع العنزة، ثم حصل على العصفور، روح الؽول، لثبت تفوقه عله،

وستخلص منه زوجته.

وعدوانته وشراسته، إن الؽول ف قوته وعنفوانهوالجبل ف علوه وارتفاعه وانتصابه، هما رمز القوى الجنسة الذكورة الت تشترك مع الؽول والجبل ف تلك

الخصابص.

ولكن تلك القوة ذات روح ضعفة كالعصفور ف ضعفه، ولذلك كانت مخبوءة ف عنزة جرباء عرجاء،

، ولذلك دلبل على انحطاط تلك القوة بوصفها محض قوةالمكن تحقق الوصول الصحح إلى المرأة بتلك القوة

وحدها.

إن الوصول الحق إلى المرأة ال تحقق إال بكسر تلك األشكال العدوانة والحوانة والؽولة للقوة الجنسة، لتتجلى ف أشكال أخرى أرقى وأسمى، فها البطولة

والجرأة والشجاعة والتضحة من أجل المرأة.

لقوة الجنسة المتجلة لدى الؽول ف أشكال إن االشراسة والعدوانة والعنؾ تحول اإلنسان إلى محض حجر أسود، وال تحقق الوصول إلى المرأة، على حن أن

Page 339: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 339 -

ة لدى الفارس ف أشكال الشجاعة تلك القوة نفسها المتجلوالجرأة والبطولة والتضحة تحرر اإلنسان من محض

سان ح تحرك، روحا وجسدا، وتحقق كتلة حجرة إلى إن الوصول الحق إلى المرأة.

إن الحكاة تقدم درسا تعلما للشباب ، ك تعدهم للدخول إلى عالم المرأة ، ولكنها تعدهم بشكل ؼر مباشر، عبر الرموز الحلمة الؽابصة ف عمق البلشعور الجمع.

ب أنه وحسب الحكاة سموا وجماال أنها تعلم الشباالبد من تخلص المرأة من الؽول، بوساطة القوة

والشجاعة والذكاء والتضحة.

والحكاة التكتف بجعل المرأة مثاال جمبل، على الرجل أن ضح ألجله وثبت أمامه القوة والبطولة ، بل تجعل المرأة نفسها متعاونة مع الرجل ، جسدا وروحا،

نسان الجمل.لحقق كبلهما معا اللقاء اإل

Page 340: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 341 -

فطى ثذ اؾذبر

كانت فطوـ فتاة جميمة، ذكية، ولكنيا كانت فقيرة جدا، فقد مات أبوىا، وأخذت أميا تعمؿ شحاذة، تطوؼ، تسأؿ

الناس الصدقة.وذات يوـ أحضرت ليا أميا قميبل مف الرز والعدس وبعض المحـ وطمبت منيا أف تطبخ مخموطة، ريثما تطوؼ

في األسواؽ لعميا تحصؿ عمى الرزؽ.وشرعت فطوـ في طبخ المخموطة، ووقفت أماـ القدر، ذ بالباب ال تغادرىا، وىي تعني بالطعاـ، حتى نضج، وا يقرع، ففتحتو، فرأت عجوزا تسأليا بعض الطعاـ، فدعتيا إلى الداخؿ وسكبت ليا صحنا مف المخموطة، فشكرتيا

التيمتو، ثـ طمبت صحنا العجوز، وأقبمت عمى الصحف، فآخر، فسكبت ليا، فطمبت صحنا ثالثا فرابعا، وىكذا حتى فرغت القدر، وفطوـ ترحب بيا، وال تبدي أي شيء مف

التذمر، ثـ ودعتيا العجوز وخرجت.وحارت فطوـ في أمرىا، ماذا تفعؿ؟ وما كاف منيا إال

Page 341: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 340 -

أف سكبت في القدر بعض الماء ورفعتيا فوؽ النار، وأخذ الماء يغمي، وليس فيو إال بقايا قميمة مما كاف قد عمؽ

بجوانب القدر.ولما رجعت األـ في المساء، قدمت ليا ابنتيا صحنا ليس فيو سوى الماء، وبعض الحبات مف الرز والعدس،

؟، ولـ تجد ”أيف المخموطة“فغضبت األـ، وصرخت بابنتيا: البنت البنت ما تقولو، فازداد غضب األـ، وىجمت عمى

تريد ضربيا ففتحت باب الدار وولت ىاربة.ولحسف حظيا قادتيا قدماىا إلى قصر الممؾ، فقعدت أسفؿ السور، وكاف الممؾ في الشرفة، فرآىا، فطمب مف الخدـ أف يحضروىا ثـ أمرىـ أف يأخذوىا إلى الحماـ،

ويمبسوىا أحسف الثياب.ىا وخرجت فطوـ بنت الشحاذيف مف الحماـ أميرة، تعمو

ثياب الحرير، وما إف رآىا الممؾ حتى فتف بجماليا، وأعمف في الحاؿ رغبتو في الزواج منيا.

وعمت األفراح البمد، ونصبت الزينات، وأقيمت الموائد، سبعة أياـ وثماني ليالي، ال أحد يأكؿ، “وأعمف في المدينة

”.وال أحد يشرب، إال مف قصر الممؾيا الجديدة، كما وسعدت فطوـ بنت الشحاذيف بحيات

سعد بيا الممؾ، وطاب ليما العيش، فقد جمعيما القدر، ووفؽ بينيما الحب، وأخذت أياميما تزداد سعادة.

Page 342: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 342 -

وذات يوـ أطمت فطوـ بنت الشحاذيف مف شرفتيا، فرأت أميا أسفؿ سور القصر تتسوؿ، فأرسمت وراءىا الخدـ، ولما أحضروىا، عرفتيا إلى نفسيا، وعرضت عمييا

ترؾ حياة الشحاذة والتسوؿ، وأف تعيش معيا، ولكنيا أف تأيف صحف المخموطة، يا “انفجرت غاضبة، وصاحت بيا

قناعيا ”فطوـ يا بنت الشحاذيف ، وحاولت البنت تيدئتيا، وا أف تمـز الصمت، ووعدتيا أف تمنحيا بدؿ صحف المخموطة العقود والآللئ والجواىر، ولكف صراخ األـ كاف يزداد

فما كاف مف البنت إال أف لجأت إلى الحيمة، ويعمو، فأخبرتيا أف صحف المخموطة موجود، وأنيا تخبئو في باحة القصر أسفؿ النافذة، ثـ قادتيا إلى النافذة، وجعمتيا تطؿ منيا، لترى صحف المخموطة، ثـ دفعتيا، فسقطت ميتة، ثـ أسرعت البنت إلى باحة القصر، وحفرت أسفؿ النافذة،

ودفنتيا.وعادت فطوـ بنت الشحاذيف إلى حياتيا اليانئة مع زوجيا الممؾ، ولكف ذات يوـ أطمت مف نافذتيا، فرأت في باحة القصر حيث دفنت أميا نبتة قد ظيرت، فمـ تباؿ باألمر، ولكف يوما بعد يوـ أخذت ىذه النبتة تعمو وتطوؿ، حتى صارت شجرة، وبينما، كانت البنت تتأمؿ أغصانيا

الممتدة أماـ النافذة، ىبت النسمات، فتحركت وفروعيا ذا ىي تقوؿ: أيف صحف المخموطة، يا فطـو “األوراؽ، وا

”بنت الشحاذيف؟

Page 343: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 343 -

وذات ليمة بينما كانت فطوـ بنت الشحاذيف مع زوجيا الممؾ أماـ المائدة، وىما يتسامراف ويتناجياف، والنافذة

شجرة بجوارىما مفتوحة، ىبت نسمات ناعمة، فإذا أوراؽ الأيف صحف المخموطة، يا فطوـ بنت “تتحرؾ ىامسة:

، فأسرعت إلى النافذة، وأغمقتيا، وىي مذعورة، ”الشحاذيف؟قمقة، ولما رجعت إلى المائدة، الحظ الممؾ شحوبيا وتغيرىا، بؿ رأى الدموع تترقرؽ في عينييا، فسأليا عف سر ا، تغيرىا، فحاولت أف تتيرب مف اإلجابة، ولكنو ألح عميي

فأخبرتو أنيا تضيؽ ذرعا بالقصر، وتحف إلى المرحاض في دار أبييا، ألنو أجمؿ مف القصر وأرحب.

وذىؿ الممؾ مما سمع، وأقسـ أف يرى مرحاض دار أبييا، فإذا لـ يكف أجمؿ مف قصره وأرحب، فإنو سيقتميا.

ولـ تصدؽ فطوـ بنت الشحاذيف أنيا ىي نفسيا قد ندمت عمى ما فرط منيا في نطقت بمثؿ ذلؾ الكبلـ، و

ساعة غضب.ولكف كاف البد مف أف تسير مع زوجيا الممؾ، لتدلو عمى دار أبييا، وكانت تسير ىائمة عمى وجييا، التعرؼ

أيف دار “أيف تقودىا خطاىا، والممؾ في كؿ حيف يسأليا: ، وىي تمؼ بو في الببلد، وتدور، ”أبيؾ؟ متى سنصؿ؟

ار فييا وال شجر، فقاؿ ليا حتى بمغا أرضا خبلء، ال عم، واستؿ سيفو، ”أنت الشؾ كاذبة، والبد مف قتمؾ“الممؾ:

ولكنيا رجتو أف يميميا ثـ طمبت منو أف يأذف ليا أف تغيب

Page 344: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 344 -

قميبل وراء تمة صغيرة، لقضاء حاجة، فأذف ليا.وكانت فطوـ بنت الشحاذيف تنوي الفرار، ولكنيا ما إف

ة كبيرة، فاجأتيا قائمة: غابت وراء التمة حتى رأت سمحفا، فدىشت، ثـ قالت ”ماىذا الخطأ الذي بدر منؾ يا فطوـ؟“

، فطمبت منيا أف تذىب عمى الفور ”أرجوؾ ساعديني“ليا: وتحضر الممؾ، ووعدتيا أف تجد في مكاف السمحفاة نفسيا ببلطة عمييا حمقة، ماعمييا إال أف ترفعيا وتنزؿ، لترى ما

اإلسراع إلى الممؾ، ولكف يدىش الممؾ، وىمت فطوـ بالسمحفاة حذرتيا مف البقاء في األسفؿ أكثر مف سبعة أياـ،

ال انقمب كؿ شيء. وا ورجعت فطوـ بنت الشحاذيف إلى زوجيا الممؾ، وعبلئـ السرور بادية عمى وجييا، عمى حيف كاف غاضبا، والسيؼ في يده، فأخبرتو أنيا قد وصمت إلى دار أبييا، ثـ

ث كانت السمحفاة وراء التمة، فرأت ببلطة قادتو إلى حيذا ىي أماـ سرداب، نزلت فيو مع عمييا حمقة، فرفعتيا، وا الممؾ، فإذا ىما في قصر لـ تر مثمو عيف، عالي القباب، واسع األبواب، أدراجو مف مرمر، وترابو مف عنبر، قناديمو

مف مرجاف، كأنو مف صنع الجاف.الشحاذيف في القصر وأقاـ الممؾ مع زوجتو فطوـ بنت

أياما، وطاب ليما العيش، وىما ينعماف بأشيى الفواكو وأطايب الطعاـ، حتى كاف اليوـ السابع، تذكرت فطوـ بنت

أحف إلى “الشحاذيف السمحفاة، فقالت لزوجيا الممؾ:

Page 345: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 345 -

، ”قصرؾ، وأشتاؽ إليو، ولف أذكر بعد اليوـ قصر أبي فسامحيا الممؾ، وعفا عنيا.

ذا ىما مرة أخرى في تمؾ وخرجا مف ال سرداب، وا الفبلة، حيث الشجر وال عمار، ولـ يخطوا بضع خطوات،

، اعذرني، أريد ”حتى قالت فطوـ بنت الشحاذيف لمممؾ، ورجعت إلى وراء التمة، فرأت السمحفاة حيث ”قضاء حاجة

كاف باب السرداب، فشكرتيا، وسألتيا مف تكوف في العجوز التي رحبت بيا الحقيقة، فأخبرتيا أنيا ىي تمؾ

وأطعمتيا قدر المخموطة.ورجع الممؾ وزوجتو بنت الشحاذيف، ليعيشا معا

حياتيما ىانئيف سعيديف. تعلق:

تإكد الحكاة ف الظاهر حسن جزاء فاعل الخر، إذ إنه البد أن لقى جزاءه األوفى، ولو بعد حن من العذاب

والشقاء.

راء دابما بالحاة ف وه تدل ف العمق على حلم الفققصور الملوك واألؼناء، وشعورهم أحانا أنهم أولى منهم بالعش ف تلك القصور، فمثل فطوم بنت الشحاذن النقصها شء من جمال أو ذكاء لتعش ف القصور،

ولكن من سوء حظها أنها ولدت ف بت فقر.

وه تدل أضا على شعور الفقراء أن سوء الحظ م دابما، ولو وصلوا إلى القصور، ال لشء أضا، بلحقه

إال ألنهم فقراء.

وإكد ذلك أن فطوم تصل إلى قصر الملك، ولكن أمها تبلحقها ثم ترمها من النافذة وتدفنها ف باحة القصر،

Page 346: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 346 -

فبل تنجو، إذ تنبت شجرة تنطق مإكدة فقرها وظل سوء الحظ بلحقها حن تتفوه بكبلم زعج الملك.

تاز الحكاة بالخال الخصب، فاألم تدفن وخرج وتمف موضعها شجرة، والشحاذة الت طرقت الباب على الفتاة تظهر على شكل سلحفاة، والببلطة تفتح عن سرداب قود إلى قصر منؾ.ومثل تلك العناصر كثر ف

الحكاات الشعبة.

Page 347: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 759 -

اىذ األلشع

ت أبوه، فرعتو جدتو، كاف المرأة عجوز حفيد وحيد، ماوسيرت عمى تربيتو، ولكف لسوء حظيا كاف اليحسف فعؿ شيء، بؿ إنو أصيب بمرض ذىب بشعر رأسو، فأصبح

أقرع، مما زاد في الطيف بمة.وذات يوـ أرسمتو ليشتري الخبز، فرجع اليحمؿ شيئا، ولما سألتو عنو، أجابيا أنو التقى في الطريؽ بمجموعة

صغيرا، فألقى إلى الكبلب بالخبز كبلب تطارد كمبا فانشغمت بو عف الكمب الصغير، فما كاف مف جدتو إال أف

عفت عنو.وفي يوـ آخر أرسمتو ليشتري المحـ، فرجع اليحمؿ شيئا، ولما سألتو عنو، أخبرىا أنو رأى مجموعة مف قطط تطارد قطا صغير، فرمى إلييا بالمحـ، فانشغمت بو عف

ثانية عفت عنو جدتو.القط الصغير ومرة

وفي يوـ ثالث أرسمتو مع الحاصدات ليعمؿ معيف في

Page 348: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 761 -

حصاد القمح، وفي الطريؽ تأخر عنيف، وقعد عمى صخرة، يستريح مف تعبو، فمرت بو أفعى، ولكنيا رجتو أف يخبئيا، فخبأىا تحت طيات ثوبو، ومر بو رجؿ، فسألو إف كاف قد

ؿ سبيمو، رأى أفعى، فأنكر ذلؾ، فمضى الرجؿ في حاوعندئذ خرجت األفعى، لتشكر األقرع، وتقدـ لو خرزة زرقاء، وأخبرتو أنو يستطيع أف يطمب مف ىذه الخرزة فعؿ

أي شيء يعجز ىو عف فعمو، ثـ ودعتو ومضت.ولحؽ األقرع بالحاصدات فطمبت منو إحداىف نقؿ كومة كبيرة مف القش، إلى طرؼ الحقؿ، فما كاف منو إال

ة، ثـ طمب مف الخرزة الزرقاء أف تحممو أف امتطى الكومإلى اصطبؿ الممؾ، وطارت بو كومة القش محمقة، لتمر أماـ قصر الممؾ، وتدخؿ بو إلى االصطبؿ، وكانت ابنة الممؾ في نافذتيا، فمما رأت كومة تطير وفوقيا األقرع، ضحكت، وأشارت إليو ساخرة، فدعا عمييا أف تحمؿ مف

قبؿ أف تتزوج.ذا ابنة الممؾ حامؿ، وذىؿ أبوىا ومرت األي اـ، وا

الممؾ، فأخبرتو بحقيقة األقرع، ودعائو، فأرسؿ وراءه، وألزمو بالزواج منيا، فقبؿ مضطرا ولكف عمى شرط أف

تعيش معو في بيت جدتو، فكاف لو ما أراد.

وأخذ األقرع عروسو إلى بيت جدتو، وكاف مف

Page 349: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 760 -

بيت الجدة، وأف الطبيعي أال يطيب البنة الممؾ المقاـ في تطمب منو قصرا مثؿ قصر أبييا.

وعمى الفور طمب األقرع مف الخرزة أف يكوف ىو وزوجتو في قصر أجمؿ مف قصر الممؾ، وأف يكوف الممؾ غارقا تحت سبعة بحور، وفجأة وجد نفسو في القصر، وقد

تحقؽ لو ما طمب.ولكف ذات يوـ بحث عف الخرزة فما وجدىا، بؿ وجد

زوجتو غارقيف تحت سبعة بحور، فقد أرسؿ الممؾ نفسو مع إليو مف سرؽ الخرزة مف غير أف يعمـ، فتألـ األقرع وحزف.

وبينما ىو عمى ىذا الحاؿ، دخؿ عميو كمب وقط، سأاله إف كاف يريد أف تعود الخرزة إليو، فأجاب أف نعـ، وعمى الفور أسرع الكمب والقط إلى قصر الممؾ، فسرقا

بيا إلى األقرع.الخرزة، وعادا وما كاف مف األقرع إال أف طمب مف الخرزة أف يكوف لو قصر مقابؿ قصر الممؾ، وعمى الفور كاف لو ما أراد، ذا ىو في قصر مع زوجتو أماـ قصر أبييا، ثـ أحضر وا

األقرع إليو جدتو، وعاش الجميع.في ىناء وسرور.

تعلق: تإكد الحكاة أن المعروؾ ال ضع، وأن جزاء

اإلحسان البد أن كون اإلحسان، ولو مع الحوان.

وه تدل على حلم البابس الفقر بالزواج من ابنة

Page 350: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 762 -

الملك والوصول إلى الحكم، كما تدل على أن ذلك الكون بالجدارة، وإنما بالمصادفة، فكان الملك نفسه القوم على

جدارة، وإنما على مصادفة.

مع ” الخمخوم“ والحكاة تكرر حكاة سابقة عنوانهابعض االختبلؾ، مما إكد أن الحكاة واحدة، ولكن

الراوي ؼر فها وأضاؾ.

Page 351: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 763 -

أجش اصبئغ

كاف أحد الرجاؿ يعمؿ أجيرا لصائغ، وعنده بضعة أوالد وكانت أجرتو ال تكفيو في شيء، وكمما طالب معممو

أف يزيد في أجرتو، اشتكى المعمـ مف ضعؼ الحاؿ.ـ قرر أف يرتحؿ في طمب الرزؽ، فودع وذات يو

زوجتو وأوالده وسافر، وكانت تحممو ببلد، وتحط بو ببلد، حتى وصؿ إلى بمد، قصد فيو إلى دكاف صائغ، عرض

عميو أف يعمؿ عنده، فقبؿ.وباشر الرجؿ عممو، وأخذ يبدي ميارة فائقة، حتى يحظى برضى معممو الجديد، ولكف ىذا لـ يكف بأفضؿ مف

إذ كاف دائما يمف عميو، إذ أتاح لو فرصة العمؿ ذاؾ، عنده، وال يعطيو أجرتو إال بعد أف يطمبيا منو عدة مرات،

وبعد تأجيؿ ومماطمة.وذات يوـ دخؿ دكاف الصائغ خادـ الممؾ، وطمب صوغ سوار خاص بابنة الممؾ، فوعده الصائغ أف يجيز لو

Page 352: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 764 -

ر، وطمب السوار في صباح يوـ الغد، ثـ التفت إلى األجي منو أف يعد السوار.

وأكب األجير عمى السوار، يسوغو بإتقاف، يضع فيو كؿ ميارتو، وسير عميو طواؿ الميؿ، ثـ إنو نقش عميو مف

الداخؿ ىذه األبيات: مصائب الدىر كفى

إن لم تكفي فعفي خرجت من أجل رزقي

رأيتو متوفي كم جاىل في الثريا

خفيكم عالم مت وفي الصباح حضر خادـ الممؾ، فناولو المعمـ السوار،

وأخذ منو مكافأة كبيرة، ولـ يعط األجير شيئا.وفرحت ابنة الممؾ بالسوار، وأعجبيا كثيرا، وأخذت ، وىي تضعو في يدىا تتزيف بو صباح مساء، وذات يـوتنبيت إلى األبيات المنقوشة عميو مف الداخؿ، فعرضتو

ورجتو أف يعرؼ قصة ىذه األبيات. عمى أبييا،وأرسؿ الممؾ وراء الصائغ، ولما جاء سألو عمف صاغ السوار، فأكد لو أنو ىو الذي صاغو، فطمب منو سوارا آخر

Page 353: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 765 -

يشبيو تماما، عمى أف ينجزه في صباح اليوـ التالي، ومف غير أف يكوف بيف يديو السوار األوؿ.

ارا آخر وأسرع الصائغ إلى أجيره يطمب منو سو كالسوار األوؿ، فوعده األجير خيرا، ثـ إنو أغمؽ باب

الدكاف عمى نفسو، وبقي في الداخؿ.وكاف األجير في الحقيقة قد صاغ منذ البداية سواريف، وخبأ أحدىما، وقدـ اآلخر لمصائغ، ولما طمب منو سوارا

ثانيا، كاف ىذا جاىزا.ائغ وفي الصباح حضر خادـ الممؾ، فناولو الص

السوار، وتمقى منو المكافأة، ولـ يمنح األجير شيئا.ولما رأت بنت الممؾ السوار دىشت، ألنو كاف كالسوار األوؿ تماما، ال يختمؼ عنو في شيء، كما نقشت عمييا مف الداخؿ األبيات نفسيا، فأسرعت إلى أبييا تخبره

باألمر، وترجوه أف يعرؼ قصة الصائغ.صائغ فمما حضر سألو عف السوار وأرسؿ الممؾ وراء ال

إف كاف ىو قد صاغو فعبل، فخاؼ، وظف أف الممؾ لـ يعجب بالسوار، فأخبره أف أجيره ىو الذي صاغو.

وأرسؿ الممؾ عمى الفور وراء األجير، ولما حضر سألو عف قصة األبيات، فروى لو حكايتو، وأخبره ما كاف

أنو في ذلؾ مف أمره مع معممو الجديد، الذي لـ ينصفو، ششأف معممو السابؽ، وأكد لو ندمو عمى غربتو وتركو وطنو

Page 354: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 766 -

وبعده عف زوجتو وأوالده.وعندئذ أمر الممؾ بتعييف األجير وزيرا في مممكتو،

وأرسؿ وراء زوجتو وأوالده ليعيشوا معو في ىناء وسرور. تعلق:

تدل الحكاة على شقاء العامل وتعبه وعدم إنصافه من الذي ؼالبا ما ستثمر جهده وؽمطه حقه.رب العمل،

ولكن البد من تحقق العدل على د قوة أعظم، ولس الملك ههنا محض ملك، وإنما هو ف الحققة رمز لتلك

القوة الت مكنها أن تحقق ف النهاة العدل.

كما تشر الحكاة إلى أن إتقان العمل واإلخبلص فه أ الذي حفظ الحق، والمنطلق والمهارة، كل أولبك هو المبد الذي مكن أن قود إلى العدل.

كما تإكد أخرا أن هذا العدل ال تحقق من تلقاء نفسه، وال بمحض المهارة واالتقان، وإنما البد من إعمال العقل لبلوؼه، وتمثل ذلك ف نقش األبات على السوار

من الداخل.

Page 355: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 767 -

لغخ وصت

المموؾ مع وزيره متنكريف في زي خرج ذات يوـ أحد رجميف فقيريف، وأخذا بالتجواؿ في األزقة والحارات، حتى يريا أحواؿ الناس، وقادتيما خطاىما إلى خارج المدينة، فشاىدا بصيص نور مف بعيد فسارا حتى وصبل إليو، فإذا ىما أماـ كوخ بسيط، قرعا الباب، فخرج إلييما رجؿ رحب

دخوؿ، وقدـ ليما كسرة خبز وبعض بيما، ودعاىما إلى الالبصؿ وقميبل مف الماء. ثـ اعتذر ليما أشد االعتذار، ألنو اليممؾ شيئا، ولديو عياؿ كثير، وسمع الممؾ صوت امرأة تتألـ، فسأاله، فأجابيـ بأف زوجتو في الغرفة األخرى وىي في المخاض، ثـ استأذنيما في الخروج إلى زوجتو،

عاـ القميؿ.وتركيما مع ذلؾ الطوما ىي إال برىة حتى رجع إلييما يحمؿ وليدا، وىو في غاية السرور، فينأه الممؾ والوزير بو، وقدما لو بعض الماؿ ليصمح بو حالو، فسعد بذلؾ الرجؿ، وفي غيابو طمب الممؾ مف الوزير أف ينظر في طالع الولد، فأخبره أف

يا قبؿ بضعة المولود سيتزوج مف ابنتو، التي كاف قد رزؽ ب

Page 356: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 768 -

أياـ، فغضب الممؾ، وأضمرىا في صدره، ولما رجع الرجؿ، سألو إف كاف يبيعو ولده فيو فقير، وذو عياؿ كثير، ثـ عرض عميو مبمغا كبيرا، لـ يمبث أف زاده مرة ومرتيف، فرضي الرجؿ، ولكنو أعاده إلى أمو لتودعو، وتمفو

ممت أمرىا باألقماط، وحزنت األـ لفراقيا ولدىا، ولكنيا س هلل، ولفت الولد بكؿ مالدييا مف خرؽ وثياب.

وحمؿ الممؾ الوليد ومضى بو مع الوزير، ولـ يقطع سوى مسافة قصيرة حتى رمى بالوليد مف قمة جبؿ، ورجع إلى القصر مطمئنا إلى موتو، وطمب مف الوزير أال يخبر

أحدا بذلؾ.وشاءت األقدار أف يقع الوليد عمى شجرة كثيفة األغصاف، ومنيا سقط إلى األرض، فكاف اصطدامو بيا ضعيفا، وىو الممفوؼ بأقماش وثياب كثيرة، لذلؾ لـ يؤثر

فيو السقوط عمى األرض. وكاف في تمؾ األنحاء راع مع بضع عنزات، ومرت بو

كف مف إحدى العنزات، فعطفت عميو، ومالت نحوه، حتى تم، تترؾ قطيع الرضاعة منيا، وكاف ىذا دأبيما كؿ يـو

الماعز، وتقترب مف الوليد، ليرضع.والحظت العجوز أف عنزتيا ترجع كؿ يوـ مف المرعى والحميب في ضرعيا، فسألت الراعي، فأقسـ ليا أنو ال يعرؼ مف األمر شيئا، فطمبت منو أف يراقبيا، لعؿ أحدا

Page 357: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 769 -

يسرقيا الحميب.الراعي العنزة، فرآىا تنتحي جانبا، فتبعيا، فرآىا وراقب

تدنو مف الوليد، فتمكنو مف الرضاع، فذىؿ لما رأى، وحمؿ خذي، “الوليد ورجع بو مع العنزة إلى العجوز، وقاؿ ليا:

”.لقد وضعت عنزتؾ ولدا وتمقت العجوز الوليد وفرحت بو أشد الفرح، وسيرت

صبح مف أمير عميو، ترعاه وتربيو، إلى أف شب وأ الفرساف، وقد سمتو العجوز "محمد".

وذات يوـ كاف محمد في السباؽ، فسبؽ كؿ أقرانو، وكاف الممؾ حاضرا ذلؾ السباؽ، فدىش الممؾ مف ذلؾ الشاب، وماؿ عمى الوزير، وكاف إلى جانبو، يسألو عف طالع ذلؾ الشاب، فأجابو بأنو ىو مف سيتزوج ابنتو ويرث

ضب الممؾ، وكاف يرتجي ولدا ذكرا مف بعده الممؾ، فغ يرثو، فأرسؿ وراء الشاب، وسألو مف يكوف؟ وأيف بيتو؟

ودؿ الشاب الممؾ والوزير إلى خيمة العجوز، فسأليا الممؾ مف يكوف الشاب، فأخبرتو أنو ولدىا، فأنكر أف يكوف ولدىا وىي العجوز، وقد توفي زوجيا منذ زمف بعيد، فاعترفت لو بالحقيقة،

خبرىا أنو سيكرـ الشاب، ثـ زوده برسالة، وطمب منو أف فأ يحمميا إلى القصر، وىناؾ سيجد مكافأتو.

وحمؿ الشاب رسالة الممؾ، ومضى بيا إلى القصر، مف غير أف يفتحيا، ولما بمغ القصر، رأى الحارس نائما

Page 358: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 771 -

فقفز مف فوؽ السور، وكانت ابنة الممؾ في نافذتيا، فصعد إلى غرفتيا، وسألتو عف فأعجبت بو وأشارت إليو،

قصده، فقدـ إلييا الرسالة، ففتحتيا، فقرأت فييا أمر والدىا بقطع رأسو، فمزقت الرسالة وخطت رسالة أخرى، كتبت فييا أمرا بتزويجو مف ابنة الممؾ، ثـ ميرتيا بخاتـ أبييا، وطمبت أف يقدميا إلى قاضي القضاة، فأدى ىذا إلى تنفيذ

اب مف ابنة الممؾ، فأقيمت األفراح، األمر بزواج الش وأعدت الوالئـ، وعاشت المدينة أياما في سعادة ورخاء.

ثـ أعمف عف عودة الممؾ إلى الببلد فخرج رجاؿ القصر، وقائد الجيش، وقاضي القضاة، كما خرج الشاب، وزوجتو في موكب مييب، الستقباؿ الممؾ، ولما رأى

تفت إلى القاضي يسألو الممؾ الشاب عرفو عمى الفور، فال مف يكوف، فأجاب: ىو صيرؾ يا موالي وزوج ابنتؾ، وعندئذ أدرؾ الممؾ أف قسمة ىذا الشاب ىي الزواج مف ابنتو،

وأف حظو أف يكوف وريثو في الممؾ.وعاش الشاب مع زوجتو في سعادة وسرور، ثـ توفي

الممؾ، فورث مف بعده العرش. تعلق:

من القدر، مهما حاول المرء تإكد الحكاة أنه المفر أن نجو منه، فهو األقوى، وقد اتخذ هنا صورة الحظ

والقسمة، كما تعبر عنه العامة.

كما تدل الحكاة على حلم الفقر دابما بالزواج من ابنة الملك والوصول إلى الحكم وتول الملك.

Page 359: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 770 -

وف الحكاة عناصر من أسطورة أودب الت تقول ر بقتل ابنه إذ كان العراؾ قد تنبؤ إن الملك الوس أم

بمولود قتله ورث من بعده العرش، ولكن الخادم الذي كلؾ بمهمة قتله أسلمه إلى راع فقر.

وف الحكاة أضا عناصر من أسطورة روموس ورمولوس الت تروي أن أمهما وضعتهما ف سلة ورمت

ة، حث بهما ف النهر وهما ولدان، فقذفهما النهر إلى الؽاب أرضعتهما ذببة.

وف قصة ح ابن قظان ما شبه ذلك، إذ تروي أن بن قظان. وف الحكاة أضا لت إرضاع ح ؼزالة قد توعناصر من قصة طرفة بن العبد وخاله المتلمس وقد زود كبل منهما النعمان بن المنذر رسالة إلى ملك المن، فسار

ان فها حتفه، على األول من ؼر أن فض الرسالة فكحن فتحها الثان فقرأ فها أمرا بقتله، فرماها ورجع

لنجو.

وف الحكاة أخرا عنصر شابع كثرا ف الحكاات الشعبة وهو تنكر الملك والوزر ف زي فقر، وتعرفهما

إلى أحوال العامة.

دىبخ اىزة

تو في يحكى أف أحد المموؾ أعمف في المممكة عف رغبسماع حكاية الكذب، ووعد أف يتنازؿ عف الممؾ لمف يحكي

Page 360: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 772 -

لو حكاية الشيء مف الصدؽ فييا، فيصبح ممكا بدال منو، ذا لـ ينجح قطع رأسو. وا

وتقدـ إليو أناس كثير، ولكف أحدا لـ ينجح، في رواية حكاية كذب، وكاف الممؾ يقطع رأس كؿ مف خاب حظو،

لرؤوس.حتى إنو بنى قصرا مف تمؾ اوكاف في المممكة ولد يتيـ، اليفقو شيئا، عممت جدتو عمى تربيتو، ولما سمع بحكاية الكذب، أخبر جدتو برغبتو في الدخوؿ عمى الممؾ، ليسمعو حكاية كميا كذب، ويصبح ممكا بدال منو، فحذرتو جدتو، وأكدت لو أف اإلخفاؽ يعني

وىو أقرع، قطع الرأس، فأجابيا: "ليس لي سوى ىذا الرأس فميأخذه الممؾ إذا أخفقت".

ومضى الولد األقرع إلى قصر الممؾ في منتصؼ الميؿ، فرأى الباب مغمقا، فحمؿ حجرا كبيرا رمى بو الباب، فأسرع إليو الحرس، فسألوه عف سبب فعمتو، فأكد ليـ رغبتو في أف يحكي لمممؾ حكاية الكذب، فحذروه ونصحوا لو

بالعودة، ولكنو أبى.وفي الصباح دخؿ الولد األقرع عمى الممؾ وىو في الديواف ومف حولو الوزراء والقضاة ورجاؿ الدولة، وأكد أنو سيحكي لمممؾ حكاية كذب، ثـ طمب أف يوقع الممؾ عمى ورقة أماـ الجميع يعمف فييا عف تنازلو عف الممؾ في حاؿ

نجاحو.

Page 361: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 773 -

، وكاف لمولد ما أراد، فأخذ يحكي لمممؾ حكاية الكذب وىو يقوؿ:

كنا في البيت ستة، ضربنا اليواء فصرنا ثبلثة، أطرش وأعمى وأعرج، قاؿ األطرش: أسمع صوت بقة في سمائيا، فقاؿ األعمى: وأنا بعيني أراىا، فقاؿ األعرج: ىيا، فمنركض وراءىا. فصرنا نركض ونركض خمس سنيف وخمسة شيور

لكف وخمسة أياـ، نركض ونركض وما خرجنا مف البيت، و لما خرجنا رأينا برغوثا، وكنا جوعى، فاشترينا منو رطبل مف المحـ، وسألنا أنفسنا أيف سنطبخو، فقاؿ األعمى عند الجارة، ولما طمبنا منيا طبخ المحـ، قالت: "أنا قدري أـ حمقة، ينزؿ منيا المحـ وتبقى المرقة"، فوافقنا، وكنا جوعى،

لحـ، اختصمنا فيو، فأخذنا المرؽ، ولـ يكف فيو سوى قطعة وذىبنا إلى القاضي ليقسميا عمينا، فقاؿ القاضي:

"ليذكر كؿ منكـ فضائؿ جده". فقاؿ األوؿ: "أنا جدي نجار، صنع منبرا صمى عميو أىؿ الشرؽ والغرب"، وقاؿ الثاني: "وأف جدي حداد، صنع، ثريا أضاءت البر والبحر"،

ي، فمما جاءىا وقاؿ الثالث: "أنا جدتي كانت حامبل بأبالمخاض، قالت لي خذ بيضة واشتر بيا شمعة، وبينما كنت في الطريؽ، وقعت مني نصؼ البيضة، فانكسرت، وخرج منيا دجاج وديوؾ مؤلت السوؽ، فأخذت أبيع منيا وأبيع، حتى امتؤلت خرجي بالذىب، فاحتفظت لنفسي بثبلثة ديوؾ، وفي اليوـ التالي وصمت باخرة فييا حمولة،

Page 362: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 774 -

في المرفأ أي حماؿ، فأرسمت ديوكي الثبلث فنقمت وماحمولة الباخرة كميا، وكسبت مف ورائيا الرزؽ الكثير، ولكف لما رجعت، وجدت ظير أحد الديوؾ معقورا، فأخذت حفنة تراب ومسحت بيا ظير الديؾ، فامتدت عمى ظيره أرض واسعة وسيوؿ، زرعتو بالسمسـ، ولما صار أواف الحصاد،

ت السمسـ، فوجدتيا قد نقصت حبة واحدة، أحصيت حباذا نممة تحمميا، فأخذت أشد الحبة منيا وىي تشدىا، وا حتى انقسمت الحبة إلى قسميف، فساؿ منيا الزيت، فمؤلت منو خمسيف قنطارا، وتركت الباقي يسيح في األرض، وأخذت أبيع الزيت، حتى امتؤلت خرجي بالذىب، وفي

ذا عندي الموسـ الثاني زرعت األرض نفسيا بالبطيخ، وا قناطير مف البطيخ، أبيع وأبيع والبطيخ يزيد، وذات يـو فكرت في شؽ بطيخة، وما إف وضعت فييا السكيف، حتى غاصت داخؿ البطيخة، فرفعت رأسي عف جثتي، ووضعتو عمى األرض بجوار البطيخ ليحرسو، ثـ غصت داخؿ

ؿ، البطيخة، وبحثت عف السكيف فوجدتيا عمى رأس جمفأخذت أركض وراءه ألخذىا وىو يركض أمامي، حتى شعرت بالتعب والجوع، فتركتيا وتركت الجمؿ، ودخمت إلى دكاف بائع ألشتري بيضة، فوجدت رأسي عمى جسـ البائع، فقمت لو: "ىذا رأسي"، وجاء رجؿ آخر، وقاؿ لو أيضا: "ىذا رأسي"، وجاء رجاؿ كثير، كميـ بدوف رؤوس، وكؿ

أف الرأس رأسو فاختصمنا وتجادلنا كثيرا، ثـ واحد يزعـ

Page 363: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 775 -

ذىبنا إلى القاضي نحتكـ إليو، فقاؿ القاضي: "سأحمؿ الرأس، وأصعد بو إلى المئذنة، وألقي بو مف أعمى، فمف وقع الرأس عميو فيو لو"، وتجمعنا نحف تحت المئذنة، ذا وأخذنا ننتظر، ولما ألقى القاضي الرأس، وقع فوقي، وا

لمري والزلعـو فوؽ الزلعوـ".المري فوؽ اوضرب الممؾ كفا بكؼ، وقاؿ لمولد األقرع: "كفى أييا

الولد، كفى، لقد رويت لي حقا حكاية الكذب".فقاؿ لو الولد: "إذف، ىيا، انزؿ عف العرش، ألقعد فيو

مكانؾ، واخمع عف رأسؾ التاج، ألضعو عمى ىذا الرأس".ؿ حكاية الكذب، وىكذا صار الولد األقرع ممكا، بفض

ودعا إليو جدتو، لتعيش معو في ىناءة وسرور. تعلق:

حكاة طرفة، تنتم إلى أدب البلمعقول، وه تدل بشكل الواع على نقمة خافة ف األعماق على الحاكم المستبد، وتشر من طرؾ خف إلى عدم جدارته بالحكم، ملمحة إلى أن لعبة الحاكم والحكم ما ه إال كذب ف

كذب، إذ قد صل إلى كرس الحكم من المتلك من المإهبلت سوى حكاة الكذب.

ولعلها تدل أضا على حلم الشعب ف أن صل إلى الحكم واحد من الشعب نفسه، بذكابه وحسن تدبره.

والحكاة تتضمن ف داخلها حكاات كثرة تبدو ال من نهابة لها، ولعل أجملها حكاة إلقاء القاض الرأس

المبذنة ونزوله على صاحبه تماما، وه تإكد أنه ف النهاة ال صح إال الصحح.

Page 364: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 776 -

Page 365: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 777 -

ػشوط ثجبىط

يحكى أف ولدا يتيما أقرع، لـ يكف لو بيت وال أىؿ وال مأوى، عثر ذات يوـ عمى حبة قمح، فحمميا ومضى بيا إلى الطحاف، وطمب منو أف يضع حبة القمح عنده أمانة،

فأخذىا الطحاف، ومضى الولد في حاؿ سبيمو.وفي اليوـ التالي رجع الولد إلى الطحاف، وسألو عف حبة القمح، فأخبره أنيا اختمطت مع القمح، وقد طحنيا، فطالبو بالبديؿ، فأعطاه قبضة طحيف بدال منيا، ومضى الولد إلى الخباز، وطمب أف يضع عنده قبضة الطحيف

خباز، ومضى الولد في حاؿ سبيمو.أمانة، فأخذىا منو الوفي اليوـ التالي رجع الولد إلى الخباز، وسألو عف قبضة الطحيف، فأجابو بأنيا قد اختمطت بالعجيف، وراحت مع أرغفة الخبز، فطالبو بالبديؿ، فأعطاه الخباز رغيؼ خبز، فأخذه الولد ومضى بو إلى فبلح عنده بضع

بز عنده أمانة، دجاجات، فطمب منو أف يضع رغيؼ الخ فأخذه منو الفبلح، ومضى الولد في حاؿ سبيمو.

Page 366: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 778 -

وبعد بضعة أياـ رجع الولد إلى الفبلح، وسألو عف رغيؼ الخبز، فأخبره بأف الدجاجات قد التيمتو، فطالبو بالبديؿ، فأعطاه الفبلح دجاجة، فحمميا الولد ومضى بيا إلى راع عنده بضع غنمات، وطمب منو أف يضع الدجاجة

مانة عنده، فأخذىا الراعي، ومضى الولد في حاؿ سبيمو.أوبعد بضعة أياـ رجع الولد إلى الراعي، وسألو عف الدجاجة، فأخبره أف الثعمب غافمو واختطفيا، فطالبو بالبديؿ، فأعطاه الراعي خروفا، فأخذه الولد، ومضى بو إلى مزرعة فييا أبقار وجواميس، وطمب مف صاحب المزرعة

الخروؼ أمانة عنده، فأخذ صاحب المزرعة أف يترؾ الخروؼ منو، ومضى الولد في حاؿ سبيمو.

وبعد بضعة أياـ رجع الولد إلى صاحب المزرعة، وسألو عف الخروؼ، فأخبره أف الخروؼ مرض ومات، فطالبو الولد بالبديؿ، فأعطاه الرجؿ جاموسا، فأخذ الولد

الجاموس ومضى بو.جر الجاموس وراءه، سمع وبينما كاف يسير، وىو ي

صوت غناء، فتبع مصدر الصوت، حتى بمغ دارا يقاـ فيو عرس، فترؾ الجاموس أماـ الدار، ودخؿ، وأخذ يسمي نفسو بما يرى مف رقص، ثـ نصبت الموائد، ودعي الناس إلى الطعاـ، فأكؿ معيـ، ولما خرج، لـ يجد الجاموس، فرجع

ى الجاموس أماـ يسأؿ عنو، فأخبره والد العروس أنو رأالدار فظف أف أحد األقارب قد أحضره ىدية، فذبحو، وأولـ

Page 367: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 779 -

منو، وأطعـ الناس، فأخذ الولد يبكي ويصيح، مطالبا بالبديؿ.

وعرض عميو والد العروس أف يختار أي فتاة لتكوف زوجة لو، فنظر في الصبايا الحساف، فمـ تعجبو سوى

الجاموس.العروس، وأصر إال أف يأخذىا بدال مف واضطر والد العروس أماـ إلحاح الولد إلى النزوؿ عند رغبتو، وىكذا زفت العروس إلى الولد األقرع، وخرج

بالعروس بدال مف الجاموس. تعلق:

تدل الحكاة على حلم الفقر بتحقق رؼباته بصورة ؼر معقولة، فرض فها الفقر الضعؾ على الؽن

من الحلة وربما االنتقام. القوي ما رد بقدر بسط

وه ال تخلو من تكرار رتب، ولكنه قوم على تصاعد درج، ثر لدى المتلق حس المتابعة، وفجإه

دابما، على الرؼم من التوقع، بما هو ؼر متوقع.

وه مبنة على أساس منطق، قوامه متوالة هندسة، تتضاعؾ فها األشاء، كما تتضاعؾ األعداد،

إن كان أسلوب التحقق لس منطقا، ومن هنا تظهر و المفارقة الجملة.

وشخصة الولد التم األقرع كثرا ما تظهر ف الحكاات الشعبة، وؼالبا ما تزوج ف النهاة من أمرة

أو جملة.

وكؤن هذه الشخصة تإكد ف الحلم وصول ؼر فسهم ثؤرا من الكؾء إلى ما المكن أن صل إله األكفاء أن

الواقع الذي ال حقق شبا من العدل.

Page 368: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 781 -

Page 369: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 780 -

أسصح ولجش

يحكى أف أحد المموؾ ضاؽ صدره ذات ليمة، فأيقظ وزيره، وىو أخوه، وخرجا معا متنكريف، طمبا لمنزىة،

والتفريج عف النفس.وبينما ىما في إحدى الرياض، مر بيما شيخ عجوز،

الممؾ والوزير"، فدىش الممؾ فقاؿ ليما: "السبلـ عمىوالوزير، كيؼ عرفيما وىما متنكراف، ثـ سأليما إف كانا قد رزقا باألوالد، فأجابا أف لـ يرزقا بعد، فأعطى كبل منيما تفاحة، وطمب أف يأكميا كؿ منيما مع زوجتو، ثـ أخبر الممؾ أنو سيرزؽ ببنت، وأخبر الوزير أف سيرزؽ بولد، وأف

زوج تمؾ البنت.ىذا الولد سيتورجع الممؾ والوزير إلى القصر، وقد وضع كؿ منيما تفاحتو في زناره، ولما دخؿ الممؾ عمى زوجتو، وفؾ الزنار، وقعت التفاحة فدىشت زوجتو، وقالت لو: "ليس مف عادتؾ

أف تأتي بتفاحة واحدة؟".فأخبرىا بأمر الشيخ العجوز ونبوءتو، ثـ اقتسما

Page 370: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 782 -

، وفي تمؾ الميمة حممت زوجة الممؾ.التفاحة، وناما معا كذلؾ كاف شأف الوزير وزوجتو.

ذا زوجة الممؾ قد ومرت األياـ، تمتيا الشيور، وا ذا زوجة الوزير قد وضعت وضعت بنتا أسمتيا "أرزة"، وا

ولدا أسمتو "قنبر".وشاءت األقدار أف يموت بعد عاـ أو بضع عاـ

حتى ماتت زوجتو، الوزير، وما ىي إال بضعة أعواـ أخرى وىكذا أصبح "قنبر" يتيما، فكفمو عمو الممؾ، وطمب مف زوجتو أف تعنى بو، ولكف ما كاف ليا أف تحبو وىي التي

عرفت مف نبوءة الشيخ العجوز أنو سيتزوج ابنتيا.وىكذا حرضت الممؾ عمى ابف أخيو، وقد أصبح شابا،

عده فأعطاه بضع غنمات، وطمب منو أف يرعاىا، حتى يب عف القصر.

وذات يوـ خرجت "أرزة"، مع جوارييا في نزىة، فقصدت إلى التؿ حيث ابف عميا، ففرح كثيرا، ثـ ذبح خروفا تركو لمجواري ينشغمف بو، ثـ مضى مع ابنة عمو إلى العيف، وىناؾ مرحا كثيرا ونعما بالماء والخضرة، إلى

واري.أف حاف وقت العودة، فودعتو باكية، ورجعت إلى الجوبينما ىي في بعض الطريؽ ذكرت سوارىا، فطمبت مف الجواري أف ينتظرنيا، ريثما ترجع لتحضره، وعرضف عمييا أف تذىب إحداىف بدال منيا، ولكنيا أبت إال أف

Page 371: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 783 -

تحضره بنفسيا.ورجعت إلى حيث العيف، فوجدت ابف عميا طريحا عمى جانب العيف، فأقبمت عميو تسألو عف سوارىا إف كافقد وجده، فرده إلييا في الحاؿ، ثـ ىمت بالعودة، فرجاىا أف تداوي جروحو قبؿ أف تمضي، فما كاف منيا إال أف جرحت إصبعيا، ثـ أكدت لو أف جرحو سيطيب إذا ما ذكر

جرحيا، ثـ ودعتو ومضت.ولما دخمت القصر، رأت أميا نقطة دـ عمى ثوبيا،

إصبعيا، كانت قد سقطت مف الجرح الذي أحدثتو فيفشكت أميا في األمر، وسألتيا إف كانت قد التقت ابف عميا، فمـ تنؼ البنت ذلؾ، بؿ أكدت لقاءىا بو، وحبيا لو.

ولما كاف المساء، روت الممكة لزوجيا ماكاف مف نزىة ابنتيا ولقائيا بابف عميا، ثـ اقترحت أف ينفيو إلى أقاصي

الببلد.اما، وقد جعؿ أجرة وفي بمدة نائية افتتح "قنبر" حم

االستحماـ فييا حكاية لعمو يتسمى، ولعؿ خبرا يأتيو مف "أرزة".

وكانت "أرزة" تقعد في شرفة القصر، تنظر القادميف والرائحيف، لعؿ أحدا يأتييا بخبر مف "قنبر".

وذات يوـ مر بيا ركب مف المسافريف، فقالت ليـ: فبمغوه عني السبلـ"."باهلل عميكـ، إذا رأيتـ ابف عمي قنبر،

Page 372: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 784 -

وشاءت األقدار أف يصؿ ذلؾ الركب المسافر إلى ديار "قنبر"، فدخموا الحماـ، وحدثوه حديث "أرزة"، ففاضت

منو الدموع، وترؾ ليـ الحماـ، وشد الرحاؿ إلى "أرزة". ووصؿ "قنبر" إلى قصر عمو في الميؿ.

وكانت "أرزة" نائمة، ولكف طائر الغراـ رؼ بجناحيو رأسيا، فنيضت وىي تنادي "قنبر، قنبر".فوؽ

وسمع "قنبر" النداء، فأجابيا "أنا ىنا يا أرزة"، وأطمت عميو مف الشرفة، ثـ دلت شعرىا الطويؿ إليو، فتعمؽ بو، فرفعتو إلييا، وظبل ساعات يتناجياف ويتسامراف، إلى أف غمبيما النعاس، فناما معا في سرير واحد، وقد وضعا

حؼ بينيما.السيؼ والمصوفي الصباح دخؿ عمييا كعادتو كؿ يوـ الخادـ الخاص بيا، وىو يحمؿ ليا الطعاـ، فرأى "قنبر" في السرير إلى جوارىا، ولـ ير السيؼ والمصحؼ بينيما، وكاف ىذا ف كانت ىي ال تحبو، فأسرع إلى الممؾ الخادـ يحبيا، وا

رحت وأخبره بما رأى، وشاور الممؾ زوجتو في األمر، فاقت عميو رميو في البحر.

وعممت "أرزة" بعـز أبييا عمى رمي "قنبر" في البحر، فطمبت مف النجار أف يصنع ليا صندوقا بطوؿ "قنبر"، ثـ مؤلتو بالطعاـ، وأمر الممؾ الخدـ، فوضعوا "قنبر" في

الصندوؽ، وأغمقوه بالمسامير، ثـ ألقوه في البحر.

Page 373: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 785 -

جارية مف وأخذت "أرزة" تخرج كؿ يوـ مع أربعيفجوارييا إلى البحر، والخادـ يعدىف في الذىاب واإلياب، وكانت "أرزة" تقعد عمى شاطئ البحر، تنتظر عودة "قنبر"

إلييا.وشاءت األقدار أف ترمي األمواج بالصندوؽ عمى شاطئ ببلد الفرنج، وكانت بنت ممؾ تمؾ الببلد تميو مع

ا رأت "قنبر" صديقاتيا، فرأت الصندوؽ، فأسرعت إليو، ولمفيو، فتنت بو، ودعتو إلى نفسيا، ولكف "قنبر" قاؿ ليا: "لي بنت عـ، ال أبغي عنيا بدال"، فغضبت منو بنت ممؾ تمؾ غبلقو عميو الببلد، وأمرت الخدـ، بإعادتو إلى الصندوؽ، وا

ثـ رميو في البحر.وكانت "أرزة" ما تزاؿ عمى عادتيا، تخرج إلى البحر

يا األربعيف، والخادـ الذي يحبيا يعدىف كؿ يوـ مع جواريفي الذىاب واإلياب، وكانت "أرزة" تأخذ كؿ يوـ معيا ثوبا نسائيا، عمى أمؿ أف تمقى "قنبر" فتمبسو ذلؾ الثوب، وتدخمو مع الجاريات، فبل يشعر بو الخادـ، وذات يوـ كاف ألرزة ما أرادت، فقد رمى البحر بالصندوؽ، فأسرعت إليو،

رت إلى إلباس "قنبر" ثوب فتاة، ثـ اختمط بالجاريات، ثـ باد ودخؿ معيف القصر.

وسعدت "أرزة" بمقاء ابف عميا، وأمضيا الميؿ يتناجياف ويتسامراف، حتى غمبيما النعاس، فناما معا في سرير واحد،

وقد وضعا بينيما السيؼ والمصحؼ.

Page 374: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 786 -

وفي الصباح دخؿ الخادـ كعادتو، ليقدـ ليا طعاـ فرأى "قنبر"، فأسرع إلى الممؾ يخبره، فأمر أف الفطور،

يقوؿ لقنبر: "الممؾ يدعوؾ لممثوؿ بيف يديو، أماـ الوزراء ذا لـ والقضاة، فإذا ذكرت أرزة فسوؼ يقطع رأسؾ، وا

تذكرىا عفا عنؾ".ورجع الخادـ ليقوؿ لقنبر خبلؼ ذلؾ، ففرح قنبر، كما

ما، وأنو فرحت أرزة، وظنا معا أف الممؾ قد عفا عني سيتزوج أحدىما اآلخر.

ونزؿ قنبر إلى الديواف، حيث الممؾ مع الوزراء والقضاة، ونزلت في إثره أرزة، ولكنيا لـ تدخؿ، إنما اختبأت في نافذة عالية تطؿ عمى الديواف، وتقدـ "قنبر" مف الممؾ، فألقى السبلـ عميو، ثـ قاؿ: "يا عمي، أنت عندؾ جرة

ؿ، وأنت بعينيؾ شايفني، وأنا سمف، وأنا عندي جرة عسبنت عمي في النافذة شايفيا"، ثـ أشار إلى "أرزة"، وكانت

تطؿ مف النافذة.فغضب الممؾ، وأمر الجبلد بقطع رأسو، فيوى الجبلد

عميو بالسيؼ، فتدحرج رأسو بيف قدميو. فذىمت أرزة مما رأت، ثـ قالت:

و، فمـ "يا أبي، واهلل ابف عمي ما مسني، وال أنا مسيتقطعت رأسو، وعمى األرض رميتو؟ "ثـ رمت نفسيا، فوقعت عمى األرض إلى جانب ابف عميا، تريد لنفسيا اليبلؾ،

Page 375: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 787 -

ولكف شاءت األقدار أال تصاب بشيء، سوى بعض الرضوض البسيطة، وقد أمر الممؾ بحمميا إلى الداخؿ

والعناية بيا.، ثـ أخذت "أرزة" تزور قبر ابف عميا "قنبر" كؿ يـوفكانت تخرج مع أربعيف جارية مف جوارييا، وترجع معيف،

وكاف الخادـ يفتشيا كؿ يـو في الذىاب واإلياب.وذات يوـ حممت سكينا حادة، أخفتيا في نعؿ حذائيا، ثـ خرجت مع الجواري األربعيف إلى قبر "قنبر"، وقعدت ىناؾ، وبكت ماشاء ليا البكاء، ثـ قفمت راجعة، وفي

أنيا نسيت سوارىا، ثـ تركت الجواري، الطريؽ ادعت ورجعت إلى القبر.

وطاؿ انتظار الجواري عودة "أرزة"، ولما رجعف إلييا، رأينيا ميتة إلى جوار قبر ابف عميا، وثمة سكيف مغروسة

في صدرىا، فعرفف أنيا قتمت نفسيا.ورجعف إلى القصر فأخبرف الممؾ، فندـ عمى ما فرط

فأمر أف تدفف في قبر إلى جانب مف أمر ابنتو وابف أخيو، قبر ابف عميا.

وخرج الخادـ ذات يوـ إلى المقبرة، ولما رأى القبريف متجاوريف ثارت في نفسو الغيرة، وىو الذي كاف يحب "أرزة"، فحفر لنفسو حفرة بيف القبريف، ونزؿ فييا، وىو يقوؿ: "سأفرؽ بينكما ميتيف، مثمما فرقت بينكما وأنتما عمى

Page 376: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 788 -

ياة".قيد الحثـ أىاؿ عمى نفسو التراب، حتى بمغ كتفيو، وظؿ رأسو وحده ظاىرا، ولما حؿ الميؿ، جاءت الوحوش فمزقت رأسو

ونيشتو.وفي الصباح مر ركب مف المسافريف، فرأوا قبر أرزة وقنبر، وقد نبتت فوؽ ىذا القبر زىرة جميمة، وفوؽ ذلؾ

حتى إذا القبر زىرة أجمؿ، وكانت بينيما شوكة طالعة،ماىب النسيـ تمايمت الزىرتاف، وكادت إحداىما تممس

األخرى، ولكف سرعاف ما تفرؽ بينما الشوكة. تعلق:

حكاة جملة من حكاات الحب العذري، تإكد عقلة التحرم الت تمنع زواج المتحابن.

وه تدل على صلؾ الحكام وجبروتهم، إذ تحدون ر وفق أهوابهم. القضاء، وردون تسر األمو

وما الخادم الذي فرق بن المتحابن ف الحاة والممات إال واحد من أعوان الملك لتصرؾ أموره.

ولكن صلؾ الحاكم نقلب عله، إذ دفع ف النهاة الثمن باهظا، وندم حث ال نفع الندم.

ومما الشك فه أن ثمة سببا وراء صلؾ الملك وعدم ابنته من ابن أخه، ولس ذلك السبب هو رؼبته ف تزوج

زوجته، كما هو ف الظاهر، إنما هو ف الحققة رؼبته ف ولد ذكر نتقل إله الملك من بعده، وعدم رؼبته ف انتقال

الملك إلى ابن أخه.

ومثل هذه الدالالت الخفة الكامنة ف األعماق جب

Page 377: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 789 -

رق بن أال تؽب وراء داللة ظاهرة مباشرة، وه التفالمتحابن، ألن هذه ه ف الحققة نتجة لتلك الدالالت، ولست سببا فها، ولست هذه الداللة وحدها ه الؽاة الوحدة الت كانت من أجلها تلك الحكاة، ولذلك البد من

الؽوص على تلك الدالالت.

وف الحكاة رموز جملة، ظهرت ف شكل فن، سان السوار ومد الفتاة شعرها منها التفاحة واإلزار ون

لعاشقها ووضع السؾ والمصحؾ بن المتحابن لدى النوم والطعن بالسكن ثم نمو زهرتن على القبرن تفرق

بنهم شوكة.

وهذه الرموز ه عناصر حكابة، وقد ظهرت إلى جانبها عناصر أخرى منها أرق الملك وتنكره هو

ف البحر، وه والوزر، ووضع قنبر ف صندوق ورمه جمعا عناصر حكابة قدمة، ظهرت ف حكاات كثرة.

والحكاة عربة ف مناخها وتركبها وطبعتها، وقد تشبه حكاات أخرى، عربة أو ؼر عربة، ولكنها تظل

حكاة منفردة، ومكن أن تعد نسج وحدها.

وجاء ف القاموس المحط: القنبر كزنبل بكسر ، وقنبر كجعفر: اسم. واألرز واألرزة، شجر الزاي، نبات

الصنوبر.

Page 378: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 791 -

اه واث أخه

يحكى أنو كاف ألحد المموؾ أخ فقير، يعمؿ حطابا، وكاف ال يسأؿ عنو، وال يعنى بو، وكأنو ليس بأخيو.

ثـ توفي ىذا األخ، ولـ يخمؼ سوى ولد وحيد، سيرت أؿ أمو عف عمؿ أمو عمى تربيتو، وعنيت بو ، ولما شب س

أبيو، فأخبرتو أف والده كاف حطابا، ولـ يخمؼ لو سوى فأس صدئة، فأخذ الولد تمؾ الفأس، ومضى بيا إلى الغابة، ثـ ذا دنا مف شجرة كبيرة، وأخذ يضرب في جذعيا، وا الجذاذات التي تطير منيا تتحوؿ إلى ذىب، وجرب ذلؾ

غصنا في جذع شجرة أخرى، فإذا األمر يتكرر، فالتقط مرميا عمى األرض، وأخذ يجرب فيو الفأس، فإذا بالجذاذات المتطايرة منو تتحوؿ إلى ذىب، فأدرؾ أف السر في الفأس فحمميا ورجع إلى أمو، وقبؿ أف تسألو عف سبب عودتو مف غير أف يحمؿ شيئا مف الحطب، أخبرىا أنو يريد الزواج

فائقة الحسف مف ابنة عمو الممؾ، وكاف لمممؾ ابنة وحيدةوالجماؿ، رد والدىا كثيرا مف الفرساف واألمراء ممف تقدموا إلى خطبتيا، فأكدت لو أمو أف الممؾ لف يزوجو منيا، بؿ

Page 379: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 790 -

سينقـ عميو وربما أمر بقتمو، ألنو مف قبؿ كاف يكره أباه، ولكف الفتى أبى إال أف يسعى إلى الزواج مف ابنة عمو.

اإلذف في الدخوؿ ومضى الفتى إلى القصر، وطمب عمى الممؾ، ولما صار بيف يديو، والوزراء والقضاة مف حولو، ألقى السبلـ، ثـ أعمف صراحة ومف غير مقدمات عف رغبتو في الزواج مف ابنة عمو، فغضب الممؾ، وأمر الجبلد بقطع رأسو، ولكف أحد الوزراء توسؿ إليو أف يتريث،

ذا ثـ اقترح أف يطمب منو مطمبا صعبا، إذ ا حققو تزوجيا، وا لـ يحققو قطع رأسو.

وارتاح الممؾ لمرأي، فطمب مف ابف أخيو أف يمؤل إحدى غرؼ القصر بالذىب، فسر الفتى بالطمب، ومضى إلى إحدى الغرؼ، فأخرج فأسو، وأخرج قطعة خشب، وأخذ ذا جذاذات الذىب تتطاير وتتطاير، حتى ينجر فييا، وا

ممؾ إلى تزويج ابنتو مف مؤلت الغرفة، وعنذئذ اضطر الابف أخيو، ولكنو أحس أف في األمر سرا ما، ولذلؾ أوصى ابنتو أف تعرؼ السر، وترجع إليو، مف غير أف تمكف ابف

عميا مف نفسيا.وفي ليمة الزفاؼ قدمت ابنة الممؾ إلى ابف عميا أطايب الطعاـ والشراب، وأخذت تحدثو وتسامره وتؤانسو،

تاح، ثـ أحست فيو لحظة ضعؼ، فسألتو فاطمأف إلييا وار عف مصدر الذىب، فحدثيا عف الفأس، فقدمت إليو كأس ، ولما غمبو النعاس، حممت الفأس، ورجعت شراب فيو منـو

Page 380: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 792 -

إلى أبييا الممؾ، تحت جنح الظبلـ.وفي الصباح استيقظ الفتى فمـ يجد العروس وال

داد الفأس، فعرؼ أنيا خدعتو، فعـز أف ينتقـ لنفسو، واز إصرارا عمى الزواج مف ابنة عمو، وأسرع إلى أمو يسأليا إف كاف أبوه قد ترؾ لو شيئا آخر غير الفأس، فدلتو عمى صندوؽ فيو كؿ حاجات أبيو، فبحث فيو فعثر عمى ناي، ولما سأؿ أمو عنو، أجابتو بأف والده كاف يتسمى بو في

ذا ص حوف بعض األوقات، فأخذ الناي، وأخذ ينفخ فيو، وا مؤلى بأطايب الطعاـ تمتد في أرض الغرفة.

وأسرع الفتى في الحاؿ إلى عمو، فدخؿ عميو وألقى السبلـ، ثـ أعمف رغبتو في الزواج مف ابنة عمو، ىـ الممؾ أف يأمر الجبلد بقطع رأسو، ولكنو ذكر اقتراح الوزير، فطمب مف ابف أخيو أف يطعـ الوزراء والقضاة والقادة والجند

ال قطع رأسو. والحر س، لكي يزوجو ابنتو، وا ومضى الفتى في الحاؿ إلى المطبخ، وأخذ ينفخ في الناي، والخداـ ينقموف الصحوف ممموءة بأطيب الطعاـ، حتى أكؿ كؿ أولئؾ، وغيرىـ كثير، وعندئذ اضطر الممؾ إلى تزويج ابنتو مف ابف أخيو، ولكنو أوصاىا بمثؿ ما

أوصاىا بو أوؿ مرة. ابنة الممؾ مف التأثير في ابف عميا، وساقتو وتمكنت

إلى االعتراؼ بمصدر ذلؾ الطعاـ، ثـ سقتو شرابا فيو

Page 381: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 793 -

، فناـ، فحممت الناي، وخرجت بو عائدة إلى أبييا، منـووفي الصباح استيقظ الفتى، فمـ يجد العروس وال الناي،

فعرؼ أنو خدع مرة ثانية. جد سوى ورجع إلى صندوؽ أبيو، يبحث فيو، فمـ ي

طاقية عتيقة، فكاد يمزقيا، ولكنيا وضعيا عمى رأسو، وأسرع إلى أمو يرجوىا أف تجيز لو الطعاـ، فقد غمبو الجوع، ولكنيا دىشت ألنيا لـ تكف تراه، وأخذت تسألو أيف يكوف، فدىش ىو أيضا، وبصورة عفوية رفع الطاقية عف رأسو، فإذا ىو بجانب أمو، وعندئذ عرؼ أف ىذه طاقيةاإلخفاء. وأسرع الفتى إلى الممؾ يخطب ابنتو، ولممرة الثالثة حصؿ عمى ما حصؿ في المرتيف األولييف، وتمكنت ابنة الممؾ مف اختطاؼ قبعة اإلخفاء والعودة بيا إلى أبييا. وعندئذ ضاقت الدنيا بالفتى، فقرر ترؾ الببلد، واالرتحاؿ

بمد فييا في أرض اهلل الواسعة، ألنو ال يطيؽ العيش في الممؾ وابنة عمو، وأخذ يقطع الفيافي والقفار، وبينما ىو كذلؾ غمبو الجوع، ولمح خيمة بعيدة، فقصدىا، فوجد فييا عجوزا، وعندىا بضع غنمات، فرجاىا أف يعمؿ عندىا

راعيا، فسرت لذلؾ، وأخذ يسرح كؿ يوـ بالغنمات. ، وبينما ىو في الحقؿ يرعى الغنمات، مرت وذات يـوذا ىي بو أفعى بيضاء، ولما صارت أمامو، انتفضت، وا صبية حسناء، رجتو أف يخبئيا مف ابف عميا الذي يسعى في إثرىا لمزواج منيا، وىي ال تريده، فذعر، وتممكو

Page 382: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 794 -

الخوؼ، وسأليا، كيؼ يمكنو أف يخبئيا، فإذا ىي تنتفض، وترجع أفعى، فأخفاىا تحت طيات ثيابو، وما ىي إال

ر بو ثعباف أسود، وقؼ أمامو، ثـ انتفض، ىنيية، حتى مذا ىو عبد أسود، سألو إف كاف قد رأى ابنة عمو، فأشار وا إلى جبؿ شاىؽ، وأخبره أنيا ذىبت وراء ذلؾ الجبؿ، فانتفض العبد األسود، ورجع ثعبانا، واتخذ طريقو نحو الجبؿ، ولما ابتعد، أخرج األفعى، فشكرتو، وسألتو ما يريد،

نو قد قاـ بواجبو، وال يطمب منيا شيئا، وعندئذ فأكد ليا أذا قمت ألحد الصؽ قالت لو: "سيتحقؽ لؾ كؿ ما تتمناه، وا

بمكانؾ فسوؼ يمصؽ بو"، ثـ تركتو وابتعدت. وأسرع الفتى إلى العجوز، فرد إلييا الغنمات، ثـ رجع إلى ببلده، وقصد عمى الفور قصر عمو الممؾ، ولما دخؿ

الحراس عمى الفور بالقبض عميو، ولكف عميو، أمر الممؾالفتى قاؿ ليـ: "الصقوا في أماكنكـ، فمصقوا، فطمب الممؾ مف الجبلد أف يقطع رأسو، فقاؿ لو الفتى مثؿ ما قاؿ لمحراس، فمصؽ في مكانو، ثـ قاؿ لمممؾ: "كما ترى، أنا قادر عمى لصؽ الوزراء والقضاة كميـ في أماكنيـ، ولذلؾ

ترد عمي الفأس والناي والطاقية، وأف فمف األفضؿ أف تزوجني ابنتؾ؟

وتدخؿ الوزراء والقضاة، وأكدو لمممؾ ضرورة تزويج ابنتو مف ابف أخيو، وعندئذ أدرؾ الممؾ أف ابنتو ىي مف نصيب ابف أخيو، وأف العرش ال بد سيصير مف بعده إليو،

Page 383: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 795 -

فوافؽ. وىكذا أقيمت األفراح، وأعمف في المممكة سبعة أياـوثماني ليالي ال أحد يأكؿ وال أحد يشرب إال مف قصر الممؾ، وتزوج الفتى الفقير مف ابنة عمو الممؾ، وعاشا معا

في سعادة وسرور. تعلق:

تإكد هذه الحكاة كؽرها من الحكاات الكثرة حلم الفقر بالزواج من بنت الملك والوصول إلى عرش الحكم،

البن أخه، الذي ستزوج ابنته كما تإكد عداء الملك دابما ورث من بعده الحكم، وهو عداء دل على رؼبة الرجل

دابما، وال سما الملك، ف أن كون له ولد ذكر رثه.

وتظهر ف الحكاة بنة شابعة ف الحكاات وه البنة الثبلثة، إذ ال بد من أن مر البطل بثبلث عقبات قبل

أن صل إلى مبتؽاه.

صر األفعى طاردها ثعبان فخببها ولد فقر وعنتمنحه بعد ذلك ما رد هو عنصر متكرر ف ؼر حكاة،

من ذلك مثبل "الخمخوم" و"الولد األقرع".

وبلحظ أن انتصار الفتى على الملك ال تحقق بقواه الخاصة، وإنما بقوى سحرة ؼربة، وال سما ما تمنحه

حساس لدى الفقر باستحالة إاه األفعى مما دل على اإلوصوله إلى ابنه الملك وعرشه ما لم تساعده قوى سحرة،

مما إكد أن ذلك الوصول محض حلم، ال تحقق.

وكذلك بلحظ خضوع البنت لمشبة أبها وتنفذها رؼباته، وعدم امتبلكها قرارها الخاص بمصرها، مما

إكد سطرة الملك وظلمه.

Page 384: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 796 -

Page 385: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 797 -

وثذ اه اؾذبر

كاف في قديـ الزماف ممؾ، وال ممؾ إال اهلل، وكانت لو بنت وحيدة، وكاف يحبيا حبا كبيرا، ويعنى بيا، ويحضر ليا كؿ ما تطمب، وكاف يسأليا: "ىؿ ىناؾ مف ىو أكـر مني؟، فتجيبو: نعـ، ىناؾ مف ىو أكـر منؾ، وكاف كمما

إنو ضجر أعاد السؤاؿ، أعادت عميو الجواب نفسو، حتى منيا، وأقسـ أف يزوجيا مف شحاذ.

وذات يوـ تقدـ إليو شحاذ يرجوه المساعدة، فسألو إف فأقسـ عميو أف يتزوج ابنتو، ” ال“كاف متزوجا فأجاب أف

فدىش الشحاذ، وحاوؿ االعتذار، ولكف لـ يكف ثمة مفر. وىكذا حممت بنت الممؾ صرة ثيابيا، ومضت مع

ة قصر أبييا، مف غير زفاؼ، وال زوجيا الشحاذ، مغادر احتفاؿ وال أفراح.

ولـ يكف لدى ذلؾ الشحاذ سوى كوخ صغير، آواىا فيو، وفي صباح اليوـ التالي أعطتو خاتما كاف في إصبعيا، وطمبت منو أف يبيعو ويستأجر بثمنو دارا صغيرة،

Page 386: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 798 -

وتـ انتقاليما إلى تمؾ الدار. ا، وطمبت منو وفي صباح يوـ آخر أعطتو أحد أثوابي

أف يبيعو ليشتري بثمنو بعض الطعاـ، فباعو، وبينما ىو في الطريؽ، سمع رجبل ينادي: "الكممة بميرة، فمف يشتري؟ فدىش الشحاذ، ودفع إلى الرجؿ الميرة التي كاف قد قبضيا ثمف الثوب، فقاؿ لو الرجؿ: "حب حبيبؾ ولو كاف عبدا

أسود". ا، مدعيا أنو أضاع ثمف ورجع إلى زوجتو، واعتذر إليي

الثوب، وفي صباح اليوـ التالي أعطتو ثوبا آخر، ونزؿ إلى السوؽ فباعو، وبينما ىو يبحث عف الطعاـ، سمع الرجؿ نفسو ينادي: "الكممة بميرة، فأسرع إليو، ودفع لو ثمف الثوب، فقاؿ لو الرجؿ: "مف أمنؾ فبل تخنو، ولو كنت أكبر خائف"،

زوجتو، واعتذر إلييا مختمقا بعض ورجع الشحاذ إلى الحجج.

وفي اليوـ الثالث، أعطتو ثوبا وقالت لو: ىذا آخر ثوب عندي، بعو وال تفرط بثمنو"، ومضى إلى السوؽ، فباعو، ومرة ثالثة التقى الرجؿ نفسو، ودفع لو ثمف الثوب، فقاؿ لو الرجؿ، "ساعة السرور ال تفوتيا"، ورجع الشحاذ

را، فقالت ليس عندي ما أعطيؾ إياه، وما إلى زوجتو معتذ عميؾ سوى أف تبحث عف عمؿ.

وفي اليوـ التالي نزؿ إلى السوؽ، ووقؼ عمى

Page 387: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 799 -

الرصيؼ حيث يقؼ العماؿ، ينتظروف مف يأتي فيأخذىـ ليعمموا، في الحقؿ أو البناء أو الرعاية أو السقاية.. وانتصؼ النيار وجاء أصحاب األعماؿ وأخذوا العماؿ

، ولـ يبؽ أحد سواه، وكاد يرجع إلى البيت خائبا، كميـولكف رجبل أتاه ليسألو: "ىؿ تعمؿ في سقاية الحمير؟، فأجابو: أعمؿ، وعندئذ أخذه إلى حقؿ حيث كانت ىناؾ حمير كثيرة تحمؿ حجارة يقطعيا الرجاؿ مف الجبؿ، وكاف عمى الشحاذ أف يقودىا إلى مغارة بعيدة، يتدفؽ منيا الماء،

اقيا تحت الشمس الحارقة، حتى وصؿ إلى المغارة، فسوىناؾ تركيا تشرب ما شاء ليا الشرب، وتبترد، عمى حيف

دخؿ ىو المغارة، ليستريح في الظؿ. وبينما ىو في المغارة إذ برز لو مارد جبار، ومعو فتاتاف، إحداىما شقراء، واألخرى سمراء، فسألو المارد:

تيف أجمؿ؟ السمراء أـ "أجبني أييا الرجؿ، أي الفتاالشقراء؟، وتذكر الشحاذ الكممة التي كاف قد اشتراىا في اليوـ األوؿ: فأجاب: "أحبب حبيبؾ، ولو كاف عبدا أسود"، فسر المارد لجوابو سرورا كبيرا، ثـ قاؿ: "أحسنت أييا الرجؿ ولو كنت قمت الشقراء، لقطعت رأسؾ،" ثـ ما كاف

يسا ممموءا بالنقود الذىبية. مف المارد إال أف أعطاه كوخرج الشحاذ مف المغارة، وأخذ يقود الحمير إلى صاحبيا، ثـ تركيا عنده، ومضى، ال يريد أجرتو، ثـ أسرع

إلى زوجتو، وأعطاىا الكيس الممموء بالنقود الذىبية.

Page 388: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 811 -

وفي اليوـ التالي نزؿ الشحاذ إلى السوؽ، ووقؼ حيث ؿ، وأخذوا العماؿ وقؼ باألمس، وقدـ أصحاب األعما

كميـ، ولـ يبؽ أحد سواه، وىـ باالنصراؼ خائبا، ولكف رجبل أسرع إليو يسألو إف كاف يرغب في العمؿ عنده مراقبا

عمى العماؿ، ففرح بذلؾ، ومضى معو. وأخذ الشحاذ يراقب العماؿ في الحقؿ، ويتابعيـ، وقد سره ىذا العمؿ، واستمر فيو، وكاف في نياية األسبوعيقبض مف صاحب العمؿ أجرة العماؿ ويوزعيا عمييـ، ولكنو كاف يضطر في أغمب األياـ إلى البقاء في بيت الرجؿ صاحب العمؿ، لينيض في الصباح الباكر، ويشرؼ عمى العماؿ، وقد اطمأف إليو صاحب العمؿ، وجعمو مثؿ ابنو، وأخذت زوجة الرجؿ تعنى بو وتقدـ لو الطعاـ وكاف

ا "يا أختي". ينادييا دائموذات يوـ أخبره رب العمؿ أنو مضطر إلى السفر لبضعة أياـ، ثـ كمفو برعاية العماؿ، وفوضو في األمر كمو، وأوصى زوجتو بو، كما أوصاه أف يحضر ليا كؿ ما تطمبو مف حاجات السوؽ، وتمنى عميو أف يناـ طواؿ غيابو

في بيتو، حتى يظؿ قريبا مف العمؿ. والشحاذ في بيت الرجؿ، يقوـ بواجبو ومرت األياـ

خير قياـ، يراقب العماؿ، ويشرؼ عمى العمؿ، ويحضر لزوجة الرجؿ كؿ ما تطمب مف حاجات، ثـ يأوي مساء إلى

غرفة صغيرة ليناـ فييا متعبا مف عناء النيار وكده.

Page 389: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 810 -

وذات ليمة وبينما ىو نائـ أحس دبيب حركة، فتوقع أف نو فوجئ بزوجة الرجؿ تدخؿ عميو يكوف وحشا أو لصا، ولك

تدعوه إلى نفسيا، فذىؿ، وتذكر الكممة التي اشتراىا في اليوـ الثاني: "مف أمنؾ ال تخونو، ولو كنت أكبر خائف"، فاعتذر إلييا، ثـ أخذ يمضي النيار في الحقؿ مع العماؿ،

ويرجع مساء إلى بيتو ليناـ فيو. لشحاذ في ورجع الرجؿ مف السفر ليبل، فمـ يجد ا

البيت، وسأؿ زوجتو عنو، فاتيمتو بالخيانة، والسرقة، وأكدت لو أنو قد راودىا عف نفسيا، فغضب أشد الغضب، ولما كاف الفجر، خرج إلى الحقؿ، فوجد الشحاذ وىو يراقب العماؿ، ويشرؼ عمى العمؿ، فناداه، فأقبؿ الشحاذ عمى

رجؿ، ولـ الرجؿ مسمما عميو، وبادر إلى عناقو، فعانقو اليظير شيئا مما في نفسو، ثـ إنو سممو رسالة مغمقة، وطمب منو أف يوصميا إلى صديؽ لو، صاحب معمؿ صابوف، وأف يبمغو السبلـ، ثـ أكد لو أنو سيعد ىذا اليوـ يوـ عطمة

ووعده أف يعطيو في الغد أجرتو، مع مكافأة مجزية. و، وفرح الشحاذ بذلؾ، ومضى عائدا إلى بيتو وزوجت

وبينما ىو في الطريؽ مر بقرية، فسمع فييا صوت طبوؿ وأفراح، فتذكر الكممة الثالثة التي كاف قد اشتراىا، وىي: ساعة السرور ال تفوتيا"، فماؿ نحو مصدر الصوت، فرأى حفؿ زفاؼ، فانضـ إلى أىؿ الحفؿ، وشاركيـ فرحتيـ، ثـ نصبت حمقة الدبكة، فأخذ السرور منو كؿ مأخذ فشارؾ

Page 390: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 812 -

القوـ رقصتيـ بؿ قدـ أشكاال مف الرقص أثارت دىشة الجميع، وال سيما والد العروس.

ثـ نصبت الموائد ودعي الشحاذ مع المدعوييف، فمـ يتردد، ولما فرغ مف الطعاـ، تقدـ مف والد العروس، يعتذر إليو، ويرجوه أف يسمح لو باالنصراؼ، ولكف والد العروس

يمضي ليمة عندىـ، فأخبره أنو أقسـ عميو أغمظ األيماف كييحمؿ رسالة وال بد مف إيصاليا إلى صاحبيا، فوعده أف يرسميا مع أحد رجالو، وفي الحاؿ، نادى رجبل، وأعطاه

الرسالة، وطمب منو إيصاليا إلى صاحبيا. وأمضى الشحاذ ليمتو مع الضيوؼ، وىو يمقى مف ؿ الترحيب ما لـ يتوقعو، وفي الصباح رجع إلى الرج

صاحب العمؿ، لما أقبؿ عميو، وىو في الحقؿ مع العماؿ، دىش الرجؿ لرؤيتو، وبادر إلى سؤالو: "ىؿ وصمت الرسالة إلى صاحبيا؟ "فحدثو الشحاذ عما كاف مف أمر القرية والعرس، فندـ الرجؿ عمى ما بدر منو، ثـ اعترؼ لمشحاذ بأنو كاف قد زوده برسالة يطمب فييا مف صديقو صاحب

الصابوف أف يمقي بحامؿ الرسالة في حوض الزيت معمؿالمغمي ليموت فيو وال يبقى لو أثر، ثـ تأكد لديو براءة الشحاذ، وسوء نية زوجتو، ولذلؾ اعتذر إليو، وقدـ لو كيسا ممموءا بالميرات الذىبية، ولكف الشحاذ أبى أف يأخذه إال أف

الرجؿ ألح عميو. ؾ الغيبة الطويمة، ورجع الشحاذ إلى زوجتو بعد تم

Page 391: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 813 -

يحمؿ الكيس الممموء بالذىب، فاقترحت عميو أف يشتري محبل في سوؽ التجار، ويقعد فيو لمتجارة.

وعمؿ الشحاذ في التجارة، فوفؽ في عممو، وربح الماؿ الكثير، وأصبح مف كبار التجار، وعندئذ اقترحت عميو

يا ما زوجتو أف يبني قصرا مقابؿ قصر أبييا الممؾ، وكاف ل أرادت.

وذات يوـ سأؿ الممؾ عف صاحب القصر فذكروا لو كبير التجار، فرغب في التعرؼ إليو، وزار الشحاذ الممؾ في قصره، ولقي منو الحفاوة والترحيب، وبادر الشحاذ إلى

دعوة الممؾ إلى زيارتو، فوعده بذلؾ. وفي الموعد المنتظر كانت ابنة الممؾ، زوجة الشحاذ،

والدىا أطايب الطعاـ، وجيزت مائدة يشتيييا قد أعدت لالنظر، كما أعدت لو صحف حساء خاص بو، تعرؼ ميمو

إليو. ولما حضر الممؾ أدىشو جماؿ القصر كما أدىشو حسف ترتيب المائدة، ولما قدمت لو ابنتو صحف الحساء ذىؿ، وقاؿ ليا: "ىذا الصحف مف الحساء كانت تعده لي

ف، ثـ تذوقو فازداد دىشة، وقاؿ: "اهلل ابنتي"، وأرسؿ زفرة حز لكأف ابنتي ىي التي أعدتو، وعندئذ قالت لو ابنتو "صدقت يا أبي، فابنتؾ ىي التي أعدتو لؾ"، ثـ إنيا عرفتو إلى لى حقيقة زوجيا الذي كاف شحاذا، ثـ قدمت لو نفسيا، وا

Page 392: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 814 -

ولديف كانت قد رزقت بيما. بنتو، ولما صار إليو فسر الممؾ سرورا كبيرا لمقائو با

حاليا مف رزؽ وخير، ثـ ماؿ عمييا يسأليا: "ىؿ في المممكة مف ىو أكـر مني يا ابنتي؟!"، فأجابتو: "نعـ، يا أبي"، ونظر إلييا مدىوشا ثـ سأليا: "ما زلت مصرة عمى

قولؾ، إذف أخبريني مف ىو؟، فأجابتو: "ىو اهلل". لى ابنتو، ورجاىا فأقر الممؾ عندئذ بالحقيقة، واعتذر إ

أف تسامحو عمى ما ناليا مف ألـ وعذاب، ثـ ودعيا ورجع إلى قصره، وتركيا مع زوجيا ليعيشا معا في سعادة

وسرور. تعلق:

تإكد الحكاة وجود قوة أعظم من القوى األخرى، تحط بها، وتشملها، وه قوة هللا عز وجل، الذي هو أكرم

من الوالد على ولده.

ل على ؼرور الملوك وصلفهم، وحبهم وه تدللتملق، وعدم رؼبتهم ف سماع كلمة الحق، حتى لو كانت

صادرة من أقرب الناس إلهم.

كما تدل على شعور الفقر ببإسه وشقابه، وتعبر عن حلمه بالخبلص من هذا الشقاء، تارة بذكابه، وتارة بقوة

خفة من قوى الجن والسحر.

بلء قمة الكلمة، بوصفها وه تدل أضا على إعحاملة لقمة ومبدأ وملخصة لخبرة وتجربة، كما تإكد أن

الكلمة ه األبقى، وبها كون الخبلص.

وتإكد الحكاة قم األمانة والوفاء واإلخبلص، وتدن الخانة والؽدر، وف الحكاة عناصر حكابة شابعة ف

Page 393: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 815 -

اناة هذه كثر من الحكاات، منها تنكر األب البنته، ومع البنت، ثم تعرفه إلها بوساطة طعام خاص تعده.

وتبلحظ البنة الثبلثة ف الحكاة بشكل واضح، فبل بد للبطل من أن مر بثبلث حاالت من الشقاء، واالمتحان، لحقق بعد ذلك خبلصه، وهذه أضا من العناصر الحكابة

الشابعة.

ت الملك" والحكاة تشبه إلى حد كبر حكاة: "بنواألخوات الثبلث، كما تشبه مسرحة الملك لر" لولم

شكسبر بعض الشبه.

Page 394: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 816 -

افمش واجئش

كاف في قديـ الزماف أخواف اثناف، أحدىما غني واآلخر فقير، وكاف ليذا الفقير سبعة أوالد، عمى حيف كاف ه لؤلخ الغني ولد وحيد، وكانت حياة الفقير مع زوجتو وأوالد

ىانئة سعيدة، عمى حيف كانت حياة الغني مع زوجتو وولده الوحيد ممموءة بالكدر والتنغيص.

وذات يوـ دعا الغني أخاه الفقير إلى بيتو، ليتناوؿ معو طعاـ الغداء فسمع الفقير زوجة أخيو في المطبخ وىي تقوؿ لزوجيا: "أنا طبخت وتعبت، وأخوؾ جاء ليأكؿ"، ثـ

. وشعر الفقير بالحزف، ولكنو طمبت أال يدعوه بعد اليـوكظـ غيظو، مف أجؿ أخيو، وحاوؿ أال يظير عميو شيء مف عبلمات القير، ولما حضرت المائدة تناوؿ بضع

لقيمات، ثـ شكر ألخيو دعوتو، وودعو وخرج. وفي الطريؽ عثر الفقير عمى ليرة، فحمميا وفرح بيا

الطعاـ، أشد الفرح، وعـز عمى أف يشتري ألوالده بعض ولكنو عرج عمى بئر ليشرب، فسقطت منو الميرة في البئر، فحزف وتألـ، ثـ قاؿ: "يابير، ردي لي ليرتي"، وسحب الدلو

Page 395: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 817 -

فإذا فيو صحف، فقاؿ لمبئر: "وماذا سأصنع بو؟"، فأجابتو: "قؿ لمصحف امتمئ، فستجده امتؤل بأطايب الطعاـ".

تمئ، فامتؤل وأسرع الفقير إلى أوالده، ثـ قاؿ لمصحف ام بأطايب الطعاـ، فأكؿ األوالد جميعا، وحمدوا اهلل.

وفي المساء جاءت زوجة الغني إلى بيت الفقير، لتطمب صحنا تسكب فيو الطعاـ، مدعية أف جميع الصحوف عندىا قد امتؤلت فأعطتيا بنات الفقير ذلؾ الصحف، وكانت زوجة الغني قد رأت مف نافذة بيتيا الفقير

ؿ لمصحف امتمئ، ولذلؾ طمعت فيو. وىو يقو وفي الصباح سأؿ الفقير أوالده عف الصحف، فأخبرتو إحدى بناتو أنيا أعطتو لزوجة عميا، فمضي الفقير إلى ذا فييا البئر، وقاؿ ليا: "ردي لي ليرتي"، ثـ سحب الدلو، وا منخؿ، فسأؿ البئر، وماذا سأصنع بالمنخؿ؟ فأجابتو البئر:

نو الدقيؽ". كمما ىززتو سقط مورجع الرجؿ إلى أوالده بالمنخؿ، وأخذ ييزه، والدقيؽ يسقط منو، حتى مؤل منو ما يكفيو لصنع الخبز لذلؾ اليوـ. ورأت زوجة الغني مف نافذة دارىا ذلؾ، فأسرعت في المساء، إلى بيت الفقير تطمب المنخؿ، زاعمة أف زوجيا

تيا إحدى اشترى كيس دقيؽ، وىي مضطرة إلى نخمو، فأعط بنات الفقير ذلؾ المنخؿ.

وفي الصباح سأؿ الفقير أوالده عف المنخؿ، فأخبروه

Page 396: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 818 -

أف زوجة عميـ قد جاءت في المساء فأخذتو، فمضى الفقير إلى البئر، وقاؿ ليا: ردي لي ليرتي، ثـ سحب الدلو، فرأى فييا دبوسا، فسأؿ البئر عما سيصنع بو، فأجابتو: "قؿ

يتحرؾ ويسمي األوالد". لو تحرؾ، وعندئذ سورجع الفقير إلى أوالده بالدبوس، ثـ قاؿ لو تحرؾ، فأخذ الدبوس يأتي بحركات جميمة، وأخذ األوالد يضحكوف ويقيقيوف، وكانت زوجة الغني في نافذة الدار ترى األوالد مرحيف والدبوس يتحرؾ أماميـ، فنزلت إلييـ في المساء،

حيد كي يتسمى بو، فأعطوىا وطمبت منيـ الدبوس لولدىا الو إياه، ورجعت زوجة الغني إلى البيت بالدبوس، وما إف قالت

لو تحرؾ، حتى قفز ووخز ابنيا، فمات في الحاؿ. فحزنت زوجة الغني عمى ولدىا أشد الحزف، وما كاف منيا إال أف ثقبت الصحف وبعجت الغرباؿ وكسرت رأس

الفقير والميا الدبوس، ثـ أعادت تمؾ األشياء إلى أوالد زوجيا وقاؿ ليا: "ىذا جزاء كرىؾ ألوالد أخي".

وخرج الفقير يسعى عمى رزؽ أوالده، ألف الصحف ما عاد ينفع، وال الغرباؿ وال الدبوس، وبينما ىو في بعض الطريؽ، إذ رأى عجوزا قاعدة عمى صخرة، وشعرىا األبيض مرسؿ عمى كتفييا، فنادتو، وطمبت منو أف يفمي

ا مف القمؿ، فمبى النداء، وأخذ يمتقط القمؿ، فشكرتو شعرىالعجوز، ثـ قالت لو: "انظر إلى ذلؾ القصر، اذىب إليو، وقؿ لو: افتح بابؾ، فيفتح الباب، فادخؿ واحمؿ ما شئت

Page 397: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 819 -

مف ذىب، ثـ عند خروجؾ قؿ لو أغمؽ بابؾ". ومضى الفقير إلى القصر، وفعؿ بما أوصتو بو

ده وىو يحمؿ الذىب فرأتو زوجة العجوز، ورجع إلى أوالأخيو، فطمبت مف زوجيا أف يذىب في الحاؿ ويحضر مف

الذىب مثمما أحضر أخوه. وجاء الغني إلى أخيو الفقير، فسألو عف مصدر الذىب، فحدثو عف العجوز، فأسرع الغني، ولما رأى العجوز، سأليا إف كانت تطمب شيئا، فطمبت منو أف يفمي

يمتقط القمؿ وىو مشمئز ثـ سرعاف ما شعر رأسيا، فأخذ طمب منيا أف تكافئو، فدلتو عمى القصر مثمما دلت أخاه.

وأسرع الغني إلى القصر، وقاؿ لو افتح بابؾ، فدخؿ، ثـ التفت، فرأى الباب ما زاؿ مفتوحا، فقاؿ: "غمؽ بابؾ"، فأنغمؽ الباب، ومضى إلى الداخؿ، فحمؿ أحماال ثقيمة أكثر

ولما رجع إلى الباب، وىو يجر خطاه الثقيمة، مما يقدر، وجده مغمقا، فقاؿ: "افتح بابؾ"، ولكف الباب لـ ينفتح، وكرر العبارة عدة مرات، ولكف مف غير جدوى، وبحث عف منفذ آخر، فمـ يجد، وظؿ محبوسا داخؿ القصر، حتى حؿ الميؿ، فجاءت الغيبلف ساكنة القصر المسحور، فالتيمت

، وألقت عظامو وثيابو إلى الخارج. الرجؿ الغنيوكانت زوجتو قد افتقدتو، فأسرعت إلى أخيو تسألو، ومضيا معا لمبحث عنو، ولما بمغا القصر، وجدا عظامو

Page 398: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 801 -

وثيابو ممقاة في الخارج وعندئذ أدركت زوجة الغني أنيا ىي السبب في كؿ ما لحؽ بيا مف مصائب.

ا جميعا في ورجع الفقير إلى زوجتو وأوالده ليعيشو سعادة وسرور. تعلق:

تإكد الحكاة طؽان سلطة المال الذي قد فرق بن األخ وأخه، وه تربطه بالمرأة، الت تشجع على حوز المال، وتقرنها به، وسواء أكان هذا صححا أم ؼر صحح، فهو شابع ف اآلداب العالمة، وراسخ ف

هنا إلى مسرحة الوجدان اإلنسان، وتكف اإلشارة هماكبث لولم شكسبر، وإلى تفسر فرود الحضارة والتارخ واإلبداع بالدافع الجنس، والحكاة تكشؾ معاناة الفقر وبإسه، إذ ال رحمه أحد، حتى أخوه، بل إن أقرب الناس إله كدون له، وضمرون له الشر وحسدونه على

ما قد نال من بعض الخر.

على قناعة الفقر وطمع الؽن، كما تدل والحكاة تدل على الجزاء األوفى الذي لقاه كل منهما وفق ما ستحق، وإن كان جزاء الؽن ال خلو من قسوة، ولكنها قسوة فنة، ولست حققة، وه تدل على رؼبة ف الشعور الفقر

باالنتقام من الؽن.

نح وف الحكاة رموز جملة، منها الببر الت تمالصحن والؽربال والدبوس، وه تدل على حاجات الفقر وأسرته الت ال كاد سدها إال ببر ال نفذ عطاإها، ومنها الؽبلن الت تؤكل الؽن، وه رمز جشعه وطمعه ونفسته المفترسة، والقصر المؽلق رمز الؽنى الذي ؤسر الطامع وحبسه. وعنصر العجوز الت تطلب تفلتها ثم

زه بما ستحق عنصر متكرر ف كثر من الحكاات. تج

Page 399: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 800 -

Page 400: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 802 -

اث اه

يحكى أف أحد المموؾ كاف لو ولد وحيد يدعى عبلء الديف، وقد ماتت زوجتو، أـ ىذا الولد، فاضطر مف بعدىا إلى الزواج مف أختيا، كي ترعى ولده وتعنى بو، وقد بدأت

، فأىممت عبلء تعتني بو، ولكنيا حممت ووضعت ولدا الديف . بؿ أخذت تكرىو وتكيد لو . وذات يوـ صنعت رغيفيف األوؿ مف القمح ووضعت السـ فيو، والثاني مف شعير، ثـ دعت ولدىا وابف أختيا عبلء الديف، وقدمت لعبلء رغيؼ القمح، وفيو السـ، لتظير لو أنيا تحبو، وقدمت لولدىا رغيؼ الشعير، وكاف لعبلء حصاف ذكي،

رؼ حقيقة الرغيفيف، وأخبره باألمر، ولذلؾ طمب عبلء عالديف مف خالتو بعض الماء، ولما خرجت أعطى ابف خالتو رغيؼ القمح، وأخذ ىو رغيؼ الشعير، والتيـ كؿ منيما

رغيفو، ورجعت الخالة، فرأت ولدىا قد مات. وغضبت الخالة أشد الغضب، فأحضرت دبابيس

الديف، حتى إذا جاء مسمومة، زرعتيا في غرفة عبلء مساء داس فوؽ المسامير، ولكف حصاف عبلء الديف عمـ

Page 401: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 803 -

باألمر، وأخبره بو، فمما رجع إلى القصر مساء، لـ يدخؿ غرفتو، وأحست الخالة بذلؾ، وعرفت أف الحصاف ىو الذي

يفسد عمييا خططيا. ولجأت الخالة إلى حيمة أخرى، فصبغت وجييا

وادعت المرض، وكانت قد باألصفر، واستمقت في الفراش، أرسمت خادمتيا إلى الطبيب، واتفقت معو عمى أمر، ولما رآىا الممؾ عمى ىذه الحاؿ، استدعى الطبيب، فأخبره أف شفاءىا في دـ حصاف تشربو، وعمى الفور طمب الممؾ مف ولده عبلء الديف أف يذبح حصانو، ويمؤل كأسا مف دمو،

مف والده أف يميمو حتى تشفى خالتو، فطمب عبلء الديفبضع ساعات، لكي يستمتع بركوبو قبؿ ذبحو، فوافؽ الممؾ، فارتدى ثيابو، وتقمد سيفو، وحمؿ كيسا ممموءا بالنقود، ثـ امتطى حصانو، وغادر القصر، وأخذ يقطع الفيافي والقفار، حتى بمغ مرعى أخضر، وىناؾ نزؿ عف

ثبلث ظير حصانو، وأطمقو، فأعطى الحصاف لعبلء الديفشعرات مف ذيمو، وأوصاه أف يحرقيا إذا وجد نفسو في

مأزؽ، ثـ ودع كؿ منيما صاحبو، وافترقا. ومضى الحصاف في طريؽ، ومضى عبلء الديف في طريؽ أخرى، فقابؿ راعيا، فعرض عميو أف يتبادال ثيابيما، فوافؽ الراعي، وىكذا لبس عبلء ثيابا ميميمة بالية ممزقة،

ى غير ىدى، حتى دخؿ حديقة أشجارىا وأخذ يمشي عموارفة الظبلؿ، فجمس في ظؿ شجرة ليستريح، ولـ تكف تمؾ

Page 402: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 804 -

الحديقة إال قصر ممؾ تمؾ الببلد وكانت ابنتو في الشرفة تتأمؿ األشجار، فرأت عبلء الديف، وىو ما ىو عميو مف

ثياب رثة بالية، فأعجبت بو. وات، وكاف لتمؾ البنت، واسميا ست الحسف، ثبلث أخ

تزوجت األولى مف ابف الوزير، والثانية مف ابف القاضي، والثالثة مف ابف كبير التجار، وفي يوـ سأليا أبوىا الممؾ عف فارس أحبلميا؟ فأجابتو بأنيا ستقؼ في شرفة القصر، وتدعو شباب المممكة لممرور بيا، وسترمي تفاحتيا، فمف

أصابتو فسوؼ يكوف زوجيا. بة ابنتو في الببلد، فوقفت في وأعمف الممؾ عف رغ

شرفة القصر، وأخذ الشباب بالمرور أماميا، مف قادة وفرساف، وأمراء وتجار، وصناع وعماؿ، وىي تنظر إلييـ، وال ترمي التفاحة، ثـ لمحت في آخر المطاؼ عبلء الديف في ثيابو الرثة البالية، فضربتو بالتفاحة، فأصابتو، ففوجئ

وقع طريح الفراش. الممؾ باختيار ابنتو فواجتمع أطباء القصر حوؿ فراش الممؾ، وتشاوروا في مرضو، ثـ وصفوا لو قمب طير الحجؿ، وأسرع القادة والفرساف إلى الجباؿ يبحثوف عف الحجؿ، وطمبت ست الحسف مف عبلء الديف أف يسعى كما يسعى الفرساف، فخرج إلى الجباؿ، وقابؿ ممؾ الطيور، وطمب منو بعضا

طيور الحجؿ، فرفض، وعندئذ أشعؿ شعرة مف شعرات مف ذيؿ حصانو، فأقبؿ عمى الفور يسألو ما يريد، فطمب منو

Page 403: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 805 -

بعض طيور الحجؿ، وما ىي إال ىنيية، حتى كاف بيف يديو ما طمب، فمضى راجعا إلى القصر، ولكف في الطريؽ صادفو ابف الوزير وابف القاضي وابف كبير التجار، فطمبوا

عيـ ما يحمؿ مف طيور الحجؿ، وما كانوا منو أف يبيليعرفوه، فعرض عمييـ أف يمنحيـ كؿ ما يحمؿ وال يبقى سوى طائر واحد، مقابؿ أف يضع عمى ظيورىـ عبلمات مميزة، فوافقوا، وأخذوا الطيور منو وأسرعوا إلى القصر

فرحيف. وعمى المائدة اجتمع القوـ، وفييـ ست الحسف وخطيبيا

خذ ابف الوزير وابف القاضي وابف كبير عبلء الديف، وأالتجار بالتفاخر بما أحضروه مف حجؿ لمممؾ، وحيف قدـ عبلء الديف طائره الوحيد، سخروا منو، وعجبوا كيؼ لـ يحضر سوى طائر واحد؟ عمى حيف أحضر كؿ منيـ عشرات الطيور، وكاف الممؾ عمى رأس المائدة يسمع

"وما سر" تمؾ ويرى، وعندئذ قاؿ ليـ عبلء الديف: العبلمات التي عمى ظيروكـ جميعا، أليست ىي مف وضع ذلؾ الرجؿ الذي قابمتموه في الغاب، فأعطاكـ كؿ ما كاف يحمؿ مف طيور الحجؿ، ولـ يبؽ لنفسو سوى طائر واحد؟. "وذىؿ الثبلثة، وما كاف بوسعيـ إال االعتراؼ بالحقيقة،

ج ابنتو مف ولكف عمى الرغـ مف ذلؾ أبى الممؾ أف يزو عبلء الديف.

Page 404: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 806 -

وفي تمؾ األثناء أعمف ممؾ مجاور الحرب عمى ممؾ الببلد، والد ست الحسف، فيب الفرساف إلى الحرب، وانطمؽ معيـ عبلء الديف، بعد أف زودتو ست الحسف بثياب فارس كبير، وقمدتو األوسمة، ولجأ ىو إلى لثاـ، أخفى بو وجيو،

مف ذيؿ حصاف، فحضر حتى ال يعرفو أحد ثـ أحرؽ شعرهفي الحاؿ، فامتطاه ودخؿ ساحة المعركة، وأخذ يصوؿ في الصفوؼ ويجوؿ، والممؾ يرقب ساحة القتاؿ، فمفت نظره ذلؾ الفارس الممثـ، وقد أبمى في الحرب ببلء حسنا، ولكف بينما كاف يخترؽ صفوؼ العدو، ويجز فييـ الرؤوس،

سؿ إليو منديمو أصابو جرح بيده، فأشفؽ عميو الممؾ، وأر الخاص، ليضمد الجرح بو، وانتيت المعركة بالنصر لمممؾ

والد ست الحسف. ورجع الممؾ إلى قصره فرحا بانتصاره عمى األعداء، وأقيمت االحتفاالت ونصبت الموائد، وتذكر الفتى الذي اختارتو ابنتو صاحب الثياب الرثة، فطمب إحضاره، ووعد

يدة، كما وعد أف يزوجو ابنتو، أف يكرمو ويمنحو ثيابا جدتأكيدا لفرحو بالنصر، ولما مثؿ عبلء الديف بيف يديو، رأى منديمو الخاص وقد لؼ حوؿ يده، فعرؼ عمى الفور أنو ىو ذلؾ الفارس الممثـ الذي كاف يصوؿ في الصفوؼ ثـ أقسـ عميو أف يخبره عف حقيقتو، فحدثو عبلء الديف عما كاف مف

مف قصر أبيو، وفضؿ حصانو الوفي، أمر خالتو وىربو وتنكره في ثياب بالية رثة، فأكد لو الممؾ أنو كاف قد توسـ

Page 405: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 807 -

فيو منذ البدء عبلمات الممؾ. ثـ أعمف الممؾ سبعة أياـ وثماني لياؿ ال أحد يأكؿ وال أحد يشرب إال مف قصر الممؾ احتفاال بالنصر، وبزواج

الديف. ابنة الممؾ ست الحسف مف ابف الممؾ عبلء وأقاـ عبلء الديف مع زوجتو في ضيافة عمو ثبلثة أشير، ثـ أستأذنو في العودة إلى ببلده، فكاف لو ما أراد، وقد زوده عمو باليدايا الثمنية، وودعو مع القادة الفرساف

إلى حدود الببلد. ولما وصؿ عبلء الديف مع زوجتو إلى مممكة أبيو،

ت زوجتو قد ماتت قبؿ رأى والده عمى فراش الموت، وكانأعواـ، وسر الممؾ بعودة ابنو إليو، وبزواجو مف ست الحسف، ولـ يمبث سوى بضعة أياـ، توفي بعدىا الممؾ، فتولى مف بعده عبلء الديف حكـ الببلد، وعاش مع زوجتو

في سعادة وسرور. تعلق:

تإكد الحكاة كد زوجة األب، ولو كانت خالة شققة قة الود والوفاء بن اإلنسان والحوان وال األم، وتظهر عبل

سما الفرس، وتكشؾ أن قمة اإلنسان لست ف "ثابه" وإنما ف مواقفه.

وه تدل على أنه ال مكن الوصول إلى المرأة إال بعد المرور بصعاب وتحدات إكد من خبللها الرجل شجاعته وفروسته، كما تدل على حق المرأة ف اختار

حاتها، ومن ذلك كله مكن أن ستدل أن اللقاء شرك الحق بن الرجل والمرأة قوامه الحرة والفروسة والحب،

Page 406: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 808 -

ولس محض اللقاء الجسدي.

وف الحكاة عناصر حكابة شابعة منها شعرات ذل الفرس حرقها الفارس عند الحاجة، وخوض الفارس

ثم تعرفه ؼمار المعركة ملثما ومنحه الملك مندله الخاص إله من خبلله. وه تشبه ف شكلها ومضمونها حكاات

كثرة، منها "األمر حسن والؽول".

Page 407: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 809 -

جذب وصوجخ أثه يحكى أف أحد الرجاؿ توفيت زوجتو، فاضطر مف بعدىا إلى الزواج، وكاف عنده ولد منيا اسمو جحا، وقد

بذلؾ. اشترط عمى الزوجة الثانية أف تعتني بولده، فوعدتوومرت األياـ، وىـ يعيشوف حياة ىادئة سعيدة، ثـ حممت زوجتو الجديدة، ثـ وضعت ولدا، فأخذت تعنى بو، وأىممت

جحا، بؿ إف األب نفسو أىممو وأخذ ييتـ بولده الجديد. وأحس جحا بالقير والحرماف، فأخذ شعرة مف رأسو، وربط

عمى ولدىا، بيا لساف أخيو ألبيو فما عاد يرضع وقمقت األـ وأخبرت زوجيا بأف الولد ال يرضع، فطمب منيا أف تأخذه إلى

الطبيب، وطمب مف جحا أف يرافؽ زوجة أبيو. وأسرع جحا فأحضر ثبلث سبلت، وضع في األولى عنبا، وفي الثانية تينا، وفي الثالثة بطيخا، وتحت جنح الظبلـ، خرج إلى الطريؽ، فخبأ السمة األولى، وبعد مسافةقصيرة، وضع السمة الثانية، وبعد مسافة أخرى وضع السمة

الثالثة.

Page 408: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 821 -

وفي الصباح خرج مع زوجة أبيو، ىي تحمؿ طفميا، وىو يحمؿ طائر المقمؽ، الذي كاف يربيو، ولما اقترب مف موضع السمة األولى ضغط عميو، فصاح المقمؽ، فقاؿ لو ، "اسكت يا كذاب"، فسألتو زوجة أبيو عما يقوؿ المقمؽ

فأجابيا أنو يخبره عف سمة عنب سيجدانيا بعد قميؿ، وما ىي إال بضع خطوات حتى قاؿ جحا لزوجة أبيو: "انظري

ىناؾ"، وكانت ثمة سمة عنب. وبعد مسافة، ضغط جحا عمى المقمؽ، فصاح، فقاؿ لو: "اسكت يا كذاب"، فسألتو زوجة أبيو عما يقوؿ المقمؽ،

يجدانيا بعد قميؿ وما ىي فأجابيا إنو يخبره عف سمة تيف سإال بضع خطوات حتى قاؿ جحا لزوجة أبيو: "انظري

ىناؾ"، ثـ أشار إلى سمة التيف. وكذلؾ األمر نفسو مع سمة البطيخ، حتى أصبحت

زوجة األب تصدؽ كؿ ما يقولو المقمؽ. وبعد قميؿ ضغط جحا عمى المقمؽ بشدة، فصاح

المرة، فأجابيا المقمؽ، فسألتو زوجة أبيو عما يقوؿ ىذه جحا: "ال أستطيع أف أقوؿ، فسألتو ثانية: "ولماذا"، فأجابيا: "ألنني أخجؿ مف ذكر كبلمو"، فألحت عميو، فقاؿ: المقمؽ

يقوؿ: قبؿ زوجة أبيؾ، يكف شفاء أخيؾ". وعمى الفور دعتو زوجة أبيو إلى االختفاء وراء تمة

ىا. صغيرة لتحقؽ ما يقولو المقمؽ، حتى يشفى ولد

Page 409: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 820 -

وكاف ذلؾ كمو بتدبير مف جحا، وكاف لو أيضا ما أراد، ثـ طمب مف زوجة أبيو أف تحمؿ المقمؽ بدال منو، وأخذ منيا الولد ليحممو، ثـ غافميا، فقطع الشعرة التي كاف قد ربط بيا لسانو، وبعد بضع خطوات قاؿ ليا: "خذي الولد

ألقمتو أرضعيو، لنطمئف إلى شفائو"، وأخذت منو الولد، ف ثدييا فرضع، ففرحت كثيرا.

وفي المساء سأليا زوجيا عف الولد، وعف الطبيب، والدواء، فأجابتو بأف الولد قد شفي، وأنيا وفرت عميو أجرة الطبيب، وثمف الدواء، ولما سأليا كيؼ ذلؾ، أجابتو بما حصؿ مف أمر جحا والمقمؽ، فجف جنوف الزوج وأقسـ أف

يقتؿ ولده جحا. سمع جحا ذلؾ، ولـ يكف يعرؼ سوء ما أقدـ ولما

عميو، ىرب مف البيت، وىاـ عمى وجيو في الببلد، حتى ذا صاحب ناؿ منو التعب، فرأى قصرا، فقصد إليو، وا القصر ىو آغا القرية، فعرض عميو العمؿ عنده، فوافؽ اآلغا، ولكف عمى شرط، ولما سألو جحا عف الشرط، أجابو

ذا زعمت منؾ "إذا زعمت مني فسوؼ أس مخ جمدة وجيؾ، وا فأسمخ جمدة وجيي".

ووافؽ جحا، فأعطاه اآلغا كمبا، ثـ أشار إلى محراث مشدود إلى ثور، وطمب أف يفمح األرض، وقاؿ لو: "ىذا الكمب يعرؼ حدود أرضي، فحيثما سار الكمب، أو حيثما دخؿ، فادخؿ وراءه أنت والثور"، ثـ زوده برغيفيف، رغيؼ

Page 410: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 822 -

غيؼ مف شعير، ثـ قاؿ لو: "ىذا لؾ وذاؾ مف قمح ور لمكمب".

وأخذ جحا الرغيفيف والكمب ومضى، ولـ يحرث سوى بضعة أمتار، حتى اشتد بو الجوع، فقعد يأكؿ رغيؼ القمح ورمى لمكمب رغيؼ الشعير، فمـ يأكمو، ألنو اعتاد عمى رغيؼ القمح، وقعد ال يتحرؾ، ولما شبع جحا طمب مف

لو عمى حدود األرض فمـ يتحرؾ، فنيره الكمب أف يسير ليدبرجمو، فمـ يتحرؾ، فضربو بالعصا فمـ يتحرؾ، فحمؿ حجرا وضربو فأخذ الكمب يجري، وأخذ جحا يسوؽ الثور والمحراث في إثره، وظؿ يجري وراءه، حتى دخؿ الكمب القصر، فدخؿ وراءه، فقفز إلى نافذة ودخؿ فييا، وأراد أف

ر فمـ يتمكف، ففؾ الثور عف يدخؿ جحا وراءه ىو والثو المحراث، ثـ كسر المحراث، قطعا قطعا، ورمى بو مف النافذة، ثـ ذبح الثور، ورمى بو قطعا مف النافذة، وجاء اآلغا، فرأى فعمة جحا، فغضب، وىـ بالكبلـ، ولكف جحا

سألو: ىؿ زعمت؟ فأجابو اآلغا: ال، ما زعمت".

ـ الثور، فحمؿ اآلغا ثـ أمر اآلغا الخدـ، فطبخوا لحصحنا ممموءا بقطع المحـ والمرؽ، وقاؿ لو: "خذ ىذا الصحف واحممو إلى أمي"، وأخذ جحا الصحف ومضى بو إلى أـ اآلغا، وقبؿ أف يدخؿ عمييا رفع قطع المحـ، ووضعيا أماـ الباب، ولما رأت أـ اآلغا الصحف ال شيء

Page 411: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 823 -

اآلغا"، فيو سوى المرؽ، قالت لو: "رد ىذا الصحف إلىورجع إلى اآلغا، وقاؿ لو "إف أمؾ تقوؿ إف المحـ الذي في الصحف ال يكفييا"، فطمب مف الخدـ أف يزيدوا في المحـ، فأخذه ورجع بو إلى أـ اآلغا، وقبؿ أف يدخؿ عمييا، رفع المحـ، ووضعو أماـ الباب، ومرة ثانية غضبت األـ، وردت

أف أعاد الصحف، ورجع جحا بالصحف إلى اآلغا، بعدالمحـ، فغضب اآلغا، ثـ قاؿ لو "خذ فخذ الثور ثـ أحش بو

فميا حتى تشبع". وحمؿ جحا فخذ الثور، ثـ دخؿ عمى األـ، وأقسـ عمييا إال أف تأكؿ الفخذ كمو، ثـ أخذ يقطع مف المحـ ويحشو بو فميا إلى أف ماتت، ثـ رجع إلى اآلغا، فسألو:

: "ولكنيا ماتت قبؿ أف "ىؿ أعجبيا المحـ"، فرد جحا قائبل تتمكف مف تناولو كمو"، فغضب اآلغا، فبادر جحا إلى

سؤالو: ىؿ زعمت؟"، فأجاب اآلغا: "ال، ما زعمت". ذا ولده وفي يوـ آخر كاف لدى اآلغا ضيوؼ، وا الصغير يدنو منو وييمس في أذنو، فنادى اآلغا جحا وطمب منو أف يأخذ الولد إلى المرحاض ليتبوؿ، فأخذهذا لـ جحا، وعند المرحاض، قاؿ لو: "إذا تبولت ضربتؾ وا تتبوؿ ضربتؾ"، ثـ حذره أف يحدث والده بذلؾ، ثـ أعاده إلى اآلغا، فقعد قميبل، ثـ نيض، وىمس في أذف والده، ومرة ثانية أشار اآلغا إلى جحا، فأخذ الولد إلى المرحاض،

ى والده، ومرة وقاؿ لو ما قاؿ في المرة األولى، ثـ أرجعو إل

Page 412: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 824 -

ثالثة، ىمس الولد في أذف اآلغا، فغضب اآلغا، وقاؿ لجحا: "خذ الولد، واقتمو، ريحني منو، فأخذ جحا الولد، ثـ حممو ورماه أرضا، فمات، ثـ رجع إلى اآلغا، فسألو عف الولد فأجابو "رميتو عمى األرض فمات، كما طمبت مني،

زعمت؟ فأجابو: فغضب اآلغا، ولكف جحا بادر سائبل: "ىؿ "ال، ما زعمت".

وقرر اآلغا أف يذىب ىو وزوجتو في نزىة إلى ضفة النير، وجيزت زوجة اآلغا بعض الطعاـ، كما لؼ اآلغا حصيرا، ووضعا الحصير والطعاـ عمى ظير الحمار، وسارا وراءه نحو النير. وفي الطريؽ سمع اآلغا صوت

طست، وقبؿ عطاس، فسأؿ زوجتو إف كانت ىي التي قد عأف تجيبو جاءه صوت جحا: "أنا عطست، أنا عطست"، وتمفت حولو مدىوشا، وىو ال يعرؼ مصدر الصوت، فإذا جحا يضيؼ: "أنا ىنا، ممفوؼ داخؿ الحصير"، فأنزؿ اآلغا ذا جحا يقفز في وجيو سائبل: "ىؿ الحصير، وفتحيا، وا

زعمت؟" فرد اآلغا:"ال، ما زعمت". ا وزوجتو، حتى بمغا ضفة وسار جحا مع اآلغ

النير، فمد الحصير، وأنزؿ الطعاـ، وقعد معيـ يأكؿ ويشرب، حتى صار المساء، فقاؿ اآلغا لجحا: "نحف سنناـ ىنا عمى الحصير، فيؿ تناـ معنا"؟، فأكد جحا رغبتو في ذلؾ فتشاور اآلغا مع زوجتو، واتفقا عمى أف

سط، ويناـ يناـ جحا بجانب النير، وتناـ الزوجة في الو

Page 413: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 825 -

في الطرؼ اآلخر اآلغا، وفي الميؿ يبدأ اآلغا بدفع زوجتو، وتبدأ ىي بدفع جحا، حتى يسقط في النير.

ورجع اآلغا إلى جحا يعرض عميو أف يناـ بجانب النير، وتكوف زوجتو في الوسط، ويناـ اآلغا إلى جانبيا مف الطرؼ

اآلخر، فوافؽ جحا، وقد أدرؾ ما بيتو اآلغا لو. ي الميؿ، نيض جحا وناـ إلى جانب اآلغا، ووفؽ وف

الخطة المتفؽ عمييا، بدأ اآلغا يدفع زوجتو، وىي نائمة، ويدحرجيا وظؿ يدفعيا ويدحرجيا حتى سمع صوت سقوط جسـ في النير، فنيض اآلغا مسرورا، وىو يقوؿ: "الحمد هلل، تخمصنا مف جحا"، ولكف جحا نيض صائحا" ىؿ

ا؟" ناديتني، حضرة اآلغذا زوجتو غارقة فيو، وذىؿ اآلغا، ونظر إلى النير، وا وعندئذ سألو جحا:"ىؿ زعمت؟ فأجابو اآلغا: "قتمت ثوري وأمي وزوجتي، وال تريدني بعد ذلؾ أف أزعؿ، نعـ، لقد زعمت"، فأجابو جحا: "إذف ال بد مف تنفيذ االتفاؽ، يجب أف

كف وأنا أسمخ جمدة وجيؾ"، فأجابو اآلغا: "نعـ ستسمخو، ل ميت"، ثـ إنو أسرع إلى النير ورمى نفسو فيو.

ورجع جحا إلى قصر اآلغا ليعيش في القصر، وينعـ بالخير والرزؽ الوفير.

تعلق: تكشؾ هذه الحكاة ما عانه الولد دابما من حرمان لدى وفاة أمه والعش تحت كنؾ زوجة األب، مما دفعه

Page 414: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 826 -

رابم ال مكن تصورها. إلى انحراؾ كبر، قد قود إلى ج

والحكاة تبالػ ف إظهار خبث الولد الذي عان من مثل تلك العقدة، كما تبالػ ف إظهار أشكال انتقامه.

وانتقام ذلك الفتى ف هذه الحكاة من اآلؼا لس ألنه آؼا وإنما ألنه شكل من أشكال القوة والسطرة تشبه

لذلك نتقم من هذا سطرة زوجة أبه كما تشبه قوة أبه، و الشكل بصورة ال شعورة مإكدا وجوده بؤسالب مدانة.

وبلحظ أن كل أشكال االنتقام أو تحقق الذات الت ؤت بها الفتى تقوم على القتل، من قتل أخه ألبه، وقتل الثور، وقتل أم اآلؼا، إلى قتل اآلؼا نفسه، ثم سلخ جلدة

دانة ارتكاب الولد وجهه، ولعل أكثر تلك األشكال اإلالفاحشة مع زوجة أبه، وجمع تلك األشكال تعن اقتحام

سلطة األب وتدمرها.

والحكاة بذلك تلتق ف جذرها مع أسطورة أودب.

والحكاة بما تصور من أسالب الخبث واالنتقام نادرة، إذ قلما تلجؤ الحكاة إلى تصور شء من ذلك،

حكاة دور البطولة إلى فتى كذلك من الؽرب إسناد الدعى جحا، إذ ال رد ف سرته وال ف طرابفه ما شبه

ف شء هذه الحكاة.

Page 415: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 827 -

ثشوخ ازهت

كاف ألحد الرجاؿ ابنة وحيدة، رباىا فأحسف تربيتيا، وتقدـ إلييا خطاب كثير، ولكف لـ يتمكف أحد مف سداد

ذىبا. ميرىا، إذ كاف أبوىا يطمب مؿء بركة البيتوذات يوـ تقدـ إليو رجؿ أعمف عف استعداده لمؿء البركة ذىبا، عمى شرط أف يسمح ليا أبوىا بالسفر مع زوجيا، فوافؽ األب، وكاف لو ما أراد، إذ مؤل الزوج البركة

ذىبا، ثـ أخذ عروسو وسافر بيا. وفي بمدة بعيدة أسكنيا الزوج في بيت منعزؿ، وكاف كمما

يا باب الدار، فتبقى وحيدة، ال تجد مف يسمييا أو خرج أقفؿ عمييؤانسيا، فأحضرت كرسيا وغطتو بمبلءة بيضاء، وأخذت تحدثو كأنو عجوز تأنس بو، وكانت تبث ىذا الكرسي شكواىا وألميا، وكانت ىي نفسيا تتكمـ بمساف الكرسي، فتقوؿ لنفسيا: "ال بأس،

وىو يحضر لؾ اصبري، واحمدي ربؾ، واشكريو، فزوجؾ كريـ، ذا كاف غيابو عف البيت يطوؿ، فطبيعة عممو كؿ ما تطمبيف، وا تقتضي ذلؾ، فيو تاجر، كثير األسفار، وال بد مف التضحية

والصبر".

Page 416: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 828 -

وىكذا مرت األياـ، فإذا ىي حامؿ، ثـ وضعت ولدا كأنو القمر، ولما رجع الزوج مف السفر، لـ يظير أي

حممو، وأعطاه لخادـ عبلمة مف عبلئـ الفرح بالولد، بؿكاف يرافقو دائما، وطمب منو أف يذبحو، ويأتي بمحمو مطبوخا، ثـ طمب مف زوجتو أف تشاركو في تناوؿ الطعاـ

مما أحضره ذلؾ الخادـ. ومكث معيا بضعة أياـ، ثـ سافر كعادتو، وشاءت األقدار أف تحمؿ ثانية، ولـ تمبث حتى وضعت ولدا، ولما

فر ورآه، فعؿ بو مثؿ ما فعؿ باألوؿ، رجع الزوج مف السوالزوجة صابرة، ال تجد سوى الكرسي، تغطيو بالمبلءة، ثـ تمجأ إليو، تبثو ما بنفسيا مف حزف، ثـ تتكمـ ىي نفسيا

بمسانو، لتقنع نفسيا، وتجد بعض التسمية والعزاء. ومرة ثالثة حممت، ووضعت ولدا، كاف مصيره كمصير

صابرة. أخويو، والزوجة ما تزاؿثـ طالت غيبة الزوج، وأخذ يغيب عنيا سنة أو سنتيف، فيقعد معيا بضعة أياـ، ثـ يسافر ثانية وىكذا مر

ما يقارب العشريف عاما. وذات يـو فاجأىا الزوج بدعوتو إلى الخروج معو، وكانت قد اعتادت الحبس في بيتيا، فترددت، ولكنيا انصاعت،

ذىا إلى قريب لو، بمناسبة زواج وخرجت معو، فأخبرىا أنو سيأخ أوالده الثبلثة، وطالبيا أف تشارؾ أىمو أفراحيـ.

Page 417: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 829 -

ودخمت الزوجة عمى القوـ وىي مضطربة، فرأت ثبلثة شباف كاألقمار، وىـ يزفوف إلى عرائسيـ، فتحدرت مف عينيا دمعة، وذكرت أوالدىا، وقالت في نفسيا، لو كاف

ف في عمر ىؤالء الشباف، أوالدي عمى قيد الحياة، لكانوا اآلوكاف زوجيا إلى جانبيا، فرأى الدمعة عمى خدىا، فمسحيا

بيده، ثـ قاؿ ليا "ىؤالء ىـ أوالدؾ". ثـ عرفيا إلييـ، فعانقتيـ وىي تبكي، وسرت بيـ السرور كمو، وأقامت مع زوجيا معيـ ثبلثة أياـ تشاركيـ

، وترؾ األفراح، ثـ رجعت إلى دارىا، وأقاـ معيا زوجيا األسفار، ليعيشا معا في سعادة وىناءة.

تعلق: تإكد الحكاة ضرورة صبر المرأة وتحملها ما تقاسه مع زوجها من عناء العش وصعوبته لتكون العقبى لها،

فتسعد بعد طول صبر.

كما تإكد ضرورة تربة البنت وإعدادها أحسن إعداد ها من قسوة. لحاة الزوجة على الرؼم مما قد كون ف

ولكن الحاة تبالػ ف ذلك كله، وتقدم شخصات وحوادث متطرفة، لست الؽاة منها اإلقناع، وإنما الؽاة

منها إثارة االنفعال وضرب المثل.

وتبدو الحكاة موجهة بصورة أساسة للبنات، ك تعلمهن الصبر، وتوح لهن بؤن الطرق قد تكون شاقة

أن النهاة ستكون هانبة وسعدة. وطولة، ولكنها تإكد

ولكن ذلك األسلوب التربوي لس سلما، ألنه رسخ السلبة والعجز والتخاذل، ولست سلمة أضا األفكار الت تطرحها الحكاة، ألنها أفكار ترسخ سطرة الرجل على

Page 418: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 831 -

المرأة وظلمه لها.

والحكاة تعبر عن مرحلة تارخة كان المجتمع على ما دو عان من الفقر والتخلؾ والظلم، ومن المإسؾ أن تظهر ب

مثل هذه الحكاات لتدعو الفرد وال سما المرأة إلى مزد من الخضوع لترسخ ما ف ذلك المجتمع من فقر وتخلؾ وظلم، ومما زد األمر سوءا اتخاذ الحكاة القم واألخبلق وسلة لذلك

ا. كله بدعوى تربة البنت وحسن إعداده

والحكاة تعكس أضا سطرة الذهب إذ تعده معادال لقمة علا ه اإلنسان، وهذا إكد مرة أخرى سطرة المادة وؼاب

القم، كما إكد واقع التخلؾ والجهل والظلم.

وتظهر ف الحكاة البنة الثبلثة، كما ظهر فها عنصر المفاجؤة واإلدهاش، ولكنه مبن على المبالؽة

الفتعال. والحكاة تشبه شبها كبرا حكاة عنوانها: "ثمن وا الذهب"، ولعلها ه نفسها، ولكن برواة أخرى.

Page 419: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 830 -

اث اه وثذ اشاػ

يحكى أف أحد المموؾ كاف عنده ولد وحيد، رباه خير تربيو، وعممو الفروسية والمبارزة، وأحضر لو األساتذة

الطوؽ، دعاه الممؾ إليو، والمعمميف، ولما شب وكبر عفوأخبره أنو يريد تزويجو، فمينظر أي فتاة يختار لنفسو،

فطمب مف أبيو أف يترؾ األمر لؤلقدار. ، بينما كاف في الصيد، إذ بعد عف الخدـ وذات يـوواألصحاب، فضؿ وتاه، وأخذ يبحث عف طريؽ العودة، وبينما ىو كذلؾ، رأى خيمة بعيدة، قصدىا، فخرجت إليوصبية حسناء، رحبت بو، وأضافتو، وقدمت لو المبف والتمر، فوجد فييا الذكاء والجماؿ، وحسف الخمؽ وحسف التدبير، فمما سأليا عف أبوييا، أخبرتو أف أميا ماتت منذ زمف، وأف أباىا خرج ليرعى الغنـ، فشكر ليا حسف ضيافتيا، وطمب منيا أف تدلو عمى الطريؽ، ثـ ودعيا

و، ولـ تسألو مف ىو ومف يكوف تقديرا منيا ومضى في سبيم لحؽ الضيؼ.

Page 420: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 832 -

وأسرع إلى أبيو الممؾ يخبره عف الفتاة، ورغبتو في الزواج منيا، ثـ دؿ الجند عمى موضع الخيمة، فجاؤوا بوالد الفتاة، وأخبره الممؾ برغبة ابنو في الزواج مف ابنتو، فأجاب

ف ينطؽ بشيء. والد الفتاة أف عميو أف يسأليا رأييا قبؿ أورجع الراعي إلى ابنتو، وحدثيا عف رغبة ابف الممؾ في الزواج منيا، وأخبرىا أنو ىو نفسو الفتى الذي كانت قد أضافتو في الخيمة، فطمبت مف والدىا أف يرجع إلى الممؾ ليسألو عف عمؿ ابنو، ولما رجع الراعي إلى الممؾ وسألو،

يعمؿ شيئا، ىو ابف دىش الممؾ، وقاؿ لو: "ابف الممؾ ال الممؾ، وسيرث مف بعده العرش".

ورجع الراعي إلى ابنتو ليخبرىا بجواب الممؾ، فطمبت مف أبييا أف يرجع إلى الممؾ ليخبره أنو ال مانع لدييا مف الزواج مف ابف الممؾ، ولكف عمى شرط أف يكوف لو عمؿ،

ذا كاف جادا حقا في رغبتو في الزواج منيا، فميتقف م ينة وا ما، وليعد بعد ذلؾ إلى خطبتيا.

ورجع الراعي إلى الممؾ، وأخبره بالجواب، فدىش الممؾ، ولكف االبف طمب مف الراعي أف يخبر ابنتو أنو

يعدىا بأف يتعمـ مينة ألجميا.

ونزؿ ابف الممؾ إلى األسواؽ، وأخذ يتأمؿ المحبلت

Page 421: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 833 -

مى والمتاجر والبضائع والحاجات، فأعجبو السجاد فعـز عتعمـ صناعتو، وىكذا أحضر إلى القصر نوال وأصوافا

ونساجيف، وأخذ يتعمـ تمؾ المينة. ولما أتقنيا أرسؿ الجند إلى الراعي ليخبروه بذلؾ، ـ وعندئذ وافقت ابنتو، وتمت الخطبة، ثـ أقيمت األفراح، وت

زفاؼ ابنة الراعي إلى ابف الممؾ. سرور، وال يكدر ومرت األياـ وىما يعيشاف في ىناءة و

صفو عيشيما شيء، ولكف ذات يوـ أغار ممؾ مجاور عمى المممكة، فيـز الجند، واستولى عمى العرش، وىرب الممؾ مع ابنو وزوجتو، ولجؤوا إلى ببلد أخرى، وقد تنكروا، حتى ال يعرؼ أمرىـ أحد، وكانوا قد غادروا الببلد عمى

الجواىر. عجؿ، مف غير أف يحمموا شيئا مف الذىب أو وىنا ظيرت قيمة المينة التي كاف ابف الممؾ قد أتقنيا، إذ سرعاف ما عمؿ في صناعة النسيج، وأخذ يكسب الرزؽ لو ولزوجتو وألبيو، وعاشوا في أماف واطمئناف،

فسبحاف مغير األحواؿ.

تعلق: تإكد الحكاة أن قمة اإلنسان لست فما رثه من

ا حسنه من عمل، وه تضرب مال أو ملك، وإنما فممثبل لذلك بابن ملك، وتعتمد الحكاة على تقلب الزمان

Page 422: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 834 -

وتؽر األحوال، إذ زول المال أو الملك، ولكن تبقى المهنة الت تقنها ابن الملك.

ومما ال شك فه أن المهنة هنا لست محض مهنة مارسها صاحبها بصورة آلة، وإنما ه مهنة عرفها حق

فة وتقنها، وبرع فها، وبذلك تؽدو المهنة هنا رمزا المعرللمعرفة والخبرة والمهارة الت مكن أن حملها اإلنسان ف جوانحه حثما حل أو ارتحل" والت ال تنفذ وال تضع،

خبلؾ المال.

والحكاة عفوة جدا، وبسطة، ولها رواة أخرى تختلؾ عنها بعض االختبلؾ.

Page 423: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 835 -

واألخىاد اثالساج

يحكى أف ثبلث أخوات فقيرات كف يعممف معا في غزؿ القطف وبيعو، وكف يعشػف معا بسعادة وسرور، وذات يوـ حط أماـ دارىف جمؿ كبير، فخرجف إليو، يتفرجف عميو. ودنت منو البنت الكبرى، ثـ امتطت ظيره، وأخذت

نو، لتعتمي تمعب ما شاء ليا المعب، إلى أف ممت، فنزلت عسنامو البنت الوسطى، وظمت تميو بو وتعابثو إلى أف ممت، فنزلت عنو، وصعدت إلى سنامو الصغرى، وأخذت تميو كما ليت مف قبؿ شقيقتاىا، ولما أرادت النزوؿ عنو، وجدت نفسيا ممتصقة بو، ال تستطيع الخبلص منو، وحاولت شقيقتاىا مساعدتيا، فما أفمحتا، وكاف قد أقبؿ

ساء، فتركتيا شقيقتاىا، ودخمتا إلى البيت، وىي ما تزاؿ الم ممتطية سنامو.

ونيض الجمؿ، ومضى بالبنت الصغرى، وأخذ يجتاز بيا الفيافي والقفار، حتى بمغ صخرة كبيرة، وقؼ أماميا، وردد بعض الكبلـ، فانفتحت الصخرة، فدخؿ فييا الجمؿ،

غمقت الصخرة. وعمى ظيره الفتاة، ثـ ردد بعض الكبلـ، فان

Page 424: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 836 -

ومضى الجمؿ بالبنت إلى قصر كبير تحت األرض، حيث أنزليا عف ظيره ىناؾ، وسأليا: "ىؿ تريدف أف تصبحي زوجتي أو ابنتي"، فأجابت بأنيا تريد أف تصبح ابنتو، فما كاف منو إال أف التيميا بالكامؿ، ثـ عاد فأخرجيا

مف بطنو، وقاؿ ليا: "أنت اآلف ابنتي". وؼ بيا أرجاء القصر، ويعرفيا عميو، ولفت ثـ أخذ يط

نظرىا زجاجة متميزة، فسألتو عنيا، فأخبرىا أف فييا روحو، ثـ رأت مرآة غريبة، نظرت إلييا فمـ تر فييا صورتيا، ولما سألتو عنيا، أخبرىا أنيا مرآة سحرية، إذا وضعيا أمامو، أو وراءه، تحولت عمى الفور إلى بحر، يفصؿ بينو وبيف

ائو، ثـ ذكرت الصخرة، فطمبت إليو أف يعمميا الكممات أعدالتي يقوليا فتنفتح أو تنغمؽ، فتردد، فتوسمت إليو، ألنيا قد

أصبحت ابنتو، فعمميا الكممات السحرية. وفي اليوـ التالي أراد الجمؿ مغادرة القصر، فسمـ البنت مجموعة مفاتيح، وقاؿ ليا: "افتحي ما شئت مف

ف ال تقربي ىذه الغرفة"، ثـ ودعيا غرؼ القصر، ولك وخرج.

وعمى الفور أسرعت البنت إلى الغرفة التي أوصاىا أال تقربيا، ففتحتيا، ولـ تفتح غرفة سواىا، ولما دخمتيا رأتيا ممموءة بالذىب، فمـ تصدؽ، فمدت يدىا لتممس ما تراه، وتتأكد مف أنو ذىب، فمصقت قطعة ذىب باصبعيا، ولـ

منيا، فاضطرت إلى لؼ إصبعيا بقطعة تستطع الخبلص

Page 425: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 837 -

قماش. وفي المساء جاء الجمؿ، فرأى اصبعيا الممفوفة، فسأليا عف سبب لفيا، فأجابتو بأنيا قد جرحت اصبعيا، فأسرع إلى المطبخ ليسأؿ السكيف والزجاج والصحوف إف كانت أي منيا قد جرحت حقا إصبع البنت، فأجابتو

ؿ، فرجع إلى البنت يسأليا، األشياء كميا بأنيا لـ تفع فاضطرت إلى إخباره بالحقيقة، فعفا عنيا.

وفي صباح اليوـ التالي، أعطاىا مجموعة مفاتيح أخرى، وقاؿ ليا: "افتحي ما شئت مف غرؼ القصر، ولكف

ال تقربي ىذه الغرفة"، ثـ ودعيا وخرج. وبادرت البنت فورا إلى الغرفة التي أوصاىا أال تقربيا،

يا، ولـ تفتح غرفة سواىا، ولما دخمتيا رأت رجبل ففتحتوامرأة، ما يزاالف في ثياب الزفاؼ، وىما بيف الحياة والموت، وأخذا يتوسبلف إلييا يطمباف بعض الطعاـ والماء،

فأسرعت، وأحضرت ليما ما طمباه. وفكرت البنت قميبل، ثـ أسرعت إلى الزجاجة، التي

لى المرآة السحرية فحممتيما، ثـ طمبت فييا روح الجمؿ، وا مف العروسيف أف يتبعاىا، فقادتيما إلى حيث الصخرة، فرددت أماميا الكممات التي عمميا إياىا الجمؿ، فانفتحت،

فخرجت مع العروسيف. وأخذ الثبلثة يجروف راكضيف، ولكف فجأة برز ليـ

Page 426: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 838 -

الجمؿ، وطمب مف البنت أف ترد إليو الزجاجة التي فييا ال قتؿ العروسيف، فردتيا إليو، فطمب منيا المرآة، روحو، وا

فمـ تفعؿ، وفي تمؾ األثناء كاف العروساف قد ىربا، ولما أراد الجمؿ المحاؽ بيما، ألقت بينو وبينيما المرآة، فتحولت إلى بحر كبير، فالتفت إلييا الجمؿ وقاؿ: "لقد نجا

العروساف، ولكف وقعت أنت". ه أف يعيدىا إلى شقيقتييا، وتوسمت البنت إليو، ترجو

وأكدت لو أنيا اليمكف أف تعيش معو، فعرض عمييا أف ما أف تصبح حمامة تختار، إما أف تصبح كمبة عرجاء، وا بيضاء، ففكرت قميبل، ورأت أال تصبح حمامة بيضاء، حتى

ال يطاردىا الصيادوف، واختارت أف تصبح كمبة عرجاء. االختيار، ألف وضحؾ الجمؿ، ثـ قاؿ ليا: "أحسنت

سحري سيزوؿ عنؾ، وترجعيف فتاة حسناء عمى شرط أف يتزوجؾ ابف الممؾ.

ثـ رجتو أف يسمح ليا أف تحتفظ بما عمؽ باصبعيا مف ذىب، فقاؿ ليا: "ىو لؾ، بؿ خذي مف الذىب ما

تشائيف". وىكذا تحولت البنت إلى كمبة عرجاء، وأخذت تنتقؿ

البمد التي كانت فييا مع مف بمد إلى بمد، حتى وصمت إلى شقيقتييا، وأسرعت إلى بيتيا، وكاف مف الطبيعي أف تطردىا شقيقتاىا، ألنيما لـ تعرفاىا، ومف يؤوي عنده كمبة

عرجاء؟

Page 427: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 839 -

واضطرت الكمبة العرجاء إلى النوـ في ظؿ الجدار، قريبة مف بيتيا، لترى شقيقتييا، صابرة عمى ما تمقى مف

ما يرمي إلييا مف فضبلت. األوالد مف أذى، مكتفية بوذات يوـ دخمت بستانا لتروح عف نفسيا، وتنعـ ببعض الظؿ، وأخذت قطعة الذىب العالقة بإصبعيا، وبدأت تقذفيا، وتجري في إثرىا، تتسمى بيا وتميو، ثـ ما لبثت أف تركتيا، وقعدت حزينة، وأخذت تبكي وتنوح، وىي

الصغرى، آه لو تقوؿ: "آه لو تعرؼ شقيقتاي أني أختيما تذكر شقيقتاي الجمؿ الذي حط أماـ دارنا "آه لو تعمـ شقيقتاي أنو ىو الذي أوصمني إلى ىذه الحاؿ، ولكف أيف

لي بابف ممؾ يتزوجني ليزوؿ عني السحر؟" وبينما ىي عمى ىذه الحاؿ تنبيت إلى حركة، فقفزت ذا مذعورة، لترى شابا وسيما يتقدـ نحوىا، فأخذت تعدو، وا بالشاب يميؿ عمى األرض ليمتقط قطعة الذىب التي كانت تميو بيا، ثـ يأخذىا ويمضي إلى داخؿ قصر كبير،

والحرس يؤدوف لو التحية، وينحنوف لو باحتراـ. وتنبيت إلى المكاف، فعرفت أنيا كانت في حديقة

الممؾ، وأدركت أف ىذا الفتى الشاب ىو ابف الممؾ. ارىا، لتناـ عمى ورجعت إلى مأواىا في ظؿ د

الرصيؼ، وتتمقى ما كانت تتمقاه مف أذى األوالد. ولكنيا، عند انتصاؼ الميؿ، قررت أف تسترد قطعة الذىب التي

Page 428: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 841 -

سرقيا إياىا ذلؾ الفتى الشاب، وما كاف منيا إال أف تسممت خمسة إلى القصر، ودخمت إلى غرفتو، فرأت قطعتيا

تيا، وخرجت الذىبية قد وضعيا إلى جانب وسادتو، فخطفتعدو وتنبو إلييا ابف الممؾ، فأسرع إلى شرفتو، فرأى الكمبة العرجاء تعدو حاممة قطعة الذىب، فتركيا تغادر بوابة

القصر، ولـ يناد الحراس. وفي صباح اليوـ التالي أخبر أمو بقصة الكمبة العرجاء، وأكد أنو يريد الزواج منيا، وطمب مف الحرس أف

ا، مف غير أف يؤذوىا، ولما استدلوا عمى يستدلوا عمى مكاني مكانيا، أرسؿ أمو لخطبتيا.

وتقدمت األـ إلى الشقيقتيف، تطمب منيما الكمبة العرجاء التي تناـ تحت جدار دارىما، لتكوف زوجة البنيا الممؾ، فسخرت منيا الشقيقتاف، وقالتا ليا: "ىي لؾ، خذييا

مف غير إذف وال سؤاؿ". سوداء ترى ذلؾ كمو وتسمعو، فمما وكانت الكمبة ال

اقترب الحرس بتوجيو مف الممكة، انقادت ليـ، وسارت معيـ إلى القصر.

وتـ زفاؼ الكمبة السوداء إلى ابف الممؾ، ولما كاف الصباح، دخؿ عمى ببلط الممؾ حيث الوزراء وكبار القضاة عروساف شاباف، ىما ابف الممؾ وعروسو الحسناء، وقد زاؿ

لسحر. عنيما ا

Page 429: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 840 -

ثـ دعت العروس إلى القصر شقيقتييا لتعيشا معيا في ىناء وسرور. تعلق:

تإكد الحكاة ما لقاه الفقر من شقاء ف حاته، وهو شقاء صعب، قوده إلى المرور بحاالت كثرة من العناء والبإس واأللم، وكؤنها مصهر لجسمه، أو مطهر لروحه،

بدة. تنته به ف الختام إلى سعادة أوبلحظ أن المرأة هنا ه الت تعان، مما دل على أن الحكاة موجهة إلى المرأة، ومعبرة عنها أضا، فه موجهة إلها لتلقنها درسا علمها الصبر والتضحة أمبل ف الوصول إلى الخبلص، وه معبرة عن معاناتها وشقابها

وال سما الفقرة. رة، وبعض عناصرها وف الحكاة تنوعات كث

متكررة ف حكاات أخرى، حتى لتبدوا تركبا من عدة حكاات، والبنة الثبلثة واضحة فها بصورة جلة،

وتتكرر أضا ثبلث مرات.

Page 430: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 842 -

أوالد اه

كاف ألحد المموؾ ثبلثة أوالد، رباىـ فأحسف تربيتيـ، وبة، ولما حضرتو الوفاة أخبرىـ أنو ترؾ ليـ وصية مكت

يقسـ فييا أمبلكو بينيـ، ولكنو أوصاىـ أال يفتحوىا إال بعد ذا لـ يرضو بما قسـ ليـ، فما عمييـ إال أف وفاتو، وا

يحتكموا إلى أحد القضاة. ومات األب، وأسرع األوالد إلى تجييزه وتشييعو، ثـ بادروا إلى الوصية، ففتحوىا، فإذا ىي تنص عمى أف تكوف

لمولد األكبر، والماؿ واألغناـ لمولد عدة الحرب والسبلحاألوسط، والحاشية والخدـ لمولد األصغر، واستاء األوالد مف

تمؾ القسمة، وقرروا المضي إلى القاضي ليحكـ بينيـ. وبينما كاف األوالد في الطريؽ، صادفيـ أعرابي سأليـ عف جمؿ كاف قد أضاعو، فقاؿ الولد األكبر: "ىؿ كاف

لعسؿ، عمى الجانب األيمف، وبالدقيؽ عمى جممؾ محمبل باالجانب األيسر؟ فقاؿ األعرابي: "نعـ، إنو ىو أيف وجدتو؟

دلني عميو".

Page 431: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 843 -

وتدخؿ الولد األوسط، وسأؿ األعرابي: "وىؿ كاف جممؾ أعور؟ "فأجاب" نعـ، إنو ىو، أيف وجدتو؟ دلني عميو"، وتكمـ الولد األصغر، فسألو: "وىؿ كاف جممؾ

ؿ؟ "فدىش األعرابي، وتأكد لديو أف اإلخوة مقطوع الذيالثبلثة قد رأوا الجمؿ، وأنيـ خبؤوه بحيث ال يراه، فأقسـ أال يتركيـ حتى يردوا عميو جممو، فأكد لو اإلخوة الثبلثة أنيـ لـ يروا الجمؿ، ولكف األعرابي لـ يصدقيـ، فأخبروه أنيـ ذاىبوف إلى القاضي، وما عميو إال أف يصحبيـ، ليحكـ

بينو وبينيـ. وسأؿ القاضي األوالد عف أمر الجمؿ، كيؼ وصفوه، مف غير أف يروه، فأجاب األكبر: "رأيت عمى الطرؼ األيمف مف الطريؽ الذباب وىو يتبع آثار العسؿ، وعمى الطرؼ األيسر رأيت ذرات طحيف، فعرفت أف الجمؿ كاف يحمؿ عسبل ودقيقا، وتكمـ األوسط فقاؿ: "رأيت العشب

مى جانب مف الطريؽ ناميا، لـ يدس ولـ يؤكؿ عمى حيف عكاف العشب عمى الجانب اآلخر خبلؼ ذلؾ، فعرفت أف الجمؿ أعور". وتكمـ الولد األصغر، فقاؿ: "رأيت بعر الجمؿ متناثرا دوف انتظاـ، فعرفت أف الجمؿ مقطوع الذيؿ". وعندئذ قاؿ القاضي: "لقد صدؽ األوالد فيما نطقوا،

مف غير شؾ لـ يروا الجمؿ ولـ يسرقوه، وما عميؾ إال وىـ أف تمضي فتبحث عف جممؾ".

ثـ التفت القاضي إلى األوالد، ودعاىـ إلى النزوؿ في

Page 432: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 844 -

ضيافتو، ولـ يسأليـ عف حاجتيـ، وفؽ تقاليد الضيافة العربية، إذ ال يسأؿ الضيؼ عف حاجتو إال بعد ثبلثة أياـ.

ا خروفا، وجيزوا وأوصى القاضي الخدـ، فأعدو الطعاـ، وحضرت المائدة، ولـ يدعيـ القاضي، بؿ تقدـ، وتركيـ يتقدموف مف الطعاـ، مف غير دعوة، وتناوؿ كؿ منيـ بضع لقيمات، ثـ نفضوا أيدييـ، وتكمـ األكبر، فقاؿ: "ىذا الخروؼ رضع مف كمبة"، وتكمـ األوسط، فقاؿ: "ىذا

صغر فقاؿ: "صاحب الخبز أعدتو امرأة حائض"، وتكمـ األ المأدبة ابف زنى".

فغضب القاضي، وقاؿ: "ما ساءني شيء بقدر ما ساءني قوؿ الثالث"، وصمت ىنيية، ثـ قاؿ: "ىاتوا،

أوضحوا لي مصداؽ كبلمكـ". وتكمـ األكبر، فقاؿ: "الدىف في لحـ الخروؼ يطفو عمى وجو المرؽ، أما دىف الكمب فيرسب في القاع، وانظر

ىنا، كيؼ ىو؟ "وتكمـ األوسط، فقاؿ: "رائحة إلى الدىف الخبز متغيرة، بسبب تغير رائحة العرؽ في جسـ المرأة التي

عجنتو ورقتو وخبزتو، ألنيا حائض". ودعا القاضي الخادـ، وسألو عف الخروؼ، فأجابو: "لقد ماتت أـ ىذا الخروؼ فرضع مف كمبة الراعي"، وأرسؿ

أنيا حائض.وراء المرأة، فسأليا: فأجابت بثـ أسرع القاضي إلى أمو، وناشدىا اهلل إال أف تعترؼ،

Page 433: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 845 -

وبعد تردد، أجابت: "كاف أبوؾ يرغب في ولد يرثو، وال يعرؼ أنو عاقر، وقد ىددني بالزواج مف امرأة أخرى إف لـ

أنجب، فكاف ما كاف". ورجع القاضي إلى األوالد الثبلثة، وقاؿ ليـ: "لقد

وقبؿ أف يسألوه عف حاجتيـ، قاؿ صدقتـ في كؿ ما قمتـ"ليـ "أرجوا أال تسألوني، فأنتـ أذكى مف أف تحتاجوا إلى

سؤاؿ أحد، اذىبوا فحموا أموركـ بأنفسكـ". ورجع األوالد مف حيث أتوا، راضيف بما قسـ ليـ

والدىـ، وعاشوا معا في سعادة وىناءة وسرور. تعلق:

األوالد، وإثارة الؽاة األولى من هذه الحكاة تعلم ملكة التفكر لدهم، بما تطرحه من ألؽاز.

والحكاة مبنة على إدراك الباطن من خبلل الظاهر، والؽابب من خبلل الحاضر، ومبدإها العرافة، أي معرفة طباع الشخص من مبلمح وجهه، والقافة، أي معرفة

المإثر من بقاا األثر.

ة ثبلث مرات، ف والبنة الثبلثة تتكرر ف الحكااألوالد الثبلثة، ووصفهم الجمل، ووصفهم الطعام وصاحبه، وه بنة شابعة ف كثر من الحكاات، وه راسخة ف الوجدان اإلنسان، ولعل مرجعها إلى التكون

الثبلث لؤلسرة، المإلفة من األب واألم والولد.

والحكاة تتوهم حضور الذكاء ف الملوك والقضاة ؼناء، ومرجع ذلك إلى ما لهإالء من سطوة وقوة واأل

وسلطة، كما تتوهم الؽباء ف األعراب، لفقره وضعفه، ولس الحال كذلك ف الواقع، بل لعله على األؼلب خبلؾ

ذلك.

Page 434: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 846 -

ولهذا جب أن نصرؾ الذهن إلى أن أولبك األوالد لسوا أذكاء ألنهم محض أوالد الملك، وإنما هم أذكاء

ا تلقوا من تربة وتعلم وتدرب، وهذا ما تنص بفضل م عله الحكاة منذ البدء.

Page 435: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 847 -

اغىي واألخىاد اثالس يحكى أف امرأة فقيرة كاف ليا ثبلث بنات، ولـ يكف عندىا شيء تممكو سوى دجاجة وكيس طحيف وتنور، فمما حضرتيا الوفاة، قسمت كؿ ما تممكو في بناتيا، فأعطت

لتنور، والوسطى كيس الطحيف، والصغرى الكبرى ا الدجاجة.

وعاشت البنات الثبلث معا، يتساعدف عمى أمور العيش، ولكف الوسطى كانت دائما تكيد لمصغرى، ألنيا

حظيت بالدجاجة. وذات يوـ ذىبت األخوات الثبلث إلى الحماـ، وفي الطريؽ ادعت الوسطى أنيا نسيت المشط، وعرضت عمييا

ف تعطييا مشطيا، ولكنيا أصرت عمى العودة إلى الكبرى أالبيت إلحضار مشطيا الخاص، وىكذا مضت األختاف الكبرى والصغرى إلى الحماـ، عمى حيف رجعت الوسطى إلى البيت، وبادرت إلى دجاجة أختيا، ففصمت رأسيا عف

جسدىا، ثـ رمت بو إلى الكبلب، ورجعت إلى الحماـ. جت األخوات مف الحماـ، وبعد ساعة أو ساعتيف، خر

Page 436: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 848 -

وأسرعت الصغرى إلى دجاجتيا لتطعميا فمـ تجدىا، ورأت باب الخـ مفتوحا.

فسألت أختيا عنيا، فأجابتيا: "ال شؾ في أنيا سقطت في البئر"، ثـ اقترحت أف تربطيا بحبؿ، لتنزؿ إلى البئر،

فتخرج الدجاجة. وتعاونت الكبرى والوسطى في ربط أختيما الصغرى،

خذت تنزؿ إلى البئر، ولكف الوسطى أفمتت الحبؿ، فيوت وأ األخت.

وكانت البئر واسعة، وفي قاعيا مصاطب، وشاءت األقدار أال تصاب األخت بأذى، وقعدت عمى المصطبة، تنتظر الفرج، وبينما ىي كذلؾ إذ خرج ليا غوؿ كبير، حمميا ومضى يقطع بيا الفيافي والقفار، حتى بمغ قصرا

ىناؾ سأليا إف كانت ترغب في أف تكوف أختو أو فخما، و ابنتو أو زوجتو، فاختارت أف تكوف ابنتو، فأعطاىا مفاتيح القصر، وقاؿ ليا: تمتعي بما شئت مف ثياب أو طعاـ أو

جواىر، ولكف ال تفتحي تمؾ الغرفة"، ثـ ودعيا، وغاب. وأخذت تفتح غرؼ القصر غرفة غرفة، وتنتقي أفخر

ب، وتأكؿ أشيى ما تحب مف طعاـ، وتتحمى ما ترى مف ثياباألساور والعقود، حتى بمغت الغرفة التي أوصاىا بعدـ فتحيا، فترددت ىنيية، ولكنيا ضعفت، فبادرت إلى فتحيا، فرأت أكواما مف الذىب، لـ تصدؽ أنو ذىب، فممستو

Page 437: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 849 -

فإصبعيا، فعمقت بيا قطعة منو، ولـ تتمكف مف الخبلص ش. منيا، فمفتيا بالقما

وفي المساء حضر الغوؿ، فرأى إصبعيا، فسأليا، فأخبرتو أنيا مجروحة، فسأؿ الصحوف والمبلعؽ والسكاكيف، فأجابتو بأنيا لـ تجرح إصبعيا، فعرؼ عندئذ أنيا قد فتحت الغرفة، فقاؿ ليا: "الذىب ىو لؾ، فخذي منو

ما شئت" ففرحت بذلؾ فرحا شديدا. ، بينما ىي في حديقة القصر، إذ مرت بيا وذات يـو

، ليأكمؾ في الغد"، وزة، فقالت ليا: "ىذا الغوؿ يربيؾ اليـوفحزنت البنت وأخذت تبكي، وجاء الغوؿ، فرآىا عمى ىذه الحاؿ، فسأليا عف السبب، فأخبرتو بما قالت ليا الوزة، فأكد ليا أف ذلؾ غير صحيح، ثـ لقنيا قوال آخر، وىو أف الغوؿ

في يوـ عرس ابف السمطاف، وفي اليـو يربي الوزة ليذبحيا التالي ردت البنت عمى الوزة بمثؿ ما أخبرىا بو الغوؿ،

فحزنت الوزة، وأخذت تبكي. وفي يوـ آخر، بينما ىي في حديقة القصر، إذ مر بيا ابف السمطاف، فأعجب بجماليا، وقرر الزواج منيا، ورجع

اضطرت إلى إلى أمو يخبرىا بقراره، فدىشت األـ، ولكنياتمبية رغبة ابنيا، ومضت في اليوـ التالي إلى قصر الغوؿ، فقرعت الباب، فخرجت إلييا البنت نفسيا، إذ لـ يكف الغوؿ موجودا، فسألتيا عف قصدىا، فأخبرتيا برغبة ابنيا في الزواج منيا، ثـ طمبت أف تسأؿ الغوؿ عما يطمبو ميرا ليا.

Page 438: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 851 -

رغبة ابف السمطاف في ولما رجع الغوؿ أخبرتو البنت بالزواج منيا، وسألتو عما يطمب فأخبرىا إنو يطمب دجاجة

وفراخيا مف ذىب خالص. وفي اليوـ التالي جاءت األـ تسأليا، ورجعت إلى ابنيا تخبره بطمب الغوؿ، وعمى الفور حمؿ سيفو وعشر دجاجات مشوية ومشطا، ثـ امتطى فرسو وانطمؽ، حتى

يا غوؿ شرس، دخؿ عميو، فألقى بمغ مغارة موحشة، يسكنالسبلـ، ثـ بادر إلى شعره فأخذ يمشطو، ثـ ألقمو دجاجة مشوية، وبعد ذلؾ سألو أيف يمكف العثور عمى دجاجة وفراخيا مف الذىب الخالص، فدلو الغوؿ عمى أخ أكبر منو

عمرا وأكثر حكمة. وانطمؽ ابف السمطاف إلى الغوؿ الثاني، وبادرة

أخذ يمشط شعره، ثـ ألقمو دجاجة مشوية، ثـ بالسبلـ، ثـ سألو السؤاؿ نفسو، فدلو عمى أخت لو أكبر منو عمرا وأكثر

منو حكمة. وانطمؽ ابف السمطاف إلى الغولة، وبادرىا بالسبلـ، ثـ أخذ يمشط شعرىا، ثـ ألقميا دجاجة، ثـ سأليا السؤاؿ

أف نفسو، ثـ دلتو عمى مغارة يقؼ في بابيا عمبلؽ، عميويأمره فور وصولو إلى المغارة بإحضار الماء لمفرس، حتى إذا التفت العمبلؽ ليحضر الماء، فعميو أف يضرب عنقو بالسيؼ ضربة واحدة، ثـ يدخؿ المغارة، وعندئذ سيجد الدجاجة وفراخيا مف ذىب خالص، وعميو بعد ذلؾ أف

Page 439: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 850 -

يحضر الرأس والدجاجة والفراخ إلييا. ى المغارة، ونفذ ما أوصتو بو وأسرع ابف السمطاف إل

الغولة، ورجع إلييا يحمؿ رأس العمبلؽ، ثـ مضى بالدجاجة وفراخيا إلى قصر الغوؿ.

وما ىي إال أياـ حتى تـ زفاؼ البنت إلى ابف ـ ذبح الوزة، السمطاف، فأقيمت األفراح، ونصبت الموائد، وت

وقدمت عمى المائدة طعاما البف السمطاف وزوجتو. ق: تعل

تإكد الحكاة ما لقاه الفقر من عناء وشقاء وما مر به من تجارب صعبة حتى صل ف النهاة إلى السعادة وبلحظ أن السعادة ؼالبا ما تتمثل ف زواج البابس الفقر من أمرة رث عرش أبها، أو فقرة بابسة تزوجها ابن ملك، وف األحوال كلها تظل صورة القصر وكرس

رش والملك ه الممثلة للسعادة، ومثل هذه الصورة ال العمكن أن تفهم على أنها محض ملك وقصر، وإنما ه رمز للقوة والسلطة والقدرة على الفعل وممارسة الحاة

وتحقق الوجود.

وبلحظ أن الذي ردؾ ذلك كله، بل الذي حركه هو رة الحب، أو بتعبر أدق اإلعجاب، إذ رى ابن الملك فق

عجب بها، فقرر الزواج منها، أو ترى ابنة الملك فقرا فتعجب به وتقرر أضا الزواج منه.

وف الحاالت كلها تظل الطرق إلى تحقق الخبلص محفوفا بمخاطر ومهالك كثرة، وال تحقق الخبلص إال

بقوى سحرة ؼربة.

وهذه الحكاة ال تختلؾ عن ذلك، وتظهر فها البنة بلثة واضحة، وه تتكرر ثبلث مرات، ف البنات الث

الثبلث، وف األشاء الثبلث الت ورثتها، وف الؽوالت

Page 440: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 852 -

الثبلث.

Page 441: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 853 -

اخشصح اضسلبء

يحكى أف أحد المموؾ كاف لو ولد وحيد، رباه فأحسف تربيتو، وكاف يعده ليرث الممؾ مف بعده، ويتمنى أف يزوجو

كنو شاءت األقدار أف يموت الممؾ قبؿ أف يحيف أجمو، ولقبؿ تحقيؽ أممو، فورث ابنو مف بعده الممؾ، وشغؿ بأمور الببلد والعباد، وكاف كمما عرضت عميو أمو أمر الزواج

طمب منيا التريث. وذات يوـ ألحت عميو، وأكدت لو أف أمور الحكـ وشؤوف الببلد وقضايا الناس ال تنتيي، ويجب أال تشغمو

ج، فصارحيا بأنو سمع كثيرا عف خيانة النساء، عف الزواوأنو ال يكاد يثؽ بواحده منيف، فأكدت لو أنيا ستبحث لو عف ذات األخبلؽ، فقبؿ مضطرا، وطمب أف تشترط عمى

العروس الطبلؽ إذا لـ تعجبو أخبلقيا. واىتدت األـ إلى فتاة جميمة، عرؼ أىميا بالخمؽ

ابنيا الممؾ خرزة زرقاء، القويـ، وكاف الزفاؼ، وكاف لدى إذا وضعيا عمى صدر النائـ، تكمـ بكؿ ما يخفيو مف أسرار، وفي الميؿ وضع عمى صدر عروسو تمؾ الخرزة،

Page 442: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 854 -

فأخذت تتكمـ بأشياء وأشياء لـ يتوقع سماع مثميا، ولذلؾ أعمف في الصباح طبلقيا.

ومرت األياـ، تمتيا السنوف واألعواـ، واألـ تمح عمى واج ثانية، وىو يأبى، إلى أف وافى األـ األجؿ، الولد بالز

فأصبح وحيدا ال يرعاه أحد. وذات يوـ خرج إلى الصيد مع بعض الخدـ، فرأى غزالة، طاردىا، ففرت منو، وظؿ يتبعيا، حتى وجد نفسو وحيدا في أرض خبلء، وقد أضاع خدمو، ثـ تمفت حولو،

و شيخ عجوز، فرأى خيمة بعيدة، فقصدىا فخرج إلى استقبالرحب بو أجمؿ ترحيب، وكانت لديو ثبلث بنات صبايا، عداد الطعاـ، ووجد الممؾ في البنات طمب منيف ذبح شاة وا الخفر والحياء، وقد ماؿ قمبو إلى الصغرى، فخطبيا مف

أبييا، وكاف الزفاؼ. وفي الميؿ، والعروس نائمة، وضع الممؾ عمى صدرىا

ال عف والدىا وأخواتيا والشياه، الخرزة الزرقاء، فما تكممت إفاطمأف قمبو، وىكذا ظؿ عمى ىذه الحاؿ، يضع عمى صدرىا الخرزة، فبل يسمع إال ما يسره ويرضيو، فاطمأف

إلييا، وسعد بيا. وذات يوـ دعاه ممؾ أحد الببلد إلى زيارتو، فودع

زوجتو، ومضى مطمئنا، ولـ يعف عمى بالو أي خاطر. رة في شرفة القصر، لتسمي نفسيا، وفي غيابو وقفت م

Page 443: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 855 -

فممحيا رجؿ عابر، فياـ بيا حبا، وسعى إلى لقائيا، وىي ال تدري مف أمره شيئا، فأرسؿ إلييا عجوزا، حدثتيا عنو، فصدتيا، وردتيا، ولكنيا عادت مرة بعد مرة، تؤكد رغبة ذلؾ الرجؿ في لقائيا، فأثارت فضوليا، ورغبت في اكتشاؼ

، وىكذا وافقت، ال عف قناعة ورضا، ولكف ىذا المجيوؿعف حب االطبلع والمعرفة، ولكنيا اشترطت عمى العجوز أف يحفر ذلؾ الرجؿ سردابا مف بيتو إلى قصرىا، تمر فيو

مف غير أف يراىا أحد، فنقمت رغبتيا إليو، فوافؽ. وخبلؿ أقؿ مف شير كاف السرداب جاىزا، وىكذا

ذا عبرت مف قصرىا في السردا ب، حتى بمغت دار الرجؿ وا ىي قصر منيؼ، ال يقؿ عف قصر الممؾ جماال، وكاف الرجؿ تاجرا مف كبار التجار، وقد أعد ليا مائدة ال أشيى منيا وال أطيب، فرحب بيا أجمؿ ترحيب، ثـ دعاىا إلى الطعاـ والشراب، فكانت تتظاىر بتناوؿ كؿ ما يقدـ إلييا،

شرابو مادة منومة، فإذا ىو ثـ غافمتو، ووضعت في كأسيستسمـ إلى نوـ عميؽ، فحممتو، ووضعتو في إحدى

الغرؼ، وأقفمت عميو الباب، ثـ رجعت إلى قصرىا. ومرت األياـ، ورجع الممؾ لمقصر، وكعادتو، وضع عمى صدر زوجتو وىي نائمة الخرزة الزرقاء، فأخذت تتكمـ

تشاء بما أذىمو، وفي الصباح طمب منيا أف تحمؿ ما وتغادر القصر، دوف أف تسأؿ عف السبب، فانصاعت إلى

األمر، وخرجت ال تحمؿ شيئا.

Page 444: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 856 -

ونزلت إلى السوؽ، فباعت بعض أساورىا الذىبية، ثـ اشترت ثياب رجؿ، وارتدتيا، ثـ أخذت تطوؼ عمى التجار، حتى التفت تاجرا رأت فيو مبلمح الوقار والتقى، فعممت

عنده أجيرا. ف أساليب البيع والشراء، وتعرؼ ما ىو رائج وأخذت تتق

في السوؽ وما ىو كاسد، ثـ باعت ما تبقى لدييا مف أساور، واشترت دكانا، وأخذت تعمؿ تاجرة لحسابيا

الخاص، وىي ما تزاؿ في زي رجؿ، ال يعرفيا أحد. واستطاعت يوما بعديوـ أف تحرز مزيدا مف الربح

ت سمعتيا، وذات يـو والنجاح، فتوسعت تجارتيا، وطار زارىا الممؾ نفسو يريد شراء بعض الحاجات، فأكرمتو أي إكراـ، وعرضت عميو الصداقة، فسر الممؾ بيا أشد السرور، وىو ال يعرفيا، وقد ظنيا واحدا مف أولئؾ التجار

الشباب. ثـ دعاىا الممؾ إلى القصر، فمبت الدعوة، وجمست

تو إلى زيارتيا، فتقبؿ إلى مائدتو، ثـ قبؿ أف تودعو دعالدعوة، وكانت قد اشترت دار التاجر نفسو الذي أراد التغرير بيا، وأبقتو محبوسا في غرفتو، وعينت خادما

يرعاه.

وفي الموعد حضر الممؾ، وكانت قد أعدت لو مائدة

Page 445: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 857 -

ال نظير ليا، وأخذت تحدثو وتؤانسو، ثـ أخذت تستدرجو ف كاف لو زوجة؟ في الحديث، وتسألو عف سبب وحدت و، وا

فتألـ وباح ليا بأسراره، وحدثيا عف زوجتو التي خانتو في غيابو.

ثـ أخذت تطوؼ بو أرجاء القصر، وتفتح غرفو واحدة بعد أخرى، ليرى ما فييا مف فرش وأثاث، حتى إذا بمغت الغرفة التي كانت قد حبست الرجؿ فييا، ولما فتحتيا ورأى

وسأليا أف تحدثو عف أمره. الرجؿ المحبوس فييا، دىش،وعندئذ حدثتو عف كؿ ما كاف، وخمعت زي الرجؿ، ذا ىي زوجتو، فاعتذر إلييا، وأعادىا إلى قصره، ليعيشا وا

بقية العمر في سعادة وسرور. تعلق:

تإكد الحكاة حرص الرجل على أن تكون زوجته عففة محصنة، ومرجع هذا الحرص إلى قمة العفة

لوفاء، ولكنه قود ف بعض الحاالت إلى قدر والشرؾ واؼر قلل من التجن والظلم، حث تتحول الوسلة إلى

ؼاة، وتنسى الؽاة.

وتدل الحكاة على أن عفة المرأة أمر تقرره ه، وال فرض علها، وكما تدل على أن العفة حالة داخلة،

ولست شكبل خارجا.

خترق العفة هو الرجل، وتشر الحكاة إلى أن الذي وأن الذي صونها حققة هو المرأة.

والحكاة تنتصر للمرأة، وتإكد قدرتها على صون نفسها، وحماة عفتها، وتحقق ذاتها، والعمل ف مجاالت الحاة كافة، ولس بالضرورة وراء جدران القصر، بل

Page 446: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 858 -

تإكد إمكان تفوقها على الرجل، وقدرتها على إخراجه من زلته ووهمه. إسار ع

كما تدل الحكاة على نقاء الحاة ف الرؾ والبداوة، حث العفة، وفساد حاة المدنة، حث تخترق العفة، وثور

الشك.

Page 447: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 859 -

اذطبة واألفؼ

يحكى أف أحد الرجاؿ كاف يعمؿ حطابا، وكاف يحمؿ كؿ يوـ فأسو، ويمضي إلى الغابة، ليقتطع بيا بعض

يرجع إلى المدينة، فيبيعيا، ويشتري ألوالده األحطاب، ثـ الطعاـ.

وكاف مف عادتو أف يحمؿ معو نايا، وبعد أف يقتطع األحطاب، يقعد في ظؿ شجرة ليستريح، ويأخذ بالعزؼ

عمى الناي ليسمي نفسو، ويريحيا مف عناء العمؿ. ، بينما ىو في الغابة، ىطؿ مطر شديد، وذات يـو

الناي، وبدأ يعزؼ عميو، فبرزت لو فأوى إلى كيؼ، وأخرج مف جحر أمامو أفعى، وأخذت تقترب منو شيئا فشيئا، وىي تتمايؿ نشوى، فمما دنت أكثر، ذعر، وتوقؼ عف العزؼ. وانتفضت األفعى، فإذا ىي صبية حسناء، تقوؿ لو:

"اعزؼ، وال تخؼ"، فأخذ يعزؼ، والصبية الحسناء قاعدة عمى األرض

ى عزفو بكؿ جوانحيا، وىو يستوحي مف أمامو، تصغي إل

Page 448: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 861 -

حسنيا أجمؿ األلحاف، حتى إذا ما تـ العزؼ، وىـ بالنيوض، رمت إليو بصره فييا دنانير ذىبية، ورجتو أف

يأتي إلى المكاف نفسو، لتستمتع بعزفو. وىكذا أخذ الحطاب يأتي كؿ يوـ إلى الكيؼ، فيعزؼ،

ى صبية فتخرج لو األفعى، ثـ ما تمبث، حتى تنقمب إلحسناء، فتصغي إلى عزفو، ثـ ترمي لو بصرة نقود، ثـ

تنقمب أفعى وتعود مف حيث أتت. وظؿ الحطاب واألفعى عمى ىذه الحاؿ، أشيرا، ىو يعزؼ، وىي تطرب، وقد تعاىدا عمى أف يكونا أخويف، ال

يجمعيما سوى نغـ الناي الحزيف. مى وذات يوـ أراد الحطاب أف يؤدي الحج، فدؿ ابنو ع

موضع الكيؼ، وأوصاه بتمؾ الحسناء خيرا، وأكد لو أنيا كانت لو بمنزلة األخت، وأنو لـ يمسيا، ونصح لو أف يحفظ ما بينيما مف عيد، وأف يحفظيا مثمما حفظيا ىو، وال يفكر

ال خسر. بنيؿ شيء منيا، وا ومضى الشاب إلى موضع الكيؼ، وأخذ بالعزؼ عمى

ذا الحسناء تظير لو، فأذىمو حسنيا، ولكنو ذكر الناي، وا نصيحة أبيو، فنيى نفسو عف اليوى، وأخذ يصب كؿ أحاسيسو في نايو، ولما فرغ مف العزؼ، شكرت لو الحسناء عزفو الجميؿ، ثـ رمت لو بصرة دنانير ذىبية، وانصرفت

مف حيث أتت.

Page 449: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 860 -

وىكذا استمر الفتى عمى ىذه الحاؿ ولكنو يوما بعد إلييا، ويشعر برغبة في أعماقو، يوـ، كاف يحس بميؿ

وذات يـو راودىا عف نفسيا، فذكرتو بما بينيا وبيف أبيو مف عيد، ونصحت لو أال يقترب منيا، ولكف ىواه غمبو، فيـ بيا، فإذا ىي تنقمب أفعى، فتشبث بيا، وشد عمييا قبضتو، ذا ذيميا ينقطع، ولكنيا اندفعت تريد الخبلص منو، وا

فخت فيو، فإذا ىو قد استحاؿ رمادا. فالتفتت إليو، ونومرت األياـ، ورجع األب مف الحجاز، فمـ يجد ابنو بيف المستقبميف، فحمؿ نايو ومضى إلى الكيؼ، وأخذ يعزؼ، فخرجت إليو الحسناء، وىي تعرج، فدىش، ولما سأليا عف األمر، أخبرتو بما كاف مف ولده، ثـ اعتذرت

نو ال يمكنيما أف يستمرا إليو، وىمت بالمضي، مؤكدة لو أعمى نحو ما كانا عميو مف قبؿ، فيو ال يمكنو أف ينسى

ولده، وىي ال يمكنيا أف تنسى ذيميا. وأكد ليا الرجؿ وفاءه، وأسفو عمى ما كاف مف ولده، ووعدىا أف يظؿ عمى عيده، يأتي كؿ يوـ ليعزؼ ليا،

نت كعادتو، فأخبرتو أنيا لـ تعد قادرة عمى إعطائو ما كاتعطيو إياه مف قبؿ، ثـ أخبرتو أنيا ابنة ممؾ الجاف، وكانت كنوز أبييا تحت يدىا، ولما رأى رجميا قد قطعت وعرؼ عبلقتيا مع اإلنس، نقـ عمييا، وطردىا مف قصره، فيي اآلف مشردة، وال تممؾ شيئا، فأكد الرجؿ أنو ال يريد منيا

سوى أف تصغي إلى عزفو.

Page 450: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 862 -

فاء، قدمت إليو ذيميا المقطوع، ولما رأت منو ذلؾ الو ثـ طمبت منو أف يغرسو في فناء الدار، وسيرى ما يسره.

وىكذا حمؿ الرجؿ الذيؿ، وغرسو في فناء الدار، وظؿ كعادتو، يمضي كؿ يوـ إلى الكيؼ، فيقعد ساعات وساعات، يعزؼ لتمؾ الصبية الحسناء، وىو ال يريد منيا

شيئا. يؿ المغروس في فناء الدار، ولكف ذات يوـ فوجئ بالذ

قد نبت في موضعو شجرة صغيرة، أخذت تنمو شيئا فشيئا حتى طالت، ثـ تفتحت عف جوىرة كبيرة، قطفيا، ونزؿ بيا

إلى السوؽ، فباعيا واشترى بثمنيا الطعاـ والثياب. وفي كؿ يوـ كانت الشجرة تزىر جوىرة، يبيعيا، حتى

يف، وأصبح مف اغتنى الحطاب، وامتمؾ محبلت ودكاك كبار التجار.

وظؿ عمى عيده مع الجنية الحسناء، كؿ يوـ يمضي إلى الكيؼ، فيعزؼ ليا، حتى يأخذ منيا الطرب كؿ مأخذ،

ثـ تشكره، وتمضي في حاؿ سبيميا. وزادت ثروة الحطاب، وأصبح مف كبار التجار بؿ إنو أخمد تجارة أكثرىـ، وتمكف مف السيطرة عمى السوؽ، حتى

وا بو ذرعا، وأرادوا معرفة مصدر رزقو. ضاقوفي جمسة كاف الحطاب فييا مع التجار، تساءلوا عف مصدر ثروتو، فقاؿ ليـ: "إذا عرفتـ مصدر ثروتي، فإف

Page 451: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 863 -

مالي كمو حراـ عمي، حبلؿ عميكـ"، ثـ إنو أعطاىـ ميمة عشرة أياـ.

وأخذ التجار يدوروف في األسواؽ، ويسألوف عف لحطاب، ولكف مف غير أف يحصموا عمى مصدر ثروة ذلؾ ا

جواب. ولكف أحدىـ كاف ماكرا، لجأ إلى عجوز، وطمب منيا أف تدخؿ عمى زوجة الحطاب، وتحاوؿ معرفة مصدر

الثروة. ، بينما كانت زوجة الحطاب في دارىا، وىكذا ذات يـوإذ قرعت عمييا الباب عجوز، استأذنتيا في أف تسمح ليا

كي تتوضأ وتصمي، فقد أدركتيا بالدخوؿ إلى دارىا،الصبلة، وبيتيا ما يزاؿ بعيدا، فرحبت بيا زوجة الحطاب،

وقادتيا إلى الداخؿ، حيث توضأت وصمت. ثـ شكرت العجوز لزوجة الحطاب كرميا، وحسف ضيافتيا، وأسمعتيا كممات حموة، أثرت فييا وأخذت تسأليا

مطمئنة شيئا فشيئا عف زوجيا وعممو، وزوجة الحطاب إلييا، مسرورة بحسف حديثيا، حتى كاف سؤاليا عف مصدر

الثروة، فحدثتيا زوجة الحطاب، الحديث كمو. ورجعت العجوز إلى ذلؾ التاجر وأخبرتو بكؿ ما سمعت، وفي الموعد المحدد التقى التجار، ودخؿ عمييـ الحطاب وىو مطمئف إلى أف أحدا لـ يعرؼ مصدر ثروتو،

Page 452: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 864 -

لو: "مصدر ثروتؾ الصبية الحسناء، التي ولكف تاجرا قاؿتعزؼ ليا كؿ يوـ في الكيؼ"، وأقر الحطاب بذلؾ ثـ تنازؿ عف ثروتو كميا لذلؾ التاجر، وترؾ المدينة، ال يحمؿ

شيئا، وقصد عمى الفور إلى الكيؼ. وحدث الحطاب الصبية الحسناء بكؿ ما كاف، فأخبرتو

عميو إال أف يسير أف حظو في بستاف "أبو السعود" وماإليو، ليبحث عف حظو فيو، ثـ زودتو ببكرة مف الخيطاف، ألقاىا، فأخذت تتدحرج، وىو يتبعيا، حتى بمغ شجرة تيف، ثمارىا مدالة، ىـ بقطؼ تينة، وقد أخذ الجوع منو كؿ مأخذ، ولكف الشجرة قالت لو: "ال تخدع بمظير التيف

ألتو عف الناضج، فيو ساـ ىالؾ"، فعؼ عنو، ثـ سمقصده، فأخبرىا أنو ماض إلى بستاف "أبو السعود" فرجتو

أف يسأؿ عف حظيا. وبينما ىو في الطريؽ، رأى ابنة ممؾ تطؿ مف شرفة قصرىا، أدىشو جماليا، حياىا، فردت عميو بتحية أحسف مف تحيتو، فأعجبو أدبيا، ولكنو الحظ ثبات حدقتييا، ثـ سألتو عف

ىب إلى بستاف أبو السعود، فرجتو أف مقصده، فأخبرىا أنو ذا يسأؿ عف حظيا، فيي عمى الرغـ مف جماليا عمياء.

وتابع الحطاب طريقو، حتى بمغ بحرا يقع وراءه "بستاف أبو السعود"، فحار في أمره كيؼ سيقطع البحر، وبينما ىو كذلؾ إذ ظيرت لو سمكة، طافية عمى سطح البحر، سألتو

ت عميو أف تنقمو إلى بستاف عف مقصده، فأخبرىا، فعرض

Page 453: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 865 -

أبو السعود عمى شرط أف يبحث عف حظيا في ذلؾ البستاف، إذ أنيا شقية بما كتب عمييا مف أف تطفو عمى سطح البحر، وال تتمكف مف الغوص فيو، فيظؿ ظيرىا

معرضا لمعواصؼ والشمس والرياح. وىكذا حممت السمكة الحطاب إلى بستاف أبو السعود،

ؿ مما رأى، فثمة أناس يضحكوف ويرقصوف ولما دخمو ذىويمرحوف، وآخروف يبكوف ويمطموف، وبعضيـ في الظبلؿ الرطبة، وأماميـ األنيار، وبعضيـ غارؽ في المياه العكرة

اآلسنة. ثـ رأى شابا يرقص ويغني وقد أخذ منو الطرب كؿ مأخذ، فسأؿ عنو، فعرؼ أنو حظ صديقو التاجر الذي سمبو

لو عف حظو ىو، فأشاروا إلى رجؿ غارؽ في مالو كمو. فسأالوحؿ يكاد يختنؽ، فأسرع إليو، فأخرجو إلى الشاطئ، ثـ غسمو بالمياه، وألبسو الثياب، ورجاه أف يقعد بانتظاره، ثـ سأؿ عف حظ السمكة، لماذا ال تتمكف مف الغوص إلى األعماؽ؟ فأخبروه أنيا كانت قد ابتمعت جوىرتيف كبيرتيف،

ال تغوص، وما عمييا إال أف تقذفيما، ثـ سأؿ ولذلؾ فيي عف ابنة الممؾ، لماذا ىي عمياء؟ فأجابوه بأف بصرىا سيعود إلييا إذا ىي تزوجت منو، ثـ سأؿ عف التينة، لماذا ثمرىا ساـ، فأجابوه بأف تحت جذرىا سبع جرار ممموءة

ذىبا، مرصودة، متى استخرجيا، عاد ثمرىا حموا. ى الشاب الذي كاف مستغرقا في وأسرع الحطاب إل

Page 454: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 866 -

الرقص، فمكمو لكمة، فإذا ىو عمى األرض، فحممو، ثـ رمى بو في الماء العكر، وىو يمثؿ حظ التاجر الذي سمبو

مالو. وفي تمؾ المحظة بدأ الرقص ذلؾ الشاب الذي كاف قد

أخرجو مف الوحؿ، وىو يمثؿ حظو. لتو إف ثـ قدـ إلى شاطئ البحر فبرزت لو السمكة، وسأ

كاف قد عرؼ حظيا، فطمب منيا أف تنقمو أوال إلى الشاطئ اآلخر، فحممتو، وىناؾ أخبرىا عف الجوىرتيف المتيف في جوفيا، فقذفتيما عمى الفور، وغاصت في البحر، فحمميما

الحطاب ومضى. ثـ مر بابنة الممؾ، ولما أحست بو، يقترب منيا، سألتو

أف بصرىا سيرجع إلييا إف كاف قد عرؼ حظيا، فأخبرىا إذا قبمت بو زوجا ليا، فوافقت، وعمى الفور، عقد قرانيما،

وكاف الزواج فارتدت بصيرة. ثـ أخذ زوجتو ومضى حتى بمغ شجرة التيف، فأخبرىا أف ثمرىا سيعود حموا، إذا ىي أذنت لو أف يحفر أسفؿ جذعيا،، ليأخذ الجرار السبع، فأذنت لو، فبادر عمى الفور

لى الحفر، حتى إذا برزت الجرار، أفرغيا في أكياس إحمميا عمى ظيور الحمير، ومضى مع زوجتو ابنة الممؾ

حتى بمغ مدينتو. وىناؾ اشترى قصرا ومحبلت ودكاكيف كثيرة

Page 455: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 867 -

وبضاعات، ورجع إلى السوؽ، ودىش التجار لما رأوا تمؾ األمواؿ التي فاقت ثروتو األولى وزادت عمييا، ولما سألوه عف المصدر، عرض عمييـ عرضو السابؽ قائبل: "مالي كمو حبلؿ لكـ، إذا عرفتـ مصدره". أما إذا لـ يعرفوه، فإف أمواليـ كميا ستؤوؿ إليو، فوافؽ التجار، ووضعوا مدة عشرة أياـ، بتحريض مف التاجر الشاب، الذي كاف قد عرؼ

مصدر الثروة أوؿ مرة. جوز نفسيا إلى منزؿ وعمى الفور أرسؿ ذلؾ التاجر الع

الحطاب، ولجأت إلى الحيمة نفسيا، فرحبت بيا زوجة الحطاب، وفسحت ليا المجاؿ لتصمي، ثـ حاولت سؤاليا

عف مصدر تمؾ الثروة، ولكنيا لـ تظفر بشيء. ومرة بعد مرة، كررت العجوز زيارتيا إلى زوجة الحطاب، وفي كؿ مرة كانت ترجع خائبة، وفي المرة

ردتيا شر طردة. األخيرة، طومرت األياـ العشر، ولـ يعرؼ أحد مف التجار مصدر ثروة الحطاب، فتنازلوا لو جميعا عف ثروتيـ، ولكنو كاف

أكـر منيـ، فرد عمييـ أمواليـ. ثـ قصد إلى الكيؼ وأخذ يعزؼ عمى الناي، فبرزت لو الصبية الحسناء، وأخبرتو أف ىذا ىو آخر لقاء بينيما، فقد

ى خطبتيا ابف عميا، ورضيت بو زوجا ليا، ورجتو تقدـ إل أال يرجع بعد اليوـ إلى الكيؼ.

Page 456: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 868 -

وكانت زوجة الحطاب التي باحت بمصدر ثروتو قد ناؿ منيا المرض، ندما عمى بوحيا بمصدر ثروة زوجيا،

فاعتمت وماتت. وىكذا عاش الحطاب مع زوجتو ابنة الممؾ التي شفاىا

حياة. مف العمى، وسعدا معا بال تعلق:

تكشؾ الحكاة المفارقة الكبرة بن عالم المدنة وعالم الؽابة، فهنا البراءة والنقاء والصدق، والكسب بوساطة الجد والكدح والتعب، حث الجن تتعاطؾ مع البشر وتحبهم، وهناك، ف عالم المدنة، الخداع والكذب

حث والؽش، والكسب بوساطة التجارة والتزؾ والكذب، اإلنسان ال حب أخاه اإلنسان بل مكر به.

والحكاة كما هو واضح تدن مجتمع المدنة وما فه من زؾ، وتنتصر لمجتمع الؽابة وما فه من صدق، وه تعبر عن حنن جارؾ إلى هذا المجتمع، بوصفه عالما

قدما تحول عنه اإلنسان.

ن النق والحكاة تدل بصورة ؼر مباشرة على الفالصاف المبرأ عن األهواء واألؼراض، وبه تحقق السمو والخبلص، فالحطاب عزؾ للصبة الحسناء، وظل عزؾ لها بعد موت ولده بسببها، وبعد انقطاع عطابها له، وهو ال رد سوى العزؾ والجمال، وال حدث بنهما شء من صلة أو عبلقة جسدة، خبلؾ ولده الذي تطلع

من هذا فاحترق. إلى شء

والحكاة مبنة على حكاة عربة قدمة معروفة قبل اإلسبلم ال تختلؾ عن بداة هذه الحكاة إال قلبل، إذ تروي أن راعا التقى حة، فتعاهدا على مثل ما تعاهد عله الحطاب واألفعى، ثم مرض الراع، وحل أخوه محله،

ه، فؤصاب فطمع ف ذهب األفعى كله، وضربها بفؤس

Page 457: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 869 -

ذلها، فلدؼته فمات، ولما رجع أخوه إلى األفعى، وسؤلها أن عودا إلى ما كانا عله اعتذرت، مإكدة أنها ال مكنها أن تنسى ذلها وهو ال مكنه أن نسى أخاه، فه تتوجس منه خفة، وه ف هذه الحكاة العربة القدمة محض

أفعى، ولست جنة حسناء.

حكاة الجددة من امتداد، وتطور، وواضح ما ف الوؼنى ف الخال، ونمو ف العناصر، وتعقد ف البناء

واألفكار.

وأبرز ما ف هذه الحكاة بستان أبو السعود الذي كاد شبه ف شكله وصورته الجنة والنار، ومع االختبلؾ ف الهدؾ، فهو تفق معهما ف أن لكل امرئ حظا ف ذلك

حظه ف الحاة، على مبدأ الجزاء من جنس البستان شبه العمل، فمن كان سعدا ف الدنا فحظه سعد مثله ف

بستان أبو السعود.

ولعل أقوى ما ف الحكاة إدانتها التجارة وأسالبها، إذ قد كسب المرء كل شء أو قد خسر كل شء ف صفقة

واحدة.

Page 458: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 871 -

ب اه وثذ اذ

الرجاؿ يممؾ حماما، كاف يقعد وراء كاف أحد الصندوؽ، يأخذ مف المستحميف األجرة، وذات يوـ دخؿ الحماـ رجبلف في زي تاجريف، وبعد أف استحما، قدـ لو أحدىما قبضة مف ذىب، وقدـ اآلخر قبضة مف فضة، أجرة استحماـ كؿ منيما، ثـ طمبا منو تفسير ذلؾ، وأميبله

ثبلثة أياـ. مي في األمر، ما معنى ذلؾ كمو؟ وكانت وحار الحما

لو بنت وحيدة، رأت حيرتو واضطرابو، فسألتو عما بو؟ فأخبرىا؟ فأجابتو بأف األمر بسيط جدا، فأما الذي أعطاه قبضة ذىب فيو الممؾ، وأما الذي أعطاه قبضة فضة فيو

الوزير. ويرجع الحمامي إلى حمامو مسرورا، وفور دخوؿ

برىما بالجواب، فيسألو عندئذ الممؾ: الرجميف عميو، يخ"سأسألؾ عف صينية فييا آللئ، يأتي طائر فيخطؼ منيا

لؤلؤة، ما تفسير ذلؾ؟"، ثـ يميمو ثبلثة أياـ.

Page 459: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 870 -

ويرجع الحمامي إلى ابنتو، فيعرض السؤاؿ عمييا، فتجيبو بأف الصينية ىي الدنيا والآللئ ىي األرواح والطائر

واح. ىو ممؾ الموت يقبض تمؾ األر وبعد ثبلثة أياـ يحضر الممؾ ووزيره إلى الحماـ متنكريف، ويجيبيما الحمامي بمثؿ ما أجابت ابنتو، فيسر الممؾ بالجواب، ثـ يطمب منو أف يجيبو عف ىذا السؤاؿ: "ما الواحد ال يصير اثنيف؟؟ وما االثناف ال يصيراف ثبلثة؟؟

ير خمسة؟ وما الثبلثة ال تصير أربعة؟ وما األربعة ال تصوما الخمسة ال تصير ستة؟ وما الستة ال تصير سبعة؟ وما السبعة ال تصير ثمانية؟ وما الثمانية ال تصير تسعة وما التسعة ال تصير عشرة، وما العشرة ال تصير أحد عشر وما األحد عشر ال يصير اثني عشر، وما االثنا عشر ال

يصير ثبلثة عشر؟" ويرجع إلى ابنتو وىو ويذىؿ الحمامي أماـ السؤاؿ،

قمؽ، يخشى أال تتمكف مف الجواب، وقد أميمو الممؾ أيضا ثبلثة أياـ.

وعمى الفور تجيبو ابنتو قائمة: "الواحد ال يصير اثنيف ىو اهلل، واالثناف ال يصيراف ثبلثة ىما الميؿ والنيار، والثبلثة ال تصير أربعة القسـ بالطبلؽ، واألربعة ال تصير

فاء الراشدوف، والخمسة ال تصير ستة أوقات خمسة الخمالصبلة، والستة ال تصير سبعة أياـ شواؿ الستة، والسبعة ال تصير ثمانية أياـ األسبوع، والثمانية ال تصير تسعة

Page 460: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 872 -

كمب أىؿ الكيؼ ىو ثامنيـ، والتسعة ال تصير عشرة أشير الحامؿ، والعشرة ال تصير أحد عشر الرجاؿ

حد عشر ال تصير اثنتي عشر ىـ المبشروف بالجنة، واألإخوة يوسؼ الصديؽ، واالثنا عشر ال تصير ثبلثة عشر

أشير السنة". ويسترجعيا والدىا الجواب، فتعيده عميو، فيؤكد ليا أنو لـ يتمكف مف حفظو، وعندئذ تكتب لو الجواب عمى ورقة.

ويحضر الممؾ ووزيره إلى الحماـ، فيعطيو الجواب فيقرؤه الممؾ، فيسر بو، ثـ يسألو عف مكتوبا عمى ورقة،

صاحب األجوبة فيخبره بأنو ابنتو، فيسألو الممؾ الزواج منيا، فيخبره أف عميو أف يشاورىا في األمر.

ويعرض الحمامي عمى ابنتو الزواج مف الممؾ، فتجيبو بالموافقة، عمى شرط أف يتمكف الممؾ مف تمبية طمبيا، وىو

لـ تدس، والقمر الذي لـ أف يحضر ليا األرض التي يخسؼ، والنجوـ التي لـ تعد.

ويرجع الحمامي إلى الممؾ بالسؤاؿ، فيعده بذلؾ، وفي اليوـ التالي يرسؿ إلييا بساطا جديدا مطويا، ىو األرض التي لـ تدس، وصينية مف فضة، ىي القمر الذي لـ

يخسؼ، وقد ممئت بالذىب، وىو النجوـ التي لـ تعد. البساط والصينية خادماف ىما سعد ومسعود، ويحمؿ

فيقرعاف عمييا الباب، فتجيب بأنيا مشغولة وما عمييما إال

Page 461: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 873 -

أف ينتظرا ريثما تنزؿ إلييما، ثـ تتأخر عنيما، وىي ترقبيما ذا ىما مف نافذة فوؽ باب الدار، لترى ما سيصنعاف، وا يمداف البساط فيقعداف عميو، ثـ يأخذاف في عد الذىب،

بؿ أف يفرغا مف العد يضع كؿ منيما في جيبو بضع وق قطع.

ثـ تفتح ليما الباب، وتدعوىما إلى ادخاؿ ما يحمبلف إلى الدار، وقبؿ أف يخرجا تطمب منيما أف يخبرا الممؾ أف األرض قد ديست، وأف القمر قد خسؼ وأف النجوـ قد

عدت ونقصت. و ليما، ويرجع الخادماف إلى الممؾ، ويخبرانو بما قالت

فيأمر بقطع رأسيما، فيدىشاف، يسأالنو عف السبب، فيسأليما إف كانا قد مدا البساط وعدا الذىب، وسرقا منو

شيئا؟ فيقراف، فيعفو عنيما. وفي اليوـ التالي ينزؿ الممؾ ووزيره إلى الحماـ متنكريف كعادتيما، ويسأؿ الممؾ الحمامي، عما تجيده ابنتو

نيا تحسف الخياطة، فيعطيو قطعة مف عمؿ، فيخبره أ مرمر، فيطمب مف ابنتو أف تخيط لو ثوبا.

ويحمؿ الحمامي قطعة المرمر إلى ابنتو، ويخبرىا بطمب الممؾ، فتعطيو ثبلث قطع صغيرة مف الصواف،

ليطمب مف الممؾ أف يغزؿ منيا خيطانا لتخيط لو ثوبا. ويحضر الممؾ إلى الحماـ، فيعطيو الحمامي قطع

Page 462: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 874 -

الحجارة، فيشعر الممؾ بالحرج، ويدرؾ مدى ذكاء تمؾ البنت، ولكنو يأبى إال أف يمتحنيا أكثر فأكثر، فيحدد لوالدىا موعد الزفاؼ بعد أسبوع، ثـ يخبره أنو يطمب منيا أف تدعو إلى العرس أربعيف فتاة عذراء وكميف حوامؿ في

الشير التاسع. اتيا وتدعو ابنة الحمامي أربعيف فتاة مف جار

وصديقاتيا وقريباتيا، وتضع عمى بطونيف وسائد، تمفيا بالقماش، وتسدؿ فوقيا األثواب، فإذا ىف كالحامبلت.

وفي ليمة الزفاؼ يقيـ الممؾ المآدب، وتدعى إليو الفتيات األربعوف، فيأخذف جميعا في رمي ما في الصحوف عمى األرض، ويعبرف عف اشمئزازىف مف الطعاـ، وعدـ

عنو، ويطمبف مف الممؾ أف يييئ ليف لحما مشويا رضاىففي سياخ مف جميد عمى نار مف برد، وقد فعمف ىذا كمو

بتوصية مف ابنة الحمامي. ويخمو الممؾ بالعروس والغضب باد عميو، فقد أحرجتو أماـ المدعويف بما فعمت، وفور دخولو عمييا يؤكد ليا عدـ

أف تحمؿ ما غبل رضاه عف كؿ ما كاف، ثـ يطمب منيا ثمنو وخؼ ثقمو وترجع بثياب الزفاؼ إلى بيت أىميا.

فتظير ابنة الحمامي اإلذعاف والقبوؿ، ولكنيا تعرض عميو أف يقبؿ منيا ىدية زجاجة عطر، كي تبقى لديو لمذكرى، ثـ تقدميا إليو، فيفتح الزجاجة ويشميا، فيروح عمى

Page 463: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 875 -

ر سوى الفور في سبات عميؽ، إذ لـ تكف زجاجة العط مخدر قوي التأثير.

وتمؼ ابنة الحمامي الممؾ في مبلءة السرير ثـ تحممو عمى ظيرىا، وتخرج بو مف باب سري، وتمضي بو إلى

حماـ والدىا، وىناؾ تنزلو عف ظيرىا. ويستيقظ، فيجد نفسو في الحماـ وحده، مع العروس، فيسأليا كيؼ أحضرتو إلى ىذا المكاف؟ فتجيبو ألـ يطمب

نيا أف تحمؿ ما غبل ثمنو وخؼ وزنو، وتؤكد لو أنيا لـ متجد سواه، ال أغمى ثمنا وال أخؼ وزنا، كما تؤكد لو أنيا لـ تشأ أف يعمـ أحد مف أىمو أو أىميا إذ ال يجوز أف يعمـ أحد بشيء مما بيف الرجؿ وزوجتو، ولذلؾ جاءت بو إلى الحماـ

في الميؿ وىي مغمقة. ترجع بو إلى القصر مثمما جاءت وعندئذ يرجوىا أف

بو، فترجع بو مف الباب السري، ويظؿ طواؿ الميؿ قاعدا مف غير أف يكمميا بشيء.

ومع الفجر يخبرىا أنو ماض في سفر طريؿ، وأنو سيترؾ ليا جارية عذراء وميرة بكرا، وسيرجع بعد سنة، ليجدىا والجارية والميرة وقد وضعت كؿ منيما مولودا ذكرا،

ثـ يودعيا ويمضي. وتمتفت إلى الجارية عمى الفور، تطمب منيا أف تجيز نفسيا، وتمضي معيا في إثره، وىما تجراف الميرة، وقد

Page 464: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 876 -

ارتدت ثياب فارس، وحممت الشمعداف الذي كاف في القصر.

وظمت تتبع الممؾ مف وراء وراء، حتى نزؿ مع رجالو وضربت خيمتيا. في واد ظميؿ قرب نير، فنزلت قريبا منو،

وفي الميؿ، أوقدت الشمعداف، وىي ما تزاؿ في زي فارس، وقعدت تبلعب الجارية بالشطرنج، وقد ربطت الميرة

أماـ الخيمة. وبينما ىي كذلؾ، إذ سمعت صوت جواديف، فطمبت مف الجارية أال تبالي باألمر، وما ىي إال ىنيية حتى دخؿ

تو في األنس والمسامرة، عمييا الممؾ وخادمو، معمنا عف رغبوقد عرفيا إلى نفسو عمى أنو ىو الممؾ، عمى حيف عرفتو

إلى نفسيا عمى أنيا فارس مف ببلد مجاورة. ثـ أمرت الخادمة بالخروج مف الخيمة، ودعت الممؾ إلى المعب بالشطرنج، ولما سأليا عف جائزة الغالب، أشارت

أف يأتي إلى الشمعداف، وعندئذ طمب الممؾ مف خادمو عمى الفور بشمعدانو.

وأحضر الخادـ الشمعداف، فأمره الممؾ باالنتظار في الخارج، وأخذ يبلعب ابنة الحمامي، عروسو، وىو ال ذا ىو يخسر، فظفرت منو بالشمعداف، ثـ دعتو يعرفيا، وا إلى دور آخر، فتردد، فأكدت لو أف المعب دوراف، ولما

"عروس جميمة"، فقبؿ، سأليا عف نصيب الغالب، أجابتو:

Page 465: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 877 -

وأخذت تمعب وتوقع نفسيا في نقبلت خاطئة، وظمت تداور الممؾ، حتى مكنتو مف الظفر، وعندئذ استأذنتو في أف

تخرج، لترسؿ إليو ما وعدتو بو. وأسرعت إلى خيمة أخرى، فخمعت ثياب الفارس، وارتدت ثياب العروس، ورجعت إليو، وىو في الحالتيف ال

يعرفيا. خارج الخيمة كاف لمخادـ مف الخادمة ما كاف وفي

لمممؾ مف تمؾ العروس الجميمة، التي ىي عروسو ابنة الحمامي، ولكف مف غير أف يعرفيا، كما كاف األمر كذلؾ

مع الميرة وجواد الممؾ. وقبؿ الفجر، رجعت ابنة المحامي إلى خيمتيا، فارتدت

معدانيا، ثياب الفارس، وحممت شمعداف الممؾ، تاركة لو ش ثـ ارتحمت ىي والفرس والجارية.

وشاءت األقدار أف تحمؿ لميمتيا اإلناث الثبلث، العروس والخادمة والميرة، ومرت األياـ تمتيا الشيور،

فوضعت كؿ منيف مولودا ذكرا. ثـ مرت األياـ والشيور، ورجع الممؾ مف سفره

عتيا الطويؿ، فتقدمت إليو ابنة الحمامي تحمؿ وليدىا، تبالجارية، وىي تحمؿ وليدىا أيضا، وفي المرعى كانت

الفرس تسرح مع ميرىا. ولما دخؿ إلى غرفتيا رأى الشمعداف الذي كاف قد

Page 466: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 878 -

خسره حيف العب ذلؾ الفارس في الشطرنج. وعندئذ أدرؾ الممؾ مقدار ذكاء تمؾ المرأة، فقدرىا حؽ قدرىا، وألبسيا

ة، وعاشا معا بيناءة تاج الممؾ، وجعميا إلى جانبو مميك وسرور.

تعلق: حكاة تربوة، موجهة ف المقام األول إلى الفتات، وه تسعى إلى طرح أحجات تثر الذهن، وتعلم أسالب التراسل الرمزي، وتإكد دور الذكاء ف تحقق الوجود

وإثبات الذات.

وه تدل على إمكان الفتاة الفقرة، كابنة الحمام الزواج من أقوى الرجال وأرفعهم مكانة، كالملك، مثبل،

بفضل الذكاء والحنكة وحسن التدبر.

كما تدل الحكاة على أن الطرق الصححة إلى قلب الرجل لست الخبث أو المكر أو الحلة، وكذلك لست الجسد أو الؽنى أو المنزلة االجتماعة، وإنما الطرق

ن التدبر. الصححة ه المعرفة والذكاء وحس

وتتضمن الحكاة عناصر متكررة ف حكاات أخرى، وال سما عناصر الرمز، وه عناصر بدابة عفوة بسطة. والحكاة ال تخلو ف ختامها من جرأة تتدرج نحوها شبا فشبا، وه تتمثل ف اللعب بالشطرنج والظفر بالشمعدان ثم ما كون بعد ذلك بن ابنة الحمام

مة والمهرة، وبن ما قابلهن من ملك وخادم والخادوفرس، وه جرأة مستورة بحسن التقدم الفن، وال فحش فها وال إسفاؾ، وال تؽب عنها بذكاء المشروعة، ألن

ابنة الحمام ه زوج الملك شرعا.

وهذه الجرأة الرشقة تإكد مرة أخرى الدور التربوي ات خاصة، وإن كان للحكاة كما تإكد توجهها نحو الفت

ذلك كله تم بصورة ؼر مباشرة، ال تلقن فها وال

Page 467: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 879 -

إسفاؾ، مما دل على عفوة الحكاة وفنتها ودعم دورها االجتماع.

Page 468: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 881 -

دىبخ ئخ ىاي

يحكى أنو كاف في قديـ الزماف ممؾ عظيـ، مرت عميو سنوف وأعواـ، وزوجتو ال تحمؿ، ثـ حممت بعد طوؿ صبر

انتظار، ففرح بذلؾ فرحا عظيما، ودعا إليو كبار العرافيف و والمنجميف، لينظروا طالع المستقبؿ، فتنبؤوا لو ببنت تسيء

إليو، فغضب وحزف، وقرر أف يذبح البنت فور والدتيا. وعممت الممكة بقرار الممؾ، فمجأت إلى عرافة، وطمبت

ذكية، منيا أف تنظر في الغيب، فتنبأت ليا ببنت جميمة، يكوف ليا شأف عظيـ، ففرحت الممكة بذلؾ، ثـ طمبت مف

المربية أف تتدبر األمر. ذا الممكة في المخاض، ولـ تمبث أف ومرت األياـ، وا وضعت بنتا، تدؿ مبلمحيا األولى عمى جماؿ فائؽ، فحممتيا المربية، وخرجت بيا، تدؽ األبواب، حتى بمغت

ميتة، فطمبت منيا أف بيتا، فيو امرأة وضعت لتوىا بنتا تبدؿ ىذه بتمؾ، وأعطتيا صرة نقود، فوافقت المرأة، ورجعت المربية إلى القصر بالبنت الميتة، ثـ أرسمت إلى الممؾ تخبره بأف الممكة وضعت بنتا ميتة، ففرح بذلؾ واستبشر.

Page 469: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 880 -

وبعد بضعة أياـ أرسمت الممكة وراء كبير المعماريف، أف يحفر سردابا سريا، يصؿ فمما حضر إلييا، طمبت منو

جناحيا في القصر، بقصر آخر، غير بعيد، خاص بيا، وطمبت منو أف يسرع في عممو، ولما أنجز السرداب، مضت المربية إلى المرأة التي استبدلت ابنتيا الميتة بابنة الممؾ، وطمبت منيا أف تنتقؿ وأسرتيا إلى قصر الممكة

صرة نقود. الخاص، ووعدتيا أف تعطييا كؿ يوـوفي القصر الخاص، أخذت الممكة تمتقي كؿ يـو بطفمتيا، تتسمؿ إلييا مف السرداب، في الصباح، وتمضي معيا بضع ساعات، ثـ ترجع إلى قصرىا، مف غير أف

يعمـ باألمر أحد، غير المربية. ومرت الشيور، وتمتيا السنوات واألعواـ، كبرت البنت

رز ويتفجر، مثمما أخذ ذكاؤىا فييا وشبت وقد أخذ جماليا يبيبدو قويا حادا، وكانت المربية تشرؼ عمى تعميميا، فكانت تحضر ليا كبار المعمميف، فحفظت القرآف، وأتقنت فنوف

القوؿ، والغناء. ، وتمضي وكانت أميا الممكة ما تفتأ تزورىا كؿ يـو

معيا بضع ساعات، بوصفيا شقيقة المربية. ، كانت البن ذا وذات يـو ت تمرح في حديقة القصر، وا

شاب وسيـ، حسف الطمعة، يبرز ليا، فيحدثيا، فتأنس بو، وتنجذب إلى حمو حديثو، فتيواه.

Page 470: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 882 -

، يجالسيا، فيحدثيا وأخذ الفتى يبرز ليا كؿ يـوويؤانسيا، وتحدثو وتؤانسو، ويبثيا ىواه، وتبثو ىواىا، حتى

ذا ىو يعرض عمييا أف مر عمى ذلؾ عاـ أو بضع عاـ، وا يأخذىا إلى أىمو ليقدميا إلييـ، ويتزوجيا.

وكانت قد شكت مف قبؿ في أمر المرأة التي تزورىا مع المربية، وتمضي عندىا ساعات، فسألت عنيا المربية، فأجابتيا بأنيا شقيقتيا، ولكنيا لـ تصدؽ، وألحت في السؤاؿ، فاعترفت ليا المربية بأنيا أميا، وأف الممؾ أباىا،

يا القصة كميا. وروت لولما سأليا الفتى أف تذىب معو إلى أىميا، رفضت، وأخبرتو أنيا ابنة ممؾ، وطمبت منو أف يرسؿ أىمو إلى

أىميا لخطبتيا، فتركيا الفتى، وغاب. ومرت أياـ وىو ال يبرز ليا، فقمقت واضطربت، حتى إذا طاؿ بيا االنتظار، وىو ال يبرز ليا، ضاقت وضجرت،

شوؽ، وظير عمييا الضعؼ والمرض. وبرح بيا الولما رأت الممكة ذلؾ التغير في ابنتيا، سألت المربية عف األمر، فأجابتيا بأنيا أخبرت البنت بأمر أميا وأبييا، ثـ حدثت الممكة عف الفتى الذي يبرز ليا، وكانت المربية عمى عمـ بو، فضاقت الممكة وقمقت، ثـ لجأت إلى العجوز

وتستشيرىا، فنصحت بتقديـ البنت إلى الساحرة تسأليا أبييا، وأكدت ليا أف نبوءة العرافيف والمنجميف قد فات

Page 471: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 883 -

أوانيا، ولما سألتيا الممكة عف أمر الفتى الذي يبرز ليا، طمبت منيا أف تؤجؿ الحديث عنو.

ورجعت الممكة إلى القصر، لتعد ابنتيا خير إعداد يا، ولما كاف لمقاء أبييا، فكستيا فاخر الثياب، وزينت

المساء، رجع الممؾ مف مجمسو إلى الممكة، فرأى في ضيافتيا صبية باىرة الحسف والجماؿ، فسأليا عف الصبية

! فأجابتو بأنيا ابنتو، فذىؿ، ثـ أخذىا بيف يديو، مف تكوف؟يعانقيا ويقبميا، ويعتذر إلييا عما كاف منو، ثـ طمب منيا

و أف يشيد ليا قصرا أف تسألو ما تريد وتتمنى، فطمبت منخاصا بيا، حجارتو مف ذىب ومف فضة، فأجاب طمبيا، وأمر البنائيف بذلؾ، ولـ تمض غير أياـ حتى حمت البنت

في قصرىا، وكاف أبوىا يزورىا كؿ مساء. وكانت البنت عمى الرغـ مف جماؿ القصر ورحابتو، وعمى الرغـ مف فرحيا بمقاء أبييا، واجتماعيا بأميا، ال

تاح وال تطمئف، فيي في قمؽ وشوؽ إلى لقاء حبيبيا. تر وذات يوـ تمنت عمى المربية أف تصحبيا إلى الحماـ، فأجابت المربية أمنيتيا، فاستأذنت والدىا في ذلؾ، ثـ استأجرت ليا حماما مف أجمؿ الحمامات، وىيأت ليا صرة

ثيابيا، ومضت بيا إلى الحماـ. لبنت بسوؽ، دىشت وفي الطريؽ إلى الحماـ مرت ا

(: لما فيو مف نشاط وحركة، فقالت) عديت عمى السوق ألقى فيو دكاكين

Page 472: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 884 -

قصاب وسمان بياعين كعك وتين

صرخت من نار قمبي يا إلو عين المي ابتمى باليوى مالو سواك معين

(: ثـ رأت دكاف عطار، فقالت) يا اللتي انظري العطار بالدكان

ن عمبتو أشكال مع ألوانيبيع م بطمب من رب السما الواحد الرحمن

أشوف حبي أنا اليوم في الحمام (: ثـ رأت دكاف سماف، فقالت)

يا اللتي انظري السمان يبيع الكثير عنده أشكال من زيت حمو وشعير

في جوز في لوز فستق بال تقشير اهلل ييون عمي كل أمر عسير

(:رأت دكاف قطاف، فقالت) ثـ

قطان قطان كار مميح وحياتك اضرب بقوسك وسمعني نغاماتك

Page 473: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 885 -

لك عين سودا وفوق الخد شاماتك اهلل ييون عمي اليوم خطواتك

(: ثـ رأت دكاف خضري، فقالت) نظرت إلى خضري واقف بيتمختر

عنده بادنجان وقتو مع خيار أخضر ي من يطمبو يحضر أحمف بذات النب

ما برجع اليوم حتى أشوف حبي لي محضر ثـ سارت إلى أف وصمت إلى الحماـ، فدخمت فييا،

(وىي تقوؿ:) حمامكم معتمة من قمة الجامات

وكل شخص تعمق بيواكم مات سبحان من فصل المخمل عمى القامات

أسمر جرحني يداويني أبو الشامات (: ضع درجات، داخؿ الحماـ، فقالت)ثـ بدأت تنزؿ ب

دخمت حمام درج فييا بديت أنزل والدمع من مقمتي شبو المطر ينزل

وحياة من قال آلدم من الجنان انزل ما أسال ىواكم لو تحت التراب أنزل

Page 474: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 886 -

ثـ رأت بركة ماء، فقالت:

يا بركة الماء أممي الكأس واسقيني واروينيواطفي فؤاد كواه الحب

محبوس بقيد اليوى يا من ينجيني مالي سواك يا إلو العرش معيني

ثـ مرت بالباب األوؿ الذي يفضي مف بيو الحماـ إلى (: ممر يقود إلى داخميا، فقالت)

دخمت من الباب لقيت دىميز عديتو والمي بحبو الشفتو وال ريتو

واحمف بذات النبي جوا الحرم بيتو لو كنت أشوفو مثل العين داريتو

(: ثـ قعدت في داخؿ الحماـ، وأخذت تقوؿ) لي بدر مثل القمر خدو كم جاني

لو سبع شامات عمى الخدين نعماني سبحان واحد أحد مالو ثاني

ما يطمع اليوم تأشوف الحب قد جاني ولـ تكد تنتيي مف إنشاد البيت األخير حتى برز ليا

Page 475: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 887 -

الشاب، الذي ييواىا وتيواه، فتركتيما المربية الفتى وخرجت، لتحضر الصابوف، فتبلوـ المحباف، وتشاكيا، وبث كؿ منيما لآلخر حبو وىواه، حتى آف لمفتى أف يرحؿ، فالتفتت إليو تسألو أف يرسؿ إلييا في الغد أىمو ليخطبوىا

مف أىميا، فوعدىا الفتى بذلؾ، ثـ غاب. بالصابوف، فنضت عنيا ثيابيا، ورجعت إلييا المربية

ثـ أخذت تغسميا، وىي تنشد في وصؼ حبيبيا، وبث (: ىواىا، فتقوؿ)

يا اللتي صدقي صورت أنا أشكالو ما يوم قمبي من اليجران أشكالو

ما وجد غير في جنان الخمد أشكالو درت البراري والمدن ما شفت أشكالو

(: ثـ قالت) كتب دمعي وقد أمال في صحن خدي

شوق الحبيب الذي ىجره لمحشا أمال لو خصر رفعو كخصر النمل أو أمال

ىذه مواصف حبيبي أعشقوا أم ال (: ثـ قالت)

يا نجم سمم عمى أحبابي ومسييم

Page 476: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 888 -

واحكي ليم ما جرى وابكي وبكييم

وان كان يا نجم تجمع شممنا فييم أيادييم سمم عمييم وقبل لي

(: ثـ قالت) يا أحمر المون في عشقك نشف دمي

وأحرمتني النوم بين أىمي وبين أمي وا ن كان ريقك عسل لطبق عمى تمي

وآخذك بالحالل وأصرخ لبوك عمي

(: ثـ قالت) يا اللتي خده أحمر يضوي في ظالم الميل

كم ىد شجعان أىل القوى والحيل بارك والضحى والميلوحق سورة ت

ما خذ بدالو وال عنو يجيني ميل ثـ غادرت الحماـ، ورجعت إلى القصر، وأسرعت إلى أميا فرحة مسرورة، لتخبرىا بأف بعض النسوة سوؼ يجئف إلييا في الغد يخطبنيا، فغضبت منيا أميا، ونصحت ليا أال تتحدث بذلؾ إلى أبييا، فضاقت البنت نفسا، ومضت

Page 477: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 889 -

خدعيا كئيبة حزينة، ولـ تنـ تمؾ الميمة. إلى مولما كاف الصباح ارتدت أجمؿ ثيابيا، وتييأت ذا أميا تدعوىا إلى وتزينت، وىي تتوقع مجيء النسوة، وا الدخوؿ عمى نسوة جئف يخطبنيا، فدخمت عمييف فأخذف بجماليا، وحمو حديثيا، ثـ طمبف مف أميا أف تسأؿ أباىا

بف ممؾ الجاف، فخرجت األـ، موافقتو عمى زواجيا مف اوعرضت األمر عمى الممؾ ثـ رجعت لتخبرىف قراره برفض

تزويجيا. ورجعت النسوة إلى الفتى خائبات، وأخبرنو بقرار أبييا، فطمب منيف الرجوع إلى أميا وتخييرىا بيف أخذىا غصبا وقيرا، أو الموافقة عمى خطبتيا، فاستدعى الممؾ المربية

ت عميو بطمب صعب، فطمب أف يشاد وشاورىا، فأشار البنتو قصر أجمؿ مف قصرىا، تحيط بو الحدائؽ والبساتيف، مميئة بأنواع األشجار اليانعة الثمار، فأخبرت األـ النسوة بطمب أبوييا، فوعدنيا بتحقيقو في صباح الغد، وأكدف ليا أف أـ العريس ستحضر في الموعد نفسو

ألخذىا. ة مطمئنة، ألنيا كانت واثقة مف ونامت البنت ليمة ىانئ

أف الفتى قادر عمى الوفاء بكؿ ما يطمب منو، ميما كاف صعبا، ولما كاف الصباح، أفاقت وأسرعت إلى نافذتيا تطؿ منيا، فرأت تجاه قصرىا قصرا آخر أجمؿ منو وأبيى، تحيط بو الحدائؽ والبساتيف، فأدركت عمى الفور أنو مف

Page 478: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 891 -

تتييأ لمقائو. صنع الفتى حبيبيا، وأخذتولما كاف الضحى حضرت أـ الفتى، لتصطحبيا معيا إلى ابنيا، ولكف البنت اعتذرت عف الذىاب معيا، ووعدتيا أف تأتي ىي بنفسيا، تصحبيا المربية، فوافقت األـ، ومضت إلى ابنيا تزؼ إليو النبأ، ولـ تمبث البنت أف

جديد ودعت أميا وأباىا، ومضت مع المربية إلى قصرىا ال لتمتقي بفتاىا.

ودخمت حديقة القصر، فدىشت لما رأت مف أنواع (: الزىور، فوقفت أماـ الورد األبيض، ثـ قالت)

يا ورد شكمك حمو اسمك ظريف أبيض

اشمون إذا كنت نايم فوق خديد أبيض طالب أنا من قمبو يكون نظيف أبيض

يكون معو الميل أبيض والنيار أبيض أت البنفسج، فوقفت أمامو طويبل، تتمبله، وىي ثـ ر

(: تقوؿ) اسمك بنفسج وبمون السما شكمك

ياما فنيت ناس مقيورين من شكمك صباغ جابك وصار يصبغ عمى شكمك

Page 479: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 890 -

حيرت الناس في قدك وفي شكمك (: ثـ رأت شجرة دردار، فقالت)

عديت بستان ألقى نير حولو أشجار يم قالوا لي ىدول دردارسألت عن

لوال يكون ىل شجر عاشق وقمبو نار ما كان نبت وال طمع جانب األنيار

ثـ رأت شجرة فستؽ، فقالت: فستق معرش قوي طيب عمى أمو

ما شفت مخموق أكل منو وراح ذمو أكمو يسمي لمن زايد عميو ىمو

وكل من يأكمو ينسى أبوه وأمو (: داليو، فقالت)ثـ رأت

نظرت إلى دالية اليوم في عيني أبيض عنبيا حممو عنب زيني

سبحان من خمقيا وحالىا في عيني اهلل يرمي المحبة ما يبنو وما بيني

وكاف الفتى ابف ممؾ الجاف يراىا ويسمعيا وىي تنشد

Page 480: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 892 -

تمؾ األشعار، فطمب مف مربيتو أف تعممو أبياتا مف الشعر (: ليا ليا، فحفظتو األبيات التالية)يقو

بجديد بجديد ما عدت أقبمك بجديد يا جرن حمام غسمت الردي والجيد

إن لم تجي زي عاداتك تبوس اإليد يا كمب جربان انتفض من بعيد لبعيد

ولما صارت أمامو، أنشدىا تمؾ األبيات، فاضطربت،

ربيتيا، فأسرع ىو ودىشت لما يقوؿ، وتركتو ورجعت مع مإلى مربيتو يسأليا أف تعينو عمى األمر، فنصحت لو أف يتمدد عمى األرض، ويجعؿ نفسو كالميت، ففعؿ، وأخذت المربية تبكي وتولوؿ وتندب وتعوؿ، فرجعت إليو عمى الفور، وأخذت تمطـ خدوده، وترش عمى وجيو ماء الورد،

(:فنيض، وقاؿ ليا) االنور العيون مية السالم ح

قمبي عميك فرح يا سكر الحاال سبحان رب السما عالم بأقواال

مالي أنا ذنب كل الذنب لالال فسامحتو عمى ما كاف منو، ومضت إلى أمو وأبيو، ثـ

Page 481: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 893 -

كاف زفافيما باألفراح، والميالي المبلح، وعاشا معا في سعادة وسرور، فسبحاف مدبر األمور.

ة: شرح المفردات العام

: مررت. عيف: أعف، فعؿ طمب. المي: عديت- الذي. مالو: مالو.

: يا مربيتي. العطار: بائع العطور يا اللتي-والتوابؿ. عمبتو: عمبتو. يطمب: أطمب. أشوؼ: أرى. حبي: الحب، بكسر الحاء، ىو الحبيب، وىي فصيحة، أشوؼ: أرى.

وكاف يظف أف الجف تسكف الحماـ. ئع السمف والزيت والسكر وما إلييا. : با السماف-

في جوز: لديو جوز. ييوف: يسيؿ. : الرجؿ الذي يندؼ القطف بوساطة قوس القطاف-

ووتر كي يصبح عينا خفيفا.: بائع الخضر. يتمختر: يمشي بكبرياء. الخضري-

قتو: قثاء. : الزجاج. وكاف في الحماـ غرؼ صغيرة الجامات-

كؿ غرفة بضع نسوة، كثيرة يستحـ في وتسمى الغرفة الواحدة خموة، وىي مفتوحة عمى بيو واسع، وكاف فوؽ كؿ خموة قبة،

Page 482: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 894 -

فييا فتحات كثيرة مدورة مسدودة بزجاج مموف يتسرب منو الضوء إلى الخموة.

: ما أسمو، ما أنسى. ما أسبل-: مارأيتو. وفعؿ شاؼ فصيح بمعنى رأى الشفتو والريتو-

داخؿ وجو كؿ شيء بطنو ونظر. جوا: وداخمو

وجواني الشيء بفتح الجيـ باطنو، وىي فصيحة.

بيتو: بيتو. داريتو، مف الفعؿ دارى يداري بمعنى اعتنى.

: لو سبع شامات. ما بطمع: لف أخرج. لو سبع شامات- تأشوؼ: حتى أرى. جاني: جاءني.

ا لو، بمعنى مبلمحو، والثانية أصميا شك أشكالو األولى-والثالثة بمعنى األولى، والرابعة بمعنى

أمثالو. : أصميا أمؤل، بمعنى الدمع مؤل الخد، أمبل-

وأمؤل الثانية أصميا أممي يممي، بمعنى اليجر أممي الكبلـ عمى الحشا. وأمؤل الثالثة: أصميا أمؤل، أي أكثر امتبلء، والمعنى: خصره ناحؿ كخصر النمؿ أو

في آخر المواؿ أكثر امتبلء، وأمبل المقصود بيا: أعشقو أـ ال أعشقو.

Page 483: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 895 -

: قؿ ليـ: مساء الخير. مسييـ-: فمي. أصرخ: أنادي. لبوؾ: ألبيؾ. تمي -

والعادة أف ينادي والد الزوج أو الزوج بالعـ.

: يضيء. يضوي-والمقصود بالشطر األخير: ال أخذ بدال

منو، وال أميؿ عنو. ؼ خديد: تصغير خد. والمقصود بالبياض في اشموف: كي-

الشطر الثالث النقاء، والمقصود بو في الشطر الرابع السعادة.

: ما أكثر ما أفنيت: جابؾ: جاء بؾ. ياما فنيت- : ىؤالء. دردار: شجر. قمبو: قمبو. ىدوؿ-: األصؿ زينة، ثـ أبدلت التاء ىاء، ثـ زيني-

يني، أميمت، فأصبحت في المفظ ز مابينو: ما بينو.

: مف جديد، ثانية. الردي والجيد: الرديء بجديد-والجيد. زي عاداتؾ: مثؿ عاداتؾ.

تبوس: تقبؿ. : مئة سبلـ فورا. عالـ بأقواال: عالـ مية السبلـ حاال-

بأقواليا. البلال: المربية. تعلق:

هذه الحكاة موجهة على األؼلب إلى الفتات، من

Page 484: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 896 -

ل إعدادهن نفسا وثقافا للدخول ف الحاة الزوجة،، أج ومعرفة األسالب اللبقة ف التعامل الزوج.

فالحكاة تلقن الفتاة مجموعة وافرة من المواول الشعبة، وتساعدها على حفظها داخل نسق حكاب،

لتكسبها مهارة الحدث، والقدرة على اإلنشاد.

عالمها األنثوي، وإلى عالم والحكاة تعرؾ الفتاة إلىالرجل، بؤسلوب فن، فه تلمح وإشارة، فالحكاة ال تخلو من بعض الجرأة ف اإلبانة عن رؼبة الفتاة ف الؽزل، ورسم صورة مثلى للشاب، لك تكسر حدة الخجل عند

الفتاة، وتهبها للقاء الرجل.

وكان من العادات الشعبة أن تلقن الفتاة مثل تلك لمواول، كما كان من العادة أن حفظ الشاب ما ماثلها ا

أضا من المواول حتى إذا ما كان الزفاؾ، وخبل العروسان أحدهما باآلخر، كانت تلك المواول وسلة فنة

للتقارب والتواصل، بطرقة فها التلمح واإلشارة.

وتبدو هذه الحكاة قابلة لحشد قدر أكبر من المواول، لقدرة على الحفظ، وربما وفق القدرة على االرتجال وفق ا

ونظم مواول جددة، وال سما ما تصل منها بوصؾ السوق والحمام والزهور.

والحكاة تدل على قمع المجتمع للمرأة، وقدرة المرأة، على الرؼم من ذلك، على تحقق ذاتها، وتؤكد وجودها،

ف مواجهة المجتمع نفسه.

لحكاة متهمة قبل أن تولد بؤنها سوؾ إن البنت ف اتسء إلى والدها، وه إساءة ؼر محددة وال واضحة، ولس ثمة تفسر لهذه اإلساءة ؼر كونها انثى ستمارس

ذات وم أنوثتها مع رجل.

ولذلك كان الموت هو المقترح، وكانت الطفلة المتة ر ه البدلة، وهكذا تم منذ البدء تؽب البنت ف قص

بعد، لتعش مع مربتها وال تراها سوى أمها.

وهذا التؽب للبنت هو إبعاد لها عن الذكر، حتى لو

Page 485: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 897 -

كان متمثبل ف الرجل األول وهو أبوها، ولذلك ه متة بالنسبة إله، وه ال تلتق سوى أمها، وال ترى سوى مربتها، أي أنها تعش ف عالم المرأة، مع ذاتها، بعدا

رجل، وال تعرؾ عنه شبا، أو ال راد لها أن تعرفه. عن ال

ولكن هذا الرجل ال بد أن برز لها، من حث ال دري أحد، فإذا هو ابن ملك الجان، وكونه كذلك، دلل على أن الذكر كامن ف األعماق الخفة للمرأة، وال بد من

أن ظهر، ولو حبست المرأة وراء سبعة أسوار.

ن ال بد من أن تسمع البنت عن أبها، ولذلك أضا كاوأن تعود إله لتعرؾ كل منهما اآلخر، وبلحظ إعداد نها للقاء أبها، فكؤنها تتهؤ للقاء الرجل البنت وتهبتها وتز

األول.

وف لقاء البنت بؤبها، ترسخ الواقع، إذ تعانقان، وقر كل منهما باآلخر، كحاجة أساسة، وتلؽى تهمة

اءة، لتؤكد أن الرجل والمرأة صنوان، بعضهما من اإلس بعض، وال ؼنى ألحدهما عن اآلخر.

ومن الطبع بعد ذلك أن توضع التحدات ف طرق الشاب الراؼب ف الزواج، وهذا كثر ف الحكاات الشعبة، كما هو كثر ف الواقع، راد به امتحان رجولة

جتماعة، وقد أصبح الشاب وقدرته المادة والنفسة واالعادة اجتماعة متؤصلة، تتحول ف بعض الحاالت إلى

محض عراقل.

وواضح ف الحكاة الفرق الكبر بن الشاب والبنت، فهذه تمتلك الجمال وطبلقة اللسان وتحفظ الكثر من األشعار والمواول، وخبلفها الشاب، فهو ملك القوة

ا ف طبلقة الحدث، والقدرة على الفعل، ولكنه ال شبهه بل سمعها ما سء.

وهذه النقطة الضعفة ف شخصة الشاب، وهو ردها إلى المربة، ه محاولة انتصار، بصورة ال شعورة،

للمرأة وتؤكد تفوقها على الرجل بحازتها القول الجمل.

Page 486: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 898 -

ولعل فما تقدم كله ما دل على أن هذه الحكاة ه حكاة ا امرأة، لتنتصر بها للمرأة، وتظهر ظلم المجتمع نسابة، صنعته

والرجل لها، وتإكد تفوق المرأة، وقدرتها على نل ما ترده، متجاوزة كل أشكال القد، منطلقة من كون الرجل والمرأة كبل

واحدا، وال ؼنى ألحدهما عن اآلخر.

وهذا كله ال نف كون الحكاة ذات هدؾ تربوي، اة، ك تعزز شخصتها، وتزودها بما تتوجه به إلى الفت

تواجه به الرجل والمجتمع، أو تعدها، ف الحد األدنى، للقاء الرجل، وهو هدؾ مشروع، تخذ من الفن وسلة

للرق بهذا اللقاء.

وف الحكاة عناصر بدابة أبرزها إبعاد الولد عن أبه بسبب نبوءة مزعجة على نحو ما كان من نبوءة أودب.

Page 487: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 899 -

غشائت األلذاس

عمى أطراؼ البادية كاف يعيش شاب وحيد، مع أمو العجوز، ولـ يكف والده قد ترؾ لو سوى خيمة عتيقة، وبضع عنزات، ينتقؿ بيا وبخيمتو وبأمو العجوز مف مكاف إلى مكاف، بحثا عف المرعى، والعنزات ال تدر عميو إال

القميؿ القميؿ مف الحميب. سنة عجفاء، لـ ينزؿ فييا المطر، ولـ ثـ مرت بيـ

ينبت العشب، فاضطر إلى بيع عنزاتو واحدة بعد أخرى، حتى لـ يبؽ عنده شيء. وذات مساء مف تمؾ السنة القاحمة، نزؿ في ضيافتو أربعة رجاؿ كانوا في طريقيـ إلى الصيد، فرحب بيـ، وقدـ ليـ ما عنده مف خبز ولبف وتمر،

فرش وبسط، وناموا شاكريف لو ثـ مد ليـ ما عنده مف جوده، مقدريف بؤس حالو.

ولكف النوـ جافاه، وأخذ يشاور أمو في األمر، كيؼ سيوفر ليـ طعاـ الغد، فنصحت لو أف يضرب في األرض،

Page 488: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 911 -

فامتطى جواد أحدىـ، ومضى بو في الصحراء، حتى بمغ مضارب قوـ اليعرفيـ، فربط الجواد بعيدا عف المضارب،

ذا ىو أماـ قدور كثيرة وتسمؿ إلى خ باء متطرؼ، ودخمو، وا وأكياس ممموءة، ففرح بما رأى، وأخذ يكشؼ ىذا القدر، ذا ىي ممموءة بالسمف والزبدة، وبينما ويرفع غطاء ذاؾ، وا ىو كذلؾ، إذ سقط مف يده غطاء أحد القدور، فأحدث صوتا، دخمت في إثره صبية، فمما رآىا أخبرىا بحالو

تساعده، فأشفقت عميو، ومؤلت كيسا وتوسؿ إلييا أف بالدقيؽ، وعكة بالسمف، ورجتو أف يسرع قبؿ أف يشعر بو

أحد، فشكرىا ومضى. ورجعت إلى خيمتيا، لتناـ مطمئنة إلى أف أحدا لف يعرؼ ما حصؿ، ولكف تذكرت البئر الميجورة، القريبة مف ، وثار في نفسيا الخوؼ عمى الشاب مف مضارب القـو

، فأسرعت إلى حيث الوقوع في البئر، ولـ تستطع النـوذا الشاب واقع فييا، فدلت إليو حببل، وأخذت تجره، البئر، وا ذا ىما معا في ولكنيا فجأة وجدت نفسيا قد وقعت فوقو، وا

البئر. ومع الخيوط األولى لمفجر مر بيما راع يسوؽ غنماتو، فأنزؿ حبمو ليمؤل الدلو، فرآىما، فساعدىما عمىالخروج، وذىؿ عندما رأى الصبية، فحدثتو بما كاف، ورجتو أف يصدقيا، وتوسمت إليو أال يحدث أحدا بأمرىا، وعادت ىي إلى خيمتيا، ومضى الشاب يحمؿ كيس الدقيؽ وعكة

Page 489: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 910 -

السمف، وامتطى الجواد وانطمؽ بو عائدا إلى خيمتو. وأعدت العجوز لمضيوؼ طعاـ اإلفطار مما أحضره

شكروا لو ضيافتو، وودعوه ومضوا في طريقيـ ولدىا، ثـ إلى رحمة الصيد.

ومرت األياـ والراعي يكتـ السر وال يحدث بو أحدا، وكاف إخوة الصبية غائبيف عف المضارب، فمما رجعوا أخذ الراعي، يتردد عمييـ زائرا، وكانت الصبية في كؿ مرة تذكره

ؽ، وتؤكد أماـ إخوتيا بالخير، وتزوده بالسمف والدقيإلخوتيا أف لديو أوالدا كثيريف، ومف واجبيا إكرامو

ومساعدتو. ويوما بعد يوـ طمع الراعي، وأخذ السر يتحرؾ في صدره، فكاف إذا رجع مف رعي الغنـ، والتقى إخوتيا ذكر ليـ البنات ومسؤولية األىؿ عف رعايتيف، وما يجمبف مف

ذات يوـ أحد عار، وأخذ يكرر عمييف ذلؾ، حتى ضاؽ بواإلخوة ذرعا، وسألو إف كاف قد رأى عمى أختو شيئا، أو

رابو منيا أمر؟ فحدثو الراعي حديث البئر والشاب وكيس الدقيؽ وعكة السمف، وكانت الصبية وراء الخباء تصيخ السمع، فما كاف

منيا إال أف ركبت فرسا، وىربت مف الديار. يجدوىا، فأدركوا وفي الصباح طمب اإلخوة أختيـ فمـ

أنيا قد ىربت، فازداد تصديقيـ لكبلـ الراعي، وأقسموا

Page 490: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 912 -

أاليتركوىا عمى قيد الحياة، وأخذوا يجدوف في البحث عنيا. وكانت الصبية تطوي القفاز، حتى الحت ليا مف بعيد خيمة منعزلة، فأوت إلييا، فإذا ىي أماـ امرأة عجوز،

المساء رجع ابف طمبت منيا أف تؤوييا فرحبت بيا، وفي تمؾ العجوز، ولما حدثتو أمو عف الضيفة رحب بيا، ولـ ذا يسأؿ مف تكوف عمى عادة العرب في استقباؿ الضيؼ، وا ىو الشاب نفسو الذي كانت الصبية قد ساعدتو، فغطت

ف كانت ىي قد عرفتو. وجييا بالخمار كي ال يعرفيا، وا ة وأقامت الصبية في ضيافة العجوز أياما، معزز

مكرمة، وذات يوـ طمب الشاب مف أمو أف تسأؿ الصبية إف كانت ترضي بو زوجا، بعدما رأت مف حالو وحاؿ أمو، وما ىما عميو مف بؤس وفقر حاؿ، وأخبرت العجوز

ضيفتيا برغبة ابنيا، فوافقت، وكاف الزواج. ومرت األياـ، والزوجاف سعيداف بحياتيما، عمى الرغـ

لشاب أف زوجتو ىي الصبية نفسيا مف الفقر، ولـ يعرؼ االتي كانت قد ساعدتو، وىي لـ تحدثو باألمر، ولـ تعرفو إلى نفسيا، وكانا عندما وقعا في البئر في ظممة الميؿ

وعتمة البئر.

ذا ىـ الرجاؿ األربعة وذات يوـ نزؿ بيـ ضيوؼ، وا أنفسيـ الذيف كانوا قد نزلوا بالشاب قبؿ نحو عاـ، فرحب

Page 491: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 913 -

، وعرفيـ وعرفوه، وذكروا كرمو السابؽ، وشكروه، بيـ الشابوتناولوا معو العشاء، وأخذوا يتبادلوف أطراؼ الحديث ثـ صارحوه بأنيـ يجدوف في طمب أخت ليـ يريدوف ذبحيا وأخذوا يذكروف البنات ومايجمبف عمى أىميف مف عار فأكد ليـ، وىـ يتجاذبوف أطراؼ الحديث أف البنات لسف سواء،

لشريفة ذات األصؿ التي ال تزؿ، ثـ حدثيـ عما ففييف اكاف مف أمره مع تمؾ الصبية التي أكرمتو وأنقذتو، ثـ أقسـ ليـ أنيا كانت مثاال لمعفة والشرؼ والنقاء، حتى إنيا وىي معو في عتمة البئر لـ ترفع الخمار عف وجييا، ودىش الضيوؼ لما سمعوا، وأدركوا أف الصبية المقصودة بالحديث

ي أختيـ. ىوكانت زوجتو وراء الخباء تصغي إلى الحديث كمو، وىنا دخمت تحمؿ القيوة، لتقوؿ لزوجيا، والخمار عمى وجييا: "واآلف إذا برزت لؾ تمؾ الصبية فيؿ تعرفيا؟"،

فأقسـ الزوج أماميا وأماـ الضيوؼ أنو ال يعرفيا. وازدادت دىشة الضيوؼ لدخوؿ المرأة عمييـ عمى

ذا ىي ترفع الخمار عف وجييا وتقوؿ غير عادة ا لعرب، وا لو: "ىذه ىي أنا، زوجتؾ"، ثـ تمتفت إلى الرجاؿ لتقوؿ ليـ: ذا شئتـ فيذه ىي رقبتي فاذبحوني، "لقد تبيف لكـ الحؽ، وا

وتركع أماميـ، وىي تسمـ رقبتيا إلييـ. وينيض الرجاؿ ليعانقوا أختيـ فرحيف بمقائيا وببراءتيا،

ب مينئيف لو بالزواج مف أختيـ. وليعانقوا الشا

Page 492: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 914 -

ويدرؾ الشاب أف زوجتو ىي تمؾ الصبية نفسيا، وأف الضيوؼ ىـ اخوتيا أنفسيـ، فيزداد ترحيبو بيـ، كما يزداد

فرحو بزوجتو. لى زوجيا األغناـ والجماؿ ويقدـ االخوة إلى أختيـ وا والرعاة ىدايا ليـ، وتتحسف بيما األحواؿ، ويطيب ليما

أ ليما الحياة. العيش وتين تعلق:

تإكد الحكاة انتصار الحق وظهوره على الباطل، ولو بعد حن، ولذلك ال بد من الصبر، كما تإكد أن الفقر ال ضر المرء، وال بد لسوء الحال من أن تؽر، وه

تعلق ذلك كله على القدر وتجعله رهن المصادفة.

كرم وتدل الحكاة على عادات البدو من ضافة ووحسن استقبال، كما تدل على ما لحق المرأة من ضم وظلم وحؾ بسبب سوء الظن والنة، ولكنها تإكد نقاء

المرأة وبراءتها، وتكشؾ فساد الواقع من حولها.

والحكاة تثر الخال بوساطة ببتها البدوة المتمزة وما فها من سجاا وخصال، وه محكمة البناء، آخرها

ى بداتها بقوة، وتقوم على قدر ؼر قلل من مشدود إل المفاجؤة واإلدهاش.

وتبدو الببر ف الحكاة مكانا متمزا بالػ الداللة والتؤثر، وهو موضع قاس لبلختبار، وذكر بالببر الت

ألقى فها وسؾ اخوته.

والحكاة تربوة موجهة على األؼلب إلى الرجال دق أي نبؤ سمعونه، تعظهم ك ال تسرعوا ف تص

ولعلها من إبداع المرأة ك تدافع بها عن بنات جنسها وتإكد براءتهن وعفتهن.

Page 493: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 915 -

Page 494: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 916 -

ػصفىس وجشادح

يحكى أنو كاف يعيش في مدينة بغداد رجؿ فقير وزوجتو، الرجؿ اسمو عصفور، والمرأة اسميا جرادة، وكانا

ا يعممو، والمرأة بائسيف، ال يممكاف شيئا، الرجؿ ال يجد شيئال تجد ما تساعد بو زوجيا، وقد ضاقت بيما األحواؿ،

واشتد بيما الفقر. وذات يوـ قالت جرادة لزوجيا عصفور: "ما رأيؾ لو عممت في السحر وقراءة الحظ؟"، فأجابيا بأنو ال يعرؼ شيئا مف ذلؾ، وىو الرجؿ األمي، ال يحسف كتابة حرؼ،

ؿ، وحرفة مف ال حرفة لو، وأنيا فأكدت لو أنيا مينة الجاىال تحتاج لغير الكذب والخداع، ويكفيو أف يخط في وريقة

أي شيء، حتى تصدقو النساء. وأماـ الفقر والجوع وضيؽ ذات اليد، وجد عصفور نفسو مضطرا إلى العمؿ في السحر، وجمس إلى النساء يخدعيف، ويكتب ليف الوريقات، ويعد ىذه ويمني تمؾ،

زوجتو توحي لو، وتشير عميو، وتخبره بطباع النساء وكانت وعاداتيف وطبيعة أفكارىف، وتحدثو بما يرغبف وبما يكرىف،

Page 495: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 917 -

فاستطاع أف يحقؽ النجاح، بؿ إف النسوة أقبمف عميو إقباال، حتى اشتير أمره، وذاع صيتو، وكاف كثيرا ما يستعيف

و، ثـ بزوجتو، فيستمع مثبل إلى مشكمة المرأة الداخمة عمييطمب منيا أف تنتظر قميبل، ويزعـ أنو سيخمو إلى قرينو،

ثـ يتركيا ويدخؿ عمى زوجتو، فتشير عميو بما سيفعؿ. وذات يوـ دخمت عميو إحدى جواري الخميفة، لتخبره أنيا عثرت عمى خاتـ زوجة الخميفة في حديقة القصر، وقبؿ أف ترده إلييا، شاع في القصر خبر سرقتو، فخشيت

ىي ردتو إلييا أف تتيـ بالسرقة وىي حائرة في األمر، ال إف تدري ما تفعؿ؟

وتركيا عصفور وحدىا وأسرع إلى زوجتو يسأليا ما يقوؿ لمجارية؟ فأخبرتو أف يطمب منيا أف ترمي بالخاتـ في بركة القصر، ورجع عصفور إلى الجارية فأخبرىا بذلؾ،

ففعمت. خرى مف جواري وبعد يوـ أو يوميف جاءتو خادمة أ

الخميفة تدعوه إلى القصر ألف زوجة الخميفة تطمبو، فأدرؾ عندئذ الغاية التي استدعي مف أجميا، ولما شكت لو زوجة الخميفة سرقة خاتميا، أخبرىا أنو غير مسروؽ، وأنو ال شؾ قد وقع منيا في موضع فيو ماء، وتذكرت زوجة الخميفة

فييا، فعثروا عمى بركة القصر، فأمرت الخدـ أف يبحثوا الخاتـ، ففرحت بذلؾ، وكافأتو، وأجزلت لو العطاء.

Page 496: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 918 -

وازدادت بذلؾ شيرة عصفور، وأقبؿ عميو الناس مف كؿ حدب وصوب، وعرض عمى زوجتو أف ييرب مف الببلد، فقد تحسنت بيما األحواؿ، ويخشى أف يفتضح أمرىما، فأبت ذلؾ، وأكدت لو أف عميو أف يصمد، وأف

تزداد الحاجة إليو. يستمر، فسوؼوفي يوـ آخر أرسؿ إليو الخميفة الخدـ يدعونو إليو، فخاؼ وأخبر زوجتو، فشجعتو، وأكدت لو ضرورة المثوؿ أماـ الخميفة، ولما صار بيف يديو، أخبره أف خزينة الدولة قد سرقت، وأنو ال عمـ ألحد باألمر، وعميو أف يكشؼ

الخميفة أف السارؽ، فذىؿ عصفور، وخاؼ، ثـ طمب مفيميمو خمسة أياـ، ثـ رجع إلى زوجتو ليخبرىا باألمر، ثـ عرض عمييا ثانية اليرب مف الببلد، فشجعتو عمى التريث

واالنتظار.وفي الحقيقة كاف خمسة لصوص قد تآمروا، فسرقوا خزينة الببلد، وقد عمموا باستدعاء عصفور إلى القصر،

دار عصفور كي فأرسموا في الميؿ أحدىـ ليتنصت عمى يعرؼ ما سيفعؿ، وبينما كاف المص يتنصت مف وراء الباب كاف عصفور يروح ويجيء في فناء الدار قمقا، وىو يقوؿ: "ىا ىو األوؿ ىا ىو األوؿ"، يقصد بو اليوـ األوؿ، وظف المص أف عصفور قد عرفو، وأحس بو وىو مف وراء الباب،

وا، وفي الميمة فأسرع إلى صحبو يخبرىـ باألمر، فمـ يصدقالثانية أرسموا لصا آخر، وكاف عصفور يروح في فناء الدار

Page 497: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 919 -

ويجيء، وىو في أشد القمؽ، ويقوؿ: "راح األوؿ وجاء الثاني، راح األوؿ وجاء الثاني"، وىو يقصد اليوـ األوؿ واليوـ الثاني، وظف المص أف عصفور قد عرفو وأحس بو

برىـ باألمر، فمـ وىو مف وراء الباب، فأسرع إلى صحبو يخيصدقوه، وفي الميمة الثالثة أرسموا لصا ثالثا، فوقؼ وراء الباب يتنصت، فسمع عصفور وىو يصيح: "جاء الثالث، جاء الثالث، جاء الثالث"، فذعر المص وأسرع إلى صحبو

يخبرىـ باألمر. وذعر المصوص، وظنوا أف عصفور قد عرفيـ

عنيـ، فأسرعوا إليو في وكشفيـ، وأنو ال بد سيخبر الخميفةاليوـ الرابع، وعرفوه بأنفسيـ، وأخبروه أنيـ ىـ المصوص الذيف سرقوا خزينة الدولة، وأنيـ يرجونو أال يكشؼ أمرىـ، ووعدوه برد ما سرقوه، بشرط أف يساعدىـ عمى األمر، مف غير أف يمسيـ أذى، وأسرع عصفور إلى زوجتو يخبرىا

ح، وأخبرتو بطريقة يعيد بيا باألمر، ففرحت بذلؾ أشد الفر خزينة الدولة إلى الخميفة.

وفي صباح اليوـ الخامس مضى عصفور إلى قصر الخميفة واثقا مف نفسو، ولما دخؿ عميو أخبره أف المصوص الذيف سرقوا الخزينة قد أخفوىا في بستاف ميجور، ال يممكو أحد، تحت نخمة محروقة، فأمر الخميفة جنده عمى الفور

مضي إلى ذلؾ البستاف، وما ىي إال برىة، حتى رجعوا بالبالخزينة، ففرح الخميفة بذلؾ أشد الفرح، وكافأ عصفور،

Page 498: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 901 -

وأجزؿ لو العطاء. ، كاف الخميفة يتمشى في حديقة القصر، وذات يـوفأراد أف يتسمى، فأرسؿ وراء عصفور، وتردد ىذا في الحضور، وشاور زوجتو جرادة، ولكنيا ألحت عميو

ذىاب، وأوصتو أال يخاؼ. بالوكاف الخميفة قد رأى جرادة، فأمسؾ بيا، ولما دخؿ عميو عصفور، أطبؽ عمييا أصابع يده، ثـ سألو عما يخبئ في قبضتو، فصاح عصفور مستنجدا بزوجتو وىو ييـ بالفرار: "جرادة، جرادة" فضحؾ الخميفة، وفتح قبضة يده، ثـ

مف الجراد، ثـ كافأه دعاه إليو ظنا منو أف عصفور يخاؼ وأجزؿ لو العطاء.

ورجع عصفور إلى زوجتو يخبرىا بما جرى، ويرجوىا أف توافقو عمى مغادرة بغداد، قبؿ أف يكشؼ أمره، ولكنيا

طمأنتو، وأكدت لو ضرورة البقاء. وذات يوـ زار الخميفة ممؾ العجـ، فأراد الخميفة أف

صفور ىذه يعرفو إلى عصفور، فأرسؿ في إثره فخاؼ عالمرة أشد الخوؼ، ورفض المضي مع جند الخميفة، ولكف

زوجتو دفعتو إليو دفعا، فساقوه إلى القصر. وكاف الخميفة قد حدث ممؾ العجـ عف عصفور وذكر لو قدرتو عمى معرفة كؿ شيء، بؿ أكد لو قدرتو عمى معرفة ما يخبئ وراء جدار، ثـ إنو خبأ عصفورا في غرفة

Page 499: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 900 -

عرش، ولما دخؿ عميو عصفور، قدمو إلى وراء قاعة الضيفو الممؾ، ثـ سألو إف كاف يعرؼ ما خبأ وراء الجدار، فصاح عصفور مذعورا: "عصفور طار، عصفور طار"، ثـ

أوالىـ ظيره وولى ىاربا. فضحؾ الخميفة وضيفو الممؾ، وأرسؿ جنده يحمموف إليو اليدايا والعطايا، وكاف عصفور قد دخؿ داره، وأقفؿعميو الباب، وأقسـ أال يغادر داره أبدا، ولما قرع عميو الجند الباب، أخذ يصيح مظيرا الجنوف، وخرجت إلييـ زوجتو، فأخذت منيـ اليدايا والعطايا، ثـ التفت إلى زوجيا تقوؿ لو: جنونؾ خير لي مف فقرؾ، وما صار لدينا مف ماؿ

يكفينا بقية العمر. تعلق:

الفقراء، وضق ذات دهم، وانسداد تإكد الحكاة فقر سبل العش أمامهم، حتى إنهم ال جدون أمامهم سوى النصب والخداع واالحتال وسلة لبلرتزاق، وتبدو وسلة ناجحة جدا، ف المجتمع المتخلؾ، حث ستبد فه األؼناء بالفقراء، وه تكشؾ الزؾ ف قصور الملوك والحكام،

غ وإسراؾ وتبذر أموال. وما فها من خداع وفرا

والحكاة تدل على ذكاء المرأة، وقدرتها على إنقاذ زوجها ونفسها، وتؽر واقع حاتها، كما تدل على أن الفقر لس نتجة الؽباء، إنما هو نتجة الظلم، وه تدل أضا على أن الببلهة ؼالبا ما تكون نتجة الفقر وضعؾ

الحال.

لى المصادفة والمؽامرة، والحكاة مرحة، تقوم عوتتخذ من االسم وسلة لبناء الحدث، وعنصر االفتعال فها واضح، ولكنه مقبول فنا ومقنع لؽرض االنتنقاد

Page 500: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 902 -

واإلضحاك.

Page 501: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 903 -

اه اظب

يحكى أنو كاف في أحد الببلد ممؾ ظالـ شديد الظمـ، وكاف الناس يخافونو أشد الخوؼ، وذات يوـ ذىب إلى

غابة كي يستمتع بالصيد، فرأى شابا يقطع جذع شجرة الفتقدـ الممؾ منو، ولكف الشاب لـ يباؿ بو، واستمر في ضرب جذع الشجرة بفأسو، فغضب منو الممؾ، وأمره بالتوقؼ في الحاؿ، ثـ سألو إف كاف ال يعرؼ مف يكوف؟ فأجابو الشاب بجرأة: "أعرفؾ، أنت الممؾ الظالـ"، فازداد

، وأمر جنده بالقبض عميو في الحاؿ. غضب الممؾولما رجع إلى القصر أمر بإحضار الشاب، ثـ عرض عميو أف يتراجع عما قاؿ: فأبى، فأمر الممؾ بحرقو بالنار، فطمب منو الشاب أف يذىب ليودع أمو، فأرسؿ الممؾ معو

الحرس. وكاف لمشاب أخواف اثناف، وكاف الثبلثة متشابييف أشد

أحدىما ال تؤثر فيو النار، فطمب منو أخوه التشابو، وكاف أف يذىب بدال منو، فمضى الذي ال تؤثر فيو النار مع جند الممؾ، ولما دخؿ عميو أمر بإلقائو عمى الفور في نار كاف

Page 502: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 904 -

قد أعدىا لو، فدخؿ الشاب في النار، وقعد فييا، مف غير أف يتأثر، فدىش الممؾ وأمر أف يحبس في صندوؽ

و اليواء، فطمب منو أف يأذف لو في وداع زجاجي ال يدخم أمو.

وأرسؿ الممؾ الجند معو كي يودع أمو، وكاف أخوه الثالث يستطيع حبس أنفاسو مدة طويمة، فبل يختنؽ، فذىب مع الجند بدال منو، وكاف الممؾ قد أعد لو صندوقا زجاجيا، فحبسو فيو، فقعد الشاب غير منزعج، حتى ضاؽ بو الممؾ

ثـ أمر بإغراقو في البحر، فطمب منو أف يسمح لو ذرعا، بوداع أمو، فسمح لو بذلؾ.

ومضى الشاب إلى األخ األوؿ، وكاف يستطيع شرب ماء البحر كمو دفعة واحدة، فطمب منو أف يعود إلى الممؾ، فمضى ىذا الشاب مع الجند، وعمى الفور أمر بإلقائو في

واحدة، ورجع الجند البحر، فمضوا بو إليو، فشربو كمو دفعة إلى الممؾ مدىوشيف ليخبروه باألمر.

وقدـ الممؾ بنفسو ليرى حقيقة ما جرى، وكاف الشاب قد سار في عمؽ البحر بعد أف جؼ حتى بمغ جزيرة قريبة، ولما رأى الممؾ في إثره، أفرغ ماء البحر الذي كاف قد شربو، فأغرؽ الممؾ وجنده، ثـ ركب سفينة وعاد إلى بمده.

وفرح الناس بخبلصيـ مف الممؾ الظالـ، وعينوا الشاب ممكا بدال منو، واتخذ مف أخويو وزيريف لو، وحكموا جميعا

Page 503: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 905 -

الببلد والعباد بالعدؿ. تعلق:

حكاة طرقة، تإكد انتصار العدل مهما طال أمد الظلم، ولكنها تجعل االنتصار بوساطة أمور خارقة للعادة،

لقهر، وشعور بصعوبة تحقق مما دل على إحساس با النصر.

والحكاة تقوم على بنة ثبلثة، وتستند إلى عناصر ثبلثة أساسة، وه: الماء والنار والهواء.

Page 504: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 906 -

دىببد لصشح

Page 505: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 907 -

Page 506: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 908 -

اىطخ

في الطريؽ الوعرة بيف الجباؿ، كاف أحد الرجاؿ مع ار. وبينما ىما ولده يسوؽ حماره المحمؿ بالمؤف والعتاد لمثو

في بعض الطريؽ، إذا مجموعة مف الجند األعداء تحيط بيما، وتقتادىما إلى التحقيؽ.

باء، وطمب ووقؼ الرجؿ مع ولده أماـ الضابط، بعزة وا الضابط مف الرجؿ أف يدلو عمى مواضع الثوار، فطمب منو أف يقتؿ ولده أوال، فدىش الضابط، وسألو عف السبب،

شى أف يخبر الولد الثوار بأف والده قد دؿ فأجابو بأنو يخاألعداء عمييـ، فعجب الضابط مف األمر، ثـ أقدـ عمى

قتؿ الولد أماـ أبيو. ثـ طمب الضابط مف الرجؿ أف يدلو عمى أماكف الثوار، وىنا رفض الرجؿ، وطمب منو أف يقتمو كما قتؿ الولد، ودىش الضابط، ولـ يجد سببا مقنعا لقتؿ الولد مفقبؿ، فرد عميو الرجؿ بأنو كاف يخشى إف قتؿ ىو أوال أف يخبر الولد مف بعده األعداء بأماكف الثوار، أما اآلف، وقد

Page 507: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 909 -

قتؿ الولد قبمو، فيو ال يخشى شيئا، وقد اطمأف إلى أنو لـ يخف وطنو.

تعلق: سمعت هذه الحكاة برواات مختلفة، ونسبت إلى عهد

، كما نسبت إلى كفاح الشعب االحتبلل الفرنس لسورةالعرب ف الجزابر ضد المحتل الفرنس أضا، ولعل ف

هذا داللة على وحدة الشعب العرب، ووحدة النضال.

Page 508: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 921 -

برا مىي ابء؟

يحكى أف أحد المموؾ أرؽ في إحدى الميالي، وجافاه ، فنيض مف سريره، وأخذ يتمشى في شرفة القصر، النـو

ر ويتأمؿ، فيداه تفكيره إلى أف يسأؿ عف الماء، وىو يفك ماذا يقوؿ حيف يغمي؟!

وأرسؿ عمى الفور وراء وزيره، فتـ احضاره مف بيتو، والنوـ ما يزاؿ يمؤل عينيو، ولما سألو الممؾ عما يقوؿ الماء حيف يغمي؟ دىش الوزير، وأجابو بأنو ال يقوؿ شيئا،

وأميمو ثبلثة فغضب الممؾ، وأمره أف يبحث عف جواب، أياـ، إف لـ يأت بعدىا بجواب مقنع، قطع رأسو.

وخرج الوزير مغتـ الصدر، يفكر ويتأمؿ، فبل ييديو تفكيره إلى شيء، إذ أنو مقتنع بأف الماء ال يقوؿ شيئا وىو يتردد في سؤاؿ أحد خشية أف يسخر منو الناس، إف ىو

سأليـ مثؿ ىذا السؤاؿ. حالة إلى عصر اليوـ الثالث، وقد ظؿ عمى مثؿ ىذه ال

مف غير أف ييتدي إلى جواب، ومف غير أف يبوح بمكنوف

Page 509: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 920 -

نفسو ألحد، حتى رقت لحالو زوجتو، فنصحت لو بالخروج لمتنزه، عسى أف ينشرح صدره، ويستريح مما ىو فيو.

واستجاب الوزير إلى نصيحة زوجتو، فخرج مع أحد لى البادية معاونيو، متنكريف في زي سائحيف، وقصدا إ

يتفسحاف، ومف بعيد الحت ليما مضارب إحدى القبائؿ، فقصدا إلييا، وما إف بمغا أوؿ خيمة، حتى خرج ليما شيخ عجوز، رحب بيما، وقادىما إلى خيمتو، وقدـ ليما ما لديو مف طعاـ، في كـر كبير، وكانت تعمؿ عمى خدمتيـ، وتقدـ

دو عمييا ليـ الطعاـ ابنة الشيخ العجوز، وىي صبية تب مخايؿ الذكاء.

وبعد تناوؿ الطعاـ أحضرت الصبية أدوات القيوة، وأوقدت النار وأخذت تغمي الماء لتعد القيوة، وكاف الوزير قد أحس بالسرور واالنشراح، ولكنو حيف رأى الماء يغمي، ندت عنو، مف غير أف يشعر، آىة طويمة، وذكر سؤاؿ

الممؾ، فتكدر. العجوز، فسألو عف اليـ الذي يحممو، وتنبو إليو الشيخ

فتبسـ الوزير، وأجابو أف ال ىـ لديو وال حزف، ولكف خاطرا مر في بالو، وىو تساؤلو عما يقوؿ الماء وىو يغمي، فضحؾ الشيخ العجوز، وقاؿ لو: "ألجؿ ىذا تشغؿ بالؾ"، ثـ التفت إلى ابنتو، وقاؿ ليا: "أجيبي عمؾ يا بنت عف

مى الفور: الماء يا عـ يقوؿ: تساؤلو" فقالت ع

Page 510: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 922 -

الحؽ عمي أنا المي في الوادي جريت كؿ عود مني انتشا منو انكويت

فأعجب الوزير بجواب البنت، فشكرىا، وشرب القيوة، ثـ شكر لمرجؿ العجوز حسف ضيافتو، وكرمو، وودعو،

وخرج مع معاونو. وأسرع الوزير إلى الممؾ يخبره بالجواب، وىو في غاية

ور، فأمر الممؾ السياؼ بقطع رأسو، فدىش الوزير، السر وسألو عف السبب، فرد عميو الممؾ بأف الجواب الذي قدمو

ليس جوابو ىو، فاعترؼ بالحقيقة. وعمى الفور أمر الممؾ رجالو بإحضار الصبية، وأبييا، فأحضرت إليو، فخصص ليا جناحا في قصره، تعيش فيو

ريو. مع أبييا، وجعميا مف كبار جوا تعلق:

حكاة تربوة، موجهة إلى الناشبة، تثر لدهم حوافز الذكاء، وتدربهم على اإلجابة عن أسبلة عوصة، وتعلمهم

إدراك ما وراء الظاهر من باطن خف.

والجواب ف الحكاة دل على إدراك التحول ف الطبعة، والوقوؾ عند الجوهر وإن تؽر العرض

ؽل بفعل النار، هو نفسه الذي كان واختلؾ، فالماء الذيقد روى األؼصان الت أصبحت أعوادا تشتعل بها النار، ولكؤن الحكاة تتفق مع المقولة العلمة: المادة ال تفنى،

ولكن تتحول.

كما دل الجواب على اإلحسان الذي قد تنجم عنه ف بعض الحاالت إساءة، وهو تفق والقول الشابع: "اتق شر

Page 511: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 923 -

أحسنت إله". من

وف الحكاة عنصر متكرر ف كثر من الحكاات، وهو سإال الملك وزره عن قضة، وإمهاله ثبلثة أام إن

لم ؤت بعدها بالجواب قطع رأسه.

وف الحكاة داللة على ترؾ الملوك، وانشؽالهم بالتفكر ف قضاا ذهنة مجردة، وانصرافهم عن مشكبلت

العامة.

Page 512: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 924 -

أف امبض

يحكى أف بنتا صغيرة، كاف ليا بيت صغير، فيو سرير صغير، وحصيرة صغيرة، ومطبخ صغير، فيو أواف صغيرة، وقدر صغيرة، ومبلعؽ صغيرة، وكانت كؿ أشيائيا مثميا،

صغيرة صغيرة. وذات يوـ خرجت إلى السوؽ، فرأت في الطريؽ فمسا،

فوضعتو عمى الرؼ، فاشترت بو دبسا، ورجعت إلى البيت وغطتو بالغرباؿ، ثـ قعدت في الشمس تتسمى، منتظرة وقت

الظير، حتى تتغداه. وىي قاعدة في الشمس الدافئة، ذكرت جارتيا الذبابة، فقالت تحدث نفسيا: "ال بد أف تأتي جارتي الذبابة، كعادتيا، لتستعير الغرباؿ، وعندئذ تأكؿ الدبس، وتترؾ لي

لـ تمض برىة حتى دؽ الباب، القذر في الصحف، و فمضت تفتحو، فإذا جارتيا الذبابة في الباب تقوؿ ليا: يا جارتي أعيريني الغرباؿ"، فقالت ليا: "ىو عمى الرؼ، ادخمي فخذيو، ولكف ال تأكمي الدبس"، فأخذت الذبابة

Page 513: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 925 -

الغرباؿ، وخرجت. وبعد قميؿ أحست الفتاة الصغيرة بالجوع، فمضت إلى

فإذا الذبابة قد أكمت الدبس، وتركت ليا المطبخ، ونظرت،القذر في الصحف، فانطمقت عمى الفور إلى القاضي، تشكو

لو أمرىا. فقالت لو: أنا بنت صغيرة.

فأجابيا: ىكذا خمقت. فقالت لو: أسكف في بيت صغير.

فأجابيا: عمى قدؾ. فقالت لو: فيو مطبخ صغير.

فأجابيا: يكفيؾ. ى السوؽ. فقالت لو: خرجت إل فأجابيا: حسنا فعمت

فقالت لو: عثرت عمى فمس فأجابيا: لقد رزقت.

فقالت لو: اشتريت بو بعض الدبس فأجابيا: حموا اشتريت

فقالت لو: خبأتو عمى الرؼ فأجابيا: نعـ ما خبأت

Page 514: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 926 -

فقالت لو: فزارتني الذبابة فأجابيا: جارة استقبمت

فقالت لو: فطمبت مني الغرباؿ ابيا: حاجة سألتؾ فأج

فقالت لو: قمت ليا ادخمي المطبخ، فخذيو فأجابيا: حاجة قضيت

فقالت لو: وأوصيتيا أال تأكؿ الدبس. فأجابيا: حريصا أوصيت

فقالت لو: ولكنيا أكمت الدبس، وتركت القدر في الصحف

فأجابيا: لقد آذتؾ فسألتو: فما جزاؤىا؟

ألوراؽ التي بيف فأطرؽ القاضي طويبل، ونظر في ايديو، وتفكر، وتأمؿ، ثـ فتح فمو، وتكمـ فقاؿ: "حيثما

رأيتيا، إذا استطعت، فاقتمييا". فنظرت إليو الفتاة الصغيرة مبيوتة، ال تعرؼ بماذا تجيب، وكادت الدموع تنحدر مف عينييا وىو يواجييا بوجو صامت، مغمص العينيف، مطبؽ الشفتيف، ينتظر انصرافيا،

ذا ذب ابة تحط عمى أنفو، فأسرعت الفتاة الصغيرة إلى وا نعميا، فرفعتو، وضربت بو الذبابة، فانتفض القاضي

Page 515: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 927 -

مذعورا، وصاح بيا: "ماذا فعمت؟"، فقالت لو: "ألـ تقؿ لي: إذا استطعت، فاقتمييا؟ -حيثما رأيتيا

تعلق: حكاة طرفة، تمتاز بالرشاقة والذكاء، ومكن أن

ات، فه ف مستوى من المستوات تقرأ على عدة مستومحض حكاة بربة لؤلطفال، تسلهم، وتنشط خالهم، وتمدهم بزاد لؽوي، وقدرة على الوصؾ، وتمنحهم شبا

من الفكاهة والمرح.

وه ف مستوى آخر تنتقد القضاء، فتإكد بجرأة أن القضاء ال مكنه على األؼلب أن نصؾ المظلوم، أو

ان المفروض فه أن فعل، ولذلك ما نتصر له، وإن كعلى المظلوم إال أن نتصر لنفسه بنفسه، وال نتظر، وفق

منطوق الحكاة.

وبلحظ جرأة الذبابة ووقوفها على أنؾ القاض، وه الظالمة للبنت الصؽرة، وهذا الوقوؾ نتجة طبعة لتراخ القاض، وعدم إنصافه المظلوم، وتركه الظالم

، مما سإدي إلى جرأة الظالم على القاض حرا رتع نفسه.

ولذلك كله، تحمل لطمة البنت الصؽرة للذبابة وه على أنؾ القاض دالالت شتى، فه تنتصر لنفسها، وتؤخذ حقها من الذبابة، وه تهن القاض الذي لم تمكن من إنصافها، على الرؼم من ضعؾ ظالمها، كما تتخلص

ها القاض من عقدة ضعفها وصؽر البنت الصؽرة بلطم حجمها، لتإكد قوتها وقدرتها على أخذ حقها.

والحكاة بذلك كله تثر خال المتلق، صؽرا كان أو كبرا، وتلب حاجته الفطرة إلى الخال والرمز واختراق

الواقع، وإقامة الحق وتؤكد الذات.

Page 516: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 928 -

Page 517: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 929 -

از غشق ثضخ غشق جال

رأة عجوز فقيرة، ولد وحيد، ربتو عمى الدالؿ، كاف المفكانت ال تزجره في شيء، وال تمنعو مف شيء، حتى كاف يقاؿ لو: الدلوؿ، لفرط ما لقيو مف دالؿ أمو، وما يبديو مف

تعمؽ بيا. وذات يوـ خرج يمعب مع الصبياف، فرأى في خـ الجيراف بيضة، فدخؿ الخـ فأخذ البيضة ورجع إلى البيت،

تو أمو عما أرجعو، فأخبرىا بأنو عثر عمى بيضة، فسألفأظيرت األـ فرحيا، وأخذت منو البيضة، مف غير أف تسألو مف أيف أحضرىا، ثـ صنعت لو منيا طبقا، وقدمتو

إليو. وفي يوـ آخر، خرج أيضا ليمعب مع الصبياف، فرأى دجاجة تنقر وتفحص األرض برجمييا فيجـ عمييا، وحمميا

ومضى إلى أمو، وىو ينادي: "انظري ماذا بيف يديو، لقيت"، ففرحت األـ بالدجاجة، ومضت فذبحتيا وىيأت منيا

طعاما شييا، تناولتو وابنيا في نيـ شديد.

Page 518: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 931 -

وفي يوـ آخر، وقد كبر الولد، مر بالسوؽ، فرأى وعاء لى جانبو فيو عسؿ، موضوعا عمى قارعة الطريؽ، وا

، فمـ ير أحدا، ويبدو مكياؿ، وكرسي صغير، فتمفت حولوأف صاحب العسؿ قد ذىب لقضاء حاجة، فحمؿ الولد وعاء العسؿ، وأسرع بو إلى البيت، يقدـ إلى أمو ما عثر عميو في الطريؽ، ففرحت بو األـ فرحا شديدا، وباركتو، وقالت لو: "إنؾ دائما موفؽ، ومحظوظ"، فأعجب الولد

عمييا، ىنا أو بنفسو، ومضى يبحث عف أشياء أخرى يعثر ىناؾ.

ومرت األياـ وقد أصبح شابا، فاعتاد عمى التقاط ما يغفؿ عنو الناس، في الطرقات، حتى بات يتحيف ذلؾ، ويترصده، ثـ أخذ يرقب أبواب البيوت، فبل يتردد في دخوؿ دار يجد بابيا مفتوحا، كما ال يتورع عف اقتحاـ دكاف غاب

شتييو نفسو، مف غير عنيا صاحبيا لحيف، ليأخذ كؿ ما ت أف يشعر بو أحد.

فكاف يحضر ألمو عمى الدواـ الصحوف والطسوت والثياب، واألطعمة واألشربة مف شتى األلواف، بؿ كاف يجمب ليا بيف الحيف والحيف، شيئا مف الماؿ، وكانت كؿ مرة تفرح بو، وتباركو، وتشجعو عمى ما ىو فيو، وتزينو لو،

؟ وكيؼ حممو؟ فقد كانت تظف أف وال تسألو مف أيف أحضره كؿ ما يأتي بو كاف يعثر عميو.

وىكذا غدا ابنيا رجبل، وصار لصا، يسرؽ البيوت

Page 519: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 930 -

والدكاكيف، وينيب األمواؿ واألشياء، وال يتورع عف مشاركة أمثالو مف المصوص والشطار، فقد كاف دائما يطمع في

األكبر واألعظـ، كما كاف يزداد جرأة وحدة. يوـ اقتحـ قصر الممؾ، ودخؿ بيت الماؿ، وذات

فسرؽ ما فيو مف أمواؿ، وولى ىاربا، فما عادت الحيؿ تعييو، ولكف الحراس شعروا بو، فمحقوه، حتى أدركوه، ومعو

الماؿ المسروؽ، فقادوه إلى القصر، وسمموه إلى الممؾ. وما ىي إال بضعة أياـ، حتى صدر عميو الحكـ

حدد لذلؾ، نصبت لو المشنقة، في بالشنؽ، وفي اليوـ المساحة البمدة، وأخذ الناس يتقاطروف عمييا مف كؿ صوب، ، الذي روع الناس بسرقاتو، حتى لمفرجة عمى ذلؾ المجـر

إنو جرؤ عمى سرقة ماؿ المممكة. وخرجت أمو لمفرجة مع مف خرج مف الناس، وىي ال تعرؼ أف المحكوـ عميو ىو ابنيا، فقد غاب عف البيت

مقت عميو، ولكنيا ال تتوقع شيئا مما جرى. وقولما قدـ إلى المشنقة، أرسؿ الممؾ يسألو إف كاف يريد شيئا، فطمب أف يودع أمو، فنودي عمى أمو، وعندئذ ذىمت األـ، وتقدمت تصرخ وتعوؿ، منكرة ما صار إليو، فمما تقدمت منو، طمب منيا أف تمد لسانيا ليقبميا، فاستغربت

ألح عمييا، ففعمت، فما كاف منو إال أف أطبؽ منو ذلؾ، ف أسنانو عمى لسانيا، وعضو عضا، حتى قطعو.

Page 520: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 932 -

فياج الناس، واستغربوا األمر، ونادى عميو الممؾ، فمثؿ بيف يديو، فسألو، لماذا فعمت ذلؾ، فأجابو:

لسانيا ىو السبب، ألنيا كانت ال تسألني مف أيف -ا صغير، بؿ أحضر ما كنت أحضر ليا مف أشياء، وأن

كانت تشجعني كمما أحضرت شيئا، وتباركني، وتقوؿ إني محظوظ، حتى غدوت سارقا، فالذي يسرؽ بيضة في

الصغر يسرؽ جمبل في الكبر. وعندئذ خفؼ عنو الحكـ، فأمر باالكتفاء بسجنو لبضعة أعواـ، ثـ طمب منو أف يعتذر ألمو وأف يسامحيا،

ا كاف. فعاد إلييا يعانقيا ويبكي عمى م تعلق:

حكاة تربوة من الممكن أن تكون موجهة إلى األطفال، ومن الممكن أن تكون موجهة إلى األمهات، وه تإكد خطورة إهمال الولد، وضرورة سإاله عما فعل، وتوجهه التوجه الحسن، نحو الحق والخر، ونهه عن

هل المنكر، كما تإكد أن التساهل ف القلل قود إلى التساف الكثر، فالقضة ال تتعلق بالكثرة أو القلة، والكبر أو

الصؽر، وإنما تتعلق بالمبدأ.

وتإكد الحكاة مكانة األم ف المجتمع، ودورها الكبر ف تربة األطفال، وتحملها المسإولة الكبرة، كما تدل على صعوبة تربة الولد الوحد، وصعوبة تربة الولد ف

. ؼاب األب

ودل عض الولد لسان أمه على أهمة الكلمة ودورها ف التربة والنطق بالحق، كما تدل على أن التربة عمادها

الكلمة الموجهة بصدق نحو الخر.

Page 521: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 933 -

Page 522: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 934 -

وشح ازهت

يروى أف أحد الرجاؿ كاف عمى غنى كبير، يممؾ قا ضيؽ الدور واألراضي واألمواؿ، وكاف يبدو دائما كئيبا قم

النفس متشائما، ال يينأ بشيء، وال يسعد، وقد جرب السفر، والسير، وكؿ أنواع التسمية، فمـ يذىب عنو ما ىو فيو مف

كرب وضيؽ. وذات يوـ أشار عميو أحد صحبو أف يصنع كرة مف الذىب، ليتسمى بيا مع زوجتو في البيت يدحرجيا ليا،

سيرة، وفرح الرجؿ وتدحرجيا لو، ويتبادالنيا، في أثناء اللنصيحة صاحبو، ومضى عمى الفور إلى أحد الصاغة، وطمب منو أف يصنع لو كرة مف الذىب الخالص، واستحثو

في إنجازىا وأجزؿ لو في العطاء، وىو الغني المقتدر. وأخذ الرجؿ يمعب مع زوجتو بالكرة كؿ مساء، يدحرجيا ليا، وتدحرجيا لو، ويتسمياف بيا، ولكف لـ يذىب عف الرجؿ شيء مف كربو وضيقو، بؿ لعمو ازداد بيذه الكرة ضيقا وكربا فمضى إلى صاحبو، يحدثو عما كاف معو مف

Page 523: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 935 -

أمر الكرة التي نصح لو بيا. وعندئذ ضحؾ صاحبو طويبل، وقاؿ لو: ما أقصده

بكرة مف الذىب ىو الولد، يمؤل حياتؾ دفئا وأنسا وبيجة. تعلق:

اإلنسان الفطرة للولد، فهو تإكد الحكاة حاجة ضروري لحاة الزوجن، وال مكن أن سد مسده شء.

وه تدل على أن اإلنسان هو القمة األولى، وأنه أؼلى من الذهب وأسمى، وأنه ال بدل عن اإلنسان. والحكاة بسطة ال تعقد فها، وتمتاز بالذكاء، وال سما

ثمن وأساس ف ف اختارها الذهب، وهو معدن نادر والحاة االقتصادة، ولذلك كان ناجحا تؤكدها بوساطته أن

الولد أثمن منه وأكثر ضرورة.

Page 524: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 936 -

اغ وافمش

يحكى أف أخويف، كاف أحدىما غنيا، واآلخر فقيرا، وكاف لكؿ منيما ولد اسمو أحمد، وكاف الغني يزور أخاه

و ابنو أحمد، وكاف إذا الفقير، بيف حيف وآخر، مصطحبا معحاف وقت الغداء، أعرب ألخيو الفقير عف رغبتو في تناوؿ نوع ما مف الطعاـ، ثـ يستأذنو في إرساؿ ابنو إلى السوؽ، لشراء ذاؾ النوع، وكاف األخ الفقير يستجيب لرغبة أخيو، وعندئذ يعطي الغني ابنو بعض النقود، ويقوؿ لو اذىب

عاـ، فيأخذ ابنو النقود ويخرج. واشتر لنا ذلؾ النوع مف الطوما إف يصير الولد خارج الدار حتى يقوؿ الغني ألخيو الفقير: "أحمد يمتطي اآلف الجواد"، وبعد قميؿ يقوؿ: "ىو اآلف في الطريؽ إلى السوؽ"، وبعد حيف آخر: "ىو اآلف في السوؽ"، ثـ يقوؿ: "ىو اآلف يساوـ في شراء

تري ذلؾ النوع"، ثـ يقوؿ: الطعاـ"، ثـ يقوؿ: ىو اآلف يشىو اآلف يمتطي جواده ويعود"، ثـ يقوؿ: "ىو اآلف في

الطريؽ إلينا"، ثـ يقوؿ: "ىو اآلف في باب الدار".

Page 525: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 937 -

وعندئذ ينادي، فيجيبو ابنو، ثـ ما يمبث أف يدخؿ حامبل ذلؾ النوع مف الطعاـ الذي أوصاه بو أبوه.

أخاه وكاف ىذا دأب الغني، في كؿ مرة يزور فيياالفقير، يفخر أمامو بقدرتو عمى شراء ما يشتيي مف ألواف

الطعاـ، ويزىى بذكاء ابنو، وحسف تصرفو. وكاف الفقير يحس باأللـ والضيؽ، لفقره، وعدـ قدرتو

عمى شراء شيء مما يشتيي، ولضعؼ ابنو، وقمة حيمتو. وذات يوـ قرر الفقير أف يزور أخاه، ويفعؿ مثؿ ما

كاف قد ادخره لذلؾ مف ماؿ، واصطحب يفعؿ، فحمؿ ماابنو، ومضى إلى زيارة أخيو، ولما حاف وقت الغداء اقترح عمى أخيو الغني نوعا مف الطعاـ، واستأذنو في ارساؿ ابنو لشرائو مف السوؽ، فوافؽ األخ، فنادى الفقير ابنو، فأعطاه صرة النقود، وأوصاه، وحذره، وحثو عمى اإلسراع، ولما

، التفت الفقير إلى أخيو الغني، وقاؿ لو: "أحمد خرج الولداآلف يمتطي الحمار"، وبعد قميؿ قاؿ لو: "ىو اآلف في الطريؽ"، ثـ قاؿ: "ىو اآلف في السوؽ"، ثـ أخذ يقوؿ مثمما كاف يقوؿ أخاه مف قبؿ، متتبعا مراحؿ مضي ابنو إلى السوؽ، وعودتو منو، حتى بمغ قولو: "ىو اآلف في الباب،

مف السوؽ، ثـ نادى ابنو، فجاء صوتو: "نعـ يا أبي"، عائدفقاؿ لو: "عجؿ، ىات الطعاـ، فجاء الصوت ثانية: "أنا ىنا

يا أبي، ما أزاؿ أحاوؿ وضع السرج عمى الحمار".

Page 526: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 938 -

تعلق:

حكاة ساخرة، ولكنها مإلمة ف سخرتها، إذ تنتقد حال الفقر، الذي إثر فقره ف مستوى ذكابه، وسرعة

ستجابته، على حن تح الؽنى للؽن القدرة على الفعل ا والحركة، وعوده سرعة االستجابة.

وزد السخرة ألما ف الحكاة أن أثر الفقر أو الؽنى عند الوالد، إنما تعداه إلى الولد، بل إن ذلك األثر ظهر ف الولد أكثر مما ظهر ف الوالد، وهذا عن من جهة

ر شقاء الفقر، واستمرار قدرة الؽن، وكؤن أخرى استمرا الصراع بنهما تارخ، ال نته.

والحكاة تكشؾ أثر الببة أو المستوى المادي ف شخصة اإلنسان، وال سما الطفل، وه تإكد أن ما هو مكتسب ف الطبع والخلق والذكاء أقوى مما هو موروث.

ابة، قادر إن ولد الؽن سرع الحركة، سرع االستجعلى الفعل، لس لطبع ورثه، وإنما لخلق اكتسبه، من ؼنى

والده وقدرته على الفعل.

والحكاة تدل بصورة ؼر مباشرة على دور الحظ والقسمة والنصب ف حاة اإلنسان، وما كون من ؼنى أو فقر، وسعادة أو شقاء، إذ تجعل الحكاة الؽن والفقر

أن كونا ف حالة واحدة من أخون، وما كان أحراهما الفقر والؽنى، وكونهما أخون، إكد ثانة ما سبق

استنتاجه من أن المكتسب أقوى أثرا من الموروث.

ولعل الحكاة تقصد من سخرتها المإلمة إلى التنبه، وإثارة الوع لدى الفقر، وتحرضه على تجاوز واقعه

بصورة من الصور.

Page 527: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 939 -

Page 528: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 941 -

ذىا اػذي.. ػ

كاف في قديـ الزماف ممؾ، وال ممؾ إال اهلل، وكاف ذلؾ الممؾ يحكـ الببلد بالعدؿ واإلحساف، ويقيـ الحؽ، وكاف شعبو ينعـ باألمف والسبلـ، ويعيش في صدؽ وخير وحب، االبف يبر أباه، واألخ يعيف أخاه، والجار محب لجاره، وال

بغض وال عداء، وال خصاـ وال جداؿ. ياـ تتموىا األياـ، وأخذت األمور تتغير شيئا ومرت األ

فشيئا، وبدأت األحواؿ تتحوؿ، إذ ال شيء يبقى عمى حاؿ، فسبحاف مقمب القموب، ومغير األحواؿ، فعؽ الولد أباه، وغدر األخ بأخيو، وخاف الجار جاره، وعـ الكذب والغش والخداع، وشاع الفسؽ والرياء والفجور، فانتيكت األعراض،

ت األمواؿ، ولـ يبؽ أحد يأمف عمى نفسو أو بيتو أو وسرق مالو أو عممو، وباتت األمور في أسوأ حاؿ.

وزاد في الطيف بمة تحوؿ الممؾ، فظمـ وجار، وحاد عف الحؽ والصواب، وعاث في األرض فسادا فأطمؽ يد جنده في الببلد، يبطشوف ويظمموف ويفتكوف، وشعر الناس

Page 529: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 940 -

ا وتذمروا، فقمعيـ الممؾ، بما بما يناليـ مف عسؼ، فضجو لديو مف جند وعيوف، وبطش بيـ بطشا، ونكؿ بيـ تنكيبل، فمؤل بيـ السجوف، وحز رؤوس كثير منيـ، وعمقيا في

الساحات. ولكف األمور لـ تتبدؿ، بؿ زادت سوءا، فشاع الفساد، ودبت الفوضى، وطغى عسؼ الممؾ، فقؿ الزرع وتعطمت

راض واآلفات، وطمع في الببلد األعماؿ، وانتشرت األمأعداؤىا، فييؤوا لغزوىا الجيوش، وشعر بالخطر نفر مف الحكماء، فاجتمعوا، وتشاوروا في األمر، واستطمعوا اآلراء، ونظروا فيما ىـ مقبموف عميو، ثـ رأوا أف يوفدوا كبيرىـ إلى

الممؾ، ينصح لو بالعدؿ. ف لو، وصار كبير الحكماء إلى الممؾ، فاستأذف، فأذ

فدخؿ عمى الممؾ، فإذا ىو مع قادة جنده، في اجتماع، يستمع إلى ما يقدموف لو مف وصؼ لحالة البمد، فمبث الحكيـ ساكتا، ينتظر انتياء االجتماع، وبينما ىو كذلؾ، دخؿ مف نافذة في القبة التي تعمو قاعة االجتماع طائر

كبير، حـو فوؽ الرؤوس، ثـ دنا مف الممؾ وصاح: ـ.. ظمموا اظم

اظمـ.. ظمموا اظمـ.. ظمموا

ثـ خرج ذلؾ الطائر مف حيث جاء.

Page 530: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 942 -

ولما انتيى االجتماع، رحب الممؾ بالحكيـ، وأدناه منو، وأحسف استقبالو، ثـ سألو عما يريد مف زيارتو، فشكر لو الحكيـ حسف استقبالو، ثـ اعتذر إليو، وأكد لو أنو لـ

، ووالء مف يمثميـ مف يقصد زيارتو إال ليجدد لو الوالءحكماء البمد، فشكر لو الممؾ زيارتو، وودعو بما يستحؽ مف

تقدير. ورجع الحكيـ إلى رفاقو الحكماء، فأطمعيـ عمى ما رآه، وأكد ليـ أف جور الممؾ ىو نتيجة لظمـ الناس، بعضيـ لبعض، وأف ليس لمناس إال أف يعدلوا فيما بينيـ، ليعدؿ

حكماء فيما بينيـ، فرأوا أف يبدؤوا ىـ فييـ الممؾ، وتشاور الباإلصبلح بيف الناس، ليعيدوىـ إلى ما كانوا عميو مف خاء، وحب وتعاوف، فانطمقوا في أرجاء الببلد، صدؽ وا يعظوف الناس، وينصحوف ليـ، ويرشدونيـ إلى سواء السبيؿ، ويحثونيـ عمى العودة إلى ما كانوا عميو مف

خصاؿ. األياـ، والحكماء جادوف في ومرت األياـ تتموىا

النصيحة لمناس، عمى الرغـ مما يروف فييـ مف فساد، وىـ دائبوف صابروف، فأخذت األمور تتبدؿ شيئا فشيئا، وبدأ يقؿ ما كاف بيف الناس مف كذب وغش وخداع، ويغيب ما شاع بينيـ مف فسؽ وكفر وفجور، وبدأ شيء مف الحب

وشيء مف الوفاء والصدؽ والتراحـ والتعاوف ينمو ويظير، واإلخاء يبرز ويكبر، وقؿ بطش الممؾ، حتى تغيرت

Page 531: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 943 -

األحواؿ، وتبدلت األمور، فعاد األمف والسبلـ، وزاد الخير وكثرت األرزاؽ.

وشعر الحكماء بجدوى ما قاموا بو، كما أحسوا بعدؿ الممؾ، فرأوا أف يوفدوا كبيرىـ إليو ليقدـ شكرىـ لو، لعدلو

كبيرىـ إلى الممؾ، فاستأذف، فأذف لو، في الناس، فمضىفدخؿ عمى الممؾ، فإذا ىو في اجتماع أيضا مع الوزراء، يستمع إلى ما يقدموف إليو مف وصؼ لما في البمد مف أحواؿ، فقعد الحكيـ ينتظر انتياء االجتماع، وبينما ىو كذلؾ، إذا طائر كبير يدخؿ مف نافذة في القبة التي تعمو

فحمؽ فوؽ الرؤوس، ثـ اقترب مف الممؾ، قاعة االجتماع، وصاح:

اعدؿ.. عدلوا اعدؿ.. عدلوا اعدؿ.. عدلوا

ثـ خرج مف حيث جاء، كما فعؿ في المرة األولى. ولما انتيى االجتماع رحب الممؾ بالحكيـ، وأدناه منو، وسألو أف يعرض عميو ما جاء مف أجمو، فتردد الحكيـ، ثـ

إال ليجدد أمامو والء رفاقو الحكماء، أكد لمممؾ أنو ما جاء فشكر لو الممؾ وفادتو عميو، ثـ شيعو بنفسو إلى الباب.

ورجع الحكيـ إلى رفاقو الحكماء، وروى ليـ ما رآه،

Page 532: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 944 -

فاستقر في أنفسيـ أف عدؿ الممؾ في الناس ىو نتيجة لعدؿ الناس بعضيـ في بعض، ورأوا أف يستمروا في

ى الخير والحب واألمف النصح لمناس، ووعظيـ، ليبق والسبلـ في الببلد.

تعلق: تإكد الحكاة القول الشابع: "كفما تكونوا ول علكم" فه تإكد أن الناس ظلم بعضهم بعضا قبل أن ظلمهم الحاكم، وأن ظلم الحاكم لهم نابع من ظلم بعضهم لبعض،

ومثل ذلك أضا العدل.

الصبلح وتدعو إلى والحكاة تسعى على ما بدو إلى اأن عدل الناس بنهم حتى تحقق لهم عدل الحاكم فهم، ولكنها بمثل هذه المقولة إنما تبرئ السلطان وتدن العامة.

والحكاة تسند إلى العلماء دورا أساسا ف تحقق اإلصبلح، ولكنه إصبلح موجه إلى الناس فقط، وال

بع ومقولة تعرض للسلطان ف شء، مما تفق بالطالحكاة، ولذلك ال قدم العلماء للسلطان شبا من النصحة

والوعظ، وإنما قتصر دورهم على االتصال بالناس.

وعلى الرؼم من قدرة العلماء، كما ف الحكاة، على إصبلح الناس، والتؤثر فهم، وتوجههم نحو األفضل،

أكثر ظل دورهم سلبا، وهو لصالح السلطان، ولخدمته، مما هو لصالح الناس وخدمتهم.

والحكاة تدل بذلك على دور العلماء بوصفهم تابعن للسلطان راعن لمصالحه ساعن إلى إخضاع العامة.

وبرز الطابر ف الحكاة عنصرا فنا متمزا كؤنه صوت الحق، أو رمز له، كما ظهر واضحا انقسام

مقدمتن تعقبهما الحكاة إلى قسمن أساسن، شبهان نتجة، ف ترتب منطق.

والحكاة بصورة عامة محكمة البناء، قادرة على

Page 533: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 945 -

اإلقناع بقوة.

Page 534: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 946 -

صذك اؼش

يروى أف امرأة اختمفت وزوجيا في أمر، وصار بينيما خصاـ وشقاؽ، فما كاف منيا إال أف حممت بعض ثيابيا

ى دار أىميا. في صرة، وىي أـ لبضعة أوالد، ثـ مضت إلوشكت ألبييا األمر، وأعمنت عف رغبتيا في الطبلؽ، فبلميا أبوىا عمى ذلؾ، ونصح ليا بالعودة إلى بيتيا، فرفضت، وأصرت عمى البقاء، فمـ يجد بدا مف الترحيب

بيا. وأمضت في بيت أبييا بضعة أياـ.

وذات يوـ حمؿ جدىا العجوز إبريقا مف الفخار، توضأ، وكانت في أثناء ذلؾ تكنس ومضى إلى ركف، لي

أرض الدار، فتعثر الجد، وسقط اإلبريؽ مف يده، فانكسر، فأسرعت إليو، وقدمت إليو إبريقا آخر، فأبدى الجد امتعاضا شديدا، وقعد يتأمؿ اإلبريؽ المكسور، ويحزف، لفقده، فعجبت ألمره، وسألتو: ألـ أقدـ لؾ إبريقا آخر غيره؟ فنظر

ويبل، ثـ تبسـ في سخرية، وقاؿ: وىؿ تريف مف الجد فييا ط

Page 535: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 947 -

السيؿ أف أتخمى عف ىذا سريعا، واستبدؿ بو غيره، ثـ سرح ببصره بعيدا، وأرسؿ زفرة طويمة، وقاؿ: لو تدريف يا بنتي، ذاؾ الصديؽ، صحبتو وصحبني، وشيد كثيرا مف أيامي.

فاعتذرت لجدىا، ثـ عمدت إلى صرة ثيابيا، فحممتيا، إلى زوجيا. ورجعت

تعلق: حكاة تربوة ذات هدؾ أخبلق نبل، عمادها الوعظ، ولكن بؤسلوب ذك جدا، ؼر مباشر، وه

موجهة على األؼلب إلى المرأة.

والحكاة ترسخ قم التسامح بن األزواج والوفاء واالرتباط وحفظ العهد، وتدعو إلى الترفع عن الصؽابر،

ق حاال. وعدم اللجوء إلى التفر

كما تعلم الحكاة الكبار حسن التعامل مع األوالد واألحفاد، وعدم االنصاع مباشرة إلى رؼباتهم أو نزواتهم، وتدل على أسالب للتعامل والتربة فها قدر من

الحنكة والذكاء.

وحكاة اإلبرق داخل الحكاة تحمل مستون، األول ان، وال ؼنى واقع والثان رمزي، وكبلهما متضافر

ألحدهما عن اآلخر.

فعلى المستوى الرمزي تشر إلى االرتباط بن الزوجن، وانكشاؾ كل منهما على اآلخر، مما قتض

حفظ العهد ورعاته.

وعلى المستوى الواقع تشر إلى عادات شعبة قدمة، وه نشوء عبلقة حممة بن اإلنسان وأشابه

ن المرء مثبل طوال حاته الخاصة، وف بعض الحاالت كاال ؽر القلم الذي كتب به، أو الكؤس المعدنة الت شرب بها، مما دل على أن اإلنسان كان عش ف مناخ ضف

Page 536: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 948 -

عله من إنسانته، وتعامل معه تعامبل إنسانا.

Page 537: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 949 -

اصف واؾزبء

يحكى أف إحدى الزوجات كانت تبغض حماتيا بغضا ، عمى الرغـ مف أنيا كانت طيبة المعشر، سمحة شديدا

النفس، حموة الحديث، فكانت كمما قدمت إلى بيت ابنيا في زيارة، ضايقتيا وكادت ليا وأزعجتيا، فتخرج الحماة كئيبة حزينة، عمى حيف كانت تستقبؿ أميا خير استقباؿ، وتستضيفيا، وتكرميا، وتوسع ليا في كؿ شيء، وكانت

ساف، متقمبة المزاج، ال يعجبيا شيء، وال أميا سميطة المترضى عف شيء، وتعبر دائما عف ضيؽ واستياء، بأقسى

األلفاظ. وكانت تمؾ الزوجة توغر صدر زوجيا عمى أمو، وتشكوىا لو، وتصورىا في أسوأ صورة، مختمقة في ذلؾ األكاذيب، غير متورعة وال خجمة، حتى إنيا طمبت منو

لى أي مكاف، ليذبحيا، كي ترتاح ذات يوـ أف يأخذ أمو إمنيا، ويبدو أف الزوج كاف في لحظة ضعؼ، فأطاع زوجتو، ومضى بأمو إلى بستاف قريب، متذرعا ليا بطمب النزىة، ثـ قعد معيا عمى ضفة نير، حتى ممت، وأخذتيا

Page 538: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 951 -

، فأغفت، ونامت، فما كاف منو إال أف تركيا، سنة مف النـو ورجع إلى البيت. ، فوجدت نفسيا وحيدة، فمـ تغضب، وأفاقت األـ

وظنت أف ابنيا قد ذىب إلى عممو، ولـ تشعر بشيء، مف االستياء، ومضت لترجع إلى البيت، وبينما ىي في الطريؽ، مر بيا رجبلف، أحدىما شاب، واآلخر عجوز، فاستوقفاىا وسأالىا ما تحب، الصيؼ أـ الشتاء؟! فتبسمت

وخضاره، والنسمات وقالت ليما: "الصيؼ جميؿ، بفواكيوالحموة في لياليو الساىرة، والشتاء جميؿ، بالموقد والحكايات

أحكييا لؤلحفاد، فشكرىا الرجبلف عمى جوابيا، وذىبا. ولما بمغت بيت ابنيا، قرعت الباب، فخرج ليا ابنيا، فرحب بيا معتذرا ليا، فغفرت لو، وسامحتو، ولكنيا

مع كؿ كممة تنطقيا فوجئت، مثمما فوجئ، ابنيا، فإنيا كانت الدرر والجواىر تتساقط مف فميا، فعجب لذلؾ، مثمما عجبت ىي، أما الزوجة فقد كانت دىشتيا أشد وأعظـ، ولـ تمبث أف طمبت مف زوجيا أف يأخذ أميا إلى الموضع الذي

أخذ إليو أمو. ومضى الزوج بحماتو إلى الموضع نفسو، وتركيا،

النير، ضاقت نفسيا، ورجع، وبينما ىي جالسة قربوممت، فنيضت، ومضت تتمشى في البستاف، وىي مستاءة مف األشواؾ والحصى والتراب، ضائقة بالصمت واليدوء،

تحس بالوحشة والضيؽ، ثـ قررت العودة إلى البيت.

Page 539: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 950 -

وبينما ىي في الطريؽ، التقى بيا العجوز والشاب، ت: فسأالىا السؤاؿ نفسو، فقطبت وجييا، واشمأزت، وقال

"ال أحب الصيؼ، وال الشتاء، فميس في الصيؼ سوى الحر والغبار والظمأ، وليس في الشتاء سوى البرد والطيف"، ولـ

يجبيا الرجبلف بشيء، وتركاىا، ومضيا في طريقيما. ورجعت إلى بيت ابنتيا، وما إف استقبمتيا ابنتيا، ورحبت بيا، حتى شتمتيا وشتمت زوجيا، وفوجئت البنت،

رت، مثمما فوجئت األـ وذعرت، فقد كانت األفاعي بؿ ذع والعقارب تتساقط مف فـ األـ، مع كؿ كممة تنطؽ بيا.

تعلق: حكاة طرفة، ؼاتها االنتقاد الساخر، وه موجهة إلى المرأة، سواء أكانت حماة أم كنة، فه توح لها باألثر الحسن للكلمة الحلوة، كما توح بضرورة اصطناع

والمودة وتجنب اللجاج والكبلم فقط. األلفة

والحكاة تدل على الواقع االجتماع وما تدور فه من خبلفات بن الحماة وكنتها، وه خبلفات متجذرة، كما بدو، ال بد من ظهورها، حتى لو كانت الحماة بعدة عن

كنتها ولست شركة لها ف السكن.

كله للمزاج والحكاة تقدم نمطن مختلفن االختبلؾالنفس والطبع البشري وأسلوب الكبلم والتعبر، األول نمط المرأة ذات المزاج المعتدل والطبع الهادئ العادل والكبلم العذب، والثان نمط المرأة ذات المزاج المتقلب

والطبع الكدر والكبلم فقط.

وقد أفلحت الحكاة ف تصور كل من الطبعن كما لهما بامرأتن كل منهما حماة، لتظهر أفلحت ف التمثل

الفروق أكثر وضوحا وأبعد تؤثرا.

Page 540: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 952 -

كما قامت الحكاة على الرمز للشتاء والصؾ بشخ عجوز وشاب ف مقتبل الشباب، وهو رمز أسطوري قدم لعله رجع إلى أسطورة دوموزو أو تموز إله الربع ف

األساطر العربة القدمة.

ن المرأتن بما تستحق وفق كبلمها وف مكافؤة كل مدلل على الجزاء الطبع، ودلل أضا على أهمة الكلمة،

وما تحمله من مسإولة، وما تستوجب من جزاء.

وف الموقؾ المتبان لدى كل من المرأتن من الصؾ والشتاء ما دل أضا على ضرورة التبلإم وحسن

لمجتمع أضا. التكؾ المع الطبعة وحدها، بل مع ا

إن تصلب إحدى المرأتن أمام الشتاء والصؾ، وضقها ذرعا بهما معا، صورة عن تصلبها أمام الزوجن والشابن، وعدم قدرتها على التبلإم مع الوضع، الجدد

البنها أو ابنتها، عندما دخبلن ف الحاة الزوجة.

وخبلؾ هذا المرأة األخرى الت دلت على تقدر ن كل من الصؾ والشتاء، كما دلت على القدرة على حس

التبلإم معهما، وهذا الموقؾ هو صورة عن قدرتها على التبلإم أضا مع الحاة الزوجة لشابن، سواء كان أحدهما

ابنها أو ابنتها.

وهكذا، فالحكاة تسعى إلى تؤكد ضرورة التبلإم ؾ مع فصول ال طبعة االجتماع والطبع وحسن التك

وأجال المجتمع.

Page 541: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 953 -

طفخ اى

كانت إحدى القرى خاضعة لحكـ اآلغا، وكاف ىذا اآلغا قد حكـ القرية في أوؿ أمره بالعدؿ، وأقاـ الحؽ، وساعد الضعيؼ، ولكنو شيئا فشيئا أخذ يظمـ ويستبد ويطغى، حتى إنو أخذ يشارؾ الفبلحيف في محصوليـ،

رض عمييـ اإلتاوات، فضاؽ بو أىؿ ويسمبيـ أراضييـ، ويف القرية، وصمموا عمى عزلو، وتعييف غيره حاكما عمييـ.

وعمـ اآلغا بما يدبره الفبلحوف في الخفاء، فأقاـ وليمة كبيرة، دعا إلييا رجاؿ القرية كميـ، واحتفى بيـ احتفاء كبيرا، وبعد االنتياء مف تناوؿ الطعاـ، وارتشاؼ كؤوس

فييـ، ويحدثيـ سائبل عف سببب الشاي، نيض يخطب عزميـ عمى عزلو، وتعييف غيره.

وصمت القوـ، ال أحد يجيب بشيء، ولكف شابا ثارت فيو الحماسة، فأجاب: "طفح الكيؿ"، فتبسـ اآلغا، ثـ غمز البنو بعينو، فدخؿ ابنو إلى إحدى الغرؼ، وخرج يحمؿ

كانت تتساقط مكياال مميئا بالميرات الذىبية، حتى إف الميرات

Page 542: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 954 -

منو لفرط امتبلئو. ووضع اآلغا المكياؿ عمى األرض أماـ أعيف الرجاؿ

جميعا، ثـ قاؿ ليـ: "انظروا إلى ىذا المكياؿ الممتمئ، ىؿ يتسع لمزيد؟! "فأجابو الرجاؿ: "ال" فأضاؼ يسأؿ ساخرا: "ىؿ تفضموا بقائي وقد امتؤل مكيالي، وطفح، أـ ىؿ تفضموف عزلي،

ا آخر، مكيالو فارغ، وال بد مف ممئو؟! وتعييف آغوتيامس الرجاؿ، ثـ خرجوا واحدا واحدا، وىـ يمروف

باآلغا، مجدديف لو الوالء. تعلق:

تكشؾ الحكاة أسالب الحكام المستبدن ف تضلل العامة وخداعهم حرصا على استمرار سطرتهم وسعا

منهم نحو مزد من التملك والظلم.

الحكاة واضحا ضعؾ العامة وجبنهم وظهر فوسهولة خداعهم وملهم إلى المصالحة والتسلم وبعدهم

عن الرفض.

كما ظهر فها واضحا أن صوت الرفض والتمرد هو صوت الشباب، وهو صوت واحد ووحد، وسرعان ما

نهزم أمام تراجع العامة وضعفهم.

وثمة توازن مدهش ف تقدم الحكاة لطرف لصراع، من سلطة مستبدة قابمة على النهب والخداع ا

والقمع، وعامة لس لدهم سوى الضعؾ والخوؾ والخضوع، وهو توازن وح ف الظاهر بصبلح رأي اآلؼا، إذ أن استمراره ف سلطته وقد امتؤل مكاله، خر، ف الظاهر، من مجء آؼا جدد، ذي مكال فارغ، ولكن

ؼا حققة بذلك المكال الذي ثمة سإال: هل سكتف اآل

Page 543: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 955 -

امتؤل؟

وههنا تنطوي الحكاة على مفارقة قاسة، وسخرة مرة، إذ تتضمن ف داخلها مثل ذلك السإال، فتصبح ف عمقها إدانة لآلؼا وسخرة منه، أكثر مما ه عله ف

الظاهر من ترجح لرأه، وهذه ه براعة الحكاة.

ع رف متخلؾ، وتبدو الحكاة مستوحاة من مجتمسطر عله اإلقطاع، وتحكم فه اآلؼا، وعمل الفبلحون

أجراء ف أرضه، ال حول لهم وال قوة.

وتمتاز الحكاة بتطورها وتنامها نحو عقدة ثم ؤت الحل مخبا لكل رجاء، وه قوة اإلقناع قوة التؤثر.

Page 544: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 956 -

لت األ

ره حماتيا، وتكيد ليا، يحكى أف احدى الزوجات كانت تك وتسعى إلى الخبلص منيا، وال تستطيع إلى ذلؾ سبيبل.

وذات يوـ تظاىرت بالمرض واالعتبلؿ، واتفقت مع أحد األطباء عمى أف يعودىا، فيصؼ ليا قمبا بشريا، تأكمو،

فيكوف فيو شفاؤىا. ولما رجع الزوج مف عممو، كانت قد تمددت في

ورس، فأخذت تتأوه، وتشكو، الفراش، وصبغت وجييا بالولما سأليا الزوج عما بيا، توسمت إليو أف يسرع بإحضار الطبيب، وأشارت عميو أف يحضر ذلؾ الطبيب، الذي كانت قد اتفقت معو، ولما حضر الطبيب أكد أف شفاءىا في قمب

بشري تأكمو. وحار الزوج في األمر، وقمؽ واضطرب، وأظيرت

والتألـ ثـ التفتت إلى الزوج، الزوجة مزيدا مف الشكوى ترجوه وتتوسؿ إليو، أف يحضر ليا ذلؾ القمب، والدموع

Page 545: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 957 -

تنسكب مف عينييا، وىي تتموى وتتألـ. وأشفؽ الزوج، فسأليا: "وكيؼ أحضر لؾ قمبا بشريا؟!" فأجابتو عمى الفور: "أمؾ، فيي عجوز، ومريضة، إف لـ

وتشؽ صدرىا، تمت اليوـ فستموت غدا، فمماذا ال تذبحيا، وتخرج القمب، فتشتري بذلؾ الصبا والحسف والجماؿ،

؟!" بالشيخوخة والعجز واليـروذىؿ الزوج، ولكف الزوجة ظمت تحاوره، وتوحي إليو أنيا مشرفة عمى الموت، وتشكو، وتتأوه، حتى انساؽ إلى

طمبيا. وقاد الزوج أمو إلى بستاف قريب مدعيا أنو يريد ليا

تمكف منيا، فقتميا، وشؽ صدرىا، واستخرج النزىة، وىناؾ القمب، وحممو، ومضى بو، راجعا إلى زوجتو.

ذا قمب أمو وفي الطريؽ، تعثر الزوج بحجر، فوقع، وا ينطؽ، حالة تعثره، ويقوؿ: "اهلل"، معبرا عف خشية األـ عمى ولدىا، وتنبو الزوج إلى ذلؾ، وذكر أمو، وأدرؾ عظـ

عميو، فما كاف منو إال أف رجع إلى خطئو، وشناعة ما أقدـحيث ترؾ جثة أمو، فأعاد إلييا القمب، وكتب حكايتو عمى ورقة، وأمسؾ بيا بيد، ثـ طعف نفسو باليد األخرى، واستقمى

إلى جانب أمو، ومات. تعلق:

حكاة تربوة تحث الولد على الوفاء ألمه وعدم والؽلظة االنصاع لنزوات زوجته، وه تمل إلى القسوة

Page 546: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 958 -

والمبالؽة لتحقق األثر المطلوب وتحقق هدفها الفكري.

والحكاة تإكد صدق عاطفة األمومة وقوتها وعظمتها على الرؼم من عقوق الولد وؼدره.

وه تعكس حققة اجتماعة، إذ تمل الزوجة دابما إلى االستقبلل بحاتها، وال ترد من شاركها فها، وال

ا تعكس حققة نفسة أخرى ه انصاع سما حماتها، كم الرجل لنزوات زوجته وانصرافه عن أمه.

والحكاة شابعة، وه واسعة االنتشار، ومرجع ذلك إلى مبالؽتها وشدة تؤثرها، وتعبرها عن عاطفة األمومة

المقدسة.

Page 547: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 959 -

األخز واؼطبء

كاف ألحد الرجاؿ صديؽ يوده، وذات يوـ احتاج ى مبمغ مف الماؿ، فقصد صديقو، ليستديف منو ما الرجؿ إل

يحتاج، فرحب بو صديقو، ولما سألو عف حاجتو، قاؿ لو: "افتح تمؾ الخزانة، وخذ منيا المبمغ الذي تريد"، وفتح الرجؿ خزانة صديقو، وأخذ منيا المبمغ الذي ىو في حاجة إليو،

وشكر صديقو، ثـ مضى. لمبمغ، فمضى إلى وبعد حيف مف الزمف، تيسر لمرجؿ ا

صديقو، وقدمو إليو، فقاؿ لو: "ضع المبمغ حيث أخذتو، في تمؾ الخزانة"، فمضى إلى الخزانة، ففتحيا، ووضع فييا

المبمغ، وشكر صديقو، ثـ مضى. ومرت أياـ، واحتاج الرجؿ ثانية إلى شيء مف الماؿ، فقصد إلى صديقو، فقاؿ لو مثمما قاؿ في المرة السابقة،

جؿ المبمغ الذي ىو في حاجة إليو، وشكر صديقو، فأخذ الر ومضى.

ومرت أياـ وأياـ، ولـ يعد الرجؿ المبمغ إلى صديقو.

Page 548: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 961 -

وذات يوـ احتاج الرجؿ مرة ثالثة إلى شيء مف الماؿ، فقصد صديقو، يسألو أف يدينو مبمغا يحتاجو، فقاؿ: "افتح تمؾ الخزانة، وخذ منيا ما تحتاج"، فمضى الرجؿ إلى

انة، ففتحيا، فمـ يجد فييا شيئا، فالتفت إلى صديقو، الخز وقاؿ لو: "ولكف الخزانة فارغة، وليس فييا شيء؟!"، فأجابو صديقو: "وكيؼ تتوقع أف تجد فييا شيئا، وأنت لـ تعد إلييا

الماؿ الذي أخذتو منيا؟!". تعلق:

حكاة تربوة تحث على ضرورة الوفاء وسداد الدن رده وحسن التعامل بن الناس وال سما وعدم التؤخر ف

ف أمور المال.

وه تقوم على التدرج وفق ثبلث مراحل، وفها قدر ؼر قلل من الذكاء والمنطقة، وتمتاز باإلجاز والتكثؾ.

والحكاة على األؼلب نتاج مجتمع المدنة وعبلقات السوق، وه تإكد المثل القابل: "من أخذ ورد ما ارتد".

Page 549: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 960 -

ػؼ امصىس

خرج مرة أحد المموؾ إلى نزىة في البساتيف واألرياؼ، وكاف إلى جانبو حكيـ القصر، يعرفو إلى أنواع النباتات واألعشاب، فيصؼ لو كؿ نوع، ويسميو، ويحدثو عما ىو نافع، ويحدد وجو الضرر فيو أو النفع، ويبيف ما ىو ساـ

قاتؿ. ؿ، إذ مرا براع نعاجو تسرح وبينما ىو عمى تمؾ الحا

في الحقؿ، ومضى يقتمع بعض األعشاب، ويتناوليا، ولما اقترب منو الممؾ الحظ أنو يأكؿ عشبة مف النوع الساـ، فدىش، والتفت إلى الحكيـ، يطمب منو تحذير الراعي، ولكف الحكيـ طمأنو، وأكد لو أف العشبة لف تضره في

ة، فدىش الممؾ، شيء، عمى الرغـ مف أنيا سامة قاتمواستفسر عف سر ذلؾ، فأكد لو الحكيـ أف عيش الفبلة، واالعتياد عمى تناوؿ مثؿ تمؾ األعشاب، يمنح الجسـ قوة، تبطؿ عمؿ السـ، فأنكر الممؾ ذلؾ، وطمب مف الحكيـ

مصداقا لقولو. واصطحب الحكيـ الراعي إلى القصر، وأنزلو في

Page 550: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 962 -

متو ورعايتو، وأخذ جناحو، وطمب مف الخدـ السير عمى خديجمسو إلى مائدتو، ويطعمو مف أطايب الطعاـ، مما يأكمو في القصر، ويوفر لو الراحة، ويبعده عف العمؿ والنشاط، حتى مر شير أو شيراف، وعندئذ قدـ بو إلى مجمس الممؾ، وقدـ لو بعض األعشاب مما يأكمو في الفبلة، وطمب منو

وليا الراعي، ولـ تمض تناوليا، عمى مرأى مف الممؾ، فتناغير ساعة، حتى أخذت عوارض التسمـ تبدو عميو، فتأكد لمممؾ مصداؽ قوؿ الحكيـ، ثـ أمر باإلسراع في عبلج الراعي ومداواتو، ورده بعد ذلؾ إلى الفبلة، ليعيش حيث كاف يعيش مف قبؿ، موفور العافية، ال تضره األعشاب، وال

تؤذيو، حتى السامة منيا. تعلق:

تإكد الحكاة نقاء الطبعة وجمال العش فها، وفساد العش ف القصور ومجافاته للفطرة.

والحكاة تعبر عن الصراع القدم بن البدو والحضر، والرؾ والمدنة، والطبعة والصناعة، وه تنتصر

للطبعة والرؾ والحاة الفطرة.

وه تقدم بصورة ؼر مباشرة عزاء للفقر ك ى بما هو فه من عش، كما تقدم إدانة لعش القصور رض

ك تزد من إقناع الفقر بقبول عشه.

Page 551: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 963 -

لطؼخ دذذ

كاف أخواف اثناف ماضييف مف الريؼ إلى المدينة، في الصباح الباكر، لبيع ما لدييما مف خضر، يحمبلنيا عمى ر ظير حمار، وكانا قد اتفقا عمى أف يمتطي أحدىما الحما

في الذىاب، وأف يمتطيو اآلخر في اإلياب. وفي الطريؽ، رأى األخ الذي يركب الحمار قطعة حديدية صغيرة، فقاؿ ألخيو الراجؿ: "التقط تمؾ القطعة، فقد نبيعيا، ونستفيد بثمنيا"، فأجابو أخوه: "أنا ال أكمؼ نفسي عناء االنحناء اللتقاط مثؿ تمؾ القطعة الصغيرة، فيي ال

شيئا، وما كاف مف األخ الذي يمتطي الحمار إال أف تساوي نزؿ، والتقط القطعة الحديدية، ومضى بيا.

وفي المدينة، باع األخواف ما لدييما مف خضر، وىما بالرجوع إلى القرية، ولكف األخ الذي التقط القطعة الحديدية ذكر القطعة، فعرضيا لمبيع، فباعيا، بثمف معقوؿ، اشترى

وخ، ومضى األخواف، الذي اشترى الخوخ بو بعض الخ يسير، واآلخر يمتطي الحمار، كما اتفقا.

Page 552: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 964 -

وكانت عودتيما في الظييرة، وقد قوي الحر، وفي الطريؽ، أحس الذي يمتطي الحمار بشيء مف العطش، فطمب مف أخيو أف يعطيو خوخة واحدة، فرمى لو األخ

عاد بحبة عمى األرض، فاضطر إلى النزوؿ اللتقاطيا، ثـإلى ظير الحمار، ولـ يمض بعض الوقت، حتى أحس بالعطش ثانية، فسأؿ أخاه أف يعطيو خوخة ثانية، فرمى لو أخوه بحبة أخرى، فاضطر أيضا إلى النزوؿ اللتقاطيا، ولـ يمض بعض الوقت، حتى أحس بالعطش ثالثة، ومرة أخرى رمى لو أخوه بالخوخة إلى األرض، فاضطر إلى النزوؿ

طيا. اللتقاولما التقطيا، ورجع إلى ظير الحمار، سأؿ أخاه: "لماذا تعذبني، وترمي إلي بحبة الخوخ إلى األرض؟!"، فأجابو: "لو أنؾ كمفت نفسؾ مرة واحدة االنحناء اللتقاط تمؾ القطعة مف الحديد في الذىاب، لما اضطررت إلى النزوؿ إلى األرض، ثبلث مرات، في اإلياب، ولكاف الخوخ

و معؾ. كم تعلق:

تإكد الحكاة أن لكل شء، وإن قل، قمة، وعلى المرء أال ستهن بقمة األشاء، وأال ناله شء من الؽرور، فهو ال دري، فلعله حتاج ف وقت العسر إلى

أمر تافه كان ال بال به ف وقت السر.

فالحكاة تقدم عظة وعبرة، وتعلم اإلنسان ضرورة المستقبل، وتقدر األمور حق قدرها، ومجانبة التفكر ف

الؽرور والحكاة على ما تبدو موجهة إلى الفتان، وه

Page 553: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 965 -

تمتاز بعدم المباشرة، والقدرة على إظهار المفارقة بن حالتن.

والحكاة على ما بدو مرتبطة بمجتمع المدنة والسوق حث كل شء مكن أن باع وشرى وله قمة

وثمن.

Page 554: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 966 -

اؼغ

يحكى أف لقماف الحكيـ كاف مف أمير األطباء في عصره، فقد آتاه اهلل الحكمة، فكاف إذا دخؿ المريض عميو تحركت، إحدى الزجاجات الموضوعة عمى رفوؼ كثيرة إلى جانبو، فيقدـ إلى المريض تمؾ الزجاجة، ألف فييا دواءه،

أدرؾ وكاف إذا دخؿ عميو مريض ولـ تتحرؾ أية زجاجة، أف المريض في مرض الموت، فكاف يصرفو بمباقة مف غير

أف يقدـ لو دواء ما. وذات يوـ دخمت عميو امرأة تحمؿ ولدا ليا مريضا، فنصح ليا بالعسؿ، فأخذت ولدىا ومضت، وبعد أياـ رجعت إليو ثانية، تحمؿ ولدىا، فنصح ليا ثانية العسؿ،

ت إليو فأخذت ولدىا ومضت، ومرت بضعة أياـ، رجعبعدىا، تعرض عميو ولدىا، فنصح ليا بالعسؿ، فأخذت

ولدىا ومضت. وبعد أياـ أخرى، رجعت إلى لقماف لتخبره بوفاة ابنيا، ولتمومو عمى نصحو ليا بالعسؿ، وتؤكد لو أف العسؿ قتمو،

Page 555: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 967 -

فطمب منيا أف تذىب إلى قبره وتقؼ عميو، وتستحمؼ العسؿ باهلل أف يجيبيا عما فعؿ بابنيا.

ومضت المرأة إلى قبر ولدىا، فوقفت عميو، ونادت ذا العسؿ، تستحمفو باهلل أف يجيبيا عما فعؿ بابنيا، وا بياتؼ مف القبر ينادييا قائبل: "لقد شفيت ابنؾ مف خمسة

وسبعيف داء، إال داء الموت، لـ أستطع شفاءه منو. تعلق:

تإكد الحكاة العجز المطلق أمام حققة الموت، إذ الفلح ف دفعه أي شء، حتى العسل الذي نفع ف عبلج

أدواء كثرة.

وه تسند إلى لقمان الحكم دور الطبب لتزد ف تؤكد فكرتها، كما تعتمد على المبالؽة الظاهرة ف تحرك زجاجات الدواء من تلقاء نفسها، وف نطق العسل ورده

على سإال األم.

وه أشبه بالموعظة. والحكاة موجزة جدا ومكثفة،

Page 556: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 968 -

ث اذب

كاف أحد الرجاؿ ييوى الحماـ، وكاف لديو عدة أسراب منو، وكاف يمضي معظـ يومو عمى سطح الدار، يرش لطيوره الحب، ويقدـ ليا الماء، ويطيرىا إلى السماء،

مستمتعا بتحميقيا أسرابا أسرابا. ي فييا وكاف ذلؾ دأبو، يمضي إلى دكانو، فيمض

ساعة أو ساعتيف، ثـ يقفؿ راجعا إلى بيتو، ليمضي بقية يومو مع الحماـ، وكانت زوجتو تعاتبو في إىمالو عممو، وتمومو عمى إفراطو في االىتماـ بالحماـ، فيرد عمييا، مؤكدا ليا أف الحماـ أغمى مف كنوز األرض كميا، فكاف

ذا الطير، يشير إلى أحد الطيور، ويقوؿ ليا: "انظري إلى ىذي الذيؿ األسود، ثمنو اليوـ مئة ليرة، ثـ يشير إلى طائر آخر، ويقوؿ مزىوا: "أما ذاؾ الطائر، فيو قواؿ، وأنا ال أبيعو، ولو دفعوا لي فيو خمسمئة ليرة، ثـ يقوؿ: "وذلؾ الطائر، األبيض النقي، دفعوا لي فيو ألؼ ليرة، ولـ أبعو،

مؽ في السماء، فيو ثـ يضيؼ: "أما ذلؾ الطائر المحقبلب، وأنا ال أبيعو بثمف، ألف أحدا غيري ال يستطيع

Page 557: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 969 -

تقدير ثمنو". وكانت الزوجة تسمع إجابات زوجيا، فتصمت، وتصبر عمى الجوع والحرماف، وتقنع بالقميؿ، وتمتفت إلى

أوالدىا تعنى بيـ، وتجد فييـ لنفسيا العزاء. والزوج ال ومرت الشيور، تمتيا السنوات واألعواـ،

يرعوى عف اإلنفاؽ عمى الحماـ، وشراء ما غبل منو، حتى باع الدكاف، وعكؼ عمى طيوره، يطعميا ويسقييا ويطيرىا في السماء، ويزىى بيا، وال يمنح زوجتو وأوالده إال بعض

االىتماـ. ثـ شاءت األقدار أف تخطؼ ذلؾ الزوج، فتوفي، ولـ

نت زوجتو وتألمت، يترؾ ألسرتو شيئا، غير الحماـ، فحز وأصبح مف واجبيا أف تعيؿ نفسيا وأوالدىا، ولكنيا ذكرت ما كاف يحدثيا بو زوجيا عف ثمف طيوره، فأدركت أنيا

تممؾ ثروة جيدة. وأرسمت إلى السوؽ مف يعمف عف عزميا عمى بيع الحماـ، فتيافت عمييا ىواة الحماـ، وتجاره، فأخذت تغمي

مما كاف يفعؿ زوجيا، في ثمف كؿ طير، وتزىى بو مثولكنيا فوجئت بأف ىواة الحماـ وتجاره ال يدفعوف إال ثمنا بخسا، يقؿ كثيرا عما كاف يحدده زوجيا مف ثمف لكؿ

طائر، فدىشت لذلؾ، ولـ تصدؽ. ثـ صارحت بذلؾ أحد اليواة، وسألتو رأيو، فأجابيا: "

Page 558: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 971 -

لقد كاف زوجؾ صادقا، فالطائر وىو محمؽ في السماء، ؿ جدا في عيف ىاويو، ولكنو وىو في السوؽ، معروض، غا

بيف يدي شاريو، رخيص، رخيص جدا. تعلق:

تإكد الحكاة قمة الشء لدى من هواه وتعلق به، وه قمة فردة خاصة، قد قؾ المرء علها حاته،

وضح ألجلها بكل شء.

ثم تإكد بالمقابل اختبلؾ سعر الشء عن قمته بلؾ كله، فالسعر فرضه السوق، وفق قانون العرض االخت

والطلب، وكل ما هو مطلوب ؼال، وكل ما هو معروض رخص.

وبذلك تكشؾ الحكاة المفارقة الكبرة بن السعر والقمة، وبن المتاجرة والهواة، وبن العرض والطلب.

والحكاة تدل على هواة كانت شابعة ف المجتمع م، وألجلها كان ضح بعض األفراد وه تربة الحما

بؤعز ما ملكون، وقد تحولت فما بعد إلى احتراؾ ذمم كالقمار، وكانت توقع صاحبها ف عزلة، وتنحرؾ به،

وتإدي به إلى الهبلك.

Page 559: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 970 -

ف ثشوخ امصش

يحكى أف امرأة عاقرا دعت ربيا متمنية أف تحمؿ، ولو فحممت ووضعت خنفساء، بخنفساء، فاستجاب اهلل دعاءىا،

ففرحت بيا، وكانت تضع ليا عمى باب الدار سجادة صغيرة، تقعد عمييا، لتتسمى بالفرجة عمى الرائح والغادي.

وذات يـو مر الجمؿ بالخنفساء، فقاؿ ليا: ()خنيفسة يا خنيفسة

يا قاعدة ع الطنيفسة تتزوجيني؟ فأجابتو:

خنفس خنفس أمؾ ونفوس بنت عمؾ

عمى كمي ()قديحط ن

خنيفسة: تصغيز خنفساء. وانطنيفسة: تصغيز طنفسة، وهي انسجادة. (2) اننقذ: انهز. (3)

Page 560: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 972 -

ألدخؿ أشاور أمي فأعطاىا درىما، فدخمت عمى أميا تخبرىا بو، وتصفو

ليا، فتقوؿ: جسمو كبير كبير عنقو طويؿ طويؿ

()عينو كبير كبير رجمو طويؿ طويؿ

فقالت ليا األـ: "اصرفيو، فيذا الجمؿ، بخبطة قدـ، يقتمؾ، فخرجت تعتذر لو.

ليا: ثـ مر بيا الحمار، فقاؿ خنيفسو يا خنيفسة

تتزوجيني: فقالت لو:

خنفس خنفس أمؾ ونفوس بنت عمؾ

حط نقدي عمى كمي ألدخؿ أشاور أمي

فأعطاىا درىما، فدخمت عمى أميا تخبرىا بو، وتصفو

هكذا تزوي، ويثهها انصفات جيعا. (4)

Page 561: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 973 -

ليا، فتقوؿ: رأسو كبير كبير،

أذنو طويؿ طويؿ، عينو كبير كبير

ذنبو طويؿ طويؿ رفيو، فيذا الحمار، بخبطة قدـ منو، فقالت ليا األـ: "اص

يقتمؾ"، فخرجت تعتذر لو. ثـ مر بيا الجرذ، فقاؿ ليا: خنيفسة يا خنيفسة

يا قاعدة ع الطنيفسة تتزوجيني؟ فقالت لو:

خنفس خنفس أمؾ ونفوس بنت عمؾ

حط نقدي عمى كمي ألدخؿ أشاور أمي

فأعطاىا درىما فدخمت عمى أميا تخبرىا بو، وتصفو ليا، فتقوؿ:

عينو صغير صغير أذنو قصير قصير

Page 562: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 974 -

رجمو صغير صغير ذنبو طويؿ طويؿ

فقالت ليا األـ: "ىذا الجرذ، اذىبي، فتزوجيو"، ثـ ودعتيا، وىي تبكي، وتتمنى ليا الحظ السعيد.

وخرجت الخنفساء إلى الجرذ، فقالت لو: "أمي موافقة، ذيمو، فتسمقت فقاؿ ليا: "اركبي عمى ظيري"، وبسط ليا

عميو، حتى بمغت ظيره، فتشبثت بو، ومضى يعبر بيا األزقة والطرقات، ثـ دخؿ في بالوعة، وأخذ يجتاز بيا المجاري، عبر األقذار واألوساخ، حتى بمغ قصر الممؾ، فخرج مف بالوعة في مطبخ القصر، وأنزليا قرب ما يمقيو

، فأخذ الخدـ مف بقايا طعاـ، وكاف عرس ابف الممؾ قائما الجرذ والخنفساء ينعماف بأطايب األلواف، ثـ أحست الخنفساء بالعطش، فسألت الجرذ أف يدليا عمى الماء، فحمميا عمى ظيره، ومشى بيا حتى بمغ بركة القصر، فوضعيا عمى حافة البركة لتشرب، والناس مشغولوف عنيما بالموائد واألفراح، ودنت الخنفساء مف الماء لتشرب، ولكف

ميا زلت بيا، فوقعت في البركة، وغرقت. قد تعلق:

حكاة طرفة، تروى على األؼلب لؤلطفال، إلضحاكهم وتسلتهم، وه جملة جدا، وذات قدرة على إثارة الضحك، وما تمتاز به هو مزجها بن عالم الحوان وعالم اإلنسان، واعتمادها على الحوانات الصؽرة، مما

ال، وتحقق عنصر اإلضحاك. ساعد على إثارة الخ

Page 563: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 975 -

ولكن الحكاة من جهة أخرى تحمل دالالت كبرة، ؼر مباشرة، فه تدل على فقر العامة وضعفهم وحرمانهم وسوء أحوالهم، وظهر ذلك من خبلل المرأة

الت حرمت الولد، فتمنت لو رزقت ولو بخنفساء.

وتؤكد ذلك من خبلل رفض المرأة تزوجها ابنتها فساء للجمل أو الحمار، وتزوجها للجرذ، ومرجع ذلك الخن

لس إلى التناسب ف الحجم، كما هو ف الظاهر، إنما مرجعه ف الحققة إلى قدرة الجرذ على التسرب داخل السرادب والوصول إلى قصر الملك، لوفر للخنفساء عش القصور، على حن ال ستطع الجمل أو الحمار شبا

ول عش ف الصحراء، حث القحط، من ذلك، فاألومض عمره ف األسفار، والثان عش عمره كد

وكدح وحمل األثقال وال جن شبا.

وبذلك تدل الحكاة على أن القوة ف الواقع لست للعمل والجد والكدح، وإنما ألسالب الؽش والخداع وااللتواء، والتسرب عبر السرادب والتؽلؽل داخل

اري والمنافذ المإدة إلى القصر. المج

وتؤكد صحة ذلك من خبلل النهاة إذ حمل الجرذ الخنفساء عبر المجاري والسرادب إلى مطبخ القصر، حث تنعم الخنفساء بالفتات من بقاا الطعام، وهذا ما ال

ستطع الجمل أو الحمار تحققه.

لوك وبذلك تؤكد أضا حلم العامة دابما بقصور الموتخلهم أن العش فها هو النموذج األمثل، كما تؤكد ؼاب وعهم، وتوهمهم أن الخبلص ال تحقق إال بمعجزة، وظهر واضحا بقاء صورة الملك الحاكم ه الصورة

األمثل ف أذهانهم.

ولكن النهاة تؤت مفجعة، إذ تؽرق الخنفساء، ف تحطم بركة القصر، وبذلك نكسر الوهم والحلم و

الخبلص، وظهر أن القصر لس هو الخبلص الحقق.

إن خاتمة الحكاة مفجعة، ولكنها ذكة، وه ذات دالالت بعدة أضا.

Page 564: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 976 -

إن الحكاة وه تتوجه إلى الصؽار إنما تدل على قهر الكبار، وشعورهم بالحرمان وإحساسهم بالضآلة

وب والضعؾ، واضطرارهم إلى التعبر إلى الصؽار بؤسل الرمز والحلم والخال.

Page 565: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 977 -

اشؽخ أصؼت

يحكى أف وزيرا، في أحد العصور، أصيب برشح ثػقيؿ، فمـز الفراش، ولـ يغادر بيتو فافتقده الممؾ، فقيؿ لو، إنو مريض، فذىب إليو يعوده، ولما سمع الوزير بقدـو الممؾ عميو، حار واضطرب، وأحس بالخجؿ، فكيؼ يكوف

مزوـ الفراش، والبقاء في البيت، فما كاف منو الرشح ذريعة لإال أف مد أصبعو إلى عينو، فقمعيا، ففي ىذه المصيبة، كما تصور، ما يسوغ لو البقاء في البيت، ولما دخؿ عميو الممؾ، وسألو عف حالو، فاعتذر إليو، وأخبره أف عينو قد

قمعت، كما ىو واضح، فضحؾ الممؾ طويبل، ثـ قاؿ لو:ر بسيط، ال يقتضي منؾ الغياب عف ىذا أم -

القصر، لو أنؾ كنت مصابا بالرشح، مثبل، لكاف يحؽ لؾ أف تبقى في البيت وتمـز الفراش.

تعلق:تإكد الحكاة شدة وطؤة الرشح على اإلنسان، إذ

Page 566: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 978 -

تضطره إلى لزوم فراشه، على الرؼم من بساطة ذلك المرض ف الظاهر. وه تقدم عزاء للمصاب بالرشح، وتسله، ولذلك تبدو ذات دور ترفه، وقد جاءت قصرة

جدا، أقرب إلى الطرفة.

والحكاة ذات داللة ؼر مباشرة على طبعة العبلقة ف ببلط الحكام، وال سما العبلقة بن الملك وحاشته، فه ال تقوم على الصدق والصراحة، وإنما على االفتعال

والكذب والمبالؽة.

Page 567: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 979 -

اؼاث

في ضحى يوـ ربيعي دافئ، قعدت األـ وابنتيا الصبية، في طرؼ مف ساحة القرية، مسندتيف ظيرييما إلى

الجدار، وىما تنعماف بدؼء الشمس، وخدرىا المذيذ.وفجأة، التفتت البنت إلى أميا، وقالت: "رأيت بمنامي أني تزوجت ابف عمي"، فأجابتيا األـ: "تتزوجينو، إف شاء

، فقالت البنت: "وحممت منو"، فأجابتيا األـ: "تحمميف اهلل."إف شاء اهلل"، فقالت البنت: "ووضعت ولدا" فأجابتيا األـ"تضعيف إف شاء اهلل"، فقالت البنت: "وسميتو أحمد"، فأجابتيا األـ: "تسمينو، إف شاء اهلل"، فقالت البنت: "وكبر

مو، أحمد، وصار يروح إلى دار عمو، ويخرج إلى دار عويخرج إلى ساحة القرية، ويمعب مع األوالد، وذات يوـ راح معيـ إلى البئر، فوقع فيو، ومات"، فأخذت األـ تعوؿ وتندب وتضرب وجييا وتحثو التراب عمى رأسيا، وكذلؾ تفعؿ ابنتيا، ومرت بيما جارة ليما، فسألت عف األمر، فروت ليا األـ ما كاف، فأخذت الجارة تشاركيما ما ىما

فيو.

Page 568: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 981 -

ثـ مر بيف ابف العـ نفسو، فسأؿ ابنة عمو عف األمر، فسردت لو الحمـ بالتفصيؿ، مثمما سردتو ألميا، وىي تبكي وتعوؿ، ولما انتيت، سأليا: "ومف أجؿ ذلؾ تبكيف؟!" فأجابت: "أي، نعـ"، فشتميا وشتـ أميا والجارة، وقاؿ ليا:

رة، يبكيف "واهلل لف أتزوجؾ أبدا"، وتركيا، مع أميا والجا ويعولف ويندبف. تعلق:

تدل الحكاة على فقر الحاة ف الرؾ، وضق األفق، وال سما لدى المرأة الت ال شؽلها سوى الزواج واإلنجاب، وه ال تعرؾ بعد ذلك شبا من أمور الحاة وقضااها، بسبب جهلها وحرمانها وقسوة الحاة الخشنة

لذلك إلى التعلق بالوهم والحلم الت تحاها، مما قود نتجة والخال، حتى ؽدو الوهم حققة، والحلم واقعا، كما قود

أضا إلى المبالؽة ف العاطفة.

ومثل تلك الصورة للمرأة قاسة من ؼر شك ومإلمة، وه صورة ساخرة، قد تقود إلى الضحك، ولكنه ضحك

مفجع، خف وراءه دالالت بعدة.

لحكاة أكثر واقعة، وأبعد عن وظهر الرجل ف االحلم والوهم والخال، ولكنه ال ملك الوع الحقق، وظل أسر وحدته وفردته، كما تظل المرأة أسرة جهلها واستؽراقها ف الحلم، وال حاول الرجل على اإلطبلق إقاظ المرأة وتخلصها من وهمها، بل تركها ومض

فه ذلك إلى وهمها خبة متخلا عنها، وهو ضؾ بموقا عنها. وانكسارا وتخل

وهذا إكد ثانة وحدة المرأة وعزلتها، وؼاب العبلقة االجتماعة الصححة بن المرأة والرجل، وسوء فهم كل منهما لآلخر، واختبلؾ موقع كل منهما، ومرجع ذلك كله إلى مجتمع متخلؾ، ال تنشؤ فه عبلقات صححة وواقعة

Page 569: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 980 -

أة والرجل.بن المر

إن الحكاة ساخرة، ولكنها ف سخرتها مرة الذعة، وه تثر اإلحساس باأللم، أكثر مما تثر اإلحساس

بالسخرة.

Page 570: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 982 -

دىا اؼغىش

كاف لرجؿ فقير سبع بنات كاألقمار، حسنا وجماال، ولكف ال أحد يقرع عميو الباب ليخطبيف، بسبب فقره، وكاف

غني، لو سبعة أبناء، وكاف الغني ال يسأؿ ليذا الفقير أخ عف الفقير، وال يزوره.

وكاف الفقير ضعيؼ الحيمة، قميؿ ذات اليد، ال يحسف شيئا، وقد سدت عميو مسالؾ الرزؽ جميعا، وقد ضاقت بو ، قالت لو زوجتو: "البد مف تبديؿ زوجتو وبناتو، وذات يـو

لو، وأال يخالفيا الحاؿ"، ثـ طمبت منو أف ينفذ كؿ ما تقولوفي شيء، ثـ عمدت إلى بناتيا، فطمبت منيف أف يتزيف ويرتديف أحسف ما لدييف، ثـ أرسمت إلى إحدى جاراتيا فاستعارت منيا"دربكة"، وأخذت تدؽ عمييا، وتغني، والبنات مف حوليا يرقصف ويزغردف، حتى مؤلف الحي بأصواتيف.

اسبة، فأخبرتيف وأقبمت عمييا الجارات يسألنيا عف المنأف زوجيا قد صار ذا منصب كبير عند الوالي، وىذا المنصب ىو: "عاطوؿ باطوؿ، إماـ طابور، لماـ

Page 571: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 983 -

، وفرحت الجارات بذلؾ، وأخذف يشاركنيا في ()عسكر" الرقص والغناء.

وانتقؿ الخبر مف حي إلى حي، فبدأت النسوة يتوافدف يا إلى الجيش، عمييا، ىذه ترتجييا أف يؤخر زوجيا دعوة ابن

وتمؾ تتوسؿ إلييا أف يعفي ابنيا الوحيد مف الجندية، وثالثة تتشفع إلييا في زوجيا الذي أرسمو الوالي مع الجند إلى الحدود،

وكؿ واحدة منيف تقدـ ليا اليدايا واألعطيات.ثـ أخذت الخاطبات يزرنيا، ولـ تمض سوى بضعة

األسر أياـ، حتى تمت خطبة البنات كميف إلى أكـر وأوسعيا جاىا وثراء.

وبمغ النبأ الوالي، فأرسؿ وراء الفقير، فمثؿ بيف يديو، فسألو الوالي عما زعـ لنفسو مف منصب، فاعترؼ الفقير بما كاف مف أمره، وحكى لو حكاية فقره، وتوسؿ إليو أال يخيبو أماـ الناس، وقد وعدىـ الوعود، وأخذ عمى نفسو

لوالي، وعينو في ديواف العسكر، االلتزامات، فأشفؽ عميو اوكاف ال يعرؼ القراءة والكتابة، فجعؿ تحت يده مف يقرأ لو،

ويكتب عنو.وسمع الغني بذلؾ كمو، فأرسؿ زوجتو تستطمع األمر، فوجدت سمفتيا وقد تغير بيا الحاؿ مف حاؿ إلى حاؿ، فرجعت إلى زوجيا تمومو، ألنو لـ يفكر مف قبؿ في خطبة

عاطىل باطىل: عاطم عن انعم يعيش في بطانة، إياو طابىر: قائذ سزية ين (5)

او عسكز: يجع انجنذ. انجيش، ن

Page 572: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 984 -

نائو، فما كاف منو إال أف رد الموـ عمييا، بنات أخيو ألبوندما عمى ما كاف منيما مف تقصير تجاه األخ الفقير،

ولكف ال ينفع الندـ.

تعلق:تكشؾ الحكاة عن الفروق الكبرة بن الؽن والفقر، فاألول ملك كل شء والثان ال ملك أي شء، حتى إن

ذكور، على الحظ لقؾ إلى جانب الؽن، فرزق بسبعةنحو ما تطلب المجتمع، على حن ال رزق الفقر بؽر سبع إناث، ال ساعدن والدهن ف شء، باإلضافة إلى ما تطلبن من مصارؾ، كما تكشؾ عن زؾ العبلقات داخل المجتمع، وقامها على المظاهر الخادعة، ولس على

ة. العبلقات الود

لتفرق بن األخ إن المفارقة بن الؽن والفقر، وأخه، وه تدل على التناقض ف بنة المجتمع، وفساد تركبه، كما تدل على مسإولة الحاكم عن ذلك كله. وتضح ذلك من خبلل الحل الذي جاء بالكذب واالدعاء والمظهر الخادع وبحماة الوال نفسه، وهذا الحل هو من

المظاهر جنس األسباب الت قادت إلى فقر الفقر وخداع وزؾ العبلقات، بل إن هذا الحل هو نفسه كان من ؼر

شك السبب.

والحكاة تدل على ؼاب وع الرجل ف المجتمع بسبب فقره وضق ذات ده، كما تدل على وع المرأة، وإدراكها أنه ال حل لمشكلة الفقر إال بالخداع الذي هو

كاءها، نفسه سبب فقرها وظلمها ولذلك تلجؤ إله، مإكدة ذ كاشفة زؾ مجتمعها.

وه بذلك تنتصر لنفسها وبنات جنسها، مإكدة أن المرأة قادرة على الفعل والتؽر لو أتحت لها الفرصة.

Page 573: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 985 -

والحكاة تبدو مرحة طرفة ف الظاهرة ولكنها تكشؾ عن مرارة قاسة ف الداخل، وه تفضح المجتمع،

وتدنه، من خبلل السخرة.

Page 574: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 986 -

ئ األصــاذ

يحكى أف سيدة غنية جدا، كانت تعيش في قصر كبير، ولدييا مف الخدـ والجواري عدد كبير، وكانت طيبة النفس، سمحة كريمة، إال أف ليا عادة غريبة، يكرىيا الخدـ والجواري جميعا، وىي أنيا كانت إذا أرادت الطعاـ أقفمت

ـ وحدىا، مف عمى نفسيا باب غرفتيا وقعدت تتناوؿ الطعاغير أف تسمح ألحد بالدخوؿ عمييا، حتى تفرغ مف

طعاميا.وكانت إحدى جوارييا مقربة منيا، وكانت أكثرىف ضيقا بتمؾ العادة، وكرىا ليا، وقد عزمت ذات يوـ عمى أف تعرؼ سر إغبلؽ السيدة الباب عمى نفسيا، في أثناء

الباب ثقبا تناوليا الطعاـ، وما كاف منيا إال أف أحدثت في صغيرا، وقعدت تنظر مف خبللو، وتتسمع إلى السيدة، وقد أدىشيا كثيرا أنيا رأت، مف خبلؿ الثقب، سيدتيا وىي تحمؿ الصحوف الموضوعة عمى المائدة، وتضعيا عمى األرض، ثـ تقعد أماـ تمؾ الصحوف، كما يقعد الشحاذوف عمى قارعة الطريؽ، وتفعؿ بعد ذلؾ فعميـ، تطمب

Page 575: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 987 -

تجدي وتتوسؿ وترجو، وىي تتخيؿ أناسا يمروف وتسأماميا، وتمد يدىا إلييـ تطمب العطاء، وبعد أف تفعؿ ذلؾ

تقبؿ عمى التياـ الطعاـ.وبعد أف رأت الجارية ذلؾ، زادت دىشتيا، مثمما زاد عجبيا، وأصبحت ال تطيؽ البقاء في خدمة السيدة، وىي

ليا مخمصة، التي أمضت في خدمتيا عشرات السنيف، وفيةحتى بعد وفاة زوجيا السيد الغني، صاحب القصر، وقررت أف تسأليا عف سر فعميا ذلؾ، ولو اضطرت إلى ترؾ

خدمتيا.وذات يوـ دخمت عمييا، وىي وحدىا في غرفتيا، ثـ أخبرتيا بما رأت مف أمرىا، وطمبت منيا تفسير ذلؾ كمو،

تتسوؿ فاعترفت ليا السيدة بأنيا كانت في األصؿ شحاذةعمى قارعة الطريؽ، وقد تعرؼ إلييا السيد صاحب القصر، فأعجب بيا، وتزوجيا، ورفعيا إلى تمؾ المنزلة العالية،

ولكنيا لـ تستطع أف تمنع نفسيا مف الحنيف إلى أصميا. تعلق:

تكشؾ الحكاة حقابق األمور، وتزل عنها القشرة وه الظاهرة، وتإكد ضرورة عدم االنخداع بالظاهر،

تدن طبقة األؼناء، وتردها إلى جذورها وتجعلها دون طبقة الفقراء، إذ تجعل أصلها من المتسولن الذن هم ف الحققة شرحة طفلة تعش على جهد اآلخرن، وبذلك تعبر الحكاة عن نقمة حادة على طبقة األؼناء، وتلحق

قق من بها أشد اإلهانة، كما تعبر الحكاة عن ضرورة التحاألصل، الذي حدد هوة اإلنسان وشخصته وانتماءه، وال

Page 576: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 988 -

مكن أن ؽب مهما حاول تؽبه.

وف الحكاة قدر ؼر قلل من التشوق واإلدهاش، وه على األؼلب من ابتكار امرأة فقرة تنتقم بالحكاة

لنفسها من األؼناء، وتعوض عن حرمانها وفقرها.

Page 577: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 989 -

شداخىف اج

أمضى أحد الرجاؿ عمره يحمـ بشراء عمامة، وىو ال يتمكف مف ذلؾ، فقد كاف فقيرا، بائسا، ال يممؾ قوت يومو.

وبعد مضي العمر، وسقوط الشعر، رزقو اهلل ثمف عمامة، فمضى إلى السوؽ، وقصد أوؿ بائع، وطمب منو

عمامة.وأنزؿ البائع قطعة قماش كبيرة مطوية، فتحيا، وأخذ

بالذراع القماش، وكانت العادة أف تكوف العمامة مف يقيس أذرع كثيرة، قد تبمغ العشريف.

وما إف قاس البائع الذراع األوؿ، وبدأ بالثاني، حتى تناوؿ الرجؿ طرؼ القماش، وبدأ يمفو عمى رأسو، والبائع يتابع قياس القماش، وىو مدىوش لما يفعمو الرجؿ، ولما

سألو عف ذلؾ، أجابو: أف يصيب البرد رأسي.""أخشى تعلق:

حكاة طرفة، تدل على ضعؾ اإلنسان وعجلته

Page 578: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 991 -

وفرحه بما تظفر داه، والسما بعد طول حرمان، وفها سخرة بربة، من ؼر إساءة وال إزعاج.

ومبالؽة الرجل ف اإلسراع بلؾ العمامة على رأسه دلل حرمان قدم، وه مبالؽة جملة، تشؾ عن الحالة

ة للرجل.النفس

وعناصر الحكاة قللة، وه منتقاة بذكاء، وأبرزها العمامة، وه أداة الطرفة ووسلتها الناجحة.

Page 579: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 990 -

اى وافزبح

كاف أحد الرجاؿ يعمؿ في خدمة مسجد صغير، يسير عمى رعايتو: يكنسو، ويؤذف فيو، ويقيـ الصبلة، وقد اتخذ

ـ فييا، مع ابنتو، التي لنفسو غرفة صغيرة في المسجد، يناال يزيد عمرىا عمى أربع السنيف، فقد ماتت زوجتو، ولـ يكف لو أحد، فاضطر إلى المجوء إلى ىذا المسجد، يعمؿ فيو ويناـ، وكاف في المسجد ضريح لولي مف أولياء اهلل، وكاف ذلؾ الرجؿ يوقد لو كؿ ليمة الشموع، وينفض الغبار

وكاف يأنس بالضريح، عف المبلءة التي تستر القبر، ويطمئف إليو، ويجد فيو البديؿ مف األىؿ والصحب.

وذات يوـ حدث في البمدة فوضى واضطراب كبير، ووقع الناس في ىرج ومرج شديد، فقد ثارت فئة عمى الوالي، وىاجمت قصره، وطالبت بعزلو، ولكف الوالي أرسؿ عمييـ عسكره، فأعمموا فييـ السبلح، وكاف المسجد قريبا مف قصر الوالي، فمما رأى الرجؿ الناس راكضيف ىربا مف تنكيؿ العسكر بيـ، خشي أف يقتحـ العسكر أو الناس

المسجد، فعـز عمى إغبلقو، والفرار.

Page 580: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 992 -

ولكف الرجؿ حار في أمر ابنتو، كيؼ يحمميا معو؟ وأيف يضعيا؟ ولـ يطؿ بو التفكير، فرفع طرؼ التابوت

يو ابنتو، وقاؿ يخاطب الذي يغطي قبر الولي، وخبأ فالولي: "أودعتؾ ابنتي أمانة، حتى أعود، فتمكف في

حمايتيا"، وأقفؿ باب المسجد، وولى مع الياربيف.ومرت بضعة أياـ، سيطر فييا الوالي عمى البمدة، وفرض األمف والنظاـ، وأعاد كؿ شيء إلى مجراه، فرجع

فيو، الرجؿ إلى المسجد، فوجده مقتحما، وقد سرؽ بعض ما فأسرع إلى الضريح، فكشؼ عنو الغطاء، فمـ يعثر البنتو عمى أثر ، فأخذه الغضب، والتقط معوال، ومضى ييدـ الضريح، وينبش التراب، حتى بمغ القبر، فأزاؿ الحجارة

ورفع المعوؿ، وىـ بضرب الولي، فصرخ بو الولي:قؼ، وتأمؿ، تجد أني مكتوؼ اليديف، مقيد، وال -

يء.أستطيع فعؿ ش تعلق:

حكاة ذكة، تدن بشكل ؼر مباشر السلبة والعجز والتواكل، وتنتقد بجرأة الوهم القابل بزارة قبور األولاء واللجوء إلها لحل المشكبلت، وتكشؾ زؾ ذلك الوهم

وبطبلنه.

إن الرجل ف الحكاة ترك األحاء، وانعزل لعش ولكن الحققة مع الموتى، باسم الدن والتقوى والتعبد،

لست كذلك، إنما ه عجزه هو الذي قاده إلى ذلك، فؤصلح متواكبل منعزال.

وحن ضجت الحاة من حوله، خبؤ ابنته ف قبر

Page 581: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 993 -

الول، وهو ظن أنه تركها ف مؤمن، والواقع لس كذلك، فقد أسلمها للموتى، والموتى ال مكنهم أن حموا األحاء

ولذلك كانت الحاة أقوى، فقد أو فعلوا شبا ألجلهم، خرجت البنت من القبر، ومضت لتحا مع األحاء.

ولقد انتهت الحكاة نهاة واضحة الداللة على بطبلن الوهم وعقمه، وانكشاؾ الزؾ، إذ كشؾ الرجل القبر المت مكتوؾ الدن، وهو قول له بلسان لرى الول

شء".الحال ال لسان المقال: "ال أستطع فعل

وهذه النهاة ه الؽاة الت صؽت من أجلها الحكاة، إذ تإكد أن الموتى ال مكنهم أن قدموا لؤلحاء

شبا.

وهكذا تدن الحكاة بجرأة عادات اجتماعة قدمة وتكشؾ زؾ الوهم الذي عش عله بعض الجهلة حن ظنون أن

ل للحاة وتإكد قبور األولاء ستنفعهم، وتنتصر الحكاة بالمقابقوتها إذ تتحرر البنت من إسار القبر لتحا بعدا عن الموت

والعزلة والوهم، لتعانق الواقع والحاة.

اؾم وذشان ازىس

كاف أحد الرجاؿ شقيا، بالغ الشقاء، يرتكب الفواحش، عبلنو، وكاف قد أقدـ عمى وال يتورع عف إظيار شقائو، وا

رجبل، فكؿ معصية كانت تدفعو إلى قتؿ تسعة وتسعيف

Page 582: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 994 -

معصية جديدة، وكؿ جريمة كانت تدفعو إلى جريمة أخرى، حتى بات قانطا مف المغفرة، يائسا مف إمكاف توبتو، وتعرفو

إلى الحياة الصالحة.وذات يوـ قصد ذلؾ الشقي بيت أحد الشيوخ العمماء،

و؟ فدؽ ليسألو ىؿ مف مجاؿ لو لممغفرة؟، وىؿ يقبؿ اهلل توبتعميو الباب، في وقت متأخر مف الميؿ، فمما خرج لو الشيخ، أشير عميو الشقي خنجره، وأمسؾ بتبلبيبو، مف عنقو، وسألو، وىو ييدده: ىؿ يغفر لي ربي؟ فصعؽ الشيخ، وكاد يسقط في يده، ونظر حولو، فرأى عمى األرض قضيبا مف

ذلؾ حديد، كانت تحرؾ بو زوجتو التنور، فقاؿ لو: "خذالقضيب، وأغرسو في األرض، ىذه الميمة، ثـ عد إليو في الصباح، فإف وجدتو قد أفرع وأثمر، فإف ىذا دليؿ عمى أف اهلل سيقبؿ توبتؾ، ويغفر لؾ"، فتركو الشقي، والتقط القضيب، ومضى بو إلى الفبلة، فغرسو في موضع منيا،

ثـ قفؿ راجعا إلى بيتو.ة، فمـ يتورع عف المرور وكاف في طريقو يمر في مقبر

فييا ليبل، فدخميا، وبينما ىو يقطعيا، سمع صوت نبش في قبر، فأبطأ، ودنا مف موضع النبش، وقبع وراء أحد القبور، ذا رجؿ ينبش قبرا، فانتظر ليرى ما وأخذ يرقب ما يجري، وا سيفعؿ، حتى إذا انتيى الرجؿ مف كشؼ التراب، ووصؿ

اؿ: "ىاقد وصمت إليؾ، إذا كاف إلى الميت، مسح جبينو، وقأىمؾ قد حرموني منؾ وأنت عمى قيد الحياة، فمف يستطيعوا

Page 583: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 995 -

حرماني منؾ وأنت ميتة"، فأدرؾ الشقي عمى الفور أف الرجؿ يريد اغتصاب فتاة ميتة، فما كاف منو إال أف استؿ خنجره، وىجـ بو عمى الرجؿ، فأغمده في صدره، وأرداه

مى القبر، وسواه، ومضى إلى بيتو، قتيبل، ثـ أىاؿ التراب ع ينتظر الصباح.

ولما كاف فجر اليوـ التالي، مضى الشقي إلى الموضع الذي غرس فيو محراؾ التنور، فإذا ىو أماـ شجرة كبيرة، فارعة الغصوف، مخضرة األوراؽ، فتأكد مف الموضوع، فأدرؾ أف القضيب ىو نفسو ىذه الشجرة، فما كاف منو إال

مف جذورىا، وحمميا عمى كتفو، ومضى بيا إلى أف اقتمعيا الشيخ، يدؽ عميو الباب، ولما خرج لو الشيخ ألقى الشجرة أمامو، فبيت الشيخ، ودعاه إلى الداخؿ، وسألو أف يقص عميو ما فعؿ، فروى لو الشقي ما كاف مف أمر الرجؿ الذي قتمو، وأكمؿ بو المئة، فقاؿ لو الشيخ: "لقد غفر اهلل لؾ يا

"، فقبؿ الرجؿ يديو، ورجاه أف يعينو عمى التوبة، وبدء بنيحياة جديدة، غير التي كاف قد عاشيا مف قبؿ، فوعده الشيخ بذلؾ، وكانت عنده ابنة جميمة، ليس لو غيرىا،

فزوجو إياىا، وجعمو أحد مريديو. تعلق:

تإكد الحكاة أن باب التوبة مفتوح، وأن هللا عز وجل النصوح من عبده.قبل دابما التوبة

وتدل الحكاة على ضرورة الترؼب والتشجع وتعزز قوة الخر، كما تدل على ضرورة الذكاء ف

Page 584: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 996 -

التعامل واصطناع الوسلة الجدة والموعظة الحسنة ودفع الشر بالخر.

واختار المحراك والشجرة جمل جدا ومعبر، ح، بل فالمحراك دل على أداة حددة ال حاة فها وال رو

ه وسلة للقتل وإعدام الحاة، وخبلفها تماما الشجرة، رمز الحاة. والخصب والعطاء، ولذلك جاء مدهشا تحول المحراك إلى شجرة، وهذا التحول رمز لتوبة الشق

وتحوله من القتل إلى الحاة.

والحكاة تدل على امتبلك اإلنسان قوة جبارة، مكنه مكنه أن بن ودافع عن الحاة أن هدم بها وقتل، كما

والحكاة تدل على حرة اإلنسان، وقدرته على االختار، وه بذلك تحمله المسإولة.

وما تمتاز به الحكاة هو ثقتها باإلنسان، وتفاإلها بإمكان تحوله عن الشر إلى الخر، لتؤكد قمة الحاة.

Page 585: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 997 -

ثذ اخ

ابف وحيد، رباه خير تربية، يحكى أف رجبل كاف لو حتى صار شابا، وكاف يوصيو دائما أف يختار لنفسو خير الصحاب، ممف يتوسـ فييـ الصدؽ والوفاء، وذات يـو سألو عف صحبو، فأخبره أنيـ جميعا مف األوفياء، فعبر لو األب عف رغبتو في اختبارىـ، فوافؽ االبف أباه، وأكد لو أنو

ما يراه.مستعد إلطاعتو في كؿ وما كاف مف األب إال أف أعد وليمة فخمة، طمب مف ابنو أف يدعو إلييا صحبو كميـ، فاجتمع الصحاب، ونعموا بأطايب الطعاـ، حتى كاف أواف انصرافيـ، فوقؼ األب في وداعيـ، وكاف قد مؤل غرفة وراء الباب بالممح، فكاف إذا

فة، وقاؿ مر بو أحد مف أصدقاء ابنو يودعو، دعاه إلى الغر لو: "إذا كنت صديقا مخمصا البني حقيقة، فتناوؿ ما في ىذا البيت مف ممح"، فكاف بعضيـ يعمف تذمره، وضيقو، ثـ يخرج، وكاف بعضيـ يظير حماسة كبيرة، ويقدـ عمى الممح إقداما، فيمتيـ ما يمتيـ، ولكنو ما يمبث أف يعمف عجزه،

Page 586: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 998 -

فيعتذر وينصرؼ.قائو، وىـ يخرجوف واحدا وكاف االبف يرى إلى أصد

واحدا، مف غير أف يجد فييـ مف ىو قادر عمى الصدؽ والوفاء، فيحس بالخجؿ والضيؽ، حتى لـ يبؽ مف صحبو غير واحد، فتمنى عمى أبيو أال يسألو ما كاف يسأؿ أصحابو، ولكف األب أبى، فمما تقدـ منو ىذا الصديؽ يريد

بني حقيقة، وداعو، سألو: "إف كنت صديقا مخمصا الفتتناوؿ ما في ىذا البيت مف ممح"، فتبسـ الصديؽ، وتقدـ مف البيت، ثـ بمؿ إصبعو بمسانو، ومسح عمى الممح، ثـ لعؽ أصبعو، والتفت إلى األب، فقاؿ لو: "يا عـ، مف ال يحفظ عيد ذرة مف الممح، فمف يحفظ عيد بيت مف الممح،

ولو أكمو كمو".اؿ لو: "بارؾ اهلل فيؾ يا فربت األب كتؼ الصديؽ، وق

بني"، ثـ التفت إلى ابنو، وقاؿ لو: "ىذا ىو الصديؽ الوفي، فميكف لؾ صديقا طواؿ العمر".

تعلق:تإكد الحكاة ضرورة حسن اختار األصدقاء األوفاء، وما هو باألمر السهل، إذ حتاج إلى خبرة

.وتجربة وبعد نظر، كما تإكد الحكاة ندرة الصدق الوف

وتدل الحكاة على أن األكبر، كاألب مثبل، هو على األؼلب، األكثر خبرة، واألقدر على حسن االختار، كما تدل على إفادة األصؽر من األكبر، وضرورة األخذ

بنصابحه وتوجهاته.

وتدل الحكاة أضا على ضرورة االمتحان، ألن

Page 587: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 999 -

المرء ال ظهر على حققته إال عند االمتحان.

ار الملح وسلة لبلمتحان قابم على حاجة الجسم واختالضرورة له، على الرؼم من قلة الكمة الت حتاجها،

فهو أساس، وضروري جدا، وإن كان الكثر منه ضر.

والحال كذلك مع األصدقاء، فكؤنهم الملح، ما قل منه مفد، وما كثر منه ضار، وكؤن دخول الملح ف الجسم

كدخول الصدق ف حاة الصدق كمطلب عضوي، هو كمطلب اجتماع.

والملح معروؾ بباضه ونقابه وندرته وحاجة الجسم له، فكؤنه بذلك كله رمز أو معادل موضوع للصداقة ف

نقابها وصفابها وندرتها والحاجة األساسة لها.

وعندما شترك الصدق والصدق ف الطعام، والملح ادة الت دخلت جسدهما بعضه، فإنما شتركان ف الم

وكونته، وبذلك صبحان قربن، كقرابة النسب والدم، ومن هنا كانت ضرورة وفاء كل منهما لآلخر، ومن هنا

أضا كان المثل الذي ذكر بضرورة الوفاء للخبز والملح.

والحكاة تدل على أن القمة لست ف الكم، وإنما ف ولقد كان التؤكد دابما الكؾ، سواء ف الملح أو اإلنسان،

على ندرة الصدق الوف، ولقد جاء ف المثل: المستحبلت ثبلثة: الؽول والعنقاء والخل الوف.

Page 588: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0111 -

ضؼبف اغغ

أمضت إحدى األسر عمرىا وىي تنتقؿ بيف دور اآلجار، حتى تيسر ليا بعد عناء شراء دار، وفي صباح

ألسرة في دار الممؾ، خرج الميمة األولى التي نامت فييا ارب األسرة إلى عممو باكرا، فمقيو جاره، فحياه، وقاؿ لو: "منزؿ مبارؾ"، فرجع الرجؿ إلى البيت عمى الفور، وكاف ضعيؼ السمع، فمقي زوجتو، فقاؿ لو مغاضبا: "رأيت؟! جاء صاحب الدار يطالبني باآلجار"، وكانت مثمو ضعيفة

إلى ابنتيا، تشكو ليا السمع، فتركتو غاضبة، ومضتأمرىا، فتقوؿ: "رأيت؟! أبوؾ دائما يظممني، قاؿ أحضر ىو طبخة، وأنا ما طبختيا"، وكانت مثميا، ضعيفة السمع، فتركتيا غاضبة، ومضت إلى أخييا، تشكو لو أمرىا، فتقوؿ: "رأيت؟ أمؾ دائما تظممني، قاؿ أرادت ىي تزويجي،

، ضعيؼ السمع، فتركيا وأنا ما أردت"، وكاف أخوىا مثمياغاضبا، ومضى إلى جدتو، يشكو ليا أمره، فيقوؿ: "رأيت؟! أىمي كـ يظممونني، قاؿ أرسموني إلى الكتاب، وأنا ما ذىبت"، وكانت جدتو مثمو ضعيفة السمع، فغضبت، إذ

Page 589: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0110 -

فيمت أف األسرة قد ضاقت بيا، فحممت صرة ثيابيا "ماضيؽ وخرجت، تاركة البيت، وىي تحدث نفسيا فتقوؿ:

في الخاف غير ناقتي وجحشي". تعلق:

حكاة طرفة، الؽاة منها التسلة واإلضحاك، وه بسطة جدا، ولكنها تدل على بإس الفقراء وشقابهم، إذ ال كاد أحدهم طمبن ف دار ملكها، حتى ظن أن أحدا جاء

طالبه باألجرة، ألن ماضه البابس مسطر عله.

اء األسرة الفقرة ومعاناتها، فلس كما تدل على شقضعؾ السمع إال شكل خارج دل على أن كل فرد ف األسرة مشؽوله بذاته، ال كاد سمع إال ما همه فقط، فهو ؼارق ف مشكبلته، وكل حدث سمعه ظنه عنه هو وحده، وهذا كشؾ من جهة أخرى ضعؾ التواصل بن

بعض.أفراد األسرة، وعدم تفاهم بعضهم مع

والحكاة تقوم على تتابع درج بعضه قود إلى بعض تفاقم متصاعد من األدنى إلى األعلى، حتى بلػ

الجدة الت ه أكثر أفراد األسرة إحساسا بالظلم والبإس.

وواضح ضق الدار بؤفراد األسرة، وهذا الضق نفسه دل على كثرة أفراد األسرة، وفقرهم، وعدم قدرتهم على

ار واسعة.شراء د

وهذا الضق ف المكان انعكس ف ضق الصدور، إذ ال كاد أحدهم صبر على اآلخر، بل كل منهم ضابق

ذرعا باآلخر.

إن الحكاة ه حكاة الفقر وكثرة العال وضق ذات الد باإلضافة إلى ضق المكان.

Page 590: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0112 -

Page 591: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0113 -

اؼبثذ وصوجزه

ف كمما وقؼ كاف أحد العباد ورعا شديد الورع، وكالمصبلة، متوجيا نحو القبمة، تمثمت لو الكعبة أمامو، فكاف يراىا رؤية العيف، فيفرح بما يحظى بو، ويزداد تقى وورعا، وكانت زوجتو مثمو في تقاىا وورعيا، بؿ كانت أشد منو تقى وورعا، فكاف ال يراىا الرائي، وال يسمع صوتيا رجؿ،

كانت تقوؿ لو: "ال وكاف كمما حدثيا زوجيا بما يرىنما ىو بفضؿ تقاي تحسب أف ذلؾ بفضؿ تقاؾ وورعؾ، وا وورعي أنا، بؿ بفضؿ صيانتي عيدؾ، وحفاظي حرمتؾ"، وكاف ال يصدقيا فيما تقوؿ، ويؤكد ليا أنو يحظى بما

يحظى بفضؿ تقاه ىو وورعو.وذات يوـ أرادت زوجتو أف تؤكد لو دعواىا، فعمدت

افة مف قماش، ولـ تترؾ منيا بارزا إلى كفيا، فأحاطتيا بمفسوى عقدة واحدة مف إصبعيا الصغرى، وانتظرت حتى مر بباب الدار أحد الباعة، فاشترت منو شيئا، وأتاحت لو، وىي تدفع لو ثمف ما اشترت، أف يرى تمؾ العقدة مف إصبعيا، ولما كاف المساء عاد زوجيا إلى البيت، فتوضأ

Page 592: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0114 -

واتجو نحو القبمة، وىو يتوقع كعادتو، ونيض إلى الصبلة أف يرى الكعبة، ماثمة أمامو، ولكنو لـ ير شيئا، فصمى ركعتيف، وركعتيف، وركعتيف، وكاف في كؿ مرة يرتجي رؤية الكعبة، ولكف شيئا مف ذلؾ لـ يحدث، فسارع إلى زوجتو، يخبرىا باألمر، فمدت لو أصبع يدىا الصغرى، وناولتو

يدي، اقطع منيا عقدة، فترى ما مدية، وقالت: "ىذه أصبع كنت تراه مف قبؿ"، فدىش العابد لما سمع، فألحت عميو أف يفعؿ، فمما سأليا عف معنى ذلؾ، أخبرتو بما كاف، فأيقف أنو كاف يحظى بما يحظى بو، بفضؿ ورع زوجتو وتقاىا

ىي، ال ورعو ىو، وتقاه. تعلق:

تإكد الحكاة دور المرأة ومسإولتها ف البت والمجتمع، فبل كف أن كون الرجل تقا صالحا، فبل بد أن تكون المرأة كذلك ك ستقم الصبلح والتقى، وه بذلك

تساوي بن الرجل والمرأة وتجعلهما ندن.

والحكاة تلجؤ من ؼر شك إلى المبالؽة من أجل التؤثر واإلقناع.

Page 593: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0115 -

و دبي ضوي

بمد بعيد، وكاف يزوره في كاف ألحد التجار صديؽ فيالعاـ أو العاميف، إذا حممتو األسفار إلى بمده، وزاره مرة، فقصد متجره، فمـ يجده فيو، فسأؿ عنو، فقيؿ لو: "إف الزماف ماؿ بو، فأعمف إفبلسو"، ولما سأؿ عما صار إليو، وأيف يمقاه؟ دلو الناس عمى حماـ قديـ، فقد غدا يعمؿ فيو

حتى إذا بمغ الحماـ، دخؿ القميف، وقادا، فمضى إليو،فوجد صديقو يعمؿ فيو، فسمـ عميو، فرحب بو، وأفسح لو موضعا فجمس فيو، حيث ىو، بيف أكواـ األوساخ واألقذار، ولما حاوؿ صاحبو تعزيتو ومواساتو، عمى ما آؿ عميو، شكره، وأبدى جمدا ورضى، ولـ يظير عميو مف الحزف أو

الضيؽ شيء، ثـ قاؿ لو: كؿ حاؿ يزوؿ

ثـ ودعو صاحبو، ومضى في سبيمو.ومرت األياـ، وما ىي إال بضع سنيف، حتى حممتو األسفار، في أثناء تجارتو إلى بمد صاحبو، فقصد إلى

Page 594: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0116 -

الحماـ، يبغي زيارتو، ودخؿ القميف، فرأى فيو رجبل آخر، غيره، فمما سألو، عنو، رحب بو أعظـ ترحيب، وأظير لو

، ثـ أخبره أف صاحبو غدا وزيرا عند كؿ احتراـ وتقدير السمطاف، وليس لو إال أف يقصده في قصره.

ومضى التاجر إليو، فمما دخؿ عميو، ىنأه وبارؾ لو في منصبو الكبير، وأبدى لو فرحا كبيرا بما صار إليو، فشكر لو صاحبو مشاعره، مف غير أف يظير عميو الفرح

ـ قاؿ لو:بمنصبو، وال أف يظير عميو الغرور، ث كؿ منصوب معزوؿ

وقعد قميبل عنده، ثـ ودعو، ومضى في أسفاره.ومرت بضع سنيف أخرى قبؿ أف يمر التاجر ببمد صاحبو الوزير، في إحدى أسفاره، فمما كاف في بمده، قصد إلى قصره، وطمب مف الحرس اإلذف في الدخوؿ عميو،

حزف أشد فاعتذروا لو، وأخبروه أنو قد نقؿ إلى رحمة اهلل، فالحزف، وسأليـ أف يدلوه عمى قبره، ليزوره، ويؤدي لو حؽ الصداقة، فدلوه عميو، فقصده، فمما بمغو، وقؼ أماـ القبر

ليقرأ الفاتحة، فوجد مكتوبا عميو:"كؿ حاؿ يزوؿ، وكؿ منصوب معزوؿ، وكؿ ميت

مسؤوؿ". تعلق:

رها وعدم ثبات شء تإكد الحكاة تقلب األحوال وتؽما هو عله، إذ إن قانون التؽر هو قانون الحاة، ثم على

Page 595: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0117 -

تإكد أن ذلك كله ال ضع عبثا، إذ ثمة مآل ومصر، حث سؤله المرء أمام هللا عما فعل، إن خرا فخر، وإن شرا فشر، وه بذلك تضع اإلنسان أمام مسإولته تجاه هللا، وتإكد له أن الحاة مرحلة مإقتة، عمادها التقلب

واالمتحان والتؽر، من أجل ؼاة أبعد وأسمى.والحكاة تقدم نموذجا إجابا لرجل ال ؤس وال قنط أمام المصابب، وال ضعؾ وال ستسلم إذا نزل به مكروه، وال طؽى وال ستبد بما أوت، وال فرح، مما إكد عدله وتوازنه،

وإدراكه أن هذه جمعا عروض مإقتة.ت بناء ثبلث وهو بناء هرم متدرج إكد والحكاة ذا

نمو الحاة وتدرجها من ضعؾ إلى قوة إلى ضعؾ، وهذه المراحل الثبلث تعبر عن مفاصل قاطعة ف حاة اإلنسان.

والحكاة تقوم على صؽة لؽوة تنته بها لتصنع القفلة أو العبرة أو الختام ف شكل مثل أو منظومة سجعة

جملة ال تكلؾ فها.والحكاة تدل على عادة شعبة، وه كتابة بعض

اآلات أو األشعار أو األقوال على شاهد القبر.

Page 596: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0118 -

عش اصذوق

كاف أخواف يعيشاف معا في بيت واحد، وكاف ألحدىما صندوؽ عميو قفؿ، وضعو في زاوية مف البيت، وكاف كمما عاد مف العمؿ، فتح الصندوؽ، وقعد أمامو، تاركا ظيرهألخيو، وانكب عمى ما في الصندوؽ ساعة أو ساعتيف،

يتأمؿ ما فيو، ويتفقده، ثـ يغمقو، ويحكـ إقفالو.، وأخوه يرقبو بصمت، وضيؽ، وكاف ىذا دأبو كؿ يـوولكنو ال يسألو عما يخبئ في الصندوؽ، وال يحاوؿ

إخراجو.ومرت عمييما األياـ، وىما كذلؾ، فإذا ىي أعواـ

وأعواـ.ف مات األخ صاحب الصندوؽ، فقاـ أخوه ثـ كاف أ

بواجبو نحوه، فدفنو، وأكـر مثواه، ثـ بادر إلى الصندوؽ ففتحو، فإذا فيو قطع صغيرة مف الحديد، عتيقة، صدئة ومسامير، ومفاتيح، وعجبلت، وقطع ال أشكاؿ ليا، كميا

صدئة صدئة.

Page 597: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0119 -

تعلق:تكشؾ هذه الحكاة أنانة اإلنسان، وفردته، وعزلته،

جشعه، فهو نطوي على نفسه، وحتفظ بؤشاء خاصة، وتافهة، ال قمة لها، ال رد اطبلع أحد علها، وإثر العش

مع تلك األشاء على العش مع أخه، مإكدا عزلته.

والحكاة تإكد سخؾ تلك الحاة وفراؼها، إذ تتعلق بؤشاء تافهة، وما ه ف الحققة بحاة، ألنها ال تحقق

ف الحاة، وال تبق شبا لآلخرن بعد الممات. شبا

والحكاة موجزة جدا، وه تدل على مجتمع المدنة حث البوت والصنادق واألشاء المعدنة، والحكاة على

األؼلب قربة العهد، ولست عرقة وال موؼلة ف القدم.

Page 598: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0101 -

أج أخ

عف أبييما قطعة يحكى أف أخويف اثنيف كانا قد ورثا أرض، فكانا يعمبلف فييا معا، يزرعانيا ويحصدانيا، ثـ يقتسماف غبلليا، وكاف أحد األخويف متزوجا، ذا عياؿ

كثير، عمى حيف كاف اآلخر ما يزاؿ عزبا.وفي أحد المواسـ، اقتسما المحصوؿ، وحمؿ كؿ منيما

يما نصيبو إلى داره، وأودعو في مخزنو، وفي الميؿ، أوى كؿ منإلى فراشو، فقاؿ الذي ما يزاؿ عزبا يحدث نفسو: "إف أخي متزوج، وذو عياؿ، وىو يتحمؿ مف األعباء أكثر مما أتحمؿ، وأنا العزب، فميس مف اإلنصاؼ أف نقتسـ الغبلؿ، فمف حقو أف يكوف نصيبو أكثر مف نصيبي" ثـ ما كاف منو إال أف نيض،

بو إلى دار أخيو، ومضى إلى مخزنو، فحمؿ منو كيسا ومضى فدخميا، وألقى بحممو في مخزف أخيو، ورجع إلى داره مرتاحا

مطمئف النفس.وفي تمؾ األثناء كاف األخ اآلخر، يحدث نفسو، فيقوؿ: "إف أخي ما يزاؿ عزبا، وىو مقبؿ عمى الزواج، وعميو ستقع أعباء كثيرة، وليس مف اإلنصاؼ أف أقاسمو الغبلؿ مناصفة"ثـ

و إال أف نيض، ومضى إلى مخزنو، وحمؿ منو ما كاف من

Page 599: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0100 -

كيسا، ومضى إلى دار أخيو، فدخميا، وألقى بحممو في مخزف أخيو، ورجع إلى داره مرتاحا، مطمئف النفس.

وفي النيار رجع األخواف إلى العمؿ الذي خمفو ليما خبلص. والدىما، بتعاوف، وصدؽ وا

تعلق:بلقات النقة حكاة رفة جملة، تعبر عن طبعة الع

ف المجتمع الزراع، وتإكد ما بن األخ وأخه من حب وتعاون وإخاء صحح.

وه تإكد ضرورة التعاون والتسامح كما تإكد التضحة واإلثار، وتدل على التفكر ف اآلخر، ال ف الذات، فكل أخ من األخون فكر ف أخه، وال فكر ف

متها، وأن األساس نفسه، كما تدل على صدق النة وسبل ف الفعل هو النة، ولس محض الفعل.

وه تإكد أن المال ال نقص من الزكاة أو الصدقة أو التعاون، كما قال رسول هللا صلى هللا عله وسلم: "ما

نقص مال من زكاة قط".والحكاة تدل على الرؾ والمجتمع الزراع، ف

مقة الفكرة صورته النقة، وه حكاة موجزة مكثفة، ع بعدة الداللة، وه من ؼر شك عرقة موؼلة ف القدم.

Page 600: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0102 -

أب اغؼبدح

كاف أحد الرجاؿ، ويدعى"بكرا"، قد عاش عمره كمو بائسا شقيا، لـ يينأ في حياتو يوما واحدا، لفقره وشقاء حالو، وذات يـو ة، ارتحؿ كي يريح نفسو ويسمييا، وبينما ىو في سفره، رأى بمد

فقصد إلييا، وقبؿ أف يدخميا مر بمقبرتيا التي كانت خارج أسوار البمدة، فمفت نظره ما ىو مكتوب عمى القبور، فيذا قبر كتب عميو أف صاحبو عاش يوما واحدا، وذاؾ قبر كتب عميو أف صاحبو عاش أربعة أياـ فقط، وذلؾ قبر كتب عميو أف

يعش أطوؿ صاحبو عاش يوميف، وكذلؾ سائر القبور، لـأصحابيا عمرا، كما ىو مكتوب عمى القبر، سوى بضعة أياـ، عمى الرغـ مف أف القبور ذات حجـو كبيرة، تدؿ عمى أنيا لرجاؿ، وليست ألطفاؿ، فدىش لؤلمر وتعجب، ثـ مضى إلى المدينة فدخميا، فوجد الناس فييا مثؿ باقي الناس، فييـ الشاب

نساء ورجاؿ، فزادت دىشتو، والشيخ والطفؿ والكيؿ والولد، مفولـ يستطع صبرا، فاقترب مف أحد الرجاؿ وسألو عف سر ما كتب عمى القبور، فأجابو الرجؿ: "نحف نكتب عمى القبر عدد أياـ السعادة التي كاف الميت قد عاشيا، ألنيا ىي عمره الحقيقي"، وعندئذ زفر"بكر" زفرة طويمة، ثـ قاؿ لمرجؿ: "أنا

Page 601: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0103 -

تكـ، وأظف أني سأموت فييا، ولذلؾ أرجو إذا غريب، دخمت بمد مت عندكـ أف تكتبوا عمى قبري:

"ىذا قبر المرحوم بكر

من بطن أمو إلى القبر"

تعلقتدل الحكاة على شقاء اإلنسان وبإسه ف الحاة، وه تإكد أن العمل الحقق ال قاس إال بؤام السعادة،

لة، وبذلك تزداد قوة ولكنها تإكد أضا أن تلك األام قل ورسوخا داللتها على شقاء اإلنسان وبإسه.

والحكاة موجزة مكثفة، وعناصرها قللة، اخترت بدقة وعناة، وأبرزها القبر، وما كتب عله من شعر، وهو

تجسد مادي لقصر عمر اإلنسان وشقابه.والحكاة تمتلك طاقة كبرة على إثارة مشاعر الحزن

، وه تعكس نظرة تشاإمة ال تفسر لها، والؤس واأللمولكنها على األؼلب لست صادرة عن الموت، ولذلك

ح تفسرها بالفقر والحرمان والقهر. رج وإذا كانت الحكاة لم توضح بالمقابل مفهوم السعادة وال معناها، فإن ذلك زاد ف مساعدة الحكاة على إثارة

اإلحساس بالشقاء.

Page 602: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0104 -

فبعأي هللا وئرا عأذ

يحكى أف ممكا ضاقت بو نفسو ذات يوـ، فخرج مع وزيره، وقد تنكر كؿ منيما في زي درويش، وسارا قاصديف

البادية طمبا لمنزىة، وتفريج الكرب.والحت ليما مف بعيد خيمة وحيدة، فماال إلييا، يمتمساف الماء والراحة، فخرج ليما رجؿ عجوز وزوجتو،

ليما حميب عنزة، ويبدو أنيما ال يممكاف فرحبا بيما، وقدما غيرىا، ثـ أقدـ الرجؿ عمى ذبحيا، وقامت المرأة بإعدادىا

طعاما لمضيفيف.وأدرؾ الممؾ ضعؼ حاؿ الرجؿ وفقره، وقد الحظ كرمو وجوده، فدفع إليو بورقة وقاؿ لو: "خذ ىذه توصية بؾ لدى الممؾ، إذا نزلت يوما إلى المدينة فاقصده، فسوؼ

كرمؾ حيف يطمع عمى الورقة، فإف لي حظوة عنده. " ثـ يشكر الممؾ لمرجؿ كرمو، وحسف ضيافتو، وخرج مع

الزوير، مف غير أف يعرفو إلى حقيقتو.ذا سنة قاحمة قد حمت بالببلد، عـ فييا ومرت األياـ، وا

Page 603: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0105 -

الجوع وكثر المرض والموت، وزاد األمر نكدا العواصؼ والزالزؿ.

ة ىوجاء، اقتمعت خيمة وذات يوـ ىبت عاصفالعجوز، ولـ تبؽ لديو شيئا يممكو، فأوى إلى الكيؼ، ونصحت لو زوجتو بزيارة الممؾ، وذكرتو بكتاب التوصية، وكاف قد نسيو، ورفض الرجؿ االنصياع لطمبيا، ولكنيا ألحت عميو، وزينت لو األمر، فاستجاب، ومضى إلى

المدينة في يـو جمعة، يقصد الممؾ.ولو إلى المدينة وقت صبلة الجمعة، فدخؿ وكاف وص

المسجد ليصمي، فوجد الممؾ وراء اإلماـ، فاجتاز الصفوؼ حتى صار وراءه، فقعد ينتظر حتى يتـ صبلتو.

وبعد أف أنيى الممؾ صبلتو، رفع يديو إلى السماء، وأخذ يدعو اهلل بصوت مسموع، طالبا منو أف يرزقو، وأف

يمنحو الصحة والعافية.سمع الرجؿ دعاء الممؾ، رفع يديو إلى السماء، ولما

وأخذ يدعو اهلل، ثـ نيض وخرج مف المسجد، ورجع إلى زوجتو، فبادرت تسألو عما أعطاه الممؾ، فأجاب بأنو لـ يسألو، فأنكرت ذلؾ، فأجابيا: "رأيتو يسأؿ اهلل، فعرفت أنو سائؿ مثمي، وأدركت أف عمي إذا أردت السؤاؿ أف أسأؿ اهلل

ه، وقد فعمت، فاستعنت باهلل عنو، وىو حسبي".وحد

Page 604: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0106 -

تعلق:تإكد الحكاة أن الرازق هو هللا، وأنه هو المصدر األول لكل األفعال، وهو سبب كل األسباب، وهو وحده الملجؤ والمبلذ، وه تدل على العزة واألنفة، كما تدل على

المروءة والوفاء.

Page 605: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0107 -

ع األفؼ

رة تيدـ جانب مف جدار دارىا، يحكى أف عجوزا فقيفاستدعت أحد البنائيف، وطمبت منو ترميمو، عمى أف

يميميا في أجرتو.وأمضى الرجؿ نيارا كامبل في ترميـ الجدار، ولما حؿ المساء رأت العجوز أف تقدـ لو طعاـ العشاء، فدخمت إلى ذا أفعى قد تحمقت فوؽ الوعاء الذي وضعت فيو المطبخ، وا

دييا مف طعاـ، فحارت في أمرىا، وىي العجوز كؿ ما لالفقيرة، فعزمت عمى تقديـ الطعاـ لمرجؿ، وليكف ما يكوف، ولـ تمبث األفعى أف تحركت وانسمت زاحفة نحو جحر في الجدار غابت فيو، وحممت العجوز الطعاـ لمرجؿ، فأقبؿ عميو، وىو التعب الجائع، فالتيمو كمو، والعجوز ترقبو

دعتو وىي تعده أف تعطيو أجره بعد أياـ.خائفة، ثـ و وبعد أسبوع أو أسبوعيف قرع الباب، فخرجت العجوز ذا ىي تفاجأ بالبناء، فذىمت، وضربت يدىا عمى لتفتحو، وا صدرىا، وقالت: "أىذا ىو أنت؟! أما مت"، فدىش الرجؿ،

Page 606: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0108 -

وسأليا: "ولماذا أموت. " فروت لو ما كاف مف أمر األفعى، ديثيا، سقط الرجؿ ميتا.وقبؿ أف تتـ ح تعلق:

تإكد هذه الحكاة التؤثر القوي للوهم ف نفس اإلنسان، فالرجل لم مت بسبب طعام تناوله، كانت األفعى ترقد فوقه، وهو ال علم، ولكنه مات بسبب توهمه وجود

السم ف ذلك الطعام الذي تناوله قبل أام.

ام ال عن ومما الشك فه أن رقود األفعى فوق الطعبالضرورة وجود السم فه، كما ال عن ضرره لئلنسان، ولكن مفاجؤة اإلنسان بالخبر وتوهمه بوجود السم وذعره،

كل أولبك أقوى أثرا من السم نفسه.

والحكاة تإكد المثل القابل: "سم بن آدم أقوى من سم األفعى"، وهو مثل دل مثلما تدل الحكاة على شدة تؤثر

ة ف اإلنسان، وال سما الكلمة المإلمة، وقد تكون الكلم أكثر تؤثرا من السم نفسه.

وواضح لجوء الحكاة إلى المبالؽة واإلدهاش والمفاجؤة لتحقق التؤثر الفن ف المتلق باإلضافة إلى ما

فها من تكثؾ وإجاز.

Page 607: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0109 -

صف اذصش

، كانت إحدى الزوجات تضيؽ بحمييا، والد زوجياضيقا شديدا، إذا كاف ال عمؿ لو، سوى القعود في البيت، والتدخؿ في األمور جميعيا، وكانت تشكو ذلؾ لزوجيا، فكاف يصبرىا ويواسييا، ويحامي عف أبيو، ولكنيا كانت يوما بعد يوـ تزداد ضيقا، حتى أصبحت ال تطيؽ وجوده،

ما أبوه. فوضعت زوجيا أماـ خيار: إما ىي وا لزوج إلى االنصياع، فحمؿ مف البيت واضطر ا

حصيرا، ثـ قاد والده إلى مسجد قريب مف البيت، وطمب ، ويقدـ منو أف يأوي إلى المسجد، ووعده أف يزوره كؿ يـو

لو ما يحتاجو مف طعاـ.وأدرؾ األب أف زوجة ابنو ال ترغب فيو، وأف ابنو قد

انصاع إلى رغبتيا، فرضي بما ىو مقدر لو، وصمت.يوـ دخؿ عميو حفيده، وىو قاعد عمى الحصير وذات

في فناء المسجد، ففرح بو، وضمو إليو، وأخذ يبكي، ولكنو دىش حيف رأى حفيده يحمؿ مقصا، أخذ يقص بو

Page 608: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0121 -

الحصير، حتى قصمو إلى قطعتيف ، ثـ حمؿ إحدى القطعتيف وىـ بالذىاب، فازدادت دىشة الجد، وسأؿ حفيده

"سأحتفظ بنصؼ الحصير عف سبب فعمو، فأجابو الولد: ىذا ألبي، كي أضعو عميو في المسجد، حيف يكبر. "

تعلق:تصور هذه الحكاة ضق الكنة ذرعا بحمها، وضجرها من تدخله ف حاتها الخاصة، بسبب مشاركته لها ف السكن مع زوجها، ورؼبتها ف التخلص منه،

واستقبللها بمعشتها، لتحقق ذاتها بحرة.

االعتراؾ بحق المرأة ف سكن خاص بها، والبد منوعش مستقل، من ؼر أن شاركها فه ؼر زوجها، ولكن الظروؾ تقتض ف كثر من الحاالت مشاركة والدي الزوج أو أحدهما لها ف المسكن، من قبل رعاة الزوج لوالده، وههنا ظهر دور التضحة والعطؾ، ولكن

حة والعطؾ.لس كل الناس قادرن على التض

ولكن ف األحوال كلها ال حق للمرأة أن تعامل حماها بمثل تلك القسوة الت تصورها الحكاة.

ومهما كن، فالحكاة ال تلق باللوم أو التبعة على الزوجة، وإنما تلقها على الزوج، الذي أطاع زوجته،

وعق أباه، مما دل على ضعفه.

وج ستكون من جنس والحكاة تإكد أن عاقبة ذلك الزفعلته، إذ تنبا أن ولده سعقه مثلما عق هو أباه، إذ خبا له ولده نصؾ الحصر، استعدادا لطرده ف المستقبل من

منزله.

وهكذا فالحكاة تإكد أن الولد سلقى من ابنه المعاملة نفسها الت عامل بها أباه، إن خرا فخر، وإن شرا فشر،

ة، تربوة، تتوجه بها إلى الرجل وه تقدم بذلك أمثوللحسن معاملة والده، ك لقى مستقببل معاملة حسنة من

Page 609: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0120 -

ولده.

والحكاة تنطلق من المنفعة، فه ال تحض الولد على اإلحسان إلى ولده ألنه ستحق اإلحسان، وإنما تحض على اإلحسان إله بدافع من المصلحة، ك حظى مستقببل من

ي قدمه لوالده.ولده باإلحسان الذ

Page 610: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0122 -

ذخ ال ذخهب غضاح

لحاقيا يحكى أف أحد المموؾ أراد غزو إحدى المدف، وا بمممكتو، فأرسؿ العيوف لينظروا لو أمرىا، فرجعوا ليخبروه أنيا مدينة ال يمكف أف يدخميا غزاة، فمـ يصدؽ، وأخذ يرسؿ إلييا العيوف في إثر العيوف، وكانوا جميعا يأتونو بالجواب نفسو، فعـز عمى أف يدخميا متنكرا، ليستطمع أمرىا بنفسو، فتزيف بزي درويش سائح، ومضى إلييا، فمما دخميا قصد إلى بائع فييا طمب منو رغيؼ خبز، وقطعة حموى، فأعطاه البائع رغيؼ خبز فقط، فطمب منو قطعة حموى، فأجابو البائع: "اشتر الحموى مف جاري، فبل يحؽ لي أف أبيع شيئيف، عمى حيف ال يبيع جاري شيئا، ولما سمع الممؾ الجواب غادر المدينة، ولـ يعد إلى التفكير في

غزوىا. تعلق:

تإكد الحكاة أهمة التعاون وتعاضد أبناء المجتمع وتماسكهم، وبعهدهم عن األثرة وحب الذات، وه تصور ما دعى ف العصر الحدث بالجبهة الداخلة، مإكدة

Page 611: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0123 -

تماسكها، بحث ال تسمح للؽزاة بالطمع فها.

والحكاة تنطلق من اإلمان بؤن الرزق مقسوم، وأن على المرء أن حب ألخه ما حب لنفسه، وه تجاف بذلك منطق السوق، وقانون االستؽبلل والمضاربة

باألسعار واالحتكار.

والحكاة بعدة عن المباشرة، وتعتمد على التكثؾ ، وال شء فها من النصح والوعظ، وه أشبه واإلجاز

ما تكون بحكاات المدن الفاضلة.

Page 612: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0124 -

اىاذ واىذ

تحت شمس تموز البلىبة، وفي وقت الظييرة، وقؼ أحد الرجاؿ أماـ البئر المحفورة في فناء الدار، ينزح الماء منيا، ورآه والده العجوز في وقفتو تمؾ، فعاتبو والمو، ثـ

منو المجوء إلى الظؿ، خوفا عميو مف حر الشمس، طمب ولكف االبف لـ يستجب لطمب والده، وأنكر عميو عطفو

وحنانو، وأكد أنو أصبح رجبل.أحس الوالد العجوز باالمتعاض لجواب ابنو، فمضى إلى أحد أحفاده، وىو طفؿ صغير، فأمسؾ بو مف يده،

ده وىو يجيء وجاء بو إلى فناء الدار، ولما رأى الرجؿ والبابنو إلى الحر، ترؾ البئر، وأسرع إلى والده غاضبا، يرجوه

أف يعيد ابنو إلى الظؿ.وعندئذ قاؿ الجد البنو، والد الوالد: "مثمما خفت عمى ابنؾ، خفت عميؾ، ومثمما ىو ابنؾ، فأنت ابني أيضا،

فأحس الرجؿ بخطئو، واعتذر إلى والده.

Page 613: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0125 -

تعلق:

الت كثرة، مباشرة وؼر تحمل هذه الحكاة دال مباشرة.

فه تدل على نزوع الولد إلى عصان أبه تؤكدا الستقبلله وتحققا لشخصته، على نحو ما ظهر من

عصان الرجل ألبه العجوز.

وه تدل على استمرار نظرة األب لولده على أنه ولده مهما بلػ من العمر، على نحو ما ظهر من نظرة

لى ولده الرجل، ولقد جاء ف المثل: "من األب العجوز إ رآك صؽرا فلن راك كبرا".

كما تدل على اختبلؾ نظرة المرء إلى األمر باختبلؾ موقعه منه، وتضح ذلك من خبلل عصان الرجل لنصحة أبه العجوز، ألنه كان نظر إله من موقعه بوصفه رجبل كبرا ال تإثر فه أشعة الشمس، ولكن حن وضع هذا الرجل نفسه ف موضع أبه، ونظر إلى ولده،

أدرك مصداق نصحة أبه له.

والحكاة تإكد ضرورة استمرار االحترام لؤلب والطاعة لرأه، كما تإكد أن األكبر هو على األؼلب

األكثر معرفة واألكثر رجاحة ف الرأي بفضل التجربة.

ق، والحكاة تقوم على تسلسل تارخ، وترتب منطوتبدو قوة الحجة والبرهان، وه قوة اإلقناع والتؤثر، كما تدل أخرا على مجتمع متماسك تتواصل فه األجال،

ورتبط فه بعضها ببعض.

Page 614: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0126 -

Page 615: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0127 -

ازجبسح

سدت أبواب الرزؽ عمى أحد الرجاؿ، ما عمؿ في شيء إال خسر، وما تاجر في بضاعة إال كسد سوقيا،

ميو نفسو، ويئس مف كؿ شيء.حتى ضاقت عوذات يوـ سمع أف الموت كثير في إحدى المدف، فاشترى بضعة أكفاف، وشد الرحاؿ إلى تمؾ المدينة، يقصدىا، لعمو يبيع فييا األكفاف، أو يموت، حيث الموت

كثير.ولما اقترب مف أبواب المدينة، رأى الرايات واألعبلـ

فدىش، وسأؿ أحد وآثار الزينة، وسمع أصوات األفراح، الخارجيف مف المدينة عف سبب ذلؾ كمو، فأجابو: "لقد بطؿ الموت، ومنذ مدة لـ يمت أحد، وكثير مف الذيف ماتوا

رجعوا إلى الحياة". تعلق:

تإكد الحكاة فقر الفقر، وبإسه وؤسه، وه تقوم على قدر كبر من السخرة، المرة، واإلدهاش العجابب،

Page 616: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0128 -

البلمعقول، حث بطل الموت، ونهض الذي بلػ حد الموتى من القبور.

والحكاة تكتف بالسخرة المرة، والتفسر القدري للفقر، دالة على ؼاب الوع لدى الفقر، إذ رد فقره، إلى حظه العاثر وإلى قدره، وال درك أن المسبب الحقق

لفقره إنما هو استؽبلل األؼناء وظلمهم.

تقؾ عند التفرج عن النفس بالسخرة، فالحكاة إذنوال تولد شبا من النقمة أو الحقد لدى الفقر، وال تبصره بواقع فقره وسببه الحقق، بل لعلها تإكد له أن هذا هو

حظه، والبد من التسلم، حث ال سبل إلى التؽر.

Page 617: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0129 -

األش و

مير كممو، فسألو أسرع الولد إلى أبيو فرحا يخبره أف األأبوه: "أيف رآؾ األمير؟! وماذا قاؿ لؾ؟" فأجاب الولد: "كنت في ساحة القرية، ألعب مع األوالد، ودخؿ األمير إلى الساحة عمى جواده، فركضنا نحوه، واقتربت أنا منو،

وحاولت لمس عنؽ جواده، فقاؿ لي: "اذىب، يمعف أبوؾ." تعلق:

ى الرؾ وقهر تإكد الحكاة تسلط اإلقطاع علالفبلحن وظلمهم وتركهم عشون وأوالدهم ف جهل

وفقر.

والحكاة تكشؾ ؼاب الوع لدى ذلك الطفل البريء الذي ال فقه معنى الشتمة، ألنه محدود األفق، محاصر

بالقهر، مؤخوذ بمظهر القوة واألبهة والسلطة لدى األمر.

ا تدل والحكاة تدل على شقاء األطفال وبإسهم، كمعلى استمرار الشقاء أجاال، فاآلباء خاضعون لسلطة اإلقطاع، وأكثر منهم خضوعا أطفالهم، ألنهم ولدوا ف

كنؾ الظلم ونشإوا ف ظله.

ومما الشك فه أن الحكاة تنطوي على إحساس مر بالظلم، وه تفجر ذلك اإلحساس، وتولد الشعور

ل.بالرفض، من خبلل اإلشفاق على ذلك الطف

Page 618: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0131 -

Page 619: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0130 -

()اذالوح

يحكى أف فبلحا نزؿ مرة إلى المدينة، ولما رجع إلى قريتو، أخذ يحدث الناس عما رآه في المدينة، مما بير

نظره، ثـ قاؿ ليـ متعجبا: "كـ الحبلوة طيبة في المدينة؟!!"

فسألوه: "وىؿ أكمت منيا؟!"

فأجابيـ: ا.""ال، ولكف عباءتي مست عباءة الذي أكمي

تعلق:تإكد الحكاة الفرق الكبر ف مراحل سابقة بن الرؾ والمدنة، وهوما نعكس ف مظاهر من الجهل والفقر والمرض والحرمان والقهر، ولس مرجع ذلك إلى بعد المسافة المكانة بن الرؾ والمدنة، وإنما مرجعه إلى

اإلقطاع وتسلط األؼناء على الفقراء.

ؾ حرمان القروي وسذاجته، ف قدر والحكاة تكش

انزخيصة، تصنع ين انسسى. نىع ين انحهىي (6)

Page 620: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0132 -

ؼر قلل من السخرة منه، ومن ؼر التعاطؾ معه، أو اإلشفاق عله، مما زد األمر قهرا.

والحكاة تروى أحانا للداللة على من دع المعرفة باألمر على حن أنه ال عرؾ منه شبا، سوى االدعاء.

Page 621: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0133 -

سأط امظ

ثنيف خطبا أختيف اثنتيف، ثـ كاف يحكى أف أخويف ازفافيما في ليمة واحدة، وكاف لكؿ مف األختيف، في بيت أىميا، قطة، تعنى بيا، وتدلميا، وتتسمى معيا، وقد أبت كؿ واحدة منيما إال أف تصطحب معيا قطتيا إلى بيت زوجيا.وفي الميمة األولى دخؿ أحد األخويف مع عروسو إلى

عيا، فسأليا عنيا، فقالت: "ىي غرفتيما، فرأى القطة مقطتي المدلمة، ال أستطيع االستغناء عنيا"، فحاوؿ إقناعيا بضرورة االستغناء عف القطة، وتركيا، فقد جد في حياتيما ما سيشغميا عف القطة، وأنو مف األجدر بيا أف تيتـ بو ىو، ال بالقطة، ولكف العروس لـ تقتنع، وأصرت عمى

اؿ ليا: "كما تشائيف"، ثـ غافميا، ودفع االحتفاظ بالقطة، فقبالقطة إلى الباب، حتى إذا صارت بيف مصراعيو، أغمقو بقوة، فقطع رأس القطة، وذعرت العروس لما رأت، ولكف وجدت نفسيا أماـ األمر الواقع، فاستسممت، وخضعت لمشيئة زوجيا، والتفتت إليو، توليو اىتماميا، وقد عاىدتو

Page 622: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0134 -

بعد ذلؾ أبدا. عمى أال تذكر القطةأما األخ الثاني فقد دىش أيضا لمرأى القطة مع عروسو، فسأليا عنيا، فأكدت لو تعمقيا بو، ورغبتيا في

االحتفاظ بيا، فمـ يمانع، وتركيا تمرح في الغرفة.وفي صباح اليوـ التالي فوجئ بالقطة وقد تركت بعض القذر في أرض الغرفة، ثـ كاف عميو أف يسعى

لحميب ليا، ولما كاف الضحى عاتبتو أمو، في قطة لتوفير ازوجتو، فقد نبشت بأظافرىا تراب أصص الزرع التي تعنى بيا، وقمبت بعضيا، وحطمتيا، ولـ يمبث أف عاتبو أبوه، والمو لوما عنيفا عمى قطة زوجتو، فقد ضايقت الببغاء الذي يطعمو كؿ صباح بيده، ويوما بعد يوـ كاف الضيؽ

وجة يزداد مع ازدياد عبث القطة، ففي يوـ قمبت بقطة الز المزىرية وكسرتيا، وفي آخر دخمت بيت األـ، وتركت فيو

القذر، وفي ثالث طردىا أبوه، فتذمرت الزوجة.وىكذا بدأت اليموـ والمشكبلت بسبب ىذه القطة، أبوه وأمو يتذمراف مف عبثيا في البيت، وزوجتو تضيؽ مف زجر

و أف يوفر لمقطة الحميب في كؿ حمييا ليا، وىو عميصباح، والمحـ الخاص بيا، عند الظييرة، وأف يسمع في

المساء شكاوى أمو وأبيو، وتذمر زوجتو.وذات يوـ حدث األخ الثاني أخاه األوؿ عما يعانيو مف مشكبلت بسبب القطة، وسألو عف حؿ، فقاؿ لو: "ال

Page 623: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0135 -

عرس، حؿ اآلف، لو فعمت مثمي، وقطعت رأس القطة ليمة ال لما كاف ما كاف ".

تعلق:

حكاة تهكمة ساخرة، ؼالبا ما تساق ف النل من الزوج الذي ال قدر على القام بمسإولته تجاه زوجته وضعؾ أمام رؼباتها، وأحانا تساق للتوجه والوعظ واإللحاح على أهمة امتبلك الرجل ناصة األمور ف

المبالؽة.بته، ولكن ف قدر ؼر قلل من

والحكاة تدل على مجتمع قمع، تقوم فه العبلقات على أساس من اإلرهاب والسطرة واالستبداد، وتجلى ذلك أبرز ما تجلى ف العبلقة بن الزوج وزوجته، وعلى مثلها مكن أن تقاس باق العبلقات، حث ال احترام وال

تلك تقدر، وال قوانن وال مبادئ وال أعراؾ تحكم مثل العبلقات وتوجهها.

وه من ؼر شك تدل على تخلؾ اجتماع وفساد ف فهم حققة العبلقة السامة بن الزوجن وحققة كونهما

معا شركن ف حاة واحدة.

وتبرز القطة ف الحكاة لتعبر عن نوازع المرأة ورؼباتها الخاصة، وكؤنها رمز للمرأة نفسها، والحكاة تلح

قمع تلك الرؼبات وخنق المرأة.على ضرورة

نة، كما ال تخلو من والحكاة ال تخلو من مفارقة ب قسوة واضحة، وه تدل على ؼلظة وفجاجة ف الطبع.

Page 624: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0136 -

Page 625: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0137 -

ظىاهش األىس

كاف أحد التجار يثني كثيرا عمى زوجتو، ويحمد ليا تقاىا وورعيا، ويعبر دائما عف إعجابو بأخبلقيا النبيمة،

يي ال تخرج مف البيت، وال تزور أحدا، وال يزورىا أحد، ف، أنكر وال تتزيف، وال تغادر سجادة الصبلة، ولكف، ذات يـوعميو أحد أصدقائو حسف ظنو في زوجتو، وثقتو بيا، ونصح لو أف يختبرىا، بادعاء السفر، ومراقبة البيت مف بعيد، وعمؿ الزوج بنصيحة صديقو، فرأى شابا يطرؽ باب داره، فتخرج لو زوجتو، فتستقبمو أحسف استقباؿ، وتدخمو إلى الدار، وعندئذ أدرؾ الزوج خطأه، وأصابو غـ وحزف شديد، فقرر ىجر زوجتو وبيتو وبمده، والزىد في الدنيا، والسياحة في الببلد، وعدـ التفكير في شيء مف متاع

الحياة.، وىو في ارتحالو مف بمد إلى بمد، نزؿ ف ي وذات يـو

ذا شيخ يقؼ بمدة، فقصد إلى دكاف شواء، ليتناوؿ غداءه، وا أماـ دكاف الشواء، ويطمب بعض المحـ، فقطع لو الجزار

Page 626: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0138 -

قطعة مف شقة خروؼ معمقة، فمـ تعجبو، فقطع لو غيرىا، فمـ تعجبو، فقطع لو ثالثة، فمـ تعجبو أيضا، حتى قطع

ي معمنا الجزار المحـ كمو، وبينما ىو يرقبو، إذا مناد ينادسرقة خزينة الممؾ، طالبا مف الناس اإلخبار عف السارؽ، فنيض عمى الفور، وصاح بالمنادي وقاؿ لو: "أنا السارؽ"، فأحاط بو رجاؿ الشرطة، وىموا باقتياده، فقاؿ ليـ: "خذوا معي شريكي"، ثـ أشار إلى الشيخ، فدىش رجاؿ الشرطة،

أنو ىو السارؽ، واستنكر الشيخ ذلؾ، ولكف الرجؿ أكد ليـ وأف الشيخ شريكو، فاقتادوىما معا إلى الممؾ.

وىـ الممؾ بالتحقيؽ مع الرجؿ، ولكنو طمب منو التحقيؽ مع الشيخ أوال، ألنو ىو السارؽ، فدىش الممؾ، ولكنو استجاب لرغبة الرجؿ، وما إف بدأ التحقيؽ، حتى اعترؼ الشيخ بأنو ىو السارؽ، وأف الرجؿ ليس شريكو،

نو بريء مف التيمة، وازدادت دىشة الممؾ، وطمب مف وأالرجؿ أف يوضح لو كيؼ عرؼ أف الشيخ ىو السارؽ، فسرد الرجؿ عمى الممؾ حكاية زوجتو، ثـ أضاؼ أنو بعد أف عرؼ الحقيقة التي كانت تخفييا عنو زوجتو، أخذ

يعرؼ جواىر األمور، ال ظواىرىا.

تعلق:خبرة والمعرفة بالحاة تإكد الحكاة اكتساب المرء ال

والناس والعالم من خبلل معاناته الشخصة وتجربته

Page 627: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0139 -

المباشرة، فقد كان الرجل مخدوعا بظاهر زوجته، فلما عرؾ باطنها، بدأت الحقابق تتكشؾ له، وأخذ عرؾ ما

وراء الظاهر.

وتدل الحكاة على مقدار ما ف الحاة من زؾ والشخ سرق، وقد وراء وخداع، فالزوجة تخون زوجها،

دل الشخ على زفه من خبلل تفرمه اللحم.

والحكاة طرفة، وفها قدر ؼر قلل من الذكاء، وه تهدؾ إلى تربة الناشبة ووعظهم، وإن كانت ال

تخلو من مبالؽة وافتعال.

Page 628: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0141 -

ؽمخ اؼصفىس

يروى أف أحد التجار كاف غنيا وافر الغنى، ولكنو كاف شديد البخؿ، يقتر عمى نفسو وعمى زوجتو وعمى بخيبل

أوالده، وكاف كؿ شيء عنده بقدر وحساب، وكاف أصحابو مف التجار في السوؽ يعاتبونو عمى بخمو ويمومونو، ويطمبوف منو دائما، عمى سبيؿ المزاح، أف يدعوىـ إلى طعاـ، وىو يتردد، ويسوؼ، ويؤجؿ، حتى كاف يوـ صارح

مف إلحاح أصحابو، وتذمره منيـ، فيو زوجتو بضيقوفطمأنتو زوجتو، وطمبت إليو أال يقمؽ، وأكدت لو أنيا تستطيع تدبير األمر، فسأليا كيؼ يمكنيا أف تفعؿ ذلؾ، فأخبرتو أنيا تستطيع إطعاميـ جميعا مف شقة عصفور واحد، فمـ يصدؽ الزوج، فأكدت لو ذلؾ، فتردد وحار في

ع.أمره، ولكنيا طمأنتو، فاقتن

Page 629: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0140 -

وفي اليوـ الثاني اشترى عصفورا، وذبحو، ثـ أرسؿ بو إلى زوجتو، ثـ مضى إلى أصحابو مف التجار في السوؽ، فدعاىـ إلى تناوؿ العشاء في بيتو، أما زوجتو فقد حممت أشياء مف بيتيا، وذىبت بيا إلى السوؽ فباعتيا، واشترت

وكؿ ما بثمنيا الخبز واألرز والمحوـ والفواكو والخضراوات،لذ وطاب مف ألواف الطعاـ والشراب، وىيأت كؿ شيء، وأعدتو أفضؿ إعداد، وبالغت في األلواف واألصناؼ، ولما انتيت مف كؿ شيء، عمقت شقة العصفور عمى باب

الدار، وقعدت تنتظر الضيوؼ.ولما كاف المساء أخذ المدعووف يتقاطروف إلى الدار،

د، وبسطت السماطات، والتيـ زرافات ووحدانا، ومدت الموائالقوـ الطعاـ، ونعموا باألطايب، وقد شفوا غميميـ مف بخؿ

التاجر، وىـ ال يصدقوف ما يرونو.ولما انتيى العشاء، وانصرؼ المدعووف، سأؿ التاجر البخيؿ زوجتو: "كيؼ فعمت ىذا؟!" فأجابت: "كما وعدتؾ،

معمقة مف شقة العصفور"، ثـ أشارت إلى شقة العصفور العمى باب الدار، وكاف قد عرؼ ما فعمت، فأقمع عف بخمو،

وصار إلى الكـر والسخاء.

Page 630: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0142 -

تعلق:تدل الحكاة على ذكاء المرأة وحسن تصرفها ف مواجهة بخل زوجها وشح نفسه. وتعمد إلى السخرة المرة والتهكم الفاجع، وتقوم على قدر ؼر قلل من البلمعقول،

قدرة المرأة على التصرؾ ف فه تبالػ ف تصور مجتمع ال قدرة لها فه على التصرؾ، كما تبالػ ف إظهار قدرتها على الفعل أمام زوج ضق علها الخناق، وهذه المبالؽة تمثل انتقاما لوضع المرأة، وتعبر عن رؼبة حالمة

ف تحقق الخبلص، وتؤكد الذات.

Page 631: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0143 -

اجذشح واذبس

امة وبطة وحمارا اشتركت جميعا في يحكى أف حمزراعة قطعة مف األرض، شعيرا، وتولتيا بالرعاية واالىتماـ، حتى نما الشعير، ونضج، وأوشؾ أف يستحصد.

ولقد خشي الثبلثة أف يسرؽ الحقؿ، فكاف االتفاؽ عمى حراستو بالتناوب.

وفي الميمة األولى حرست الحقؿ الحمامة، فمـ تنـ، تحمؽ فوقو، حتى كاف الصباح، وفي الميمة وىي ترقبو، و

الثانية، حرستو البطة، فمـ تنـ أيضا وىي ترقبو، وتحوـ حولو، حتى كاف الصباح، وفي الميمة الثالثة، تولى حراستو الحمار، ولما طمعت الشمس، وقدمت الحمامة والبطة إلى الحقؿ، لتطمئنا عميو، شاىدتا الحمار مستمقيا عمى األرض،

البطف، يغط في نوـ عميؽ، والحقؿ ال سنبمة شعير منفوخ فيو، بؿ ال عشبة واحدة، فعمدت الحمامة والبطة إلى إيقاظ الحمار، وبعد ألي نيض، ولما سألتاه عمف سرؽ الحقؿ،

نكارا. أبدى دىشة وا

Page 632: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0144 -

ولـ يكف لمثبلثة سوى المجوء إلى البحيرة، لكشؼ ة، السارؽ، وبدأت الحمامة، فوقفت عمى طرؼ البحير

وقالت: أو أو أكمي قضامو أو أو أنا الحمامة أو أو أو شربتيا أو أو إن أكمتيا

أو أو أغط ما أطمع أو أو أقع في البحيرةوغطت في البحيرة، ثـ خرجت، ترؼ بجناحييا المبمميف، ترش عنيما الماء، مزىوة، مؤكدة صدقيا، وعدـ

سرقتيا الحقؿ. لبطة، فوقفت عمى طرؼ البحيرة، وقالت:ثـ تقدمت ا

بط بط أكمي حنيطة بط بط أنا البطيطة بط بط أو شربتيا بط بط إن أكمتيا

بط بط أغط ما أطمع بط بط أقع في البحيرةوغطت في البحيرة، ثـ لـ تمبث أف خرجت، بعنقيا الطويؿ، ومنقارىا األحمر، منفوشة الريش، مزىوة، مؤكدة

وعدـ سرقتيا الحقؿ. صدقيا،وأخيرا، تقدـ الحمار، بطيء الخطا، منفوخ البطف، مطأطئ الرأس، فوقؼ عمى طرؼ البحيرة، مترددا، ثـ أخذ

يقوؿ:

Page 633: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0145 -

ىيء ىيء أكمي حشيش ىيء ىيء أنا الجحيش ىيء ىيء أو شربتيا ىيء ىيء إن أكمتيا

ىيء ىيء أغط ما أطمع ىيء ىيء أقع في البحيرة ط في البحيرة، ولـ يخرج.وغ

تعلق:حكاة تربوة طرفة، شخصاتها من الحوان، ولكن راد بها الوعظ والتوجه. وه تإكد ضرورة التعاون، واإلخبلص لؤلصدقاء، والوفاء بالوعد، وعدم خانة الصحب. كما تإكد أن الجان البد من أن كشؾ ولقى

كاء، إذ اختارت العقاب، وف الحكاة قدر كبر من الذشخصاتها من الحوان. فؤحسنت االختار. وف األشعار الت تزن الحكاة عفوة وبساطة، تجعلها محببة لؤلطفال،

وواضح أنها موجهة لؤلطفال الصؽار.

Page 634: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0146 -

ه لشو

كاف في قديـ الزماف ممؾ، وال ممؾ إال اهلل، وكاف ليذا مثؿ كؿ القروف، وكاف الممؾ قرناف نابتاف في رأسو،

يغطييما بتاج الممؾ، فبل يراىما أحد، وكاف إذا أراد أف يحمؽ رأسو، دعا إليو الحبلؽ، فاختمى بو، ثـ يأمر السياؼ

بقطع رأسو.وقد ظؿ الممؾ عمى ىذه الحالة أمدا، كمما حمؽ رأسو، قطع رأس الحبلؽ، حتى لـ يبؽ في البمد غير حبلؽ واحد،

بيف يديو، فقاؿ لو: "إني مطمعؾ عمى فأرسؿ وراءه، فمثؿ سر، أوصيؾ بأال تبوح بو"، فوعده الحبلؽ أف يحفظ السر، فكشؼ الممؾ عف رأسو، فذىؿ الحبلؽ لما رأى، وأدرؾ أنو مقبؿ عمى امتحاف خطير، فحمؽ لمممؾ رأسو، وودعو،

وخرج، وىو يعده أف يكتـ أمر ما رأى.الممؾ، ومضى الحبلؽ إلى بيتو، وىو يفكر في أمر

ويتذكر القرنيف، ويعجب ليما، ويسأؿ نفسو كيؼ نبتا في رأس الممؾ، وظؿ عمى ىذه الحالة أياما، حتى ضاؽ بأمره،

Page 635: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0147 -

فعـز عمى أف ينسى، ومضى إلى دكانو يستقبؿ زبائنو، ولكف أمر القرنيف ظؿ يشغمو.

وذات يوـ مضى إلى بستاف مف البساتيف، لعمو لبستاف، مر بصؼ مف يتسمى، وينسى، وبينما ىو في ا

شجر القصب، وكاف عاليا، تميس أوراقو الرفيعة الطويمة، مائمة عمى ساقية جارية المياه، كأنيا تناغييا، فارتاح لجماؿ المشيد، ولكنو ذكر القرنيف، فتكدر، وأحس بضيؽ شديد، وعندئذ قرر أف يبوح بما في نفسو، فيو في خموة، وال

القصب، وأخذ ييمس: يسمعو أحد، فماؿ عمى شجيرات"لمممؾ قروف، لمممؾ قروف"، فعاد إليو الشعور باالرتياح،

فقعد بعض الوقت، ثـ رجع إلى البيت.ولكنو ما إف صار أماـ باب داره، حتى رأى رجبل مف رجاؿ الممؾ في انتظاره، فقمؽ، واضطرب، ولـ يمبث ىذا الرجؿ أف أخبره أف الممؾ يطمبو في الحاؿ، فاستأذنو فيالدخوؿ عمى زوجتو وأوالده، فأذف لو، فدخؿ عمييـ، فودعيـ، ثـ مضى إلى الممؾ، فقد أدرؾ أنو مشرؼ عمى

اليبلؾ.ولما صار أماـ الممؾ، أمر السياؼ بضرب عنقو عمى الفور، فرجا الممؾ أف يسمح لو بالسؤاؿ عف ذنبو، فقاؿ لو الممؾ: "لقد بحت بالسر"، فأكد لمممؾ أنو لـ يفعؿ، ولكفالممؾ قاؿ لو: "ال تنكر، فالمدينة كميا تذكر القروف"، فدىش الحبلؽ، وأقسـ أنو لـ ينطؽ بما رأى أماـ أحد، وال بينو

Page 636: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0148 -

وبيف نفسو، إال مرة واحدة، أماـ شجيرات القصب، فبيت الممؾ، وأمر أحد وزرائو أف يذىب عمى الفور إلى الموضع

ع، ليخبر الذي أفشى فيو الحبلؽ السر، فذىب الوزير، ورجالممؾ أف القصب يميؿ بعضو عمى بعض، وييمس: "لمممؾ

قروف، لمممؾ قروف".وعندئذ أدرؾ الممؾ أنو ال ذنب لمحبلؽ، وأف سره البد

منكشؼ، فعفا عنو، وظير لمناس بقرنيو. تعلق:

تإكد الحكاة ظهور الحققة وانكشافها مهما طال الزمن، أو كثرت محاوالت إخفابها.

دل على حرص الملوك على إخفاء ما والحكاة تتعلق بهم من حقابق شخصة خاصة تضر بهم، ألنها تتناقض مع مظاهر القوة واألبهة الت سعون دابما إلى

الظهور بها، وه على األقل حقابق ال تسر العامة.

كما تدل الحكاة على مدى قسوة الملوك وعسفهم من ورع الملك ف الحكاة أجل ستر مثل تلك الحقابق، إذ ال ت

عن قتل كل حبلق رأى قرونه.

والحكاة تختار بذكاء شخصة الحبلق، لما عرؾ به الحبلقون من ثرثرة وحب للكبلم، وإلطبلعهم بحكم مهنتهم

على األشخاص ومعرفتهم بهم وبخصوصاتهم.

ونطق القصب بالحققة ف نهاة الحكاة إكد قوة الزؾ والتؽطة. الطبعة وانتصارها على أشكال

وتبدو القرون عنصرا فنا متمزا، وه ف الواقع المحور الذي بنت عله الحكاة، واكتسبت بها

خصوصتها.

ومكن أن تدل الحكاة على ضق اإلنسان ذرعا

Page 637: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0149 -

بالسر، وعدم قدرته على كتمانه، كما هو واضح ف وه شخص الحبلق، وهذه الداللة ال ترد، ولكنها محدودة،

تقتصر على الحبلق، وتؽفل دور الملك وقرونه.

Page 638: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0151 -

اذبح د وبذ وخ

يحكى أف إحدى الزوجات كانت تقية ورعة، وعمى قدر كبير مف الخمؽ الحسف، وكانت تحب حماتيا وتحترميا وتقدرىا،وتخمص ليا، وترعاىا خير رعاية، وكانت في ذلؾ

بأمو، مطيعا ليا.مثؿ زوجيا، الذي كاف برا وذات يوـ مرضت الحماة، بسبب الشيخوخة والضعؼ،

فوصؼ ليا الطبيب دجاجة مسموقة، تتقوى بيا.وأحضر الزوج دجاجة مذبوحة، وطمب مف زوجتو أف تغسميا وتسمقيا، وتقدميا ألمو، فأعدت الزوجة الدجاجة خير إعداد، وحممتيا إلى حماتيا في طبؽ، ووضعتيا بيف

ذا ىي تفاجأ بأف في الطبؽ كمبا صغيرا ال دجاجة، يدييا، وا فذعرت، وحممت الطبؽ، ورجعت بو إلى المطبخ، مدعية

أنيا نسيت الممح.ولما رجعت إلى المطبخ، زادت دىشتيا، إذ رأت أف في الطبؽ دجاجة، فرجعت إلى حماتيا، ووضعت الطبؽ

Page 639: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0150 -

ذا الدجاجة تتحوؿ إلى كمب أسود صغير، بيف يدييا، وا ثانية رجعت بالطبؽ إلى المطبخ، مدعية أنيا نسيت ومرة

البيار.وفي المطبخ رأت أف في الطبؽ دجاجة، فعجبت لؤلمر، وذىبت بالطبؽ إلى حماتيا، ووضعتو بيف يدييا، ذا في الطبؽ كمب، ولما حممت الزوجة الطبؽ، وىمت وا بالعودة بو إلى المطبخ، أوقفتيا الحماة، وقالت ليا: "ال، ال

ي بو، تعالي، أعرؼ أف في الطبؽ دجاجة، ولكنيا ترجع تتحوؿ بيف يدي إلى كمب".

ثـ روت الحماة لمكنة حكايتيا، فأخبرتيا أنيا كانت تكره حماتيا، وتكيد ليا، وتتمنى موتيا، وأف حماتيا قد ، فوصؼ ليا الطبيب دجاجة مسموقة، مرضت ذات يـو

أف فأحضر إلييا زوجيا دجاجة مذبوحة، وطمب منيا تسمقيا وتقدميا ألمو، ولكنيا عمدت إلى كمب أسود صغير،

فذبحتو، وسمقتو، وقدمتو إلى حماتيا، بدال مف الدجاجة.وكانت الحماة تروي ذلؾ لكنتيا، وىي مرىقة أشد اإلرىاؽ، تعاني مف سكرات الموت، والدموع تنحدر مف

عينييا، ثـ استغفرت ربيا، وأسممت الروح. تعلق:

ة أن ما زرعه اإلنسان حصده، إن خرا تإكد الحكافخر، وإن شرا فشر وه حكاة وعظة، بدو أنها موجهة إلى الفتات، ك عتنن بالحماة، وخلصن لها،

ولعلها من وضع أم تسعى إلى توجه بناتها ووعظهن.

Page 640: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0152 -

والحكاة تقوم على مفارقة واضحة بن الكنة الطبة وم على العجب واإلدهاش ف والحماة الماكرة، كما تق

تحوالت الدجاجة.

Page 641: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0153 -

األخذ واىض

يحكى أف أخويف اثنيف، ولدا وبنتا، توفي أبوىما، ولـ ف كانت يتركا ليما شيئا، وكانا ما يزاالف صغيريف، وا

األخت أكبر مف أخييا قميبل.، كاف الولد وأختو يمعباف عمى البيدر، في وذات يـو

ة، مع أوالد آخريف، وحدث أف تعثرت األخت طرؼ القريووقعت، وقبؿ أف تنيض رأت شيئا ما، كأنو فوىة جرة، ونبشت التراب، فإذا ىو ينكشؼ عف جرة صغيرة مؤلى بالنقود الذىبية، فحممتيا تحت ثيابيا، وأسرعت بيا إلى الدار، وحفرت في ركف مف الفناء، ودفنت الجرة، ثـ رجعت

لمعب مع باقي األوالد.إلى أخييا، تتابع اولما انتيى المعب، وحاف أواف العودة إلى البيت، سألت أخاىا: "إذا رأينا بعض النقود، فماذا تفعؿ بيا؟! "فأجابيا: " نشتري بيا قطع الحموى ونأكميا"، فقالت تحدث نفسيا: "إف أخي ما يزاؿ صغيرا، ويجب أال أخبره بأمر

الكنز".أعواـ، كبر األخ فييا، ومرت أياـ، تمتيا شيور و

Page 642: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0154 -

، أعادت عميو السؤاؿ، فأجابيا: وكبرت األخت، وذات يـو"نشتري الثياب الجديدة، والطعاـ المذيذ"، فقالت تحدث

نفسيا: "إف أخي ما يزاؿ صغيرا".ومرت األياـ أيضا، حتى صارت أعواما، وذات يوـ سألت األخت أخاىا السؤاؿ نفسو، فأجابيا: "أشتري قطعة

، وأعمر دارا، وأتزوج"، وأدركت أف أخاىا قد كبر أرضحقيقة، فقادتو إلى حيث دفنت الكنز، ونبشت التراب عنو،

ثـ قدمتو إليو. تعلق:

تدل الحكاة على روح المودة واإلخاء والتفاهم بن اإلخوة، كما تدل على وع الفتاة، وقدرتها على اتخاذ

الت كتسبها القرار المناسب، وتدل أضا على الخبرةالمرء مع تقدم العمر، وكما قال ف المثل: أكبر منك بوم

أخبر منك بسنة.

والحكاة ذات رإة إجابة، تإكد الثقة بالمرأة وتبرز دورها ف تحمل المسإولة، وه حكاة تربوة ناجحة،

قوة الداللة والتؤثر.

Page 643: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0155 -

اؼجبدح أىاع

انا يتعبداف اهلل ويخافانو، يحكى أف أخويف اثنيف كولكنو كاف كؿ منيما يتعبد اهلل عمى طريقتو، فقد كاف أحدىما يتعبد اهلل عمى رأس جبؿ، اتخذ لنفسو فيو بيتا، ال يغادره، اعتزؿ فيو العمؿ والناس، وقعد يعبد اهلل ويسبحو، وكاف اآلخر يتعبد اهلل وىو يعمؿ، ويبيع ويشتري، وقد اتخذ

سكنا، وكانت لو دكاف صغيرة، في أحد لنفسو زوجة وماألسواؽ، يبيع فييا ما تحتاجو النساء مف الثياب والحمي وأدوات الزينة والعطور، وكاف كؿ مف األخويف يدعي أنو

أكثر تعبد! مف اآلخر، وأشد منو تقوى وورعا.وذات يوـ مرض الذي يعمؿ في السوؽ، فأرسؿ وراء

لدكاف، ريثما يشفى، فتمنع أخيو، يرجوه أف يحؿ محمو في االذي يتعبد في الجبؿ، ثـ لـ يمبث أف أجاب طمب أخيو، فقدـ إليو، وأخذ منو مفاتيح الدكاف، ومضى إلى السوؽ، وكاف أخوه قد أوصاه بالحذر مف فتنة النساء، وذكره بما لدييف مف مغريات، ونبيو إلى سمة معمقة في السقؼ، فوؽ

Page 644: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0156 -

ء ال يتسرب منيا، دليبل عمى ورعو رأسو، مميئة بالماء، والماوتقواه، فأكد لو الذي يتعبد في الجبؿ أنو أقوى منو عبادة، وأشد منو تقوى وورعا، ووعده أف يجعؿ الماء في السمة

متجمدا، زيادة منو في التقوى.ومضى األخ إلى الدكاف، وقعد فييا، وأخذ يستقبؿ

ثالثة تبغي النساء، ىذه تطمب ثوبا، وتمؾ تريد زينة، و عطرا، وكؿ واحدة منيف أجمؿ مف األخرى، وأكثر منيا فتنة، ولكؿ واحدة أسموب في الطمب والمساومة والشراء، وطريقة في المحادثة والمداورة والكبلـ، واحدة تغمز لو

بعينيا، وأخرى تبسـ، وثالثة تتغنج.وىكذا تعرض األخ الذي كاف يتعبد في الجبؿ إلى

، وأحس بنفسو تستجيب إلى بسمة مف ىذه، الفتنة واإلغواءذا نقطة مف السمة المعمقة فوؽ رأسو تسقط ولفتة مف تمؾ، وا ذا قطرة أخرى عمى وجيو، ورفع رأسو إلى السمة، ونظر، وا توشؾ عمى السقوط، وشيئا فشيئا أخذ الماء يتسرب مف

السمة.وفي المساء رجع مف الدكاف، إلى أخيو، وأقر لو بأنو

نو عبادة وتقوى وورعا.أكثر م تعلق:

تإكد الحكاة أن العبادة الحق إنما ه بن الناس، ومن خبلل التعامل معهم واالختبلط بهم، ولست من خبلل

العزلة، كما تإكد ضرورة العش مع الناس.

Page 645: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0157 -

وه تدل على أن معدن اإلنسان وجوهره وصدقه ال ظهر إال عند االختبار على المحك.

Page 646: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0158 -

اذه واذجبجخ

طمبت الدجاجة مف زوجيا الديؾ أف يأخذىا في نزىة، فاشترى الديؾ قصبة طويمة، وركبيا، وأردؼ وراءه زوجتو، وطارا بيا، وفي الطريؽ صادفيما عصفور، فسأليما عف قصدىما، فأخبره الديؾ أنيما ذاىباف في نزىة، ثـ دعاه إلى

قميؿ صادفتيـ مصاحبتيما فركب العصفور وراءىما، وبعدبطة، فسألتيـ عف قصدىـ، ولـ تمبث أف انضمت إلييـ، ثـ صادفتيـ حمامة، فانضمت إلييـ، وظؿ الجميع في تحميؽ مستمر فوؽ القصبة، حتى صار المساء، فنزلوا فوؽ تؿ صغير، وقرروا البقاء فوؽ التؿ حتى الصباح، وأوصت ، الدجاجة زوجيا أال يصيح، حتى ال يسمع صوتو الثعمب

فكتـ الديؾ صوتو، وظؿ صامتا، ولما الح الفجر حف ذا الثعمب، فيموا الديؾ إلى الصياح، فصاح صوتا، وا بالفرار، ولكنو كاف أسرع منيـ، فيجـ عمييـ، فالتيـ الديؾ والدجاجة والبطة والحمامة، ولـ ينج سوى العصفور، فقد طار ىاربا، ولحؽ بو الثعمب، وظؿ يطارده حتى تعب،

Page 647: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0159 -

ع في كومة قش، فدخؿ وراءه، فعمقت شوكة كبيرة ببطف فوقالثعمب، فشقتو، وخرج الجميع مف بطنو سالميف: الديؾ

والدجاجة والبطة والحمامة.وفرح الجميع بالنجاة، وطمبوا مف العصفور أف يحضر ليـ شيئا ليأكموه، فطار العصفور، ورجع إلييـ بالخبز، فقاؿ

ار العصفور ورجع الديؾ: الخبز وحده ال يكفي، فطبالبيض، فقاؿ الديؾ: ىذا ال يكفي، فطار العصفور وأحضر السمف، فقاؿ الديؾ ىذا ال يكفي، فطار وأحضر النقود، فقاؿ الديؾ ىذا ال يكفي فسألو العصفور: ماذا تريد؟ فقاؿ لو الديؾ: ىذا كمو ال يكفي، ألننا ال نممؾ البيت

ال أقدر عميو، لنحتمي فيو، فقاؿ ليـ العصفور: ىذا شيء ثـ طار، وتركيـ بعيدا، ولـ يرجع إلييـ.

تعلق:تدل هذه الحكاة على حاجة الكابن الح إلى التجمع وما كون ف هذا التجمع من ابتبلؾ وتعاون لتحقق حاجات الحاة ومتطلباتها المتعددة، ولمواجهة العدو

المشترك.

جمع كما تدل الحكاة على حاجات أساسة، منها التوالدفاع والطعام والمؤوى، وتإكد ف الختام أهمة المؤوى،

الذي حقق الحماة.

ولعلها تدل على التؽن بالتخفؾ من أعباء الحاة ومتطلباتها، وه متطلبات كثرة، والذي حقق ذلك التخفؾ أجمل تحقق هو العصفور، وهو وحده الذي نجو

الذي حلق وساعد اآلخرن على النجاة، وهو وحده بحرة.

Page 648: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0161 -

Page 649: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0160 -

دلخ ثذلخ

كاف ألحد الرجاؿ زوجة صالحة، وذات يوـ اضطر إلى السفر، فأوصاىا أف تصوف نفسيا في غيبتو، فأنكرت عميو ىذه الوصية، وردت عميو قائمة: "إذا أردت أف أكوف مصونة في غيبتؾ، فصف أنت نفسؾ"، فوعدىا بذلؾ، ثـ

ودعيا ومضى في سفره.ت األياـ، وىي في دارىا تربي األوالد، وترعى ومر

شؤونيـ، وتسير عمييـ، وما كاف ليعف عمى باليا أبدا أف تفكر في شيء، وىي التقية الورعة.

وذات يوـ جاء السقاء ليحضر ليا الماء، كعادتو، فناولتو السطوؿ، ليحمميا، ويرجع بيا ممموءة، ولما عاد،

ع السطوؿ الممموءة في فناء دعتو كالعادة إلى الدخوؿ، ليض الدار.

ولكف السقاء رجاىا أف تساعده في إنزاؿ أحد السطوؿ عف كتفو، فقد ىده التعب، فأشفقت عميو، وخرجت إليو،

ومدت يدىا لتتناوؿ السطؿ منو، فقرصيا في ساعدىا.

Page 650: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0162 -

فنفرت منو، وطردتو في الحاؿ، وطمبت مف أبييا أف خبره بشيء، مدعية يرسؿ إلييا سقاء آخر، مف غير أف ت

أف ذلؾ السقاء مريض.ولما رجع زوجيا مف السفر، بادرتو عمى الفور بالسؤاؿ إذا كاف قد صاف نفسو في غيبتيا، فمـ يجب بشيء، فألحت

عميو، فمـز الصمت، فاستحمفتو باهلل أف يصدقيا القوؿ.فأخبرىا أنو كاف ذات مرة في السوؽ يعرض ما معو

اء، فمما مدت يدىا لتممس مف أثواب عمى إحدى النس الثوب، وترى جودتو، قرصيا في ساعدىا.

فقالت لو عمى الفور: "دقة بدقة، ولو زدتيا، كاف زادىا السقا".

ثـ حدثتو عما كاف مف أمر السقاء، والمتو عمى ما فعؿ، فاعتذر إلييا، وتأكد لديو صدؽ قوليا.

تعلق:رأة، تإكد الحكاة أن المسإول عن الخطبة لس الم

كما ظن ؼالبا، وإنما هو الرجل، بل إن الحكاة تبرئ المرأة، وتإكد نقاءها، وتحمل الرجل المسإولة كلها.

كما تدل الحكاة على قانون العدل، إذ لكل جرمة عقوبة من جنسها، السن بالسن والعن بالعن، والعقوبة

هذا ههنا ال وقعها القضاء، وإنما وقعها قانون العدل، وأقوى، ألن الجرمة قد ال تكشؾ وال تعرؾ، وكذلك فإن عقوبتها قد تؤت من حث ال دري المجرم أو ال توقع، وهذا أدعى إلى إثارة الخوؾ من الجرمة، وأقدر على

خلق رادع داخل.

Page 651: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0163 -

Page 652: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0164 -

اثؼت اذزبي

كاف الثعمب يتجوؿ في البيدر، وقد ناؿ منو الجوع، جاجة وحجمة، فيـ بالوثوب عمى الديؾ، ولكنو فرأى ديكا ود

فكر قميبل، ورأى أنو يحتاؿ، حتى يناؿ الجميع. وىكذا أعد لنفسو مسبحة مف بعر الغنـ، وأخذ يمشي أماميـ بيدوء،

مصطنعا التقوى والورع.وثار الفضوؿ في نفس الدجاجة، فسألتو: إلى أيف أنت

لحج، فطمبت منو ذاىب؟ فأجابيا إنو ذاىب ألداء فريضة اأف يصطحبيا معو، فمـ يوافؽ في الحاؿ، وأخذ يعتذر إلييا،

لكي تتودد إليو أكثر، وأخيرا وافؽ، فسارت في إثره.ثـ انضـ إلييما الديؾ والحجمة، وأخذ الثعمب يصعد بيـ جببل وينزؿ بيـ واديا، حتى ناؿ منيـ التعب، فطمبوا

رفو، وأدخميـ فيو، ثـ منو أف يستريحوا، فقادىـ إلى وكر يعوقؼ أماـ الباب، وصاح فييـ معبرا عف رغبتو في التياـ

الدجاجة.وخرجت إليو الدجاجة تسألو عف ذنبيا، فقاؿ ليا: "أنت

Page 653: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0165 -

تضعيف بيضة واحدة، ثـ تممئيف الدار صياحا"، وقبؿ أف تجيب بشيء ىجـ عمييا، وفصؿ رأسيا عف جسدىا.

متيمو، فسألو الديؾ ثـ طمب مف الديؾ أف يخرج إليو ليعف ذنبو، فأجابو: "أنت تستيقظ مع الفجر، وتصيح، فتوقظ النائميف، فتزعجيـ"، وجزاؤؾ الذبح"، وقبؿ أف يجيبو الديؾ

بشيء، ىجـ عميو، وفصؿ رأسو عف جسده.ثـ نادى الحجمة، فمـ تخرج لو، بؿ سألتو، وىي ما

يش تزاؿ في الوكر: "وما ذنبي حتى تأكمني، وأنا التي أعفي الحقوؿ، بعيدا عف الناس، وال أؤذي أحدا؟". فأجابيا الثعمب: "ذنبؾ أعظـ إذ يجري في إثرؾ الصياد، فتقفزيف غير بعيد عنو، ويحاوؿ ثانية، وثالثة، وال ينجح، فأنت ال تيربيف بعيدا، إلى حيث ال يراؾ، فيرتاح، وال تبقيف قريبة

تعب، مف منو، حتى يتمكف منؾ، وىكذا يظؿ وراءؾ في غير جدوى".

وتفكرت الحجمة في أمرىا، ثـ قالت لمثعمب: "إذا كاف البد مف أكمي، فأرجو أف تقرأ الفاتحة قبؿ أف تمتيمني"، فرد

عمييا الثعمب: "ىذا أمر سيؿ".ثـ تظاىر الثعمب بقراءة الفاتحة، وأخذ يتمتـ ببعض

راءة، الكممات، ثـ رفع يديو إلى وجيو مدعيا االنتياء مف القوىنا خرجت الحجمة مف الوكر، ومرت أماـ الثعمب، وأخذت

تعدو، وقد نجحت بحسف ذكائيا.

Page 654: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0166 -

تعلق:تكشؾ الحكاة ببساطة ما صطنع القوي من حل، وما ختلق من حجج للنل من الضعؾ، كما تإكد بالبساطة نفسها إمكان نجاة الضعؾ من براثن القوي

بالحلة والذكاء.

Page 655: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0167 -

جبئض اثالساؼ

التقت ثبلث عجائز تحت شجرة األمنيات، وىي شجرة إذا قصدىا أحد وتمنى شيئا ما تحت ظميا تحقؽ لو ما

تمناه، وىكذا بدأت كؿ واحدة مف العجائز تتمنى شيئا.وتمنت األولى فقالت: أطاؿ اهلل عمر ولدي، ليشتري

عمر لي الثوب والعصابة. وتمنت الثانية فقالت: أطاؿ اهللولدي ليشتري لي الخبز والكباب، وتمنت الثالثة فقالت: أطاؿ اهلل عمر ولدي ليزوجني مف شيخ الشباب، ثـ رجعت

كؿ واحدة منيف إلى بيتيا.واستجاب اهلل دعاء العجائز، فإذا ولد األولى قد اشترى ذا ولد الثانية يدخؿ ليا ثوبا وعصابة تعصب بيا رأسيا، وا

ذا ولد عمييا ذات يوـ وىو يحمؿ الخبز والكباب المشوي، وا : "لقد عممت برغبتؾ يا أمي في الثالثة يقوؿ ليا ذات يـو

الزواج مف شيخ الشباب، فييا ألحممؾ إليو".ثـ إف الولد حمؿ أمو عمى ظيره، ومشى بيا، وىي تسألو مف حيف إلى آخر إف كانت قد وصمت، وىو يجيبيا

Page 656: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0168 -

وصؿ بيا إلى مغارة بأف الطريؽ ما تزاؿ طويمة، ثـ إنو كبيرة، أدخميا إلييا، ثـ أنزليا عف ظيره، وقاؿ ليا: "ىذا ىو بيت شيخ الشباب"، فعجبت األـ مف العتمة التي فيو، فأجابيا بأف الزوج الذي تنتظره سيأتي بعد حيف يحمؿ قنديميف يتوىجاف، فيضيء المكاف، وستمحؽ بو الطبوؿ، ثـ

ودعيا وخرج.ج المنتظر، ولـ يكف سوى الضبع، وبعد قميؿ جاء الزو

ودخؿ المغارة، وعيناه تقدحاف شررا، فظنتيما قنديميف، وضرب األرض بذيمو، فظنتو صوت الطبؿ، ثـ أقبؿ عمييا، فضربيا بقدمو في صدرىا، فظنت أنو يغازليا، ولكنو

عاجميا بضربة ثانية فقضى عمييا، ثـ أخذ يمتيميا.مئف عمى أمو، فمـ ير وفي اليوـ التالي جاء الولد ليط

سوى ثيابيا الممزقة وبقايا عظاميا، فحزف عمييا كثيرا، فحمؿ العظاـ، وواراىا القبر، وىو يرجوىا أف تسامحو.

وفي طريؽ العودة التقى بالعجوزيف المتيف كانتا معيا تحت شجرة األمنيات، فمما سألتاه عف أمو، أخبرىما

كانت في مثؿ عمرنا بمصيرىا، فضحكتا كثيرا، وقالتا: "مف فما عمييا أف تتمنى سوى لقاء وجو ربيا"، ثـ أكدتا لو أنو

لـ يخطئ فيما كاف قد فعؿ. تعلق:

تدل الحكاة بشكل واضح على ازداد التعلق بالحاة لدى بعض العجابز من رجال ونساء، وكلما تقدم بهم

Page 657: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0169 -

العمر، وأحسوا بدنو األجل، وكؤنهم ردون أخذ نصب الدنا، والتمتع بها قبل الزوال، فكون هبلكهم ف أوفى من

رؼبتهم، ألنهم أضعؾ من أن قدروا على تحققها.وقد بدو ف الحكاة شء من القسوة، إذ سلم الولد أمه للضبع، ولكن تلك القسوة مبررة، ألنها ف الحققة على مستوى

الرمز والفن، ولست على مستوى الحاة والواقع.ة ه رمز الحاة بتجددها، وعطابها، ولذلك إن الشجر

كانت شجرة األمنات المتحققة. أما الرؼبة ف الثوب والعصابة فه رمز االكتفاء بالستر والصون، وأما الرؼبة ف الرؼؾ والكباب فه رمز االكتفاء بالصحة والعافة، وقد تحققت الرؼبتان للعجوزن، ألنهما رؼبتان منطقتان،

وعمرهما. وتتناسبانأما الرؼبة ف الزوج، رمز الخصب والوالدة، فه ال تناسب إال الشباب القادرن على المنح والعطاء، أما حن علن عنها الشوخ العجابز، فه على األؼلب ال تدل إال على شهوة ؼرزة تنحط بهم، وكون بها هبلكهم، وهذا

ما كان من أمر العجوز الثالثة.جابز الثبلث ال تتمنى كل واحدة منهن وبلحظ أن الع

تحقق رؼبتها بنفسها، وإنما بواسطة ولدها، مما إكد عدم قدرة الجمع على تحقق أي من تلك الرؼبات، إال بوساطة

الشباب، الذي له الدور، على حن انتهى دور العجزة.وما المؽارة إال رمز للرحم أو القبر، فه الرحم

بز، ولذلك كان إدخال الولد أمه إلى للشباب، والقبر للعجاالمؽارة، فعبل صححا، ووضعا لها ف المكان المناسب،

على مستوى الفن والحكاة أضا.أما الضبع، فهو رمز للجانب الحوان الؽرزي المنحط، ولذلك كان لقاء العجوز به، ألنها انحطت برؼبتها

إلى مثل هذا المستوى.الضبع هو هبلك المرء ف وهبلك العجوز بن دي

تهافته على محض اللذة، وإعدامه للجانب الروح ف وجوده الذي ال تحقق باللذة وحدها، بل فه كون هبلكه،

والبد له من السمو الروح.

Page 658: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0171 -

ومما الشك فه أن تلك الرموز جمعا لم تكن مقصودة، ولم كن للمبدع الشعب أن عها، وإنما ه

البلشعور لدى الجمع، وكون التعبر كامنة ف أعماق عنها وتلقها ال شعورا.

ومن هنا كون هبلك العجوز بن دي الضبع مسوؼا، ألنه هبلك فن، ولس هبلكا ف الواقع والحاة.

ولقد اتضح رمز الضبع من قبل ف حكاة: "الضبع والشباب"

افأساد اثالس

بينيف الزماف، يحكى أف ثبلث فأرات شقيقات فرؽ فكانت واحدة تعيش عند جزار، واألخرى عند خباز، والثالثة

عند حبلؽ.أما التي عند الجزار فكانت تشبع مف العظـ وبقايا المحـ، وأما التي عند الخباز فكانت تشبع مف فتات الخبز، أما التي عند الحبلؽ فكانت دائما جائعة، ال تشبع مف

شيء.عند الجزار بالتي عند الخباز، وذات يوـ التقت التي

وذكرتا أختيما الثالثة، وأشفقتا عمييا، واتفقتا عمى دعوتيا إلى نزىة، تتكفبلف فييا بالطعاـ، لعؿ أختيما تشبع وتينأ.

Page 659: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0170 -

وىكذا أعدت األختاف حقيبة صغيرة، مؤلتاىا ببقايا المحـ، وفتات الخبز، ومرتا بأختيما التي عند الحبلؽ،

متنزه قريب.ومضت الثبلثة نحو وفي الطريؽ صادؼ قط الفأرات، فسأليا عف قصدىا،

ثـ عرض عمييا المساعدة، وتطوع بحمؿ الحقيبة.ثـ أخذ القط يسير بالفأرات في طرؽ متعرجة، حتى ناؿ التعب مف الجميع، وجمست الفأرات في ظؿ جدار طمبا لمراحة، عمى حيف خبل القط بالحقيبة، ففتحيا وأكؿ كؿ

ثـ ىجـ عمى الفأرات. ما فييا،وفرت األولى إلى بئر اختبأت فييا، وفرت الثانية إلى بركة واسعة غطست في عمقيا، عمى حيف لجأت الثالثة

إلى مجرى ضيؽ دخمت فيو.وأتى القط إلى األولى، فقاؿ ليا: "ىيا اخرجي أللتيمؾ"، فأجابتو: "لوال عقمؾ الصغير ما لحقتني إلى

لى الثانية، فقاؿ ليا: "ىيا اخرجي البير"، فتركيا ومضى إأللتيمؾ، فأجابتو: "منع اهلل أسنانؾ مف الحركة، حتى ال تمحؽ بي إلى البركة"، فتركيا وذىب إلى الثالثة، فقاؿ ليا: "ىيا اخرجي أللتيمؾ"، فأجابتو: "لعف اهلل أذنؾ البترا، لوال حظي العاثر، ما دخمت إلى المجرى"، فأخذ يمد يده إلى

ى، ويطيؿ مخالبو، ويعاود المحاولة ثانية وثالثة، لعمو المجر يطاليا، وىي تكاد تختنؽ في المجرى، إلى أف مؿ، فتركيا

Page 660: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0172 -

ومضى في شأنو.وخرجت كؿ فأرة مف الفأرات الثبلث، وعادت إلى ما كانت عميو مف عيش، واحدة عند الجزار، والثانية عند

الخباز، والثالثة عند الحبلؽ.مرت الفأرتاف األولياف بأختيما الفأرة وفي يوـ آخر،

الثالثة التي ىي عند الحبلؽ، وقالتيا ليا: "يا أختنا العزيزة، لـ نسعد في المرة السابقة بنزىتنا، حتى إف القط أكؿ طعامنا، وكاد يمتيمنا، فما رأيؾ باالنتقاؿ مف دكاف الحبلؽ

لمعيش مع واحدة منا نحف االثنتيف".ثة زفرة حزف ثـ قالت: "جربت النزىة وأرسمت الفأرة الثال

فعرفت حظي، ولذلؾ سأبقى في محمي، ألحس مسني، وأبات متيني". تعلق:

الحكاة واضحة الداللة على البابس الفقر، الذي خب سعه مرة، فحس بالصدمة، وصاب بالعجز، وسلم لحظه

النكد، وال فكر ف السع أو المحاولة مرة ثانة.

شك فه أن الحكاة تصور حالة الخبة والعجز ومما ال والتسلم، ال لتقرها وتدعو إلها، وإنما لتدنها وتنفر منها.

واختار القط والفؤرة رمزا للقوي والضعؾ اختار جمل، وقد وفقت الحكاة ف تصور مناخ العبلقة بن

ن القط والفؤر، كما وقفت ف جعله معادال لمناخ العبلقة ب القوي والضعؾ.

Page 661: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0173 -

عؼك اجشط

يحكى أف مجموعة فئراف كانت تعيش في أحد البيوت ىانئة سعيدة بما تحظى بو مف بقايا الطعاـ، ولكنيا فوجئت ذات يوـ بقط كبير ينغص عمييا عيشيا، يحرميا الطعاـ،

ويطاردىا، ويوقع األذى بيا.ررت أف وتشاورت مجموعة الفئراف فيما بينيا، وق

تشتري جرسا، لتعمقو في عنؽ القط، وىو نائـ، حتى إذا ما ، سمعت رنيف الجرس، ركضت، لتنجو. غافميا ذات يـو

وىكذا تبرعت كؿ فأرة بما تممؾ، وتـ شراء الجرس، وتحينت مجموعة الفئراف فرصة نوـ القط، لتعمؽ في عنقو

مف الجرس، ولكف ىينا واجيتيا مشكمة كبيرة، إذ مف سيقـو الفئراف بمثؿ تمؾ الميمة الصعبة؟

تعلق:تدل الحكاة داللة واضحة على جبن الجماعة، الضعفة، الت تقدر على القول واتخاذ القرار، ولكنها تعجز عن الفعل والتنفذ، لضعفها وجبنها وعدم وجود من

ضح بذاته ف سبل الجماعة.

Page 662: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0174 -

ز عن ومما زد األمر سخرة أن جماعة الفبران تعجمحض تعلق الجرس ف عنق القط، فكؾ بها إذا كان

علها أن تقاومه؟

كما زد األمر سخرة أن القط واحد على حن أن الفبران كثر.

ومهما كن من أمر، فالحكاة موفقة ف اتخاذ القط والفبران رمزا للقوي والضعفاء.

Page 663: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0175 -

اذى اثالس

ذات يوـ مع وزيره يحكى أف أحد المموؾ قد خرجمتنكريف، يطوفاف أرجاء المدينة، ليروا أحواؿ الرعية، فقادتيـ الخطا إلى منزؿ في ظاىر المدينة، فقصدا إليو، ولما قرعا الباب، خرج ليما رجؿ عجوز دعاىما إلى

ضيافتو، فأكرميما.وقبؿ أف يغادره، قاؿ لو الممؾ: "لقد وجدنا عندؾ

تزودنا بنصيحة"، فقاؿ الرجؿ الحكمة والوقار، فنرجوا أفالعجوز: "ال تأمف لممموؾ ولو توجوؾ"، فأعطاه الممؾ وأجزؿ العطاء، ثـ طمب نصيحة أخرى، فقاؿ العجوز: "ال تأمف لمنساء ولو عبدوؾ"، فأعطاه الممؾ ثانية، ثـ طمب منو نصيحة ثالثة، فقاؿ العجوز: "أىمؾ ىـ أىمؾ، ولو

مؾ، ثـ خرج والوزير.صرت عمى الميمؾ"، فأعطاه الموفي طريؽ العودة إلى القصر أبدى الممؾ استياءه مف

كبلـ العجوز وأنكر كؿ تمؾ الحكـ، وأخذ يسخر منيا.وأراد الوزير أف يؤكد لمممؾ صحة ما قالو العجوز، فنزؿ إلى حديقة القصر، وسرؽ بمببل كاف الممؾ يحبو كثيرا،

Page 664: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0176 -

البمبؿ عندىا، وال ثـ أسرع إلى زوجتو يطمب منيا أف تخبئ تخبر بو أحدا.

وبعد عدة أياـ طمب الوزير مف زوجتو أف تعطيو العقد الذي في عنقيا كي يضيؼ إليو بضع حبات كبيرة مف

المؤلؤ، فسرت بذلؾ، وأعطتو العقد.ومرت األياـ، ولـ يعد الوزير إلى زوجو العقد، فسألتو

متو بأنو عنو، فتشاغؿ عنيا، ولـ يجبيا، فثار غضبيا، واتيقدـ العقد إلى امرأة أخرى، فمـ يجب بشيء، مما زاد في

نقمتيا.وأسرعت زوجة الوزير إلى الممؾ، لتعطيو البمبؿ، وتخبره بأف زوجيا ىو الذي كاف قد سرقو، فغضب الممؾ

غضبا شديدا، وأصدر أمرا بإعداـ الوزير.ونصبت في وسط المدينة منصة اإلعداـ، وسيؽ

باألغبلؿ، إلى حيث سيشيد الممؾ إعداـ الوزير مكببل خوتو، فدىشوا وزيره، وفي الطريؽ مر الوزير بمنزؿ أبيو وا لما رأوا، وأعمف والده عف استعداده الفتداء ابنو بكؿ ما يممؾ مف أمواؿ، بؿ أكد أماـ الممؾ أنو مستعد ليفديو

بنفسو.وأصر الممؾ عمى تنفيذ الحكـ بالوزير، وقبؿ أف يرفع

بلد سيفو، طمب أف يؤذف لو بكممة يقوليا لمممؾ، فأذف الجلو، فأخرج العقد مف جيبو، وقاؿ لمممؾ، أال تتذكر قوؿ

Page 665: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0177 -

الحكيـ: ال تأمف لممموؾ ولو توجوؾ

وال لمنساء ولو عبدوؾ وأىمؾ ىـ أىمؾ ولو صرت عمى الميمؾ

وعندئذ أدرؾ الممؾ أف الوزير قد فعؿ ما فعؿ ليؤكد لو عفا عنو، وأعاده إلى مممكتو وزيرا صدؽ تمؾ الحكـ، ف

مقربا. تعلق:

تدل الحكاة بادئ ذي بدء على ؼرور الحكام وصلفهم وعدم تصدقهم المواعظ على الرؼم من طلبهم لها، وكؤنهم بؽونها لمحض التسلة، بل لمخالفتها وعدم تصدقها، وإن

كانوا ف الواقع حققون مقوالتها من ؼر أن عوا.

ة تقدم ثبلث حكم، قد ؤخذ المرء بها كلها أو والحكاببعضها، ولكن على أة حال تبقى ذات داللة على ثبلثة أمور: العبلقة بالحاكم، والعبلقة بالمرأة، والعبلقة باألقارب، أي إنها تمس ثبلثة جوانب ف المجتمع: السلطة

والجنس والقرابة.

لشعبة والبنة الثبلثة ظاهرة طاؼة ف الحكاات ا سواء ف األقوال أو األفعال أو األشخاص.

Page 666: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0178 -

أثى اىبفخ

يحكى أف أحد المموؾ كاف يتناوؿ الكنافة مع وزيره، فسألو فجأة: "ىؿ تظف أف في مممكتي مف ال يعرؼ الكنافة: "فأجابو الوزير بعفوية:" مف غير شؾ، ىناؾ مف ال

تي الوزير يعرفيا، يا موالي"، فغضب الممؾ، وأقسـ أف يأ بمف ال يعرؼ الكنافة، أو يقطع رأسو.

وندـ الوزير عمى ما فرط في القوؿ، وما كاف عميو إالأف يجيب أمر الممؾ، فتنكر بزي رجؿ بسيط، واكترى حمارا، واشترى رطميف مف الكنافة، ومضى يطوؼ القرى النائية، وما إف يدخؿ قرية حتى يسرع أىميا إليو فرحيف،

يـ بعض ما يحتاجوف مف أشياء اعتاد الباعة لعمو يحمؿ إليأف يحمموىا عمى ظيور حميرىـ. ولكف كانوا دائما يحسوف

بالخيبة حيف يجدوف أنو ال يحمؿ سوى الكنافة.وىكذا حتى يئس الوزير مف وجود أحد ال يعرؼ الكنافة، وقفؿ راجعا، وىو حزيف بائس، ولكنو لمح مف بعيد بضع خياـ

فخرج إليو رجؿ عجوز، ليسألو: "ماذا تحمؿ منعزلة، فقصدىا، إلينا أييا الرجؿ؟"، فأجابو الوزير: "كما ترى"، ونظر العجوز في الخرج الذي عمى ظير الحمار، ثـ قاؿ: "لماذا تحمؿ معؾ كؿ

Page 667: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0179 -

ىذه الخيطاف؟ وما حاجتنا إلييا؟".وعندئذ سر الوزير السرور كمو، وأخبر الرجؿ بأف ىذه

لرجؿ، ثـ إف الوزير طمب منو أف الخيوط تؤكؿ، فدىش ايحضر لو المبف والسمف والسكر، وصنع لو ولعيالو الكنافة،

فأحبيا الجميع، وال سيما العجوز.وعندئذ أغراه الوزير بالذىاب معو إلى المدينة ليطعمو المزيد مف الكنافة، ففرح العجوز وأسرع إلى المضي مع

الوزير، وىو ال يعرؼ حقيقتو.وزير مع العجوز إلى المدينة، قاده إلى ولما وصؿ ال

قصر الممؾ، فدىش لمرأى القصر، ولما رأى الحرس والخدـ واألبواب والقاعات تممكو الذىوؿ، وعندما دخؿ قاعة العرش، ورأى الممؾ في صدر القاعة متربعا عمى كرسي العرش، والخدـ مف حولو، خاؼ وارتعش، ثـ خر ساجدا،

كـ يا اهلل"، فدىش الممؾ، وقاؿ: وىو يقوؿ: "السبلـ عمي"استغفر اهلل، انيض يا رجؿ، فأنا لست اهلل"، فنيض العجوز، ثـ قاؿ: "السبلـ عميكـ يا محمد"، فازدادت دىشة الممؾ، وقاؿ لمرجؿ: "أنا لست بمحمد"، فقاؿ العجوز: "السبلـ عميكـ يا عيسى"، فتبسـ الممؾ وقاؿ لو: "لست

بعيسى".جوز إلى الوزير مدىوشا، ثـ قاؿ لو: وعندئذ التفت الع

"إذا لـ يكف ىذا ىو اهلل وال محمد، وال عيسى، فمف يكوف؟"،

Page 668: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0181 -

فيمس لو الوزير: "ىذا ىو أبو الكنافة"، وعندئذ اطمأنت نفس العجوز، وىمس لموزير: "صدقت"، ثـ التفت إلى الممؾ، وقاؿ لو: "السبلـ عميكـ يا أبو الكنافة"، ثـ إنو ىجـ

ذ يعانقو ويقبمو وىو يقوؿ: "أنا أحب الكنافة وأبو عميو، وأخ الكنافة".

وضحؾ الممؾ طويبل، ثـ قاؿ لموزير: "طمبت منؾ أف تحضر لي رجبل ال يعرؼ الكنافة، ولـ أطمب منؾ رجبل ال

يعرؼ اهلل".ثـ أمر الممؾ الخدـ بإحضار الكنافة، وأقاـ العجوز في

ىو ال يريد مغادرتو قصر الممؾ سبعة أياـ وثماني لياؿ، و حبا في الكنافة.

تعلق:تدل الحكاة على التفاوت الكبر بن مستوى معشة الحكام ومستوى معشة الرعة، كما تدل على جهل أولبك بواقع هإالء، حتى إن التفكر بهم كؤنه محض تسلة وتزجة للفراغ، وه تدل أضا على مقدار ما حط

ظاهر، كاد ذهل بها المرء عن الحكام أنفسهم به من م نفسه، فتختلط عله األمور.

وسإال الملك للوزر عن قضة وتحده بها عنصر شابع ف كثر من الحكاات، وكذلك شخصة القادم من

البادة، والذي ال عرؾ شبا عن حاة المدنة.

Page 669: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0180 -

ؽفزه فىق وؽفزه رذذ

رة عمى يحكى أف شحاذة فقيرة، قرعت الباب ذات مقصر أميرة، فأطمت عمييا األميرة مف نافذة قصرىا، ثـ

قالت ليا:"آه، لو كنت في أسفؿ القصر، ألعطيتؾ، ولكف أنا

فوؽ، كما تريف، وال يمكنني النزوؿ" فتركتيا الشحاذة ومضت.

وفي يوـ آخر مرت بالقصر نفسو، فقرعت الباب، فخرجت ليا األميرة بنفسيا ثـ قالت ليا:

كنت فوؽ لكنت أعطيتؾ، ولكف أنا ىنا في "آه، لو أسفؿ القصر كما تريف، وال يمكنني أف أصعد إلى فوؽ".

فرددت الشحادة قائمة: "شفتؾ فوؽ، وشفتؾ تحت، ىذه ىي أنت"

ثـ أشارت إلييا بيدىا، مؤكدة أف األمريف سياف، ثـ مضت تقرع أبوابا أخرى.

Page 670: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0182 -

تعلق:ن المقتدر دابما تدل الحكاة على ما ختلقه القوي الؽ

من أعذار ك ال ساعد اآلخرن، وه أعذار واهة.

والحكاة من حكاات األمثال.

وشاؾ شوؾ شوفا: أشرؾ ونظر، واشتاؾ الشء: ؾ إله: تطلع. تتبعه بنظره. وتشو

Page 671: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0183 -

اشاػ وازئت

كاف أحد الرعاة يسعى عمى غنـ قومو، يرعاه، ويسوقو لمرعى، ويرجع بو مع المغيب، يخدـ قومو، مع الفجر إلى ا

وقومو يحبونو، ويأتمنونو عمى أغناميـ، ويعطونو، فيجزلوف لو العطاء، وىو ىانئ بعيشو سعيد، وىـ مطمئنوف إلى

أمانتو وحسف رعايتو ألغناميـ.ولكف ذات يوـ أراد ذلؾ الراعي أف يختبر قومو، ليرى

ونو، ويصدقوف مكانتو عندىـ، ويعرؼ إف كانوا حقيقة يحب ما يقولو ليـ، وما كاف منو إال أف صعد ىضبة مشرفة عمى

القرية، وصاح بالناس يستنجدىـ: "الذئب، الذئب".وىرع القوـ إليو، يتراكضوف مف كؿ حدب وصوب، يحمموف عصييـ وىراواتيـ، ولكف ما إف وصموا إليو، حتى أخذ يقيقو ضاحكا، وىو يؤكد ليـ أنو ال ذئب وال خطر،

نما ىي رغبتو في اختبارىـ. وا ورجع القوـ خائبيف، ناقميف عمى الراعي.

ومرة أخرى، فكر الراعي بالموضوع نفسو، ولجأ إلى

Page 672: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0184 -

الحيمة نفسيا، وأخذ ينادي"الذئب"، "الذئب"، وأسرع إليو القـو أيضا، ورجعوا خائبيف، وىو يقيقو ويضحؾ فرحا، بقدرتو

خمو االطمئناف إلى أنو عمى خداع القوـ، والكذب عمييـ، ودا ذو مكانة عندىـ، وأنو مصدؽ لدييـ.

ذا بذئب أغبر ولكف ذات يوـ، بينما ىو يرعى الغنـ، وا يقترب منو، فأسرع نحو اليضبة، يعتمييا، وىو ينادي"الذئب، الذئب"، ولكف أحدا لـ يجبو، واقترب منو الذئب، وحاوؿ الراعي مقاومتو، وىو ما يزاؿ ينادي، ولكف

مف مجيب، ألنو عرؼ بكذبو، ولـ يعد أحد يصدؽ ما كبلمو، وىكذا افترسو الذئب، وذىب نداؤه أدراج الرياح.

تعلق:تإكد الحكاة أهمة الصدق، وتكشؾ خطورة الكذب، على الفرد والمجتمع، وه تقدم مصداقا للقول الشابع: "مكنك أن تخدع إنسانا واحدا، ولكن ال مكنك أن تخدع

كلهم، ومكنك أن تخدع الناس كلهم مرة واحدة، الناس ولكن ال مكن أن تخدعهم ف كل مرة".

والحكاة تدل أضا على حاجة الفرد إلى المجتمع، وضرورة انتمابه إلى المجتمع، وارتباطه به، وصدقه معه، كما تدل على خطر الؽرور، وتوهم الفرد أن حاة القوم

ى خطؤ الفرد حن حاول معلقة عله، كما تدل أضا علامتحان قومه، واختبار مكانته لدهم، وال سما بالكذب

والخداع.

والحكاة ذات عناصر قللة، ولكنها قوة التؤثر، وقد تبدو مفجعة، إذ إول الفرد فها إلى الهبلك، ولكنها من خبلل هذه الفجعة تسعى إلى تؤكد فكرتها، وتحقق التؤثر

القوي.

Page 673: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0185 -

كما هو واضح تنتم إلى مجتمع رعوي، والحكاةولكنها تصح ف كل مجتمع، وف كل زمان ومكان، وه

معروفة، وواسعة االنتشار.

Page 674: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0186 -

اشؽذ واجهىي

يحكى أف ىروف الرشيد أصيب مرة بحصر في البوؿ، فأحضر األطباء، فما أفمحت أدويتيـ في عبلجو، بؿ زاد

نتو تكاد تنفجر.المرض تفاقما، وأحس بمثاوما كاف منو إال أف أرسؿ في طمب البيموؿ الذي كاف

يمازحو دائما ويسميو، فسألو: "ىؿ عندؾ عبلج لحالتي".

فسألو البيموؿ: "وما حالتؾ؟"

فوصفيا لو الرشيد، فسألو البيموؿ:ذا شفيتؾ فما ىي مكافأتي؟" "وا

فقاؿ لو ىروف الرشيد، وىو ضائؽ ذرعا باأللـ الشديد: "اطمب ما تشاء" فأجابو البيموؿ:

Page 675: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0187 -

"أطمب تاجؾ وعرشؾ" فقاؿ الرشيد:

"لؾ ما طمبت"وعمى الفور أحضر البيموؿ زقا ممموءا بالماء، ثـ بعجو، فجعؿ الماء يسيؿ منو، وىروف الرشيد ينظر مدىوشا

إلى الماء السائؿ مف الزؽ.ولكف ما ىي إال ىنيية، حتى أسرع ىروف الرشيد إلى

، ثـ عاد بعد قميؿ وعبلئـ السرور والرضا بادية الخارج عميو.

ثـ خمع ىروف الرشيد التاج عف رأسو، وقدمو إلى البيموؿ؟ وىو يقوؿ:

"ىاؾ تاج الممؾ فخذه، وىذا عرش المممكة ىو لؾ، فاحكـ الببلد والعباد".

وعندئذ ضحؾ البيموؿ، وقاؿ: "بحسبي الصحة والعافية، وال أريد تاجا وعرشا".

تعلق:تبرز الحكاة أهمة الصحة والعافة، وتإكد أنهما أؼلى من التاج والعرش، حتى إن الرشد لتخلى عنهما ف

سبل الصحة والعافة.

Page 676: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0188 -

وه تدل على ما صطنعه العامة من مبررات لحرمانهم من ممارسة الحكم، وه مبررات إلقناع الذات،

كؤن الصحة وتقوم على قدر ؼر قلل من المؽالطة، ول والملك ال جتمعان.

وف الحكاة قدر ؼر قلل من الذكاء، إذا تصطنع موقفا تنسبه إلى الرشد ومثل هذه المواقؾ المصطنعة كثر، حتى أصبح للرشد شخصتان، إحداهما تارخة

حققة، واألخرى أسطورة متخلة.

أورد الحكاة بؤسلوب آخر ابن القارح ف رسالته إلى عري الت أجابه عنها برسالته الشهرة:" رسالة الم

الؽفران".

Page 677: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0189 -

اطجت وثغزه

يروى أف أحد األطباء دعي إلى معالجة مريض، فامتطى بغمتو، ومضى إليو.

وبعد أف عالجو، دعاه أىؿ المريض إلى الطعاـ، فاعتذر، ولكنيـ ألحوا عميو، فقبؿ،

لكف أىؿ المريض وقعد إلى المائدة، وتناوؿ ما يكفيو، و ألحوا عميو كي يتناوؿ المزيد، وكاف كؿ منيـ يدعوه، ويبالغ في دعوتو، إكراما لو، واضطر الطبيب إلى االستجابة، لما

رأى مف كـر القوـ، وحفاوتيـ بو.ثـ قدموا لو الشراب، وألحوا عميو في شرب المزيد، وىو

مزيد.يتردد، ولكنو أماـ إلحاحيـ، وجد نفسو مسوقا إلى الوبعد قميؿ أخذ الطبيب يحس بألـ في معدتو، ولكنو . كاف يحاوؿ أف يخفي ما يحس، حتى ال يخجؿ أماـ القـو

ثـ اعتذر إلييـ، وطمب منيـ أف يأذنوا لو في المضي، وىـ يمحوف عميو بالبقاء لدييـ، ولكنو أكد ليـ أف ىناؾ

مرضى آخريف يحتاجوف إليو.

Page 678: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0191 -

وىكذا ودعو القوـ ومضى.الطريؽ اشتد بو ألـ في بطنو، مف فرط ما تناوؿ وفي

مف طعاـ وشراب، فنزؿ عف ظير بغمتو، وأخذ يمشي لعمو يجد في المشي ما يخفؼ مف ثقؿ الطعاـ، ويذىب عنو

األلـ.ثـ مر بسبيؿ ماء، فمالت البغمة إليو، تريد الشرب، فأدناىا مف الجرف، وجعمت تشرب، ولما ارتوت واكتفت،

ولكنو ساقيا إلى الماء ثانية، وأخذ يمح ىمت بالمضي،عمييا، ويحثيا عمى الشرب، ىي تأبى، وأخذ يبالغ في ذلؾ،

ويمح والبغمة تأبى أف تشرب، بؿ أخذت تبتعد عف الماء.وعندئذ امتطاىا ومضى، وىو يغمغـ قائبل: "واهلل أنت

أعرؼ مني بما ينفعؾ أو يضرؾ". تعلق:

سابدة وه اإللحاح على تنتقد الحكاة عادة شعبةالضؾ ك تناول المزد من الطعام والشراب إظهارا للكرم والحفاوة وحسن الضافة، وه عادة ؼر صادقة

وال أصلة.

كما تنتقد بصورة ؼر مباشرة نهم بعض األفراد. ولعل ف االنتقاد بعض القسوة إذ تعتمد المفارقة بن

أكثر وعا من األول.اإلنسان والحوان، فتجعل األخر

Page 679: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0190 -

Page 680: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0192 -

ضشثخ أػ

كاف أحد العمياف يسير عمى الطريؽ وحده، وىو يتممس مواقع خطاه بعصا طويمة، وصادفو رجؿ آخر، سميـ البصر، ولكنو ادعى العمى، وعرض عميو صحبتو، فرحب

بو، وسارا معا.وبعد قميؿ عرضت لمرجؿ السميـ حاجة، وكاف يحمؿ

طاىا لؤلعمى، كي يحتفظ بيا، ريثما يقضي صرة نقود، فأع حاجتو.

وانتحى الرجؿ السميـ جانبا، فاغتنـ األعمى الفرصة، وابتعد عف الرجؿ السميـ، طمعا منو بصرة النقود، ثـ إنو تممس خطاه بالعصا، فوجد حفرة، فنزؿ فييا وقبع في قاعيا، مطمئنا إلى أف الرجؿ اآلخر أعمى مثمو، وأنو لف

خبأه، ميما حاوؿ البحث عنو.يكتشؼ موبعد أف انتيى الرجؿ السميـ مف قضاء حاجتو، التفت يبحث عف األعمى فمـ يجده، ولكف بحثو لـ يطؿ، وىو المبصر، فسرعاف ما وجد األعمى مختبأ في قاع الحفرة،

Page 681: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0193 -

فظؿ متظاىرا بالعمى، وأخذ ينادي موىما األعمى بأنو ا عف األعمى حتى ال أعمى مثمو، ثـ حمؿ حجرا قذفو بعيد

يتنبو إلى أنو مبصر، وأخذ ينادي طالبا مف األعمى أف يعمف عف مكاف وجوده.

ولما سقط الحجر بعيدا عف األعمى، وىو قابع في أسفؿ الحفرة، اطمأف إلى أف ذلؾ الرجؿ أعمى مثمو، ولف

يراه، فمبث ساكنا ال يتحرؾ.يبا مف ولكف الرجؿ السميـ حمؿ حجرا آخر، وقذفو قر

األعمى، ثـ حمؿ حجرا ثالثا وقذفو أقرب.وكاف األعمى في قاع الحفرة ما يزاؿ مطمئنا إلى أف الرجؿ اآلخر أعمى مثمو، وأنو لف يصيبو، ولف يعرؼ مكانو، وأنو البد يائس في النياية منو، وعندئذ سينصرؼ،

ويظفر ىو بصرة النقود.ذا ولكف حجرا أصاب رأسو، فتزحزح مف مكانو ، وا

بحجر آخر أيضا قد أصابو ثانية في رأسو، فقاؿ: "ىذه واهلل نما ليست ضربة أعمى"، وأدرؾ أف الرجؿ اآلخر بصير، وا

كاف يخدعو، فمما أراد ىو أف يخادعو، فما أفمح.وعندئذ أعمف األعمى استسبلمو، ورد إلى البصير

صرة نقوده، واعتذر إليو. تعلق:

على أن اإلنسان مال إلى حكاة بسطة تدل بعفوة

Page 682: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0194 -

الخداع بطبعه، فنزعة الشر كامنة فه، سواء كان أعمى أم بصرا، قوا أم ضعفا، كبرا أم صؽرا، كل حاول أن

خدع بقدر ما ستطع.

كما تدل على أن كل مخادع البد سلتق بمن هو أكثر منه خداعا، فبل بقى ثمة خادع أو مخدوع، فالكل ف

اع سواء، وأن طرق الحاة ال حتاج إلى شء من الخد ذلك البتة، إنما حتاج إلى الصدق والتعاون.

Page 683: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0195 -

دىبخ ال رزه

يحكى أف أحد المموؾ أرؽ ذات ليمة، فأيقظ الوزير، ال قطع رأسو. وطمب منو أف يقص عميو حكاية ال تنتيي، وا

ثـ ذكر وحار الوزير في أمره، أي حكاية ال نياية ليا؟حكاية كانت جدتو تحكييا لو ليناـ، فشرع في روايتيا لمممؾ

فقاؿ:يحكى أنو كاف في قديـ الزماف وسالؼ العصر واألواف، ممؾ عظيـ الشأف، أراد أف يأتي بأمر لـ يأت بمثمو أحد، فجمع قمح العالـ كمو، في مكاف واحد، وجعمو كومة

قمح قبة كبيرة، عالية، ثـ أمر البنائيف، فبنوا عمى ذلؾ ال أحكموا بناءىا، ولـ يجعموا فييا كوة وال نافذة.

ولكف نممة مف النمبلت اىتدت إلى ثغرة صغيرة جدا في تمؾ القبة، فدخمت فييا، ثـ أخذت حبة، وخرجت لتدعو

النمؿ إلى قبة القمح.وىكذا بدأ النمؿ بالتقاطر، فدخمت نممة، أخذت حبة،

ة، ثـ خرجت، ودخمت ثـ خرجت، ودخمت نممة، أخذت حب

Page 684: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0196 -

نممة، أخذت حبة، ثـ خرجت، ودخمت نممة، أخذت حبة، ثـ خرجت....

وىكذا ظؿ الوزير يحكي لمممؾ عمى المنواؿ نفسو، والممؾ يصغي إليو، مشدوىا، فاغر الفـ، إلى أف ناـ الممؾ،

والحكاية ما تزاؿ مستمرة:دخمت نممة، أخذت حبة، ثـ خرجت، دخمت نممة،

خرجت، دخمت نممة، أخذت حبة، ثـ... أخذت حبة، ثـ تعلق:

تقوم الحكاة على مبدأ الحكاة داخل الحكاة، فثمة حكاة خارجة ه حكاة الملك الذي أصب باألرق، وحكاة داخلة ه حكاة الملك الذي ابتنى قبة فوق كومة قمح العالم، والحكاة

األولى كاإلطار بالنسبة إلى الحكاة الثانة.

ذا المبدأ الفن قدم، أوضح مثال له حكاات ألؾ وهللة وللة، وه حكاات داخلة، تضمها كإطار خارج

حكاة شهر زاد وشهرار.

والحكاة تإكد انشؽال الحكام ف العصور القدمة بقضاا فردة مجردة بعدة عن قضاا العباد والببلد، فهذا

قبة فوق قمح ؤرق فطلب الوزر لسله، وذاك بتن العالم.

وه تدل من خبلل النوم أخرا على أن الملك سزول، وكؤن نومه هو موته، على حن تدل، من خبلل النمبلت وحبات القمح، على أن الحاة سوؾ تستمر، كاستمرار الحكاة، الت ه رمز للحاة نفسها، مثلما أن النمبلت وحبات القمح ه رمز للشؽل والقوت وحركة

لحاة.ا

والحكاة عفوة جدا وبسطة، وتبدو كؤنها محض

Page 685: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0197 -

حكاة تروى لؤلطفال ك ناموا، لكنها ف عمق البلشعور تحمل دالالت أبعد، ومن خبلل هذا التوتر بن عفوة

الظاهر وعمق الباطن، تتؤكد جمالة الحكاة.

وتبقى الحكاة، بل الحكاات مستمرة... كالحاة.

Page 686: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0198 -

زهبة واإلبةث ا

يروى أف أحد الطبلب قد درس الفقو والشريعة في بمده، ثـ قرر أف يرتحؿ إلى األزىر في مصر، ليتابع

تحصيمو العممي.وفي الطريؽ مر بقرية صغيرة نائية، فاستراح فييا يوما، وصادؼ أف كاف يوـ الجمعة، فتوجو مع المصميف

ذا إلى المسجد الجامع، وأخذ يصغي إلى الخط بة، وا الخطيب ال يفقو شيئا، يقع في أخطاء كثيرة، فنيض محتجا، وصاح بالخطيب: "أخطأت أييا الرجؿ، ليس األمر

عمى نحو ما قمت".وقبؿ أف يتـ كبلمو صاح الخطيب بالمصميف: "أسكتوا ىذا الكافر"، فانياؿ عميو القوـ بالضرب، حتى كاد يمفظ

الروح.إلى مصر، حيث األزىر، وغادر القرية، وتابع طريقو

وىناؾ روى ألحد زمبلئو الطبلب ما كاف مف أمره، فبلمو

Page 687: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0199 -

زميمو، وقاؿ لو: "تمؾ القرية نائية، وأىميا يحسبوف خطيبيـ أعمـ العمماء، ال يمكف أف يحسبوه مخطئا.

ثـ دلو عمى طريقة ينتقـ بيا لنفسو، لدى عودتو إلى ببلده.

ورجع قافبل وبعد بضع سنيف أنيى الطالب تعميمو،إلى ببلده. وفي طريؽ العودة، مر بالقرية نفسيا، فنزؿ فييا طمبا لمراحة، وصادؼ نزولو يوـ الجمعة، فقصد إلى المسجد واعتمى المنبر الخطيب نفسو، وأخذ يخطب

بالمصميف، ووقع في مثؿ ما وقع فيو مف أخطاء مف قبؿ.وقبؿ أف يتـ الخطيب خطبتو، نيض الطالب وقاؿ

أنا أىنئكـ بيذا الخطيب، فيو رجؿ مبارؾ، “صميف: لمموأنصح لكؿ منكـ أف يأخذ شعرة مف ذقنو لمتبرؾ بيا". وأسرع القوـ إلى الخطيب، وقبؿ أف ينجو مف بيف أيدييـ،

كانوا قد نتفوا شعر ذقنو. تعلق:

تشر الحكاة إلى بعض الخطباء وال سما خطباء ه من الجهل، ف القرى النابة وما كون بعضهم عل

مرحلة تارخة ؼر محددة، كما تشر إلى استجابة العامة وردة فعلها للمإثر. وه تدل على ما كون عله الشباب من صراحة وفجاجة ومباشرة، ثم ما متلكونه من أسالب

خبلؾ ذلك بعد تقدم العمر.

وؼاة الحكاة الطرافة المتولدة من المفارقة بن حالة لذهاب وحالته لدى اإلاب، وما امتلكه من قدرة الشاب ف ا

على االحتال واإلقاع.

Page 688: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0011 -

Page 689: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0010 -

جشح اغ

كاف لرجؿ عجوز بضع غنمات، كاف كؿ يوـ يأخذ حميبيا ويصنع منو بعض السمف، ويخبئو في جرة، وظؿ عمى ىذه الحاؿ أياما، حتى امتؤلت الجرة، إال قميبل، عندئذ

المدينة، وىناؾ باع السمف، وقبض حمميا ومضى بيا إلى ثمنو ليرة ذىبية، وضعيا في الجرة، وكاف التعب قد ناؿ منو، فاستمقى في ظؿ شجرة وأسند الجرة إلى قطعة حجر،

واستغرؽ في نـو عميؽ.ولما استيقظ العجوز، حمؿ جرتو، ومضى بيا إلى السوؽ ليشتري بعض الحاجات، ولكنو مد يده في الجرة

ى الميرة الذىبية، فمـ يجدىا، عندئذ تألـ أشد األلـ، ليطمئف إل وقرر المضي إلى قاضي الببلد يشكو لو األمر.

ولما سمع القاضي حكاية الفبلح العجوز، أرسؿ المنادي في المدينة يدعو الناس إلى حضور محاكمة الحجر السارؽ، وعندما عقدت المحكمة حضر ناس كثير،

حجر، وكاف الناس وكانت عمى منصة القضاء قطعة

Page 690: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0012 -

يتأممونيا وىـ يغمغموف متسائميف ىؿ سرؽ الحجر؟ وكيؼ ستكوف محاكمتو.

وتأخر القاضي عف قصد، ولما دخؿ، أعمف أنو سيحاكـ ىذا الحجر، وعندئذ ضج الناس في قاعة المحكمة ساخريف، فأظير القاضي غضبو، وحكـ عمى الحاضريف

أف يدفع كؿ منيـ ليرة غرامة.أف يقؼ بباب المحكمة، ووضع قدرا ثـ أمر الحرس

ممموءة بالماء، وكاف عمى كؿ خارج مف المحكمة أف يمقي في تمؾ القدر ليرتو، ووقؼ القاضي يرقب الخارجيف واحدا واحدا، وكاد يخرج الجميع، ولـ يبؽ سوى عدد قميؿ، ثـ تقدـ أحد الرجاؿ، متثاقؿ الخطا، وألقى بميرتو مترددا، وبعد

صاح القاضي بالحارس: "أمسؾ المص"، فتعجب أف ألقاىا،الرجؿ وسألو: "وكيؼ عرفت أني المص"، فأجاب القاضي:

"انظر إلى السمف الطافي عمى وجو الماء".وأقر الرجؿ بذنبو، فسيؽ إلى السجف، وأعاد القاضي إلى الفبلح العجوز ليرتو، فشكره، ومضى إلى السوؽ،

يتو سعيدا.فاشترى بعض حاجاتو، ثـ رجع إلى قر تعلق

تكشؾ الحكاة بساطة الفبلح وخبث السارق وذكاء القاض، وه تإكد العدل بوصفه قمة مطلقة، تؤخذ على

د الجان، وتعد الحق إلى صاحبه.

وه تدل على نقاء الرؾ، فالفبلح نام وترك الجرة إلى جانبه مطمبنا كعادته ف الرؾ، وال عرؾ شبا عن

Page 691: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0013 -

نة، مما إدي إلى سرقة اللرة.فساد المد

كما تدل على أن المال الحبلل ال ضع.

Page 692: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0014 -

افأط ازهجخ

يحكى أف أحد الحطابيف قصد الغابة كعادتو كؿ يـو ليجمع مف الحطب ما يبيعو ويشتري بو طعاما لعيالو. وبينما ىو يضرب جذع الشجرة طارت الفأس مف يده

بو، ونزؿ في إثرىا يبحث وسقطت في النير، فخمع ثياعنيا، وغاص إلى قاع النير، ولكنو لـ يجدىا، فخرج مغتما

حزينا، ثـ أخذ يدعو ربو أف يساعده عمى استرجاع فأسو.وبينما ىو كذلؾ إذ خرج مف النير ممؾ يحمؿ فأسا ذىبية، وقاؿ لمحطاب: "أىذه فأسؾ؟"، فأجاب الحطاب:

ج، وىو يحمؿ فأسا "ال"، فغاص الممؾ في النير، ثـ خر فضية، ثـ قاؿ لمحطاب: "أىذه فأسؾ؟"، فأجاب الحطاب: "ال"، وغاص الممؾ ثانية، ثـ خرج، وىو يحمؿ فأسا حديدية، ثـ قاؿ لمحطاب: "أىذه فأسؾ؟"، فأجاب الحطاب: "نعـ، ىذه ىي فأسي"، وعندئذ أعطاه الممؾ الفؤوس

الثبلث، جزاء صدقو وأمانتو.فأسو إليو، كما فرح بالفأسيف وفرح الحطاب بعودة

Page 693: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0015 -

األخرييف، وتابع جده في جمع الحطب، ثـ حمؿ كومة كعادتو كؿ يوـ، ومضى بيا، وقد شد الفؤوس الثبلث

بالحبؿ إلى طرؼ الكومة.وفي الطريؽ صادفو تاجر غني، فمما رأى التماع الفأس الذىبية والفأس الفضية، ذىؿ، وسألو كيؼ حصؿ

عما حدث.عمييما فحدثو الصياد وفي صباح اليوـ التالي أسرع ذلؾ التاجر الغني، وىو يحمؿ فأسا حديدية، ولما بمغ النير، رمى بالفأس، وأخذ يدعو ربو، أف يعوضو عنيا، فخرج لو الممؾ مف النير، وىو يحمؿ فأسا حديدية، ثـ سألو: "أىذه فأسؾ؟"، فأجابو

ريد عنيا التاجر الغني"ال" ليست ىي، فأسي مف ذىب، وال أبدال"، فرد عميو الممؾ، "ال ضرورة لمكذب أييا الرجؿ، فيذه ىي فأسؾ، وعمى كؿ حاؿ فأنت لست بحاجة إلييا، واألفضؿ أف ترجع الفأس إلى قاع النير، وأف تعود أنت خائبا، جزاء طمعؾ وكذبؾ"، ورمى الممؾ الفأس بالنير، ثـ

غاب. ورجع التاجر الغني إلى بيتو خائبا.

لق:تعتنتصر الحكاة للصدق، الذي قود إلى الحق والخر،

على حن تدن الكذب الذي إدي إلى الخسران والخبة.

وه تظهر بساطة الفقر وقناعته وصدقه، كما تكشؾ خبث الؽن ومكره وجشعه، كما تدل على عناء الفقر ف تحصل رزقه، وقناعته بالقلل، على حن تدل

Page 694: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0016 -

حثه دابما عن المزد.على طمع الؽن وب

والحكاة تنته مثل سابر الحكاات نهاة مرضة، فتعاقب الخبث، وتكافا الطب.

Page 695: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0017 -

و اغجت ف فشر اغه

يحكى أف عجوزا سمعت بائعا ينادي معمنا عف السمؾ، فاشتيت أف تأكؿ وجبة سمؾ، فطمبت مف كنتيا أف

يا اعتذرت، وذكرتيا تخرج لتشتري منو فرخا، ولكف كنت بأنيا لـ تخرج إلى السوؽ قط، ولـ تشتر شيئا مف قبؿ.

ولكف حماتيا ألحت عمييا، وأخبرتيا أنيا ستموت إذا لـ تأكؿ السمؾ، فحارت الكنة في أمرىا ثـ أكدت أنيا ال تممؾ شيئا مف ثمنو، فاقترحت الحماة أف تمنح البائع قبمة

سمعت، ولكف حماتيا مقابؿ فرخ واحد. فذىمت الكنة مماىددتيا بأنيا ستشكوىا إلى زوجيا. وستتيميا بأنيا تخرج كؿ يوـ في غيابو لمقاء عشيؽ ليا، ووجدت الكنة الحماة

جادة كؿ الجد فيما تقوؿ، فاضطرت لتنفيذ رغبتيا.وىكذا منحت الكنة البائع قبمة، وحصمت عمى فرخ

ضعتو في السمؾ، ورجعت إلى البيت، فنظفتو وغسمتو، ثـ و المقبلة، وجاء الزوج، فسأليا عف مصدر السمؾ، فأشارت إلى أمو، فنظرت إلييا حماتيا، ثـ أخرجت مغزليا، وأخذت

Page 696: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0018 -

تخاطبو قائمة: "دور يا مغزلي دور، أقوؿ إال ما أقوؿ"، وتشاغؿ الزوج عف كبلـ أمو، ولكنيا أعادتو مرة ثانية،

"قولي". وثالثة، وعندئذ تنبو إلييا، فقاؿ ليا غاضبا:وفي تمؾ المحظة عبل في الخارج صوت رجؿ ينادي الزوج، فخرج إليو ينظر ما يريد، فالتفتت الكنة إلى حماتيا، وقالت ليا: "كيؼ يطاوعؾ قمبؾ، حتى تخبري ابنؾ بما فعمت"، فردت عمييا الحماة مؤكدة: "واهلل سأخبره، حتى

يفرمؾ مثؿ فرخ السمؾ".سمؾ، فحممت قطعة كبيرة، وعندئذ أسرعت الكنة إلى ال

وحشت بيا فـ حماتيا، فغصت بيا الحماة، ثـ أسرعت تنادي زوجيا، ولما رجع، رأى أمو ميتة، فمما سأليا عف

سبب موتيا، قالت لو: "كؿ السبب في فرخ السمؾ". تعلق:

تعكس الحكاة حالة اجتماعة تتمثل ف الخصام ؼالبا ف التقلدي بن الحماة والكنة، وهو خصام ظهر

الببات المتخلفة.

وظهر الخصام ف هذه الحكاة ف شكل حاد جدا وبصورة ؼر معقولة، ونته نهاة ال تخلو من قسوة

تإكد ال معقولة الحكاة ومبالؽتها.

والحكاة تحمل دالالت نفسة بعدة تكشؾ عن أؼوار العجوز، الت تؽلبها شهوة الطعام وال سما السمك فتدفع

كنتها إلى ما تدفعها إله.

وللسمك ف عمق البلشعور دالالت شابعة، إذ رمز إلى العضو المذكر، وؼالبا ما تكن العامة عنه بفرخ السمك، وبصؽة التذكر"فرخ"، وبذلك مكن أن تدل

Page 697: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0019 -

الحكاة على ؼرة من الكنة من جهة، وعلى حرمان من ؼابرتان جهة أخرى، ومما الشك فه أن هاتن الحالتن

ف عمق البلشعور.

ومهما كن فإن شهوة الطعام لست أقل من شهوة الجنس، بل لعلها أقوى منها وأبقى، وحسب الحكاة بناإها

ف الظاهر على تلك الشهوة.

والحكاة تنته نهاة فنة محكمة وقوة، إذ تم إلقام العجوز بالسمك الذي تشتهه نفسها وكون موتها ف إشباع

تها.شهو

Page 698: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0001 -

اجغ ثئخ واؾشاء ثؼؾش

ضاقت األحواؿ بأحد القروييف، فحمؿ ديكا لـ يكف عنده غيره، ليبيعو، فأخذ يطوؼ بو األسواؽ واألحياء، وال أحد يسألو كـ ثمنو، فمضى إلى بعض الحارات، وأخذ ينادي، وكاف في الشرفة سيدة تتأمؿ الغاديف والرائحيف، كي

، فرأت الفبلح وىو يحمؿ الديؾ، فأعجبتيا تسمي وحدتياسمرتو الريفية، وقوتو، فنادتو، وأشارت إليو كي يصعد ـ أخذت تساومو في ثمف الديؾ، وىو عمى بساطتو إلييا، ثوعفويتو، ال يفيـ شيئا مما تريد، ثـ إنيا دعتو إلى الداخؿ، وىيأت مائدة فييا مالذ وطاب مف الطعاـ والشراب، ودعتو

المأدبة، فأدىشو األمر، ثـ أخذت تتودد إليو وتبلطفو، إلى وىو ذاىؿ ال يعي مف األمر شيئا.

وبينما ىما عمى ىذا الحاؿ إذ قرع الباب، فقالت لو: "ويمي، لقد جاء زوجي، واهلل لو رآؾ لذبحؾ" حار في أمره ما يفعؿ؟ ثـ اقترحت عميو أف يختبئ في خزانة الثياب،

Page 699: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0000 -

قت الباب.فأدخمتو الخزانة، وأغموكاف القادـ في الحقيقة عشيقيا، ال زوجيا، فقعد إلى المائدة، وأخذ يشاركيا الطعاـ والشراب، ويتودد إلييا ويغازليا، والقروي البائس محبوس داخؿ الخزانة، وبينما ىما عمى ىذه الحاؿ، إذ قرع الباب، فقالت لمعشيؽ مثؿ ما

أغمقت الباب.قالت لمقروي ثـ أدخمتو إليو في الخزانة، و وعندما رأى القروي الرجؿ، وسمع وىو في الخزانة صوت الزوج في الخارج، أدرؾ عندئذ جمية األمر، وعرؼ ما ىو واقع فيو، وعندئذ ىمس لمرجؿ: "ىؿ تشتري مني ىذا الديؾ؟"، فدىش الرجؿ وىمس مجيبا: "وىؿ ىذا وقت البيع

رفعت والشراء؟"، فقاؿ الفبلح: "إذ لـ تشتر الديؾ منيصوتي وفضحتؾ" واضطر الرجؿ لمقبوؿ، وسأؿ: "بكـ تبيعني الديؾ؟" فأجابو: "بمئة ليرة"، فرد الرجؿ: "ولكنو ال يساوي عشريف"، فيمس الفبلح: "إذا لـ تشتر بمئة صحت وفضحتؾ"، واضطر الرجؿ إلى شراء الديؾ، فدفع لمقروي مئة، وناولو ىذا الديؾ فوضعو في حجره، وقعد ال يتحرؾ.

وبعد برىة سأؿ القروي: "ىؿ تبيعني الديؾ؟"، فرد الرجؿ: "منذ قميؿ اشتريتو منؾ"، فأضاؼ القروي: "إذا لـ تبعني الديؾ فضحتؾ"، فقاؿ الرجؿ: "ال بأس، أبيعؾ الديؾ، ىات مئة وخذه"، فقاؿ القروي: "أشتريو منؾ بعشريف"، فدىش الرجؿ وقاؿ: "كيؼ أبيعؾ الديؾ بعشريف، وأنا الذي اشتريتو منؾ قبؿ قميؿ بمئة"، فقاؿ القروي: "إذا لـ تبعني

Page 700: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0002 -

الديؾ بعشريف فضحتؾ"، فاضطر الرجؿ إلى بيع الديؾ إلى القروي بعشريف.

وىكذا اشترى القروي الديؾ بعشريف، ثـ ما لبث أف باعو إياه بمئة، وعاد واشتراه بعشريف، وىكذا دواليؾ، بيف

تو يتناوالف الطعاـ بيع وشراء، والزوج في الخارج مع زوج والشراب.

ثـ أشفقت المرأة عمى القروي وعمى العشيؽ، فتظاىرت بالدوار، وطمبت مف زوجيا أف يسرع إلى السوؽ لشراء دواء ليا، وما إف خرج حتى فتحت الخزانة، ثـ قالت لمقروي

ولمرجؿ: "ىيا، أسرعا باليروب، قبؿ أف يعود".قد امتؤل جيبو ورجع القروي إلى قريتو يحمؿ الديؾ، و

بالنقود، فعاش بضعة أياـ ىانئا سعيدا، ولكف لـ تمبث تمؾ النقود أف نفدت، فحمؿ الديؾ مرة أخرى، وأخذ يطوؼ األسواؽ ينادي لعمو يحظى بمف يشتري الديؾ، وبينما ىو كذلؾ إذ مر بمحؿ فخـ، رأى في صدره رجبل عميو مبلمح

، والخ داـ يطوؼ عمييـ الوقار، وقد اجتمع مف حولو القـوبالقيوة، وأعاد النظر إليو، فعرفو، إذ إنو ذلؾ الرجؿ الذي التقى بو داخؿ الخزانة، فسأؿ عنو، فعمـ أنو كبير التجار، : "ىؿ تشتري فدخؿ عميو، وألقى السبلـ، ثـ سألو أماـ القـو

الديؾ مني؟".فأحس الرجؿ باإلحراج، فأجابو: "نعـ، أشتريو"، ثـ

Page 701: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0003 -

ة ليرة، وناولو إياىا، ولكف القروي قاؿ: أخرج مف جيبو مئ"ال، ثمنو اآلف خمسمئة"، فتمممؿ الرجؿ في موضعو وأحس بالضيؽ، فقاؿ القروي: "إذا لـ تشتر الديؾ بخمسمئة"، وقبؿ أف يتـ الكبلـ، نقده الرجؿ خمسمئة ليرة، وىو يقوؿ لو:

"ولكف لتعمـ أنني لف أبيعو بعد ذلؾ وال بخمسة آالؼ".قروي، وأخذ النقود ورجع إلى قريتو ىانئا فضحؾ ال

سعيدا. تعلق:

حكاة مرحة، ال ؼاة لها سوى التسلة واإلمتاع، وه بسطة جدا، وتمتاز بالعفوة، ولكنها تدل بصورة ؼر مباشرة على نقاء الرؾ وفساد المدنة، فهنا الؽنى والعهر والتجارة والبع والشراء، وهناك البراءة والفقر

والطبة.

Page 702: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0004 -

طؼ اهبء

افتتح أحد األشخاص مطعما أسماه"مطعـ اليناء"، وأعمف عف تقديمو"الشوربة" مجانا.

ورأى اإلعبلف رجؿ فقير، فحمؿ رغيؼ خبز يابسا، ودخؿ المطعـ، ولما سألو النادؿ، طمب صحف"شوربة"، ثـ

فع فت فيو رغيفو اليابس، وأكؿ وىنئ، وخرج مف غير أف يد شيئا.

، إلى أف ضجر منو النادؿ، وكاف ىكذا دأبو كؿ يـوفشكاه إلى صاحب المطعـ فأوصاه أف يضع في صحنو

مادة"مسيمة".، وطمب صحنو وىكذا قدـ الفقير كعادتو كؿ يـوالمعروؼ، وفت فيو الخبز، وأخذ يمتيمو، وقد وجده ىذه

المرة أشيى.ص في ولكف ما إف أتى عمى الصحف، حتى أحس بمغ

بطنو، ثـ بحركة شديده في أمعائو، ثـ برغبة كبيرة في ذا بسروالو قد امتؤل، اإلفراغ فنيض، وأسرع إلى الباب، وا

Page 703: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0005 -

وأخذ يسيؿ عمى الرصيؼ، وحث الرجؿ الخطا نحو مأواه.واعترضو شخص سألو عف مطعـ"اليناء"، أيف يكوف؟، فالتفت الفقير وراءه، ونظر إلى خط عمى الرصيؼ كاف

مف سروالو، ثـ قاؿ لو: "اتبع ىذا الخط، فيو يدلؾ يسيؿ إلى معطـ اليناء".

تعلق:حكاة مرحة، تمتاز بالبساطة والعفوة، وال ؼاة من ورابها سوى اإلضحاك، وإن كانت تدل على بإس الفقر وبخل الؽن، وه تعكس بصورة ؼر مباشرة حال

مجتمع المدنة.

Page 704: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0006 -

اؾجبػخ

رجبل سأؿ عنترة: "ما الشجاعة، وكيؼ يحكى أف تعممتيا؟". فطمب منو عنترة أف يضع إصبعو في فمو، ووضع ىو أيضا إصبعو في فـ الرجؿ، ثـ قاؿ: "سيعض اآلف كؿ منا إصبع اآلخر، واألكثر شجاعة ىو الذي

يصبر أكثر عمى تحمؿ األلـ".وىكذا أخذ عنترة يعض إصبع الرجؿ، عمى حيف كاف

إصبعو، وكؿ منيما يتحمؿ األلـ، ولكف بعد الرجؿ يعض ىنيية صاح الرجؿ، مف شدة األلـ، وترؾ إصبع عنترة. وىنا قاؿ لو عنترة: "ىؿ رأيت؟ ىذه ىي الشجاعة".

تعلق:حكاة عفوة بسطة جدا، تدل على أن الشجاعة ف

الصبر والقدرة على تحمل األلم.

تعلمهم والحكاة على ما بدو موجهة إلى الشباب لالصبر وقوة اإلرادة والقدرة على التحمل، وه تعتمد على تجسد مفهوم مجرد ف شكل محدود قوامه عض اإلصبع، وؼالبا ما قصد بالحكاة ما هو أبعد من مفهوم الشجاعة

Page 705: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0007 -

والقدرة على التحمل الجسدي، من نحو الصبر والشجاعة والقدرة على تحمل آالم الحاة.

Page 706: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0008 -

اذزاءفشدح

يحكى أف أحد األتقياء كاف عمى خمؽ حسف، وكاف جاره سكيرا، وفي كؿ ليمة كاف ىذا الجار يرجع إلى داره متأخرا، وىو في حالة مف السكر يرثى ليا، حتى إذا مر

بدار جاره التقي، خمع حذاءه، ورمى بو مف فوؽ الدار.وكاف التقي يصبر عمى جاره، ويعاممو بالحسنى، ففي

اح كؿ يوـ يحمؿ إليو فردتي حذائو، فيقرع عميو الباب، صبويناولو إياىما فيعتذر إليو الجار السكير، ويأسؼ أشد األسؼ، ويؤكد أنو في حالة مف السكر ال يعي فييا ما

يفعؿ، وأنو لـ يكف يقصد إلى اإليذاء أو اإلزعاج.وذات يوـ ضجر التقي، فعاتب جاره، وذكره بحؽ

، فوعد السكير أال يعود إلى فعمتو.الجوار، ونصح لووناـ التقي مطمئنا إلى وعد جاره، ولكف فوجئ بفردة الحذاء تسقط كالعادة في فناء الدار، فاستيقظ غاضبا،

ولكنو أمسؾ نفسو، وتذرع بالصبر.وكاف السكير قد ثمؿ ونسي وعده، فمما مر بدار جاره

Page 707: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0009 -

نبو إلى قذؼ فردة حذائو كعادتو، ولكف بعد أف قذفيا توعده، فدخؿ داره وىو نادـ، وأخذ يفكر كيؼ يعتذر إلى

جاره.وقعد الجار التقي، وقد جافاه النوـ، وىو يتوقع بيف برىة وأخرى أف تسقط فردة الحذاء الثانية، ولكف انتظاره طاؿ، حتى ضجر، فما كاف منو إال أف مضى إلى جاره،

وقد قرر أف يصطنع الوسيمة الحسنة.ج إليو السكير، قاؿ لو: "أقمقتني أييا الجار، ولما خر

وشغمتني ألجمؾ، وقد جئت ألطمئف عميؾ".ثـ قدـ إليو فردة الحذاء، وىو يقوؿ: "ىذه فردة حذائؾ، ولكف أيف األخرى؟ أرجو أف ال تكوف قدمؾ قد أصيبت

بمكروه".وعندئذ أسؼ السكير، واعتذر عف كؿ ما كاف منو،

عف الخمرة، وتوسؿ إليو أف يقبمو ووعد جاره التقي أف يقمعصاحبا وصديقا، كما رجاه أف يوافؽ عمى لزومو لو، كي

ينيج نيجو في التقى وحسف الخمؽ. تعلق:

حكاة تربوة تعلم الصبر وحسن الخلق واصطناع الوسلة الحسنة ف معاملة الناس، وتحث على مراعاة حق

له من الجوار، كما تظهر مساوئ الخمرة وما تقود إ شرور وفساد، وتدعو بصورة ؼر مباشرة إلى هجرها.

والحكاة واضحة وجملة ومختصرة، وه على ما بدو مستوحاة من سرة الرسول محمد صلى هللا عله

Page 708: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0021 -

وسلم، إذ روى أن جارا له كان هودا، وكان ضع األوساخ كل وم أمام داره فكان الرسول رفع األوساخ

وذات وم لم جد الرسول األوساخ أمام وال عاتب جاره، داره، ثم علم أن جاره الهودي مرض، فعاده ف مرضه، فارتدع الجار الهودي، واعتذر إلى الرسول، ودخل ف

اإلسبلم.

Page 709: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0020 -

مب اذى

يروى أف لقماف الحكيـ عمـ أف عمره سينتيي مع في النيار انتياء رزقو، فطمع في طوؿ العمر، فصار يأكؿ

مرة واحدة بدال مف مرتيف، حتى ال ينفذ رزقو، ثـ صار يقسـ كسرة الخبز إلى كسرتيف، والمقمة الواحدة إلى لقمتيف، ويؤجؿ طعاـ اليوـ إلى الغد، ثـ لـ يبؽ لو مف الرزؽ سوى حبة حمص واحدة، أدرؾ أنو متى أكميا فسوؼ يموت،

حتى رقت فوضعيا تحت لسانو أربعيف يوما يتبمغ بيا،وذابت، ولـ يبؽ إال قشرتيا، وعندئذ عرؼ أنو ال مفر مف الموت، فمفظيا مف فمو، وتمنى لو أنو استنفذ رزقو مف

قبؿ، ولـ يعمر ما عمر. تعلق:

تدل هذه الحكاة على طمع اإلنسان ف طول العمر، حتى إنه لبخل على نفسه، ك طول عمره، ولكن طول

ء، إذ لست القمة ف المدة الت العمر ال نفعه ف شعشها اإلنسان، سواء طالت أم قصرت، وإما القمة ف

األفعال الت مؤل بها تلك المدة.

كما تدل على خطل التعلق بالدنا، والعش لمحض

Page 710: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0022 -

العش المإقت، دونما نظر إلى هدؾ أسمى، وؼاة أبعد.

Page 711: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0023 -

أؽذ ابط دمب

وحيد، رباه خير تربية، وعني كاف ألحد المموؾ ولدبو، ولما كبر، وأصبح شابا، أراد أف يعرفو إلى الببلد والعباد، ليكتسب خبرة، فأعطاه صرة نقود، وزوده بكؿ ما يحتاجو في السفر، ثـ طمب منو أف يجوؿ في الببلد،

وأوصاه أف يعطي صرة النقود لمف يراه أشد الناس حمقا.ف بمد إلى بمد، يراقب الناس وىكذا أخذ الفتى ينتقؿ م

في الحقوؿ واألسواؽ، يراىـ يبيعوف ويشتروف، ويزرعوف ويحصدوف، وكمما رأى رجبل أحمؽ ىـ بإعطائو صرة النقود، ولكنو كاف يتريث، لعمو يرى مف ىو أشد حمقا منو.

مرة رأى رجبل يرعى بقرة عمى سطح الدار، وأخرى رأى ب ماؤه، وثالثو رأى رجبل رجبل يصب السكر في البحر ليعذ

يصنع لمجمؿ جناحيف عمى أمؿ أف يطير، ولكنو ذات مرة رأى رجبل يركب حمارا بالمقموب، وجيو إلى مؤخرتو، وىو يمسؾ بذيمو، والناس مف حولو يقرعوف الصحوف بالمبلعؽ، وىـ يصخبوف ويضجوف شاتميف العنيف الرجؿ، فسأؿ

Page 712: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0024 -

ثـ انتيت واليتو عمييـ، عنو، فعمـ أنو كاف مختارا لمقرية، فإذا ىذه ىي عاقبتو.

ثـ إف الفتى دخؿ القرية، فرأى قوما يدخموف منزال، متزاحميف، وآخريف يخرجوف منو، فسأؿ عف األمر، فعرؼ أنيـ يدخموف ليباركوا لممختار بتسممو عممو مختارا جديدا

لمقرية.وعندئذ تنبو الفتى إلى األمر، ودخؿ عمى المختار

ديد مع الداخميف، ولما صار بيف يديو، قدـ لو صرة الجالنقود، فسألو المختار الجديد عف سبب تقديـ الصرة لو،

فأجابو: "طمب مني أبي أف أقدميا إلى أشد الناس حمقا".

تعلق:تإكد هذه الحكاة حمق من ال تعظ بؽره، وال ستفد من تجارب اآلخرن، وظهر هذا مرتن، مرة بصورة

سلبة، ساخرة، تتمثل ف المختار الجدد الذي لم تعظ بمصر المختار القدم، ومرة ثانة بصورة وعظة ؼر مباشرة تتمثل ف الفتى الشاب الذي عله أن تعظ بما

رى، وستفد من تجارب اآلخرن.

والحكاة تدل على النهاة البابسة الت نته إلها ، وه بذلك تقدم عظة لكل وال، الوال عند انتهاء والته

حتى درك أنه البد ذات وم معزول، فحسن إلى الناس، حتى السبوا إله عند نهاة والته.

وعلى كل حال، فالحكاة ترتبط بشكل بداب من أشكال الوالة، حث ال قانون نظم العبلقة بن المختار

ن تكون وأهل القرة، سواء لدى تولته أو لدى خلعه، وح

Page 713: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0025 -

ثمة قوانن ناظمة فبل شء حصل مما ورد ف الحكاة.

والحكاة محكمة البناء، مكثفة، نهاتها مدهشة، ومفاجبة، وفها قدر ؼر قلل من الذكاء، وإرسال الفتى، وال سما ابن الملك، ف رحلة تعرؾ فها إلى الببلد

والعباد عنصر متكرر ف كثر من الحكاات.

Page 714: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0026 -

ىذ ازو واؾؼخا

كاف ألحد الرجاؿ ولداف اثناف، رباىما خير تربية، وعني بيما، وذات يوـ أراد امتحاف ذكائيما، فأعطى كؿ واحد منيما بعض النقود، وطمب منو أف يشتري ما يمؤل بو

غرفة مف غرؼ الدار.وذىب األوؿ إلى السوؽ، وبعد طوؿ تأمؿ وتفكير،

عف الحاجات واألسعار، رأى وتجواؿ في السوؽ، وسؤاؿ التبف أرخص شيء، فاشترى بكؿ ما أعطاه والده مف نقود

أكواما مف التبف، ومؤل بيا إحدى غرؼ الدار.وذىب الثاني إلى السوؽ، فاشترى شمعة واحدة، ولـ يدفع فييا سوى بعض ما أعطاه والده مف نقود، ووفر قدرا

غير قميؿ.فرأى األوؿ قد مؤل وفي المساء رجع األب مف عممو،

إحدى الغرؼ بالتبف، عمى حيف مؤل الثاني غرفة أخرى بالنور.

Page 715: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0027 -

تعلق:تإكد الحكاة تفاوت الناس ف الذكاء، حتى بن أخون نشؤا ف ببة واحدة، وتلقا تربة واحدة، مما إكد التفاوت واالختبلؾ، وإكد أن الذكاء موهبة، وإن كان

جهه.للتربة دور ف تنمته وتو

وتدل الحكاة على الفارق بن من نفق نقوده فما هو رخص ف سعره وتافه ف قمته، التبن مثبل، وهو رمز لكل ما هو مادي منحط، ألنه محض ؼذاء للحوان، وبن من نفق نقوده فما هو نافع وله قمته الكبرى، كالشمعة، وه رمز للنور والتضحة والمعرفة، ألنها تحترق ك تضء، فتمؤل الدنا نورا وهداة، وه رفقة طبلب العلم.

وظهر المال ف الحكاة قوة محادة، مكن أن وظؾ فما هو تافه حقر، كما مكن أن وظؾ فما هو نافع، وفرق بن هذا وذاك، والقمة لست للمال، وإنما لئلنسان،

وعله أن حسن التصرؾ.

تسعى إلى حض والحكاة ذات هدؾ تربوي، فهالناشبة على االهتمام باألسمى، والترفع عما هو مادي

زابل، وه موجزة مكثفة، واضحة الداللة، قوة التؤثر.

Page 716: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0028 -

اه واجى

يحكى أف أحد المموؾ أرؽ ذات ليمة، فأخذ يفكر في ، كيؼ تكوف؟ ولـ يشأ أف يوقظ الوزير ليسألو، بؿ لذة النـو

ى مستشفى المجانيف، ليسأؿ أحدىـ.قرر أف يذىب إلوفي حديقة المستشفى رأى أحد المجانيف وىو غارؽ في التأمؿ، فقاؿ: "البد أف أجد عند ىذا المجنوف الجواب".

واقترب الممؾ مف المجنوف، فسألو: "متى تشعر بمذة النوـ؟ "فأجاب المجنوف" أشعر بمذة النوـ عندما أحس

رب إلي الخدر، فأشتيي بالنعاس، وتثقؿ أجفاني، ويتس النوـ".

فقاؿ الممؾ، "ولكنؾ ما تزاؿ في مرحمة ما قبؿ النوـ، فكيؼ يمكنؾ أف تشعر حقيقة بمذتو؟" ففكر المجنوف قميبل، ثـ قاؿ: "أنت عمى حؽ، إنما أشعر بمذة النـو عندما أستمقي عمى الفراش، وأستسمـ لمرقاد، وأمضي في سبات عميؽ،

.مستغرقا في النوـ"فقاؿ لو الممؾ: "ولكف ال يمكنؾ أف تشعر بمذة النوـ،

Page 717: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0029 -

وأنت نائـ ألف كؿ قواؾ معطمة".دىش المجنوف، وفكر قميبل، ثـ قاؿ: "أنت عمى حؽ، نما أحس بمذة النوـ عندما أصحو مف النوـ، ويكوف وا

صحوي ىادئا، بطيئا، فأستيقظ، ثـ أنيض، وأنا نشيط".الة تكوف قد غادرت فقاؿ الممؾ: "أنت في ىذه الح

النوـ، وأصبحت بعيدا عنو، فكيؼ يمكنؾ أف تشعر بمذتو؟".

دىش المجنوف: وفكر قميبل، ثـ قاؿ: "أنت عمى ، عندما أحـر منو، وأمتنع عنو، صواب، إنما أجد لذة النـو

فأطمبو فبل أجده، وأنا قمؽ أرؽ".فصاح الممؾ غاضبا: "ىذا غير صحيح، كيؼ ذلؾ،

ف النوـ؟ كيؼ يمكنؾ أف تجد لذة النوـ وأنت وأنت محروـ م ال تجد النـو نفسو".

فصاح المجنوف بالممؾ، وىو يبتعد عنو: "ابتعد، ابتعد عني، أنت مجنوف، وتريد أف تجعمني مجنونا مثمؾ". وتنبو الممؾ إلى كبلـ المجنوف، ثـ قاؿ لو: "حقيقة، المجنوف ىو

ا المستشفى، أنا، ال أنت، وما أحراؾ أف تكوف خارج ىذ وأكوف أنا داخمو".

تعلق:تقوم الحكاة على استفاء حاالت أربع، استنادا إلى المنطق، وه حاالت تتفاقم شبا فشبا، حتى تبلػ الذروة. كما تجعل الحكاة الحوار بن الملك والمجنون، إلظهار

Page 718: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0031 -

المفارقة، إذ من المفترض ف الملك أن كون ف أقصى وأن كون الثان خبلؾ ذلك، ولكن العكس درجات التعقل،

هو المتحقق.

والحكاة تعبر عما كان عش فه الحاكم ف العصور القدمة من فراغ فكري، دفعه إلى التفكر ف قضة ذهنة مجردة، وح بها أرقه، وعالجها بؤسلوب السإال والتفند، استنادا إلى المماحكة، كالسإال عن الدجاجة

ة، أهما أسبق، وال فكر ف شء من قضاا الببلد والبض والعباد.

وتدل الحكاة على عدم ثقة الحاكم بؤحد، فهو ال ستعن بوزر أو مستشار، إنما قصد مستشفى المجانن، الذي هو

صورة خارجة عن عالمه الداخل بل كؤنه مرآة ذاته.

والحكاة تنته بإقرار الملك بؤنه مجنون، مما إكدأنه عرؾ حققته، ولكنه نكرها، وتنكر لها، قرها بنه وبن نفسه، وقرها بمحض القول، على حن ال علنها،

وال عمل بها، مما إكد تفرده.

Page 719: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0030 -

خغشب اى

كانا جاريف في السوؽ، دكاف ىذا لصؽ دكاف ذاؾ، وكبلىما كانا يبيعاف الثياب، وىما عمى قدر كبير مف الود

والوفاؽ.وكؿ يوـ مساء، وقبؿ االنصراؼ، يسأؿ أحدىما اآلخر: "كيؼ الحاؿ؟"، فيجيبو: "خسرنا اليوـ"، وكاف ىذا دأب الثاني، كمما سألو األوؿ السؤاؿ، أجابو الجواب نفسو،

مع أنو يرى المشتريف يقبموف عميو، بؿ يتزاحموف.وذات مرة، أغمؽ األوؿ دكانو عشرة أياـ، عف عمد، لـ

فييا إلى السوؽ، وفي اليوـ الحادي عشر، فتح يأتالدكاف، وفي آخر النيار سألو جاره السؤاؿ نفسو: "كيؼ

الحاؿ؟" فأجابو: "خسرنا اليوـ".وذىؿ الرجؿ لجواب جاره، وقاؿ لو: "أمرؾ غريب، عشرة أياـ أغمقت دكاني، وتركت لؾ السوؽ كمو، وأنا أرى

"خسرنا اليوـ؟"، المشتريف يتزاحموف عميؾ، فكيؼ تقوؿ: فأجابو جاره: "حقيقة، نحف نكسب الماؿ، ولكننا نخسر اليـو

Page 720: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0032 -

الذي يمضي مف عمرنا". تعلق:

تإكد هذه الحكاة نموذجن مختلفن االختبلؾ كله لئلنسان، أحدهما ال فكر بؽر المال والكسب والربح، فهو ال رى من الحاة إال جانبا واحدا، هو المال. واآلخر رى الحاة بؽناها وسعتها وامتدادها، ومالها من قمة، فتؤلم النقضاء الوم، ألنه مضى من عمره، وكان فه حبس دكانه، وأسر البع والشراء، ولم حقق فه شبا. فهو رى الحاة من زاوة واسعة شاملة، على حن راها األول من

زاوة ضقة، فبل درك سوى اللحظة الراهنة.

اة موفقة ف اختارها بابعن ف السوق، حث والحكتطؽى المادة، وسطر التفكر بالكسب، وتكاد تضع القم والمثل، وكاد ؽب مثل ذلك التفكر بالحاة خارج إطار

الوم العابر والسوق الضق.

وبدو البابع الواع المدرك لؽنى الحاة وقمتها نموذجا نادرا بن تجار السوق.

Page 721: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0033 -

اه وصبدك اىزت

توفي أحد المموؾ، فورثو ولده، وكاف في نحو العشريف مف العمر، فدعا إليو العمماء والحكماء، وطمب منيـ أف يؤلفوا في تاريخ المموؾ والممالؾ وفمسفة الحكـ، حتى

يتمكف مف حكـ الببلد والعباد.وانصرؼ العمماء والحكماء إلى التأليؼ، فأمضوا

يف عاما، عادوا بعدىا إلى الممؾ بسبعة صناديؽ عشر ممموءة كتبا، فدىش الممؾ، وأخبرىـ أنو مشغوؿ بالحكـ وليس لديو مف الوقت ما يساعده عمى قراءة ىذه الكتب،

ولذلؾ طمب منيـ أف يختصروىا.ومضى العمماء بالصناديؽ السبعة، وأخذوا باختصار

ر سنيف، ما وسعتو مف كتب، واستغرؽ منيـ ذلؾ عشوعادوا إلى الممؾ بثبلثة صناديؽ ممموءة كتبا، وكاف الممؾ قد بمغ الخمسيف مف العمر، وزادت أعباء المممكة، فأخبرىـ أنو ليس بوسعو قراءة ما في الصناديؽ الثبلثة، وطمب منيـ

اختصارىا.

Page 722: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0034 -

ومضى العمماء بالصناديؽ الثبلثة، ورجعوا إليو بعد ، ممموء كتبا، فقاؿ ليـ خمس سنوات ومعيـ صندوؽ واحد

الممؾ: لقد بمغت الخامسة والخمسيف، وحكمت ما حكمت، وتعممت أضعاؼ ما ستعممني ىذه الكتب، ولـ أعد بحاجة

إلييا. تعلق:

حكاة مركبة، تحمل دالالت كثرة، فه تدل على جهل أبناء الملوك، وعدم استعدادهم للملك، وعدم أهلتهم

العباد ال عن جدارة وأهلة له، وهم حكمون الببلد و واستعداد، وإنما بحكم الوراثة.

كما تدل على انشؽال الملوك بؤمور الحكم عن الثقافة واالطبلع وامتبلك المعرفة، فهم دابما ف شؽل، ولس

عندهم وقت، وردون الحكمة سهلة جاهزة مختصرة.

كما تدل على المفارقة الكبرة بن الملوك الجهلة مون والعلماء والحكماء العالمن الذن ال الذن حك

حكمون، بل ضطرون إلى العمل ف خدمة الملوك وتقدم الحكمة لهم مبسطة مسرة.

كما تدل على مقولة تتلخص بؤن الحاة تعلم أكثر مما تعلم الكتب، وه مقولة قد تصح، ولكنها ال تعن ألبتة

لة.إلؽاء دور الكتب، كما قد فهم منها أول وه

والداللة األخرة تبدو ه األكثر وضوحا ف الحكاة، ولذلك تبدو الحكاة خطرة، ألنها تصطنع التناقض بن خبرة الحاة، وثقافة الكتاب، وكؤنهما على طرف نقض، مع أنهما ف الواقع لسا كذلك، فهما مترابطان ومتكامبلن.

Page 723: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0035 -

Page 724: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0036 -

ؽش اذبعذ ئرا دغذ

يما كانا في خصاـ دائـ، دكاف ىذا كانا أخويف، ولكنإلى جوار دكاف ذاؾ، وكؿ يوـ يجتمع أىؿ السوؽ ليفضوا ما ينشأ بينيما مف نزاع، ىذا يقوؿ أنت بعت أكثر مني،

وذاؾ يقوؿ أنت بعت األكثر، وال ينتيي بينيما الخصاـ.وذات يوـ أرسؿ إلييما الحاكـ، فمثبل بيف يديو، وقد

، فأراد أف ينيي ىذا الخصاـ، عرؼ حسد كؿ منيما لآلخر فقاؿ ليما:

"سأعطي الثاني ضعؼ ما سيطمب األوؿ"وحارا في األمر، وترددا كثيرا، ثـ تقدـ أحدىما، وقاؿ

لمحاكـ:"أطمب أف تقمع إحدى عيني، لكي تقمع ألخي كمتا

عينيو". تعلق:

تدل الحكاة على قوة الحسد وخطورته، فهو فرق إدي إلى إقاع األذى بالنفس بن األخ وأخه، و

Page 725: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0037 -

وباآلخرن، وال قدر على نزعه أحد، ألنه مستقر ف أعماق النفس.

والحكاة قصرة وعناصرها قللة وه قوة التؤثر.

Page 726: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0038 -

اىصش وعبئظ اخ

يحكى أف أحد الوزراء ضجر ذات ليمة، وأحس باألرؽ، سائس الخيؿ ولـ يجد مف يؤانسو، أو يسميو، فأرسؿ وراء

في القصر، فمما مثؿ بيف يديو، دعاه إلى مبلعبتو في الشطرنج كي يتسمى. فدىش سائس الخيؿ، كيؼ يدعوه

الوزير إلى مبلعبتو؟ واضطر إلى النزوؿ عند رغبتو.وكاف سائس الخيؿ في حالة مف القمؽ واالضطراب، وىو بيف يدي الوزير، ال يعرؼ كيؼ يبلعبو، وكاف ينظر

ذا الوزير في البي ادؽ، ويفكر، ويتأمؿ، ويطيؿ التفكير، وا يقوؿ لو: تفضؿ بالمعب يا موالي -

فذىؿ السائس، واعتذر إلى الوزير، ثـ حرؾ أحد ذا بيادقو، ومرة أخرى عاد إلى التأمؿ، وطوؿ التفكير، وا

الوزير يقوؿ لو ثانية: تفضؿ بالمعب يا موالي -

ره بأنو محض فخجؿ السائس، واعتذر إلى الوزير، وذك

Page 727: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0039 -

سائس لمخيؿ في القصر، ورجاه أف يناديو باسمو، فأجابو الوزير:لقد تعودت عمى مثؿ ذلؾ الخطاب، وأنا أالعب -

الممؾ، وأخشى أف أتعود عمى خطاب آخر، فيزؿ لساني إذا ما العبت الممؾ.

تعلق:تدل الحكاة على فراغ الحاة ف قصور الملوك،

ر تتكرر من ؼر ما صدق، وما وتحولها إلى محض مظاهه إال تعبرات جاهزة حفظها اللسان ورددها، من ؼر

أن تنبع من القلب.

كما تدل الحكاة على ؼاب العبلقات اإلنسانة الصححة ف قصور الملوك، إذ ضجر الوزر، وال جد من إانسه، وتظل العبلقة بنه ون سابس الخل محض

ق فها، وال تحمل أي شء من القمة عبلقة عابرة، ال عماإلنسانة، إذ لس السابس سوى أداة بالنسبة إلى الوزر

مثلما أن الوزر نفسه هو محض أداة بالنسبة إلى الملك.

إن الحكاة تكشؾ الخواء ف قصور الملوك والحكام، حث تمحى شخصة اإلنسان الفردة، وؽب استقبلله،

سابد هو التكرار والمظاهر وتنعدم كرامته، وحث الالخادعة وأسالب الخطاب الجوفاء والثابتة الت ال تحمل شبا من صدق، فالخداع والملق والراء ه األمور السابدة، حتى إن المرء لخشى أن خرج عن مثل ذلك

اإلطار فسقط.

والحكاة قصرة، ودالة، وقوة التؤثر، وجربة ف االنتقاد.

Page 728: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0041 -

Page 729: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0040 -

بي اذاليا

كاف أحد الرجاؿ يعمؿ في صناعة السروج، وكمما باع سرجا خبأ جزءا مف ثمنو في سرج عتيؽ كاف يضعو بجواره، وىو يريد أف يدخر مف الماؿ ما يعينو عمى

شيخوختو.وذات يوـ ترؾ المحؿ لولده، وذىب لشراء بعض الحاجات، وفي غيابو جاء رجؿ وسأؿ الولد عف أسعار

، ثـ عرض عميو أف يشتري منو السرج العتيؽ، السروج بسعر ال يقؿ عف السرج الجديد إال بقدر قميؿ.

ورجع الرجؿ إلى المحؿ، فأخبره الولد ببيعو السرج العتيؽ، وناولو ثمنو وىو فرح، فجف جنوف الرجؿ، ألنو كاف

قد خبأ فيو تعب عمره.وأخذ السراج يصنع السروج كعادتو، وكمما غرز في

ج غرزة كاف يقوؿ: "ماراح راح، ماراح راح، ماراح السر راح"، والناس يمروف بو، ويسمعونو وىو يكرر ذلؾ، وال

يعرفوف قصده.

Page 730: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0042 -

ذا رجؿ عمى حصاف مطيـ، ومرت السنوف واألعواـ، وا يقؼ أمامو، ويطمب سرجا مف أجود األنواع، فأعطاه السراج أفضؿ ما عنده، فمنحو الرجؿ ثمنو، ثـ رفع عف

جواده سرجا قديما وىو يقوؿ: ظيره"منذ بضع سنيف اشتريت مف محمؾ ىذا السرج العتيؽ، ، وقد رزقني اهلل ثمف سرج جديد، فإني أترؾ لؾ ىذا واليـو

السرج العتيؽ".ثـ ناولو إياه، ومضى في حاؿ سبيمو، ونظر السراح ذا ىو السرج نفسو الذي كاف يخبئ إلى السرج العتيؽ، وا

أسرع إلى فتؽ جانبو، فرأى النقود فيو عمى ما فيو النقود، و كانت عميو، فسر بذلؾ أبمغ السرور، وأخذ كمما غرز في

السرج غرزة يقوؿ: "ما ىو لؾ لؾ، ما ىو لؾ لؾ". والناس يمروف بو، وال يعرفوف القصد مما يقوؿ.

تعلق:تإكد هذه الحكاة أن المال الحبلل ال ضع، وأنه البد

ه، مهما طال الزمن، وأن على اإلنسان أال عابد إلى صاحبؤس أو قنط، بل عله أن عمل دابما بجد وصبر، وأن

ظل معلقا باألمل.

وه تدل على عهد كان اإلنسان دخر فه المال نقدا، لما كان للمال النقد من قمة ثابتة، ولم كن من وسلة

ات.لئلفادة منه أو استثماره، فبل مصارؾ وال مشروع

كما تدل على عهد كان اإلنسان فه عمل ف المجتمع وحدا، فبل مإسسة تحمه، أو تضمن له عشه ف شخوخته، فكان المرء ضطر إلى إدخـار المال، وؼالبا ما

Page 731: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0043 -

كان الوقت درك المرء وظل المال مخبوءا حث هو، وال أحد دري به حتى تم العثور عله بعد زمن مصادفة،

عن المال المكتشؾ عندبذ إنه كنز. وقال

Page 732: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0044 -

اث اذشا

توفي أحد الرجاؿ وترؾ لزوجتو ولدا وحيدا، ولـ يترؾ ليا شيئا تعيش عميو، فقد كاف لصا، ولـ يكف يممؾ شيئا، وقد صبرت زوجتو عميو، وعمى حياة البؤس والفقر والشقاء،

، فبل يصبح وقد آلت عمى نفسيا أف تربي ولدىا خير تربية مثؿ والده، لصا.

وأخذت تمؾ المرأة تعمؿ في خدمة البيوت كي تعيؿ ولدىا، وأرسمتو إلى الكتاب كي يتعمـ القراءة والكتابة، وكانت دائما تتعيده بالعناية والرعاية، وتوصيو بالسموؾ الحسف، وتعممو مكاـر األخبلؽ، وتحدثو أحاديث الصدؽ

اب والعقاب.والوفاء، وتذكره باهلل والثو وكاف الولد عمى قدر مف النباىة والذكاء، وكاف متفوقا عمى أقرانو في الكتاب، حتى إنو كاف أسرعيـ إلى حفظ القرآف الكريـ، وأكثرىـ تقوى وورعا، وأحبيـ إلى قمب الشيخ

اإلماـ.ـ تعميمو في الكتاب، سألو الشيخ عما يمكنو أف ولما أت

Page 733: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0045 -

أف اعمؿ في مينة والدؾ، يعمؿ، فأجابو الشيخ اإلماـ وأسرع الفتى إلى أمو يسأليا عف مينة أبيو، فترددت األـ، وحارت في أمرىا، ثـ رأت أف تصدقو القوؿ، فأخبرتو بأف والده كاف لصا، ال عمؿ لو، سوى تسور الجدراف، وفتح األبواب واألقفاؿ وسرقة البيوت، ثـ لما ألح عمييا في

ت تخبئ فيو عدة أبيو، وىي السؤاؿ، دلتو عمى صندوؽ كان سمسمة حباؿ، ومجموعة مفاتيح وأقفاؿ.

ولما صار آخر الميؿ، حمؿ الفتى سمسمة الحباؿ، ومجموعة المفاتيح، ومضى يبحث عف دار يسرقيا، حتى إذا رأى دارا معتمة ال ضوء فييا وال نور، تسورىا، متسمقا

ى الحباؿ، ثـ نزؿ فناء الدار، ودخؿ إحدى الغرؼ، فرأصندوقا، عالج قفمو ببعض ما يحمؿ مف مفاتيح، فانفتح، فإذا ىو أماـ أكواـ مف الميرات الذىبية، فأخرجيا مف الصندوؽ، وأخذ يعدىا، وجعؿ يوزعيا مئات مئات، ثـ

جعؿ يخرج مف كؿ مئة مقدار ما عمييا مف زكاة.ثـ تناىى إلى سمعو مف بعيد صوت األذاف لمفجر،

، فتوضأ وصمى ركعتيف، ثـ أخذ يؤذف فخرج إلى فناء الدارلمفجر، ثـ جعؿ يقرع أبواب الغرؼ وينادي الناس إلى

الصبلة.فخرج إليو صاحب الدار مع أوالده ذاىميف، ولما سألوه عف أمره، أخبرىـ أنو جاء يسرقيـ، فمـ يصدقوه وازدادوا ذىوال، فأكد ليـ، ثـ قادىـ إلى الغرفة، وأخبرىـ بمقدار ما

Page 734: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0046 -

ماؿ، ومقدار ما يستحؽ مف زكاة، ووضع بيف لدييـ مفيدييـ سمسمة الحباؿ والمفاتيح وأكد ليـ أنو تسور عمييـ الدار بقصد السرقة، وحكى ليـ حكاية الشيخ وأمو وأبيو،

وأخبرىـ أنو يريد أف يعمؿ في مينة أبيو.وعندئذ قدر صاحب الدار صدؽ الفتى وأخبلقو،

لو أنو ليس مف الضرورة أف فصمى وراءه مع أوالده، ثـ أكديعمؿ في مينة أبيو التي ما ىي بمينة، ثـ دعاه إلى العمؿ

عنده في مخزنو.وعمؿ الفتى في مخزف الرجؿ مع أوالده بمثؿ ما ربي يماف، فكسب الماؿ عميو مف صدؽ ووفاء، وتقوى وا الحبلؿ، وازداد إعجاب الرجؿ بو، فعرض عميو الزواج مف

ذلؾ، فسعدت بو أمو، وقرت عينا، إحدى بناتو، وكاف لوواطمأنت إلى حسف تربيتيا، وعوضيا اهلل عما لقيت مع

زوجيا مف بؤس وفقر وشقاء. تعلق:

تإكد الحكاة أن األخبلق ترجع إلى التربة والتعلم والتوجه، ولس إلى الوراثة، وكما قال ف المثل: "وردة

ا شقا.خلفت شوكة"، وضرب للرجل الصالح خلؾ ولد

كما تإكد قدرة المرأة على تربة الولد وإعداده للمستقبل خر إعداد، ولو ف ؼاب األب، وذلك بخبلؾ المثل القابل: "المرأة ربت ثورا فما حرث"، وضرب للمرأة ال تقدر على إعداد الولد للمستقبل، وهو ما تنفه

الحكاة.

بلق وتإكد الحكاة أضا أن العلم والصدق واألخ

Page 735: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0047 -

القومة والتقوى ه جمعا طرق اإلنسان إلى الخبلص، ونف الفساد والشرور، واالنعتاق من واقع البإس والفقر.

والحكاة تدل من طرؾ خف على مسإولة الؽن عن الفقر، لو أنه كان خرج زكاة أمواله، وتعرؾ إلى

الفقراء، لما كانت السرقة وال الجرمة.

على صدمة الشباب عندما تم كما تدل الحكاة تحصله العلم، وخرج إلى الحاة حامبل علمه وثقافته، فصدم بالواقع، حث ال جد ما عمل، ولكن نقذه من التردي ف مهاوي السقوط علمه وأخبلقه القومة وإمانه،

وكون له بها جمعا الخبلص.

ه وتدل الحكاة على دور المرأة ف المجتمع وفعلها ف وتؤثرها، فه صانعة األجال وبانة المستقبل.

والحكاة تحمل قدرا ؼر قلل من البراءة والفكاهة، وه محكمة البناء، قوة التؤثر، وتهدؾ إلى التربة والوعظ والتوجه، ولعلها من إنشاء المرأة تنتصؾ بها

لنفسها، وتإكد مكانتها ف المجتمع.

Page 736: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0048 -

ىيو ذ فىلهب ذ أل

قدـ أحد القروييف إلى المدينة، وىو يجر وراءه فرسو، وقصد إلى دكاف حداد، وطمب منو حدوة لحصانو، فقدـ لو الحداد حدوة، أخذىا الفبلح، تأمميا قميبل، ثـ ثناىا بيده، وطمب غيرىا، وقدـ لو الحداد حدوة ثانية، ففعؿ بيا مثمما

، وعندئذ انتقى فعؿ باألولى، وقدـ لو ثالثة، فثناىا أيضا الحداد حدوة غميظة، وناولو إياىا، فحاوؿ القروي ثنييا فمـ

ينجح، وعندئذ نالت رضاه.ثـ إف القروي ناوؿ الحداد قطعة نقد معدنية ثمف الحدوة، فتناوليا منو الحداد، وفركيا بإصبعيو، فمحا رسوميا، ثـ أعادىا إليو قائبل: "نقودؾ ىذه ال تصمح"،

قطعة نقد أخرى، ففعؿ بيا الحداد مثؿ وناولو القروي األولى، وىكذا فعؿ ببضع قطع أخرى حتى شفى غميمو

منو، ثـ قاؿ: "كؿ يد فوقيا يد أقوى". تعلق:

تإكد الحكاة أن القوة نسبة، وأن كل قوي فوقه أقوى منه، وأن على المرء أال خدع بقوته، وأن عامل الناس

Page 737: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0049 -

معاملة حسنة.

بن قوتن، األولى زراعة وه تدل على الفرق واألخرى صناعة، أو رفة واألخرى مدنة، وتإكد ف

الحالتن أن الثانة ه األقوى.

Page 738: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0051 -

دسط ف اظ

كاف ألحد المموؾ ولد وحيد، وكاف يتعيده بحسف التربية، ويعده ليرث الممؾ مف بعده، وكاف يجمب لو دائما

ييـ أف يحسنوا تعميمو كبار األساتذة والمربيف، ويوص وتربيتو، وأال يترددوا في عقوبتو إذا قصر أو أخطأ.

وكاف الولد ذكيا، وذات يوـ، وبينما ىو أماـ أستاذه، ذا باألستاذ يضربو بعصا يصغي إليو، ويحسف اإلصغاء، وا كانت في يده، مف دوف ذنب، فدىش الولد، واستاء كثيرا،

ه، كما لـ يخبر والده ولكنو كظـ غيظو، ولـ يظير استياء باألمر.

ومرت األياـ، تمتيا السنوف واألعواـ، وتوفي الممؾ، وورث مف بعده العرش ولده، وأصبح ممكا، يسوس الببلد

والعباد.وذات يوـ ذكر أستاذه، فأرسؿ في طمبو، ولما مثؿ بيف يديو، ذكره يوـ ضربو مف غير ذنب اقترفو، وسألو عف سر

اذ: "لقد ضربتؾ ظالما، حتى تعرؼ ذلؾ؟ فأجابو األست

Page 739: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0050 -

معنى الظمـ، فبل تظمـ أحدا". تعلق:

حكاة تنضح بالمرارة واأللم، وتدل على معاناة المظلوم، كما تدل على أن الملوك ال عرفون طعم الظلم،

لذلك ال تورعون عن ظلم الناس.

وه تدل على حاجة الملوك إلى إعداد وتربة قبل تدل على دور األستاذ التربوي وقدرته تولهم الملك، كما

على التؤثر بفضل ذكابه.

والحكاة تعبر عن إحساس بالظلم من جهة، كما تعبر عن هدؾ تربوي من جهة ثانة، وه مكثفة، قوة التؤثر،

محكمة البناء.

Page 740: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0052 -

ازبجش اجخ

أضاع أحد التجار كيس نقوده، فحزف أشد الحزف، التجار أف يرسؿ مناديا في المدينة، ونصح لو صحبو مف

يعد مف وجد الكيس، ويعيده إليو أف يمنحو نصؼ ما فيو، وتردد التاجر في األمر، ثـ لـ يجد سوى ذلؾ مف حؿ.

وما ىي إال ساعة حتى تقدـ رجؿ فقير مف التاجر يخبره أنو عثر عمى كيسو، وأنو في حوزتو، ففرح التاجر،

ب منو أف يمنحو نصؼ ما في وطالبو بو، ولكف الفقير طمالكيس، فرفض التاجر ذلؾ، وأكد أنو لف يعطيو أي شيء،

فأبى الفقير أف يرد إليو الكيس.وأسرع التاجر يشكو أمره إلى القاضي، وادعى أف في الكيس جوىرة ثمينة، وحضر الفقير، ودىش عندما سمع ادعاء التاجر، وأكد أنو لـ يعثر في الكيس عمى غير

النقود.وسأؿ القاضي التاجر عف الجوىرة، ما شكميا وما حجميا وما لونيا؟ فتمجمج التاجر واضطرب وىو يخترع

Page 741: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0053 -

أوصافا لجوىرة غير موجودة، وألح القاضي عمى الفقير، فأقسـ ىذا أنو لـ يجد في الكيس غير النقود، وعندئذ قاؿ القاضي لمتاجر بأف ذلؾ الكيس الذي عثر عميو الفقير ليس

نما ىو كيس آخر غيره، وأمر بصرؼ الفقير.بكيسو؟ وا وندـ التاجر عمى ما فعؿ، واعترؼ لمقاضي بكذب ادعائو، ووعد أف يعطي الفقير نصؼ ما في الكيس إف ىو رده إليو، ولكف القاضي رفض تصديقو، وطمب أف يحتفظ الفقير بالكيس عنده أربعيف يوما، فإف لـ يجد صاحبو

بعقاب التاجر البخيؿ ألنو ادعى أصبح حبلال لو، ثـ أمر كذبا عمى رجؿ بريء.

وما كاف مف الرجؿ الفقير إال أف رد الكيس إلى التاجر، ورفض أف يأخذ أي ردىـ، ألنو ال يريد ماؿ رجؿ

بخيؿ مثمو. تعلق:

تإكد الحكاة بخل التاجر، وتكشؾ أسالبه ف الكذب والؽش والخداع، كما تإكد عفة نفس الفقر وصدقه

وسماحة نفسه.

والحكاة تربوة، تحث على الصدق والوفاء بالوعد والتسامح، ورجح أن تكون من ابتكار إنسان فقر.

Page 742: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0054 -

روبء اذى

أرسؿ أحد المموؾ وراء حكيـ، وسألو: "متى أموت، أييا الحكيـ؟"

وحار الحكيـ في الجواب، ثـ فكر في األمر، وتدبر، ، قد أكمتو العمؿ واألمراض، فقاؿ ورأى الممؾ عجوزا شائخا

لو: "تموت قبمي"

فغضب الممؾ، وأمر بسجف الحكيـ.وما ىي إال أشير وأياـ، حتى مات الممؾ، وورث مف بعده ولده الممؾ، وكاف قد سمع قوؿ الحكيـ، فأخرجو مف

السجف، وسألو السؤاؿ نفسو:وتفرس الحكيـ في وجو الممؾ الشاب، فرأى فيو مبلمح

وأدرؾ أنو يضمر لو الشر، وأنو عمى وشؾ قتمو، الغضب، فأجابو:

"تموت بعدي"

Page 743: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0055 -

فعفا عنو، وأطمؽ سبلحو، وأمر بتعيده ورعايتو، وأحاطو بالعناية والتكريـ.

تعلق:حكاة طرفة، تإكد تعلق الملوك بالحاة، وخوفهم من الموت، كما تدل على ضعؾ تقدرهم، وحاجتهم دابما إلى

فن.الحكماء والعرا

كما تدل الحكاة على ذكاء الحكم، وضرورة تحل اإلنسان بالذكاء، وحسن التصرؾ والجواب.

Page 744: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0056 -

Page 745: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0057 -

Page 746: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0058 -

Page 747: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0059 -

اذزىي ......................................................................... مقدمة

......................................................................... مدخؿ

................................................................ الشعبي التراث

............................................................... الشعبية الحكاية

33 ............................................... دىاليز

................................................................ البدء عمى عود

.................................................................. الجيراف بنت

................................................................. معكوس فرش

43 ..................................... الطويمة الحكايات

............................................................... عسؿ مف ساقية

.............................................................. سمف مف وساقية

............................................................... الممؾ نديـ الفتى

.................................................................. حسف التاجر

.............................................................. الذىب مف عمود

............................................................... الثبلث األخوات

............................................................... والذىب الفأرة

.............................................................. الصديؽ حكاية

............................................................. خشب مف حماة

.............................................................. األضراس عمبة

.............................................................. الزوجات ذكاء

....................................................... كنو غير مف ولو حماة

............................................................. والمنديؿ الكأس

Page 748: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0061 -

................................................................. الذىب ثمف

..................................................................... الوصية

.................................................................... الخمخـو

............................................................. األبيض الطائر

............................................................. رؤوس مف قمعة

.................................................................. الممؾ بنت

............................................................... والوزير الفقير

...................................................................... الغزالة

..................................................................... الحبلؽ

............................................................... والبنوف الماؿ

............................................................... المقسـو الحظ

........................................................ الثبلثة واإلخوة الغولة

..................................................................الغنجة ليمة

................................................................ الحطاب ابف

................................................................ العجوز شعر

.......................................................... الممؾ ابف وحصاف

................................................................. ومفتاح قفؿ

...................................................... األصؿ عمى يدؿ الفعؿ

............................................................... الطيور البغي

................................................................ والتقي الشقي

............................................................... اإلصبع عقدة

............................................................... الوفية الزوجة

...................................................... بأصمو يعمؿ إنساف كؿ

..................................................................... صالحة

.............................................................. والشاب الضبع

Page 749: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0060 -

................................................................... عيشة أبو

.................................................... القمر وأبوؾ الشمس أمؾ

..........................................................والمارد الحسف ست

................................................................ والقرد الزيت

.............................................................. والمارد الصياد

.................................................................. الداية بنت

.............................................................. البازركاف بنت

......................................................... والغوؿ حسف األمير

.........................................................الشحاذيف بنت فطـو

................................................................. األقرع الولد

............................................................... الصائغ أجير

.............................................................. ونصيب قسمة

............................................................... الكذب حكاية

............................................................ بجاموس عروس

.................................................................. وقنبر أرزة

............................................................. أخيو وابف الممؾ

.......................................................... الممؾ وبنت الشحاذ

................................................................ والبئر الفقير

................................................................... الممؾ ابف

............................................................ أبيو وزوجة جحا

................................................................. الذىب بركة

...................................................... الراعي وبنت الممؾ ابف

......................................................الثبلثة اتواألخو الجمؿ

.................................................................. الممؾ أوالد

...................................................... الثبلث واألخوات الغوؿ

............................................................... الزرقاء الخرزة

............................................................ واألفعى الحطاب

Page 750: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0062 -

........................................................ الحمامي وبنت الممؾ

............................................................. مواؿ مئة حكاية

.............................................................. األقدار غرائب

............................................................. وجرادة عصفور

................................................................ الظالـ الممؾ

613 .............................................................. حكايات قصيرة

..................................................................... الوطنية

............................................................ الماء؟ يقوؿ ماذا

................................................................ القاضي أنؼ

........................................................... بيضة يسرؽ الذي

................................................................. جمبل يسرؽ

.............................................................. الذىب مف كرة

................................................................والفقير الغني

............................................................... عدلوا اعدؿ..

............................................................... العمر صديؽ

............................................................. والشتاء الصيؼ

.................................................................. يؿالك طفح

.................................................................... األـ قمب

.............................................................. والعطاء األخذ

.............................................................. القصور عيش

............................................................. حديد مف قطعة

...................................................................... العسؿ

................................................................. الحماـ ثمف

............................................................. القصر بركة في

.............................................................. أصعب الرشح

.................................................................... العـ ابف

............................................................... العسكر ديواف

Page 751: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0063 -

.......................................................... األصؿ إلى فالحني

............................................................ البرد مف الخوؼ

................................................................. والفتاة الولي

....................................................... التنور ومحراؾ الشقي

...............................................................الممح مف بيت

............................................................ السمع ضعاؼ

............................................................. وزوجتو العابد

............................................................ يزوؿ حاؿ كؿ

............................................................. الصندوؽ سر

............................................................. أخي أجؿ مف

............................................................... السعادة أياـ

ذا .......................................................اهلل فاسأؿ سألت وا

................................................................ األفعى سـ

........................................................... الحصير نصؼ

...................................................... غزاة يدخميا ال مدينة

............................................................... والولد الوالد

.................................................................... التجارة

............................................................. كممني األمير

................................................................... الحبلوة

................................................................. القط رأس

............................................................ األمور ظواىر

.............................................................العصفور شقة

........................................................... والحمار البحيرة

............................................................... قروف لمممؾ

..................................................... كنة كانت حيف الحماة

............................................................. والكنز األخت

.............................................................. أنواع العبادة

........................................................... والدجاجة الديؾ

Page 752: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0064 -

.................................................................. بدقة دقة

........................................................... المحتاؿ الثعمب

........................................................... الثبلث العجائز

............................................................ الثبلث الفأرات

........................................................ الجرس سيعمؽ مف

............................................................. الثبلث الحكـ

................................................................ الكنافة أبو

................................................... تحت وشفتؾ فوؽ شفتؾ

............................................................ والذئب الراعي

........................................................... والبيموؿ الرشيد

............................................................ وبغمتو الطبيب

.............................................................. أعمى ضربة

........................................................... تنتيي ال حكاية

....................................................... واإلياب الذىاب بيف

................................................................ السمف جرة

............................................................. الذىبية الفأس

................................................. السمؾ فرخ في السبب كؿ

................................................. بعشريف والشراء بمئة البيع

.............................................................. اليناء مطعـ

..................................................................الشجاعة

............................................................... الحذاء فردة

.............................................................. حكيـال لقماف

........................................................... حمقا الناس أشد

....................................................... والشمعة الذكي الولد

........................................................... والمجنوف الممؾ

............................................................... اليـو خسرنا

.................................................... الكتب وصناديؽ الممؾ

....................................................... حسد إذا الحاسد شر

Page 753: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0065 -

..................................................... الخميؿ وسائس الوزير

.............................................................. الحبلؿ الماؿ

.............................................................. الحرامي ابف

....................................................... أقوى يد فوقيا يد كؿ

............................................................ الظمـ في درس

............................................................. البخيؿ التاجر

...............................................................الحكيـ ذكاء

Page 754: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0066 -

اإف

77* من موالد مدنة حلب عام

* تخرج ف قسم اللؽة العربة وآدابها من جامعة حلب عام 79.

* نال الماجستر ف األدب العرب الحدث من جامعة 71حلب عام

* حاز الدكتوراه ف األدب العرب الحدث من جامعة 71دمشق عام

71لكتاب العرب بدمشق منذ عام * عضو اتحاد ا

* عضو هبة تحرر جردة األسبوع األدب منذ .774عام

.771* ربس قسم اللؽة العربة ف جامعة حلب منذ عام

* أستاذ لمادة األدب العرب الحدث ف جامعة حلب

Page 755: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0067 -

إفبره اؾىسح حركة التأليؼ المسرحي في سورية،)دراسة(: -

صفحة، قطع كبير ، اب العرب، دمشؽ، اتحاد الكت يـو لرجؿ واحد، )مجموعة قصص قصيرة( -

صفحة، قطع وسط ، اتحاد الكتاب العرب، دمشؽ، المسرحية التاريخية في المسرح العربي المعاصر،)دراسة( -

صفحة، قطع كبير ، دار طبلس، دمشؽ حجارة أرضنا،)مجموعة قصص قصيرة( -

صفحات، قطع صغير ، مطبعة عكرمة، دمشؽ، الكوبرا تصنع العسؿ، )رواية( -

صفحة، قطع كبير ، دار القمـ العربي، حمب، بدر الزماف، )مسرحية( -

صفحة، قطع وسط ، اتحاد الكتاب العرب، دمشؽ، عريشة الياسميف، )مجموعة قصص( -

صفحة، قطع وسط ، دار القمـ العربي، حمب، دراسات في المسرحية العربية، )دراسة(: -

صفحة، قطع كبير ، مطبوعات جامعة حمب، حمب،

Page 756: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0068 -

اىطخ -سل االذاع ف ىزجخ األعذ

دمشؽ اتحاد -: قصص/ أحمد زياد محبؾ حكايات شعبية ص؛ -الكتاب العرب،

سـ

ب ح ـ ح . -

العنواف. - ـ ح ب ح . -

محبؾ -

مكتبة األسد 22/1/1666-ع

Page 757: الدكتور: أحمد زياد محبّك - WordPress.com · 2011-03-05 · 01 ٩جؼؾٌا ساشزٌا ،اًْقفت ةعْب ّف ،Ãعشك اْحك ّقْقحك خْاتك

- 0069 -

هذا الكتاب

للحكاة الشعبة قمة كبرة، فه مادة خصبة تارخة وفكرة ودنة -لبحوث شعبة واجتماعة و

وأدبة وثقافة وإنسانة، وقد عنت بها شعوب وتكاد ف العصر كثرة، جمعا وتوثقا ودراسة،

الحاضر تنسى بسبب ما استجد من وسابل الترفه والتسلة والتعلم، ولقد كانت إلى وقت ؼر بعد

الوسلة األولى لذلك كله.ولست الؽاة من تدون هذه الحكاة إحاءها، وإنما حفظها وتوثقها، ووضعها مادة أمام

ف الدارسن، فقد تح هذا الحفظ إمكان توظفها أشكال جددة ولذلك قد تبدو ف بعض الحكاات عناصر أو مفاهم أصبحت ؼر مناسبة لهذا العصر، ولكن هذا ال حول دون حفظها تدونا

وتوثقا لما لها من أهمة وقمة.