لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ...

40
ﺎﻓﻲѧﻮ اﻟﺜﻘѧﻲ اﻟﻨﻤѧﺎل ودوره ﻓѧ اﻻﺗﺼ د. ѧ أﺣﻤ ﺣﺴﻦ ﻣﺤﻤﺪѧ اﻟﻌﺪد اﻟﺮاﺑ ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ واﻟﺪراﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ1425 ـ ـѧ ھ2004 م9 اﻻﺗﺼــﺎل ودوره ﻓﻲ اﻟﻨﻤﻮ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ د. أﺣﻤﺪ ﺣﺴﻦ ﻣﺤﻤﺪ

Upload: others

Post on 31-Dec-2019

6 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

Page 1: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

239

االتصــال

ودوره في النمو الثقافي

أحمد حسن محمد. د

Page 2: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

240

تصال ودوره في النمو الثقافيالا

)(أحمد حسن محمد. د

: ، تدور حوله علل كثیـر مـن مظـاهر ت د قضیة االتصال محورا أساسیا ع

لـك لحكمـة إنمـا كـان ذ یـوم خلـق آدم هنابحسـالحیاة اإلنسانیة، فـإن الحـق ربانیــة، ولرســالة ســامیة تقــام علــى أرض اهللا ســبحانه، ومنهــا إقامــة حــق اهللا ــم یقــام المجتمــع تعــالى بإحیــاء ســننه، وعمــارة الــدنیا بعبادتــه ســبحانه، ومــن ث

دراك (القادر على استخدام مخلوقات اهللا تعـالى فـي الكـون كلـه عـن وعـي واـــ) ســـلیمین : وصـــدق اهللا العظـــیم حـــین قـــالافع ویـــدرأ المفاســـد نـــملا قبمـــا یحق

} ض ر األ ن م م ك أ نش أ و و ھ ن إ ھ ی ل إ وا وب ت م ث وه ر ف تغ اس ا ف یھ ف م ك ر م تع اسیب ج م یب ر بي ق . )1(}ر

ـــق دون تالحـــم النـــاس وتعـــارفهم مـــو تتحق ا كـــان لمثـــل هـــذه المهمـــة أنحملــــــه هــــــذه الفطــــــرة، فطــــــرة واتفــــــاقهم، أي اتصــــــال بعضــــــهم بــــــبعض بمــــــا ت

اتفــــاق ومواقــــف اخــــتالف، مواقــــف تعــــاون ومواقــــف فقــــامــــن مو : االتصـــال

() میة ـ جامعة إفریقیا العالمیة أستاذ مشارك بكلیة الشریعة والدراسات اإلسال

). الخرطوم ـ السـودان( ).61(سورة هود، اآلیة (1)

Page 3: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

241

... { منافسة ھم ض ع ب اس الن ع هللا ف ال د و ل و ب هللا ن ـك ل و ض ر دت األ فس ل ض ع بو ین ف ذ م ال ع ى ال ل ع ل . )1(}ض

لهـــا العل لبــ ث یــا، ونشـــأة اآلمـــال والتطلعـــات، وكافـــة إن قـــیم اإلنســـانیة وم ء، فتقــــاماطــــعالرغبــــات البشــــریة تنبــــع مــــن هــــذا الــــتالحم، وتبــــادل األخــــذ والأو المجـال ي،الحضارات، وتنشأ الثقافات سواء في المجال المادي واإلنشـائ

{الفكــري والثقــافي ت م د ھ ل ض ع ب ھم ب ض ع ب اس الن ع هللا ف ال د و ل و ام ص ع و هللا م ا اس یھ ف ر ك د یذ اج س م و ات و ل ص ع و ی ب ك و ه ر نص ن ی م هللا ن ر نص ی ل و یرا ث

ي و ق ل هللا ن یز ع إ . )2(}زا زال وســیلة أساســیة دافعــة مــالبشــري كــان و لاصــلـى ذلــك؛ فــإن االتعو

حــــدط الســــتمرار الحیــــاة، ودفــــع النشــــا اث التغییــــرات الثقافیــــة االجتمــــاعي، واالحضـــارة، حیـــث نعـــواالجتماعیـــة، بـــل یـــدفع النشـــاط االجتمـــاعي والتعبیـــر

ب مــن التعبیــر الغریــزي إلــى اإللهــام بمــا ینشــئ اتفاقــا عو شــالینتقــل بــاألفراد و ن النـاس یعیشـون مـع بعضـهم الـبعض، أیؤكد الشعور بو ،عاما بین األفكار

الفكــر إلــى عمــل، تعبیــرا عــن العواطــف ترجمــة و ل تبــادل الرســائلخــال مــنوالحاجــات، ابتــداء مــن أبســط المهــام التــي تكفــل بنــاء اإلنســان، حتــى أســمى

.)3(مظاهر اإلبداع أو أشد مظاهر التدبیر

).251(سورة البقرة، اآلیة (1) ).40(سورة الحج، اآلیة (2) .27م، ص1981الم واحد، الیونسكو، عأصول متعددة و : تون ماكبرایدس (3)

Page 4: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

242

:عة االتصال وفطرتھیبطـــه یتعـــدى ســـط والتماابر تـــللكـــان االتصـــال وســـیلة اذإ ك االجتمـــاعي؛ فإن

سان، بما یوفره من وعي یبدد مـا یعتـري لیكون حال لكثیر من مشكالت اإلنالفرد من جهل بكثیر من األمور، ویحقق التفاهم والتوافق االجتماعي، ومن

م تقویة أواصر األفراد والجماعات بما یسوق إلى رؤیة عمیقة . ثاركة، وبمعنــى آخــر شــتحقیـق م أو ،ةعــاالتصـال یعنــي تأســیس جما ن إ

ول مــــــن خــــــالل رمــــــوز مشــــــتركة فــــــي أذهــــــان یعنــــــي التقــــــاء األفكــــــار والعقــــــالمشـــاركین، ویمكـــن القـــول بـــأن االتصـــال كعملیـــة تتســـم بـــالتعبیر المســـتمر والعالقـــة الفاعلـــة، هـــو اتصـــال ذو اتجـــاهین بمعنـــى أنـــه یتضـــمن عنصـــرین ، ومســتقبال یتلقــى االتصــال ولــیس مجــرد رســالة حیــث إن متفــاعلین، مرســال

. وجود مستقبل مفهوم الرسالة قد ال یتطلب معها تـتم فـي لو هذا فإن عملیـة االتصـال هـي عملیـة اجتماعیـة، ال یمكـن أن

ـــد مـــن فـــرد آخـــر أو أفـــراد آخـــرین حتـــى تـــتم عملیـــة عزلـــة الفـــرد، ولكـــن ال بوحتــــى یمكــــن إدراك المفهــــوم الشــــامل لالتصــــال؛ نشــــیر إلــــى أن . االتصــــال

واحـــد، ولكنهـــا م مـــن خـــالل صـــورة واحـــدة أو مظهـــر تصـــال ال تـــتالا ةعملیـــعملیة تتحقق بالكلمة المنطوقة أو المكتوبة كما تتحقق من خـالل مجموعـة

. أفعال حركیة أو أنماط سلوكیة متعددةلتفاهم قد یتم بابتسامة أو بالعیون، كما قد یتم باإلشارة أو بحركة من اف

طــب كمــا لـــو أنهــا كلمـــات، احـــدث وتتختت لاعــالــرأس أو الیــد، وهـــذه كلهــا أف

Page 5: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

243

إن الصـــمت وعـــدم الكـــالم قـــد لبـــ …تعطـــي دالالت اتصـــالیة بـــین طـــرفینفیكـون وســیلة اتصــال معبـرة عــن مضــامین تجــد االسـتجابة مــن طــرف آخــر، ولعــل مــا جــاء فــي ســورة آل عمــران حینمــا عرضــت اآلیــات لقصــة نبــي اهللا

ة {: زكریا حیث قال آی ي ل ل ع اج ب ت {: ى، قال تعـال}ر ال ك أ ت آی اس الن م ل ك زا م ر ال إ یام أ ة الث ویقول فیها اإلمام أبو عبد اهللا القرطبي فـي تفسـیره . )1(}ث

ه اآلیــــة دلیــــل علــــى أن اإلشــــارة تنــــزل منزلــــة ذهــــ": "الجــــامع ألحكــــام القــــرآن" الكالم، وذلك موجود في كثیر من السنة، وآكد اإلشـارة مـا حكـم بـه النبـي

اهللا؟ قالــتأ: هــالحیــث قـــال أمــر الســـوداء ـــن ، قـــال: ی اء ــم ـــا؟ : فـــي الس أن ــن مت رسول اهللا، قال: قالت ة : (أن ن م ؤ ا م ه ا فإن قه ت . )2()أع

فأجـــاز اإلســــالم باإلشــــارة، الـــذي هــــو أصــــل الدیانـــة الــــذي یحــــرز الــــدم م والمال، ویستحق بـه الجنـة، وینجـى بـه مـن النـار، وحكـم بإیمانهـا كمـا یحكـ

).41(ورة آل عمران، اآلیة س (1)صــحیح مســلم، كتــاب المســاجد ومواضــع الصــالة، بــاب تحــریم الكــالم فــي :انظــر الحــدیث فــي (2)

= ، وسـنن أبـي داود، كتـاب تفریـع أبـواب العمـل537الصالة ونسخ ما كان مـن اإلباحـة، بـرقم ، وسـنن النسـائي، كتـاب السـهو، 930في الصالة، باب تشـمیت العـاطس فـي الصـالة، بـرقم =

. باب الكالم في الصالة

Page 6: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

244

تكون اإلشارة وملـة فـي سـائر الدیانـة وهـعابنطق من یقول ذلك، فیجب أن .)1("قول عامة الفقهاء

ـــرف باالتصـــال غیـــر اللفظـــي أو ن إ اللغـــة (هـــذا النـــوع مـــن االتصـــال ع .)2("اللغة الصامتة: "في كتابه" إدوارت هول"كما یسمیه ) الصامتةغــة الصــامتة فــي حالــة البعــد ظهـر أهمیــة اإلشــارة خاصــة فــي هــذه الل تو

، حیــث ال یصــل الصــوت ما عبــر یفقــد تــم اســتخدامها قــد اذلــ. المكــاني أیضــاالمجتمعــات ثقافــات ههــذ آالف السـنین فــي المجتمعــات التقلیدیــة، ممـا أورث

ولعـل فیمـا . لها أثرها البین في مسیرتها الحضاریة والفكریـة ناواتجاهات؛ كـد تركه قدماء المصـریین مـن آثـا ر، وغیـرهم مـن البـابلیین واآلشـوریین مـا یؤك، مم ثقافـة وفكـر هـذه الهـف ذلك بوضـوح، وبمـا سـاعد علـى مالـك القدیمـة جـدا

. ة المعاصرةار بل وقد تركت بصماتها على جوانب الحض طت :ر وسائل االتصالو

خــالل العــرض الســابق تبــین أن االتصــال عملیــة نشــأت مــع نشــأة نمــن هنـا فقـد أخـذ مو …ت ضرورة من ضرورات وجوده وتطورهاإلنسان، وكان

الجــامع أحكــام القــرآن، مؤسســة مناهــل العرفــان، بیــروت : األنصــاري القرطبــيحمــد بــن أحمــد م (1)

.81، ص)ت.د(مساعد خضـر الحـارثي، دار المـریخ، الخرطـوم، . اإلعالم وسیلة ورسالة، ترجمة د: ون میرلج (2)

).بدون. ت (السـودان

Page 7: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

245

، و ملاأشــكاال ووســائل ارتبطــت بتطــور بــداعا فجتمــع البشــري، ثقافــة ، وا .. كــرا إن متقدمــة جــدا لوســائل اتصــالیة؛ فــ جذاوعلــى الــرغم مــن الوصــول إلــى نمــ

ضـها مـا لوسائل القدیمة كانت وما تزال عامال مؤثرا في التجدید، بل إن بعازال فاعال باعتبارها وسائل مـؤثرة فـي تشـكیل الفكـر البشـري وتوجیـه النشـاط

. االجتماعياالتصـــال بمــا یمكـــن معـــه إدراك تعراض جانـــب مــن وســـائلســـا مكــنیو

قیــــق عملیـــــة االتصـــــال داخـــــل المجتمـــــع تححجــــم تـــــأثیر هـــــذه الوســـــائل فـــــي عیشــة مــع ومــدى مــا یتحقــق مــن نمــو فــي كثیــر مــن الجوانــب الم. اإلنســاني

األخذ في االعتبار أن هذه الوسائل ال تحمل الرسالة فحسب؛ بل تعتبر في . الوقت نفسه رمزا لالتصال

غویةاالوسائل : ال وأ : لفطریة واللاإلشــارة، وحركــات الیــد، : فــي التــي ســبق تنــاول جــزء منهــا ممــثال يهــو

اللغــــة غیــــر " أو" بلغــــة األجســـام"والوجـــه وتعبیراتــــه، وهـــي مــــا یســــمى أیضـــا الصــور، والرســوم، والنحــت، وحركــات الــرقص، والریاضــة، : مثــل" المنطوقــة

سـب؛ ولكنهـا حخـدم أغـراض التسـلیة فت وغیرها مـن الفنـون الشـعبیة، التـي ال . ر عن مشاعر إنسانیةبیتستخدم في التأثیر في الموقف والسلوك والتع

یـــد الموروثـــة ظهـــر ذلـــك جلیـــا فـــي المجتمعـــات التـــي تقـــوم علـــى التقالیو بسبب عزلتها أو صغر حجمها أو تفشي األمیة فیها، فإن أكثر وسائل نقـل

أو لغـــة علـــى التخاطـــب الحركـــي مو قـــالمعرفـــة شـــیوعا فیهـــا هـــي تلـــك التـــي ت

Page 8: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

246

شـعوب العـالم ـ عـضوعلـى هـذا األسـاس فإنـه یمكـن القـول بـأن ب. األجسـامه الوســائل البدائیـــة ا الــبالد النامیـــة ـ یتقبلـــون رســائل مـــن خــالل هـــذمیســالو

. التقلیدیةت او صـــیضـــا مـــا یصـــدر عـــن اإلنســـان مـــن أأ لتضـــمن هـــذه الوســـائتو

ل عـــن طریـــق ىلـــوصــرخات، تعبـــر عـــن مضـــمون معـــین، وتصــل إ المســـتقبذن، ویدخل فیها دق الطبول وما تطورت إلیه من أصـوات موسـیقیة فیمـا األ . بعد

ة إلى ألفـاظ یتفـق علیهـا ع مسیرة اإلنسانیة تحولت اإلشارات الصوتیمو ونظـرا .. من ثـم كانـت نشـأة اللغـةو ن، ی ل على معنى معین، أو شيء معدتل

؛ فإن كل جمصو ملتباعد المجتمعات وتأثرها وانعدام ال عة اتفقت االت قدیماـــا أوجـــد عـــددا أ علــى ألفـــاظ محـــددة تعینهـــا علـــى التفـــاهم فیمــا بـــین م فرادهـــا م

ت، بل ومن اللهجات، تأثرت بالثقافات المحلیة وتطورت بعد هائال من اللغاذلك إلى نماذج لغویة تحمل اصـطالحات ومعـان تعبـر عنهـا كلمـات معینـة

تكــون صــانعة ثقافــة وفــق ســالیب حضــاریة ألهــا نطــق معــین، أمكــن لهــا أن، ومكاســب حققــت لإلنســـانیة ممیــزة، أعطــت للتجربـــة اإلنســانیة تطــورا كبیـــرا

ة ســلیمة لكثیــر مــن المواقــف والمتغیــرات المتعــددة، ســواء فــي مجــال اســتجابالفكـر والمعرفــة، أو فــي أسـالیب اإلنتــاج واالختــراع، أو فـي مجــال العالقــات

غــــة الل حتأصــــب كــــذاهو . تصــــادیة، والسیاســــیةقالوا ة،یــــاالجتماعیــــة، والثقاف

Page 9: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

247

ر المتقـدم ض اإلنسان، بل هي التطـو راالمسموعة أداة یتم تطویعها وفقا ألغلإلشـــارة الصــــوتیة التــــي بــــدأ بهــــا اإلنســــان األول عنــــدما عجــــز عــــن النطــــق

.)1(بالكلماتغة في عملیة االتصالأھم : یة الل

یــــة ووضــــوح و قتا كــــان لــــه أكبــــر األثــــر فــــي رهــــظهــــور اللغــــة وتطو ن إنساني، األمر الذي جعل اإلنسان یتفوق على الحیـوان، وباللغـة االتصال اإل

ون االتصــال اتســاعا وعمقــا كبیــرین، بمــا لهمــا مــن قــدرة علــى اكتســب مضــمإضـــفاء الدقـــة والتفصـــیل فـــي التعبیـــر علـــى عملیـــة االتصـــال، وبـــذلك یمكـــن

ـد وسـیلة أس یة لتطـویر الفكـر ونشـأة الثقافـة، بـل وحفـظ اسـالقول بأن اللغة تع مالتــراث، ــت ی ظ ـــد تأصــیل عملیـــة االتصــال اإلنســاني، وقـــد ح بعـــض مــا یؤك

ــــرد، وبعضــــها أصــــبح لــــه مكانــــة أساســــیة فــــي تبــــادل اللغــــات باســــتخدام مطالمعلومات والبرامج، وطبقا لبعض الدراسات فإن عدد اللغات یتراوح ما بین

لغة لها حروف هجائیة بما یتـیح 500ألفین وأربعة آالف لغة، منها حوالي .)2(لها تراثا مكتوبا وأدبا یدرس

والتوزیـــع، القـــاهرة، محمـــود فهمـــي حجـــازي، علـــم اللغـــة العربیـــة، دار الثقافـــة والنشـــر. د: نظـــرا (1)

.10م، ص1992 .م1975كتاب لغات العالم، یونیو : ینیث كاتزمزك (2)

Page 10: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

248

معلوم أن بعض هذه اللغات كـان لهـا قصـب السـبق فـي أنه من ال ریغاالنتشار والسیادة، مما جعلها لغة الثقافة المعاصرة یتكلم بها عدد كبیر من

د لغات عالمیة: م، مثلالبلدان الع . اإلنجلیزیة والفرنسیة، فأصبحت تعــل تعبیـرا عــن الیــد عریقـة فــي القـدم،قتلاللغـة هــي تجسـید ن إ الثــراء وتمث

والتنــوع الحضــاري، بمــا تیســره مـــن فــرص متكافئــة للتفــاهم، وتــزداد األهمیـــة كلمـــا كانـــت اللغـــة تمتلـــك القـــدرة علـــى االنتشـــار بأســـالیب الطباعـــة، وثرائهـــا

عنـــى آخـــر لغـــة قـــادرة علـــى التعامـــل مـــع مالتـــي یمكـــن كتابتهـــا، بف بـــالحرو .بة والمقروءةو تكوسائل االتصال الم

غةصتالا :الصامتة في الثقافة اإلسالمیة ال واللالنمــــوذج األمثــــل فــــي ظلــــت آیــــات اهللا تعــــالى وســــنة رســــول اهللا دقــــل

صـــــالت التحقیـــــق صـــــالح المجتمـــــع، واســـــتخدام الوســـــائل الفاعلـــــة لضـــــمان الحمیـدة بـین األفـراد، والمجتمعـات، واألمـم، وفـق قواعـد األخـالق والفضـیلة،

ي العبودیــة هللا تعــالى، والتــي لــى تأكیــد معــانععــن حــرص هــذا الــدین ال ضــفتقــود إلــى حضــارة واعیــة، وثقافــة مــؤثرة، مــن خــالل عملیــات االتصــال التــي

فـيتنشأ من التقاء المسلمین في مناسبات متكررة ومتتالیة، سواء كـان ذلـك صـعید يو فـأالمسجد والصلوات الجامعة الیومیة، واألسبوعیة، والموسمیة،

. أخالقي رفیع جقدسة، بما یقود لنموذملااألرض و ذا كانــت األخــالق ســمة مــن ســمات الثقافــة وناتجــا مــن نتــائج تأثیرهــا ا

ـة على المجتمعات؛ فقد كان اإلسالم حریصا على تأكید طهـارة أخـالق األم

Page 11: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

249

بطهــارة الوســائل، ونبــذ كــل مــا یحــول دون ســالمة األفــراد والمجتمعــات فــي . عالقاتهم النظیفة

وسائله فـي دعـم أو نقـض الموجهـات و تصال تسلیم بأثر االلا ن واقعمو ــة مــن أي اتصــال ــة، فقــد جــاءت آیــات اهللا تعــالى تحــذر األم الصــالحة لألمیقــود إلــى الفســاد، أو یعطــل مســیرة الطهــر والعفــاف بــین أبنائهــا، فنجــد فــي

{: الىتعــقــول اهللا ي ب اء الن س ا ن ل ی ات ن اء إ س الن ن م د ح أ ك ن ت ال س ف ن ت ی ق ل و ق ال ب ن ع ض ف تخ ن ر ق و ا وف ر ع م ال و ق ن ل ق و ض ر م ھ ب ل ي ق ي ف ذ ال ع م ط ی ي ف

ى ول األ یة ل اھ ج ال ج ر تب ن ج ر ال تب و ن ك .)1(}بیوتالكلمــة حیثمــا ینطــق بهــا اإلنســان تعطــي داللــة معینــة، قــد تختلــف ن إمــا صــاحب النطــق حركــة، أو تمایــل، أو تعبیــر بإشــارة، أو ذالداللــة إهــذه ا

وع بـــالقول أي ضـــوالخ.. هـــا معـــان أخـــرىل حتعبیـــر فـــي ســـمة الوجـــه، فتصـــبتالیـــن الحـــدیث مـــع االلتـــواء فـــي إخـــراج األلفـــاظ، قـــد یـــوهم الســـامع بمقاصـــد مغایرة لمعاني الكلمات المنطوقة، بما یؤدي إلى استجابة مغایرة أیضـا تبعـا

ل، ومــــن هنــــا نهــــى اإلســــالم عــــن خضــــوع النســــاء بــــالقول، قب لمفهــــوم المســــتشــارات ومفــاهیم إوأمــرهن بالتحــدث بلســان ســلیم ولهجــة مســتقیمة، ال تحمــل

ــــــق ل تحیــــــد بالكلمــــــة عــــــن مقصــــــودها، أو تــــــوحي بمضــــــمون یبعــــــد عــــــن الخ . واالستقامة

).33-32(سورة األحزاب، اآلیتان (1)

Page 12: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

250

دلیــل هــذا مــا یحــدث فــي ألحــان األغــاني وأدائهــا، بصــورة تخــرج مفهــوم . الجمال الصوتي إلى مقاصد مغایرة فتحدث اتصاال مغایرا

مـن اإلسـراف فـي إبـداء نین ذلـك مـا نهـى عنـه القـرآن نسـاء المسـلممو {: الزینــــة والعطــــور و و أ ن ھ ائ آب و أ ن ھ ت ول بع ل ال إ تھن ین ز ین د اء آال یب ب

ب أ و أ ن ھ ائ بن أ و أ ن ھ ت ول بع ن ھ ت ول اء بع ن ي أ ن ب و أ ن ھ ان و خ ي إ ن ب و أ ن ھ ان و خ إ و ن ھ ائ س ن و أ ن ھ ات و خ أ أ ن م ة ب ر ي اإل ل و أ ر ی غ ین ع اب الت و أ ھن ان یم أ كت ل ا م م و

ر ا و ى ع ل وا ع ر ھ ظ ی م ل ین ذ ال ل ف الط و أ ال ج اء لر س و ات الن بن ر ض ال ی ن ھ ینت ن ز م ین ف ا یخ م م ل یع ل ن ھ ل ج ر أ . )1(} ..ب

لســـامع ا إن مـــا یصـــدر عـــن الخالخـــل والمصـــوغات وغیرهـــا؛ قـــد یـــدفعألصــواتها إلــى االلتفــات للمــرأة وتفحــص زینتهــا، بمــا یقــود إلــى اتصــال غیــر

ي إلى إزعاج المـرأة ومضـایقتها ممـن ال بما یؤد م بین المرأة والرجل، أویلس، فكـــان الحجـــاب الشــرعي رســـالة اتصــالیة تخبـــر عـــن یقیمــون للفضـــیلة وزنــا

فـإن فـي خ،صفة المرأة المحتشمة، والعكس صـحیح فـي حالـة التبـرج والتفسـذلك ما یشجع على سلوك مناف لآلداب العامة لما فیه مـن رسـالة اتصـالیة

ل یفسرها وفق انطباعه عنهاتمس قد تجد استجابة من .قبـــة؛ فــإن اإلســـالم شـــرع حو ـــل مكانتهــا فـــي ثقافــة األم ث قـــام للقــیم والم تــى ت

العدید من فرص االتصال، التي تتیح التقاء األفراد والجماعات في سـاحات یر وتبادل المعرفـة والتربیـة علـى مـنهج مسـتقیم، فالصـلوات الخمـس یزیـد لخا

).31(سورة النور، اآلیة (1)

Page 13: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

251

لمسجد جماعة، بل ذهب بعض العلماء إلى اندما تكون في رها عجأو ثوابها ا یؤكد صورة اتصالیة بین أفـراد الحـي م، ب)1(كونها واجبة في حق كل مسلم

الواحد، تحت مظلة إیمانیة هادیة یتوجهون فیها هللا رب العالمین، ومـن هـذا ـــد معـــاني العبودیــة هللا تعـــالى وتنتشـــر مفــاهیم العمـــل الصـــالح، المنطلــق تتأك

. تعالى وسنة رسوله ة الناس وفق هدي اهللافاقوتصاغ ثكانت صالة الجمعة، التي یتسع فیها حجم المصلین وهم یسـتمعون مث

إلى الرسالة الموجهة من خالل خطبة الجمعة، فتعطي نمطا محـددا للثقافـة ـــاس .. الجماهیریـــة لـــم یســـبق إلیهـــا نظـــام إعالمـــي أو ثقـــافي إنهـــا جامعـــة للن

التفكیر، ینطلقون بها إلـى مجتمعـاتهم و ة للتعامل والعبادة یدانماذج ه یتلقون ... {و أنشطتهم المختلفة ض ر ي األ وا ف ر انتش ف الة الص ت ی ض ا ق ذ إ ف وا و ابتغ

ون ح ل ف ت م ك ل ع ل یرا ث ك وا هللا ر ك اذ و هللا ل ن فض .)2(}مل االتصــال المــتو ــب ــة لتشــمل قــدرا مضــي س ؤثر والفاعــل فــي ثقافــة األم

توى القریـة أو المدینـة فـي صـالة العیـدین، سـلقـاء والتـأثیر علـى ملا أكبر منثــــم علـــــى المســـــتوى العـــــالمي لیكـــــون الحـــــج األكبـــــر، حیـــــث تشـــــهد ســـــاحات األراضـي المقدسـة التقـاء الثقافــات واالتجاهـات بـاختالف جنسـیاتها وعاداتهــا

بل ذهب الحنابلة إلى كونها فرض عـین فـي كـل صـالة، بینمـا ذهـب األئمـة اآلخـرون إلـى أنهـا (1)

ــدة علــى كــل مســلم، ــنة مؤك ذا لــم تقــم فــي أهــل بلــد قوتلــوا علــى تركهــاس الفقــه علــى : انظــر. وا .406المذاهب األربعة، ص

).10(ورة الجمعة، اآلیة س (2)

Page 14: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

252

وا {ر وأعظم أنواع االتصـال البشـري الهـادف ومظاهرها، لیحدث أكب د ھ ش ی ل ات م وم ل ع م ام ی ي أ ف هللا م وا اس ر ك ذ ی و م ھ ل ع اف ع ن ة یم ھ ن ب م م ھ ق ز ا ر ى م ل

ام ع ن . )1(}األعل األعوام تشهد لما لشعیرة الحج مـن أثـر اتصـالي، باعتبـاره أعظـم لو

ــاج إلــى مــؤتمر عــالمي یجمــع ج ــة اإلســالم علــى مــنهج واضــح، ویعــود الح أم .مهكبلدانهم بثقافات ومعالم جدیدة تمیز فكرهم وسلو

، یقـود إلـى ثقافـة دللعبادات ولله ن إ ي القرآنـي عامـة أثـرا اتصـالیا ممیـزا . أ بالفرد، ثم الجماعة، ثم األمة، حتى تشمل العالم أجمعتبدعالیة

ناث :سائل الصناعیة والمبتكرةالو: یا

یتوقــف االتصــال علــى القــدرات اإلنســانیة الفطریــة؛ بــل أخــذ أشــكاال ملــد الل عمجدیدة مع تطور المجت ة فقط ما یصدر عن صوت غالبشري، فلم تع

اإلنســان، بــل مــا یقــرأه النــاس ومــا یســمعونه مــن خــالل أجهــزة ســمعیة أو مــا .یرونه من خالل أجهزة مرئیة

ثـورة االتصـال انطلقـت بــانطالق المخترعـات الحدیثـة، لـیس فــي إن لبـلـت عج مجال اإلعالم واألخبار فقط؛ بل في مجال النقل والمواصالت التـي

).28(ورة الحج، اآلیة س (1)

Page 15: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

253

ا بعد ظهور القطارات میسترابطا بعیدا عن العزلة، وال م ال العالم قطرا متص . والطائرات السریعة

حقیـق اتصـال سـریع عبـر ان للبرید وتطوره أثـره الواضـح كـذلك فـي تكو أسالك البرق والهاتف، أتـاح لإلنسـان قـدرة أفضـل مـن خـالل قنـوات اتصـال

ي نأعطى للمجتمـع اإلنسـافـ، تال تحصى بین األشخاص فـي كـل المجتمعـاة، والثقافیة، والتجاریـة، سهاما واضحا في البنیات العلمی ، وا تجانسا اجتماعیا

. التنمیة بكل أشكالها حتى أصبحت مراكز تتجمع حولها أنشطةشكل نظام البرید نموذجـا اتصـالیا یعتمـد علـى القـراءة والكتابـة، بینمـا یو

ــل نظــام الهــاتف نموذجــا لالتصــال الشــ بمــا أو الشخصــي التقلیــدي، يهفیمثیتمتـع بـه مــن قـدرة فائقـة علــى تیسـیر الحـوار الثقــافي المباشـر، حتـى أصــبح

حـداث التغییـر فـي العـالم بصـفة عامـة، أداة معترفا بها في تحقیـق التنمیـ ة واعلــى اخــتالف لقــنة خاصــة، وهكــذا أصــبحت وســائل الفصــبوالعــالم الثالــث

أو المكتـوب مـن الصـفحات، لقـأنواعهـا ـ سـواء أكانـت نقـل األشـخاص أو نأســباب التعبیــر والتــأثیر الثقـــافي نمــ ســـیا اسأنقــل الكــالم المنطــوق ـ ســببا . ان المعاصرواالجتماعي في مجتمع اإلنس

ـد هـذه الوسـائل الیـوم ضـربا مـن ضـروب الحضـارة والمدنیـة؛ بـل لو م تعأصــــبحت ضــــرورة الزمــــة وشــــرطا أساســــیا للتنمیــــة الشــــاملة ولمســــیرة الحیــــاة

ــف هــذا او یلا نمــوذج مــن نمــاذج االتصــال بوســائله المــذكورة؛ إنمــا لمیــة، وتخل

Page 16: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

254

ــد عقبــة خطیــرة تحــول دون كثیــر مــن اآلثــار اإلی ع جابیــة فــي عملیــة التنمیــة ی .الثقافیة والحضاریة

لاث ):الثورة اإللكترونیة(الوسائل الحدیثة : ثاعصور نمدما ظهر اختراع الطباعة انتقل العالم إلى عصر جدید نع

ذا االكتشــاف إلـى مسـاحة عریضــة جـدا مـن االتصــاالت، هـاالتصـال، وأدى نهــا، وأعیـدت نشــر ووسـائل متعـددة ظهــرت آثارهـا فــي ظهـور الصـحافة وفنو

العلـــــــوم والمؤلفـــــــات والمخطوطـــــــات بصـــــــورة جعلتهـــــــا فـــــــي متنـــــــاول معظـــــــم . المجتمعات اإلنسانیة، مما ساعد على إحداث ثورة ثقافیة هائلة

ة حتى كانـت ثـورة جدیـدة فـي عـالم دعة تتصدر مكان الریاابطلت الظو حـدثت لتـي ظهـرت و او ا جـاز التعبیـر ـذإ االتصال، وهي الثـورة اإللكترونیـة ـ

بعد حوالي أربعمائة عام مـن اختـراع حـروف الطباعـة، وممـا زاد مـن أهمیـة هـــذه الوســـائل المســـتحدثة أنهـــا أخـــذت فـــي التطـــور الســـریع، ودخلـــت علیهـــا

قیـــق قـــدر أوســع التصـــال عـــالمي، كمـــا حادت مـــن قـــدرتها علــى تز تابتكــارابدأ بصورة حدث بالنسبة للرادیو وتعدد موجاته وانتشارها، وكذا التلفاز الذي

بســیطة متواضــعة وانتهــى الیــوم إلــى جهــاز متعــدد الوظــائف والقــدرات، ممــا جعلـــه جهـــازا قـــادرا علـــى مخاطبـــة العـــالم كلـــه، ومشـــاهدة الحـــدث فـــي وقـــت

.فسهنوفي ساعة حدوث الحدث ، واحدـــــم فـــــإن هـــــذا التطـــــور أضـــــاف وظـــــائف جدیـــــدة لهـــــذه األجهـــــزة مـــــو ن ث

د نقــل الخبــر أو الحــدث؛ بــل اســتخدمت فــي االتصــالیة، فلــم تقــف عنــد حــدو

Page 17: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

255

التعلـــــیم، واالقتصـــــاد، وعـــــالم النشـــــاط الریاضـــــي والفنـــــي، وغیـــــر ذلـــــك مـــــن . )1(لحضاریة، مما ضاعف قدرة االتصال وتأثیراتهات ااالستخدامومع .. ة ومضاعفة قنوات التلفاز وتعددهایظهور األقمار الصناع ومع

غـــــراض االتصـــــال، ظهـــــرت الصــــراع الـــــذي نشـــــأ حـــــول امــــتالك الفضـــــاء ألاإلذاعـــات الموجهـــة للعـــالم باللغـــات المختلفـــة والمتعـــددة، ممـــا أوجـــد تقنیـــات

، وأشـــد فـــي عـــالم االتصـــال، قامـــت علیهـــا تـــأأكثـــر تقـــدما ، وأوفـــر عطـــاء ثیرااإلنســـاني، لـــیس علـــى المســـتوى وظـــائف جدیـــدة تعمـــل فـــي خدمـــة المجتمـــع

الدولیـــة، ونظـــرا ألهمیـــة هـــذه اإلقلیمـــي فقـــط؛ بـــل علـــى المســـتویات العالمیـــة نلقــي علیهــا ضــوءا ســریعا فــي هــذا البحــث، بمــا التقنیــات الجدیــدة نحــاول أنف فـــي عالمنـــا المعاصـــر ـــر یـــربط القـــارئ بـــالمفهوم العـــام لالتصـــال حیـــث تع

. بتقنیات الفضاء أو األقمار الصناعیة :قمار الصناعیة وأھمیتھا االتصالیةاأل

التي تقـوم بهـا هـذه األقمـار الصـناعیة؛ یجـدر بنـا ا ألهمیة الوظیفةر ظناإلشـــــارة إلـــــى هـــــذه األهمیـــــة، ومـــــا تقـــــوم بـــــه مـــــن دور فعـــــال فـــــي العملیـــــة

.)2(االتصالیة

.100ـ99سعد خضر الحارثي، اإلعالم وسیلة رسالة، ص. د: نظرا (1)بر األقمار الصناعیة، دار الفكر اإلعالم ع: إنشراح الشال. د: مزید من المعلومات یرجع إلىل (2)

.م1992العربي، القاهرة،

Page 18: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

256

بـــر ع لم لتحقیـــق االتصـــا1945نشــأت فكـــرة هـــذه األقمـــار خــالل عـــام ذلك الحرب الباردة التي تسببت في انتشار الصواریخ الفضاء، وساعد على

قارات، ولم یتم اسـتخدام األقمـار الصـناعیة فـي مجـال االتصـال إال العابرة لل) 1(م بــإطالق الصــاروخ أطلــس، ثــم القمــر الصــناعي إكــو 1958فــي عــام

(Echoo 1) دت م،1960 ماع هزة جأبـوتوالت أنواع جدیدة من األقمار زوعادة البث، حتى استطاعت هذه األقمار نقل المخـابرات استقبال وتسجیل إل

ة، والصور بعد إدخال التفیة، وبرامج الها تلفاز، والفاكس، والمعلومات العلمیالعدید من التقنیات المتطورة إلیها، فاسـتخدمت فـي نقـل األحـداث واألنشـطة

. المختلفةـرف باسـم م،1965ى ظهر مـا یسـمى بـالقمر التجـاري عـام تح الـذي ع

تـــرى وتســـم"الصـــباح طـــائر" ع بابـــا الكنیســــة ، وبوســـاطته أمكـــن ألوروبــــا أنة بــول الســادس وهــو یلقــي خطابــه فــي األمــم المتحــدة فــي ســبتمبر كیــالكاثولی . م1965م وقعـت سـبع وأربعـون دولـة مواثیـق إلرسـاء 1964ي أغسطس عام فو

تم توقیع ثیم ح1974نظام عالمي لالتصال عبر الفضاء، حتى كان عام األربعـون علـى طبیعـة ار الصـناعیة، ووافقـت فیـه الـدول السـبع و مـمیثاق األق

. هذه األقمار التجاریة

Page 19: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

257

ن الطریــــف أن هـــــذه األقمــــار كـــــان لهــــا دور فـــــي بعــــض المواقـــــف مــــو ـه التلفـاز الكنـدي االجتماعیة، حیث تم التعرف على مجرم خطیر بعـدما وج

ذي لــفــي المــزاد العلنــي ا تمد، بــل اســتخ"قمــر الصــباح"أوصــافه عــن طریــق یشتري صورة المستر ونستونم، واستطاع أحد األ1975أجري عام فراد أن

شرشل المعروضة في صالة عرض بلندن عن طریق الدائرة المغلقة، بینما ت . هو لم یبارح مكانه في نیویورك

ــن أطبـاء فــي جنیـف مــن متابعـة إحــدى عملیـات القلــب الدقیقــة مـك ا تمكن ألمریكیة، هذا عدا نقل العدید مـان بوالیة تكساس وستو ه التي أجریت في

ة، والدورات الریا . ة، واألنشطة المختلفةضیالمؤتمرات العلمی : تصال والمستقبلاال

الــــرغم مــــن التطــــور الكبیــــر فــــي وســــائل االتصــــال الــــذي أعطــــى ىلــــعمضــــامین ووظــــائف جدیــــدة لعملیــــة االتصــــال، وبالتــــالي آثــــارا ملموســــة فــــي

لواقـــع كـــل فروعهـــا وتخصصـــاتها؛ فـــإن ابشـــري وقضـــایا التنمیـــة بلاالمجتمـــع یه عملیة االتصـال بصـورة أسـرع ف الملموس یدل على مستقبل متجدد، تنمو

وبطـرق أكثـر فعالیـة، وتعـدت عملیـة االتصـال الـدور الفـردي فـي اإلرسـال ـل الفرد ـ يأ صبح وسائل جدیدة للتفاكر والمشاركة واألخذ والعطاء، تل المرس

فیهــــــا األفــــــراد الت حیــــــة یتعــــــایشاســــــائل االتصــــــال إلــــــى مجــــــو لأي تتحــــــو ونــــذیر ذلــــك فــــي هــــذا ،عوالجماعـــات حــــول عمــــل مشــــترك أو مشــــروع جــــام

الـــذي یتــیح اتصــاال مزدوجـــا ال بــین فــرد وفـــرد " اإلنترنــت"االختــراع الحــدیث

Page 20: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

258

فقط؛ بل بین فرد وجماعات، وبـین جماعـات وجماعـات، أي یصـبح جامعـة كــإخراج ..بعضــا مأو منتــدى یلتقــي فیــه النــاس، یســمعون ویشــاهدون بعضــه

تكــون محاضــرة لطــالب الطــب فــي أكثــر مــن بلــد عملیــة جراحیــة یمكــن أنوأكثــر مــن قطــر، یشــاهدون ویســألون ویجــدون اإلجابــة، بــل و یتعــاملون مــع المعلومـــة الجـــاهزة فـــي الوقـــت الـــذي یریـــدون، وممـــا ال شـــك فیـــه أن انتشـــارا

الم أفضـــل لثقافـــات وحضـــارات ســـیتحقق مـــن خـــالل هـــذه الوســـائل، بـــل ومعـــجدیـــدة لمجتمعـــات إنســـانیة ســـتظهر نتیجـــة هـــذا النـــوع مـــن االتصـــال والتـــي

. ستقود إلى طفرة هائلة في المعلومات في كافة المجاالت الحیاتیةمـــا ال شـــك فیـــه أن القـــدرة علـــى معالجـــة هـــذه الكمیـــات المتاحـــة مـــن مو

اتهــا، وبالتــالي ذ لالمعلومــات ســتؤدي إلــى تغییــر نــوعي فــي عملیــة االتصــا تحطم أو ثآ وظهرت فعال ـ لب لها ـ هرستظ ار اجتماعیة وسیاسیة یمكن أنأنماطا قائمة للمعلومـات، ممـا سـیجعل النـاس یعیـدون النظـر فـي قـدرة ي تلغ

ولعـل األزمـة التـي تواجـه كثیـرا مـن الصـحف مـثال . وسائل اإلعالم التقلیدیةــاس إلــا ففــي بعــض البلــدان إنمــا كانــت ولیــدة انصــرا دیثــة حى الوســائل اللن

ــــــــات مــــــــــــــــــن مخزونهـــــــــــــــــا فـــــــــــــــــي البنــــــــــــــــــك والحصـــــــــــــــــول علـــــــــــــــــى المعلومـــــــــا أن احتكــار اإلذاعــات ســیقل تــدریجیا لشــیوع وســیلة مــك ـــ بنــك المعلومــات ـ

. الحصول على المعلومة بالطرق الحدیثة

Page 21: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

259

اء بالكلمـــة ابتــدكــذا ســیظل ارتبـــاط تــاریخ الحضــارة بتـــاریخ االتصــال هو ى عصـــرنا الحاضـــر عصـــر تـــالطباعـــة والرادیـــو، حو ةبـــواللغـــة، مـــرورا بالكتا

االنفجــار المعلومــاتي، تحكــي قصــة اإلنســان وتحــدد المراحــل المســتجدة فــي .)1(تطوره والفرص الجدیدة المتاحة

:لیة االتصال والنمو الثقافيعافعرضــنا السـابق محاولــة لتوضـیح مفهــوم االتصـال، بوصــفه عملیــة يفـ

وتبـادل الخبـرات ري التواصل والتفاهمشبلا تیح للمجتمعت اجتماعیة متكاملة، اتخــذ ن علمــا انســإلئل متعــددة تطــورت بتطــور حاجــة ااســو واألفكــار بعــد أن

.وثقافة وتفكیرا ــــــو ــــــد هــــــذه الوســــــائل االتصــــــالیة قاصــــــرة علــــــى نقــــــل الحــــــدث أو ل م تع

المعلومــات، وال حتـــى القیـــام بتفســـیرها فحســـب؛ ولكنهـــا تقـــوم بصـــنع الحـــدث ي بما یحمله من قیم وأفكار نلقرار الذي یتعلق بالحدث المعصیاغة او نفسه

القـــــیم والمواهـــــب (ومبـــــادئ لهـــــا قـــــدرة التـــــأثیر علـــــى الثقافـــــة بمعناهـــــا العـــــام ). واالتجاهات وأنماط السلوك

ة قصوى في حیاة الشعوب یمهل في الوقت الحاضر احتل أاصتاال ن إقـــرارات لاو العالقـــات التجـــاواألمـــم، حیـــث أن لـــه قـــدرة التـــأثیر فـــي ســـائر م

قـدرة وسـائل االتصـال الحـدیث فـي التـأثیر علـى المجتمـع، نـدوة وسـائل االتصـال : فاتح زغل. د (1)

.167اإلیسیسكو، ص

Page 22: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

260

) بمــا تزودهــا بهــا مــن معلومــات(فیــة والسیاســیة قاثالتصــادیة و قواألنشــطة اال . لیس فقط على المستوى المحلي؛ بل في محیط العالقات الدولیة

ن الیــوم مــن تقنیــات حدیثــة أســهم بصــورة فاعلــة فــي اســنمـا تــوفر لإل ن إصــحیح . إلنســان أو هدمــها ترســیخ القــیم أو زلزلتهــا وبالتــالي ســاعد فــي بنــاء

أدت دورا بــارزا فــي تقریــر التفــاهم والتقــارب بــین الشــعوب، تأن هــذه التقنیــاولكنهــا أیضــا أســهمت فــي تشــویه كثیــر مــن الحقــائق حــول اآلخــرین بــالتعتیم المتعمد على قضایاهم وتزییف الواقع وفق األهـداف واألطمـاع التـي یملكهـا

.)1(صاحب الرسالةــقــل ة، بــل أصـــبح یـــر االتصـــال فــي احتكـــار العملیــة التعلیمیــة والثقافد أث

وســیلة مهمــة فــي النشــر بعــد اســتخدام التقنیــات الحدیثــة التــي أتاحــت الكثیــر ختلفــــة ملاعالمیــــة إلمــــن فــــرص الحصــــول علــــى األخبــــار ورؤیــــة البــــرامج ا

طــــالع علــــى المتغیــــرات الثقافیــــة واال ومعایشــــة األحــــداث المحلیــــة والعالمیــــةالتــــي كانــــت و یاســــیة واالقتصــــادیة وآثارهــــا علــــى المجتمعــــات المختلفــــة والس

محكومة بقوة وسائل اتصالیة تقلیدیة، حتى القنوات الفضائیة وتقنیات النقل

.135ـ12ندوة وسائل االتصال في التأثیر على المجتمع، اإلیسیسكو، ص: حمد فراجأ (1)

Page 23: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

261

ریعة لـم تكـن میسـرة مـن سـ ةیـا بصـور لموالتحرك إلى مكان الحدث محلیا وعا . )1(قبل

قـــادرة علـــى إن مثـــل هـــذا الجمهـــور هـــو مـــن الصـــفوة ال: نـــا قـــد یقـــالهو النقـل السـریعة، غیـر أنـه یمكـن لامتالك التقنیات الحدیثة أو اسـتخدام وسـائ

لقول أیضا إن أمثال هؤالء أنفسهم یعدون وسائل اتصالیة بما یحملونه إلى اة، ومثـال علـى ذلـك طـالب البعثـات یر امجتمعاتهم من مؤثرات ثقافیـة وحضـ

ــة وحــدها؛ الخارجیــة ال یعــودون مــن دراســاتهم وبعثــاتهم بالتخصصــات العلمیال فــي بــو جدیــدة قــد یجــد الكثیــر منهــا ق تبــل یعــودون بعــادات وتقالیــد وثقافــا

. مجتمعاتهم األم :قافة والمجتمعالث

ت تعمـل و ، االثقافة الصورة الحیة لألمة والتي تحدد مالمح شخصـیته د عـا على ضبط اتجاهات سیرها؛ بل وترسم أهدافها، وتصدر معـالم ا لثقافـة عمـــة مـــن عقائـــد ومبـــادئ ونظـــم بجانـــب ســـیرتها التاریخیـــ ورصـــیدها ةیســـود األم

ـة فـي سـیرتها المعرفي، وتظل الثقافـة القائمـة علـى هـذه األسـس مسـایرة لألم . مع حركة الحیاة

بیــــب، وســــائل االتصــــال الحدیثــــة وتأثیرهــــا علــــى المجتمــــع، نــــدوة االتصــــال، ســــعد ل. د: نظــــرا (1)

.142اإلیسیسكو، ص

Page 24: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

262

حــور الثقافــة التــي تمیــز هــذا م يعتبــر القــیم الســائدة فــي المجتمــع هــتو تتمــزق هــذ ه القــیم أو تضــیع فــي متاهــات التغییــر والغــزو المجتمــع، ویــوم أن

قـدان وفأسـاة حقیقیـة لشـعوره بـالتمزق مالفكري والثقافي؛ فإن المجتمع یعاني م استسالمه لتیارات غریبة عن أصالته مما یؤدي إلى شـعور الهویة، ومن ث

.بالسلبیة والضیاع وتشتت االنتماءیر؛ فــــإن وســــائل تــــى یمكــــن حمایــــة المجتمــــع مــــن مثــــل هــــذا المصــــحو

االتصال یجب االستفادة من فاعلیتها في دعم الهویة الثقافیة للمجتمـع، بمـا بـین أفـراده أوال ثـم مـع المجتمـع الخـارجي نـةنـه مـن إقامـة العالقـة المتواز ك یم

فـــي رظـــنألمـــر هنـــا یتطلـــب إعـــادة الابثقافاتـــه المتعـــددة مـــن ناحیـــة أخـــرى، و دراك اإلیجــ ابي منهــا والســالب، حتــى یمكــن الوصــول إلــى الثقافــات الغازیــة وا

لتــي تعمــل علــى تنمیــة اثقافــة قومیــة تؤكــد الذاتیــة الثقافیــة والقــدرة اإلبداعیــة . قوميالاالتجاه تأكیـــد األصـــالة وتحصـــین الهویـــة الثقافیـــة والمحافظـــة علـــى الذاتیـــة ن إ

د أمرا ض لفكـر واإلعـالم یا ومتطلبا أساسـیا مـن قـادة ار و ر الثقافیة للمجتمع تعوالتعلــیم فـــي الـــدول النامیـــة علـــى وجـــه الخصـــوص، أو علـــى األقـــل بالنســـبة

ال خاصــة قائمــة علــى مفــاه للــدول التــي تمتلــك قیمــا ــث عقدیــة راســخة إذ یموم

Page 25: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

263

یتطلــب المحافظــة علیهــا وتأكیــد فاعلیتهــا فــي عملیــة التكــوین الــذاتي لتحــول .)1(یهدد بقاء هذا المجتمعدون االحتیاج اإلعالمي والتدفق الثقافي الذي

لالتصــــال وحــــده القــــدرة لهــــ: نــــا یعــــرض لنــــا تســــاؤل أساســــي مهــــمهو ؟ رالمطلوبة على التأثی

یح أن لوســائل االتصــال تــأثیرا ملموســا فــي ثقافــة األمــم والشــعوب حصــســیة اسأغیــر أن هــذا التــأثیر قــد یقــل إلــى درجــة كبیــرة إذا مــا ووجــه بعوامــل

حــه فــي تحقیــق المضــامین التــي ســعى إلیهــا مــن خــالل تحــد مــن قدرتــه ونجاعملیــــة االتصــــال، مــــن هــــذه العوامــــل مــــا نــــراه ممــــثال بصــــورة واضــــحة فــــي

عاتنـــا اإلســـالمیة نموذجـــا للمجتمعـــات التـــي قـــد ال یســـهل علـــى وســـائل تممج تحدث فیها التغییر الكلي الشامل، ونذكر منها :االتصال وحدها أن

القبیلة : مثل لتي ینتمي إلیها أفراد المجتمع،ماعات المرجعیة اجلا: ال و أود عهــوالجماعــات الدینیــة أو الثقافیــة التــي یــرتبط بهــا األفــراد تحــت مواثیــق و

ونظم یتربى علیها المجتمع، فـإن مـا نشـأ لـدى هـؤالء مـن أفكـار وثقافـات قـد ، وبذلك ةسكیستعصي استبدالها بمجرد بث رسالة اتصالیة تحمل أفكارا معا

التــأثیر قـــد ینقلــب إلـــى مواجهــة ورفـــض صــریح، فـــإن العــالم اإلســـالمي فــإن ض الناس بعحتى الیوم ـ وبالرغم من ضعف االلتزام بشرائعه وعباداته لدى

زال رافضـــا لكثیـــر مـــن ثقافـــات الغـــرب التـــي تحملهـــا وســـائل االتصـــال اــــ مـــ

.حمد فراج، المرجع السابقأ (1)

Page 26: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

264

فـــات اقثالمختلفـــة، بـــل إن بعـــض المســـلمین ممـــن ذهبـــوا إلـــى مـــواطن هـــذه الأعلنوا رفضها في موطنها، ونشأت جماعات لها صفة الجماعات المرجعیة

جـد لونـا أو تحمل أفكارها وثقافاتها؛ بل وتدعو إلیها داخـل بـالد المهجـر ممـا آخــر مــن التفكیــر والثقافــة داخــل هــذه المجتمعــات المستضــیفة؛ بــل واعتــرف

م بعضـــــها رســـــمیا بحقـــــوق هـــــؤالء األفـــــراد فـــــي ممارســـــة عبـــــاداتهم وطقوســـــهواالحتفــال بشـــعائرهم تحــت مظلـــة قانونیــة، ولـــم تــنجح وســـائل االتصــال فـــي

.الناس إحداث تغییر سلبي أو إیجابي في كثیر من اتجاهات أمثال هؤالءدیر بالــــذكر أن التغییــــر ال یعنــــي فقــــط االنتقــــال مــــن األحســــن إلــــى جــــو

األســـوأ، وال مــــن األســــوأ إلــــى األحســــن؛ ولكـــن قــــد یتضــــمن التغییــــر إحــــداثات وتقالیــد جدیــدة لــم تكــن معروفــة فــي المجتمــع الــذي اســتهدفته وســائل داعــ

االتصـــال، فـــإن مـــا حـــدث مـــن عـــادات دخلـــت علـــى تقالیـــد الـــزواج والعائلـــة طفـال فــي كثیــر مــن المجتمعــات النامیــة نقــال عــن المجتمعــات الغنیــة أو ألوا

كثیـر المتقدمـة یصـلح دلـیال علـى أثـر االتصـال فـي الفكـر والثقافـة، فتغیـرت، ودخلـت بعـض المجتمعـات االحتفــال مـن عـادات االحتفـاالت بـالزواج مــثال

ســـطة و بأعیـــاد المـــیالد، والتـــي لـــم تكـــن معروفـــة فـــي القـــدیم بـــین األســـر المت . والفقیرةة الرأي والتوجیه في المجتمع لهم أثرهم في العملیة االتصالیة داق: یا ناث

، ال ســـیما إذا كـــانوا ممـــن ی رصـــید أدبـــي أو مكانـــة ب نتمتعـــو نجاحـــا أو فشـــال

Page 27: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

265

فكریة وعقدیة، ولقد ظلت أوروبا نفسها حبیسة الفكر الكنسـي قرونـا طویلـة، لمــاء ألن رجــال الكنیســة لــم لعتــرفض أي جدیــد مهمــا كــان مقنعــا وتــرد علــم ا

یقبلوه، وفي المجتمع القروي مثال في كثیر من البالد العربیة واإلسالمیة ما م فــــي كثیــــر مــــن األمــــور زالــــت ســــلطة القبیلــــة األ ب أو الجــــد األكبــــر تــــتحك

االجتماعیــــة لألبنــــاء ســــواء مــــن حیــــث الــــزواج أو الطــــالق أو حتــــى اختیــــار یــا إذا مــا كــانوا علــى باجقــادة الــرأي إیة زداد أهمیــتــصــیغة التعلــیم والعمــل، و

ـة، وفـق ةحضبینة وا ج ، ویملكون وسائل اإلقناع المبرهنة بالعقـل والعلـم والحالصـــالح و ملمجتمــع، مـــع اشــتهارهم بــااللتزافــي اار متفــق علیهـــا أســس وأفكــ

والقبـــول، وهـــذا مـــا یجـــب أن یكـــون علیـــه علمـــاء اإلســـالم بمـــا یعطـــیهم قـــدرة اإلفســاد والتبــدیل الســلبي لمــا علیــه المســلمون ت القیــادة الناصــحة ضــد تیــارا

. الصالحون، یحول دون شعور باالنتماء سواء للمكان أو للفكر أو لالعتقادلا :ثا لاث

جدیــدة أو إبــدال ثقافــات بــأخرى ال تتفــق ومــا علیــه الفــرد مــن راكــتســرب أفشعور وتعلق، ویتوقف ذلك على قـدرة مصـادر المعرفـة التـي یتلقاهـا األفـراد

هــا فــي تركیــز معــاني االنتمــاء للــوطن أو العقیــدة بجانــب إحیــاء علیتدى فاومــلیــه مــن ع التــي تــربط الفــرد بمــالممارســة العملیــة واإلیجابیــة للمبــادئ والقــیم ا

. اعتقاد

Page 28: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

266

ن المعلــوم أن وســائل االتصــال الیــوم ال تعمــل مــن فــراغ وخصوصــا مــفقیمــا خاصـــة وســائل االتصــال اإلعالمیــة، إنهــا تنطلـــق مــن مصــادر تحمــل

ي لیســت أدوات وال وســائل هــف معلبــة فــي بــرامج ترفیــه أو أخبــار أو تعلیــق،بـدالها بقـیم میفهـي تسـعى إلـى إزالـة قـبریئة محایدة في كثیـر مـن أحوالهـا، وا

وعلـى ذلـك . أو التصـدي لشـيء آخـر ئمترسـیخ شـيء قـا و، أ)1(أخرى جدیدةل علـــى إدراك مـــا ترمـــي إلیـــ وســـیلة هفـــإن األمـــر یتوقـــف علـــى قـــدرة المســـتقب

كان إدراكه سلیما مبنیا على أسس راسخة فإنه سیكون بعیـدا االتصال، فإنیدتـه بابتعــاده قع مــا إذا ضـعف انتمـاؤه إلــى وطنـه أوعـن التـأثر المطلـوب، أ

مــاء؛ فإنــه یصــبح هــدفا ســهال لمــا تنا االهــذمارســة الحیــة لمتطلبــات ملاعــن فــإن االنتمــاء الصــحیح تبثـه وســائل االتصــال مــن أفكــار وثقافــة، وعلــى ذلــك

والشعور الحي بهذا االنتماء یحول كثیرا دون تأثیر وسـیلة االتصـال بصـورة .كاملةمجتمــع المســتهدف، حیــث أن هــذه لا ة وســائل االتصــال فــير دقــ: بعــا ار

فـي صـراع، وكلمـا تـوفرت القـدرة للوسـیلة االتصـالیة فـي ل الوسـائل إنمـا تعمـمـا ال شـك فیــه أن مو …علـى المجتمـع االتـأثیر أمكـن لهـا إلغـاء تـأثیر غیرهـ

ذي تنطلــق الوســائل االتصــالیة المحلیــة أقــدر علــى التعامــل مــع المجتمــع الــ

كیــــــــف تــــــــؤثر وســــــــائل اإلعــــــــالم، مكتبــــــــة العبیكــــــــان، : محمــــــــد عبــــــــد الــــــــرحمن الحضــــــــیف. د (1)

.هـ1415الریاض،

Page 29: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

267

ومتطلباته، وفهـم جـذور الثقافـة والفكـر هتمنه لقدرتها على استیعاب احتیاجامجتمع الذي تنطلق منه، فإذا ما توفرت لها عناصر القوة والتقنیة الفي هذا

األولویـة لقبل من جمهور المستقبلین أمكن لهـا احـتالتالفاعلة واالنتشار وال. غزو وسائل أخرى بأفكـار مغـایرةیصعب معه امم في عقولهم واحتكارهم، تنتبـــه إلـــى وســـك اولعــل هـــذا األمـــر دعـــ لها ائثیـــرا مـــن الــدول النامیـــة إلـــى أن

ولتأخـــذ أولیـــة فـــي بـــرامج التنمیـــة . االتصــالیة وفـــي مقـــدمتها وســـائل اإلعـــالموتســارع الكثیــر منهــا لالســتقالل بأنظمــة خاصــة تعطیهــا فضــل المحلیـة، بــل

لمســـتوى المحلـــي فقـــط؛ بـــل علـــى المســـتوى الســـبق فـــي البـــث، لـــیس علـــى ایــة امقنــوات الدولیــة فــي كثیـر مــن الــدول النر الشـاتناوهــذا مــا یفســر . الـدولي

. رغم ما تعانیه بعضها من مشاكل اقتصادیة حادةفي المجتمـع بمـا یتـیح لألفـراد قـدرة يستوى التعلیمي والثقافملا: سا ماخ

مات واألفكار والثقافات التي تحملها االنتقال أمام هذا الكم الهائل من المعلو ف أنواعها، سواء كانت علـى مسـتوى التخاطـب التوسائل االتصال على اخ

ل اشــالمب ر أو االنتقــال أو اإلرســال اإلعالمــي، ممــا جعــل الجمهــور المســتقبـة متخصصـة ههدفا للعدید من االتجا ات التي صنعتها خبرات وقدرات علمی

د االتصال الیوم ع ، بـل قضـیة تخـدمها حیث، لم ی ي أمـرا تلقائیـا وال عشـوائیاعقـــول وأجهـــزة وقـــدرات عالیـــة الثقافـــة متقدمـــة فـــي مهاراتهـــا وتخصصـــاتها، یقابلهــــا جمهــــور علــــى قــــدر مــــن الفهــــم واإلدراك ــــد أن وعلـــى ذلــــك فإنــــه ال ب

Page 30: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

268

مـاذا . للتعامل مع هذه الرسـائل ویملـك أداة التمییـز والتحـري عـن كـل رسـالةیریــد؟، ولمــاذا؟، وبمـــاذا یریــد؟، وبــذلك یســتطیع تصــنیفها وفـــق یریــد؟، ومــن

أســـس فكریـــة وثقافیـــة فیأخـــذ منهـــا علـــى بینـــة، ویتـــرك مـــا یتركـــه علـــى بینـــة، {: وصــدق اهللا العظــیم إذ یقــول ین ذ ال و ون م ل ع ی ین ذ ي ال تو س ی ل ھ ل القب ل وا األ ل و أ ر ك تذ ا ی م ن إ ون م ل ع .)1(}اب ی

:تصال وواقع العالم اإلسالميالاســـنا ممـــا ســـبق مـــا لالتصـــال مـــن أثـــر مهـــم نتیجـــة التقنیـــات الحدیثـــة مل ندرك سیطرة االتصال بإرة، و والمتط ائله المتاحـة وسـذ أصبح من الیسیر أن

مــع اإلنســاني، ممــا جتماللتشــكیل والتحویــل الثقــافي فــي ا تالیــوم علــى عملیــا. التعلـیم، والتربیـة، والسیاسـة: یات األساسیة للتـأثیر، مثـلكثیرا في العمل رأث

وســـائل اهـــولقـــد كـــان لكثافـــة التـــدفق الهائـــل للمعلومـــات واألفكـــار التـــي تحمل، ة إلى الدول النامیة والفقیرةصاة خاالتصال من الدول الغربیة والغنیة بصف

ذه البلــــدان هــــود واضــــح فــــي كثیــــر مــــن مجــــاالت الحیــــاة اإلنســــانیة فــــي شــــهالمســـتهدفة وال ســـیما بعـــدما خصصـــت وســـائل اتصـــالیة لكـــل بلـــد مـــن هـــذه

.البلدانبلـدان النامیـة، لا عل العالم اإلسالمي والذي یقـع معظمـه ضـمن دائـرةلو

ل دول ب بل ومعظمه ضمن البلدان الفقیرة كان أكثر استهدافا من غیره من ق

).9(ورة الزمر، اآلیة س (1)

Page 31: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

269

، و ملالغرب خاصة والتي تسیدت علم االتصال تقنیا وع بـداعیا یس مـن لـیـا وا یلمــس المواجهــة الشرســة بــین العســیر علــى مــن یتــابع األحــداث العالمیــة أن

تمــع اإلســالمي فــي أي بقعــة جملالغــرب بكــل اتجاهاتــه الثقافیــة والسیاســیة واـه الغـرب اصمن هذا العالم المع ر، ولعل هذه المواجهة كانت نتیجة لما یظن

ي السیادة على دول العالم، ولمـا فماعه من خطر اإلسالم على كیاناته وأطسـمى بالنظـام الحـدیث أو الجدیـد والـذي تنفـرد بـه ـ ى حـد بعیـد ـلـإ أصـبح ی

منافســـتها األساســـیة دولـــة االتحـــاد رو والیـــات المتحـــدة األمریكیـــة بعـــد ضـــملا .السوفییتي

د أصـبحت عملیــة االتصـال بالنســبة للعـام اإلســالمي وفـق الحســابات قـلـــل جانبـــا ســـلبالمشـــاهدة تم ـــة ونموهـــا الثقـــافي مـــن یث ا خطیـــرا لكیـــان هـــذه األم

:خالل المشاهد اآلتیةــــز مــــن معلومــــات واألفكــــار ي بمالاق العــــالم اإلســــر غــــإ: ال و أ رك تــــدفق مخضاع مؤسسات التوجیه والتثقیف واإلعالم ل ةیبالغر غربي، ممـا لا موذجلنوا

أمـم هاالستعمار العسكري الذي عانتال عن دب ا یددج عا و نتیشكل استعمارا مالمســـلمین ســـنوات عدیـــدة، نـــتج عنـــه اخـــتالل تـــوازن فـــي التبـــادل اإلعالمـــي

. والثقافي كان الخاسر فیه هو عالم المسلمین ینشدید حول العالم اإلسالمي بما یحـول بینـه وبـ راصب حر ض :یا ناث

ذ االتصــال االنعتـاق مــن ســیطرة التـدفق الغــازي إذ تــم إغــالق كثیـر مــن منافــ

Page 32: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

270

سـواء أكانـت اتصـاال حركیـا ـ كحصـار الطیـران ـ أم حصـارا اقتصـادیا ـ مثـل سـالح المقاطعـة المعلنـة وغیـر المعلنـة ـ أو قیـود السـفر والتعسـف فـي مـنح تأشیرات الدخول للبلدان الغربیة، أو ما كان حصارا إعالمیا یظل فیه العالم

من معلومات أو ثقافات، فـي حـین اإلسالمي عالة على ما یجود به الغرب یتم التعتـیم الشـدید علـى كـل حـدث داخـل العـالم اإلسـالمي، وال ینشـر إال مـا

بـل أعطـى الغـرب نفسـه .. یمثل جانبا سلبیا في حیاة هذه الشعوب المغلوبـةحق تفسیر األحداث من وجهة نظر بعیدة عن الحیاد، وأصبغ مسمیات لها

شــــاط إســـالمي، بمــــا فــــي ذلــــك مفهــــوم الشــــریعة داللتهـــا الســــلبیة علــــى كــــل ن . اإلسالمیة

ـــا لاث جابة كثیـــر مـــن قیـــادات العـــالم اإلســـالمي لوســـائل الضـــغط تســـا: ثول دو رب غــالین الرســالة الصــادرة عــن بــالد ماضــالغربــي، وتــأثر بعضــهم بم

لى ما یصدر من قیود على ع االستعمار الحدیث، مما كان له أثره الواضحـــة مـــا یشـــیعه الغـــرب حریـــة المـــواطنین فـــي ج عـــن هـــذه الـــبالد اإلســـالمیة بح

، م عـن مسـلال إ نظـرهم ـ يف اإلرهاب واألصولیة والتطرف والذي ال یصدر ـ وقـــــــــــتلهم وتشــــــــــــریدهم یلئراینمـــــــــــا ال یـــــــــــذكر شـــــــــــيء عـــــــــــن إرهـــــــــــاب إســـــــــــبجـیش أیرلنـدا و وع الشـعب الفلسـطیني وال عـن عصـابات المافیـا أمج نا ـلع ـ

تل وسلب وتدمیر أو حتى عـن مجـازر الصـرب ألبنـاء وما یقومون به من ق . طفال المسلمین في البوسنةأوبنات و

Page 33: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

271

نشـــغل العــــالم اإلســـالمي بانشــــغال قادتـــه بالخالفــــات الداخلیـــة، حتــــى او یـــــدخل بلـــــد مســـــلما إال بعـــــد طـــــول ا أصـــــبح المـــــواطن المســـــلم ال یجـــــرؤ أن

تــل االقتصــادي جــه فیــه بــالد الغــرب إلــى التكتتإجــراءات، وفــي الوقــت الــذي ي، فــي نفــس الوقــت تــزداد عوالسیاســي، والتكامــل الثقــافي، والتعــاون االجتمــا

فرقــة المســلمین وتشــتتهم، بــل ونشــأت الصــراعات الطائفیــة والعنصــریة التــي كانـــت علـــى حســـاب التنمیـــة فـــي كـــل مجاالتهـــا نظـــرا لالســـتنزاف المـــادي أو

ـــد وســـائل االتصـــال فـــي هـــذه الـــبالد فـــي خدمـــة األغـــراض البشـــري، فلـــم تعرة في مجـاالت الصـراع القبلـي والعرقـي السلمیة والتنمویة بقدر ما هي مسخ

. مما زاد من تخلف هذه البالد أو على األقل تخلف معظمها

Page 34: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

272

تصال وتنمیة الثقافة اإلسالمیةالا :يمتصال والمجتمع اإلسالالا

تــاب المســلمی/ل األســتاذو قـی : ن فــي مالیزیــاإبــراهیم علــي رئــیس اتحــاد الك" قـوم باتخـاذ تنعتقد أن وسائل االتصال الجماهیري كقوة ثانیة قادرة علـى أن

الخطــــوات الالزمــــة لنشــــر الــــوعي بضــــرورة الموازنــــة بــــین المطالــــب المادیــــة ة المسـلمین فـاكمعنى آخر ضـرورة تغییـر أسـلوب حیـاة وتفكیـر بو والروحیة،

هــذا الصــدد فــإن قــوة إقنــاع وفــي .. ىعلــوتــوجیههم نحــو المثــل اإلســالمي األ.. ثـل هـذه األهـدافموتأثیر وسائل اإلعالم لم تستغل بصورة كاملة لتحقیق

فهي بقوتها في اإلقناع وقدرتها على اإلعالم بشـكل فعـال قـد سـاعدت علـى ".قلب الحكومات وخلق االضطرابات

ومــــن األمــــور المحزنــــة فــــي بلــــدنا أنــــه حتــــى فــــي: "ال ئیســــتطرد قــــا مثــــاإلذاعــــات التــــي یســــیطر علیهــــا المســــلمون ســــیطرة كاملــــة، فــــإن لصــــحف و ا

مــع أو لیـــالي الخمـــیس، أمـــا أخبـــار فالشــریعة اإلســـالمیة تظهـــر قـــط أیـــام الج "…الجرائم واآلثام، فإنها تنشر كل یوم تقریبا

Page 35: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

273

المسـلمین شـریعة اهللا مین ثـم فـإن تعلـمـو …: "ختتم هذه الفقرة بقولـهیو یكون من قـوة ال تـأثیر، حیـث یثیـر اهتمـامهم لمعرفـة وممارسـة هـذه یجب أن

.)1(.."هو حفزهم لذلك يالشریعة في القرآن الكریم والمعیار األساســـزت علـــى وســـائل االتصـــال غـــر ي هـــذه اإلشـــارة ـفـــ عـــل لو م أنهـــا رك

تعتبـر مالیزیـا واحـدة یشیر إلى حاجة العالم اإلسالمي، الـذي ام اإلعالمي ـ،مــن أهــم دولــه، ومــن أكثر ى نــوع مــن االتصــال یعیــد لهــذه لــإ هــا عــددا ووزنــا

ــة أصــالتها القائمــة علــى شــریعة اهللا لــیس فقــط فــي المجــال اإلعالمــي ..األمبه ووسائله المعروفة، بل لیشمل كافة أنواع االتصال البشري بمفهومه لیبأسا

یعــــاني ألوانـــا مـــن االنفصـــال والتباعــــد مو إن العـــالم اإلســـالمي الیـــ.. الواســـعـــك ســـكلعواالفكـــري والثقـــافي نتیجـــة مظـــاهر التمـــزق السیاســـي ري، بـــل والتفك

ة دوحــلى الــرغم مــن تــوفر كافــة أســباب الــاالقتصــادي بــین دولــه وشــعوبه، عف العقیـــدة واالنتســـاب إلـــى اإلســـالم فـــي قـــي تتـــبـــین مجموعـــة هـــذه الـــبالد ال

یضـمن فة إلـى العامـل الجغرافـي الـذياضـإمقدمة هـذه المبـررات الوحدویـة، ه الـــبالد، ذهــ نـــاءبعطـــي تحركــا ســهال ألیلهــم اتصــاال بریـــا وبحریــا بســهولة و

االتصــال مــناریا ممتــازا قــد یفــوق ذلــك النــوع ضــیتــیح لهــم اتصــاال ثقافیــا وحالذي قام بین دول أوربا في صـورة السـوق المشـتركة أو األحـالف العسـكریة

سـائل االتصـال فــي إحـداث التغییـر، اإلعــالم اإلسـالمي والعالقــات اســتخدام و : إبـراهیم علـي. د (1)

.577ـ576اإلنسانیة، الندوة العالمیة للشباب اإلسالمي، ص

Page 36: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

274

طریـق البحـث عـن لغـة منطوقـة ذي تسعى إلیـه عـن لا أو االنصهار الثقافيمشتركة ألوربا، بینما یتوفر للعالم اإلسالمي لغة القرآن الكریم، التي تعتبر ـ

ح سالحا فاعال یحول صلهائال لنمو ثقافة واعیة معطاءة ت وال شك ـ رصیدا ل وســیطرة الثقافــة الوافــدة بغرابتهــا عـن الــدین وغرابتهــا عــن عــادات دون تغـو

.األمة وتقالید هذهد اتجهـــت حركـــة النمـــو الثقـــافي فـــي كثیـــر مـــن بـــالد المســـلمین نحـــو قـــل

اإلســـالمي النمـــوذج الغربـــي نتیجـــة هـــذا االنفـــالت عـــن قـــیم وعناصـــر البنـــاءما أوجد صداما حقیقیا بین ثقافة غربیة تحملها م للفكر والتعامل الحضاري،

یریـده فضـال امـوسائل اتصال متطورة ویحملها فكر قادر على التعامل مـع لهـا یق أصالة إسالمیة لم تجد من یـدرك نیعن صدامه باإلسالم، وب ث مهـا وم

.العلیا، إما جهال بها أو حقدا علیهاإلســالم بطبیعتـــه ال یعمــل فــي فــراغ، بـــل یعمــل مــن خـــالل امــا كــان لو

وصــدق ر شــالدیـة لربهــا وتمیـز بــین الخیـر و و بعنفـس إنســانیة تـدرك معــاني ال ..{: إذ یقــول اهللا العظــیم د ا ق اھ و تق ا و ھ ور ج ا ف ھ م ھ ل أ اھا ف و ا س م و س نف و

اھاأ ن دس م اب خ د ق ا و اھ ك ن ز م ح ل لـذلك فـإن ابتعـاد المسـلمین عـن . )1(}فماعیـة والثقافیـة أوجـد هـذا الخلـل جتفاعلیة في كثیر من ممارسـاتهم االلهذه ا

ع اإلســـالمي، حیــث ظهـــرت العنصـــریات وتعـــددت واالضــطراب فـــي المجتمـــ

).10-7(سورة الشمس، اآلیات (1)

Page 37: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

275

وظهـرت مـدارس ل،و اللهجات، واختلفت الجماعات حول الفروع دون األصـع منهــا إلــى االلتقــاء والتفــاهم، تغــذي بعضــها أحیانــا راصــالفكریــة أقــرب إلــى

در ة للـدین اإلسـالمي فانحرفـت بـذلك قـیمصادر معاد ة االتصـال، وكـادت أنممـــا أضـــعف بالتــالي مســـیرة التنمیـــة الثقافیـــة المرجـــوة، تختفــي لغـــة التفـــاهم

االتصــــال البشـــري، بــــل والتقنــــي والحركـــي مــــن مواصــــالت لئلضـــعف وســــا . وهاتفلــــت المعلومــــات المثمــــرة حبیســــة مصــــادرها، یصــــعب االنتفــــاع بهــــا ظو

ي فـو جتمع المسلم،لملم، فضال عن االنتفاع بها خارج اسداخل المجتمع المــاس بینمــا عامــة أحســن الحــاالت تظهــر فاعلیــة إیجابیــة بــین الصــفوة مــن الن

ي تحصـــیل القــوت الیـــومي، ومصـــارعة مطالـــب الحیـــاة، فـــ االمجتمــع انشـــغلو . وتأمین مستوى معیشي مقبول

وفــق قواعــد تــى تســتقیم مســیرة التنمیــة الثقافیــة فــي الــبالد اإلســالمیةحو ـد مـن انعتـاق وسـائل ؛ناإلیمان وهدي هذا الدی االتصـال وتحریرهـا فإنـه ال ب

: متوازیین نیمن السیطرة الغربیة المعادیة للمسلمین، وذلك وفق مسار م اإلسـالمي بمـا لاعـة بنـاء االتصـال ووسـائله فـي الإعـاد: سار األولملا

قائمة على هدي الكتاب ةواعییجعله عامال فاعال في تنمیة ثقافیة ومعرفیة ــــنة، ومســــ ســــلم الحقیقیــــة ســــواء فــــي المجــــال یبة لحاجــــة المجتمــــع المتجوالس

تقود فـي النهایـة إلـى ل، ياإلعالمي أو االجتماعي أو االقتصادي أو السیاس

Page 38: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

276

م القیام بواجـب التوافق ووحدة التوجه لدول العالم اإلسالمي وشعوبه، ومن ثتصـل ي ذالـوفـق النمـوذج األمثـل العـالم، بو عالدعوة إلى هذا الدین لكل شـ

. الناتج األفضل للثقافة الواعیة الهادیةا هار ین، باعتبمجتمعات المسلمه إلیدي لتدفق وسائل االتصال األجنبیة، صتلطلب اتیف: المسار الثاني امأ

بمــا یســاعد علــى تنقیــة مضــامینها، فیؤخــذ الصــالح منهــا ویــرد الضــار، وفــق .الصالحین في المجتمع مقاییس شرع اهللا تعالى ومتطلبات تطلعات

في كال المسـارین ـ األخـذ بأحـدث الـنظم االتصـالیة مـا لب ـتطألمر یاو هـــا اإلســـالمي لتكـــون یلإأمكـــن، مـــع اســـتثمار العالقـــات اإلنســـانیة التـــي دعـــا

أساســـا للتعامـــل، والتخطـــیط والتأصـــیل لعملیـــات االتصـــال فـــي كـــل وســـائلها . وأجهزتها

:ةمتخـــارة فـي اهلظـواسـع الشـامل ـ وظیفتـه الملموسـة اللالتصـال ـ بمعنـاه ا ن إ

التنمیــة الثقافیــة، وصــناعة الفكــر، وتحدیــد اتجاهــات األفــراد والجماعــات، إذا قافــــات المحلیــــة للمجتمــــع المســــتهدف، وقــــد ثلامــــا اســــتطاع تخطــــي حــــواجز

ـــف التقنـــي اســـتفاد الغـــرب مـــن تقنیـــات االتصـــال الحدیثـــة علـــى حســـاب التخلـة، ن تـأثیره واضـحا فـي تغر االذي یعانیه عـالم المسـلمین، فكـ هدیـد وتیـب األم

ولـــوال طبیعـــة هـــذا الـــدین، التـــي تمیـــزه .. العدیـــد مـــن تراثهـــا العقـــدي والفكـــري.. بالثبــــات واألصــــالة والرســــوخ والشــــمول فضــــال عــــن حفــــظ اهللا تعــــالى لــــه

ـة اإلسـالمیة المعاصـرة إلـى مرحلـة الفنـاء ـ كنـه لقـدر اهللا ـ و ال لوصـلت األم

Page 39: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

277

، محفوظــا بحفــظ اهللا ن عبـد اهللا رســول اهللا د بــمــاإلسـالم الــذي جــاء بـه مح {تعالى، ثابتا بثبات مصـدره الثقـافي والعلمـي، وصـدق اهللا العظـیم ن ا نح ن إ

ون ظ اف ح ھ ل ا ل ن إ و ر ك نا الذ ل .)1(}نزد أمام المجتمع المسلم في عالمه اإلسالمي المعاصر إال العودة لو ع م ی

و مــه إلــى نودلكتــاب والسـنة، بمــا یقـا نألساسـیة مــامصــادره إلـى هــذا الـدین و الدنیا واآلخرة .ثقافي یضمن خیري

).9(سورة الحجر، اآلیة (1)

Page 40: لﺎــﺼﺗﻻا ﻲﻓﺎﻘﺜﻟا ﻮﻤﻨﻟا ﻲﻓ هرودوdspace.iua.edu.sd/bitstream/123456789/310/1/008.pdf · ﺪ g gﻤﺣأ .د ﻲﻓﺎ g gﻘﺜﻟا ﻮ g

افي و الثق ي النم ال ودوره ف د . د االتص أحم حسن محمد

ع ـ ـ 1425مجلة الشریعة والدراسات اإلسالمیة العدد الراب ھ م2004

278

ع البحثجارـمـــ . قرآن الكریملا :ال و أ : التفسیر بتمن ك: نیا اث

الجامع ألحكام :عبد اهللا محمد بن أحمد األنصاري أبوبي، طر قال] 1[ . القرآن

: ةمن المراجع اإلعالمی: لثا اث . اإلعالم الدولي عبر األقمار الصناعیة :راح الشالشنا. د] 2[ــــرل نوجــــ] 3[ اإلعــــالم وســــیلة ورســــالة، ترجمــــة مســــاعد خضــــر :می

. الحارثي . مي في الدول النامیةالععلم االتصال اإل :ان رشتيهیج. د] 4[ . التلفزیون االجتماعي في الدول النامیة :بن بنارة الزغیر دعس. د] 5[ . عددةتعالم واحد وأصوات م ":وآخرون"ماكبرایر قوس] 6[ئل االتصــال الحدیثــة وأثرهـــا اســـو :ورات منظمـــة اإلیسیســكوشــنم] 7[

. على المجتمع اإلسالميعـالم والعالقـات إلا :ورات الندوة العالمیة للشـباب اإلسـالميشنم] 8[

.م1996اإلنسانیة