١

المسلمين غير معاملة في اإلسالم سماحة } أنموذجا النبوية السنة{

إعداد الشعيلي خلفان بن سنان بن خلفان. د

بسم اهللا الرحمن الرحيم : المقدمة

الحمد هللا رب العالمين ، والصالة والسالم على خاتم األنبياء والمرسلين ، سيدنا محمد : أما بعد ... وعلى آله وصحبه أجمعين

إن عالمية اإلسالم وشموليته جعلته ينظر للمخالف له نظرة إنسانية تقوم على التسامح . الديني

العيش اآلمن وكفل له جميع فقد تقبل اآلخر المخالف في المعتقد والفكر وضمن له . الحقوق اإلنسانية

إن الحضارة . وهذه ميزة تميزت بها الحضارة اإلسالمية في مختلف حقب التاريخ اإلسالمية استمدت تسامحا الديني من مباديء القرآن الكريم والسنة المطهرة ، وفي هذا

مستقل بذاته ، إال البحث لن أتعرض للتسامح الديني في القرآن الكريم ؛ إذ هو بحث إنني سأركز على التسامح الديني في السنة النبوية ، فهي نبراس علمي لو طبقه

} العنف ، والتطرف ، واإلرهاب {المسلمون تطبيقا كامال ألبعدوا عن أنفسهم مسميات . التي ألصقها أعداء اإلسالم بالمسلمين

واكب فيه الخطاب الديني إن العولمة الحديثة بحاجة إلى تجديد فكري إسالمي ، يويوجد . التطورات المعاصرة

٢

. الحلول لألزمات العالمية المتراكمة

: وفي هذا البحث سأجيب عن اإلشكاليات اآلتية ما هو مدلول التسامح الديني وماهي ضوابطه ؟ - ١

هل السنة النبوية طبقت التسامح مع اآلخر المخالف ؟ - ٢

هل بإمكان الخطاب الديني المعاصر مواكبة تطورات العولمة الحديثة ؟ - ٣

: وستكون خطة البحث حسب اآلتي i. المقدمة .

ii. البحث مدلوالت :

. السماحة- ١ . المسلمين غير - ٢ . النبوية السنة - ٣

iii. الشرعي السماحة ضابط .

iv. اإلسالم في السماحة أهمية .

v. العولمة عصر في المسلمين غير ومعاملة ، المعاصر الديني الخطاب .

vi. المسلمين غير مع التعامل في اإلسالم مبادئ .

. االعتقاد حرية - ١ . المساوة - ٢ . العدالة - ٣

٣

. االنصاف - ٤ . التسامح - ٥ . بالوعد الوفاء - ٦ . والبر الرحمة - ٧ . والسالم األمن - ٨

vii. المعاهدات – وسلم عليه اهللا صلى – الرسول شخص في التحاور أسلوب . أنموذجا

viii. سلطنة في المسلمين غير معاملة في اإلسالم لسماحة الحضاري التطبيق . عمان

ix. الخاتمة .

. وفي الختام أسال اهللا التوفيق والسداد

٤

: البحث مدلوالت- . السماحة - ١

وهو تساهلوا: وتسامحوا ،١ المساهلة: لسماحةوا ، والتساهل اللين هو التسامح فإن لذا ، إليها أحسن من حب على جبلت التي النفوس إلى اإلحسان أنواع من نوع

النابض القلب: هو والتسامح ، والتنافر العنف ونبذ والتآلف المحبة إلى يؤدي التسامح . والتطرف العنف من خالية زكية ونفس طيبة لحياة

. المسلمين غير - ٢ : ٢يقصد بغير المسلمين الذين ال يدينون بدين اإلسالم وهم أربعة أصناف

وهم الذين يسكنون في بالدهم ، وبينهم وبين المسلمين عهد وصلح : المعاهدون - . وهدنة

وهم غير المسلمين الذين يسكنون بالد المسلمين ، وصالحهم : الذميون - . المسلمون على أن يدفعوا لهم الجزية

وهم الذين يدخلون بالد المسلمين بأمان من ولي اآلمر أو من أحد : المستأمنون - .من المسلمين

. وهم من عدا األصناف الثالثة السابقة من غير المسلمين : الحربيون -

��ن ا ��ب و���ر ا ���ح �دة ��� - ١ ���� . ٢ - ����� � ا�� �� . و� *�&ه� *���ف ٨٢'�&ا% ، ا ���# " !�� ا

٥

. لسنةا - ٤والجمع . الطريقة والعادة والسيرة حميدة كانت أم ذميمة : السنة في اللغة

. ٣سنن مثل له كتب بعده بها فعمل حسنة سنة اإلسالم فى سن من{ : وفي الحديث

سنة اإلسالم فى سن ومن شىء أجورهم من ينقص وال بها عمل من أجر من ينقص وال بها عمل من وزر مثل عليه كتب بعده بها فعمل سيئة

مارهزأو ء٤} شى. من –صلى اهللا عليه وسلم –أنها ما صدر عن النبي : السنة عند األصوليين . ٥قول أو فعل أو تقرير

. الشرعي السماحة ضابط - بالنص مرتبطة فهي يحكمها شرعي ضابط دون التساهل تعني ال السماحة منهم ظنا اآلخر على بعض يعيب فقد المذموم التساهل وبين بينها بعضهم يخلط وعندما

السهولة تعني وأنها السماحة مدلول فهم إن ، الدين بأصل تفريطا السماحة في أن كما ، فروعه أو الدين أصول من شيء في التفريط بحال يعني ال والمساهلة والمسامحة

هذا من والتنفير التشديد إلى يفضي قد وتطبيقها اإلسالم سماحة فهم في التفريط أن يريد{ : تعالى وقال ، ٦} حرج من الدين في عليكم جعل وما{ : تعالى قال وقد الدين

الله بكم رسلا اليو ريدي بكم رسهلك« : وسلم عليه اهللا صلى عنه الحديث وفي ، ٧} الع فهذا. التشديد موضع غير في المتشددون: والمتنطعون ، ثالثا قالها ،» ٨ المتنطعون

٣ - � . ا*� ��-ر ، ��ن ا ��ب �دة ��٤ - /��0 /�� �� � . روا6 � 5 34 2���1 ، *�ب ٦٤١/ ٢>;��/ ا �-ل : ا��9-ي - ٥٦ - >� ٧٨ا�@�ة - ٧ . ١٨٥ا . روا6 � 5 34 2���1 ، *�ب ه B ا ����A-ن - ٨

٦

صلى النبي كان وقد ، السابقة األمم على كانت التي واألغالل اآلصار ليضع جاء الدين . التعسير عن وينهى بالتيسير يأمر وسلم عليه اهللا

والهوان الذل ألتباعه ويرفض الضيم يأبى واإلسالم الضعف تعني ال والسماحة والحلم والصفح السماحة يظنون ومن ، بهما قوي وإسالمه بإيمانه عزيز والمؤمن

جاء التي العظيمة المعاني كبقية والسماحة. الدين هذا عظمة يدركون ال ضعفا والعفو الشرعي ضابطها لها ذلك وغير والصفح والعفو والعدل والتيسير كالوسطية اإلسالم بها

. اإلسالم طبيعة فهم في كئودا عقبة كانت عنه حادت إن الذي . اإلسالم في السماحة أهمية -

الناس ألحوال مراعيه - صلى اهللا عليه وسلم – الرسول سنة جاءت لقد لينة سهله جاءت وإنما والتشدد، الغلو أمور من أمرا تحتمل فلم ولمعايشهم، ولظروفهم

اهللا عبد بن جابر رواه الذي الحديث في جاء فقد ومتطلباتها، أحكامها جميع في ميسرة . ٩} السمحة بالحنفية بعثت{ : قال –وسلم عليه اهللا صلى– النبي أن

– السالم عليه - إبراهيم ملة على وأطلقت ، الحق إلى الباطل عن المائلة هي والحنيفية ،لم الشرع في الحرج وجود ثبت لو أنه الحديث في الدالله ووجه .السهله والسمحة

النبي خبر لتكذيبه باطل وهذا عسرة، حرجية كانت بل ، سمحة حنيفية الشريعة تكن .١٠الشرع في حرج ال أن وثبت إليه أدى ما فبطل – وسلم عليه اهللا صلى –

دين الشريعة هذه جعل اهللا أن الشريعة في السماحة من والحكمة{ :عاشور ابن يقول ، قبولها عليها سهل النفوس في كائنة فهي ، الجبلة إلى راجعة الفطرة وأمور الفطرة،

. ١١}واإلعنات الشدة من النفر الفطرة ومن صلى – اهللا رسول خير ما{ : قالت – عنها اهللا رضي عائشة عن الشيخان وروى -

.١٢} إثما يكن مالم أيسرهما اختار إال أمرين بين – وسلم عليه اهللا

. ٢١٧٨٨، ر5K ٣٥٧ص ٦أ1H�I اG�م أ�0& 34 ��&6 ج - ٩

� ر4" ا ��ج - ١٠��0�� ٦٧ا ��-د�/ ص - دار ا ��P ا &و 3 -هـ١٤١٦ط ا �M>�/ . ا١١ - ��/ - هـ١٣٦٦ ا9و R ط. ا /���PQ�' &2�@-را*�S /�@��Gق ا-�* � ٦٣ ص. U<-V ٣٧ ا ��Aر�١٢ 1H�Iم أ�G&6 34 أ�0& ا��5 – ٢٦٠ ص – ٧ ج K٢٤٩٥٧ ر .

٧

تعسروا وال يسروا:" قال – وسلم عليه اهللا صلى – النبى عن أنس رواه ما وأيضا - .١٣" تنفروا وال وبشروا

صلى – النبى وقول} يسر الدين{ بعنوان صحيحه فى بابا البخاري اإلمام عقد وقد - وقاربوا فسدوا ، غلبه إال أحد الدين يشاد ولن ، يسر الدين إن{ : - وسلم عليه اهللا

.١٤ الدلجة من وشئ والروحة بالغدوة واستعينوا وأبشروا تعسرا وال يسرا( اليمن إلى بعثهما لما األشعري موسى وأبى جبل بن لمعاذ وقال -

.١٥) تنفرا وال وبشرا دين وليس والتسهيل، والرفق اليسر دين وأنه اإلسالم سماحة تبين األحاديث فهذه

ما نلحظه في األحاديث السابقة ، أن سماحة اإلسالم وهذا عنه، منفي فالعسر العسر،مع المخالف غير المسلم ، تبدأ قبل دعوته لإلسالم وتمتد السماحة في التعامل معه إن

. ي هو رفض الدخول في الدين اإلسالم . العولمة عصر في المسلمين غير ومعاملة ، المعاصر الديني الخطاب -

إن العولمة الحديثة جعلت العالم قرية صغيرة ، تعج بالمعلومات الثقافية والفكرية ولذلك عبر القرآن الكريم عن . وتحدث تواصال حضاريا بين شعوب العالم . والمعرفية

وقبائل شعوبا وجعلناكم وأنثى ذكر من خلقناكم إنا الناس أيها يا{هذا األمر بالتعارف .١٦} خبير عليم الله إن أتقاكم الله عند أكرمكم إن لتعارفوا

فاختالف الجنس البشري وتعدد قبائله ، وتشعب مناطقه ، أدى إلى التعارف فيما بينهم ، إال أن الجنس اآلدمي حول هذا التعارف إلى تدافع، فال غرابة إن حصل تدافع الحضارات باختالف الثقافات وتغليب المصالح الشخصية الفردية على المصالح

. المجتمعية

���ري روا6 ١٣ �3 آ�ن � *�ب – 2���1 34 ا� ; 5 ا-��� 1�'-� �* ���ري روا6 ١٤ � *�ب – 2���1 34 ا�& . ٣٩ ر5K ٢٣ ص ١ ج – ��� ا���ري روا6 ١٥ وا]Z�Iف ا ���زع � �6�S � *�ب – 2���1 34 ا��ات ١٦� ١٣ا

٨

ى نسبها األول ، وهو آدم عليه السالم ليحصل الوئام وينتفي فاإلسالم أرجع البشرية إل . ١٧}.......كلكم ألدم وأدم من تراب { : الخصام ، فالرسول الكريم يقول

واإلسالم يحترم ويقدر كرامة اإلنسان من حيث كونه إنسانا وقد روى البخاري أن النبي ١٨) نفسا أليست( فقال يهودي جنازة إنها له فقيل فقام جنازة به مرت -عليه السالم –

وهذا دليل على احترام اإلسالم لإلنسان مهما اختلفت ديانته أو عرقه أو جنسه ، فالمسلم الحق ال يتحيز لمن يحب وال يحيف على من يكره بل يؤدي الحق ألهله مسلما أو غير

تعدلوا ألا على قوم آنشن يجرمنكم ولا{ مسلم صديقا أم عدوا فقد جاء في القرآن الكريم ١٩}للتقوى أقرب هو اعدلوا

فالمفهوم القرآني يوضح أنه حتى الدولة اإلسالمية ليست الدولة الثيوقراطية التي التي يحكمها رجال الدين باسم اهللا ، بل هي الدولة التي يحكمها اهللا ، أو الثيوقراطية

تكفل المصالح العامة لجميع القاطنين فيها بصرف النظر عن أصولهم العرقية و الطائفية و اللغوية والثقافية ، وهكذا فالدولة اإلسالمية دولة تعددية تقوم على حق

س حلما بل حدث كثيرا في االختالف في العقيدة والمذهب والرأي واللسان ، وهذا لي ٢٠تاريخ اإلسالم ، وأقرب مثال ما حصل في األندلس

وتراجع الخطاب اإلسالمي المعاصر في عصر العولمة يرجعه محي الدين عبدالحليم أن أغلب الدعاة اليوم يفتقرون إلى مهارة القول ومنطق العقل ، والقدرات { إلى اآلتي

م قد تميزت بوضوح في المعنى ويسر في الدين اإلقناعية ، على الرغم من دعوة اإلسال، وحكمة في القول ، من غير عنف أو عصبية ، بعيدا عن المتاهات الغيبية والحيل الفكرية لتصل الكلمات إلى عقول الناس وقلوبهم ، فيجدون فيها الخير والسعادة ،

إلى أحد ، وتحمل لهم البشرى ، وتأخذ بأيديهم إلى طريق الحق والصواب ، وال تسيئوال تعنف أحدا ، وهي الكلمة الطيبة التي تالمس القلوب فترق لها ، وتخالط النفوس فتهش لها وتفرح بها وهي البلسم الذي يداوي الجروح ، ويخفف اآلالم ، ويشفي النفوس

١٧ 6&�� 34 "�*� وة الكعبة واملسجد والصفا واملرباب يف روا6 ا���زة �;-دي ١٨ ���ري *�ب � �Kم . ا ٣٢ا ��[&ة ١٩ 5 اZ�G3 وا ��*�ن .د ٢٠�� . و� *�&ه� ��٤٢�� '�&ا ���& �H-ر ا �-ا#2 *�� ا

٩

،وإمعانا في التسامح والرفق والرحمة والصبر ، حض اإلسالم على التحلي بحسن س ، ولين القول حتى مع الجهالء ، واإلعراض عن اللغو في الخلق ، وسماحة النف

من سورة الفرقان ٦٣الحديث ، وعدم التجاوز في القول وفي ذلك يقول تعالى في اآلية }ادبعن ومحالر ينالذ شونملى يض عنا الأروإذا هو مهخاطب لوناها قالوا الجلام٢١} س

٢٢}حسنا للناس وقولوا { على الكلمة الطيبة واألداء الحسن وحضوبالتالي فإنه ليس أمامنا سوى وسيلة اإلقناع الهادي المنطقي ، دون إثارة أو انفعال قد يضر بالدعوة أكثر مما يفيدها ، ويصورنا وكأننا قوم غوغائيون يفتقدون القدرة على

حتى –ل ، وهذا يعني أن ما يصلح لمخاطبة المسلمين الحوار بالحجة واإلقناع بالدلي . ال يصلح بالضرورة لغير المسلمين - العصاة منهم

وقد أتاحت لنا التكنولوجيا المعاصرة فرصا ذهبية لتحقيق هذا الهدف ، فرصا لم تتح لمصعب بن عمير ومعاذ بن جبل ودحية الكلبي وغيرهم ، ولو كان هؤالء قد اكتشفوا

لموجهة والقنوات الفضائية وشبكة المعلومات الدولية ، ما وسعهم إال اإلذاعات ااالستعانة بها ، والمطلوب اآلن هو أن ننتقل من عالم األحالم واألماني إلى عالم الفعل

٢٣والعمل والتنفيذ باألسلوب العملي العقالني المسلمين غير مع التعامل في اإلسالم مبادئ -

: تمهيد

. �٦٣-رة ا ^��Kن ٢١�@�ة ٢٢ . �٨٣-رة ا�&ا � �5. د - ٢٣' ��& � �3 ا�� �� � ا ���# " !�� ا' 3��& هـ ١٤٢٣/ ٤٤٤، � / ا -'3 '&د ٥٥، ��ذا '�_ ا ��Aب ا

١٠

وهذه . صريحا بارتباط التدين بالمعاملة } الدين المعاملة { لقد جاء الحديث النبوي المعاملة اإلنسانية ال يتفرد بها المسلمون وحدهم ، بل تشمل جميع من يعايشهم في

. مجتمعهم ، فهم رحمة مهداة للعالم باسره مؤمنه وفاجره ، كافره ومشركه همة ، حث عليها أتباعه ، إذ طبقها قدوتهم الرسول ولذلك ضمن لهم هذا الدين مباديء م

حرية { الكريم وسار على نهجه السلف الصالح ، ومن هذه المبادئ التي سنتطرق إليها . } ....المعتقد ، المساواة

االعتقاد حرية، فلكل أحد معتقده ، } ال إكراه في الدين { القاعدة اإلسالمية جاءت لتوضيح هذا المبدأ

. ار الدخول في الدين اإلسالمي وال إجبوعالميته التي تحدث عنها العلماء لم تكن بالسيف ، وإنما كانت بالقناعة القلبية ، وليست

. اللسانية وحرية التدين والمعتقد التي أقرها اإلسالم جعلت اآلخر غير المسلم ، يشعر باألمان

. وهو يمارس حريته التعبدية في دولة اإلسالم صلى اهللا –يش في دولة اإلسالم األولى اليهودي والنصراني ، وتعامل الرسول فقد تعا

. وصحابته مع مشركي مكة وهم كفار –عليه وسلم . واألحاديث الدالة على ضمان حرية المعتقد كثيرة

قالت عنهما اهللا رضي بكر أبي بنت أسماء عن فاستفتيت سلم و عليه اهللا صلى اهللا رسول عهد في مشركة وهي أمي علي قدمت:

( قال ؟ أمي أفأصل راغبة وهي قدمت أمي إن قلت سلم و عليه اهللا صلى اهللا رسول ٢٤) أمك صلي نعم

فكان مما –صلى اهللا عليه وسلم –وكذلك قدم التنوخي رسول هرقل إلى رسول اهللا إبراهيم أبيك ملة الحنيفية اإلسالم في لك هل: له – وسلم عليه اهللا صلى –قاله النبي

إنك{ وقال فضحك إليهم أرجع حتى عنه أرجع ال قوم دين وعلى قوم رسول إني قلت . ٢٥} بالمهتدين أعلم وهو يشاء من يهدي اهللا ولكن أحببت من تهدي ال

٢٤ - � ��Pآ� /�&; ���ري 34 2���1 ، *�ب ا . روا6 ا٢٥ - 5Kر a�&0 6&�� 34 &�0م أ�G1 اH�I١٥٦٥٥أ .

١١

وفادته ولم يجبره على الدخول في الدين –صلى اهللا عليه وسلم –فأكرم الرسول . اإلسالمي

المساواة

الدين اإلسالمي يعامل الناس على أساس اإلنسانية التي يشتركون فيها ، فهم سواسية في التقدير واالحترام والعدالة ، إذ ال فضل ألحد من الناس على اآلخر إال بتقوى اهللا

. تعالى والمساواة التي قررها اإلسالم ليست جانبا نظريا وإن تطبيق كامل في شتى نواحي

. الحياة لهم نفس الحقوق } مسلمين وغير مسلمين {ع من يعيش في كنف الدولة اإلسالمية فجمي

. وعليهم نفس الواجبات وأولى هذه الحقوق التي أقرها نبي اإلسالم ، حق احترام النفس البشرية أيا كانت ؛ إذ

فقال يهودي جنازة إنها له فقيل فقام جنازة يهودي -صلى اهللا عليه وسلم –مرت عليه وايضا جميع رعايا الدولة اإلسالمية سواسية أمام القضاء ، ويدل . ٢٦) نفسا ألست(

طعمة بن األبيرق الذي سرق واتهم يهوديا بأنه السارق ، فنزل ٢٧على ذلك حادثة القرآن الكريم مبرئا لليهودي ومثبتا التهمة على طعمة السارق الحقيقي ، فيأمر اهللا النبي

يحكم بما علمه وبينه له ، وقد كشف له سبحانه وتعالى نوايا أن -صلى اهللا عليه وسلم–بالحكم على - وسلم عليه اهللا صلى - بني أبيرق التي ال يعلمها إال هو ، وهم النبي

. طعمة ولكنه فر هاربا إلى مكة يعاضد المشركين بعد أن ارتد عن اإلسالم كل في. إطالقه على القسطب. . بالقسط القيام أمانة إنها{ يقول سيد قطب في ظالله

يكفل والذي - األرض في - والظلم البغي يمنع الذي القسط. مجال كل وفي حال. . المسلمين وغير المسلمين من حقه حق ذي كل يعطي والذي - الناس بين - العدل

اليهودي قصة في رأينا كما - المؤمنين وغير المؤمنون اهللا عند يتساوى الحق هذا ففي

���ري 34 2���1 - ٢٦ باب من قام جلنازة يهودي، روا6 ا

٢٧ ���� /�� . cي ، *�ب �-رة ا ���ء ��� ا

١٢

األغنياء ويتساوى. واألعداء األصدقاء ويتساوى. واألباعد األقارب ويتساوى - . .٢٨ والفقراء

العدالة

العدل هو ميزان القسط ، الذي نظم المسلمون به دولتهم في الداخل والخارج ، وأسسوا . به حكما نافذا على المسلم ، واآلخر غير المسلم

ال يتعرض لالنتهاكات أو أهواء شخصية أو فهو تطبيق عملي في السلم والحرب ، . جماعية

من يخفر ذمتي كنت خصمه يوم القيامة ، { : يقول –صلى اهللا عليه وسلم _ فالرسول ٢٩}ومن خاصمته خصمته

العدل فرضه اهللا لجميع الناس فال يختص به مؤمن دون { ٣٠يقول سماحة الشيخ الخليليكافر ، أو بر دون فاجر أو قريب دون بعيد ، أو حبيب دون بغيض ، وإنما هو حق

الله إن{{ : مشروع لجميع العباد وعذا ما صرح به القرآن في آيات منها ، قوله تعالى كمرأموا أن يتؤد اناتاأ إلى األمهلإذا هتم وكمح نيوا أن الناس بكمل تحدبالع إن الله

. ٣١} بصيرا سميعا كان الله إن به يعظكم نعما يا{: إذ جعل الحكم بالعدل مشروعا بين الناس جميعا فهو حق لكل أحد منهم وقوله

تعدلوا أال على قوم شنآن يجرمنكم وال بالقسط شهداء لله قوامين ونواك آمنوا الذين أيها ٣٢} تعملون بما خبير الله إن الله واتقوا للتقوى أقرب هو اعدلوا

الديني ، أو مواقفهم الدنيوية ال يؤدي ذلك فما في النفس من شنآن ألناس بسبب إنحرفهمإلى جواز حرمانهم من العدل الذي جعله اهللا أمرا مفروضا على العباد جميعهم ، ويقول

أو أنفسكم على ولو لله شهداء بالقسط قوامين كونوا آمنوا الذين أيها يا{اهللا تعالى أيضا

٧٧٥/ �٢�& Ze 34 fAKل ا @�dن - ٢٨٢٩ - aا�09د� "�H 3g-�� ٢٤١٦٨/ ا

� ا ���ة - ٣٠�& . و� *�&ه� ٣٤٦ا � � 3 أ�0& ، ا ٥٨ا ���ء ٣١ ٨ا ��[&ة ٣٢

١٣

تعدلوا أن الهوى تتبعوا فال بهما أولى فالله فقيرا أو غنيا يكن إن واألقربين دينالوال ٣٣} خبيرا تعملون بما كان الله فإن تعرضوا أو تلووا وإن

والتاريخ شاهد على عدالة المجتمع اإلسالمي مع غير المسلمين اهللا صلى_ أتى رسول اهللا _ كان من أحبار اليهود قبل أن يسلم _ فهذا زيد بن سعنة

إنكم يا بني عبدالمطلب : يتقاضاه ، فجبذ ثوبه من منكبه ، ثم قال – وسلم عليهالخطاب إال أن ثار لرسول أصحاب مطل ، وإني بكم لعارف ن فما كان من عمر بن

: –صلى اهللا عليه وسلم _ فقال رسول اهللا . فانتهر زيدا –صلى اهللا عليه وسلم _ اهللا بحسن تأمره و األداء بحسن تأمرني أن عمر يا منك غير هذا إلى أحوج كنا إنا(

رعته ما ، مكان غير من صاعا عشرين زده و حقه فأقضه عمر يا به اذهب التباعة(٣٤

. فكان هذا الموقف سببا في إسالم هذا الحبر اليهودي هكذا بلغت العدالة في اإلسالم مع المخالفين في الدين أقصى حد لها ، فاإلسالم يفرض العدالة ألنها حق طبيعي لإلنسان يستمده من كونه إنسانا من غير نظر إلى لون أو

. جنس أو دين

التسامحي يسمح بقيام مجتمع ال عزلة فيه بين المسلمين وأصحاب اإلسالم هو المنهج الوحيد الذ

الديانات الكتابية ، فال حواجز بين أصحاب العقائد المختلفة ، التي تظلها راية المجتمع . فيما يختص بالعشرة والسلوك

– وسلم عليه اهللا صلى_ إن التسامح الديني بلغ أرقى صوره ، في عهد الرسول وصحابته الكرام فمعاهداته مع اآلخر غير المسلم دليل واضح ، على فن الحوار الراقي

. الذي يتعامل به مع غير المسلمين لم التى والتجاوز السماح قوانين ذلك فى سن قد ـ وسلم عليه اهللا صلى ـ الرسول فإن

دين جوار يقبل ال دين اإلسالم أن يظن والذى. والتغالى بالتعصب ملىء عالم فى تعهد

١٣٥ا ���ء ٣٣٣٤ - �S�� � ا' 3;� 0��ن *�ب ا �&ق وا9� *� ���وف وا � . 2��� ا*

١٤

هو والتسلط، بالبقاء العالم فى انفردوا إذا إال يستريحون ال قوم المسلمين وأن آخر، !جرىء متحامل بل مخطئ رجل

واإلنفاق يعود على اإلنسان : يقول الشيخ الخليلي في معرض حديثه عن اإلنفاق بالثواب الجزيل ، سواء كان إنفاقا على قريب أو بعيد ، وعلى بر أو فاجر ، وعلى مؤمن أو كافر ، فقد يؤجر اإلنسان على النفقة التي ينفقها على الكفرة المحتاجين

ضة الزكاة ، وقد تحرج المسلمون من الصحابة المعوزين ، على أن تكون من غير فريعليه أفضل الصالة –أن ينفقوا على الكفرة في عهد الرسول –رضوان اهللا عليهم –

بسبب ما في نفوس الكفار من عقيدة الكفر والعدواة للمسلمين ، وكان أهل –والسالم يبسطوا إليهم قرابتهم من الكفار قد يزورنهم وهم محتاجون معوزون ، وما يمنعهم أن

أيديهم باإلحسان إال ماهم عليه من الكفر ، خشية أن يكون في اإلنفاق عليهم عونا لهم يشاء من يهدي الله ولـكن هداهم عليك ليس{ : على باطلهم ، فأنزل اهللا في ذلك قوله

يوف خير من تنفقوا وما الله وجه ابتغاء إال تنفقون وما فألنفسكم خير من تنفقوا وماكمإلي أنتمال و ون٣٥} تظلم.

وهذا من التسامح البالغ في اإلسالم ، فإن اهللا بما أنزله حث أولئك أن ينفقوا على لهذه القرابة ، قرابتهم الذين يأتون لزيارتهم ولو كانوا على غير ملتهم ودينهم مراعاة

ونظرا إلى حاجتهم وعسرهم وهذا مشروط بأال يستعينوا بهذه النفقة على محاربة المسلمين ، أما إن كانوا يتقوون بها على محاربة اإلسالم فإن ذلك يعد من التعاون على

والعدوان اإلثم لىع تعاونوا وال والتقوى البر على تعاونوا{ : اإلثم واهللا تعالى يقول .٣٦} العقاب شديد الله إن الله واتقوا

وقد وصل األمر الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز عندما عم الخير وكثر الثراء ولم يجد األغنياء لزكاتهم من يستحقها من المسلمين الستغنائهم أنه أمر بأن يعطى منها

. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تسامح اإلسالم فقراء أهل الذمة ،رضي اهللا عنه –ومن تسامح اإلسالم في اإلنفاق تلكم القصة المحكية عن عمر الفاروق

أن : عندما خرج من بيته فوجد شيخا من اليهود يتسول فسأله عن شأنه ، أجابه –

�@�ة ٣٥ ٢٧٢ا ٢ا ��[&ة ٣٦

١٥

إذ أخذنا منك الجزية ، ما أنصفناك: الشيخوخة والحاجة لز تابه إلى ذلك ، فقال له فأخرج له من بيته عشاءا ثم أمر . وأنت شاب قوي ، وأضعناك وأنت شيخ ضعيف

. ٣٧بمدد من بيت مال المسلمين مع اليهود –صلى اهللا عليه وسلم –وكتب السيرة تحدثنا عن تسامح الرسول

م ، وجعل الموجودين في المدينة ، فلم يسعى لطردهم بل تعايش معهم وجاورهم وعامله لهم دينهم وله دينه

مع أهل مكة وهم الذين –صلى اهللا عليه وسلم –ولم يغفل المؤرخون تسامح الرسول ما« :فقال لهم وهم على شركهم في فتح مكة . آذوه ، وسخروا منه ، وأخرجوه

ا تقولونمو نقول: قالوا. » تظنون نأخ اب نابو ميم عليم ححقالوا قال رو ثالثا ذلك اليوم عليكم تثريب ال( يوسف قال كما أقول« : - وسلم عليه اهللا صلى- الله رسول فقالرغفي الله لكم وهو محأر ينماحوا قال. » ٣٨)الرجا فخروا كأنمرنش نورال مخلوا قبفد

. ٣٩اإلسالم فى . ويعفو عنه –صلى اهللا عليه وسلم –حتى من أراد أن يقتله ، يتسامح معه رسول اهللا

أي دين هذا الذي يقبل اآلخر المخالف وال ينقده ، ويقبل بالتعايش مع اآلخر وال يعزله . إنه الدين الحق اإلسالم

بالوعد الوفاءوأوصى - صلى اهللا عليه وسلم –الوفاء بالوعد قيمة أخالقية حث عليها الرسول

. أصحابه بااللتزام بها آية {. وحذرهم من خيانة الوعد ومخالفته ، إذ أنه خلف الوعد من صفات المنافقين

٤٠} خان اؤتمن وإذا أخلف وعد وإذا كذب حدث إذا ثالث المنافق - عليه السالم–القيمة األخالقية ، فلم يؤثر عن النبي فلذلك تمسك السلف الصالح بهذه

. أنه نقض عهدا ، أو أنه لم يلتزم بما وعد مسلما أو غير مسلم

� ا ���ة - ٣٧�& . و� *�&ه� ٤٨٣ا � � 3 أ�0& ا٣٨ h�-� �٩٢-رة ٣٩ -6&�� 34 "�*� يف الكعبة واملسجد والصفا واملروة باب روا6 ا���ري *�ب 'Z�ت ا �^�ق - ٤٠ ���ري ، 2��� ا . ا

١٦

نبذ غيره من الخيانة خاف فإذا عهده؛ ليصون يعاهد اإلسالم إن{ :يقول سيد قطب اآلخرين وصارح يخدع؛ ولم يغش ولم يغدر؛ ولم يخن ولم وعالنية؛ جهرة القائم العهد بالبشرية اإلسالم يرتفع وبذلك. . أمان وبينهم بينه فليس. عهدهم من يده نفض بأنه يبيت ال إنه. . والطمأنينة األمن من آفاق وإلى ، واالستقامة الشرف من آفاق إلى

ولم تنقض لم ومواثيق عهود إلى مطمئنون آمنون وهم الفاجر الغادر بالهجوم اآلخرين فأما. . جانبهم من الخيانة يخشى وهو حتى حذرهم يأخذوا لم الذين يروع وال تنبذ؛ عليه الخدعة جازت فإذا حذره؛ أخذ قد خصم كل ألن ، خدعة فالحرب العهد نبذ بعد !غادرة ليست ألنها مباحة حينئذ الخدعة وسائل وكل! غافل هو إنما به مغدور غير فهو سبيل في الغدر يبيح ال تعف؛ أن للبشرية ويريد ترتفع؛ أن للبشرية يريد اإلسالم إن

أن الشريفة للغاية يسمح وال المقاصد؛ وأشرف الغايات ألسمى يكافح وهو الغلب؛ . الخسيسة الوسيلة تستخدم

يحب ال ثم ومن العهود؛ ينقضون الذين الخائنين ويحتقر ، الخيانة يكره اإلسالم إن اإلنسانية النفس إن. . شريفة تكن مهما غاية سبيل في العهد أمانة يخونوا أن للمسلمين

على محافظة تظل أن يمكن فال ، خسيسة وسيلة لنفسها استحلت ومتى تتجزأ؛ ال وحدة ٤١}. شريفة غاية

والبر الرحمة

اإلسالم دين الرحمة ، ونبي اإلسالم نبي الرحمة فهو يحمل الرحمة بمعناها الواسع ، . فرحمته تتسع للكون بأكمله

ففي البسملة التي يبتدئ بها المسلم كل عمل جاء ذكر الرحمن الرحيم ، وتكرر ذكرها في فاتحة الكتاب ، ليسترشد بها المسلمون في حياتهم ومعامالتهم مع بعضهم أو مع

. مخالفيهم

. ١٥٤٢/ �٣�& Ze 34 ، fAKل ا @�dن - ٤١

١٧

على البر حديث الجار ، إذ أوصى به -صلى اهللا عليه وسلم–ويكفي في حث الرسول بالجار جبريل يوصيني زال ما{ : - صلى اهللا عليه وسلم –فقال . ولو كان غير مسلم

٤٢}سيورثه أنه ظننت حتى –والتاريخ اإلسالمي شاهد على رحمته عليه السالم فمن ذلك ، ما جاء في حديث علي

: فقال والمقداد والزبير أنا وسلم عليه اهللا صلى اهللا رسول بعثنى: قال –كرم اهللا وجهه تعادى فانطلقنا" منها فخذوه كتاب معها بها ظعينة فإن خاخ روضة تواتأ حتى انطلقوا" .الكتاب أخرجي: فقلنا بالظعينة، نحن فإذا الروضة أتينا حتى خيلنا بنا

.الثياب لنلقين أو الكتاب لتخرجن: فقلنا .معى ما: فقالتحاطب من: فيه فإذا وسلم عليه اهللا صلى اهللا رسول به فأتينا عقاصها، من فأخرجته: قال

بن أبى بلتعة إلى ناس بمكة من المشركين، يخبرهم ببعض أمر رسول اهللا صلى اهللا يا رسول اهللا ال تعجل على، إنى كنت : فقال" يا حاطب ما هذا ؟ : " عليه وسلم فقال

كنت حليفا ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من : امرءا ملصقا في قريش، يقولت يحمون بها أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب المهاجرين من لهم قرابا

فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتدادا عن دينى وال رضا بالكفر بعد .االسالم

يا رسول اهللا : فقال عمر" أما إنه قد صدقكم : " فقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلمإنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل اهللا قد اطلع : " فقال! دعني أضرب عنق هذا المنافق

". ٤٣اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم: على من شهد بدرا فقالإن البر بغير المسلمين ال يعني مواالتهم قلبيا ، بل هو حسن معاملة كفلها لهم الدين

بطانة تتخذوا ال نواآم الذين أيها يا{ : اإلسالمي واآلية في ذلك صريحة ، قال تعالى تخفي وما أفواههم من البغضاء بدت قد عنتم ما ودوا خباال يألونكم ال دونكم من

مهوردص رأكب نا قديب لكم اتإن اآلي كنتم اأنتمه لونقالء تعأو مونهبال تحو ونكمبحي

���ري ، *�ب ا -�2ة ٤٢ ��ر 2��� ا �* . . ٢٦٦عساف أحمد قبسات من حياة الرسول ٤٣

١٨

نونتؤمتاب وبالك إذا كلهو نا قالوا لقوكمإذا آما ووا خلوضع كمليل عاألنام نم ظقل الغي سيئة تصبكم وإن تسؤهم سنةح تمسسكم الصدور إن بذات عليم الله إن بغيظكم موتوا

٤٤} محيط يعملون بما الله إن شيئا كيدهم يضركم ال وتتقوا تصبروا وإن بها يفرحوا

والسالم األمنقامت دعوة الدين اإلسالمي ، على نشر السالم في المجتمع العالمي ، فهو دين أمن وآمان وسلم وسالم ، فلم ينتشر بحد السيف كما يدعي بعض المستشرقين الحاقدين على

. اإلسالم بل كانت وصايا نبي السالم إلى األمراء واألجناد بأن يتألفوا الناس ، وال يغيروا عليهم

من قتل معاهدا لم يرح { –عليه السالم –وفي الحديث النبوي يقول . حتى يدعوهم ٤٥}رائحة الجنة ، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما

يعني اليهود - ثم دخلوا : خروج النبي صلى اهللا عليه وسلم إلى خيبر ، قال ففي قصة عليه وسلم قريبا حصنا لهم منيعا يقال له العموص ، فحاصرهم رسول اهللا صلى اهللا -

من عشرين ليلة ، وكانت أرضا وخمة شديدة الحر ، فجهد المسلمون جهدا شديدا فوجدوا أحمرة إنسية ليهود ، فذكر قصتها ونهي النبي صلى اهللا عليه وسلم عن أكلها ، ثم ذكر خروج مرحب ، وما قال النبي صلى اهللا عليه وسلم في إعطاء الراية رجال

خيبر كان في غنم لسيده فلما وجاء عبد حبشي أسود من أهل : ل يفتح على يديه ، قانقاتل هذا الرجل الذي : رأى أهل خيبر قد أخذوا السالح سألهم ما تريدون ؟ قالوا

يزعم أنه نبي ، فوقع في نفسه ذكر النبي صلى اهللا عليه وسلم ، فأقبل بغنمه حتى عهد : ماذا تقول ، وماذا تدعو إليه ؟ قال : ل لرسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم ، فلما جاءه قا

أدعو إلى اإلسالم وأن تشهد أن ال إله إال اهللا وأني محمد رسول اهللا وأن ال نعبد إال « لك الجنة إن مت على « : فماذا إلي إن أنا شهدت وآمنت باهللا ؟ قال : قال العبد » اهللا

أمانة ، قال رسول اهللا صلى اهللا يا نبي اهللا ، إن هذه الغنم عندي: فأسلم ، قال » ذلك

. ١٢٠= ١١٨عمران آل ٤٤

���ري 34 2���1 ، ٤٥ باب إمث من قتل معاهدا بغري جرمروا6 ا

١٩

» فإن اهللا سيؤدي عنك أمانتك ءأخرجها من عسكرنا وارمها بالحصبا« : عليه وسلم . ٤٦ففعل فرجعت الغنم إلى سيدها ، فعرف اليهودي أن غالمه قد أسلم

لم يستحل غنم اليهودي بل أمر الراعي بإرجاعها فهو - صلى اهللا عليه وسلم–فالرسول . وليس غايته طمع دنيوي رجل سالم

وكذلك أخرج من مكة فأرجع األمانات ألصحابها ، وال يحل للمسلمين دخول أرض أو . فتحها إال بعد أن ينذروا أصحابها ، ويدعوهم بالحسنى إلى السلم والسالم

فالمسلمون يرفعون شعار السالم وينادون به ، فهم أمة راقية في تعاملها مع اآلخر غير وقد أخذ المسلمون بهذا . ال ترويع لآلمنين وال انتهاك لحرمات غير المسلمين .المسلم

المبدأ السامي ، فعمر بن الخطاب عندما فتح الشام صالح أهل إيليا وأمن أهلها على . أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وأعطاهم عهدا بذلك وهو المعروف بالعهد العمري

المعاهدات – وسلم عليه اهللا صلى – الرسول شخص في التحاور أسلوب -

. أنموذجاعندما نقرأ السيرة النبوية ونمعن الفكر في حوار الرسول مع اآلخر المخالف ، ندرك

. مع من يحاورهم –صلى اهللا عليه وسلم –فن الحوار الراقي الذي يعتمده الرسول نة الكبرى فشخصيته شديدة التميز على المستوى اإلنساني والعقلي ، ثم تمت الم

. بالرسالة اإللهية لم يتوافر العقل كما توافر في محمد بن عبداهللا ، ولو لم ينزل عليه { يقول أبو زهرة

الوحي ويخاطب من السماء ، لكان عقله وحده كافيا ألن ينشئ دولة ويقيم مجتمعا ذاتي طيبا فاضال ، لكن أتم اهللا عليه نعمته فجعله نبيا مرسال فاجتمع له الكسب ال

باإلدراك بالفطرة اإلنسانية العالية المكتملة بالتكوين اإلنساني ، والرسالة اإللهية الهادية ٤٧}المرشدة وما كانت إحداها لتغني عن األخرى

فإن هذه السمات ميزت النبي الكريم ،وجعلته مؤهال لقيادة العرب بالحكمة وتكوين . نا سنحاول إثبات طريقته الحوارية المدينة الفاضلة التي ينادي بها الفالسفة ، وه

�-ة ٤٦� ��;@3 د][# ا ٢٢٠/ ٤ا٤٧ - ����� . ٢٣١أ*- زه�ة ��& ، 5V�I ا

٢٠

في حادثة وضع الحجر األسود ، التي اختلفت فيها قريش ورضيت بأول داخل - ١ليحكم فيما بينهم ، فيكون أول داخل الرسول الكريم ، فترضى قريش بحكمه ،

إنها الشخصية المؤثرة التي كان . وينتهي الجدل إلى تراض بين المتنازعين . -صلى اهللا عليه وسلم –يتمتع بها الرسول

سهيال قال هذا سهيل -صلى اهللا عليه وسلم–في صلح الحديبية لما رأى الرسول - ٢فكان حواره معه لطيفا انتهى بعقد المصالحة التي كانت في . ؛ سهل اهللا أمركم . ٤٨صالح المسلمين

وكذلك كتب محمد. فلم يكتب بسم اهللا الرحمن الرحيم وإنما كتب باسمك اللهم . بن عبداهللا بدال من محمد رسول اهللا

. وهو يدل على فن الحوار الذي يمتلكه النبي الكريم

إلى قريش بعثتني: قال أخبره رافع أبا أن رافع أبي بن علي بن الحسن عن - ٣ ألقي سلم و عليه اهللا صلى اهللا رسول رأيت فلما سلم و عليه اهللا صلى اهللا رسول

اهللا رسول فقال أبدا إليهم أرجع ال واهللا إني اهللا يارسول فقلت اإلسالم قلبي في وال العهد أنقض ال معناه أخيس( بالعهد أخيس ال إني" سلم و عليه اهللا صلى كان فإن ارجع ولكن البرد أحبس وال.) فسد إذا الشيء خاس قولهم من أفسده

عليه اهللا صلى النبي أتيت ثم فذهبت قال" فارجع اآلن نفسك في الذي نفسك في .٤٩قبطيا كان رافع أبا أن وأخبرني بكير قال فأسلمت سلم و

��رآ^-ري ا ��i ا ���-م / ���� ٤٨� و� *�&ه� ٢٨٥ا� اG�م 34 *�بروا6 أ*- داؤود ٤٩� ا �;-د 1* 34 ���

٢١

. عمان سلطنة في المسلمين غير معاملة في اإلسالم لسماحة الحضاري التطبيق - –صلى اهللا عليه وسلم –دخلت عمان في اإلسالم طوعا ، فقد أجابت نداء الرسول عمرو بن جابر من حديث: ونال أهلها شرف الثناء النبوي ، فقد جاء في صحيح مسلم

رجال سلم و عليه اهللا صلى اهللا رسول بعث: يقول برزة أبا سمعت: قال الراسبي سلم و عليه اهللا صلى اهللا رسول إلى فجاء وضربوه فسبوه العرب أحياء من حي إلى

وال سبوك ما أتيت عمان أهل أن لو سلم و عليه اهللا صلى اهللا رسول فقال فأخبره ٥٠ضربوك

. والعمانيون لهم السبق في نشر الدين اإلسالمي ، القائم على التسامح والمحبة واألخوة واألمثلة على . إذ التاريخ يحكي عن وصولهم إلى افريقيا والهند والصين تجارا ودعاة

. واضحة وحرصت على األلفة ، حرصت على الوحدة ،عمان منذ أمد بعيد { يقول مفتي عمان

تعـيش وحرصت على اإلنصاف ، إنصاف كل أحد ، ولذلك نجد في كنف أهل عمان . فئات األمة جميعا على اختالفها ، تعيش في كنف الوحـدة والتعـاون فيمـا بينهـا

قبـل هذا ما كان معروفا عند العمانيين سواء هنا أو في خارج أرض عمان ، حتى أنه س سنوات تقريبا كنت في اجتماع الفتتاح مسجد لجماعة عمانيـة فـي الجزيـرة خم

الخضراء ، وحضر في ذلك الوقت نائب الرئيس التنزاني السابق وهو الدكتور عمـر : ، وألقى خطابا على الجمهور هناك ، وكان فيما قاله في هذا الخطاب قال علي جمعةالء القوم كانوا حكامنا في وقت من األوقـات وبين اإلباضية أية مشكلة ، هؤ ليس بيننا

بالدنا ، ولو شاءوا لحولونا جميعا إلى مذهبهم ، ولكن لم يقف تسامحهم عند حد حكموايتركوننا وحرياتنا في اختيار المذهب الذي نختاره بل كانوا بجانب ذلـك أيضـا أنهم

سامح الذي يجب أن يحتذى المساجد ويسلمونها إلينا ، هذا التسامح هو مثال في الت يبنون ألقى هذا الخطاب وقالـه أمـام ) . فعلى المذاهب األخرى أن تتعلم من هذا التسامح ،

الجمهور وقد بث عبر وسائل اإلعالم هناك ، وتمنيت في ذلك الوقت أن لو ترجم إلى

٥١}العربية ونشرته وسائل اإلعالم هنا في عمان

. روا6 � 5 34 2���1 ، *�ب k4# أه# '��ن - ٥٠ م١٨/٧/٢٠٠٤ ، هـ١٤٢٥ ا9و ��H Rدى � ٣٠ ا cآ� أه# �lالا � � 3 أ�0& - ٥١

٢٢

وعاش في عمان ومنذ عصور طويلة طوائف ، من غير المسلمين من اليهود والنصارى والهندوس وغيرهم ، وعلى قاعدة التسامح الديني ، ظل وجودهم في عمان مقبوال ، ولم يشهدوا أية مضايقات بسبب انتمائهم الديني ، حتى في عصور الدولة

في عمان حاليا عدد من كبير من في القرون الماضية ، ويعيش} اإلمامة { الدينية مختلف الديانات والطوائف وتسمح لهم الدولة بممارسة طقوسهم الدينية ، وهنالك كنائس

. عديدة أغلبها في مسقط ، كما توجد معابد خاصة للهندوس صلى - ويتم معاملتها على وفق العدالة العمانية المستمدة من شرع اهللا وسنة رسوله

والدولة العمانية الحديثة في نظامها األساسي قد كفلت لغير المسلمين – وسلم عليه اهللا : حقوقهم فهم يتمتعون باآلتي

كله ذلك في الدولة العمانية بحمايتهم تتكفل حيث ، وأعراضهم وأموالهم دمائهم حماية - وأعراضهم دمائهم علماؤنا بحرمة ويصرح ، بذلك أمرت التي الشرع لنصوص تطبيقا

انتهاك أو عليهم االعتداء يجوز فال ، البالد به دخلوا الذي األمان عقد بموجب وأموالهم لغير تسمح التي واألنظمة التعليمات وتؤكد ، أموالهم سرقة أو غشهم أو أعراضهم . أموالهم وصيانة حقوقهم المالية حفظ على البالد بدخول المسلمين

الدخول على يكرهون وال يدينون وما يتركونف دينهم ترك على إكراههم عدم: ومنها - . اإلسالم في ويحرص ، عليهم يضيق أو يؤذيهم أن الناس من ألحد يجوز فال إيذائهم عدم: ومنها -

هدي تبين جاءت التي الشرع لنصوص الصحيح الفهم تقرير على البالد هذه علماء المسلمين غير معاملة في اإلسالم

الجوار بحسن البالد هذه أهل من المسلمين غير ينعم حيث بهم والبر إليهم اإلحسان - الدولة هذه ارتسمته الذي المنهج هو فهذا ، المعاملة في والتسامح اإلحسان صور وشتى وسلم عليه اهللا صلى النبي هدي من تقدم لما الموافق وهو ، علماؤها عليه وأكد

عنهم اهللا رضي وأصحابه اإلسالم أهل على وإن، اإلسالم دين عظمة تؤكد المسلمين غير مع التعامل سماحة إن الناس إلى اهللا دين ينشروا وأن ، المعاملة لهذه اإلسالم تشريع من الحكمة يدركوا أن

٢٣

أمة جعلناكم وكذلك{ : تعالى قوله في بهم أنيطت التي الشهادة مقتضى ويحققوا كلهم .٥٢} شهيدا عليكم الرسول ويكون الناس على شهداء لتكونوا وسطا

وهنا نذكر بعضا من الفتاوى الصادرة التي تبين سماحة اإلسالم في التعامل مع غير . المسلمين

بالبحوث تعنى والتي الغرب بالد في التي الخيرية للجمعيات التبرع حكم ما - ؟٥٣ والطبية العلمية

: الجواب عليه ويؤجر خيرا ذلك في التبرع في فإن البشر على والمصلحة بالخير يعود ما كل

وحملناهم آدم بني كرمنا ولقد( يقول وتعالى تبارك فاهللا كرامة لإلنسان إذ ، اإلنسان) تفضيال خلقنا ممن كثير على وفضلناهم الطيبات من ورزقناهم والبحر البر في

عليه اهللا صلى النبي بعث المكرمة مكة في المجاعة وقعت وعندما ،) ٧٠:االسراء( صدر إذا واإلحسان فالبر ، الشرك على يزالون ال كونهم مع مكة أهل إلى بميرة وسلم

. عليه يؤجر مما المسلمين غير تجاه حتى مسلم من ولم الدين في يقاتلوكم لم الذين عن الله ينهاكم ال( يقول وتعالى تبارك واهللا كيف

وكمخرجي نم اركميد أن موهرطوا تبتقسو همإلي إن الله بحي ينطقس٥٤)الم. ؟ مسلمة منهم قليلة فئة وجود من بالرغم مسلمين غير أناس مع العمل حكم ما -

: الجواب غيرهم وال المسلمين على ضرر فيه يكن ولم المسلمين غير عند كان إن يمنع ال العمل

. الناس من أحدا يضر ال بحيث ، ونواميس الكون لسنن واستجابة ، شرعي مطلب الناس على بالمصلحة يعود فيما العمل

صلى النبي ، حصل وهذا المسلمين غير مع يعمل أن من يمنع ال فاإلنسان ، الحياة هذه

�@�ة - ٥٢ �١٤٣-رة ا م١٧/٨/٢٠٠٣_ هـ١٤٢٤ ا�Inة ��Hدى � ١٨ا � � 3 أl� &�0ال أه# ا cآ� - ٥٣٥٤ /����� ٨:ا

٢٤

وبين بينه ذلك من ، المعامالت في عقود المسلمين غير وبين بينه كانت وسلم عليه اهللا في يعملون هم كانوا وإن ، وبينهم بينه حصلت التي المساقاة عقد من خيبر في اليهود

كما المسلم يكون أن أيضا يمنع ال هذا أن إال وسلم عليه اهللا صلى النبي توجيهات ظل غير عند المسلمون عمل عندما عليهم تعالى اهللا رضوان الصحابة عهود في حصل

يمنعهم ما هنالك كان ما ، المسلمين بغير يختلطون فيه كانوا الذي الوقت في المسلمين .٥٥ بالدنيا وال بالدين إضرار أي العمل هذا في يكون ال أن على عندهم العمل من

: الخاتمة فهو دين أخالق } غير المسلم { الدين اإلسالمي دين التسامح مع اآلخر المخالف -

. وقيم طبقها المسلمون على أرض الواقع فشهد لهم بذلك البعيد والقريب

ويصفونه –صلى اهللا عليه وسلم –ال غرابة أن يتأثر المشركون بأخالق النبي -انية في أرقى صورها ألنه يحمل الشخصية اإلنس. بأحسن الصفات وأكملها

. وأسمى معانيها

عولمة اإلسالم سبقت العولمة الحديثة ، فهو دين دين عالمي خاطب جميع -الطبقات والمجتمعات ، وتعايش في كنفه جميع ديانات العالم ، فاحتواها

. بتسامحه ورقي أخالق أبنائه

وإنما إن الخطاب الديني المعاصر يحتاج إلى إعادة صياغة ليس في منهجه -بترسيخ مفاهيمه السامية في نفوس المسلمين ، إذ أدى غياب الفهم الصحيح

–التطرف –العنف { للخطاب اإلسالمي جعل اآلخر المخالف يلصق اتهامات باإلسالم والمسلمين ، مع أن اإلسالم الدين الوحيد الذي تقبل اآلخر } اإلرهاب

. وتعايش معه

م١١/٤/٢٠٠٤ هـ ،١٤٢٥من صفر ٢١سؤال أهل الذكر ا � � 3 أ�0& ، - ٥٥

٢٥

ضرب لنا أروع األمثلة في تعامله مع - صلى اهللا عليه وسلم –الرسول -المخالفين فكان يبتسم لهم ويقبل هداياهم ويصفهم بأفضل الصفات ويناديهم بما

. يحبون من أسماء

العمانيون كانوا وما زالوا رواد التسامح الديني فقد نشروا اإلسالم التسامحي في -ألمثلة في أفريقيا ووصلوا الصين تجارا ودعاة لإلسالم ، وضربوا أروع ا

وقد كتب التاريخ ذلك عنهم ، وفي العصر الحديث . التمسك بأخالقيات اإلسالم كان لهم السبق في نشر مبدأ التسامح الديني من خالل معارض التسامح التي

وأيضا . تقيمها وزارة األوقاف والشؤون الدينية على مستوى دول العالم . العمانية الخطاب الوسطي الذي تنتهجه المؤسسة الدينية

. وآخر دعوانا أن الحمد هللا رب العالمين