محك النظر في المنطق - الغزالي

31
ﻣﺤﻚ اﻟﻨﻈﺮ أﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ اﻟﻐﺰاﻟﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺗﺤﺼﺮ ﻣﻘﺼﻮد اﻟﻜﺘﺎب وﺗﺮﺗﯿﺒﮫ وأﻗﺴﺎﻣﮫ اﻋﻠﻢ أﻧﻚ إن اﻟﺘﻤﺴﺖ ﺷﺮط اﻟﻘﯿﺎس اﻟﺼﺤﯿﺢ واﻟﺤﺪ اﻟﺼﺤﯿﺢ واﻟﺘﻨﺒﯿﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺜﺎرات اﻟﻐﻠﻂ ﻓﯿﮭﺎ وﻗﻔﺖ ﻟﻠﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ اﻷﻣﺮﯾﻦ، ﻓﺈﻧﮭﺎ رﺑﺎط اﻟﻌﻠﻮم ﻛﻠﮭﺎ. ﻓﺈن اﻟﻌﻠﻮم إدراك اﻟﺬوات اﻟﻤﻔﺮدة ﻛﻌﻠﻤﻚ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﺠﺴﻢ واﻟﺤﺮﻛﺔ واﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﺤﺎدث واﻟﻘﺪﯾﻢ وﺳﺎﺋﺮ اﻟﻤﻔﺮدات وإدراك ﻧﺴﺒﺔ ھﺬه اﻟﻤﻔﺮدات ﺑﻌﻀﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﺒﻌﺾ ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ واﻹﺛﺒﺎت. ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻔﻆ اﻟﻌﺎﻟﻢ وھﻮً ﻓﺈﻧﻚ ﺗﻌﻠﻢ أوﻻ إﻟﻰ ﻣﻔﺮد ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ ﻛﻤﺎ ﺗﻨﺴﺐً أﻣﺮان ﻣﻔﺮدان، ﺛﻢ ﺗﻨﺴﺐ ﻣﻔﺮداً وﻣﻌﻨﻰ ﻟﻔﻆ اﻟﺤﺎدث وﻣﻌﻨﻰ ﻟﻔﻆ اﻟﻘﺪﯾﻢ وھﻤﺎ أﯾﻀﺎ أﻣﺮ ﻣﻔﺮدﺪم إﻟﻰ اﻟﻌﺎِ اﻟﻘ ﺛﺒﺎت ﻓﺘﻘﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﺎدث واﻟﻀﺮب اﻷﺧﯿﺮ ھﻮِ وﺗﻨﺴﺐ اﻟﺤﺎدث إﻟﯿﮫ ﺑﺎﻹً ﻟﻢ ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ، ﻓﺘﻘﻮل ﻟﯿﺲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺪﯾﻤﺎ اﻟﺬي ﯾﺘﻄﺮق إﻟﯿﮫ اﻟﺘﻜﺬﯾﺐ واﻟﺘﺼﺪﯾﻖ، ﻓﺄﻣﺎ اﻷول ﻓﻼ ﯾﺪﺧﻠﮫ ﺗﺼﺪﯾﻖ وﺗﻜﺬﯾﺐ، إذ ﯾﺴﺘﺤﯿﻞ اﻟﺘﺼﺪﯾﻖ واﻟﺘﻜﺬﯾﺐ ﻓﻲ اﻟﻤﻔﺮدات ﺑﻞ إﻧﻤﺎ ﯾﺘﻄﺮق ذﻟﻚ إﻟﻰ اﻟﺨﺒﺮ وﻻ ﯾﻨﺘﻈﻢ ﺧﺒﺮ إﻻ ﺑﻤﻔﺼﻄﻠﺢ ﻋﻠﻰُ ﺮدﯾﻦ ﻣﻮﺻﻮف ووﺻﻒ، ﻓﺈذا ﻧﺴﺐ اﻟﻮﺻﻒ إﻟﻰ اﻟﻤﻮﺻﻮف ﺑﻨﻔﻲ أو إﺛﺒﺎت ﻓﻼ ﺑﺄس أن ﯾ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻦ ھﺬﯾﻦ اﻟﻀﺮﺑﯿﻦ ﺑﻌﺒﺎرﺗﯿﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺘﯿﻦ. ﻓﺈن ﺣﻖ اﻷﻣﻮر اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ أن ﺗﺨﺘﻠﻒ أﻟﻔﺎظﮭﺎ إذ اﻷﻟﻔﺎظ ﻣﺜﻞ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻷول ﻣﻌﺮﻓﺔِ ﻓﺤﻘﮭﺎ أن ﯾﺤﺎذي ﺑﮭﺎ اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻠﻨﺴﻢ، ﻣﺘﺄَ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻠﻤﺎِ وﻟﻨﺴﻢ ﺳﯿﻦ ﻓﯿﮫ ﺑﻘﻮل اﻟﻨﺤﺎة: ىّ ، واﻟﻈﻦ ﯾﺘﻌﺪً ى إﻟﻰ ﻣﻔﻌﻮل واﺣﺪ إذ ﺗﻘﻮل ﻋﺮﻓﺖ زﯾﺪاّ إن اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺗﺘﻌﺪً ﻋﺎﻟﻤﺎً إﻟﻰ ﻣﻔﻌﻮﻟﯿﻦ إذ ﺗﻘﻮل ظﻨﻨﺖ زﯾﺪا. ، ﻓﮭﻮ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﻈﻦَ ﻋﺪﻻً ﯾﺘﻌﺪى إﻟﻰ ﻣﻔﻌﻮﻟﯿﻦ ﻓﺘﻘﻮل ﻋﻠﻤﺖ زﯾﺪاً واﻟﻌﻠﻢ أﯾﻀﺎ ﻻ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ. ھﺬا ھﻮ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻠﻐﻮي وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺒﺎرة أھﻞ ﻋﻦً اﻟﻨﻈﺮ ﺑﮭﻤﺎ ﺗﺨﺎﻟﻔﮫ ﻓﻲ اﺳﺘﻌﻤﺎل أﺣﺪھﻤﺎ ﺑﺪﻻ اﻵﺧﺮ. ﻓﺈذا اﺳﺘﻘﺮ ھﺬا اﻻﺻﻄﻼح ﻓﻨﻘﻮل اﻹدراﻛﺎت اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺔ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﻌﻠﻢ. وﻛﻞ ﻋﻠﻢ ﯾﺘﻄﺮق إﻟﯿﮫ اﻟﺘﺼﺪﯾﻖ ﻓﻤﻦ ﺿﺮورﺗﮫ أن ﺗﺘﻘﺪم ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻌﺮﻓﺘﺎن ، ﻓﺈن ﻣﻦ ﻻ ﯾﻌﻠﻢ اﻟﻤﻔﺮد ﻛﯿﻒ ﯾﻌﻠﻢ اﻟﻤﺮﻛﺐ ، وﻣﻦ ﻻ ﯾﻔﮭﻢ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ و ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺤﺎدث ﻛﯿﻒ ﯾﻌﻠﻢ أن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﺎدث. واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻗﺴﻤﺎن: أوﻟﻰ وھﻮ اﻟﺬي ﻻ ﯾﻄﻠﺐ ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻛﺎﻟﻤﻔﺮدات اﻟﻤﺪرﻛﺔ ﺑﺎﻟﺤﺲ ، وﻣﻄﻠﻮب وھﻮ اﻟﺬي ﯾﺪل اﺳﻤﮫ ﻣﻨﮫ ﻋﻠﻰ أﻣﺮ ﺟﻤﻠﻲ ﻏﯿﺮ ﻣﻔﺼﻞ ﻓﯿﻄﻠﺐ ﺗﻔﺼﯿﻠﮫ. وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻌﻠﻢ ﯾﻨﻘﺴﻢ إﻟﻰ أوﻟﻲ وإﻟﻰ ﻣﻄﻠﻮب. ﻓﺎﻟﻤﻄﻠﻮب ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻻ ﯾﻘﺘﻨﺺ إﻻ ﺑﺎﻟﺤﺪ واﻟﻤﻄﻠﻮب ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺬي ﯾﺘﻄﺮق إﻟﯿﮫ اﻟﺘﺼﺪﯾﻖ أو اﻟﺘﻜﺬﯾﺐ ﻻ ﯾﻘﺘﻨﺺ إﻻ ﺑﺎﻟﺤﺠﺔ واﻟﺒﺮھﺎن وھﻮ اﻟﻘﯿﺎس؛ وﻛﺄن طﺎﻟﺐ اﻟﻘﯿﺎس واﻟﺤﺪ طﺎﻟﺐ اﻵﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﮭﺎ ﺗﻘﺘﻨﺺ اﻟﻌﻠﻮم واﻟﻤﻌﺎرف ﻛﻠﮭﺎ. ﻓﻠﯿﻜﻦ ﻛﺘﺎﺑﻨﺎ ﻗﺴﻤﯿﻦ ﻗﺴﻢ ھﻮ ﻣﺤﻞ اﻟﻘﯿﺎس وﻗﺴﻢ ھﻮ ﻣﺤﻞ اﻟﺤﺪ. اﻟﻘﻮل ﻓﻲ ﺷﺮوط اﻟﻘﯿﺎس اﻋﻠﻢ أن اﻟﻘﯿً ﻣﺨﺼﻮﺻﺎً ﻈﻤﺖ ﻧﻈﻤﺎُ وﻧً ﻣﺨﺼﻮﺻﺎً ﻟﻔﺖ ﺗﺄﻟﯿﻔﺎُ ﺎس ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ أﻗﺎوﯾﻞ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ أ ﺑﺸﺮط ﻣﺨﺼﻮص ﯾﻠﺰم ﻣﻨﮫ رأي ھﻮ ﻣﻄﻠﻮب اﻟﻨﺎظﺮ ، واﻟﺨﻠﻞ ﯾﺪﺧﻞ ﻋﻠﯿﮫ ﺗﺎرة ﻣﻦ اﻷﻗﺎوﯾﻞ اﻟﺘﻲ ھﻲ ﻣﻘﺪﻣﺎت اﻟﻘﯿﺎس إذ ﺗﻜﻮن ﺧﺎﻟﯿﺔ ﻋﻦ ﺷﺮوطﮭﺎ وأﺧﺮى ﻣﻦ ﻛﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ واﻟﻨﻈﻢ وإن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﻘﺪﻣﺎت ﺻﺤﯿﺤﺔ ﯾﻘﯿﻨﯿﺔ ، وﻣً ﺮة ﻣﻨﮭﻤﺎ ﺟﻤﯿﻌﺎ. ﺐ ﺗﺎرة ﯾﺨﺘﻞ ﺑﺴﺒﺐ ﻓﻲ ھﯿﺌﺔ اﻟﺘﺄﻟﯿﻒ ، ﺑﺄن ﺗﻜﻮن اﻟﺤﯿﻄﺎن ﻣﻌﻮﺟﺔّ وﻣﺜﺎﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺴﻮس اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻤﺒﻨﻲ ﻓﺈﻧﮫ أﻣﺮ ﻣﺮﻛ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﺼﻮرة ، وأن ﻛﺎﻧﺖ اﻷﺣﺠﺎر واﻟﺠﺰوعً إﻟﻰ ﻣﻮﺿﻊ ﻗﺮﯾﺐ ﻣﻦ اﻷرض ، ﻓﯿﻜﻮن ﻓﺎﺳﺪاً واﻟﺴﻘﻒ ﻣﻨﺨﻔﻀﺎ وﺳﺎﺋﺮ اﻵﻻت ﺻﺤﯿﺤﺔ. وﺗﺎرة ﯾﻜﻮن اﻟﺒﯿﺖ ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺼﻮرة ﻓﻲ ﺗﺮﺑﯿﻌﮭﺎ ووﺿﻊ ﺣﯿﻄﺎﻧﮭﺎ وﺳﻘﻔﮭﺎ ، وﻟﻜﻦ ﯾﻜﻮن اﻻﺧﺘﻼل ﻣﻦ رﺧﺎوة ﻓﻲ اﻟﺠﺰوع وﺗﺸﻌﺚ ﻓﻲ اﻟﻠﺒﻨﺎت. ﻓﮭﺬا ﺣﻜﻢ اﻟﻘﯿﺎس واﻟﺤﺪ وﻛﻞ أﻣﺮ ﻣﺮﻛﺐ ، ﻓﺈن اﻟﺨﻠﻞ ﻓﯿﮫ إﻣﺎ أن ﯾﻜﻮن ﻓﻲ ھﯿﺌﺔ ﺗﺮﻛﯿﺒﮫ وﺗﺮﺗﯿﺒﮫ وأﻣﺎ أن ﯾﻜﻮن ﻓﻲ اﻷﺻﻞ اﻟﺬي ﯾﺮد ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺘﺮﻛﯿﺐ ، ﻛﺎﻟﺜﻮب ﻓﻲ اﻟﻘﻤﯿﺺ واﻟﺨﺸﺐ ﻗﻲ اﻟﻜﺮﺳﻲ واﻟﻠﺒﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺎﺋﻂ واﻟﺠﺬوع ﻓﻲ اﻟﺴﻘﻒ. وﻛﻤﺎ أن ﻣﻦ ﯾﺮﯾﺪ ﺑﻨﺎء ﺑﯿﺖ ﺑﻌﯿﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻞ ﯾﻔﺘﻘﺮ إﻟﻰ أن ﯾﻌﺬ اﻵﻻت ، ﻛﺎﻟﺠﺬوع واﻟﻠﺒﻦ واﻟﻄﯿﻦ ، ﺛﻢ إذا أراد اﻟﻠﺒﻦ ﯾﻔﺘﻘﺮ إﻟﻰ إﻋﺪاد ﻣﻔﺮداﺗﮫ وھﻮ اﻟﻤﺎء واﻟﺘﺮاب واﻟﻘﺎﻟﺐ اﻟﺬي ﻓﯿﮫً اﻟﻤﻔﺮدة أوﻻ ﺑﺎﻷﺟﺰاءً ﯾﻀﺮب ﻓﯿﺒﺘﺪئ أوﻻ. اﻟﻤﻔﺐ اﻟﻤﺮﻛﺐ ، وھﻜﺬا إﻟﻰ آﺧﺮ اﻟﻌﻤﻞ ، ﻓﻜﺬﻟﻚ طﺎﻟﺐ اﻟﻘﯿﺎس ﯾﻨﺒﻐﻲّ ﺮدة ﻓﯿﺮﻛﺒﮭﺎ ﺛﻢ ﯾﺮﻛ أن ﯾﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻧﻈﻢ اﻟﻘﯿﺎس وﻓﻲ ﺻﻮرﺗﮫ وﻓﻲ اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﯾﻀﻊ اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ واﻟﻨﻈﻢ ﻓﯿﮫ، وھﻲ اﻟﻤﻘﺪﻣﺎت. وأﻗﻞ ﻣﺎ ﯾﻨﺘﻈﻢ ﻣﻨﮫ ﻗﯿﺎس ﻣﻘﺪﻣﺘﺎن أﻋﻨﻲ ﻋﻠﻤﯿﻦ ﯾﺘﻄﺮق إﻟﯿﮭﻤﺎ اﻟﺘﺼﺪﯾﻖ واﻟﺘﻜﺬﯾﺐ. واﻗﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﺼﻞ ﻣﻨﮫ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﻌﺮﻓﺘﺎن ﺗﻮﺿﻊ إﺣﺪاھﻤﺎً أو وﺻﻔﺎَ ﻋﻨﮫ واﻷﺧﺮى ﺧﺒﺮاً ﺨﺒﺮاُ . ﻓﻘﺪ اﻧﻘﺴﻢ اﻟﻘﯿﺎس إﻟﻰ ﻣﻘﺪﻣﺘﯿﻦ، واﻧﻘﺴﻤﺖ ﻛﻞ ﻣﻘﺪﻣﺔ إﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﯿﻦ ﺗﻨﺴﺐ إﺣﺪاھﻤﺎﺪل ﻋﻠﯿﮫ ﻻ ﻣﺤﺎﻟﺔ ﺑﻠﻔﻆُ إﻟﻰ اﻷﺧﺮى، وﻛﻞ ﻣﻔﺮد ﻓﮭﻮ ﻣﻌﻨﻰ وﯾ. ﻓﯿﺠﺐ ﺿﺮورة أن ﯾﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ اﻟﻤﻔﺮدة وأﻗﺴﺎﻣﮭﺎ، وﻓﻲ اﻷﻟﻔﺎظ اﻟﻤﻔﺮدة وو ﺟﻮه دﻻﻟﺘﮭﺎ. أﻟﻔﻨﺎ ﻣﻌﻨﯿﯿﻦ وﺟﻌﻠﻨﺎھﻤﺎ ﻣﻘﺪﻣﺔ، وﻧﻨﻈﺮ ﻓﻲً واﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﻔﺮداً ﺛﻢ إذا ﻓﮭﻤﻨﺎ اﻟﻠﻔﻆ ﻣﻔﺮدا

Upload: classic-books

Post on 27-Jul-2015

253 views

Category:

Documents


13 download

TRANSCRIPT

Page 1: محك النظر في المنطق - الغزالي

محك النظر أبو حامد الغزالي

مقدمة تحصر مقصود الكتاب وترتیبھ وأقسامھاعلم أنك إن التمست شرط القیاس الصحیح والحد الصحیح والتنبیھ على مثارات الغلط فیھا وقفت للجمع بین األمرین،

والعالم والحادث والقدیم فإن العلوم إدراك الذوات المفردة كعلمك بمعنى الجسم والحركة . فإنھا رباط العلوم كلھا معنى لفظ العالم وھو . وسائر المفردات وإدراك نسبة ھذه المفردات بعضھا إلى البعض بالنفي واإلثبات فإنك تعلم أوال

إلى مفرد بالنفي كما تنسب أمران مفردان، ثم تنسب مفردا أمر مفرد ومعنى لفظ الحادث ومعنى لفظ القدیم وھما أیضادم إلى العا ثبات فتقول العالم حادث والضرب األخیر ھو الق وتنسب الحادث إلیھ باإل لم بالنفي، فتقول لیس العالم قدیما

الذي یتطرق إلیھ التكذیب والتصدیق، فأما األول فال یدخلھ تصدیق وتكذیب، إذ یستحیل التصدیق والتكذیب في المفردات بل إنما یتطرق ذلك إلى الخبر وال

ردین موصوف ووصف، فإذا نسب الوصف إلى الموصوف بنفي أو إثبات فال بأس أن یصطلح على ینتظم خبر إال بمففإن حق األمور المختلفة أن تختلف ألفاظھا إذ األلفاظ مثل المعاني . التعبیر عن ھذین الضربین بعبارتین مختلفتین األول معرفة فحقھا أن یحاذي بھا المعنى فلنسم

، متأ الثاني علما ، والظن یتعدى : سین فیھ بقول النحاةولنسم إن المعرفة تتعدى إلى مفعول واحد إذ تقول عرفت زیدا عالما عدال ، فھو من باب الظن . إلى مفعولین إذ تقول ظننت زیدا یتعدى إلى مفعولین فتقول علمت زیدا والعلم أیضا

عن ھذا ھو الوضع اللغوي وإن كانت عبارة أھل. ال من باب المعرفة النظر بھما تخالفھ في استعمال أحدھما بدالوكل علم یتطرق إلیھ . فإذا استقر ھذا االصطالح فنقول اإلدراكات المعلومة تنحصر في المعرفة والعلم . اآلخر

التصدیق فمن ضرورتھ أن تتقدم علیھ معرفتان ، فإن من ال یعلم المفرد كیف یعلم المركب ، ومن ال یفھم معنى العالم . معنى الحادث كیف یعلم أن العالم حادث و

أولى وھو الذي ال یطلب بالبحث كالمفردات المدركة بالحس ، ومطلوب وھو الذي یدل اسمھ منھ : والمعرفة قسمان . على أمر جملي غیر مفصل فیطلب تفصیلھ

والمطلوب من العلم الذي فالمطلوب من المعرفة ال یقتنص إال بالحد . وكذلك العلم ینقسم إلى أولي وإلى مطلوب یتطرق إلیھ التصدیق أو التكذیب ال یقتنص إال بالحجة والبرھان وھو القیاس؛ وكأن طالب القیاس والحد طالب اآللة

.فلیكن كتابنا قسمین قسم ھو محل القیاس وقسم ھو محل الحد . التي بھا تقتنص العلوم والمعارف كلھا

القول في شروط القیاس اعلم أن القی مخصوصا ظمت نظما ون مخصوصا لفت تألیفا اس عبارة عن أقاویل مخصوصة أبشرط مخصوص یلزم منھ رأي ھو مطلوب الناظر ، والخلل یدخل علیھ تارة من األقاویل التي ھي مقدمات القیاس إذ

تكون خالیة عن شروطھا وأخرى من كیفیة الترتیب والنظم وإن كانت المقدمات صحیحة یقینیة ، وم . رة منھما جمیعاب تارة یختل بسبب في ھیئة التألیف ، بأن تكون الحیطان معوجة ومثالھ في المحسوس البیت المبني فإنھ أمر مرك من حیث الصورة ، وأن كانت األحجار والجزوع إلى موضع قریب من األرض ، فیكون فاسدا والسقف منخفضا

الصورة في تربیعھا ووضع حیطانھا وسقفھا ، ولكن یكون وتارة یكون البیت صحیح. وسائر اآلالت صحیحة فھذا حكم القیاس والحد وكل أمر مركب ، فإن الخلل فیھ إما أن . االختالل من رخاوة في الجزوع وتشعث في اللبنات

یكون في ھیئة تركیبھ وترتیبھ وأما أن یكون في األصل الذي یرد علیھ التركیب ، كالثوب في القمیص والخشب قيوكما أن من یرید بناء بیت بعید من الخلل یفتقر إلى أن یعذ اآلالت . الكرسي واللبن في الحائط والجذوع في السقف

، كالجذوع واللبن والطین ، ثم إذا أراد اللبن یفتقر إلى إعداد مفرداتھ وھو الماء والتراب والقالب الذي فیھ المفردة أوال باألجزاء ب المركب ، وھكذا إلى آخر العمل ، فكذلك طالب القیاس ینبغي المف.یضرب فیبتدئ أوال ردة فیركبھا ثم یرك

وأقل ما ینتظم منھ . أن ینظر في نظم القیاس وفي صورتھ وفي األمر الذي یضع الترتیب والنظم فیھ، وھي المقدماتمعرفتان توضع إحداھما واقل ما تحصل منھ مقدمة. قیاس مقدمتان أعني علمین یتطرق إلیھما التصدیق والتكذیب

أو وصفا عنھ واألخرى خبرا خبرا فقد انقسم القیاس إلى مقدمتین، وانقسمت كل مقدمة إلى معرفتین تنسب إحداھما . مفیجب ضرورة أن ینظر في المعاني المفردة وأقسامھا، . إلى األخرى، وكل مفرد فھو معنى ویدل علیھ ال محالة بلفظ

ألفنا معنیین وجعلناھما مقدمة، وننظر في . جوه داللتھاوفي األلفاظ المفردة وو والمعنى مفردا ثم إذا فھمنا اللفظ مفردا

Page 2: محك النظر في المنطق - الغزالي

، وننظر في كیفیة الصیاغة الصحیحة وكل من أراد أن . حكم المقدمة وشرطھا ثم نجمع مقدمتین فنصوغ منھما قیاساأن یكتب الخطوط المنظومة وھو ال یحسن یعرف القیاس بغیر ھذا الطریق فقد طمع في محال، وكان كمن طمع في

فإن . كتبة الكلمات، أو یطمع أن یكتب الكلمات وھو ال یحسن كتبة الحروف المفردة، وھكذا القول في كل مركبأجزاء المركب تتقدم على المركب بالضرورة حتى ال یوصف هللا تعالى بالقدرة على خلق العالم المركب دون اآلحاد،

رة على تعلیم كتبة الخطوط المنظومة دون تعلیم الكلمات والحروف، فھذه الصورة ینبغي أن تشمل كما ال یوصف بالقد : القیاس على ثالثة فنون. كالمنا في السوابق وھو النظر في األلفاظ ثم في المعاني ثم في تألیف مفردات المعاني إلى أن تصیر : الفن األول

یصلح أن یجعل مقدمة تصدیقیا . علما النظر في كیفیة تألیف المقدمات لینصاغ منھا صحیح النظم وھو في المقاصد، فإن ما قبلھ : الثاني الفن

ویشتمل ھذا الفن على مدارك العلوم الیقینیة األولیة التي منھا التألیف ونسبتھا إلى القیاس نسبة . استعداد لھ . الثوب إلى القمیص

عند الفراغ منھا تبتدي بالنظر في الحدود وشروطھافي لواحق ینعطف علیھا بالكشف : الفن الثالث .

الفن األول .في السوابق وفیھ ثالثة فصول فصل في األلفاظ

.فصل في المعاني یتطرق إلیھ التصدیق والتكذیب. فصل في تألیف المعاني .حتى تصیر علما

في داللة األلفاظ على المعاني : الفصل األولھذا الفن یطول ولكن ال أتعرض لما أظنك مستقال بإدراكھ من نفسك، وأقتصر على التنبیھ إعلم وفقك هللا أن الكالم في

. على تقسیمات تثور من إھمالھا أغالیط كثیرةفإن لفظة البیت .وھي المطابقة والتضمن وااللتزام: إن داللة اللفظ على المعنى ینحصر في ثالثة أوجھ: القسم األول

فإن البیت یتضمن السقف ألن البیت . لمطابقة، وتدل على السقف وحده بطریق التضمنتدل على معنى البیت بطریق اوكما یدل لفظ الفرس على الجسم إذ ال فرس إال وھو جسم، إذ وجدنا الجسمیة في . عبارة عن السقف والجدران

وعلى تسمیة الوجھ األول مط. الفرسیة مھما قلنا فرس نا و أما طریق . ابقةفلنصطلح على تسمیة ھذا الوجھ تضم لھ، وال : االلتزام فھو كداللة لفظ السقف على الحائط، فإنھ غیر موضوع للحائط وضع لفظ لحائط حتى یكون مطابقا من نفس . بتضمن من نفس البیت، وكما كان الحائط جزءا من السقف كما كان السقف جزءا إذ لیس الحائط جزءا

. ذات السقف الذي ال ینفك السقف عنھ، فداللتھ على نمط أخر البیت، لكنھ كالرفیق الالزم الخارج من فلنخترع لھ لفظاو إیاك أن تستعمل في نظر العقل من األلفاظ ما یدل بطریق االلتزام أو تمكن خصمك . آخر وھو االلتزام واالستتباع

، إذ الحائط یلزم فإن الداللة بطریق االلتزام ال تن. بل اقتصر على ما یدل بطریق المطابقة أو التضمن حصر في حد . السقف واألس یلزم الحائط واألرض تلزم األس ویتداعى ھذا إلى غیر نھایة

و إلى : القسم الثاني إن اللفظ باإلضافة إلى خصوص المعنى وشمولھ ینقسم إلى لفظ یدل على عین واحدة نسمیھ معینا، مثال األول قولك زید وھذا الفرس وھذه الشجرة، فإنھ ال ما یدل على أشیاء كثیرة تتفق في معنى واحد نسقیھ مطلقا

یدل إال على شخص معین، وكذلك قولك ھذا السواد وھذه الحركة وحده إنھ اللفظ الذي ال یمكن أن یكون مفھومھ إال مفھوم وأما المطلق فھو الذي ال یمنع نفس. فإن قصد اشتراك غیره فیھ منع نفس مفھوم اللفظ منھ. ذلك الواحد بعینھ

دخل اللفظ من وقوع االشتراك في معناه، كقولك السواد والحركة واإلنسان، وبالجملة اإلسم المفرد في لغة العرب إذا أ، ویقال األلف والالم للعموم، فإن قیل كیف یستقیم ھذا . علیھ األلف والالم كان الستغراق الجنس عاما وقد یسقى لفظا

. رض فقد أدخل األلف والالم، وال یدل اللفظ إال على وجود معین خاص ال شركة فیھومن یقول اإللھ أو الشمس أو األ لكان ز في اآللھة عددا فاعلم أن ھذا الوھم غلط فان امتناع الشركة ھاھنا لیس لنفس اللفظ بل الذي وضع اللغة لو جو

ھ ثان، فلم یكن المانع یرى ھذا اللفظ عاما في االلھة، فحیث امتنع الشمول لم یكن لوضع اللفظ بل ال ستحالة وجود إلفإن فرضنا عوالم وفي كل واحد شمس وأرض . نفس مفھوم اللفظ یل المانع في الشمس أن الشمس في الوجود واحدة

للكل فتأمل ھذا ق بین قولھ السواد . كان قولنا الشمس واألرض شامال فإن من لھ قدم في جملة األمور النظریة وال یفر . شمس وبین قولھ ھذه الشمس عظم شھوة في النظریات من حیث ال یدريوبین قولھ الوفي : إن األلفاظ المتعددة باإلضافة إلى المسمیات المتعددة على أربعة منازل، فلنخترع لھا أربعة ألفاظ: القسم الثالث

فة في الصیغة المتواردة على مسمى فنعني بھا األلفاظ المختل: أما المترادفة. المترادفة والمتباینة والمتواطئة والمشتركةواحد كالخمر والعقار واللیث واألسد والسھم والنشاب، وبالجملة كل إسمین عبرت بھما عن معنى واحد فھما

Page 3: محك النظر في المنطق - الغزالي

فنعني بھا األسامي المختلفة المعاني كالسواد والقدرة واألسد والمفتاح والسماء والشجر : وأما المتباینة. مترادفانفھي األسامي التي تطلق على أشیاء متغایرة بالعدد ولكنھا : وأما المتواطئة. ي، وھي األكثرواألرض وسائر األسام

فقة بالمعنى الذي وضع لھ، كاسم الرجل فإنھ یطلق على زید وعمرو وبكر وخالد وكاسم الجسم فإنھ یطلق على متفكل اسم مطلق لیس بمعین . ائھااإلنسان والسماء واألرض الشتراك ھذه األعیان في معنى الجسمیة التي وضع بإز

یاتھ الكثیرة بطریق التواطئ فاسم اللون للبیاض والسواد بطریق التواطئ، فأنھا . كما سبق فانھ یطلق على آحاد مسم ولیس بطریق االشتراك البتة طلق على، : وأما المشتركة. متفقة في المعنى الذي سقي بھ اللون لونا فھي األسامي التي ت

یات م ختلفة ال تشترك بالحد والحقیقة، كاسم العین للعضو الباصر وللمیزان وللموضع الذي ینفجر منھ الماء، مسمارة، وللذھب والشمس وكاسم المشتري لقابل عقد البیع والكوكب الذي ھو في السماء المعدود عند وھي العین الفو

كثیر في العقلیات، حتى ظن جماعة من ضعفاء ولقد ثار من التباس المشتركة بالمتواطئة . المنجمین من السعود غلطالعقول أن السواد ال یشارك البیاض في اللونیة إال من اإلسم، وأن ذلك كمشاركة الذھب للحدقة إلباصرة في اسم العین

وبالجملة االھتمام بتمییز المشتركة عن المتواطئة مھم فلنزد لھ . وكمشاركة قابل البیع للكوكب في اسم المشتري ونقول اإلسم المشترك قد یدل على المختلفین كما ذكرنا وقد بدل على المتضادین وال شركة بینھما البتة، . شرطا

كالجلیل للحقیر والخطیر والناھل للعطشان والریان والجون لألسود واألبیض والقرء للطھر والحیض، وأیضا قریب الشبھ من المتواطئ ویعسر الفر م ذلك المشترك قد یكون مشككا ق على الذھن وإن كان في غایة الصفاء، ولنس

، وذلك مثل اسم النور الواقع على الضوء الذي یدرك بحاسة البصر من الشمس والنار والواقع على العقل متشابھاالذي بھ یھتدي في الغوامض وال مشاركة بین حقیقة ذات العقل والضوء إال كمشاركة السماء لإلنسان في كونھ جسما،

الجسمیة فیھما ال تختلف البتة مع أنھ ذاتي لھما ویقرب من لفظ النور لفظ الحي على النبات والحیوان، فإنھ إذ ویتحرك باالشتراك المحض، إذ یراد بھ من النبات المعنى الذي بھ نماؤه ویراد بھ من الحیوان المعنى الذي بھ یحس

رادة وإطالقھ على الباري جل وعال إذا تأملت وأمثال ھذه ینابیع . عرفت بأنھ لوجھ ثالث یخالف األمرین جمیعا باإل . األغالیط وساشرحھ زیادة شرح في اللواحق عند حصر مدارك الغلط في القیاس

قد تلتبس المتباینة بالمترادفة وذلك مھما أطلقت أسامي مختلفة على شيء ولكن باعتبارات مختلفة " مغلطة أخرى" ربما ظن أنھا مترادفة كال على السیف مع زیادة نسبة إلى الھند، یخالف إذا د یدل د والصارم، فإن المھن سیف والمھن

یدل على السیف مع صفة الحدة والقطع، ال كاللیث واألسد فإن ثبت ان اللیث مفھومھ مفھوم السیف والصارم والصارموھذا كما أنا في اصطالحاتنا النظریة نفتكر إلى یدل على صفة لیست في األسد التحق بالمتباینة ولم یكن مع المترادفة،

ي العلم التصدیقي الذي ھو نسبة بین مفردین دعوى تبدیل األسامي على شيء واحد عند تبدیل اعتباراتھ، كما إنا نسمي ولم یكن علیھ برھان وكان في مقابلة القائل خصم فان لم یكن في مقابلتھ خصم سقیناه قضیة ألنھ إذا تحدى بھ المتحد

في طلب آمر آخر قض على شيء بشيء، فإن خاض في ترتیب قیاس الدلیل علیھ سقیناه نتیجة، فإن استعملھ دلیالبھ في أجزاء قیاس سقیناه مقدمة وھذا ونظائره مما یذكر كثیر . ورت

تعارا منھ المشترك في األصل ھو االسم الذي یعبر بھ عن مسمیین ال یكون موضوعا ألحدھما ومس" مغلطة أخرى" منھ باولى من إلیھ أو مستعارا لآلخر أو منقوال منھ إلى اآلخر بل ال یكون أحدھما بأن یجعل أصال واألخر منقوالنقیضھ كلفظ المشتري، إذ ال یمكن أن یقال استعیر الكوكب من العاقد أو العاقد من الكوكب أو وضع ألحدھما أوال ثم

فھو مختار وذلك ، وكذلك لفظ الم.حدث الثاني بعده فعول والفاعل فیما ال یختلف تصریفھ كقولك اختار یختار اختیارااء(مختار، فالفاعل والمفعول لھما صیغة واحدة ولیس اللفظ بأحدھما ھو أولى من اآلخر، ولیس كذلك لفظ األم ل ) حو

وال كذلك األلفاظ التي نقلت . تعارةفإنھا أم البشر، واألرض فإنھا تسقى أم البشر ولكن األول بالوضع والثاني باالسوغیرت كلفظ المنافق والفاسق والكافر والملحد والصوم والصالة وسائر األلفاظ الشرعیة فإنھا مشتركة ألمرین

. فاألول منقول عنھ والثاني منقول إلیھ. مختلفین، ولكن لبعضھا أول ولبعضھا ثان، أي منقول من البعض إلى البعضشتراك وإن كان على الترتیب، كما حصل في لفظ العاقد والكوكب وإن لم یكن على الترتیب، وقد حصل مقصود اال

م أما سمعت الشافعي . مثال الغلط في المشترك حتى تستدل بھ على غیره إن الحال لیس یحتمل استقصاء ھذه المفاضةه مختار ر ك القصاص ألنھ م كره یقول یلزم اد الذھن ینبو عن التصدیق بالضدین فإنھ ویك. رضي هللا عنھ في مسألة لم

یعثرون فیھ وال یھتدون إلى حلھ و إنما ذلك ألن لفظ المختار مشترك، إذ قد یحمل لفظ المختار . محال فنرى الفقھاء لھ إذا قوبل بالذي ال قدرة لھ على الحركة الموجودة، كالمحمول فنقول ھذا عاجز محمول للفظ القادر ومساویا مرادفا

هھذ كر وقد یعبر بالمختار . ا مختار قادر ویراد بالمختار القادر الذي یقدر على الفعل والترك، وھذا یصدق على المه ونقیضھ وھو أنھ كر ن تخلى في استعمال قدرتھ ودواعي ذاتھ وال تحرر دواعیھ من خارج، وھذا یكذب على الم عم

لیس بمختار ولكن بشرط أن یكون مفھوم المختار المنفي لیس بمختار یصدق علیھ، فإذا صدق أنھ مختار وصدق أنھولھذا نظائر في النظریات ال تحص تاھت بسببھا عقول الضعفاء فاستدل بھذا الیسیر على . غیر مفھوم المختار المثبت

. سواهفإن الخال لیس یحتمل التطویل وأقنع بھذا القدر من النظر في دالالت األلفاظ و إن كان فیھا مباحث . الكثیر

Page 4: محك النظر في المنطق - الغزالي

:الفصل الثانيفي النظر في المعاني المفردة ولنقتصر فیھ على ثالث تقسیمات

:جلیة

لھا وإما أعم منھا و إما : التقسیم األول د إما مساویا ج بعضھا إلى بعض و ب س علیھا باأللفاظ إذا ن ل إن المعاني التي یدا یحتاج إلى معرفتھ في القیاس منھا، وھذا مم فإذا نسبت الجسم إلى المتحیز وجدتھ مساویا ال یزید وال ینقص، . أخص

وأما نحن فننسب التحیز إلى . إذ كل جسم متحیز وكل متحیز جسم، ھذا على رأي من یقول إن كل متحیز منقسم موجود لیس بجسم. الجوھر فنرى التحیز مساویا لھ وأما إذا . وأما إذا نسبنا الوجود إلى الجسم وجدناه أعم منھ، فرب

. نسبنا الحركة إلى الجسم وجدناھا أخص منھ، مرب جسم لیس بمتحرك بالفعل كاألرض عند عدم الزلزلة وإما : التقسیم الثاني الزما ویسقى وصفا لھ ویسقى صفة النفس وإما الزما المعنى إذا نسب إلى المعنى وجدناه إما ذاتیا

لھ ال یبعد أن ینفصل عنھ في الوج . ودعارضا أما . وال بد من إتقان ھذه النسبة فإنھا نافعة في القیاس والحد جمیعا ال یتصور فھم المعنى دون فھمھ، وذلك كاللونیة : الذاتي فإني أعني بھ كل شيء داخل في حقیقة الشيء وماھیتھ دخوال

. للسواد وكالجسمیة في الفرس والشجر ن الجسمیة داخلة في ذات فتكو. فإن من فھم الشجر فقد فھم جسما مخصوصار عدمھا لبطل وجود الشجر والفرس وما یجري ھذا بھ قوامھا في الوجود والعقل على وجھ لو قد الشجریة دخوال

النبات یلزمھ أن یقول إنھ جسم نامي ال محالة. المجرى الشيء فمن یحد فما ال : وأما االلتزام. وال بد من إدراجھ في حدولكن فھم الحقیقة والماھیة غیر موقوف علیھ، كوقوع الظل لشخص الفرس والنبات عند طلوع یفارق الذات البتة

فإن ھذا أمر الزم ال یتصور أن یفارق وجوده عند من یعتر عن مجاري العادات باللزوم ویعتقده، ولكنھ من . الشمسنھ حقیقتھ غیر موقوف على فھم ذلك، بل الغافل عن وقوع توابع الذات ولوازمھ ولیس بذاتي لھ، وأعني بھ أن فھم ك

الظل یفھم الفرس والنبات بل الجسم الذي ھو أعم منھ، ولم یخطر ببالھ ذلك، وكذلك كون األرض مخلوقة وصف الزم لألرض ال تتصور مفارقتھ لھا، ولكن فھم األرض غیر موقوف على كونھا مخلوقة فقد یدرك حقیقة األرض والسماء

ولم یمكنا أن نعلم السماء . خلوقتانمن لم یدرك بعد أنھما م حقیقة الجسمیة ثم نطلب بالدلیل كونھ مخلوقا فإنا نعلم أوالوإما العارض فأعني بھ ما لیس من ضرورتھ أن یالزم بل تتصور مفارقتھ إما سریعا . واألرض ما لم نعلم الجسم

العواد وسواد الزنجي، ولكن یمكن رفعھ كحمرة الخجل أو بطیئا كصفرة الذھب، وربما ال یزول في الوجود كزرقة ومن . وأما كون األرض مخلوقة وكون الجسم الكثیف ذا طل مانع نور الشمس فالزم ال تتصور مفارقتھ. في الوھم

مثارات األغالیط الكثیرة التباس الالزم التابع بالذاتي فإنھما مشتركان في استحالة المفارقة واستقصاؤه في ھذه العجالة . البتة غیر ممكن

ولنصطلح على تسمیة سبب . إن المعاني باعتبار أسبابھا المدركة لھا ثالثة محسوسة ومتخیلة ومعقولة: التقسیم الثالثاإلدراك قوة فنقول في حدقتك معنى تتمیز بھ الحدقة عن الجبھة حتى صرت تبصر بھ، وإذا بطل ذلك من األعمى

فلو انعدم المبصر بقیت صورتھ في دماغھ . ار شرطھا وجود المبصربطل اإلبصار، والحالة التي تدركھا عند اإلبص، ولما اة إبصارا وینفي الحالة المسم اة تخیال وتلك الصورة ال تفتقر إلى وجود المتخیل وعدمھ ال ینفي الحالة المسم

أ للتخیل وبھا باین كنت تحس في التخیل في دماغك ال في فخذك وبطنك فاعلم أن في ھذا الدماغ غریزة وصفة بھا تھیوالصبي في أول نشؤه تقوى بھ . البطن والفخذ كما باینت العین الجبھة والعقب في اإلبصار بمعنى اختص بھ ال محالة

ولذلك إذا أولع بشيء فغیبتھ عنھ وشغلتھ بغیره اشتغل بھ، وربما یحدث في الدماغ . قوة اإلبصار دون قوة التخیلل وال یفسد اإلبصار فیرى الشيء، ولكن كلما یغیب عن عینھ فینساه، وھذه القوة مرض یفسد القوة الحافظة للخیا

ر صورتھ التي كانت لھ في دماغھ فعرف أنھ موافق تشارك البھیمة فیھا اإلنسان، ولذلك مھما رأى الفرس الشعیر تذك كرؤیتھ لھ أوال، حتى ال یبادر وأنھ مستلذ لدیھ فبادر إلیھ، ولو كانت الصورة ال تثبت في خیالھ لكانت رؤیتھ لھ ثا نیا

، ومحلھ إما دماغك أو إلیھ ما لم یجده بالذوق مرة أخرى ثم فیك قوة ثالثة شریفة بھا یباین اإلنسان البھیمة تسمى عقال بذاتھ غیر متحیز محلھ النفس ولھا أعني قوة العقل إدراك وتأثیر بالتخیالت قائما قلبك وعند من یرى النفس جوھرا

دراك التخیل مباینة اشد من مباینة إدراك التخیل إلدراك البصر، إذ لم یكن بین التخیل واإلبصار فرق إال أن مب این إل لبقاء التخیل، وإال فصورة الفرس تدخل في لبقاء اإلبصار ولم یكن شرطا وجود المبصر وحضوره كان شرطا

ویبقى في التخیل ذلك القدر وذلك البعد وذلك اإلبصار مع قدر مخصوص ولون مخصوص وبعد منك مخصوص، رة شأنھا أنھا تقدر على تفصیل الصور التي سمى المفك الشكل والوضع، حتى كأنك تنظر إلیھ ولعمري فیك قوة رابعة تفي الخیال وتقطیعھا وتركیبھا ولیس لھا إدراك شيء آخر، ولكن إذا حضر في الخیال صورة اإلنسان قدر أن یجعلھ

Page 5: محك النظر في المنطق - الغزالي

نصفھ من إنسان ونصفھ من فرس، وربما صور إنسانا یطیر إذ بنصفین فیصور نصف إنسان، وربما ركب شخصاه، وھذه القوة تجمع بینھما كما تفرق نصفي اإلنسان ولیس ثبت في الخیال صورة اإلنسان وحده وصورة الطیران وحد

بالتفریق والتألیف في الصورة الحاصلة في في وسعھا البتة اختراع صورة ال مثال لھا في الخیال، بل كل تصرفاتھا إلدراك التخیل أشد من مباینة التخیل لإلبصار، إذ لیس للتخیل أن . الخیال والمقصود أن مباینة إدراك العقل األشیاء

. یدرك المعاني المجردة العریة عن القرائن العربیة التي لیست داخلة في ذاتھا، أعني الذي لیست ذاتیة لھا كما سبقفإنك ال تقدر على تخیل السواد إال في مقدار مخصوص من الجسم ومعھ شكل مخصوص من الجسم ووضع

كان . مخصوص منك بقرب أو بعد ومعلوم أن الشكل غیر اللون والقدر غیر الشكل، فإن المثلث لھ شكل واحد صغیرا، و إنما إدراك ھذه المفردات المجردة لیس إال بقوة أخرى اصطلح فیدرك ویقضي أو كبیرا نا على تسمیتھا عقال

دة، وحیث یدرك الحیوانیة قد ال یحضره التفات إلى دة ویدرك الحیوانیة والجسمیة مجر بقضایا ویدرك اللونیة مجرالعاقل وغیر العاقل، وإن كان الحیوان ال یخلو عن القسمین، وحیث یستمر في نطره قاضیا على األلوان بقضیة قد ال

واحدا أدرك یحضره معنى الس وادیة والبیاضیة و غیرھما، وھذا من عجیب خواصھما وبدیع أفعالھما، فإذا رأى فرساالفرس المطلق الذي یشترك فیھ الصغیر والكبیر واألشھب والكمیت والبعید منك في المكان والقریب، بل یدرك

عن كل قرینة لیست ذاتیة لھ لمخصوص واللون المخصوص لیس للفرس فإن القدر ا. الفرسیة المجردة المطلقة منزھا في الوجود، إذ مختلفات القدر واللون تشترك في حقیقة الفرسیة أو الزما بل عارضا وھذه المطلقات المجردة . ذاتیا

الشاملة ألمور متخیلة ھي التي یعبر عنھا المتكلمون بالوجوه أو األحوال أو األحكام، ویعبر عنھا المنطقیون بالقضایا وتارة یعبرون عنھا بأنھا غیر موجودة في خارج . یة المجردة، ویزعمون أنھا موجودة في األذھان ال في األعیانالكل

ویقول أرباب األحوال أنھا أمور ثابتة ثم تارة یقولون أنھا موجودة معلومة . بل في داخل یعني خارج الذھن وداخلھمجھولة، وقد دارت فیھ رؤوسھم وتاھت عقولھم، والعجب انھ وأخرى یقولون ال موجودة وال معدومة وال معلومة وال

إذ من ھا ھنا یأخذ العقل أإلنساني في التصرف وما كان قبلھ كان . أول منزل ینفصل بھ المعقول عن المحسوسیشارك ھذا التخیل البھیمي التخیل اإلنساني ومن تحیر في أول منزل من منازل تصرف العقل كیف یرجى فالحھ في

فاتھ الغامضة، ومن التبس علیھ قول القائل إن السواد والبیاض یشتركان في أمر معقول ھو اللونیة والوجود تصر في مجرد االسم . ویختلفان في أمر ذاتي، وما فیھ االختالف بالضرورة غیر ما فیھ االشتراك إذ لیس ھذا اشتراكا

معلومة على القطع إلى أن یبحث عن حقیقتھا أنھا تباین كاشتراك العائد والكوكب في اسم المشتري، وان ھذه الغیریة فمن التبس علیھ ھذا كیف یتضح لھ أمر من الغوامض . في الوجود أو تباین في العقل، وھو من خواص العقل

مغلقة على أكثر التضاد وال یمكن التكفل ببیانھ مع ما نحن ة فإن كشف غطائھا یقرع أبوابا ولنتجاوز ھذه المغاص . من االختصاربصدده

:الفصل الثالثفة تألیفا یتطرق إلیھ التصدیق والتكذیب كقولنا مثال العالم حادث من فن السوابق في أحكام السوابق المعاني المؤلوالبارئ تعالى قدیم، فإن ھذا یرجع إلى تألیف القوة المفكرة بین معرفتین لذاتین مفردین ونسبة أحدھما إلى اآلخر

وقد التئم ھذا القول من جزئین یسمي . قلت العالم لیس بقدیم والباري لیس بحادث كانت النسبة نسبة النفيباإلثبات، فإن واآلخر صفة، ویسمي الفقھاء أحدھما حكما ، ویسمي المتكلمون أحدھما موصوفا النحویون أحدھما مبتدأ واآلخر خبرا

علیھ، ویسمي المنطقیون أحدھما موضوع وھو المخبر عنھ واآلخر محموال وھو الخبر، ولنصطلح واآلخر محكوما ا مجموع الحكم والمحكوم علیھ قضیة ولنسمیھما إذا علیھ ولنسم ومحكوما یھما حكما نحن على تسمیة الفقھاء فنسم

، فإذا استفدناھما من قیاس نتیجة إن كان لنا وما دام غیر مستنتج من القیاس دعوى . استعملناھما في سیاق قیاس مقدمة إن لم یكن لنا خصم فإن ھذه االصطالحات إذا لم تتحرر اختبطت المخاطبات والتعلیمات بل ربما . خصم ومطلوبا

ال ینتظم إال بألفاظ وآمال یرتبھا في نفسھ. اضطرب الفكر على الناظر المنفرد بنفسھ ولنذكر من . فإن فكر الناظر أیضا : ا اإلیجاز ویتضح الغرض بتفصیالت أربعةأحكام القضایا وأقسامھا ما یلیق بھذ

التفصیل األول إن القضیة بعد انقسامھا إلى النافیة مثل قولنا العالم لیس بقدیم وإلى المثبتة مثل قولنا العالم حادث تنقسم ھمال والقضایا بھذا االعتبار أربعة قضیة : األولى: باإلضافة إلى المحكوم علیھ إلى التعیین والخصوص والعموم واإل

قضیة مطلقة خاصة كقولك بعض الناس كاتب : الثانیة. في عین كقولنا زید كاتب وھذا السواد المشار إلیھ بالید عرض: الرابعة. قضیة مطلقة عامة كقولك كل جسم متحیز وكل سواد لون وكل حركة عرض: الثالثة. وبعض األجسام ساكن

نسان في خسر، وعلة ھذه ا إلیھ أو ال یكون قضیة مھملة كقولنا اإل مشارا لقسمة أن المحكوم علیھ إما أن یكون عینا فإما أن یحصر بسور بین مقداره بكلیة فتكون مطلقة عامة أو بجزئیة فتكون مطلقة خاصة أو ال . عینا فإن لم یكن عینا

یة مھملة، ومن والسور ھو قولك كل وبعض وما یقوم مقامھما، فإن سكت عنھما بقیت القض. یحصر بسور بل بمھملفإن المھمالت قد یعني بھا الخصوص . طرق المغالطین المحتالین في النظر استعمال المھمالت بدل القضایا العامة

نسان في خسر ویراد بھ األنبیاء والذین آمنوا وعملوا الصالحات، وقد فیصدق طرف النقیض فیھا إذ قد یقال لیس اإل

Page 6: محك النظر في المنطق - الغزالي

نسان في خسر ویراد بھ أكثر فإیاك وأن تسامح بھذا في النظریات فتغلط، ومثالھ من الفقھ إن طلبت . الخلقیقال اإل أن یقول الشافعي مثال معلوم أن المطعوم ربوي والسفرجل مطعوم فلیكن ربویا قلت إن . استیضاحا م فإذا قیل فل

فینبغي أن یقال لھ قولك المطعوم ربوي فیقول الدلیل علیھ أن البر والشعیر والتمر والرز مطعومات وھي ربویة، أردت بھ كل المطعومات أو بعضھا، فإن أردت بھ البعض لم تلزم النتیجھ إذ یمكن أن یكون السفرجل . العموم ربوي

كما سیأتي وجھھ لھ عن كونھ منتجا خرجا في نظر القیاس م وإن . من البعض الذي لیس بربوي، ویكون ھذا خلالا ولیس یظھر ھذا بما ذكرتھ من البر والشعیر والتمر والرز ما لم تبتین أن كل أردت بھ الكل فمن أین عرفت ھذ

فإنھ یتفق في أمثالھ عند تراكم األقیسة صور غامضة المطعومات ربویة، وھذا المثال وإن كان في ھذا المقام واضحا . یجب االحتراز عنھا

والوجود : قضیة ال یخلو عن ثالثة أقسامإن الحكم المنسوب إلى المحكوم علیھ في ال: التفصیل الثاني مكان وھي اإلنسان لیس بكاتب، إذ الكتابة باإلضافة في حیز . واالستحالة نسان كاتب اإل مثال الحكم الذي نسبتھ نسبة اإلمكان قولك اإل

مكان . وجوب والضرورةومثال الواجب قولك السواد لون والسواد لیس بلون، إذ نسبة اللون إلى السواد نسبة ال. اإلنسان لیس بحجر فإن قلت ال استحالة في قولك . ومثال الممتنع قولك السواد علم والسواد لیس بعلم واإلنسان حجر واإل

نسان لیس بحجر بل ھو واجب وال وجوب في قولك السواد لیس بلون بل ھو ممتنع فكیف جمعت بین النفي اإلثبات؟ فاعلم أني لم أقصد ذكر االمتنا مة على الحكم والمحكوم علیھ ولكني واإل ع والوجوب في جملة القضیة المسل

وبینت نسبتھ إلى المحكوم علیھ وبعضھ . أخذت الحكم مفردا د تتضمن النفي واإلثبات ویكون بعضھ صادقا ثم القضیة ق ولیس الغرض ذلك . كاذبا

ا یحتاج إلیھ، إذ: التفصیل الثالث مطلوب ال یقوم على نفسھ دلیل ولكن یقوم الدلیل في بیان نقیض الفضیة وھذا مم ربوربما یظن أن نقیض القضیة جلي ال . على بطالن نقیضھ فیتسلق من إبطالھ إلى إثبات نقیضھ، فال بد من معرفتھ

یھتم یحتاج إلى البیان، ومع ذلك فإنھ مثار لجملة من األغالیط ال تحصى، فإن األمور في أوائلھا تلوح جلیة ولكن إذا لموأعني بالقضیتین المتنافیتین كل قضیتین إذا . الناظر بتنقیحھا وتحقیقھا اعتاص علیھ التفصیل بین القضیتین المتنافیتین

صدقت إحداھما كذبت األخرى بالضرورة، كقولنا العالم حادث العالم لیس بحادث، وھما قضیتان تصدق إحداھما . كذب األخرى بستة شروطوتكذب األخرى، و إنما یلزم صدق إحداھما من

بالذات ال بمجرد اللفظ، فإن اتحد االسم دون المعنى لم یتناقضا، : األول أن یكون المحكوم علیھ في القضیتین واحدا بالبصر النور لیس بمدرك بالبصر، فھما صادقان إن أردت بأحدھما الضوء وباآلخر نور العقل، كقولك النور مدرك

ره، وقولھم المضطر آثم . قھاء المضطر مختار المضطروكذلك ال یتناقض،قول الف ك لیس بمختار في مسئلة الم . المضطر غیر آثم إذ المضطر قد یعبر بھ عن المدعو بالسیف إلى الفعل فاالسم متحد والمعنى مختلف

كقولك العالم قدیم العالم لیس بقدیم، وأردت بأ: الثاني ثم متناقضا واإل حد القدیمین ما أراد هللا أن یكون الحكم واحداره لیس بمختار، إذ ذكرتا أن ) كالعرجون القدیم(تعالى بقولھ ك ره مختار والم ك لم یتنافى قول الخصمین الم وكذلك أیضا

. المختار عبارة عن معنیین مختلفین لبكر وال أن تتحد اإلضافة قي األمور اإلضافیة فإنك لو قلت زید أب زید لیس بأب لم یتناقض،: الثالث إذ یكون أبا

آلخر، والعشرة نصف والعشرة لیست بنصف لشخص وابنا لخالد، وكذلك تقول زید أب، زید ابن، فیكون أبا یكون أباوفي النظریات الفقھیة والعقلیة أغالیط كثیرة ھذا منشأھا كقولك . ولیست نصف الثالثین. أي ھي نصف العشرین

ى علیھا المرأة لیس ى علیھا وھما صادقتان باإلضافة إلى النكاح والبیع و إلى العصبة واألجنبيالمرأة مول . بمول بالفعل وھما صادقتان، والسیف : الرابع بالقوة ولیس بمرو أن یتساویا في القوة والفعل فإنك تقول الماء في الكوز مرو

ا خلط المختلفون في أن هللا تعالى في ومن ھذ. بالغمد صارم ولیس بصارم وھما صادقتان، والفاسق شاھد ولیس بشاھد . األزل خالق وأن هللا تعالى في األزل لیس بخالق

التساوي في الجزء والكل فإنك تقول الزنجي أسود الزنجي لیس بأسود أي أسود البشرة لیس بأسود األسنان : الخامسد إذا قلنا زید عالم وزید عبارة عن وعن ھذا الغلط تخیل من بعد عن التحصیل أن العالمیة حال بجملة زی. فیصدقان

جملتھ، ولم یعرف أنا إذا قلنا زید في بغداد لم نرد بھ أنھ في كل البلد بل في بعضھ، وان كانت بغداد عبارة عن كل في بغداد في مكان یساوي مساحة بدنھ، وكذلك أعني وضوح األمر إذ . البلد ولكن أعني بالعادة والحس بیان أن زیدا

عالم بحر ال یجري من قلبھ أو دماغھتقول إن زی . داالتساوي في الزمان والمكان فإنك تقول العالم حادث العالم لیس بحادث وھما صادقان، ولكنھ حادث عند أول : السادس

وجوده ولیس بحادث قبلھ وال بعده بل قبلھ معدوم وبعده باق، وتقول الصبي ینبت لھ أسنان الصبي ال ینبت لھ أسنان وھو أن ونعني بأحدھما السنة األولى وباآلخر بعده وال ینبغي أن نطول بتحدید الشروط واألمثلة فلنجمل لھ ضبطا

القضیة المناقضة ھي التي تسلب مثال ما تثبتھ األولى بعینھ أو تثبت ما سلبتھ األولى ونفتھ، وفي ذلك الوقت والمكان ویحصل . وكذا في الجزء والكل. القوة وبالفعل إن كان ذلك بالفعلوالحال وتلك اإلضافة بعینھا، وبالقوة إن كان ذلك ب

Page 7: محك النظر في المنطق - الغزالي

ذلك بان ال تخالف القضیة النافیة المثبتة إال في تبدیل النفي باإلثبات فقط ھذا إذا كانت القضیة قضیة في عین، فإن ر أن یجتمعا كانت عامة زادت شریطة أخرى وھي أن تكون إحداھما عامة واألخرى خاصة لیلزم التناقض وأال یتصو

، فإن القضیتین العامتین في نسبة الممكنات كاذبتان، كقولنا كل في الصدق أو الكذب وال یكون التناقض ضروریاإنسان كاتب ال أحد من الناس كاتب والخاصتان صادقتان، كقولك بعض الناس كاتب بعض الناس لیس بكاتب، فتأمل

یحتاج إلیھ وربما ال ال. ھذه الشروط واستخرج من نفسك بقیة األمثلة تفصیل الرابع في بیان عكس القضیة وھذا أیضایصادف الدلیل على نفس المطلوب ویصادف على عكسھ، فیمكن التوصل منھ إلى المطلوب، وأعني بالعكس أن تجعل

وال تتصرف فیھ إال ھذا القدر وتبقى القضیة صادقة، فعند ذلك علیھ والمحكوم علیھ حكما تقول ھذه الحكم محكوما : والقضایا بھذا االعتبار أربع. قضیة منعكسة، أي عكسھا أیضا صادق

. نافیة عامة ولسنا نتكلم في قضیة العین فإنھا ال تستعمل في النظریات بل في األعمال والصناعات والعادات: األولىض صدق قولنا ال عرض واحد فالنافیة العامة تنعكس مثل نفسھا نافیة عامة، فمھما صدق قولنا ال متحیز واحد عر

وإذا صدق قولنا ال سواد واحد علم صدق قولنا ال علم واحد سواد، فإن ما یسلب عن الشيء فمسلوب عنھ . متحیز . الشيء بالضرورة

النافیة الخاصة وال یصدق عكسھا البتة، فإنك إذا قلت بعض اللون لیس بسواد لم یمكن إن تقول وبعض السواد : الثانیة . و ال أمكنك أن تقول كل السواد لیس بلونلیس بلون

المثبتة العامة وال تنعكس مثل نفسھا فانك مھما قلت بعض األلوان سواد صدق قولك بعض السواد لون، فإن : الثالثةكون كل سواد لون ال یخرج عن الصدق قولنا بعض السواد لون وال یلتفت إلى فحوى الخطاب فلیس ذلك من مقتض

في موضعھوضع اللفظ وھو خ . ارج عن غرضنا ھذا و إن كان صحیحا. المثبتة الخاصة وھي تنعكس كنفسھا فإنك مھما قلت بعض الجماد جسم صدق قولك بعض الجسم جماد: الرابعة

. واقتصر من السوابق على ھذا القدر فالزیادة غلبة ال تلیق بحجم ھذا الكتابن أحدھما في نظم القیاس واآلخر في محك النظم وشرطھ وھو الفن الثاني من محك القیاس في المقاصد وھو طرفا

واعلم أنى أعني بالقیاس قضایا ألفت تألیفا یلزم من تسلیمھا بالضرورة قضیة أخرى وھذا لیس یتحد نمطھ . المقدمات . بل یرجع إلى ثالثة أنواع مختلفة المأخذ والبقایا ترجع إلیھا

: فنظمھ من ثالثة أوجھ: أما النمط األول علیھ في األخرى، ممل قولنا كل جسم مؤلف وكل : النظم األول في إحدى المقدمتین محكوما أن تكون العلة حكما

مؤلف حادث فیلزم منھ أن كل جسم حادث، وقولنا في الفقھ كل نبیذ مسكر وكل مسكر حرام فیلزم منھ أن كل نبیذ على الخمر، وال ینكشف الغطاء وعادة الفقھاء في الصیغة أن یقولوا النبیذ مسكر فی. حرام قیاسا نبغي أن یكون حراما

ومثل ھذه األقیسة إذا لم یمكن ردھا إلى ھذا النظم لم تكن النتیجة الزمة ولم . وال تنقطع الطالبة إال بالنظم الذي ذكرناها كل نبیذ مسكر واألخرى قولن: إحداھما. فإذا فھمت صورة ھذا النظم فاعلم أن في ھذا القیاس مقدمتین. تنقطع المطالبة

قولنا كل مسكر حرام وكل مقدمة تنقسم إلى جزئین بالضرورة مبتدأ وخبر وحكم ومحكوم علیھ فیكون مجموع ر في المقدمتین فتعود إلى ثالثة بالضرورة، ألنھا لو بقیت أربعة لم تشترك المقدمتان في أجزائھا أربعة أمور تتكر

. لد النتیجة، فإنك إذا قلت النبیذ مسكر ولم تتعرضشيء وبطل االزدواج بینھما وال تتو. ال للنبیذ وال للمسكر ولكن قلت والقتل حرام أو العالم حادث فال ترتبط إحداھما باألخرى: في المقدمة الثانیة

فبالضرورة ال بد من أن یكون أحد األجزاء األربعة متكررا في المقدمتین فیرجع إلى ثالثة، فلنصطلح على تسمیة ر في المقدمتین علة وھو الذي یمكن أن یمرن بقولك ألنھ في جواب المطالبةا قلت إن النبیذ . لمكر م فإنھ إذا قیل لك ل

علیھ ما یجري مجرى النبیذ محكوما حرام فتقول ألنھ مسكر وال تقول ألنھ حرام فما یقترن بھ ألن ھو العلة، ولنسم، فإنا في ال نتیجة نقول فالنبیذ حرام فنحكم على النبیذ بأنھ حرام ونشتق للمقدمتین اسمین وما یجري مجرى الحرام حكما

شارة إلیھما في التفھیم والمخاطبة، وال یمكن اشتقاق مختلفین من األجزاء والمعاني التي تشتمل علیھا لتسھل علینا اإلة فنشتقھ من الج. اسمین مختلفین لھما من العل زئین اآلخرین، فالمقدمة التي فیھا تعرض فإن العلة داخلة فیھما جمیعا

من ترتیب أجزاء النتیجة فإنا نقول في . للمحكوم علیھ نسقیھا المقدمة األولى والتي فیھا الحكم نسقیھا الثانیة اشتقاقا والحرام ثانیا . النتیجة فالنبیذ حرام فیكون النبیذ أوال

فیھا الحكم، وھي مقدمة، والتي فیھا الحكم ال یتصور أن یكون والمقدمة التي فیھا المحكوم علیھ ال یتصور أن یكونواعلم أن النتیجة إنما تلزم من ھذا القیاس إذا كانت . فیھا المحكوم علیھ، وھي مقدمة بل ھما خاصتان للمقدمتین

إن كان المطلوب فقھیا أو ظنا إن كان المطلوب عقلیا في قولك كل مسكر فإن نازعك الخصم . المقدمتان مسلمتین یقینافإن لم تتمكن من تحقیق تلك المقدمة بحس وال غیره وال من إثبات " كل مسكر حرام"حرام فإثباتھ بالنقل وھو قولھ

منا لم یتصور النزاع في النتیجة البتة، بل كل عقل صدق المقدمتین الثاني بنقل أو غیره لم ینفعك القیاس، ومھما سلوحاصل وجھ الداللة في ھذا . ما أحضرھما في الذھن وأحضر مجموعھما بالبالفھو مضطر للتصدیق بالنتیجة مھ

Page 8: محك النظر في المنطق - الغزالي

فإذا قلت المسكر النظم أن الحكم على الصفة حكم على الموصوف، فإنك إذا قلت النبیذ مسكر فقد جعلت المسكر وصفاسكر حرام وبطل حرام فقد حكمت على الوصف، فبالضرورة یدخل فیھ الموصوف، فإنك إذا قلت النبیذ مسكر وكل م

ومھما صدقت . قولنا النبیذ حرام مع انھ مسلم أنھ مسكر بطل قولنا إن كل مسكر حرام، إذ ظھر لنا مسكر لیس بحرام، شرط في المقدمة القضیة العامة لم یمكن أن یخرج منھا بعض المسقیات، وھذا النظم لھ شرطان حتى یكون منتجا

على األولى وھو أن تكون مثبتة، فإن كانت نا عن شيء لم یكن الحكم على المنفي حكما فیة لم ینتج ألنك إذا نفیت شیئاالمنفي عنھ، فإنك إذا قلت ال خل واحد مسكر وكل مسكر حرام لم یلزم منھ حكم في الخل، إذ وقعت المباینة بین الخل

ثبات ال یتعدى إلى الخل البتة . والمسكر فحكمك على المسكر بالنفي أو اإلأن تكون المقدمة الثانیة عامة حتى یدخل بسبب عمومھا المحكوم علیھ فیھ، فإنك لو قلت كل سفرجل : الثانيالشرط

، إذ لیس من ضرورة الحكم على بعض المطعوم أن مطعوم وبعض المطعوم ربوي لم یلزم منھ كون السفرجل ربویاخر، نعم إذا قلت وكل ا مطعوم ربوي لزم حكم الربا في السفرجل، ولكن یتناول السفرجل بل ربما كان الربوي بعضا

إلى إثبات المقدمة بعموم قولھ أو بمدرك آخر، وسنذكر مدارك المقدمات في الطرف " ال تبیعوا الطعام بالطعام"یحتاج ف ي الثاني من ھذا الفن، فإن قلت بماذا فارق ھذا النظم النظمین بعده فاعلم أن العلة إما أن توضع بحیث تكون حكما

علیھ في األخرى في إحدى المقدمتین محكوما علیھ في المقدمتین أو توضع بحیث تكون حكما المقدمتین أو محكوماوھذا اآلخر ھو النظم األول، وھو األوضح، فإن الثاني والثالث ال یتضح غایة االتضاح بالبرھان المحقق إال بالرد إلیھ

. فلذلك قدمتھ وسقیتھ النظم األول األوضح في المقدمتین، أعني أن یكون : النظم الثاني من نظم القیاس أن تكون العلة، أعني المعنى المتكرر في المقدمتین حكما

، مثالھ قولنا إن الباري تعالى لیس بجسم فیھما جمیعا في اآلخر، وال مبتدأ فیھما وال یكون مبتدأ في أحدھما خبرا خبرالف فالباري لیس بجسم، فھا ھنا ثالثة معان الباري والمؤلف والجسم والمتكرر ألن الباري لیس بمؤلف وكل جسم مؤ

في المقدمتین غیر مبتدأ بھ بخالف المسكر في النظم األول، إذ كان ة وتراه خبرا في المقدمتین ھو المؤلف فھو العل ومفصال في األخرى ووجھ لزومھ النتیجة یمكن تفھیمھ مجمال في إحداھما مبتدأ خبرا أما المجمل فھو أن كل . ومحققا

شیئین ثبت ألحدھما ما انتفى عن اآلخر وال یكون بینھما التقاء واتصال ال یجوز أن یخبر بأحدھما عن اآلخر، فالتألیف ثابت للجسم ومنفي عن الباري، فال یكون بین معنى الجسم والباري التقاء، فال یقال الباري جسم وال یقال

ولنعدل إلى مثال اخر . بالتحقیق والتفصیل فینبغي أن یرد إلى النظم األول بعكس المقدمة النافیةوأما . الجسم باري عن تردید لفظ الباري فإن قول القائل إنھ لیس بجسم كأنھ سوء أدب كما أن قولھ ھو جسم كفر، فإن من قال . تصاونا

صرح بنفیھ، إذ ال یتعرض إال لنفي ما لھ إمكان في للملك أنھ لیس بحجام وال بحائك فقد أساء األدب إذا وھم إمكان ما األجسام المادة والجسمیة أشد استحالة في ذاتھ تعالى عن قول الزائغین من الحیاكة والحجامة في الملك، فنقول مثال للجسم لیست أزلیة، إذ كل جسم مؤلف وال أزلي واحد مؤلف فیلزم منھ ال جسم واحد أزلي، إذ صار المؤلف ثابتا

عن األزلي وال یبقى بین األزلي والجسم ارتباط الخبر والمخبر وتفصیلھ بأن تنعكس المقدمة النافیة فإنھا نافیة . مسلوبامنا أن النافیة العامة تنعكس مثل نفسھا فإذا صدق قولنا وال أزلي واحد مؤلف صدق قولنا وال مؤلف عامة، وقد قد

كل جسم مؤلف فیعود إلى النظم االول، فیكون وجھ داللتھ ولزوم نتیجتھ واحد أزلي وھو عكسھ، فنضیف إلیھ قولنا وثبات فال. ما سبق وأما النظم األول فھو أكمل ألنھ ینتح . وخاصیة ھذا النظم أنھ ال ینتح إال القضیة النافیة، أما اإل

ولم نفرد تفصیل ھذه اآلحاد . خاصةالقضایا األربعة، أعني المثبتة العامة والمثبتة الخاصة والنافیة العامة والنافیة الثبات فاعلم أن ھذا ال ینتج إال النفي، ومن شرطھ ان تختلف ال ینتج ھذا النظم اإل استثقال التطویل فإن قلت فلم في النفي واإلثبات، فإن كانتا مثبتتین لم ینتجا ألن حاصل ھذا النظم یرجع إلى الحكم بشيء واحد على المقدمتان أیضا

یس من ضرورة كل شیئین یحكم علیھما بشيء واحد أن یخبر بأحدھما عن اآلخر، فإنا نحكم على السواد شیئین ول باللونیة وال یلزم أن یخبر عن السواد بأنھ بیاض وال عن البیاض بأنھ سواد، ونظم القیاس فیھ أن یقال والبیاض جمیعا

في المقدمتین، كل سواد لون وكل بیاض لون فكل سواد بیاض أو كل بیاض سواد و ر وقد جعل خبرا اللون ھو المتكر، نعم كل شیئین أخبر عن أحدھما بما یخبر عن اآلخر بنفیھ یجب أن یكون وال انفصاال ولم ینتح بین المعنیین ال اتصاال

. بینھما انفصال وھو النفي، وبرھانھ عكس المقدمة النافیة لیعود إلى النظم األول أن تكون : النظم الثالث ، ولكن نتیجة خاصة ال عامة، . العلة مبتدأ في المقدمتین جمیعا فھذا إذا جمع شروطھ كان منتجا

مثالھ كل سواد عرض وكل سواد لون فیلزم منھ أن بعض العرض لون، وكذلك إذا قلت كل بر مطعوم وكل بر ربوي جة منھ باإلجمال إن الربوي والمطعوم وبیان وجھ داللتھ ولزوم النتی. فیلزم منھ بالضرورة أن بعض المطعوم ربوي

وإن خاصا حكمنا بھما على شيء واحد وھو البر فیلزم بالضرورة بینھما التقاء، وأقل درجات االلتقاء أن یوجب حكما وبعض الربوي مطعوم، وان لم یمكن ، دان لم یكن عاما خاصا فأمكن أن یقال بعض المطعوم ربوي حكما لم یكن عاما

وأما تفصیل تفھیمھ فھو بأن تعكس المقدمة التي . بمجرد ھذا كل واحد مطعوم ربوي أو كل ربوي مطعومأن یف ل وھو قولنا كل بر مطعوم، وقد ذكرنا أن المثبتة العامة تنعكس مثبتة خاصة، فإن صدق قولنا كل بر ذكرناھا أوال

Page 9: محك النظر في المنطق - الغزالي

ن كل بر ربوي ویرجع إلى النظم األول، إذ یصیر مطعوم صدق قولنا بعض المطعوم بر فتبقى المقدمة الثانیة، وھو أ في األخرى، وشرط اإلنتاج في ھذا النظم أن تكون المقدمة المطعوم الذي ھو المتكرر مبتدأ في إحدى المقدمتین خبرا

النتیجة األولى التي فیھا المحكوم علیھ مثبتة وال تكون نافیة كما شرطنا ذلك في النظم األول، فان كانت نافیة لم تلزم فیھ كل نظم أمران أحدھما أنھ ال بد أن یكون في جملة المقدمتین قضیة . وال یضر أن تكون خاصة، والذي یشترك

والثاني أن یكون فیھما مثبتة فال تلزم نتیجة من نافیتین قط، ولھذا شرح لكن ال . عأمة فال تلزم نتیجة من خاصتین البتةفان علیك وظیفتین إحداھما تأمل . الجد في التأمل والمثابرة على الممارسةأظنك تھتدي إلى ذلك بنفسك مھما ساعدك

فأني اخترعت أكثرھا من تلقاء نفسي ألن االصطالحات في . ھذه األمور الدقیقة، واألخرى األنس بھذه األلفاظ العربیة منھ م فیقصر فھمك علیھ، وال تفھم ھذا الفن ثالثة اصطالح المتكلمین والفقھاء والمنطقیین، وال أؤثر أن أتبع واحدا

اصطالح الفریقین اآلخرین، ولكن استعملت من األلفاظ ما رأیتھ كالمتداول بین جمیعھم واخترعت ألفاظا لم یشتركوا في استعمالھا ؛ حتى إذا فھمت المعاني بھذه األلفاظ فما تصادفھ في سائر الكتب یمكنك أن ترده إلیھا وتطلع على

. مرادھم منھامن القیاس أال یكون فیھ علة وحكم ومحكوم علیھ كما سبق بل تكون فیھ مقدمتان والمقدمة األولى تشتمل : الثاني النمط

ھذا النمط نمط التالزم، . على قضیتین والمقدمة الثانیة تشتمل على ذكر واحد من تینك القضیتین أو نقیضھا ولنسمحدث وم فلھ م بالضرورةومثالھ قولنا إن كان العالم حادثا ثا حد فالمقدمة . علوم أنھ محدث فتلزم منھ نتیجة وھو أن لھ م

م، والثاني وھما قضیتان إن حذف قولنا إن،كان أحدھما قولنا العالم حادث ولنسقھ المقد األولى قولنا إن كان العالم حادثاث ولنسقھ الالزم أو التابع، والمقدمة الثانیة اشتملت على ت حد وھو قبرلنا فلھ م سلیم عین القضیة التي سقیناھا مقدما

حدث ؛ وھو عین الالزم ومثالھ في الفقھ قولنا إن كان . قولنا معلوم أن العالم حادث فتلزم منھ نتیجة وھو أن العالم م، ومعلوم أنھ یؤدى على الراحلة بكل حال فثبت أنھ نفل تر یؤدى على الراحلة بكل حال فھو نفل ،وھذا النمط .الو

فإنھ ینتج . یتطرق إلیھ أربع تسلیمات ینتج منھا اثنتان وال ینتج اثنتان أما المنتج فتسلیم عین القضیة التي سقیناھا مقدماعین الالزم، مثالھ قولنا إن كانت ھذه الصالة صحیحة فالمصلي متطھر ومعلوم أن ھذه الصالة صحیحة فیلزم منھ

لونومثالھ من الحس قولنا إن ك. المصلي متطھر فھو لون ومعلوم أنھ سواد فھو إذا وأما المنتج اآلخر . ان ھذا سوادام، ومعالھ قولنا إن كانت ھذه الصالة صحیحة فالمصلي متطھر ومعلوم فھو تسلیم نقیض الالزم فانھ ینتج نقیض المقد

نقیض الالزم نقیض المقدم، ومثالھ أن المصلي غیر متطھر فینتج أن الصالة لیست صحیحة، فانظر كیف أنتج تسلیم فولنا إن كان بیع الغائب صحیحا فھو یلزم بصریح اإللزام ومعلوم إن ھذا الالزم باطل فإنھ لیس یلزم بصریح أیضا

م، وھو إن البیع غیر صحیح قولنا إن كان الباري تعالى على العرش فھو . اإللزام فیلزم منھ نقیض المقد ومثالھ أیضام محاال مقدر ألنھ مساو للعرش فیكون المقد را ووجھ داللة . أو أصغر أو أكبر، ومعلوم أن الالزم محال وھو كونھ مقد

ھذا أن المؤدي إلى المحال محال وقول الخصم أنھ على العرش مؤدي إلى المحال فھو محال، وقولھ إن بیع الغائب إلى المحال، وھو أن یلزم بصریح اإللزام على خالف اإلجماع فأما الذي ال . والمؤد إلى المحال محالصحیح مؤد

فإنا إذا قلنا إن كانت ھذه الصالة صحیحة فالمصلي متطھر ومعلوم أن المصلي متطھر . ینتج فھو تسلیم عین الالزموكذلك تسلیم . فیلزم أن الصالة صحیحة، وھو غیر صحیح، إذ ربما تكون الصالة باطلة بعلة أخرى سوى الطھارة

م ال ین فانك لو قلت ومعلوم أن الصالة لیست بصحیحة فال یلزم من ھذا أن . تج ال عین الالزم وال نقیضھنقیض المقد حكم على . المصلي متطھر وال أنھ غیر متطھر والفرق بین ھذا النمط والنمط األول أن األول ترتیبھ خبر عن شيء تم

ر األخیر، وكل واحد من األجزاء الثالثة یصلح أن الخبر بشيء فلزم منھ نتیجة وھو االلتقاء بین المبتدأ األول والخب لآلخر في نظم ھذا الكالم وحكما وخبرا فإن . وأما ھذا فإنھ إظھار تالزم بین قضیتین غیر متداخلتین. یجعل وصفا

الزم لكون الصالة صحیحة، فال یمكن قولنا إن كانت الصالة صحیحة فالمصلي متطھر بیان أن كون المصلي متطھرا للصحةأن للصالة وال وصفا ال وصفا وأما . والفرق من حیث الترتیب والنظم ظاھر. یجعل كون المصلي متطھرا

لشيء فینبغي أن ال یكون الملزوم أعم من الالزم، بل إما أخص وإما وجھ الداللة فھو أنھ مھما جعل شيء الزما إذ یلزم من ثبوت السواد وجوده ووجود . عمومھما كان أخص فبثبوت األخص یلزم بالضرورة ثبوت األ. مساویا

وانتفاء األعم یوجب انتفاء األخص، إذ یلزم من انتفاء اللون انتفاء السواد . اللون، وھو الذي عنیناه بتسلیم عین المقدم فأما ثبوت األعم فال یوجب ثبوت األخص، فإن ثبوت اللون ال یدل على ثبوت. وھو الذي عنیناه بتسلیم نقیض الالزم

السواد، فلذلك قلنا تسلیم عین الالزم ال ینتج ال نفي الالزم وال ثبوتھ، وأما انتفاء األخص فال یوجب انتفاء األعم، فإن م ال ینتج ال عین الالزم وال انتفاء السواد ال یوجب انتفاء اللون وال ثبوتھ، وھو الذي عنیناه بقولنا إن تسلیم نقیض المتد

للمتقدم وأما جعل األخص ال. نقیضھ فھو سواد وإن كان الالزم مساویا لألعم فھو خطأ، كمن یقول إن كان ھذا لونا زما فالرجم واجب ومعلوم أنھ موجود فإذن الرجم واجب، أو : أنتج منھ أربع تسلیمات ن موجودا كقولنا إن كان زنا المحص

الرجم غیر واجب، أو معلوم أن الرجم واجب زنا المحصن موجود، أو معلوم أن معلوم أنھ غیر موجود فإذا فإذا الزنا غیر موجود وكذلك كل معلول لھ علة وھو مساو لعلتھ ویلزم أحدھما اآلخر فینتج فیھ . الرجم غیر واجب فإذا

Page 10: محك النظر في المنطق - الغزالي

التسلیمات األربع، ومثالھ من المحسوس إن كانت الشمس طالعة فالنھار موجود لكنھا طالعة فھو موجود لكنھا غیر النمط . موجود، ولكن النھار موجود فالشمس طالعة، ولكن النھار غیر موجود فالشمس غیر طالعة طالعة فھو غیر

وھو على ضد نمط التالزم والمتكلمون یسقونھ السبر والتقسیم والمنطقیون یسمونھ الشرطي : الثالث نمط التعاندقدمة وھما قضیتان، یحذف إما األولى قولنا المنفصل، ونحن سمیناه التعاند، ومثالھ العالم إما قدیم وإما حادث فھذه م

العالم قدیم أو الثانیة قولنا العالم حادث، فتسلیم إحدى القضیتین أو نقیضھا یلزم منھ ال محالة نتیجة وینتج فیھ أربع یس أو نقول ومعلوم أنھ ل. فانا نقول ومعلوم أنھ حادث فیلزم منھ نقیض المقدمة األخرى وھو أنھ لیس بقدیم: تسلیمات

أو . أو نقول ومعلوم أنھ قدیم فیلزم منھ نقیض األخرى وھو أنھ لیس بحادث. بحادث فیلزم منھ عین المقدمة األخرىفبالجملة كل قسمین متناقضین متقابلین إذا وجد فیھما شرائط . نقول ومعلوم أنھ لیس بقدیم فیلزم منھ عین األخرىونفي أحدھما إثبات اآلخر، وال یشترط إن تنحصر المقدمة في التناقض كما سبق فینتج إثبات أحدھما نفي اآلخر ستوفى أقسامھ وإن كان ثالثا فإنا نقول ھذا الشيء إما مساو وإما أقل و إما أكثر فھذه ثالثة . قسمین بل شرطھ أن ت

انحصار الحق في ولكنھا حاصرة، فاثبات واحد ینتج نفي اآلخرین وإبطال اثنین ینتج إثبات الثالث و إبطال واحد ینتج ، كقولك زید إما بالعراق و إما بالحجاز وھذا مما اآلخرین أحدھما ال بعینھ، والذي ال ینتج فھو أن ال یكون محصورا

وأما إبطال واحد فال ینتج إثبات . یوجب إثبات واحد نفي اآلخر، فإنھ إن ثبت أنھ بالعراق انتفى عن الحجاز وغیرهلث ویكاد یكون كالم من یستدل على إثبات رؤیة الباري بإحالة تصحیح الرویة على اآلخر إذ ربما یكون في صقع ثا

بان نقول تصحیح الرؤیة ال یخلو إما أن یكون بكونھ جوھرا الوجود غیر محصور، إال أن نتكلف لحصره وجھا فیبطل بالحركة أو لونا فیبطل بالجوھر أو كونھ سوادا تبقى شركة لھذه المختلفات فال . فیبطل بالعرض أو كونھ عرضا

إال في الوجود فھو المصحح، إذ یمكن إن یكون قد بقي أمر آخر مشترك لم یعثر علیھ الباحث سوى الموجود، ممل معنى أخر، إال أن نتكلف حصر المعاني ونتكلف نفي جمیعھا . كونھ بجھة من الرائي مثال فلعل ثم فإن أبطل ھذا أیضافكل استدالل ال یمكن رده إلى ھذه . بد منھ فعند ذلك تحصل النتیجة، فھذه ضروب األقیسةونبین أن طلب مصحح ال

في حق اللواحق . الضروب فھو غیر منتج وسنزیده شرحا

الفن الثالثمن المقاصد في بیان المقدمات الجاریة من القیاس مجرى الثوب من القمیص والخشب من السریر، فان ما ذكرناه

طة من القمیص وشكل السریر من الخشب، وكما ال یمكن أن یتخذ من كل جسم سیف وسریر جرى مجرى الخیاوقمیص، إذ ال یتأتى من الخشب قمیص وال من الثوب سیف وال من السیف سریر فكذلك ال یمكن أن یتخذ من كل

إن كان مقدمة وقضیة قیاس منتج ، بل القیاس المنتج ال ینصاغ إال من مقدمات یقینیة إن كان المطلو ب یقینیا أو ظنیا، فلنذكر معنى الیقین في نفسھ لتفھم ذاتھ ولنذكر مدركھ لتفھم اآللة التي بھا نقتنص الیقین وھذا وإن . المطلوب فقھیا

إما الیقین فال تعرفھ إال بما أقولھ وھو أن النفس إذا . كان القول یطول فیھ ولكنا نحرص على اإلیجاز بقدر اإلمكانأن تتیقن وتقطع بھ وینضاف إلیھ قطع ثان وھو : احدھا: ق بقضیة من القضایا وسكنت فلھا ثالثة أحوالأذعنت للتصدی

أن یقطع بأن قطعھ بھ صحیح ویتیقن بأن یقینھ ال یمكن أن یكون فیھ سھو وال غلط وال التباس، وال یجوز الغلط ال في بأنھ ال یتصور أن یتغیر فیھ رأیھ وال أن تیقنھ بالقضیة وال في تیقنھ الثاني بصحة یقینھ، ویكون فیھ آ قاطعا مطمئنا منا

حكى نقیض اعتقاده عن أفضل الناس فال یتوقف في تجھیلھ وتكذیبھ یطلع على دلیل غاب عنھ فیغیر اعتقاده، ولو مع معجزة قد ادعى أن ما یتیقنھ خطأ ودلیل خطأه معجزتھ فال یكون لھ تأث یر بھذا وخطأه، بل لو حكى لھ أن نبیا

لع نبیھ على سر انكشف لھ . السماع إال أن یضحك منھ، ومن المحكي عنھ فإن خطر ببالھ أنھ یمكن أن یكون هللا قد اط ال یكون في . نقیض اعتقاده، فلیس اعتقاده یقینا واحدا ومثال ھذا العلم قولنا إن الثالثة أقل من الستة، وإن شخصا

. موضع ونظائر ذلكمكانین، وإن شخصین ال یجتمعان في ال یتمارى فیھ وال یشعر بنقیضھ البتة ولو أشعر بنقیضھ عسر علیھ اذعان : الحالة الثانیة جزما أن یصدق بھ تصدیقا

صغاء إلیھ ولكنھ لو ثبت وأصغى وحكى لھ نقیض معتقده عمن ھو أعلم الناس وأعدلھم عنده، وقد نقلھ مثال نفسھ لإل وھو أكثر اعتقاد عوام المسلمین والیھود عن النبي أورث ذلك في یق جزما ھذا الجنس اعتقادا ما ولنسم ینھ توقفا

والنصارى في معتقداتھم وأدیانھم ومذاھبھم، بل أكثر اعتقاد المتكلمین في نصرة مذاھبھم بطریق األدلة، فإنھم قبلوا بحسن الظن والتصدیق من أرباب مذاھبھم الذی فیھم اعتقادھم بكثرة سماعھم الثناء المذاھب واألدلة جمیعا سن ن ح

علیھم وتقبیح مخالفتھم ونشؤھم على سماع ذلك منذ الصبا، فإن المستقل بالنظر الذي یستوي مثیلھ في أول نظره إلى سالم وسائر المذاھب عزیز . الكفر واإل

أو ال یشعر ولكنھ إن أشعر بھ لم أن یكون لھ سكون نفس إلى شيء والتصدیق بھ وھو یشعر بنقیضھ: الحالة الثالثة ولھ درجات في المیل إلى الزیادة والنقصان ال تحصى، فمن سمع من عدل شیئا ى ظنا ینفر طبعھ عن قبولھ، وھذا یسمسكنت إلیھ نفسھ، فإن انضاف إلیھ ثان زاد السكون وقوي الظن، فإن انضاف إلیھ ثالث زادت القوة، فإن انضافت إلیھ

Page 11: محك النظر في المنطق - الغزالي

على الخصوص زادت القوة، فإن انضافت إلیھ قرینة حال كما إذا أخبروا عن أمر مخوف وھم على تجربة بصدقھمصورة مذعورین صفر الوجوه مضطربي األحوال زاد الظن، وھكذا ال یزال یترقى قلیال قلیال في القوة إلى أن ینقلب

إذا انتھى الخبر إلى حد التواتر حتى یطلقون والمحدثون . الظن على التدریج یقینا ویقینا یسقون أكثر ھذه األحوال علمابأن األخبار التي تشتمل علیھا الصحاح یوجب العلم العمل بھا على كافة الخلق إال آحاد المحققین، فإنھم یسقون الحالة

وال یمیزون بین الحالة الثانیة واألولى، والحق أن الیقین ھو األول والثاني مظان الغلط فمھما ألفت القیاس .الثانیة یقینامن مقدمات یقینیة حقیقیة في صورة تألیف الشروط التي قدمناھا كانت النتیجة الحاصلة یقینیة ضروریة بحسب ذوق

. المقدمات الفصل الثاني

في مدارك الیقین واالعتقاد عن نیلھ والظفر بھ فمن أین یقتنص م مؤنسا ثل ھذا الیقین وما آلتھ لعلك تقول قد استقصیت في شروط الیقین استقصاء

فاعلم أن مدارك الظنون لست أذكرھا فإنھا واضحة للفقھاء والناس كافة، ولكن أذكر مدارك الیقین . ومدركھ واالعتقادات التي یظن بھا الیقین ومجامعھا فیما حضرني اآلن ینحصر في سبعة أقسام، ولنخترع لكل واحد منھا اسما

من سببھ : مشتقا :األول أولیات واعني بھا العقلیات المحضة التي اقتضى ذات العقل بمجرد حصولھا من غیر استعانة بحس التصدیر

بھا مثل علم اإلنسان بوجود ذاتھ، وبان الواحد ال یكون قدیما حادثا، وأن النقیض إذا صدق أحدھما كذب اآلخر، وان تبة في العقل منذ وجوده حتى یظن العاقل أنھ لم وبالجملة ھذه القضایا تصادف مر. اإلثنین أكثر من الواحد ونظائره

والقدیم بھ، وال یدري متى حصل وال یقف حصولھ على وجود أمر سوى العقل، إذ یرتسم فیھ الوجود مفردا یزل عالما والقوة المفكرة تجمع ھذه المفردات وتحسب بعضھا إلى بعض، مثل أن تحضر أن القدیم حادث والحادث مفردا مفردا

ذب العقل بھ أو أن القدیم لیس بحادث ویصدق العقل بھ، وال نحتاج إال إلى ذھن ترتسم فیھ المفردات والى قوة ویك . مفكرة تنسب بعض ھذه المفردات إلى البعض فیتربص العقل على البدیھة إلى التصدیق أو التكذیب

فرحھ وسروره وجمیع احوالھ الباطنة وذلك كعلم اإلنسان بجوع نفسھ وعطشھ وخوفھ و :الثاني المشاھدات الباطنةال یكفي في إدراكھا بل . وھذه لیست مدركة بالحواس الخمس ومجرد العقل. التي یدركھا من لیس لھ الحواس الخمس

ان فإذا یحصل من ھذا المدرك . البھیمة تدرك ھذه األحوال من نفسھا بغیر عقل و األولیات ال تكون للبھائم والصبیایا قطعیة مثل قطعھ بأنھ جائع ومسرور وخائف، ومن عرف نفسھ وعرف السرور وعرف حلول یقینیات كثیرة وقض

السرور فیھ ینظم من ھذه المعارف قضیة یحكم على نفسھ بأنھا مسرورة، فكانت القضیة المنظومة منھ عند العقل . قضیة حقیقة

ستدیرة وھذا الفن واضح، ولكن یتطرق كقولك الملح ابیض والقمر مستدیر والشمس م :الثالث المحسومات الظاھرة مفرط أو قرب مفرط أو ضعف في العین وأسباب الغلط في . الغلط إلى اإلبصار بعوارض فتغلط ألجلھا مثل بعد

والذي باالنعطاف كما یرى ما وراء . اإلبصار الذي على االستقامة ثمانیة، واإلبصار الذي باالنعكاس كما في المرآةه في البلور والزجاج تتض اعف فیھ أسباب الغلط ومداخل الغلط في ھذه الحالة على الخصوص ال یمكن استقصاؤ

من أغالیط البصر فانظر إلى طرف الظل . مجلدات وال یمكن أن یجعل عالوة على ھذه الحالة وان أردت أنموذجا والعقل یقضي بأنھ ستحرك وإلى الكواكب فتراھا ساكنة وھي متحركة والى الصبي والنبات في أول النمو فتراه ساكنا

و أمثال ذلك مما یكثر . وھي في النمو في كل لحطة تتزاید على التدریح ویراه واقفاویعبر عنھا باطراد العادات وذلك مثل حكمك بأن النار محرقة والحجر ھاو إلى جھة األرض :الرابع التجریبات

بھا، والنار متحركة إلى جھة فوق وألخبز مشبع والماء مرو و الخمر مسكر وجمیع المعلومات بالتجربة عند من جرفإن معرفة الطبیب بان السقمونیا مسھل كمعرفتك بان الخبز مشبع، فإنھ انفرد بالتجربة وكذلك الحكم بأن المغناطیس

فأما الحكم. وھذا غیر المحسوسات ألن مدرك الحس ھو أن ھذا الحجر ھوى إلى األرض. جاذب للحدید عند من عرفھ بأن كل حجر ھاو إلى األرض فھو قضیة عامة ال قضیة في عین فلیس للحس إال قضیة في عین، وكذلك إذا رأى مائعا عقیبھ وذلك في شراب معین وسكرا وقد شربھ فسكر لم یحكم بأن جنس ھذا المائع مسكر، فإن الحس لم یدرك إال شربا

حساس مرة بعد أخرى إذا المرة الواحدة ال تحصل والحكم الثاني ھو حكم العقل بواسطة الح. مثار إلیھ س وبتكرر اإلخالص فزال لم یحصل لھ علم بأنھ مزیل بل ھو كما لو قرأ علیھ سورة اإل العلم فمن تألم لھ موضع فصب علیھ مائعا

كذا لو جرب قراءة و. إذ قد یخطر ببالھ إن زوالھ كان باالتفاق، فإذا تكرر زوالھ مرات كثیرة حصل لھ العلم. مرة فزالخالص مثال على المرض األول وكان یزول كل مرة أو في األكثر یحصل لھ یقین بأنھ مزیل كما حصل سورة اإل

. الیقین بأن الخبز مزیل للجوع والتراب غیر مزیل لھ بل زائد فیھحساس والتكرر بواسطة قیاس خفي ارتسم فیھ، ولم وإذا تأملت ھذا القن حق التأمل عرفت أن العقل نال ھذه بعد اإل

وكان العقل یقول لو لم یكن ھذا السبب یقتضیھ لما اطرد . یثبت شعوره بذلك القیاس ألنھ لم یلتفت إلیھ ولم یشكلھ بلفظھ

Page 12: محك النظر في المنطق - الغزالي

نسان یأكل الخبز فیتألم رأسھ ویزول جوعھ فیقضي على الخبز بأنھ مشبع . في اكثر، ولو كان باالتفاق لتخلف فإن اإل مع ولیس بمؤلم لفرق یالم یحملھ على سبب آخر اتفق اقترانھ بالخبز، إذ لو كان، بالخبز لكان دائما بینھما وھو أن اإل

في معنى تالزم األسباب والمسببات والتعبیر عنھا باطراد . الخبز أو في األكثر كالشبع عظیما وھذا األمر یحرك أصال . الفالسفة ما ینبھ عن غوره وقد ذكرنا في كتاب تھافت. العادات، وأن ذلك ما حقیقتھ

والمقصود أن القضایا التجریبیة زائدة على الحسیة ومن لم یمعن في تجربة األمور تعوزه جملة من القضایا العینیة یتفردون بعلم ویستبعده آخرون لجھلھم بمقدماتھ التي ال فیتعذر علیھ درك ما یلزم منھا من النتائج، ولذلك نرى أقواما

لتجربة، وھذا كما أن األعمى واألصم یعوز جملة من العلوم النظریة التي تستنتج من مقدمات محسوسة تحصل إال باوال یفرق األعمى قط بالیقین البرھاني، أن شكل الشمس مثل شكل األرض أو أكبر منھا، فإنھا تعرف بأدلة ھندسیة

قص العقل مقدماتھا إال بشبكة البصر وسائر تبنى على مقدمات مستفادة من البصر وكثیر من العلوم النفیسة ال یتن . الحواس، ولذلك قرن هللا السمع والبصر بالفؤاد في أ لقرآن

كعلمنا بوجود مكة ووجود الشافعي وبعدد الصالة الخمس، بل كعلمنا بأن مذھب :الخامس المعلومات بالتواتر، المخبر فإن ھذه أمور وراء المح. الشافعي أن المسلم ال یقتل بالذمي وغیره سوس، اذ لیس للحس إال أن یسمع صوتا

وال ینحصر العدد الموجب . بوجود مكة، فأما الحكم بصدقھ فھو للعقل والتھ السمع وال مجرد السمع بل تكریر السماعللعلم في عدد، ومن تكلف حصر ذلك فھو في شطط بل ھو لتكرر التجربة، فإن كل مرة فیھا شھادة أخرى تنضم إلى

فان ترقي الظن فیھ وفي التواتر خفي التدریج ال تشعر بھ النفس . یدري متى ینقلب الظن الحاصل منھ یقینا اآلخر فالالبتة، كما أن نمو الشعر خفي التدریج ال یشعر بوقتھ ولكن بعد زمان یدرك التفاوت فكذا ھذه العلوم، فھذه مدارك

وذلك ممل : السادس الوھمیات. منھا النفس وما بعده لیس كذلكالعلوم الیقینیة الحقیقیة الصالحة للبراھین التي تطیب وال خارجا بالعالم وال منفصال ال متصال إلى جھتھ، وأن موجودا قضاء الوھم بان،كل موجود ینبغي أن یكون مشارا

محال یف اآلخر من فإن إثبات شيء مع القطع بأن الجھات الست خالیة عنھ محال، وھو عمل قوة في التجو. وال داخالفھا، فلیس في طبعھا إال النبوة عنھا وانكارھا ومن ھذا القبیل ى وھمیة شأنھا مالزمة المحسوسات التي أل الدماغ تسم

وھاتان قضیتان وھمیتان كاذبتان، واألولى منھما ربما . نفرة الطبع عن قول القائل لیس وراء العالم ال خالء وال مالءة ممارستك األدلة العقلیة الموجبة إلثبات موجود لیس في جھة، والثانیة ربما لم تأنس وقع كل األنس بتكذیبھا لكثر

وإذا تأملت عرفت أن ما أنكره الوھم من نفي الخال والمال غیر ممكن فإنك . بتكذیبھا لقلة ممارستك األدلة الموجبة لھ ال ینعدم، وألنك تعرف أن ال قدیم سوى هللا فإن الخال ینعدم بالمال والقدیم. إن اثبت خالء فما أراك تجعلھ قدیما

بأنھ لیس بعده ال خال فینقطع، و إذا جاوزت المنقطع كنت معترفا لزمك أن یكون متناھیا وصفاتھ وإذا جعلتھ محدثاخص وھذه القضایا الوھمیة مع أنھا كاذبة فھي في النفس ال تتمیز عن األولیات القطعیة، مثل قولك ال یكون ش. وال مال

ھو صادق بل . في مكانین، بل تشھد بھ أول الفطرة كما تشھد باألولیات القطعیة ولیس كل ما تشھد بھ الفطرة قطعاوھذه الوھمیات ال یظھر كذبھا للنفس إال بدلیل العقل ثم . الصادق ما تشھد بھ قوة العقل فقط ومداركھ الخمسة المذكورة

ال تنقطع منازعة میز بینھا وبین الصادقة . الوھم بل تبقى على نزاعھا بعد معرفتھ الدلیل أیضا فان قلت فبماذا أوالفطرة قاطعة بالكل، ومتى یحصل لي األمان منھا فأقول إن ھذه ورطة تاه فیھا جماعة فتسفسطوا وأنكروا كون

للیقین فقال بعضھم طلب الیقین غیر ممكن، وقالوا بتكافؤ األدلة وادعوا النفس، و لیس یحصل لنا األمان النظر مفیدا ال ندریھ، وكشف الغطاء عن ھذا صعب ویستدعي تطویال تكافؤ األدلة بل ھذا أیضا وقال لبعضھم لسنا نتیقن أیضا

وھو أنك ال تشك في وجود الوھم والقدرة والعلم : األول جملي. ولكن أفیدك أالن طریقین تثق بھما في كذب الوھم . من النظریات، ولو عرضت الوھم على نفس الوھم ألنكرهواإلرادة وھذه الصفات ولیس ھذا فانھ یطلب لھ سمكا

ومكانا ولونا فإذا لم یجده إیاه، ولو كلفت الوھم إن یقابل ذات القدرة والعلم واإلرادة لتصور لكل واحد قدرا ومقدارا، ولو فرضت لھ اجتماع ھذه الصفات في جزء واحد وجسم واحد لقدر بعضھا م على البعض كأنھ ستر مفردا نطبقا

مرسل على وجھھ، ولم یقدر على تقدیر إدخال البعض في البعض اآلخر باسره، فانھ إنما یشاھد األجسام ویراھا وھو معیار في آحاد : الطریق الثاني. متمیزة في الوضع فیقضي على كل شیئین بانھ متمیز في الوضع عن اآلخر

الوھم لیست كاذبة فأنھا توافق العقل في استحالة وجود شخص في مكانین، بل ال المسائل وھو أن تعلم إن جمیع قضایاتنازع في جمیع العلوم الھندسیة والحسابیة وما یدرك بالحس، النھا تنازع فیما وراء المحسوسات ألنھا تمثل غیر

وبقضایاه مھما نظر في فحیلة العقل في أن یعق بكذبھ. المحسوس بالمحسوس، إذ ال تقبلھ إال على نحو المحسوساتفإن الوھم یساعد على . غیر محسوس أن یأخذ مقدمات یقینیة یساعد الوھم علیھا وبنظمھا بنظم المقیاسین التي ذكرناھا

أن الیقینیات إذا نظمت كذلك كانت النتیجة الزمة كما سبق من األمثلة وكما في سائر الھندسیات فیتخذ ذلك میزانا بینھ وبینھ إذا رأى الوھم قد كاع عن قبول نتیجة دلیل قد ساعد على مقدماتھ وساعد على صحة نظمھ وساعد ف. وحاكما

على أن مثل ھذا النظم منتج یالضرورة وان تلك المقدمات صحیحة بالضرورة ثم أخذ یمتنع عن قبول النتیجة علم أن بھذا القدر فإن تمام اإلیضاح ال فاكتف . ذلك من نفور في طباعھا عن إدراك ھذا الشيء الخارج عن المحسوسات

Page 13: محك النظر في المنطق - الغزالي

وھي أراء مجموعة أوجب : السابع المشھورات. یحصل إال باالمتحان في أمثلة كثیرة، وذلك مما یطول فیھ الكالمالتصدیق بھا، إما شھادة الكل واكثر أو شھادة الجماھیر أو األفضل، كقولك الكذب قبیح واإلنعام حسن وشكر المنعم

فان ھذه . بیح وھذه قد تكون صادقة وتكون كاذبة، فال یجوز أن یعول علیھا في مقدمات القیاسحسن وكفران النعمة قالقضایا لیست أولیة وال وھمیة، فإن الفطرة األولى ال یقضي بھا بل ینغرس قبولھا في النفس بأسباب كثیرة تعرض

نده، وربما یضطر إلیھا في حب من أول الصبي، وذلك بتكریر ذلك على الصبي وتكلیفھ اعتقاده وتحسین ذلك عح ویمتنعون من یصدقون بأن ذبح البھائم قبی التسالم وطیب المعاشرة، وربما نشا من الحیاء ورقة الطبع، فنرى أقواماأكل لحومھا وما یجري ھذا المجرى، فالنفرة من المجبولة على الجبن والرقة أطوع لقبولھا، وربما حمل على

الكثیر، وربما كانت القضیة صادقة ولكن بشرط دقیق ال یفطن الذھن لذلك الشرط ویستمر التصدیق بھا االستقراء التواتر ال یورث العلم ألن قول الواحد ال یورث، وكذلك على تكریر التصدیق فیترشح في نفسك كمن یقول مثال

ولھ الواحد ال یوجب العلم، إذ الثاني، فقد انضم ما ال یوجب إلى ما ال یوجب والمجموع ال یزید على اآلحاد، ألن قطالق ولیس كذلك، بل الصادق أن قول الواحد المنفرد بقولھ یجوز علیھ الغلط، وھذه قضیة یظن أنھا صادقة باإلیحتمل الغلط والجمع یخرجھ عن االنفراد، وكل واحد ال یوجب قولھ العلم بشرط أن ال یكون معھ اآلخرون، فإذا

ھا وھذ. اجتمعوا بطل ھذا الشرط ه من المثارات العظیمة الغلط وللتصدیق بالمشھورات أسباب كثیرة یطول إحصاوة، واكثر أقیسة الجدلیین من المتكلمین والفقھاء في مجادالتھم وال ینبغي إن تتخذ مقدمات القیاس الیقیني منھا البت

ولذلك نرى أقیستھم تنتج . ن سببھاوتصانیفھم مؤلفة من مقدمات مشھورة فیما بینھم، سلموھا لمجرد الشھرة وذھلوا عفإن قلت فیما أدرك الفرق بین المشھور والصادق فاعرض . نتائح متناقضة فیتحیرون فیھا وتتخبط عقولھم في تنقیحھا

ولم قول القائل الصدق جمیل والكذب قبیح على العقل األولي الفطري الموجب لألولیات، وقد رانك لم تعاشر أحداف نفسد أن تشكك فیھ، تخالط أھل ملة ول م تأنس بمسموع ولم تؤدب باصطالح ولم تھذب بتعلیم أستاذ وأب ومرشد وكل

، و إنما الذي یعسر علیك ھذه التقریرات فإن تقدیر الجوع في حال الشبع عسیر وكذا . فإنك تقدر علیھ وتراه متأتیاك، ولو كلفت نفسك الشك في أن االثنین ولكن إذا تحدقت فیھ أمكنك. تقدیر كل حالة أنت منفك عنھا في الحال التشك

تى الشك في أن العالم ینتھي إلى خال وھو كاذب وھمي، ولكن فطرة الوھم أكثر من الواحد لم یكن الشك متأتیا بل ال یتأ فال تقضي بھ ال فطرة الوھم وال فطرة العقل بل ما آ. تقتضیھ واآلخر تقتضیھ فطرة العقل لفھ فأما كون الكذب قبیحا

مغاصة مظلمة یجب التحرز عنھا وقل من ال یتغیر بھذه . اإلنسان من العادات واألخالق واالصطالحات، وھذه أیضاوھذا القدر كاف . المقدمات وال تلتبس علیھ بالیقینیات، ال سیما في تضاعیف األقیسة مھما كثرت المراتب والمقدمات

والمستفاد من غلط الوھم ال یصلح البتة والمشھورات تصلح . التألیففي المقدمات التي ھي جاملة للنظم والترتیب و . للفقھیات الظنیة وال تصلح لغیرھا ولنختم ھذا في المقاصد

الفن الثالث من القیاس في اللواحق وفیھ فصول الفصل األول

في بیان كل ما تنطق بھ األلسنة في العادات والمحاورات والفقھیات والعقلیاتا یذكر ف ، فذلك بالضرورة یرجع إلى مم م ي معرض الدلیل والتعلیل ویمكن أن یقرن بھ ألن، ویذكر في جواب ل

: وال بد منھا البتة، وان ما ترى تألیفھ وإطالقھ على غیر ذلك النظم فلھ أربعة أسباب. ضروب النظم التي ذكرناھادمات لكونھا واضحة، وإما إھمالھ كل لكونھا وذلك إما قصور علم الناظر بتمام نظم القیاس، وإما إھمالھ بعض المق

لع على تلبیسھ، وإما تركیب الضروب التي ذكرناھا وجمع ح بھ فیط مشتملة على موضع التلبیس فیحذر من أن یصرفإنا لم نذكر إال المفردات من النظم، فان تلك المفردات إذا تداخلت حصل منھا . جملة من احادھا في سیاق كالم واحد

األول فیما ترك إحدى مقدمتیھ لوضوحھ : ولنورد لكل واحد منھا مثاال . كثیرة أعرضنا عن تفصیلھا لإلیجازتألیفات وھو أكثر األدلة العقلیة والفقھیة، إذ یحترز عن التطویل، وكذا في المحاورات كما یقول القائل ھذا یجب علیھ الرجم

یجب علیھ الرجم ن فإذا رك مقدمة الحكم وذكر مقدمة المحكوم علیھ ألنھ یراه ولكن ت . وھذا قد زنا وھو محص، وكذلك یقال العالم لھ سبب. مشھورا فنقول ألنھ حادث فإذا م وكما یقال نكاح الشغار فاسد فیقال . لوجوده سبب فیقال ل

عنھ فنقول ألنھ منھي م . ل كاح الشغار منھي عنھ فھو إذا وتمامھ أن نقول كل منھي عنھ فھو فاسد ون ك ر فاسد ولكن ت حتى ال یقول الخضم أسلم أنھ منھي عنھ ولكن ال أسلم أن كل منھي عنھ فاسد فیترك ذلك للشھرة والتلبیس أیضا

فیقول ألنھ یناجي عدوك، . المقدمة الممنوعة م وأما مثال ما یترك ألجل التلبیس فأن تقول فالن خائن في حقك فیقال لالعدو فھو خائن وھذا یناجي العدو فھو خائن، ولكن ترك مقدمة الحكم فانھ لو صرح بھ وتمامھ أن یقول كل من یناجي

ربما یذكر أنھ ربما یناجي العدو لجدعھ أو یستمیلھ أو ینصحھ، وال یسلم أن كل من یناجي العدو فھو خائن فیترك ذلك ؤمن حتى ال یتذكر محل الكذب، وربما یترك مقدمة المحكوم علیھ فیقول ال تخالط فال ساد ال ت فیقول ألن الح م فیقال ل نا

وتمامھ أن نقول الحساد ال یخالطون وھذا حاسد فینبغي أن ال یخالط، فتركت مقدمة المحكوم علیھ وھو . مخالطتھم بأنھ واضح وربما یكون قولك ھذا حاسد وكل من یقصد التلبیس في المجادالت فطریقھ إھمال إحدى المقدمتین إیھاما

Page 14: محك النظر في المنطق - الغزالي

للخصم واستجھال لھ، فإنھ ربما یتنبھ للحاجة إلى المقدمة الثانیةالكذب وھذا كلھ أمثلة النظم األول، . فیھ أو استغفاال، فھذا تمامھ إن . وقد یقع في غیره أیضا وظالما فیقول ألن الحجاج كان شجاعا م كمن یقول مثال كل شجاع ظالم فیقال ل

شجاع ظالم وھو غیر منتج ألنھ طلب نتیجة عامة من النظم الثالث، وقد ثبت فكل. یقول الحجاج شجاع والحجاج ظالمإن النظم الثالث ال ینتج إال قضیة خاصة، لھ إنما كان من النظم الثالث ألن العلة ھي الحجاج، فانھ متكرر في المقدمتین

المتفقھة سیئة اآلداب والمتصوفة . وكذلك یقول العامي. وال یلزم منھ إال أن بعض الشجعان ظلمة، إما الكل فغیر الزم فیقول ألني رأیت متصوفة الرباط الفالني ومتفقھة المدرسة الفالنیة یفعلون كیت وكیت وھو خطأ م كلھم فسقة، فیقال لألنھ طلب نتیجة عامة من النظم الثالث وھو محال، وبالجملة مھما كانت العلة أخص من الحكم والمحكوم علیھ في

زم إال نتیجة جزئیة، وھو معنى النظم الثالث، ومھما كانت العلة أعم من المحكوم علیھ وأخص من الحكم النتیجة لم یلأو مساویا للحكم كان من النظم األول وأمكن أن تستنتج منھ القضایا األربعة، ومھما كانت العلة أعم من الحكم

ومثالھ من العادات أن تقول ھذه . في، إما اإلثبات فالوالمحكوم علیھ جمیعا كان من النظم الثاني ولم ینتج منھ إال الن فتقول ألنھا عظیمة البطن فھذا دلیل فاسد وقد حذف إحدى مقدمتیھ م وتمامھ أن یقول ھذه المرأة . المرأة حبلى فیقال ل

في حبلى، والعلة عظیمة البطن وقد جعل خبرا المقدمتین، عظیمة البطن وكل عظیمة البطن فھي حبلى فھذه المرأة إذا من الحكم فإن وھو أعم من المحكوم علیھ فإنھ المرأة المعینة وعظیمة البطن، إذ قد یعظم بطن غیرھا، واعم أیضا

والغلط من ھذا الوجھ في الفقھیات . الحكم ھو الحبل وعظم البطن أعم منھ إذ قد یكون باالستسقاء والسمن واالنتفاخثال المختلطات المركبة من كل نمط فكقولك الباري تعالى إن كان على العرش وأما م. والكالمیات أكثر من أن یحصى

أو ال یكون فھو إما معل أو أكبر أو أصغر أو مساو، وكل مساو أو أكبر أو أصغر مقدر وكل مقدر إما أن یكون جسما فثبت أنھ جسم فیلزم أن یكون الباري تعالى ، كل وباطل أن ال یكون جسما و. جسما فمحال جسما محال أن یكون جسما

وھكذا تجري أكثر المقاییس في التصانیف والمحاورات وبھ تتیسر التلبیسات، إذ یمكن أن یھمل . أن یكون على العرشه إلى ما سبق ربما غلط من حیث ال في وسط ھذه الكثرة مقدمة فیھا غلط، فمن ال یقدر على تحلیل ھذا التركیب ورد

وقد اشتمل ھذا على النمط األول وعلى النمط الثاني وھو التالزم وعلى . التصدیق بھیدري وصدق بقیاس ال یجب النمط الثالث وھو التقسیم والتعاند، لم إذا أتقنت المفردات أمكنك رد المختلطات إلیھا فلست أطول بتعلیم وجھ التحلیل

. إال ورجع إلى ما ذكرناهفقد الح لك بھذه األمثلة أنھ ال یتصور أن ینطق أحد في معرض دلیل بكلمة

الفصل الثاني في بیان إن ما یسمى استقراء وتمثیال یرجع بالضرورة إلى ما ذكرناه

تر إما االستقراء فھو عبارة عن تصفح أمور جزئیة لیحكم بحكمھا على أمر یشتمل تلك الجزئیات، كقولنا في الفقھ الول ق م تم إن الفرض ال یؤدى على الراحلة؟ فنقول عرفنا ذلك باالستقراء، لیس بفرض ألنھ یؤدى على الراحلة، فیقال ول

فإنا رأینا القضاء واألداء والمنذور وسائر أصناف الفرائض ال تؤدى على الراحلة، فعلمنا أن كل فرض ال یؤدى على داء أو نذر، وكل ووجھ داللة ھذا ال تتم إال بالرد إلى النظم األول وھو أن نقول كل فرض إما قضاء أو أ. الراحلة

كل فرض ال یؤدى على الراحلة، وھذا مخیل یصلح للظنیات دون قضاء وأداء ونذر فال یؤدى على الراحلة فإذامھ الخصم. القطعیات . والكذب تحت قولھ إما أداء فإن حكمھ بان كل أداء ال یؤدى على الراحلة ال یسل تر أیضا فإن الو

تر في . م الخصم الصالة الخمس، إما السادس فما سلمھأداء كالعصر والصبح، و إنما سل فنقول وھل استقریت حكم الوحھ فلم یتبین لك إال بعض م وإن لم تتصف تصفحك وكیف وجدتھ؟ فان قلت وجدتھ ال یؤدى على الراحلة فالخصم ال یسل

قول بعض الفرض ال یؤدى األداء، فخرجت المقدمة الثانیة عن أن تكون عامة وصارت خاصة، وكان الواجب أن ت. على الراحلة، وذلك ال ینتج فإثا بینا أن المقدمة الثانیة في النظم األول ینبغي أن تكون عامة، فإن كانت خاصة لم تنتج

فیقول ألن كل فاعل جسم، فیقال لھ فبما عرفت م وھذا غلط من قال إن صانع العلم تعالى عن قولھ جسم، إذ یقال لھ ل، فیقال ھذا فیقول با اء واسكاف وحجام وحداد وغیرھم فوجدتھم أجساما الستقراء، إذ تصفحت الفاعلین من خیاط وبن

وھل تصفحت صانع العالم، فإن قلت نعم فوجدتھ جسما فھو محل النزاع، فكیف أدخلتھ بالمقدمة؟ وإن قلت ال فقد ظھر ھم، فظھر بذلك أن االستقراء إذا لم یكن لم یقدران استوعب دخلت فیھ النتیجة لك بعض الفاعلین ال كل مستوعبا تاما

. المطلوبة، وال یصح ذلك إال في الظنیات ألنھ مھما وجد األكثر على نمط واحد غلب على الظن أن اآلخر كذلك

الفصل الثالثال یتحققون أن من وجھ لزوم النتیجة من المقدمات وھو الذي یعبر عنھ بوجھ الدلیل، ویلتبس األمر فیھ على الضعفاء و

فیقول كل مفردین جمعتھما القوة المفكرة ونسبت أحدھما إلى اآلخر بنفي أو إثبات . وجھ الدلیل عین المدلول أو غیرق بھ أو یمتنع عن تصدیقھ، فان صدق بھ فھو األولى العقل فیھ من أمرین إما أن یصد وعرضتھ على العقل لم یخل

وھذه العبارات تؤدي . لوم بغیر دلیل وبغیر علة وبغیر حیلة وبغیر نظر وتأملالمعلوم بغیر واسطة، و یقال انھ مع في ھذا المقام، و إن امتنع عن المبادرة إلى التصدیق وال یطمع بعد ذلك في تصدیقھ إال بواسطة، وتلك معنى واحدا

Page 15: محك النظر في المنطق - الغزالي

عنھ فیصدق بھ وینسب إلى الواسطة ھي التي تنسب الحكم إلى المحكوم علیھ فیجعل خبرا الحكم فبجعل الحكم خبرا عنھ فیصدق بھ فیلزمھ من ذلك بالضرورة التصدیق بنسبة الحكم إلى المحكوم علیھ،

وبیانھ أنا إذا قلنا للعقل ھل النبیذ حرام؟ قال ال أدري ولم یصدق بھ، فعلمنا أنھ لیس في الذھن طرف ھذه القضیة وھو الحرام والنبیذ، فال بد وأن یطلب

. دق العقل بوجوده في النبیذ ویصدق بوجود وصف الحرام لتلك الواسطة فیلزمھ التصدیق بالمطلوبواسطة، ربما یص فیقول وھل النبیذ مسكر فیقول نعم، إذا كان قد حصل لھ ذلك بالتجربة،

.قلنا نعم" یعمل بحكمھ"فیقول وھل المسكر حرام فیقول نعم إذا حصل لھ ذلك بالسماع، فیقول وھل المدرك بالسمع . فإن صدقت بھاتین القضیتین لزمك التصدیق بالثالث وھو أن النبیذ حرام بالضرورة، فیلزمھ ذلك ویذعن للتصدیق بھ

فإن قلت ھذه القضیة لیست خارجة عن القضیتین ولیست زائدة علیھما، فاعلم أن ما توھمتھ حق من وجھ وغلط من نك تقول النبیذ حرام وتقول النبیذ مسكر وتقول المسكر حرام، إما وجھ الغلط فھو أن ھذه القضیة ثالثة بدلیل أ. وجھ

فلیس قولك النبیذ حرام تكرار في المقدمتین بعدھما بل ھذه ثالث مقدمات متباینة اللفظ والمعنى، فعرفت أن النتیجة الالزمة غیر المقدمات الملزم بھا،

فھو أن قولك المسكر حرام شامل لعموم النبیذ الذي ھو وأما وجھ كونھ حق. وأن الملزمة اثنتان والنتیجة ثالثة سواھما ا فیھ ولكن بالقوة ال بالفعل، إذ قد یحضر العام في الذھن وال یحضر الخاص، أحد المسكرات، فقولك النبیذ حرام منطو

النتیجة فمن قال الجسم متحیز ال یخطر ببالھ ذكر القطب فضال عن أن یخطر ببالھ مع ذلك حكمھ بأنھ متحیز، فإذ ا ، موجودة في إحدى المقدمتین بالقوة ومعلومة بالفعل، والموجودة بالقوة القریبة ربما یظن أنھا موجودة بالفعل توھمافاعلم أن ھذه النتیجة ال تخرج من القوة إلى الفعل بمجرد العلم بمقدمتین ما لم تحضر المقدمتین في الذھن ویخطر ببالھ

قدمة بالقوة، وإذا تأملت ذلك صارت النتیجة بالفعل، إذ ال یبعد أن ینظر الناظر إلى بغلة وجھ وجود النتیجة في الممنتفخة البطن فیتوھم أنھا حامل ولو قیل لھ ھل تعلم أن البغلة عاقر فیقول نعم، فإن قیل لھ فھل تعلم أن ھذه بغلة فیقول

مھ بالمقدمتین، أي علمھ أن كل بغلة عاقر وھذه نعم، فیقال كیف توھمت أنھا حامل فیتعجب ھو من توھم نفسھ مع عل عاقر والعاقر ھي التي ال تحمل، فإذا ھي ال تحمل انتفاخھا من . بغلة فھي إذا وانتفاخ البطن لھ أسباب سوى الحمل فإذا

خر، ولما كان السبب الخاص القریب لحصول النتیجة في الذھن التفطن لوجود النتیجة بالقوة في المقدمة أشكل سبب ا . على الضعفاء، فلم یعرفوا أن وجھ الدلیل عین المدلول أو غیره

والحق أن المدلول ھو المطلوب المنتج وأنھ عین التفطن لوجوده في المقدمة بالقوة، لكن ھذا التفطن ھو سبب حصولھ لفیضان النتیجة من على سبیل التولد عند المعتزلة وعلى سبیل استعداد الذھن بحضور ھذه المقدمات مع ھذا التفطن

عند واھب الصور المعقولة الذي ھو العقل الفعال عند الفالسفة، وعلى سبیل تضمن المقدمات للنتیجة بطریق اللزوم الذي ال بد منھ عند أكثر أصحابنا المحالف للتولد الذي ذكره المعتزلة، وعلى سبیل حصولھ بقدرة هللا تعالى عقیب

فطن لوجھ تضمنھ لھ بطریق إجراء هللا العادة على وجھ یتصور خرقھا بأن ال یخلق حصول المقدمتین في الذھن، والتعقیب تمام النظر عند بعض أصحابنا، ثم ذلك من غیر نسبة لھ إلى القدرة الحادثة عند بعضھم بل بحیث ال تتعلق بھا

جة على معنى وجودھا فیھا قدرة العبد، و إنما قدرتھ على استحضار المقدمتین ومطالعة وجھ تضمن المقدمة للنتیفأما صیرورة النتیجة بالفعل فال تتعلق بھ القدرة، وعند بعضھم تتعلق بھ القدرة الحادثة فیكون العلم . بالقوة فقط

النظري كسب العبد، وإیضاح الرأي الحق من جملة ذلك ال یلیق بما ھو النظر الفاسد ما ھو، وترى الكتب مشحونة و إنما الكشف یحصل بالطریق الذي سلكناه فقط ال ینبغي أن یكون . لفاظ من غیر شفاءبتطویالت في معنى ھذه األ

. شغفك بالكالم المعتاد المشھور بل بالكالم المفید الموضح، وان خالف المعتادوھو أن یقول ما تطلبھ بالنظر ھو معلوم لك أم ال، فإن علمتھ فكیف تطلبھ وأنت واحد وان :مغالطة من منكري النظر

تعرف أنھ مطلوبك، وكیف یطلب العبد اآلبق من ال یعرفھ فإنھ لو وجده لم یعرف أنھ مطلوبھ، وجدتھ، فبم جھلتھ فإذاوحتھا أن تقول أخطأت في نظم دلیلك، فإن تقسیمك لیس بحاصر، إذ قلت تعرفھ أو ال تعرفھ بل ھاھنا قسم ثالث وھو

فإني أفھم مفردات أجزاء المطلوب بطریق . لمعرفة غیر العلمإني أعرفھ من وجھ وأجھلھ من وجھ، وأعني أالن باالمعرفة والتصور وأعلم جملة النتیجة المطلوبة بالقوة ال بالفعل، ولو كنت أعلمھ بالفعل لما طلبتھ ولو لم أعلمھ بالقوة

ي أدركھ بالمعرفة لما طمعت في أن أعلمھ، إذ ما لیس في قوة علیھ یستحیل حصولھ كالعلم باجتماع الضدین، ولوال أنوالتصور ألجزائھ المفردة لما كنت أعلم بالظفر بمطلوبي إذا وجدتھ، وھو كالعبد اآلبق فإني أعرف ذاتھ بالتصور، و وأفھم إنما أنا طالب مكانھ وأنھ في البیت الفالني أم ال، وكونھ في البیت أعلمھ بالمعرفة والتصور أي لفھم البیت مفردا

وأعلمھ بالفعل، وإنما أطلب حصولھ الكون مفردا بالقوة، أي في قوة أن أصدق بكونھ في البیت ولكن لست مصدقابالفعل من جھة حاسة البصر، وإذا رأیتھ في البیت بالمشي إلیھ صدقت بكونھ في البیت بالفعل، فلوال معرفتي البیت

العبد، ولوال أنھ في قوة التصدیق لما والكون والعبد بطریق التصور للمفردات لما عرفت وجھ المطلوب عند رؤیة

Page 16: محك النظر في المنطق - الغزالي

بالمعرفة والتصور واعلم الحادث بالمعرفة وفي قوة صار بالفعل، فكذلك أطلب أن العالم حادث فأفھم العالم مفردا . التصدیق بأن العالم حادث فإذا صار بالفعل علمت أنھ مطلوبي ولو كان بالفعل لما طلبتھ

قال بعض منكري العل :مغالطة أخرى م، أتعلم كل اثنین زوج فقیل نعم، فقال فما في یدي زوج أم ال، فإن قلت نعم فبمأعرفھ والكف مجموع، وإن قلت ال فقد ناقضت قولك، إذ قلت عرفت إن كل اثنین زوج وما في یدي اثنان فكیف لم

ا زوج، وما في یدك لم أعرف أنھ تعلم أنھ زوج، فاجیب عن ھذا بأنا عنینا بما ذكرنا أن كل اثنین عرفنا أنھما اثنان فھموھذا الجواب مع وضوحھ خطأ فإنا إذا قلنا كل اثنین زوج إن أردنا بھ أن . اثنان، ولو عرفت أنھ اثنان لقلت أنھ زوج

كل االثنین زوج سواء عرفنا أن ما في یده اثنان أو لم نعرف كان خطأ بل كل ما ھو اثنان في نفسھ وفي علم هللا تعالى رة زوج، لكن الجواب الحق أن ما بیدك زوج إن كان اثنین، وقولي ال اعرف أنھ اثنان ال یناقض قولي فھو بالضرو

ھاتان . كل اثنین زوج بل نقیض قولي كل اثنین زوج قولي كل اثنین فلیس بزوج أو بعض ما ھو اثنان لیس بزوجكالم في حل اإلشكاالت، فإن األغالیط في المغالطتان وإن كانتا من الجلیات فإنما أوردتھما لیقع األنس بتحریر ال

النظریات كلھا ثارت من إھمال الجلیات والتسامح فیھا، ولو أخذت الجلیات وحررت ثم تطرق منھا إلى ما بعدھا فیتضح الشيء بما قبلھ على القرب لطاحت المغالطات، ولكن عادة النظار الھجوم قلیال حتى ال یخفى قلیال تدریجیا

شكال وطلب األمر الخفي البعید عن األوائل الجلیة بعد أن تخللت بینھ وبیني األوائل درجات كثیرة فال على غمرة األ األقدام وتعتاص المطالب وتنحط تمتد شھادة الجلي وال یقوى الذھن على الترقي في المراقي الكثیرة دفعة فتزل

. ھداھم هللا تعالى بنوره وأرشدھم إلى طریقھ العقول، ولذلك ضل أكثر النظار وأضلوا إال عصابة الحق الذین

الفصل الرابع في انقسام القیاس إلى قیاس داللة وقیاس علة

، فإن العلة والمعلول یتالزمان وإن شئت قلت ومسببا ر في المقدمتین معلوال إما قیاس الداللة فھو أن یكون األمر المكران استدللت بالعلة على المعلول فقیاسك قیاس علة و إن استدللت ف. السبب والمسبب وان شئت قلت الموجب والموجب

بالمعلول على العلة فھو قیاس داللة، وكذلك إن استدللت بأحد المعلولین على اآلخر مثال قیاس العلة من المحسوس فھو بالحال شبعان وزید ق فھو بأن تستدل على المطر بالغیم وعلى شبع زید باكلھ، فتقول كل من أكل كثیرا د أكل كثیرا

شبعان . إذاونعني بالعلة ھاھنا السبب االعتباري، إذ العرض التمثیل، وال تطلب الحقائق من األمثلة، المسوقة لتفھیمات مقاصد شبعان حكمت علیھ بعیدة عن األمثلة، وإن استدللت بالشبع على األكل كان قیاسك قیاس داللة فانك إذا عرفت إن زیدا

قد ممل، وكذا ترى امرأة ذات لبن فتقول بأنھ أكل، فكا ن نظم قیاسك أن كل شبعان فقد ممل من قبل وزید شبعان فإذا ولدت . كل امرأة ذات لبن فھي قد ولدت وھذه ذات لبن فھي إذا

ومثالھ من الكالم أن تقول كل فعل محكم ففاعلھ عالم والعالم محكم ففاعلھ عالم واألحكام مسبب العلم ال سببھ فھوم على حكم الوضوء، وال تتأخر العلة عن داللة، ولذلك یجوز أن یتأخر الدلیل عن المدلول حتى یستدلون بالتیم

ومثال قیاس العلة في الفقھ االستدالل بالسكر على التحریم كما مضى، وممال االستدالل بإحدى النتیجتین . المعلولمة المصاھرة ألنھ وطىء ال یوجب المحرمیة وما ال یوجب على األخرى في الفقھ قولنا في الزنا إنھ ال یوجب حر

ال یوجب الحرمة، والمشترك في المقدمتین المقرون بقولنا المحرمیة ال یوجب الحرمة وھذا ال یوجب المحرمیة فإذایدل وحصول إحدى النتیجتین . نتیجتا علة واحدة. ألن المحرمیة وھي لیست علة الحرمة وال الحرمة علة لھا، بل ھما

تالزم علتھا ومالزم المالزم مالزم ال محالة . على األخرى بواسطة العلة، فإنھا تالزم علتھا والنتیجة الثانیة أیضا ألن یكون مثاال لغرضنا وأما مثالھ في العادات فجمیع األدلة . فإن ظھر أن المحرمیة علة الحرمة لم یكن ھذا صالحا

والمزاج على الخلق ال ألن أحدھما علة اآلخر ولكن كالھما بحكم جریان العادة في علم الفراسة، فإنھ یستدل بالخلقةنتیجة علة واحدة، حتى یقال في علم الفراسة اإلنسان إذا انضم عظم أعالي یدیھ وصدره ووجھھ إلى عظم عرضھ

على األسد، والشجاعة واتساع الصدر لیس أحدھما علة لآلخر ولكن قیاسا عرف باستقراء واتساعھ كان شجاعاالحیوانات تالزمھما فعلم إن علتھما واحدة وأن أحدھما یدل على اآلخر عند شروط آخر مضمومة إلیھ كما یستقص في

. ذلك العلم فیھ وصادق الحدس في التفرس، وھذا العلم یتداعى إلى عجائب عظیمة حتى وقد كان الشافعي رضي هللا عنھ ماھرا

ل بما فیھا من الخطوط الحمر على جریان سفك الدماء في السنة وما فیھا من النقط على إن الناظر في كتف الشاة یستد أن حمرة خطوط كتف الشاة ال تكون علة تقاتل السالطین وال النقط كثرة األمطار والنبات ویصیب فیھا ویعلم قطعا

لھا، ولكن ال یبعد من عجائب صنع هللا تعالى إذ یكون في األسباب فیھا علة كثرة النبات واألمطار وال معلوال العادة لحیاة في أعضاء الحیوانات وتشكالتھا وفي السماویة سبب واحد یتفق في تلك السنة فیكون علة بحكم إجراء

Page 17: محك النظر في المنطق - الغزالي

أسباب كثرة الغیوم وفي أسباب تواحش القلوب التي ھي أسباب التقاتل التي ھي أسباب سفك الدماء، و إنما یستنكر ھذه . لذین ال خبرة لھم بعجائب صنع هللا تعالى واتساع قدرتھالعلوم الجھال ا

الفصل الخامس في حصر مدارك الغلط في القیاس اعلم أن الشیطان مسلط على كل ناظر ومشغوف بتلبیس الحق وتغطیتھ ومصر

ر منھ شدید وال یتیسر إال لمن ھو في محل استثن) فبعزتك ألغوینھم أجمعین(على الوفاء بقولھ إال (ائھ حیث قال والتحذ . جعلنا هللا وایاك منھم فعلیك أن تأخذ في نظرك من الشیطان ووسواسھ حذرك) عبادك منھم المخلصین

فإن قلت كیف لي بھ مع ما أنا علیھ من الضعف وقع ما ھو علیھ من التسلط والتمكن حتى أنھ لیجري من ابن آدم ى ذكره وجند من جنوده ما أنعم بھ علیك إال لتستعین بھ على مجرى الدم، فاعلم أن العقل حزب من أحزاب هللا تعال

د بنور العقل وسراجھ الزاھر مداخل الشیطان في النظر، وتعلم أن حصن النظر والدلیل أعدائھ ووجھ االستعانة أن تتفق فإنھ ال یدخل إال من الملم، فإذا أبصرت الملم بنور العقل وسددتھا ما لم ینثلم ركن من أركانھ لم یجد الشیطان مدخال

واھتدیت إلى الحق ونلت بمعرفة الحق درجة القرب من رب خاسرا وأحكمت معاقلھا انصرف الشیطان خائباوجمیع الثلم التي ھي مداخل الغلط ترجع في القیاس إلى سبع جمل لم إن كان لكل واحد تفصیل طویل ونحن . العالمین

إن المقدمات القیاسیة إذا كانت صادقة یقینیة وكالت مفردات معارفھا نومي إلى الجمل، وذلك، أنك بالضرورة تعلم لة في العقل بحقائق معانیھا دون ألفاظھا وكانت المقدمات التي ھي األجزاء الثواني أیضا وھي األجزاء األول محص

في نمط من ج ملة ما ذكرناه وكان متمایزة مفصلة وكانت غیر النتیجة وكانت اعرف من النتیجة وكان تألیفھا داخال ال وصدقا للشروط التي شرطناھا في ذلك النمط، كان الحكم الذي یلزم منھ حقا بعد وقوعھ في نمط واحد جامعا

لھا وقع في ھذه األمور، فلنفص فھو لخلل . محالة، فإن لم یكن حقایة أو مأخوذة من الحس في مظان أن ال تكون المقدمات صادقة بل تكون مقبولة بحسن الظن أو وھم :المدخل األول

مفرط أو قرب مفرط أو اختالل شرط من الشروط الثمانیة التي فیھا، وأكثر أغالیط النظار من غلطھ، وذلك عند بعدالتصدیق بالمألوفات والمسموعات في الصبي من األب واألستاذ وأھل البلد والمشھورین بالفضل، وقد انتھى ھذا الداء

بان الحروف التي ینطقون بھا في الحال قدیمة ولو سؤلوا عن السنتھم لقالوا ھي حادثة، ولو . قوابطائفة إلى أن صد وكیف یكون قیل لھ كیف كان كالمك أكان قبل لسانك أو بعده لقال بعده، فإذا قیل فما ھو بعد لسانك كیف یكون قدیما

عن حادث لم ینفع ھذا معھم . قدیم متأخرا ال یمكن البتة انجالؤه عنھ واعلم إن من األذھان ما فطر فطرة تسارع إلى قبول كل مسموع ثم ینصبغ بھ انصباغا

ویكون مثالھ كالكاغد الرخو الذي یغوص الحبر في عمقھ، فإن أردت محوه لزمك إفساد الكاغد وخرقھ، وما دام الكاغد كان السواد فیھ موجودا ما دامت أدمغتھم موجودة . موجودا كانت ھذه الضالالت فیھا موجودة ال یقدر فھؤالء أیضا

. البشر على إزالتھا من وأقرب امرا وأما الذین كذبوا بوجود موجود ال یشار إلى جھتھ وال یكون داخل العالم وال خارجھ فھم اظھر عذرا

ومھما . لھؤالء ولكنھم أیضا عادلون عن الحق باإلذعان لمقتضى الوھم والعجز عن التمییز بین حكمھ وحكم العقر ذلك على السمع في الصبا ویختم الوجھ قصد رسوخ مثل ھذا االعتقاد في النفوس أعني قدم الحروف ینبغي أن یكرعند ذكر منكره ویستعاذ با تعالى ویطلق اللسان في ذمھ ویقال إن ذلك فولى بعض الكفرة، أعني الذین یفعل بھم في

وان النار كیت وكیت ویخترع على ذلك حكایات، كان ممن یعتقده فأصبح وقد مسخھ هللا كلبا مثل أن یقال إن فالنا یسمع من قبره صیاح الكالب لقولھ بكذا وكذا فال یزال یترسخ في نفس الصبي ذلك على التدریج من حیث ال فالنا

التي تجاوز معالجتھا یشعر كما یرسخ النقش في الحجر ویتعذر على كل العلماء دواه بعد الكبر مثل العلة المستحكمة . قدرة الطبیب، وال فرق بین مرض القلوب ومرض األبدان نعوذ با منھما

استحسنتھ وصدقت بھ من غیر خفیا وأما أنت وإن لم ینتھ تقلیدك إلى ھذا الحد فأحذر أن تكون من جملة من یعتقد شیئا قبیحا واعلم أن الحق غیر الحسن و الشنیع غیر الباطل، إذ . دلیل واستبشعت خالفھ فأبیت التصدیق بضده لكونھ شنیعا

فإن إنكار كون هللا على العرش وكون الحروف قدیمة شنیع عند أھلھ وتجویز ذبح . رب شنیع حق ورب محمود باطلالحیوانات شنیع عند طائفة كما أن أیالم البريء من غیر غرض شنیع عند الجماھیر، فاحترز من ھذه المغاصة تسلم

. دى مكاید الشیطان واعرض ما صدقت بھ على نفسكمن إح . فإن كان امتناع التشكك فیھ مثل امتناع التشكك في إن االثنین أكثر من الواحد فاعلم أنھ وجھ حق

في نمط من الجملة المذكورة، وذلك بأن :المدخل الثاني أن یكون الخلل في الصورة وھو أن ال یكون وضعھ داخال أو تكون من مقدمتین بالقوة تكون النتیجة مطل وبة من مقدمة واحدة بالحقیقة، وأعني بھا ما لیست من مقدمتین أصال

رة یقع بھا االزدواج واالشتراك . ولكن لیس فیھما واسطة مكروعدم االشتراك إن كان في اللفظ والمعنى یسھل دركھ، إذ یعلم أنھ ال تحصل نتیجة إن قلنا السماء فوقنا والشمس

وإذا كان االشتراك باللفظ ال بالمعنى فال یكون ذلك إال بسبب استعمال لفظ مشترك . إنھما مقدمتان ال یتداخالنأصغر ف

Page 18: محك النظر في المنطق - الغزالي

كلفظ المختار وسائر أقسامھ التي ذكرناھا وان أھملنا بعضھا وننبھ اآلن على أمور خفیة مما أھملناه لیستدل بھا على : ذلك وھي أربعة

داة من األدوات أو ما یستعمل رابطة في نظم الكالم، كقولھ كل ما یعلمھ هللا فھو كما أن یكون االشتراك في أ :األول كالجوھر، ووجھ الغلط أن ھو مشترك الداللة بجن أن یرجع إلى كل ما تبتین أنھ یرجع یعلمھ وهللا یعلم الجوھر فھو إذا

فإنھ تخفى أمثالھ في مواضع وھذا وإن كان ھاھنا. إلى العالم وبین أن یرجع إلى هللا سبحانھ وتعالى . واضحابأن تكون المقدمة بحیث تصدق مجتمعة فیظن أنھا تصدق مفترقة بسبب حروف النسق بأن یصدق أن یقال :الثاني

، ألن الواو قد تطلق ویراد بھا جمیع الخمسة زوج وفرد، أي فیھ اثنان وثالثة فیظن أنھ یصدق أن یقال ھو زوج أیضاوكما یقال العالم جواھر . اإلنسان حیوان وجسم وقد تطلق ویراد بھا بعض األجزاء، كالمثال السابق االجزاء، كما یقال

. وأعراض أي بعضھ جواھر وبعضھ أعراض، كما یصح أن یقال زید بصیر أي في الخیاطة وزید جاھل أي في :الثالث ، فیظن أنھ یصدق مجتمعا ما یصدق مفترقا

الطب، فقد صدق كل واحد مفردا . ، ولو قلت زید بصیر جاھل كان متناقضاألفاظ تواطىء المتواطئة من وجھ وھو الذي تتناولھ األشیاء المتعددة التي تختلف ني الحقائق وتتفق في :الرابع

، فكل و اختراعا عوارض الزمة إما قریبة أو بعیدة، كقولك أن فعل العبد مقدور علیھ للعبد و تعالى أي للعبد كسبا لھ سبحانھ وتعالى، ولكن تعلق قدرة هللا تعالى للعبد ومقدورا علیھ أعي مقدورا واحد یشترك في أنھ یسقى مقدوراق قدرة العبد وقدرة هللا تعالى مخالفة لقدرة العبد، فإن شبھت ھذا بالمشترك المحض فقد أخطأت، إذ ال مخالفة لتعل

في اللفظ، إذ عبرنا بالشترك عن المختلفات في الحد والحقیقة المتساویة شركة بین المسمیین كالمشترى ولفظ العین إال . في التلقیب فقط، وھا ھنا ال بد من اعتقاد مشاركة ما

نسان والشجر مشترك في وإن شبھت بالمتواطئة فقد ظلمت، فإن المتواطئة ھي المتساویة في الحد، فإن السماء واإل من غیر واحدا وأما ھاھنا فوجھ تعلق القدرة . تفاوت البتة إال في أمر مختلف خارج الجسمیة وحدھاالجسمیة اشتراكا

بالمقدور مختلف فقد عرفت أن االسم الواحد یعتر بھ عن شیئین إما بالتواطؤ وإما باالشتراك، و إما ھذا القسم الثالث فھذا وأمثالھ إذا وقعت الغفلة . اظ ثالثة معقولةفبینھما فلنخترع لھ اسم المردد لیكون بإزاء األقسام الثالثة المعقولة ألف

، إذ بطل بھ ازدواج المقدمتین حیث جعل الحد المشترك ما ھو عنھ خرج القیاس عن النمط الذي ذكرناه فلم یكن منتجا . مشترك باللفظ ال بالحقیقة

للشروط التي ذكرنا بعد وقوع االشتراك بین :المدخل الثالث ف من مقدمتین أن ال یكون نظمھ جامعا المقدمتین بأن ألنافیتین أو جزئیتین، أو كان من النظم األول ومقدمة المحكوم علیھ نافیة أو مقدمة الحكم غیر عامة، أو كان من النظم

. وقد ذكرنا أمثلة ھذا. الثاني وقد طلب منھ نتیجة مثبتة، أو من النظم الثالث وقد طلب منھ نتیجة عامة تكون مفردات المعارف، أعني األجزاء األول متمایزة منفصلة بالحقیقة بل ملتفة مختلطة أن ال :المدخل الرابع

متضمنة ألمور متعددة، كان تقول مثال في مسالة ضمان المنافع باإلتالف أنھا تضمن ألن كل من أتلف ماال ضمنھ ذكر فیھ مفردی فیضمنھ، فقولھ الغاصب أتلف ماال وغاصب الدار قد أتلف ماال تالف وطوى تحتھما أمورا ن المال واإل

، إذ ال تصدق ھذه المقدمة ما لم یبین أن المنافع أوال موجودة وقد أنكر وجودھا بعض الناس وال یتلف إال كثیرة تلبیساتالف یستدعي البقاء وإال تما یفني بنفسھ كیف یتلف أن یبین أنھا باقیة إذ اإل أنھا أمو. موجود، وثانیا ن كل وثالثا ال وا

. ما یتلف یضمن، فإن من فوت منافع بضائع األمة كمن غصب بضاعة تاجر وحبسھا سنة فمد فوت الربح وال یضمن أن یبین أنھ مال فإن ذلك ال یسلم وذلك بأن یذكر حد المال أن یبین أن كل مال مضمون، فإن الحبة . ورابعا وخامسا

أن یبین أن. الواحدة مال وال تضمن ضمانھ ممكن فما ال یمكن ضمانھ ال یمكن الحكم بھ والضمان مثل وسادسانا ھذه األمور الكثیرة فال یدري لعل التلبیس مفردان تضم والمنافع أعراض فال یمكن مقابلتھا بھا، ولقولھ قد أتلف ماال

، فإنا نقو.تطرق إلى واحد من ھذه المراتب، ل كلما رأیناه اآلن في ومثالھ من الكالم من یثبت حدوث األعراض مثال حأدث، فھذا غیر رأیناه اآلن ونرى قبلھ ضده فھو أیضا محل ورأینا من قبلھ ضده فھو حادث، وبیاض الشعر مثالبصار بالبحث أن ما یدرك بحاسة البصر فھو كما یدرك، وذلك بان یعرف جمیع شروط صحة اإل كاف ما لم یبین أوال

فظھر للبصر اآلن فظھوره ھو .عن األسباب واستقراء المشاھدات مستورا أن یبین إن العرض لم یكن كامنا وثانیا أن یبین أنھ لم یكن في موضع آخر وال كان قد انتقل فرأى اآلن ألنھ انتقل اآلن فیبطل انتقال . الحادث دون نفسھ وثالثا

. العرض وكمونھ حتى یتم النظرمقدمة بل عینھا ولكن استعمل فیھا للتلبیس لفظین مترادفین، كقولك كل أن ال تكون النتیجة غیر ال: المدخل الخامس

بشر إنسان كأنك قلت كل إنسان إنسان، فانھما مترادفان فیصیر قولك كل إنسان مكلف وھو مقدمة عین قولك فكل بشر ن فال یفتقر إلى مكلف وھو النتیجة، ومثالھ في الفقھ أن یقول الحنفي في تبییت النیة في زمان رمضان أنھ صوم عی

وقولھ صوم . التبییت كالتطوع، ونظمھ أن كل ما ھو صوم عین فال یفتقر إلى التبییت وھذا صوم عین فال یفتقر إلیھویت فیھا بعض أجزاء النتیجة وبیانھ أن یقال ماذا أردت بقولك صوم التطوع صوم عین، . عین في األصل مقدمة ط

Page 19: محك النظر في المنطق - الغزالي

باللیل صلح یومھ للتطوع ولم یصلح لغیره وما یصلح للشيء ال فانھ ال یسلم فیقول الذلیل علیھ أن من أصبح غیر ناوإما قولك ال یصلح لغیره فال یوجب التعیین فإن اللیل ال یصلح : لغیره فھو عین في حقھ فكان ھذا صوم عین فیقال

ر إلى التبییت، أي تصح نیتھ للصوم وال یقال إنھ عین ولكن نضیف إلیھ أنھ یصلح للتطوع ولیس لھ معنى إال أنھ ال یفتقمن النھار، وھذا عین الحكم وقد احتجت إلى طلب علتھ وینبغي أن ال تكون العلة عین الحكم ألن الحكم نتیجة والعلة

وقولك تصح نیتھ من النھار جزء من تفسیر قولك أنھ صوم عین فصار . منتجة والمنتج ینبغي أن یكون غیر النتیجة . الحكم جزء من نفس العلة

األول أن ال : أن تكون المقدمات وھي األجزاء الثواني متمایزة مفصلة وینطوي تحت ھذا أمران: المدخل السادستكون أجزاء المحكوم بھ والمحكوم متمایزة بأن یوجد ھناك شيء من الموضوع یتوھم أنھ من المحمول أو بالعكس،

، أو ساكنا فقولك بما ھو جسم ال یدري أھو من المحكوم علیھ أو من كقولك الجسم بما ھو جسم إما أن یكون متحركاوالثاني أن تكون أجزاء المحكوم علیھ والمحكوم متمایزة ال یشتبھ منھا شيء، إال أنھا غیر متمایزة في . المحكوم

من قولنا كل ما علمھ الآللھ فھو كما علمھ واإللھ یعلم الجوھر فھو إذا منا . جوھر االتساق، وذلك كما مثلنا بھ آنفا وقد قد . لك كیف دخل الخلل في اتساقھ

أن ال تكون المقدمات أعرف من النتیجة بان تكون مساویة لھا بالمعرفة كالنسب اإلضافیة إذا اخذ : المدخل السابع ابنھ على بعض، وذلك كأن تقول زید أب لعمرو ألن عمرا لزید وھو المقدمة مسا. بعضھا دلیال و فإن كون عمرو ابنا

لھ وھو النتیجة . أو أخفى منھا سواء كانت مبینة في النتیجة أو ال. في المعرفة لكون زید أباإما الثاني فكما یقال في االستدالل على ثبوت واجب الوجود من حدوث العالم وعدم صحة استناد التأثیر إلى الحوادث،

. وغیر ذلك مما ثبوت واجب الوجود أظھر منھلوأما األول فكان فإذا قیل لك ولما قلت أن كل . تقول كل جسم متحیز وكل متحیز یقبل التحول فالجسم یقبل التحو

ل وھي متحیزة فحكمت بأن كل متحیز یقبل التحول، فقد جعلت متحیز یقیل التحول قلت ألن األجسام تقبل التحو علیھا على الكبرى وقد كانت النتیجة مدلوال لبیان الدوري و حاصلھ یرجع إلى بیان الشيء وھذا ھو ا. النتیجة دلیال

. بنفسھ وھو محالنھھ إال بالتفصیل، ولكن اإلیجاز ألیق بالحال . فھذه مجامع مداخل الغلط من غیر تطویل بالتفصیل وإن كان ال یدرك ك

عزیز والطریق فان قلت فھذا مع اإلیجاز اشعر بمثارات عظیمة للغلط فكیف األمان منھا مع تراكمھا، فاعلم أن الحقإلیھ وعر وأكثر األبصار مظلمة، والعوائق الصارفة كثیرة والمشوشات للنظر متظاھرة، ولھذا ترى الخلق یتالطمون ویظن كل شبھة تالطم العمیان، وقد انقسموا إلى فرقتین فرقة سابقة بأذھانھا إلى المعتقدات على سرعة فیعتقدھا یقینا

ویحسب كل سوداء . ثمرة، فھؤالء یعتقدون أنھم یعلمون الحقائق كلھا و إنما العمیان خصومھمودلیل برھاناوطائفة تنبھوا لذوق الیقین وعلموا أن ما في الناس فیھ في اكثر عمى ثم قصرت قوتھم من سلوك سبیل الحق ومعرفة

السراب یطلع على جمیع شروط القیاس إما لبالدة في الفھم وإما لفقد أستاذ مرشد بصیر بالحقائق غیر منخدع بالمع عمیان یتالطمون وأنھ ال یمكن أن یكون في القوة البشریة االطالع . شروط البرھان فھؤالء یعتقدون أن الناس كلھم

و إنما الحق أن األشیاء لھا حقیقة وإلى دركھا . على الحق وسلوك طریقھ، فال ذاك األول حق وال ھذا الثاني صدقوام البشر سلوك ، ولكن الطریق طویل والمھالك فیھا كثیرة طریق وفي ق بصیرا ذلك الطریق لو صادف مرشدا

، إذ صار مجھوال وھكذا یكون مثل ھذا األمر، فإنھ مھما . والمرشد عزیز فألجلھا صار الطریق عند اكثر مھجورا المساعد ومھما كثرت المخاوف راع الجبان الخائف، وكیف ال وأكثر العلوم المطلوبة في أسرار عظم المطلوب قل

صفات هللا تعالى و أفعالھ تنبني على أدلة تحقیقھا یستدعي تألیف مقدمات لعلھا تزید على ألف وألفین، فأین من یقوى فإن ما أوردتھ یھدیك إلى أوائل . ذھنھ لالحتواء على جمیعھا أو حفظ الترتیب فیھا، فعلیك أیھا األخ بالجد والتشمیر

. لىالطریق إن شاء هللا تعا

الفصل السادس من القیاس في حصر مدارك األقیسة الفقھیة والتنبیھ على جمل یزید االنتفاع بھا على مجلدات تحفظ من األصول الرسمیة

ھ ملحق بأصل العلم ك در ھ أصل العلم وتارة یكون م ك در فالمعلوم بأصل العلم كالعلم . فنقول الحكم الشرعي تارة یكون مى من أفطر بالجماع في نھار رمضان، وبكون األصل فیھ إما قول أو فعل أو إشارة أو تقدیر من بوجوب الكفارة عل

صاحب الشرع صلوات هللا علیھ، ولیس ذلك تفصیلھ من غرضنا، و إما الملحق باألصل فلھ أقسام وتشترك في أمر سع الحك م، فإن اتساع الحكم واحد وھو أن من ضرورتھ حذف بعض أوصاف األصل عن درجة االعتبار حتى یت

بحذف األوصاف وأن نقصان الوصف یزید في الموصوف، أي في عمومھ، فإن غیر البر ال یلحق بالبر ما لم یسقط ، والثوب على في حكم الربوي، والحمص ال تلتحق بھ المكیالت ما لم تحذف اعتبار كونھ مطعوما اعتبار كونھ برا

، وھكذا كل من زاد إلحاقھ زاد حذفھمذھب أبن الماجشون ال یعتبر بھ ما ل ھذا . فإذا عرفت. م یسقط اعتبار كونھ مقدرا : فاعلم أن لإللحاق طریقین

Page 20: محك النظر في المنطق - الغزالي

أال یتعرض الملحق إال لحذف الوصف الفارق بین الملحق والملحق بھ، فإما العلة الجامعة فال یتعرض لھا أحدھماع وھذا لھ ثالث درجات أعالھ. البتة، ومع ذلك فیصخ إلحاقھ ا أن یكون الحكم في الملحق أولى كما إذا قلت جام

وھذا األعرابي أھلھ فلزمتھ الكفارة، فمن یزني أولى بان تلزمھ، ألن الفارق بین جماع األھل واألجنبي كونھ حالالن " بيأن یكون بطریق المساواة كما قال الن والدرجة الثانیةأولى باإلسقاط والحذف من وجوب الكفارة في االعتبار م

قوم علیھ الباقي من عبد فقلنا األمة كذلك من غیر أن نبین ھاھنا علة سرایة العتق ، كما لم نبین في المثال " اعتق شركا . السابق علة وجوب الكفارة

ن األنوثة ال مدخل لھا في التأثیر فیما یرجع إلى حكم الرق وھو ظاھر ، بل ذلك ولكن نعلم أنھ ال فارق إال األنوثة واا نقضي في الصغیر ولو قضى في عربي لقضینا في الھندي كما لو حكم علیھ السالم بالعتق في غالم كبیر ، لكن

لھ وإذا سجد رسول هللا لسھوه في الصبح نعلم أن الظھر وسائر األوقات في معناه ، إذ اختالف . وعلمنا أنھ مساو أنھ ال یؤثر في جبر النقصان من قال إن إلحاق األمة بالعبد للقرب ، فإن القرب من و. الوقت نعلم قطعا لقد زل

. الجانبین على وتیرة واحدة ا نقول العبد في معناه جماع لكن ولكن مأخذ ھذا العلم ما . ولو ورد نص في أن األمة تجبر على النكاح وھو ثابت باإل

ر على أفھامنا من أحكام الشرع وعادتھ في قضیة الرق والعتق أ كما تكر واحدا نھ یسلك بالذكر واألنثى فبھ مسلكا واحدا ولو لم نعرف ھذا من عادتھ بطول ممارسة أحكام العتق والرق لكان ال یتضح . یسلك باألبیض واألسود مسلكا

. ذلك البتة ولم یظھر أنھ یسلك بالذكر مسلك األنثى في عقد النكاح ، فلذلك لم یكن العبد في معنى األمة في اإلجبار بھ كما تقول إن سرایة العتق إلى نصف معین "الرتبة الثانیة" ال مقطوعا أن یكون انحذاف الوصف الفارق مظنونا

ضافة إلى الجزء الثائي، فإنھ ال یفارقھ إال من العبد عند إضافتھ إلى نصف آخر أو إلى عضو معین كسرایتھ عند اإل وشائعا ر في ویكاد یغل. في كون المضاف معینا غیر مؤث ب على الظن أن ھذا الوصف وھو كون المضاف إلیھ شائعا

كحذف وصف األنوثة ، إذ فرق الشرع في إضافة التصرفات إلى المحال بین الشائع الحكم ، ولكن لیس ھذا معلومالمعین في والمعین في البیع والھبة والرھن وغیرھا ، وھذا یعارض أن الشائع في العتق والطالق على الخصوص كا

إباء الشرع االقتصار فیھ على البعض واعتبار ھذا الوصف كي غیر العتق والطالق ، كاعتبارنا األنوثة في غیر الرق بحسب ھذه التخمینات ، وعلى المجتھد أن یتبع والعتق من الشھادات والنكاح والقضاء وغیره ، فیصیر األمر مظنونا

. ى تبقى الكفارة منوطة باإلفطار كما قالھ مالك فیھ ظنھ ویقرب منھ حذف وصف الجماع حت ، ولو أوجب الشرع بأكل الخبز لكنا نقول اللحم والفاكھة والماء في معنى ولحما یضاھي كونھ خبزا إذ كونھ جماعا

فطار ال ینبغي أن یكون لھا مدخل في الكفارة وحذف موجب اإلزھاق ، حتى یكون الرم ح الخبز ، إذ اختالف آالت اإلولكن یعارضھ أن ھذه الكفارة . والنشاب والسكین في معنى السیف ، مھما ورد النص بوجوب القصاص في السیف

شرعت ألن تكون للزجر فیختص بمحل الحاجة والجماع مما یشتد الشبق إلیھ ویعسر الصبر عنھ وال ینزجر مالبسھ یشتھي في الص وم ودرجات الشھوة ال تمكن مراعاتھا ، إذ یلحق عنھ إال بوازع شرعي، ولكن یعارضھ أن الخز أیضا

جماع العجوز الشوھاء بالصبیة المشتھاة مع التفاوت ، فیجاب عنھ بأن ضبط مقادیر الشھوات یختلف باألشخاص فاصال . واألحوال فال یمكن ضبطھ ، وقد ضبط الشرع جنس الجماع بتخصیصھ بالحد وفساد الحج ، فكان ذلك سورا

اذب الظنون ویتنازع بھ المجتھدین ، فكل ذلك من المسالك المرضیة وان لم یذكر الجامع أصال ولكني فھذا مما یتجفال یتجرأ الذھن على الحكم لحذف الفارق وال بد . أقول ھذا وان لم یتعرض للجامع ، وإنما تعرض لحذف الفارق فقط

. رعھ من وصف في األصل یكون المعنى الجامع المعتبر واستنشاق شمھ من ف فلوال أنا عرفنا أن الكفارة وجبت بالجماع لما فیھ من ھتك الحرمة على ولكن على اإلجمال ال على التجرید والتفصیلر في أكثر أحكام الشرع ، ولكن الجملة لما تجاسرنا على إلحاق الزنا بھ ، إذ االفتراق في وصف الحل والحرمة مؤث

ال بطریق اإلنعام وشكر النعمة لما ألحقنا . فھمنا أن الكفارة وجبت بطریق التغلیطفلوال أن . في التغلیظ ال في التخفیف مر الموطوءة وابنتھا بوطئ المرأة في النكاح لم یلحق بھ الزنا ، مع أن الزنا بھ ، أال ترى أن الشارع لما علق تحریم أ

ة ولم تكن العقوبة بھا الئقة تحریم النكاح نوع حجر یمكن أن یجعل عقوبة ، ولكن لما كان الوطىء في ال نكاح سنوصلح ھذا الحجر ألن یكون نعمة ، وھو أن یسلك بابنتھا وأمھا مسلك امرأة نفسھ وابنتھ لتتداخل العشائر وتسھل

فبھذا یتحقق أن الذھن لو لم یتطلع على المعاني . المخالطة وتنقطع داعیة الشھوة حملناه علیھ ولم نلحق الزنا بھأ على الحذف، ولكن المتعرض للجمع في العلة یحتاج إلى تلخیص العلة، وھذا لھ أن یحكم قبل المعتبرة جملة لما تجر

أن یعلم أصل العلة وال یعلم خصوص صفاتھ، كما أحدھما: أن یلخص العلة ویكون عدم التلخیص في العلة من وجھینعناھا، وإن لم نعرف بعد أن علة السجود جبر إنا نحكم أن السھوة في غیر الصالة التي سھي فیھا رسول هللا في م

ینبغي أن من األبعاض عمدا النقصان من حیث أنھ نقصان أو من حیث أنھ سھو فإنھ إن كان للنقصان فلو ترك شیئایسجد، وإن كان من حیث أنھ سھو لم یسجد في العمد وقبل أن یتلخص لنا خصوص ھذه الصفات نعلم أن العصر في

. معنى الظھر

Page 21: محك النظر في المنطق - الغزالي

فھو أن ال یتعین ال أصل العلة وال وصفھا ولكن نعلمھا مبھمة من جملة من المعاني، كما أن في ما الوجھ الثانيوأضح أن العلة ھي الكیل أو الطعم أو المالیة أو القوت، إذ نعلم أنھ الربوي ربما نبین أن الزبیب في معنى التمر قبل أن یت

كیف كان فالزبیب مشارك لھ فیھ وال یفارق ، والدلیل على أنھ ال بد من . ھ إال في كونھ زبیبا وھذا ال ینبغي أن یؤثر قطعالحاق بأنھ نص صاحب الشرع صلوات هللا علیھ وعلى آلھ على استشعار حیال المعنى عن بعد وإجمال، حتى یمكن اإل

ا ننازع إلى أنھا في معناه، ولكن أن الثوب إذا أصابھ بول الصبي كفى الرش علیھ، فلوال أنھ ذكر إن الصبیة بخالفھ لكن . لما ذكر الصبیة وإنھا بخالفھ حسم علینا باب توھم المعنى

إما ترانا كیف نحكم بمنع المرأة من البول في الماء الراكد أخذا من قولھ ال یبولن احدكم في الماء الراكد، والخطاب مع لكنا نقول . أنھ لو قال لرجل ال تبل في الماء الراكدالرجال وإن خطر لك أن النساء یدخلن تحت ھذا الخطاب، فقدر

في النجاسات، ذلك للمرأة لعلمنا بان الشرع بین فضالت بدن الرجال والنساء في النجاسات فما رأینا لألنوثة مدخالف فال وعرف ذلك من الشرع وكان جراءتنا على الشرع لإللحاق لھذا ولتوھمنا أن البول مستقذر وأن الماء معد للتنظی

. فھذه أقسام الطریق األول وھو أن ال یتعرض الملحق إال للحذف. ینبغي أن یختلط بھ: فأن یتعرض للمعنى المعتبر بعینھ وعند ذلك ال نحتاج إلى التعرض للفوارق وھذه ثالثة أقسام إما الطریق الثاني

سكار في التحریم واآلخر أن یكون كوصف اإل كقول أبي حنیفة رضي هللا عنھ أن األول أن یكون المعنى مناسبا مؤثرابیع المبیع قبل القبض باطل لما فیھ من الضرر، وذلك ال یجري في العقار، وزعم أن التعلیل بالضرر أولى ألن ذلك

وھذا قد قدرنا وجھھ في مسألة بیع العقار قبل القبض في . ظھر أثره في موضع آخر بالنص وھو بیع الطیر في الھواءوأما أقسام المناسب والمؤثر والفرق بینھما فقد ذكرناه في كتاب شفاء العلیل في بیان التشبیھ . بادي والغایاتكتاب الما ظھر تأثیره بالنص في موضع آخر، ولكنھ توھم االشتمال . والمخیل وال مم القسم الثالث أن ال یكون الجامع مناسبا

م على معنى مناسب لم یطلع على عینھ، كقولنا الوضوء فإنا ال نحصر الفوارق . طھارة حكمیة فتفتقر إلى النیة كالتیم وال یغرنك ما توھم من وال مؤثرا وال نتعرض لحذفھا بل تعرضنا لمعنى جامع، والفوارق كثیرة ولیس الجامع مناسبا

حصل غلبة الظن التخیالت في معرض اإلخالة من ال یدري ذوق اإلخالة، وقدر أن تلك التخییالت لم تكن، فبدونھا توھذا أخفى أنواع القیاس وأدقھا، فربما یخص باسم الشبھ، لران كان كل قیاس ال ینفك عن شبھ من الفرع واألصل ووجھ جواز الجكم لمثل ھذا یطول تحقیقھ فاطلبھ إن رغبت فیھ في مسئلة الربوي من كتاب المبادي والغایات ومن

لفقھیة ففیھ على ایجازه من الفوائد ما ال یعرف قدره إال من طال في وھذا القدر كاف في األقیسة ا. شفاء الغلیل . المقاییس الفقھیة تعبھ

القسم الثاني من الكتاب في محك الحد

دراك ھو المعرفة، أعني العلم بالمفردات، وان ذلك ال ینال إال بالحد فلنورد فیھ ": فنین"قد ذكرنا أن أحد قسمي اإلما یجري مجرى القوانین . وانین واألصول واآلخر ما یجري مجرى االمتحانات للقوانینأحدھما ما یجري مجرى الق

إن الحد یذكر جوابا عن سؤال في المحاورات وال یكون الحد جوابا عن كل سؤال بل عن : واألصول القانون األول : الب أربعبعضھ، والسؤال طلب ولھ ال محالة مطلب وصیغة والصیغ والمطالب كثیرة ولكن أمھات المط

مطلب ھل، إذ یطلب بھذه الصیغة أمران إما أصل الوجود، كقول القائل ھل هللا موجود، أو یطلب :المطلب األول . الموجود بحال وصفة، كقولھ ھل هللا خالق البشر وھل هللا حي

قار ما األول أن یطلب بھ شرح اللفظ كما یقول من ال: مطلب ما، ویطلق على ثالثة أوجھ :المطلب الثاني بدري العقار، فیقال لھ الخمر إذا كان یعرف الخمر یتمیز بھ المسؤول عنھ عن غیره بكالم جامع . الع ممیزا الثاني أن یطلب لفظا

مانع كیف ما كان الكالم سواء كان عبارة عن لوازمھ أو ذاتیاتھ، كقول القائل ما الخمر أي ما حد الخمر، فیقال ھو لزبد ثم یستحیل إلى الحموضة و یحفظ في الدن، والمقصود أن ال یتعرض لذاتیاتھ، ولكن تجمع المائع الذي یقذف با

الثالث أن یقال . من عوارضھ ولوازمھ ما یساوي بجملتھ الخمر بحیث ال یخرج عنھ خمر وال یدخل فیھ ما لیس بخمرنھ ح عن ك أنھ تمییز ما الخمر فیقال ھو شراب مسكر معتصر من العنب، فیكون ذلك كاشفا قیقتھ الذاتیة، ویتبعھ أیضا

نھ الشيء وحقیقتھ، ثم التمیز یتبعھ ال محالة واسم الحد في العادة . جامع مانع ولكن لیس المقصود التمییز بل تصور ك، إذ السائ. قد یطلق على ھذه األجوبة الثالثة على سبیل االشتراك لفظیا ولنسئم األول حدا ل فلنخترع لكل واحد اسما

وھو طلب مترسم بالعلم غیر متشوف إلى درك حقیقة الشيء، رسمیا الثاني حدا لیس یطلب إال شرح اللفظ، ولنسم إذ مدرك الطالب فیھ درك حقیقة الشيء حقیقیا الثالث جدا وھذا الثالث شرطھ أن یكون مشتمال على جمیع . ولنسم

في الجمع والمنع، فإنھ لو سئل عن حد الحیوان فقال . ذاتیات الشيء جسم فقد جاء بوصف كاف لو كان ذلك كافیانھ حقیقة الحیوان یدركھ العقل بمجموع األمرین. ولكنھ ناقص بل حقھ أن یضیف إلیھ المتحرك باإلرادة فأما . فإن ك

. المترسم الطالب للتمییز فیكفیھ قولك حساس وإن لم تقل جسم أیضا

Page 22: محك النظر في المنطق - الغزالي

، و :وأما الطلب الثالث م فھو مطلب أي وھو الذي : وأما الرابع. ھو سؤال عن العلة وجوابھ بالبرھان وقد سبقفمطلب ل ما الشجر فقلت إنھ جسم، فینبغي أن یقال أي جسم ھو فنقول ا اختلط بھ، كما إذا قیل یطلب تمییز ما عرف جملتھ عم

. بھ صفة الموجودوأما مطلب كیف وأین ومتى وسائر صیغ السؤال فداخل في مطلب بل المطلوب . ھو نامضیة كما ذكرناه في الفن :القانون الثاني ر بالفرق بین الصفات الذاتیة والالزمة والع إن الحاد ینبغي أن یكون بصیرا

إما األول اللفظي فیتعلق بساذج اللغة، وأما الرسمي فمؤنتھ قلیلة . األول من الكتاب، أعني بھ طالب الحد الحقیقي، واألمر فیھ سھل، فإن طا لبھ قانع بالجمع والقنع بأي لفظ كان، لص إنما الغویص العزیز الحد الذي سمیناه حقیقیا

وام ماھیة الشيء، أعني بالماھیة ما یطلب القائل بقولھ ما ھو وان ھذه . ولیس ذلك إال ذكر كمال المعاني التي بھا ق وإلى أخص صیغة طالب لحقیقة الشيء فال یؤخذ في جواب الماھیة إال الذاتي، والذ اتي ینقسم إلى عام یسمى جنسا

، و إلى خاص ویسمى نوعا ى جنس األجناس وان كان الذاتي . ویسقى فصال فإن كان الذاتي العام ال أعتم منھ یسم . الخاص ال أخص منھ یسمى نوع األنواع

فیھ یر في علومنا، ومثالھ إذا فإنھ كالمستع. وھذا اصطالح المنطقیین ولنصالحھم على ھذا االصطالح فال ض مل أیضاقلنا الجسم ینقسم إلى نام وغیر نام، والنامي ینقسم إلى حیوان وغیر حیوان، والحیوان ینقسم إلى عاقل وھو اإلنسان

فالجسم جنس األجناس، إذ ال أعم فوقھ واإلنسان نوع األنواع، إذ ال أخص تحتھ، والنامي . وإلى غیر عاقل كالبھائمضافة إلى الحیوان ألنھ أعم منھنوع باإلضافة وكذا الحیوان بین النامي األعم . إلى، الجسم ألنھ أخص منھ وجنس باإل

فإن قیل كیف ال یكون شيء أخص من اإلنسان وقولنا شیخ وصبي وطویل وقصیر وكاتب . وبین اإلنسان األخص . وحجام أخص منھ

في ھذا االصطالح بالجنس األعم فقط بل عنی نا بھ األعم الذي ھو ذاتي الشيء، أي ھو داخل في جواب ما قلنا لم نعن للعقل، وعلى ھو بحیث لو بطل عن الذھن التصدیق بثبوتھ بطل المحدود وحقیقتھ عن الذھن وخرج عن كونھ مفھوما

ل ما حد ھذا االصطالح فالموجود ال یدخل في الماھیة، إذ بطالنھ عن الذھن ال یوجب زوال الماھیة بیانھ إذا قال القائ السائل حد المسبع المثلث فقلنا سلك تحیط بھ ثالثة أضالع، أو قال ما حد المسبع فقلنا شكل تحیط بھ سبعة اضالع، فھم

فبطالن العلم بوجوده ال یبطل من ذھنھ فھم حقیقة المسبع، ولو بطل من . ولو لم یعلم إن المسبع موجود أم ال في الحال عنده، فقد أدركت التفرقة بین نسبة الوجود إلیھ وبین نسبة الشكل إلیھ، إذ زوال ذھنھ الشكل لم یبق المسبع مفھو ما

. أحدھما عن الذھن مبطل حقیقتھ وزوال اآلخر غیر مبطل، فھذا ھو المراد بھذا االصطالحاألعم عندنا ھو وأما الجوھر فعلى ما نعتقده داخل في الماھیة ؟ فأنا نفھم منھ المتحیز وھو حقیقة ذاتیة، فیكون الجنس

وأما المنطقیون فیعبرون بالجوھر عن الموجود ال في . الجوھر وینقسم إلى جسم وغیر جسم وھو الجوھر الفرد ألنھ سلب محض فیصح اصطالحھم . موضع فبأن یضاف إلیھ ال في موضع ال یصیر ذاتیا وإذا لم یكن الوجود ذاتیا

. اھمنابحسب تفاھمھم واعتقادھم ال بحسب اعتقادنا وتف وكاتبا وقصیرا وأما ما ھو أخص من اإلنسان من كونھ طویال وأبیض وأسود فھو ال یدخل في الماھیة، إذ ال یتغیر بتغییره الجواب عن طلب الماھیة فإن قیل لنا ما ھذا قلنا . ومحترقا فكبر وطال وأحمر وأصفر، فسئل مرة أخرى أنھ ما ھو؟ كان الجواب ذلك . بعینھ إنسان وكان صغیرا

فقیل ما ھو؟ تغیر ثم مولودا ولو أشیر إلى ما ینفصل من اإلحلیل عند الوقاع ومیل ما ھو قلنا نطفة، فإذا صار جنیناوكذلك الماء إذا سخن فقیل ما ھو قلنا إنھ ماء كما في حالة البرودة، . الجواب ولم یحسن أن یقال نطفة بل یقال إنسان

بالنار تغ فإذا انقسمت الصفات إلى ما یتبدل الجواب عن الماھیة بتبدلھا وإلى ما ال . یر الجوابولو استحال بخارا، قد عرفت بھذا معنى الجنس والنوع والفصل. یتبدل . فإذا

إال :القانون الثالث ا فعلیك فیھ وظائف ال یكون الحد حقیقیا ه حدا حقیق إن ما وقع السؤال عن ماھیتھ وأردت أن تحدنھ معناه في نفس السائل بھا، فإن ت ك عن حقیقة الشيء ومصورا ا وخرج عن كونھ معربا أو لفظت ركتھا سقیناه رسمیا

إلى ما ینبت من األرض ما ھو فال بد وأن تقول . األول أن تجمع أجزاء الحد من الجنس والفصول فإذا قیل لك مشیرالزیادة فتقول نام فتحترز عن ما ال ینمو، فھذا االحتراز جسم، ولكن لو اقتصرت علیھ بطل علیك بالحجر فتحتاج إلى ا

وال تبالي بالتطویل ، إذ فصلت بھ المحدود عن غیره، ثم شرطك أن تذكر جمیع ذاتیاتھ و إن كان ألفا ى فصال . یسم . ولكن ینبغي أن تقدم األعم على األخص، فال تقول نام جسم بل بالعكس

ا وھذا لو تركتھ تشوش النظم ولم تخ رج الحقیقة عن كونھا مذكورة مع اضطراب اللفظ واإلنكار علیك في ذلك أقل مم . وھو إن تقتصر على الجسم. في األول والثالث انك إذا وجدت الجنس القریب فإیاك أن تذكر البعید معھ فیكون مكررا

كما إذا قیل ما الخمر فال . تقل جسم مسكر مأخوذ من العنبكما تقول مائع شراب، أو تقتصر على البعید فیكون مبعدانھ حقیقة الخمر بل لو قلت . و إذا ذكرت ھذا فقد ذكرت ما ھو ذالي و مطرد ومنعكس ولكنھ مخیل قاصر عن تصور ك

ضعیف بل ینبغي أن تقول شراب مسكر، فإنھ األقرب األخص وال تجد . مائع مسكر كان أقرب من الجسم، وھو أیضا أخص منھ ل فإذا. بعده جنسا ذكرت الجنس فاطلب بعده الفصل، إذ الشراب یتناول سائر األشربة، واجتھد أن تفص

Page 23: محك النظر في المنطق - الغزالي

بالذاتیات إال إذا عسر علیك، وھو كذلك في أكثر الحدود، فاعدل بعد ذكر الجنس إلى ذكر اللوازم واجتھد أن یكون ما ذكرتھ من اللوازم الظاھرة المعروفة؟ األسد قلت سبع أبخر یتمتز بالبخر عن الكلب، فان البخر من خواصھ ولكنھ من فإن الخفي ال یعرف بھ كما إذا قیل ما

الخواص الخفیة، ولو قلت شجاع عریض األعالي لكانت ھذه اللوازم واألعراض اقرب إلى الفھم ألنھا أجلى وأكثر ما بل األعم عسمیر، یرى في الكتب من الحدود رسمیة، إذ الحقیقة عزیزة ورعایة الترتیب حتى ال یبتدي باألخص ق

فإنك ربما تقول في األسد إنھ حیوان شجاع وال یحضرك لفظ السبع، فتجتمع أنواع من . وطلب الجنس األقرب عسیر . العسر، وأحسن الرسمیات ما وضع فیھا الجنس االقرب، وأتتم بالخواص المشھورة المعروفة

دة والمشتركة المترددة، واجتھد في اإلیجاز ما قدرت أن تحترز عن األلفاظ الغریبة الوحشیة والمجازیة البعیالرابع وفي طلب اللفظ النص ما أمكنك، فان أعوزك النص وافتقرت إلى االستعارة فاطلب من االستعارات ما ھو اشد

ل أو استعار . مناسبة للغرض واذكر مرادك بھ للسائل فما كل أمر معقول لھ عبارة صریحة موضوعة ولو طول مطوى بلفظ مشترك وعرف مراده بالتصریح أو عرف بالقرینة، فال ینبغي أن یستعظم صنیعھ ویبالغ في ذمھ مستعیر أو أت

. إن كان قد كشف الحقیقة بذكر جمیع الذاتیات، فانھ المقصود وھذه المزایا تحسینات وترتیبات كاألبازیر من المقصودار لمیل طباعھم القاصرة عن المقصود لألصل و إنما المتجادلون یستعظمون مثل ذلك ویستنكرونھ غایة االستنك

والتوابع، حتى ربما أنكروا قول القائل في حد العلم إنھ الثقة بالمعلوم أو إدراك المعلوم من حیث أن الثقة مرددة بین ھوس، فإن الثقة إذا قرنت بالمعلوم تعیق فیھ جھة الفھم، ومن قال حد اللون م ا یدرك العلم واألمانة، وھذا المعترض م

بحاسة العین على وجھ كذا وكذا فال ینبغي أن ینكر ھذا ألن العین قد یراد بھا الذھب والشمس، فإنھ مع قرینة الحاسة جمال وحصل التفھم الذي ھو طلب السؤال واللفظ غیر مراد بعینھ في الحد الحقیقي إال عند المترسم الذي . ذھب اإل

. وشغفھ بھا یحوم حول العبارات فیكون اعتراضھ علیھااعلم أن الحد ال یحصل بالبرھان ألنا إذا قلنا حد الخمر أنھا شراب مسكر : في طریق اقتناص الحد :القانون الرابع

أن تطلب صحتھ بالبرھان، ألن قولنا حد الخمر أنھا شراب مسكر دعوى ھي قضیة محكومھا فقیل لنا لم كان محاالضیة إن كانت معلومة بغیر وسط فال حاجة إلى البرھان وان لم تعلم وھذه الق. الخمر وحكمھا أنھا شراب مسكر

وافترقنا إلى وسط وھو البرھان كان صحة ذلك الوسط للمحكوم علیھ وصحة الحكم للوسط كل واحدة قضیة واحدة، فبماذا نعرف صحتھا ؟

رف في ذلك الموضع صحتھ فإن احتیج إلى وسط آخر تداعى إلى غیر نھایة وان وقف في موضع بغیر وسط فبماذا نع في إدراك األمر وكل . فلنتخذ ذلك طریقا ، فقلنا ألن كل علم فھو اعتقاد مثال م مثالھ لو قلنا حد العلم إنھ معرفة فقیل ل

قلتم إن كل اعتقاد فھو معرفة فیصیر السؤال سؤالین م قلتم كل علم فھو اعتقاد ول م . اعتقاد فھو معرفة فیقال ولم وھكذا یتدا عى، بل الطریق أن النزاع إن كان فیھ من خصم فیقال صحتھ عرفت باطراده وانعكاسھ فھو الذي یسل

عن تمام الحقیقة فربما یعاند فیھ وال یعترف بھ، فان منع اطراده وانعكاسھ . الخصم بھ بالضرورة وأما كونھ معرباآلخر وعرفنا الوصف الذي فیھ یتفاوتان من زیادة أو على أصل نفسھ طالبناه بأن یذكر حد نفسھ، وقابلنا أحد الحدین با

دنا النظر إلى ذلك الوصف وأبطلناه بطریقة أو أثبتناه بطریقة، مثالھ إذا قلنا المغصوب مضمون وولد نقصان وجرم أن المغصوب مضمون ولكن ال نسلم أن الولد مغصوب، ، فیقول الخصم نسل المغصوب مغصوب فكان مضمونا

على أنھ منصوب أن حد الغصب قد وجد فیھ، فإن حد الغصب إثبات الید العادیة على مال الغیر وقد فنقول الدلیل م أن ھذا بل یقول ھو ثبوت، ولكن لیس ذلك من غرضنا بل ربما قال أسل وجد، وربما یمنع كون الید عادیة وكونھ إثباتا

أن ھذا حد العصب، فھذا ال یمكن إقامة البرھان علیھ إال أنا نقول ھو مطرد منعكس فما موجود في الولد ولكن ال أسلمالحد عندك، فال بد من ذكره حتى ننظر إلى موضع التفاوت فیقول بل حد الغصب إثبات الید المبطلة المزیلة للید

زالة وھو اإل فلننظر ھل یمكننا أن نقدر اعتراف الخصم بثبوت الغصب مع عدم ھذا . المحقة، فنقول قد زدت وصفاوصف، فان قدرنا علیھ كان یقول الزیادة محذوفة، وذلك بأن یقول الغاصب من الغاصب یضمنھ المالك، وقد أثبت ال

الید العادیة وما أزال المحقة بل المزال ال یزال، وكان األول قد أزال الید المحقة فھذا طریق قطع النزاع، وأما الناظر ر لھ الشيء . مع نفسھ فإذا تحر

ر في ذھنھ علم أنھ واجد للحد وتلخص لھ اللفظ في حصر مداخل الخلل في : القانون الخامس. الدال على ما تحرإما . وھي ثالثة فإنھ تارة یدخل من جھة الجنس وتارة من جھة الفصل وتارة من جھة أمر مشترك بینھما: الحدود

ة، وینبغي أن یقال المحبة المفرطة، الخلل في الجنس فأن یؤخذ الفصل بدلھ كما یقال في حد العشق أنھ إفراط المحبومن ذلك إن یؤخذ المحل بدل الجنس، كقولك حد الكرسي أنھ خشب یجلس . فاإلفراط یفصلھا عن سائر أنواع المحبة

علیھ، والسیف أنھ حدید یقطع بھ بل ینبغي أن یقال للسیف أنھ آلة صناعیة من حدید یقطع بھ، بل ینبغي أن یقال للسیف د مستطیلة مع تقوس ویقطع بھا كذا، فاآللة جنس والحدید محل للصورة ال جنس وأبعد منھ أن یؤخذ أنھ آلة من حدی

بدل الجنس ما كان وأالن لیس بموجود، كقولك الرماد خشب محترق والولد نطفة مستحیلة، فإن الحدید موجود في

Page 24: محك النظر في المنطق - الغزالي

ن یؤخذ الجزء بدل الجنس كما یقدر ومن ذلك أ. السیف في الحال والنطفة والخشب غیر موجودین في الولد والرمادحد العشرة أنھا خمسة وخمسة، ومن ذلك أن یوضع القوة موضع الملكة كما یقال حد العفیف ھو الذي یقوى على

یقوى على الترك واالجتناب وال ترك . اجتناب الشھوات واللذات وھو فاسد، بل ھو الذي یترك، وإال فالفاسق أیضاالتي لیست ذاتیة بدل الجنس كالواحد والموجود إذا أخذتھ في حد الشمس أو األرض، ومن ومن ذلك أن توضع اللوازم

وأما من جھة الفصل فبأن یأخذ . ذلك أن یضع النوع مكان الجنس كقولك الشر ھو ظلم الناس والظلم نوع من الشره عن الذاتیات وأن ال یورد جمیع الفصول أما القوانین المشتركة فمن ذلك أن و. اللوازم والعرضیات في االحتراز بدال

ومن ذلك . تحد الشيء بما ھو مساو لھ في الخفاء أو فرع لھ، كقولك العلم ما یعلم بھ أو العلم ما تكون الذات بھ عالمةأن یعرف الضد بالضد فنقول حد العلم ما لیس بظن، وال شك وال جھل، وھكذا حتى تحصر األضداد وحد الزوج ما

األمر وال یحصل بھ بیان، ومن ذا أن یوجد المضاف في حد المضاف وھما متكافئان في اإلضافة، لیس بفرد فیدور كقول القائل حد األب من لھ ابن، ثم ال یعجز أن یقول وحد االبن ما لھ أب بل ینبغي أن یقول األب حیوان یولد من

. فإنھما في الجھل والمعرفة یتساویان نطفتھ حیوان ھو من نوعھ فھو أب من حیث ھو كذلك، وال یحیلھ على االبن، الشمس أنھ المعلول إال بان تدخل العلة في حده، كمن یقول حد ومن ذلك أن یؤخذ المعلول في حد العلة مع أنھ ال یحد فیقال وما حد النھار فیلزم أن یقول النھار ھو زمان طلوع الشمس إلى غروبھا إن أراد الحد كوكب یطلع نھارا

في االمتحاناتالصحیح أن المعنى الذي ال تركیب فیھ : القانون السادس. ولذلك نظائر یكثر إحصاؤھا وسنزیدھا شرحاه إال بطریق شرح اللفظ أو بطریق الرسم فإذا قیل لك ما . وأما الحد فال، ومعنى الفرد مثل الموجود. البتة ال یمكن حد

الوجود فغایتك إن تقول ھو الشيء أو الثابت، ف باسم مرادف لھ ربما یتساویان في التفھیم حد تكون قد أبدلت اسما . وربما یكون أحدھما أخفى في وضع اللسان

سورة فیقول ھو األسد إنما یحسن بشرط أن یكون المذكور في . كما تقول ما العقار فیقول ھو الخمر وما الق وھذا أیضا للفظ، وإال فمن یطلب تلخیص ذات األسد فال الجواب أشھر عند السائل من المذكور في السؤال، ثم ال یكون إال شرحا

ر األلفاظ المترادفة فال یغنیھ، ولو قلت حد . یتلخص ذلك في عقلھ إال بأن یقول سبع من صفتھ كیت وكیت فأما تكر من لوازمھ وتوا فكان حدك . بعھالموجود أنھ المعلوم أو المذكور وقیدتھ بقید احترزت بھ عن المعدوم كنت ذكرت شیئا

غیر معرب عن الذات، فال یكون حقیقیا . رسمیا لھ فإنھ مبتدأ كل شرح فكیف یشرح في نفسھ الموجود ال حد و إنما قلنا المعنى الفرد لیس لھ حد حقیقي ألن معنى . فإذا

ھذه الدار والدار جھات معدودة إلیھا ینتھي الحد، ف الشيء كقولك ما حد یكون تحدید الدار بذكر قول القائل ما حد السواد فكان یطلب بھ المعاني جھاتھا المتحدة المتعددة التي ھي، أعني الدار محصورة متسورة بھا، فإذا قیل ما حد

فإن السواد سواد ولون وموجود وعرض ومرني ومعلوم وموصوف . والحقائق التي بائتالفھا تتم حقیقة السوادكدر وغیر ذلك مما یوصف بھ من األصناف، وھذه الصفات بعضھا عارض ومذكور وواحد وكغیر ومشرق وبراق و

، وبعضھا ذاتي ال یتصور فھم السواد وكثیرا وواحدا یزول وبعضھا الزم ال یزول، ولكن لیست ذاتیة ككونھ معلوما دة فطالب الحد كأنھ یقول إلى كم معنى تنتھي حدود حقیقة السواد لنجمع لھ تلك. دون فھمھ ككونھ لونا المعاني المتعد

للوازم بل للذاتیات بتلخیص، بان نبدأ باألعم ونختم باألخص وال نتعرض للعوارض، وربما طلب أن ال یتعرض أیضا . فقط من ذاتیات متعددة كالوجود كیف یتصور تحدیده وكان السؤال عنھ كقول القائل ما حد فإذا لم یكن المعنى مركبا

ه كما سئل عن حدود الدار كان محاال، إذ لیس لھ حدود وإنما الكرة ولنقدر العالم كلھ ع لى شكل كرة، فلو سئل عن حده منقطعھ ومنقطعھ سطحھ الظاھر وھو سطح واحد متشابھ ولیس بسطوح مختلفة وال ھي منتھیة إلى مختلف، حتى حد

منھ مقصدي من ھذا الكالم وال یفھم یقال أحد حدوده ینتھي إلى كذا واآلخر إلى كذا، فھذا المثال المحسوس ربما یفھم من قولي إن السواد مركب من معنى اللونیة والسوادیة لم إن اللونیة جنس والسوادیة نوع إن في السواد ذات متباینة متفاصلة فال نقول السواد لون وسواد، بل ھو لون ذلك اللون بعینھ ھو سواد، بل معناه یتركب ویتعدد عند العقل حتى

ال یمكن أن تجحد تفاصیلھ یعقل اللونی زائدا ثم یعقل الزرقة فیكون العقل قد عقل أمرا وال تخطر لھ الزرقة مثال ة مطلقافي الذھن، وال یمكنھ أن یعتقد تفاصیلھ في الوجود وال یظنن إن منكر الحال یقدر على حد شيء البتة، ألنھ إذا ذكر

لالحترا ز فیقال الزیادة عین األول أو غیره، فان كان عینھ فھو تكرر الجنس واقتصر بطل علیھ، وإذا زاد شیئا . وإذا قال في حد الجوھر إنھ موجود قلنا بطل بالعرض. فاطرحھ وان كان غیره فقد اعترفت بآمرین

وإذا قال متحیز قلنا قولك متحیز مفھومھ غیر مفھوم الموجود أو عینھ، فإن كان عینھ فكأنك قلت موجود موجود فإن ضالمت ر باطل بالع وإن تولك موجود ال یدفع النقض، وقولك متحیز فھو عینھ بالمعنى ال . رادفة كالمتكررة فھو لم إذا

، فتكراره ال یدفع ومرادفھ ال یدفع، فمھما انتقض قولك أسد بشيء لم یندفع النقض . باللفظ ألن كل لفظ ال یدفع نقضا فقد عرفت. بقولك لیث كما ال یندفع بقولك أسد أن المفرد ال یمكن أن یكون لھ حد حقیقي إال لفظي، كقولك في حد

الموجود إنھ الشيء ؛ أو رسمي كقولك في حد الموجود إنھ المنقسم إلى الفاعل والمفعول أو الخالق والمخلوق أو القادر فكل ذلك لیس . الموجود وتوابعھوالمقدور أو الواحد والكثیر أو القدیم والحادث أو الباقي والفاني أو ما یشبھ من لوازم

Page 25: محك النظر في المنطق - الغزالي

ھ السؤال عن . نبأ عن ذات الوجود بل عن تابع الزم ال یفارق البتة واعلم أن المركب إذا حددتھ بذكر آحاد الذاتیات توج . حد اآلحاد

النبات فتقول جسم نام، فیقال وما حد الشجر فقلت نبات قائم على ساق فقیل لك ما حد الجسم فإنك إذا قیل لك ما حد الجوھر وھكذا . فتقول جواھر مؤتلفة، فیقال وما حد فإن كان مؤلف فیھ مفردان وكل مفرد فلھ حقیقة وحقیقتھ أیضا

تأتلف من مفردین فال تظن أن ھذا یتمادى إلى غیر نھایة بل ینتھي إلى مفردات یعرفھا العقل والحس معرفة أولیة ال م التصدیقیة تطالب بالبرھان علیھا وكل برھان من مقدمتین وال بد لكل كما إن العلو. یحتاج إلى طلبھ بصیغة الحد

برھان من مقدمتین وھكذا یتسلسل إلى أن ینتھي إلى أولیات، وكما أن في العلوم أولیات فكذا في مقدمة أیضا . فطالب حدود األولیات إنما یطلب شرح اللفظ ال الحقیقة. المعارف

ھ بالفطرة األولى كثبوت حقیقة الوجود في العقل، فإن طلب الحقیقة فھو معاند وكان فإن الحقیقة تكون ثابتة في عقلكمن یطلب البرھان على إن االثنین أكثر من الواحد، فھذا ما أردنا إیراده من القوانین باالمتحانات ولنشتغل بحدود

. ذكرت في فن الكالم والفقھ لتحصل بھا الدریة بكیفیة استعمال القوانین

الثاني الفن من محك الحد في االمتحانان

:االمتحان األول الشيء ھو حقیقتھ ونفسھ وذاتھ، ومن قائل یقول حد الحد فمن قائل یقول حد اختلف الناس في حدالشيء ھو اللفظ المفسر لمعناه على وجھ یجمع ویمنع، ومن قائل ثالث یقدر ھذه مسألة خالفیة فینصر أحد الحدین على

ظر كیف تخبط عقل ھذا الثالث فلم یعلم أن االختالف إنما یتصور بعد التوارد على شيء واحد، وھذان قد اآلخر وان المختار . تباینا وتباعدا وما تواردا و إنما منشأ ھذا الغلط الذھول عن معرفة اإلسم المشترك الذي ذكرناه فان من یحد

لمن یح ه بأنھ الذي خلى ورأیھ، كما أن من حد العین بأنھ العضو بأنھ القادر على ترك الشيء وفعلھ لیس مخالفا د متباینا ك لأللوان بالرؤیة لم یحالف من یحد العین بأنھ الجوھر المعدني الذي ھو أشرف النقود، بل حد ھذا أمرا المدر

فان قلت فما الصحیح عندك . عبحقیقة األمر اآلخر، وإنما اشتركا في اسم العین والمختار فافھم ھذا فإنھ قانون كثیر النف الحد فاعلم أن من طلب المعاني من األلفاظ ضاع وھلك وكان كمن استدبر المغرب وھو یطلبھ ر . في حد ومن قر

في عقلھ بال لفظ ثم أتبع المعاني األلفاظ فقد اھتدى ر المعاني فنقول الشيء لھ في الوجود أربع . المعاني أوال فلنقر : مراتب ة في نفسھ، حقیق األولى . ثبوت مثال حقیقتھ في الذھن، وھو الذي یعتر عنھ بالعلم الثانیة . تألیف مثالھ بحروف تدل علیھ وھي العبارة الدالة على المثال لذي في النفس الثالثة

ع تألیف رقوم تدرك بحاسة البصر دالة على اللفظ، وھي الكتابة، والكتابة تبع اللفظ، إذ تدل علیھ، و والرابعة اللفظ تبع المعلوم، إذ یطابقھ ویوافقھ . العلم، إذ یدلى علیھ، والعلم تب

وھذه األربعة متوافقة متطابقة متوازنة إال أن األولین وجودان حقیقیان ال یختلفان باألعصار واآلخریان وھما اللفظ اختلفت صورھا فھي متفقة في أنھا ولكن األوضاع وإن. والكتابة تختلف باألعصار واألمم ألنھا موضوعة باالختیار

ومعلوم أن الحد مأخوذ من المنع، وإنما استعیر لھذه المعاني للمشاركة في معنى . موضوعة قصد بھا مطابقة الحقیقةفإن ابتدأت بالحقیقة لم تشك في أنھا حاصرة للشيء مخصوصة بھ، إذ حقیقة . المنع، فانظر أین تجده في ھذه األربعة

الحقیقة جامعة مانعة. التي لھ ولیست لغیره كل شيء خاصیتھ فان نظرت إلى مثال الحقیقة في الدھن وھو العلم . فإذا كذلك، ألنھ مطابق للحقیقة المانعة وإن نظرت إلى العبارة عن . والمطابقة توجب المشاركة في المنع. وجدتھ أیضا

حاصرة، فإنھا مطابقة للعلم المطابق للحقی وإن نظرت إلى الكتابة . قة والمطابق للمطابق مطابقالعلم وجدتھا أیضا مطابقة، وقد وجد المنع في الكل إال إن العادة لم تجر وجدتھا مطابقة للفظ المطابق للعلم المطابق للحقیقة، فھي أیضا

فال بد وأن . ینبإطالق اسم الحد على الكتابة التي ھي الرابعة وال على العلم الذي ھو الثانیة، بل ھو مشترك بین حقیقت الحداثة حقیقة . یكون لھ حدان مختلفان كلفظ العین، والمختار ونظائرھما فإذا عند اإلطالق على نفس الشيء یكون حد

الحد إنھ اللفظ الجامع المانع إال أن الذین أطلقوه على اللفظ أیضا الشيء وذاتھ وعند اإلطالق الثاني یكون حد الحد عند من یقنع بتكریر اللفظ كقولھ . الحد اللفظي والرسمي والحقیقي اصطالحھم مختلف كما ذكرناه في فحد

الموجود ھو الشيء والحركة ھي النقلة والعلم ھو المعرفة ھو تبدیل اللفظ لما ھو واقع عند السائل على شرط یجمع للفظ بتعدید صفاتھ ا. ویمنع الحد عند من یقنع بالرسمیات أنھ اللفظ الشارح لذاتیة والالزمة على وجھ یمیزه وأما حد

ه عند من ال یطلق اسم الحد إال على الحقیقي أنھ القول الدال على تمام ماھیة . عن غیره تمییزا یطرد وینعكس وأما حدوال یحتاج في ھذا أن یذكر الطرد والعكس ألن ذلك یتبع الماھیة بالضرورة وال یتعرض لالزم والعرضي، . الشيء

. لماھیة إال الذاتیاتفإنھ ال یدل على ا

Page 26: محك النظر في المنطق - الغزالي

. فقد عرفت أن اسم الحد مشترك في االصطالحات بین الحقیقة وشرح اللفظ والجمع بالعوارض والداللة على الماھیة لفظ العین على أمور مختلفة فیعلم صیاغة الحد ه فانظر، . وھذه أربعة أمور مختلفة كما دل حد ب ل فإذا ذكر لك اسم وط

فاطلب عنده المعاني التي فیھا االشتراك، فإن كانت ثالثة فاطلب ثالثة حدود، ألن الحقائق اذا اختلفت فإن كان مشتركافإذا قیل ما اإلنسان فال تطمع في حد واحد، فإن اإلنسان مشترك بین أمور، إذ یطلق على . فال بد من اختالف الحدود

نسان المعروف ولھ حد آخر وعلى اإل نسان المصنوع على الحائط المنقوش ولھ حد آخر إنسان العین ولھ حد وعلى اإلنسان المیت ولھ حد آخر . وعلى اإل

ى بھ من حیث أنھا آلة ى بھ، إذ كان یسم ال بالمعنى الذي كان یسم وذكرا فإن الذكر المقطوع والید المقطوعة تسقى یداى بھ من حیث أن شكلھ لھ اسم و ل و صنع شكلھ من خشب أو حجر أعطي اسمھ، البطش وآلة الوقاع، وبعد القطع یسم

بحد واحد وھو ھوس ألنھ مشترك یطلق على الغریزة التي یتھیأ بھا وكذلك یقال ما حد العقل فال تطمع في أن یحدنسان لدرك العلوم الضروریة، ویطلق على العلوم المستفادة من التجربة، حتى أن من لم تحنكھ التجارب بھذا اإل

، ویطلق على من لھ وقار وھیبة وسكینة في جلوسھ وكالمھ وھو عبارة عن الھدوء، فیقال االعتبار ال ی سمى عاقالفالن عاقل أي فیھ ھدوء، وقد یطلق على من جمع إلى العلم العمل حتى أن الفرس وإن كان في غایة من الكیاسة یمنع

فر وإن كان فاضال في جملة من علوم الطب عن تسمیتھ عاقال ویقال للحجاج إنھ عاقل بل داھیة، وال یقال للكاد . والھندسة إنھ عاقل، بل إما داھیة و أما فاضل داما كبیر فھكذا تختلف االصطالحات فیجب بالضرورة أن تتعد

. الحدود في حد العقل فباعتبار أحد مسمیاتھ إنھ بعض العلوم الضروریة بجواز الحائزات واستحالة المستحیالتفإن قلت فأرى الناس یختلفون في . ي إنھ غریزة یتھیأ بھا النظر في المعقوالت، وھكذا بقیة االعتباراتوباالعتبار الثان

فاعلم أن الخالف في الحد . في الحد افترى أن المتنازعین فیھ لیسوا عقالء. الحدود وھذا الكالم یكاد یحیل الخالفة رسولھ أو قول إمام من األئمة، ویكون ذلك اللفظ أحدھما أن یكون اللفظ بكتاب هللا أو سن : یتصور في موضعین

فیقع النزاع في مراده بھ، فیكون قد وجد التوارد على مراد القائل والتباین بعد التوارد، فالخالف تباین بعد مشتركاالحد ولذا فال نزاع بین من یقول السماء قدیم وبین من یقول المغصوب مضمون، إذ ال توارد، ولو كان لفظ. التوارد

ز التنازع في مراده ویكون إیضاح ذلك من صنعة التفسیر ال من صناعة النظر من كتاب هللا تعالى أو كتاب إمام یجو وال یحد حده على . بالعقل بائنا ه أمرا الثاني أن یقع الخالف في مسألة أخرى على وجھ محقق ویكون المطلوب حد

ا. المذھبین فیختلف لعلم اعتقاد الشيء، ونحن نخالفھ في ذكر الشيء، فان المعدوم عندنا لیس كما یقول المعتزلي حد العقل بعض العلوم الضروریة على وجھ بشيء، فالخالف في مسالة أخرى تتعدى إلى الحد، ولذلك یقول القائل حد

ه انھ غریزة یتھیأ بھا إدراك المعقوالت من حیث أنھ ینكر وجود غیر ه، بل یقول لیس في كذا، ویخالف من یقول في حدنسان إال جسم وفیھ حیاة وعلوم ضروریة إما غریزیة أو مكتسبة وعلوم نظریة، فال یتمیز بھا القلب عن العقب اإل

. واإلنسان عن الذباب في الحد فھذا وإن . فإن هللا قادر على خلق العلوم النظریة في العقب وفي الذباب فیثیر الخالف في غیر الحد خالفا

. في معرض االمتحان فقد أفدناك بھ ما یجري على التحقیق مجرى القوانین أوردناهاختلف في حد العلم فقیل ھو المعرفة وھذا حد لفظي وھو أضعف أنواع الحدود، فإنھ تكریر لفظ : االمتحان الثاني بأن یقال معرفة المعل. بذكر ما یرادفھ وم على ما ھو بھ ألنھ في كما یقال حد الحركة النقلة وال یخرج عن كونھ لفظیا

الموجود الشيء الذي لھ ثبوت حكم التطویل والتكریر، إذ المعرفة ال تطلق إال على ما ھو كذلك، فھو كقول القائل حد ولست أمنع من أن تسمى مسمى ھذا حدا فلفظ الحد لفظ في اللغة . ووجود، فان ھذا التطویل ال یخرجھ عن كونھ لفظیا

من حیث أنھ یمنع البرد لم یمنع من . تعیره من یریده لما فیھ نوع من المنعالمنع وھو مباح فیس ى قلنسوة حدا فلو سمنھ حقیقتھ في ھذا أن كان الحد عنده عبارة عن لفظ مانع، فإن كان عنده عبارة عن قول شارح لماھیة الشيء مصور ك

إنھ الذي یعلم بھ وإنھ الذي تكون . ذھن السائل فقد ظلم بإطالق ھذا االسم على قولھ العلم ھو المعرفة ولمیل أیضا . الذات بھ عالمة، وھذا الحد أبعد من األول فإنھ مساو لھ في الخلو عن الشرح والداللة على الماھیة

شرح اللفظ بأن یكون أحد اللفظیین عند السائل أشھر من اآلخر، فشرح األخفى باألشھر إما . ولكن قد یتوھم في األولعلم فھو مشتق من نفس العلم ومن أشكل علیھ المصدر كیف یتضح لدیھ المشتق منھ والمشتق أخفى من العالم وی

ى . المشتق منھ، وھو كقول القائل في حد الفضة إنھ الذي تصاغ منھ األواني الفضیة وقیل إنھ الوصف الذي یتأت وھذا أبعدھما قبلة من حیث أنھ أخص وھذا ذكر ألزم من لوازم العلم فیكون ر. للمتصف بھ إتقان العلم وإحكامھ سمیا

خر مما تبلھ وھو أنھ ذكر الزم قریب من الذات بعید شرحا من العلم، فإنھ یتناول بعض العلوم ولكن أقرب بوجھ ا بخالف قولھ ما یعلم بھ وما تكون الذات بھ عالمة فإن قلت فما طریق تحدید العلم عندك فاعلم أن العلم اسم . وبیانا

قد یطلق على اإلبصار واإلحساس، ولھ حد بحسبھ، وبطلق على التخیل، ولھ حد آخر بحسبھ ویطلق على مشتركولست أعني أنھ أشرف لمجرد العموم . الظن، ولھ حد اخر بحسبھ ویطلق على علم هللا على وجھ آخر أعلى وأشرف

Page 27: محك النظر في المنطق - الغزالي

ه على الخصوص كما ی. فقط بل بالذات والحقیقة ویطلق على إدراك العقل وحد نقدح في الحال أنھ سكون الذھن جزما . عن بصیرة إلى األمر بانھ كذا أو لیس كذا واألمر كذلك

سع القلب أالن لتضییع الوقت بھ فعلیك بإتمامھ، وال یبعد أن یحتاج ھذا الجدال إلى مزید تحریر وتنقیح لیس یتالسكون وھو مشترك ولفظ الذھن وھو تقول یعترضون على ھذا الحد بأنك استعملت لفظ. وغرضي ذكر الطریق للحد

غریب ولفظ البصیرة، وكأنھ یشیر إلى االتصال وال یلتفت إلى المشغوفین بالعبارات المصدوفین بغیر الحق عن . الحقائق

عندك وال أمنع من إبدالھ في جمال، وأن الذھن ذكرتھ ألني أظنھ مفھوما فاعلم أن السكون إذا قرن بالذھن زال منھ اإلنھ الماھیة في نفس المستفید الطالب باي لفط كان، فإن قلت فھل حق م ن ال یعرفھ، فقصد الحد الحقیقي تصور ك

إما الحد اللفظي فیتصور أن یكون لھ ألف، وذلك یختلف بكثرة األسامي في : یتصور أن یكون للشيء الواحد حدان قلتد ألن لوازم األشیاء وأما ال. بعض اللغات وقلتھا في البعض ویختلف باختالف األمم فیجوز أن یتعد حد الرسمي أیضا

وإن . لیست محصورة ألن الذاتیات محصورة، فإن لم یذكرھا لم یكن حقیقیا وأما الحد الحقیقي فال یتصور إال واحدا ال یتعدد ھذا الحد . ذكر بعضھا فالحد ناقص وان ذكر مع الذاتیات زیادة فالزیادة حشو، فإذا

قیل في حد العرض ما ال یبقى أو ما یستحیل بقاؤه أو ال یقوم بنفسھ، وھذا مختل ألنھ ذكر الزم لیس :الثاالمتحان الثوقیل إنھ الذي یعرض في الجوھر، وقولك یعرض كأنھ . یتعرض للذات، ثم ھو الزم سلبي واإلثبات أقرب إلى التفھیم

مما ی ه وھو أیضا ه، فیمكن إحالتھ على العرض بأن یقال الذي مأخوذ منھ العرض وفیھ إدخال الجوھر في حد طلب حد بل نقول طالب ھذا الحد كأنھ یطلب أن یتفھم ما نریده في اصطالحنا بھذا . یقوم بھ العرض فلیس ھذا الفن مرضیا

ال یحتاج إلى طلبھ بصناعة الحد، إذ بتنا أن من ال أولیا ض ما ثبتت حقیقتھ في النفس ثبوتا ر معارف ما االسم، وإال فالعفنقول لھ اعلم إن العقل أدرك الوجود ثم أدرك انقسامھ . یستغنى في تفھمھا عن الحد وإال یتسلسل األمر إلى غیر نھایة

یقوم بھ وإلى ما ال یستدعیھ، ثم أدرك انقسام القائم بالعین إلى ما یطرأ بعد أن لم یكن وإلى ما ال إلى ما یستدعى محال كصفات هللا ت ض عبارة عن الذي یطرأ بعد أن لم یكن ویستدعي في تحدیده في الوقت أنھ . عالىیكون طارئا ر فالع

یقوم بھ والمعتزلة إذ نفوا صفات الباري كان اصطالحھم ال یستدعي التقیید بالحادث بل . حادث یستدعي وجوده محال . یمكن أن یعبروا بھ عن كل موجود یقوم بغیره

فھو ھوس، كقول القائل القدیم الذي ھو لیس بحادث فھو حد .لحادث إنھ الذي لیس بقدیمقیل في حد ا :االمتحان الرابعوأما . وقیل إنھ الذي تتعلق بھ القدرة القدیمة وھو ذكر الزم غامض لم یدرك إال باألدلة. الضد بالضد، ویدور األمر فیھ

ري من یطلق اسم الحد على . بالغامضالحادث فمفھوم جلي بغیر نظر واستدالل، ومن الضالل البعید بیان الجلي م ولعا نقول العقل أدرك الوجود ثم أدرك . وكذا قولھ الحادث ما لیس بقدیم. كل لفظ جامع مانع فھذا عنده ال محالة حد ولكن

ثم وجدوا لي ما ال أول لھ، فالقدیم عبارة عن أحد القسمین والحاد ث انقسامھ إلى ما لھ أول بمعنى أنھ لم یكن موجودا . اآلخر

وھذه . فنقول الحادث ھو الموجود بعد العدم أو الكائن بعد أن لم یكن أو الموجود أو المسبوق بعدم أو الموجود عن عدمرة دون المعنى بل الكل حد واحد والعبارات متكر ال كقول القائل إنھ متعلق القدرة الحادثة ألنھ حد آخر . لیست حدودا

وفرق بین المتالزمین مفھومھ األول غیر مفھوم ھذه الحدود یلزم ذلك المفھوم، إذ یلزم متعلق القدرة أن یكون حادثا . وبین الشيء الواحد الذي عنھ عبارتان

لیس بصحیح ألنھ یقال السریر من الخشب، بمعنى أنھ جعل الخشب سریرا والعدم ال وقول القائل الموجود عن عدم فإنا ال ننكر بأن لفظ عن مشترك، ولكن بینا أن المشترك إذا فھم بالقرینة . درةفھذا أمر االعتراضات النا. یجعل وجودا

التحق بالنص وھو معلوم ھاھنا، ولست أمنع من االجتھاد في االحتراز عن المشترك فذلك أحسن، وإنما أمنع من . استعظام ھذا الصنیع الذي ال یعظم عند المحصل

بل األمر . ھم، وال ذلك محمود كل ذلك الحمد؛ السیما إذا لم یفد الشرجفال ھذا مذموم كل ذلك الذم بعد حصول الف إلي من قولھ ھو متعلق القدرة . أھون، فما الظنون بل قول القائل موجود عن عدم أحمت

اختلف في حد المتضادین ولیس من غرضي غیر الحدود، ولكن العرض أن أفیدك طریق التحدید :االمتحان الخامسفي التماسك ذلك، فلیكن نظرك في الحدود كما أقولھ، وھو أن المتضادین داالن على شیئین ال محالة عینت . بعد أن

وكل شیئین فینقسمان إلى ما لھما محل و إلى ما ال محل لھما، وكل ما لھما محل فینقسمان إلى ما یجتمعان كالسواد والذي ال . قة كالسواد والبیاض وإلى ما ال یختلففینقسم إلى ما یختلف بالحد والحقی. والحركة و إلى ما ال یجتمعان

ینقسم إلى ما ال یجوز أن یكون لواحد عارض أو الزم لیس لآلخر بل یسد أحدھما مسد اآلخر في كل یختلف أیضاوالى ما یتحد في الحدود والحقیقة وال تختلف طباعھما، ولكن ال یسد . حال، كالبیاضین والسوادین، وبالجملة كالمثلین

دھما مسد اآلخر، كالكونین في مكانین ولیس كالكونین في مكان واحد، إذ ال یجتمع في الجوھر في حالة واحدة ال أحوالذي بینھما اختالف ینقسم إلى ما بینھما غایة الخالف الذي ال یمكن أن . كونان في مكان واحد وال كون في مكانین

Page 28: محك النظر في المنطق - الغزالي

والحركة الھابطة والى ما لیس في الغایة، كمخالفة الماء یكون وراءه خالف كالسواد والبیاض والحركة الصاعدة الصاعدة، فإنھا أقل من مخالفتھا الحار الفاتر، فإنھ أقل من مخالفتھ للبارد والشدید البرودة، وكمخالفة الحركة یمینا

، أعني المقابل . للحركة یساراوأقل الدرجات في . یف وضع االصطالح فیھفإذا تمھدت في عقلك ھذه األقسام فانظر إلى لفظ المتضادین وأنھ ك

وقد اصطلح . المتضادین ھما المعنیان اللذان یتعاقبان على محل واحد ال یجتمعان سواء كانا مختلفین أو متماثلینسقوا المثلین متضادین، وفریق أخر شرطوا زیادة إلطالق ھذا . على إطالق االسم على ھذا، فیوضع ھذا االسم. فریق

. ال یسد أحدھما مسد اآلخر فلم یطلقوه على الكونین في حیز واحد وأطلقوه على الكونین في حیزین االسم وھو أنوفریق ثالث شرطوا زیادة أمر وھو أن یكون بینھما اختالف في الحد والحقیقة، أي ال یدخل أحدھما في حد اآلخر، فإنا

ینا الكون بأنھ اختصاص بالحیز دخل فیھ جمیع اكوان، ف لیس بین االحیاز اختالف بالطبع وال بین األكوان بل إذا حد .فھؤالء لم یسقوا األكوان متضادة لكن المختلفات كالحرارة والبرودة. ھي متشابھة

وفریق رابع شرطوا زیادة، وھو أن یكون بینھما غایة الخالف الممكن في ذلك النوع من التضاد، بحیث ال یكون وھذا اصطالحھم، فزعموا أن البیاض ال یضاد العودي بل السواد والحار ال وراءه خالف، وھؤالء ھم الفالسفة،

وال . یضاد الفاتر بل البارد، فھذا ھو الشرح ونرى جماعة من العمیان یتعاورون في ھذه الحدود ظانین أن فیھا نزاعا ولیس في یدركون أن النظر نظران أحدھما في الحقائق المجردة دون األلفاظ وھؤالء االنقسامات ال تي ذكرناھا أوال منھا، والثاني في إطالق األلفاظ واالصطالحات، وذلك یتعلق بالشبیھ فإن األلفاظ طافحة مباحة . العقالء من ینكر شیئا

. لم یثبت من جھة الشرع وقفھا على معنى معین حتى یمنع من استعمالھا على وجھ آخرصل فھو وقف علیھ بالحقیقة ولغیره استعارتھ ھذا ال أمنع منھ، ولعمري لو قیل إن واضع اللغة وضعھ لشيء في األ

وقد ترى الواحد یغتاظ . ولكن الخوض فیھ ال یلیق بالمحصل الناظر في المعقوالت بل باألدباء الناظرین في اللغاتفسھ من القیاس ویقول كیف یستجیز العاقل أن یقول الكونان ال یتضادان ومعلوم أنھما ال یجتمعان وإنما ذلك لما في ن

الخطأ الذي ال یشعر بھ، ونظم ذلك القیاس أن قولنا یتضادان وقولنا یجتمعان واحد فكیف یقال یجتمعان وال یجتمعان، إذ یظھر أن كل ما ال یجتمعان فواجب تسمیتھما متضادین، ومعلوم أن الكونیین ال یجتمعان فوجب تسمیتھما

.جتمعان متضادین غیر ثابت بل التسمیة إلى أھل االصطالحمتضادین، ومن یدري أن وجوب تسمیة ما ال یقیل في حد الحیاة إنھا المعنى الذي یستحق من قام بھ أن یشتق لھ منھ اسم الحي، وھذا من طوایف :االمتحان السادس

. قشورھاالحدود فإنھ تعریف المعنى بلفظ یطلق على المعنى، ومن قنع بمعل ھذا في فھم الحیاة فقد رضي من العلوم ب أو ما كان المحل بھ حیا وقیل ما یصح بوجودھا العلم أو . وقد عرفت ما في ھذا الجنس. وقیل ما أوجب كون الحي حیا

فإن قلت فما اختیارك فیھ فاعلم أن ذكر . ما تصح بوجودھا القدرة أو اإلرادة، وھذا تعریف للشيء بذكر بعض توابعھ. الحیاة والروح والنفس، ونظر في المعاني والحقائق: ظر في األلفاظ وھي ثالثةذلك ال یحتملھ ھذا الكتاب فإن ھاھنا ن

نسان إال حیاة وھو عرض قائم بجسمھ، واسم النفس والروح یرجع إلیھ ومنھم من . فإن في الناس من یقول لیس في اإلغ یجري إلى سائر یقول إنھ ال بد سوى ھذا العرض من شيء ھو الروح وھو جسم، لطیف في داخل القلب والدما

. البدن في العروق الضوارب، وأما النفس فلیس لھا مسمى ثالثومنھم من قال ھاھنا أمر ثالث وھو موجود قائم بنفسھ غیر متحیز، والروح الذي ھو الجسم اللطیف ومنبعھ القلب

ني أنبھك على أوائلھ مدیر لسائر أعضاء البدن بواسطتھ، وانظر كیف اختلف الطریق بھم وكیف یشاھد االختالف، فإا نظر إلى النطفة وھي جماد ال یحس وال یتحرك ثم وإن لم یحتمل الكتاب الخوض في غوائلھ، فاعلم أن الناظر لماستحال في أطوار الخلق حتى صار یحس ویتحرك عھ لم انھ حدث فیھ ما لم یكن من اإلحساس والحركة اإلرادیة،

أنھ لیس في ھذا الوجود إال الجسم إال القدرة فظن حساس وقدرة الحركة فلم تتحدد إذا فخلق هللا فیھ اإل كان جمادا، ویتجدد لھ ھذا االسم . فكانت الحیاة عبارة عن اإلحساس والقدرة فقط. والحس، وعند ذلك یسمى حیا

ویصدق علیھ اال ى حیا ن في نفسھ ولما نظر إلى اللغات فرأى ھذا الجنین وھذا اإلنسان في حال السكتة یسم سم وخم نسان في سكتتھ لیس معھ إحساس البتة وال قدرة، وطلب لھ مسمى فظن بالوھم الظاھر قبل التحقیق بالبرھان إن ھذا اإل والحیاة عبارة عن حساس فیھ وخلق القدرة، فھو من حیث أنھ مستعد لقبولھ سمي حیا أنھ لیس ھاھنا إال إمكان خلق اإل

د استقر في اعتقاده أن هللا یقدر أن یخلق الحیاة في كل جسم، وال یوصف هللا تعالى بالقدرة استعداد فقط، ولكن كان قعلى خلق الحس والحركة في الجماد، فسنح لھ أن ال بد من صفة یفارق بھا صاحب السكتة الجماد حتى تصور خلق

. لھ صفة ھي الحیاة الحس و القدرة فیھ بسببھ دون الجماد، فقال الحیاة عبارة عن تلك الصفة وأثبتفمنھم من قنع بھذا النظر وقدر مع نفسھ أنھ ال موجود إال الجسم وصفة یتھیأ المحل بھا لقبول الحس والقدرة، ومنھم من جاوز ھذا الخبر بھ بصناعة الطب واالكتفاء بھ إلى أمور شرعیة من صناعة الطب، فدل على أن األخالط األربعة

فإن في القلب حرارة غریزیة تنضح ذلك البخار وتلطفھ وتسرحھ قوة في القلب في . طفبخار لطیف في غایة الل.بھاتجاویف العروق الضوارب إلى سائر البدن، وأن القوة الحساسة تنتھي إلى العین واألذن وسائر الحواس الخمسة في

Page 29: محك النظر في المنطق - الغزالي

لھذه ا اال لقوى یجري في سلك العروق ویمد ھذا البخار اللطیف السائر بلطفھ في سیال األعصاب، فكان ھذا البخار حمحساس . األجسام اللطیفة التي فیھا قوى اإل

وقالوا لو وقعت سدة في بعض المجاري في ھذا البخار إما في عصب أو عرق لبطلت الحیاة واإلحساس من الذي ا أنھ سبب بقاء حالت السدة بینھ وبین القلب حتى انقطع عنھ إمداده فعبروا عن ھذا الھواء اللطیف بالروح، وزعمو

ض الذي یسقى حیاة. الحیاة في أحاد األعضاء ر . فثبت عندھم جسم لطیف عبروا عنھ بالروح وحكموا بأنھ سبب العولقولھ .) أرواح الشھداء في حواصل طیور معلقة تحت العرش: (وأما التفاتھم إلى الشرع، من حیث قال رسول هللا

بل أحیاء عند ربھم یرزقون وال تحسبن الذین قتلوا في سبیل: (تعالى فزعموا أنھ لم یكن إال حیاة ھي ). هللا أمواتاعرض وقد انعدم بالموت وجسد المیت بین أیدینا، فما الذي في حواصل طیور خضر وكیف وصف الشھداء بأنھم

إن أمسكتھا فاغفر "في دعائھ عند النوم ?وكذلك التفتوا إلى قولھ . أحیاء والبدن میت نشاھده والحیاة عرض وقد انعدمما الذي یمسك ویرسل والبدن حاضر والحیاة : فقالوا" لھا و إن أرسلتھا فاعصمھا بما تعصم بھ عبادك الصالحین

رض ال یمكن إرسالھا الى . ع إلى قولھ تع لم یذكر لھم ) ویسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي(والتفتوا أیضا فلموثار عند ھذا فریق ثالث وتغلغلوا زیادة تغلغل، وقالوا . م یكن ھاھنا إال جسم وعرضأنھ عرض كالقدرة والحیاة إن ل

ھذا صحیح ولكن ھذه الروح في بدنھ، وھناك موجود آخر یعبر عنھ بالنفس من صفتھ أنھ قائم بنفسھ ال متحیز نسبتھ . إلى البدن نسبة هللا تعالى إلى العالم، ال ھو داخل في العالم وال ھو خارج عنھ

نسان لكان لكل شخص أرواح . والتفتوا إلى أن الروح جسم منقسم وأجزاؤه متشابھة فلو كان ھو المدبر المدرك من اإل بھ بالشيء جاھال . كثیرة، واحتمل أن یكون في بعض أجزائھا علم بالشيء وفي بعضھا جھل بالشيء، فیكون عالما

زعموا أن الجسم الذي ال یتجزأ محال ثم التفتوا مع ذلك إلى أن و. فالبد من شيء ھو نافذ ال ینقسم، وكل جسم منقسم ال حیا ا كانت . ھذه الروح كیف ترسل أو تمسك في حالة النوم، ولو خرجت الروح من البدن في النوم لكان میتا ولم

ھ، فإنھ لو التخیالت واألحالم ومعرفة الغیب بطریق الرؤیة صحیحة زعموا أنھ لیس یخرج من النائم جسم ینفصل عن . عاد إلیھ لدخل في منفذ

آخر ال یمكن احصاؤھا وقالوا لو لم ثم نبھ لتنبھ والحظوا فیھ أمورا فم النائم وأنفھ أوال فإن األجسام ال تتداخل ولو شداخلھ فإن الجسم اللطیف مفھوم و إنما الذي ال یفھم موجود ال خارج البدن وال د. یكن إال الجسم والروح لذكره الشارع

فإن قلت . فھذا ترتیب نظرھم. واألولون أحالوا ھذا، فالنافیة إثبات موجود حادث ال داخل البدن وال خارجھ وھو محال فما الصحیح من ذلك فاعلم أن المسؤول فیھ لیس یخلو إما أن یكون غیر عالم، فال یمكن البیان، وإما أن یكون عالما

. فال یحل لھ الخوض فیھص رسول هللا فإن الروح سر هللا وكان من أوصافھ في . بالخوض في شرحھ? تعالى كما أن القدم سر هللا ولم یرخ

وال یظن أن هللا تعالى لم یطلعھ . التورایة أنھ ال یجیب عن كذا وكذا، أي ال یشرح عن أسرارھا، ومن جملتھ الروح أعظم منھا یظن أنھ عرف هللا ومالئكتھ وأحاط بعلم والجاھل بالروح جاھل بنفسھ فكیف. علیھا، فإنھ عرف أمورا

فأمر بأمر فاتبع األمر، فعلى كل مؤمن بھ ومصدق لھ أن یتبعھ األولین واآلخرین، وما عرف نفسھ، ولكنھ كان عبداوال یبعد أن یكون في أمتھ من األولیاء والعلماء من كشف لھ سر ھذا األمر . ویسكت عما سكت عنھ عرفھ أو لم یعرفھ

إما : قلنا. الشرع برھان على استحالة ذلك، فإن قلت فما الصحیح من العبارات في حد الحیاة التي ھي عرض ولیس فيوأما على . عند من ال یثبت إال العرض فاقرب لفظ في تفھیمھا أنھا الصفة التي بھا یتھیأ المحل لقبول الحس والحركة

عر فیوافقون في الحد، وقد یقولون لیس للحیاة معنى سوى مذھب من یثبت النفس والروح فقد یثبتون الحیاة أیضا ضاكون البدن ذا روح ونفس، فإنھ یستعد لقبول القدرة والعلم من حیث أنھ ذو روح ونفس فقط ال من حیث صفة أخرى،

ال یزید على كون. وكونھ كذلك ال یزید على ثبوت النسبة بینھ وبین الروح والنفس نسان متنعال ھ ذا فعل كما أن كون اإل عند من ینكر المعلول والعلة وھو الحق لیس إال . ووجود رجل، وانطباق النعل على الرجل وكما أن كون العالم عالما

على عالمة مسوقا وجود علم في ذات فھذا قدر ما یمكن أن یذكر من أمر الحیاة عالمة على الحد كمن یبتغي جمال . باقیة من أثر خفھ في حد الحركة والخائضون فیھ ضبطھم كثیر، فقیل انھ الذي لمحلھ بھ اسم قد :االمتحان السابع استدعیت كالما

المتحرك، وقیل إنھ الذي تكون الذات بھ متحركة، وقیل إنھ الخروج عن المكان وقد فھمت ما في ھذا النمط من فائدة ره با لتھ لك فلم أكر أخرى إال لتألف ھذا المسلك أو غائلة، فإن أردت الحقیقة فعلیك بالمنھج الذي ذل المتحان مرة بعد

الكون والحركة والسكون، وتنظر : البعید وھو أن تحصل األلفاظ المشھورة وتضعھا في جانب من ذھنك، وھاھنا ثالثةفي المعاني المعقولة التي تدل ھذه العبارات علیھا من غیر التفات إلى األلفاظ، فتقول ھذا المنظور فیھ من فن

. ، ونحن نعلم أن العرض ینقسم إلى ما یعبر عنھ بأنھ اختصاص جوھر بحیزه وإلى ما ال یعبر عنھ بھاألعراضوالذي یكون أكثر . واختصاص الجوھر بحیزه ینقسم بالضرورة إلى ما یكون في حالة واحدة والى ما یكون فن أكثر

. ینقسم إلى ما یزید على حالتین وإلى ما ال یزید

Page 30: محك النظر في المنطق - الغزالي

تین ینقسم إلى ما یكون في حیز واحد وإلى ما یكون في حیزین، وكذا ما یكون في ثالثة أحوال والذي یكون في حال ینقسم إلى ما یكون في حیز واحد وإلى ما یكون في ثالثة أحیاز فقد حصل ھاھنا للعقل خمسة أقسام كون في . فصاعدا

ثة أحوال في حیز واحد و كون في حالة وكون في حالتین في حیز واحد وكون في حالتین في حیزین وكون في ثالوكانت األلفاظ ثالثة واألقسام خمسة فاختلف الناس في إطالق تلك األلفاظ على ھذه . ثالثة أحوال في ثالثة احیاز

فقال فریق وھو األقرب إلى الحق، واعني بالحق ھاھنا تقریب التعریف واالصطالح، وإال فلیس في ھذا . األقسامما ھو بحث عن اللفظ الفاشي یعبر بالسكون عن االختصاص بحیز في حالتین متواصلتین النظم رسم معنوي و إن

، وھؤالء لم یسقوا الجوھر في أول ، وبالحركة عن االختصاص بحیزین في حالتین متواصلتین فصاعدا فصاعدا فثار علیھم من یأخذ األمور من بعد وال متحركا . حدوثھ ال ساكنا

یكون جوھر غیر ساكن وال متحرك وھذا محال، والمؤدي إلى المحال محال فسلم الكالم فقال ھذا یؤدي إلى أنولم یعرف أن الذین قالوا ذلك أرادوا بھ . المشھور بین المتكلمین أن الحركة والسكون یتقابالن ال ینفك الجوھر عنھما

ن السكون أشیاء، فكیف سموا الذي یبقى مدة یدركھ الحس، فالثاني ال یخلو عن حركة وسكون فإنھم فھموا م باعتبار أنھ لیس ، فإن كان یسمى بھ باعتبار أنھ لیس بمتحرك فلیكن متحركا االختصاص في الحاة األولى سكونابساكن، أي لیس بال لبث، وھذا خوض في فصول بال طائل بعد معرفة المعنى، وثار من بعد خیال آخر وھو أن

ألن الكون في . المكانین فال تكون الحركة قط موجودة في حال من األحوالالحركة إن كانت عبارة عن الكون في مكانین یكون في آنین، فإن نظرت إلى أالن األول فالكون الثاني غیر موجود وإن نظرت إلى الثاني فال یكون إال بعد

. عدم األول، أعني نفس التبدل ألنھ فال تبدلوھذا كما إن تبذل السواد والبیاض ال یكون موجودا وإذا وجد . ما دام السواد موجودا

طلقت على أمر معقول یستدعي ثبوتھ زیادة على إن واحد. البیاض بعد عدم السواد فال تبدل . فیكون التبدل عبارة أ ا لذي فقالوا الحركة ال وجود لھا بالفعل في آن البتة وإنما وجودھا في زمان ممتد، والزمان ال یوجد منھ جزء ما لم یفن

إال في الوھم إما في الخارج فال . وھؤالء ھم الفالسفة. قبلھ، فال یصادف وجوداوقال أھل الحق لسنا نطلق اسم الحركة علیھ من حیث انھ كونان في مكانین بل من حیث انھ كون في مكان لم یكن قبلھ

. ه فیھ فزادوا مع وجود الجوھر لالحترازو بعده فیھ، فألزموا أن الجرم الذي وجد في حالة واحدة لم یكن قبلھ وال بعدوھذا اإلطالق یستدعي صدقھ ثالثة أحوال، فمن یكتفي بحالتین وتكون الحركة عنده عبارة عن كون الجوھر في حیز

فھو مسمى حركة من حیث أنھ شغل بحیز حصل بھ مع فراغ . لم یكن قبلھ فیھ مع وجوده ، وأعني بھ الفصل القریبر في . ن فھو كون في مكان كان قبلھ فیھوأما السكو. اآلخر ومن أراد أن یغیر ھذه العبارات فال حجر علیھ بعد أن یقر

نة اللغوي الناظر في األلفاظ ال المتكلم الباحث عن المعاني ولنختم . عقلھ األقسام الخمسة األول، فإنھ بعد ذلك س . االمتحانات بذكر حد واحد من حدود الفقھاء واألصولیین

ق بھ اإلیجاب، وقیل ما ال بد من فعلھ، وقیل ما یثاب على :تحان الثامناالم اختلفوا في حد الواجب فقیل الواجب ما تعلفعلھ ویعاقب على تركھ، وقیل ما یجب بتركھ العقاب، وقیل ما ال یجوز اإلقدام على تركھ، وقیل ما یصیر المكتف

، وقیل ما یالم تاركھ شرعا متھ ما یعرفك وجھ الخلل في ولو تتب . بتركھ عاصیا عت ھذه الحدود طال األمر ففیما قدالمختل منھا، لكن أھدیك إلى الحق الواضح بتمھید سبیل السلوك، وھو أن تستنھج ما نھجتھ لك فتعلم أن األلفاظ في ھذا

وجز بالنظر إلى . الفن خمسة الواجب والمحظور والمندوب والمكروه والمباح المعنى أوال، وأنت فدع األلفاظ جانباتعلم أن الواجب اسم مشترك، إذ یطلقھ المتكلم في مقابلة الممتنع، ویقول وجود هللا واجب، واللغوي على السقوط یقول

. وجبت جنوبھا ویقول وجبت الشمس، فلھ بكل اعتبار حد آخرعلى األعراض، ومن األعراض على والمطلب أالن مراد الفقھاء، وھذه األلفاظ ال نشك أنھا ال تطلق على الجواھر بل

أو . األفعال فقط، ومن األفعال على أفعال المكلفین ال أفعال البھائم نظرك إلى أقسام الفعل ال من حیث كونھ مقدورا فإذا، ولھ بحسب كل نسبة انقسامات، إذ عوارض األفعال ولوازمھا كثیرة فال ننظر أو مخترعا أو مكتسبا أو معلوما حادثا

ا، ولكن إطالق ھذا االسم علیھا من حیث نسبتھا إلى خطاب الشرع یعلم أن األفعال تنقسم إلى ما ال یتعلق بھا فیھخطاب الشرع كأفعال البھائم والمجانین والى ما یتعلق بھ، والذي یتعلق بھ ینقسم إلى ما تعلق بھ على وجھ التخییر

ى م قدام علیھ واإلحجام عنھ، ویسم ح تركھ على والتسویة بین اإل ح فعلھ على تركھ، وإلى ما رج ، وإلى ما رج باحا و إلى ما أشعر بأنھ . فعلھ والذي رجح فعلھ على تركھ ینقسم إلى ما أشعر بأنھ ال عقاب على تركھ ویسمى مندوبا

على وربما اصطلح فریق على تخصیص الواجب بما علم ترجیحھ . یعاقب على تركھ في الدار اآلخرة ویسمى واجبا كالصلوات الخمس المكتوبة دون ما ھو مخیر فیھ، وخصصوا ذاك باسم الفرض وال حرج في ھذا ھذا الوجھ قطعا

ح بالعقاب إلى المعلوم والمظنون واالصطالح مباح فال مشاحة فیھ . االصطالح، فإننا ال ننكر انقسام المرجر ما أشعر علیھ بعقاب في وأما المرجح تركھ فینقسم إلى ما أشعر بأنھ ال عقاب على فعل ، وقد تكر ھ ویسقى مكروھا

ل هللا رأسھ رأس حمار مام أن یحو وقولھ من نام بعد . الدنیا، كما قال علیھ السالم إما یخشى الذي یرفع رأسھ قبل اإل

Page 31: محك النظر في المنطق - الغزالي

إال نفسھ . العصر فاختلس عقلھ فال یلومن وإلى ما أشعر بعقاب في اآلخرة على فعلھ وھو المسمى محذورا أو حراماأو معصیة، فإن قلت ما معنى قولك أشعر، فمعناه أنھ عرف بداللة من خطاب صریح أو قرینة أو معنى مستنبط أو

فاإلشعار یعم جمیع المدارك، فان قلت ما معنى قولك علیھ عقاب فمعناه أن إجرائھ سبب للعقاب في . فعل أو إشارةقولنا اسل سبب الشبع وحز الرقبة سبب الموت والضرب .ما یفھم من اآلخرة، فان قلت ما المراد بكونھ سببآ فالمراد

لكان ال یرجى العفو بل كان یجب أن یعاقب ال محالة فأقول لیس كذلك إذ ال یفھم . سبب األلم، فان قلت فلو كان سبباوز أن یفرض من قولنا الضرب سبب األلم والدواء سبب الشفاء أن ذلك واجب في كل شخص معین مشار إلیھ، بل یج

دواء ال ینفع ورب ضرب ال یدرك المضروب في المحل أمور تدفع المسبب، وال یدل ذلك على بطالن السببیة، فربألمھ لكونھ مشغول النفس بأمر ھام، كمن یجرح في حال قتال وھو ال یحس في الحال بھ، وكما أن العلة قد تستحكم

شخص وباطنھ أخالق رضیة وخصال محمودة عند هللا مرضیة یوجب فتدفع أثر الدواء فكذلك قد یكون في سریرة ال .ذلك العفو عن جریمتھ وال یوجب خروج الجریمة عن كونھا سبب العقاب

خاتمة الكتاب عظیمة إن أمعنت في كت بھ أصوال رتھ في ھذا الكتاب مع صغر حجمھ حر ثم ألحق بھ أن قال اعلم أن القدر الذي حر

فت إل ى مزید إیضاح في بعض ما أجملتھ واشتغلت لحكم الحال عن تفصیلھ، وذلك التفصیل قد تفھم الكتاب تشرإال أنني لم أفش تلك النسخة ولم تتداولھا إال یدي بعد، ألنھا كانت مفتقرة إلى مزید . أودعت بعضھ كتاب معیار العلوم

خر األجل واندفعت العوائق وانصرفت تھذیب وتنقیح بحذف وزیادة وتحریف، وفد دفعت األقدار دون تھذیبھا فإن استأوأنا اآلن مجدد . إلیھ الھمة وانقطعت على عمارتھ بتھذیب ما یجب أن یھذب صادفت فیھ ما أعوزك ني ھذا الكتاب

من هللا تعالى أن یصلح نیتي فیما أتعاطاه من تصنیف كتاب و إفادة علم ألقصد بھ وصیتك بالمواظبة على الدعاء سائالغیر ممزوج بحظ من حظوظ الدنیا، وما أخس حال من مھد للخلق سبیل اآلخرة وھو إلى الدنیا خالص وجھ هللا

. دعا الخلق إلى هللا وھو عنھ معرض- ملتفت، أو

جابة بفضلھ فنعوذ با من شرور أنفسنا وسیئات أعمالنا ونسأل هللا تعالى إصالح أحوالنا وأقوالنا وأفعالنا، فھو ولي اإل . لحمد رب العالمینوسعة جوده وا