بدﻷااﺬﻬﻟ ءﺎﻤﻈﻌﻟاو ءﺎﻤﻠﻌﻟا ﺮﻳﺪﻘﺗو ﻆﻳﺮﻘﺗ...

900

Upload: others

Post on 17-Feb-2020

5 views

Category:

Documents


0 download

TRANSCRIPT

  • جـواهـر األدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب

    تأليف

    السيد أحمد الهاشمي

    قرأه وعلق عليه یحيى مراد. د

    ر للنشر والتوزيع مؤسسة مختار للنشر والتوزيع

  • طبقا لقوانني امللكية الفكريةא אא

    א .אא

    א א أو عـرب االنرتنـت(א اى أو املدجمــة األقــراص أو مكتبــات االلكرتونيــةلل

    א )أخرىوسيلة אא.

    .א א

  • 3 مقدمة المحقق

    مقدمة المحقق

    للسيد أمحد اهلامشي من الكتب السهلة املمتعة يف علم ) جواهر البالغة(ويعد كتاب البالغة، وقد كتبه يف األصل ليكون مرجعا لطالب املدارس، مث ما لبث أن نال استحسان

    .الناس فأقبلوا عليه، وعدوه مرجعهم يف هذا العلم

    مر الذي جيعل استيعاب مادته أمرا يسريا وتتميز لغة الكتاب بالبساطة والوضوح، األعلى القارئ غري املتخصص، كما أن املؤلف اتبع أسلوبا تعليما مجيالً، حيث يبدأ بتعريف الباب أو املصطلح، مث يتبعه باألمثلة والشواهد اليت توضحه للقارئ، ويف النهاية يقدم

    . العلم ويستوعبها جيداالتمارين والنماذج اليت يتعلم من خالهلا املتلقي مسائل

    وقد جعل املؤلف أكثر شواهده من القرآن الكرمي، والشعر السهل الفصيح، وما أُِثر .عن العرب من الكالم البليغ واألمثال السائرة، واِحلكَم املأثورة

    ولكل هذه األسباب فقد لقي الكتاب استحسانَ الناس وقبوهلم له، فطبعت منه أقطار الوطن العريب، غري أن هذه الطبعات مل ختل من أخطاء الطبعات العديدة، يف كل

    أن تقوم بإعادة طبع هذا الكتاب مؤسسة املختارمطبعية، ومالحظات فنية، لذا رأت جلمهور القراء يف العامل العريب، حماولةً استدراك هذه اهلَنات البسيطة، وإخراجه يف شكل بديع

    .لقبول والثناء احلسنيليق ذا الكتاب؛ الذي نرجو أن ينال ا

    وآخر دعوانا أن الحمد هللا رب العالمين وآتبه

    يحيى مراد

  • مقدمة المحقق 4 ترجمة المؤلف

    السيد أحمد الهاشمي م1943 -1878/ هـ1362 -1295

    : اسمه .هو أمحد بن إبراهيم بن مصطفى اهلامشي

    : مولده ونشأته للهجرة، وا ذكرت كتب ترامجه أنه ولد بالقاهرة سنة ألف ومائتني ومخس وتسعني

    . عاش ومات سنة ألف وثالمثائة واثنني وستني من اهلجرة : حياته العلمية

    مل تذكر لنا كتب التراجم شيئًا يذكر عن حياته العلمية، إال النذر اليسري، مثل أنه كان أزهريا، وعمله التعليمي، وإدارته ألكثر من مدرسة، إىل أن عني مديرا ملدارس امللك

    الشيخ : ، ويل عهد مصر سابقًا، واتصاله ببعض شيوخ عصره، وتلمذته عليهم مثلفؤاد األول . حممد عبده، والشيخ سليم البشري، والشيخ حسونة النواوي، والشيخ محزة فتح اللَّه

    : مصنفاته . جواهر األدب يف إنشاء وأدبيات لغة العرب-1 . جواهر البالغة يف املعاين والبيان والبديع-2 .ادة األبدية يف الشريعة اإلسالمية السع-3 . خمتار األحاديث النبوية واحلكم احملمدية من البخاري وكتب احلديث املعتربة-4 . ميزان الذهب يف صناعة شعر العرب-5 . القواعد األساسية للغة العربية، وهو كتابنا هذا-6 . أسلوب احلكيم، جمموعة مقاالت-7 . جواهر اإلعراب-8 . د العلم يف باب النسب املفر-9

    . السحر احلالل يف احلكم واألمثال-10

  • 7 مقدمة المؤلف

    ِبْسِم اللَِّه الرَّحمِن الرَِّحيِمأحلى ما سجعت به بالبل األقالم، وأعلى ما انتظمت فيه عقود البالغة واالنسجام،

    محد موالنا الذي شرف لغة العرب، وأرسل لنا نبيا #جواهر األدب$وأشهى ما ينعت به .بعربيا منـزها عن مجيع الريب، سيدنا حممد صلى اهللا عليه وعلى آله ومن صح

    أودعته ما وقع عليه #جواهر األدب، يف أدبيات لغة العرب$: فهذا كتاب مسيته#أما بعد$اختياري، ال من نثري وأشعاري، فليس يل يف تأليفه من االفتخار، أكثر من االختيار، واختيار املرء قطعة من عقله، تدل على ختلقه وفضله، وفضيلة هذا التأليف هي يف مجع ما افترق، مما

    اسب واتسق، واختيار عيون، وترتيب فنون، من أحاديث نبوية، ومكاتبات أدبية، وحكم تنباهرة، وأبيات نادرة، وأمثال شاردة، وأخبار واردة، ووصايا نافعة، ومواعظ جامعة، ومناظرات مستظرفة، ومقامات مستطرفة، وأوصاف علية، وخطب اجتماعية، لينتفع به مقتنيه،

    فيه؛ إذ كان أحسن من الزهر والرياض، واحلدائق والغياض، ويستغين عن غريه الراغبوالزبرجد واملرجان، والدر والعقيان، واألكاليل والتيجان، والنـزه والبستان، إن دعي أسرع، وإن حتدث أمتع، وإن سئل أجاب، وإن حكم أصاب، جليس لصاحبه يف احلضر، وأنيس له يف

    ذيبه، وبذلت جمهودا يف حسن ترتيبه، السفر، ندمي ظريف، ومسري حصيف، بالغت يف .وأجزلت التحفة، وانتقيت الطرفة، وباهللا نستعني، وهو حسبنا ونعم الوكيل

    المؤلف

    السيد أحمد الهاشمي

  • قدير العلماء والعظماء لهذا تقريظ وتا الك

    9

    تقریظ وتقدير العلماء والعظماء لكتاب جواهر األدب

    كتب إيلَّ صاحب الفضيلة أستاذي األكرب شيخ األزهر الشيخ حسونة النواوي، -1 بسم اهللا الرمحن الرحيم: الفق

    احلمد هللا الذي علم بالقلم، علم اإلنسان ما مل يعلم، والصالة والسالم على أفصح فقد اطلعت على الكتاب #أما بعد$العرب، وعلى آله وصحبه الذين انتهجوا منهج األدب

    اذ الفاضل ملؤلفه األملعي ولدنا األست#جبواهر األدب يف أدبيات وإنشاء لغة العرب$املسمى السيد اهلامشي، فألفيته مشتمال على فن اإلنشاء، واألمثال وافيا باملقصود واسع اال، صحيح العبارة واضح اإلشارة، نافعا يف بابه، مفيدا ملطالعيه وطالبه، نفع اهللا به ومبؤلفه وحمبيه، جباه

    .نبيه وآله وصحبه وتابعيه كتبه حسونة النواوي

    ذي اإلمام احلكيم فيلسوف الشرق املرحوم الشيخ حممد عبده مفيت وكتب إيلَّ أستا-2 بسم اهللا الرمحن الرحيم: الديار املصرية، فقال

    احلمد هللا، والصالة والسالم على سيدنا حممد بن عبد اهللا، وعلى آله وصحبه ومن اتبعه عرب، املنتخب من حدائق ال#جواهر األدب$ فقد اطلعت على جمموع كتاب #وبعد$فوااله

    :فإذا هو جمموعة ال بأس ا، وافيا مبا تريده الطلبة من الكتابة ووسائلها فأضحت وعجم الطري فيها تغرد كما أزهرت روضات حسن وأمثرت

    فقد مجع هلم من عيون الكالم وروائع اللفظ ما حيتذون حذوه، وينسجون على منواله، صناعة (بعيد أن يصل من حياول حىت ال تستعصي عليهم الكتابة بل يسلس هلم قيادها، و

    إىل ما يرضى منه بدون أن يرد الطرف يف كثري من كالم الفصحاء، ويرد من مناهله ) اإلنشاءكل عذب صاف، وحييط بشيء عظيم من أساليب الكتاب حىت يتشبع من كالمهم، وتنطبع

    غرض، حىت فيه صورة عن جمموع صورهم، ومل يكن فيما بني أيديهم من الكتب ما يفي ذا اللسد هذه الثلمة مبا كابده من التعليم زمنا كبريا وال بدع ) اهلامشي(وفق حضرة ولدنا األستاذ

    فخري األطباء من عرف حقيقة الداء، فيصف له أجنع الدواء، ولقد عرف هذا األستاذ العصامي حاجة العصر وناشئته إىل كتاب موضوع على أسلوب عصري يالئم أذواق بين العصر من

    لمني ومتعلمني، فإذا حاول أهل العلم والتعليم أن يشكروا له صنيعه فقد حاولوا عظيما مع

  • جواهر األدب في أدبيات وإنشاءال لغة

    10

    وطلبوا خطريا، وحسب العامل أن يقوم بشكره عمله، فالعمل أعرف شيء جبميل عامله، وفقنا .اهللا وإياه، ملا حيبه ويرضاه، وأسأله أن ينفع به الطالب، وجيزل فيه الثواب

    حممد عبدهاإلسالم صاحب الفضيلة أستاذي األكرب املرحوم الشيخ سليم وكتب شيخ -3

    بسم اهللا الرمحن الرحيم: البشرى شيخ اجلامع األزهر، فقالاحلمد هللا الذي أنشأ العامل على أبدع مثال، ونظم أحواله مبعارف أرباب العلوم حىت

    ، والصالة بلغ حد الكمال، ونثر عجائب املعارف يف أرجائه، وغرائب العوارف يف أحنائه سيدنا ونبينا حممد أشرف خملوق يف العجم #جواهر األدب$والسالم على ينبوع العلم و

    جواهر $ فقد تناولت كتاب #أما بعد$والعرب، وعلى آله وصحبه ذوي املناصب والرتب كما يتناول الكتاب املرقوم، وفضضته كما يفض الرحيق املختوم، #األدب يف لغة العربته حوى من املباين أدقها، ومن املعاين أرقها، ومن النثر أعاله، ومن النظم واطلعت عليه فوجد

    أحاله؛ ارحتت لعيانه، واهتززت لعنوانه؛ إذ قد مجع فيه األجناس ومما ال يستحيل االنعكاس العترف هلذا ) خمالته وكشكوله(قبل تأليف ) البهائي(ما أدهش قاطبة الناس، فلو شامه

    وهو حضرة العامل اهلمام اللوذعي، اإلمام ولدنا السيد أمحد املؤلف وارعوى من فضله، . أكثر اهللا من أمثاله جباه النيب وآله-اهلامشي

    كتبه سليم البشري وكتب إيلَّ فضيلة أستاذي املرحوم الشيخ محزة فتح اهللا املفتش األول بوزارة -4

    بسم اهللا الرمحن الرحيم: املعارف العمومية، فقالقد تصفحت جمموعتك ) السيد أمحد اهلامشي( النحرير والفذ العبقري أي بين اجلهبذفإذا هي دائرة معارف ) جواهر األدب يف أدبيات وإنشاء لغة العرب(املختارة اليت أمسيتها

    :كربى ال يستغين عنها أديب، كلها صحاح وعلم صراح وصف صحاح اجلوهري وما عسى أن يقال يف خض زبده، وأسفر عن األدب، فلم تتلفع بفضل إي وريب إنه لكتاب صرح على امل

    مئزرها دعد، وانفردت سطوره عن فضل اختيار، وتعرى ليل عن بياض ار، جاله الفرناس، .على صفحات القرطاس

    اختار يف كتابه هذا من منتخبات الكتاب والشعراء ما يشفي الغلة، ويروي الصدى، الم من أبواا، وميز أبكارها من أتراا، وأهدى ولقد أتى فيما انتقاه لكتابه الثمني بيوت الك

  • قدير العلماء والعظماء لهذا تقريظ وتا الك

    11

    إىل هؤالء الشادين كالما يلطف كاهلواء رقة، ويسيل كاملاء عذوبة، ميتزج بالنفوس لنفاسته، :ويشرب بالقلوب لسالسته

    عن الوشي أو مشت ألغنت عن املسك أحاديث لو صيغت ألهلت حبسنهاوما أطيب . مين بشني، فخشيت عليه العنيفإن سنن مؤلفك العظيم القومي، ما) وبعد(

    :احلزامي يف قول بعض القدامى عيب يوقيـه مـن العيـن ما كان أحوج ذا الكمال إىل

    كيف ال، وقد عرفنا هذا املؤلف النابغة كاتبا جميدا يفل احلز، ويطبق املفصل، له حلى يدل على اجلواد عنانه فمن من البالغة يتقلدها، فيكاد السحر حيسدها، يدل عليه بيانه، كما

    : ومن قصد فلينشد-عرفه فقد اكتفى ن دليالً على اللبيب اختياره قـد عرفناك باختيارك إذ كا

    فما أجدر كتابه أن خيتص بسرعة اال يف االس، وخفة املدار يف املدارس بل إن ن املثوبة، وأكثر جزى اهللا مؤلفه خري اجلزاء وأثابه أحس# لليت هي أقومهذا الكتاب يهدي$

    .يف األمة من أمثاله، لتبلغ من حسن القول والفعل غاية الكمال كتبه الفقري إليه جل شأنه

    هـ1318 ربيع األول سنة 12يف ليلة محزة فتح اهللا

    وكتب إيل صديقي املرحوم حسن أفندي توفيق العدل املـدرس بكلية - 5 ).كمربدج(

    .د اهلامشيعزيزي حضرة األستاذ الفاضل السيد أمحفوجدت بني ) جواهر األدب يف أدبيات وإنشاء لغة العرب(تشرفت بكتابك املسمى

    امسه ومسماه مناسبة اقتضاها طبعك السليم، واتصاال قريبا كاتصال الصديق احلميم، فما أنفس فرائده، وأمثن فوائده، وأفصح مقاله، وأفسح جماله، صدر هذا الكتاب عن علم سابق،

    هن رائق، ونفس صادق، وروية مألت تصانيفها املغارب واملشارق، فأكرم وفكر ثاقب، وذتكونت من ألفاظ عذاب، ومواهب ال تدرك بيد اكتساب، فسبحان ) جواهر(به من كتاب

    من يرزق من يشاء بغري حساب، إذا تدبره األديب أغنته تلك األفانني، عن نغمات القوانني اتني، قد سور على كل فن من البديع باب، ال يدخله وإذا تأمله األريب نزه طرفه رياض البس

  • جواهر األدب في أدبيات وإنشاءال لغة

    12

    .إال من خص من البالغة باللباب، واهللا تعاىل يؤتيه احلكمة وفصل اخلطاب حسن توفيق العدل

    املدرس مبدرسة املعلمني الناصرية بنظارة املعارف العمومية :وقال صاحب الدولة املرحوم سعد باشا زغلول خماطبا مؤلف هذا الكتاب

    ذَِلك فَضلُ اللَِّه يؤِتيِه من يشاُء واللَّه ذُو الْفَضِل ﴿. #فضل ونعمة$ هذا يا أستاذ كتاب .﴾الْعِظيِم

    وإنه لدائرة معارف أدبية كربى، وأنفس كتاب ألف يف اللغة العربية وتاريخ آداا، .﴾ كَِثرياومن يؤت الِْحكْمةَ فَقَد أُوِتي خيرا﴿. صدر عن جتربة وحكمة

    كتبه سعد زغلول

  • 13 إليكم معشر الكتاب

    إليكم معشر الكتاب حفظكم اهللا يا أهل صناعة الكتابة وحاطكم ووفقكم وأرشدكم فإن اهللا عز -أما بعد

    وجل جعل الناس بعد األنبياء واملرسلني صلوات اهللا وسالمه عليهم أمجعني، ومن بعد امللوك صرفهم يف صنوف الصناعات وضروب املكرمني أصنافا وإن كانوا يف احلقيقة سواًء، و

    احملاوالت إىل أسباب معاشهم وأبواب أرزاقهم، فجعلكم معشر الكتاب يف أشرف اجلهات أهل األدب واملروءة والعلم والرواية، بكم تنتظم للخالفة حماسنها، وتستقيم أمورها،

    وال يوجد وبنصائحكم يصلح اهللا للخلق سلطام، ويعمر بلدام، ال يستغين امللك عنكم،كاٍف إال منكم، فموقعكم من امللوك موقع أمساعهم اليت ا يسمعون، وأبصارهم اليت ا

    اهللا مبا خصكم )2(، فأمتعكم)1(يبصرون، وألسنتهم اليت ا ينطقون، وأيديهم اليت ا يبطشون من النعمة عليكم، وليس أحد من أهل )3(من فضل صناعتكم وال نزع عنكم ما أضفاه

    عات كلها أحوج إىل اجتماع خالل اخلري احملمودة وخصال الفضل املذكورة املعدودة الصنا .منكم

    إذا كنتم على ما يأيت يف هذا الكتاب من صفتكم، فإن الكاتب حيتاج من : أيها الكتابنفسه وحيتاج منه صاحبه الذي يثق به يف مهمات أموره أن يكون حليما يف موضع احللم

    )5(، مؤثرا)4(، مقداما يف موضع اإلقدام، حمجاما يف موضع اإلحجامفهيما يف موضع احلكمللعفاف والعدل واإلنصاف، كتوما لألسرار، وفيا عند الشدائد، عاملًا مبا يأيت من النوازل، يضع األمور مواضعها، والطوارق أماكنها قد نظر يف كل فن من فنون العلم فأحكمه، فإن مل

    يكتفي به، يعرف بغريزة عقله وحسن أدبه وفضل جتربته ما يرد حيكمه أخذ منه مبقدار ما وعتاده، ويهيئ )6(عليه قبل وروده، وعاقبة ما يصدر عنه قبل صدوره، فيعد لكل أمر عدته

    فتنافسوا يا معشر الكتاب صنوف اآلداب، وتفقهوا يف الدين . لكل وجه هيئته وعادته

    . يدافعون)1( . أبقاكم)2( . أفاضه)3( . التأخر)4( . خمتارا له)5( . ما أعددته حلواديت الدهر)6(

  • جواهر األدب في أدبيات وإنشاءال لغة

    14

    ألسنتكم، مث أجيدوا )1(العربية، فإا ثقافوابدءوا بعلم كتاب اهللا عز وجل والفرائض مث اخلط فإنه حلية كتبكم، وارووا األشعار واعرفوا غريبها ومعانيها وأيام العرب والعجم

    ، فإن ذلك معني لكم ما تسمو إليه مهمكم، وال تضيعوا النظر يف )2(وأحاديثها وسريها ودنيها، )4(امع سنيها كتاب اخلراج، وارغبوا بأنفسكم عن املط)3(احلساب فإنه قوام

    األمور وحماقرها فإنه مزلة للرقاب مفسدة للكتاب، ونزهوا صناعتكم عن )5(وسفساف بأنفسكم عن السعاية والنميمة وما فيه أهل اجلهاالت، وإياكم والكرب )6(الدناءة واربأوا

    اعتكم وحتابوا يف اهللا عز وجل يف صن)7(والصلف والعظمة فإا عداوة جمتلبة من غري إحنة الزمان )9( من سلفكم، وإن نبا)8(وتواصوا عليها بالذي هو أليق بأهل الفضل والعدل والنبل

    إليه أمره، وإن أقعد )10(برجل منكم فاعطفوا عليه وواسوه حىت يرجع إليه حاله، ويثوبأحدا منكم الكرب عن كسبه ولقاء إخوانه فزوروه وعظموه وشاوروه واستظهروا بفضل

    معرفته، وليكن الرجل منكم على من اصطنعه واستظهر به ليوم حاجته إليه جتربته وقدميأحفظ منه على ولده وأخيه، فإن عرضت يف الشغل حممدة فال يصرفها إال إىل صاحبه، وإن عرضت مذمة فيحملها هو من دونه، وليحذر السقطة والزلة وامللل عند تغري احلال، فإن

    وهو لكم أفسد منه هلا، فقد علمتم أن )11( إىل الفراءالغيب إليكم معشر الكتاب أسرع منهالرجل منكم إذا صحبه الرجل يبذل له من نفسه ما جيب له عليه من حقه فواجب عليه أن

    هو جزاٌء يعتقد له من وفائه وشكره، واحتماله وخريه ونصيحته وكتمان سره وتدبري أمره ما طرار إىل ما لديه، فاستشعروا ذلك وفقكم حلقه، ويصدق ذلك فعله له عند احلاجة إليه واالض

    . العدة)1( . تعديلها)2( . نظام)3( . رفيعها)4( . الرديء من كل شيء)5( . أعرضوا وفروا)6( . إضمار حقد)7( . الرفعة والسمو)8( . قصر ونفر)9( . يرجع)10( . اجللد، ألنه سريع العطب)11(

  • 15 إليكم معشر الكتاب

    اهللا من أنفسكم يف حاليت الرخاء والشدة واحلرمان واملواساة واإلحسان والسراء والضراء، فنعمت الشيمة هذه ملن وسم ا من أهل هذه الصناعة الشريفة، وإذا ويل الرجل منكم أو صري

    اعته وليكن على الضعيف رفيقًا، إليه من أمر خلق اهللا أمر فلريق اهللا عز وجل وليؤثر طوللمظلوم منصفًا فإن اخللق عيال اهللا، وأحبهم إليه أرفقهم بعياله، مث ليكن بالعدل حاكما

    موفرا وللبالد عامرا، وللرعية متألفًا، وعن أذاهم متخلفًا، وليكن )1(ولألشراف مكرما وللفيء حقوقه دقيقًا، وإذا صحب من يف جملسه متواضعا حليما ويف سجالت خراجه واستقصاء

    أحدكم رجالً فليخترب خالئقه، فإذا عرف حسنها وقبيحها أعانه على ما يوافقه احلسن، واحتال على صرفه عما يهواه من القبيح بألطف حيلة وأمجل وسيلة، وقد علمتم أن سائس

    هجها إذا ركبها البهيمة إذا كان بصريا بسياستها التمس معرفة أخالقها، فإن كانت رموحا مل يوإن كانت شبوبا اتقاها من بني يديها، وإن خاف منها شرودا توقاها من ناحية رأسها وإن

    له قيادها، )3( فإن استمرت عطفها يسريا فيساس)2(كانت حرونا قمع هواها برفق يف طريقها .ويف هذا الوصف من السياسة دالئل ملن ساس الناس وعاملهم وجرم وداخلهم

    ب بفضل أدبه وشريف صنعته ولطيف حيلته ومعاملته ملن حياول من الناس ويناظره والكاتويفهم عنه أو خياف سطوته أوىل بالرفق بصاحبه، ومداراته وتقومي أورده من سائس البهيمة اليت ال تفقه جوابا وال تعرف صوابا وال تفهم خطابا إال بقدر ما يصريها إليه صاحبها الراكب

    أمعنوا رمحكم اهللا يف النظر، واعملوا فيه ما أمكنكم من الروية والفكر تأمنوا بإذن عليها؛ أال ف واالستثقال واجلفوة ويصري منكم إىل املوافقة وتصريوا منه إىل املؤاخاة )4(اهللا ممن صحبتموه النبوةبه وال جياوزن الرجل منكم يف هيئة جملسه وملبسه ومركبه ومطعمه ومشر. والشفقة إن شاء اهللا

    وخدمه وغري ذلك من فنون أمره قدر حقه، فإنكم مع ما فضلكم به اهللا من شرف صنعتكم -خدمة ال حتملون يف خدمتكم على التقصري وحفظة ال حتتمل منكم أفعال التضييع والتبذير

    واستعينوا على أفعالكم بالقصد يف كل ما ذكرته لكم وقصصته عليكم واحذروا متالف السرف فإما يعقبان الفقر ويذالن الرقاب ويفضحان أهلهما والسيما الكتاب )5(ترفوسوء عاقبة ال

    . الغنيمة واخلراج)1( . يف مرة من املرات)2( .ينقاد ويسهل: أي" يسلس"خة أخرى ويف نس)3( . القبح)4( . التنعم)5(

  • جواهر األدب في أدبيات وإنشاءال لغة

    16

    أعمالكم مبا )1(وأرباب اآلداب، ولألمور أشباه وبعضها دليل على بعض فاستدلوا على مؤتنفسبقت إليه جتربتكم مث اسلكوا من مسالك التدبري أوضحها حمجة وأصدقها حجة وأمحدها عاقبة

    آفة متلفة، وهو الوصف الشاغل لصاحبه عن إنفاذ علمه ورؤيته، فليقصد واعلموا أن التدبري الرجل يف جملسه قصد الكايف من منطقه، وليوجز يف ابتدائه وجوابه وليأخذ مبجامع حججه؛ فإن

    .ذلك مصلحة لفعله ومدفعة للشاغل من إكثاره املضر ببدنه وليضرع إىل اهللا يف صلة توفيقه وإمداده بتسديده خمافة وقوعه يف الغلط

    وعقله وأدبه، فإنه إن ظن منكم ظان أو قال قائل إن الذي برز من مجيل صنعته وقوة حركته إمنا هو بفضل حيلته وحسن تدبريه، فقد تعرض بظنه أو مقالته إىل أن يكله اهللا عز وجل إىل

    .نفسه فيصري منها إىل غري كاف وذلك على من تأمله غري خاٍفأبصر باألمور، وأمحل لعبء التدبري من مرافقه يف صناعته وال يقل أحد منكم إنه

    ومصاحبه يف خدنه، فإن أعقل الرجلني عند ذوي األلباب من رمي بالعجب وراء ظهره، .ورأى أن صاحبه أعقل منه وأمجل يف طريقته

    وعلى كل واحد من الفريقني أن يعرف فضل نعم اهللا عليه جل ثناؤه من غري اغترار ة لنفسه وال تكاثر على أخيه أو نظريه وصاحبه وعشريه، ومحد اهللا واجب برأيه وال تزكي

    .على اجلميع، وذلك بالتواضع لعظمته، والتذلل لعزته، والتحدث بنعمتهوهو ) من تلزمه النصيحة يلزمه العمل(وأنا أقول يف كتايب هذا ما سبق به املثل

    فلذلك جعلته آخره . هللا عز وجلهذا الكتاب وغرة كالمه بعد الذي فيه من ذكر ا) جواهر(ومتمته به؛ توالنا اهللا وإياكم يا معشر الكتبة مبا يتوىل به من سبق علمه بإسعاده وإرشاده،

    . فإن ذلك إليه وبيده، والسالم عليكم ورمحة اهللا وبركاته )2(.عبد احلميد الكاتب

    . مبدأ)1( قتله السفاح - هو عبد احلميد بن حيىي العامري، كاتب دولـة مروان بن حممد آخر خلفاء األمويني )2(

    .هـ132

  • ١٧ مبادئ علم األدب

    تمهيد في مبادئ علم األدب .طبعي وكسيب: األدب عبارة عن معرفة ما حيترز به من مجيع أنواع اخلطأ وهو قسمان

    .فالطبعي ما فطر عليه اإلنسان من األخالق احلسنة والصفات احملمودة كالكرم واحللمئذ والكسيب ما اكتسبه بالدرس واحلفظ والنظر وهو املقصود لنا يف هذا الكتاب فحين

    يعرف بأنه علم صناعي تعرف به أساليب الكالم البليغ يف كل حال من أحواله، وهو املدعو ).بعلم األدب(

    .وموضوعه الكالم املنظوم واملنثور من حيث فصاحته وبالغته املنظوم واملنثور على أساليب العرب، وذيب العقل، وتذكيته -وغايته اإلجادة يف فين

    .اجلنانم صاحبه من زلة اجلهل، وأنه يروض األخالق ويلني الطبائع وأنه يعني وفائدته أنه يعص

    .على املروءة، وينهض باهلمم إىل طلب املعايل واألمور الشريفة :وأركانه أربعة

    :قوي العقل الغريزية، وهي مخسة: األول .)٥(والذوق. )٤(واحلس. )٣(واحلافظة. )٢(واخليال. )١(الذكاء

    عرفة األصول وهي جمموع قوانني الكتابة، وفيها تبيان طرق حسن التأليف م: الثاين .وضروب اإلنشاء وفنون اخلطابة

    .عامة وخاصة: وتنقسم هذه األصول إىل قسمني

    رف بالفكر ويف كتب اللغة الذكاء عبارة عن حدة الفؤاد وسرعة االستعداد التام إلدراك العلوم واملعا)1( ].ذكو: القاموس[الفطنة

    . قوة باطنة حتفظ صور احملسوسات بعد غيبوبة املادة وهو من أكرب أسباب النجاح يف فن الكتابة)2( . قوة من شأا حفظ ما يدركه العقل من املعاين فتذكره عند احلاجة ولذلك مسيت ذاكرة)3( قوة يتأثر ا اإلنسان من صورة املدركات كاللذة واألمل وهو من شروط الكتابة إذ يعني الكاتب مما )4(

    حيدث فيه من التأثري على رسم صورة احملسوسات رمسا حمكما فيقتدر إذ ذاك على حتريك العواطف !ةواستمالة القلوب، أال ترى أن الكالم العذب إذا حل يف القلب أحدث فيه حركة وهز

    قوة غريزية هلا اختصاص بإدراك لطائف الكالم وحماسنه اخلفية وحتصل باملثابرة على الدرس )5(وباملمارسة لكالم البلغاء وتكراره على السمع والتفطن خلواص معانيه وتراكيبه وبتنـزيه العقل

    .والقلب عما يفسد األخالق واآلداب

  • جواهر األدب في أدبيات وإنشاءال ة ل

    ١٨ .كالتآليف األدبية من منظوم ومنثور يف أغراض شىت: فالعامة .كالتآليف املفردة بالرسائل أو باألمثال: واخلاصةصانيف البلغاء بالتأين والتبصر فيها، ليدخر الكاتب كل لفظ مؤنق مطالعة ت: الثالث

    .شريف وكل معىن بديع حبيث يتصرف ما عند الضرورة :وشروطها ثالثة

    أن يستقل املطالع بعض علماء اللغة وأئمة األدب فيقتصر على درسهم حىت : األول .ينسخ على منواهلم

    دد مرارا ما استحسنه من تصانيفهم كي أن يطيل النظر يف هذه املطالعة وير: الثاين . سباقهم فيقف على غريب أسلوم وعجيب تراكيبهم)٢( الذهن يف حلبة)١(يروض

    من اللفظ احلر والتراكيب الصحيحة واملعاين )٣(أن ينتقي منها شيئًا مما استجاده: الثالث . لقرحيته)٤(البليغة ذخرا لذاكرته ومهمازا

    تدرب بوجوه اإلنشاء بأن تتوسع يف شرح بعض املعاين فتبينه االرتياض وهو ال: الرابعبأوجه شىت وتنمقه بأشكال البديع وبأن جتتهد يف وضع بعض مواضيع وجيزة فتصوغ تارة

    وأن -وصف مدينة أو مدحا أو نئةً، وأخرى تسرد مثال أو تسبك رواية إىل غري ذلك ومعانيهم وبأن حتل النظم فتأيت به نثرا حتذو حذو املتقدمني يف أوضاعهم باستعمال ألفاظهم

    .)٦( تعقد النثر فتصوغه صوغًا رشيقًا)٥(أنيقًا

    . يدرب)1( . ميدان)2( . وجده جيدا)3( .ة تكون يف مؤخر خف الرائد للمهر حديد)4( . معجبا)5( . حسنا)6(

  • ١٩ علم اإلنشاء مقدمة في علم اإلنشاء

    أنشأ الغالم ميشي إذا شرع يف املشي، : الشروع واإلجياد والوضع، تقول: اإلنشاء لغة .وضعه: أوجدهم، وأنشأ فالن احلديث: وأنشأ اهللا العامل

    به استنباط املعاين وتأليفا مع التعبري عنها بلفظ الئق باملقام وهو واصطالحا علم يعرفمستمد من مجيع العلوم، وذلك ألن الكاتب ال يستثين صنفًا من الكتابة فيخوض يف كل

    .املباحث ويتعمد اإلنشاء يف كل املعارف البشرية .وينحصر املقصود منه يف ثالثة أبواب وخامتة وملحق

  • جواهر األدب في أدبيات وإنشاءال ة ل

    ٢٠ ول اإلنشاءفي أص: الباب األول

    :مواده وخواصه وطبقاته وحماسنه: وهي أربعة، الثالثة إيراد )٣(، الثانية املعاين)٢( الصرحية)١(األوىل األلفاظ الفصيحة: أما مواده فثالث

    . األلفاظ البينة الظاهرة املتبادرة إىل الفهم واملأنوسة االستعمال ملكان حسنها)1( األلفاظ اليت تدل على نفس املطلوب حبيث تكون كقالب ملعناها ويتوصل إىل ذلك مبعرفة املترادفات )2(

    .والصفات واألبدال :يكون املعىن واضحا، أي سهل املأخذ خاليا من اللبس واإلشكال كقول األخطل حبيث )3(

    إىل الذَّخائر مل جتد تقَرا يكون كصاحل األعمال وإذا افْترذُخ :وأن يكون املعىن سديدا أي أن يكون القول مطابقًا للواقع كقول لبيد

    محـالـةَ زائلُ وكلُّ نعيم ال أال كلُّ شيء ما خال اهللا باطلُ :وأن يكون مطابقًا ملقتضى احلال كقول أيب العتاهية

    نِدمت على التفْريط يف زمن البذْر إذا أنت مل تزرع وأبصرت حاِصدا :وهلذا قال أبو الفتح البسيت

    كالمك حي والسكوت جماد تكَلَّم وسدد ما استطعت فإمناِجدـُهفإن مل ت فصمتك عن غَير السداد سداد قوالً سديدا تقول

    واملراد مبتقضى احلال األمر الذي يقتضيه الداعي إىل املتكلم على وجه خمصوص الناشئ عن مراعاة : واملعىن إما أن يكون مبتكرا أي خمترعا كقول ابن النبيه-أحوال املتكلم واملخاطب ومقام الكالم

    فالساِبق السابق منها اجلواد موت كخيل الطَّردالناس لل :وكقول آخر يف وصف الشتاء

    ِردتاِء فمن يطَِل والنار فاكهةُ الشصا فلْياتيأكلَ الفَواِكِه ش أو دقيقًا فهو ما لطف مأخذه وبعد مرامه ودل على توقد فهم قائله كقول ابن عنني يف فخر الدين الرازي

    :د دخلت إىل جملسه محامة خلفها صقر يريد صيدها فاستجارت حبجرتهوكانت ق واملوت يلْمح يف جناحي خاِطف جاءت سلَيمانَ الزماِن حمامةٌ حـرام وأَنك ملْجأ للخـاِطف من أَنبأَ الورقَـاَء أنَّ مِحلَّكم

    م بال تصنع وال إعمال روية ودل على بعض السذاجة يف قائله، أو فطريا وهو ما أورده الطبع السلي :كقول أحدهم وقد سِئل هل تسافر حبرا فأنشد علي منـه الْمعاِطب ال أركَب البحر أخشى والطِّني يف املاء ذائب ِطيـن أنـا وهو ماٌء

    :وكقول الصياد = ذا يأكلُ السمكة هذا يصيد وه سبحانَ ريب يعطي ذا ويحِرم ذا

  • ٢١ علم اإلنشاء .املعىن الواحد بطرق خمتلفة، ومرجعها إىل الفصاحة وعلمي املعاين والبيان

    :وأما خواصة فهي حماسنه السبعة، وهي بأن خيتار املفردات البينة الدالة على املقصود أن يعدل عن كثرة )١(وحالوض: أوال يف اجلملة الواحدة، وأن يتحاشى االلتباس يف استعمال الضمائر، وأن يسبك اجلمل )٢(العوامل

    .سبكا جليا بدون تعقيد والتباس، وأن يتحاشى كثرة اجلمل االعتراضية =

    :أو لينا وهو ما كان لطيف التعبري سلس األلفاظ داال على أشياء تطرب املسامع وتبهج القلب كقوله مل تضحِك األرض عن شيء ِمن الزهر إن السماَء إذا مل تبِك مقْلتهـا

    :مبجامع القلب كقول عنترةأو نافذًا وهو ما وصل إىل الفهم بسرعة الربق وأخذ حلدته ومضائه كما يدنو الشجاع من اجلبان وما دانيت شخص املوِت إال

    :أو جامعا وهو ما أفاد باللفظ القليل املعىن الكثري كقول أيب متام يف املعتصم كأنك تعطيه الذي أنت سائُلُه تراه إذا مـا ِجئْتـه متهلِّالً

    أراد انِقباضا مل تِطعه أَناِملُـه لو أنهتعود بسطَ الكَّف حىت :وكقول املتنيب

    وشرف الناس إذْ سواك إنسانا قد شرف اُهللا أرضا أنت ساِكنها :أو متينا وهو ما اتسم بالضبط واحلزم ومتكن من ذهن سامعه كقول أيب العتاهية

    م يصيـر إلـى ذَهاِب فكُلُّك لدوا للموِت وابنوا للخرابواملوغل واإليغال هو ما فنت بسموه القلب وسىب العقل وبلغ الغاية القصوى من البالغة، كما قال

    :قائل على لسان ربهـَِمعناه سألت عبدي وأنت يف كَنفي وكُلُّ ما قلت قَد س اُهللا وال تـخف إنـي أنا سلْنـي بال خشيةَ وال رهب

    واعلم أنه ليس هلذه املعاين مصدر خاص، وإمنا حيصل عليها األديب من مطالعة كتب البلغاء وإعمال الفكرة الطويلة والتبصر يف املوضوع الذي يقصد وصفه ليستخرج منه املعاين الالئقة به، وإمنا يلتجئ

    مقام املخاطب، ومواقع إىل هذه املعاين عند مسيس احلاجة وذلك خيتلف باختالف أحوال املتكلم، و .الكالم

    : كقوله)1( إنَّ اجلمالَ مجالُ الِعلِْم واَألدِب ليس اجلمـالُ بأَثْواٍب تزيننـا بل اليتيم يتيم الِعلِْم والْحسِب ليس الْيتيم الذي قد مات والده

    : كقول بعضهم)2( أقسم ال أعود أقوم أخطب فيكم

  • جواهر األدب في أدبيات وإنشاءال ة ل

    ٢٢ا من ضعف التأليف وغرابة التعبري حبيث يكون الصراحة بأن يكون اإلنشاء ساملً: وثانيا

    :الكالم حرا مهذبا تناسب ألفاظه املعاين املقصودة كما قيل وألفاظُه زائنات املعاين تزين معانيه ألفاظَه

    ويكون الكالم صرحيا بانتقاء األلفاظ الفصيحة واملفردات احلرة الكرمية وكذا بإصابة جودة مقاطع الكالم وحسن صوغه وتأليفه؛ وكذا مبراعاة الفصل املعاين وتنقيح العبارات مع

    والوصل وهو العلم مبواضع العطف واالستئناف واالهتداء إىل كيفية إيقاف حروف العطف .يف مواقعها وإسقاط مشتركات األلفاظ كقول قيس )١(الضبط وهو حذف فضول الكالم: وثالثًا :)٢(بن اخلطيم

    ا مبقْعـدِ وإن كانَ يف الدنيا عزيز أرى املَوت ال يرعى على ذي قرابٍةفما استطعت من معروفها فتزود لعمرك مـا األيـام ِإال معـارة

    الطبعية بأن خيلو الكالم من التكلف والتصنع كما قال يف رثاء أخيه أبو : ورابعا :)٣(العتاهية

    فلم يغِن البكاُء عليـك شـيا خي بـدمِع عـيينبكيتك يا أُيف حياِتك يل ِعظـات ـا وكانتعظُ ِمنك حيأَو اليوم وأنت

    وذلك ألن من تطبع بغري طبعه نزعته العادة حىت ترده إىل طبعه كما أن املاء إذا أسخنته

    .يف الكالم الزائد واحلشو )1(شاعر ، قيس بن اخلطيم بن عدي األوسي، أبو يزيد) م٦٢٠/قبل اهلجرة بسنتني. ت (قَيس بن اخلَطيم )2(

    أول ما اشتهر به تتبعه قاتلي أبيه وجده حىت قتلهما، وقال يف ،األوس وأحد صناديدها يف اجلاهليةأدرك ، جرة أشعار كثريةوله يف وقعة بعاث اليت كانت بني األوس واخلزرج قبل اهل. ذلك شعراً

    .اإلسالم وتريث يف قبوله، فقتل قبل أن يدخل فيه -٧٤٧ /هـ٢١١-١٣٠ (إمساعيل بن القاسم بن سويد العيين، العرتي، أبو إسحاق: أبو العتاِهية )3(

    شاعر مكثر، سريع اخلاطر، يف شعره إبداع، يعد من مقدمي املولدين، من طبقة بشار وأيب ) م٨٢٦كان يف بدء أمره يبيع اجلرار مث اتصل باخللفاء .ولد ونشأ قرب الكوفة، وسكن بغداد. مانواس وأمثاهل

    :واألبيات من قصيدة قصرية مطلعها. .تويف يف بغداد. وعلت مكانته عندهم أَال من يل ِبأُنِسك يا أُخيا ومن يل أَن أَبثَّك ما لَديا

  • ٢٣ علم اإلنشاء .وتركته عاد إىل طبعه من الربودة وحينئذ فالطبع أملك

    لتعسف يف السبك وأن خيتار ما الن منها السهولة بأن خيلص الكالم من ا: وخامسا )١(:اء الدين زهريكما قال يف األشواق اء الدين زهري

    ــديد ــك ش ــوقي إلي ش ــد ــت وأزي ــا علم كمبــِه ضــمريك يشــهد فكيـــف تنكـــر حبـــا

    أبو بكر وأن ذب اجلمل وأن يأتلف اللفظ مع مراعاة النظري كما قال الشاعر :لوداعيف ا) ٢(اخلالدي

    ــا يف كنــف اهللا ظــاِعن ظَعنــا نــه حزاعع قلــيب ودأودإن كنت أبصرت بعده حسنا ال أبصرت مقلـيت محاسـنه

    أحذركم من التقعري والتعمق يف القول وعليكم مبحاسن األلفاظ : قال بعض البلغاءسنا وأعاره البليغ خمرجا سهالً واملعاين املستخفة املستملحة فإن املعىن املليح إذا كسي لفظًا ح

    )٣(:أبو الفتح البسيتكان يف قلب السامع أحلى ولصدره أمأل ، قال البسيت إىل ما تشـتهيه مـن املعـاين إذا انقاد الكالم فقُده عفـوافال ِإكْـراه يف ديـن البيـان وال تكـِره بيانــك إنْ تــأبى

    شاعر ) م١٢٥٨ - ١١٨٥/ هـ ٦٥٦ - ٥٨١ (لعتكي اء الدينزهري بن حممد بن علي املهليب ا )1(

    من الكتاب، ولد مبكة ونشأ بقوص، واتصل بامللك الصاحل أيوب مبصر، فقربه وجعله من خواص .، والبيتان مها كل املقطوعةويف مبصروتكتابه

    ل البصرة، شاعر أديب، من أه) م٩٩٠/ هـ ٣٨٠ ت(حممد بن هشام بن وعلة أبو بكر اخلالدي )2(ووالمها خزانة كتبه، اشتهر هو وأخوه سعيد باخلالديني وكانا من خواص سيف الدولة بن محدان،

    والبيتان مها اهلما تآليف يف األدب، وكانا يشتركان يف نظم األبيات أو القصيدة، فتنتسب إليهما مع ، .كل املقطوعة

    ولد يف ) م١٠١٠/ هـ٤٠٠ ت (زيز البسيتعلي بن حممد بن احلسني بن يوسف بن حممد بن عبد الع )3(وإليها ينسب، وكان من كتاب الدولة السامانية يف خراسان وارتفعت ) قرب سجستان(بست

    له ديوان شعر صغري، فيه بعض شعره، ويف كتب األدب كثري من نظمه .مكانته عند األمري سبكتكني : البيت الثالث، والبيتان من مقطوعة من ثالثة أبيات بعدمها بيت غري مدون

    مثَّ قاال إلَهنا قد سِئمنا جمع الريق يف مكاِن

  • جواهر األدب في أدبيات وإنشاءال ة ل

    ٢٤ )١ (:ب املعاين كقول املتنيباالتساق بأن تتناس: وسادسا

    )٢(يسايرين يف كلِّ ركب له ذكْر وما زلت حىت قادين الشوق حنوه

    فلما التقْينا صغر اخلـرب اخلـرب وأستكرب األخبـار قبـلَ ِلقائـِه اللطيفة )٣(اجلزالة وهي إبراز املعاين الشريفة يف معارض من األلفاظ األنيقة: وسابعا

    )٤(:لصابئكقول ا)٦(ويسوغُ يف أُذُن األديِب سالفُه )٥(لك يف احملافل منطق يشفي اجلَوى

    ــدافُه )٧(فكأنَّ لفظك لُؤلُـؤ متنخـلٌ ــا أَص ــا آذانن وكأنم )٨(:وأما عيوبه فسبعة اهلجنة بأن يكون اللفظ سخيفًا واملعىن مستقبحا بشار بن برد

    هـ 354 - 303 (محد بن احلسني بن احلسن بن عبد الصمد اجلعفي الكويف الكندي، أبو الطيب أ)1(

    ولد بالكوفة يف حملة تسمى كندة الشاعر احلكيم، وأحد مفاخر األدب العريب) م٩٦٥ - ٩١٥/ . سيف الدولة ابن محدان صاحب حلب فمدحه وحظي عنده وفد على سبته، ونشأ بالشام،وإليها ن

    ومضى إىل مصر فمدح كافور اإلخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب عاد يريد .قصد العراق وفارس، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي يف شرياز، وانصرف يهجوهفعرض له فاتك بن أيب جهل األسدي يف الطريق جبماعة من أصحابه، ومع املتنيب بغداد فالكوفة،

    مجاعة أيضاً، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب وابنه حمسد وغالمه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير :، والشعر من قصيدته اليت مطلعهاالعاقول يف اجلانب الغريب من سواد بغداد

    .ا وما قَويل كَذا ومعي الصربهر وحيدواِرِسها الدأُطاِعن خيالً ِمن فَ، والركب مجاعة الراكبني، أي ما زلت أمسع ذكره يف كل ركب صحبته حىت "يسايرين" خرب زلت )2(

    إين ما زلت أستعظم ما : قادين الشوق إىل زيارته، واملتنيب ميدح عليا األنطاكي؛ ومعىن البيت الثاينن أخباره حىت لقيته فصغرت عندي تلك األخبار بالنسبة إليه ألين وجدته أعظم مما يذكر يل م

    .وصفوا . املعجبة)3(هو أبو إسحاق إبراهيم بن هالل كاتب ديوان اإلنشاء عن اخلليفة وعن عز الدولة بن بويه : الصابئ)4(

    .هـ٣٨٤وهو معدود من رجاالت الكتابة تويف سنة . اخلمرة)5( . احلرقة)6( . مصطفى وخمتار)7( =أشعر املولدين ، كان ضريراً) م٧٨٣ - ٧١٣/ هـ ١٦٧ - ٩٥ (.بشار بن برد العقيلي، أبو معاذ )8(

  • ٢٥ علم اإلنشاءــال صــها ب ــت من ينعلى ِريِح ال وإذا أَد كاِملس بصلغلب

    )١ (:والوحشية كون الكالم متجه األمساع وتنفر منه الطباع كقول املتنيب)٢ (ِإذا ِانتبهت توهمه ِابِتشاكا وما أَرضـى ِلمقلَِتـِه ِبحلـٍم

    )٣ (:العبارة كقول املتنيبوالركاكة أي ضعف التأليف وسخافة حينئٍذ مـن اإلسـالم إن كانَ مثلَك كان أو هو كائن رئْتفب

    والسهو عبارة عن ضعف البصر مبواقع الكالم كقول املتنيب يشبه ممدوحه باهللا تعاىل )٤ ():وهو كفر(

    )٥(مثل الذي األفالك منه والـدنا تتقاصر األفهـام عـن ِإدراكـه

    :ب أي اإلطالة الزائدة اململة يف شرح املادة والعدول إىل احلشو كقولهواإلسهايوما من الدهر إال ضر أو نفعا وأعين فىت مل تذر الشمس طالعة

    )٦ (:واجلفاف واإلجياز واالختصار النخل كقول احلارث بن حلزة املتوىف

    = أصله من طخارستان غريب ر جيحون ونسبته إىل امرأة عقيلية قيل أا أعتقته من ، على اإلطالق

    ، البيت من اسية، دفن بالبصرةنشأ يف البصرة وقدم بغداد، وأدرك الدولتني األموية والعب، الرق :مقطوعة من بيتني أوهلما

    ِإنَّ سلمى خِلقَت ِمن قَصٍب قَصِب السكَِّر ال عظِم اجلَمل : الشعر من قصيدته اليت مطلعها)1(

    ِإذَن ِإالّىِفد لكداكا فَال من مع رقَصن يم فَداكا لَك .مه عن شكري له فال أرضى به لعله يتومهه كذباوإن حدثه حلم يف نو: يقول)2( : الشعر من قصيدته اليت مطلعها)3(

    ِذكر الِصىب ومراِتِع اآلراِم جلَبت ِحمامي قَبلَ وقِت ِحمامي : الشعر من قصيدته اليت مطلعها)4(

    نااحلُب ما منع الكَالم اَأللسنا وأَلَذُّ شكوى عاِشٍق ما أَعلَ . الدنيا)5(شاعر ) م٥٧٠/ قبل اهلجرة ٥٤ .ت (.احلارث بن ِحلِّزة بن مكروه بن يزيد اليشكري الوائلي )6(

    جاهلي من أهل بادية العراق، وهو أحد أصحاب املعلقات، ارجتل معلقته بني يدي عمرو بن هند .الفتخاراملثل يف امللك باحلرية، مجع ا كثرياً من أخبار العرب ووقائعهم حىت صار مضرب ا

  • جواهر األدب في أدبيات وإنشاءال ة ل

    ٢٦ا)١(فالنوككَد ن عاشيِش ِمميف ِظال ِل الع ري٢( خ(

    ووحده السياق التزام أسلوب واحد من التعبري وطريقة واحدة من التركيب حبيث :)٤( وللقلوب مالالً)٣(تكون لألذهان كالالً

    اللحن وخمالفة القياس الصريف وضعف التأليف والتعقيد : وللكالم عيوب كثرية منهاليت تكون ثقيلة على اللفظي واملعنوي والتكرار وتتابع اإلضافات، إىل غري ذلك من األشياء ا

    .)٥(اللسان خمالفة للذوق والعرف غريبة على السمع : وأما طبقاته فثالث

    ما عرى عن رقة املعاين : ومرجعها إىل اإلنشاء الساذج وهو: الطبقة السفلى: األوىلوجزالة األلفاظ والتأنق يف التعبري، فهو بالكالم العادي أشبه لسهولة مأخذه وقرب مورده،

    مل يف احملافل العمومية ليقرب منال املعاين على مجهور السامعني، ويف املقاالت ويستعوالتآليف العلمية لينصرف الذهن إىل أخذ املعىن وليس دونه حائل من جهة العبارة، ويف

    .املكاتبات األهلية والرحالت واألسفار واألخبار وما شابه ذلكء العايل، وهو ما شحن بغرر األلفاظ، وتعلق ومرجعها إىل اإلنشا: الطبقة العليا: الثانية

    بأهداب ااز ولطائف التخيالت وبدائع التشابيه فيفنت برباعته العقول ويسحر األلباب ويصلح يف الترسل بني بلغاء الكتاب ويف االس األدبية وديباجة بعض التصانيف إىل غري

    .حلماسةذلك من املواضع اليت من شأا الزجر وحتريك العواطف وا

    . بفتح النون وضمها احلمق)1( . تعبا)2( . سيئة)3( . سآمة)4( حكي عن الصفي احللي أن بعض الفضالء بلغه أنه اطلع على ديوانه وقال ال عيب فيه سوى أنه خال )5(

    :من األلفاظ الغريبة فأجابه الصفيــيس إمنــا احليزبــون والــدردبيس ــاخ والعطلب ــا والنق والطخــها ــامع من ــر املس ــة تنف تــروي وتشــمئز النفــوسحــني لغالوحشــي منــها ويتــرك املــأنوس وقبـــيح أن يســـلك النـــافرــرب ــا ط ــاظ م ــري األلف السامع منه وطـاب فيـه اجللـيس إن خ

    ولذيذ األلفاظ مغناطيس

  • ٢٧ علم اإلنشاء وهو ما توسط بني اإلنشاء )١( ومرجعها إىل اإلنشاء األنيق:الطبقة الوسطى: الثالثة

    العايل والساذج، فيأخذ من األول رونقه ورشاقته ومن الثاين جالءه وسالسته ويصلح يف مراسالت ذوي املراتب ويف الروايات املنمقة واألوصاف املسهبة، ويف خطب احملافل وما

    .)٢(أشبه ذلكوأما حماسنه فهي أساليب وطرائق معلومة وضعت لتزيني الكالم وتنميقه لغرض أن يتمكن البليغ من ذهن السامع مبا يورده من أساليب الكالم املستحسنة، فيحرك أهواء النفس ويثري كامن حركاا، والغرض أن يكون قوله أشد اتصاالً بالعقل وأقرب لإلدراك بتصرفه يف

    .فنون البالغة ية الشروع في عمل مواضيع اإلنشاءآيف

    التفكر أوالً، : إذًا بأمرين)٤( لك أو اقترح عليك إنشاء موضوع فأنت منوط)٣(إذا عن يف أجزاء املوضوع بعد استيالء اإلحساس ا على )٥(والكتابة ثانيا، فإذا أنعمت الفكر مليا

    تتفاوت )٦(ك لكل جزء عدة صورقلبك، وقلبتها على مجيع األوجه املمكنة فيها تولد يف خياليف تأديته كتفاوت صور املنظوم يف احلسن والقبح، فبعضها يستميل النفوس بتأثريه يف احلواس، وبعضها يوجب نفورها، وبعضها بني بني، وإذا تشخصت الصور يف اخليال يتخري

    ان املقام العقل منها ما له املكانة الرفيعة يف حسن تأدية الغرض املناسب للمقام، فإن ك، املشجعة للنفس على اقتحام )٧(للتحريض على القتال مثال انتخب الصورة املهيجة لإلحساس

    . احملب)1(بهاين وابن األثري وأبو الذي اشتهر باإلنشاء الساذج السيوطي واملاوردي والغزايل وأبو الفرج األص)2(

    الفداء، والذي اشتهر باإلنشاء األنيق الثعاليب وابن خلكان وابن خلدون والطربي والفخري وابن املعتز والبهاء زهري وابن املقفع واملسعودي، والذي اشتهر باإلنشاء العايل احلريري واهلمذاين واملعري

    اقان والعتيب والفارضي، واعلم أن طبقات واألخطل وجرير وأبو متام والبحتري واملتنيب وابن خاإلنشاء كثريا ما ختتلط ببعضها فيصعب تعيني طبقتها فرمبا جاء يف القطعة الواحدة أشياء من الطبقات

    .الثالث ال مييزها إال املنتقد البصري . عرض)3( . ملزم)4( . ساعة طويلة)5( . وال حيسن مجعها أما إذا تساوت يف حسن تأدية الغرض أخذ إحداها فقط)6( = . األحزان)7(

  • جواهر األدب في أدبيات وإنشاءال ة ل

    ٢٨ .األخطار وإن كان املقام مقام فرح وسرور انتخب ما يشرح الصدور

    حبسن تأليف وترتيب - أيها املنشئ -وبعد تشخص الصور وختري املناسب منها تعنت ناسبة اليت يرتبط بعضها ببعض بدون تكلف حبيث يكون ما ختريته بأن جتمع الصورة امل

    منسجما ميضي وحده مع النفس دون عالج وتعب يف فهم الغرض منه، وحينئذ ميكنك .إظهار هذه الصورة املعقولة يف صورة حمسوسة بواسطة القلم

    أرآان الكتابة :اعلم أن للكتابة أركانا البد من إيداعها يف كل كتاب بالغي ذي شأن

    ورشاقة، فإن الكاتب من أجاد املطلع )١(أن يكون مطلع الكتاب عليه جدة: وهلاأ .واملقطع، أو يكون مبنيا على مقصد الكتاب

    أن يكون خروج الكاتب من معىن إىل معىن برابطة لتكون رقاب املعاين آخذة : الثاين .بعضها ببعض وال تكون مقتضبة

    قة بكثرة االستعمال، وال أريد بذلك أن أن تكون ألفاظ الكتاب غري خملول: الثالثتكون ألفاظًا غريبة فإن ذلك عيب فاحش بل أريد أن تكون األلفاظ املستعملة مسبوكة سبكًا غريبا يظن السامع أا غري ما يف أيدي الناس، وهي مما يف أيدي الناس، وهناك معترك

    وهذا املوضع بعيد املنال كثري الفصاحة اليت تظهر فيه اخلواطر براعتها واألقالم شجاعتها،اإلشكال حيتاج إىل لطف ذوق وشهامة خاطر، وليس كل خاطر براق إىل هذه الدرجة

    ومع هذا فال ] ٢١: احلديد [﴾ذَِلك فَضلُ اللَِّه يؤِتيِه من يشاُء واللَّه ذُو الْفَضِل الْعِظيِم﴿ل إمهال جانب املعاين حبيث يؤتى باللفظ أين أردت ذا القو- أيها الناظر يف كتايب -تظن

    = يراعى حال املخاطب ومنـزلته فإن ما حيسن عند الذكي ال حيسن عند الغيب، وما يناسب ذا : تنبيه

    اجلد ال يناسب اهلزيل، وما يصلح للرئيس ال يصلح للمرءوس؛ فخاطب كال على قدر أته وجاللته رجها مبيزان التصريف إذا عرضت، وعاير وعلوه وارتفاعه وفطنته ونباهته، فزن اللفظة قبل أن خت

    الكلمة مبعيارها إذا سنحت فكلما احلويل الكالم وعذب وراق وسهلت خمارجه كان أسهل ولوجا يف األمساع وأشد اتصاالً بالقلوب وأخف على األفواه، والسيما إذا كان املعىن البديع مترمجا بلفظ

    تعقيد، فاملعىن اخلفي أشبه بالروح اخلفي واللفظ مؤنق شريف ومعايرا بكالم عذب بدون تكلف وال الظاهر أشبه باجلثمان الظاهر، وإال تضاءل املعىن احلسن حتت اللفظ القبيح كتضاءل احلسناء يف

    .األطمار الرثة . صار جديدا مبتكرا، وهو نقيض اخللق الذائب)1(

  • ٢٩ علم اإلنشاءاملوصوف بصفات احلسن واملالحة، وال يكون حتته من املعىن ما مياثله ويساويه فإنه إذا كان كذلك كان كصورة حسنة بديعة يف حسنها إال أن صاحبها بليد أبله، واملراد أن تكون هذه

    ملعاين الشريفة على الوجه الذي األلفاظ املشار إليها جسما ملعىن شريف، على أن حتصيل اأشرت إليه أيسر من حتصيل األلفاظ املشار إليها، ولقد رأيت كثريا من اجلهال الذين هم من السوقة أرباب احلرف والصنائع، وما منهم إال من يقع له املعىن الشريف ويظهر من خاطره

    املعاين هي اليت ا ختلب املعىن الدقيق، ولكنه ال حيسن أن يزوج بني لفظتني، فالعبارة عنالعقول، وعلى هذا فالناس كلهم مشتركون يف استخراج املعاين، فإنه ال مينع اجلاهل الذي ال

    .يعرف علما من العلوم أن يكون ذكيا بالفطرة .واستخراج املعاين إمنا هو بالذكاء ال بتعلم العلم

    بالغي ذي شأن فقد فإذا استكملت معرفة هذه األركان وأتيت ا يف كل كتاب .استحققت حينئذ فضيلة التقدم، ووجب لك أن تسمي نفسك كاتبا

    ) باختصار#املثل السائر$عن ( آيفية نظم الكالم

    إذا أردت أن تصنع كالما فأخطر معانيه ببالك، وتنق له كرائم اللفظ، واجعلها على يف شباب نشاطك، فإذا ذكر منك ليقرب عليك تناوهلا وال يتعبك تطلبها، واعمله ما دمت

    غشيك الفتور وختونك املالل فأمسك، فإن الكثري مع املالل قليل، والنفيس مع الضجر خسيس، واخلواطر كالينابيع يسقى منها شيء بعد شيء، فتجد حاجتك من الري، وتنال أربك من املنفعة فإذا أكثرت عليها نضب ماؤها وقل عنك عناؤها، واعلم أن ذلك أجدى

    يعطيك يومك األطول بالكد واملطالبة وااهدة والتكلف واملعاودة، وإياك والتوعر، عليك ما .فإن التوعر يسلمك إىل التعقيد، والتعقيد هو الذي يستهلك معانيك ويشني ألفاظك

    ومن أراد معىن كرميا فليلتمس له لفظًا كرميا، فإن من حق املعىن الشريف اللفظ .الشريف

    واقعة موقعها صائرة إىل مستقرها حالة يف مركزها متصلة بسلكها، فإذا مل جتد اللفظة بل وجدا قلقة يف موضعها نافرة عن مكاا فال تكرهها على اغتصاب األماكن والنـزول يف غري أوطاا، فإنك إن مل تتعاط قريض الشعر املنظوم ومل تتكلف اختيار الكالم املنثور،

    .ومل يعبك بذلك أحدمل تكن حاذقًا مطبوعا وال حمكما لشأنك بصريا، عابك من أنت أقل عيبا وإن تكلفته و

  • جواهر األدب في أدبيات وإنشاءال ة ل

    ٣٠ . عليك من هو دونك)١(منه، وزرى

    فإن مل تسمح لك الطبيعة بنظم الكالم يف أول وهلة، وتعصى عليك بعد إجالة الفكرة، فال تعجل، ودعه سحابة يومك وال تضجر، وأمهله سواد ليلتك وعاوده عند نشاطك، فإنك

    - مع تروح اخلاطر وطول اإلمهال -عدم اإلجابة واملؤاتاة، فإن متنع عليك بعد ذلك ال تفتحول من هذه الصناعة إىل أشهى الصناعات إليك وأخفها عليك؛ فإنك مل تشتهها إال

    .وبينكما نسب، والشيء ال حين إال إىل ما شاكلهتمعني وبني أقدار احلاالت، وينبغي أن تعرف أقدار املعاين، فتوازن بينها وبني أوزان املس

    فتجعل لكل طبقة كالما، ولكل حال مقاما، حىت تقسم أقدار املعاين املقامات، وأقدار .املستمعني على أقدار احلاالت

    ) باختصار#كتاب الصناعتني$من ( الطریق إلى تعلم الكتابة

    :إن الطريق إىل تعلم الكتابة على ثالث شعبابة املتقدمني، ويطلع على أوضاعهم يف استعمال األلفاظ أن يتصفح الكاتب كت: األوىل

    .وهذه أدىن الطبقات عندي: واملعاين، مث حيذو حذوهمأن ميزج كتابة املتقدمني مبا يستجيده لنفسه من زيادة حسنة، إما يف حتسني : والثانية

    .ألفاظ، أو يف حتسني معاٍن، وهذه هي الطبقة الوسطى، وهي أعلى من اليت قبلهاأن ال يتصفح كتابة املتقدمني، وال يطلع على شيء منها، بل يصرف مهه إىل : لثالثةوا

    حفظ القرآن الكرمي وعدة من دواوين فحول الشعراء ممن غلب على شعره اإلجادة يف املعاين واأللفاظ، مث يأخذ يف االقتباس، فيقوم ويقع وخيطئ ويصيب ويضل ويهتدي حىت يستقيم

    بتلك الطريق أن تكون مبتدعة غريبة ال شركة ألحد من املتقدمني ويفتتحها لنفسه، وأخلقفيها، وهذه الطريق هي طريق االجتهاد وصاحبها يعد إماما يف فن الكتابة، إال أا مستوعرة جدا، وال يستطيعها إال من رزقه اهللا لسانا هجاما وخاطرا رقاما، وال أريد ذه الطريق أن

    ته مبا يستخرجه من القرآن الكرمي والشعر، حبيث إنه ال ينشئ يكون الكاتب مرتبطا يف كتابكتابا إال من ذلك، بل أريد أنه إذا حفظ القرآن وأكثر من حفظ األشعار مث نقب عن ذلك تنقيب مطلع على معانيه مفتش عن دفائنه وقلبه ظهرا لبطن عرف حينئذ من أين تؤكل

    .عاب: زرى)1(

  • ٣١ علم اإلنشاء .وظ على الغريزة الطبيعيةالكتف فيما ينشئه من ذات نفسه، واستعان باحملف

    ) باختصار#املثل السائر$عن ( آيفية تهذیب الكالم وأوقات تأليفه

    وتغيري ما - نظما كان أو نثرا -عبارة عن ترداد النظر فيه بعد عمله : ذيب الكالمجيب تغيريه، وحذف ما ينبغي حذفه وإصالح ما يتعني إصالحه، وحترير ما يدق من معانيه،

    يتجاىف عن مضاجع الرقة من غليظ ألفاظه، لتشرق مشوس التهذيب يف مساء واطراح مابالغته، وترشف األمساع على الطرب رقيق سالفته، فإن الكالم إذا كان موصوفا باملهذب،

    لو كان : منعوتا باملنقح، علت رتبته وإن كانت معانيه غري مبتكرة، وكل كالم قيل فيهم هذا املتأخر وتأخر هذا املتقدم أو لو متم هذا النقص موضع هذه الكلمة غريها، ولو تقد

    بكذا، أو لو حذفت هذه اللفظة، أو لو اتضح هذا املقصد وسهل هذا املطلب لكان الكالم . كان ذلك الكالم غري منتظم يف نوع التهذيب-أحسن واملعىن أبني

    رف باحلوليات معروفًا بالتنقيح والتهذيب، وله قصائد تع)١(وكان زهري بن أيب سلمىإنه كان ينظم القصيدة يف أربعة أشهر، ويهذا وينقحها يف أربعة أشهر، ويعرضها : قيل-

    مع جاللته يف العلم، -على علماء قبيلته أربعة أشهر، وهلذا كان اخلليفة عمر بن اخلطاب . يقدمه على سائر الفحول من طبقته-وتقدمه يف النقد

    : إىل التهذيب بقوله)٢(وما أحسن ما أشار أبو متاموالليلُ أَسـود رقْعـةَ اِجللْبـاب خذْها ابنةَ الِفكِْر املُهذَّب يف الدجى

    فإنه خص ذيب الفكر بالدجى لكون الليل دأ فيه األصوات وتسكن احلركات، فيكون . وسط الليلالفكر فيه جمتمعا ومرآة التهذيب فيه صقيلة، خللو اخلاطر وصفاء القرحية، السيما

    حكيم الشعراء ) م٦٠٩ / بل اهلجرة ق١٣ .ت (مضرزهري بن أيب سلمى ربيعة بن رباح املزين، من )1(

    كان لزهري من : قال ابن األعرايب، يف اجلاهلية ويف أئمة األدب من يفضله على شعراء العرب كافةكان أبوه شاعراً، وخاله شاعراً، وأخته سلمى شاعرة، وابناه كعب وجبري : الشعر ما مل يكن لغريه

    :شهر شعره معلقته اليت مطلعهاأ، شاعرين، وأخته اخلنساء شاعرة أمن أم أوىف دمنة مل تكلم

    أحد أمراء البيان، ولد ) م٨٤٥ - ٨٠٣/ هـ ٢٣١ - ١٨٨ (حبيب بن أوس بن احلارث الطائي )2(ورحل إىل مصر واستقدمه املعتصم إىل بغداد فأجازه وقدمه على ) من قرى حوران بسورية(جباسم

    . بريد املوصل فلم يتم سنتني حىت تويف اشعراء وقته فأقام يف العراق مث ويل

  • جواهر األدب في أدبيات وإنشاءال ة ل

    ٣٢ كنت يف حداثيت أروي الشعر، وكنت أرجع فيه إىل طبع )١ (:قال أبو عبادة البحتري

    سليم، ومل أكن وقفت له على تسهيل مأخذ ووجوه اقتضاب حىت قصدت أبا متام وانقطعت يا أبا عبادة، ختري األوقات وأنت قليل : إليه واتكلت يف تعريفه عليه، فكان أول ما قال يل

    .صفر من الغموماهلموم، واعلم أن العادة يف األوقات إذا قصد اإلنسان تأليف شيء أو حفظه أن خيتار وقت

    وذلك أن النفس تكون قد أخذت حظها من الراحة وقسطها من النوم وخف -السحر شعرك باأللفاظ الوحشية )٢(عليها ثقل الغذاء؛ واحذر اهول من املعاين وإياك أن تشني

    اظ واملعاين يف تأليف الكالم، وكن كأنك خياط تقدر الثياب على مقادير وناسب بني األلفاألجسام، وإذا عارضك الضجر فأرح نفسك وال تعمل إال وأنت فارغ القلب وال تنظم إال

    أن تعترب شعرك مبا سلف من : بشهوة، فإن الشهوة نعم املعني على حسن النظم، ومجلة احلال .ماء فاقصده وما استقبحوه فاجتنبهأشعار املاضني، فما استحسن العل

    ) باختصار# وزهر اآلداب-خزانة األدب $عن (

    محاسن اإلنشاء ومعایبهإن للنثر حماسن ومعايب، جيب على املنشئ أن يفرق بينهما حمترزا استعمال األلفاظ

    والبد من أن جيعل األلفاظ تابعة للمعاين-الغريبة، وما خيل بفهم املراد ويوجب صعوبته دون العكس، ألن املعاين إذا تركت على سجيتها طلبت ألنفسها ألفاظًا تليق ا فيحسن ا، وأما جعل األلفاظ متكلفة واملعاين تابعةً هلا، فهو شأن من هلم شعفاللفظ واملعىن مجيعبإيراد شيٍء من احملسنات اللفظية فيصرفون العناية إليها، وجيعلون الكالم كأنه غري مسوق

    .ة املعىن، فال يبالون خبفاء الدالالت وركاكة املعىنإلفادومن أعظم ما يليق مبن يتعاطى اإلنشاء أن يكتب ما يراد ال ما يريد، كما قيل يف

    ) م٨٩٧ - ٨٢١/ هـ ٢٨٤ - ٢٠٦(حبيب الوليد بن عبيد بن حيىي الطائي أبو عبادة البحتري )1(

    شاعر كبري، يقال لشعره سالسل الذهب، وهو أحد الثالثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم، املتنيب الفرات ورحل إىل العراق فاتصل جبماعة من اخللفاء أوهلم وأبو متام والبحتري، ولد بنمنبج بني حلب و

    .له كتاب احلماسة، على مثال محاسة أيب متام، املتوكل العباسي وتويف مبنبج . تعيب)2(

  • ٣٣ علم اإلنشاء .أن الصابئ يكتب ما يراد، والصاحب يكتب ما يريد: والصابئ) ١(الصاحب

    ) ببعبض تصرف#آداب املنشئ$عن (

    فصاحة األلفاظ ومطابقتها للمعاني :صاحة األلفاظ تكون بثالثة أوجهف

    .جمانبة الغريب الوحشي، حىت ال ميجه مسع، وال ينفر منه طبع: األولتنكب اللفظ املبتذل، والبعد عن الكالم املسترذل حىت ال يستسفطه خاصي، : والثاين

    قة أما أنا فلم أر قوما أمثل طري: يف كتاب البيان)٢(وال ينبو عنه فهو عامي، كما قال اجلاحظوذلك أم قد التمسوا من األلفاظ ما مل يكن متوعرا وحشيا، وال : يف البالغة من الكتاب

    .ساقطا عاميا .أن يكون بني األلفاظ ومعانيها مناسبة ومطابقة: والثالث

    .فهي أن تكون األلفاظ كالقوالب ملعانيها فال تزيد عليها وال تنقص عنها: أما املطابقة إما لعرف مستعمل، أو -يكون املعىن يليق ببعض األلفاظ فهي أن : وأما املناسبة حىت إذا ذكرت تلك املعاين بغري تلك األلفاظ كانت نافرة عنها، وإن -التفاق مستحسن

    .كانت أفصح وأوضح العتياد ما سواها ) باختصار#آداب الدين والدنيا$عن (

    حقيقة الفصاحة

    - ٩٣٨/ هـ ٣٨٥ - ٣٢٦(إمساعيل بن عباد بن العباس بن أمحد بن إدريس أبو القاسم الطالقاين )1(

    استوزره . من نوادر الدهر علماً وفضالً وتدبرياً وجودة رأيوزير غلب عليه األدب، فكان) م٩٩٥. ولقب بالصاحب لصحبته مؤيد الدولة من صباه. مؤيد الدولة ابن بويه الديلمي مث أخوه فخر الدولة

    وإليها نسبته، وتويف بالري ونقل إىل ) من أعمال قزوين(ولد يف الطالقان ، فكان يدعوه بذلكنيف جليلة، وشعر فيه رقة وعذوبة، وتواقيعه آية اإلبداع يف اإلنشاء له له تصا .أصبهان فدفن فيها

    .معرفة وإملام بالتفسري واحلديث واللغة والتاريخكبري أئمة ) م٨٦٩-٧٨٠/هـ٢٥٥-١٦٣ (الليثي أبو عثمان) والًء(عمرو بن حبر بن حمبوب الكناين )2(

    وه اخللقة، مات والكتاب على صدره، وكان مش، األدب، مولده ووفاته بالبصرة فلج يف آخر عمره، )ط-البيان والتبيني(أربعة جملدات، ) ط-احليوان: (له تصانيف كثرية منها، قتلته جملدات وقعت عليه

    .وغريه الكثري) ط-والبخالء (ويسمى أخالق امللوك، ) ط-التاج (، و) ط-سحر البيان (

  • جواهر األدب في أدبيات وإنشاءال ة ل

    ٣٤ على الناهج، ومل تزل )٢(لك متوعر، ومس)١(اعلم أن هذا موضوع متعذر على الواجل

    العلماء من قدمي الوقت وحديثه يكثرون القول فيه والبحث عنه، ومل أجد من ذلك ما يعول إن الفصاحة هي الظهور والبيان يف أصل : عليه إال القليل، وغاية ما يقال يف هذا الباب

    وال يكشفون عن أفصح الصبح إذا ظهر، مث إم يقفون عند ذلك: يقال-الوضع اللغوي :السر فيه، وذا القول ال تتبني حقيقة الفصاحة، ألنه يعترض عليه بوجوه من االعتراضات

    .إذا مل يكن اللفظ ظاهرا بينا مل يكن فصيحا مث إذا ظهر وتبني صار فصيحا: أحدهاأنه إذا كان اللفظ الفصيح هو الظاهر البني فقد صار ذلك بالنسب : الوجه الثاين

    ات إىل األشخاص؛ فإن اللفظ قد يكون ظاهرا لزيد وال يكون ظاهرا لعمرو، فهو واإلضافإذًا فصيح عند هذا، وغري فصيح عند ذاك؛ وليس كذلك بل الفصيح هو فصيح عند اجلميع ال خالف فيه حبال من األحوال وألنه إذا حتقق حد الفصاحة وعرف ما هي، مل يبق يف اللفظ

    .الذي خيتص به خالفأنه إذا جيء بلفظ قبيح ينبو عنه السمع وهو مع ذلك ظاهر بني ينبغي : الثالثالوجه

    .أن يكون فصيحا، وليس كذلك ألن الفصاحة وصف حسن للفظ ال وصف قبحوملا وقفت على أقوال الناس يف هذا الباب ملكتين احلرية فيها، ومل يثبت عندي منها ما

    وسأوضحه يف -كيت إياه، انكشف يل السر فيه أعول عليه، ولكثرة مالبسيت هذا الفن ومعارإن الكالم الفصيح هو الظاهر البني، وأعين بالظاهر : كتايب هذا وأحقق القول فيه فأقول

    .البني، أن تكون ألفاظه مفهومة ال حيتاج يف فهمها إىل استخراج لغةثر دائرة يف وإمنا كانت ذه الصفة ألا تكون مألوفة االستعمال بني أرباب النظم والن

    كالمهم، وإمنا كانت مألوفة االستعمال دائرة يف الكالم دون غريها من األلفاظ ملكان حسنها، وذلك أن أرباب النظم والنثر غربلوا اللغة باعتبار ألفاظها، وسربوا وقسموا، فاختاروا احلسن من األلفاظ حىت استعملوه وعلموا القبيح منها فلم يستعملوه، فحسن

    سبب ظهورها وبياا؛ - سبب استعماهلا دون غريها، واستعماهلا دون غريها االستعمال .فالفصيح إذًا من األلفاظ هو احلسن

    من أي وجه علم أرباب النظم والنثر احلسن من األلفاظ حىت استعملوه، : فإن قيل

    . الداخل)1( . صعب)2(

  • ٣٥ علم اإلنشاءوسة إن هذا من األمور احملس: وعلموا القبيح منها حىت نفوه، ومل يستعملوه؟ قلت يف اجلواب

    اليت شاهدوها من نفسها؛ ألن األلفاظ داخلة يف حيز األصوات، فالذي يستلذه السمع منها ومييل إليه هو احلسن والذي يكرهه وينفر عنه هو القبيح، أال ترى أن السمع يستلذ صوت البلبل من الطري وصوت الشحرور ومييل إليهما، ويكره صوت الغراب وينفر عنه؟ وكذلك

    ار، وال جيد ذلك يف صهيل الفرس؟ واأللفاظ جارية هذا ارى، فإنه ال يكره يق احلمخالف يف أن لفظة املزنة والدمية حسنة يستلذها السمع، وأن لفظة البعاق قبيحة يكرهها السمع، وهذه اللفظات من صفة املطر، وهي تدل على معىن واحد، ومع هذا فإنك ترى

    وترى لفظ البعاق، وما جرى - مألوفيت االستعمال لفظيت املزنة والدمية وما جرى جمرامهاجمراه متروكًا ال يستعمل، وإن استعمل فإمنا يستعمله جاهل حبقيقة الفصاحة، أو من ذوقه

    .غري ذوق سليموال جرم أنه ذم وقدح فيه ومل يلتفت إليه وكان عربيا حمضا من اجلاهلية األقدمني؛ فإن

    . عندها ومل يعرج على ما خرج عنهاحقيقة الشيء إذا علمت وجب الوقوف ) باختصار#ابن األثري$عن (

    االنسجامجريان املاء، وعند أهل البالغة هو أن يأيت الناظم أو الناثر بكالم خال من : االنسجام لغة

    التعقيد اللفظي والتعقيد املعنوي بسيطًا مفهوما دقيق األلفاظ جليل املعىن، ال تكلف وال تعسف .حدر املاء املنسجم، فيكاد لسهولة تركيبه، وعذوبة ألفاظه، أن يسيل رقةفيه، يتحدر كت

    وال يكون ذلك إال يف من هو مطبوع على سالمة الذوق، وتوقد الفكرة وبراعة .اإلنشاء وحسن األساليب

    وإن فحول هذا امليدان ما أثقلوا كاهل سهولته بنوع من أنواع البديع، اللهم إال أن .صديأيت عفوا من غري ق

    وعلى هذا أمجع علماء البديع يف حد هذا النوع، فإم قرروا أن يكون بعيدا عن التصنع، خاليا من األنواع البديعية إال أن يأيت يف ضمن السهولة من غري قصد، فإن كان االنسجام يف النثر تكون أغلب فقراته موزونة من غري قصد، وإن كان يف النظم فتكاد

    . وعذوبة ورمبا دخلت يف املطرب املرقصاألبيات أن تسيل رقة )#بديعة العميان وبديعة احلموي$عن ( حل الشعر

  • جواهر األدب في أدبيات وإنشاءال ة ل

    ٣٦ :حل األبيات الشعرية إىل ثالثة أقسام

    منها وهو أدناها مرتبة أن يأخذ الناثر بيتا من الشعر فينثره بلفظه من غري زيادة، : األولن تأليفه فأوهاه وبدده، ومثاله كمن أخذ عقدا قد أتقن نظمه وأحس. وهذا عيب فاحش

    وكان يقوم عذره يف ذلك أن لو نقله عن كونه عقدا إىل صورة أخرى مثله أو أحسن منه، وأيضا فإنه إذا نثر الشعر بلفظه كان صاحبه مشهور السرقة، فيقال هذا شعر فالن بعينه؛

    ء وقد سلك هذا املسلك بعض العراقيني فجا. لكون ألفاظه باقية مل يتغري منها شيء )١ (:مستهجنا، كقوله يف بعض أبيات احلماسةتغلي عداوةُ صدِره يف ِمرجل ولَرب ذي حنٍق علي كأمنـاوكَويته فوق النواظِر من عـلِ أَوجيته عين فأبصـر قَصـده

    فكم لقي ألد ذا حنق كأنه ينظر إىل الكواكب من عل، ": فقال يف نثر هذين البيتنيفلم يزد هذا