ئر: كتاب لسا ملثل ا على ا ئر ثا ل نصرة الصفدي : املؤلف ا

بسم اهللا الرمحن الرحيم

عفوك اللهم

احلمد هللا الذي فطر عقول البشر متغايرة، وجعل النفوس برأيها عل نقطة الرضى دائرة، وزين هلا أعماهلا .حىت تومهت أهنا يف األمثال السائرة

س، وأبدت نار اهلدى اليت مل تكن بسوى أنامل الذوق تقبس، أمحده على نعمه اليت أوضحت ما أهبم وألبوأشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له . وراضت جواد االنتقاد الذي إذا أم غاية مل يثن عنانه ومل حيبس

شهادة يسجع هبا محام اللسان من اليقني على أراكه، وتنجي قائلها من الوقوع يف حبائل الشرك وأشراكه، وأشهد أن حممدا سيدنا وعبده الذي عصمه اهللا من اخلطأ يف . له ذخرية إذا عدم سكونه بعد حراكهوتكون

القول والعمل، وحرس به سرح الفصاحة ولواله الختلط املرعى باهلمل، وآتاه من جوامع الكلم ما مل تطمح بتهم األساود وخافتهم إليه عني أمنية ومل تطمع فيه يد أمل، صلى اهللا عليه وعلى آله وصحبه الذين ها

األسود، وجتانست أفعاهلم فما منهم إال من جيول وجيود، ويسوس ويسود، وتربأت شيمهم من النقائص فلم يكن فيهم خمتال وال متكرب وال حسود، صالة تتبسم عن ثغرها شفة الفجر يف لعس الظالم، ويتلثم بنورها

.وجه البدر يف عرس التمامسائر للصاحب ضياء الدين بن أثري اجلزيرة، عامله اهللا بلطفه، وساحمه مبا هزت به فإن كتاب املثل ال: وبعد

نسمات اخليالء من غصن عطفه، من الكتب اليت خفقت له يف االشتهار عذبات أوراقه، وسعى القلم يف ر واشتهر بني أهل اإلنشاء اشتهار الليل بالكتمان والنها. خدمته على رأسه إذا سعى اخلادم على ساقه

باإلفشاء، ال بل اشتهار بين عذرة يف احلب بتحرق األحشاء، وأولع به أهل األدب يف اآلفاق ولع الكرمي .باإلنفاق، ال بل ولع الرقباء بالعشاق

إال أن واضعه رمحه اهللا، وان مجع فيه العلم والعمل، وسجع فيه بني الثقيل والرمل، وتوهم أن بدر فضله قد إلنشاء بعده قد عطل، وفنه قد مخل، قد أذهب حسناته النادرة، بتوايل سيئاته مت وكمل، وختيل أن جيد ا

البادرة، وأضاع تلك الزهرات الفذة، يف قفار الدعاوى اليت ال جيد فيها السالك لذة، وطال على الناس بعد :ونعم فإنه. هالله سواد ليله، ورفضوا مواقع طله لغثاء سيله

فيه وتثىن حنوه األعناق.. .ما اجلزع أهل أن تردد نظرة ألنه أفىن ذلك البسط يف اإلعجاب بنفسه واإلطراء، وأطال يف الغض من أبناء جنسه واالزدراء، وظن أن اهللا قد حرم الفصاحة على من يأيت من بعده، وأن الذين من قبله إما شيخ قد خرف يف هرمه، وإما طفل

إبر احلمد، وبالغ يف ذلك مبالغة أيب زبيد الطائي يف وصف وجر رداء الكرب واخليالء خميطا ب. يعبث يف مهدهووصف نفسه وال وصف امرىء القيس ألفراسه، ومدحها وال مدح أيب نواس سالفة كاسه، وكرر . األسد

.ذلك فغثى النفوس بذلك الغث، وزاد حىت رثى القلق ثوب الصرب ملارثرص فإنه أخرج آدم من اجلنة، والكرب فإنه حط احل: احذروا ثالثا : قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

.إبليس عن مرتبته، واحلسد فإنه دعا ابن آدم إىل قتل أخيهإنه أول ذنب عصي : إن احلسد يأكل احلسنات كما تأكل النار احلطب ويقال: وقال صلى اهللا عليه وسلمالكربياء ردائي فمن : عز وجلوقال النيب صلى اهللا عليه وسلم حاكيا عن اهللا. اهللا به يف السماء واألرض

علم اهللا أن الذنب للمؤمن خري من العجب، ولوال ذلك ما : وقال جعفر بن حممد. نازعنيه أدختله النار .ابتلي مؤمن بذنب

.البلية اليت ال يؤجر املرء عليها العجب، والنعمة اليت ال حيسد عليها التواضع: وقال بعض احلكماء .محاسن من التيه والعجبال شيء أكتم لل: ومما قيل

هذا إىل ما يف الكتاب من فلتات عديدة، واختيارات غري موفقة وال سديدة، ونصر باطل، وحتلية عاطل، .وترجيح ما ضعف ووهى، وتوهني ما حترر وانتهى

ملا أمهرن إال بالطالق... مساو لو قسمن على الغواين ر يف أذياهلا حني املطالعة غالبا، وأتأوه النفراد تلك الآلىلء وكنت أقف على أطالهلا عند املراجعة ناديا، وأعث

.يف سلوك السبج، وأستطيل سواد لياليه والصبح من حماسنه ما أسفر وال انبلجوبلغين ما وضعه عز الدين بن أيب احلديد رمحه اهللا على الكتاب من املؤاخذة، وأنه استصرخت به تلك

فأحببت . لك الدائر وجدته قد أغفل كثريا ، وأخذ قليال وترك أثريا فلما وقفت على الف. الظالمات عائذة . بعد ذلك أن ألتقط ما غادره، وأتتبع شاذه ونادره

فاتت إذا مل أقضها يف وقتها... وعلي أن أقضي صاليت بعدما هذا فإن. على أنين بعد ابن أيب احلديد كمن جاء بعد اجتحاف سيل، وأصبح بعد قاطف النهار حاطب ليل

الرجل له تصانيف تدل على متكنه واطالعه، وسداد مراميه عند مد باعه، وريه من الفنون وقيامه هبا منها تعليقان على احملصل واحملصول لإلمام فخر الدين وتعليقة ثالثة على األربعني لفخر الدين، . واضطالعه

.يف ثالثة عشر يوما مع أشغال ديوانه ونظم فصيح ثعلب نظما جيدا يف يوم وليلة، وهذا الفلك الدائر علقه :وكتب إليه أخوه موفق الدين ابن أيب احلديد ملا وضع الفلك الدائر

صنفت فيه الفلك الدائرا... املثل السائر يا سيدي أصبحت فيه املثل السائرا... لكن هذا فلك دائر

لنهج البالغة ويشرحه، ويأيت على ووضع على هنج البالغة شرحا يف ستة عشر جملدا، وناهيك مبن يتصدى ومن وقف على هذا . أصوال وفقها وعربية وتارخيا وأمساء رجال وغري ذلك: ما يتعلق به من كل علم

الشرح، علم أنه قل من يدخل معه ذلك الصرح، أو يسام معه يف مثل هذا السرح، وحسبك مبن وأخذ :ووجدت له أبياتا أوهلا. اإلمام فخر الدين وأورد عليه

لذين هبا قد كنت ممن حيبه... وحقك لو أدخلتين النار قلت لل

وما بغييت إال رضاه وقربه... وأفنيت عمري يف دقيق علومه وأوبقه دون الربية ذنبه... هبوين مسيئا أوتغ احللم جهله أحيسن أن ينسى هواه وحبه... أما يقتضي شرع التكرم عفوه ومتويهه يف الدين إذ جل خطبه... أما رد زيغ ابن اخلطيب وشكه أمل تنصر التوحيد والعدل كتبه... أما كان ينوي احلق فيما يقوله

:فقلت أنا رادا عليه يف وزنه ورويه بقول اعتزال جل يف الدين خطبه... علمنا هبذا القول أنك آخذ

وذاك اعتقاد سوف يرديك غبه... فتزعم أن الله يف احلشر ما يرى وقد أثبتتها عن إهلك كتبه... ت الله وهي قدمية وتنفي صفا

وذلك داء عز يف الناس طبه... وتعتقد القرآن خلقا وحمدثا يكون هبا ما مل يقدره ربه... وتثبت للعبد الضعيف مشيئة

فأيكما داعي الضالل وحزبه ؟... وأشياء من هذي الفضائح مجة مى عن الدين احلنيفي ذبهوحا... ومن ذا الذي أضحى قريبا من اهلدى

وفيه شناع مفرط إذ تسبه... وما ضر فخر الدين قول نظمته إذا طلعت يف حندس الشك شهبه... وقد كان ذا نور يقود إىل اهلدى

ألمخدت مجرا باحملال تشبه... ولو كنت تعطي حق نفسك قدره وال لك يوما باالمام تشبه... وما أنت من أقرانه يوم معرك

أنشدين اإلمام ركن الدين أبو القاسم لنفسه يف عز الدين بن أيب : نقلت من خط احلافظ اليغموري قالو :احلديد وقد صنف الفلك الدائر على املثل السائر

ومل يرث ذاك من بعيد... لقد أتى باردا ثقيال أشهر ما كان يف احلديد... فهو كما قد علمت شيء

هذا ركن الدين : نشر املثل السائر وطي الفلك الدائر قلت: يب احلديد ومساهوصنف كتابا يرد فيه على ابن أكان حنفيا . أبو القاسم، هو حممود بن احلسني ابن اإلمام أرشد الدين األصبهاين األصل السنجاري املولد

ل يعرف املذهب واألصولني واخلالف واألدب، قرأ على السيف اآلمدي وعلى ضياء الدين ابن األثري، وبطخرقة الفقهاء وتزيي بزي األجناد، وتويف بدمشق يف سادس شهر رمضان سنة مخسني وستمائة، ودفن بسفح

:وقال يف انتقاله إىل اجلندية أبياتا منها. ومولده يف سنة اثنتني وتسعني ومخسمائة. قاسيون منها هربنا للوغى اجلحفل... فانظر أخا العقل إىل حرفة مل ترض عنها بالردى االعجل... لورى لو مل تكن أحنس ما يف ا

:وكنت أنا يف وقت قد كتبت على احملصل لإلمام فخر الدين الرازي أبياتا حيسن هنا ذكرها وهي به نصول بإعجاب وإعجاز... علم األصول بفخر الدين منتصر

قد استقامت ملختار وجمتاز... أضحت به السنة الغراء واضحة !بشهبها فمن الزاري على الرازي ... ها له مباحث كم قد أحرقت شب

وأنشدين من لفظه شيخنا اإلمام احلافظ أثري الدين أبو حيان حممد بن يوسف بالديار املصرية سنة مثان أنشدنا شيخنا النسابة حافظ املشرق واملغرب شرف الدين أبو حممد عبد املؤمن بن : وعشرين وسبعمائة قال

االربعاء اخلامس عشر من مجادى اآلخرة سنة مثانني وستمائة بالقاهرة خلف بن أيب احلسن الدمياطي يومأنشدنا الشيخ العامل الصاحب عز الدين أبو حامد عبد احلميد بن هبة اهللا بن حممد بن : بقراءيت عليه قال

حممد بن حسني بن أيب احلديد املعتزيل ببغداد، ومولده باملدائن مستهل ذي احلجة سنة ست ومثانني :مائة لنفسهومخس

ليست كما قال فىت العبد... لوال ثالث مل أخف صرعيت كل مكان باذال جهدي... أن أنصر التوحيد والعدل يف

خبلوة أحلى من الشهد... وأن أناجي الله مستمتعا كل لئيم أصعر اخلد... وأن أتيه الدهر كربا على

مخر وال ذي ميعة هند... لذاك أهوى ال فتاة وال :البيت، إشارة إىل قول طرفة بن العبد.. لوال ثالث: قول ابن أيب احلديد هنا

وجدك مل أحفل مىت قام عودي... فلوال ثالث هن من لذة الفىت كميت مىت ما تعل باملاء تزيد... فمنهن سبقي العاذالت بشربة

كسيد الغضا، نبهته، املتورد... وكري، إذا نادى املضاف، جمنبا ببهكنة حتت اخلباء املعمد... ري يوم الدجن والدجن معجب وتقص

:ومن شعر ابن أيب احلديد قصيدة بائية من مجلة مدائحه يف علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه على أنه جم املسالك مرهوب... أال إن هنج اجملد أبيض حملوب

بغاه وأطراف الرماح اليعاسيب... هو العسل املاذي يشتاره امرؤ فنيل األماين باملنية مكسوب... ذق املوت إن شئت العال واطعم الردى

يبوح ضرام اخلطب واخلطب مشبوب... خض احلتف تأمن خطة اخلسف إمنا ففيها لذي اللب امللب أعاجيب... أمل خترب األخبار عن فتح خيرب

فكل إىل كل مضاف ومنسوب... وفوز علي بالعال فوزها به وما كل ممتط اجلزارة مركوب... الفرج حيث تربجت حصون حصان

وتسفل عنها للغمام أهاضيب... تناط عليها للنجوم قالئد :منها

فلم يغن عنها جر جمر وتلبيب... وأرعن موار العنان ميورها كما كان عنها للنوائب تنكيب... فللخطب عنها والصروف صوارف

منها

فأبيض وضاح وأسود غربيب. ..هنار سيوف يف دجى ليل عثري ويذري عليها دمع يوسف يعقوب... ينوح عليها نوح قارون يوشع ومن صوب آذي الدماء شآبيب... هبا من زماجري الرجال صواعق

منها ويلهب نارا غمده واألنابيب... ميج منونا سيفه وسنانه

:ومن مدائحه يف علي بن أيب طالب رضي اهللا عنه، قصيدة أوهلا أرجا فهل شجر األراك أراك... ن ريقها يتحدث املسواك ع

باللحظ فهي الضيغم الفتاك... ولطرفها خنث اجلبان فإن رنت أن القلوب تصيدها األشراك... شرك القلوب ومل أخل من قبلها

منها ما احلتف لوال طرفك الفتاك... يا وجهها املصقول ماء شبابه

وقلوبنا بشبا الفراق تشاك. ..أم هل أتاك حديث وقفتها ضحى سيف الوصي كالمها سفاك... ال شيء أقطع من نوى األحباب أو

وهاتان القصيدتان طويلتان، اختصرت منهما ما اختصرت، واقتصرت على ما اقتصرت، طلبا للداللة على . سنة وضيعولكن أدته مواده الغزيرة إىل أن اعتزل وتشيع، وأمهل جانب ال. فضله، ومضاء سنانه ونصله

وقد ساق شيئا منه يف الفلك . وله نثر أجاد فيه بعض جوده، ومل يكن كنظمه الذي رفع هضبه ووطد طودهالدائر، ونثر ابن األثري أقعد منه عند أوىل البصائر، ولو حذفه كان خريا من إثباته، وأمنع له من عجم سهمه

.وغمز قناتهم، وأي سيف يفري فريه وهو متثلم، واملعتزلة فرسان املباحث، فأي قوادم ينهض هبا من جاء بعد هذا املتكل

:ولكن. وممن توفرت هلم اهلمم على اجلدل وطاوعتها الدواعي والبواعث خلق وجيب قميصه مرقوع... قد يدرك اجملد الفىت ولباسه

أعقب العقل وقد ترك األول لآلخر أكثر مما جاء به، وتفاوتت األذهان يف انتقاد مها احلسن وكواعبه، و .سحابه ملا اجنلت بصوب سحائبه هلا كل يوم يف الربية مولود... وما عقمت أم الندى بعد حامت

وقد مجعت ما عثرت عليه من هفوات ابن األثري يف هذه األوراق، وضربت عليها هذا الفسطاط ومددت نصرة الثائر على املثل ومسيت ذلك . هذه األرواق، وسردهتا على الترتيب، وسقتها على ذلك التبويب

. السائر واخترت هذه التسمية له شارة وإشارة، ألن الثائر لغة هو الذي ال يبقي على شيء حىت يدرك ثارهوإذا ناقشته يف حبث أورده، ونافسته يف صاحل أفسده، ال أكاد أخلي ذلك املوطن من حماسن أرباب هذا

فإنه قد . خصوصا القاضي الفاضل رمحه اهللا تعاىل. مالفن الذين عاهبم، وتردد إىل مواقف ذمهم وانتاهب .عارضه يف بعض ما أنشاه، وعاب عليه ما دجبه ووشاه

وقال الدجى يا صبح لونك حائل... وقال السها للشمس أنت خفية وأين مقاصد الفاضل وبعد مرماه، واختالسه . والسيف مشهور بغري محائل، والصبح مشهود بغري دالئل

ولطف . هيهات، فإن بينهما من الفرق، ما بني ذل القدم وعز الفرق. ف مغزاه وخفي مسراهاملعاين بلط .ذلك ال خيفى على ذوق الكاتب املاهر، وحسن معانيه يف الباطن أضعاف كالمه يف الظاهر

:وهللا در ابن سناء امللك إذ يقول على أن غالب ديوانه فيه شهد املولودضل أو كاد ي... شهد الكاملون بالفضل للفا

ق ولكن مبثله ال جيود... وعد الدهر أن جيود على اخلل :وابن قالقس إذ يقول أيضا فيه من مجلة أبيات

عجبنا كيف حذرنا املداما... وأسكرنا بيانا دام حىت وتسمعها خواطرهم قياما... معان يقعد الفصحاء عنها

امىمقالة من دعاه أبا اليت... يتيمات تصدق يف عاله :من ذلك. وأما ابن الساعايت فأكثر فيه املدح

إال كمن قاس الوهاد إىل الذرى... ما من يقيس إليه خلقا مثله عرف السماك حمله فتأخرا... فإذا تقدم يف العالء مفاخرا

وقد تصدى الناس البن األثري كونه ناقض الفاضل، ورمي من ألسنتهم وأقالمهم مبشق سيوف املناظر، .هام املناضلورشق س

فأول راضي سنة من يسريها... فال جتزعن من سنة أنت سرهتا .وليس هذا موطن الثناء على القاضي الفاضل، وسوف تقف عليه، وتدلك نفحات طيبه إذا انتهيت إليه

وعلى اهللا قصد السبيل، هو . ومن هنا أجرد عن ساعد املؤاخذة، وأبرى السهام اليت أظنها يف الغرض نافذة .حسيب ونعم الوكيل

االبتداء باحلمدلة

نسأل اهللا أن يبلغ بنا من احلمد ما هو أهله، وأن يعلمنا من البيان ما تقصر : قال ابن األثري ساحمه اهللا تعاىل . عنه مزية النطق وفضله، وحكمة اخلطاب وفصله

احلمد هللا : و أجذم فلو قالكل كالم اليبدأ فيه حبمد اهللا فه: قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم: أقولوعلى احلريري كونه . اهللا أمحد: ورمبا عيب ذلك على الزخمشري يف أول املفصل كونه قال. لكان أفضل

واألوىل األخذ مبا جاء عن اهللا تعاىل، فإنه ال مقام . ألهنما ما افتتحا كالمهما باحلمد. اللهم إنا حنمدك: قالأقرب ما يكون من العبد : حىت قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم. للعبد أشرف من الصالة ألهنا عبادة

والفاحتة اليت هي أم الكتاب والعمدة يف الصالة، إمنا افتتحت ببسم اهللا الرمحن الرحيم، . من ربه وهو ساجدحق على كل ذي مقالة أن يبدأ فيها حبمد اهللا قبل : وقد قال سهل بن هارون. احلمد هللا رب العاملني

: واستعمل ابن األثري رمحه اهللا تعاىل ذلك يف توقيع كتبه فقال. احها، كما بدىء بالنعمة قبل استحقاقهااستفتوقد أورد ابن أيب احلديد على ابن األثري فيما سأله يف هذه . كل كالم ال يبدا فيه حبمد اهللا فهو أجذم

.السجعة ما فيه مقنع، فليؤخذ ذلك من الفلك الدائرانية، فما أدري معىن قوله تقصر عنه مزية النطق، فأي شيء يعلمه حىت تقصر عنه مزية وأما السجعة الث

النطق ؟ إن أراد بذلك لطف املعاين اليت هي أرواح األلفاظ فمىت قصر النطق عن معىن مل تربزه النفس البيان ألن كامال؟ وإن أراد بذلك األشياء اليت تكون على تراكيب األلفاظ من الطالوة والرونق ذلك غري

البيان إيضاح املعاين وإبداؤها وإظهارها، وذلك الذي أردته من احلسن واللطف اللذين يكونان يف بعض :كما قيل. وهو كاملالحة اليت ال يعقل هلا معىن وال يعرب عنه. الكالم، فذلك غري البيان

يدعى اجلمال ولست أدري ما هو... شيء به فنت الورى غري الذي أال ترى أن بعض الصور مفردات . احملبوب شيء آخر غري حسنه هو الذي يشفع له إىل القلوبمع : ويقال

وكذا قيل يف الترياق، إنه بعد التركيب يفيض . أعضائها هناية يف احلسن، وليس هلا ذلك املعىن الذي لغريها غري احلالة اليت تكون واهليئة االجتماعية هلا معىن. اهللا عليه خاصة مل تكن يف قوة أجزائه حالة اإلفراد

ألفرادها وال شك أن لكالم الفصحاء يف حالة التركيب خواص ال ميكن التعبري عن ذلك احلسن املوجود وهلذا أفىت الفقهاء فيمن بدل ترتيب الفاحتة، وقلب بعض اآليات إىل موضع بعض أنه ال تصح صالته، . فيها

. هذا النمط الغريب، وتأليفه على هذا النظم العجيبألنه يبطل إعجاز القرآن العظيم، وهو سياقته على فإن كان ابن األثري سأل هذه اخلاصة، فهذه . وهنا حبث بني األشعري واملعتزيل، أضربت عنه طلبا لالختصار

وقد . وإذا كان األمر كذا، فقد ثبت أن معىن هذه السجعة غري مفهوم. اخلاصة ال يطلق عليها لفظ البيان .حلديد يف قوله النطق وما الذي أراد به فليؤخذ من كتابهناقشه ابن أيب ا

. وعلى آله وصحبه، الذين منهم من سبق وبدر، ومنهم من صابر وصرب، ومنهم من آوى ونصر: قالأحدمها أنه حيصل له املوازنة والترصيع بني : ومنهم من هاجر ونصر لكان أحسن من وجهني: لو قال: وأقول

ه يتناول املهاجرين واألنصار من الصحابة رضوان اهللا عليهم، فإهنم مقدمون على هاجر وصابر، وثانيهما أن .األنصار، وعلى قوله ال ذكر للمهاجرين، فإن من األنصار من سبق غريه إىل اإلميان

فإن الصرب . اصربوا وصابروا: اتبع لفظ القرآن يف قوله تعاىل: قوله صابر وصرب املعىن واحد، قلت: فإن قيلوكأن ذلك زيادة على الصرب الذي . صابرة، ألن املصابرة مفاعلة، وهي مقابلة الفعل من اآلخر مبثلهغري امل

.يطيقه اإلنسان

عجز احلريري عن إنشاء ما طلب منه

يف الديوان

قال وقد ذكر احلريري املقامات رمحه اهللا تعاىل، وأنه صدر عنه مثل هذا الكتاب، وملا استكتب يف الديوان ال عجب، ألن : وهذا مما يعجب منه، وسئلت عن هذا فقلت: مث قال. اق احلكاية املشهورةوس. أفحم

املقامات مدارها مجيعها على حكاية خترج إىل خملص، وأما املكاتبات فإهنا حبر ال ساحل له، ألن املعاين فيها لكاتب املفلق عن تتجدد بتجدد حوادث األيام، وهي متجددة على عدد األنفاس، أال ترى أنه إذا كتب ا

دولة من الدول الواسعة اليت يكون لسلطاهنا سيف مشهور وسعي مذكور، ومكث على ذلك برهة يسرية ال تبلغ عشر سنني، فإنه يدون عنه من املكاتبات ما يزيد على عشرة أجزاء، كل جزء منها أكرب من

. املقامات حجما، مث إذا غربلت خلص منها النصف

ألن من يصدر عنه مثل . س من واقعة احلريري فهي موضع العجب يف بادىء الرأيأما عجب النا: أقول :هذا الكتاب الذي ال نظري له يف بابه، وهو يف اآلداب

در تقاصريها زبر جدها... مشس ضحاها هالل ليلتها فتوح وأما إذا فكر اإلنسان، وعلم أن اإلنشاء من باب ال. مث يتوقف يف كتاب يطلب منه فإن ذلك غريب

وقد عد الشيخ حميي . ألن اهللا تعاىل قد يفتح بذلك يف وقت دون وقت. على اإلنسان، مل يكن ذلك بعجيب. الدين بن عريب النظم وحسن الكتابة من الفتوح، وما يزال الناس كذلك تارة يفتح عليهم وتارة مل يفتح

.واحلريري يف ذلك الوقت مل يفتح عليهملقامات كان يف بيته خملى ونفسه، يصوغ ويكسر ويهدم ويبين فإذا نبا به على أن احلريري يف وقت عمل ا

وقد ذكر أن مسودات . مقام حتول إىل غريه، وإذا تقاعس عليه معىن تركه وجذب ما هو أسلس قيادا منهوذلك أمر غري جلوسه يف الديوان وأول قدومه، وهو بني مجاعة من أرباب الفن، . املقامات كانت محل مجل

ترح عليه معىن ال حميد له عنه، وال فسحة له يف مضيقه، وال جناة له من زهللا، ومل يكن قد استعد له، ال ويق .جرم أنه أفحم وتوقف ونتف عثنونه

إذا عرفت منه الشجاعة باألمس... وليس يعاب املرء يف جنب يومه املعاين املبتدعة وغري ذلك من نسبة ولعل ابن األثري ساحمه فيما أورده من كالمه يف املثل والوشي املرقوم و

فإنه حكى عن نفسه يف املثل السائر أنه كان يتلو القرآن العظيم، فإذا مرت به اآلية الكرمية وملح . املقاماتوغالب ما أثبته إمنا هو . أو كما قال. فيها معىن يناسب أن يكون يف كذا، بىن عليه كتابا أو فصال وأثبته

القاضي الفاضل وأبا إسحاق الصايب وهذا من باب عمل املقامات وهو يف بيته معارضات عارض هبا كتب .يطالع على ما يعمله ويتروى وميحو ويثبت

هيجاء غري الطعن يف امليدان... وتومهوا اللعب الوغى، والطعن يف ال املقامات وإذا إن الكاتب يظهر عنه يف املدة اليت ذكرها عشرة أجزاء كل جزء أكرب حجما من : وأما قوله

وأي ترسل . غربلت ونقحت كانت مخسا، فهذا تعصب ودعوى ال يقوم عليها برهان، أو جهل بلغ الغايةلكاتب تقدم عصره وإىل اآلن جيمع له من ترسله جملدة واحدة تكون كاملقامات يتداوهلا الناس، ويتعاطون

إىل آخرها، ويبحثون عن عوراهتا، وينقبون كؤوسها، ويتمثلون بأبياهتا وأسجاعها، ويكررون عليها من أوهلا بل تصفوا على السبك، وجتود على . عن مساوئها، فال جيدون فيها مغمزا، وال يقعون فيها على مطعن

.االستعمال

وتقادم األيام حسن شباب... ويزيدها مر الليايل جدة بن اخلشاب أصاب يف القليل من على أن ابن اخلشاب رد عليه أليفاظا يسرية وأجابه املسعودي عنها وا

.وكذلك ابن بري وضع عليها نكتا يسرية. القليل، وتعنت يف كثري القليلوناهيك بكتاب اشتهر، وضرب به املثل، وأصبح إحدى األثايف يف علم األدب، وأصبحت ألفاظه ومعانيه

.حجة، ونقلت هبا النسخ عدد حروفها وب الريح يف الرب والبحروهب هب... وسار مسري الشمس يف كل موضع

وما رأيت وال مسعت مبن أخذ جزءا من ترسل، وقرأه على شيخ وحفظه وطلب به الرواية وعلق عليه وقد وضع الناس الشروح املبسوطة على املقامات مثل املسعودي فإن له عليها . حواشي لغة وإعراب ومعان

رأيت بعضهم يزعم أهنا رموز يف الكيمياء، وحيكى شرحني، واملطرز وابن األنباري وأيب البقاء وغريهم ولقد .أن الفرنج يقرؤوهنا على ملوكهم بلساهنم ويصوروهنا ويتنادمون حبكاياهتا

وما ذاك إال أن هذا الكتاب أحد مظاهره تلك احلكايات املضحكة، والوقائع اليت إذا شرع اإلنسان يف هذا إىل . ت نفسه إىل الوقوف على آخر تلك القصةالوقوف عليها، تطلعت نفسه إىل ما تنتهي إليه، وتشوق

ما فيها من احلكم واألمثال اليت تشاكل كتاب كليلة ودمنة وإىل ما فيها من أنواع األدب وفنونه املختلفة .وأساليبه املتنوعة

ة قلنا البن عمري: حكى يل الشيخ فتح الدين حممد بن سيد الناس عن والده أيب عمرو عن أبيه أيب بكر قالأما األلفاظ فما أغلب عنها، وأما تلك األكاذيب : ألي شيء ما تصنع مثل املقامات ؟ فقال: كاتب األندلس

.اليت تكذهبا فما أحسن أن أضع مثلها

ومسعت القاضي شهاب الدين حممودا رمحه اهللا تعاىل حني قراءة هذا الكتاب عليه حيكي أن القاضي الفاضل ا، وصنع ثالث عشرة مقامة عارض كل فصل مبثله حىت جاء إىل قول احلريري رمحه اهللا تعاىل أراد معارضته

مل . اعلموا يا مآل اآلمل ومثال األرامل، أنين من سروات القبائل، وسريات العقائل: يف املقامة الرابعة عشرةعضاد، فلما أردى الدهر األ. يزل أهلي وبعلي حيلون الصدر، ويسريون القلب، وميطون الظهر، ويولون اليد

وفجع باجلوارح األجساد، وانقلب ظهر البطن، نبا الناظر، وجفا احلاجب وذهبت العني وفقدت الراحة، فمذ اغرب العيش األخضر، وازور . وصلد الزند، ووهت اليمني، وبانت املرافق، ومل يبق لنا ثنية وال ناب

العدو األزرق، فحبذا املوت احملبوب األصفر، اسود يومي األبيض، وابيض فودي األسود، حىت رثى يل .األمحر

أو . من أين تأيت اإلنسان بفصل يعارض هذا ؟ مث إنه قطع ما كان عمله من املقامات ومل يظهر: فقال الفاضل .وناهيك مبن يقول مثل القاضي الفاضل يف حقه مثل هذا، ويعترف له بالعجز. كما قال

شوة كنشوة الراح، وهبجة وال هبجة الساري بطلعة وأما أنا فكلما قرأت هذا الفصل وذكرته، أجد له ن .ويف أي ترسل جتد نظري هذا الفصل الذي له هذه اخلفة والطالوة، ومل تروجه األسجاع ؟. الصباح

بل هي كتاب علم يف بابه، وبالغة . وقد ظلم املقامات من جعلها من باب الترسل، والترسل جزء منها

وهذا هو البالغة، أن تصف الشيء مث تذمه، أو . قاماته باملدح والذمالرجل تعلم من ذكره لشيء يف غالب مبذم مث متدحه، كما فعل يف مقامة الدينار، واليت فاضل فيها بني كتابة اإلنشاء واحلساب، واليت ذكر فيها

.البكر والثيب والزواج والعزبة وغري ذلكأعطيت القوس باريها : كقوله. منها وفصاحته تعلم من أخذه األمثال السائرة وضمها إىل سجعة أحسن

وهل : وقوله. ختلصت قابية من قوب وبرىء براءة الذئب من دم ابن يعقوب: وأنزلت الدار بانيها وقولهفلما دل شعاعه على مشسه، ومن عنوانه : ضاعت عدتنا عدة عرقوب أو بقيت حاجة يف نفس يعقوب وقوله

لو : أحنل من قلم وأقحل من جلم وقوله: صب وقولهفبقيت أحري من ضب وأذهل من : بسر طرسه وقولهإنكما فرقدا مساء : طويته على غره، وصنت شغاه عن قره وقوله: كان يف عصاي سري ولغيمي مطري وقوله

وكزندين يف وعاء وقوله ليعلم أن رحيه القت إعصارا وجدوله صادف تيارا وقوله مأرب ال حفاوة ومشرب أبعد من رد أمس الدابر، : املكنة زورة طيف، والفرصة مزنة صيف وقوله: مل يبق له عندي طالوة وقوله

وكان يوما أطول من ظل القناة، وأحر من دمع : ما أطول طيلك وأهول حيلك وقوله: وامليت الغابر وقولهأين مدب صباك، ومن أين مهب صباك : فأخذ يلدغ ويصي، ويتقح وال يستحيي وقوله: املقالة وقوله

ما ذهب من مالك ما وعظك، وال أجرم إليك من : جدت فاغتبط واستكرمت فارتبط وقولهقد و: وقولهأيقظك وقوله إنك محت على ركية بكية، وتعرضت خللية خلية وقوله ما كل سوداء، مترة، وال كل صهباء

أتعلم أمك البضاع وظئرك : كمن يبغي بيض األنوق، ويطلب الطريان من النوق وقوله: مخرة وقولهإين ألطوع من حذائك، : فلما رأينا نارهم احلباحب، وخربهم كسراب السباسب وقوله: ضاع وقولهاإلر

.وأوفق من غذائك وفيها من هذا النوع كثري أضربت عنه خوف اإلطالة إال وأكثر مما قلت ما أدع... وما تناهيت يف بثي حماسنه

ثقافة الكاتب

. ذا، فيفتقر إىل مثانية أنواع من اآلالت مث سردهافإذا ركب اهللا يف اإلنسان طبعا قابال هل: قال

أما الكاتب فيحتاج إىل حفظ الكتاب العزيز وإدمان تالوته، ليكون دائرا على لسانه، جاريا على : أقولفكرته، ممثال بني عيين ذاكرته لينفق من سعته، وإىل معرفة اللغة والنحو وإدمان اإلعراب ليال وهنارا ، حىت

لك ملكة جيدة، والتصريف واملعاين والبيان والبديع والعروض والقافية واألحكام السلطانية كما يصري له ذذكر يف كتابه وشيء من التفسري، وشيء من األحاديث مثل كتاب الشهاب أو كتاب النجم لألقليشي،

، وما دار بني علي واآلثار املنقولة عن الصحابة رضوان اهللا عليهم وما دار بني اخللفاء الراشدين وعماهلمومعاوية رضي اهللا عنهما من احملاورات، وتواقيع اخللفاء والوزراء والكتاب، وأمثال العرب، وحفظ جانب

جيد من شعر العرب واملخضرمني واحملدثني وفحول املتأخرين، وحفظ جيد احلماسة وخمتار املفضليات، اريخ وأمساء الرجال واحلساب، ومراجعات وبعض قصائد منتهى الطلب مجع ابن ميمون، وما أمكن من الت

أمهات كتب األدب، مثل األغاين والعقد والبيان والتبيني والذخرية وزهر اآلداب وأمايل القايل والكامل

للمربد وتذكرة ابن محدون وحفظ جانب جيد من املقامات واخلطب النباتية، وبعض شعر املتنيب وأيب متام وقد اخترت أنا من شعر هؤالء الشعراء األربعة يف جملدة لطيفة، .والبحتري وسقط الزند وغري ذلك

من التهاين والتعازي والفتوحات ووصايا : والوقوف على ترسل الكتاب ومراعاة ما قصدوه يف كل فنتقاليدهم وتواقيعهم وأوامرهم ونواهيهم فيها، وافتتاحات أدعيتهم يف كل ما يتشعب من طرق الكتابة

. املراجعات يف اهلدايا والشفاعات واألوصاف وكتب اإلخوان وما جيري هذا اجملرىوكيفية البداءات و .وهذا باب ال يغلق له مصراع وال ينعقد على حصره إمجاع

وعلى اجلملة، فالكاتب حيتاج إىل كل شيء، ولوال أنه ال يلزمه حتقيق كل فن لقلت إنه الذي يعرف الوجود .وهيهات. على ما هو عليه

فمنهم من تسنم الدرجات، ومنهم من ال هنض من : متفاوتون يف ذلك وهم على طبقاتنعم الناس وال بد من املشاركة مهما أمكن، ولو أنه معرفة ملصطلح لكل صاحب فن، وإذا . الدركات، وما بني ذلك

كمل مواده أو قارب اإلكمال، فمعرفة مصطلح الديوان يف املكاتبات من معرفة األلقاب والنعوت وما فإن هذا معرفته مع املباشرة يف أقل من مجعة يتصوره ويدريه، وهو مما مل يتقرر قاعدته، . ري هذا اجملرىجي

.وهذا ال عربة به، فإنه أسهل ما يعرفه. ألنه خيتلف باختالف كل زمان وأهله

هل تضر خمالفة النحو يف معىن

أال ترى . غري حمتاج إليه يف إفهام املعاين إذا نظرنا إىل ضروبه وأقسامه، وجدنا أكثرها: قال وقد ذكر النحووكذلك الشرط . قوم بإثبات الواو ومل جتزم ملا اختل من فهم ذلك شيء: أنك لو أمرت رجال بالقيام فقلت

.والفضالت كلها جتري هذا اجملرى من احلال والتمييز واالستثناء وساق أشياء من هذه األنواعأمل يعلم أنه إذا . اس ومن مل يتلبس باملعرفة، ومن مل يرح رائحة العلمما يورد مثل هذا إال عوام الن: أقول

صدر عن مترسل كتاب مل جيزم أفعال أمره وال شروطه وجواهبا، ومل يرفع فاعله وينصب فضالته، وال راعي شيئا من قواعد إعرابه اليت هي ظاهرة، وال حافظ على شيء من اإلعراب ألبتة، كان ذلك ضحكة للمغفلني

.وحينئذ فقد استوى العلماء واجلهال. ضال عن العقالءفأما بعد فتفقهوا يف السنة وتعلموا العربية وكان عبد : وقد كتب عمر رضي اهللا عنه إىل أيب موسى األشعري .اهللا بن عمر رضي اهللا عنهما يضرب ولده على اللحن

ورأى أبو األسود الدوءيل أعداال .اللحن يف الكالم أقبح من آثار اجلدري يف الوجه: وقال عبد امللكمن أحب أن جيد الكرب يف : ويقال. سبحان اهللا يلحنون ويرحبون: فقال. للتجار مكتوب عليها ألبو فالن

.نفسه فليتعلم العربيةأمل يعلم أن بعضهم استدل على أن النحو فرض كفاية إن مل يقل إنه فرض عني، وذهب بعضهم إىل أن اهللا

أخشى على من تعاطى احلديث : وقال الشيخ تقي الدين ابن الصالح. دعاء إذا مل يكن معرباتعاىل ال يقبل ال .من كذب علي متعمدا، فليتبوا مقعده من النار: ومل يدر النحو، أن يدخل يف قوله صلى اهللا عليه وسلم

غامض إال بعد معرفة إنه ال يتوصل إىل معرفة ال: فأقول. مث إنه استثىن أشياء من ذلك ال تعرف إال باإلعراب . الواضح، ومن مل يعرف البني مل يعرف العويص، لينتقل يف التفهم من األدىن إىل األعلى

ال يصل أحد من النحو إىل ما حيتاج إليه إال بتعلم ما ال حيتاج إليه، فقال أبو : قال اخلليل بن أمحد رمحه اهللاوكل . تاج إليه، فقد صار ما ال حيتاج إليه حمتاجا إليهإن كان ال يوصل إىل ما حيتاج إليه إال مبا ال حي: عمر

علم هبذه املثابة فيه اجللي والغامض يف الفقه، فإن مسائله الغامضة يف احليض والتيمم وللفرائض، وما يف وكما يف املنطق فإن غوامضه يف األقيسة واملختلطات . اجلرب واملقابلة، ومسائل الدور يف الطالق وغري ذلك

وكما يف علم الكالم من إثبات اجلوهر الفرد، وأن العرض ال يبقى زمانني، وأن املعدوم . ط وغري ذلكواملغالوما يتوصل اإلنسان إىل معرفة هذه املسائل العويصة إال بعد مقدمات يفهمها من املسائل . ليس بشيء

.الواضحة، وما رأيت من يورد مثل هذا غري العوام، أو من جيهل هذا الفن

ح اللحن يف حسن الكالمهل يقد

إن اللحن مل يكن قادحا يف حسن : قال بعد أن ساق شيئا من نظم أيب نواس وأيب متام وأيب الطيب وحلنهم .الكالمالنحو : إن مراعاة اإلعراب علة موجبة لقبح الكالم أتراه ما مسع بقوهلم: ما بقي بعد هذا إال أن يقول: أقول

: " قد ذهب بعضهم إىل أن اإلعراب إمنا مسي إعرابا ألن العرب يف قوله تعاىلو. يف الكالم كامللح يف الطعاممعىن حتببه كونه : أقول. هن املتحببات إىل أزواجهن، فكأن من أعرب كالمه حتبب إىل خماطبه" عربا أترابا

ما : قالما أحسن زيدا، ولو ترك اإلعراب و: فإنه إذا أراد التعجب قال. ذكر أمارات تدل على معانيههل هو مستفهم أو متعجب : أحسن زيد بسكون النون والدال، اللتبس الفهم على املخاطب وبقي يف حرية

ما أحسن زيد برفع النون وكسر الدال علم : وإذا قال. فلما نصب النون والدال علم أنه يتعجب. أو خمربواذا أراح . رب بنفي اإلحسان عنهواذا قال ما أحسن زيد بنصب النون ورفع الدال علم أنه خم. أنه يستفهم

.املتكلم من خياطبه من الفكرة واحلرية باإلعراب، فقد حتبب إليهال قدر للحان ولو بلغ يافوخه عنان السماء وأنا فما أنكر أن لطف التركيب وسهولة الكالم ..... وقد قال

. هذا معلوم ولكن املشاحة يف تعسفه وتعنته. أمر آخر وراء النحو

ون البقرة يف اآلية صفراء فاقع لوهناحول ل

، إن لون البقر كان " صفراء فاقع لوهنا : " وكان فاوضين بعض الفقهاء يف قوله تعاىل يف سورة البقرة: قال .وأخذ يف الشناع على ذلك واالستدالل على أن اللون أصفر. أسودكما يؤكد أسود حبالك . بفاقعمن املعلوم أن األرجح هو أن اللون كان أصفر، لكونه مؤكدا : أقول

وحانك، وأبيض بيقق وهلق، وأمحر بقان وذرحيي وأخضر بناضر ومدهام، وأصفر بناصع وفاقع ووارس، ولكن إذا ورد التفسري وثبت النقل بشيء، فما ميكن غري قبوله والعمل به . وأزرق خبطباين، وأرمك برذاين

ا خالف قاعدة، وإن أمكن ترجيحه رجح، كما رجح هذا إذ. يف موضعه من غري أن يتعدى به ذلك املوضعأي مجال سود تضرب إىل " . إهنا ترمي بشرر كالقصر كأنه مجاالت صفر : " هذا بعضهم بقوله تعاىل

. والنار سوداء مظلمة: قالوا. الصفرة

التأدب يف احلديث عن العظماء

استدعى أبا موسى األشعري ومن ومن ذلك أنه ورد عن عمر بن اخلطاب أنه: قال عند ذكر وقائع العربيليه من العمال، وكان منهم الربيع بن زياد احلارثي، فمضى إىل يرفأ، موىل عمر، وسأله عما يروج عنده

فمضى ولبس جبة صوف وعمامة دكناء وخفا مطابقا وحضر بني . وينفق عليه، فأشار إىل خشونة العيشيقع إال عليه، فأدناه وسأله عن حاله مث أوصى أبا فصوب عمر نظره وصعده فلم . يديه يف مجلة العمال .موسى األشعري بهواذا استعنت : وقد استعملت أنا هذا يف تقليد لبعض امللوك من ديوان اخلالفة، فقلت: مث قال ابن األثري

على عملك بأحد، فاضرب عليه باألرصاد، وال ترض مبا عرفته من مبدا حاله، فإن األحوال تتنقل تنقل . اد، وإياك أن ختدع بصالح الظاهر كما خدع عمر بن اخلطاب بالربيع بن زياداألجس

قوله كما خدع عمر، يف هذا القول إساءة أدب على عمر رضي اهللا عنه من نسبته إىل أنه خدع، ويف : أقولوإذا كان مثل عمر خدع، فما ظين بنفسي، فيقع منه : هذا شبهة لصاحب التقليد، فإنه يقول يف نفسه

أال ترى إىل قوله تعاىل حاكيا عن يوسف . واآلدب يف مثل هذا أحسن، ودفع االخنداع عنه أليق. مهالاإل، فنسب ما وقع بينهم إىل الشيطان تأدبا مع " من بعد أن نزغ الشيطان بيين وبني إخويت : " عليه السالم

زه وشدته يف الدين، فما يظن وإذا خدع مثل عمر بن اخلطاب رضي اهللا عنه مع حتر. إخوته عليهم السالم .بغريه

كان واهللا له فضل مينعه أن جيزع، وعقل مينعه أن . ما رأيت أحدا أحزم من عمر: وقال املغرية بن شعبة .خيدع

كان واهللا كما قال . رحم اهللا عمر ما كان أنظره بنور اهللا يف ذات اهللا وأفرسه: قال أبو بكر اخلرائطي :الشاعر

كأن له يف اليوم عينا إىل غد... ر برأيه بصري بأعقاب األموأدرجت سعادة اإلسالم يف أكفان عمر : وقد نقل عن أيب العباس أمحد بن عبد اهللا بن احلطيئه أنه كان يقول

.بن اخلطاب :وما أحسن قول الشاعر

وإذا حضرت فإنين خمصوم... حججي عليك إذا خلوت كثرية يعلم أنين مظلوم اهللا... ال أستطيع أقول أنت ظلمتين

.فانظر إىل أدب هذا الشاعر وتلطفه مع حمبوبه وإجالله له

وإذا استعنت على عملك بأحد، فال تثق منه بلمع السراب، واكشف بيد : وكان األحسن أن لو قالإرصادك عن وجه سريته حجاب النقاب، وتيقظ ألموره فال ترض بالظاهر العامر وتنسى الباطن اخلراب،

فإن نسبة احليلة إىل الربيع أحسن يف . مكره ما حتيل به الربيع بن زياد على عمر بن اخلطابوختيل من .األدب من نسبة اخلدع إىل عمر رضي اهللا عنه

إنكار التلقب بالناصر على السلطان صالح الدين

أنكرت عليه وجدت البن زيادة البغدادي كتابا كتبه إىل امللك الناصر صالح الدين يشتمل على أمور : قال .من ذلك أنه تلقب بالناصر وذلك لقب أمري املؤمنني. من ديوان اخلالفة

مل أجد فيه مغمزا إال يف هذا الفصل الذي يتضمن حديث اللقب، : مث إن ابن األثري استصلح الكتاب وقالستصلحه املوىل ما ي: فإنه مل يأت فيه بكالم يناسب باقي الفصول املذكورة، بل أتى بكالم فيه غثاثة كقوله

.على العبد حرام وشيء من هذا النسققد علم أن لألنبياء واخللفاء خصائص : مث إن ابن األثري رمحه اهللا ذكر ما أنشأه يف هذا املعىن لنفسه قال

وقد أجرى . خيتصون هبا على حكم االنفراد، وليس ألحد من الناس أن يشاركهم فيها مشاركة األندادليه وسلم ذلك يف أشياء نص عليها حبكمه، من مجلتها أنه هنى غريه أن جيمع بني كنتيه رسول اهللا صلى اهللا ع

.وامسه، وهذا مسوغ ألمري املؤمنني أن خيتص بأمر يكون به مشهورا وعلى غريه حمظورا .قبل اخلوض معه أقدم الفرق بني االسم والكنية واللقب: أقول. وساق باقي السجع وليس فيه زبدة فأثبته

لك أن العلم الدال على شخص معني إن كان مصدرا بأب كأيب بكر وأيب حفص، أو بأم كأم كلثوم وأم وذوإن أشعر برفع املسمى كماء السماء وذي رعني وذي النورين وذات . البنني وأم املؤمنني فهو الكنية

دي واملهدي والرشيد النطاقني وذي اجلناحني، ويدخل يف هذا ألقاب اخللفاء بين أمية وبين العباس، كاهلاواألمني واملأمون، ويدخل فيه مصطلح الناس، من مشس الدين وبدر الدين وجنم الدين وغري ذلك من ألقاب

أو يشعر بضعة املسمى كففة وبطة واألقيشر واألحوص فهذا هو . أهل الكتاب كشمس الدولة وتاج امللك .عمرو وبكر وخالد فهذا هو االسموإن كان للداللة على ذات املسمى وتعيينه، كزيد و. اللقب

مراده ال يقال ألحد من " ال جتمعوا بني امسي وكنييت : " وإذا تقرر هذا، فالنيب صلى اهللا عليه وسلم قالأما الناصر والعاضد والقادر واملستنصر وما أشبه ذلك فليس ذلك بكنية وال اسم . أمته حممد أبو القاسم

.على ما تقررفذهب الشافعي رمحه اهللا ومن وافقه إىل : فوا يف التكين بأيب القاسم على ثالثة مذاهبعلى أن الفقهاء اختل

.أن ال حيل ألحد أن يكتين به سواء كان امسه حممدا أو غريهوذهب بعضهم إىل أنه جيوز ملن مل يكن . وذهب مالك رمحه اهللا إىل أنه جيوز التكين به ملن امسه حممد ولغريه

.ملن امسه حممد امسه حممدا وال جيوز . يشبه هذا الثالث أن يكون أصح، ألن الناس ما زالوا يكتنون به يف مجيع األعصار وال إنكار: قال الرافعي

. وهذا الذي قاله صاحب هذا املذهب، فيه خمالفة لظاهر احلديث: قال الشيخ حمي الدين النووي رمحه اهللامن األئمة األعالم وأهل احلل والعقد والذين يقتدى هبم يف وأما إطباق الناس على فعله مع أن يف املكتنني به

ويكونون قد فهموا النهي خمتصا حبياته صلى اهللا . الدين، ففيه تقوية ملذهب مالك رمحه اهللا يف جوازه مطلقاعليه وسلم، ملا هو مشهور من سبب النهي يف اكتناء اليهود بأيب القاسم ومناداهتم يا أبا القاسم طلبا

.وهذا املعىن قد زال انتهى. ذاءلاليلعلي رضي " إن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم قال : يقال. وممن تكىن بأيب القاسم حممد بن احلنفية: قلت

" .اهللا عنه سيولد لك بعدي غالم وقد حنلته امسي وكنييت وال حيل ألحد بعده ص، وحممد بن عبد الرمحن بن عوف وحممد وحممد بن أيب بكر، وحممد بن طلحة، وحممد بن سعد بن أيب وقا

.بن جعفر بن أيب طالب، وحممد بن حاطب بن أيب بلتعة، وحممد بن األشعث بن قيسوجوب الضحى : منها. أما النيب صلى اهللا عليه وسلم فخواصه معلومة شرعا: ومسعت خبواص األنبياء

ه أو الفراق، وحترمي اخلط والشعر وإمساك والضحية والوتر والتهجد والسواك وختيري الزوجة يف اإلقامة معالكارهة من الزوجات، والفرار من العدو يف احلرب، وأن ال يغمد السالح بعد إشهاره حىت ينال به من العدو، وإباحة الوصال، واخلمس وصفي املغنم، ودخول مكة حالال، وجعل تركته صدقة غري موروثة،

وبال ويل وال شهود، ويف اإلحرام والتزوج بأكثر من أربع، ومن والنكاح بلفظ اهلبة من الزوجة بال مهر . آثرها حرم على الزوج نكاحها ولزمه طالقها، وحرمة زوجاته بعد وفاته على األمة فال حيل نكاحهن ألحد

.وأما من عداهم من سائر أمتهم فما ألحد منهم خاصة ميتاز هبا من حيث الشرع: مل يطابق بني اإلنكار واالستشهاد، ولو أجاب امللك الناصر عن ذلك وقالفانظر إىل ابن األثري رمحه اهللا،

إن اخلادم ما مجع بني كنية أمري املؤمنني وبني امسه وال انفردت بواحدة منهما، فما وجه اإلنكار علي، لكان .له أن يقول ذلك

لعباس خليفة، وإمنا العاضد من على أن امللك الناصر رمحه اهللا تعاىل ما تسمى هبذا اللقب والناصر يف بين اخلفاء الفاطميني مبصر ملا استوزره يف سنة أربع وستني ومخسمائة لقبه هبذا اللقب وكان اخلليفة ببغداد إذ

.ذاك املستضيء باهللا

رسالة ابن زيادة البغدادي

يف صورة أحسن وكل ما يستصلحه املوىل على العبد حرام، فإنه مناسب، ولعله أتى به : وأما قول ابن زيادةمن هذه، وجاء يف أثناء كالمه مطبوعا، ومل يذكر ابن األثري ما أتى به ليعلم حسنه من قبحه، ومل حيضرين

.عند تعليق هذا الفصل كالم ابن زيادة، ولعلي أظفر به فيما بعد فأثبته يف احلاشيةومن العجب أن أمري : لقبوقفت على كالم ابن زيادة فيما بعد، فكان ما ختم به فصل اإلنكار على ال

ومن احلكم الرائقة يف وجيز الكالم، . املؤمنني خياطبه من مسة امللك مبا مل يكن له، ويزاحم هو فيما هو لغريه .والذي يصلح للموىل على العبد حرام انتهى

هم وهذه السجعة بيت شعر من أبيات كتبها عمرو بن مسعدة إىل املأمون مع فرس أهداه إليه وهو أد: قلت

:بغرة ه إذا عد إمام... يا إماما ال يداين مثله ليس يرام... قد بعثنا جبواد

سائر اجلسم ظالم... وجهه صبح ولكن البيت... والذي يصلح

وقد أجاب القاضي الفاضل رمحه اهللا عن كتاب ابن زيادة جوابا مطوال ، ولكنه حاسن فيه وما خاشن يي الدين بن عبد الظاهر رمحه اهللا تعاىل، أملى جوابا على الكتاب املذكور مث إن القاضي حم. وكاثر وما كاشر

.على لسان صالح الدين طول فيه إىل الغاية، مع أنه نافس فيه وناقش، وقاسر فيه وقاشر. وللقاضي الفاضل رمحه اهللا عذر ظاهر يف ذلك الوقت عن املداهنة، لعظم منصب اخلالفة ذلك الزمان

كتاب، فت يف عضد امللك الناصر وغض منه، وامتنع الناس األعيان الذين هلم سورة يف ولعمري إن هذا الولعل هذا األمر . غري بالده أن يقولوا إال السلطان صالح الدين دون امللك الناصر، إلنكار اخلليفة ذلك

.باق إىل هذا الزمان، فإنه ال يقال إال السلطان صالح الدين يف الغالب د أثبتهما يف اجلزء الثالث عشر من التكرة اليت مجعتها وهذان اجلوابان ق

البالغة والفصاحة

قال يف الفصل الثامن يف الفصاحة والبالغة عند ذكر البالغة، بعد أن قرر أن البالغة للمعاين والفصاحة ن فكل إنسا. البالغة شاملة لأللفاظ واملعاين، وهي أخص من الفصاحة، كاإلنسان من احليوان: لأللفاظ

كل كالم بليغ فصيح، وليس كل كالم فصيح بليغا ويفرق : وكذلك يقال. حيوان وليس كل حيوان إنسانابينها وبني الفصاحة من كل وجه آخر غري اخلاص والعام، وهو أهنا ال تكون إال يف اللفظ واملعىن بشرط

الفصاحة، إذ يوجد فيها التركيب، فإن اللفظة الواحدة ال يطلق عليها اسم البالغة، ويطلق عليها اسموأما البالغة فال يوجد فيها خللوها من املعىن املفيد الذي ينتظم . الوصف املختص بالفصاحة وهو احلسن

.كالمافإنه أراد أوال ، كل كالم فصيح . قد ادعى أن هذا الفارق الثاين غري األول، وهو هو بعينه ومينه: أقول

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل فإن هذا الكالم : هذا، إذا قلناومعىن. يطلق عليه أنه بليغ وال ينعكسوفصيح باعتبار بيان مفرداته . بليغ باعتبار أن معناه بلغ يف صوغ تركيبه إىل حد له توفية بتمام املراد

وإذا فككنا هذا التركيب وأخذنا كل فرد من ألفاظه، كان كل فرد فصيحا، . وحسنها وعذوبتها يف السمعفكانت الفصاحة أعم من البالغة ألهنا وجدت يف اإلفراد . بليغا لعدم التركيب يف املعىن وال يكونفحيث وجدت البالغة مع عذوبة . وكانت البالغة أخص لكوهنا ال تتناول إال املركب فقط. والتركيب

ية يف فصح أن البالغة كاإلنسانية يف خصوصها، والفصاحة كاحليوان. األلفاظ وجدت الفصاحة وال ينعكسإن البالغة ال تكون إال يف اللفظ : فإنه قال. وهذا املعىن موجود بعينه يف الفارق الثاين الذي أبداه. عمومها

.إىل آخره فتأمل كالمه يظهر لك ما قلته.. واملعىن بشرط التركيب

حتديد معىن البالغة والفصاحة

أما عموم : بيان ذلك. وخصوصا من وجههو أن بني البالغة والفصاحة، عموما من وجه : والذي أقوله أناوعموم . البالغة، فألهنا تتناول الكالم الفصيح أعين احلسن املبني، وغري الفصيح أعين الغريب الوحشي

الفصاحة، فألهنا تتناول األلفاظ املركبة فقط، وخصوص الفصاحة، فألهنا ال تتناول إال األلفاظ العذبة ومثل هذا ال يتنبه له . ة والفصاحة عموما من وجه، وخصوصا من وجهفثبت أن بني البالغ. املستعملة فقط

. ابن األثري

أقسام علم البيان

وأما أقسام علم البيان من الفصاحة والبالغة، فليست كذلك ألهنا استنبطت بالنظر : قال يف هذا الفصلومعان على هيئة خمصوصة وقضية العقل من غري واضع اللغة، ومل يفتقر فيها إىل التوقيف، بل أخذت ألفاظ

فإن كل عارف بأسرار الكالم من أي لغة كانت من . وحكم هلا العقل مبزية احلسن ال يشاركها فيها غريهااللغات، يعلم أن إخراج املعاين يف ألفاظ حسنة رائقة يلذها السمع وال ينبو عنها الطبع، خري من إخراجها

.لو أراد واضع اللغة خالف ذلك ما قلدناهو. يف ألفاظ قبيحة مستكرهة ينبو عنها السمعفإن أراد بالبيان الذي اصطلح عليه أرباب البالغة، وهو أحد أقسام . قد ادعى أن ذلك عقل صرف: أقول

علم البالغة الذي يطلق على معرفة احلقيقة واجملاز والتشبيه واالستعارة والكناية، فإن من اجملاز ما هو لغوي رع يف هذه اهليئة املخصوصة املشتملة على القيام والقراءة والركوع والسجود كالصالة، استعملها الشاوهي يف أصل اللغة إمنا تطلق على الدعاء الذي هو جزء هذه اهليئة فسماها باسم . والذكر والسالم والدعاء

واملتوقف جزئها، فقد توقفت معرفة هذا اجملاز على حقيقته، وتلك احلقيقة ال تعرف إال بالنقل ال بالعقل، . على املتوقف على معرفة الشي متوقف على ذلك الشيء

االستعارة والكناية

فذهب األكثرون إىل أهنا جماز لغوي . وأما االستعارة، فاختلف علماء البيان، هل هي جماز لغوي أو عقلياكي السالح، عندي أسد ش: ودليل األكثرين أنك إذا قلت. خالفا لصاحب املفتاح فإنه ذهب إىل أهنا عقلية

وأنت تريد الرجل الشجاع، كان لفظ األسد عند التحقيق مستعمال يف غري ما وضع له، ألنك تفهم أنه وإمنا حذف أداة التشبيه مبالغة، واأللف والسني والدال فهم معناها متوقف على . عنده رجل شبهه باألسد

.النقل :الشاعركقول . وأما الكتابة فمن أقسامها قسم يتوقف على النقل

هنيئا بالقميص املستجد... أخو خلم أعارك منه ثوبا فلم يوجد ألمك بنت سعد ... أراد أبوك أمك حني زفت

عليك فصرت أكسى أهل جند... وقد ألقى كساء أيب عبيد وعينك عني بشار بن برد... أراين اهللا عينك يف اجلعىب

.، وبأيب عبيد األبرص، وبعني بشار العمىفإن الشاعر أراد بأخي خلم جذاما، وببنت سعد عذرة :وقول حممد بن عبدون يف مخر عادت خال

أتتنا بطعم عهده غري ثابت... أال يف سبيل اللهو كأس مدامة وراحت كجسم الشنفري بعد ثابت... حكت بنت بسطام بن قيس صبيحة

:أراد ببنت بسطام صهباء، وجبسم الشنفري قوله إن جسمي بعد خلي خلل... بن عمرو فاسقنيها يا سواد

:وقول اآلخر وأم عنترة العبسي تكفيه... ويدعي الشرب يف كأس ويف قدح

.أي تكفيه زبيبة ألهنا اسم أم عنترة العبسي .فقد اتضح أن بعض البيان نقلي. ولوال النقل ملا علم من هذه الكنايات شيء، وليس للعقل هنا جمال

اين الذي هو ما يعرف به تتبع خواص تراكيب الكلم، من أحوال اإلسناد اخلربي، وإن أراد بالبني علم املعوأحوال املسند إليه، وأحوال املسند، والفصل والوصل، واإلجياز واإلطناب وأحوال الطلب، فأكثر ذلك

ن تقدمي تتوقف معرفته على النقل، إذ املسند واملسند إليه مها املبتدا واخلرب، وأحوال كل منهما متنوعة، موتأخري لكل منهما وتعريفهما وتنكريمها، وحذف هذا تارة وذلك أخرى، وجميء املسند إليه تارة امسا وتارة

ومجيع . ولوال خوف اإلطالة لضربت أمثلة ذلك، ولكنها معلومة من النحو. فعال إما ماضيا وإما مضارعا .ذلك األصل فيه ما ورد به النقل

فقد ثبت أن البيان ليس بعقلي كما ادعاه ابن األثري، بل بعضه عقلي وبعضه .وهذا هو جل علم املعاينإن كان بديهيا مل حيتج إىل تعلمه وتدوينه، وذكره : على أنه قد أورد الناس على علم املعاين فقالوا. نقلي

.وما أفضى إىل ذلك فهو باطل. مستغىن عنه، وإن كان كسبيا افتقر إىل علم آخر، ودار أو تسلسلبل البعض بديهي يدرك بالذوق السليم والذهن املستقيم، . وأجيب بأنه ليس الكل بديهيا فيلزم ذلك

.والبعض كسيب يؤخذ بالنقلاألوىل أصحاب الطبع السليم وهم العرب اخللص الذين يوردون الكالم : وملا كان الناس على ثالث طبقات

والطبقة الثانية اجلفاة أصحاب الفظاظة . جبلة وفطرة بسجيتهم موارده، فهؤالء مستغنون عن تعلمه ألنه هلموالطباع النافرة الذين ال شعور هلم مبعاين الكالم، وال استعداد هلم لتحصيل ذلك، فهؤالء أيضا مستغنون

والطبقة الثالثة هم املتوسطون، بني هؤالء وبني هؤالء، قد يصيبون تارة يف . عن تعمله، فإنه ال فائدة هلم فيهفإذا راعوا قوانينها املدونة، وحدودها . فهؤالء هم الذين وضعت هلم هذه اآللة. هم وقد خيطئونأفكار

.وحينئذ ال تستغين هذه الطبقة عن تعلم هذه اآللة. املقررة، كانوا أبعد عن اخلطأ

تعليالت النحاة

.النظر والذي تكلفه النحاة من التعليالت واه ال يثبت على حمك: قال يف هذا الفصل أيضا ولكن ما أنضج القول معه، وحيتاج إىل بقية . قد أجابه ابن أيب احلديد يف الفلك الدائر عن ذلك: أقولما كأنك نظرت يف هذا العلم حق النظر ورأيت ما ذكره ابن السراج والرماين : وهو أن يقال له. تذنيب

خلصائص وسر الصناعة وابن األنباري ابن جين وما أتى به يف كتاب ا: وأبو علي والسريايف ومن بعدهم مثليف أسرار العربية وغري ذلك من حسن التعليل ألحكام النحو، واملناسبات اليت أبدوها وإن كان يف البعض

وكما التزم أبو علي يف احلجة بتعليل القراءات . تسامح ملا أهنم التزموا بتعليل كل ما ورد عن العربل القراءات الشاذة وليس كل ذلك ما يطابق قواعد النحو يف الظاهر السبع، وابن جين يف احملتسب يف تعلي

أكثر من قراءة أيب عمرو رمحه اهللا تعاىل، ألنه كان أقعدهم بالنحو، وهلذا شنع النحاة على ابن عامر رمحه اهللا ري زين ملا مل بتغي" . وكذلك زين لكثري من املشركني قتل أوالدهم شركائهم " يف قراءته املشهورة قوله تعاىل

يسم فاعله، ورفع قتل مفعول له، ونصب الدال من أوالدهم على أنه مفعول املصدر الذي هو قتل، وجر . شركائهم ألنه فاعل املصدر وجره على اإلضافة، وال يضاف املصدر إال إىل فاعله

وا يف الشناع عليه، وأفرط. فقد فصل ابن عامر بني املصدر وفاعله املضاف إليه، وهو غري ما قرره النحاةوقد جاء عن العرب كثريا يف شعورهم، واستشهد له الشيخ مجال الدين بن مالك رمحه اهللا يف . وهو جائز

شرح الكافية بشواهد عديدة ومنع اخلصم بأن هذا الباب جائز يف ضرورة الشعر، وليس يف القرآن .ةوانتصر الكواشي البن عامر يف تفسريه وأيد هذه القراء. ضرورة

وهذا شأن الفقهاء، أكثر تعليالهتم ملا ورد يف أحكام الشرع الشريف يف غاية احلسن والقوة، ويف بعض والغزايل يف اإلحياء تكلم يف . كمن أراد تعليل بعض مناسك احلج فإنه ليس بقوي قوة غريه. ذلك تسامح

من حدوث العامل . يما أتوا بههذا كالما حسنا، وكذلك شأن املتكلمني، فإن بعض أدلتهم ال تبلغ القوة ففقد جتىء معهم مسائل قليلة أدلتها عليلة ال تبلغ يف القطع واجلزم . والنفس وإثبات الوحدانية وعدم اجلهة

ولوال ذلك ملا وقع يف النحو خالف بني البصريني والكوفيني، وال بني أصحاب . وإلزام اخلصم مبلغ تلكمن عداهم من الفقهاء التابعني وأصحاب الظاهر رضي اهللا عنهم املذاهب يف الفروع، كاألئمة األربعة و

وكأنه نظر . أمجعني، وال بني املتكلمني يف أصول الدين من األشاعرة واملعتزلة واإلمامية واخلوارج واحلشوية :إىل قول ابن فارس صاحب اجململ

تركية تعزى لتركي... مرت بنا هيفاء جمدولة عف من حجة حنويأض... ترنو بطرف فاتن فاتر

وقول الشاعر هنا إمنا هو . أمل يعلم أن الشعر واخلطابة يروج فيهما أدىن شبهة، وتضيء فيهما أقل ملعةبالنسبة إىل األمور الضرورية، كتنايف الضدين، وأن الواحد نصف االثنني، وأن اجلسم الواحد ال يشغل

من أنكر هذه البديهيات وطعن يف صحتها احليزين معا يف وقت واحد وما أشبه ذلك، على أن من الناسومن الناس من طعن . ومن الناس من أنكر احلسيات وطعن فيها وجزم بالبديهيات. واعترف باحلسيات

.فيهما وأنكر احلسيات والبديهيات وهم السوفسطائية

فرأى من حكي أن صاحل بن عبد القدوس مات له ولد فمضى إليه أبو اهلذيل ومعه النظام وهو غالم حدث، يا أبا اهلذيل، إمنا أجزع : فقال صاحل! ال أعلم جلزعك وجها إذ كان الناس عندك كالزرع : جزعه فقال له

كتاب وضعته، من قرأه شك فيما كان حىت يتوهم أنه : عليه ألنه مل يقرا كتاب الشكوك فقال وما هو ؟ قالفشك أنت يف ابنك أنه مل ميت وإن كان مات : فقال له النظام. مل يكن، وفيما مل يكن حىت يظن أنه قد كان

.فبهت صاحل وحصر. واعمل على أنه عاش إىل أن قرا الكتاب وإن كان ما عاش إىل أن قرأهوإذا كان األمر وصل يف املكابرة إىل هذا احلد، فما ظنك مبن يعلل رفع الفاعل ونصب املفعول وعمل مل

: وهلذا يقال. اجلدل مفتوح لكل من أراد أن مينع شيئاوباب . اجلزم وإن جزم الشرط واجلزاء وغري ذلكإذا ناظرت املعتزيل يف مسألة الرؤية الزم جانب املنع، ومن أراد أن ينكر شيئا أنكره وأتعب خصمه، فال

.يستطيع أن يقهره إذا احتاج النهار إىل دليل... وليس يصح يف األفهام شيء

باملراد، وجذبته بعد العناد إىل الصواب سلس القياد وإذا كان نعم إذا لزم خصمك احلق وقصده ظفرت منه .متعنتا أو جاهال أو جاحدا ، فإمنا تضرب يف حديد بارد وقد ضيعت نفخك يف الرماد

على بياض صباح أو سواد دجا... وما يقوم ألهل احلب بينة فماذا الذي يثبت على حمك النظر إن كانت تعليالت النحاة واهية مل تثبت على حمك النظر،: ويابن األثري

ولو عورضوا . من تعليالت أصحاب املعاين وهي ما هي ؟ أكثر ما يستندون إليه شبه خطابية ال يقطع هبا .فيها وقفوا يف الكثري منها

علم املعاين والبيان إىل اآلن بعد ما أنضجته : وكان الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد رمحه اهللا تعاىل يقولحكى يل ذلك عنه الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس بالديار املصرية يف سنة مثان وعشرين . عةالطبي

.وسبعمائة، فإنه تلميذه اخلاص بهوما أشك أن الكثري من احلجج أقوى وأقطع وأقرب إىل اجلزم من الكثري من حجج أرباب املعاين، بل ما

:فأت يف ذلك حبجة قاطعة. بينهما صيغة أفعل وادخل بنا يف النسب الواسع... األشياء مستورة أو فدع

ما يشترك فيه الكاتب والشاعر

إن الكاتب من أجاد املطلع واملقطع، أو يكون مبنيا على مقصد : قال يف الفصل التاسع يف أركان الكتابة . وهذا يشترك فيه الكاتب والشاعر: مث قال. الكتاب

فإن من مدح . وقت ما يفتتح قصيدته مبا يدل على مقصودههذا فيه تسامح، فإن الشاعر يف كل : أقوليطلب اإلرفاد واإلعانة مبال أو مركوب أو شفاعة أو طلب والية، مث صدر تلك القصيدة بغزل يصف فيه

نعم إذا كان مدحا جمردا بال . حمبوبه، أو وصف هوى أو غربة أو شوق أو مسري، كيف يتأتى له ذلك ؟يكون املدح جمردا من الغزل إذا كان يف واقعة جتددت للمدوح فيهنئه الشاعر غزل الق به ذلك، وأكثر ما

إما بوالية منصب أو بظفره بعدو أو مبولود أو بسالمة من حادثة أصابته أو هناء بعافية أو بتشيف أو غري .ولوال خوف اإلطالة ذكرت الشواهد على ذلك. ذلك من جمددات الوقائع

ىل من هو دونه أو مساويه أو أرفع منه، حبيث أنه متكن خماطبته بالدعاء، فيحتاج وأما الكاتب فإنه إن كتب إإىل أن يكون الدعاء مناسبا ملا يتضمنه الكتاب من شوق أو وحشة أو هدية أو استهداء أو شفاعة أو سؤال

الكتاب وهذا النوع إمنا حافظ عليه املتأخرون من. أمر أو شكر أو هناء أو عزاء أو ما هو حبسب احلال .ولوال خوف اإلطالة ألوردت من ذلك مجلة كافية. خصوصا يف التقاليد والتواقيع فإهنم راعوا ذلك

وقد بقي هو .. على أن هذا ال حيتاج أهل هذا العصر إىل التنبيه عليه، ألنه هذا األمر قد اشتهر بني كتابهويذكر اسم . قيعه أو كتابه بكيت وكيتافتتح تقليده أو تو: حىت إنه ليقال. الغاية املطلوبة من الكاتب

. فمنهم السابق ومنهم املقصر. صاحب التقليد يف أول السجعة، أو ينبه على معىن ما اشتمل عليه الكتابأال ترى ما أحسن . وقد يتفق يف غالب األوقات اسم املكتوب له والوظيفة، فينبه الكاتب على املعىن

احلمد هللا الذي جعل : للسلطان امللك األشرف صالح الدين فقالوقد كتب تقليدا بوالية العهد .... قولواتفق يل مثل هذا يف توقيع كتبته لقاضي القضاة احلنفية . فما استعار له شيئا . امللك األشرف صالح الدين

احلمد هللا الذي جعل عماد الدين عليا فما استعرت له : عماد الدين علي بتدريس املدرسة القاميازية فقلت .وهذا كثري االتفاق. ا شيئ

وقول القاضي حميي الدين بن عبد الظاهر وقد كتب تقليدا بوالية العهد للسلطان امللك الصاحل عالء الدين احلمد هللا الذي شرف سرير امللك بعليه، وحاطه منه بوصيه، : علي عن والده السلطان امللك املنصور فقال

عالء الدين بن عبد الظاهر رمحه اهللا تعاىل يف تقليد كتبه وعضد منصوره بوالية عهد مهدية وقول القاضيلركن الدين بيربس املظفر، عندما متلك عن موالنا أمري املؤمنني أيب الربيع سليمان أدام اهللا أيامه فافتتحه بأن

.إنه من سليمان وإنه بسم اهللا الرمحن الرحيم: قاللك الظاهر رمحهما اهللا تعاىل تقليدا بوزارة برهان الدين وكتب فخر الدين بن لقمان عن امللك السعيد بن امل

. ويف هذه اللمعة كفاية" . يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم : " السنجاري، افتتحه بقوله تعاىل .ولكن قد ظهر أوال أن الشاعر ال يلزمه الكاتب من مراعاة املطالع

كيف يستفيد الكاتب املنشىء

من التراث األديب

الثاين أن ميزج كتابة املتقدمني مبا يستجده لنفسه من : ال يف الفصل العاشر يف الطريق إىل تعلم الكتابةوقإال أن هذه الطريق مستوعرة جدا ، وال يستطيعها : إما يف حتسني ألفاظ أو حتسني معان مث قال: زيادة حسنة

ا وذللت فجاجها، وكنت أشح بإظهار إال من رزقه اهللا لسانا هجاما وخاطرا رقاما ، وقد سهلت يل صعاهب .ذلك ملا عانيت يف نيله من العناء

:وقد سلك هو طريقا والقاضي الفاضل طريقا: أقول

شتان بني طريقهم وطريقي... عاجوا إىل تلفي وعجت إىل الرضى ألثري أكثر ما جاء فإن القاضي رمحه اهللا، أذهل ملا أسهل، وابن األثري ساحمه اهللا أحزن ملا أحزن، على أن ابن ا

وأين . وليس هو بأيب هذه العذرة، وال ناظم تلك الشذرة. حل املنظوم، وتضمني األمثال: به يف طريقهومن وقف على ترسله، على حسن توصله إىل هذا الفن : كالمه من كالم الوزير أيب الوليد ابن زيدون

املستكفي إىل الوزير أيب عامر ابن عبدوس، ال سيما رسالته اليت كتبها على لسان والدة بنت . ولطف توسلهفإنه أتى يف هاتني الرسالتني بالغرائب والعجائب، وضمنهما . والرسالة اليت كتبها إىل ابن جهور يستعطفه هبا

من األمثال والوقائع وحل األبيات ما زاد، وضوع نده يف كل ناد، ألنه حشر فيهما فنادى، ونظم آلىلء .كل رسالة ذلك توأما وفرادى فجاءت وتبعث أطراب النهى وهتيج ... حيرك أعطاف املعايل مساعها

.إن نثره أشبه منه باملنظوم: حىت قيل. وهناك يعلم قدر هذا الرجل يف إطالعه، وبسط ظله وغاية ارتفاعهع حل وقد نثر ابن خلف احلماسة وزاد عليها يف جملدة ومسها باملنثور البهائي وادعى فيه أنه هو الذي ابتد

.املنظوم، كما أن اخلليل بن أمحد اخترع العروضوأما ابن األثري، فإنه أكثر من احلل، وأتى فيه مبا حرم وما حل، وزاد من رقمه يف بروده، وبالغ من نظمه يف

.عقوده وتقل فيه بكثرة اخليالن... واخلد هبجته خبال واحد

وحل املنظوم إمنا هو نوع واحد، وقسم لو . قرنه بالرثوأتى فيه بالسمني والغث، وما جاء فيه جبديد إال وفقد ما كان عليه واجد، وما مل متكن فيه خفة تروجه، وحالوة تقرنه بالسمع وتزوجه، مل يعلق بالسمع

فأي حسن لقريض . وما أمثله إال بعقد نثرت حباته، وروض صوحت زهراته. قرطه، ومل جياز بالقبول شرطهاللهم إال أن يكون املنشىء سليم الفطرة، قومي الفكرة، يستدرك . روض جفاه مزنهخانه وزنه، وأي نضارة ل

على الناظم ما فاته، ويرهف صارمه ويثقف قناته، إما باحتراز ما مل حيد عنه، أو اإلتيان مبالئم مل يتمكن ، أو بإتقان لضيق الوزن منه، أو باختصار ما يقوم املعىن بدونه، أو بزيادة زهر غصونه، أو جبودة سبكه

.وهنا تظهر القدرة املتمكنة، وتكون أدلة الفصاحة بينه. حبكه عذوبة وصل من يدعى فيأىب... فليس لوصل من يدعى فيأيت

وأما القاضي الفاضل رمحه اهللا، فإنه سلك طريقا غريبة، وأظهر فنونا عجيبة، زعم بعضهم أنه كان جل كان يستحضر أكثر كالمه، وبعضهم زعم أنه اعتمد على اعتماده على حفظ كالم ابن أيب الشخباء، وأنه

كالم ابن أيب اخلصال، وبعضهم زعم أنه اعتمد على كالم البديع وهيهات، ليس يف كالم واحد منهم تلك النشوة، وال ملتكلم غريه تلك اخلطوة يف نيل احلظوة، وال ملترسل حسنه الذي شق قلوب الرجال إن مل يقطع

هو خياطبك بالكالم، إذا به قد عاطاك كؤوس املدام، وبينا هو يناوح مهبك، إذا به قد بينما. أيدي النسوةسحر لبك، وبينا هو يتكلم مثل الناس على العادة، إذا به قد سرد الكواكب الوقادة، وبينا هو قد ألفتك

.رياظهره، إذا به قد أدار لك احمليا، وبينا هو يسايرك يف الثرى، إذا به قد تبختر عند الث

وإن كان سحرا إن ذا لعجيب... فإن كان من در فما الدر هكذا وها أنا أورد هنا من كالمه نبذة تكون لباقيه عنوانا ، وفلذة تكون بينه وبني غريه ميزانا ، من ذلك كتاب

وقف اخلادم على ما : كتبه يف وصف كتاب كتبه موفق الدين خالد بن مهذب الدين القيسراين بذهب وهوته أنامل احلضرة اليت إذا صاب سحاهبا روض لساعته، وإذا عدمت حقيقة السحر فهي اليت نفثها بيانه يف دجب

روع يراعته، فانتقل من االستحسان إىل التسبيح ألن حروفه شذور السبح، وخلص التفضيل من الترجيح ار، وليلة قد وشحت فتناول منها جنة قد زخرفت بن. بأول ما صافح الطرف من الطرف واللمح من امللح

بنهار، وروضة قد سقيت بأهنا عقار، وغصون أقالم قد فتحت بنوار نضار، وعارض ذهب قد أذيب يكاد فتعاىل من أالن لداود عليه السالم احلديد وهلا الذهب، وأيقظ به جد هذه . سنا برقه يذهب باألبصار

يد ابن البواب للضرب ال للطرب، وأن قيمة الصناعة بعد أن نام بني األنام فهب، وأعلم الناس أن القلم يفلك منها ومنه ما به يف هذه الصناعة كتب، وحالها بتمام البدور وأعطاه ما أعطى أباه هالال من احملاق،

.وأخر زماهنا وقدم زمانه ورزقها السبق وحرمه اللحاق

على عناق قدودها النواعم، فمن ألفات ألفت اهلمزات غصوهنا محائم، ومن الم ألفات بعدها حيسدها احملبومن صادات نقعت غلل العيون الصوادي والقلوب احلوائم، ومن واوات ذكرت مبا يف جنة األصداغ من

العطفات، ومن ميمات دنت األفواه من ثغورها لتنال جىن الرشفات، ومن سينات كأهنا التأشري يف تلك الظهور، ومن جيمات كاملناسر تصيد القلوب اليت الثغور، ومن داالت داالت على الطاعة لكاتبها باحنناء

ختفق لروعات االستحسان كالطيور، وفها ما تشتهي األنفس وتلذ األعني، وخالد فيها خالد، وحتيته فيها فهي اليد اليت تنظم تيجان امللوك . احملامد، ويده تضرب يف ذهب ذائب واخللق تضرب يف حديد بارد

وما كنت قبل يدها أحسب أن سحابا متطر . اطيسها مبا تظهره من تربهابدرها، وتظهر آية الكرم على قرنضارا ، وال أن ماء يستمد نارا ، وال أن أقالمها سيوف قد سفكت دم املال فأجرته أهنارا ، وال قبل حلظها

أن الشفق ال يشفق من طلوع الفجر، وال أن لون الوصل ينفض على لون اهلجر، وال أن الليل يتشبث لربق فال يرمي، وال أن ذهب األصيل جيري به سواد الليل البهيم، وال أن يدا كرمية تدعي من آيات بعطف ا

قلمها ومعجزات كرمها أن اجللمود هبا يفارق اجلمود، وأن الرباعة تسري فرقدها على الظما فيشافه منهل وال أقالمها إال حطبا أوقدته النضارة املورود، وما كانت خطوط الفضالء إال جتربة بني يدي حتريرها اآلن،

على الذهب فذاب هلا والن، وال حيسب اخلط إال حيسب بيدها فغريت له أثواب احلداد وجلت عرائس حروفه مضمخة األجساد باجلساد، وأطلعت إنسان عني اإلحسان بدليل كونه مل يلمح إال يف سواد، وسجد

قه ألن اجلنان حياور منه حور اجلنان، وكيف ال له والسجود فرضه ألنه دون التيجان، وقبله والتقبيل حيفضل جوهرها بأن يفصل، وتقابل حروفها بأن تقبل، وقد كتب الناس باليد وكتب بالعني، وحصل الناس

من هذه الصناعة بعد حرب حنني على خفي حنني، وفازت مبا أظهرت من نروهتا للنظار من النضار، ار سطرا بألف دينار، وأن له يف هنارها بل يف أهنارها سبحا طويال وصحت هلا الكيمياء، ألنه كتب بشطر دين

، وأهنا على خفة وزهنا وقلة أسطرها لتكلف من الشكر عبئا ثقيال ، وكيف ال خيف ميزان الثناء على أهنار

حجته بذائب ذهب، وكيف يضل وفد الشكر وقد هدته بذوائب هلب، وقد نشره وطواه حىت كاد أن ه ناظر ال يسأمه، فكان آخر ما تأمله أول ما رمقه، ومأسى الفتنائه يعبد مذهبه على حرف خيلفه، وأسام في

أو على ورقه، وورده إذ يقسى ورده فازداد عطشا على كثرة العل والنهل، وأعشاه إذ أغشاه وكثرة النور .تعشى ناظر املقل

وصارت أمشاجا، ورقت فخالطت أما اخليام فقد بليت: ومن ذلك ما وصف به اخليام من مجلة كتاب وهوففيها من السماء رقاع، وكأمنا . كأس الغمام مزاجا ، ولقيت معنا الشدة وكانت شدتنا أن رأينا هبا انفراجا

أخذها يف شق الثياب مساع، وإذا هبت الرياح فهي بتقدمها وتأخرها يف نزع حثيث، ونزغ من الشيطان هي بعد يف عقالنا، إن أرسلت الريح آية ظلت أعناقها هلا خبيث، طلقتنا وهي بعد يف حبالنا، وطعنت و

خاضعة، وإن قعدنا فيها فعلى قارعة الطريق وهي قاعدة على طريق القارعة، وإن وقعت ليال فما لوقعتها هبا للدهر جراح اإلبر ال تقطبها، ومنها على الدهر أطالل تصدقها العني تارة وتكذهبا، وقد . اخلافضة رافعة. مل يبق يف أدميها بشرة تعاتب، وال يف صربها مسكة جتاذب. ها وانشقت، وأذنت لرهبا وحقتفرجت مساؤ

كأهنا وأخواهتا إذا هبت الرياح اجملرمون رأوا العذاب، وتقطعت هبم األسباب، حبيث ترى محاها نافضا، الشرار أطاره والعارض قد دخل عليها على احلقيقة عارضا ، فعمدها األغصان هزها البارح، وشرائطها

القادح، وأما إذا نشأت السحائب فسلت سيوف برقها، وسلسلت سيول ودقها، فإهنا أمام تلك السيوف تود ما ود ابن نوح يوم ال عاصم، وتراها كبط املاء وحنن بني غريق . جرحى، ووراء تلك السيول طرحى

.لشتاء بربد بردنضرهبا يف كل يوم فوق احلد، ونأخذها يف املصيف حبرب حر يف ا. وعائم

املستقر ببعرين، حيث أخرجت السماء أثقاهلا وفتحت من : ومن ذلك كتاب أصدره من بعرين، وهوعزاليها أقفاهلا، وركضت خيل الرعود البسة من الغيم جالهلا، وثوب الليل مباء الغمام غسيل، وشبح

زح ناز، وكأن عقارب الظلماء الظالم بسيف الربق قتيل، وغراب األفق يف اجلو باز، إال أنه يف قوس قبالثلج أفاع، فليكن ليل قرينتها ليل السليم، وكأن مواقع الرعد قعاقع حلي الغواين فهو ال ينام وال ينيم،

وكأن الصباح قد ذاب يف الليل قطرا، وكأن الربق ملا ساوى الغمام بني صديف الليل والنهار قد قال آتوين ليل املغدف فما يطري، وأبطا محام الصبح خالف ما حناه يف رسالة نوح أفرغ عليه قطرا، وقد ابتل جناح ال

فما يسري، والرياح وقد أعصفت فقصفت عيدان جند ورمتها، وخيوهلا قد ركضها السحاب فكان الربق .حتجيلها ورمثها

فأما اخليام اليت قد نضجت جلودها بإيقاد الشمس واسودت، مث نضحت بدموع الغمام فتراخت أجفاهنا فما هي إال أعني سال منها بالدموع كحلها، وخيول دهم حل عنها بالرياح من األطناب . بعدما اشتدت

شكلها، وال يزال اخلصام بينها وبني األهوية إىل أن تشق الثياب من حرهبا كما شقها السحاب من طرهبا، حها، وخرجت بالرياح وهيهات سلبت يف البيكار أشبا. وحنن ندأب يف عقد ظنبها، لندخل يف عقد حسبها

. فالشمس إن طلعت ألقى الشرق جامات تقر على العيان، ال دنانري أيب الطيب اليت تفر من البنان. أرواحهاوما الذت جبانبها الرياح، وأبت على األطناب من إرساهلا يف عنان اجلماح، إال أشبهت قطاة غرها شرك

.وقد علق اجلناح، وقذاة هزها درك وقد أبت الرباحوقد زادت السيول إىل أن صارت هذه اخليام عليها فواقع، ومههم الرعد قاريا فاستقلت قيامها بني ساجد

فال يزال نبل الوبل مغرقا، وال أزال على . وأنا فيها كعثمان يف داره، واخلطب قد أخذ يف حصاره. وراكعوال كفران هللا فإين ملقى . اء علقا وقد رجعنا إىل النشأة األوىل فعدنا يف هذا امل. نفسي من السيل خمندقا

وما كنت أخشى أن ينقلين . على طرق الطوارق، ملقا ما شاب العيش من فراق يشوب بالشيب املفارقالدهر من درجة جمانيه املقتطفة، إىل مدرجة جماريه اجملتحفه، ولن يرى أعجب مين ممحال وأنا أشكو الغدران

وقبح اهللا بعرين، وإن استجن أسد اإلسالم منها بعرين، . ايل املاطرةالغادرة، وجمدبا أتظلم من ظلمات اللي .وأنا بريء منها بعدد رمل يربين

وتلك اجلهة وإن كانت غريبة، فإن الغرب مستودع األنوار، وكنز دينار الشمس ومصب أهنار : ومن ذلك .النهار

ن كانت سيفا فقد تعرض للحد من وباجلملة، إن كانت البالغة دينا فقد أحلد من ال يوحده وإ: ومن ذلك .ال يقلده، وإن كانت فراشا فقد نفي عن ظهر البالغة ماال يلده

فلو ملكتم الدهر المتطيتم لياليه أداهم، وتقلدمت أيامه صوارم، ووهبتم مشوسه وبدوره دنانري : ومن ذلكم خامت ونفس حامت يف نقش ودراهم، وأيامكم أعراس وكأنه ما مت على األموال فيها مآمت، واجلود يف أيديك

.ذلك اخلامت .فروح اهللا تلك الروح، وفتح هلا أبواب اجلنة فهي آخر ما كانت ترجوه من الفتوح: ومن ذلك

واهللا إن صنيعته كالشمس وضوحا ال أجحدها، ولو جاز أن تعبد الشمس يف : ومن ذلك يف شرك صنيعه .فر، وال وضعت يدا إال يف شاكردين اهللا لكنت أعبدها، فإهنا مشس ما ألقت يدا يف كا

ولو بلغ القول مين إىل السمع ملا بلغ إىل القلب، ولو رأيت سيفه خضيبا من مقره يف صدري ملا : ومن ذلك .استشعرت احلرب، ولو صمم على الضرب حلركته حىت يصري من الضرب ال من الضرب

منها جبرية تتربج وعلى أذن والقلوب طيبة، والغيوث صيبة، وقد صار على عطف كل زرع: ومن ذلك .كل قرط منها لؤلؤة تترجرج

فال عدمت تلك األنفاس من النفائس، وتلك العقائل العرائس، وتلك اجلواهر اليت تسرين أن : ومن ذلك .تفضح عرضي، وتلك السهام اليت هي واهللا غرضي

.ووثقنا بنجح الطلب، وأمسكنا بقرون محاة فحصلنا على حلب حلب: ومن ذلكن ذلك يف ذكر النيل يتدافع تياره دافعا يف صدر اجلدب بيد اخلصب، وترضع أمهات خلجه حىت أبناؤها وم

.بالعصف واألبواملهامه قد نشرت ما مألها من مالء السراب وزخر فيها ما ولد لغري رشده على فراش : ومن ذلك .السحابفبصفحهم أمضى اهللا حدهم، وبعفوهم وإن يصفح عنه الصفح اجلميل املألوف من هذا البيت، : ومن ذلك

.أجنح اهللا جهدهم، وباتباعهم ألبيهم رمحه اهللا عليه أعلى اهللا سبحانه جدهم

.واهللا بيننا وبني البني، فما أكثر فضوله ودخوله بني احملبني: ومن ذلكملخفي وكل وقد وصل كتابه الكرمي جوابا بل ثوابا عن كتايب العايف، وأسفر بشر صفحة بره ا: ومن ذلك

.بشر ال إخفاء معه فهو بشر احلايفوالقصائد أنا مترقب وصوهلا بأي خط اتفق، فعربيتها ال تغوهلا عجمة الناقل، ونور حقها يعرف : ومن ذلك

.من ظلمة الباطل، وما يضر حماسن سحبان أن جتري على لسان باقلاألكرب، مطاعا بنفاذ تصريفه األبيض سعدا ال يصوح منه مربعه األخضر، أمنا ال حيزنه الفزع: ومن ذلك

.واألمسر، حمبوب القلم حىت لو عاداه السيف لقيل له إن شانئك هو األبتروال أعدمين تفضله الذي تفض له صحائف الود، وتفاظ عليه طرائق احلمد، وعهده الذي مجع : ومن ذلك

.إىل بقاء اآلس نضارة الورد، وإىل رواء الروض ري الورد .ىل أن تنجلي عنا هذه الغمره، وإىل أن جتف مناديل العيون فإهنا كانت بالدموع عصرهوإ: ومن ذلكوفداه بأوليائه وإخوانه، وال كرامة ألعدائه وال نعمة حلسده، وأبقى على الدهر سؤدده الذي : ومن ذلك

.أجار بنيه من سوء دده .ولقياين بالفتح ولقيتهما بالضم ورد من سيدنا كتابان شرحا الصدر وسرا السر وسريا اهلم،: ومن ذلكورد املثال الشريف من الديوان العزيز، فأىب له الضالل نوره، وأناله اهلدى واهلدو إسفاره : ومن ذلك

وسفوره، وجال وجله مال أمله حبوره وحبريه، وما عدت أن غدت جنته وجريره جنته وحريره، وراض ه، وحال عنه اآلثام وأحله الدرجات العال فهو سواره طرف طرفه يف روض أنف أنف أن يعرب عنه إال عبري

.وسوره وسريرهقسم فعدل، وأجزل فأفضل، وبلغ فلم يكن يف بالغ بالغ، وفتح زهرا ما كان مثله ما يطول : ومن ذلك

.إليه باع باغ، فلله هو من كتاب وهللا قلمه، فهذا أورد ما ساغ، وهذا قلد ما صاغ اجلمال فاهللا جيمع املال على اجلمال ويرحيه من اتفاق هاتني السجعتني حىت فأما الكتاب إىل غرمي: ومن ذلك

.يكون اجلمال اجلم املالوالفضل بيد اهللا يؤتيه أهله، وقد زاده منه فال عدم فضله، فما جياريه جمار إال محق وكان يف : ومن ذلك

.طريق السيل بقله .نار ويف كل دار من فضله جنة ومن ذلك كل لفظة موصولة بأنة، ويف كل قلب من حزنه

فما وصلت إىل مكان العافية منه، إال وقد امتقعت واقتطعت وقلت بقية السلف الوضاح، : ومن ذلك .وسحاب الفضل حوشي أن يضف حىت يكاد يرفعه من قام بالراح

.وأغناه حبراسة لفظه عن احتراسه، وأغىن امللك عن إعمال سهمه بقرطاسه: ومن ذلكدام سيادته على أهله، وأعاذه خبصب رحله من حمل حمله، وال عدمنا من لفظه ما يشهد أنه وأ: ومن ذلك

.الشهد حقا ال حنلة حنله وال حنيلة خنلهوأهلك كل عدو له وأذله، وجعل احلياة قذى وأذى له، ووقفت منهما على البالغة املسرودة : ومن ذلك

اليت اجتناها من شجرة البالغة الطيبة، ومن الناس من جيتين املوضونة، واجلواهر الثمينة املكنونة، والثمرات

.من الشجرة امللعونةهو ذلك الفرع الذي سقاه حىت التف يف ورقه، وخطر يف سندسه وإستربقه، وشافه منه بياض : ومن ذلك

.الفجر بعدما كان ال يظفر بأزرقهمشتملة، وعذبات ألسنتها على وجهه وبات الناس باحلصن مطيفني والنريان هبم مطيفة وعليهم: ومن ذلك

مسدلة ومن خلفه مسبلة، ولفحاهتا جهنمية وقودها الناس واحلجارة، والبالء ينادي طربية وإياك أعين .وامسعي يا جارة

واخللق له يف دار الدنيا ضيوفا ، ودين دين . وال زالت امللوك ببابه وقوفا ، واألقدار له سيوفا : ومن ذلك .إذا جرد لتقاضيه سيوفا أن سيوىف احلق يعلم الناس

كيف رأيت هذه الدرر املتسقة واحملاسن املتفقة ؟ هل أتى غريه هبذا النمط، أو ظفرت هبذه النكت يف : أقول :ذخائر الكتاب قط

فال تذله بإكثار على السوق... هذا كالم عن األمالك حمتجب .سه، وتشرق مشوسهوسوف يرد له يف أثناء هذا الكتاب ما تدور عليه كؤو

الصفدي ينتقد ابن األثري يف بعض من إنشائه

.إال من ملكه لسانا هجاما وخاطرا رقاما : وأما قول ابن األثري رمحه اهللا يف هذا الفصل الذي قدمتهمث إن استعارة الرقم للخاطر بعيدة، وإمنا : ما أدري ما أقوله يف هذا، أي مناسبة بني هجام ورقام: فأقولوما معىن اللسان اهلجام، ولو قال لسانا قواال ، وخاطرا جواال ، أو لسانا . لليد حقيقة وللقلم جمازالرقم

. حاد الغرب، وجنانا ال يهاب احلرب، أو لسانا نظاما ، وبنانا رقاما ، أو ما أشبه ذلك لكان أحسن

اهللا قد جعل حتت خاطري من ومن وقف على ما ذكرته علم أين مل آت شيئا فريا ، وأن : قال يف هذا الفصل .بنات األفكار سريا

أقول إنه هنا يف مقام تعظيم ملا أتى به يف فن الكتابة من حل املنظوم واآليات الكرمية، فقوله، شيئا فريا ينايف ما أتيت شيئا عظيما ، أو شيئا خمتلقا : هذا املقام، ألن الفري العظيم أو الشيء املختلق املصنوع، فإذا قال

.صنوعا ، مل يكن ذلك مناسبا موأما السري فإنه النهر الصغري، ومن ذهب إىل أنه عيسى عليه السالم، مبعىن أنه واحد من سراة الناس، فإنه

.غلط منه :قال لبيد يصف محر الوحش

مسجورة متجاورا قالمها... فتوسطا عرض السري وصدعا .ني اململوءةصفة للع: واملسجورة. النهر الصغري: فالسري

:وما أحسن قول أيب املقدام اخلزاعي من مجلة قصيدته املشهورة يف اللغز ماكثا ما يريد عنهم زواال... وسريا رأيته وسط قوم

حني دارت رحاهم أبواال... تشرب اخلمر دونه وسقوه ل من قال هو كناية وسياق اآلية الكرمية يدل على بطالن قو. هو النهر الصغري وعليه سياق الكالم: السري

أي كلي من الرطب اجلين، واشريب من النهر، " وكلي واشريب : " عن عيسى عليه السالم ألنه تعاىل قالوإذا ثبت هذا فما أدري ما معىن قوله حتت خواطري من بنات األفكار سريا فإن أراد الذي ذهب إليه من

ل سريات ألنه صفة لبنات، وإن كان املراد زعم السري هو عيسى عليه السالم، فكان ينبغي له أن يقو .النهر فال معىن له

.علم أين امتألت من ذلك ريا ، وأن اهللا قد جعل حتت فكري من هذا النوع سريا: ولو قالوالذي يعلمها منهم يرضى باحلواشي واألطراف، ويقنع من آللئها مبعرفة ما يف : قال أيضا بعد ذلك

.األصدافويترك الآلىلء : هذه القرينة الثانية ما هو ؟ فإنه ما يف األصداف إال اللؤلؤ ولو قالما أدري معىن: أقول

.ويضم األصداف، لكان أحسنولو استخرج منها ما استخرجت، واستنتج منها استنتجت هلام هبا يف كل واد، وتزود إىل سلوك : قال

.طريقها كل زادهلام هبا يف كل واد، وارتفع هلا يف مظهر : ولو قال. حتتهاهذه السجعة األخرية حملولة باردة ال معىن: أقول

.الربا واخنفض يف مضمر الوهاد، لكان أحسن

ادعاء ابن األثري اإلبداع يف رسالة له

يف ذم الشيب

والعيش كل العيش : ومن ذلك ما ذكرته يف فصل من كتاب يتضمن ذم الشيب فقلت: قال يف هذا الفصلبعدها فال يدعى إال بسن الغثاثة، وليس بعد األربعني من مصيف للذة وال مربع، يف سن احلداثة، وما يأيت

وهي هناية القوة الصاحلة من الطبائع األربع فإذا جتاوزها املرء أشفت مثار عمره على خرصها، وصارت قمص زيادته كزيادة التصغري تدل على نقصها، ويصبح بعد ذلك وهو يدعى أبا بعد أن كان يدعى ابنا، ويت

إال : وإن قيل إن أحسن الثياب شعارا البياض قيل. من املشيب ثوبا ال جيتر ذيله خيالء وال يزهى به حسناهذا الثوب فإنه مستثىن، ويكفيه من الفظاعة أنه ينظر األحباب إليه نظر القال، ولوال أن اخلمود بعده ملا

خلضاب، وليس ذلك إال حدادا على فقد ومن الناس من يدلس لونه بصبغة ا. استعري له لفظ االشتعالوخداع النفس أن تسلو عن . الشباب، وهو يف فعله هذا كاذب وال خيفى أنس الصدق من وحشة الكذاب

بسره املعطلة وقصره املشيد، وحيسن هلا اخلروج يف ثوب مرقع وهي تراه بعني الثوب اجلديد مث قال وبعض :وهو قوله. هذا مأخوذ من شعر ابن الرومي

حدادا على شرخ الشبيبة يلبس... أيت خضاب املرء بعد مشيبه ر .غري أن يف هذا الفصل معاين كثرية ال توجد يف كالم آخر

.قد ادعى أنه ابتكر ما فيه هذا الفصل من املعاين، وأنا أذكر أبياتا تدل على أخذ كالمه منها: أقول :قال أبو الطيب

املرء ولى فإذا وليا عن... آلة العيش صحة وشباب :وقال التهامي أيضا

فإذا انقضى فقد انقضت أوطاري... وطري من الدنيا الشباب وروقه :وقال ابن أيب حصينة

إىل أن جيوز األربعني وينحط... كأن الفىت يرقى من العيش سلما :وقال سبط التعاويذي ر بالشيب نشاطي... وعلو السن قد كس

يف احنطاط وهو أخذ... كيف مسوه عوا :وقال أبو الطيب يف معىن أن زيادة التصغري نقص

له يائي حروف أنيسيان ... وكان ابنا عدو كاثراه

:وما أحسن قول ابن قالقس أعيت على الفطن الفصيح األلسن... يف أمر توقيعي وأمري سرية كالضيف ملا ازداد نون الضيفن... حكمت زيادته عليه بنقصه

:بوقال أبو الطي فقد رأت انتقاصي يف ازديادي... مىت حلظت بياض الشيب عيين

:وقال ابن صردر أبكي ألن يتقارب امليعاد... مل أبك أن حل املشيب وإمنا جفت على آثاره األعواد... شعر الفىت أوراقه فإذا ذوى

:وقال ابن عبد ربه نسب يزيدك عندهن خباال... وإذا دعونك عمهن فإنه

:أبو الطيبوقال ألنت أسود يف عيين من الظلم... أبعد بعدت بياضا ال بياض له

:وقال الغزي زهرة العيش زهرة يف القذال... أوهنت زهرة احلياة وأذوت

رأس أن اخلمود يف االشتعال... كاد خيفى علي قبل اشتعال ال ضها، وقام بنقلها يف الناس وفرضها، وهو أخذ املكارم من مسائها وأر: ومن هذا املعىن قويل أيضا : قال

فاحملرم للعائذ حبرمه، وصفر للطامع يف مسعاة . وحتلى بأمساء الشهور حىت أصبح بعضها حاسدا لبعضها .وهذا مأخوذ من قول الفرزدق. قدمه، وربيع لرائد نواله، ورجب ألقوال عذاله

ويف األخرى الشهور من احلرام... يداك يد ربيع الناس فيها .د قال الشعراء يف ذلك كثريا، ولكين أنا تصرفت تصرفا مل يتصرفه أحد غرييوق

وقد استعمل الناس أمساء الشهور فجاؤوا هبا عذبة حلوة . أي تصرف، وما نكر شيئا إال وتعرف: أقول :كقول القائل يف خبيل. متمكنة

مجادى وما ضمت عليه احملرم... حتلى بأمساء الشهور فكفه .فأحسن كل اإلحسان وقال اآلخر

مورد اخلد مليح الشنب... وشادن مبتسم عن حبب وما درى شعبان أين رجب... يلومين العاذل يف حبه

.كانت العرب تسمى شعبان العاذل، قبل اإلسالم، ورجب األصمعده، توىل اهللا حتقيق مقصده، وترويق مورده، وتشييد مباين أس: وما أحسن قول القاضي الفاضل رمحه اهللا

وختليد مغاين سؤدده، حىت تنتظم مواهب اهللا لديه مثىن وفرادى، ويلبس أمن رجب يف شعبان وخصب ربيع .يف مجادى

فهو املاء إال أنه الزالل، والسحر إال أنه احلالل، والورد النضر إال أنه بعيد العهد من املالل، : وقوله أيضا فسجد : وقوله أيضا ويعود إىل ذكر كتابه. ن وخصب شوالوأيام الوقوف عليه أيام أعياد بني طهارة رمضا

حملرابه وسلم، وحسب سطوره مباسم تتبسم، ووقف عليه وقوف احملب على الطلل يكلمه وال يتكلم، .وهطل جفنه وقد كان مجادى بدمعه وقد كان على خده احملرم

:وقول ابن سناء امللك املليحة مكسال فلم زعموا أن... نشيطة حسن القد واخلد واحللى فيا رمضان قد أظلك شوال... أطل على نسكي هبا جهل صبويت

:وأما استعمال أمساء الشهور موراة، فمن أحسنها قول القاضي حميي الدين عبد اهللا بن عبد الظاهر ذاك اخليايل وأصحابه... إياكم أن تنكروا جعفرا خميل خيرج يف بابه... فنيل مصر كم له جعفر

.أصنع هذين البيتني وألطف هذا التخيلما :وقول ابن قزل

وكرهنا مساع قال وقيل... قد ضجرنا من ماء تل العجول حر متوز آب يف أيلول... ومن احملنة اليت حنن فيها

:وقول أسعد بن ممايت وأشبه الزهر الزهر... قد نفث السحر السحر

ثياب أوراق الشجر... وبل كافور الندى حمرم الروض صفر... ليب مذ رأى والعند

:وقول السراج الوراق من أبيات

ج هبا فضاعفت التهابه... وأراد اطفاء السرا ر حديثنا يف الناس بابه... وحوى هبا طوىب فصا :وقول ابن الساعايت

خيشى فريجى ويف أحكامه عمر... ليوسف يوسف إن أزمة عرضت اخلزائن من أمواله صفر حيث... كل الشهور ربيع من فواضله

مناقشة مثال البن األثري

والصرب خري ما استعمل يف جفاء : ومن ذلك ما ذكرته يف استصالح مودة وساق الفصل ويف آخره: قال . اإلخوان، واملاء إذا جرى يف مكان مث احنرف عنه فال بد وأن يعود إىل ذلك املكان

رف عن مكان، إمنا ينحرف باستفال املوضع الذي احنرف إليه فإن املاء إذا احن. ما أدري ما معىن هذا: أقولوحينئذ يرجع املاء القهقرى . إما بأخدود حيفر، أو بتهدم من نفس األرض. عن املوضع الذي احنرف عنه

ومىت كان األمر كذلك . هذا الذي يفهم من لفظة احنرف املاء. وينعطف عن املرتفع، وينحدر إىل املنخفضإليه، اللهم إال أن يدعي أن مدد املاء يقوى دفعه فيزيد إىل أن يعلو املنخفض، ومل جيد له حيزا فال يعود املاء

.وهذا غري مفهوم من جمرد كالمه. يشغله غري ذلك الذي احنرف عنهأو فإن املاء إذا . فإن الغيث إن أقلع صوبه عن مكان، فال بد وأن يعود يف وقت إىل ذلك املكان: ولو قال

أو إذا قطعت سقياه عن مكان أو ما . جريته يف وقت، فال بد أن ينعطف على ذلك املكانجفا موضع .ناسب ذلك، غري لفظة احنرف .وقد يعود املاء إىل مشرعه، والكوكب إىل مطلعه: وما أحلى قول القاضي الفاضل

:وما أحسن قول القائل يف معىن قول ابن األثري الصرب لكن من طريق التجمل على... سأصرب صرب احلر من غري قدرة

علي فتلقاين بوجه التفضل... لعلك يوما أن تردك رمحة

مناقشة مثال آخر البن األثري

اخلمر ال تفي لذة إسكارها بتنعيص مخارها، فهي خرقاء : ومن ذلك ما ذكرته يف وصف اخلمر وهو: قالوقد عرف منها سنة اجلور يف . ل واألديانالبنان، بذيئة اللسان، وتأنيثها يدلك أهنا من ناقصات العقووهذا أحسن من قول الشاعر وأغرب . أحكامها، ولوال ذلك ملا استأثرت من الرؤوس جبناية أقدامها

:وألطف، ألنه قال زمنا تداس بأرجل العصار... ذكرت حقائدها القدمية إذ غدت

منهم فصاحت فيهم بالثار... النت هلم حىت انتشوا ومتكنت أما إضافة البنان واللسان والعقل والدين إىل اخلمر، فإنه من الغريب وأغرب من ذلك أن جعل : أقول

للرؤوس أقداما، وأغرب من هذين كونه يدعي أن كالمه ألطف وأحسن وأغرب من قول الشاعر، والفرق لو نسب ذلك وكأنه أراد أن يد معاقرها خرقاء، ولسانه بذيء، وعقله ودينه ناقصان و. مثل الصباح ظاهر

وإمنا إضافة اجلوارح والعقل والدين إليها فغري جائز إال بتأويل . إىل الندمان يف ذم اخلمر لكان قادحا فيها .بعيد إىل الغاية

:وما أحسن قول أيب متام كتالعب األفعال باألمساء... خرقاء يلعب بالعقول حباهبا

:وقول القائل سرور وتطرد اهلماحتوي ال... وصف املدامة شاربوها أهنا

أرأيت عادم دين مغتما... صدقوا هفت بعقوهلم وبدينهم :وقول ابن سناء امللك

وإن فتنت من حسنها كل جمتلي... عروسكم يا أيها الشرب طالق فقالت وجنات النعيم مؤجلي... دفعت هلا مايل وعقلي معجال

يا أمري املؤمنني، إمنا وصلت إليك بعقلي فإن رأيت .فقال. إن سليمان بن عبد امللك ناول نصيبا قدحا : قيل .أن ال تفرق بني عقلي وبيين فعلت وقول السراج الوراق

جاوز احلد فاستمع ما يعد... شؤم أم اخلبائث اخلمر شوم ووق صلب وللمعاقر جلد... فلها يف الدنان حبس وللرا

إما أن يعود إليها أو إىل الرؤوس وكالمها : مري ال خيلوالض. فاستثأرت من الرؤوس جبناية أقدامها: وأما قوله .غري جائز

:وما أحسن قول ابن زهر إال شبيلي قد غاهلم يف السكر ما قد غالين... وموسدين على األكف خدودهم حىت سكرت وناهلم ما نالين... ما زلت أسقيهم وأشرب فضلهم ا فأمالينإين أملت إناءه... والكأس تعلم كيف تأخذ ثارها

:وقال أبو متام من قصيدة على ضغنها حىت استقادت من الرجل... إذا اليد نالتها بوتر توقرت

وصرعهم باجلور يف صورة العدل... وتصرع ساقيها بإنصاف شرهبا ما أحسن ما استعمل املتنيب هذا يف وصف . وتأنيثها يدلك أهنا من ناقصات العقول واألديان: وأما قوله :فقال الدنيا

ري لذا أنث امسها الناس أم ال ... شيم الغانيات فيها فما أد

لوال التغرب ما ارتقت بنات األصداف إىل شرف : ومن ذلك ما ذكرته يف احلث على االغتراب وهو: قاليف االنتقال : وكذلك قويل يف هذا املعىن وهو: األعناق، وال ارتقى تراب األحجار إىل نور األحداق مث قال

ويه خلامل األقدار ولوال ذلك مل يكنس اهلالل حلة اإلبدار، واملندل الرطب حطب يف أوطانه، واملسك دم تنيف سرر غزالنه، ولوال فراق السهم وتره مل حيظ بفضل اإلصابة، ولوال فراق الوشيج منبته مل يتحل بعز

.البنان وال شرف الذؤابةفمنه ما هو مأخوذ من الشعر، . تسن للخواطر ابتناء مبناهوهذا الفصل فصل من القول يف معناه، ومما مل ي

.ومنه ما سنح به اخلاطر على غري مثال وهو يشهد لنفسهولو قال يف أحدمها ما اتصل أو ما مسا أو غري ذلك . قوله ارتقت أوال ، وارتقى ثانيا فيه عي لتكراره: أقول

:وقد عيب على الصاحب بن عباد قوله. موكذا ابتناء مبناه، ومثل هذا يعاب يف الكال. لكان أحسن وأنسب لكن باملفاخر أنسب... أشبب لكن باملعايل أشبب

ويب ظما لكن من العز أشرب... ويب صبوة لكن إىل حضرة العال .ومسيت القصيدة الالكنية لكثرة ترداد لكن فيها :من ذلك قول ابن صردر. وكل هذه املعاين تداوهلا الشعراء وأكثروا منها

ودع الغواين للقصور... قلقل ركابك يف الفال در البحور إىل النحور... لوال التغرب ما ارتقى :وقول سبط التعاويذي

فالدر ما عز حىت فارق الصدفا... قالوا انتزح وتغرب تكتسب شرفا :وقول ابن قالقس

سار اهلالل فصار بدرا... سافر إذا حاولت قدرا طيبا وخيبث ما استقرا. ..واملاء يكسب ما جرى

سة بدلت بالبحر حنرا... وبنقلة الدرر النفي فإن ابن قالقس تويف سنة سبع وستني . وابن قالقس وابن األثري رمحهما اهللا تعاىل من أهل عصر واحد

وابن األثري تويف سنة سبع وثالثني وستمائة ومولد ابن قالقس سنة اثنتني وثالثني ومخسمائة، . ومخسمائة .فعمر ابن األثري أكثر. ولد ابن األثري سنة مثان ومخسني ومخسمائةوم

:وقول ابن الساعايت وهو من أهل عصره وإن حل مغناها كواعب عني... وكن غانيا عن كل أرض بأختها

ألنكره حنر وصد جبني... فلوال فراق الدر أصداف حبره :وقول القائل

والسهم لوال فراق القوس مل يصب ...األسد لوال فراق الغاب ما افترست والعود يف أرضه نوع من احلطب... والترب كالترب ملقى يف مواطنه

:وقول أيب العالء املعري حىت يسافر لدهنا عن غابه... والسمهرية ليس يشرف قدرها

:وقلت أنا من هذه املادة

إال دما يف سرة الغزالن... سافر تنل عزا فما مسك الورى بذؤابة خفقت وتاج سنان... ملا فارق الوطن اغتدى والرمح

:وقلت أيضا كالدر سار فصار يف التيجان... سافر تنل رتب املفاخر والعال

ما فارقته معرة النقصان... وكذا هالل األفق لو ترك السرى فوس على حبها، أنكاد الدنيا مشوبة باألشياء اليت جبلت الن: ومن ذلك ما ذكرته يف ذم الدنيا وهو: قال

وكل ما تستلذه األبدان من مآكلها فإنه يضرها من جهة طبها، وهلذا تذمم من منفعة اهلليلج ومضرة وأعجب من ذلك أنه ال ينتفع اإلنسان بشيء من لذهتا إال ضرته من جهة ثوابه، فهو كالذي . اللوزينج

مثال، وقيل إن كل ما ينفع الكبد وقد ضرب لذلك مثل من األ. ينتفع باصطالء النار وهي حمرقة ألثوابه .مضر بالطحال

انظر إىل هذه الركة والعامية، أال تراه أشبه بشيء بكالم العجائز قوابل النساء إذا أخذن يعظن : أقولأتراه ما مسع بشيء من كالم علي بن أيب طالب رضي : ويضربن األمثال، أكذا توصف الدنيا يف حالة الذم

ما أصف من دار أوهلا عناء، وآخرها فناء، حالهلا حساب : صف لنا الدنيا فقال: اهللا عنه إذا قال له رجلوحرامها عذاب، من استغىن فيها فنت ومن افتقر حزن وال بشيء من بعض أقوال احلكماء فيها كقول

الدنيا أمل بني يديك، وأجل مطل عليك، وشيطان فتان، وأماين جرارة العنان، تدعوك فتستجيب، : بعضهم .وها فتخيبوترج

:أما مسع بزهديات أيب نواس اليت منها وذو نسب يف اهلالكني عريق... وما الناس إال هالك وابن هالك

له عن عدو يف ثياب صديق... إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت أما مسع . لو وصفت الدنيا نفسها، ما وصفت بأكثر من قول أيب نواس: حىت إن الرشيد أو املأمون قال

شيء من أقوال أيب العتاهية، وصاحل ابن عبد القدوس وحممود الوراق، ومن تعرض لذمها من الشعراء باألول من . أما مسع بقول الزخمشري حتلني هلم مث مترين، وحتلني هلم مث مترين.. كاملتنيب وأيب متام وغريمها

أليس يقول يف بعض . عري يف ذم الدنياأما وقف على رسائل امل. احلالوة واملرارة، والثاين من احللول واملرورفلو كانت الدنيا عروسا لطلقت ولكنها أم أملقت، حيبها ولدها على العقوق، وتصدهم عن إدراك : رسائله

سؤتين غانية، فكيف . أعييتين بأشر، فكيف بدردر: احلقوق، مالنا ومالك أم دفر أما أما يقنعك هالك الوفروهي ... اهلرم وال الربم، وإمنا ذلك ألبنائك الذين شربوا من إنائك بك عجوزا فانية، وهيهات ما أصابك

.وهي من الرسائل الطنانات. طويلة أتى فيها على ذكر من درج من أعيان األمم .ويقول ابن الشبل البغدادي

من خطوب أسودهن ضراء... إمنا حنن بني ظفر وناب ءر فنغدو كما نسر نسا... نتمىن ويف املىن قصر العم

وطريق الفناء هذا البقاء... صحة املرء للسقام طريق أقتل الداء للنفوس الدواء... بالذي نغتذي منوت وحنيا

نت وال كان أخذها والعطاء... ما لقينا من غدر دنيا فال كا كرعت منه مومس خرقاء... صلف حتت راعد وسراب ساءيهب الصبح يسترد امل... راجع جودها عليها فمهما

م ففيم الشقاء وفيم العناء... وقليال ما تصحب املهجة اجلس ناهلا األمهات واآلباء... قبح اهللا لذة لشقانا

د فإجيادنا علينا بالء... حنن لوال الوجود مل نأمل الفق اهلليلج: أما وقف على اخلطب النباتية ورأى كالمه فيها وحيذو حذوه ويتلو تلوه حىت يقول. دع كل ذا

والناس يذكرون مثل هذا، ولكن يدرجونه يف عبارة تكون مفحلة هلا وقع يف . واللوزينج والكبد والطحال .النفسالناس يف الدنيا للساعة الراهنة، كما أن النفوس ليست فيها : ومن ذلك ما ذكرته يف الزهد وهو: قال

.بقاطنةكما، الكاف للتشبيه وال نسبة : فإن قوله. ذلكووجه العالقة يف .. ما أدري معىن التشبيه هنا ما هو: أقولوالنفوس : ولو حذف لفظة كما الستقام املعىن، ألنه يعود. أهنم أبناء الساعة الراهنة، وبني أهنم يزولون: بني

.فيها ليست بقاطنة :أال ترى أن بعض الناس عاب على أيب الطيب قوله

داءفكأهنا ببياضها سو... لبس الثلوج هبا علي مسالكي سال النضار هبا وقام املاء... وكذا الكرمي إذا أقام ببلدة

إنه ملا قال إن الثلوج : واجلواب عن ذلك: بأي شيء شبه إقامة الكرمي وما تقدمه ما يناسب ذلك: وقالشبه ذلك باحلالة اليت تكون للكرمي أنه يسيل به جامد النضار . سدت املسالك عليه فرجعت ببياضها سوداء

.وهذا املوطن مما يسأل عنه من شعر املتنيب. فهذا االتضاد كذاك. مائع املاء وجيمدأما تعمريه . وغاية مطلوب اإلنسان أن ميد له يف عمره، وميلى له يف امتداد أثره: قال يف آخر هذا الفصل

رح فيعترضه املشيب الذي هو عدم يف وجود، وهو أخو املوت يف كل شيء إال يف سكىن اللحود، واجلوافال . اليت يدرك هبا الشهوات ترى وكل منها قد حتول، وأصبح كالطلل الدارس الذي ليس عنده من معول

.ليلى بليلي وال النوار، وال األمساع األمساع وال األبصار األبصارال خيفى على من كان عنده أدىن : وهذا من ذلك النمط يف الركة والسماجة، خصوصا هذا األخري: أقول

:وكأنه أراد أن حيذو حذو أيب متام حيث قال. سري ذوق احنالل هذه األلفاظ وسقوطهانباهة وي جف اهلوى وتقضت األوطار... ال أنت أنت وال الديار ديار

ومن النصف الثاين تعلم فائدة التكرار يف النصف . ولكن أين الثرى من الثريا، ويا بعد ما بني القفا واحمليا .األول

:قال يف النوع الرابع يف توكيد الضمريين، وقد أورد قول أيب الطيب ومن العجيب أنه وجدك بشر امللك اهلمام... قبيل أنت أنت وأنت منهم

وإال فالبيت ليس باملرضي ألن سبكه . مل أورده اختيارا له، وإمنا مثلت به ليعلم توكيد املنفصل باملنفصل .سبك عار من احلسن

أما أبو متام فإنه خاطب نفسه كاملنكر ما كان منه يف شغفه : على قوله هوفليت شعري أي طالوة : أقولال أنت ذاك الذي كنت أوال ، : وحق له أن يقول. بتلك الديار اليت وقف عليها بعد سلوه وتقضي أوطاره

.يعين كأن نفسه أصبحت غري تلك والديار بدلت بصفة أخرى. وال هذه الديار تلك اليت كانت أوال :ن قول احلظريي الوراقوما أحس

ففعلك برد نار اجلوى... تركتك فامض إىل من حتب وغودر عود اهلوى قد ذوى... وقبحك الغدر يف ناظري وكنت أراك بعني اهلوى... وصرت أراك بعني السلو

ريه بعني إمنا السلو أوجب أن ي. ومن املعلوم أن العني ما تغريت يف ذاهتا، وال كانت مث عني وبدلت غريها .القبح، واحلب أوجب أن يريه بعني احلسن

....ومن هذا قول كما أن عني السخط تبدي املساويا... وعني الرضى عن كل عيب كليلة

وهذا . كأنه راح وجاء غريه: يقولون يف من يتغري عليهم منه صفة من الصفات. وهذا دائر على ألسنة الناس .همن أيب متام يف غاية احلسن يف باب

وأما قول أيب الطيب، فتحته من املعىن ما يكسوه حسنا فائقا ، ألن هذا من أمدح ما يكون للقبيلة اليت . فيا هلا من قبيلة ألهنا أنت منهم وأنت ذاك العظيم: قبيلة أنت منهم، وأنت أنت، معناه: ذكرها، ألنه قال

:فأخر املعطوف عليه عن املعطوف كقوله .محة اهللا السالمعليك ور... ... ... ...

وقدرة الشيخ تاج الدين الكندي تقديرا آخر، وهذا أحسن مع الضرورة اليت فيه وكأن ابن األثري رمحه اهللا، :ملح معىن األبيات اليت وردت لبعض شعراء الذخرية البن بسام وهي

فصلها اجلوهري والعرضي... أصبحت رمة تزايل عنها دى بياهنا املنطقيوأو... وتالشى كياهنا احليواين

إن ذا كله ألمر خفي... وقوى عقله الثالث تالشت وإلدراكهن فعل وحي... واحلواس اخلمس اليت كن فيه

وحمال أن يذهب األزيل... ذهبت تلكم الصفات مجيعا ذه األبيات وبعض الناس يدعي أن ه. فأراد أن يأيت هبذا املعىن فأفسده، وهدم ما جاء به هذا الشاعر وشيدهولكن قصيدة الرئيس يف النفس اليت . للرئيس أيب علي بن سينا، وابن بسام أثبتها يف الذخرية لبعض املغاربة

:أوهلا ورقاء ذات تعزز ومتنع... هبطت إليك من احملل األرفع

ومخسوها وقد اعتىن هبا الفضالء . يف غاية احلسن، وما ألحد مثلها يف باهبا، وشهرهتا متنع من سردها .وشرحوها

:وما أحسن قوله وقد ذكرها عند املوت مث انطوى فكأنه مل يلمع... وكأهنا برق تألق باحلمى

مناذج من إنشاء ابن األثري والنقاش حوهلا

وله البيان الذي يفض : ومن ذلك ما ذكرته يف وصف كالم بالفصاحة، وهو فصل من كتاب فقلت: قال .ة لباسه اجلديد، وهو فوق الكالم اجمليد، ودون القرآن اجمليدمن نسق الفريد وال ختلق نضر

ويف أفانني املديح وضروب الثناء عن ذلك مندوحة، أال . ما رأينا من مدح كالما وال قرظه مبثل هذا: أقولأنت : ومع هذا فما مسعت أحدا مدح آخر فقال له. ترى أن رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم سيد ولد آدم

وكالم اهللا تعاىل قد تقرر . ألن لفظة دون وأقل وحتت ما تستعمل يف جانب املمدوح. عليه السالمدون النيب .وثبت أنه ليس يف قدرة البشر أن يأتوا بسورة منه، فكل كالم دونه

ومثل هذا عند الشيخ مجال الدين . كالم دون القرآن اجمليد ال معىن حتته ألنه من باب حتصيل احلاصل: فقولهالسماء فوق : لك ومن تابعه، ال يطلق عليه كالما ألنه ما أفاد فائدة تامة مل تكن عند املخاطب كقولكبن ما

قلت ما ضاق اجملال عليه، وال حصره ضيق . أراد بذلك األدب: فإن قلت. األرض ألنه معلوم عند كل أحد .فظة اجمليد واجمليد وطلب اجلناسوما أوقعه يف ذلك إال ل. املقام إىل هذا حىت حيتاج أن يأيت مبا حيترز فيه

إنه يستميل مسع الطروب، ويستخف وقار القلوب ويتمثل آيات بيضا من : وإذا اختصروا صفة قال: قال . غري ضم إىل اجليوب، ويرى يف األرض غري الغب إذا مس غريه فتنة اللغوب

. فعول مبالغة فيمن يطربإذا كان يستميل مسع الطروب، فما يف هذا كبري مدح، وذلك أن صيغة : أقولأكول وشروب لكثري األكل والشرب ملا : مثل. وال يقال طروب إال ملن مييل ألدىن لذة، ويتحرك ألقل نعمة

وإذا كان الذي مييل إىل الطرب ويتكرر ذلك منه، يطرب هلذا الكالم فما يف هذا مزية توجب . مير به. يستميل من ال يرتاح للطرب: وإمنا املدح أن يقالاملستعد للشيء يكفيه أدىن سبب، : مدحه، وهلذا قيلهذا يرد على : فإن قلت. فإن هذا هو املعهود يف املدح. ويستخف وقار القلوب: كما قال يف الثانية :البحتري يف قوله

عن أغاين معبد وعقيد... مستميل مسع الطروب املعنى لطروب املعىن عن مساع معبد وعقيد اللذين مها أصل يستميل مسع ا: هذا مما يؤيد ما قلته، ألنه قال: قلتوإذا كان يلفت من هو هبذه الصفة عن لذته إىل مساعه، كان ذلك مدحا فهو من باب يستخف . الغناء

يستميل : ولو قال ابن األثري. عن أغاين معبد: وما خلص هذا للبحتري إال بقوله. احلليم ويصيب الناسك

.وهذا الذي قلته هو املعهود يف املدح. ا أوردت عليه هذا اإليرادالطروب عن أغانيه بفصاحته، مل :أال ترى قول النابغة الذبياين

عبد اإلله صرورة متعبد... لو أهنا عرضت ألمشط راهب وخلاله رشدا وإن مل يرشد... لرنا لبهجتها وحسن حديثها

:وقول امرىء القيس سبكرت بني درع وجمولإذا ما ا... إىل مثلها يرنو احلليم صبابة

:وما أحسن قول كشاجم يف عوادة، من أبيات مثل اختالف اليدين شبكتا... دارت مالويه فيه فاختلفت

على بريد لعاج والتفتا... لو حركته وراء منهزم :وقلت أنا

عبثت بلب اخلاشع املتورع... جست مثاين عودها بأنامل عطفت عنان البارق املتسرع... وشدت فلو شاءت عذوبة لفظها

طربا ولكن ما هلا أذن تعي... وعجبت من ريح الصبا إذ مل تقف ويرى يف األرض غري الغب، ما مسعت مبن مدح الكالم الفصيح مبثل هذا، والكالم ال يوصف : وأما قوله

أتراه ما . تقدمولكن هذا من باب إضافة العقل والدين واجلوارح للخمر يف الفصل الذي . بإعياء وال لغوبعلم أن اللغوب من صفات األجسام ولواحقها عند احلركة وإدماهنا، فإن الكالم ال يتعب وإمنا التعب

.جلارحة من تكلم به، والكتاب ال يتعب وإمنا الكاتب الذي خطه :وما أحسن قول القائل

مخيلة زهر أو قالدة جوهر... إذا أخذ القرطاس أودع طرسه وحط عن األقالم ثقل التفكر... راك رويه محى كل فكر عن ع

فإن كان ابن األثري أراد الكاتب الذي صدر عنه هذا الكتاب الذي وصفه، فليس يف سياق الكالم ما يدل .عليه

:وقد عاب الوحيد على أيب الطيب قوله ميسها غري سيف الدولة السأم... كل السيوف إذا طال الضراب هبا

وملا وقفت عليه : السيوف إال أن يكون جاء به استعارة يف موضع كالل احلد قال السأم ال يلحق: وقالسبحان من أعطى سيدنا فلم يبخل، وخصه بنبوة البيان إال أنه مل يرسل، ولوال أن الوحي قد سد بابه : قلت

سد الذي لقيل هذا كتاب منزل، ولقد خار اهللا ألويل الفصاحة إذ مل حييوا إىل عصره، ومل يبلوا بداء احليصليهم بتوقد مجره، ولئن سلموا من ذلك فما سلمت أقواهلم من أقواله اليت حمتها حمو املداد، وقد كانت

.باقية من بعده فلما أتى صارت كما صاروا إىل األحلاد .يف هذا من اساءة األدب ما فيه، ولإلنسان عن مثل هذا املدح مندوحة خترجه من هذه املضائق: أقول :صه بنبوة البيان إال أنه مل يرسل مأخوذ من قول أيب العالء املعريوخ: وقوله

قلنا حممد من أبيه بديل... لوال انقطاع الوحي بعد حممد مل يأته برسالة جربيل... هو مثله يف الفضل إال أنه .وقد كفر قائل مثل هذا

ة من بني ثقل األجسام، فلو مل وإن لكلمه طعما يعرف مذاقه من بني الكالم، وخفة األرواح معلوم: قالوقد علم أن . يعرف بطعمه عرف بومسه، والصبح ال يتمارى يف إسفاره، وال يفتقر إىل دليل على أنواره

.العرق يعرف بغصنه، وأن القول يعرف بلحنه وإن لكلمه طعما يعرف مذاقه من بني الكالم، ما أحسن ما أجاب به ابن عمرية ابن األبار عن: قوله: أقول

:كتاب بعثه إليه، فجاء من مجلة اجلواب

ومنزعها . فمهال أيها املويف على علمه النافث بسحر قلمه، أتظن منزلتك يف البالغة ختفى ومهيعها ال حبعرفناك يا سوده، وشهرت حلة عطارد باملالحة . أتسفل وقد ترفعت، أو ختفى وقد تلفعت. بالعقول العب

.واجلوده :مأخوذ من قول أيب الطيب. ى يف إسفاره، السجعتنيوالصبح ال يتمار: وقوله

إذا احتاج النهار إىل دليل... وليس يصح يف األفهام شيء :ومن قول الغزي

طالبك برهانا على الصبح بارد... فال تبغ برهانا على مكرماته :وقد علم أن العرق يعرف بغصنه مأخوذ من قول أيب الطيب: وقوله

جدي اخلصيب عرفنا العرق بالغصن... معها أفعاله نسب لو مل يقل :على أن املتنيب أخذه من البحتري حيث يقول

ما مل يكن يف فعاله نسبه... لست أعتد للفىت نسبا :ومن قول ابن الرومي

أيب حسن والغصن من حيث خيرج... كدأب علي يف املواطن جده :أيته يف طاقةوقد نقلت أنا هذا املعىن إىل الغزل، فقلت يف مليح ر

فقلت من حتت هذا البانة النضره... رأيت يف طاقة كالبدر فىت إين عرفت الغصن بالثمره: فقلت... قالوا حكمت وما أبصرت قامته

ونفائس هذه العقود ال تربزها إال أنفاسه، فدررها لفظه، وسلوكها قرطاسه مث قال ومن هذا الباب : قالنود وزأر األسود، ومعان تدل بإرهافها أهنا هي السيوف وأن قلوبا منتها هي قويل أيضا وهو ألفاظ كخفق الب

.الغمود، فيخاهلا املتأمل حومة طعان أو حلبة رهانفأي مدخل يف هذين حللبة . ما طبق يف هذا املفصل على املفصل، فإنه شبهها خبفق البنود وزأر األسود: أقول

. حومة طعان، وغيل ليوث، وجالد فرسان: تناسب أن يقولوال. الرهان فيما بعد ومل يتقدم للخيل ذكرومثل هذه األوصاف ال تكون يف شيء من الكالم، إال أن يوصف بذلك كالم فيه هتديد وتقريع أو إرهاب

.عدو أو ما جرى جمراه :أال ترى ما أحسن قول البحتري

عتاب بأطراف القنا املتكسر... عتاب بأطراف القوايف كأنه بإيراد شيء من كالم القاضي الفاضل رمحه اهللا يف وصف املراسالت الواردة، لتعلم أيها الواقف وال بأس

.على هذه األوراق كيف يكون التقريظوصلين كتابه فوصلين منه ما وصلين، وعرفت من بالغته ما جهلين، وشربت من حبر كالمه : فمن ذلك قوله

فإهنا بدائع، ما سر البالغة قبلها . هوة الكالم استنزلينما شربين وأكلين، وعلوت به قدرا على أنه عن صبذائع، ووقائع خاطر صفت صفاهتا فهي اليت رقته وروقته الوقائع، وغرائب سهلت وجزلت فتارة أقول

قد ضمن الدر إال أنه كما قال أبو الطيب كلم، وأحىي حي الشوق إال أنه . جرأة نبع وتارة أقول جرية نابعففديت يدها وقد مدت ظال من اخلط كاد يقصر ظال من . لو مات من شغله بالبني ما علم كما قال أبو متام

.احلظ، وهللا قلمها الذي طال وأناف فما كأنه حتيفه القط قطوما أحسب األقالم جعلت ساجدة إال ألن طرسه حمراب، وال أهنا مسيت خرسا إال قبل أن ينفث : وقوله

وال أهنا اضطجعت يف دويها إال ليبعثها ما ينفخ فيها من روحه يف سيدنا يف روعها رائع هذا الصواب، مرقدها، والسودت رؤوسها إال ألهنا أعالم عباسية تناولتها احلضرة بيدها، ال جرم أهنا حتمي احلمى،

وتسفك دما وحتقن دما وتتشح هبايده عنانا، ويرسلها فيعلم الفرسان أن يف الكتاب فرسانا، ويقوم اخلطباء تبت فتعلم األلسنة أن يف األيدي كما يف األفواه لسانا، ولقد عجبت من هذه األقالم حتز ألسنتها قطعا مبا ك

فتنطق فصيحه، وجتدع أنوفها بريا فتخرج صحيحة، وجتلى مليحه، وما هي إال آية يف يد سيدنا البيضاء .موسويه، وما مادهتا يف الفصاحة إال علوية ولوال الغلو لقال علويه

ولو ادعى سحر البيان أنه يقضي أيسر حقوقه، ويثمر ما جيب من شكر فروعه وعروقه، لكنت : وقولهأفضح باطل سحره، وأذيقه وبال أمره، وأصلب اخلواطر السحارة على جذوع األقالم، وأعقد ألسنتها كما

.تعقد السحرة األلسن عن الكالم

بته إىل اليد لبيضاء من يديه، مسيحي من كتاب كرميي من حيث نسبته إليه، كليمي من حيث نس: وقولهحيث أن أحىي موات األنس، حممدي من حيث كاد يكون مبا نفثه يف روعي روح القدس، فال عدمت

فأبقاه اهللا للسان العريب فلواله كان مزويا . خماطبته اليت ختلع على األيام يوم العيد، وعلى الليايل ليلة العرس، ولواله حلالت أحرفه عن حاالهتا، وأبت الفصاحة أن تكون قوائم األحرف ال مرويا ، مدحورا ال مدخورا

فكانت تقعد ألفه القائمة، ومتوت باؤه النائمة، ويزيد حين ظهر داله حىت يلحق بالرغام خدها . من آالهتا .ويغض، وحىت تدرد أسنان سنه فال يبقى هلا ناجذ عليه تعض

واقف بل وقف، واستمطر منه صوب الغمام فما انقطع له وال وقف عليه والشكر عن املنعم به غري: وقولهكف وكف، ورأى بنيان تبيان لو رأته اجملارون أليت بنياهنم من القواعد فخر عليهم السقف، فلله هو من بليغ إن قال فالقول عنده أكثر يوم البني من ماء الطرف، وإن رام القول غريه فهو أقل عنده يوم احلسني

.من ماء الطفوظننته وحقق اهللا فيه الظن وقد ارتقى األسباب وأخذ : وقوله يف جواب كتاب للشيخ تاج الدين الكندي

اللفظ من القطر والقرطاس من السحاب، وآمنت بصحة رقيه، وتبينت التقاطه للنجوم حني أوردها يف بارع ت أقالمها سيوفا وسيوفها اآلن كالم التاج تاج الكالم، وامللك يف كندة وكان: اللفظ ونقيه، وقلت للجماعة

.أقالمفوقفت منه على ظرف الظرف، وحتفة الطرف، وكدت أعبده منه على حرف، وكل حرف ذلك : وقولهولوال إشفاقي أن يفطن الدهر ملكانه من قليب، وخويف أن أعرفه حبسنته منه فأغريه منها برفع أوزار . احلرف

هذه الصناعة، وأنفذت فيهم سهاما ال حتمي شاعرا منها حريب، لقلت قوال يغض األولني واآلخرين من وما هي إال آيات كل واحدة أكرب من أختها، وفكر مرزوقة يف أيام . صخرة وجه وال كاتبا درع دراعة

.اجلمعة كلها إذا أتت الفكر أرزاقها يوم سبتهاأناسي لعني املسار، كتب كرمية كادت ألفاظها تتبسم، ومعانيها تتكلم، وكادت حروفها تكون : وقوله

.وكادت سطورها جتلي عرائس وعليها من الشكل حلي ومن النقط نثاركتاب سين املعاين سيين القوايف، وحق سينه أن خيلص هلا اإلقبال، والسني تصحب الفعل فتخلصه : وقوله

ن فيه ويدخل لالستقبال، وهذا أفق المطار فيه إال للعقاب وابنه، وحبر ال سبح فيه إال ملن خيرج الدر م .البحر يف ردنه، وما عنيت ها هنا بالبحر إال يده الكرمية فأما البحر فلم أعنه

كتب اجمللس روح اهللا قلبه، وأتاح قربه، وال برحت أقالمه سالح أوليائه على الزمن إذا خافوا : وقولهأهنا تغري علينا شيمنا حربه، تؤنس راجيها، وتؤيس جماريها، وخيصب هبا السمع، ويتظاهر هبا النفع، لوال

.فتخلق فيها احلسد، وتشد أيدينا إذا تعاطينا اجملاراة حببل من مسدوسيدنا ما بعد بيانه بيان، وبني فكيه سيف وبني فكي كل إنسان لسان، فقويل يا أقالمه فقد خرست : وقوله

هم صارغون، وأفلح يف الغمود املناصل، وتبختري يا تغلب ابنة وائل فقد أعطي من البلغاء التقدمة و .املعترف بفضله وقد علم أنه ال يفلح الكافرون

ووقف على امليمية فأطاف به منها الطوفان، وحياة منها الروح والرحيان، وهي مما أماله ملك إن : وقولهكان ميلي األشعار شيطان، وعجبت الطراد تلك القوايف، ورأيت الشعراء أتت مبا ألفت يف ضيق األودية

قلمه أتيا مبا ألقيا يف الفيايف، وكل بيت منها بديوان، كما أن قائلها إنسان يفدى بألف إنسان، وخاطره و .كما أن قلمه قصري فما جدع أنفه إال ليأخذ ثأر القلم من السنان

وعلى ذكر الفيايف يف قول القاضي الفاضل، وما ركبه يف هذه السجعة من اجلناس املليح، فكنت : قلتبل : من مجلة النثر. احلافظ فتح الدين حممد بن سيد الناس أبياتا ، وأجابين عنها بنظم ونثركتبت إىل شيخنا

.ذلك السحر احلالل الشايف، بل تلك القوى يف القوايف، بل تلك املقاصد اليت أقصدت املىن يف املنايفوطوى يف طوايف، وعكف منه على كعبة البالغة، فيا حسن ما نشر يف استالمي: فكتبت اجلواب إليه ومنه

رجع إىل كالم . وأراد طائر القلب أن ينهض باجلواب فذهبت القوى من القوادم، وظهر اخلوى يف اخلوايف .الفاضل

ولكن اعتزل الناس السسماك األعزل، وارتفع أهل الدرج العليا واخنفض أهل الدرك األسفل، : وقولهلرامي وغريك الرائم، وأنت احلامي وغريك احلائم، وضيع الناس السهام وأصبت أنت بواحدها املقتل، فأنت ا

وحروفك األزهار وكتبك الكمائم، وقلمك الساقي وخواطرك الغمائم، وبقولك يضن ويغاىل، وإذا قلت يا خيل األقالم اركيب مألت األرض تصهاال وصياال، ونفرت إليك املعاين خفافا وثقاال، وأذنت فيها باحلج

، وأنت احلاضر والغيب احلضور، وأنت احلاضر والغيب احلضور، وأنت ضمائر على كل ضامر ورجاالالسيد وغريك احلصور، واألمساع إىل ما تقول يف دمشق صور، ولو قدحت املاء الستطار شرارا، ولو أجرت

.ورد اخلد لكنت له من بنفسج العذار جاراباخلشوع كأمنا قلم الكتاب القضيب فلله هو من كتاب كأنه سورة، وكل آية فيه، سجدة، وقابله: وقوله

.وطرسه الربدةوما هذه الكتب إال كتائب، وما هذه األحرف إال قواضب، وال األسطر هبا إال مراكب، وال النفس : وقوله

.منها إال عجاج يسفر عن الصباح إسفار الغياهبو أمري والكالم رعيته فهو وكأمنا ذخر قلمها للمملكة حيوك وشيها، وصائغا خيلق حليها، وكأمنا ه: وقوله

يصرف أمرها وهنيها، وكأمنا أودع اهللا سبحانه خاطرها سحابا وكتاهبا روضا جعل القلم دوالهبا والدواة .هنيهاوارحتت ملا امتحت على بعد أرضي من غمامه، واويت القب الدوي من آالمه بلمامه، وأعاد علي : وقوله

.األهلة ؟ هل هي إال قالمة أقالمه زمن رامة كما هو بآرامه، وطلع علي مطالعوليكن هنا آخر ما أورده للقاضي الفاضل من هذا النوع، وإن كان ذلك قطرة من حوض، وزهرة من

.روض

مناسبة اللفظ للمعىن

وقد نيط بسيدنا قلما اخلط اللذان ينسب أحدمها إىل املداد، وينسب اآلخر إىل : قال يف فصل بعدما تقدم .الصعادفإن الصعاد هي . نسبة القلم إىل املداد فجائز، وأما نسبة اآلخر إىل الصعاد فما أدري ما هو أما: أقول

.الرماح اليت تنبت مستقيمة فال حتتاج إىل تثقيفوما تنسب . فنسبة الرماح إىل الصعاد، أو الصعاد إىل الرماح من باب نسبة الشيء إىل نفسه، وهو غري جائز

.األسنة أو الطعن، كما تنسب األقالم إىل املداد والكتابةالرماح إال إىل األعالم أو وقد أوحى اهللا إىل قلمه ما أوحى إىل النحل، غري أهنا : ومن ذلك ما ذكرته يف وصف القلم فقلت: قال

تأوي إىل املكان الوعر وهو يأوي إىل املكان السهل، ومن شأنه أن جيتين من مثرات ذات أرواح ال ذات .نفثاته شراب خمتلف طعمه فيه شفاء لألفهامأكمام، وخيرج من

ذات أرواح ال : قوله مثرات ذات أرواح ال ذات أكمام غري مناسب، إذ املناسبة تقتضي أن يقول: أقولمث نسبة . ذات أجسام، أو ذات طيالس ال ذات أكمام، ليناسب بني الروح واجلسم والطيلسان والكم

وإذا قصدت املبالغة يف . ومل يسمع بثمر له روح ومثر ما له روحالروح إىل الثمرة أمر خارج عن العادة، .وصف الثمرة قيل إهنا ماء جتمد أو هواء جتسد

.وما أحسن قول أيب الطيب بأشربة وقفن بال أواين ... هلا مثر يشري إليك منه

اللفظ والتركيب

هذا أخي له تسع وتسعون نعجة، ويل إن: " وكذلك ورد قوله تعاىل: قال يف القسم األول من املقالة األوىلفلفظة يل مثل لفظة تؤذي وقد جاءت يف اآلية مندرجة متعلقة مبا بعدها، وإذا جاءت " . نعجة واحدة

:منقطعة ال جتيء الئقة، كقول أيب الطيب فما يقول لشيء ليت ذلك يل... متسي األماين صرعى دون مطلبه

ليس الذي ذكره غري دعوى جمردة، وهذه لفظة يل قد وقعت و: أي شيء أنكره من هذه اللفظة: أقول: وأما لفظة تؤذي يف قوله. متمكنة، والقافية إذا جاءت متمكنة فإهنا من حسن التركيب وعذوبة االنسجام

وال تعاب هذه يف هذا البيت، إال . تلذ له املرؤة وهي تؤدي فإهنا جاءت ركيكة خبالف يل يف البيت املذكور :يب يف قوله أن تعاب لفظة

وأنثين وبياض الصبح يغري يب... أزورهم وسواد الليل يشفع يل وما رأيت من عاب هذا البيت وال هذه القافية، وإمنا هو معدود يف احملاسن اليت انفرد هبا أبو الطيب، ملا فيه

.ومل يتفق هذا العدد لغريه. من مقابلة مخسة خبمسة .قافية متمكنة مل تعب وكذا لفظة تؤذي اليت عاهبا، لو وقعت

:وما أحسن قول الشيخ جمد الدين بن الظهري اإلربلي دون الورى أنت العليم بقرحه ... قليب وطريف ذا يسيل دما وذا

تعديل كل منهما يف جرحه... ومها حببك شاهدان وإمنا فيه سواك من األنام فنحه... والقلب منزلك القدمي فإن جتد

ة الثالثة ما أحالها وأمكنها ال يقوم غريها مقامها، ولو وقعت يف غري القافية ملا كان هلا انظر إىل هذه القافي .وكذا لفظة يل يف قول أيب الطيب. هذه احلالوة والتمكن

:ومن هذا التمكن يف القافية، قول ابن أيب هالل القريواين من أبيات يلهطرق العال إال وكان دل... يهدي إىل العليا فما من سالك

هو: لو قيل من فذ األنام ؟ لقيل... فضل الورى يف الفضل حىت إنه :وما أحسن ما استعمل القاضي الفاضل رمحه اهللا تعاىل لفظة يل يف القافية حيث قال

شهد الرجال بأن ذاك البيت يل... ومدحت أهل البيت منكم بالذي

هل سورة النجم مسجوعة على حرف الياء

؟إن سورة النجم " تلك إذن قسمة ضيزي : " م وقد استطرد الكالم إىل قوله تعاىلقال يف هذا القس

.مسجوعة على حرف الياءوالسورة مسجوعة على . ليس االعتبار يف رؤوس القرائن والقوايف بصورة اخلط، إمنا العربة باللفظ: أقول

وال قائل بأن صغرى . الكلمة ولكنه غره رسم رؤوس اآلي بالياء نظرا إىل أصل. حرف األلف املقصورةوكربى وضيزى ومأوى ومنتهى، وما أشبه ذلك، إذا وقع يف رؤوس اآلي، أو يف قافية البيت على حرف

الياء، بل كل ذلك من باب األلف املقصورة يف مثل حبلى ودنيا، وإمنا كتب ذلك بالياء نظرا إىل أصل أويت، واملنتهى من انتهيت، وهوى من هويت، املأوى من: فإنك تقول. الكلمة لكوهنا من ذوات الياء

.وغوى من غويتمثل دنيا ألنه من دنوت، ورجا من رجوت يف أحد . وإذا كان األصل يف الكلمة الواو كتب ذلك باأللف

وما أظن بابن األثري رمحه اهللا أنه جهل هذا، . وزعم بعضهم أن ذلك لكراهية اجلمع بني املثلني. القولني س إال ولكنها غفلة لي

مناسبة اللفظ للمعىن

ومناذج من خطب ابن نباته

:قال أيضا يف هذا القسم وقد أورد قول الفرزدق إذا سربت ظلت جوانبها تغلي... ولوال حياء زدت راسك شجة

تشبه ولو بني اخلماسي والطفل... شرنبثة مشطاء من ير ما هبا لشعر، وهي ها هنا غري مستكرهة، إال أهنا لو وردت يف إن شرنبثة من األلفاظ اليت يسوغ استعماهلا يف ا

.كالم منثور من كتاب أو خطبة، لعيب ذلك على مستعمله :قبل هذا بأسطر قليلة أورد قول تأبط شرا : أقول

جحيشا ويعروري ظهور املسالك... يظل مبوماة وميسي بغريها .لفظة جحيش من األلفاظ املنكرة القبيحة: وقال

سبحان اهللا ما بالعهد من قدم، تناقض قولك يف صفحة واحدة، وأنا أرى أن جحيشا أخف على :فيقال لهالسمع من شرنبثة ولو وردت هذه شرنبثة يف النيل كدرته، وأحالت فراته العذب إىل امللح األجاج وغريته،

.ولو كانت خاال يف وجنة الشمس هجنتها، وألغت حماسنها اليت أنارت األيام وزينتهااقمطر : وقد ورد يف خطب الشيخ اخلطيب ابن نباتة، كقوله يف خطبة يذكر فيها أهوال القيامة فقال: الق

.وباهلا وامشخر نكاهلا، فما طابت وال ساغت

إن اخلطيب رمحه اهللا من البلغاء الفصحاء الذين يوردون الكالم موارده، ويعطون كل مقام ما : أقولأمر مهول وحيتاج إىل ألفاظ مفخمة هتول السمع وتسيل الدمع وتقشعر هلا يستحقه، ألن ذكر النار والقيامة

اقمطر وامشخر واسبطر وازبأر : وال يليق بأوصاف النار غري هذه األلفاظ مثل. اجللود وتنفطر هلا الكبود . واكفهر واقشعر وابذعر واطلخم وادهلم، واقتحم واحتدم

املوضوعات واأللفاظ

الن نسيمها، ودام نعميها، ورف : مثل. ألفاظ ختصها عذبة سهلة لذيذة إىل السمعكما أن أوصاف اجلنة هلا .ظرها، وراق زالهلا، وعذب تسنيمها

فيذكر الرأس والفرق يف املديح، والدماغ . أال ترى أن املديح له ألفاظ ختصه، واهلجاء له ألفاظ ختصه .والقذال يف اهلجاء

من مجلة . ابة مبجلس عثمان رضي اهللا عنه مما يؤيد هذا الكالمووصف أبو زبيد الطائي لألسد حبضرة الصح : ذلك أنه قال

لبالغمه غطيط، ولصدره حنيط، ولطرفه وميض، وألرساغه نقيض، كأمنا خيبط هشيما أو يطا صرميا، وإذا هامة كاجملن وخد كاملسن، وعينان سجراوان كأهنما سراجان يقدان، وقصرة ربله ولزمة رهلة، وكتد مغبط

فضرب بيده فأرهج . وزور مرط، وعضد مفتول وساعد جمدول وكف شثنه الرباثن إىل خمالب كاحملاجنوكشر فأفرج عن أنياب كاملعاول مصقولة غري مفلولة، وفم أشدق كالغار األخرق، مث متطى فأشرع بيديه،

فال وذو بيته . م فازبأرمث حفز وركيه برجليه، حىت صار طوله مثليه مث أقعى فاقشعر، مث مثل فاكفهر، مث جتهيف السماء ما اتقيناه إال بأول أخ لنا من فزارة، ضخم اجلزارة، فوقصه مث أقعصه، مث نفضه نفضة فقضقض

فذمرت أصحايب فبعد ألي ما استقدموا فهجهجنا به فكر مقشعرا بزبرة . متنه وبقر بطنه وجعل يلغ يف دمها حوايا، فنفضه نفضة تزايلت هلا مفاصله، مث هنم فقرقر، كأهنا شيهم حويل، فاختلج من دوننا رجال أعجر ذ

فأرعشت . فواهللا خللت الربق يتطاير من حتت جفونه عن مشاله وميينه. مث زفر فرببر، مث زأر فجرجر، مث حلظاأليدي، واصطكت األرجل، وأطت األضالع، وارجتت األمساع، وحلقت املتون، وشخصت العيون وساءت

مث تبهنس وحلق، مث حدق ومحلق، فإذا له عينان سجراوان مثل وهج الشرر، . تونالظنون، واخزألت املإن استقبلته . لونه ورد، وزئريه رعد، وجبهته عظيمة، وهامته شتيمة. كأمنا نقرا باملناقري عن عرض حجر

هوله شديد وشره عنيد وخريه . وإذا الليل اعرنكس تبغى وحتسس. قلت أدرع، وإن استدبرته قلت أقدع :مث أنشد. عيد، مىت قاسم ظلم، ومىت بارز حطم، ومىت نال غشمب

جريء على األعداء للقرن قاهر... عبوس مشوس مطرخم مكابر كجمر غضا يف وجهه الشر طائر... براثنه شثن وعيناه يف الدجى

إذا قلص األشداق عنها خناجر... يدل بأنياب حداد كأهنا .مه رض اهللا فاك فلقد رعبت املسلمني: اضرين، فقال له عثمان رضي اهللا عنهفحبق أحد احل: قال الراوي

فانظر إىل هذه األلفاظ ومواقعها يف النفس، كأهنا أسود تلتهم أو أساود تلتقم، هل حيسن شيء منها أن .وقد عجبت منه كونه خفي مثل هذا عليه. يكون يف وصف ظيب أو طاووس ؟ كال

مناسبة اللفظ للسجع

وأما : فقلت. ومن ذلك ما كتبته يف جواب كتاب يتضمن إباق غالم: يف النوع األول يف السجعقال .اإلشارة الكرمية يف أمر الغالم اآلبق عن اخلدمة، فقد يفر املهر من عليقه، ويطري الفراش إىل حريقه

. مثل قد يكبو اجلواد. فإن قد هنا للتقليل. قد يطري إىل حريقه: أما الفراش فما حيسن أن يقال فيه: أقولهذا هو الغالب، وال . أما الفراش فما رأى النار إال وألقى نفسه فيها. وقد يفر املهر من عليقه: وكما قال

وقال أبو العالء املعري . كذلك املهر، فإن الغالب يف أمره أنه إذا رأى العليق أقبل إليه، ويف النادر يفر منه :يف وصف أسد

كما تدعوه موقدتا ظالم ... يه بدا فدعا الفراش بناظر

مناقشة حول معىن أخطا فيه ابن األثري

يف إنشائه

قد يفر املهر من عليقه، وينأى : واألحسن أن يقول. وأما عطف اإلثبات على النفي فال جيوز يف مثل هذا .املرء عن شقيقه

بعد، فإن كل كالم ال يبدا فيه أما : قال عند ذكر التقليد الذي أورده يف معارضة الصايب يف نقابة األشرافحبمد اهللا فهو أجذم، وكل كتاب ال يرقم بامسه فليس مبعلم، وعلى هذا فإن محده ينزل من الكالم منزلة

وقد مجعنا يف كتابنا هذا بني التسمية . األعضاء من اجلسم وامسه يتنزل من الكتاب منزلة الرقوم من الثيابيمن واآلخر سببا للمزيد، مث ردفنامها بالصالة على سيدنا حممد الذي والتحميد، وجعلنا أحدمها مفتاحا للت

أيده اهللا بالقرآن اجمليد، وجعل شهادته قبل كل شهيد وعلى آله وصحبه الذين هدوا إىل الطيب من القول، . وهدوا إىل صراط محيد

عودة إىل اإلبتداء باحلمد

النيب صلى اهللا عليه وسلم وصلى على آله، ومل ادعى أنه محد اهللا تعاىل وذكر امسه، وصلى على: أقوليصدر منه حتميد وال ذكر اسم اهللا تعاىل، إال إن كان يف أول التقليد بسم اهللا الرمحن الرحيم، وال صالة،

ألنك إذا قلت محد اهللا واجب، وذكر امسه مستحب، والصالة على رسوله وعلى آله وصحبه متعني، مل تكن وإمنا أخربت عن احلمد بالوجوب، وعن الذكر باالستحباب، وعن . م وال بصالةأتيت حبمد وال بذكر اس

سبحان اهللا عدد ريش األطيار، واحلمد هللا عدد موج البحار، مل تكن : ومثل هذا إذا قلت. الصالة بالتعيني

إن اهللا يستحق من : وكان معىن هذا من قولك. أتيت بتسبيح وحتميد يوازي ذينك العددين ويساويهما .حملامد والتسبيح عدد ذلكا

.ومثل هذه األشياء يتعني أن يتحفظ منها، وإال كان للطعن فيه جمال

أقسام التصريع

جعل األول ما كان كل مصراع مستقال بنفسه، ومثله : قال وقد ذكر التصريع وقسمه إىل سبعة أقسام :بقول امرىء القيس

.أفاطم مهال بعض هذا التدلل البيتفإذا جاء الذي يليه . ثانية أن يكون املصراع األول مستقال بنفسه غري حمتاج إىل الذي يليهوجعل املرتبة ال

:كان مرتبطا به، ومثله بقول امرىء القيس .قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل البيت

ومثله بقول ابن حجاج . وجعل املرتبة الثالثة أن يكون الشاعر خمريا يف وضع كل مصراع موضع أخيه .البغدادي

خفة الشرب مع خلو املكان... من شروط الصبوح يف املهرجان .وهذه كاملرتبة الثانية يف اجلودة. فإن هذا البيت جيعل مصراعه األول ثانيا، ومصراعه الثاين أوال

هذه املرتبة الثالثة أحق بأن تكون أوىل من األوىل اليت ذكرها هو، ألن مثل هذا النوع أعز من األول، : أقول .ه داللة على متكن الناظم وجودة طبعهوفي

:وقد جاء منه للغزي ما راجع القلب املدله وجده... لوال تذكر ما تقادم عهده

:وكذا قوله أيضا ال حظ فيك لذي قذال مسفر... ذهب الصبا فتنقيب أو فاسفري

:والبن قالقس االسكندري سقاتواجلنا من أصولك البا... احليا من غيوثك البارقات

:وكذا قوله أيضا يا غافال عما يراه يف الغد... عدد ودع ذكر التصايب عدد

:والبن الساعايت لوال وقائع طرفك الفتاك... ما كنت بالباكي وال املتباكي

:وكذا قوله أيضا كيف السبيل إىل جناح... باهللا يا رسل الرياح

لذي جعله أوال وزيادة، فهو أوىل بالتقدمي، ويشترط فيه أن أال ترى أن كل بيت من هذه األبيات فيه ما يف ا

.يكون كل مصراع منه مستقال بنفسه، غري حمتاج إىل غريه مع إمكان جعل الصدر عجزا والعجز صدرا . وقد واخذه ابن أيب احلديد يف تقسيم التصريع يف كتابه ومل يتنبه هلذا

كالمه على التجنيس

القسم الثاين من املشبه بالتجنيس أن تكون األلفاظ متساوية يف الوزن، خمتلفة يف التركيب : قال يف التجنيس .حبرف واحد ال غريوهم ينهون عنه وينأون عنه " ومثل بقوله تعاىل " . وجوه يومئذ ناضرة إىل رهبا ناظرة : " مث مثله بقوله تعاىل

:اخليل معقود بنواصيها اخلري وقول أيب متام: د قوله صلى اهللا عليه وسلموعلى حنو من هذا ور: مث قال" تصول بأسياف قواض قواضب... ميدون من أيد عواص عواصم

:وقول البحتري ومهفهف الكشحني أحوى أحور... من كل ساجي الطرف أغيد أجيد

:وكذلك قوله: مث قال ملوم قطوعها شواجر أرحام... شواجر أرماح تقطع بينها

قد صدر التقسيم بأن تكون األلفاظ متساوية الوزن خمتلفة التركيب حبرف واحد، وما صدق معه من : أقولاآلية " وجوه يومئذ ناضرة : " اآلية وقوله تعاىل" وهم ينهون عنه : " األمثلة اليت ذكرها إال قوله تعاىل

اضب، فإن إحدى اللفظتني زادت على األخرى وأما عواص وعواصم، وقواض وقو. واحلديث الذي ذكرهففات ما . حبرف ومل ختالف، وكذا أرحام وأرماح، إحدى اللفظتني خالفت األخرى حبرفني يف الترتيب

.شرطه، وال دخول هلذا فيما ذكرهكثريا وقد خبط ابن األثري يف التجنيس ختبيطا. وقد أورد عليه ابن أيب احلديد يف التجنيس أشياء وما تنبه هلذا

. وما أحسن يف ترتيبه

وقد وضعت أنا يف لك كتابا ومسيته جنان اجلناس قسمت فيه اجلناس إىل ما أمكن تقسيمه، فجاء ما يقارب .فمن أراد حترير التجنيس يف أقسامه فليقف عليه هناك. الستني قسما

التجنيس املعكوس

أورد عادات السادات سادات العادات، وشيم القسم الرابع من املشبه بالتجنيس ويسمى املعكوس مث: قال .األحرار أحرار الشيم وما شابه ذلك وساق أشياء كثرية له ولغريه

ما هلذا النوع دخول يف باب التجنيس، وإمنا هو من باب رد األعجاز على الصدور، وهو باب : أقول .أحق بدار اجلارومن أحسن ما جاء فيه قوله صلى اهللا عليه وسلم جار الدار . مستقل بذاته

.وقول األرجاين حىت برغمي سلوت عنه... شبت أنا والتحى حبييب

واسود ذاك البياض منه... ابيض ذاك السواد مين :وقول عفيف الدين التلمساين وفيه زيادة صنعة

يصول منها رامح ونابل... يا بأيب معاطف وأعني وهذه نواظر ذوابل... فهذه ذوابل نواضر

ولو عد ابن األثري مثل هذا يف باب . أن الذوابل والنواضر يف األول، غري الذوابل والنواظر يف الثاينأال ترى .فإن األلفاظ اتفقت واملعاين اختلفت. التجنيس لكان ذلك قوال صحيحا

:ومما قلته أنا يف ذلك فكيف تركي حلاظ تركي... أضاع نسكي عذار مسك

ال تزال تبكيومقليت ... تنكى سهام اجلفون منه يقضي هبا يف دمي بسفك... قضى على أدمعي بسفح

قد فؤادي بغري شك... وشك قليب برمح قد .فالشك والقد يف األول، غري الشك والقد يف الثاين

:ومما نظمته يف غري هذا النمط وأخجل البدر يف التمام... قد فاق غصن النقا حبييب

ا بال قواموذا حمي... ذاك قوام بال حميا إنه رفعت إىل القاضي الفاضل قصة باسم مؤذنني يستخدمان، أحدمها امسه مرتضى واآلخر زيادة، : يقال

وهذا يف غاية . فاستخدم زيادة، وصرف مرتضى. أما زيادة فمرتضى، وأما مرتضى فزيادة: فكتب عليها . احلسن

التجنيس اجملنب

.مث إنه أخذ يف االستشهاد على ذلك بقول القائل. اجملنب قال يف القسم اخلامس املشبه بالتجنيس ويسمى لشييب من حلى األشعار عار... أبا العباس ال حتسب بأين زالل من ذرى األحجار جار... فلي طبع كسلسال معني

فلي زند على األدوار وار... إذا ما أكبت األدوار زندا وأخذ يعلل ذلك بأشياء . ما ال يلزم أوىل منه بالتجنيس وهذا القسم فيه عندي نظر، ألنه بلزوم: مث قال

.تعسف فيهاولزوم ما ال يلزم باب . وهو النوع الذي يسمونه باملزدوج. الصحيح أن هذا من أقسام التجنيس: أقول

فإن اللزوم عبارة عن أن يأيت الشاعر أو الكاتب يف . معقود بذاته ال مدخل له يف هذا، وال هلذا فيه مدخل :كما ورد يف قول املعري. فية قبل الروي حبرف أو أكثر، يلتزم بورود ذلك يف كل قافيةالقا

قلم البليغ بغري حظ مغزل... ال تطلنب بآلة لك رتبة هذا له رمح وهذا أعزل... سكن السماكان السماء كالمها

ل وأفضل لصحت القافية معول وأو: ولو قال مع ذلك. فإن املعري التزم بالزاي قبل الروي وهو الالمالبدور والصدور أو : أو. احلمام والغمام والتمام والكمام: ولكن ورود الزاي لزوم ما ال يلزم، وكما تقول

.الشذور والنذوروجيوز أن تقول مع احلمام، السالم ومع البدور القبور ومع . فإن امليم والدال والذال لزوم ما ال يلزم

.الشذور، احلروروأما الذي أورده ابن األثري، فلم يكن كذلك، . لشرط بىن املعري لزومياته من أوهلا إىل آخرهاوعلى هذا ا

.ففات اللزوم. ألنه قبل األلف األوىل عني، والثانية جيم، والثالثة واو :ومما اتفق يل من منط أيب الفتح البسيت

أليامنا تلك الذواهب واهب... تذكرت عيشا مر حلوا بكم فهل وال أنا هذي الرغائب غائب... صرفت آمال نفسي لغريكم وما ان

لعل زماين باحلبائب آيب... سأصرب كرها يف اهلوى غري طائع :وقلت أيضا

وأين ال أرى األوزار زارا... بنفسي من إذا ادكر اكتئايب ويل فإذا رأى األسحار حارا ... يبيت وللتقى حرس عليه

لذي نلنا به األوطارا طارا... ال ويل قلب إذا اذكر الزمان :وقلت أيضا

فال تعره لباس باس... إن أنت أصبحت رب أمر ال تعرها من قياس ياس... وإن متادت بك األماين

لزوم ما ال يلزم

إذا نزل : قال يف النوع الرابع يف لزوم ما ال يلزم ومن ذلك ما ذكرته يف مجلة كتاب يتضمن ذم جبان فقلت .ملكه الفرق، وإذا ضل يف أمر مل يؤمن إال إذا أدركه الغرق به خطب

: فيقال يف ذلك. يف السجعة الثانية عدم مطابقة، وما يقابل الضالل إال باهلدى، وال اإلميان إال بالكفر: أقول .وهذا من العيوب املعدودة. فإذا كفر نعمة مل يؤمن، وإذا ضل يف أمر مل يهتد

:لهوقد عيب على أيب الطيب قو كأنك مستقيم يف حمال... نظرت إىل الذين أرى ملوكا

كأنك : إمنا يقابل املستقيم باملعوج، والصناعة تقتضي أن تقول: فقيل له. وكان ذلك حبضرة سيف الدولةلو أن القافية جيمية كيف كنت تصنع يف البيت الثاين ؟ فقال : فقال له سيف الدولة. مستقيم يف اعوجاج :كنت أقول: ري رويةأبو الطيب من غ

فإن البيض بعض دم الدجاج... فإن تفق األنام وأنت منهم

.فاستحسن ذلك من سرعة بديهته :من ذلك قوله. على أن املتنيب وقع له هذا كثريا يف شعره

حىت كأن مغيبه األقذاء... ولكل عني قرة يف قربه :وقوله. القرة إمنا ضدها اإلسخان، والقذى ضده اجلالء

ومل يزل األمري ولن يزاال... ومل يعظم لنقص كان فيه :العظم ضده احلقارة، والنقص ضده التمام أو الكمال وقوله

فاحلر ممتحن بأوالد الزنا... وإنه املشري عليك يف بضلة .احلر ضده اللئيم

وهذا النوع كثري يف . وإن أمكن التأويل أليب الطيب يف هذه وأمثاهلا، لكن األحسن أن تكون كما ذكرته . شعره

مناقشة حول معىن أخطأ ابن األثري فيه

يف إنشائه

وأما كون ابن األثري رمحه اهللا تعاىل يأيت بسجعتني لزومهما من أخف ما يكون ويعدمها من اللزوم ويستشهد راء قبل ولو كان الكاتب كله من أوله إىل آخره بلزوم ال. هبما يف كتابه من كالمه فإن هذا من العجيب

.القاف، ملا كان كبري أمرأمل ير املقامات التميمية وهي . أمل ير كتاب اللزوميات أليب العالء، وهو جملد كبري نظم على حروف املعجم

مخسون مقامة أنشأها السرقسطي ملزومة من أوهلا إىل آخرها وقد مجع الشيخ شرف الدين عبد العزيز شيخ اللزوم، أتى فيه بأحبر العروض وضروهبا، والشعر يف غاية احلسن الشيوخ من شعره جزءا جيدا من باب

.ولطف التركيب وجودة املعاين ورقة األلفاظ :من ذلك قوله

ماذا يضريك لو عرفته نبأك... متيم ود يف عينيه لو خبأك نكأت قليب هبا أضعاف ما نكأك... إن أثرت مقليت يف وجنتيك فقد أنصف وقل يل ترى بالشر من بدأك... بدي أدميت خديك إذ أدميت يل ك

.منها يا سيف ليتك قد أخفيت يل رشأك... قد قلت للسجف ملا أن حجبت به

قراك مهجته العاين وما قرأك... ويا منمنم خطي عارضيه لقد لقد وسعت إذا أضعاف ما مألك... وأنت يا من يساميين إىل شريف

عى سرحك الباري وال كألكفال ر... هذا وسرحك يرعى يف محى كألي فلو نبحت طوال الدهر ما خسأك... قل ما بدا لك من لؤم لذي كرم

انظر إىل لطف هذا النظم وانسجامه، وإىل هذه القوايف ومتكنها يف أماكنها وما أحالها يف مواطنها، وإذا ، وليست على إفرادها بعذبة وما أقوى تركيبها يف بنائها نفسها. أفردهتا من تركيبها مل يكن هلا هذا احلسن

.فال رعى سرحك الباري وال كألك: وما أحلى قوله. وهنا يبني قدر الناظم. يف السمعبابه : مث إن ابن األثري رمحه اهللا ساق بعد تينك السجعتني شيئا آخر من كالمه سجعتني سجعتني أيضا مثل

ا، وسكناه وميناه، وليس ذلك من النادر واغبابه، وعرضا وأرضا ، وأنزلته وحولته، واطرافها واطرافهواإلنعام الذي هو احلقيقة وما سواه جماز، : كما جاء يف كالم القاضي الفاضل رمحه اهللا تعاىل يف قوله. احلسن

والفضل الفصل اللذين وردا باإلسهاب واإلجياز، واجلميل املخلد الذكر فإنه تنجيز وعد اخللود وإن جاز . فيه إجناز

وعرفت اإلنعام باخللع، ومن تكفل يف مواقف املناظرة بطي لساهنا تكفلت له اململكة بأن يزهى : ويف قوله .بطيلساهنا، وأحلته من سواد اخللع يف خلعة إنساهنا

يف ليل كموج البحر، له أجنم كحبب النهر، وقد حشر اهلموم وحشدها وهدى : ويف قوله يف وصف ليلقطع اهللا صلبك، ومىت أرى عمود الصبح وقد عجل اهللا عليه : بهفأقول ملا متطى بصل. ضواهلا وأنشدها

.صلبكأنساين نيسان ما تشرين : واطلعت شرف األربعني وما تركت شرف العشرين، وقلت للنفس: ويف قوله .لتشرينإين بعثت بالكتاب مرتادا ومستأذنا ، وكيف ترى يف معشر طلبته باحلقوق : وأوحشين قوله: ويف قولهووجدت ريح كتبه وروح قربه فرجعنا إىل العادة وعادت أيامنا، وصرنا إىل احلسىن ورق كالمنا، ألستاذنا،

.وعاودنا املىن وما كانت ختطر وإن خطرت فإهنا كال مىنكذا يكون اللزوم حسنا، وكذا تكون الفصحاء لسنا، ال ما أورده ابن األثري من احلشف، وساقه من الغث

.الذي جمه السمع وما ارتشف .وقد اتفق يل يف اللزوم أبيات ثىن، ال بأس بإثبات شيء منها هنا

:قلت وصانع العامل العلوي واألرضي... أدعوك يا موجد األشياء من عدم

فال تقدر له طوال على عرضي... إن كنت تعرض يوم احلشر يل عمال :وقلت أيضا

شيبأبليته يف الغي وهو الق... يا ساحبا ذي الصبا يف اهلوى ونقه من قبل عصر املشيب... فاغسل بدمع العني ثوب التقى

:وقلت أيضا ملا لزمت البيت يف الوقت زال... وجدت يف عشرة صحيب أذى

حيمد رأي الناس يف االعتزال... يا عجبا من أشعري غدا

:وقلت أيضا عند األكابر فاشيه... إن اللطافة مل تزل

طرفا رقيق احلاشيه... أرأيت عمرك يف الورى :وقلت أيضا

تصغ ملا منقه واختلق... ال ترع للمالق عهدا وال امي على الطري برعي امللق... فأنت تدري ما جنته يد الر

:وقلت أيضا ميزق جنح الليل بارق فيه... أتاين وقد أودى السهاد بناظري

فيه أخذت الكرى مين وعيين... يا طيب األصل هكذا : فقلت له :وقلت أيضا

يأمر السهد يف كراها وينهى... إن عيين مذ غاب شخصك عنها ال تسل ما جرى على اخلد منها... بدموع كأهنن الغوادي

:وقلت أيضا فصب على خديه ذوب عقيق... فديت حبيبا ضرج احلسن وجهه

يقول لنا هذا أخي وشقيقي... إذا عاين الروض املدبج خده :أيضا وقلت

ومجعت فيه لكل معىن شارد... أنفقت كنز مدائحي يف ثغره فأىب وراح تغزيل يف البارد... وطلبت منه جزاء ذلك قبلة

:وقلت أيضا وجرت دموع العني يف حتصيله... وقف القضيب لقده ملا مشى جاءت جبملتها على تفصيله... رشا كساه احلسن منه حلة

:وقلت أيضا أسرفت يف احلب بال فائده... د مادت بغصن النفا قالوا وق

يشبع إن لذت له املائده... فقلت منهوم اهلوى مل يكن :وقلت أيضا

ما زال عني عنائي... ملا تناءيت عنكم فتحت باب اهلناء... ولو قفلت إليكم

:وقلت أيضا رك قد غال عندي وعزا... كن كيف شئت فإن قد

ت أما رأيت الصرب عزى... أن مات السلو تعيش :وقلت أيضا

وليس لعقدها يف احلب فسخ... له يف خده آيات حسن على نار هلما بالروح تسخو... ورحيان العذار له حواش

:وقلت أيضا أثبتهم يف عامل احملو... يا عجبا من معشر سكرهم ويومهم عار من الصحو... وكل كأس مشسه أشرقت

: وقلت أيضا وأنا أشكر سريه... رشأ سار بقليب مل جيد القلب غريه... فسىب صربي ملا

إنين ما أثبت هذه األبيات ملا فيها من اللزوم وال بد فإن ذلك إمنا جاء فيها ضمنا وتبعا، وإمنا أثبتها ملا : أقول .وذلك ظاهر ملن تأمل مواضعها. فيها من التورية

ان خلد اهللا ملكه من احلجاز الشريف سنة ثالث وثالثني وسبعمائة وكتبت بقدوم ركاب موالنا السلطضاعف اهللا نعمة اجلناب العايل وسره مبا عطر الوجود : ملوالنا ملك األمراء بالشام احملروس أعز اهللا أنصاره

حا من أنباء سلطانه، وأهبجه بعود مليكه بعد بلوغ أوطاره إىل أوطانه، ومأل مسعه مبا مأل قلب اإلسالم فر .حىت فاض قليبه مسرة بغري أشطانه

صدرت هذه املكاتبة إىل اجلناب العايل تطوى على سالم يتعوذ البدر بكماله من نقصانه، وتنشر عن ثناء رقص احلمام بأسجاعه أعطاف أغصانه، وتوضح لعلمه الكرمي أنه سطرناها بعد ورود ركابنا الشريف إىل

ناها، وضوأنا بنري وجهنا الشريف أفقها وقد كانت كاأللفاظ املبهمة مستقر ملكه بقلعة اجلبل اليت حللنا مغفلما حللناها ظهر معناها، ووردناها وهي أشد شوقا إلينا من الرياض الذاوية إىل الغمام، وأعظم كلفا من املشوق بنسمات احلمى وسجعات احلمام، وأكثر تطال من الساري يف الظالم إىل طلعة البدر التمام، فزينا

هذا والظفر نزيل . اءها، وجلينا ظلماءها وبللنا غلة أشواقها، وفككنا يد الوحشة اليت أخذت بأطواقهامسجناب جنائبنا، والنصر خادم ركاب ركائبنا، والسعود سائرة بني أيدينا، والوجود، بالتأييد من سائر اجلهات

لياء قد حفت بركابنا فما قصرت عنها ينادينا، والربوق قد بعثت يف اآلفاق ملطفات البشائر خملقة، واألو .سوابق نعمنا ملا رأيناها حملفة

وقد قضينا حبمد اهللا ومنه مناسك احلج، ورفعنا صوتنا بالنداء وأكفنا بالندى فرأى الناس كيف يكون العج، والغيث كيف يكون الثج، ونفحنا من سرانا بنار الربق وفحمة الدجى يف ضرم، وعطفنا من مكة شرفها اهللا

فنلنا بفضل اهللا تعاىل ما أميناه وأملناه، وأدينا األمانة . إىل املدينة أعزها اهللا فما سرنا من حرم إال إىل حرمللشوق يف التملي باحلجرة الشريفة كما محلناه، وشافهنا ذلك املقام الشريف بالسالم عند الوصول إىل

اب العايل يأخذ حظه من هذه البشرى اليت السول، وخلونا به فما كان بيننا وبني الرسول رسول، فاجلنابتهج هبا اإلسالم، وترحنت هلا أعطاف املنابر وعددت هباهتا أنامل األعالم، ونطقت مبحامدها حىت أفواه

وال يكلف الرعايا يف هذه البشرى شيئا لتكون القربة بريئة من الشوائب، خلية من . احملابر بألسنه األقالم

.تكدر جود السحائب، وامللل ينغص وصل احلبائباملعائب، فإن الصواعق واهللا يبقى اجلناب هلناء نسمعه نغماته املطربة، وثناء تترنح له أعطاف الطروس وتترمن له ألسنة األقالم يف

.أيدي الكتبة املعربة مبنه وكرمه .وغالب ما أنشئه أنا إمنا آيت به ملزوما، وخطبة هذا الكتاب ملزومة

:وقد ورد للعرب شيء من ذلك، فمما جاء منه قول بعضهم يف أبيات احلماسة: ضا قال يف اللزوم أي خلقت هواك كما خلقت هوى هلا... إن اليت زعمت فؤادك ملها .وساق األبيات املشهورة

: أال ترى أنه لو قال يف بعض قوافيها. ليس من اللزوم هذا يف شيء، وإمنا القافية الالم واهلاء صلة: أقول :وهذا النوع كثري يف شعر العرب وليس هو من اللزوم كقول كثري عزة. ا أو أصمها ملا جاز ذلكأقره

قلوصيكما مث انزال حيث حلت... خليلي هذا ربع عزة فاعقال :وهي قصيدة طويلة، القافية فيها الالم، وأبيات احلماسة اليت لعمرو بن معد يكرب

زرع أرسلت فاسبطرتجدال ... وملا رأيت اخليل زورا كأنها .األبيات

ولو أورد . على أن ابن األثري جعلها من باب اللزوم، وهذا أقرب إىل اللزوم من األول. القافية فيها الراءونظم أبو متام . فإن أبا متام وغريه يرون أن القافية هنا التاء. هذه وادعى أهنا من اللزوم لكان له بعض شبهة

:وهي. قصيدة تائية على هذا وأي ديار أوطنتها وأيت... نسائلها أي املواطن حلت

وكذلك تائية شرف الدين بن الفارض نظم السلوك، واألخرى القصرية، واحملققون ال جييزون ذلك :وأبيات سلمى بن ربيعة شاعر احلماسة. ويعيبونه

فلجا وأهلك باللوى فاحللت... حلت متاضر غربة فاحتلت .جيعل رويها غري الالمأبيات طويلة مل

:وكذلك قول سليمان بن قتبة العدوي من شعراء احلماسة فلم أرها كعهدها يوم حلت... مررت على أبيات آل حممد

:أما أبيات احلماسة. ويف احلماسة من هذا النوع كثري ضجيج اجلمال اجللة الدبرات... وحرب يضج القوم من نفياهنا

.أما اليت أوردها ابن األثري فالفإهنا من باب اللزوم، :وهو. وقد ذكر بعضهم يف هذا النوع ما ورد يف أبيات احلماسة: قال

.وفيشة ليست كهذي الفيشوأخذ يستدل على صحة دعواه، إما مبا مغلط فيه، وإما . وليس هذا من باب اللزوم: مث ساق األبيات وقال

. ات من باب اللزوم، بدليل أنه لو قال فيها حوش جلازإن هذه األبي: وأقول. مبا خفي الصواب فيه عليه

قصور وقصري، : والواو والياء تقعان ردفا قبل الروي كما تقول. وأما استدالله بعرش وطيش فال يسلم له .وهو أشهر وأظهر من أن يستشهد له بشيء. وكسور وكسري

عر، أو من فواصل الكالم املنثور، فإن واعلم أنه إذا صغرت الكلمة األخرية من الش: قال يف اللزوم أيضا :ذلك ملحق باللزوم مث أورد قول الشاعر

سوء مبييت ليلة الغمري... عز على ليلى بذي سدير .وساقها إىل آخرها

ليس ذلك من اللزوم، فإن طمرا وظهرا وصدرا ، وسحرا ومطرا وقمرا ، إذا كان مجيع ألفاظها : أقولكانت القوايف اليت ذكرها، قمريا وغمريا وعمريا ومجريا ومسريا ومنريا ، لعد نعم لو . مبكرا فال لزوم فيها

فإن الناظم ال يتكلف ملثل ما أورده وال يلزم نفسه شيئا ، بل كل قافية رائية . ذلك من اللزوم لوجود امليمنه يقول بعد ومن عجائب هذا الرجل رمحه اهللا أنه يعد مثل هذا لزوما مث إ. أو غري بائية جيوز تصغريها

إن املتقني يف جنات : " كقوله تعاىل. ورمبا وقع بعض اجلهال يف هذا املوضع فأدخل فيه ما ليس منه: سطرينوهذا ال يدخل يف باب اللزوم، ألن األصل " . فاكهني مبا آتاهم رهبم ووقاهم رهبم عذاب اجلحيم . ونعيم

.والياء هي من حروف املد واللني. فيه، نعم وجحيم :من املطبوع قول القائل: لأقو

وصالحا حملبه... لو أراد اهللا خريا ه إىل قسوة قلبه... نقلت رقة خدي

إن : وكذا هذا الرجل، لو وفقه اهللا يف هذا املقام، كان كالمه هنا قد نقله إىل ما ذكره من التصغري، وقالعلى أنين أضعت هذين البيتني . ريسدر وغمر يف سدير وغم: الياء هنا للتصغري فال عربة هبا ألن األصل

.فديتك ال تزين وال تتصدقي: وما يقال هنا إال. اللذين أوردهتما هنا متمثال ، فإهنما أشرف من كذامسوم ومحيم فيجمع بني : فإنه جيوز يف السجع أن يقال. وأما اآليات الكرمية اليت أوردها فإهنا من باب اللزوم

يم ونعيم ومحيم فإنه من باب اللزوم وقد خبط يف هذا الباب كما خبط يف وأما جح. الواو والياء كما تقدمعلى أن لزوم ما ال يلزم والتجنيس من واضح البديع ومن اشتغل بذلك تنبه هلما يف املبادىء . التجنيس

.لوضوحهما .وعجبت البن أيب احلديد كونه ما تنبه هلذه األشياء

لفظة خود مىت تكون حسنة أو قبيحة

يف االسم الذي هو : النوع السادس يف اختالف صيغ األلفاظ واتفاقها، بعدما ذكر لفظ خود وأهنا قال يف .خود حسنة رائقة، وإذا جاءت على صيغة الفعل مل تكن رائقة

.مث أورد قول أيب متام رتك النعام رأى الطريق فخودا... وإىل بين عبد الكرمي تواهقت

:وبيت احلماسة

رويدك ملا تشفقي حني مشفق... د رأهلا أقول لنفسي حني خوواحتج هلذه بأهنا وردت هنا على حكم اجملاز، . مث إنه حكم لألوىل بالثقل والسماجة، وللثانية باخلفة واحلسن

.وهناك على حكم احلقيقةوإن كان، فهو أوهن من بيت أسس على شفا جرف . ما أكثر حتكم هذا الرجل ودعاويه بال مستند: أقولوذلك أنه من أول الكتاب إىل آخره، يستدل على أن عذوبة اللفظة وحسنها أمر يرجع إىل تركيب .هار

.أحرفها ولذة موقعها يف السمع، وأن ذلك أمر يشهد له احلسإذا كان األمر كذلك، فال اعتبار هنا باملعىن، ولو أن املعىن يؤثر يف اللفظ عذوبة لكانت هركولة : فيقال له

األطراف واألرداف عذبة، ولو أثر املعىن يف اللفظ ركة، لكانت لفظة سعري وحيف ثقيلة يف للمرأة املرجتةإن : فحينئذ قوله. وملا مل تكن العذوبة والثقالة يتعلقان باملعىن علمنا أنا ملعىن ال عربة به يف الفصاحة. السمع

دة، ألن اخلاء والواو املشددة خود يف األول ثقيل لكون حقيقة ويف الثاين حسن لكونه جمازا، دعوى جمر . واجملاز واحلقيقة أمران معنويان ال عالقة هلما باللفظ. والدال مل يتغري هلا صيغة وال بناء يف املوضعني

إن الذي تكلفه النحاة من التعديالت واه ال يثبت على حمك النظر، أفهذا التعليل : أنت قلت: ويقال له .ظر، ليس فيه مغمز وال قدحالذي أوردته قوي ثابت على حمك الن

!وإقدام امرىء عاب الرجاال ... أهذا طعن من يشفي غليال

هل كلمة اإلمة بالكسر فصيحة

ورأيت صاحب كتاب الفصيح وقد ذكرها فيما : قال أيضا يف هذا الفصل، وقد ذكر اإلمة بكسر اهلمزة .تهاويا ليت شعري ما الذي رآه من فصاح. اختاره من األلفاظ الفصيحة

.مث زاد يف احلط عليه وأكثر من ذلك: فقال. إن أبا العباس ثعلبا رمحه اهللا ما ذكر ذلك إال التزاما بورودها ألجل الباب الذي عقده لذلك: أقول

من اخلطبة : باب املكسور أوله، واملضموم باختالف املعىن فاضطر لذكرها وذكر أمثاهلا يف هذا البابوقد يكون املكسور أعذب، وقد يكون املضموم . تزاما بورود ما جاء يف ذلكال. والصفر والرحلة والعشر

أعذب وأئمة اللغة إذا قالوا فصيح ما يريدون به العذوبة واحلسن وال بد، وإمنا يريدون به كثرة االستعمال، .والعذوبة قد جتيء بعد ذلك ضمنا وتبعا

ب اهلمز دون التسهيل، وإن كان التسهيل أخف وهلذا تسمعهم يقولون اللغة الصحى يف زئبق، وزئرب الثو .وأعذب من اهلمز فاألفصح اهلمز

فكل . وكذا قوهلم السمع بتحريك امليم أفصح من السكون، واحلس يشهد بأن التسكني أخف وأحسن .عذب فصيح وال ينعكس

فعيل، وال يقع وكذلك فعل بفتح الفاء وضم العني فليس له إال اسم واحد أيضا وهو : قال يف ذلك أيضا لكن فعل بفتح الفاء وكسر العني يقع يف اسم فاعله االختالف استحسانا واستقباحا . فيه اختالف إال ما شذ

.محد فهو حامد ومحدان: ألن له ثالثة أوزان حنو فاعل وفعل وفعالن، تقول منهو جنب فهو جبان، حن. إن فعال بضم العني، ليس فاعله مقصورا على فعيل بل قد يأيت على فعال: أقول

.وحصنت املرأة فهي حصانوقد جييء على فعال بضم الفاء . وقد يأيت على فعل بتحريك العني، حنو بطل فهو بطل وحسن فهو حسن

وقد جييء على فعول حنو . حنو فرت املاء فهو فرات، وضخم الشيء فهو ضخام، وشجع فهو شجاعوقد جييء . على فاعل حنو محض اللنب فهو حامض وقد جييء. حصرت الناقة فيه حصور، وعزت فهي عزوز

وقد جييء على فعل حنو . على فعل حنو غمر الرجل إذا مل جيرب األمور فهو غمر، وصلب الشيء فهو صلبضخم فهو ضخم، : وقد جيىء على فعل بسكون العني كقولك. ندس الرجل فهو ندس ويقظ فهو يقظ

.وسهل فهو سهل، وصعب فهو صعب، وشهم فهو شهم: أما إذا كان من أفعال السجايا كظرف وشرف وعظم وكرب، فإن اسم فاعله على وزن فعيل تقول يف ذلك

.ظريف وشريف وعظيم وكبريوأما فعل بكسر العني، فإنه أطلق العبارة وادعى أن فاعله جييء على ثالثة أوزان فاعل وفعل وفعالن

بفتح العني كضرب وفعل بكسر العني كعلم وفعل فعل: والقاعدة يف ذلك أن الفعل ال خيلو من ثالث صيغأما األول، فاسم فاعله مطرد القياس على فاعل كضرب فهو ضارب، وذهب فهو . بضم العني كظرف

.ذاهب، وغلب فهو غالب، ونقص فهو ناقص، وكمل فهو كاملوليس للقياس يف وأما الثاين وهو فعل بكسر العني فاسم فاعله على فاعل مسموع، ال يتعدى بذلك النقل،

.أمن فهو آمن، وسلم فهو سامل، وسخط فهو ساخط ورضي فهو راض: كقولك. ذلك مدخلفأما اطراد اسم فاعل فعل على فعل، فهو إذا كان الزما غري متعد، وهو فعل العرض الذي هو غري مستقر،

.فرح فهو فرح، وغرث فهو غرث، وبطن فهو بطن، وأشر فهو أشر، فهذا مطرد: كقولكوأظن ابن . إذا كان متعديا كما ذكره ابن األثري يف محد فال يطرد فاعله على فعل أما محد فما مسعته قطو

رحم فهو راحم ورحيم ورمحان، إال : ليس يف األمساء ما بين على ثالثة أمساء مثل: خالويه يف كتاب ليس قالنه ادعى مثل هذا يف جملس سيف إ: وقيل. سلم فهو سامل وسليم وسلمان، وندم فهو نادم وندمي وندمانقد بقيت واحدة من نسب األمري وهي : فقال. الدولة بن محدان، وذكرت هذه القاعدة وابن خالويه حاضر .ولو كان يف فاعلها محد لذكر يف ذلك الوقت. محد فهو حامد ومحيد ومحدان، وهذه من حماسن ابن خالويه

اعله على أفعل حنو عور فهو أعور وحول فهو أحول، وجهر فإن كان فعل من أفعال األلوان واخللق، فاسم ف . وكذا خضر وسود وصفر، كلما كان من األلوان فاسم فاعله أفعل. فهو أجهر، وكدر فهو أكدر

شبع فهو شبعان، وعطش فهو : وأما إذا كان فعل لالمتداء وحرارة البطن فهو فعالن بسكون العني مثلفقد . وأما الثالث فهو فعل بضم العني. ريان وسكر فهو سكرانعطشان، وصدي فهو صديان، وروي فهو

.تقدم الكالم على اسم فاعله .فهذه القاعدة يف أبنية أمساء الفاعلني من الصيغ الثالثة، ال ما ادعاه وأطلقه

حول املعاظلة اللفظية

:ومن ذلك بعضهم: قال يف املعاظلة اللفظية رب حرب قربوليس قرب ق... وفرب حرب يف مكان قفر

.فهذه القافات والراءات كأهنا سلسلة يف تتابعها، وال خفاء مبا يف ذلك من الثقل :وهكذا ورد قول احلريري يف مقاماته فقال

وعاف عايف العرف عرفانه... وازور من كان له زائرا نصوا عليه ومل يقرنوه أما البيت الذي ذكره أوال فهو معذور فيه، وكل أرباب املعاين والبيان ذكروه و: أقول

فإن البيت الذي للحريري ما فيه غري كثرة اجلناس، وهذه صناعة . وهذا من تعسفه وتعنته. بقول احلريريوإن كان كذلك فكل جناس تردد يف بيت أو فقرة يكون معاظلة على رأيه وليس . فكيف يعدها عيبا

وسبب الثقل يف ذلك البيت، ما هو . ريولو ملح السر يف ثقل ذلك البيت، ملا قرنه بقول احلري. كذلك: تكرار احلروف وال بد فإن ذلك جزء علة، وإمنا هو تقدمي احلروف بعضا على بعض، مع التكرار يف قوله

حىت إن هذا البيت اشتهر بأن األذكياء ميتحنون بإنشاده ثالث مرات متواليات على نفس واحد، . قرب قرب .فما يكاد يسلم أحد من التخبيط فيه

وليس هذا خمصوصا هبذا البيت، بل بكل ما . والسبب يف ذلك تقدمي بعض احلروف على بعض وتأخريها .ترددت حروفه متقدمة ومتأخرة

:وهذا ابن سناء امللك من أرق املتأخرين شعرا وألطفهم قد جاء له مثل هذا يف قوله فكنت أبا ذر وكان أبا جهل... وصفتك والالحي يعاند بالعذل

عليك ومن عينيك يل شاهدا عدل... دا زور من النهي والنهى له شاه حيبك قليب قبل خلقك بل قبلي... حبيبة هذا القلب من قبل خلقه

انظر البيتني املتقدمني ما أرفهما وما أثقل هذا الثالث، وما سببه غري تقدمي احلروف تارة، وتأخريها تارة يف ري فما فيه غري تردد حروف جناسه، والتقدمي والتأخري معدومان وأما بيت احلري. قبلي وقليب، وقلب وقبل

.أال ترى أن العني قبل الفاء يف املرتني والعني قبل الراء والراء قبل الفاء يف املرتني وهذا ظاهر. فيه :وهذا شرف الدين ابن الفارض رمحه اهللا يف تائيته يأيت باجلناس يف البيت كثريا مرددا كقوله

موارك من أكوارها كاألريكة... ر األوراك تارك ال أيا زاجرا مح :وليس فيه من التعاظل والثقل على اللسان ما يف قوله

يؤدي حلمدي أو ملدح موديت... وال حلم يل يف محل ما فيك نالين عوادي دعاوي صدقها قصد مسعة... وعاد دعاوي القيل والقال وانج من

كليفها حىت كفلت بكلفيتبت... وكلفتها ال بل كفلت قيامها وما السبب يف ذلك غري تقدمي احلروف يف هذا تارة، وتأخريها تارة، وسردها على الترتيب يف األول من

.غري تقدمي وتأخري فاعرف ذلك

وأنا ما أنكر أن كثرة التجنيس املتردد يف البيت أو الفقرة ال خيلو من ثقل ما، وإمنا شاححته يف كونه جعل من باب البيت الذي كأنه رقى العقرب، أو بعض العزائم الروحانية، وقد أكثر الناس من قول احلريري

من ذلك أن عيسى بن . وتقعري األلفاظ معلوم وقد ذكره الناس. االستشهاد به وصار يف قلق األلفاظ مثال س عليه، عمر النحوي أو أبا علقمة النحوي سقط عن محاره وأغمي عليه، فلما أفاق ورأى اجتماع النا

دعوه فإن عفريته : ما لكم تكأكأمت علي تكأكؤ على ذي جنة، افرنقعوا عين يرمحكم اهللا فقال بعضهم: قال .يتكلم باهلندية

كنت ومحى : ومن ذلك خرب أم اهليثم مع املرأة اليت شكت إليها أملا يف ظهرها، فسألتها عن السبب فقالتإنك لذات : فقالت هلا أم اهليثم. لعة فاعترتين زخلةبدكة، فحضرت مأدبة، فأكلت حيزبة من فراص ه .إن أبغضكم إيل الثرثارون املتفيهقون املتشدقون: خزعبالت وقد قال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم

فالثرثار من قوهلم عني ثرثارة إذا كثر ماؤها، واملتفيهق من . هذه األلفاظ كلها يراد هبا املتنطعون يف الكالم . ر إذا امتأل، واملتشدق الذي يفتح شدقيهتفيهق الغدي

من أنواع املعاظلة

.القسم اخلامس من املعاظلة أن ترد صفات متعددة على حنو واحد: قال يف املعاظلة :كقول أيب متام وأنشد له أبياتا منها

ملمومه حمزئله أجده... تامكه هنده مداخله .اس دوهناوهذا البيت من املعاظلة اليت قلع األضر: مث قالليس ثقل البيت من تعدد الصفات، وإمنا هو من قوله تامكه وحمزئله، وليس يف تعدد الصفات نفسها : أقول

. قوميه، أهيفه، ناعمه، لدنه، ريانه: ثقل وال معاظلة إذا وردت بألفاظ عذبة، كما تقول إذا وصفت قواما .أمحد بن خلكان ومثل ذلك قول القاضي مشس الدين. فإن حذفت اهلاء زاد حسنا

وبليل طرتك اليت كالغيهب... قسما بوجهك وهو بدر طالع أخاطرها يف احلب أصعد مركب... وبقامة لك كالقضيب ركبت يف

عذب النمري اللؤلؤي األشنب... ويطيب مبسمك الشهي البارد ال :ومما قلته يف هذا النوع

الريان م األهيف املتعطف... قسما بناضر قدك اللدن القوي هامي امللث اهلاطل اهلتان... وجبفين الدامي القريح اهلامع ال

جلد يساعدين على اهلجران... مايل على ذل اجلفا صرب وال وأما بيت أيب متام فإنه من قصيدة جاء . واحلس حيكم بيننا وبني من يدعي أن هذا من باب املعاظلة اللفظية

:فيها مثله بيتان ومها عراصه يف األكف مسحسحه مطرده... مثقفه مارنه لدنه :مث قال

وابله مستهله برده... مسفه ثره مسححه :قال وقد أورد قول أيب الطيب وال حيلل األمر الذي هو يربم... فال يبرم األمر الذي هو حالل

رد التعصب

لشاعر ويسمي غريه من الشعراء وبلغين عن أيب العالء أنه كان يتعصب أليب الطيب، حىت إنه كان يسميه ا .بامسه

.إن اهللا قد مجع له بني العمى يف البصر والبصرية: وزاد ابن األثري يف ذم املعري وقالإن املعري معذور يف تفضيل املتنيب على غريه، وليس هو ببدع يف ترجيحه على غريه من الشعراء : أقول

وإمنا . ممن رجحه يعتقد أنه معصوم ال يقع يف اخلطأ وما املعري وال غريه. فأكثر الناس على هذا املذهبالرجل إذا أجاد مل يلحقه أحد، وما له عندي نظري غري القاضي الفاضل رمحه اهللا تعاىل، فإن الفاضل هكذا ينحط يف بعض األوقات إىل احلضيض، مث يثب وثبة تكون الثريا هلا ثرى، ويدع من اتبع أثره وقفا خطاه

وخواطري كليلة، وتصرفايت قليلة، ومحييت كما يعرفها، واخللطة ختليط، فإن : كقوله. وقد رجع القهقرى .مسع سيدنا بابن شفة عين فهو لقيط

وكذلك أبو الطيب، بينا تراه على عادة الشعراء من متوسط وردي، حىت يأيت جبيد ترك الناس ينفضون غبار :كما قال. يهيمون يف واديهم سبقه من هواديهم، وجلس على أسرة األفق مطمئنا والشعراء

وأمكر من كفة احلابل... فذي الدار أخدع من مومس :مث أردفه بقوله

وما حيصلون على طائل... تفاىن الرجال على حبها :وكما قال يرثي والدة سيف الدولة

ودمع احلزن يف دمع الدالل... أتتهن املصيبة غافالت :مث قال

وال التذكري فخر للهالل... وما التأنيث السم الشمس عيب :وكما قال منها

كأنك مستقيم يف حمال... رأيتك يف الذين أرى مملوكا :مث أردفه بقوله

فإن املسك بعض دم الغزال... فإن تفق األنام وأنت منهم :وكما قال يف رثاء ابن سيف الدولة

ي يبليفهذا الذي يضين كذاك الذ... بنا منك فوق الرمل ما بك يف الرمل :مث أردفه

إذا مت فاخترت احلمام على الثكل... كأنك أبصرت الذي يب وخفته

:وكما قال فما كليب وأهل األعصر األول... ليت املدائح تستويف مناقبه

:مث أردفه بقوله يف طلعة الشمس ما يغنيك عن زجل... خذ ما تراه ودع شيئا مسعت به

:وكما قال ألنك قد زريت على العباد... ب نلومك يا علي لغري ذن

:مث يقول بعد ذا وقد طبعت سيوفك من رقاد... كأن اهلام يف اهليجا عيون

فما خيطرن إال يف فؤاد... وقد صنعت األسنة من مهوم .وهذان البيتان وإن عدت سرقاهتما فما فيها ما له هذه الديباجة وال فيه هذه الطالوة

: وكما قال

وأشبهنا بدنيانا الطغام... نجذب إليه وشبه الشيء م :مث يردفه بقوله

تعاىل اجليش واحنط القتام... ولو مل يعل إال ذو حمل :وكما قال

فأعلمهم فدم وأحزمهم وغد... أذم إىل هذا الزمان أهيله :مث يردفهما بقوله

عدوا له ما من صداقته بد... ومن نكد الدنيا على احلر أن يرى :البيت وكما قال.. قويل ومن نكد الدنيا: ما معجزك ؟ فقال: ل إنه ملا ادعى النبوة قيل لهقي

صفائح دمعها ماء اجلسوم... ستبكي شجوها فرسي ومهري :مث يقول بعد هذا

وآفته من الفهم السقيم... وكم من عائب قوال صحيحا :وكما قال

نه ما عناناوعناهم من شأ... صحب الناس قبلنا ذا الزمانا :مث يقول

فمن العجز أن تكون جبانا... وإذا مل يكن من املوت بد :وكما قال

كلفظ حرف وعاه سامع فهم... نتاج رأيك يف وقت على عجل :مث يقول

ومسهريته يف وجهه غمم... صدمتهم خبميس أنت غرته

يسقطن حولك واألرواح تنهزم... فكان أثبت ما فيه جسومهم :قالوكما

ما كل ماشية بالرجل مشالل... وإمنا يبلغ اإلنسان طاقته :مث يقول

ما قاته، وفضول العيش أشغال... ذكر الفىت عمره الثاين وحاجته .وهذا البيت فيه ثالثة أمثال

:وكما قال وينبو نبوة القصم الكهام... عجبت ملن له قد وحد

:مث يقول كنقص القادرين على التمام ...ومل أر يف عيوب الناس شيئا

:وكما قال فصعب العال يف الصعب والسهل يف السهل... ذريين أنل ما ال ينال من العال

:مث يقول وال بد دون الشهد من إبر النحل... تريدين لقيان املعايل رخيصة

:وكما قال ولة فناخسرو شهنشاها... أبا شجاع بفارس عضد الد

وإمنا لذة ذكرناها... رفة أساميا مل تزده معولكن هذا القدر كاف يف الداللة على ماله من اجليد، فانظر إىل . فهذا يسري من كثري، وقليل من غزير

وهذان الرجالن قد سار ذكرمها وثبت أمرمها وأسكرت األلباب . ولكن أين ارتفاعه. احنطاطه وارتفاعه .مخرمها

عم أن يأيت هلا بضريبويز... ويف تعب من حيسد الشمس ضوءها فالقاضي الفاضل رمحه اهللا انفرد بالترسل، وانفرد املتنيب بالشعر مع ماهلما من االحنطاط، ولكن احنطاط

.املتنيب أوضع وأشنعولو أن الناس إذا رأوا جوادا خبل يف وقت، أو شجاعا فر يف وقت، أو صانعا ماهرا قصر يف وقت، يرموهنم

يعدون هلم إحسانا ، ملا كان يف الوجود جواد وال شجاع وال صانع ماهر وال بالعيب ويطعنون عليهم والوإمنا العربة باألغلب واألكثر، والقليل معفو عنه، ألن العصمة ال تشترط إال . خطيب بليغ وال شاعر جميد

.للمرسلني صلوات اهللا عليهم وسالمه :وللمعري بيتان يفضل فيهما أبا الطيب على أيب متام ومها

ما أراه يقارب املتنيب... ما حبيب إال أديب ولكن جفوين دهرا وتيمن قليب... ذا املعاين الغرائب الالئي أسهرن

وملا فرغ أبو العالء من تصنيف كتاب الالمع العزيزي يف شرح ديوان أيب الطيب وقرىء عليه، أخذ اجلماعة

:يقولكأمنا نظر املتنيب إيل بلحظ الغيب إذ : فقال. يف وصفه وأمسعت كلمايت من به صمم... أنا الذي نظر األعمى إىل أديب

ناولوين معجز أمحد، يعين ديوان أيب الطيب وإذا كان يف : إن املعري كان إذا خال ممن ال يثق إليه قال: وقيل .الشاعر: غري اخللوة يقول

اصربوا حىت : الكالم قال وهذا شبيه مبا حيكى عن أفالطون من أنه كان إذا جلس للناس، واستدعي منهوكان يسمي ديوان أيب متام ذكرى حبيب . يريد أرسطو. حىت حيضر العقل: حيضر الناس، أو رمبا قال

أما املدح فألن عبث الوليد حلو على . وهذا حيتمل املدح والذم. ويسمي ديوان البحتري عبث الوليد .ءوأما الذم فألن العبث من حيث هو مذموم عند العقال. القلوب

ويسمي ديوان ابن هاىنء املغريب رحى تطحن قرونا ولعمري إن أبا العالء املعري ما أنصف ابن هاىنء يف هذه :أليس هو الذي يقول يف القصيدة الرائية. التسمية

بالنصر من ورق احلديد األخضر... وجنيتم مثر الوقائع يانعا ومنها

لقنا املتكسرمما عليه من ا... ال يأكل السرحان شلو طعينهم هو بالذم أشبه منه باملدح، ألنه وصفهم بأهنم لكثرة ما جيتمعون : وبعض الناس ميغلط يف هذا البيت ويقول

على الواحد من أعدائهم، يكسرون القنا يف الطعان عليه حىت يقتلوه، فيجتمع عليه من الرماح املكسرة ما أنه إذا : ملراد به أنه من املمدوحني أنفسهم، واملعىنمينع السرحان من أكله وليس األمر كذلك، ألن الطعني ا

فالطعني من املمدوحني ال من . مات منهم طعني ال ميوت إال بعد أن جيتمع عليه من األعداء خلق كثري .عدوهم وهذا يف غاية املدح

:أليس له تلك القصيدة الفائية، وما فيها من تشبيه الكواكب حىت انتهى إىل ذكر السهى فقال فآونة يبدو وآونة خيفى... ن سهاها عاشق بني عود كأ

.وهي مشهورة وكلها جيد :أليس له القصيدة الدالية اليت أوهلا

وانفضوا عن مضجعي شوك القتاد... إمسحوا عن ناظري كحل السهاد ال أحب اجلسم مسلوب الفؤاد... أو خذوا مين ما أبقيتم :ومنها يف وصف الدروع

كعيون من أفاع أو جراد... اشي فوقه كل رقراق احلو وعلى املاذي صبغ من جساد... فعلى األجساد وقد من سنا

:أليس له الفائية األخرى اليت يقول فيها وهصرهتن مهفهفا فمهفهفا... ولقد هززت غصوهنا بثمارها

وشربتها من مقلتيه قرقفا... فرددهتا من راحتيه مرة

من ناظريك على رقيبك مرهفا... رطت يدي ما كان أفتكين لو اخت :أليس له القصيدة الكافية اليت أوهلا

وكؤوس مخرك أم مراشف فيك... فتكات طرفك أم سيوف أبيك ال أنت رامحة وال أهلوك... أجالد مرهفة وفتك حماجر

:منها عثروا بطيف طارق ظنوك... منعوك من سنة الكرى وسروا فلو

ملا متايل عطفك اتهموك... سقوك مدامة ودعوك نشوى ما .وله أشياء مليحة

وأما أبو الطيب فمن سعادته أنه شرح ديوانه . وأما ختلصاته فمن أحسن ما يكون ولكن املعري حتامل عليهمنهم الواحدي وحسبك ومنهم اإلمام فخر الدين، وللشيخ تاج الدين الكندي . ما يقارب األربعني فاضال

اش على ديوانه أحسن من حواشي األصداغ يف هوامش الوجنات، تشتمل على فوائد مجة رمحه اهللا حووقد سردت من شرح ديوانه يف ترمجته يف . وقواعد مهمة، من غريب لغة واعراب ومعىن ليس هلا نظري

.كتاب الوايف بالوفيات .بة يقولون املتنبهاملتنيب، وإخواننا املغار: وقال الوزير املغريب يف كتاب أدب اخلواص وقد قال

وكان الشيخ تاج الدين يروي أليب . وهذا حتريف حسن من املغاربة، وما يليق أن يطلق عليه املتنيب: قلت أنا :الطيب بيتني يتصل سندمها به وليسا يف ديوانه ومها

فأهنتين وقذفتين من حالق... أبعني مفتقر إليك نظرتين ت آمايل بغري اخلالقأنزل... لست امللوم أنا امللوم ألنين

وممن عابه وحط عليه الصاحب . وعلى اجلملة فقد رزق أبو الطيب من السعادة يف شعره ما مل يرزقه غريهبن عباد يف كراريس لطيفة، ومنهم ابن وكيع يف املنصف وقال ابن شرف القريواين يف أبكار األفكار وهو

حطا بالغا ومنهم احلامتي يف رسيلة لطيفة، والوحيد املغريب حط عليه وعلى ابن جين. أجور من سدومورسالة أخرى أمالها احلامتي يف معايبه، وهي جملدة لطيفة، وله املوازنة بينه وبني أيب متام وللجرجاين رمحه اهللا

كتاب الوساطة بني املتنيب وخصومه، ما خال فيها من التمايل عليه، ومنهم الناصح ابن الدهان يف رسالة .ة السعيدية يف املآخذ الكنديةمساها الرسال

وما ملن يعيب جيده . لو كان اإلنسان كالقدح، لقال الناس ولوال: وقال رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم :جواب إال ما قاله هو يف وصف قصديته

كما تضر رياح الورد باجلعل... بذي الغباوة من انشادها صمم

حول وصل مهزة القطع وقطع مهزة الوصل

ومن هذا القسم وصل مهزة القطع وهو حمسوب من جائزات الشعر اليت ال : املعاظلة اللفظية أيضا قال يف .جتوز يف الكالم املنثور، وكذلك قطع مهزة الوصل

: مث أورد قول أيب متام

بإعظالم مولود ورأفة والد... فأصبح يلقاين الزمان من آجله ووصل . إذا عدها عيبا، وهي عندي كمد املقصور يف القبح أما قطع مهزة الوصل فإنه معذور فيها: أقول

وذلك أنك تنقل األثقل إىل األخف فيهما خبالف ذينك فإنك . مهزة القطع أراها كمد املقصور وهي أحسن .تنقل األخف إىل األثقل

النقل، وأما جعله قول أيب متام من أجله مما ال جيوز إال يف الشعر فقط، فليس األمر كذلك، وهذا من بابوقراء التجويد يعرفون ذلك وال يسمونه وصل اهلمز، بل نقل احلركة من املتحرك إىل الساكن كقوله تعاىل

ولو : " قالوا. فإن واو لو ساكنه، فإذا أرادوا النقل نقلوا حركة اهلمزة اليت تليها إليها" ولو اهنم صربوا " .وهذا مشهور ظاهر ال ينكر" اهنم

بنقل حركة اهلمزة إىل النون يف من وهذا مثل " من اجل ذلك كتبنا على بين إسرائيل : " ىلوقرأوا قوله تعا .قول أيب متام

وإذا كان هذه القاعدة مطردة يف القرآن مجيعه من أوله إىل آخره، كيف مينعه وجيعله من ضرورات الشعر .واملعاظلة يف األلفاظ

:نعم يقبح يف مثل قول املتنيب طالب الطالبني ال اإلنتظار... ز كل يوم يوسطه املافو .وشدة الظن ال االستدالل فإنه وإن كان على القاعدة فإنه مستثقل كما تراه: وقوله أيضا

؟الصناعة املعنوية قال يف املقالة الثانية يف الصناعة املعنوية وقد ذكر حكم اليونان وعلومهم إن أبا نواس حتري وأبا الطيب وغريهم كعبد احلميد وابن العميد والصايب مل يتعلموا من ومسلم بن الوليد وأبا متام والب

كتب اليونان شيئا وجاؤوا مبا جاؤوا به مث إنه مثل بنفسه وإنه مل يراع ذلك وجاء مبا جاء به، وادعى هنا ما .ادعاه لنفسه

من أين عملت هذا : أقول لهف. إنين ما املشاحة هنا إال يف حكمه أن هؤالء ما اشتغلوا بشيء من ذلك: أقول: حىت حتكم به ؟ أما دعواك لنفسك فما أعارضك فيها، ألن الناس أخرب بنفوسهم، وأما أبو نواس فقد قيل

. أبو نواس فقيه غلب عليه الشعر، والشافعي شاعر غلب عليه الفقه: إنه كان يشتغل بالفقه حىت قيل فيهوعدم الدليل ال يدل على عدم . شتغال بعلوم اليونانومع ذلك فلم يظهر عنه فقه، كما مل يظهر عنه ا

.املدلولعلى أنه كان يف زمن الرشيد واألمني واملأمون، وهذه العلوم اشتهرت يف أيامهم، خصوصا يف زمن املأمون،

فإنه رتب الذهب ملن حيل كتب اليونان من اليونانية إىل العربية مثل حنني بن إسحق، وابن خبتيشوع .وغريمها

:ترى أبا نواس قال أال حفظت شيئا وغابت عنك أشياء... فقل ملن يدعي يف العلم فلسفة

هذا مما يدل على رفضه هلذه العلوم وتركه إياها، قلت إمنا قال هذا يف سياق أبيات يغري فيها : فإن قلتلس األنس، حىت بالسكر ودفع اخلمار باخلمر واإلدمان لذلك، واالهنماك يف اللذات ومواصلة الشراب وجما

انتهى إىل قومه هذا البيت ردا على القائلني باحلكمة، وأن األخذ من الشراب كثريا حمرم عقال ، وأن حفظت شيئا من احلكمة، : فأخذ يسفه احلكيم يف رأيه ويقول. االكثار من ذلك مضر من حيث الطب

.الشعراء يف اإلغراء وغابت عنك أشياء يف إدمان الشراب من اللذاذات واالبتهاج على عادة :مث إنه قال فيها

فإن حظركه بالدين ازراء... ال حتظر العفو ان كنت امرءا حرجا وهذا على عادة الشعراء يف جموهنم، وإمنا أبو نواس أكثر من الشعر فدون عنه، ومل يضع هو تلك العلوم

.شيئا ، ال جرم أنه مل يظهر عنه شيء :وقول أيب نواس

حرامان املدامة والسكر: وقال... النبيذ وشربه أباح العراقي فحلت لنا من بني قوليهما اخلمر... الشرابان واحد : وقال احلجازي

وأشرهبا ال فارق الوازر الوزر... سآخذ من قوليهما طرفيهما كالم فمن أنعم النظر يف هذه األبيات، علم أن أبا نواس كان منطقيا ، فإن استنتاجه حل اخلمر يف مقدميت

.وهذا على عادة جماز الشعر وإال فالصحيح حرمة اخلمر. الفقيه العراقي واحلجازي يدل على ذلك

هل صح اطالع بعض الشعراء والكتاب

على حكم اليونان وعلومهم

أنا وأبو متام حكيمان وإمنا الشاعر البحتري، وكالم هذين الشاعرين يدل على : وأما أبو الطيب فقد قال. خصوصا املتنيب واحلامتية تدل على أنه كان ينظر يف كالما قوم. يا عن شيء من علوم الفلسفةأهنما ما عر

: أال ترى قوله ميدح ابن العميد

جالست رسطاليس واإلسكندرا... من مبلغ األعراب أين بعدها متبديا متملكا متحضرا... ومسعت بطليموس دارس كتبه

.ب القوموهذا بعيد أن يصدر ممن مل ينظر يف كت :وقال املعري وقد أورد أليب الطيب قوله

فس أن احلمام مر املذاق... إلف هذا اهلواء أوقع يف األن واألسى ال يكون بعد الفراق... واألسى قبل فرقة الروح عجز

هذان البيتان يفضالن كتابا من كتب اليونان، لتناهيهما يف الصدق وحسن النظر، ولو مل يكن له سوامها، .فاه ذلك شرفا لك

.وكان متوسعا يف علوم الفلسفة والنجوم: وأما ابن العميد فقد قال ابن خلكان رمحه اهللا تعاىل يف ترمجته .والبيتان الرائيان املذكوران أليب الطيب يف مدحه يؤيدان ما قاله ابن خلكان: قلتومن . وله يف أصوهلم مصنفأليس هو بصاحب الصاحب بن عباد، وقد كان من رجاالت املعتزلة، : وأقول

.املستحيل أن معتزليا ال ينظر يف كتب الفلسفةوأما ابن أيب احلديد، فقد أجابه عن دعواه أن اإلنسان ال حيتاج إىل املنطق وال إىل هذه العلوم، يف الفلك

.والصحيح أنه من جهل شيئا عاداه. الدائر

شاهد احلال ودوره يف استخراج املعاين

.ومما يعني على استخراج املعاين شاهد احلال: قال يف هذاما أنكر أن مشاهدة احلال يف اخلارج تعني على تصور املعاين، إال أن استنباط املعاين ال يفتقر فيه إىل : أقول

املشاهدة، وقد جاء يف الوجود مجاعة من العميان الذين مل يشاهدوا الصور يف اخلارج، وأتوا بالتشبيهات .ار بن برد حيث قالالبديعة، مثل بش

وأسيافنا ليل هتاوى كواكبه... كأن مثار النفع فوق رؤوسنا :ومثل أيب العالء املعري حيث يقول

بذوب النضار الكاتب ابن هالل... والح هالل مثل نون أجادها :وحيث يقول

ج عليها قالئد من مجان... ليليت هذه عروس من الزن ن وقلب احملب يف اخلفقان... للو وسهيل كوجنة احلب يف ا

ر فغطى املشيب بالزعفران... مث شاب الدجى وخاف من اهلج .وله أشياء كثرية من التشبيه الغريب :ومثل أيب البقاء العكربي حيث يقول

بان يف قعره الذي كان ساخا... وغدير رقت حواشيه حىت من صفا مائه تزق فراخا... وكأن الطيور إذ وردته

:ما أحلى قول أيب طاهر حيدر يف مثل هذاو يقدر من صفاء املاء أرضا... وضاحية وردت هبا غديرا

يقبل بعضها للشوق بعضا... كأن الوحش حيث تغب فيه ومثل مجاعة تقدموا من األضراء كأيب العيناء وابن سيده صاحب احملكم، والشاطيب رمحه اهللا، وغري هؤالء

.يستعينوا حباسة البصر ممن أتى بالغرائب، ومل. إن هؤالء إن كانوا ما رأوا وال شاهدوا، فقد مسعوا ما قاله غريهم، وشبهوا كما شبه غريهم: فإن قلت

فإن الناظم قد يتصور املعىن . ما نازعتك يف ذلك، وإمنا أردت أن التشبيه ال يفتقر إىل الصورة اخلارجة: قلت .كقول ابن املعتز. ولد املعىن من معىن آخريف ذهنه من عري أن يشاهده يف اخلارج، وي

قدم تبدت من ثياب حداد... وأرى الثريا يف السماء كأهنا :فإنه ولد هذا املعىن من قول اآلخر

وجوه عذارى يف مالحف سود... كأن كؤوس الشرب والليل مظلم :وكما قال ابن الذروي وقد ذكر أهل النوبة يف مدح صالح الدين

كأعني الرمد بدت لألساه... ر الظىب حوهلا سود وحتم مثل دنان بزلت للسقاه... أو ال فسمر تنتحيها القنا

:فإنه ولد هذا املعىن األول من قول األرجاين كحلت حماجرها بأمحر قان... وكأن كل شقيقة حممرة

يبدو لرامقها سوى اإلنسان... عني إلنسان وقد رمدت فما :الثاين من قول أيب العالء املعري يف تشبيه الربقوولد املعىن

حسبت الليل زجنيا جرحيا... إذا ما اهتاج أمحر مستطريا .ولعمري لقد تصرف يف هذا التشبيه الثاين تصرفا حسنا

:وكما ولدت أنا من قول احلصري من خشن اللمس ومن لين... الناس كاألرض ومنها هم

وإمثد جيعل يف األعني... مرو تشكى الرجل منه األذى : فنقلته إىل معىن املتنيب املشهور وقلت

وبناهنم للمجتلي واجملتين... موىل تفرع من كرام وجههم ومن احلجارة إمثد يف األعني... سادوا األنام عال وهم من جنسهم :وولدت أيضا من قول بعض العرب

الفهلا شطر يلوح من الغ... كأن هالله مرآة قني :فقلت يف العذار

صدغه قد دجا وكان ينري... قلت إذ قيل يل تسل فهذا يف غالف العذار شيء يسري... هي مرآة خده غاب منها

فإذا شبهت . أو يعكس املعىن إىل ضده وهو يف التشبيه كثري، ألن التشبيه واقع بني طرفني، شبيه ومشبه بهوم، وإذا شبهت الربق بالسيف، جاز أن تشبه السيف بالربق، النجوم بالشرار جاز أن تشبه الشرار بالنج

.وإذا شبهت اهلالل بالقالمة، جاز أن تشبه القالمة باهلالل :قال ابن املعتز

مثل القالمة إذ قدت من الظفر... والح ضوء هالل كاد يفضحنا

:وعكس ذلك سعد الدين ابن عريب فقال يف مليح قلم أظافره يهواك أجدر بالبعاد األطول... ك فالذي أبعدت ظفرك وهو بعض

عن حاجة، ال بل ملعىن عن يل... أتظنين قلمتها : فأجابين أن اهلالل قالمة من أمنلي... ألريك يا من باهلالل يقيسين

:وما أحسن قول احلسن بن إبراهيم النطري يف املقص واألنامل والقالمات واألظفار وأعانه مخس هبن يدور.. .ما عامل حيكي إذا استعملته أعلى بدور حتتهن حبور... صقرا يصيد أهلة يلمعن من

:وعكست أنا قول بعضهم يف الورد خدود تواىل فوقها الدمع بالوكف... كأن امحرار الورد والطل فوقه

:فقلت من أبيات روض على مثل عطفيها وال صدحت... أقسمت ما سجعت ورق احلمائم يف

رأيتها فوق حسن الغصن قد رجحت... اعتدلت بامليل قامتها وكلما لكنها وردة بالطل قدر رشحت... وما اكتسى خدها من لؤلؤ عرقا

:فقلت" وهي جتري هبم يف موج كاجلبال " وعكست أيضا التشبيه الوارد يف قوله تعاىل حبر رمل عجاجه عجاج... قد ركبنا على الربيد ملصر

يف جبال كأهنا أمواج... شبيه ملا جرينا فعكسنا التومثل هذا يسمى غلبة الفرع على األصل، كما إذا شبهت العرجون باهلالل، والغصن بالقد، والنرجس

.وهو مشهور. بالعيون، والليل بالشعر والصبح بالثغر

فضل املتنيب يف الميته يف خيمة سيف الدولة

:اليت أوهلا قال بعدما أورد أبيات املتنيب يف اخليمة أينفع يف اخليمة العذل

وهذه األبيات قد اشتملت على معان عديدة، وكفى باملتنيب فضال أن يأيت : وقد ساق منها مخسة عشر بيتا .مبثلها :أين هذا الكالم يف حق املتنيب من الكالم عند إيراد قوله: أقول

البيت... فال تربم األقدار ما هو حالل . املعري لتفضيله إياه واإلزراء والطعن على

هل أبدع أبو نواس يف أبياته

:تدار علينا الراح يف عسجدية قال بعدما أورد أبيات أيب نواس .األبيات الثالثة... جتار علينا الراح يف عسجدية

وحيكى عن اجلاحظ أنه . وقد أكثر العلماء من وصف هذه األبيات وهذا املعىن، وقوهلم فيه إنه معىن مبتدع .ما زال الشعراء يتناقلون املعاين قدميا وحديثا إال هذا املعىن، فإن أبا نواس انفرد بإبداعه :قال

بدون هذا يباع : قد جتاوزمت حد اإلكثار، ومن األمثال السائرة: وما أعلم أنا ما أقول هلؤالء سوى أن أقولألن أبا نواس رأى كأسا . كلفة فيهفإنه كبري . وفصاحة هذا الشعر عندي هي املوصوفة ال هذا املعىن. احلمار

.من الذهب ذات تصاوير فحكاها يف شعرهوالذي عندي يف هذا، أنه من املعاين املشاهدة، فإن هذه اخلمر مل حتمل إال ماء يسريا ، وكانت تستغرق حال صور هذا الكأس إىل مكان جيوهبا، وكان املاء فيها قليال بقدر القالنس اليت على رؤوسها وهذا حكاية

. مشاهدة بالبصر

كفى هبذا الرجل رمحه اهللا أن يقول مثل هذا، وما أعرف كتابا من أمهات كتب األدب مثل الروضة : أقول. للمربد والذخرية البن بسام وزهر اآلداب للحصري إال وقد تضمن ذكر هذه األبيات والثناء عليها

ذق أئمة األدب، وأعرفهم مبا يقول، وحسبك بكالم يثين عليه أبو عثمان عمرو اجلاحظ، وهو من أح .وأبصرهم مبدارك العقول، وقوله يف مثل هذا حجة، وما قرره يف األبيات هو احملجة

وأما اجلاحظ رمحه اهللا فما منا معاشر الكتاب إال من دخل من كتبه : وما أحسن قول القاضي الفاضل .احلارة، وشن الغارة، وخرج وعلى الكتف منها كاره

لفاضل رمحه اهللا بذكره يف ترسله، وذكر تصانيفه، ولو مل يكن له يف كتب األدب إال كتاب البيان وقد أولع امما فضل اهللا به أمة حممد صلى اهللا عليه وسلم على غريها من األمم، عمر : ويقال. والتبيني لكفاه ذلك فخرا

.بن اخلطاب رضي اهللا عنه بسياسته، واحلسن البصري بعلمه، واجلاحظ ببيانهدخلت ديوان املكاتبات ببغداد، فرأيت قوما قد صقلوا ثياهبم، وصفوا عمائمهم، : وحيكى عنه أنه قالظواهر نظيفة، " فأما الزبد فيذهب جفاء : " مث اختربهتم، فوجدهتم كما قال اهللا تعاىل. ووشوا طرزهم

أجوبته ما حيكى عنه أنه اجتمع ومن" فويل هلم مما كتبت أيديهم، وويل هلم مما يكسبون " وبواطن سخيفة نار احلرب، ونار الشجر، ونار : كم نارا يف اللغة ؟ فقال: فقال له اجلماز. باجلماز يف جملس بالبصرة

نار حر أمك اليت : قال. وما هي: قال. تركت أبلغ النريان: فقال له. احلباحب، ونار املعدة، والنار املعروفةأما نار أمي فقد قضيت أن هلا خزانا ، الشأن يف حر : فقال اجلاحظ. اكلما ألقي فيها فوج سألتها خزنته

واجلاحظ أشهر من أن يذكر مبحاسن وأنا أحكي ما . هل من مزيد: هل امتألت ؟ وتقول: أمك اليت يقال هلاتقلب، وجدنا املعاين: والذي نقله أئمة األدب عنه أنه قال. فإن ابن األثري رمحه اهللا روج املقال. قاله اجلاحظ

:ويؤخذ بعضها من بعض، إال قول عنترة يف الذباب غردا كفعل الشارب املترمن... وخال الذباب هبا فليس ببارح

قدح املنكب على الزناد األجذم... هزجا حيك ذراعه بذراعه

:وقول أيب نواس يف تصاوير الكأس .وأنشد األبيات انتهى... تدار علينا الراح يف عسجدية

:بسام يف الذخرية وقد ذكر أن أبا نواس ولد هذا املعىن من قول امرىء القيس قال ابن وشجت مباء غري طرق وال كدر... فلما استطابوا صب يف الصحن نصفه

فجعل الشراب واملاء نصفني لقوة الشراب، فتسلق عليه أبو نواس وأخفاه مبا شغل به الكالم من ذكره .ة مليحةالصور املنقوشة، إال أهنا سرق

:كقوله. وكرر أبو نواس هذا املعىن عجبا به يف مواضع مكللة حافاهتا بنجوم... بنينا على كسرى مساء مدامة

إذن الصطفانا دون كل ندمي... فلو رد يف كسرى بن ساسان روحه :وأخذه الناشىء فولد معىن زائدا عليه فقال

حلجال وغيداعربا برزن من ا... يف كأسها صور تظن حلسنها ذهبا ودرا توأما وفريدا... وإذا املزاج أثارها فتنمنمت

وجعلن ذا لنحورهن عقودا... فكأهنن لبسن ذاك جماسدا :وقال ابن املعتز

فرائسهن ألباب الرجال... وكأس من زجاج فيه أسد :وأمل هبذا ابن بطال البطليوسي فقال لراح، ألباب الرجال فريسهامن ا... وغاب من األكواس فيها ضراغم

وقد كاد يسطو بالفؤاد رسيسها... قرعت هبا سن اهلموم فأقلعت :وقال أبو متام ابن رباح

غريقا ، ولكن يف خليج من اخلمر... وكاس بدا كسرى هبا يف قرارة ولكنهم جاؤوا بأخفى من السحر... وما صورته فارس عبثا به فنومي إليه بالسجود وال ندري... ياته أشاروا مبا دانوا له يف ح

.هذا ما أورده ابن بسام يف معىن الكأس املنقوشة .وال بأس بإيراد ما جاء يف ذلك للشعراء املتأخرين، من ذلك قول ابن سناء امللك

ب وإنين بالدر أدرى... ما الدر إال ذا احلبا ء ويف كؤوسك ألف شعرى... شعري وشعرى يف السما

منت على أشالء كسرى... ك وال كما منت علي

سجدوا له طوعا وقسرا... اخللق ملا عاش قد سجدوا له يف الكأس سكرا... والكل ملا مات قد

.وال خيفى على ذي اللب أن هذا مأخوذ من قول أيب متام بن رباح وقد تقدم وهو أحسن من هذا

:وقوله أيضا م فيهم جنون ووسواسوغريه... أال إن شراب املدام هم الناس

فليس يزال الدهر يف كفه كاس... فيا ليت أين مثل كسرى مصور .وسيأيت فيما بعد. وهذا مأخوذ من قول أيب فراس :وقوله أيضا وهو يف غاية احلسن

بدت كالعقيق الرطب والذهب الرخص... شربنا على هذا وذاك مدامة فكادت تبعث الروح يف الشخصوكسرى، ... أعيد لنا يف كأسها شخص قيصر

جمنا فقلنا بل مساكني يف خص... قياصرة يف قصر كسرى ورمبا :وقول ابن قالقس اإلسكندري بيد املدير خلفت أن يتسعرا... لو مل يصبها املاء حني توقدت كسرى أنوشروان فيه وقيصرا... وبنيتها قصرا سقيت براحيت

وقوله أيضا عرفها مل يكن هبا ذا اعتراف... وال أهنكت جسمها السنني فل

تبعث الروح منه يف األعطاف... فاحين يف الكأس جسم كسرى براح .وقول ابن سناء امللك الذي تقدم أكمل يف احلسن

:وقوله أيضا كسرى أنوشروان يف إيوانه... بزجاجة دارت ويف جنباهتا

طانهوسلبتها فغدوت يف سل... خلعت على عطفيه خلعة قهوة :كما قال املنخل شاعر احلماسة. يعين أنه لبسها بشربه هلا فغدا يف سلطانه، ملا جيده السكران من العزة

رب اخلورنق والسدير... وإذا سكرت فإنين رب الشويهة والبعري... وإذا صحوت فإنين :وقول ابن الذروي

ه على املدامة قيصرا... ومصور نازعت يف حىت رجعت مسورا... ا وسلبت منه متوج

وجلينه أغىن الورى... ومضيت من عقيانه :وقول ابن قالقس أيضا

وكأمنا هو يف جوانب قصره... وزجاجة حياك منها قيصر إال وقلده احلباب بدره... ما ألبسته الراح ثوبا مذهبا

.وهذا مأخوذ من قول الناشىء، وقد تقدم .وما أحسن قول أيب فراس

واخليل حتت النقع كاألشباح... ما يدريك كيف قتالنا أغمام

صور الفوارس يف كؤوس الراح... نطفو ونرسب يف الدماء كأننا :ومما اتفق يل وفيه تورية

فكن لتصاويرها مبطال... كؤوس املدام حتب الصفا فأحسن ما ذهبت بالطال... ودعها سواذج من نقشها

:، واهتدمت منه ما اهتدمت ليطابق املعىن الذي ختيلتهوقلت أيضا مضمنا البيت املشهور فأضحى ينادي وهو فيها مصور... ومشمولة قد هام كسرى بكأسها

إىل الراح من فرط الصابة أنظر... وقفت لشوقي من وراء زجاجة :مي فقالوقد أخذه ابن الرو. وأما قول عنترة يف الذباب، فقد زعم مشايخ األدب أنه من التشبيهات العقم

وغنى مغني الطري فيه فرجعا... وأذكى نسيم الروض ريعان ظله كما حثحثت الندمان صنجا مشرعا... وغرد ربعي الذباب خالله

على شدوات الطري ضربا موقعا... فكانت أرانني الذباب هناكم :وقال ابن عبدون

تذهيب وطررة الشرق غفل دون... ساروا ومسك الدياجي غري منهوب يلقي بآنق ملفوظ ومضروب... على رىب مل يزل شادي الذباب هبا

:وقد أخذه من قول املثقب العبدي يذكر الناقة كتغريد احلمام على الغصون... وتستمع الذباب إذا تغنى

:وقول األقيشر هلا إذا طربت من صوهتا غنج... وقد تقوم على رأسي منعمة كما يطن ذباب الروضة اهلزج... ه فترفع الصوت أحيانا وختفض

:وهو. وقد أخذ ابن عبدون قوله من قول األخطل يف وصف ثور وحشي كما غنى الغواة بصنج عند أسوار... فردا يغنيه ذبان الرياض

:وقال أبو بكر بن سعد البطليوسي هلا من أزاهري الرياض حماريب... كأن أهازيج الذباب أساقف

:غري أن ذا الرمة نقل معىن الصفة إىل اجلندب فقال. ى هذا املعىن قبل عنترةومل جيسر أحد عل إذا جتاذب من برديه ترنيم... كأن رجليه رجال مقطف عجل :وقال السالمي يف زنبور وأحسن

ملونة أبراده وهو واقع... والبس لون واحد وهو طائر حشاه ودائعوسود املنايا يف ... أغر حمشى الطيلسان مديج بسالفتيه من يديه جوامع... إذا حك أعلى رأسه فكأمنا

ومئزره التربي أصفر فاقع... بدا فارسي الزي يعقد خصره

ويسقي كؤوسا ملؤها السم ناقع... يرجع أحلان الغريض ومعبد :البيت، من قول مسلم بن الوليد.. إذا حك أعلى رأسه: قوله

كأيدي األساري أثقلتها اجلوامع... فغطت بأيديها مثار حنورها وكذا يكون . نقل السالمي هذا املعىن إىل الزنبور ملا ولده من هنا، وشارك عنترة يف الصفة مشاركة خفية

.التخيل الشعري الصحيح :وما أحلى قول بعض الشعراء فعل الذباب يرن عند فراغه... فعل األديب إذا خال هبمومه

منه ويتبعها بلطم دماغه... ة فتراه يفرك راحتيه نداممل أورد هذه املقاطيع يف الكأس املصورة والذباب وأكثرت منها إال ألن هذا املوضع من حمزات األدب

.ولعل هذا القدر ما اجتمع ألحد فيهما. وغريب املعاينعى أبا يسار، وأما قوله بدون هذا يباع احلمار، أصل هذا املثل أن رجال أراد أن يشتري محارا من آخر يد

. شاكه أبا يسار، بدون ذا ينفق احلمار: تصيد به النعام معقوال فقال له: فجعل يصفه ويبالغ فيه إىل أن قال .وشاكه معناه قارب أي ال تغل

.وكذلك ورد قوله: قال منت عن ليلي ومل أمن... يا شقيق النفس من حكم

مخبمار الشيب يف الرح... فاسقين البكر اليت اعتجرت وهذا معىن خمترع مل يسبق إليه، وهو دقيق يكاد لدقته أن يلتحق باملعاين اليت تستخرج من غري شاهد حال

.وساق حكاية جرت يف حضرة الرشيد يف استخراج معناه، وهي مشهورة. مصورة :وأبو نواس ممن له املعاين اليت ظاهرها سهل وباطنها مشكل يف غاية الدقة، كقوله: أقول

وطاب وزن الزمان واعتدال... لشمس حلت احلمال أما ترى ا واستوفت الراح حوهلا كمال... وغنت الطري بعد عجمتها

.حمل اإلشكال فيه واستوفت الراح حوهلامن حني عصري الراح، إىل أن حتل الشمس احلمل ما يكون غري ستة أشهر أو ما حوهلا، فكونه يدعي : قالوا

أحدها وهو : اجلواب من وجوه. ري صحيح، واحلول اثنا عشر شهراأن الراح استوفت احلول كامال غواستوفت الراح حول : كأنه قال. أقواها، أن الضمري يف حوهلا ال يعود على الراح، وإمنا يعود على الشمس

.الشمس كامال ها ألن تستعمل استوفت الراح بلوغها وصالح: وثانيهما، أن املراد باحلول هنا إمنا هو الغاية والتمام، واملعىن

: كأنه من. ويف هذه املدة ينتهي صالح اخلمرة، وكل شيء بلغ غاية تطلب منه، فقد استوىف حوله. وترشف .وهذا الذي يفهم من كالمه. حال عن هيئته إىل هيئة أخرى

:وكذا قوله حىت هتتك بيننا الستر... ظلت محيا الكأس تبسطنا

، وحلت اخلمرعن ناجذيه... يف جملس ضحك السرور به أحدها أن طيب املكان وكمال السرور، أباح حرمتها على عادة الشعراء يف : ذكروا يف هذا أربعة أوجه

مبالغاهتم ثانيها أن يكون آىل على نفسه أن ال يتناول اخلمر إال بعد اجتماعه مبحبوبه، فكان االجتماع خمرجا :كقول امرىء القيس. من ميينه

عن شرهبا يف شغل شاغل... رءا حلت يل اخلمر وكنت ام .ثالثها يريد حبلت نزلت، من احللول يف املكان

يريد أهنم استحلوها بدخوهلم يف السكر وذهول عقلهم وكنت وقفت بالديار املصرية على جزء فيه : رابعها .كالم أليب عبد اهللا حممد بن عبد اهللا اخلطيب على قول الشاعر

نأسو بأموالنا آثار أيدينا ...بيض مفارقنا تغلي مراجلنا .بيض مفارقنا مئيت وجه وثالثة أوجه، يف احتمال معىن هاتني اللفظتني: وقد ذكر يف قوله

:ومها: وقد وجدت أليب احلسن الطوسي الفقيه بيتني، يسأل عن معىن الثاين منهما أن مللت من التمين... منينين حينا فلما

عرضن عينقلت قد، أ... عرضن يل بالوصل حىت

.واملعرض ال يعرض بالوصل. اإلشكال فيه أنه كيف يعرضن له بالوصل، وهو يدعي أهنن أعرضن عنه :كقول أيب متام. أن قد هنا مبعىن حسب، وذلك أحد مواردها: واجلواب

.قدك اتئب أربيت يف الغلواءا قلت هذا حسيب، أعرضن منينين زمانا إىل أن مللت، مث عرضن يل بالوصال حىت إذ: واملعىن. حسبك: أي .عين

:واتفق يل فيما قلت بيتان، ثانيهما مشكل، ومها هذا وما رعتك بالبني... قال وقد أبصر دمعي دما

بكيت بالدمع بال عني... ملا فنيت أدمعي : فقلت. بكيت بالدمع بال عني: كيف يعترف بأن دموعه فنيت ونفدت، مث يقول بعد ذلك: اإلشكال يف ذلك أنه

أنه قال أوال إنه أبصره وقد بكى دما فأنكر عليه ذلك، فقال ملا : ؟ واجلواب. ف يتفق البكاء بال عنيوكي .نفدت الدموع ومل يبق يل دمع، بكيت بالدم

والعني هنا إمنا يراد هبا أحد حروف اهلجاء أخت العني املعجمة، ال العني اليت هي اجلارحة من اإلنسان حاسة .حذفت منه العني كان دما البصر، فإن الدمع إذا

هل ميكن إبداع معىن من معىن غري مبتدع

واعلم أنه قد يستخرج من املعىن الذي ليس مببتدع معىن مبتدع فمن ذلك قول الشاعر املعروف بابن : قال :السراج يف الفهد

فمقمصاه جبلباب من املقل... تنافس الليل فيه والنهار معا بة، ولكنه تشبيه حسن واقع يف موقعه، وقد جاء بعده شاعر من أهل املوصل يقال وليس هذا من املعاين الغري

:له ابن مسنهر، فاستخرج من هذا البيت معىن غريبا فقال من املنايا نعاج الرمل باحلدق... ونقطته حباء كي يساملها

:أول أبيات ابن السراج: أقول سالة الذبلما للقواضب والع... شثن الرباثن يف فيه ويف يده

تطلع خليفته إال على وجل... والشمس مذ لقبوا بالغزالة مل أي غريب أتى به الثاين ؟ واملعىن الغريب هو أن بياض : استخرج منه معىن غريبا : وما أدري معىن قوله

ساملته هذا هو روح هذا املعىن، وأما أن الليل والنهار تنافسا فيه، وأن النعاج . الفهد وسواده يشبه العيون .ونقطته، ليس بكثري أمر

:أما انتزاع معىن غريب من معىن آخر، فكقول مسلم بن الوليد ال زال للمال واألعداء ظالما... تظلم املال واألعداء من يده :انتزعه من قول أيب نواس

منك يدعو ويصيح... بح صوت املال مما .فقول مسلم أفصح ومعناه أبلغ

.ت معان من معان هي دوهنا غريبةوقد اتفقت يل انتزاعا .من ذلك قول بيليك القبجاقي املعري يف األترج

فشبهت منها الريح ريح حبيب... وأترجة جاءت إليك هدية بكف مريض مدها حلبيب... إذا نظرت عيين إليها متثلت :انتزعت منه معىن آخر فقلت الغالئل عليه من األوراق خضر... أيا حسن أترج يلوح لناظري وقد عد أيام اجلفا باألنامل... حكى مستهاما غير البني حاله

:ومن ذلك قول شهاب الدين التلعفري مفر اهلوى طيبا وأعرضت عن مقرا... جريت حبمراء الكميت إىل الشقرا

:انتزعت منه معىن آخر فقلت جنيت املسرة فيما جنيت... ومحراء ملا ترشفتها

ألين سبقتهم بالكميت... الورى ونلت املسرات دون :ومن ذلك قول مهيار الديلمي

فما كل سري اليعمالت وخيد... هل السابق العجالن ميلك أمره تداس جباه يف الثرى وخدود... رويدا بأخفاف املطايا فإمنا

:انتزعت منه معىن آخر فقلت

ميشي اهلوينا يف ظالل محاها... أضحى نسيم دمشق حياها احليا ما داس إال أعينا وجباها... كأنه من مائها وهضاهبا و

:ومن ذلك قول ابن التلمساين وكل ساق قلبه قاس... ساق يريين قلبه قسوة

:انتزعت منه معىن آخر فقلت نفحة الند من محياه هتدى... قلب الدن من أحب فأضحت

كل دن قلبته كان ندا... قال يل اعجب فقلت غري عجيب :ومن أحسن ما وقفت عليه يف الفهد قول القائل

على ظفره شبه الدماء ونابه... ومتصف بالفتك عند اكتسابه مداه إىل سرب املها وانتهابه ... كأن مهاة الفلك ملا انتهى به

فأطفأها يف عسجد من إهابه... رمته بشهب اجلو خوف انتقامه

مناقشة منوذج من إنشاء ابن األثري

فنزلنا مبرأى منه ومسمع، : ومما ذكرته يف فصل من كتاب منازلة بلد، فذكرت القتال باملنجنيق فقلت: قالواستدرنا به استدارة اخلامت باإلصبع، ونصبت املنجنيقات فأنشأت سحبا صعبة القياد، خمتصة بالربا دون

روقها وبروق السحب فلم تزل تقذف جالمد السور بوبل من جلمودها، وتفجؤه برعودها قبل ب. الوهاد .قبل رعودها، حىت غادرت احلزن منه سهال، والعامر بلقعا حمال

.أحدمها أن هذه السحب ختص الربا دون الوهاد، واآلخر أن رعودها قبل بروقها: ويف هذا معنيان غريبانيص ما أدري معىن قوله يف تشبيه الغبار بأنه سحب صعبة القياد ما هو ؟ وكونه ادعى أن ختص: أقول

يف هذا تعسف، وبعض السحب تسقي الوهاد دون الربا، وبعضها . السحب بالربا دون الوهاد أمر غريب .فهي إذا سقت الربا وجفت الوهاد، كانت بالربا خمصوصة وبالعكس. بالعكس، هذا أمر حمسوس

:وما أحسن قول أيب العالء املعري املا أروى مع النخل القتاد... ولو أن السحاب مهى بعقل سقى اهلضبات واجتنب الوهادا... ولو أعطى على قدر املعايل

وكذا دعواه يف أن الربوق يف السحب قبل الرعود أمر غري الزم، فإن الربوق قد ترى بعد الرعود وإن .كانت يف الغالب تكون قبل

وكتب : ذلكفمن . وال بأس بإيراد شيء من كالم القاضي الفاضل رمحه اهللا تعاىل هنا يف ذكر املنجنيق .اخلادم واملنجنيقات قد سكنت سبابتها املسلمة، وكان عدم التسليم ملوادعة البلد املستسلمة

واحلصار مستمر على صفد وقد نصب عليها من املنجنيقات غالظا شدادا جامعة ألوصاف الزبانية، : ومنهة يف عبدة الثالثة، والبلدة عقدة وحنن يف الليل والنهار ال نسمع إال الواحدة والثانية، واهللا ينجح الثالث

.وسعادة السلطان نفاثات يف العقد، ما أصغى إىل اآلن للمنجنيق عطفها، وال رغم من الربوج أنفهافما خطفوا اخلطفة حىت اتبعهم شهاب ثاقب، وال قذفوا أنفسهم يف اخلندق حىت قذفتهم : ومن ذلك

.ت ألهنا قد زينت من املقاتلة بزينة الكواكبالسيوف من كل جانب، وال أقدموا على مساء املنجنيقابعد نصب منجنيقات ترمي بأحجار متناوبة النوائب، وإذا اتبعتها احلبال مودعة خيلت أهنا : ومن ذلك

كواكب ذوات نوائب، وبعد أن حذرهم خطاب اخلطوب من اللجاج، وبعد أن هزت النقوب أعطاف .اجلدران وتساقط مثر األبراج

نازل على عني يصم السمع هديرها، فوق جبال يقمر العني صبريها، حتت مساء قد رابين وأنا : ومن ذلكمنها الغداة سفورها، أمامي قتال يدير كأس املنون فيها مديرها، وورائي حجار املنجنيقات اليت إذا رأت

.نقطها حروف الربوج حميت سطورهاواخلادم حتت املنجنيق اإلسالمي يعرض الوجه وجثا املنجنيق حياكمها، ولسان حبله خياصمها، : ومن ذلك

ملنجنيق الفرنج، وينقل قطع الستائر نقل قطع الشطرنج، حيث التراس بياذق واجلفايت رخاخ، وحيث .القالع صيد واحلجارة حب واملنجنيقات فخاخ

اربة هللا وضايقوا عكا بأبراج خشبية ضربت مع األبراج احلجرية املصاف، وتقدموا مبنجنيقات حم: ومن ذلك .ورسوله فقطعت أيديها وأرجلها من خالف

ويف الثغرب جمانيق ال يعطل راتبها، وال يرصد ضارهبا، أكربها ما قتل املقاتل شدخا، وأيسرها ما : ومن ذلك .جعل بيذق اهلام رخا

ن ثاين يوم وقد كنا نزلنا على هذه املدينة فأردنا توقري ثغرها، وتوفريها عن نقبها وثغرها، فلم كا: ومن ذلكاألضحى وقد بلغ منا الصرب إىل غاية من ال لوم عليه يف التقرب بنحرها، وقضى بأن يتل تلها للجبني، وأن

ال يأخذها باألمان بل يأخذها باليمني، فأضجعتها اجملانيق وذحبتها النقوب، وجرت منها دماء يف احلال .أوجبت من أبرجتها اجلنوب

:الدين حممود رمحه اهللا من قصيدة نظمها يف فتح املرقبومن إنشاء شيخنا القاضي شهاب ومل يكن قبلها يهمي به املطر... وأمطرهتا اجملانيق اليت نشأت

من جنسها وأليدي اهلدم ما عمروا... وكان للكسر منها كلما صنعوا فرائس األسد إذ أظفارها الظفر... كأهنا وجمانيق الفرنج هلا

يا قلبها أحديد أنت أم حجر... ا اكترثت وكم شكى احلصن ما يلقى فم : ومن كتاب كتبه القاضي تاج الدين أمحد بن األثري يف هذا الفتح أيضا

واملنجنيقات تفوق إليهم سهام قسيها، وخييل إليهم ساعية إليهم حبباهلا وعصيها، وهي يف احلصون من ألد امترى خلق يف آالت الفتوح مل يكن فيها اخلصوم، وإذا أمت حصنا حكم بأنه ليس بإمام معصوم، ومىت

أحد من املمترين، وإذا نزلت بساحة قوم فساء صباح املنذرين، تدعى إىل الوغى فتكلم، وما أقيمت صالة .حرب عند حصن إال كان ذلك احلصن ممن يسجد ويسلم

:قال ابن الساعايت حشد اجليوش هبا وال بعد املدى... ومىت حياول بلدة مل يثنه

فرأيت ذاك الثغر ثغرا أدردا... مت جمانقه ثنايا سورها هت

مناذج من إنشاء ابن األثري يدعي فيها التقدم

ومن ذلك ما وصفت فيه نزول العدو على حصار بلد من بالد املكتوب عنه وكان ذلك يف زمن : قالقبل البيارق، وأحاط وقد عاجلته قتال الربوق: فقلت. الشتاء، فسقط على العدو ثلج كثري صار به حمصورا

.به الثلج فصار خنادق حتول بينه وبني اخلنادقوالشتاء قد لقي عسكره من الربد بعسكره، والسماء قد قابلته بأغرب وجهها ال بأخضره، واألرض كأهنا قرصة النفي وعسى أن تكون أرض حمشره مث أخذ يف ذكر اختراع املعىن من احلديث النبوي وهو إنكم

.ودندن لذلك وطنطن. اخلبزة البيضاء: رض بيضاء كفرصة النقي يريدحتشرون على أالعجب منه كونه يدون هذه األشياء وجيمعها ويوردها، وخيطب عقيب كل واحدة منها خطبة لنفسه، : أقول

يدعي فيها أن البالغة يف غريه جماز ويف كالمه حقيقة، وأنه جاء بعقود الدرر وجاء غريه جبزعة وال يرضى وقد أوردت كتابا للقاضي الفاضل فيما تقدم أصدره من بعرين، ذكر فيه األمطار والثلوج . ل بعقيقةأن يقو

.واخليام وأيت فيه مبحاسن ما البن األثري هبا يدان، وال يدور على قطبها لكاتب فرقدانور اليت هي فأما الثلوج اليت وصلها ذلك البيان فأججها، بل أهداها إىل الصد: ومن كالم القاضي الفاضلفقد متثلت البالد وكأمنا نشر املوىل عليها عرضه، وسرين أن سر ذلك الفضاء . بيوت نار الشوق فأثلجها

فضه، وأراين النجوم يف هذه السنة وقد ناصحت يف خصبها فنزلت بأنفسها، وبرزت ظاهرة يف النهار لجها، وتبشر العزمة الناصرية من جبواريها وخنسها، وأجدر هبا أن تكون سنة تغسل وضر الكفر بصابون ث

.هذه الرغوة مبا حتتها من صريح فلجهاوإن يكشف اهللا قناع الشك، تكن أحق منزلة بالترك، فلن ترى إال حمشر احلشرات بل حمسر : ومن ذلك

.احلسرات، يومها باهلم والثلج أبلق، واملنفق فيها يقلب كفيه على ما أنفقوعندما سطرها متهجما : دين بن قرناص إىل القاضي تاج الدين ابن األثريومن رسالة كتبها القاضي حميي ال

، كان وجه األفق بالغيم متجهما ، وثغر محاة بالثلج متبسما ، وقد ظهر عليها السكون، حيث شابت منها القرون، وكان اململوك مشرفا على مكان أحيط بثمر، والدوح يقلب كفيه على ما أنفق من عمره، وقد

جرد من حرير أوراقه ولبس قطن زهره، فال ترى إال أشجارا قائمة على أصوهلا وكروما خاوية تزهد فت .العروش، وسقيط ثلج كالفراش املبثوث وجبال غيوم كالعهن املنفوش

وكان توجهنا إذ ذاك حني اكتست اجلبال : ومن جواب القاضي حميي الدين بن عبد الظاهر عن هذه الرسالةاألنواء من كل جانب إحاطة ما هلا من فروج، بفصل فتحت فيه السماء أبواهبا مبا بالثلوج، وأحاطت بنا

فعدنا إىل . ليس جلمله عن تلك املواطن فصول، وال خلضاب اجلليد الدابغ أدمي الثرى املتجلد من نصولمنهم جهة محص وإن مل يعجبنا العام، وقلنا كل ذلك مغتفر يف جنب ما أشارته مصلحة اإلسالم، الشاملة

للخاص والعام، واستقبلنا تلك النواحي املتناوحة، واملنازل املتنائية على املراحل املتنازحة، برقة جلود تتجالد على اجلليد، وأوجه تواجه من تلك الظهور ما ورود حياض املنون به إليها أقرب من حبل الوريد، كم

ضت عينها عمن مل تطعم جفونه بتهومي التفت الشمس بقارا من قرها بفروة سنجاب من الغمام، وكم غموال تطمع مبنام، وكم سبك الزمهرير فضة ثلوجها فصحت عند السبك، وكم خرب من امرىء القيس أنشد

هذا والزميتا قد مدت على البالد والعباد مالءهتا الرحيضة، وأضحت هبا األنفس قتيلة . عند النبك قفا نبك .رق، أو رمل أبيض قد ذر على سطور تلك املهارقال مريضة، كأهنا وخط املشيب على املفا

:منها قوله. وللقاضي حميي الدين بن عبد الظاهر رمحه اهللا تعاىل يف القطيفة عدة مفاطيع يصف بردها ال تشتهى عقال ونقال ... هذي القطيفة اليت

فألجل ذاك احلشو تقلى... خشيت بربد يابس :وقوله أيضا

وإن حشيت بربد قد تكرر... معنا على ذم القطيفة اجت بياض مثلما قد ذر سكر... وقد أضحى عليها للزميتا

يكون إىل نواحيها مسير... ومل يكن املكفن غري شخص :وهي. وأبيات شهاب الدين الشاغوري مشهورة يف الثلج

وأمجد اخلمر يف كانون كل قدح... قد أمخد اجلمر يف كانون حني قدح عن حسن وجه إذا وجه الزمان كلح... زبداين أنت مسفرة يا جبة ال

واجلو حيلجه والقوس قوس قزح... فالثلج قطن عليك السحب تندفه :ومن هذا قول أيب الفضل الكاتب

فتستر طورا بالسحاب وتكسف... وأطربنا غيم ميازح مشسه مكبا على قطن من الثلج يندف... ترى قزحا يف اجلو يفتح قوسه

:يل إن الثلج وقع مرة يف بغداد، فقال بعض شعراء ذلك العصرق قبلها حل يف نواحي العراق... يا صدور العراق مل نر ثلجا

س فشابت ذوائب اآلفاق... إمنا عم ظلمكم سائر النا :ومما اتفق يل يف ذلك

فيها مقامي واضح النهج... تبا هلا من بلدة ال أرى وأهلها تبصق بالثلج. ..ألنها يف وجه سكاهنا

احلسن يف أبيات ابن بقي

:بأيب غزال غازلته مقليت قال وقد أورد يف حماسن املعاين قول القائل بني العذيب وبني شطي بارق... بأيب غزال غازلته مقليت

.األبيات... رقصا ، وهذا من احلسن واملالحة باملكان األقصى، ولقد خفت معانيه على القلوب حىت كادت ترقص

....والبيت األخري هو املوصوف باإلبداع، وبه وبأمثاله أقرت األبصار بفضل األمساعوقد نسب بعض أهل عصرنا ابن : هذه األبيات البن بقي، وأوردها ابن األبار يف حتفة القادم مث قال: أقول

:بقي إىل اجلفاء يف قوله ...أبعدته عن مهجة تشتاقه

.تشتاقه، لكان أحسن أبعدت عنه أضالعا: ولو قال :مث أورد بعد ذلك أليب احلكم جعفر بن حيىي بن عتال الداين

إىل كرى ملت أو سهاد... حبك لذ بكل معىن فأضلعي هاك عن وساد... إن كان ال بد من رقاد كالطفل يف هننه املهاد... ومن على خفقها هدوا

على ابن بقي، وأبيات ابن العتال خطر يل أن يكون ذلك وملا وقفت أنا على ما ذكره ابن األبار من اإليراد :فنظمت ذلك على روي ابن بقي ووزنه. نظما

ما أنت عند ذوي الغرام بعاشق... أبعدته من بعد ما زحزحته إذ ليس هذا فعل صب وامق... هذا يدل الناس منك على اجلفا

دقليكون فعل املستهام الصا... إن شئت قل أبعدت عنه أضالعي كالطفل مضطجعا مبهد خافق... أو قل فبات على اضطراب جواحني

فانظر إىل ما استحسنه ومدحه وفضله كيف أورد الناس عليه وعابوه، ولعمري إنه نقد حسن ومأخذ دقيق .وإيراد متوجه

من ذلك قول احلظريي . وأما خفق الفؤاد واضطرابه من احملب، فللمتأخرين فيه مقاصد لطيفة املغزى :وراقال

قد نلت ما ترجتيه... يقول يل حني واىف ء خفقه يعتريه... فما لقلبك قد جا

والقلب يرقص فيه... فقلت وصلك عرس ....وقول

جاء احلبيب إليه زائر... ال تنكروا خفقان قلب دقت له فيها بشائر... ما تلك إال داره

:وقول ابن سناء امللك ان علي ما ألقى برهطكهل... أما واهللا لوال خوف سخطك وليس مها سوى قليب وقرطك... ملكت اخلافقني فتهت عجبا

:وقول أيب الوليد بن اجلنان الشاطيب

طربا بأيام العقيق يصفق... وأبيك مل خيفق جناين إمنا فوشاح من أهوى لعمري أخفق... ال يدعي فيه الفؤاد خفوقه

:وقول اآلخر إن تسمى مبالك اخلافقني ...ملك القرط والفؤاد فحقا

ن إذا ماس ثالث القمرين... واحد احلسن يف الورى ثاين الغص :وقول البدر يوسف بن لولو الذهيب

رشيق قده رخص البنان ... وأحوى فاتر األجفان أملى

فصار له بذاك اخلافقان... متلك قرطه والقلب مين :وقول ابن سناء امللك من مرثية

فأجابين بالبهت والبهتان... ر عتبا مؤملا أوسعت فيك الده ويعدها بأنامل اخلفقان... قليب حياسبه على إجرامه

:وما أحسن قول القاضي الفاضل أيضا أنامل يف عمر العدو حتاسبه... وقد خفقت راياته فكأهنا :وقول معني الدين بن تولوا رقحذرا علي من اخليال الطا... مل أنسه إذ قال أين حتلين

أرأيت عمرك ساكنا يف خافق: ... قليب فقال تعجبا: فأجبته :وهو مأخوذ من قول يا ساكنا يف غري ساكن... وسكنت قلبا خافقا

:وما أحسن قول السراج الوراق أرأيت قبلي من بدا بالساكن... يا ساكنا قليب ذكرتك قبله

متحركا خبالف قلب اآلمن... وجعلته وقفا عليك وقد غدا :مشس الدين حممد بن التلمساين وقول

وليس فيه سواه ثان... يا ساكنا قليب املعنى وما التقى فيه ساكنان... ألي معىن كسرت قليب

هذا املعىن، رأيت مجاعة من أهل العصر قد هلجوا به واستحسنوه، وهو فاسد، وذلك أن القلب وعاء إذا التقيا كسر الثاين منهما، وإذا كسر قلبه للساكنني، والظرف غري املظروف، والقاعدة ان الساكنني

.فليس بعجيب ألنه غري الساكنني وليس واحدا منهما، فما إلنكاره عليه معىن، فتأمل ذلك يظهر فساده :ومن معىن قول معني الدين بن تولوا قول ابن سناء امللك، ولكنه سلك به مسكا آخر حيث قال

ض سلوتنا يف احلب ساحرهمن أر... من كل حمتكم األجفان خيرجنا فاعجب ملن وكره يف احلب طائره... يأوي إىل خافق القلب الشجي به

:وقوله قد حل من قليب يف طائر... يا طائر احلسن الذي وكره

:وقوله أيضا فيا عجبا من طائر وكر طائر... وطائر حسن طار قليب حبسنه

:ومن هذا قول ابن قالقس وقد وصف املركب فامسع حديث مقيم بيته غاد... يف منزل يسري بساكنه وحنن

:ومما قلته يف خفقان القلب فغدا فؤادي خافقا يتموج... ملا رقدت أتى خيالك بغتة

والقلب يرقص يف اخليال تفرجوا... لو أن صحيب شاهدوين يف الكرى :ومن قويل أيضا

ذاك كفاين وعلى الصحيح فبعض... حسيب الذي ألقاه فيك من اجلفا يا غصن كيف يطري باخلفقان... فانظر إىل قليب إذا قابلته

أحسن ما قيل يف اخلمر وكأسها

:وكذلك جاء قول بعض املغاربة يف اخلمر وكأسها، وهو: قال حىت إذا ملئت بصرف الراح... ثقلت زجاجات أتتنا فرغا

حوكذا اجلسوم ختف باألروا... خفت فكادت أن تطري مبا حوت وهذا معىن مبتدع، أشهد أنه يفعل بالعقول فعل اخلمر سكرا، ويرق كما رقت لطفا ويفوح كما فاحت

.نشرا :مها أليب علي إدريس اليماين، وأصل املعىن البن املعتز حيث قال: أقول

فكان الوزن بينهما سواء... وزنا الكأس فارغة ومألى باخلمر خفة، مث إنه أراد لذلك مثاال يف اخلارج فلم جيده إال ولكنه زاده مبالغة، وهي أن الكؤوس استفادت

.يف الروح واجلسم :ومثل هذا قول اخلوارزمي

لزاما وإن أعسرت زرت ملاما... رأيتك إن أيسرت خيمت عندنا أغب وإن زاد الضياء أقاما... فما أنت إال البدر إن قل ضوءه

:باس الصويل يف ابن الزياتأخذ املعىن يف األصل من قول إبراهيم بن الع يعرف األدىن إذا ما افتقرا... يعرف األبعد إن أثرى وال

وهكذا حال إدريس اليماين مع ابن . وملا أراد أن يضرب لذلك مثاال يف اخلارج، مل جيده إال يف القمر وضوئه .املعتز

:والبن محيدس هذا املعىن بعينه، فإنه قال

باتت تدمي إىل اإلصباح لثم فمه... وكاس نشوان فيها الشمس بازغة كاجلسم عند وجود الروح أو عدمه... ختف مألى وتعطي الثقل فارغة

:وقال أيضا وعقولنا بالسكر منه تبدد... جسام جتمع شربه لذاتنا

كاجلسم يعدم روحه أو يوجد ... وخيف مآلنا ويثقل فارغا

ولكن نظم إدريس . يت واحد، وإدريس اليماين إمنا أتى به يف بيتنيعلى أن ابن محديس أتى باملعىن كامال يف ب .أعلق بالقلب، وأوقع يف النفس، وأعذب يف السمع

:وقريب من هذا املعىن قول أيب العالء املعري يف اللزوميات سالفة الراح عرفته... مل يكن الدن غري نكر ونفخة الروح شرفته... كآدم صيغ من تراب

.تسلق على هذا املعىن، ونقله إىل الثقل واخلفة، وإال فهو هووكالمها :وعلى ذكر اخلفة يف اخلمر والطريان، فما أحلى قول أيب احلسني الفكيك

أبدت لنا زبدا يف سورة الغضب... بكر خطاب إذا ما املاء خالطها لوال شبابيك ما صاغت من احلبب... كادت تطري نفارا حني واقعها

إنشاء ابن األثري يدعي فيها السمومناذج من

فمن ذلك ما ذكرته يف . وقد جاءين يف الكالم املنثور شيء من هذا الضرب، وسأذكر ههنا منه نبذة: قالألبس من احلسن أنضر لباس، وخلق من طينة غري طينة الناس، وكما زاد حسنا : وصف صورة مليحة فقلت

ار إىل كل قلب حبيبا ، فلو صافح الورد لتعطرت أوراقه، فكذلك زاد طيبا ، واتفقت فيه األهواء حىت ص .ولو مر على اللينوفر ليال لتفتحت أحداقه

.أي غريب يف هذه املعاين، وأي إبداع حىت يثبته ويتعجب له ويروقه: أقول :أما األول فمأخوذ من قول

مسكا ، وقدر إنشاء الورى طينا... ربيب ملك كأن اهللا صوره .هذا أمدح وأحسن وال خيفى أن

:وأما الثاين، فمأخوذ من قول البحتري فهي حمبوبة إىل كل نفس... أفرغت يف الزجاج من كل قلب

.وقول ابن لنكك صر إال تعلقت بالقلوب... عصرت من دم القلوب فما تب

ال عطرا ، وأما قوله فلو صافح الورد لتعطرت أوراقه، فأي مزية هلذا املوصوف هبذه الصفة والورد ما زفلو صافح األثل تضوع منه نشر : ولو قال. سواء صافحه زجني أو غريه، وهذا من باب حتصيل احلاصل

فإن الورد لو صافحه أبو األسود . البان، ولو مر على اللينوفر يف الليل أليقظ طرفه الوسنان لكان أحسنن بأن اإلنسان يكسب الطيب ما ليس الدؤيل أبو عبد امللك بن مروان، لكان طيب العرف، واملدح إمنا يكو

.له طيب ويفيد احلسن ما مل يكن معروفا حبسن :أال ترى أهنم عابوا على كثري عزة قوله

ميج الندى جثجاثها وعرارها... وما روضة باحلزن طيبة الثرى وقد أوقدت باملندل الرطب نارها... بأطيب من أردان عزة موهنا

وهال قلت كما قال . زجنية ووقود نارها مندل رطب، لطاب رحيها وتعطر ردهنالو كانت هذه أمة : وقيل له .امرؤ القيس

وجدت هلا طيبا وإن مل تطيب... أمل تر أين كلما جئت طارقا :وهلذا استحسنوا قول القائل

والطيب فيه املسك والعنرب... ورحيها أطيب من طيبها .جعل رحيها أطيب منهفانظر إىل هذا الشاعر ملا أثبت أهنا تتطيب

:وبالغ بشار بن برد يف قوله غلب الطيب على ريح البصل... وإذا أدنيت منها بصال

.لكن هجن هذا املعىن بذكر البصل :وحيكى أن بعض الشيعة أنشد أبا جمالد قول السيد احلمريي

واملرء عما قال مسؤول... أقسم باهللا وآياته هلدى والرب جمبولعلى ا... أن علي بن أيب طالب

عليه ميكال وجربيل... ذاك الذي سلم يف ليلة ألف ويتلوهم سرافيل... ميكال يف ألف وجربيل يف

كأهنم طري أبابيل... يف يوم بدر بددا كلهم يا هذا إن الشاعر مل ميدح صاحبك، وإمنا هجاه يف موضعني أحدمها أنه زعم أن عليا كرم : فقال له أبو جمالد

. وجهه جمبول على الرب واهلدى، ومن جبل على أمر مل ميدح عليه، ألنه مل يكسبه بسعيهاهللاوثانيهما أنه ادعى أن أيد يف حروبه باملالئكة، وال فضيله له حينئذ يف الظفر، ألن أبا حية النمريي لو أيد

.هبؤالء لقهر األعداءلو صافح الورد لتعطرت : ا أن ال مدح يف قولهذكر ذلك أبو عمر الزاهد يف كتاب الياقوته فثبت مبثل هذ

ولو مر على اللينوفر ليال لتفتحت أحداقه فاحترز : ويؤيد هذا أنه تنبه هلذا يف السجعة الثانية فقال. أوراقه .بالليل ألنه يف النهار يكون مفتوح األوراق

: ومن طريف ما جاء للشعراء يف اللينوفر قول اخلبز أرزي

فصار يظهر أحيانا وحيتجب... لت إقامته خاف املالل إذا طا صب يقبل حبا وهو يرتقب... كأنه حني يبدو من مطالعه

.وذكرت هنا قول بعض املتأخرين يف زر ورد وأتتك قبل أواهنا تطفيال... سبقت إليك من احلدائق وردة

فمها إليك كطالب تقبيال... طمعت بلثمك إذ رأتك فجمعت :ضمني الذي نقل عن أصله، ألن املتنيب قال يف الناقة من مجلة قصيدتهوهذا من حماسن الت

فمها إليك كطالب تقبيال... ويغريين جذب الزمام لقلبها :فإن ابن بابك قال. على أنه أخذه من ابن بابك، وإمنا حسن ذلك التضمني

فعل املشيب بشعر اللمة الرجل... واىف الشتاء فبز النور هبجته كما جتمعت األفواه للقبل... تح مث ارتد جمتمعا ورد تف

:وما أحسن قول جمري الدين حممد بن متيم يف اللينوفر النجوم فال يغادرها شبيها... غدا اللينوفر املصفر حيكي النهار ويف الظالم يغوص فيها... تغوص العني فيه إذا جتلى

:الباصرة، والثاين العني اجلارية وقول ابن محديس الصقليأوهلما العني : وقد استخدم العني هنا يف معنني مصفرة األوراق خضراء... اشرب على بركة لينوفر ألسنة النار من املاء... كأمنا أزهارها أخرجت

:وما ألطف قول التنوخي من مجلة أبيات حىت يفارق شكله مل يصرب... ألف املياه مشاكال بلطافة بتخنث وتأود وتكسر... ه فيقوم طورا مث يرفع رأس

أغراه وسواس بأن مل يطهر... وكأنه يف املاء صاحب مذهب :وقول اآلخر

هناره يرقب وجه احلبيب... كأن لينوفرها عاشق وانصرف احملبوب حنو الكئيب... حىت إذا الليل بدا سجفه

يف النوم من فاز به عن قريب... غمض عينيه عسى أن يرى :ر يف الظرف حني قالوبالغ اآلخ

يف املاء واحتجبت نضارة قده... وكأنه إذ غاب وقت مسائه ظلما فغرق نفسه من وجده... صب يهدده احلبيب هبجره

:وقال الوجيه ابن الذروي يهجو اللينوفر املصري مع الظاهر املخضر مجرة عندم... ولينوفر أبدى لنا باطنا له كاسات حجام هبا لوثة الدمب... فشبهته ملا قصدت هجاءه

منوذج من إنشاء ابن األثري

يف ذم الشيب يدعي فيه اإلبداع

والشيب إعدام ال يسار، وظلم ال أنوان، وهو املوت األول : ومن ذلك ما ذكرته يف ذم الشيب فقلت: قالما جلوا، وأفتوا يف الذي يصلي نارا من اهلم أشد وقودا من النار، ولئن قال قوم إنه جاللة فإهنم دقوا به و

ون . وصفه بغري علم فضلوا وأضلوا، وما أراه إال حمراثا للعمر ومل تدخل آلة احلرث دار قوم إال ذلواعجائب شأنه أنه اململول الذي يشفق من بعده، واخللق الذي يكره نزع بدره، وملا فقد الشباب كان عنه

.عوضا وال عوض عنه يف فقدهمن هذا الفصل يف الدندنة على العادة، وأن املعىن الذي ابتدعه هو تشبيه الشيب إنه أخذ بعد فراغه : أقول

" بآلة احلرث، وقد شبه الناس الشيب بأشياء منها اشتعال النار، وقد نطق القرآن العظيم به يف قوله تعاىل " .واشتعل الرأس شيبا

:وقال األرجاين اشتعال الرأس ينسبكوالشمع عند ... قد أشعل الشيب رأسي املبال عجال

فطاملا راقها من لونه حلك... فإن يكن راعها من لونه يقق :ومنها تشبيه بالصبح، قال

فقد الح صبح يف دجاك عجيب... وقالوا انتبه من رقدة اللهو والصبا فإن الكرى عند الصباح يطيب... أخالين دعوين ولذيت : فقلت

: ....ومنها تشبيهه بالنجوم، قال :قال أبو متام. ها تشبيهه بالتبسمومن

وقال العجها للعربة انسكيب... رأت تبسمه فاهتاج هائجها فإن ذاك ابتسام الرأي واألدب... فال يؤرقك إمياض القتري به

....قال. ومنها تشبيهه باحلبب :ومنها تشبيهه بالغبار قال ابن املعتز

الغدر وضعت ضمائرها إىل... صدت شرير وأزمعت هجري هذا غبار وقائع الدهر ... قالت كبت وشبت قلت هلا

:ومنها تشبيهه بالسيف، قال فلطاملا استهوتين اآلثام... أنا إن نزعت عن الغواية والصبا

وقلت نور بدا على قضبه... أصبو سيف للمشيب جمرد :قال الغزي. ومنها تشبيهه بالزهر

بدا على قضبه وقلت نور... تألق الشيب فاعتذرت له

مفارقي ما أضاء من شنبه... كأن ثغر احلبيب ركب يف :ومنها تشبيهه بالبوم والقطاة كقول الشافعي رضي اهللا عنه يف أبياته اليت منها

على الرغم مين حني طار غراهبا... أيا بومة قد عششت فوق هاميت :وقال الغزي

ته غراباوإن مسته نقب... قطاة يف اهلداية كان شييب .فقال. وشبهه السراج الوارق بالقرطم، وإمنا حسن ذلك ألنه رمحه اهللا تعاىل كان أشقر

وبدا قرطم شييب... ذهب العصفر مين يب ردتين بعييب... واليت قد ملكت رق

ما هذا البياض الذي يف رأسك ؟ فقال زبدة خمضتها األيام وفضة سبكتها : وقيل ألعرايب عن الشيب .التجارب

.وما أحسن قول القاضي الفاضل رمحه اهللا عين فلم أر يب ما يقتضي أريب... إليك بعد انقضاء اللهو واللعب والشيب فيه قذى يف موضع احلبب... والعمر كالكأس واأليام متزجه

ا وشبه بأشياء مناسبة غري هذه، ومل أر ألحد تشبيهه بآلة احلرث، وأي مناسبة بني آلة احلرث والشيب وموجه الشبه وليس هذا من باب تشبيه احملسوس باحملسوس، وال من باب احملسوس باملعقول، وما أدري ما

:هو، وأما تشبيه اهلرم باحلرث نفسه فجائز وأما قوله اعدام ال يسار، فمأخوذ من قول املتنيب وقد أراين املشيب الروح يف بديل... وقد أراين الشباب الروح يف بدين

:ظالم ال أنوار، فمأخوذ من قول أيب متاموأما قوله ولكنه يف القلب أسود أسفع... له منظر يف العني أبيض ناصع

:وقول أيب الطيب ألنت أسود يف عيين من الظلم... ابعدت بياضا ال بياض له :وما أحسن قول الغزي

ب ومن عادة الظباء النفور... كيف ال ينفر الظباء من الشي يف سوى العني واملفارق نور... كل بياض أبيض مظلم و

.الشيب إحدى امليتتني: السجعة، قال حممود الوراق.. وهو املوت األول: وأما قوله .الشيب غمام قطر الغموم: وقال غريه :السجعة، فذكرت به قول بعض املتأخرين.. ولئن قال قوم إنه جاللة: وأما قوله

من خلفه شيب الوقار وال ريبو... وقالوا شباب املرء هلو وغرة وقدامه شيب ومن خلفه شيب... وأي وقار المرىء عري الصبا

وهو اململول الذي يشفق من بعده، فمأخوذ من قول مسلم ابن الوليد وقول مسلم يف غاية : وأما قوله :احلسن

اعجب بشيء على البغضاء مودود... الشيب كره وكره أن يفارقين والشيب يذهب مفقودا مبفقود... يأيت بعده بدل ميضي الشباب ف

ما أصربك على هذا : إن املنذر بن أيب سربة نظر إىل أيب األسود الدؤيل وعليه قميص مرقوع فقال له: قيل .فبعث إليه ختتا من ثياب. رب مملول ال يستطاع فراقه: القميص ؟ فقال

ال عدمناه وقد جاء يف ترسل الفاضل ذكر عيب : ونظر سليمان بن وهب يف املرآة فرأى الشيب فقالفمن يطلع شرف السبعني يهبط إىل احلضيض، ومن يعمر العمر الطويل يقع يف الطويل : الشيب فقال

.العريض وأيام املشيب كلها بيض، وما حنن ممن يصوم األيام البيض :وما ألطف قول ابن املعتز

اك وتويبأيا نفس كفي عن هو... أيا نفس قد أثقلتين بذنويب وقد مل مقراضي عتاب مشييب... وكيف التصايب بعد أن ذهب الصبا

:وما أحلى قول ليقطع يف الفال وعرا وسهال... أال يا ساريا يف بطن قفر

وما بعد النقا إال املصلى... قطعت نقا املشيب وبنت عنه :ولبعض الشعراء

يل منك واصلتيقنت أن الوصل ... وملا رأيت الشيب راء بعارضي رمبا يفهم من هذا البيت غري ما قصده الناظم، فيتوهم أنه يظن أن الشيب سبب لوصاله وهو على خالف

.املعهود من كالم الشعراء، فإهنم ما زالوا يقولون إن الشيب سبب نفار الغواين عن احملبني :وما أحسن قول خالد الكاتب يف هذا

دود مفارق متجملصدت ص... ملا رأت شيبا أمل مبفرقي والشيب يغمزها بأن ال تفعلي... وجعلت أطلب وصلها بتذلل

والشاعر إمنا أراد هذا املعىن املعهود، فإن واصل بن عطاء الغزال رأس املعتزلة، كان يلثغ يف الراء لثغة قرأ أول سورة قبيحة، وكان يتجنب الراء يف كالمه، وال تكاد تسمع منه كلمة فيها راء ويقال إنه امتحن لي

عهد من اهللا ونبيه إىل الذين عاهدمت من الفاسقي، فسيحوا يف البسيطة : براءة فقرأ من غري فكر وال روية .هاللني هاللني

أما . أما آن هلذا األعمى امللحد املكىن بأيب معاذ من يقتله: وبلغه أن بشار بن برد هجاه، فقال غري مفكرق الغالية، لبعثت إليه من يبعج بطنه على مضطجعه مث ال يكون إال واهللا لوال أن الغيلة خلق من أخال

.سدوسيا أو عقيليا فقال األعمى ومل يقل الضرير، وقال امللحد ومل يقل الكافر، وقال أبو معاذ ومل يقل بشار بن برد وال املرعي،

ال بعثث ومل يقل سريت، وقال وقال الغيلة ومل يقل الغدر، وقال الغالية ومل يقل املغريية وال املنصورية، وقيبعج ومل يقل يبقر، وقال مضطجعه ومل يقل فراشه، وأراد بذكر عقيل وسدوس ما كان بشار بن برد يذكره

.من االعتزاز إليهما :وقال فيه بعض الشعراء ميدحه

وخالف الراء حىت احتال للشعر... وجيعل الرب قمحا يف تصرفه فجاء بالغيث إشفاقا من املطر... ومل يطق مطرا والقول يعجله مراده أنه جيفوه جفاء واصل . وشبه الوصل بواصل، وشبه الشيب بالراء. فلهذا قال الشاعر ذلك البيت

.الراء :وقال آخر فأحسن

ليسمعها ما أسقط الراء واصل... أعد لثغة لو أن واصل حاضر .وقال الرمادي يف مليح ألثغ

اهلجر جيمعنا فنحن سواء... نا ال الراء تطمع يف الوصال وال أ وقعدت منتحبا أنا والراء... فإذا خلوت كتبتها يف راحيت

:وقال األرجاين يف خطاب الوري من اخلطباء... هجر الراء واصل بن عطاء

ء مع الضاد من حروف اهلجاء... وأنا سوف أهجر القاف والرا

مناقشة منوذج من إنشاء ابن األثري

ينبغي له أن يشكرين على : إىل بعض األصحاب كتابا من هذا اجلنس، أهزل معه فقلت وكذلك كتبت: قالومسه هبجائي دون امتداحي، فإين مل أمسه إال لتحرم به األضحية يف يوم األضاحي، وال شك أن سيدنا معدود

.يف مجلة األنعام، غري أنه من ذوات القرون والقرون عدة يف اخلصام .وهذا معىن ابتدعته ومل أمسعه ألحد قبلي: يتبجح به وقول أي معىن هذا حىت: أقول

ولو أنه اقتصر على السجعتني األوليني لكان ذلك أحسن من أن يفسر معنامها فيما بعد ولقد أذهب رونق وقد قيل إن من شرط التنديب أن ال يكون خفيا وال صرحيا ولكن . التنديب والتندير، مبا أتى به من التفسري

.بني بني :ال ترى إىل قول السراج الوراق فيمن ينعت بالصفيأ

بني الصفي وبيين... حالت حوادث بيين أرى الصفي بعيين... فال أموت إىل أن

فال أموت إىل أن اراه صفيا أو بعني واحدة، يعين أعور ما كان له هذه الطالوة، وال فيه : ولو قال. ما أحاله .خذ يفسره فيما بعد ويشرح ما رمزه، ذهبت منه هذه احلالوةأو لو أ. هذا احلسن الواقع من القلب

:وانظر ما أحسن قول اجلزار أيب احلسني رمحه اهللا تعاىل يف يوم عيدك كنت أول قانص... لو يقنص اجلزار أرواح العدى

إن الضحية ال تكون بناقص... لكنهم أمنوا مداي لنقصهم

:وقوله أيضا وإين على ما قلته ألمني... نصحتك فامسع من نصيحة عاشق

فإين جزار وأنت مسني... من الرأي أن ال توقع احلرب بيننا ينبغي له أن يشكرين على ومسه هبجائي بني الربية، فإين مل امسه إال لكي حترم به األضحية، لكان : ولو قال. والصيام يف يوم الصيام العيد يف يوم العيد،: األضحية يف يوم األضاحي من باب قولك: فإن قوله. أحسن

ومن املعلوم أن الضحايا ال تطلق إال على ما ذبح أيام التشريق، وما ذبح يف غري ذلك من الذبائح ال يطلق وكذلك صالة اجلمعة ال تطلق إال على الصالة املعروفة يف الوقت املخصوص، ومىت كانت . عليه ذلك

. صالة يف غري ذلك الوقت فال تكون مجعة

إنشاء ابن األثري يدعي فيه اإلبداع منوذج من

وملا استقلت به الطريق أنشا احلسد لغريه من الفواكه : قال يف فصل ذكر فيه هدية رطب لبعض ملوك الشام .أربا، وما منها إال من قال يا ليتين كنت رطبا

ن قول أيب احلسني أقول أي فصاحة هلذه العبارة، وأي بالغة على هذا املعىن الذي ال طائل حتته وأين هذا م :اجلزار

قي على األرض الشرابا... قلت ملا سكب السا ليتين كنت ترابا... غرية مين عليه

فإن هذا أتى بلفظ القرآن العظيم، فكان له يف السمع وقع ويف القلب حالوة، ولو كان قوله ليتين كنت .قله إىل هذا، لكان حسنا رطبا بعض آية أو بعض بيت أو بعض مثل أو معىن متداوال يف شيء، فن

ورد الكتاب املشتمل على ما أبان عنوان النية : ومن كالم القاضي الفاضل رمحه اهللا تعاىل يف جواب اخلليفةوإن كان كتابا ، وأقر النعمة وإن عال وكان سحابا ، املقتضي حد الطاعة ولتلك القدم الشريفة يقول

.املؤمن ليتين كنت ترابا. وهي ال تكون إال ملن يعقل. فأجرى من على ما ال يعقل. وما منها إال من قال: قال مث إن ابن األثري

.والفواكه ال تعقلوقد يعتذر له بأنه ملا نزل أنواع الفاكهة منزلة العاقلني يف . وما منها نوع إال قال، خللص من ذلك: ولو قال

وهذا اجلمع . طوعا أو كرها ، قالتا أتنا طائعنيفقال هلا ولألرض، ائتيا : كقوله تعاىل. القول، أطلق من عليهاولكنه ملا نزهلما منزلة العاقلني يف القول والطاعة، أعطامها مجع . الذي يعرب باحلروف ال يكون إال للعاقلني

.العاقلنيم ليس هذا من هذا، والفرق بني اآلية الكرمية وبني كالمه، أنه يف اآلية الكرمية أطلق ذلك ملا تقد: واجلواب .فأشعر بأهنما تنزال منزلة العاقلني. قوهلما

ومبثل هذا خلص املتنيب من إيراد ابن . وأما ابن األثري فإنه أطلق من على ما ال يعقل من أول وهلة فلم حيسن :وكيع وغريه عليه، يف قوله

ه وما مل خيلق... وكل ما قد خلق الل كشعرة يف مفرقي... حمتقر يف مهيت

.وهذا يقتضي تكفريه ويدل على زندقته. خلق اهللا تعاىل، األنبياء والرسل واملالئكة وفيما: قالواواجلواب على املتنيب أنه إمنا قال وكل ما ومل يقل وكل من فإن ما ملا ال يعقل على الصحيح وهبذا خيرج عنه

.الرسل ومن شرف قدرهم وارتفع مقامهم عن هذا، واملالئكة صلوات اهللا عليهم وسالمه " .إنكم وما تعبدون من دون اهللا حصب جهنم : " وكذا أورد بعض اجلاهلني يف قوله تعاىل

فيتناول األصنام . ملا ال يعقل" وما تعبدون " وممن عبد املسيح، ومل يدر املثكل أن ما يف قوله تعاىل : فقال .والكواكب وغري ذلك، وخيرج املسيح عليه السالم من ذلك

ألثري من عاشق إىل معشوقمناقشة رسالة البن ا

ومن ذلك وقعة كلفين بعض أصدقائي إمالءها عليه، وهي رقة من عاشق إىل معشوق مث أخذ ف : قال :سردها وهي طويلة افتتحها بقول القائل

ك لساين وأنت يف القلب ذاكا... وإذا قيل من حتب ختطا رق تكون وراءه سقيا، ويتمسك هبذه الطليعة لعل هذا البا: فلما رأيته قد صدر الرسالة ببيت أيب متام قلت

يف اللطف على عادة خماطبة العشاق وخضوعهم وذل سؤاهلم يف طلب الوصال أو شكوى اهلجر أو رقة العتاب يف إخالف الوعد أو امليل إىل الضد، فإنه إن كانت الرقة واللطافة واالستكانة خلقت لشيء، فما

:املقامات وما أحلى قول القائلأرى أحدا أوىل هبا من العشاق يف هذه ألذ من غفلة الرقيب... يدير من كفه مداما

شكوى حمب إىل حبيب ... كأهنا إذ صفت وزفت

يا من ال أمسيه وال أكنيه، وأذكر غريه وهو الذي أعنيه ال تكن ممن : فما كان إال أن قال بعد ذلك البيتانه من القلوب فجار يف إدالله، وال تغتر بقول من رأى أويت ملك املالحة فلم ينظر إىل زواله، وعرف مككفى بالتذلل الحيا ، وكثريا ما يزول العشق جبنايات : احلسن لإلساءة ماحيا ، واعلم أن الالحي يقول

إن احلسن عليه زكاة كزكاة املال، وليست زكاته : وقد قيل. الصدود، والزيادة يف احلد نقص يف احملدودال عبارة عن الوصال، وهذه صدقة تقسم على أرباهبا، وال ينتظر أن حيول احلول يف إجياهبا، عند علماء احملبة إ

فهي مستمرة على جتدد األيام، واملستحقون هلا قسم واحد وال يقال إهنم مثانية أقسام، وهؤالء هم ن هذا فاخرج يا موالي م. املخصوصون بفك الرقاب، ورقبة العشق أشد أسرا من رقبة تتحرر بالكتاب

احلق الواجب، وإال فتأت لطالب مىن وأي مطالب، وال تقل هذا غرمي أكثر عد الليايل يف مطله، وأعده واملواعيد زاد ملثله، فهذه سلعة قد عاملتين هبا مرة ساخرا ومرة ساحرا ، ومن األقوال السائرة إن الغر جتعله

، وتبصرة وإن كان كما يقال أعمى، وقد التجربة ماهرا ، ولعمري إن ممارسة احلب جتدد لصاحبه علما :كذب القائل

مث دعه يروضه إبليس... عرصن للذي حتب حبب فإن كانت الرياضة كما قيل إلبليس فما أراه صنعا يف الذي صنع، وأراك استعصيت عليه استعصاء القارح

خل يف حكم االستثناء، وأنت جذع، وال شك أنك هتدم ما يشيده من البناء، وأنك مستثىن يف مجلة من دفأين نفاثاته اليت هي أخدع من احلبائل، وأين قوله آلتينهم عن األميان . وأنا اآلن له عائب، وعليه عاتب

وكل هذا قد بطل عندي . والشمائل، وأين جنوده املسترقة ما يف السماء، اليت جتري منهم جمرى الدماءين استهزأت بتصديق أفعاله، فليحلل معقول حاجيت هذه خربه، كما بطل عندي أثره، فإن أدركته النخوة بأ

حىت أعلم أنه قادر على حل عقاله، وإال فليخف راسه، وليمح وسواسه، وإن كان له عرش على البحر فليقوض من عرشه، وليعلم أن السحر ليس يف عقده ونفثه ولكنه يف األصفر ونقشه، وها أنذا قد بعثت مبا

بذوال ، وما أقول إال أين بعثت معشوقا إىل معشوق، وكالمها حمله من القلب بل جيعل العزم حملوال والود مالقلب من حبها خملوق، وما أكرمه وهو وسيلة إىل مثله، وحسنه من حسنه وإن مل يكن شكله من شكله،

وما وصفه واصف إال كان ما رآه منه فوق ما رواه، ومن أغرب أوصفاه وأحسنها أنه مل ير ذو وجهني ا سواه، وال جرم أنه إذا سفر يف أمر تلطف يف فتح أبوابه، وتناول وعره فبدله بسهمه وبعده فبدله وجيه

باقترابه، ولو بعثت غريه خلفت أن ال يكون يف سفارته صادقا ، وأنه كان ميضي سفريا ويعود عاشقا ، فليس هناك عزمية رشدها، ورأت ما ال على احلسن أمانه، ويف مثله تعذر اخليانة، وال لوم على العقول إذا نسيت

حيتمله كاهل جهدها، ومن ذا الذي يقوى درعه على تلك السهام، أو يروم النجاة منها وقد حيل بينه وبني املرام، وهذا الذي منعين إال أن أرسل كيسا أو كتابا ، فأحدمها يكون يف السفارة حمسنا واآلخر على السر

.حجابا ، والسالم إن شاء اهللا تعاىلإنه ملا فرغ من هذه الرسالة، أخذ على العادة يف تفريط كالمه ملا ابتدعه من ذكر الزكاة ووصف : أقول

إنين ما مسعت وال رأيت : الدينار مبعىن احلديث، وأن الذي اتفق له مل يظفر به احلريري وال سبق إليه وأقولالعشق يزول بالصدود، والزيادة يف احلد وال أمسع وال أرى مبن راسل حمبوبه مبثل هذه األشياء، وهتدد بأن

نقص يف احملدود، وأن الوصال زكاة جتب عليك وال تقل إهنا يف العام بل يف كل وقت، فأخرج من هذا احلق الواجب عليك، وال تقل إين غرمي هني الطلب، فكم تسخر يب، فما أنا كما كنت والتجربة جتعل الغر ماهرا

م إبليس وتأنيبه وتوبيخه، وأنه ليس بصاحب الوسوسة واإلغواء والسحر ، ولكن احملب أعمى مث أخذ يف ذمث . إمنا هو للدينار، وها أنا قد جهزت شيئا من ذلك، وما بقي بعد أن أجهز املعشوق إىل املعشوق شيء

.أخذ يصف الدينارول أكثر الظلم نعم هذه العبارة والتهديد تصلح أن تكون يف حق عدو خرج من الصداقة إىل العداوة أو مت

.والفساد يف البالد والعباد، ومل يفده اإلنذار وال التحذير، أو عبد خرج عن طاعة مواله ومل خيف سلطانه

وما أظن هذا املعشوق إال أنه كان قد عزم على زيارة هذا العاشق، فعارضه يف الطريق الرسول هبذا الكتاب نة به عليه، كر راجعا بعد إن سب الرسول ومزق ثيابه، والدينار، فلما وقف عليها ورأى هذا اإلنعام واملا

ونتف ذقنه وبصق يف وجهه ولعن من أرسله، ومزق الرقعة شذر ومذر، وداس فتات الرقعة برجليه وقال ما

. عنده من العجر والبجر، وتفضل يف حق كاتب الرسالة مبا يستحقه، ورمى بالدينار الذي أرسله يف اهلواء .خمتصرا، وأنه سكت عن ظلمه ومل يكن منتصرا على أنه يكون يف ذلك

أما وقف هذا على شعر املتيمني من العرب الذين خاطبوا أحباهبم وتوسلوا يف طلب الوصال، وتلطفوا يف أكذا قال قيس بن ذريح وعبد اهللا بن العجالن النهدي وعروة بن حزام . طلب الرضا واملساعدة على اهلوى

أكذا تغزل عمر بن أيب ربيعة واحلارث بن خالد والعباس . يل بثينه وكثري عزةوأبو ذؤيب وقيس اجملنون ومج :أما مسع قول أيب الطيب. بن األحنف

فاجهل الناس عاشق حاقد... زيدي أذى مهجيت أزدك هوى :وقول أيب فراس

حبيب على ما كان منه حبيب... أساء فزادته اإلساءة حظوة ومن أين للوجه اجلميل ذنوب ...يعد علي الواشيان ذنوبه

.وقول اآلخر لقد سرين أين خطرت ببالك... لئن ساءين أن نلتين مبساءة

:وقول اآلخر أين خطرت ببالكم... ويدل هجركم على :أما مسع قول املعري

زكاة مجال فاذكري ابن سبيل... لغريي زكاة من مجال فإن تكن خرجت زكاة مجالك، مل يأمرها بصرفها إليه وال أوجبها عليها بل فاذكري ابن سبيل إن أ: ما أحلى قول

.إن كان شيء، فاذكري ابن السبيل املستحق: قال :ومن هذا قول كثري عزة

ألفقر مين إنين لفقري... لئن كان يهدى برد أنياهبا العلى ف ابن سناء امللك يف وما ألط. على أن معناه مشكل إذا تأملته حىت التأمل، وليس هذا مكان الكالم عليه

:قوله أقول هلا قوال لديه صواب... وغانية مل تعد عشرين حجة

فعمرك يف العشرين وهي نصاب... عليك زكاة فاجعليها وصالنا :وقول ناصر الدين بن النقيب

وفيه كمثل ما يف املال حق... لقد وجبت عليك زكاة حسن املستحقملصرفه الفقري ... فال تعدل به عين فاين

.أما مسع بقول مجيل بن معمر العذري عوارض اليأس أو يعتاده الطمع... ال خري يف احلب وقفا ال حتركه

لكنت أعرف ما آيت وما أدع... لو كان صربها أو عندها جزعي :وقول أيب الطيب

ويف اهلجر، فهو الدهر خيشى ويتقي... وأحلى اهلوى ما شك يف الوصل ربه :وقول كشاجم

فتطاردي يل بالوصال قليال... لوال اطراد الصيد مل تك لذة من لذة حىت يصيب غليال... هذا الشراب أخو احلياة وما له

:وقول العباس بن األحنف تروع باهلجران فيه وبالعتب... وأحسن أيام اهلوى يومك الذي

تبفأين حالوات الرسائل والك... إذا مل يكن يف احلب سخط وال رضى :وقول علية بنت املهدي

أنصف املعشوق فيه لسمج... وضع احلب على اجلور فلو عاشق حيسن تأليف احلجج... ليس يستحسن يف شرع اهلوى

:أما مسع بقول حممد بن بشري اخلارجي علق بقليب من هواك قدمي... ولقد أردت الصرب عنك فعاقين نه لكرميوعلى جفائك إ... يبقى على ريب الزمان وصرفه

:وما أحسن قول العباس بن األحنف حني عنف أحبابه على املطل بالوصل ومل يك موصوال حببلكم حبلي... كأن مل يكن بيين وبينكم هوى حيدث عنكم باملاللة واملطل... وإين ألستحيي لكم من حمدث أنا : قائما عريان وهو يقولرأيت يوم مجعة معتوها عند جامع الرصافة : حكى الشبلي رمحه اهللا تعاىل قال :مل ال تدخل اجلامع وتتوارى وتصلي ؟ فأنشد يقول: جمنون اهللا، أنا جمنون اهللا، فقلت

وقد أسقطت حايل حقوقهم عين... يقولون زرنا واقض واجب حقنا ومل يأنفوا منها أنفت هلم مين... إذا أبصروا حايل ومل يأنفوا هلا

:الذي حنن فيه، وطرق اجلد غري طرق املزاح ومما قلت أنا وهذا نوع آخر غري هذا: قلت أنا وحتدثت بصبابيت السمار... وإذا هتتك يف اهلوى سري غدا سحر العيون وما له أنصار... أو قيل ذا املسكني أصل جنونه أفىت بأن دم احملب جبار... أحيل يف شرع اهلوى هذا ومن دك ال علي العارفعلى صدو... وعلمت أن هواك أصل بلييت

:أما مسع مبا قنع به احملبون مثل مجيل حيث يقول لو أيقنه الواشي لقرت بالبله... وإين لراض منك يا بثن بالذي

وبالوعد حىت يسأم الوعد ماطله... بال وبأن ال أستطيع وباملىن أواخره ال نلتقي وأوائله... وبالنظرة العجلى وباحلول تنقضي

:وجحدر حيث يقول

وإيانا فذاك بنا تدان... أليس الليل جيمع أم عمرو ويعلوهها النهار كما عالين... وتنظر للهالل كما أراه

:واآلخر حيث يقول فإين إليه بالعشية ناظر... إىل الطائر النسر انظري كل ليلة فنشكو مجيعا ما جتن الضمائر... عسى يلتقي طريف وطرفك عنده

:ري حيث يقولوأيب العالء املع يسألك إال قبلة يف القابل... القاك يف العام الذي ولى ومل يف اجلود هان عليه بذل النائل... إن البخيل إذا متد له املدى

وأما ذكره إبليس واستصراخه به وحثه على وسواسه وتزيني الباطل له، فإنه من الغريب أتراه ما علم أن تزورين وحتنو علي إال إبليس بوسواسه أن املعشوق ميثل ذلك بني عينيه ما يدعك: احملب إذا قال حملبوبه

إن هذه األمور من فعل إبليس ومطاوعة الشيطان يف إتباع احملرمات احملظورة، فريجع إىل اهلجران، : ويقول .ويتقمص شعار اجلفا والصد واإلعراض ويكون يف ذلك كالنائم الذي أيقظه غريه من الغفلة

يا أخي قد علمت حيب لفالنه : ان يل صديق، وكان ال حيتشمين وال أحتشمه، فقال يل يوما ك: قال بعضهم. فأجبته إىل ذلك. ومل أقدر منها على شيء قط وقد زارتين اليوم، وأحب أن تكون عندنا فإين ال أحتشمك

والشرب مث إنا أفضنا يف األكل . فلما صرت إىل مكانه، وأخذت عيين اجلارية فرأيت أحسن النساء :وكأن اهللا تعاىل أنساين مجيع ما أحفظه إال هذا الصوت. واحلديث، وسألين صاحيب الغناء وكنت جميدا فيه

ومل ترفع لوالدها شنارا... من اخلفرات مل تفضح أخاها ما أنا إىل اهللا تائبة، واهللا: أحسنت واهللا أعده يا أخي فأعدته، فوثبت قائمة وقالت: فلما مسعته اجلارية قالت

وحيك، ما محلك : فقال يل. فجهد الفىت يف رجوعها فلم تفعل وخرجت. كنت ألفضح أخي وأرفع شنار أيب .واهللا ما هو شيء اعتمدته، ولكنه ألقي على لساين: على ما صنعت ؟ فقلتاسأل اهللا أن يعطف قلبك علي، ويلهمك : واألنسب يف طلب الوصال أن يقول. فانظر إىل فائدة ما ذكرته

:تنام األجر يف ويرزقك رمحيت لتدخل يف اجلنة كما غالط القائل حمبوبه يف قولهاغ ومحلتين يف احلب ما ال أطيقه... جتنيت يل ذنيب ومل أك مذنبا

ولكنه أجر إليك أسوقه... وما طليب للوصل حرص على البقا :وكما غالط اآلخر حيث قال

جنعل الشك يقينا... قم بنا تفديك روحي يأمث القائل فينا... إىل كم يا حبييب ف

وأنا واهللا يف أمرك مغلوب والسبب أين أنا : وقد وقفت على بعض رسالة من كالم ابن سناء امللك وهواحملب وأنت احملبوب، وال أجتالد عليك فأغرك، وال أخون حبك وال أقعقع عليك فأغشك وأغم قلبك،

أنا الشاكر، وقل يل فلي مسع يعشق قولك، والتفت تر آمايل اعمل ما شئت فأنا الصابر، واقتل كيف شئت فترفرف حولك، وافعل فأنت املعذور، واستطل فما أنا املضرور بل املسرور، وارجع إىل الود الذي بيننا فكل

.ذنب لك مغفور انتهى :وهللا الوزير أبو الوليد بن زيدون حيث يقول: قلت

ا ذاعت األسرار مل يذعسر إذ... بيين وبينك ما لو شئت مل يضع يل احلياة حبظي منه مل أبع... يا بائعا حظه مين، ولو بذلت

ال تستطيع قلوب الناس يستطع... يكفيك أنك إن محلت قليب ما وول أقبل وقل أمسع ومر أطع... ته أحتمل واستطل أصرب وعز أهن

:واآلخر حيث قال ظفر املالم بسلويتأبدا وال ... هيهات ال جذب السلو مبقودي

طبع الغرام على هواك سجييت... إقطع وصل أوصد عين عامدا :وحماسن الشوا حيث يقول

أكف فما يكفي أجود فما جيدي... أدين فما يندين أيفء فما يفي تسلوا أسل صولوا أصل هددوا أهدي... هتنوا أهن جوروا أجر أوعدو أعد

:وحيث يقول أيضا وأحرمين يف هواه الوصاال... وصاال فديتك يا من جتنى

تضل النساء وتلهي الرجاال... فللحسن فيك معان هبا تعادي تعاد تويل تواىل... تروع تراعى حتايب حتب

فيه، وقليب على التعذيب والعنت... يا من وقفت على فرط الضىن جسدي ش أمتخن أوف جر أعدل اسخط أرض ع... بن أدن قاطع أصل بح أخف شح أجد والوزير أبو شجاع فاتك حيث قال

قليب، ويا تاركي حلما على وضم... يا ممرضا بتجنيه وجفوته ترضى، ولو أن ما يرضيك سفك دمي... كن كيف شئت فإين لست أكره ما

واخشن ولن وارض واغضب واعف وانتقم... أعرض وعرض وجر واهجر وصد وصل ت احملسن احلسن األخالق والشيم. ..يف كل حال أنا اجلاين املسىء وأن

:وابن رواحة احلموي فزد من اهلجر يف عذايب... إن كان حيلو لديك قتلي وبينك اهللا يف احلساب... عسى يطيل الوقوف بيين

.وهذا أكثر وأشهر من أن يستشهد لهني ليستخدموا إبليس وأما إضافة السحر وعقده إىل إبليس، فإنه من العجب، والسحر والعقد إمنا مها لآلدمي

.وجنوده، فالسحر لإلنسان ال للشيطان :حني استصرخ بإبليس تظرفا منه.... وما أحلى قول

وتوسع احليلة يف ردها... اخلمر يا إبليس إن مل تقم أفلحت يا إبليس من بعدها... النفقت سوق املعاصي وال

ه، فأول ما وصفه احلريري بذلك، فقال يف وأما دعواه يف وصف الدينار بذي الوجهني وأنه مل يسبق إلي :مقاماته

أصفر ذي وجهني كاملنافق... تبا له من خادع مماذق زينة معشوق ولون عاشق... يبدو بوضعني لعني الرامق

فاستصحب يل عدوا يف بردة صديق، من جنار : وقد جاء ذكر الدينار يف مقامات البديع اهلمذاين فقال .، ويرقص على الظفر، كدارة العني حيط ثقل الدين، وينافق بوجهنيالصفر، يدعو إىل الكفر

:وما أحسن قول ناصر الدين بن النقيب ملغزا يف الدينار صبوة العاشقني للمعشوق... أي شيء تصبو الناس إليه

زاد عزا بالضرب والتعليق... ضربوه وعلقوه ولكن :سن أمانة، فمأخوذ من قول أيب الطيبميضي سفريا ويعود عاشقا وليس على احل: وأما قوله

أنا أهوى وقلبك املتبول... ما لنا كلنا جو يا رسول غار مين وخان فيما يقول... كلما عاد من بعثت إليها

ها وخانت قلوهبن العقول... أفسدت بيننا األمانات عينا :ومن هنا أخذ األرجائي أيضا حيث قال

ملا سرى مين إليك رسوال ...قسما لقد رجع النسيم عليال نفسا يسارقه األنام طويال... فأتى لربح هواك وهو مردد

فغدا جير من احلياء ذيوال... ورأى حلبك أنه قدخانين :ومن هنا أخذ قول ابن سناء امللك أيضا

وعاقه عن رساليت عائق... راح رسوال وجاءين عاشق به ناطقأخرسه واهلوى ... وعادال باجلواب بل جبوى

.ولكن األرجاين تستر يف سرقتهأشجي التعازي ما أتبع فيه املفقود مبفقود، ال سيما إذا مجع بني : قال يف تعزية بزوجة توفيت مث تويف ولدها،

سعد األخبية وسعد السعود مث قال ومل يوفهما حقهما من بكى وال من ندب، وال من شعر وال من كتب، ...درمها املفدي بالذهب وليت فدي أحدمها بصاحبه فعاش

مث ساق باقي الرسالة وهي طويلة غثه مسجة، إال أنه بعد الفراغ منها أخذ يطنطن ويدندن يف قول سعد .األخبية وسعد السعود وأهنما منزلتان من منازل القمر، ويعجب من هذا االتفاق

مناقشة منوذج من إنشاء ابن األثري

ري حرم، وليس ذلك بكبري أمر، وال مما ينبه عليه بعد الفراغ منه، إنه نفخ يف غري ضرم، وطاف بغ: وأقول .بل هو يف الرتبة الوسطى ال ينحط احنطاطه يف عادته، وال يرتفع ارتفاع القاضي الفاضل

:وقد استعمل الناس أمساء املنازل والكواكب يف كالمهم جدا وهزال ، كقول سيف الدين املشد ابن قزل وناره تضرمها األهويه... ضل فؤادي بني أبياتكم ترثي لقلب ضل يف األخبيه... يا ذابح النوم بطريف أما

:وقوله أيضا ء كم قد حزت من نزهه... أال يا وادي الشقرا فما يف طيبها شبهه... غياض ماؤها جيري

ف أضحى منك يف اجلبهه... وكم بدر يروق الطر :وقوله أيضا

ح يف األعطاف والسمره.. .بدا يف الدرع مثل الرم يروق الطرف يف النثره... فيا هللا من بدر

:وقول العدل برهان الدين بن الفقيه نصر وميزان نقصي بكم راجح... خبدمتكم مل أنل طائال

ويف القلب من سعدكم ذابح... ففي الطرف من أدمعي نثرة :ومن أحسن الكنايات قول اآلخر

وأمحل منك ما ال يستطاع.. .أمل ترين أكابد فيك وجدي ومال الدلو وارتفع الذراع... إذا ما أجنم اجلو استقلت

:وقول حممد سبط التعاويذي نعد املنازل فيها كالنا... فبت وباتت إىل جانيب أقارضها فأريها الزباىن... تريين البطني ولكنين :وقول اآلخر من أبيات

طاع وحلم مطاعجبهل م... فأعجلته عن دخول الكنيف ورواه مين نوء الذراع... فغرقت منه بنوء البطني

:وليت لو فدي أحدمها بصاحبه، أحسن من هذا قول املتنيب: وأما قوله وليت غائبة الشمسني مل تغب... فليت طالعة الشمسني غائبة

:ومتام السجعة نصف بيت من هذه القصيدة أليب الطيب، أول فعاش درمها املفدي بالذهب... دهرمها قد كان قامسك الشخصني

.ومن هذا الباب ما أوردته يف رسالة طردية يف وصف قسي البندق وحامليها مث إنه ساقها: قالوهي أيضا من الوسط، فال تكون يف العايل وال السقط، وذكرت بالطريق اليت سلكها فيها ما جاء : أقول

للسهام، فإهنا يف حسنها فذة، ونكتها يف سلب العقول مغذة، لبعض كتاب العجم فيما أظن، يف القوس اليت :وهي. وصناعتها مل تدع يف املثاين واملثالث عند النفوس بعدها لذة

رسالة البن األثري يف وصف قسي البندق وحامليها

ويسألونك عن ذي القرنني قل سأتلوا عليكم منه ذكرا ، حكيم جبل على السداد، يهدي إىل سبل الرشاد، آثار بأسه مشهورة على ذوي األعواد ويسألونك عن األهلة، فقل صفر من غري علة، جمرة تنقض منها جنوم

الرجوم، برج ذو جسدين يطلع بالطائر املشؤوم، شيطان تطلع مشس النصر بني قرنيه، مارد ال يسكن إال . احلوايا أو ما اختلط بعظمبتعريك أذنيه، صورة مركبة ليس هلا من تركيب النظم، إال ما محلت ظهورها أو

متحرك يعض على ناجذ التصرب يف الشدة والرخاء، . مطية ختالف سائر األنعام، قيامها باليد وقيامهن باألقداممقيد حيمل عليه املطلق، . من صحبه طرفة عني مشى على اهلواء، فقل يف نون التقم مرسال فنبذه بالعراء

لصق بطنه بظهره، حىت بدت للناظرين بنات صدره، وغارت كاله ناحل أ. طريد العنق من جيد عاتقه معلقمقبوض يقارب السريع، ويفارقه . يف خصره، الستيالء قوتيه اجلاذبة واملاسكة على قوتيه الدافعة واهلالكة

:وهري أتى عليه قرن بعد قرن فاحنىن مطاه، ال ينصب إال على اليد متكاه، وينشد إذا فتح فاه. عند التقطيع جمردة تضحي لديك وحتصر... عظامي حلمها فتركتها سلبت

ضىن جسدي لكنين أتستر... خذي بيدي مث اكشفي الثوب تنظري .منحين الظهر يتوكأ على عصا، ويلقيها فإذا هي حية تسعى

وأما احلنايا حلها وتنكبا ... تنكب رماح اخلط والبيض خلها

آلة حدباء تنذر باملنون، . اولتها بالساعد مساعري األبطالأقبل على تعاطي القنا من مغاوير الرجال، وتنفرع شد هبداب . أنضاء حتن على غلظ أكبادها، عطوف تئن لفراق أوالدها. وأعوجي ضامر كحرف النون

غالظ شداد قاسية القلوب جافية الطباع، توكل . الدمقس املفتل، ضارب بسهميه يف أعشار قلب مقتلنضو يهدر إذ لن يف قرن، جامع إىل بطن الشارخ احنناء . وثالث ورباعبقبض األرواح ذي أجنحة مثىن

....اليفن، مكدود كاد ينقطع منه الوتني، منحين الظهر شارف عقد الستني .وهي طويلة تدخل يف كراسة، وكلها من هذا األمنوذج

، وكلهم مل يشق هلا وقد عارضها مجاعة، منهم القاضي ناصر الدين بن املنري، ضنع ثالثة أو أكثر، وغريه .غبارا ، ومل جير من الذيل خلفها إال ما كان عثارا

وأما البندق، فلشيخنا القاضي شهاب الدين أيب الثناء حممود رمحه اهللا تعاىل فيه رسالة طنانة، الدرة مع اية، ومن الشذرة تزدحم فيها كاحلب يف الرمانة، أثبتها يف كتابه املوسوم حبسن التوسل وهي من احلسن يف غ

.ولوال طوهلا ألثبتها هنا، وأوجدت فقر هذا التأليف منها الغين. طبقات األدب يف هنايةوحملمد سبط التعاويذي قصيدة يف رمي البندق . والبن الرومي قصيدة عينية يف البندق والرماة رجز طويلة

:أوهلا

وال عدتك السحب السواري... حييت يا دار اهلوى من دار .سن، وهي يف ديوانهيف غاية احل

:ومن أحسن ما ذكرته يف قوس البندق قول ابن وضاح املرسي مل ترع حق محائم األغصان... عجبا من القوس الكرمية إهنا

وكذاك حكم تصرف األزمان... أضحت هلا حتفا وكانت مأمنا حلمد هللا الذي مل يزل محده ا: وهو. وأما أنا فقد كتبت توقيعا باحلكم بني رماة البندق، ال بأس بإثباته هنا

. واجبا ، ورفده لكل خري واهبا ، وشكره للنعم جالبا وللنقم حاجبا، وذكره للبؤس سالبا ، وللنعيم كاسبا . حنمده على نعمه اليت نصرع باحلمد أصناف أطيارها ونقص بالشكر أجنحتها فال قدرة هلا على مطارها

شهادة ال يكون لنا هبا عن الفوز باجلنة عذر، وال جند هبا نفوسنا ونشهد أن ال إله إال اهللا وحده ال شريك له .يوم البعث إال يف حواصل طوير خضر

ونشهد أن حممدا عبده ورسوله أفضل من قدم ذوي الرتب، وأشرف من حكم بالعدل العاري من الشبه ، وفرساهنا الذين أشبعوا صلى اهللا عليه وعلى آله وصحبه الذين كانوا يف احلروب عقباهنا الكواسر. والريب

. من حلوم العدى ذوات املخالب واملناسر، ما أمحد الرامي يف املرام عزمه، وسعت له يف الرتب قدم قدمة .وبعد. وسلم تسليما كثري

فلما كان الرمي بالبندق فنا تعاطاه اخللفاء وامللوك، وسلك األمراء والعظماء منه طريقة لطيفة املأخذ طريفة اضون به عند امللل السترواح نفوسهم، وجينون مثرات املىن يف التنزه من عروش غروسهم، السلوك يرت

ويربزون إىل ما يروق الطرف ويروع الطري من برزاهتم، وينالون ببنادق الطني من الطري ما ال يناله سواهم ا شعار الصدق بينهم قد نبذوا يف حتصيل املراتب العلية شواغل العلق، وتدرعو. جبوارح صقورهم وال بزاهتم

وهم أصحاب امللق، ومنعوا جفوهنم من ورد حياض النوم إال حتلة، وبرزوا بوجوه هي البدور وقسي هي وتنقلوا يف صيد النسور تنقل الرخ، وصادوا الطيور يف اجلو ملا نثروا حبات الطني من كل قوس هو . األهلة

سالف املياه من مجلة صرعاها، واقتطفوا زهرات كالفخ، وصرخوا على األوتار وكانت ندامى األطيار على كل روضة أخرجت ماءها ومرعاها، احتاجت هذه الطريق إىل ضوابط تراعى يف شروطها، وتسحب على اجلادة أذيال مروطها، ليقف كل رام عند طور طريه، ويسرب بتقدمه غور غريه، ليؤمن التنازع يف املراتب،

.العاتبويسلم أهل هذه الطريقة من العائب ووكان اجمللس السامي األمريي الشهايب هو الذي جر فيها على اجملرة مطرفه، وأصبح ابن جبدهتا علما

ومعرفة، تطرب األطيار لنغمة أوتاره، وتنشق مرائر الطري غرية من لون غياره، وتود اجملرة لو كانت له كانت قوسه والنسر طائره والنجوم طريقا والشمس جراوة والسماء ملقة، وتتمىن قوس السحاب امللونة لو

كم جعل حلل الروض املرقومة مبا صرعه مطايره، وكم خرج يف زمر والطري فوقهم صافات فصاد . بندقهبدر مت حني بادره، وكم ضرج يف معرك اجلو من قتيل ريشه كالزرد املوضون، وكم أرسل البندق فكان

.سهما ماضيا ألنه من محأ مسنون

ISLAM ICBOOK.WS ين| ٢٠١٠ م لمسل احة لجميع ا مت ق لحقو ع ا جمي

ئر: كتاب لسا ملثل ا على ا ئر ثا ل نصرة الصفدي : املؤلف ا

فلذلك رسم األمر العايل املولوي السلطاين امللكي الناصري، ال زال طائره ميمونا ، ودر أمره يف أدراج االمتثال مكنونا ، أن يفوض إليه احلكم ينب رماة البندق بدمشق احملروسة، على عادة من تقدمه يف ذلك من

فليتول ذلك والية يعتمد احلق هبا يف طريق الواجب، ويظهر من سياسته اليت . ستقرة بني الرماةالقاعدة املشخصت هلا العيون فكأمنا عقدت أعايل كل جفن حباجب، ولريع حق هذه الطريق يف حفظ موثقه، وليجر

كل مستحق يف على السنن املألوف من هذه الطائفة فكل إنسان ألزمناه طائره يف عنقه، حبيث إنه ينزل منزلته اليت ال يعدوها، ويقبل من الرامي دعوى صيده الواجب له ويرد ما ال يعتد به الرماة وال يعدوها، متثبتا فيما حيمل إليه للحكم وال يرخ على عيبه ذيال ، حمررا أمر املصروع الذي أصبح راميه من كلفه به

وليتلق هذه . عدة اليت هي باملنهج الواضح موصوفةجمنون ليلى، جريا يف ذلك على العادة املألوفة، والقا. النعمة بشكر يستحق به زيادة كل خري، ويتل آيات احلمد هلذا األمر السليماين الذي حكمه حىت يف الطري

.إن شاء اهللا تعاىل. واهللا يتوىل تدبريه، ويصلح ظاهر حكمه والسريرة

هل من شرط بالغة التشبيه

منه وأعظم أن يشبه الشيء مبا هو أكرب

إن من شرط بالغة التشبيه أن يشبه الشيء مبا هو أكرب منه : وقد قيل: قال يف النوع الثامن من التشبيههامة عليها : وأعظم، ومن ها هنا غلط بعض كتاب أهل مصر يف ذكر حصن من حصون اجلبال مشبها له

.من الغمامة عمامة، وأمنلة خضبها األصيل وكأن اهلالل هلا قالمة .أي مقدار لألمنلة أن تشبه احلصن وأطال باعتراض وجواب: إنه أخذ يعيب هذا ويقولمث

.إن ابن أيب احلديد ناقشه يف ذلك، وقد بقي شيء من مؤاخذته على هذا: أقولفعلى : وهو أن الذي ادعى أن من بالغة التشبيه أن يشبه الشيء مبا هو أكرب منه وأعظم، أحبث معه وأقول

:لفرع على األصل يف التشبيه، وخنطىء مثل ذي الرمة يف مثل قولههذا تبطل غلبة ا إذا ألبسته املظلمات احلنادس... ورمل كأوراك العذارى قطعته

وال نستحسن مثل قول أيب . فإنه شبه كثبان الرمل مبا هو أقل منها وأحقر، ألن أوراك العذارى دون الكثبان .بكر حممد بن هاشم

وسناه مثل الزئبق املترجرج... اله واملشتري وسط السماء خت يف خامت والفص من فريوزج... مسمار ترب أصفر ركبته

.فإن كرة السماء واملشتري أكرب من الفص واملسمار :وال قول ابن قزل

يبدو وهالته لديه طاره... فصل كأن البدر فيه مطرب ارهوكأمنا صوب احليا أوت... وكأن قوس الغيم جنك مذهب

وكل ما كان يف العامل العلوي ال يشبه بشيء من العامل األرضي ألنه أحقر وأقل، كما تشبه . ومثل هذا كثريالثريا بالنرجس الذابل، واهلالل بالقالمه والنعل، والربق بالسيف، والشمس باملرآة، والنجوم بالسراج،

شبيهه، وإن كان فال يكون بليغا على هذا وقوس قزح بأذيال العروس، ومجيع ما هو من هذا الباب ال جيوز توأما احلصون، فقد شبهها الشعراء باألنامل، منهم الغزي حيث . وهيهات هذا سد لباب احلسن. التقرير :يقول

جبل األشم إىل قرار الوادي... سد البسيطة نازال من قلة ال يف خامت من هبمة وجواد... حىت غدا احلصن املبارك خنصرا

فنزلنا منه مبرأى ومسمع، واستدرنا به استدارة اخلامت : ستعمل ابن األثري ذلك، فقال يف فصل تقدموقد ا .باإلصبع

:وشبهها ابن قزل بالعني فقال شرفاهتا وجفوهنا األصوار... إن احلصون لكالعيون فهدهبا واحلافظون هلا هم األشفار... وكذا حماجرها اخلنادق حوهلا

ونزلنا قلعة جنم وهي جنم يف سحاب، وعقاب يف عقاب، وهامة هلا : القاضي الفاضلومن يعيب مثل قول .الغمامة عمامة، وأمنلة إذا خضبها األصيل كأن اهلالل هلا قالمة

.فما ينبغي جملادل يناظره إال كف القول عنه، وهل الطعن على هذا إال قول من مل يصل إىل العنقود وميدحكم عندي ويغريين به... كأن عائبكم يبدي حماسنكم

.ويكفيه أنه عاب مثل هذه األلفاظ اليت هبر حسنها ملا ظهر، وغدت ويف كل ضاحية من وجهها قمر :وقول الفاضل يشبه قول ابن خفاجة

أو رأس طودس بالغمام معمم ... يف خضر غور باألراك موشح

حصن قد تقرط بالنجوم وتقرطق : صنومن إنشاء شيخنا شهاب الدين حممود رمحه اهللا تعاىل يف وصف حبالغيوم، ومسا فرعه إىل السماء ورسا أصله يف التخوم، ختال الشمس إذا علت أهنا تتنقل يف أبراجه، ويظن

من سها إىل السهى أنه ذبالة يف سراجه، ال يعلوه من مسمى الطري غري نسر السماء ومرزمه، وال يرمق ليت تطرف من أجنمه، وحوله من اجلبال كل شامخ تتهيب عقاب متربجات بروجه غري عني الشمس واملقل ا

اجلو قطع عقابه، وتقف الرياح حسرى إذا توقلت يف هضابه، ختاف العيون إذا رمقته سلوك ما دونه من احملاجر، وخييل الفكر صورة الترقي إليه مث ال يبلغها حىت تبلغ القلوب احلناجر، وحوله من األودية خنادق ال

.الشهور إال بأنصافها وال تعرف فيه األهلة إال بأوصافها تعلم منها :قال كعب األشقري يصف حصنا

غمامة صيف زال عنها سحاهبا... حملقة دون السماء كأهنا

وال الطري إال نسرها وعقاهبا... فال يبلغ األروى مشارخيها العال كالهباوال نبحت إال النجوم ... وال خوفت بالذئب ولدان أهلها

:واخلالديان وجاز منطقة اجلوزا أعاليها... وقلعة عانق العيوق أسفلها

أرضا توطأ قطريه سواسيها... ال يعرف القطر إذ كان الغمام هبا حياضها قبل أن هتمي عزاليها... إذا الغمامة الحت خاض ساكنها

لو أنه كان جيري يف جماريها... يعد من أجنم األفالك مرقبها كربا به وهو مملوء هبا نيها... لى ذرى شامخ وعز قد امتألت ع

من دوهنا فهي ختفى يف خوافيها... له عقاب عقاب اجلو حائمة :وقاال أيضا يف ذلك

مبدقبها العايل ومركبها الصعب... وحلقاء قد تاهت على من يروهنا ويلبسها عقدا بأجنمه الشهب... يزر عليها اجلو جيب غمامه

كما الحت العذراء من خلل السحب... إذا ما سرى برق بدت من خالله ويقطع يف اجللى وتنهض يف الصعب... مسوت هلا بالرأي يشرق يف الدجى

وغادرهتا ملصوقة اخلد بالترب... فأبرزهتا مهتوكة اجليب بالقنا

مناقشة حول التشبيه يف أبيات أحد الشعراء

:تشبيه بعدما أورد قول الشاعرقال يف النوع الثاين من ال إذ قام جيلوها على الندماء... وكأنها وكأن حامل كأسها

بدر الدجى بكواكب اجلوزاء... مشس الضحى رقصت فنقط وجهها .إنه شبه الساقي بالبدر، وشبه اخلمر بالشمس، وشبه احلبب الذي فوقها بالكواكب

مل يشبه الساقي، وال يف البيتني ما يدل على تشبيهه، على أن قد ادعى أنه شبه ثالثة بثالثة، وهو: أقولأن اخلمر يف حببها : ومعنامها. الشاعر توهم أنه شبه الساقي ومل يذكره، وقلده ابن األثري رمحه اهللا يف ومهه

وحسن ذكر البدر هنا . كأهنا مشس رقصت فنقطها البدر بالكواكب، وكىن برقصها عن اضطراهبا عند املزجيصاحب الكواكب، وهو أكربها يف رأي العني، ال يف العقل إذا فكر يف اهليئة، فحسن أن يكون له ألنه

وذكر البدر هنا أمر على طريق االستطراد، ملا ذكر النقوط، أراد أن . الكواكب تصرف لينقط الشمس هبايف األصل، كما ولو حذف من الكالم مت املعىن. يسند فعله إىل فاعل صدر عنه، فحسن أن يذكر البدر

وكأهنا : والشاعر أثبت أداة التشبيه للساقي يف قوله. كأن اخلمر مشس رقصت فنقطت بالكواكب: يقال .وكأن حامل كأسها

ومل يأت له مبشبه به، فالشاعر واهم، وابن األثري مقلد، وكالمها اغتر بذكر البلد، ألن العادة قد جرت :قول الشاعرك. بتشبيه الساقي بالبدر، واخلمر بالشمس

عتقت عشرا ومخسا... إسقنيها بنت كرم قمر حيمل مشسا... بات جيلوها علينا

:وقول اآلخر على الندمان يف مثل اهلالل... وساق كاهلالل يدير مشسا

:وقول ابن الرومي منه وبني أنامل مخس... أبصرته والكأس بني فم

ارض الشمس قمر يقبل ع... فكأنها وكأن شارهبا

وهذان البيتان مشهوران بني . مشس يديرها بدر أو يطوف هبا أو حيملها: ولو كان الشاعر شبه الساقي لقالألن الشاعر أدخل أدلة التشبيه على مثار النقع : وما أقول. أهل األدب، ولعل أحدا ما تفطن هلذا النقد .يف موضع الصفة لليل، فهي من لواحق الليلهتاوى كواكبه : وأسيافهم وأتى مبشبه واحد هو الليل وقوله

ولو كان من . ليل هتاوى كواكبه، ورقمه الربق ووشاه الصبح، لكان كل ذلك مشبها به ليس إال: ولو قال :كما قال امرؤ القيس. ليل وكواكب تتهاوى: باب تشبيه اثنني باثنني لقال

ف البايللدى وكرها العناب واحلش... كأن قلوب الطري رطبا ويابسا وللعكوك بيت هو بيت . وهذا الذي ذكرته ثابت على حمك النظر ليس بدعوى جمردة عن الدليل والربهان

:وهو. بشار بن برد مساوة ليل أسفرت عن كواكب... كأن مسو النقع والبيض حوله :وما أحسن قول ابن قاضي ميلة لنيلليال فأشرق من سناها ا... بتنا وحنن على الفرات نديرها

فينا ضحى وفم الندمي أصيل... وكأهنا مشس وكف مديرها :وذكرت بالبيتني اللذين أوردمها ابن األثري رمحه اهللا تعاىل قول ابن السراج يف جمدور

فزاده حسنا وزادت مهوم... يل قمر جدر ملا اكتسى فنفطته طربا بالنجوم... كأنه غنى لشمس الضحى :كثر مناسبة من هذا، فإنه قالوقول أيب يزيد العاص أ

أن رأى فوق خده جدريا... عابه احلاسد الذي الم فيه جعلوا برقعا عليه الثريا... إمنا وجهه كبدر متام

نقطته طربا : وهلذا قال: وميكن أن يقال فيه. ألن الثريا قد ترى مع البدر، وأما النجوم فال ترى مع الشمس .د بان عنه وفارقهبالنجوم، فإن من نقط بشيء فق

.وميكن أيضا التأويل للبيتني اللذين أوردمها ابن األثري أيضا ولكنه بعيد

مناقشة مناذج من التشبه من إنشاء ابن األثري

ومن ذلك ما كتبته من مجلة كتاب إىل ديوان اخلالفة أذكر فيه نزول العدو الكافر على : قال يف التشبيه .اطة الشفاه بالثغور، ونزل عليه نزول الظلماء على النوروأحاط به العدو إح: فقلت. عكاليس يف ذلك مبالغة، ألن الشفاه ال حتيط بالثغور، واإلحاطة اشتمال احمليط على احملوط من كل : أقول

أما الشفاه فإمنا هي ساترة ال . جانب، كالدائرة بالنقطة، وعنصر املاء بكرة األرض، وبياض العني بالسواد .حميطةوقد أحاطت به أخالط الزمر، إحاطة اهلالة بالقمر واألكمام : امل يف ذلك قول احلريري رمحه اهللا تعاىلوالك .بالثمر

وأبقاه بقاءا خارقا للعوائد، وجعل أياديه مطيفة باألعناق إطافة القالئد وليست : وقول القاضي الفاضل .الشفاه كذلك، إمنا هي تستر الظاهر دون الباطن

الظلماء على النور، ال بأس به، من نسبة الكفار إىل الظالم، ونسبة ثغر عكا إىل النور لكونه نزول: وقوله .كان يف أيدي املؤمنني

وصبح اخلادم طربية وهجم عليها : وما أحلى قول القاضي الفاضل رمحه اهللا تعاىل من كتاب يف فتح طربية .هجوم الطيف، وافتض عذرهتا بالسيف

وما شبهت كتابه يف وروده : ته يف فصل من كتاب إىل بعض اإلخوان فقلتومن ذلك ما ذكر: قالوانقباضه، إال بنظر احلبيب إىل إقباله وإعراضه وكال األمرين كالسهم يف أمل وقعه وأمل نزعهن واملشوق من

.اشتهرت صبابته يف حاليت وصله وقطعه هذا مأخوذ من قول الشاعر: أقول

.......... وقع النصال ونزعه، أليم ... هي أعرضت وياله إن نظرت وإن

براعة التشبيه يف بيت للبحتري

:قال وقد أورد قول البحتري قمرا يكر على الرجال بكوكب... وتراه يف ظلم الوغى فتخاله

. ويف هذا التشبيه ثالثة أشياء بثالثة أشياء، فإنه شبه العجاج بالظلمة، واملمدوح بالقمر، والسنان بالكوكب .من احلسن النادر وهذا :هذا من أمنوذج ما تقدم من قوله يف قول الشاعر: أقول

.البيتني... وكأهنا وكأن حامل كأسهاوتراه يف عجاج : هناك وهم الشاعر فقلده، وهنا انفرد هو بالوهم دون البحتري، ألن البحتري ما قال

كان البيت يفهم منه هذا املعىن، كان احلرب إذا كر على الرجال برحمه، قمرا جيول يف الظالم بكوكب، ولو . تراه يف ظلم الوغى فتخاله قمرا: تشبيه ثالثة بثالثة، وليس يف البيت غري تشبيه واحد ألنه قال

يكر على الرجال بكوكب، فمن لواحق القمر أال ترى أن : وأما قوله. هذا هو املعىن الذي بين عليه البيت .لقمر اجلملة يف موضع النصب على أهنا صفة

ولو أتى . ومن العجيب أنه ادعى أن البحتري شبه العجاج بالظلم، والبحتري جعل العجاج نفسه ظالماذكر الظالم يف عجز البيت، لدخل يف املشبه به واندرج بني القمر والكوكب، وإمنا جاء ذكره يف أصل

.املشبه :وما أحسن قول املعتمد بن عباد

قنعت وجهك باملغفرو... وملا اقتحمت الوغى دارعا عليها سحاب من العنرب... حسبنا حمياك مشس الضحى

.وقول ابن الزقاق خيتال يف درع احلديد املسبل... لو كنت شاهده وقد غشي الوغى

حبرا يريق دم العداة جبدول... لرأيت منه واحلسام بكفه :وقول الغزي

ت ما كان أزرقافعصفر يف اللبا... وقد سلب الطعن األسنة لوهنا جداول جتري بني زهر تفتقا... وأسيافنا يف السابغات كأهنا

:وقوله أيضا فوارسها إال الظىب واحلمالق... وكم رعت من ملومة ال تبني من كما نبتت حول الغدير الشقائق... ختوض النجيع امحر حتت دالصه :وهذا مأخوذ من قول أيب الطيب

إذا اهلام مل ترفع جنوب العالئق... ب خيله تعود أن ال تقضم احل من الدم كالرحيان حتت الشقائق... وال ترد الغدران إال وماؤها :ومما قلته أنا يف هذا النوع

قلت هذا بنفسج يف شقيق... وسيوف إذا مضت يف جراح ودماها بني النقا والعقيق... ينشد اجلسم روحه من ظباها

:البحتري الذي أورده ابن األثري، فقول أيب فراس فيما أظنوأما ما يشبه قول فيها خلوفك عسكر جرار... وقفلت عنهم غامنا وقلوهبم

قبل الصباح الكوكب الغرار... وأتيت يقدمك السنان كما أتى :ومن التشبيهات الباردة قول أيب الطيب: قال

األغصان فكأنه النارنج يف... وجرى على الورق النجيع القاين لعمري إنه معذور يف هذا، وهو من سقطات املتنيب اليت ينحط فيها، وهذا البيت من تلك القصيدة : أقول

:اليت افتتحها بقوله هو أول وهي احملل الثاين... الرأي قبل شجاعة الشجعان

.األبيات اخلمسة :البالغة ويف هذه القصيدة مثل قولهفانظر إىل هذا االفتتاح، وما أتبعه من احلكم واألمثال مع الفصاحة و

هيجاء غري الطعن يف امليدان... وتومهوا اللعب والوغى والطعن يف ال :ومنها يصف العدو املنهزم

مبهند ومثقف وسنان... يغشاهم مطر السحاب مفصال :وقبل البيت الذي أورده ابن األثري لغربانفكأن فيه مسفة ا... قد سودت شجر اجلبال شعورهم

:فإنه قال. وملا عكس أبو املطرف بن أيب بكر املخزومي معىن أيب الطيب يف تشبيه نارجنة يف هنر جاء حسنا من أزرق ينساب كاألرقم... ومنظر أرقين حسنه طافية محراء كالعندم... أبصرته حيمل نارجنة

ملا انربت وهي به ترمتي... ودرجت ريح الصبا متنه هز وفيه قطرة من دم... وغى مصلتا فخلته سيف

:وقال ابن فتحون يف ذلك تطفو به وعجاجه يتموج... واملاء فوق صفائه نارجنة وسط اجملرة كوكب يتوهج... محراء قانية األدمي كأنها

.فأتى باملعىن يف بيتني، وأبو املطرف يف أربعة فأطال :رمحه اهللا تعاىلوذكرت بقول أيب املطرف، قول القاضي عياض

وقد تبدت فيه أيدي الرياح... كأنما الزرع وخاماته شقائق النعمان فيها جراح... كتائب جتفل مهزومة

مناقشة منوذج آخر من إنشاء ابن األثري

قال يف القسم األول من النوع الرابع يف االلتفات، بعدما تكلم على ما يف سورة الفاحتة من االلتفات من فانظر إىل هذا املوضع، وتناسب هذه املعاين الشريفة، اليت األقدام تكاد : إىل الغيبة، وفرغ من ذلك اخلطاب

. تطؤها واألفهام مع قرهبا صافحة عنها

املعاين الشريفة وتأدبه : وما أفاد قوله. أكذا يقال بعد ذكر أسرار القرآن الكرمي وإيضاح غامضه: أقولفانظر إىل هذه املعاين الشريفة كيف غدت مشوسها : ان األحسن أن لو قالوك! بقوله تكاد األقدام تطؤها

تكاد تيجاهنا تقع على املفارق، واألذهان عاطلة : أو أن يقول. ضاحية، والبصائر عن إدراك ضيائها الهية .اجليد من درها املتناسق

االلتفات يف بعض اآليات

إمنا عدل عن الغيبة إىل . اآلية" إىل السماء وهي دخان مث استوى: " قال يف االلتفات وقد ذكر قوله تعاىلألن طائفة من الناس غري املتشرعني يعتقدون أن النجوم " وزينا السماء الدنيا : " اخلطاب يف قوله تعاىل

فلما صار الكالم إىل هنا، عدل عن خطاب الغائب . ليست يف مساء الدنيا، وأهنا ليست حفظا وال رجوما .خطاب نفسه ألنه مهم من مهمات البالغة يف االعتقاد، وفيه تكذيب الفرقة املكذبة املعتقدين بطالنهإىل إن اعتقادهم أهنا ليست يف مساء الدنيا وليست رجوما، نوع على اعتقاد قدم العامل، وأن اهللا تعاىل : أقول

.موجب بالذات دون حدوث العامل والفاعل املختارة الفعل يف خلق السماوات يف يومني، ووحي أمرها فيها إىل املتكلم، يكون أوىل من وعلى ما قرره، فإضاف

أن تكون إخبارا عن غريه، ألنه األصل، والعناية باألصل أوىل من العناية بالفرع، ألنه إذا ثبت األصل ثبت . ن األثريالفرع وال ينعكس، ولو كان هذا أوىل ملا عدل عنه، ولكنه قد عدل عنه حلكمة مل تظهر الب

اقحام النحو

إن الضمائر مذكورة يف كتب النحو : ولرمبا قيل يف هذا املوضع: قال يف النوع الرابع يف توكيد الضمريينفأي حاجة إىل ذكرها هنا ؟ ومل يعلم أن النحاة ال يذكرون ما ذكرته، ألن هذا خيتص بفصاحة وبالغة،

ئر، وأن املنفصل منها كذا واملتصل كذا وال يتجاوزون وأولئك ال يعرضون إليه، وإمنا يذكرون عدد الضما .وأما أنا فقد أوردت يف هذا النوع أمرا خارجا عن األمر النحوي. ذلكالرماين وأيب علي الفارسي وابن جين على تأخر زماهنم، : إن حنو املتقدمني غالبه معان وبيان، مثل: أقول

كتب القوم، ولكن ملا أتى اإلمام عبد القاهر اجلرجاين، وأكثر ما هو اآلن مدون يف علم املعاين مذكور يفجرد هذه النكت اليت ليست بإعراب وال بد، ومجعها ودوهنا وبوهبا ورتبها، صار علما قائما برأسه، وتنبه

.الناس بعده كالسكاكي وغريه تفتحت هلم األبوابأال ترى أن الزخمشري ملا كان عارفا . وهلذا إن من مل يكن متمكنا من النحو، ال يقدر على الكالم يف هذا

بالنحو تيسر له يف تفسريه ما ال تيسر لغريه، وباقتداره على اإلعراب والنظر يف أسرار العربية وتعليل أحكامها أورد تلك اإلشكاالت، وأجاب عنها بتلك األجوبة املرقصة، وبالنحو استطال ومهر وتبحر ودربه

حىت إن اإلمام فخر الدين يف تفسريه تراه إذا تكلم يف سائر العلوم . لذلكفين النظم والنثر هي اليت نبهته قال حممود اخلوارزمي وقال صاحب : غري مقلد ألحد، فإذا جاء املعاين والبيان قلد الزخمشري يف ذلك وقال

، وما من نظر يف الكشاف ومل يكن عارفا بالعربية وأصول الدين، صار معتزليا: وهلذا قال العلماء. الكشاففإن الفقهاء قدميا يف التابعني إمنا كانوا حمدثني فلما جاء أبو حنيفة . أشبه وضع علم املعاين والبيان إال بالفقه

رضي اهللا عنه دون الفقه وقرر قواعده، وقاس ما مل يبلغه فيه حديث على ما ورد فيه احلديث، وجاء الناس وانفرد الفقهاء هبذا العلم عن احملدثني، واختص الفقهاء .من بعده ومدوا فيه األطناب، وفتحت هلم األبواب

. مبعرفة األحكام واالستنباط وتركوا معرفة طرق احلديث وأمساء رجاله وصحيحها من سقيمها للمحدثنيوانظر إىل . وأعيان الفقهاء إمنا متيزوا لقيامهم بفن احلديث. وهلذا تسمعهم يقولون، فالن من الفقهاء احملدثني

ذاهب مثل الشافعي وأيب حنيفة ومالك وأمحد بن حنبل وأيب داود الظاهري والثوري واألوزاعي أئمة امل . وسعيد بن املسيب رضي اهللا عنهم جتدهم من كبار احملدثني

إن سبب وضع أيب حنيفة الفقه وتدوينه أنه كان يف عصره اثنان حضرا إىل احلمام وأودعا صاحبه : ويقالفلما خرج . مث إن أحدمها خرج وطلب الوداعة وأخذها وراح يف سبيله. حلماموداعة هلا صورة، ودخال ا

إن صاحبك خرج وأخذها، فراح إىل احلكام يف ذلك الزمان وشكاه : اآلخر طلبها من احلمامي فقال لههما أنت فرطت، وكان الواجب أن ال تدفع الوداعة إال إلي: إليهم فألزموه بالقيام هبا للغرمي احلاضر وقالوا له

فلقيه أبو حنيفة فسأله عن حاله ملا رآه . معا كما أودعاك معا ، فبقي ذلك الرجل يف حرية ال يدري ما يصنعإن املال عندي، فأحضر يل صاحبك ألدفع : قل لغرميك: من الفكرة واحلرية، فأخربه بقضيته، فقال له

.حلمامي من تلك الورطةفكان ذلك سبب خالص ا. الوداعة إليكما، فإذا أتى به حصلت على غرميكوكذلك أصول الفقه، . وعند ذلك أخذ أبو حنيفة يف تدوين الفقه، وكانت املسألة املذكورة أول ما وضعه

إمنا كان يقوم به اجملتهد العارف مبا حيتاج إليه من العلوم يف استنباط احلكم من اآلية واحلديث، ويكون عنده اسخ واملنسوخ، واحلقيقة واجملاز، وصحة احلديث من ضعفه، وثقة قوة ينظر هبا يف احملكم واملتشابه، والن

رواته، وترجيح أحد احلديثني على اآلخر إذا تساويا يف الصحة مبا يوافق القواعد ويستند إىل القياس الشرعي، ومثل هذا حيتاج إىل علوم مجة، فجاء الشافعي رمحه اهللا تعاىل ووضع أصول الفقه ومجع ما كان منه

. العلوم من اللغة يف معرفة املشترك واملتباين واملترادف، واحلقيقة واجملاز، واالستعارة والكنايةمفرقا يفومن النحو يف معرفة الشرط واجلزاء، واالستثناء املتصل واملنقطع، والعطف املرتب والعطف الذي ال يرتب،

كل حرف إىل أنواعه، واألمساء والذي للفور والذي للتراخي، وحروف اجلر واختالف معانيها وما ينقسم .املبهمة وغري ذلك

ومن املنطق يف معرفة داللة املطابقة والتضمن وااللتزام، ومعرفة اجلنس والنوع، والفصل واخلاصة والعرض العام، واملقدمتني والنتيجة والقياس املنتج، وغري ذلك مما حيتاج إليه الفقيه من قواعد اجلدل ومعرفة املغالط،

وجعله الشافعي رمحه اهللا تعاىل علما . ج إليه من معرفة صحة احلديث وضعفه وحسنه إىل غري ذلكوما حيتا. مث إن الناس جاؤوا بعده وزادوا فيه ما أمكن من ذلك. قائما برأسه وإن كانت أجزاؤه مفرقة يف العلوم

.فكذا علم املعاين والبيان، انتزع من النحو ودون وجعل فنا قائما برأسه

كيد الضمريينحول تو

إذا كان املقصود معلوما ثابتا يف النفوس، فأنت : ولنقدم يف ذلك قوال حيصره وجيمع أطرافه فنقول: قالباخليار يف توكيد أحد الضمريين باآلخر وإذا كان غري معلوم وهو مما يشك فيه فاألوىل حينئذ أن توكد أحد

قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما : " من ذلك قوله تعاىل فمما جاء. الضمريين باآلخر يف الداللة لتقرره وتثبتهفإن إرادة السحرة لإللقاء قبل موسى مل تكن معلومة عنده، وألهنم مل يصرحوا مبا يف " أن نكون نحن امللقني

.أنفسهم وطول يف الكالم على ذلك

النحو، وإذا خرجا عن القواعد النحوية، ظهرت فائدة ما قررته أنا من أن املعاين والبيان جزء من : أقولوالدليل على ذلك أنه قرر يف القاعدة اليت له أن املعىن إذا كان ثابتا يف النفس، فأنت . خبط قائلهما عشواء

خمري يف تأكيد أحد الضمريين باآلخر وليست هذه القاعدة على اإلطالق، فإن التأكيد هو التكرار، ومن ضربت زيدا زيدا ، وجاءين زيد زيد، وأنت أنت الفاضل، : املعىن بدونه مثلشرطه أعين التكرار أن يتم

.فكل هذه الصور جيوز حذف التأكيد فيها ألن املعىن يتم بدونه. وهو هو اجلوادوقوله " . وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك اجلنة : " وقد وجدنا الضمري يتكرر وال جيوز حذفه، كقوله تعاىل

قم واقعد واسكن كلها يتحمل الضمري وال : ، ألن أفعال األمر حنو" أنت وربك فقاتال فاذهب: " تعاىلقم أنت، واسكن أنت، وهلذا حكم النحاة على أفعال األمر بأهنا كالم ألهنا : جيوز إظهاره، ألن التقدير . تركبت من فعل وفاعل

الكلمة لفظ وضع ملعىن : اهللا تعاىل يف قولهأال ترى أهنم أوردوا على الشيخ مجال الدين بن احلاجب رمحه حىت إن الشيخ بدر . هي كلمات ومل يلفظ هبا اللسان: مفرد، الضمائر املستكنة يف أفعال األمر مجيعا وقالوا

الكلمة لفظ بالقوة أو الفعل فاحترز بقوله بالقوة من مثل الضمائر : الدين حممد بن مالك رمحه اهللا تعاىل قالاللفظ ما يطرحه اللسان أو يف حكمه حىت خيلص : أفعال األمر، وهلذا فسر بعضهم اللفظ فقالاليت تتحملها

.حد ابن احلاجبضمري آخر بارز غري الضمري املستكن يف " اسكن أنت : " إن أنت يف قوله تعاىل: وإذا تقرر هذا فأقول

الظاهر ها هنا ألنه ال ومع ذلك فال جيوز أن حيذف الضمري. اسكن أنت أنت وزوجك: اسكن، وتقديرهوهذا خبالف قوله . جيوز عطف زوجك على الضمري املستتر، لضعف ما هو بالقوة بالنسبة إىل ما هو بالفعل

.فثبت أن صاحب املعاين إذا مل يعرف النحو، مل يدر ما يقوله" . وإما أن نكون حنن امللقني : " تعاىلليس " اسكن أنت وزوجك : " منا يتكلم يف التوكيد، وقوله تعاىلإنه إ: وميكن أن جياب عنه ويعتذر له فيقال

هو من باب التوكيد، إمنا أتى به ألمر آخر وهو عدم اجلواز يف العطف على املضمر املستكن، وهذا غري .التوكيدوعلى كل حال، فهي عبارة مدخولة غري سادة، حتتاج إىل قيد خيرج مثل هذا، وإال ورد على قاعدته : قلت .ليت قررها، فإن القواعد حتتاج إىل أن تكون حمكمة غري مومهةا

ابن األثري يناقش املتنيب يف بعض شعره

وقد أغفل كثري من الشعراء ذلك، : قال يف النوع الثامن من استعمال العام يف النفي، واخلاص يف اإلثبات :من مجلتهم أبو الطيب حيث يقول

لشرى يا محام يا رجلليث ا... يا بدر يا حبر يا غمامة يا فإنه إذا فعل ذلك، كان كاملرتفع من حمل إىل حمل أعلى منه، وإذا خالفه كان كاملنخفض من حمل إىل حمل

.أدىن منه

يا رجل يا ليث يا غمامة يا : يا بدر فإنه اسم املمدوح واالبتداء به أوىل، مث جيب أن يقول بعده: فأما قولهالرجل، والغمامة، أعظم من الليث والبحر أعظم من الغمامة، واحلمام حبر يا محام ألن الليث أعظم من

.أعظم من البحرقد ناقشه ابن أيب احلديد، وقال كالما أذكر ملخصه، وهو أن املتنيب قصد مقصدا صاحلا ألنه ابتدأ : أقول

امللح، فإن ذلك بالبحر وهو دون الغمامة، ألن البحر هنا هو الذي يورد وهو مثل الغدير والنهر ال البحر يا ليث الشرى وانتقل منه إىل احلمام : استقص كلي، واألهنار والغدران يتفرعا عن الغمامة، مث انتقل فقال

ولذكر اجلود أوال قال يا حبر، ولذكر الشجاعة ثانيا . ألنه أعلى من الليث، ألنه لوال احلمام مل يرهب الليثس إىل اجلود أكثر من حاجتهم إىل الشجاعة، انتهى، هذا قال يا ليث، وقدم اجلود ألن حاجة مجهور النا

ملخص كالم ابن أيب احلديد، وهو لعمري تأويل حسن، كونه عكس على ابن األثري مقصده وجعل البيت .من باب االنتقال من األدىن إىل األعلى، وغالب الناس طعن يف البيت كما طعن ابن األثري

ال يلزمه االنتقال من األدىن إىل األعلى فيما قصده، ألنه أراد وصفه وللناس فيه تأويل آخر، وهو أنه: قلتيا بدر امسه، مث قال يا حبر، فإن مل أصدق فيما أقوله فيا غمامة، فإن مل : وقال. باملدح الذي ادعاه فيه قبل

ع هذه أصدق فيا ليث، فإن مل أصدق فيا محام ألنك تعدم نفوس أعدائك احلياة، فإن مل أصدق فيا رجل، مج .األوصاف اليت ذكرهتا، على أن هذا التأويل ليس يف قوة ما ذكره ابن أيب احلديد وال يف حسنهألن املوت : وابن األثري ادعى أن احلمام أكرب من البحر وأعلى ومل يبني وجه ذلك، والذي أقوله يف ذلك

أعم من الوجود، فهو أعلى منه عبارة عن عدم احلياة، والبحر عبارة عن وجود املاء الكثري الغمر، والعدماحلمد لله الذي خلق السموات واألرض، وجعل : " ومن هذا قوله تعاىل. هبذا االعتبار ومقدم عليه

إنه قدم الظلمات على النور، ألن الظلمة عبارة عن عدم النور، والعدم مقدم على : قيل" . الظلمات والنور . يا بدر يا حبر البيت من هذا الباب: هذه اآلية الكرمية، لكان قول املتنيبولوال هذا التأويل يف. الوجود

ويشكل على من قرر أنه ال ينتقل إال من األدىن إىل األعلى، وهبذه القاعدة اليت قرروها متسك من فضل يستنكف املسيح أن لن: " إن اهللا تعاىل انتقل من األدىن إىل األعلى يف قوله تعاىل: املالئكة على األنبياء وقال

ال أفكر : فإن احلكيم ال ينتقل من األعلى إىل األدىن، وال يقول البليغ" يكون عبدا لله وال املالئكة املقربون .ال أفكر يف الوزير وال يف السلطان: يف السلطان وال يف الوزير بل يقول

القاضي أيب : ئكة إال من شذ منهم مثلوالصحيح الذي ذهب إليه علماء السنة، أن األنبياء أفضل من املال .بكر الباقالين، وأيب عبد اهللا احلليمي

.ومثل جدودها يف عيون األعداء شيئا عجابا ، هذا كالم فارغ كاجلسد الذي ال روح فيه: وقولهىن ألشجع وأراهم يف اليقظة إرهابا وإرعابا ، ويف املنام إبال صعابا ، تقود خيال عرابا ، أصل هذا املع: وقوله

.السلمي ضوء الصبح واإلظالم: رصدان... وعلى عدوك يا بن عم حممد

سلت عليه سيوفك األحالم... فإذا تنبه رعته وإذا غفا

وما زان سجعته الثانية إال تضمينه السجع الذي جاء يف رؤية املوبذان ليلة ولد النيب صلى اهللا عليه وسلم .وما جاء يف ذلك من كالم سطيح

ن األثري احتفل هلاتني السجعتني، وأراد مماثلة القاضي الفاضل يف دعاء الكتاب الذي كتبه يف فتح وابوال زالت غيوث فضله إىل األولياء أنواء إىل املرابع وأنوارا إىل املساجد، وبعوث رعبه إىل : ومنه. القدس

.األعداء خيال إىل املراقب وخياال إىل املراقد :هذه األوراق حكم بني هذين اخلصمني، وبيدك األمر يف الفرق بني الكالمني وأنت أيها الواقف على

ومن استحط فحطه يف حشه... فمن استحق االتقاء فرقه .وإن كان هواي مال يب إىل كالم الفاضل

:فلله ابن سناء امللك حيث قال ماذا علي إذا عشقت األحسنا... إين رأيت البدر مث رأيتها

فتح القدس الذي تفتحت له أبواب السماء، وكثرت بأحاديث جمده كواكب الظلماء، وهي: مث قال .واسترد حق اإلسالم وطاملا سعت اهلمم يف طلبه بالزاد واملاء

أما كان هلا مهم غري الزاد واملاء، وال هلا . وأي مهم هذه، وما عسى أن تناله إذا مل يكن معها إال الزاد واملاءال يكون مهها اخليل والرجل والسالح والدأب والسرى وركوب األخطار، وقطع فكرة غري ذلك ؟ ومهة

..املفاوز، والصرب على السهر وأنواع املشاق، أي شيء تناله .ومن أحسن ما أتى به أنه آنس قبلته الثانية بقبلته األوىل: مث قالزكي رمحه اهللا تعاىل وهو على املنرب يف املليح النادر يف هذا، ما ورد يف خطبة القاضي حميي الدين ابن ال: أقول

...ومسجدكم هذا أول القبلتني، وثاين احلرمني، وثالث املسجدين: أول مجعة أقيمت يف القدسواستعمل العماد الكاتب ذلك أيضا يف كتاب كتبه إىل ديوان اخلالفة بفتح القدس أيضا ، فقال وقد ذكر

وجتدد هلا من البهجة والرسالة ما كان هلا يف القدم، فهو ثاين فصافحت األيدي منها موضع القدم، : الصخرة .املسجدين بل ثالث احلرمني

وكان قد برز من السالح يف لباس رائع من املنعه، وأخرج من السواد األعظم ما خدع العيون : مث قال .واحلرب خدعه

وبذل نفسه وولده وأهله وماله أكذا يكتب عن مثل ملك عاىن من األهوال ما عاىن، وكابد ما كابد، : أقولوهو يريد أن ميت إىل اخلليفة هبذه اليد، ويعظم األمر .. وعساكره، حىت استنقذ مثل القدس من مثل الفرنج

ويفخمه، ويصف الشدائد اليت كابدها حىت صار هذا الفتح العظيم يف أيام اخلليفة، وانضاف إىل ملكه .ليس هذا بالئق يف هذا املقام. ظم واحلرب خدعةخدعهم بالسواد األع: ويقال. ودخل يف قبضته

.وما متنع رقاب البالد بكثرة السواد، وال حتمى بعوايل األسوار بل بعوايل الصعاد: مث قال .وما متنع رقاب البالد بكثرة السواد، بل ببياض الرأي وكثرة السداد: كان األحسن أن لو قال: أقول

ألثري رمحه اهللا يف معارضة الفاضل من أجل ما أنشاه، وأحسن ما على أن هذا الكتاب الذي أورده ابن اوإمنا سبب ذلك كونه عارضه به معارضه، وأخذ حماسنه من املهلة والتأين مقارضه، فلهذا جاء منقحا . وشاه

ولو أنه أخذ درجا، والقاضي الفاضل درجا وقعدا يف مكان واحد، وأخذا يف العمل على . وزهره مفتحا لبان اجمللي يف احللبة من الفسكل، كما اقترح السلطان املعز على ابن رشيق وابن شرف القريواين غري مثال،

. أن ينظما يف الشعر الدقيق الذي على ساق بعض النساء وميدحاه لكونه يستحسنه ويعيبه بعض الضرايرفكان الذي . الوقت فانفرد كل واحد منهما ونظما يف. أريد أن يكون ذلك حجة هلا على من يعيبها: وقال

:أتى به ابن شرف يسري مثل ما يهب الشحيح... وبلقيسية زينت بشعر

به زغب فمعشوق مليح... حكى زغب اخلدود وكل خد فمن حدق العيون هلا صروح... فإن يك صرح بلقيس زجاجا :وكان الذي أتى به ابن رشيق

تلك من نصب الصرحا كما قد رأى من... يعيبون بلقيسية إذ رأوا هبا يزيد خدود املرد تزغيبها ملحا... وقد زادها التزغيب ملحا كمثل ما

لقد أوجدت خصمها حجة بقولك يعيبون، : فاستحسن املعز أبيات ابن شرف وعاب قول ابن رشيق وقال .وهذا نقد حسن. فإن بعض الناس عاب ذلك

.ؤية واحدة، ومعىن واحد، وقافية واحدةوانظر إىل هذين الشاعرين كيف نطقا بلسان واحد، عن رولوال خوف اإلطالة ألثبت الكتابني . وال بأس بإثبات شيء من كتاب القاضي الفاضل يف الفتح املذكور

.برمتهما، ولكن يؤخذان من مكانيهماا بالتوفيق أدام اهللا أيام الديوان العزيز، وال زال مظفرا بكل جاحد، غني: قال القاضي الفاضل رمحه اهللا تعاىل

عن رأي كل رائد، موقوف املساعي على اقتناء مطلقات احملامد، مستيقظ النصر والسيف يف جفنه راقد، وارد سحاب اجلود والسحاب على األرض غري وارد، متعدد مساعي الفضل وإن كان ال يلقى إال بشكر

فضله إىل األولياء أنواء واحد، ماضي حكم العدل بعزم ال ميضي لسل غوي وريش راشد، وال زالت غيوث .إىل املرابع وأنوارا إىل املساجد، وبعوث رعبه إىل األعداء خيال إىل املراقب وخياال إىل املراقد

وهللا يف إعادة شكره رضى، وللنعمة الراهنة دوام ال يقال معه هذا مضى، وقد صارت أمور اإلسالم إىل : منهبصائرها، وتقلص ظل الكافر املبسوط، وقد صدق اهللا أهل أحسن مصائرها، وقد استتبت عقائد أهلها على

دينه فلما وقع الشرط وقع املشروط، وقد كان اإلسالم غريبا فهو اآلن يف وطنه، والفوز معروضا وقد بذلت األنفس يف مثنه، وجاء أمر اهللا وأنوف الشرك راغمة، وأدجلت السيوف واآلجال نائمة، وصدق اهللا

ى كل دين، واستطارت له أنوار أبانت أن الصباح عندها جبان اجلبني، واسترد وعده يف إظهار دينه علاملسلمون تراثا كان عنهم آبقا ، فظفروا منه يقظة مبا مل يصدقوا أهنم يظفرون به طيفا على النأي طارقا ،

ا واستقرت على األعلى أقدامهم، وخفقت على األقصى أعالمهم، وتالقت على الصخرة قبلهم، وشفيت هبوملا قدم الدين عليها عرف منها سويداء قلبه، وهنأ كفؤها . وإن كانت صخرة كما تشتفي باملاء غللهم

احلجر األسود ببت عصمتها من الكافر حبربه، فلله احلمد على أن أحرمت خبلع ذلك البنيان املخيط، يسعى سعيه إال هبذه وطهرها ما قطر من دعم الكفر وما كان ليطهرها البحر احمليط، وكان اخلادم ال

العظمى، وال يقاسي تلك البؤس إال هلذه النعمى، وال حيارب من يستظلمه إال لتكون الكلمة جمموعة وكلمة ومن طلب خطريا خاطر، ومن رام صفقة . اهللا هي العليا، وليفوز جبواهر اآلخرة ال بالعرض األدىن من الدنيا

.راحبة خاسر، ومن مسا ألن جيلي غمرة غامرنه ملا ذكر اخللفاء ال جرم أهنم ورثوا سرهم وسريرهتم خلفهم األطهر، وجنلهم األكرب، وبقيتهم الشريفة، م

.وطليعتهم املنيفة، وعنوان صحيفة فضلهم، ال عدم اإلسالم سواد القلم وبياض الصحيفةتكنه أغساق والشرق يهتدي بأنواره، بل إن بدا نور من ذاته هتف الغرب بأن واره، فإنه نور ال: منه

.السدف، وذكر ال تواريه أوراق الصحفونام سيف جفنه وكانت يقظته تريق نطف الكرى من اجلفون، وجدعت أنوف رماحه : منه وقد ذكر الكفر

وطاملا كانت شاخمة باملىن راعفة باملنون، وأصبحت األرض املقدسة الطاهرة وكانت الطامث، والرب املفرد .لثالواحد وكان يف زعمهم الثا

.وبدل اهللا مكان السيئة احلسنه، ونقل بيت عبادته من يد أصحاب املشأمة إىل أصحاب امليمنة: منهفكم أهلة سيوف تقارضها الضراب حىت عادت كالعراجني، وكم أجنم قنا تبادلت الطعان حىت صارت : منه

م مولودا ، وكانت كاملطاعني، وكان اليوم مشهودا واملالئكة شهودا ، وكان الصليب صارخا واإلسال .ضلوع الكفار لنار جهنم وقودا وكان مليا يوم الظفر بالقتال ويوم اخلذالن باالحتيال، فنجا ولكن كيف، : منه وقد ذكر القومص وفراره

وطار خوفا من أن يلحقه منسر الرمح وجناح السيف، وكان لعدهتم كذلك، وانتقل من ملك املوت إىل على البالد فطواها مبا نشر عليها من الراية العباسية السوداء صبغا البيضاء وبعد الكسرة مر اخلادم. مالك

صنعا ، اخلافقة هي وقلوب أعدائها، هي وعزائم أوليائها، املستضاء بأنوارها إذا فتح عينها البشر، وأشارت .بأنامل العذبات إىل وجه النصر

ويرفع أذانا ، ويبدل املذابح منابر والكنائس وحيصد كفرا ويزرع إميانا ، وحيط من جوامعها صلبانا : منهمساجد، ويبوىء أهل القرآن بعد أهل الصلبان للقتال مقاعد، ويقر عينه وعني أهل اإلسالم أن تعلق النصر

.منه ومن عسكره جبار وجمرور، وأن يظفر بكل سور ما كان خياف زلزاله وزياله إىل يوم النفخ يف الصفح، ونزل إليها مث نازهلا، وبرز هلا مث بارزها، وحاجزها مث ناجزها، فضمها ضمة ارتقب وقباهلا مث قاتلها: منه

.بعدها الفتح، وصدع مجعها فإذا هم ال يصربون على عبودية احلد عن عتق الصفحوقدم املنجنيقات اليت تتوىل عقوبات احلصون عصيها وحباهلا، وأوتر هلم قسيها اليت تضرب وال تفارق : منه

نصاهلا، فصافحت السور فإذا سهمها يف ثنايا شرفاهتا سواك، وقدم النصر نسرا من املنجنيق خيلد سهامها إخالده إىل األرض ويعلو علوه إىل السماك، فشج مرادغ أبراجها، وأمسع صوت عجاجها، فأخلى السور

ر إىل سريته من من السيارة، واحلرب من النظارة، وأمكن للنقاب أن يسفر للحرب النقاب، وأن يعيد احلج

التراب، فتقدم إىل الصخر فمضغ سرده بأنياب معوله، وحل عقده بضربه األخرق الدال على لطافة أمنله، وأمسع الصخرة الشريفة حنينه واستغاثته إىل أن كادت ترق ملقتله، وتربأ بعض احلجارة من بعض، وأخذ

من جناهتم أبوابا ، وأخذ يفت يف حجره اخلراب عليها موثقا فلن يربح األرض، وفتح من السور بابا سد .فقال الكافر يا ليتين كنت ترابا

وملك اإلسالم خطة كان عهده هبا دمنة سكان، فخدمها الكفر إىل أن صارت روضة : منه يف تسلم البلد .جنان، ال جرم أن اهللا تعاىل أخرجهم منها وأهبطهم، وأرضى أهل احلق وأسخطهم

رخام الذي يطرد ماؤه، وال ينطرد ألالؤه، قد لطف احلديد يف جتزيعه، وتفنن يف وفيها كل غريب من ال: منهتوسيعه، إىل أن صار احلديد الذي فيه بأس شديد، كالذهب الذي فيه نعيم عتيد، فما ترى إال مقاعد

.كالرياض هبا من بياض الترخيم رقراق، وعمدا كاألشجار هلا من التنبيت أوراقادت السموات ينفطرن للسجوم ال للوجوم، والكواكب تنتثر للطرب ال للرجوم، وأقيمت اخلطبة وك: منه

ورفعت إىل اهللا كلمة التوحيد وكانت طريقها مسدودة، وطهرت قبور األنبياء وكانت بالنجاسات مكدودة، وأقيمت اخلمس وكان التثليث يقعدها وجهرت األلسنة باهللا أكرب وكان سحر الكفر يعقدها،

املؤمنني يف موطنه األشرف من املنرب، فرحب به ترحيب من بر مبن بر، وخفق علماه يف وجهر باسم أمري .خافقتيه فلو طار سرورا لطار جبناحيه

وكل مشقة باإلضافة إىل الفتح حمتملة، وأطماع الفرنج بعد ذلك غري مرجئة وال معتزلة، فإن يدعوا : منها أيديهم من أطواق البالد حىت تقطع، وهلذه البشائر أخبار دعوة يرجو اخلادم من اهللا أن ال تسمع ولن يفكو

ال تكاد من غري األلسنة تتشخص، وال مبا سوى املشافهة تتلخص، فلذلك نفذ فالنا شارحا ، ومبشرا .وهو فالن. صادحا ، يطالع باخلرب على سياقته، ويعرض جيش املسرة من طليعته إىل ساقته

.فقد كان خبت الناصر يف رد القدس أمضى من سيف خبت ناصر: وقال من كتاب آخر عند ذكر الصخرة :وذكرت هنا أبيات الصاحب مجال الدين ابن مطروح رمحه اهللا وهي

سارت فصارت مثال سائرا... املسجد األقصى له عادة أن يبعث اهللا له ناصرا... إذا غدا للكفر مستوطنا

وناصر طهره آخرا... فناصر طهره أوال :ىل كالم الفاضلرجع إ

وكان الكفر حل هبذا البلد فملكه واستهلكه، وأغلقه فأوثقه، وضاعت مفاتيحه من اإلسالم فلم جيدها : منهإال يف زمان أمري املؤمنني وهي السيوف، وما كان يضرب يف فنائه للحرب مصاف حىت ضربت يف مسجده

استرجع هبا سليمان قدما خامته، وكان للصالة صفوف فاسترجع الصخرة اليت هي فص خامت اإلسالم كما .وكيل اإلسالم يف استرجاع خامته صارمه آخر كالم الفاضل رمحه اهللا تعاىل

إذا ما أراد القول زوره شهرا... وهذا بديه ال كتحبري قائل يف أثنائه وقد أتبع ابن األثري رمحه اهللا كتاب فتح القدس بتقليد حسبة، أطال فيه وليس يف عقده واسطة، وال

نكتة تكون بينها وبني التعجب رابطة، لكنه استوعب آداب احلسبة وعددها، ورصع وصاياها يف سلكه ونضدها وأطال يف نصها ملا سردها، وأظهر فيه العلم ال لطف العمل، وأتى به عريا عن احملاسن فال رغبة فيه

ق منه بأن يكون يف التقاليد معدودا، للمنشىء املاهر وال أمل، وهو بأن يكون جزءا يف آداب احلسبة أح .وبأن يضم إىل الكتب املوضوعة لذلك أوىل منه بأن يكون يف مجلة اإلنشاء مسرودا

؟

حول ورود أن بعد ملا

وأثرها يف الداللة على تراخي الزمن

الكالم قال يف النوع السابع عشر يف التكرير، وقد ذكر دخول أن اليت ترد بعد ملا وادعى أهنا إذا دخلت يففلما أن جاء البشري القاه : " وساق قوله تعاىل. دل على أن الفعل مل يكن على الفور، وأنه مث تراخ ومهلة

" .على وجهه فارتد بصريا وإذا نظر يف قصة يوسف مع إخوته منذ ألقوه يف اجلب وإىل أن جاء البشري إىل أبيه عليه السالم، وجد أنه

بل . خ بعيد بعيد، ولو مل يكن مث مدة بعيدة وأمد متطاول، ملا جىء بأن بعد ملا وقبل الفعلكان مث إبطاء وتراوهذه دقائق ورموز ال توجد عند النحاة ألهنا ليست . فلما جاء البشري ألقاه على وجهه: كانت تكون اآلية

.من شأهنمطأ صوابا ، مث أخذ يتبجح بأنه ظفر هذا من جناية إعجاب املرء بعقله ورأيه، أال تراه كيف تصور اخل: أقول

هل وردت . أتراه ما نظر إىل هذه الفاء اليت هي للتعقيب عقيب ماذا وردت: مبا مل يفهمه النحاة وال يعلوهواآليات املتعلقة بواقعة إلقائه يف " .. فلما ذهبوا به وأمجعوا أن جيعلوه يف غيابة اجلب : " عقيب قوله تعاىلاذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أيب : " أو وردت عقيب قوله تعاىل. هذه الدعوى اجلب حىت يدعي

إىل " تاهللا إنك لفي ضاللك بأهلكم أمجعني : قالوا. يأت بصريا وأتوين ألجد ريح يوسف لوال أن تفندونفأي تراخ بني هذين . اآليات" ن جاء البشري فلما أ. إين القدمي: وملا فصلت العري قال أبوهم: " قوله تعاىل

من البعد البعيد واملدة املتطاولة ؟ إمنا كان ذلك كله بقدر املسافة من مصر إىل أرض كنعان، مقام يعقوب .إهنا هنا زائدة: عليه السالم، وهي تكون اثين عشر يوما وما حوهلا، وهلذا قال النحاة

:ل أيب نواسقال يف هذا النوع أيضا وقد أورد قو ويوما له يوم الترحل خامس... أقمنا هبا يوما ويوما وثالثا

ويا عجبا له، يأيت مبثل هذا البيت السخيف الدال على العي الفاحش . مراده من ذلك أهنم أقاموا أربعة أيام .يف ضمن تلك األبيات

قد ذهب بعض املتأدبني إىل أن املقام كان ليس األمر كما ادعاه من أنه أراد أهنم أقاموا أربعة أيام، بل : أقولويوما له يوم الترحل خامس فزاد الثالثة : مث قال. سبعة أيام، بدليل أنه أقام يوما ويوما وثالثا فهذه ثالثة أيام

أقمنا هبا أسبوعا : وما يشك صاحب الذوق أن هذه العبارة أحسن من قوله. أربعة أخر خامسها يوم الرحيل

.خصر يف اللفظ، ولكن ذلك له موقع، وإن كان هذا أسلمنا أن املقام أربعة أيام، ولكنه كرر ذلك ملعىن مل يوجد إال يف هذا التكرار، وهو أن املقام يف هذه احلالة

أقمنا هبا يوما ويوما ويوما كاملتلذذ : مقام وصف أليام قطعها يف لذة، فأخذ يعددها أفرادا غري مجلة ويقولها يف ذهنه، وما مر هلم فيها من أنواع اللذاذات واملسرات، وهذا أمر متعارف يف هبيئة كل يوم استحضر

ومن هذا قول . واصلين يوما يف يوم يف يوم يف يوم، وهجرين يوما يف يوم يف يوم يف يوم: اخلري والشر فيقال :مروان األصغر

ويا حبذا جند على النأي والبعد... سقى اهللا جندا والسالم على جند .كرر ذلك تلذذا بذكرها، وحترقا بالشوق إليها

: وهللا املتنيب حيث قال

ولة فناخسرو شهنشاها... أبا شجاع بفارس عضد الد وإمنا لذة ذكرناها... أساميا مل تزده معرفة

؟حول االعتراض قال يف النوع الثامن عشر يف االعتراض بعدما أورد قول املضرب السعدي على أن قد تلون يب زماين... حلي سلمى فلو سألت سراة ا

وأعدائي فكل قد بالين... خلبرها بنو أحساب قومي :ومن ذلك قول أيب متام الطائي

من الشعر إال يف مدحيك أطوع... وإن الغىن يل إن حلظت مطاليب ال أعيب البيت أي شيء رآه يف قول أيب متام حىت جيعله منخرطا يف قول املضرب السعدي ؟، وأنا : أقول

من حيث معناه فإنه يف غاية احلسن، وإمنا أعيبه من حيث تراكيب ألفاظه فإهنا بني تقدمي وتأخري ضيعا هبجة وأن الغىن أطوع يل من الشعر إال يف مدائحك إن : املعىن وأذهبا طالوته، أال ترى أنه حيتاج إىل تقدير وهو

ن البالغة، واأللفاظ ما كأهنا إال عقد امليزان، أو التخطيط فاملعىن يف نفسه يف غاية احلسن م. حلظت مطاليب :وما أشبه هذا البيت إال بقول الفرزدق. الذي يكون يف منامات الباذجنان

أبو أمه حي أخوه يقاربه... وما مثله يف الناس إال مملكا :ومثل قول أيب متام قول شرف الدين بن الفارض

أراك هبا يل نظرة املتلفت.. .هيب قبل يفين احلب مين بقية .هيب يل نظرة املتلفت قبل أن يفين احلب مين بقية أراك هبا: والتقدير فيه

حول الكناية

: اآلية" أحيب أحدكم أن يأكل حلم أخيه ميتا " قال يف النوع التاسع عشر يف الكناية وقد أورد قوله تعاىل إلنسان اآلخر، فشديد املناسبة، ألن الغيبة إمنا هي ذكر مثالب الناس فأما جعل الغيبة كأكل اإلنسان حلم ا

.ومتزيق أعراضهم، ومتزيق العرض مماثل ألكل حلم من تغتابه، ألن أكل اللحم متزيق على احلقيقة

دعواه أن مناسبة الغيبة بأكل حلم اإلنسان ألهنا متزيق عرض والتمزيق أكل، ليست بواضحة فإن : أقولواألحسن يف مثل هذا . لعرض من باب أكل اللحم، ومها كناية عن أمرين معقولني بأمرين حمسوسنيمتزيق األن الذي يغتاب يذكر مثالب وارتكاب حمرمات وغريها مما جيب فيها على املغتاب احلد، ولعل : أن يقال

و أشبه شيء ذلك احلد يكون ضرب عنق أو قطع يد أو جلد ظهر، وذلك تفصيل أعضاء ومتزيق أجزاء، فه :أال ترى قول السراج الوراق ما أحسنه يف هذا املعىن. باألكل، ألن األكل يفرق األجزاء من األجسام

إال على هرت غائب فهما... ورب شخصني قط ما اجتمعا حلم رجال أو يولغان دما... ما مر يوم إال وعندمها

.مضمنأيضا فأما قوله كتمزيق العرض، فإنه أحال على أمر حيتاج إىل وهذا التعليل أنسب، وبه يعلل متزيق العرض

.بيان، وينتقل السؤال من الغيبة إليه، ومبثل هذه املناسبة اليت ذكرهتا أنا، ال حيتاج إىل ذلكوأما القسم املختص مبا يقبح ذكره من الكناية، فإنه ال حيسن استعماله ألنه عيب يف : قال يف هذا النوع

:فمما جاء منه قول الشريف الرضي يرثي امرأة. وذلك لعدم املراد من الكناية فيهالكالم فاحش .إن مل تكن نصال فغمد نصال

أما هذه الكناية فإهنا يف غاية احلسن يف كون املرأة يغمد فيها ذلك العضو املخصوص وليس يف باهبا : أقولاإلضافة إىل املقام، إن كان املقام مقام تعظيم وإمنا قبحها ب. مثلها وال تقبح من حيث الصناعة وختيل املعىن

فإنه ليس من األدب أن يسمع فيها قريبها هذه . قدر املرثي، ألهنا أم ملك أو بنت كبري القدر، أو أخت أمري :كما عيب على أيب الطيب قوله يرثي أم سيف الدولة. الكناية لتعلقها بفرجها وذكر عورهتا

لك علي ابنك يف كمالوم... رواق العز فوقك مسبطر فوقها ممتد، فإن النفوس الكبار تأنف من ذكر عورات : فإنه ليس من األدب أن يذكر أم السلطان ويقال

.النساءإن بعض الوالة أحضر إليه مجاعة من الفساق، فأراد تأديبهم، فجعلوا يقسمون عليه وال يزداد : ويقال

يا أمري حبياة : تنحوا يا محري، أكذا حيلف األمري مث قال: عليهم إال قسوة وغلظة، وكان فيهم خمنث فقالحبياة : حبياة وجهها، حبياة عنقها، حبياة كذا حبياة كذا حىت قال: أمك، فاشتد غضبه عليه وهم جيلدونه، فقال

.أطلقوهم. فقال األمري وليس بعد السرة إال احلرة. سرهتا : وما أحسن قول كشاجم يرثي أمه

وجفين يسح الدمع سجال على سجل... عند موهتا فأقسم لو أبصرتين وأعجبت من فرع ينوح على أصل... رثيت لنصل يأخذ املوت جفنه

وعلى اجلملة فقبح . وقد حتسن هذه الكناية من الشريف الرضي يف باب التهكم وتكون هناية يف احلسن :ورد بعدها قول الفرزدق يرثي امرأتهالكناية اليت ذكرها ليس لذاهتا بل ألمر عرض عليها على أنه قد أ

عليه ومل أبعث عليه البواكيا... وجفن نصال قد رزئت فلم أنح

.هذا حسن بديع يف بابه، وما كين عن امرأة ماتت جبمع أحسن من هذه الكناية وال أفخم شأنا : وقال أي شيء حسن هذه وقبح تلك ؟: فيقال له

حول املغالطات املعنوية

فمنه ما كتبته يف فصل من كتاب عند دخويل إىل بالد الروم : العشرين يف املغالطات املعنوية قال يف النوعومن صفات هذا الربد أنه يعقد الدر يف خلفه، والدمع يف طرفه، ولرمبا تعدى إىل : أصف فيه الربد والثلج

ت اجلبال أهنار غري قليب اخلاطر فأحقه أن جيري بوصفه، واألرض شهباء غري أهنا حولية مل ترض، ومسيال .أهنا جامدة مل ختض

وأي كبري حسن يف هذا حىت يدونه . حولية ومل ترض: مث إنه أخذ يصف مكان احلسن يف قوله: أقولولكنه معذور إذا وقع يف كالمه تورية أن خيطب هلا، فكيف به لو قال مثل القاضي الفاضل . ويستشهد بهها، إىل يوم تود البصلة لو ازدادت إىل قمصها، والشمس لو يف ليلة مجد مخرها، ومخد مجر: يصف الربد

.جرت النار إىل قرصها :وقد نظم هذا اجلالل بن الصفار فقال

متزق األوجه من قرصها... ويوم قر برد أنفاسه لو جرت النار إىل قرصها... يوم تود الشمس من برده

املاء يف لبابيدها حىت ثقل متنها، وانعكست القاعدة يف يف ليلة مجد: ومن كالم الفاضل يف ليلة كثرية الربد .التشبيه حىت صار كاجلبال عهنها

:وقال الصاحب مجال الدين ابن مطروح مل تبد فيه شامة سوداء... انظر جتد وجه البسيطة أبيضا

إن الكرمي له اليد البيضاء... كرم السحاب فعم بالثلج الثرى :بن متيمجمري الدين حممد : وقال

يف نعمة وسعادة ال تنقضي... دنياك مذ وعدت بأنك مل تزل أضحت تقابلنا بوجه أبيض... كان الدليل على وفاها أهنا

:وقال جمري الدين أيضا يف الربد نسيم ال تقابله الصدور... وليلة قرة قد هب فيها

إذا واىف ويرتعد الغدير... نسيم يقشعر الروض منه ولقد نزلت منه مبهليب الصنع، أحنفي األخالق، ولقيته : ومن ذلك ما ذكرته يف وصف كرمي فقلت: قالمث

فكأين مل أرع بلوعة الفراق، وال كرامة لألهل والوطن حىت أقول استبدلت به أهال ووطنا ، وعهدي باأليام .وهي من اإلحسان فاطمة فاستولدها جبواره حسنا مث أخذ يف الثناء على ذلك

.غاية ما ذكره أنه استعمل اسم فاطمة واحلسن رضي اهللا عنهما تورية وليس هذا بعظيم: أقولالسعيد من أشبه حديثه : وما أحسن ما استعمل القاضي الفاضل اسم احلسن، فقال خياطب قوما أشرافا

ة وإن مل ينم قدميه السعيد، والشرف القدمي مقطوع إن مل يصله الشرف اجلديد، والغصن من الدوحة العريقكان من احلطب، وحممد صلى اهللا عليه وسلم كان عمه أبا هلب، وقبيح أن يكون فعلكم القبيح وجدكم

.وأن يكون أولكم قاتل حىت ال تكون فتنة وتقاتلون حىت تكون الفنت. احلسن :وما أحسن قول أيب احلسني اجلزار ميدح سيف الدين علي بن قليج من مجلة قصيدة يف ذكر الزمان

إذا كل أو أعىي من اهلم حامله... وإين ملعتاد حلمل خطوبه بأن عليا باملكارم قاتله... مرحبا لتيقين : أقول لفقري

.كذا تكون التورية، وكذا يكون حتيل التخيل :ومما اتفق يل نظمه

وقد قرح الدمع أجفان عيين... أقول لشاد تغنى لنا صوت علي لنا يف حسيينب... ايا حسن الوجه رجع وخذ

وعهده بقلمي وهو : ومن هذا األسلوب ما كتبته يف فصل من كتاب إىل بعض اإلخوان فقلت: مث قاليتحلى من البيان بأمسائه، ويربز أنوار املعاين من ظلمائه، وقد أصبحت يدي منه وهي محالة احلطب، وأصبح

. خاطري أبا جهل بعد أن كان أبا هلب

قال ابن . ل القاضي الفاضل مثل هذا كثريا ، وهلج املتأخرون مبثل هذا فأتوا فيه بالطم والرمقد استعم: أقول :النبيه

ملا غدا خده القاين أبا هلب... لو مل تكن إبنة العنقود ريقته محالة الورد ال محالة احلطب... تبت يدا عاذيل فيه ووجنته

:وقال ابن سناء امللك يف معذر صرت مثل الثور ذا غبب... ذا غيد كنت مثل الظيب

رجعت محالة احلطب... وجنة كانت أبا هلب :وقال

فكنت أبا ذر وكان أبا جهل... وصفتك والالحي يعناد بالعذل :وقلت وأنا يف رمل مصر عند العريش

فقلنا له تبت يداك أبا هلب... أتينا عريش الرمل يف وقت حره تقابلنا منه حبمالة احلطب... ا وال جىن وكم أثلة ال ظل فيه

ومن آثر مساعيه أنه حاز قفل املكارم ومفتاحها، وإذا سئل منقبة كان مناعها وإذا سئل : مث قال من فصلموهبة كان مناحها، وأحسن أثرا من ذلك أنه أخذ بأعنة الصواب وأالن مجاحها، وإذا شهد حومة حرب

.كان سفاحهاكان منصورها وإذا لقي مهجة خطب وهذا الباب أعين أمساء اخللفاء يف األلقاب، مما جسر الناس على دخوله، وعربه كل أحد من املتأدبني : أقول

.وتصرف يف حمصوله، فإنه سلس القياد يف التورية إذا جذب وسريع االرتفاع إذا أقيم أو نصب

:قال ابن سناء امللك ليه اليمنيعة قد كررت ع... بايعته يد السعادة واليب

مل فهو األمني واملأمون... واصطفاه الرأي الرشيد على العا :وقال سيف الدين املشد ابن قزل

خفيت شكايته عن العواد... يا أهل ودي دعوة من مدنف كال وال واهللا قليب اهلادي... تاهللا ما جلدي عليكم طائع

:وقال ابن سناء امللك جبماله جلماله كاملقتدي... بأيب وأمي من يكون املكتفي ال تعجنب لوحشة املتفرد... مستوحش متفرد يف حسنه

:وقال جمري الدين حممد بن متيم سلطاهنا من بعد كل أمري... يا موثرا قصدي محاة وخدميت

ألمينه اهلادي إىل املنصور... أنا واثق برشيد رأيك طائع ر بتلك املسرة املسروقة فأقام عليها القطع، ورأى العيش فيها خفضا وما أقول إال أنه شع: مث قال من فصل

.فأزاله الرفعوهذا الباب أيضا مما تقدم، وسوره مما خرب وهتدم، قد دخل الناس فيه أفواجا ، وراقت آللئهم فيه : أقول

.انفرادا وازدواجا :قال السراج الوراق يرثي اجلزار

أصوات إذ جزم الردى منك العرى. ..رفعوك وانتصبوا قياما خافضي ال وهم يرونك للجاللة مظهرا... وغدوت يف األكفان عنهم مضمرا

وأبيك واجلمع الصحيح تكسرا... إن الصحيح اعتل مذ فارقتنا :وقال أيضا

جزما أللسنهم وخفض الشان... نصب العداوة حاسدوك فأعقبوا عوامل املرانمرفوعة ب... فمىت أراهم أدبروا ورؤوسهم :وقال شهاب الدين التلعفري

نفس احلمى أرجا كنشر عبري... وإذا الثنية أشرفت ومشمت من سل هضبها املنصوب أين حديثها املرفوع عن ذيل الصبا اجملرور وهذا يف غاية احلسن من الصناعة، فإنه أتى

.ورباملنصوب يف املنصوب، وباملرفوع يف املرفوع، وباجملرور يف اجملر .وله بيتان آخران يف هذا املعىن، ولكن هذين أحسن وأكمل

وعلى اجلملة، فهذه األشياء قد انتهك املتأخرون حرمتها، ومنعوا من اآلباء عصمتها خصوصا أمساء اخللفاء كما قال أبو احلسني اجلزار ميدح فخر القضاة . كما تقدم، وألقاب اإلعراب وقد تقدم، وأمساء سور القرآن

: ابن بصاقةنصر اهللا

بزخرف آمايل كنوز من اليسر... وكم ليلة قد بتها معسرا ويل إذا جاء نصر اهللا تبت يد الفقر... أقول لفقري كلما اشتقت للغىن

:وكما قال أيضا وقد خلع على شاعر أسود ومل خيلع عليه خياطب مجال الدين ابن رمضان من ندى السلطانباألمس ... غري خاف عنك الذي ناله األسود

ومنديل الكم والطيلسان... ومتشيه بالعمامة والثوب

يتلى بالنص فوق الدخان... قلت إذ فصلت عليه أرى الزخرف :وكما قال سيف الدين ابن قزل

ومن دموع العني باملرسالت... أقسم من جفين بالذاريات عاتحىت ترى روحي يف الناز... إين على اإلخالص يف حبكم

:وكما قال اآلخر فيقسم هذا ال يكون إىل احلشر... أناشده الرمحن يف مجع مشلنا

فوالعصر إن العاشقني لفي خسر... إذا ما غدا شبه احلديد فؤاده :وأمساء الكتب كما قال من أبيات

ترك اجلواب جواب هذي املسأله... يا سائلي من بعدهم عن حاليت ملعا ال يضاحي هلا من تكمله.. .حايل إذا حدثت ال مجال وال

فاترك مفصلة ودونك جممله... عندي جوى يذر الفصيح مبلدا إصالحه والعني سحب مثقله... القلب ليس من الصحاح فريجتى

.وقد ذكر يف هذه الثالثة عشرة أمساء من تصانيف األدب :كما قال ابن قزل يف مليح يلعب بالقانون

أقل ملعوبه الغناء.. .ترى ابن سيناء يف يديه كل إشاراته شفاء... قانونه املرتضى جناة

.وقد ذكر يف البيت الثاين على قصر حبره من مصنفات الرئيس أربعة كتب :وكما قال أبو احلسني اجلزار

إليك إال أديب... يا مالكي ما شافعي بيه للمهذب... حاشاك أن حتتاج يف النت

:قال أبو احلسني اجلزاروأمساء مشايخ العلوم كما مي أبدت بيانه األعضاء... إن فصل الشتاء منذ حنا جس

كسائي واحتمى الفراء... فيه عظمي املبرد إذ عن ال :وكما قال ناصر الدين حسن بن النقيب

ومن تشاريفه وشي وديباج... يا من مقاماته يف اجلود مذهبة

وللربد إقالق وإزعاجروح ... أعطيتين جسدا ملقى وليس له إن احلريري للفراء حمتاج... وليس عن فروة حتت احلرير غىن :وكما قال جمري الدين حممد بن متيم

فتطربين وأجهل ما تقول... وصادحة تردد يل غناها ووزن ليس يعرفه اخلليل... بلحن حار إبراهيم فيه

تقارب اخلمسني بيتا، مجع فيها مجلة من كتب التفسري وقد نظم شرف الدين املقدسي رمحه اهللا قصيدة وكلها غزل، وأمساء الربوج . واحلديث والفقه والنحو واللغة وغري ذلك، وذكر مشايخ العلوم وغريهم

:كما قال ابن قزل. اإلثىن عشر واملنازل كي ال يراه رقيبه العواء... بدر جعلت القلب أخبية له

وحبته رونق ثغره اجلوزاء... نه خلعت عليه الشمس رونق حس :وكما قال اآلخر

وهو موات بال امتناع... بت وبدر الدجى ضجيعي أشرقت الشمس بالشعاع... فقلت للحاسدين ملا

وهو إىل اآلن يف الذراع... القلب والطرف منزاله :وكما قال اآلخر يف مليح حيرث لفتاك غري مؤولهعن طرفه ا... يا حارثا تروى مقامات اهلوى

يف حرثه ليست خطوطا مهمله... أضحى يشق حلود من قتل اهلوى للثور، ليس يروم غري السنبله... روحي الفداء لبدر مت سائق

:وأمساء مشاهري العرب، كما قال ابن سناء امللك مل يشتغل وبطاليت مل تبطل... إني على ما كان شغلي باهلوى

يا أشهل العينني عبد األشهل... يب ألنين أنا جد أنصار الن :وكما قال ابن قزل

ب من غري تعدي... عدت فيه جاهلي احل وفؤادي عبد ود... حلظ عيين عبد مشس

:وكما قال مشس الدين حممد بن التلمساين لقليب من صدغيك يف األسر عاقل... وما كنت جمنون اهلوى قبل أن يرى

ألعجزه نبت هبا وهو باقل... ف منك وجنة ولو أن قسما واصوأمساء املدن، وأمساء امللل والنحل، وأمساء أحبر العروض، وأمساء القراء، وأمساء أشكال الرمل وأمساء

.الشعراء، وأمساء منازل العرب وأماكنها وأشياء غري ذلك

لتعلم أيها الواقف على . لى ذلكولوال خوف اإلطالة، وأين مل أضع هذه األوراق هلذا، ألتيت بالشواهد عكتايب هذا أن ابن األثري رمحه اهللا ما أتى بطائل، وال رقت بكالمه أنفاس األسحار وال برود األصائل، وأنه لو

تأخر وجوده إىل هذا العصر علم أن قوله ليس حبجة، وأن قطره يغرق يف مثل هذه اللجة، وأن الناس قد . الدجلةبلغوا حمط الرحال وهو إىل اآلن يف

:وما أحسن قول جماهد اخلياط يهجو أبا احلسني اجلزار ما الفخر بالشعر فخر... أبا احلسني تأدب

بقطرة وهو حبر... وما تبللت منه وما لبيتك قدر... وإن أتيت ببيت

عليه للناس حكر... مل تأت بالبيت إال ورية واالستخدام فإن أردت أن تكشف عن ماهية وقد وضعت كتابا يف التورية ومسته فض اخلتام عن الت

.ذلك وتقف على حماسنه، فقف عليه، لعله يكون فيه لك زبدة، أو جتد فيه على ما ترونه جندةوهلذا صارت األدوية يف عالجها ليست بأدوية، وأصبحت أيام حنرها يف : مث قال من فصل يذكر فيه احلمى

.الناس غري مبتدئة بأيام ترويةوأما الثانية فما فيها غري التورية بيوم التروية للنحر، . يس يف السجعة األوىل طائل وهي كالم فارغل: أقول

.وليس يف ذلك أمر كبري :وما أحسن قول اجلزار

دأب، وسل عنهم إن رمت تصديقي... إين ملن معشر سفك الدماء هلم فكل أيامهم أيام تشريق... تضيء بالدم إشراقا عراصهم

:منها. أبيات املتنيب يف احلمى فما ألحد مثلها يف حسنهاوأما فليس تزور إال يف املنام... وزائريت كأن هبا حياء

فعافتها وباتت يف عظامي... بذلت هلا املطارف واحلشايا فتوسعه بأنواع السقام... يضيق اجللد عن نفسي وعنها

امكأنا عاكفان على حر... إذا ما فارقتين غسلتين مدامعها بأربعة سجام... كأن الصبح يطردها فتجري

:وحذا السراج الوراق حذوه فقال تزور ضحى وتطرق يف املنام... وزائريت وليس هبا احتشام عن الشيخ الكبري وال الغالم... هبا عهر وليس هلا عفاف سلوت عن الكرائم والكرام... إذا طرقت أعاذ اهللا منها

بقليب والفتور ففي العظام... اهري حر وبرد هلا يف ظ وتشرب من دمي صرف املدام... تلهوج نارها حلمي طعاما فما تنفك من هذا املقام... وأصوات الغناء هلا أنيين

وقد أعييت ربات اخليام... تضاجعين على ضعفي وشييب ألين قد وصلت إىل محامي... إذا ما فارقتين غسلتين

:ل أمهدوست الديلميوما أحسن قو وتنزل بالفىت من غري حبه... وزائرة تزور بال رقيب

فيطلب بعدها من عظم كربه... تبيت بباطن األحشاء منه تنغصه مبطعمه وشربه... ومتنعه لذيذ العيش حتى

وكم من زائر ال مرحبا به... أتت لزياريت من غري وعد :وقول ناصر الدين حسن بن النقيب

وال يك منك يل ما عشت أوبه... لنوبة احلمى اتركيين أقول وهل يبقى األمري بغري نوبه... كيف ميكن ترك هذا : فقالت

:وقد ظرف جمري الدين حممد بن متيم يف قوله، وقد حم النور اإلسعردي يف زي مقروح الفؤاد كليم... أخفوا مشاتتهم لدي وأقبلوا

يس حول النور من حم. ..قالوا بأن النور حم فقلت ال هكذا تكون مقاصد أهل األدب وتورياهتم وأوصافهم، ليس كما قال ابن األثري األدوية يف عالجها ليست

.أدويةوكنت يف وقت قد كتبت إىل بعض . وأقوال الناس يف املليح احملموم مشهورة فال حاجة إىل ذكرها

يشكو حاله اليت ليس له منها بدل، وآالمه اليت وينهي ال بل: من ذلك. األصحاب كتابا أشكو فيه احلمىكلمت أعضاءه فال يطيق جلده قطع ذاك اجلدل، ومحاه اليت يلدغه منها عقرب وترميه قوس فليت جسمه

مع ذلك محل، واتصال رشح عرقه الذي ال يقال مع حبره سآوي من الصرب اجلميل إىل جبل، فأين قوهلم .ها غرق الكربةلقيت منها عرق القربة، ممن لقي من

كأنا عاكفان على حرام... إذا ما فارقتين غسلتين ويعجز اململوك عن وصف ما حصل لرأسه من الصداع وجلسمه من الصدوع، وآلماله املعلقة من القطع

.وحلظه من القطوعي أخبار والسائر هبا فالن، وهو راو: مث قال من فصل كتاب إىل ديوان اخلالفة يتضمن فتوح بلد من الكفار

نصرها اليت صححتها يف جتريح الرجال، وعوايل إسنادها مأخوذة من طرق العوال، والليايل واأليام هلا رواة .فما الظن برواية األيام والليال

وقد أورده هنا أيضا . هذا الفصل ختم به الكتاب الذي عارض به القاضي الفاضل يف فتح القدس: أقول :ين هنا بقول جمري الدين حممد بن متيموادعى فيه هذه الدعوى، وأذكر حارت دقائق فكريت يف كنهه... إين ألعجب يف الوغى من فارس جياء حني جرحته يف وجهه... أدى الشهادة يل بأين فارس اله

:وهو مأخوذ من قول ابن الساعايت اف العوايل جماديحدهاقا وأطر... وكائن سقى جيشا كؤوس محامه وما شاهد إال له بك جتريح... فيا سيفه حزت العدالة يف العدى وعرف اململوك ركوب موالنا امللك األفضل يف القلب ولقد سخا : وما أحلى قول القاضي الفاضل

السلطان على القلب بقلبه، وأبرزه حاسرا حلربه، وهذا املوقف نص صحيح على السلطنة، وهو نص مطلق السيف فيه القاضي والنصر البينة، عرس به اإلسالم وكان النثار دنانري غرر الصواهل، والتحايا رياحني كان

أطراف الذوابل، فهو أعز اهللا نصره السابق والدا وجهادا ، ولقد ولد أبوه والدا وولد اآلباء أوالدا ، .ويف يده سيف عمارواحلمد هللا الذي أجند اإلسالم منه ومن سيفه بعلي وذي الفقار وبعمر

معذور من امتال، وغب : الذي يتعلق هبذا املوطن السجعتان األوليان، ولكن القلم استلذ هذا النغم وقال .كؤوس الطال

األحاجي واملغالطات يف مقامات احلريري

وكذلك فعل احلريري يف مقاماته، فإنه ذكر األحاجي اليت: مث قال يف النوع احلادي والعشرين يف األحاجيأحيل للصائم أن يأكل هنارا : جعلها على حكم الفتاوى كناية ومغالطة، وظن أهنما من األحاجي امللغزة كقوله

.مث إن ابن األثري أخذ يستدل على أن ذلك من باب املغالطات املعنوية. رميهم مبساوئه وأقول على أين ما أدري ما أقول، هذا الرجل رمحه اهللا تعاىل يتصور شيئا ويلزم الناس به، وي

.ومل يكونوا أرادوه وال قالوهواملقامات فكتاب اشتهر وحفظ، ودرس وما اندرس، وهذه املسائل اليت أشار إليها قد أودعها احلريري

وهي مائة فتيا، وسردها مرتبة على تبويب الفقه، ومل يسم ذلك . رمحه اهللا تعاىل املقامة الثانية والثالثنيإين حاضرت فقهاء : فصمد له فىت فتيق اللسان، جري اجلنان وقال: ل عند ذكرهابل قا. أحجية وال لغزا

فإن كنت ممن يرغب عن بنات غري، ويرغب منا يف مري، فاستمع وأجب، . الدنيا، وانتحلت منهم مائة فتيا .اهللا أكرب، سيبني املخرب، وينكشف املضمر، فاصدع مبا تؤمر: فقال. لتقابل مبا جيب

انتفض وضوءه بفعله حىت فرغ من ذلك، ومل يقل أحجية : فيمن توضأ مث ملس ظهر نعله ؟ قالما تقول : قال .وال لغزا وال كناية وال مغالطةورصعته فيها من األمثال العربية، واللطائف األدبية، واألحاجي النحوية، : وأما يف مقدمة الكتاب فإنه قال

.ة اليت اختصت هبا أهنا فتاوىوالفتاوى اللغوية فذكرها يف املقدمة ويف املقام . والبن فارس كتاب مساه فتاوى اللغة ومنه استمد احلريري؛ فأي حرج على احلريري إذا مسى ذلك فتاوى

الفرق بني اإللغاز والوصف

أمثلة من وصف السفن

:وعلى هذا األسلوب ورد قول أيب الطيب يف السفن: قال حوالك األبدانعقم البطون ... وحشاه عادية بغري قوائم

حتت احلسان مرابض الغزالن... تأيت مبا سبت اخليول كأنها قد عد هذين من اإللغاز، وليسا من ذلك يف شيء، بل مها من باب األوصاف، ألن اللغز من شرطه : أقول

:أن ال يذكر امللغز به صرحيا يف الكالم، وهذا خيالف ذلك ألن أبا الطيب قال قبلهما وبىن السفني له من الصلبان... غدائر فوقه فتل احلبال من ال .فهما من باب األوصاف ال من باب األلغاز. وهذا تصريح

:وانظر إىل قول السراج الوراق يلغز يف املركب ومقصودنا منه شيء يسري ... وما هو شيء علينا كبري

أتانا بذاك الكتاب املنري... غدا واحدا وهو مجع كما وأما الثاين، فإنه قد نص أئمة اللغة على أن الفلك لفظ . اهر على ما فيه من التوريةأما األول، فهو ظ

.يستوي فيه املفرد واجلمع :وقد نظمت أنا لغزا يف السفينة فقلت

ومل يك يف ذاك ما مينع... وجارية حل يل وطؤها وألزمها أنها تقلع... ويا عجبا ما أتت ريبة

اللغز، ألنا مل نصرح بلفظ املركب وال السفينة، وأما املتنيب، فإنه صرح بذكر فقول السراج وقويل من باب .السفني فخرج من هذا الباب، وهو من باب األوصاف

:وكذا قول جمري الدين حممد بن متيم تلك الصواري وقد أربت على احلبك... عجبت للبحر ملا أن رأيت به سائل بني الفلك والفلكمحل الر... أظنها مل تطل إال وقد وليت

:وقول أيضا مضمنا وهاج علينا موجه املتالطم... وملا ركبنا الفلك والبحر قد طمى

كما تتمشى يف الصعيد األراقم... متشت لنا يف جلة ببطوهنا :من ذلك قوله وقد ذكر البحر. وابن قالقس اإلسكندري ممن أجاد أوصاف السفن يف عدة قصائد

فترتقي يف أعاليه وتنحدر... ر جتري يف زواخره ترى املواخ بوجنة منه فيها للضحى خفر... من كل سوداء مثل اخلال حيملها

:وقوله أيضا من قصيدة ألن أمواجه جتري بأطواد... وقد رأيت به األشراط قائمة أن السماوات منها ذات أعماد... تعلو فلوال كتاب اهللا صح لنا

فامسع حديث مقيم بيته غاد... يسري بساكنه وحنن يف منزل

من ضيق حلد ومن إظالم إحلاد... أبيت إن بت ومنه يف مصورة كأن حاالتنا حاالت عباد... ال يستقر لنا جنب مبضجعه

.وله أشياء غري هذه، أضربت عنها خوف اإلطالة :وما أحلى قول أيب احلسني اجلزار

وهي طورا على املنايا حتوم... كنت يف كلكة تطري بقلع جيم تاء خليفيت وهي جيم... أنظر املوج حوهلا فإخال ال غري أني باملاء فيها محيم... مل أجد يل فيها صديقا محيما عندنا منه مقعد ومقيم... وإذا ما دنت إىل الرب أمسى

ج فدأيب هنالك التسليم... يسجد اجلرف كلما ركع املو را وحبرا وأنت بر رحيم... ي أن أشتكي بر وقبيح عل

:وقال ابن الساعايت وإن كان فيه بعض قلق ظننت وقلب اليوم باللهو جذالن... وملا توسطنا مدى النيل غدوة

وليس هلا إال اجملاذيف أجفان... عشارية إنسانا له املاء مقلة وواىف األسطول يف مخسني غرابا طائرا : منها قوله. وقد ذكر القاضي الفاضل رمحه اهللا املراكب يف مواطن

من القلوع بأجنحته، كاسرا مبخالب أسلحته، فما واىف مشال إال دعاه إىل احلني، وحقق ما يغري إليه من .البنيفيمألها عليهم جواري يف البحر كاألعالم، ومدنا يف اللج سوائر كأهنا الليايل مقلعات باأليام، وتطلع : وقولهمعاشر اإلسالم آماال ، وتطلع على الكفار آجاال ، مسومة متدها مالئكة مسومة، ومعلمة تقدم علينا

.حيازميها إقدام حيزوم حتت احلزمة :وأحسن من ذلك وألطف قول بعضهم يف اخللخال: قال

مليح اللون معشوق... ومضروب بال جرم مليح القد ممشوق... له قد اهلالل على على األمشاط يف السوق... بدا وأكثر ما يرى أ

اإلعجاز يف األحاجي واإللغاز للحظريي : كذا وجدته يف النسخة باملثل ووقفت عليه أيضا يف كتاب: أقول .على هذه الصورة

ولكن . فإن قد اهلالل غري مناسب. له شبه اهلالل أو شكل اهلالل أو طوق اهلالل: واألحسن أن يقال فيه .يف التفاح وعظم قده هذا من قوله فيما تقدم

:وقلت أنا ملغزا يف اخللخال الن ولكن قلبه قاس... ما أصفر دار على أبيض أحسن هذا الوصف يف الناس... ورب ساق غص منه وما

:وقلت فيه أيضا يفه بكالم قط يف ساعة الضرب... أيا عجبا من صابر صامت ومل

أنه أضحى يدور على الكعب على... أقام ومل يربح مكانا ثوى به :وإن كان الشيء يذكر بالشيء، فما أحلى قول القائل ملغزا يف دملج

وعندهن يوجد... إىل النساء يلتجي والقلب منه جلمد... اجلسم منه فضة

مناقشة الصفدي البن األثري

يف تعليقه على لغز يف محام

وهذا من فصيح األلغاز، وال : كره وقال بعد الفراغ منهمث إنه ذ: ووجدت لبعض األدباء لغزا يف محام: قال .يقال يف صاحبه إنه يف العمى ضائع العكاز

وال : ما السجعة الثانية مناسبة لألوىل يف املدح والتقريظ، وما كانت السجعة تريد إال أن يقول بعدها: أقولرأيت من قرظ أحدا مبثل هذا التقريظ وما . ! أنه يف احليوان معدود من البهائم ألنه انفرد بالنطق وامتاز

وأي مدح يف هذا وقد . ما هو يف العمى ضائع العكاز: ويكون املقام مقام استحسان وثناء ومدح فيقالألن الذي يعتمد مع عماه على . جعله أعمى بعكاز، وهو أشد حاال من األعمى الذي ميشي بال عكاز

والظاهر أنه أراد أن يذكر املعمى فما اتفق له، . رعكازه، يكون قد مجع بني عمى البصرية وعمى البص :وهو. والتزم بالزاي فما وجد غري العكاز، وآخر هذه السجعة عجز بيت أليب الطيب

وهو يف العمي ضائع العكاز ... ويرى أنه البصري هبذا

من أقواهلم يف احلمام

.ملوطن وإيرادهوعلى ذكر احلمام فال بأس بذكر شيء من كالم املتأخرين يف هذا اهل لك أطال اهللا بقاءك : كتب القاضي حميي الدين عبد اهللا بن عبد الظاهر رمحه اهللا تعاىل يستدعي إىل محام

إطالة تكرع يف منهل النعيم، وتتملى بالسعادة متلي الزهر بالومسي والنظر باحلسن الوسيم يف املشاركة يف .ر، قد زال فيه االحتشام وكل عار وال عارمجع بني جنة ونار، وأنواء وأنوار، وزهر وأزها

جنوم مسائه ال يعتريها أفول، وناجم رخامه ال يغريه ذبول، تنافست العناصر على خدمة احلال به، تنافسا أحسن كل فيه التوصل إىل بلوغ مآربه فأرسل البحر ما جسده حسده من زبده، لتقبيل يد أمخصه إذ

تراب له يف هذه اخلدمة مدخال ، فتطفل وجاء وما علم أن التسريح ملن قصرت مهته عن تقبيل يده، ومل ير الجاء متطفال ، والنار رأت أنه عني مباشرهتا وأهنا بفرض خدمته ال ختل وألن هلا حرمة هداية الضيف يف

السرى، وهبا دفع القر ونفع القرى، فأعلمت ضدها املاء فدخل وهو حر األنفاس، وغلت مراجله فألجل

ه من صوت تسكابه الوسواس، ورأى اهلواء أنه قصر عن مطاولة هذه املبار، فامسك متهيبا ينظر ذلك داخلولكن من وراء زجاجة إىل تلك الدار، مث إن األشجار رأت ان ال شائبة هلا يف هذه احلظوة وال مسامهة يف

العذار الفاحم كما تلك اخللوة، فأرسلت من األمشاط أكفا أحسنت مبا تدعو إليه الفرق، ومرت يف سواد مير الربق، وذلك بيد قيم قيم حبقوق اخلدمة، عارف مبا يعامل به أهل النعيم أهل النعمة، خفيف اليد مع

األمانة، موصوف باملهابة عند أهل تلك املهانة، لطف أخالقا حىت كأهنا عتاب بني جحظة والزمان، وحسن بإحسان، أبدا يرى مع طهارته وهو ذو صلف، صنعة فال ميسك يدا إال مبعروف وال يسرح تسرحيا إال

ويشاهد مزيال لكل أذى حىت لو خدم البدر ألزال من وجهه الكلف، بيده موسى كأهنا صباح ينسخ ظالما ، أو نسيم ينفض عن الزهر أكماما ، إذا أخذ صابونه أفهم من خيدمه مبا ميره على جسده أنه حبر عجاج،

. هي أحسن من األمواجوأنه يبدو منها زبد األعكان اليت .فهلم إىل هذه اللذة، وال تعد احلمام دعوة أهل احلراف فرمبا كانت هذه من بني تلك الدعوات فذة

: وكتب أيضا يف حمضر قيم يف محام الصوفة

يقول العبد الفقري إىل اهللا تعاىل عبد اهللا بن عبد الظاهر أن أبا احلجاج يوسف ما برح ألهل الصالح ميمما ، ه جودة صناعة استحق هبا أن يدعى قيما ، كم له عند جسد من من جسيم، وكم أقبل مستعملوه تعرف ول

يف وجوههم نضرة النعيم، وكم جترد مع شيخ صاحل يف خلوة، وكم قال ويل اهللا يا بشراي ألنه يوسف حني وأخرى فحصل من أدىل يف حوض دلوه، كم خدم من العلماء والصلحاء إنسانا ، وكم ادخر بركتهم لدنيا

كل منهم شفيعني مؤتزرا وعريانا ، كم شكرته أبشار البشر، وكم حك رجل رجل صاحل فتحقق هنالك أن السعادة لتلحظ احلجر، قد ميز خبدمة الفضالء أهله وقبيله، وشكر على ما يعاب به غريه من طول الفتيلة،

ر، فاستعملها وخرج فكانت له براءة كم ختم تغسيل رجل بإعطائه براءته يستعملها وخيرج من محام حاوعتقا من النار، كم أوضح فرقا ، وغسل درنا مع مشيب فكان الذي أنقى فما أبقى، تتمتع األجساد

بتطييبه حلمامه بظل ممدود وماء مسكوب، وتكاد كثرة ما خيرجه من املياه أن يكون كالرمح أنبوبا على ه االشتباه، وكم جتعدت فباءت كالسطور يف كل حوض فقل أنبوب، كم له بينة حر على تكثري ماء يزول ب

:هذا كتاب الطهارة باب املياه، كم رأس انشدت موساه حني أخرجت من تالحق اإلنبات خضرا لسانا يبث الشكر كنت مقصرا... ولو أن يل يف كل منبت شعرة

ت واحلديث وغريه، ولوال خوف ليس خيفى ما يف هذا الكالم من التورية واالستخدام وحل األبيا: أقول .اإلطالة لذكرت ذلك

:وما أحسن قول النصري احلمامي وألطفه ينهل غيثا كالسحب... يل منزل معروفه وأكرم اجلار اجلنب... أقبل ذا العذر به

:وقوله أيضا تكدر من لذاهتا كل مشرب... وكدرت محامي بغيبتك اليت

وال كان قلب املاء فيها بطيب... ا فما كان صدر احلوض منشرحا هب :وكتب يستدعي إىل محامه

هلا كبد حرى وفيض عيون... من الرأي عندي أن تواصل خلوة وتبكي بدمعي فارح وحزين... تراعي جنوما فيك من حر قلبها تأخرت أضحى يف حياض منون... غدا قلبها صبا عليك وأنت إن .ياء مليحة ليس هذا موضع ذكرها خوف اإلطالةوللناس يف مدح احلمام وذمها أش

أمثلة على األلغاز احلسان

ومناقشة الفرق بني اللغز والتعريض

. ومما مسعته من األلغاز احلسان اليت جتري يف احملاورات، ما حيكى عن عمر بن هبرية وشريك النمريي: قال، فتقدمه شريك يف املسري فصاح به وذلك أن عمر كان سائرا على برذون له، وإىل جانبه شريك النمريي

. وحيك مل أرد هذا: فتبسم عمر مث قال له. أصلح اهللا األمري، إهنا مكتوبة: فقال. اغضض من جلامها: عمر .وال أنا أردته: فقال له شريك

:وكان عمر أراد قول جرير فال كعبا بلغت وال كالبا... فغض الطرف إنك من منري :فأجابه شريك بقول اآلخر على قلوصك واكتبها بأسيار ... ال تأمنن فزاريا خلوت به

الفرق بني اللغز والتعريض

ليس هذا وأمثاله من اإللغاز يف شيء، ألن اللغز هو أن تذكر شيئا بصفات يشاركه فيها غريه، فريجع : أقولصدق من جهة الذهن يف ذلك إىل حرية ال يدري مصرفها إىل أي متصف منهما بتلك الصفات، لكوهنا ت

واشتقاقه من اللغيزي، وهي حفر حيفرها الريبوع حتت األرض، وجيعلها متشعبة مينة . وتكذب من أخرى .ويسرة ليخفي أمره على من يقصده، فإذا طلبه يف واحد منها خرج من آخر

:أال ترى أن السامع إذا مسع قول القائل حيثها السري إىل القصد... جارية جاءت من اهلند

يف حدهم جزن عن احلد... بنات لسن من جنسها هلا وذاك من أغرب ما أبدي... هلم قرون وهلا حافر

يكلمون الناس يف املهد ... وأعجب األشياء أوالدها

هلا : يف البيت األول، جارية جاءت من اهلند حيثها السري، ما يف ذا شيء، فإذا مسع الثاين: أخذ يقول يف نفسههلم : فإذا مسع الثالث. كيف يكن من غري جنس أمهن: جنسها، رجع يف احلرية وفكر وقالبنات لسن من

يكلمون الناس : فإذا مسع الرابع. لسن هؤالء وال أمهن من األناسي: قرون وهلا حافر، زاد يف حريته وقالفكرته يف موجود يف املهد، تأكدت حريته، مث رجع إىل أهنن من األناسي إلثبات املهد والكالم، وأخذ يعمل

فإذا أعىي مال إىل األلفاظ املشتركة، ونزله بقوة فكرته وإصابة حدسه على أن ذلك . متصف هبذه الصفاتال يصدق إال على الدست الذي للقاصد وريشه وما أحلى ما استعمل هذا الشاعر، السري واحلافر

.والتكليم، وهكذا يكون اللغز: عرايب الذي وقف عليه وأنشده ملغزا بيتا بعد بيت وثعلب يقولوحكاية ثعلب رمحه اهللا مشهورة مع األ

.هذا قلم: هذا كذا، مث ينتقل يف الثاين إىل غري التفسري األول، حىت إذا فرغ األعرايب من إنشاده قال ثعلبوإذا ثبت هذا يف اللغز، فليس الذي ساقه ابن األثري من األلغاز، وإمنا ذلك من باب التعريض واإلشارة،

وما رأيت من عد مثل هذا لغزا . كأن املتكلم مبثل هذا يعرض للمخاطب مبا قيل ويشري له إىل واقعة وقعتإمنا مسي التعريض هبذا ألن املعىن فيه : غري ابن األثري رمحه اهللا تعاىل على أنه قال يف املثل يف الكناية والتعريض

.من جانبه، وعرض كل شيء جانبه: يفهم من عرض اللفظ، أيفإن غض جانب من . وكذا واقعة عمر وشريك، كل منهما فهم مقصود صاحبه من عرض كالمه: أقول

:قول الشاعر .البيت... فغض الطرف

وهذا شريك صاحب أجوبة . فتعني أن التعريض غري اللغز. واكتبها بأسيار: وكذا الكتب جانب من قولهأمتىن أن يكون يل فقه أيب حنيفة، وحفظ : يئا يقولإن أهل الكوفة كانوا إذا متىن منهم أحد ش: يقال. حادة

.سفيان وورع مسعر بن كدام وجواب شريكعرض معاوية على عبد الرمحن بن احلكم خيله، : قال. ومثل حكاية عمر وشريك، ما ذكره صاحب األغاين

مر به آخر مث. وهذا ذو عاللة: فقال. مث عرض عليه آخر. هذا سابح: كيف تراه ؟ قال: فمر به فرس فقال :قد علمت ما أردت، إمنا عرضت بقول النجاشي! أيب تعرض ؟: فقال له معاوية. وهذا أجش هزمي: فقال

أجش هزمي والرماح دوان... وجنى ابن حرب سابح ذو عاللة .اخرج فلست تساكنين يف بلد

.فانظر إىل كالم معاوية رضي اهللا عنه كيف صرح بلفظة التعريض يف املوضعنيوأما أبو عبد اهللا حممد بن السيد البطليوسي فقد . وقد ساق علماء األدب من هذا الباب مجلة يف كتبهم

عرض له ابن هبرية : ساق واقعة شريك وعمر بن هبرية هذه يف شرح أدب الكاتب، مث قال بعد الفراغ منها. عرض: ويف الكل يقولوساق أمثال هذه الواقعة، . بقول جرير، وعرض له شريك بقول سامل بن دارة

.وهذا صريح من مثل هذا الرجل وهو إمام فيما يقوله وقوله حجة :وما أحسن قول من قال وما ألطفه

أو كعقلي وال أقول كحايل... إسقين مخرة كرقة ديين

قلت هذا يف معرض للسؤال... خيفة من توهم الناس أين :ابونومن التعريض قول السراج الوراق يعرض بطلب ص

على رأسي لبابك بالكتاب... بعثت لك الكتاب وقل سعيي تبددت الدواة على ثيايب... وعذري عنك يف التأخري أني

كان أبو احلسني النحوي جيلس عند شرايب، فجاء يوما : ونقلت من خط السراج الوراق رمحه اهللا ما صورتهكيف وقد أمرتين : فقال له. دنا نشيل القمقم وجتلسيا سي: فقال له الشرايب. فوجد يف موضعه قمقم ما ورد

:واتفق أن أهدى إيل شخص قمقما فأنشدته! قمقم ؟: بالقيام مرتني بقولك جلليسه بإشارة يف القمقم... قم قم طاردا : إن كان ذلك قال

قم قم: فأتى بذاك له ونادى... فأنا الذي قعد الزمان حبظه

املبادىء واالفتتاحات

: نوع الثاين والعشرين يف املبادىء واالفتتاحاتقال يف ال

ومن احلذاقة يف هذا الباب، أن جيعل الدعاء يف أول املكاتبات السلطانيات واإلخوانيات وغريمها مضمنا من ومن ذلك : مث قال. املعىن ما بين عليه ذلك الكتاب، وهذا شيء انفردت بابتداعه، وتراه كثريا فيما انشأته

جدد اهللا مسرات اجمللس الفالين، ورسل صبوح هنائه بغبوقه، وأمتعه بسليله : هلناء مبولود وهوما ذكرته يف ااملبشر بطروقه، وأبقاه حىت يستضيء برأيه ويرمي عين فوقه، وسر به أبكار املعايل حىت خيلق أعطافها خبلوقه،

.وجعله كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقهب على الصايب وعلى مجاعة من الشعراء يف االفتتاحات، وادعى هذه الدعوى، مث أتى هذا وقد عا: أقول

.مبثل هذا االفتتاح يف اهلناء مبولودوليس يف أول سجعة ما يدل على أن اهلناء مبولود أو ختان أو عرس أو فتح أو عيد أو برء من مرض أو غري

.ذلك من أنواع املسار، وإمنا دلت على مطلق اهلناء .وسر به أبكار املعايل حىت ختلق أعطافها خبلوقه، ما أدري ما يف هذا من البالغة: ما قولهوأ

وزان أفق السعادة بنجمه الذي أصبح بازغا ، وبلغه يف صباه أعلى املفاخر حىت : وكتبت أنا يف هناء مبولود .ذا البيت ال يزال فارغا يكون قبل البلوغ لغايات املعايل بالغا ، وشغل به السيادة فإن قلبها إال من ه

وحفظ على غاب املمالك شبله، وجعله طليعة بشرى ملا بعده كما جاء ساقة خري ملا قبله، : وكتبت أيضا .وأهله ألن يكون أمام صفوف احلرب إماما ، كما جعل وجهه للحسن جامعا ويده للقبل قبلة

يه من السعود فإهنا مترمجة يف هذه الطرة، وجعل وأقر عينه هبذه القرة، وبلغه هنايات آماله ف: وكتبت أيضا .األصيل زعفران هذا اخللوق والشفق عقيقة هذه الدرة

فقلت يقبل الباسطة ال زالت مجل جودها . وقد كتبت جوابا عن كتاب ورد قرين تفاصيل قماش مطايرنقوش هداياها ترمي مشكورة التفاصيل، وحتف برها املرقومة تعمل لوليه ما يشاء من حماريب ومتاثيل، و

.نفوس العدى باهلالك من طيورها األبابيلفمما جاء يف كالم القاضي الفاضل رمحه اهللا تعاىل وهذا الولد املبارك هو املويف . وعلى ذكر اهلناء بالولد

الثىن عشر ولدا ، بل الثىن عشر جنما متقدا ، فقد زاده اهللا يف أجنمه عن أجنم يوسف جنما ، ورآهم املوىل يقظة ورأى تلك حلما ، ورآهم ساجدين له ورأينا اخللق هلم سجودا ، وهو قادر أن يزيد حدود املوىل إىل

.أن يراهم أبا وجدودا وهني أن اهللا وله احلمد رزق امللك العزيز عز نصره ولدا مباركا عليا ، ذكرا سويا ، نقيا : ومن كالمه أيضا

كادت ملوكه تكون مالئكة يف السماء ومماليكه ملوكا يف تقيا ، من ذرية بعضها من بعض، ومن بيتوأصدر اململوك هذه . األرض، يف غرة اهلالل من مجادى فلهذه الليلة غرتا هاللني، بشرتا باألنواء صادقتني

فهو . اخلدمة مبشرا بأن اهللا تعاىل ال خيلي موالنا يف كل وقت من زيادة أوالد مينحها، أو زيادة بالد يفتحهاكل يوم مبشر، مبا هو له ميسر، والفلك مبا نرجوه له جار وله مسمر، فيطلع عليه جنومه جنما جنما ، يف

وتستهل سحبه عليه سجما سجما ، وقد ورد يف األثر أن الولد رحيان اجلنة، فالبيوت الكرمية على هذه ، وعال جد بين موالنا الذي هو بساتني، واألوالد الربرة على هذه رياحني، فال عفا بستاننا، وال ذوى رحياننا

.جدهم وأبوهم وسلطانناوقد نص على . وقد ادعى ابن األثري أنه الذي انفرد مبناسبات املبادىء، وهذا ما زال غالب الناس يراعيه

ومن ذلك مفتتح كتاب إىل ديوان اخلالفة، وساق مقدمة الكتاب، : ذلك ابن خلف يف املنثور البهائي قالعرب عن الكتاب ونائله، بالسحاب ووابله، فإن صدر عن يد كيد الديوان العزيز فقد وقع وقد ي: ويف آخرها

.التشبيه موقع الصواب، وصدق حينئذ قول القائل، إن البحر عنصر السحابليس هذا من التحقيق يف شيء، ومن ادعى أن السحاب من البحر، فليس عنده علم حبقيقة ذلك : أقول

.لقطر املنزل من السحب عذب فرات ؟وكيف والبحر ملح أجاج، واأنه السحاب اليت متطر، ولو كان كما زعمه، " ويف السماء رزقكم وما توعدون : " وقد فسر قوله تعاىل

.ويف البحر رزقكم: لقال، فجعل علة منشأ السحاب إرسال الرياح، ومل " اهللا الذي يرسل الرياح فتثري سحابا : " وقال اهللا تعاىل

.البحريذكر :وما أحسن قول ابن زيدون

ب احليا للرياح ال للغيوم... للشفيع الغناء واحلمد يف صو

.وإن كان جاء يف ذلك نقل يوثق بصدقه، يرد بالتأويل إىل هذا. إشارة إىل معىن اآلية الكرمية :وقد قال أبو العالء املعري

ناس جنتديمن البحر فيما يزعم ال... وقد جيتدى فضل الغمام وإنما .وإن كان األمر يف الباطن خبالف ذلك. يف الظاهر: يعين. فيما يزعم الناس: فاحترز بقوله

:وما أحسن قول احلسني بن مطري يصف مطرا

مل يبق يف جلج السواحل ماء... لو كان من جلج السواحل ماؤه :ومن هذا قول التهامي. فيحلوإن السحاب من البحر ولكن الرياح تقصره : ورمبا كابر بعض اجلهال وقال

فضل عليه ألنه من مائه... كالبحر متطره السحاب وماهلا وغري ذلك . وما يليق هبذا املكان غري التنبيه على أن املطر ليس من البحر، وأن البحر ليس بعنصر السحاب

.يؤخذ من كتب هذا الفن يف الطبيعياتوصل كتابه وقد انقضى الربيع وعهده، وصدر وارده : ىلوما أحلى قول القاضي الفاضل رمحه اهللا تعا

وقوض ورده، فنابت سطوره فأحسنت النيابة، وعرف الناس ما بينه وبني الربيع من القرابة، بل األخوة فإن .أمهما السحابة

ر ومن مجلة الكتب املشار إليها، مفتتح كتاب كتبته إىل بعض اإلخوان، وأرسلته إليه من املوصل مث ذك: قال .الكتاب

وملا فرغ منه، خببخ لنفسه وأثىن، وساق كتبا أخر يف معىن الثناء على املراسالت الواردة، ومنها من احلسن .بعض إحسان، وإذا قرنتها بكالم الفاصل قلت فىت وال كمالك ومرعى وال كالسعدان

من احملاسن افتتاح الكتاب بآية أو حديث أو بيت شعر

، أن يفتتح الكتاب بآية من آيات القرآن، أو خبرب من األخبار النبوية، أو بيت من ومن حماسن هذا الفن: قال .الشعر، مث يبىن الكتاب عليه

:وهو. فمن ذلك ما كتبته يف ابتداء كتاب يتضمن البشرى بفتح مفاحته البيض اخلفاف الصوارم... ومن طلب الفتح اجلليل فإنما

.وجعلنا السيف وسيلة إىل استنتاج امللك العقيموقد أخذنا بقول هذا الشاعر احلكيم، من حماسن ما وجدته من هذا النوع، كتاب كتبه القاضي حميي الدين ابن عبد الظاهر رمحه اهللا تعاىل، : أقول

جوابا إىل األمري مشس الدين آقسنقر، عن كتاب ورد منه بفتح بالد النوبة، استفتحه بعد البسملة بقوله أدام اهللا نعمة اجمللس، وال " ليل والنهار آيتني، فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة وجعلنا ال: " تعاىل

زالت عزائمه مرهوبة، وغنائمه جملوبة وجمنوبة، وسطاه وخطاه هذه تكف النوب وهذه تكف النوبة، وال دمت الدولة بيض سيوفه برحت وطأته على الكفار مشتدة، وآماله إلهالك األعداء كرماحه ممتدة، وال ع

.اليت ترى هبا الذين كذبوا على اهللا وجوههم مسودةصدرت هذه املكاتبة إىل اجمللس تثين على عزائمه اليت واتت على كل أمر رشيد، وأتت على كل جبار

حيث شكرت الضمر اجلرد " . وما ربك بظالم للعبيد " عنيد، وحكمت بعدل السيف يف كل عبد سوء يس، واشتبه يوم النصر بأمسه بقيام حروف العلة مقام بعض فأصبح غزو كنيسة سوسن كغزاة ومحدت الع

.سيسونفهه أنا علمنا فضل اهللا بتطهري البالد من رجسها وإزاحة العناد، وحسم مادة معظمها الكافر وقد كاد

. شي يف سوادوكاد، وتعجيل عيد النحر باألضحية بكل كبش حرب يربك يف سواد، وينظر يف سواد، ومي

وحتققنا النصر الذي شفى النفوس وأزال البوس، وحما آية الليل خبري الشموس، وخرب دنقلة جبرمية سوس، . وكيف ال خيرب شيء يكون فيه سوس

فاحلمد هللا على أن صبحتهم عزائم اجمللس بالويل، وعلى أن أوجل النهار من السيف منهم يف الليل، وعلى أن ورهم، وجعل تدمريهم يف تدبريهم، وبني خط السيف األبيض من اخليط األسود من رد حرب حراهبم إىل حن

فجر فجورهم، وأطلع على مغيبات النصر ذهن اجمللس احلاضر، وأورث سليمان الزمان املؤمن ملك داوود الكافر، وقرن النصر بعزم اجمللس األهنض، وأهلك العدو األسود مبيمون طائر النصر األبيض، وكيف ال

وأقر ألهل الصعيد كل عني، ومجع مشلهم فال يرون من عدوهم بعدها غراب . قسنقر هو الطائر األبيضوآبني، ونصر ذوي السيوف على ذوي احلراب، وسهل صيد ملكهم على يد اجمللس وكيف يعسر على

شر والشكر هللا على إذالل ملكهم الذي الن وهان، وأذاله ببأسه الذي صرح به. السنقر صيد الغراب ؟كل منهم يف قتاله فأمسى وهو عريان، وإزهاقهم باأللسنة اليت غدا طعنها كفم الزق غدا والزق مآلن،

.دق قفا السودان: ودق أقفيتهم بالسيف الذي أنطق اهللا بفاله أعجم الطري فقالقام ورعى اهللا جهاد اجمللس الذي قوم هذا احلادث املنآد، وال عدم اإلسالم يف هذا اخلطب سيف الذي

خطيبا وكيف ال وقد ألبسه منهم السواد، وشكر له عزمه الذي استبشر به وجه الزمن القطوب، وحتققت بالد الشمال به صالح بالد اجلنوب، وأصبحت به سهام الغنائم يف كل جهة تسنهم، ومتون الفتوحات

صدمتها السواد متتطى فتارة ميتطي السيف كل سيس وتارة كل أدهم، ومحد شجاعته اليت ما وقف ل .األعظم

وهللا املنة على أن جعل ربوع العدو بعزائم اجمللس حصيدا كأن مل تغن باألمس، وأقام فروض اجلهاد بسيوفه املسنونة وأنامله اخلمس، وقرن ثباته بتوصيل الطعن لنحور األعداء ووقت النحر قيد رمح من طلوع

ه على السيف بعيب هربه والعبد السوء إذا هرب ونرجو من كرم اهللا إدراك داوود املطلوب ورد. الشمس .يرد ال حمالة بعيب اهلروب

واهللا يشكر تفصيل مكاتبات اجمللس ومجلها، وآخر غزواته وأوهلا، ونزال مرهفاته ونزهلا، وجيعله إذا انسلخ .هنار سيفه من ليل هذا العدو يعود ساملا إىل مستقره والشمس جتري ملستقر هلا

وللقاضي حميي الدين رمحه اهللا . مبجموعه ملا فيه من النكت املطربة، والتوريات املغربة أثبت هذا الكتاب :ومها. تعاىل يف هذه الواقعة بيتان، وقيل البن النقيب

يف كل ناحية وكل مكان... يا يوم دنقلة وقتل عبيدها نوحي فقد دقوا قفا السودان... من كل نويب يقول ألمه

االقتضابيف التخلص و

:قال يف النوع الثالث والعشرين يف التخلص واالقتضاب، وقد أورد قول أيب متام من مجلة أبيات أجل وأن أبا احلسني كرمي... ال والذي هو عامل أن النوى

.وهذا خروج من غزل إىل مديح: مث قال :املشهور يف هذا البيت أن أبا متام قاله: أقول

...صرب... النوى ال والذي هو عامل أنوأما . وما رأيت من أورده كذا، وال وقفت عليه يف ديوان على كثرة النسخ به إال وهو مثبت كما ذكرته

إن : ولو قيل. أرباب البالغة، فقد ذكروا البيت وعدوه من العيوب، ألنه ال مناسبة بني الصرب والكرموما ذكره أحد . وإن الوصال شهد، كان مناسبا الزمان خبيل وأبا احلسني كرمي، أو يقول إن النوى صرب

والعدالة غري هذا، وليته أصلحه ملا . فيما علمت إال وعده عيبا، وهذا عده من احملاسن ومثل به وغري لفظه .غريه

:من ذلك قول املعري أيب العالء وقد ذكر النوق. وال بأس بإيراد نبذ مما جاء للشعراء يف هذا النوع فكان اسم األمري هلن فاال... سعيد سألن فقلت مقصدنا

:وقول مسلم بن الوليد واخليل تسنت بالركبان يف اللجم... يقول صحيب وقد جدوا على عجل

كال ولكن مطلع الكرم: فقلت... أمطلع الشمس تبغي أن تؤم بنا :وقد أخذه أبو متام أخذا وفلذه فلذا فقال

كال ولكن مطلع اجلود: فقلت. ..أمطلع الشمس تبغي أن تؤم بنا :وأخذه الغزي أيضا ، وسبكه فلبكه إذ قال

تناجينا بألسنة الكالل... تقول إذا حثثناها وظلت بل إىل أفق النوال: فقلنا... إىل أفق اهلالل مسري ركيب

:وقول علي بن اجلهم ألقت قناع الدجى يف كل أخدود ... وليلة كحلت بالنقس مقلتها

لوال اقتباسي سنا من وجه داوود... تكاد تغرقين أمواج ظلمتها :وقول القائد أيب عبد اهللا السنبسي ميدح سيف الدولة صدقة بن منصور

أحداق ترب على أجفان كافور... ونرجس خضل حتكي نواظره مسك تضوع أو ذكر ابن منصور... كأنما نشره يف كل باكرة

:وقول ابن سناء امللك أو يرجع امللك العزيز عن الندى... ال يرجع الكلف املشوق عن اهلوى

:وقوله أيضا وامللك هللا وللظاهر... فالوجد يل وحدي دون الورى

:وقول ابن الساعايت وجد العزيز بكل لدن أمسر... وجدي وان كنت الذليل ببيضه

:وقوله أيضا ا وكافة وغمامان جفون... كم وقفنا فيها مع الغيث مثلي

منهرات سالت عليه ركاما... أثخنته ظىب الربوق جراحا رد فيه امللك املعز حساما... وكأن الغمام نقع وقد جر

وأحسن من هذا كله قول الشيخ شرف الدين عبد العزيز شيخ الشيوخ حبماة من غزل قصيدة ميدح هبا :النيب صلى اهللا عليه وسلم ائم صلى على حممد... الص فمن رأى ذلك الوشاح

:وقول أيب احلسني اجلزار ميدح مجال الدين موسى بن يغمور ورشف رضاب مل أزل منه يف سكر... جسرت على لثم الشقيق خبدها

ألني مبوسى قد أمنت من السحر... ولست أخاف السحر من حلظاهتا :وقوله أيضا ميدح فخر القضاة نصر اهللا بن بصاقة

بزخرف آمايل كنوز من اليسر... لة قد بتها معسرا ويل وكم لي إذا جاء نصر اهللا تبت يد الفقر... أقول لقليب كلما اشتقت للغىن

:وعلى ذكر املخلص، فما أحلى قول السراج الوراق ففي من وظل اجلود عين مقلص... لئن خف صدري للقوايف ونظمها

عيسى يل أو عسى لك خملصيقول ... وكم مطلع حبرته من قصيدة :وظرف من ذم التخلص يف بيت واحد حيث قال

حىت تعلق حلية املمدوح... بينا ذوائب من حيب بكفه

التخلص يف القرآن الكرمي

إمنا هو اخلروج من . إن كتاب اهللا خال من التخلص: وقال أبو العالء حممد بن غامن املعروف بالغامني: قال . طيفة تالئم بني الكالمني، الذي خرج منه، والذي دخل إليهكالم إىل كالم آخر بل

حول أمثلة من ذلك أوردها ابن األثري من القرآن الكرمي

واتل عليهم : " كقوله تعاىل. وأخذ يورد ما أورده: من ذلك. ويف القرآن مواضع كثرية: مث قال ابن األثري .ىل آخر القصة، وغري ذلكإ... " نبأ إبراهيم إذ قال ألبيه وقومه ما تعبدون

الذي ذكره ابن األثري ال خيرج عما قاله الغامني؛ فإن القرآن مجيعه متعلق بعضه ببعض، كاخلروج من : أقولالوعظ والتذكري إىل اإلنذار أو إىل البشارة، أو إىل أمر أو هني أو وعد أو وعيد، إال ما خفي تعلقه يف

.تفسريه، وتكلم على عالقة اآلية مبا بعدها واإلمام فخر الدين راعي هذا يف. الظاهروابن األثري ما فهم كالم الغامني وال علم مراده، وهو أنه أراد التخلص الذي اصطلح عليه الشعراء، وهو

ومثل هذا مل أعلم أنه ورد يف . أن يتخلص الشاعر يف البيت الواحد، من غزل أو عتاب أو وصف إىل مديحاآلية مبا قبلها، فما شذ من هذا إال اليسري وذلك يف الظاهر، وإال مىت تدبر اإلنسان وأما تعلق . اآلية الواحدة

. ذلك وتأمله حق التأمل، مل جيده مقطوعا إال فيما هو معلوم االقتضاب

مناذج من التخلص يف إنشاء ابن األثري

ه يف كتاب إىل بعض فمن ذلك ما أوردت. وقد جاءين من التخلصات يف الكالم املنثور أشياء كثرية: قالوكما أن هذه األوصاف يف شأهنا : فقلت. اإلخوان أصف فيه الربيع، مث خرجت من ذلك إىل ذكر األشواق

. بديعة، فكذلك شوقي يف شأنه بديع، غري أنه حبره فصل مصيف وهذا فصل ربيع

هم أمثلة وما تنبه قد أورد هذا الرجل من ختلصات الشعراء، كأيب متام وأيب الطيب والبحتري وغري: أقولوشقيق شق أكمامه، ورفع أعالمه، : أترى مثل هذا يعد من التخلصات ولو كان قال. للتخلص وحسنه

ومأل من املدام جامه، وجال خده األمحر وفيه من السواد شامه، وأوقد ناره فحكت مجر أشواقي وضرامه، مث . لص إىل الشوق، وهو من هذه النسبةمث ذكر فصال آخر يف الربد، وادعى أنه خت. لعد الناس هذا ختلصا

مث ذكر فصال يف ذكر املودة، . ذكر فصال آخر يف اهلدية، ختلص منها إىل الشفاعة، وهو من هذا الضرب .وهو من هذا القبيل. وختلص إىل طلب رطب

التناسب بني املعاين ومناقشة أمثلة من ذلك

:اين، بعد أن أورد أمثال قول الشاعرقال يف النوع الرابع والعشرين يف التناسب بني املع أما واهللا ما ماتوا لتبقى... أال يا بن الذين فنوا فماتوا إذا استكملت آجاال ورزقا... ومالك فاعلمن فيها مقام

كنت أرى هذا الضرب واجبا يف االستعمال، : وأنكر عدم املناسبة بني إفراد الرزق ومجع األجل، وقبحهأومل يروا إىل ما خلق اهللا من شيء : " كقوله تعاىل. عنه، حىت مر يب يف القرآن ما خيالفهوأنه ال حيسن احمليد

أولئك الذين طبع اهللا على قلوهبم ومسعهم وأبصارهم : " وأورد قوله تعاىل. يتفيأ ظالله عن اليمني والشمائل. "

" .عهم وأبصارهم وجلودهم حىت إذا ما جاؤوها، شهد عليهم مس: " وقوله تعاىلآجاال ورزقا ، أنه معيب معدود يف عدم تناسب املعاين، وقد ذكره علماء : ال مرية يف قول الشاعر: أقول

وصحة . أجال وأرزاقا لكان أهون، فإن األجل واحد، والرزق متعدد: ولو كان قال. البالغة ونصوا عليه .الذوق تأىب مثل هذاوتلك احلكمة . ت، فإنه مل يرد اجلمع مع اإلفراد إال حلكمة مل يطلع عليها ابن األثريوأما إيراده هذه اآليا

.أكرب وأعظم من مراعاة املناسبةويضرب إىل جهة اليسار فهو واحد، فإذا زالت الشمس وعادت إىل جهة الغرب، انعكس الظل وأخذ عن

.ذا الستقبال القبلة وشرف جهتهاك. الشمال مث صار شيئا ف شيئا وتعددت زياداته وفرضت النصبةودع ذا فإن لفظة الشمائل أعذب يف اجلمع من اإلفراد وأحلى، والعرب من عادهتا مراعاة خفة األلفاظ

.وأنت قررت أن من األلفاظ ما يثقل مفردا وخيف مجعا . وعذوبتها مع عدم تناسب املعاين، واملصدر يصدق على القليل والكثري، فإذا اندرج بني وأما السمع يف اآليتني الكرميتني فإمنا أفرد ألنه مصدر

.مجوع كان له حكمها، وإذا اندرج بني مفردات، كان يف حكمهاوعلى اجلملة فاملصادر مجعها عي، ألن معىن الكثرة موجود فيها، أو ألنه بتقدير حذف مضاف مل حيسن يف

.يف األبصار والقلوب وال يستقيم مثله. وعلى حواشي مسعهم: غريه، كأنه تعاىل قالوأما القلوب، فألهنا غري حموية فيما له حواش يقع . أما األبصار، فألهنا غري مطبوع عليها ولكنها مغشاة

وجعل الظلمات : " ومن هذا قوله تعاىل. اخلتم عليها، فكان الطبع على القلوب نفسها ال على حواشيها . فكذا اليمني والشمائل. لنور من النارألن الظلمات من أجرام متكاثفة، وا" والنور

مناقشة ابن األثري يف االقتصاد والتفريط واإلفراط

وأعلم أن للمدح : قال يف النوع اخلامس والعشرين يف االقتصاد والتفريط واإلفراط، عند ذكر التفريطخياطب امللوك ومن من األدب أن ال: ألفاظا ختصه، وللذم ألفاظا ختصه، وقد تعمق قوم يف ذلك حىت قالوا

وهذا غلط بارد، فإن اهللا الذي هو ملك امللوك، قد خوطب بالكاف يف أول كتابه . يقارهبم بكاف اخلطاب .وقد ورد أمثال يف مواضع من القرآن حمصورة" . إياك نعبد وإياك نستعني : " العزيز فقيل

اب امللوك ومن قارهبم أن ال يكون استشهاده هبذا ليس مما يرد قول من ذهب إىل أن األدب يف خط: أقولبالكاف، ألن هذه فاحتة الكتاب ومما يتلى يف كل ركعة، والقرآن الكرمي إمنا أنزل على النيب صلى اهللا عليه

إياكم نعبد وإياكم : فلو قيل. وسلم ومن مجلة فوائده تنزيه اهللا عز وجل عن الشريك والولد والزوجة . والنصارى مبا يقولونه من تعدد اآلهلة، وكان شبهة ملدعي ذلكنستعني، لكان فيه إشعار للمشركني

وقد وردت رسالة من جزيرة قربص على يد كليام الفرجني التاجر يف سنة عشرين وسبعمائة تقريبا ، ووقفت عليها مبدينة صفد، فوجدت واضعها قد استدل على صحة مذهب النصارى يف القول بالثالوث،

ومبثل هذه " . وكفى بنا حاسبني " " قال رب ارجعون : " مبثل قوله تعاىل. العظيم بأشياء نقلية من القرآن .اآليات، وبأشياء أخر يضحك من االستدالل هبا

فذكر " قالوا نعبد إهلك وإله آبائك إبراهيم وإمساعيل وإسحق : " مث أخذ يستدل على الثالوث بقوله تعاىل .ثالثة، وهذا شيء يضحك منه

فانكحوا : " وهو قوله تعاىل. لرافضة، له يف القول بصحة الزواج بتسعة دليل من هذا النوععلى أن بعض اهذه العدة جمموعها تسعة، والنيب صلى اهللا عليه وسلم : وقال" ما طاب لكم من النساء مثىن وثالث ورباع

.مات عن تسع نسوةية رمحه اهللا يف جملدين، وعبث هبا مدة وأما هذه الرسالة القربسية؛ أجاب عنها الشيخ تقي الدين بن تيم

.وأولع هبا: يشكل عليك فيما قررته يف الفاحتة، قلت" وكفى بنا حاسبني " " رب ارجعون : " فإن قلت مبثل قوله تعاىل

لو كان فيهما آهلة إال اهللا : " ثبت لنا يف القرآن من غري هذا، وقامت األدلة على الوحدانية مبثل قوله تعاىلوما أخذ الناس خطاب العظيم بلفظ اجلمع إال من . ، وإذا جاء مثل هذا علمنا أنه املراد به التعظيم" دتا لفس

.القرآن العظيموما أشبه ذلك، هو أنه ال يقول هذا إال من هو مطاع .. حنن فعلنا وأمرنا : والعلة يف أن املعظم نفسه يقول

كصاحب . ع وخدم يقولون بقوله، ويرجعون إىل ما يقولهمعظم يف قومه، وال يكون املطاع إال من له أتبا .أي أنا ومن يقول هبذا القول. رأينا، ومذهبنا: املذهب يقول

ويكون واحدا ال غري، واملراد أن هذا أمنعه أنا ومن . ال نسلم: وهلذا، الفقهاء والنظار يقول الواحد منهم .وافق قويل

أنتم فعلتم ليكون ذلك : فعلنا، محل على ذلك خطابه فقيل لهحنن : فلما كان املتكلم إذا كان عظيما قال .مقابلة ملا يقوله

وأما يف هذا العصر، فقد استراح الناس من خطاب امللوك يف مكاتباهتم وغري مكاتباهتم من الكاف ومن الشريفة، املراسم الشريفة، واآلراء الشريفة، والصدقات الشريفة، واألبواب : فإنه ال يقال إال. ضمري اجلمع

.االسطبل، واملناخ واملطابخ وأشباه ذلك، فإنه ينعت بالسعيدة: إال ما كان جيل الشرف أن ينعت به مثلرأس موالنا السلطان خلد اهللا ملكه وكل شيء يذكره، أضافه إىل : وان كان املتكلم بني يدي السلطان قال

.هذه اجلملة

املفاضلة بني التسميتني اإلرصاد والتوشيح

. التوشيح: ورأيت أبا هالل العسكري قد مسى هذا النوع: النوع الثامن والعشرين يف اإلرصادقال يف .وليس كذلك، بل تسميته باإلرصاد أوىل

:هذا اإلرصاد الذي ذهب إىل أنه أليق من التوشيح باملعىن الذي قرره، مثاله قول البحتري: أقول اللقاء كالميبال سبب يوم ... أحلت دمي يوم الفراق وحرمت

وليس الذي حرمته حبرام... وليس الذي حللته مبحلل وهو أن الشاعر يأيت بنصف بيت يفهم منه النصف الثاين، أو صدر يفهم منه العجز، أو من البعض يفهم

.الكل، وهو دليل التمكن وجودة الطبعره منزلة العاتق والكشح، وينزل داللة ووجه املناسبة بني هذا املعىن وبني التوشيح، أن ينزل أول الكالم وآخ

وهذا معىن الئق هبذا املسمى، ونفس اللفظ أعذب يف . ما يف أوله على آخره منزلة الوشاح اجلائل عليهما .السمع من اإلرصاد

وقد سلك قوم يف منثور الكالم ومنظومه طرقا خارجة عن موضوع علم البيان وهي بنجوة عنه، ألهنا : قال .لبيان يف واديف واد وعلم ا

فممن فعل ذلك احلريري صاحب املقامات، فإنه ذكر تلك الرسالة اليت هي كلمة معجمة وكلمة مهملة، .والرسالة اليت هي حرف من حروف ألفاظها معجم واآلخر غري معجم

وكل هذا وإن تضمن مشقة من الصناعة، فإنه . ونظم غريه شعرا ، آخر كل بيت منه، أول البيت الذي يليه .خارج عن باب الفصاحة والبالغة

إن احلريري رمحه اهللا تعاىل مل يأت مبا أتى به من هذه األنواع وادعى أن هذا هو الفصاحة والبالغة، : أقول .وإمنا أتى بذلك ليستوعب أنواع األدب، ويبني لألديب ما يلزمه معرفته، وكل ذلك دليل القدرة والتمكن

. مات كلها لكان غري حسنولو أن احلريري فعل ذلك يف املقا

ومثل هذه األشياء من اللغز واألحجية واألغاليط، واإلتيان بالكلمة املعجمة وبعدها املهملة، وباحلرف أما يف الترسل واخلطب، . كل ذلك الئق باملقامات.. املعجم وبعده املهمل، أو صدر بيت كذا وعجزه كذا

نه التفقه يف األدب وإمنا هو إما هلناء أو عزاء أو شكر أو مدح ألن الترسل ليس املراد م. فإنه يكره ويستثقل .ومثل هذه األشياء ال يليق هبا التكلف. أو وصف أو استعطاف أو عتب أو شوق أو غري ذلك

أال . على أنه وإن كان هذه األنواع يف املقامات، فينبغي أن يكون كاللمع اليسرية، فإهنا إذا كثرت مسجتتب رمحه اهللا تعاىل ملا جعل كالمه مشحونا باجلناس ال تكاد كلمة ختلو من ذلك، ثقل ترى أن العماد الكا

.على األمساع والقلوب، ومل يكن له خفة كالم القاضي الفاضل على القلوب :كقول ابن محديس. وقد يكون الشاعر جميدا ، فيأيت بنوع من التكلف وليس عليه أثر الكلفة

باخللق، جذالن أن أشك اهلوى ضحكا.. .مزرفن الصدغ يسطو حلظه عبثا فإمنا نصبته عينه شركا... ال تعرضن لورد فوق وجنته

.فاألول جيمع حروف املعجم كلها على عدم تبني الكلفة عليه :وكذلك قول القائل كل ما أملك إن غنى هبه... لبق أقبل فيه هيف

وليس عليه أثر . ال القافية فإهنا يف نفسها معلومةفإن كل كلمتني من هذا ال يتغري معنامها باالنعكاس إ .الكلفة

:ومثله أيضا أهيف ساكب كاس... أرض خضرا فيها :وكذا قول القائل

هالال أنارا... أرانا اإلله :وكذلك قول القائل

جتور تندم... تقتل تأمث :إذا عكس وصحف كان مذيب روحي مىت نلتقي

:ومثله قول القائل فلذاك روحي ال تقر... قاتلي رفت مشائل

فكأنه يف اللفظ در... رد احلبيب جوابه .وليس عليه كلفة. أول كل بيت، عكس الكلمة األخرية منه

وأما ابن األثري، فكأنه يظن أن األدب عبارة عن الترسل فقط، ومل يعلم أنه جزء منه وإن كان جزءا كبريا ، .ونوعا جليال

تثقاال ما كان كله مهمال ، ال بل ال يعد يف شيء من االستثقال، بل هو خفيف وأقل هذه التكلفات اس :كقول احلريري. عذب يف السمع والقلب

وأورد اآلمل ورد السماح... أعدد حلسادك حد السالح .القصيدة كلها يف غاية احلسن

وهي طويلة كلها عري عن وقد وجدت للقاضي الفاضل رمحه اهللا تعاىل خطبة وضعها لدخول العام اجلديد، .ولوال خوف اإلطالة ألثبتها. اإلعجام، وهي يف غاية احلسن

. وقد وجدت الوراق احلظريي قد تكلف أشياء من هذه األنواع، من ذلك بيتان كل كلمة منهما مهموزة :ومها

إذ تناءى وأظهر اإلعراضا... بأيب أغيد أذاب فؤادي دى آلمليه انقباضابل أب... رشأ يألف اجلفاء فإن أق

:ويف انقباض نظر؛ كاد قول أيب الطيب ألميمن أجل حبر جوهرا... أمي أبا الفضل املرب ألييت

.يكون من هذا اللزوم، وفيه مع تكرار اهلمز تكرار الشدات :وهي. ومن ذلك قطعة إذا قرئت ال تتحرك فيها الشفتان

أسهرين الذي رقد... ها أنذا عاري اجللد إىل غزال ذي غيد... ه لعني نظرت آ

صيد الغزال لألسد... أريتين يا ناظري يا عاذيل هد اجلسد... إن الضىن هلجره

نار الغضا حني شرد... حشا حشاي إذ نأى على لظى نار تقد... يا غادرا غادرين

ال يشتكي إىل أحد... أال اصطنعت ناحال :منها. جمة، والثواين مهملةومن ذلك قطعة، أنصافها األول مع

دواؤه الود والوصال... يب شغف شب بني جنيب أحور موعوده حمال... يبث بثي خفي غيظ

وملح دل له كمال... زين بشيئني غنج جفن

:وعلى هذا األسلوب ورد قول بعضهم: قال قد فاق أهل البصره... وفىت من مازن

وأبوه نكره... أمه معرفة .وهل يشك يف حسن هذا املعىن ولطافته

ما أوىل هذين البيتني بالشك، وأحق ناظمهما بالصك، أي حسن فيهما وأي لطف، مع هذه األلفاظ : أقولوهل فيهما غري ذكر . املستثقلة يف استعماله البصرة بتحريك الصاد، وما فيهما من الزحاف وإن كان جائزا

!.ذلك املعرفة والنكرة ؟ وأي كبري أمر يفولو شاء كتاب هذا العصر أن يستعملوا أبواب النحو وألقاب اإلعراب من أول الفن إىل آخره يف أي معىن

.أرادوا لفعلوهأما يف النثر، فقد وجدت للقاضي حميي الدين ابن عبد الظاهر رمحه اهللا تعاىل رقعة كتبها شفاعة على يد

بدا ، وبناء جمده منصوبا خبفض العدى، وال برحت ال زال علم علمه مرفوعا أ: وهي. شخص إىل كبري .حروف أقالمه ألفعال الشك جازمة، ووفود السعود عن أعدائه متعدية وألوليائه الزمة

وينهى أن فالنا حضر وذكر أن امسه رخم يف غري النداء، وجزم واجلزم ال يدخل على األمساء، واستثين من تثناء، وادعى أن العامل الذي دخل عليه منعه من غري موجب خبفض وليس اخلفض من أدوات االس

التصرف ولزمه لزوم البناء، ودخل معه يف الشرط وأفرده باجلزاء، واملؤثر أيده اهللا نصب حمله على املدح ال على اإلغراء، ورفع امسه املعرى من العوامل على االبتداء ففيه من التمييز والظرف ما يوجب له العطف،

ال زال باب موالنا للعائد والصلة، وحال مكانته شائعة غري . فة ما مينعه من الصرفومن العدل واملعر .منتقلة

فانظر إىل صناعة هذا املنشئ يف هذه الرسالة ما ألطف ما أتى هبذا املصطلح النحوي يف معىن الشفاعة .والدعاء والثناء على من شفع له من أول كالمه وإىل آخره

:وما أحلى قول البهاء زهري. الشعراء به كثريا ، وهو مشهوروأما النظم، فإنه قد عبث وال قضى ليله يف هجركم سحره... مل يقض زيدكم من وصلكم وطره

وكل معرفة يل يف اهلوى نكره... تركتم خربي يف اهلجر مبتدا وما أحسن قول . رف أبوهوما يف البيتني اللذين أوردمها ابن األثري، غري الكناية عن املذكور أنه ولد زنا ال يع

:ابن عنني يهجو ابن سيده خول تدل بكثرة وخيول... قل البن سيدة وإن أضحى له

معلومة وهلا أب جمهول... ما أنت إال كالعقاب فأمها

حول السرقات الشعرية

:قال يف النوع الثالثني، يف السرقات الشعرية بعدما أورد بيت ابن اخلياط حذارا عليه أن تكون حلبه... يف احلي أنة أغار إذا آنست :وبيت عمارة

ما سرت من حرم إال إىل حرم... وهل درى البيت أني بعد فرقته :إن هذين مسروقان من قول املتنيب

مما به ألغرته بفدائه... لو قلت للدنف املشوق فديته :ومن قول أيب متام ميدح بعض اخللفاء وقد حج

طوىب ملستلم يأيت وملتزم... ا يسعى إىل حرم يا من رأى حرم .وأخد يف الشناع على أهل الشام ومصر، يف كوهنم خفي عليهم مثل هذا، وزاد يف التعجب

إن سبب خفاء السرقة يف هذين البيتني وغريمها، أن األصل يكون ركيكا غري مستعمل وال دائر على : أقولل، فيأيت بعض الشعراء إىل ذلك املعىن اخلامل، ويربزه يف صورة األلسنة يف املكاتبات واحملاورات واألمثا

حسناء، ويسبكه يف قالب أرشق وألطف من األول، فيحلو ويعذب ويتداوله الناس، ويعود األول نسيا .كما إذا بدا النجم مث يبدو البدر من بعده، فال يشتغل البصر بالنجم ويدع البدر. منسيا كأن مل يكن : متاموما أحسن قول أيب

وأنت منشغل األحشاء بالقمر... أعندك الشمس تزهى يف حماسنها على أن األديب لو . وال يلتفت يف الثاين إال إىل حسنه من غري حبث عن أصله، وهل هو مسروق أو مبتدع

أنه ما عسى أن يكون من النقل واالطالع، ليس يف إمكانه استخراج كل معىن مير به من غري روية وال تتبع .خصوصا فيما عذب وساغ، وبرز يف صورة غري صورته األوىل. ذلكل

وكذا قول عمارة أحسن وأرق من قول . وال شك أن قول ابن اخلياط أعذب من قول املتنيب، وهلذا اشتهرخصوصا عجز بيت . أيب متام، وهلذا ساغ واشتهر، واستعمل مثال على تأخر زمانه، وتقدم زمان أيب متام

.وضاع، ومأل األفواه واألمساععمارة، فإنه ذاع وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فما أحلى قول عبد احلكم بن اخلطيب العراقي يف رجل وجب عليه القتل،

: فرماه املستويف للقصاص بسهم فأصاب كبده فقتله من وقته

تئن، واألم قد حتنو على الولد... أخرجت من كبد القوس ابنها فغدت ما سار من كبد إال إىل كبد... رميت به وما درت أنه ملا

:وأما الغرية، فمن أبلغ ما جاء يف ذلك قول ابن قالقس من أبيات دوهنا سور وجدران... وابالئي من خمدرة

كل ما حازته خفان... وأسود خاف سطوهتا لتثنى وهو غريان... ورقيب لو يالحظها

:وقول علي بن عبد اهللا اجلعفري

يف طالبيك وامتناعك مني... ما سرين صدودك عني رب وإذا ما خلوت كنت التمني... حذرا أن أكون مفتاح غريي :وبالغت حفصة املغربية يف قوهلا

ومنك ومن مكانك والزمان... أغار عليك من غريي ومني إىل يوم القيامة ما كفاين... ولو أني خبأتك يف جفوين

:ن مطروح بعض هذا وقالوأخذ مجال الدين اب معذيب بالله زدين: لقلت... فلو أمسى على تلفي مصرا أغار عليك منك، فكيف مني... وال تسمح بوصلك يل فإين

:ومنه قول سعد الدين حممد بن عريب فأصد عنه وقليب املشتاق... يا من أغار عليه مني يف اهلوى

ى ولناظري إطراققلبا ير... صن حسن وجهك عن حلاظي إن يل :وما أحسن قول شهاب الدين ابن اخليمي

كلما زدت هوى زاد جلاجا... وعذول رابين يف نصحه ستر الغرية بالعذل ودجى... ما عذويل قط إال عاشق

:وقد نظمت أنا يف معىن قول ابن اخليمي مقاصده ختفى على عاشق مثلي... تداهى عذويل يف الغرام ومل تكن

أفاحته فيه فسابق بالعذل... بييب مث غار فخاف أن أحب ح :على أن املتنيب يف األصل، أخذ املعىن من العباس بن األحنف حيث يقول

إال حسبتك ذلك احملبوبا... مل ألق ذا شجن يبوح حببه أن ال ينال سواي منك نصيبا... حذرا عليك وإنين بك واثق

:ومن الغرية قول أيب متام الطائي وإن أعطيتين أملي... ر عليك من قبلي أغا

ك نصب مواقع القبل... وأشفق أن أرى خدي :ومن الغرية قول القائل

حىت أغار عليك من ملكيكا... خلص اهلوى لك واصطفتك حمبيت هي حمنيت فأغار منك عليكا... وأراك ختطر يف حماسنك اليت

شفتيكا إني أراه مقبال... ولو استطعت جرحت لفظك غرية :وما ألطف قول عبد احملسن الصوري، فإنه عكس املقصد ملا قال

به غفلة عن لوعيت وهلييب... تعلقته سكران من مخرة الصبا يشاركين يف مهجيت بنصيب... يشاركين يف حبه كل أغيد فإن حبييب من أحب حبييب... فال تلزموين غرية ما ألفتها

االقتصاد يف اللفظ

:قال بشار بن برد: قال وفاز بالطيبات الفاتك اللهج... من راقب الناس مل يظفر حباجته

:أخذه سلم اخلاسر وكان تلميذه فقال وفاز باللذة اجلسور... من راقب الناس مات غما

..فبني البيتني لفظتان يف التأليف لتأليف إذ اللفظة تصدق على احلرفني، بينهما لفظتان يف ا: ما أنصف سلم اخلاسر، وما يقال يف هذا: أقول: بل على احلرف الواحد كباء اجلر والمه، واألحسن يف هذا أن يقال. وغري ذلك... من وعن وما : مثل

:فإن األول أربعة وأربعون حرفا ، والثاين مخسة وثالثون حرفا وكذا قول أيب العتاهية. بينهما تسعة أحرف ن هلا وجها يدل على عذريأل... وإين ملعذور على فرط حبها

:أخذه أبو متام فقال ته ناجاك عن عذري... له وجه إذا أبصر

وسلم اخلاسر ممن له . األول أربعة وأربعون حرفا ، والثاين ستة وعشرون حرفا ، فبينهما مثانية عشر حرفا :أال ترى قوله. القدرة على االختصار مس بالشمسيسترن وجه الش... أقبلن يف رأد الضحى

:وقول اآلخر وبدا النهار لوقته يترحل... وإذا الغزالة يف السماء تعرضت تلقى السماء مبثل ما تستقبل... أبدت لعني الشمس عينا مثلها

: وكذا قوله أيضا

فدب دبيب اخلمر يف كل مفصل... سقتين بعينيها اهلوى وسقيتها :وقول عبيد اهللا من شعراء احلماسة

هواك فليم والتأم الفطور... شققت القلب مث ذررت فيه وال حزن ومل يبلغ سرور... تغلغل حيث مل يبلغ شراب

:وعلى هذا ورد قول ابن الرومي: قال إذا النزع أدناه من الصدر أبعدا... كأين أستدين بك ابن حنية

أخذه بعض شعراء الشام وهو ابن قسيم احلموي، فقال ك دنوا بالنزع زادك بعدا... هم كلما زدته من فهو كالس

:وأخذه أيضا األرجاين فقال: أقول لنا وعليكم أجنم الليل تشهد... فال تنكروا حق املشوق فإننا حنايا فما تدنون إال لتبعدوا... أرانا سهاما يف اهلوى ونراكم

:وكرره فقال ين من حيث أدناينسهما فأبعد... قد قوس القد توديعا وقربين

:وكرره أيضا فقال وألجل بعد ذلك القرب... كالسهم راميه يقربه

:وقال بل كان يدنيين ليبعدين... ما ضمين يوم الرحيل هوى

:وقال فالتف خداي وخداه... واإللف قد عانقين للنوى

تناول السهم بيمناه... كأنه رام إىل غاية أبعده ساعة أدناه... ه حىت إذا أدناه من صدر

:وأخذه كشاجم قبل األرجاين فقال واهلجر يتبعه ركضا على األثر... أرى وصالك ال يصفو آلمله

عليه، أبعدها من منزع الوتر... كالقوس أقرب سهميها إىل عطفت :وكرر ابن الرومي هذا املعىن يف موضع آخر فقال

ليتنا ثانيا عطفاإذا بك قد و... رأيتك بينا أنت جار وصاحب بعادا ملن بادلته الود والعطفا... وإنك إذ حتنو حنوك معقبا

على السهم أدىن ما تكون له قذفا... لكالقوس أحىن ما تكون إذا حنت :وولد ابن باك من هذا معىن آخر فقال

يبعدها قرهبا من الضارب... أصبحت يف صوجلانه كرة :زا فيهاوما أحسن قول ابن املغلس ملغ

دنت منه بكد أي كد... أراد دنوها حتى إذا ما وبدل قرهبا منه ببعد... قالها مث أتبعها بضرب

بني النثر والنظم

إن الشاعر إذا أراد أن يشرح أمورا متعددة، ذوات معان : قال يف تفضيل النثر على النظم يف آخر الكتابينظم مائيت بيت أو ثالمثائة أو أكثر من ذلك، فإنه ال جييد يف اجلميع خمتلفة يف شعره، واحتاج إىل اإلطالة بأن

والكاتب ال يؤتى من ذلك، . وال يف الكثري منه، بل جييد يف جزء قليل، والكثري من ذلك رديء غري مرضيبل يطيل يف الكتاب الواحد إطالة واسعة تبلغ عشر طبقات من القراطيس أو أكثر، وتكون مشتملة على

.وهو جميد يف ذلك كله. ائة سطر أو أربعمائة أو مخسمائةثالمثوعلى هذا فإين وجدت العجم يفضلون العرب يف هذه النكتة املشار . وهذا ال نزاع فيه، ألننا رأيناه وقلناه

فإن شاعرهم يذكر كتابا مصنفا من أوله إىل آخره شعرا ، وهو شرح قصص وأحوال، يكون مع . إليها

ة والبالغة يف لغة القوم، كما فعل الفردوسي يف نظم الكتاب املعروف شاه نامه وهو ذلك يف غاية الفصاحستون ألف بيت من الشعر، يشتمل على تاريخ الفرس، وهو قرآن القوم، وقد أمجع فصحاؤهم على أنه أنه ليس يف لغتهم أفصح منه، وهذا ال يوجد يف اللغة العربية على اتساعها وتشعب فنوهنا وأغراضها، وعلى

.لغة العرب بالنسبة اليها كقطرة من حبرقد ختم ابن األثري رمحه اهللا تعاىل كتابه هبذه النكتة اليت مال فيها إىل الشعوبية، وما قال معمر بن املثىن : أقول

وقد وجد يف أهل اللسان العريب من نظم الكثري . وال سهل بن هارون، وال ابن غرسية يف رسالته مثل هذان عد هو الفردوسي، عددت له مثل ذلك مجاعة، منهم من نظم تاريخ املسعودي نظما يف غاية أيضا ، وإ

وأخربين . احلسن، ومنهم من نظم كتاب كليلة ودمنة يف عشرة آالف بيت ونظمها أبان الالحقي أيضا أبيه الدمشقي الشيخ اإلمام احلافظ مشس الدين أبو عبد اهللا حممد الذهيب أن مكي ابن أيب حممد بن حممد بن

. عرف بابن الدجاجية، نظم كتاب املهذب قصيدة علي روي الراء مساها البديعة يف أحكام الشريعة انتهى . واملهذب يف أربع جملدات: قلت

والبن . وبعض املغاربة امتدح سيدنا رسول اهللا صلى اهللا عليه وسلم يف قصيدة عدهتا مثانية عشر ألف بيتلباغم يف ألفي بيت، كل بيت منها قصر مشيد، ونكته ما عليها يف احلسن مزيد، اهلبارية كتاب الصادح وا

.يشتمل على احلكايات والنوادر واألمثال واحلكم، وكلها يف غاية الفصاحة والبالغة ليس فيها لو وال ليتمعرفة وأما من نظم األلف وما دونه فكثري جدا ال يبلغهم احلصر، وأما الشاطبية وما اشتملت عليه من

القراءات السبع واختالفها، وتلك الرموز اليت ظاهرها الغزل وباطنها العلم، فكتاب اشتهر وظهر، وخلب :سحره األلباب وهبر، حىت قال القائل فيها

عروسه البكر وياما جال... جال الرعيين علينا ضحى ال: قالت قوافيها له الكل... لو رامها مبتكر غريه

و والعروض والفقه، كالذي نظم الوجيز ومنظومة احلنفية وغري ذلك من الطب وغريه من وأما أراجيز النح .العلوم، فكثري جدا ، إىل الغاية اليت ال حييط هبا الوصف

وما مسعنا مبن اشتغل من العجم بالعربية إال وفضل اللغة العربية، برهان هذه الدعوى أن أبا علي الفارسي، ري وغريه هؤالء، ملا اشتغلوا بالعربية وذاقوا حالوهتا، هاموا هبا وكلفوا مبحاسنها، وبندار، وأبا حامت والزخمش

وأفنوا الليايل واأليام يف حتصيلها، وأنفقوا مدة العمر يف تأليفها وتدوينها وتتبع حماسنها وقواعد أقيستها عربية وأفنوا مدة العمر وغرائب فنوهنا، ومن املستحيل أن يكون هؤالء القوم اجتهدوا هذا االجتهاد يف ال

واألوىل هبم وبكل عاقل االشتغال باألحسن واألفصح واألبلغ . وهي ما ال خيلف يف شيء هو دون غريهواألحكم، ولو علم هؤالء القوم أن اللغة األعجمية هلا أفعل التفضيل، ما عرجوا على العربية إال ريثما

.عرفوها، مث عاجوا إىل لغتهم .فرقك بني الرطب والعجم، فرق بني العرب والعجم: لزخمشريومن الكلم النوابغ ل

.العرب نبع صلب املعاجم، والغرب مثل لألعاجم: ومنها

وكيف . والعجم بتحريك اجليم هو النوى. فانظر إىل الزخمشري كيف جعل العرب رطبا والعجم عجما .شجر الغرب، وهو خوار جعل العرب مثل شجر النبع، وهو صلب تتخذ منه القسي، وجعل العجم مثل

:قال املتنيب إذا ضربن كسرن النبع بالغرب... فال تنلك الليايل إن أيديها

أليس أهنم كانوا يعرفون : ما كان علماء العربية من العجم عاملني باللغة العجمية كما ينبغي، قلت: فإن قلتيف لغة من اللغات إىل ما وصل إليه أبو علي ومن وصل. العجمية، مث أهنم متهروا يف العربية وبالغوا يف إتقاهنا

والزخمشري وغريمها من معرفة االشتقاق األكرب واألصغر واألبنية والتصريف، يف االسم والفعل املاضي واملضارع واألمر واسم الفاعل واملفعول وصارت له تلك امللكة، كان عنده من األهلية أن ينظر يف كل لغة

اعدها ويتبع أصوهلا، فيقع على غرائب حكمها وحماسن قواعدها، الشتباك عرف لساهنا، وأن يستخرج قو .وال يضع اللغة إال حكيم. العلوم بعضها ببعض، واجتماع مشلها يف الغاية اليت أوجبت وضعها

أال ترى أن بعض النحاة رتب اللغة التركية على القواعد النحوية، وميز االسم من الفعل، واملاضي من مر، وضمري املتكلم من املخاطب من الغائب، واجلمع من اإلفراد، وعالمة اجلمع، واملضاف املضارع من األ

.من املضاف إليه إىل غري ذلك، وهذا أمر غري خافإن كتاب شاهنامة ستون ألف بيت، كلها يف غاية احلسن من الفصاحة والبالغة، وما فيها ما : وأما قوله

.عن الربهان الذي يؤيدها يعاب، فإن هذه الدعوى ال تسمع جمردةومن يأيت بستني ألف كلمة، أو بستة آالف كلمة تكون يف غاية الفصاحة يف األلفاظ، والبالغة يف املعىن حىت

.هذا ليس يف قوى البشر يف لغة من اللغات! إهنا ال تعاب بوجه ؟كما . ودة شعر العربسلمنا أن ذلك ما يعاب يف تلك اللغة، فمن أين لك أن جيد شعر العجم يف طبقة ج

القمر أشد نورا من النجوم، والشمس أشد نورا من النجوم، فالشمس والقمر اشتركا يف الفضيلة : تقول .على النجوم، ولكنهما يف نفسيهما ال يستويان مثال

ل يوم التفاضل دون الغرر... وكل له فضله واحلجو

اخليل، والنابغة يف االعتذار، وزهري يف املدائح، كوصف امرئ القيس يف . فهل جيد العجم مثل جيد العربواألعشى يف اخلمر ؟ أو كجيد جرير والفرزدق واألخطل وبشار بن برد ومسلم بن الوليد وأيب نواس

وديك اجلن واحلسني بن الضحاك واملتنيب وأيب متام والبحتري وابن الرومي وابن املعتز وأيب فراس وغريهم إن ذلك : ذلك من الشعراء الذين تغرق قطرات العجم يف جلجهم، حىت إنه يقولوإىل هذا العصر، وما بني

:هل يستويان مثال يف اجلودة من حيث هي. كله جيد ال يعاب إذا قلت إن السيف أمضى من العصا... أمل تر أن السيف ينقص قيمة

يل الذي يكون هناية يف الفصاحة وإمنا قل اجليد يف الشعر، ألن البلغاء وعلماء األدب انتقوا اجليد العافكان ذلك اجليد يف . والبالغة، وجعلوه أمنوذجا ومثاال حيذى، على ما قرروه بقوة فكرهم وصحة انتقادهم

وال جرم أن الساقط من الشعر أكثر من العايل عند أئمة البالغة، وإال فعلى احلقيقة، الذي . الطبقة العليا

وهذه . يكون جيدا عند غريهم غري معيب، إال ما هو ساقط إىل الغاية يعده أرباب البالغة من ساقط الشعر .النكتة هي العلة يف قلة اجليد من الشعر

ومن أين يف شعر العجم ما يف شعر العرب من اجملاز واالستعارة والكناية والتشبيه والتورية واالستخدام غري ذلك من أنواع البديع وهو ما إىل. واجلناس، على اختالف كل نوع من هذه األنواع وتشعب أقسامه

.هيهات ما بينهما صيغة أفعل. يقارب املائة نوعالشعر للعرب، وكل من يقول : وذكر احلصري يف زهر اآلداب أن أعرابيا قال لشاعر من أهل الفرس

.انتهى. الشعر منكم، فإمنا نزا على أمه رجل مناللعجم قصر وإيوان وأما دعواه أن الشاعر ال حيسن وللعرب بيت وديوان، و: وقد أنصف ابن خلف يف قوله

. الوزن، ولزوم الروي الواحد: ومها. ألنه يف ضائقتني شديدتني إىل الغاية. يف األكثر، فالعذر يف ذلك ظاهروالناثر غري مضطر إىل شيء منهما، بل هو خملى ونفسه، إن شاء أتى بسجعتني على حرف واحد، وإن شاء

ولو أتى الكاتب برسالة . أتى بالسجعة على عشرين كلمة، أو على أقل إىل كلمتنيعلى أكثر، وإن شاء مطولة على حرف واحد يف سجعه، وعدد خمصوص من كلمات السجع، لكان حاله حال الشاعر، بل كان

فحينئذ ال يصلح . كالمه أمسج وأثقل على األمساع والقلوب، ألن الشعر يروجه الوزن، وال كذلك النثر .يكون فضيلة يف النثر على النظمهذا أن

يرف عليه رحيان القلوب... وكيف ومل يزل للشعر ماء .وليكن ها هنا آخر ما أردته من الكالم على املثل السائر وقد ساحمته يف كثري سقطه فيه ظاهرهدا يف على أنين ال أنكر ما له فيه من اإلحسان، والنكت اليت هي لعني هذا الفن إنسان فإنه مل يأل ج

.التوقيف الذي وقفه، ومل يقصر يف التثقيف الذي ثقفهوإذا اتفق للكاتب أو الشاعر . وقد نبه على حمزات هذا الفن، وأشار إىل اقتناص ما شرد منه وما عن

مراجعة املثل السائر والفلك الدائر وهذه األوراق، فال مرية يف أن ذلك يفيده فوائد مجة، ويتنبه ملوارد اخلطأ .نبها، ويتيقظ ملواقع احلسن فينتجعهافيجت

على األيام من أزكى اهلدايا... وقد أهديتها لك وهي عندي .وهللا احلمد أوال وآخرا ، والصالة على سيدنا حممد وآله وصحبه الطيبني الطاهرين والسالم

ISLAM ICBOOK.WS احة| ٢٠١٠ مت ق لحقو ع ا ين جمي م لمسل لجميع ا