tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

414
http://portaldakwah.blogspot.com م ي عظ ل ا ن را لق ر ا سي ف ت: اب ت لك ا[ ي ق! ش م الد شر لق ر ا ي! ث ك ن ب ر م ع ن ب ل ت ع ما س2 داء ا ف ل و ا ب7 : ا ف ل7 ؤ م ل ا700 - 774 ] ه لامة س مد ح م ن ب ي م : سا ق ق ح م ل ا ع ي ؤز ت ل ر وا! ش لن ل ة بZ ي ط ر : داز! ش ا ت ل ا ة ب ن ا! ت ل : ا عة ب لظ ا1420 - ه1999 م اء : ر ج7 لاد ا عد8 ي عل! ش ي ر ق ماع ت ج وا صة ق ل ه ا هد ن2 م ا! ث، ة ب ن مد ة ي لا ه ا هد ن7 ر ؛ لا ك ت م ل ب دا ، ج ب ي ر غ ا ، هد ي ف ب ل طا ي ب7 ر ا كِ ود ي ب7 ا وب م عد ت لك د ء ، وكان وا س ره ج ه ل ا لة ت ل ما كان ن2 ل ، ا ت ف ل و ا7 ا ي ق ب ل و ا7 ا اب ت! ن2 لا ي ا عل اوزه! ش م لز وا ما ت7 نلا ا ا هد ره ص ن ن ؤطه و ح ي كان ي ، الد ب ل طا ي ب7 مة ا ع وب م عد ت ة ب عل رءوا ي ج ة وا ب م ؤا ت ك م ن ما ل ن ي ت س! لاب! ث ن م ؤ ح£ ن ن ب ل طا د ت ع ن ع ي از ع م ل ا ب ج از صاَ شَ ي ن ب حاق س2 ا ن ب مد ح مام م2 لا زواه ا : ما ا ت ل ق ما حة ص ي عل ل ت ل ة. والد7 اي ت ع7 ا ؤم ث ق ت و" " ن ب ا ن ع، 7 ي ب م ها7 ي ا ل و م ان اد ث ن ع، ي لب لك ا ي£ ب! ن ال : وجد اس ق ت ع ن ب ا ن ع اهد ، ح م ن ع ح ، يِ جَ ي ي ب7 ا ن ب لة ال( م ه ض ر عي ا ، ق دوه ت ل ؤا داز ا ل ج د ت ل ؤا ع م ت ج ، ا لة ت¿ ي ق ل ك راف! ش7 ا ن م! ش ي ر ق ن م اً ر ق ت ن7 س ؛ ا ا ت ع1 ي ف ش لن ث2 ا) ن7 ا زدب7 ا م ، ق ي ع م ت ج م ا ك ث7 ا ب ع م س د ، ح ي ن م ح ي! س ال : ؟ ق ب ي7 ا ن م وا : ل ا وه ق7 زا ما ل ق ل ، ت ل ج ح ي! س وزه ص لة ، وال ل ج ر ل ا ا هد ن7 ا! س ي ف روا ظ نل : ا ا ف ف م ه ع م ل ج د ل ق ج ل ، اد ج7 وا : ا ل ا . ق ي ح ص ن و ي ب7 م زا مك عد ت ن ل م و ك ر حص7 ا ي جب، ؤن ت م ل ا ب ي ة ز ؤا ي ص ن ر ت م! ث، اق! وث ي ف ؤه ش جب م : ا ه من ل7 ب ا ال ق ف ف ال : ره. ق م7 ا م ث ك ر م7 ا ي ف م ك ت! ن وا ب ن7 ا ن ك! س ؤ ت ل ح ي! ش ل لة ا عدو ال رخ ص ف ال : م ، ق ه جد7 ؤ كا ه ما ن2 ، ا ة ع ات ت ل ر وا هي راء : ز ع! ش ل ا ن م لة ت ق كان ن م لك ه ما ك لك ه ي

Upload: srujacxtup

Post on 21-Nov-2014

3.455 views

Category:

Spiritual


13 download

DESCRIPTION

 

TRANSCRIPT

Page 1: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

الكتاب : تفسير القرآن العظيم المؤلف : أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ]

هـ [774 -700المحقق : سامي بن محمد سالمةالناشر : دار طيبة للنشر والتوزيع

م1999هـ - 1420الطبعة : الثانية 8عدد األجزاء :

وذكر أبي طالب في هذا ، غريب جدا ، بل منكر ؛ ألن هذه اآلية مدنية ، ثم إن هذه القصة واجتماع قريش على هذا االئتمار والمشاورة على اإلثبات أو النفي أو القتل ،

إنما كان ليلة الهجرة سواء ، وكان ذلك بعد موت أبي طالب بنحو من ثالث سنين لما تمكنوا منه واجترءوا عليه بعد موت عمه أبي طالب ، الذي كان يحوطه وينصره ويقوم بأعبائه. والدليل على صحة ما قلنا : ما رواه اإلمام محمد بن إسحاق بن يسار صاحب

"المغازي" عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : وحدثني الكلبي ، عن باذان مولى أم هانئ ، عن ابن عباس ؛ أن نفرا من قريش من أشراف

( إبليس في صورة شيخ جليل ،1كل قبيلة ، اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة ، فاعترضهم ) فلما رأوه قالوا : من أنت ؟ قال : شيخ من نجد ، سمعت أنكم اجتمعتم ، فأردت أن

أحضركم ولن يعدمكم رأيي ونصحي. قالوا : أجل ، ادخل فدخل معهم فقال : انظروا في شأن هذا الرجل ، والله ليوشكن أن يواثبكم في أمركم بأمره. قال : فقال قائل منهم : احبسوه في وثاق ، ثم تربصوا به ريب المنون ، حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء : زهير والنابغة ، إنما هو كأحدهم ، قال : فصرخ عدو الله الشيخ

( إلى أصحابه2النجدي فقال : والله ما هذا لكم برأي ، والله ليخرجنه ربه من محبسه ) ، فليوشكن أن يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم ، فيمنعوه منكم ، فما آمن عليكم أن

يخرجوكم من بالدكم. قال : فانظروا في غير هذا. قال : فقال قائل منهم : أخرجوه من بين أظهركم تستريحوا منه ، فإنه إذا خرج لن يضركم ما صنع وأين وقع ، إذا غاب عنكم أذاه واسترحتم ، وكان أمره في غيركم ،

( وطالوة3فقال الشيخ النجدي : والله ما هذا لكم برأي ، ألم تروا حالوة ]قوله[ ) ( من حديثه ؟ والله لئن فعلتم ، ثم استعرض4لسانه ، وأخذ القلوب ما تسمع )

( ثم ليأتين إليكم حتى يخرجكم من بالدكم ويقتل أشرافكم.5العرب ، ليجتمعن عليكم )قالوا : صدق والله ، فانظروا بابا غير هذا.

( بعد6قال : فقال أبو جهل ، لعنه الله : والله ألشيرن عليكم برأي ما أراكم تصرمونه ) ، ما أرى غيره. قالوا : وما هو ؟ قال : نأخذ من كل قبيلة غالما شابا وسيطا نهدا ، ثم يعطى كل غالم منهم سيفا صارما ، ثم يضربونه ضربة رجل واحد ، فإذا قتلوه تفرق

( فال أظن هذا الحي من بني هاشم يقوون على حرب قريش7دمه في القبائل ]كلها[ )كلها. فإنهم إذا رأوا ذلك قبلوا العقل ، واسترحنا وقطعنا عنا أذاه.

قال : فقال الشيخ النجدي : هذا والله الرأي. القول ما قال الفتى ال رأي غيره ، قال :(8فتفرقوا على ذلك وهم مجمعون له )

Page 2: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمره أال يبيت في مضجعه الذي كان يبيتفيه ، وأخبره بمكر القوم.

__________( في د : "واعترضهم".1)( في أ : "من حبسه".2)( زيادة من أ.3)( في أ : "ما نشبع".4)( في د ، ك ، م : "عليه".5)( في أ : "بصرتموه"6)( زيادة من د ، ك ، م ، أ.7)( زيادة من د ، ك ، م.8)

(4/44)

فلم يبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته تلك الليلة ، وأذن الله له عند ذلك ( عليه وبالءه1بالخروج ، وأنزل الله عليه بعد قدومه المدينة "األنفال" يذكر نعمه )

ه ذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الل عنده : } وإذ يمكر بك اله خير الماكرين { وأنزل ]الله[ ) ( في قولهم : "تربصوا به ريب المنون ، حتى2والل

ص به ريب المنون يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء" ، } أم يقولون شاعر نترب ( للذي اجتمعوا عليه من3[ وكان ذلك اليوم يسمى "يوم الزحمة" )30{ ]الطور :

(4الرأي )دي نحو هذا السياق ، وأنزل الله في إرادتهم إخراجه قوله تعالى : } وإن وعن الس

ونك من األرض ليخرجوك منها وإذا ال يلبثون خالفك إال قليال { ]اإلسراء : كادوا ليستفز76.]

وكذا روى العوفي ، عن ابن عباس. وروي عن مجاهد ، وعروة بن الزبير ، وموسى بنعقبة ، وقتادة ، ومقسم ، وغير واحد ، نحو ذلك.

وقال يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق : فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر أمر الله ، حتى إذا اجتمعت قريش فمكرت به ، وأرادوا به ما أرادوا ، أتاه جبريل ، عليه

( فدعا رسول الله صلى الله5السالم ، فأمره أال يبيت في مكانه الذي كان يبيت فيه ) عليه وسلم علي بن أبي طالب ، فأمره أن يبيت على فراشه وأن يتسجى ببرد له

أخضر ، ففعل. ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على القوم وهم على بابه ، وخرج معه بحفنة من تراب ، فجعل يذرها على رؤوسهم ، وأخذ الله بأبصارهم عن نبيه

محمد صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ : } يس والقرآن الحكيم { إلى قوله :[.9 - 1} فأغشيناهم فهم ال يبصرون { ]يس :

(6وقال الحافظ أبو بكر البيهقي : روي عن عكرمة ما يؤكد هذا )ان في صحيحه ، والحاكم في مستدركه ، من حديث7وقد روى ]أبو حاتم[ ) ( ابن حب

عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : دخلت فاطمةة ؟" قالت : على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكي ، فقال : "ما يبكيك يا بني

( ما لي ال أبكي ، وهؤالء المأل من قريش في الحجر يتعاقدون بالالت8يا أبت ، ]و[ )

Page 3: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ى ومناة الثالثة األخرى ، لو قد رأوك لقاموا إليك فيقتلونك ، وليس منهم إال من والعز قد عرف نصيبه من دمك. فقال : "يا بنية ، ائتني بوضوء". فتوضأ رسول الله صلى الله

( فطأطؤوا رؤوسهم9عليه وسلم ، ثم خرج إلى المسجد. فلما رأوه قالوا : إنما هو ذا ) ، وسقطت أذقانهم بين أيديهم ، فلم يرفعوا أبصارهم. فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من تراب فحصبهم بها ، وقال : "شاهت الوجوه". فما أصاب رجال

منهم حصاة من حصياته إال قتل يوم بدر كافرا.(10ثم قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه ، وال أعرف له علة )

__________( في ك ، م : "نعمته".1)( زيادة من د ، ك ، أ.2)( في د ، ك ، م ، أ : "الرحمة".3)( من طريق ابن إسحاق به.13/494( رواه الطبري في تفسيره )4)( في د ، ك ، م : "به".5)(.470 ، 2/469( دالئل النبوة للبيهقي )6)( زيادة من ك ، م.7)( زيادة من د.8)( في د ، ك ، م : "ها هو ذا".9)(.3/157( "موارد" والمستدرك )1691( صحيح ابن حبان برقم )10)

(4/45)

وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إال أساطير األولينماء31) ( وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من الس

ه معذبهم وهم32أو ائتنا بعذاب أليم ) ه ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الل ( وما كان الل( 33يستغفرون )

وقال اإلمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، أخبرني عثمان الجزري ، عنذين كفروا مقسم مولى ابن عباس أخبره عن ابن عباس في قوله : } وإذ يمكر بك ال ليثبتوك { قال : تشاورت قريش ليلة بمكة ، فقال بعضهم : إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق -

يريدون النبي صلى الله عليه وسلم - وقال بعضهم : بل اقتلوه. وقال بعضهم : بل أخرجوه. فأطلع الله نبيه على ذلك ، فبات علي رضي الله عنه على فراش رسول الله

( حتى لحق بالغار ،1صلى الله عليه وسلم ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم )ا يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبحوا وبات المشركون يحرسون عليا رد الله تعالى مكرهم ، فقالوا : أين صاحبك هذا ؟ قال : ال ثاروا إليه ، فلما رأوا علي

( أثره ، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم ، فصعدوا في الجبل فمروا2أدري. فاقتصا ) بالغار ، فرأوا على بابه نسج العنكبوت ، فقالوا : لو دخل هاهنا لم يكن نسج العنكبوت

(3على بابه ، فمكث فيه ثالث ليال ) وقال محمد بن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير في

ه خير الماكرين { أي : فمكرت بهم بكيدي المتين ، ه والل قوله : } ويمكرون ويمكر الل

Page 4: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

حتى خلصتك منهم. } وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إال أساطير

( وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من31األولين )ماء أو ائتنا بعذاب أليم ) ه معذبهم32الس ه ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الل ( وما كان الل

( {33وهم يستغفرون )دهم وعنادهم ، ودعواهم الباطل عند سماع يخبر تعالى عن كفر قريش وعتوهم وتمر آياته حين تتلى عليهم أنهم يقولون : } قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا { وهذا منهم قول ال فعل ، وإال فقد تحدوا غير ما مرة أن يأتوا بسورة من مثله فال يجدون إلى ذلك

سبيال. وإنما هذا قول منهم يغرون به أنفسهم ومن اتبعهم على باطلهم. وقد قيل : إن القائل لذلك هو النضر بن الحارث - لعنه الله - كما قد نص على ذلكدي ، وابن جريج وغيرهم ؛ فإنه - لعنه الله - كان قد ذهب إلى سعيد بن جبير ، والس بالد فارس ، وتعلم من أخبار ملوكهم رستم واسفنديار ، ولما قدم وجد رسول الله

صلى الله عليه وسلم قد بعثه الله ، وهو يتلو على الناس القرآن ، فكان إذا قام صلى ( من مجلس ، جلس فيه النضر فيحدثهم من أخبار أولئك ، ثم يقول4الله عليه وسلم )

: بالله أيهما أحسن قصصا ؟ أنا أو محمد ؟ ولهذا لما أمكن الله تعالى منه يوم بدر ووقع في األسارى ، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تضرب رقبته صبرا بين

يديه ، ففعل ذلك ، ولله الحمد. وكان الذي أسره المقداد بن__________

( في ك ، م : "النبي".1)( في د ، ك ، م : "فاقتصوا".2) ( : "فيه عثمان بن عمرو7/27( قال الهيثمي في المجمع )1/348( المسند )3)

الجزري وثقه ابن حبان وضعفه غيره ، وبقية رجاله رجال الصحيح".( في ك ، د : "عليه السالم".4)

(4/46)

األسود ، رضي الله عنه ، كما قال ابن جرير : ار ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد حدثنا محمد بن بش

بن جبير قال : قتل النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر صبرا عقبة بن أبي معيط وطعيمة بن عدي ، والنضر بن الحارث. وكان المقداد أسر النضر ، فلما أمر بقتله ،

قال المقداد : يا رسول الله ، أسيري. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه ( صلى الله عليه1كان يقول في كتاب الله ، عز وجل ، ما يقول". فأمر رسول الله )

وسلم بقتله ، فقال المقداد : يا رسول الله ، أسيري. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اللهم اغن المقداد من فضلك". فقال المقداد : هذا الذي أردت. قال : وفيه أنزلت هذه اآلية : } وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن

(2هذا إال أساطير األولين { ) وكذا رواه هشيم ، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية ، عن سعيد بن جبير ؛ أنه قال :

( وهو غلط ؛ ألن المطعم بن عدي لم يكن حيا3"المطعم بن عدي" "بدل طعيمة" ) ( حيا4يوم بدر ؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ : "لو كان المطعم )

Page 5: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

تنى )5، ثم سألني ) ( - يعني : األسارى - ألنه كان قد7( لوهبتهم له" )6( في هؤالء النأجار رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم رجع من الطائف.

ومعنى : } أساطير األولين { وهو جمع أسطورة ، أي : كتبهم اقتبسها ، فهو يتعلم منها ويتلوها على الناس. وهذا هو الكذب البحت ، كما أخبر الله عنهم في اآلية األخرى :

ر ذي يعلم الس } وقالوا أساطير األولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيال قل أنزله اله كان غفورا رحيما { ]الفرقان : ماوات واألرض إن [.أي : لمن تاب إليه6 ، 5في الس

وأناب ؛ فإنه يتقبل منه ويصفح عنه.هم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من وقوله : } وإذ قالوا الل

ماء أو ائتنا بعذاب أليم { هذا من كثرة جهلهم وعتوهم وعنادهم وشدة تكذيبهم ، الس وهذا مما عيبوا به ، وكان األولى لهم أن يقولوا : "اللهم ، إن كان هذا هو الحق من

عندك ، فاهدنا له ، ووفقنا التباعه". ولكن استفتحوا على أنفسهم ، واستعجلوا العذاب ، وتقديم العقوبة كما قال تعالى : } ويستعجلونك بالعذاب ولوال أجل مسمى

هم بغتة وهم ال يشعرون { ]العنكبوت : نا عجل53لجاءهم العذاب وليأتين [ ، } وقالوا رب [ ، } سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له16لنا قطنا قبل يوم الحساب { ]ص :

ه ذي المعارج { ]المعارج : [ ، وكذلك قال الجهلة من األمم3 - 1دافع من اللماء إن كنت من السالفة ، كما قال قوم شعيب له : } فأسقط علينا كسفا من الس

هم إن كان هذا هو الحق من عندك187الصادقين { ]الشعراء : [ ، وقال هؤالء : } اللماء أو ائتنا بعذاب أليم { فأمطر علينا حجارة من الس

__________( في د ، ك ، م ، أ : "النبي".1)(.13/504( تفسير الطبري )2)(.13/504( تفسير الطبري )3)( في د ، ك ، م ، أ : "المطعم بن عدي".4)( في ك : "وسألني".5)( في أ : "السبى".6) ( من حديث جبير بن مطعم ، رضي الله3139( رواه البخاري في صحيحه برقم )7)

عنه.

(4/47)

قال شعبة ، عن عبد الحميد ، صاحب الزيادي ، عن أنس بن مالك قال : هو أبو جهلماء هم إن كان هذا هو الحقمن عندك فأمطر علينا حجارة من الس بن هشام قال : } الل

ه معذبهم ه ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الل أوائتنا بعذاب أليم { فنزلت } وما كان اللوهم يستغفرون { اآلية.

رواه البخاري عن أحمد ومحمد بن النضر ، كالهما عن عبيد الله بن معاذ ، عن أبيه ،(1عن شعبة ، به )

وأحمد هذا هو : أحمد بن النضر بن عبد الوهاب. قاله الحاكم أبو أحمد ، والحاكم أبوعبد الله النيسابوري ، والله أعلم.

وقال األعمش ، عن رجل ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : } وإذ قالوا

Page 6: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ماء أو ائتنا بعذاب هم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من الس الل أليم { قال : هو النضر بن الحارث بن كلدة ، قال : فأنزل الله : } سأل سائل بعذاب

[ وكذا قال مجاهد ، وعطاء ، وسعيد2 - 1واقع للكافرين ليس له دافع { ]المعارج : نا بن جبير ، والسدي : إنه النضر بن الحارث - زاد عطاء : فقال الله تعالى : } وقالوا رب

[ وقال } ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم16عجل لنا قطنا قبل يومالحساب { ]ص : ة { ]األنعام : [ وقال } سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع {94أول مر

[ ، قال عطاء : ولقد أنزل فيه بضع عشرة آية من كتاب الله ، عز2 ، 1]المعارج : وجل.

وقال ابن مردويه : حدثنا محمد بن إبراهيم ، حدثنا الحسن بن أحمد بن الليث ، حدثنا أبو غسان حدثنا أبو تميلة ، حدثنا الحسين ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : رأيت عمرو

بن العاص واقفا يوم أحد على فرس ، وهو يقول : اللهم ، إن كان ما يقول محمد حقا ،فاخسف بي وبفرسي".

هم إن كان هذا هو الحق من عندك { اآلية ، قال : وقال قتادة في قوله : } وإذ قالوا الل ( فعاد الله بعائدته ورحمته على سفهة هذه األمة2قال ذلك سفهة هذه األمة وجهلتها )

وجهلتها.ه معذبهم وهم يستغفرون ه ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الل وقوله تعالى : } وما كان الل

{ قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود ، حدثنا عكرمة بن عمار ، عن أبي زميل سماك الحنفي ، عن ابن عباس قال : كان المشركون

( فيقول النبي صلى3يطوفون بالبيت ويقولون : لبيك اللهم لبيك ، لبيك ال شريك لك ) الله عليه وسلم : "قد قد"! ويقولون : ال شريك لك ، إال شريكا هو لك ، تملكه وما

ه ليعذبهم وأنت فيهم ملك. ويقولون : غفرانك ، غفرانك ، فأنزل الله : } وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون { قال ابن عباس : كان فيهم أمانان : النبي وما كان الل

صلى الله عليه وسلم ، واالستغفار ، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقي(4االستغفار )

__________(.4649 ، 4648( صحيح البخاري برقم )1)( في ك : "وجهلها".2)( في أ : "لك لبيك".3)( من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود به.13/511( ورواه الطبري في تفسير )4)

(4/48)

وقال ابن جرير : حدثني الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا أبو معشر ، عن يزيد بن رومان ومحمد بن قيس قاال قالت قريش بعضها لبعض : محمد أكرمه الله من بيننا : }

ماء أو ائتنا بعذاب هم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من الس الل أليم { فلما أمسوا ندموا على ما قالوا ، فقالوا : غفرانك اللهم! فأنزل الله ، عز وجل :

ه[ معذبهم وهم يستغفرون { ) ه ]ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الل ( إلى1} وما كان الل[.34قوله : } ولكن أكثرهم ال يعلمون { ]اإلنفال :

ه ليعذبهم وأنت فيهم { يقول وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : } وما كان الل

Page 7: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

: ما كان الله ليعذب قوما وأنبياؤهم بين أظهرهم حتى يخرجهم ، ثم قال : } وما كانه معذبهم وهم يستغفرون { يقول : وفيهم من قد سبق له من الله الدخول في الل

اإليمان ، وهو االستغفار - يستغفرون ، يعني : يصلون - يعني بهذا أهل مكة.دي نحو ذلك. وروي عن مجاهد ، وعكرمة ، وعطية العوفي ، وسعيد بن جبير ، والس

ه معذبهم وهم يستغفرون { يعني : المؤمنين وقال الضحاك وأبو مالك : } وما كان اللالذين كانوا بمكة.

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الغفار بن داود ، حدثنا النضر بن عربي ( قال ابن عباس : إن الله جعل في هذه األمة أمانين ال يزالون معصومين2]قال[ )

مجارين من قوارع العذاب ما داما بين أظهرهم : فأمان قبضه الله إليه ، وأمان بقيه معذبهم وهم يستغفرون ه ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الل فيكم ، قوله : } وما كان الل

} ( أبو صالح عبد الغفار : حدثني بعض أصحابنا ، أن النضر بن عربي حدثه هذا3قال )

الحديث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس. ( وكذا روي4وروى ابن مردويه وابن جرير ، عن أبي موسى األشعري نحوا من هذا )

عن قتادة وأبي العالء النحوي المقرئ. وقال الترمذي : حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا ابن نمير ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن

مهاجر ، عن عباد بن يوسف ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه قال : قال رسوله ليعذبهم الله صلى الله عليه وسلم : "أنزل الله علي أمانين ألمتي : } وما كان الل

ه معذبهم وهم يستغفرون { فإذا مضيت ، تركت فيهم االستغفار وأنت فيهم وما كان الل(5إلى يوم القيامة" )

( ما رواه اإلمام أحمد في مسنده ، والحاكم في مستدركه ، من حديث6ويشهد لهذا ) عبد الله بن وهب : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي

سعيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم__________

( زيادة من م.1)( زيادة من د ، ك ، م ، أ.2)( في ك : "وقال".3)(.13/513( تفسير الطبري )4) ( وقال الترمذي : "هذا حديث غريب ، وإسماعيل بن3082( سنن الترمذي برقم )5)

مهاجر يضعف في الحديث.( في أ : "لصحة هذا".6)

(4/49)

قال : "إن الشيطان قال : وعزتك يا رب ، ال أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم فيأجسادهم. فقال الرب : وعزتي وجاللي ، ال أزال أغفر لهم ما استغفروني".

(1ثم قال الحاكم : صحيح اإلسناد ولم يخرجاه ) وقال اإلمام أحمد : حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا رشدين - هو ابن سعد - حدثني

جيبي ، عمن حدثه ، عن فضالة بن عبيد ، عن النبي صلى الله عليه معاوية بن سعد الت

Page 8: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(2وسلم أنه قال : "العبد آمن من عذاب الله ما استغفر الله ، عز وجل" )__________

( وهذا سياق الحاكم. وأما سياق أحمد في4/261( والمستدرك )3/29( المسند )1)المسند من طريق ابن لهيعة عن دراج به.

(.6/20( المسند )2)

(4/50)

ه وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه وما لهم أال يعذبهم اللقون ولكن أكثرهم ال يعلمون ) ( وما كان صالتهم عند البيت إال مكاء وتصدية34إال المت

( 35فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون )

ه وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه } وما لهم أال يعذبهم اللقون ولكن أكثرهم ال يعلمون ) ( وما كان صالتهم عند البيت إال مكاء وتصدية34إال المت

( {35فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ) يخبر تعالى أنهم أهل ألن يعذبهم ، ولكن لم يوقع ذلك بهم لبركة مقام رسول الله

صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم ؛ ولهذا لما خرج من بين أظهرهم ، أوقع الله بهم بأسه يوم بدر ، فقتل صناديدهم وأسرت سراتهم. وأرشدهم تعالى إلى االستغفار من

الذنوب ، التي هم متلبسون بها من الشرك والفساد.دي وغيرهما : لم يكن القوم يستغفرون ، ولو كانوا يستغفرون لما قال قتادة والس

عذبوا. واختاره ابن جرير ، فلوال ما كان بين أظهرهم من المستضعفين من المؤمنين

المستغفرين ، ألوقع بهم البأس الذي ال يرد ، ولكن دفع عنهم بسبب أولئك ، كما قالذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي تعالى في يوم الحديبية : } هم اله ولوال رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم معكوفا أن يبلغ محل

ذين لوا لعذبنا ال ه في رحمته من يشاء لو تزي ة بغير علم ليدخل الل فتصيبكم منهم معر[.25كفروا منهم عذابا أليما { ]الفتح :

قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن ابنه أبزى قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فأنزل الله : } وما كان الل

ليعذبهم وأنت فيهم { قال : فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فأنزله معذبهم وهم يستغفرون { قال : وكان أولئك البقية من المؤمنين الله : } وما كان الل

( الذين بقوا فيها يستغفرون - يعني بمكة - فلما خرجوا ، أنزل الله : } وما لهم أال1)ه وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه { قال : فأذن الله في يعذبهم الل

فتح مكة ، فهو العذاب الذي وعدهم.وروي عن ابن عباس ، وأبي مالك والضحاك ، وغير واحد نحو هذا.

ه معذبهم وهم يستغفرون { على وقد قيل : إن هذه اآلية ناسخة لقوله : } وما كان اللأن يكون المراد صدور االستغفار منهم أنفسهم.

__________( في د ، ك ، م : "المسلمين".1)

Page 9: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(4/50)

قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، عن الحسين بن واقد ، عنه يزيد النحوي ، عن عكرمة والحسن البصري قاال قال في "األنفال" : } وما كان الل

ه معذبهم وهم يستغفرون { فنسختها اآلية التي تليها : ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الل } وما لهم أال يعذبهم الله { إلى قوله : } فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون { فقوتلوا

بمكة ، فأصابهم فيها الجوع والضر.(2( تميلة يحيى بن واضح )1وكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث أبي )

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا حجاج بن محمد ، عنه معذبهم وهم ابن جريج وعثمان بن عطاء ، عن عطاء ، عن ابن عباس : } وما كان الل

ه وهم3يستغفرون { ثم استثنى أهل الشرك فقال ]تعالى[ ) ( } وما لهم أال يعذبهم الليصدون عن المسجد الحرام {

ه وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه وقوله : } وما لهم أال يعذبهم اللقون ولكن أكثرهم ال يعلمون { أي : وكيف ال يعذبهم الله وهم إن أولياؤه إال المت

يصدون عن المسجد الحرام أي الذي ببكة ، يصدون المؤمنين الذين هم أهله عن الصالة عنده والطواف به ؛ ولهذا قال : } وما كانوا أولياءه { أي : هم ليسوا أهل

المسجد الحرام ، وإنما أهله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، كما قال تعالى :ه شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك } ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الل

ه واليوم ه من آمن بالل ما يعمر مساجد الل ار هم خالدون إن حبطت أعمالهم وفي النه فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين كاة ولم يخش إال الل اآلخر وأقام الصالة وآتى الز

[ ، وقال تعالى : } وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام18 ، 17{ ]التوبة : [..217( اآلية ]البقرة : 4وإخراج أهله منه أكبر عند الله ]والفتنة أكبر من القتل[ { )

وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه اآلية : حدثنا سليمان بن أحمد - هو الطبراني - حدثنا جعفر بن إلياس بن صدقة المصري ، حدثنا نعيم بن حماد ، حدثنا نوح

بن أبي مريم ، عن يحيى بن سعيد األنصاري ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، ( كل تقي" ، وتال5قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من آلك ؟ قال )

قون { ) (6رسول الله صلى الله عليه وسلم : } إن أولياؤه إال المت وقال الحاكم في مستدركه : حدثنا أبو بكر الشافعي ، حدثنا إسحاق بن الحسن ، حدثنا

( عن إسماعيل بن عبيد7أبو حذيفة ، حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ) بن رفاعة ، عن أبيه ، عن جده قال : جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا

( وفينا حليفنا ، وفينا موالنا.8فقال : "هل فيكم من غيركم ؟ " قالوا : فينا ابن أختنا )فقال : "حليفنا منا ، وابن أختنا منا ، وموالنا منا ، إن أوليائي منكم المتقون".

(10( صحيح ، ولم يخرجاه )9ثم قال : هذا ]حديث[ )__________

( في أ : "ابن".1)( في ك : "وضاح".2)( زيادة من أ.3)( زيادة من أ.4)( في أ : "فقال".5)

Page 10: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( "مجمع البحرين" وقال : "لم5002( رواه الطبراني في المعجم األوسط برقم )6) ( : "فيه نوح10/269يروه عن يحيى إال نوح تفرد به نعيم". وقال الهيثمي في المجمع )

بن أبي مريم وهو ضعيف".( في أ : "خيثم".7)( في د ، ك ، م : "أخينا".8)( زيادة من أ.9)(.2/328( المستدرك )10)

(4/51)

دي ، ومحمد بن إسحاق في قوله تعالى : } إن أولياؤه إال وقال عروة ، والسقون { قال : هم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، رضي الله عنهم. المت

وقال مجاهد : هم المجاهدون ، من كانوا ، وحيث كانوا. ثم ذكر تعالى ما كانوا يعتمدونه عند المسجد الحرام ، وما كانوا يعاملونه به ، فقال : }

( بن عمر ، وابن1وما كان صالتهم عند البيت إال مكاء وتصدية { قال عبد الله ) عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وأبو رجاء العطاردي ، ومحمد بن كعب

القرظي ، وحجر بن عنبس ، ونبيط بن شريط ، وقتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بنأسلم : هو الصفير - وزاد مجاهد : وكانوا يدخلون أصابعهم في أفواههم.

وقال السدي : المكاء : الصفير على نحو طير أبيض يقال له : "المكاء" ، ويكون بأرضالحجاز.

والتصدية : التصفيق. قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو خالد سليمان بن خالد ، حدثنا يونس بن محمد المؤدب ، حدثنا يعقوب - يعني ابن عبد الله األشعري - حدثنا جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : } وما كان صالتهم عند البيت إال مكاء وتصدية {

( عراة تصفر وتصفق. والمكاء : الصفير ، وإنما2قال : كانت قريش تطوف بالكعبة )شبهوا بصفير الطير وتصدية التصفيق.

وهكذا روى علي بن أبي طلحة والعوفي ، عن ابن عباس. وكذا روى عن ابن عمر ، ومجاهد ، ومحمد بن كعب ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، والضحاك ، وقتادة ، وعطية

العوفي ، وحجر بن عنبس ، وابن أبزى نحو هذا.ة ، عن عطية ، عن ابن وقال ابن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا أبو عمر ، حدثنا قر

عمر في قوله : } وما كان صالتهم عند البيت إال مكاء وتصدية { قال : المكاء : الصفير. والتصدية : التصفيق. قال قرة : وحكى لنا عطية فعل ابن عمر ، فصفر ابن

عمر ، وأمال خده ، وصفق بيديه. وعن ابن عمر أيضا أنه قال : كانوا يضعون خدودهم على األرض ويصفقون ويصفرون.

رواه ابن أبي حاتم في تفسيره بسنده عنه.وقال عكرمة : كانوا يطوفون بالبيت على الشمال.

قال مجاهد : وإنما كانوا يصنعون ذلك ليخلطوا بذلك على النبي صلى الله عليه وسلمصالته.

وقال الزهري : يستهزئون بالمؤمنين.

Page 11: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وعن سعيد بن جبير وعبد الرحمن بن زيد : } وتصدية { قال : صدهم الناس عن سبيلالله ، عز وجل.

__________( في أ : "عبد الرزاق".1)( في ك : "البيت".2)

(4/52)

ذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم إن الم يحشرون ) ذين كفروا إلى جهن ب36حسرة ثم يغلبون وال ه الخبيث من الطي ( ليميز الل

م أولئك هم الخاسرون ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهن(37 )

قوله : } فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون { قال الضحاك ، وابن جريج ، ومحمد بنبي. واختاره ابن جرير ، ولم يحك غيره. إسحاق : هو ما أصابهم يوم بدر من القتل والس وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح

، عن مجاهد قال : عذاب أهل اإلقرار بالسيف ، وعذاب أهل التكذيب بالصيحةوالزلزلة.

ذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم } إن الم يحشرون ) ذين كفروا إلى جهن ب36حسرة ثم يغلبون وال ه الخبيث من الطي ( ليميز الل

م أولئك هم الخاسرون ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهن(37} )

ان ، وعاصم بن عمر قال محمد بن إسحاق : حدثني الزهري ، ومحمد بن يحيى بن حب بن قتادة ، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعيد بن معاذ ، قالوا : لما أصيبت

هم إلى مكة ، ورجع أبو سفيان بعيره ، مشى عبد الله بن أبي قريش يوم بدر ، ورجع فل ربيعة ، وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية ، في رجال من قريش أصيب آباؤهم ،

( العير1وأبناؤهم وإخوانهم ببدر ، فكلموا أبا سفيان بن حرب ومن كانت له في تلك ) من قريش تجارة ، فقالوا : يا معشر قريش ، إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم ،

فأعينونا بهذا المال على حربه ، لعلنا أن ندرك منه ثأرا بمن أصيب منا! ففعلوا. قال :ذين كفروا ينفقون ففيهم - كما ذكر عن ابن عباس - أنزل الله ، عز وجل : } إن ال

م يحشرون2أموالهم ]ليصدوا عن سبيل الله[ { ) ذين كفروا إلى جهن ( إلى قوله : } وال( }3)

دي ، وابن وهكذا روي عن مجاهد ، وسعيد بن جبير ، والحكم بن عتيبة ، وقتادة ، والس ( في أبي سفيان ونفقته األموال في أحد لقتال رسول الله صلى4أبزى : أنها نزلت )

الله عليه وسلم.وقال الضحاك : نزلت في أهل بدر.

وعلى كل تقدير ، فهي عامة. وإن كان سبب نزولها خاصا ، فقد أخبر تعالى أن الكفار ينفقون أموالهم ليصدوا عن اتباع طريق الحق ، فسيفعلون ذلك ، ثم تذهب أموالهم ،

} ثم تكون عليهم حسرة { أي : ندامة ؛ حيث لم تجد شيئا ؛ ألنهم أرادوا إطفاء نور

Page 12: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

الله وظهور كلمتهم على كلمة الحق ، والله متم نوره ولو كره الكافرون ، وناصر دينه ، ومعلن كلمته ، ومظهر دينه على كل دين. فهذا الخزي لهم في الدنيا ، ولهم في اآلخرة

عذاب النار ، فمن عاش منهم ، رأى بعينه وسمع بأذنه ما يسوءه ، ومن قتل منهم أورمدي ؛ ولهذا قال : } فسينفقونها ثم تكون مات ، فإلى الخزي األبدي والعذاب الس

م يحشرون { ذين كفروا إلى جهن عليهم حسرة ثم يغلبون وال__________

( في م ، أ : "ذلك".1)( زيادة من م.2)(.13/532( ورواه الطبري في تفسيره )3)( في م : "أنزلت".4)

(4/53)

ة األولين ) ذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سن قل لله بما يعملون38 ه فإن انتهوا فإن الل ه لل ى ال تكون فتنة ويكون الدين كل ( وقاتلوهم حت

صير )39بصير ) ه موالكم نعم المولى ونعم الن وا فاعلموا أن الل ( 40( وإن تول

ب { قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن ه الخبيث من الطي وقوله تعالى : } ليميز اللب { فيميز أهل السعادة من أهل ه الخبيث من الطي عباس في قوله : } ليميز الل

دي : يميز المؤمن من الكافر. وهذا يحتمل أن يكون هذا التمييز1الشقاء ) ( وقال السلنا ذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزي في اآلخرة ، كما قال تعالى : } ثم نقول لل

قون { ]الروم :28بينهم { ]يونس : اعة يومئذ يتفر [ ، وقال تعالى } ويوم تقوم الس [ ، وقال تعالى :43[ ، وقال في اآلية األخرى : } يومئذ يصدعون { ]الروم14

ها المجرمون { ]يس : [.59} وامتازوا اليوم أي ويحتمل أن يكون هذا التمييز في الدنيا ، بما يظهر من أعمالهم للمؤمنين ، وتكون

"الالم" معللة لما جعل الله للكفار من مال ينفقون في الصد عن سبيل الله ، أي : إنماب { أي : من يطيعه بقتال أعدائه ه الخبيث من الطي أقدرناهم على ذلك ؛ } ليميز الل

الكافرين ، أو يعصيه بالنكول عن ذلك كما قال تعالى : } وما أصابكم يوم التقىذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في ه وليعلم المؤمنين وليعلم ال الجمعان فبإذن الل

بعناكم { اآلية ]آل عمران : ه أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتاال الت [ ،167 ، 166سبيل اللى يميز الخبيث من ه ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حت وقال تعالى : } ما كان الل

ه ليطلعكم على الغيب { اآلية ]آل عمران : ب وما كان الل [ ، وقال تعالى : }179الطيذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين { ]آل ه ال ة ولما يعلم الل أم حسبتم أن تدخلوا الجن

[ونظيرتها في براءة أيضا.142عمران : فمعنى اآلية على هذا : إنما ابتليناكم بالكفار يقاتلونكم ، وأقدرناهم على إنفاق األموال

( الخبيث من الطيب ، فيجعل الخبيث بعضه على بعض ،2وبذلها في ذلك ؛ ليتميز ) } فيركمه { أي : يجمعه كله ، وهو جمع الشيء بعضه على بعض ، كما قال تعالى في

م43السحاب : } ثم يجعله ركاما { ]النور : [أي : متراكما متراكبا ، } فيجعله في جهنأولئك هم الخاسرون { أي : هؤالء هم الخاسرون في الدنيا واآلخرة.

Page 13: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ة األولين ذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سن } قل لله بما يعملون38) ه فإن انتهوا فإن الل ه لل ى ال تكون فتنة ويكون الدين كل ( وقاتلوهم حت

صير )39بصير ) ه موالكم نعم المولى ونعم الن وا فاعلموا أن الل ( {40( وإن تولذين كفروا إن ينتهوا { أي : عما هم يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : } قل لل

فيه من الكفر والمشاقة والعناد ويدخلوا في اإلسالم والطاعة واإلنابة ، يغفر لهم ما قد سلف ، أي : من كفرهم ، وذنوبهم وخطاياهم ، كما جاء في الصحيح ، من حديث أبي

وائل عن ابن مسعود ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من أحسن في اإلسالم ، لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ، ومن أساء في اإلسالم ، أخذ باألول واآلخر"

(3)__________

( في أ : "الشقاوة"1)( في د ، م : "ليميز الله".2)(.120( وصحيح مسلم برقم )6921( صحيح البخاري برقم )3)

(4/54)

وفي الصحيح أيضا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اإلسالم يجب ما قبله( والتوبة تجب ما كان قبلها".1)

ة األولين { وقوله : } وإن يعودوا { أي : يستمروا على ما هم فيه ، } فقد مضت سن أي : فقد مضت سنتنا في األولين أنهم إذا كذبوا واستمروا على عنادهم ، أنا نعاجلهم

بالعذاب والعقوبة.ة األولين { أي : في قريش يوم بدر وغيرها من األمم. وقال وقوله : } فقد مضت سن

السدي ومحمد بن إسحاق : أي : يوم بدر.ه { قال البخاري : حدثنا ه لل ى ال تكون فتنة ويكون الدين كل وقوله : } وقاتلوهم حت

الحسن بن عبد العزيز ، حدثنا عبد الله بن يحيى ، حدثنا حيوة بن شريح ، عن بكر بن عمرو ، عن بكير ، عن نافع ، عن ابن عمر ؛ أن رجال جاءه فقال : يا أبا عبد الرحمن ،

أال تسمع ما ذكر الله في كتابه : } وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا { اآلية ]الحجراتر بهذه9: [ ، فما يمنعك أال تقاتل كما ذكر الله في كتابه ؟ فقال : يا ابن أخي ، أعي

ر باآلية التي يقول الله ، عز وجل : : } ومن يقتل اآلية وال أقاتل ، أحب إلي من أن أعي [ ، قال : فإن الله تعالى يقول :93( اآلية ]النساء : 2مؤمنا متعمدا { إلى آخر )

ى ال تكون فتنة { ؟ قال ابن عمر : قد فعلنا على عهد النبي صلى الله } وقاتلوهم حت عليه وسلم إذ كان اإلسالم قليال وكان الرجل يفتن في دينه : إما أن يقتلوه ، وإما أن

يوثقوه ، حتى كثر اإلسالم فلم تكن فتنة ، فلما رأى أنه ال يوافقه فيما يريد ، قال : فما قولك في علي وعثمان ؟ قال ابن عمر : ما قولي في علي وعثمان ؟ أما عثمان فكان الله قد عفا عنه ، وكرهتم أن يعفو عنه ، وأما علي فابن عم رسول الله صلى الله عليه

وسلم وختنه - وأشار بيده - وهذه ابنته أو : بنته - حيث ترون. وحدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا زهير ، حدثنا بيان أن وبرة حدثه قال : حدثني سعيد بن

جبير قال : خرج علينا - أو : إلينا - ابن عمر ، رضي الله عنهما ، فقال رجل : كيف ترى في قتال الفتنة ؟ فقال : وهل تدري ما الفتنة ؟ كان محمد صلى الله عليه وسلم يقاتل

Page 14: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

المشركين ، وكان الدخول عليهم فتنة ، وليس بقتالكم على الملك.(3هذا كله سياق البخاري ، رحمه الله )

وقال عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ؛ أنه أتاه رجالن في فتنة ابن الزبير فقاال إن الناس قد صنعوا ما ترى ، وأنت ابن عمر بن الخطاب ، وأنت صاحب رسول الله صلى

الله عليه وسلم ، فما يمنعك أن تخرج ؟ قال : يمنعني أن الله حرم علي دم أخيه { ه لل ى ال تكون فتنة ويكون الدين كل المسلم. قالوا : أو لم يقل الله : } وقاتلوهم حت

؟__________

( في ك ، م : "ما كان قبله".1)( في ك ، م : "آخرها".2)(.4651 ، 4650( صحيح البخاري برقم )3)

(4/55)

قال : قد قاتلنا حتى لم تكن فتنة ، وكان الدين كله لله ، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتىتكون فتنة ، ويكون الدين لغير الله.

اد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أيوب بن عبد الله اللخمي قال : وكذا رواه حم ( رضي الله عنهما ، فأتاه رجل فقال : إن الله يقول :1كنت عند عبد الله بن عمر )

ه { فقال ) ه لل ى ال تكون فتنة ويكون الدين كل ( ابن عمر : قاتلت أنا2} وقاتلوهم حت وأصحابي حتى كان الدين كله لله ، وذهب الشرك ولم تكن فتنة ، ولكنك وأصحابك

تقاتلون حتى تكون فتنة ، ويكون الدين لغير الله. رواهما ابن مردويه.يمي ، عن أبيه قال : قال ذو البطين - وقال أبو عوانة ، عن األعمش ، عن إبراهيم الت

يعني أسامة بن زيد - ال أقاتل رجال يقول : ال إله إال الله أبدا. قال : فقال سعد بن مالك : وأنا والله ال أقاتل رجال يقول : ال إله إال الله أبدا. فقال رجل : ألم يقل الله :

ه { ؟ فقاال قد قاتلنا حتى لم تكن ه لل ى ال تكون فتنة ويكون الدين كل } وقاتلوهم حتفتنة ، وكان الدين كله لله. رواه ابن مردويه.

ى ال تكون فتنة { يعني : ]حتى[ ) ( ال3وقال الضحاك ، عن ابن عباس : } وقاتلوهم حت يكون شرك ، وكذا قال أبو العالية ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، والربيع عن أنس ،

ان ، وزيد بن أسلم. والسدي ، ومقاتل بن حي وقال محمد بن إسحاق : بلغني عن الزهري ، عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا :

ى ال تكون فتنة { حتى ال يفتن مسلم عن دينه. } حته { قال الضحاك ، عن ابن عباس في هذه اآلية ، قال : ه لل وقوله : } ويكون الدين كل

يخلص التوحيد لله.ه { أن يقال : ال إله إال الله. ه لل وقال الحسن وقتادة ، وابن جريج : } ويكون الدين كل وقال محمد بن إسحاق : ويكون التوحيد خالصا لله ، ليس فيه شرك ، ويخلع ما دونه

ه { ال يكون مع ه لل من األنداد. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : } ويكون الدين كلدينكم كفر. ( ما ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :4ويشهد له )

"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : ال إله إال الله ، فإذا قالوها ، عصموا مني دماءهم

Page 15: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( وفي الصحيحين عن أبي5وأموالهم إال بحقها ، وحسابهم على الله ، عز وجل" ) موسى األشعري قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل

ة ، ويقاتل رياء ، أي ذلك في سبيل الله ، عز وجل ؟ فقال : "من شجاعة ويقاتل حميقاتل لتكون

__________( في أ : "عمرو".1)( في أ : "قال".2)( زيادة من م.3)( في أ : "لهذا"4) ( من حديث22( ومسلم في صحيحه برقم )25( رواه البخاري في صحيحه برقم )5)

عبد الله بن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنهما.

(4/56)

(1كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله ، عز وجل" ) ( وإن لم2وقوله : } فإن انتهوا { أي : بقتالكم عما هم فيه من الكفر ، فكفوا عنه )

( كما قال تعالى : } فإن تابوا4( بواطنهم ، } فإن الله بما يعملون بصير { )3تعلموا )ه غفور رحيم { ]التوبة : وا سبيلهم إن الل كاة فخل [ ، وفي5وأقاموا الصالة وآتوا الز

[.11اآلية األخرى : } فإخوانكم في الدين { ]التوبة : ى ال تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فال عدوان إال على وقال : } وقاتلوهم حت

[.وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال193الظالمين { ]البقرة : ألسامة - لما عال ذلك الرجل بالسيف ، فقال : "ال إله إال الله" ، فضربه فقتله ، فذكر ذلك لرسول الله - فقال ألسامة : "أقتلته بعد ما قال : ال إله إال الله ؟ وكيف تصنع بال

إله إال الله يوم القيامة ؟" قال : يا رسول الله ، إنما قالها تعوذا. قال : "هال شققت عن قلبه ؟" ، وجعل يقول ويكرر عليه : "من لك بال إله إال الله يوم القيامة ؟" قال أسامة :

(6( )5حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت إال ذلك اليوم )صير { أي : وإن ه موالكم نعم المولى ونعم الن وا فاعلموا أن الل وقوله : } وإن تول

ه موالكم { سيدكم وناصركم على استمروا على خالفكم ومحاربتكم ، } فاعلموا أن اللأعدائكم ، فنعم المولى ونعم النصير.

وقال محمد بن جرير : حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد ، حدثنا أبي ، حدثنا أبان العطار ، حدثنا هشام بن عروة ، عن عروة : أن عبد الملك بن مروان كتب إليه يسأله عن أشياء ، فكتب إليه عروة : "سالم عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي ال إله إال هو.

أما بعد ، فإنك كتبت إلي تسألني عن مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من ( به ، وال حول وال قوة إال بالله. كان من شأن مخرج رسول الله7مكة ، وسأخبرك )

بي ، ونعم السيد ، صلى الله عليه وسلم من مكة ، أن الله أعطاه النبوة ، فنعم الن ونعم العشيرة ، فجزاه الله خيرا ، وعرفنا وجهه في الجنة ، وأحيانا على ملته ، وأماتنا

عليها ، وبعثنا عليه وإنه لما دعا قومه لما بعثه الله له من الهدى والنور الذي أنزل عليه ، لم يبعدوا منه أول ما دعاهم إليه ، وكادوا يسمعون منه ، حتى ذكر طواغيتهم ، وقدم ناس من الطائف من قريش ، لهم أموال ، أنكر ذلك عليه الناس واشتدوا عليه وكرهوا

Page 16: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ما قال ، وأغروا به من أطاعهم ، فانصفق عنه عامة الناس ، فتركوه إال من حفظه الله منهم ، وهم قليل. فمكث بذلك ما قدر الله أن يمكث ، ثم ائتمرت رؤوسهم بأن يفتنوا من اتبعه عن دين الله من أبنائهم وإخوانهم ، وقبائلهم ، فكانت فتنة شديدة الزلزال ،

فافتتن من افتتن ، وعصم الله من شاء منهم ، فلما فعل ذلك بالمسلمين ، أمرهمرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى أرض الحبشة. وكان

__________(.1904( وصحيح مسلم برقم )2810( صحيح البخاري برقم )1)( في ك ، م : "عنهم".2)( في ك ، م : "إن كنتم ال تعلمون".3)( في ك ، م : "تعملون".4)( في ك ، م : "يومئذ".5)(.96( وصحيح مسلم برقم )4269( صحيح البخاري برقم )6)( في م : "وسأحدثك".7)

(4/57)

بالحبشة ملك صالح يقال له : "النجاشي" ، ال يظلم أحد بأرضه ، وكان يثنى عليه مع ذلك ، وكانت أرض الحبشة متجرا لقريش ، يتجرون فيها ، وكانت مسكنا لتجارهم ، يجدون فيها رفاغا من الرزق وأمنا ومتجرا حسنا ، فأمرهم بها النبي صلى الله عليه

( عليهم الفتن. ومكث هو فلم1وسلم ، فذهب إليها عامتهم لما قهروا بمكة ، وخاف ) يبرح. فمكث بذلك سنوات يشتدون على من أسلم منهم. ثم إنه فشا اإلسالم فيها ،

ودخل فيه رجال من أشرافهم ومنعتهم. فلما رأوا ذلك. استرخوا استرخاءة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ، وكانت الفتنة األولى هي أخرجت من خرج

من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أرض الحبشة مخافتها ، وفرارا مما كانوا فيه من الفتن والزلزال ، فلما استرخى عنهم ودخل في اإلسالم من دخل منهم ،

تحدث باسترخائهم عنهم ، فبلغ ذلك من كان بأرض الحبشة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه : قد استرخي عمن كان منهم بمكة ، وأنهم ال يفتنون ،

فرجعوا إلى مكة ، وكادوا يأمنون بها ، وجعلوا يزدادون ويكثرون. وأنه أسلم من األنصار بالمدينة ناس كثير ، وفشا بالمدينة اإلسالم ، وطفق أهل المدينة يأتون رسول الله

صلى الله عليه وسلم بمكة ، فلما رأت قريش ذلك ، تآمرت على أن يفتنوهم (2ويشتدوا ، فأخذوهم ، فحرصوا على أن يفتنوهم ، فأصابهم جهد شديد ، فكانت )

الفتنة األخيرة ، فكانت فتنتان : فتنة أخرجت من خرج منهم إلى أرض الحبشة ، حين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بها ، وأذن لهم في الخروج إليها - وفتنة لما رجعوا

ورأوا من يأتيهم من أهل المدينة. ثم إنه جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة سبعون نقيبا ، رؤوس الذين أسلموا ، فوافوه بالحج ، فبايعوه بالعقبة ، وأعطوه

(4( من جاء من أصحابك أو جئتنا ، فإنا )3عهودهم على أنا منك وأنت منا ، وعلى أن ) نمنعك مما نمنع منه أنفسنا ، فاشتدت عليهم قريش عند ذلك ، فأمر صلى الله عليه

وسلم أصحابه أن يخرجوا إلى المدينة ، وهي الفتنة اآلخرة التي أخرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ، وخرج هو ، وهي التي أنزل الله ، عز وجل ، فيها :

Page 17: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه { ) ه لل ى ال تكون فتنة ويكون الدين كل (5} وقاتلوهم حتناد ، ثم رواه عن يونس بن عبد األعلى ، عن ابن وهب ، عن عبد الرحمن بن أبي الز

عن أبيه ، عن عروة بن الزبير : أنه كتب إلى الوليد - يعني ابن عبد الملك بن مروان -( وهذا صحيح إلى عروة ، رحمه الله.6بهذا ، فذكر مثله )

__________( في أ : "وخافوا".1)( في م ، أ : "وكانت".2)( في ك ، م : "أنه".3)( في أ : "فإنما".4)(.13/539( تفسير الطبري )5)(.13/542( تفسير الطبري )6)

(4/58)

سول ولذي القربى واليتامى ه خمسه وللر ما غنمتم من شيء فأن لل واعلموا أنبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم والمساكين وابن الس

ه على كل شيء قدير ) ( 41التقى الجمعان والل

سول ولذي القربى واليتامى ه خمسه وللر ما غنمتم من شيء فأن لل } واعلموا أنبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم والمساكين وابن الس

ه على كل شيء قدير ) ( {41التقى الجمعان والل يبين تعالى تفصيل ما شرعه مخصصا لهذه األمة الشريفة ، من بين سائر األمم

المتقدمة ، من إحالل المغانم. و"الغنيمة" : هي المال المأخوذ من الكفار بإيجاف الخيل والركاب. و"الفيء" : ما أخذ منهم بغير ذلك ، كاألموال التي يصالحون عليها ، أو

يتوفون عنها وال وارث لهم ، والجزية والخراج ونحو ذلك. هذا مذهب اإلمام الشافعي( والخلف.1في طائفة من علماء السلف )

( عليه الغنيمة ، والغنيمة على الفيء2ومن العلماء من يطلق الفيء على ما تطلق )ه على أيضا ؛ ولهذا ذهب قتادة إلى أن هذه اآلية ناسخة آلية "الحشر" : } ما أفاء الل

سول ولذي القربى واليتامى والمساكين { اآلية ه وللر رسوله من أهل القرى فلل (3[ ، قال : فنسخت آية "األنفال" تلك ، وجعلت الغنائم : أربعة أخماسها )7]الحشر :

للمجاهدين ، وخمسا منها لهؤالء المذكورين. وهذا الذي قاله بعيد ؛ ألن هذه اآلية نزلتضير ، وال خالف بين علماء السير والمغازي بعد وقعة بدر ، وتلك نزلت في بني الن

قاطبة أن بني النضير بعد بدر ، هذا أمر ال يشك فيه وال يرتاب ، فمن يفرق بين معنى الفيء والغنيمة يقول : تلك نزلت في أموال الفيء وهذه في المغانم. ومن يجعل أمر

( إلى رأي اإلمام يقول : ال منافاة بين آية الحشر وبين4المغانم والفيء راجعا )التخميس إذا رآه اإلمام ، والله أعلم.

ه خمسه { توكيد لتخميس5وقوله ) ما غنمتم من شيء فأن لل ( تعالى : } واعلموا أن ( والمخيط ، قال الله تعالى : } ومن يغلل يأت بما غل6كل قليل وكثير حتى الخيط )

[.161يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم ال يظلمون { ]آل عمران :

Page 18: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

سول { اختلف المفسرون هاهنا ، فقال بعضهم : لله ه خمسه وللر وقوله : } فأن للنصيب من الخمس يجعل في الكعبة.

ياحي قال : كان رسول الله قال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع ، عن أبي العالية الر صلى الله عليه وسلم يؤتى بالغنيمة فيقسمها على خمسة ، تكون أربعة أخماس لمن

شهدها ، ثم يأخذ الخمس فيضرب بيده فيه ، فيأخذ منه الذي قبض كفه ، فيجعله ( وهو سهم الله. ثم يقسم ما بقي على خمسة أسهم ، فيكون سهم للرسول7للكعبة )

(8، وسهم لذوي القربى ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم البن السبيل )( لرسوله عليه السالم )9وقال آخرون : ذكر الله هاهنا استفتاح كالم للتبرك ، وسهم )

10)__________

( في أ : "علماء من السلف".1)( في م : "ما يطلق".2)( في د : "األربعة األخماس" ، وفي ك : "أربعة أخماس".3)( في ك : "راجع".4)( في ك : "ويقول" ، وفي م : "فقوله".5)( في ك ، م : "الخياط".6)( في د : "في الكعبة".7)(.13/550( رواه الطبري في تفسيره )8)( في م : "وسهمه".9)( في أ : "صلى الله عليه وسلم".10)

(4/59)

قال الضحاك ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليهة فغنموا ، خمس الغنيمة ، فضرب ذلك الخمس في خمسة. ثم قرأ وسلم إذا بعث سري

سول { ]قال : وقوله[ ) ه خمسه وللر ما غنمتم من شيء فأن لل (1: } واعلموا أنه خمسه { مفتاح كالم ، لله ما في السموات وما في األرض ، فجعل سهم } فأن لل

الله وسهم الرسول واحدا.خعي ، والحسن بن محمد ابن الحنفية. والحسن البصري ، وهكذا قال إبراهيم الن

( وقتادة ، ومغيرة ، وغير2والشعبي ، وعطاء بن أبي رباح ، وعبد الله بن بريدة )واحد : أن سهم الله ورسوله واحد.

ويؤيد هذا ما رواه اإلمام الحافظ أبو بكر البيهقي بإسناد صحيح ، عن عبد الله بن شقيق ، عن رجل من بلقين قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بوادي

القرى ، وهو يعرض فرسا ، فقلت : يا رسول الله ، ما تقول في الغنيمة ؟ فقال : "لله خمسها ، وأربعة أخماس للجيش". قلت : فما أحد أولى به من أحد ؟ قال : " ال وال

(3السهم تستخرجه من جنبك ، ليس أنت أحق به من أخيك المسلم" ) وقال ابن جرير : حدثنا عمران بن موسى ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا أبان ، عن الحسن

( من ماله ، وقال : أال أرضى من مالي بما رضي الله4قال : أوصى أبو بكر بالخمس )(5لنفسه )

Page 19: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ثم اختلف قائلو هذا القول ، فروى علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : كانت ( على خمسة أخماس ، فأربعة منها بين من قاتل عليها ، وخمس6الغنيمة تقسم )

( فربع لله وللرسول ولذي القربى - يعني : قرابة النبي صلى7واحد يقسم على أربعة ) الله عليه وسلم. فما كان لله وللرسول فهو لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

ولم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس شيئا ، ]والربع الثاني لليتامى ،(8والربع الثالث للمساكين ، والربع الرابع البن السبيل[. )

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو معمر المنقري ، حدثنا عبد الوارث بن سعيدما غنمتم من ، عن حسين المعلم ، عن عبد الله بن بريدة في قوله : } واعلموا أن

سول { قال : الذي لله فلنبيه ، والذي للرسول ألزواجه. ه خمسه وللر شيء فأن للوقال عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء بن أبي رباح قال : خمس الله والرسول )

( واحد ، يحمل منه ويصنع فيه ما شاء - يعني : النبي صلى الله عليه وسلم.9__________

( زيادة من تفسير الطبري.1)( في ك ، م ، أ : "عبد الله بن أبي بريدة".2)(.6/324( السنن الكبرى )3)( في جميع النسخ : "أوصى الحسن بالخمس" والمثبت من الطبري.4)(.13/550( تفسير الطبري )5)( في د : "تخمس".6)( في د ، ك ، م ، أ : "أربعة أخماس".7)( ما بين المعقوفين عن تفسير الطبري.8)( في د : "خمس الله وخمس الرسول".9)

(4/60)

( يتصرف في2( صلى الله عليه وسلم )1وهذا أعم وأشمل ، وهو أن الرسول ) الخمس الذي جعله الله له بما شاء ، ويرده في أمته كيف شاء - ويشهد لهذا ما رواه

اإلمام أحمد حيث قال : حدثنا إسحاق بن عيسى ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم ، عن أبي سالم األعرج ، عن المقدام بن معد يكرب الكندي : أنه جلس مع عبادة بن الصامت ، وأبي الدرداء ، والحارث بن معاوية الكندي ، رضي الله عنهم ، فتذاكروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو الدرداء لعبادة : يا عبادة ، كلمات

رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة كذا وكذا في شأن األخماس ؟ فقال عبادة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم في غزوة إلى بعير من المغنم ،

( رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناول وبرة بين أنملتيه فقال :3فلما سلم قام ) "إن هذه من غنائمكم ، وإنه ليس لي فيها إال نصيبي معكم إال الخمس ، والخمس

( من ذلك وأصغر ، وال تغلوا ، فإن4مردود عليكم ، فأدوا الخيط والمخيط ، وأكبر ) ( القريب5الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا واآلخرة ، وجاهدوا الناس في الله )

والبعيد ، وال تبالوا في الله لومة الئم ، وأقيموا حدود الله في الحضر والسفر ، وجاهدوا ( ينجي به الله من7( الله ، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة ]عظيم[ )6في ]سبيل[ )

Page 20: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(8الهم والغم" ) هذا حديث حسن عظيم ، ولم أره في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه. ولكن

روى اإلمام أحمد أيضا ، وأبو داود ، والنسائي ، من حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، ( رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه في9عن جده عن عبد الله بن عمرو ، عن )

(10قصة الخمس والنهي عن الغلول ) وعن عمرو بن عبسة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم إلى بعير من

( من ذلك البعير ثم قال : "وال يحل لي من غنائمكم11المغنم ، فلما سلم أخذ وبرة )(12مثل هذه ، إال الخمس ، والخمس مردود فيكم". رواه أبو داود والنسائي )

( شيء يصطفيه لنفسه عبدا أو13وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم من المغانم ) أمة أو فرسا أو سيفا أو نحو ذلك ، كما نص على ذلك محمد بن سيرين وعامر الشعبي

، وتبعهما على ذلك أكثر العلماء. وروى اإلمام أحمد ، والترمذي - وحسنه - عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله

(14عليه وسلم تنفل سيفه ذا )__________

( في د : "وهو أنه".1)( في أ : "صلوات الله وسالمه عليه".2)( في أ : "قال".3)( في أ : "وأكثر".4)( في م : "في سبيل الله".5)( زيادة من ك ، م ، أ ، ومسند أحمد.6)( زيادة من ك ، م ، أ ، ومسند أحمد.7)(.5/316( المسند )8)( في أ : "أن".9)(.2694( وسنن أبي داود برقم )2/184( المسند )10)( في د : "أخذ منه وبرة".11)(.2755( سنن أبي داود برقم )12)( في د ، ك ، م : "الغنيمة".13)( في أ : "ذو".14)

(4/61)

(1الفقار يوم بدر ، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد ) وعن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : كانت صفية من الصفي. رواه أبو داود في سننه

(2) وروى أيضا بإسناده ، والنسائي أيضا عن يزيد بن عبد الله قال : كنا بالمربد إذ دخل رجل معه قطعة أديم ، فقرأناها فإذا فيها : "من محمد رسول الله إلى بني زهير بن أقيش ، إنكم إن شهدتم أن ال إله إال الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأقمتم الصالة ، وآتيتم الزكاة ، وأديتم الخمس من المغنم ، وسهم النبي وسهم الصفي ، أنتم آمنون

بأمان الله ورسوله". فقلنا : من كتب لك هذا ؟ فقال : رسول الله صلى الله عليه

Page 21: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(3وسلم ) فهذه أحاديث جيدة تدل على تقرر هذا وثبوته ؛ ولهذا جعل ذلك كثيرون من الخصائص

له صلوات الله وسالمه عليه. وقال آخرون : إن الخمس يتصرف فيه اإلمام بالمصلحة للمسلمين ، كما يتصرف في

مال الفيء. وقال شيخنا اإلمام العالمة ابن تيمية ، رحمه الله : وهذا قول مالك وأكثر السلف ، وهو

أصح األقوال. ( من الخمس4فإذا ثبت هذا وعلم ، فقد اختلف أيضا في الذي كان يناله عليه السالم )

، ماذا يصنع به من بعده ؟ فقال قائلون : يكون لمن يلي األمر من بعده. روى هذا عن(5أبي بكر وعلي وقتادة جماعة ، وجاء فيه حديث مرفوع )

وقال آخرون : يصرف في مصالح المسلمين. وقال آخرون : بل هو مردود على بقية األصناف : ذوي القربى ، واليتامى ،

والمساكين ، وابن السبيل ، اختاره ابن جرير. وقال آخرون : بل سهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم ذوي القربى مردودان على

اليتامى والمساكين وابن السبيل.قال ابن جرير : وذلك قول جماعة من أهل العراق.

وقيل : إن الخمس جميعه لذوي القربى كما رواه ابن جرير.__________

(.1561( وسنن الترمذي برقم )1/271( المسند )1)(.2994( سنن أبي داود برقم )2)(.2994( سنن أبي داود برقم )3)( في أ : "صلى الله عليه وسلم".4) ( من طريق الوليد بن جميع عن أبي6/303( رواه البيهقي في السنن الكبرى )5)

الطفيل : لما سألت فاطمة أبا بكر عن الخمس فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا أطعم الله نبيا طعمة ثم قبضه كانت للذي يلي بعده" فلما

وليت رأيت أن أرده على المسلمين.

(4/62)

حدثنا الحارث ، حدثنا عبد العزيز ، حدثنا عبد الغفار ، حدثنا المنهال بن عمرو ، وسألت عبد الله بن محمد بن علي ، وعلي بن الحسين ، عن الخمس فقاال هو لنا. فقلت

بيل { فقاال يتامانا ومساكيننا. لعلي : فإن الله يقول : } واليتامى والمساكين وابن الس وقال سفيان الثوري ، وأبو نعيم ، وأبو أسامة ، عن قيس بن مسلم : سألت الحسن بن

ما غنمتم1محمد ابن الحنفية ، رحمه الله تعالى ، عن قول الله ) ( تعالى : } واعلموا أنسول { قال ) ه خمسه وللر ( الدنيا3( هذا مفتاح كالم ، لله )2من شيء فأن لل

واآلخرة. ثم اختلف الناس في هذين السهمين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال قائلون : سهم النبي صلى الله عليه وسلم تسليما للخليفة من بعده.

وقال قائلون : لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم. وقال قائلون : سهم القرابة لقرابة ( على أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل والعدة في4الخليفة. فاجتمع قولهم )

Page 22: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(5سبيل الله ، فكانا على ذلك في خالفة أبي بكر وعمر ، رضي الله عنهما ) ( كان أبو بكر وعمر يجعالن سهم النبي صلى الله7( األعمش ، عن إبراهيم )6قال )

عليه وسلم في الكراع والسالح ، فقلت إلبراهيم : ما كان علي يقول فيه ؟ قال : كان( أشدهم فيه.8]علي[ )

وهذا قول طائفة كثيرة من العلماء ، رحمهم الله. وأما سهم ذوي القربى فإنه يصرف إلى بني هاشم وبني المطلب ؛ ألن بني المطلب

( ودخلوا معهم في الشعب غضبا9وازروا بني هاشم في الجاهلية ]وفي أول اإلسالم[ ) لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحماية له : مسلمهم طاعة لله ولرسوله ، وكافرهم

ة للعشيرة وأنفة وطاعة ألبي طالب عم رسول الله. وأما بنو عبد شمس وبنو حمي نوفل - وإن كانوا أبناء عمهم - فلم يوافقوهم على ذلك ، بل حاربوهم ونابذوهم ،

ومالئوا بطون قريش على حرب الرسول ؛ ولهذا كان ذم أبي طالب لهم في قصيدته ( جزى الله10الالمية أشد من غيرهم ، لشدة قربهم. ولهذا يقول في أثناء قصيدته )

ا عبد شمس ونوفالعقوبة شر عاجل غير آجل عنبميزان قسط ال يخيس شعيرةله شاهد من نفسه غير عائل

لقد سفهت أحالم قوم تبدلوابني خلف قيضا بنا والغياطل(11ونحن الصميم من ذؤابة هاشموآل قصى في الخطوب األوائل )

__________( في د : "عن قوله".1)( في د : "فقال".2)( في ك : "كالم الله".3)( في ك ، م : "رأيهم".4)( في ك : "رضي الله عنهما وأرضاهما".5)( في م : "وقال".6)( في م : "إبراهيم قال".7)( زيادة من الطبري.8)( زيادة من د ، ك ، م.9)( في ك : "قصيدته الالمية".10)(.1/277( األبيات في السيرة النبوية البن هشام )11)

(4/63)

( مشيت أنا وعثمان بن عفان - يعني ابن1وقال جبير بن مطعم بن عدي ]بن نوفل[ ) أبي العاص بن أمية بن عبد شمس - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلنا : يا

رسول الله ، أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ، ونحن وهم منك بمنزلةواحدة ، فقال : "إنما بنو هاشم وبنو عبد المطلب شيء واحد".

( وفي بعض روايات هذا الحديث : "إنهم لم يفارقونا في جاهلية وال2رواه مسلم )(3إسالم" )

وهذا قول جمهور العلماء أنهم بنو هاشم وبنو المطلب. قال ابن جرير : وقال آخرون : هم بنو هاشم. ثم روى عن خصيف ، عن مجاهد قال :

Page 23: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

علم الله أن في بني هاشم فقراء ، فجعل لهم الخمس مكان الصدقة. وفي رواية عنه قال : هم قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين ال تحل لهم

الصدقة.ثم روى عن علي بن الحسين نحو ذلك.

قال ابن جرير : وقال آخرون : بل هم قريش كلها. حدثني يونس بن عبد األعلى ، حدثني عبد الله بن نافع ، عن أبي معشر ، عن سعيد

المقبري قال : كتب نجدة إلى عبد الله بن عباس يسأله عن "ذي القربى" ، فكتب إليهابن عباس : كنا نقول : إنا هم فأبى ذلك علينا قومنا ، وقالوا : قريش كلها ذوو قربى )

4( )5) وهذا الحديث في صحيح مسلم ، وأبي داود ، والترمذي ، والنسائي من حديث سعيد

المقبري عن يزيد بن هرمز أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن ذوي القربى ( والزيادة من أفراد أبي معشر نجيح بن6فذكره إلى قوله : "فأبى ذلك علينا قومنا" )

عبد الرحمن المدني ، وفيه ضعف. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي ، حدثنا المعتمر بن

سليمان ، عن أبيه ، عن حنش ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "رغبت لكم عن غسالة األيدي ؛ ألن لكم من خمس الخمس ما

يغنيكم أو يكفيكم".قه أبو حاتم ، وقال يحيى بن معين هذا حديث حسن اإلسناد ، وإبراهيم بن مهدي هذا وث

(7)__________

( زيادة من د ، ك ، م.1) ( لم أجده في صحيح مسلم وال عزاه المزي له في تحفة األشراف ، ولم أجزم بوهم2)

( ، ورواه2/30الحافظ هنا ؛ ألن الزيلعي عزاه للصحيحين في تخريج الكشاف ) ( من طريق سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم ،3140البخاري في صحيحه برقم )

رضي الله عنه ، بنحوه.(.7/130( الرواية في سنن النسائي )3)( في أ : "قرابة".4)(.13/555( تفسير الطبري )5)( وسنن الترمذي برقم )2982( وسنن أبي داود برقم )1812( صحيح مسلم برقم )6)

( ، وهو عند أبي داود والنسائي من حديث الزهري عن7/128( وسنن النسائي )1556يزيد.

( في د : "سعيد".7)

(4/64)

( والله أعلم.1يأتي بمناكير ) وقوله : } واليتامى { أي : يتامى المسلمين. واختلف العلماء هل يختص باأليتام

الفقراء ، أو يعم األغنياء والفقراء ؟ على قولين.و } المساكين { هم المحاويج الذين ال يجدون ما يسد خلتهم ومسكنتهم.

Page 24: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

بيل { هو المسافر ، أو المريد للسفر ، إلى مسافة تقصر فيها الصالة ، } وابن الس وليس له ما ينفقه في سفره ذلك. وسيأتي تفسير ذلك في آية الصدقات من سورة

"براءة" ، إن شاء الله تعالى ، وبه الثقة ، وعليه التكالن.ه وما أنزلنا على عبدنا { أي : امتثلوا ما شرعنا لكم من وقوله : } إن كنتم آمنتم بالل

الخمس في الغنائم ، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم اآلخر وما أنزل على رسوله ؛ ولهذا جاء في الصحيحين ، من حديث عبد الله بن عباس ، في حديث وفد عبد القيس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : "وآمركم بأربع وأنهاكم عن أربع : آمركم

باإليمان بالله ثم قال : هل تدرون ما اإليمان بالله ؟ شهادة أن ال إله إال الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصالة وإيتاء الزكاة ، وأن تؤدوا الخمس من المغنم.."

( فجعل أداء الخمس من جملة اإليمان ، وقد بوب البخاري على ذلك2الحديث بطوله ) في "كتاب اإليمان" من صحيحه فقال : )باب أداء الخمس من اإليمان( ، ثم أورد حديث

(3ابن عباس هذا ، وقد بسطنا الكالم عليه في "شرح البخاري" ولله الحمد والمنة ) وقال مقاتل بن حيان : } وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان { أي : في القسمة ،

ه على كل شيء قدير { ينبه تعالى على نعمته ) (4وقوله : } يوم التقى الجمعان والل وإحسانه إلى خلقه بما فرق به بين الحق والباطل ببدر ويسمى "الفرقان" ؛ ألن الله

تعالى أعلى فيه كلمة اإليمان على كلمة الباطل ، وأظهر دينه ونصر نبيه وحزبه. قال علي بن أبي طالب والعوفي ، عن ابن عباس : } يوم الفرقان { يوم بدر ، فرق

الله فيه بين الحق والباطل. رواه الحاكم. وكذا قال مجاهد ، ومقسم وعبيد الله بن عبد الله ، والضحاك ، وقتادة ، ومقاتل بن

حيان ، وغير واحد : أنه يوم بدر. وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير في قوله : } يوم

الفرقان { يوم__________

(.1/68( انظر : ميزان االعتدال للذهبي )1)(.17( وصحيح مسلم برقم )53( صحيح البخاري برقم )2)(.135 - 1/129( وانظر كالم الحافظ ابن حجر في : فتح الباري )3)( في أ : "نعمه".4)

(4/65)

كب أسفل منكم ولو تواعدتم الختلفتم إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والرنة ويحيى من حي ه أمرا كان مفعوال ليهلك من هلك عن بي في الميعاد ولكن ليقضي الل

ه لسميع عليم ) نة وإن الل ( 42عن بي

( بين الحق والباطل ، وهو يوم بدر ، وهو أول مشهد شهده رسول1فرق الله ]فيه[ ) الله صلى الله عليه وسلم. وكان رأس المشركين عتبة بن ربيعة ، فالتقوا يوم الجمعة لتسع عشرة - أو : سبع عشرة - مضت من رمضان ، وأصحاب رسول الله صلى الله

عليه وسلم يومئذ ثلثمائة وبضعة عشر رجال والمشركون ما بين األلف والتسعمائة.فهزم الله المشركين ، وقتل منهم زيادة على السبعين ، وأسر منهم مثل ذلك.

Page 25: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وقد روى الحاكم في مستدركه ، من حديث األعمش ، عن إبراهيم ، عن األسود ، عن (3( فإن صبيحتها )2ابن مسعود ، قال في ليلة القدر : تحروها إلحدى عشرة يبقين )

(4يوم بدر. وقال : على شرطهما )وروي مثله عن عبد الله بن الزبير أيضا ، من حديث جعفر بن برقان ، عن رجل ، عنه.

وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، حدثنا يحيى بن يعقوب أبو ( عن أبي عبد الرحمن السلمي5طالب ، عن ابن عون محمد بن عبيد الله الثقفي )

قال : قال الحسن بن علي : كانت ليلة "الفرقان يوم التقى الجمعان" لسبع عشرة من( إسناد جيد قوي.6رمضان )

ورواه ابن مردويه ، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب ، عن علي قال : كانت ليلة الفرقان ، ليلة التقى الجمعان ، في صبيحتها ليلة الجمعة لسبع عشر مضت من شهر

رمضان.وهو الصحيح عند أهل المغازي والسير.

وقال يزيد بن أبي حبيب إمام أهل الديار المصرية في زمانه : كان يوم بدر يوم االثنينولم يتابع على هذا ، وقول الجمهور مقدم عليه ، والله أعلم.

كب أسفل منكم ولو تواعدتم } إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والرنة ويحيا ه أمرا كان مفعوال ليهلك من هلك عن بي الختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الل

ه لسميع عليم ) نة وإن الل ( {42من حي عن بي ( عن يوم الفرقان : } إذ أنتم بالعدوة الدنيا { أي : إذ أنتم7يقول تعالى ]مخبرا[ )

نزول بعدوة الوادي الدنيا القريبة إلى المدينة ، } وهم { أي : المشركون نزولكب { أي : العير الذي } بالعدوة القصوى { أي : البعيدة التي من ناحية مكة ، } والر فيه أبو سفيان بما معه من التجارة } أسفل منكم { أي : مما يلي سيف البحر } ولو

تواعدتم { أي : أنتم والمشركون إلى مكان } الختلفتم في الميعاد {__________

( زيادة من د ، ك.1)( في ك : "بقين".2)( في ك : "فإن في صبيحتها".3)(.3/20( المستدرك )4) ( في جميع النسخ : "عن ابن عون ، عن محمد بن عبد الله الثقفي" ، والمثبت من5)

الطبري.(.13/562( تفسير الطبري )6)( زيادة من أ.7)

(4/66)

قال محمد بن إسحاق : وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه في هذه اآلية قال : ولو كان ذلك عن ميعاد منكم ومنهم ، ثم بلغكم كثرة عددهم وقلة

ه أمرا كان مفعوال { أي : ليقضي الله ما عددكم ، ما لقيتموهم ، } ولكن ليقضي الل أراد بقدرته من إعزاز اإلسالم وأهله ، وإذالل الشرك وأهله ، عن غير مأل منكم ، ففعل

ما أراد من ذلك بلطفه.

Page 26: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وفي حديث كعب بن مالك قال : إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم(1والمسلمون يريدون عير قريش ، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد )

ة ، عن ابن عون ، عن عمير بن وقال ابن جرير : حدثني يعقوب ، حدثني ابن علي إسحاق قال : أقبل أبو سفيان في الركب من الشام ، وخرج أبو جهل ليمنعه من

رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فالتقوا ببدر ، ال يشعر هؤالء بهؤالء ، وال(2هؤالء بهؤالء ، حتى التقت السقاة ، ونهد الناس بعضهم لبعض )

وقال محمد بن إسحاق في السيرة : ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه ذلك حتى إذا كان قريبا من "الصفراء" بعث بسبس بن عمرو ، وعدي بن أبي

غباء الجهنيين ، يلتمسان الخبر عن أبي سفيان ، فانطلقا حتى إذا وردا بدرا فأناخا الز بعيريهما إلى تل من البطحاء ، فاستقيا في شن لهما من الماء ، فسمعا جاريتين

يختصمان ، تقول إحداهما لصاحبتها : اقضيني حقي. وتقول األخرى : إنما تأتي العير غدا أو بعد غد ، فأقضيك حقك. فخلص بينهما مجدي بن عمرو ، وقال : صدقت ، فسمع

( بسبس وعدي ، فجلسا على بعيريهما ، حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه3ذلك ) وسلم فأخبراه الخبر. وأقبل أبو سفيان حين وليا وقد حذر ، فتقدم أمام عيره وقال

لمجدي بن عمرو : هل أحسست على هذا الماء من أحد تنكره ؟ فقال : ال والله ، إال أني قد رأيت راكبين أناخا إلى هذا التل ، فاستقيا في شن لهما ، ثم انطلقا. فجاء أبوه ، فإذا فيه النوى ، فقال : هذه سفيان إلى مناخ بعيريهما ، فأخذ من أبعارهما ، ففت والله عالئف يثرب. ثم رجع سريعا فضرب وجه عيره ، فانطلق بها فساحل حتى إذا

رأى أن قد أحرز عيره بعث إلى قريش فقال : إن الله قد نجى عيركم وأموالكمورجالكم ، فارجعوا.

( ال نرجع حتى نأتي بدرا - وكانت بدر سوقا من أسواق العرب4فقال أبو جهل : والله ) ( ونسقى بها الخمر ، وتعزف5- فنقيم بها ثالثا ، فنطعم بها الطعام ، وننحر بها الجزر )

علينا القيان ، وتسمع بنا العرب وبسيرنا ، فال يزالون يهابوننا بعدها أبدا. فقال األخنس بن شريق : يا معشر بني زهرة ، إن الله قد نجى أموالكم ، ونجى(6صاحبكم ، فارجعوا. فأطاعوه ، فرجعت بنو زهرة ، فلم يشهدوها وال بنو عدي )

__________(.3951( رواه البخاري في صحيحه برقم )1)(.13/567( تفسير الطبري )2)( في م : "بذلك"3)( في م : "ال والله".4)( في أ : "الجزور".5)(.1/617( انظر : السيرة النبوية البن هشام )6)

(4/67)

قال محمد بن إسحاق : وحدثني يزيد بن رومان ، عن عروة بن الزبير قال : وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم - حين دنا من بدر - علي بن أبي طالب ، وسعد بن

أبي وقاص ، والزبير بن العوام ، في نفر من أصحابه ، يتجسسون له الخبر فأصابوا ( سعيد بن العاص ، وغالما لبني الحجاج ، فأتوا بهما1سقاة لقريش : غالما لبني )

Page 27: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجدوه يصلي ، فجعل أصحاب رسول الله صلى ( فيقوالن : نحن سقاة لقريش ، بعثونا2الله عليه وسلم يسألونهما : لمن أنتما ؟ )

نسقيهم من الماء. فكره القوم خبرهما ، ورجوا أن يكونا ألبي سفيان ، فضربوهما فلما ذلقوهما قاال نحن ألبي سفيان. فتركوهما ، وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم

وسجد سجدتين ، ثم سلم وقال : "إذا صدقاكم ضربتموهما ، وإذا كذباكم تركتموهما. صدقا ، والله إنهما لقريش ، أخبراني عن قريش". قاال هم وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى - والكثيب : العقنقل - فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"كم القوم ؟ " قاال كثير. قال : "ما عدتهم ؟ " قاال ما ندري. قال : "كم ينحرون كل يوم ؟ " قاال يوما تسعا ، ويوما عشرا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "القوم

ما بين التسعمائة إلى األلف". ثم قال لهما : "فمن فيهم من أشراف قريش ؟ " قاال عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأبو البختري بن هشام ، وحكيم بن حزام ، ونوفل

بن خويلد ، والحارث بن عامر بن نوفل ، وطعيمة بن عدي بن ]نوفل ، والنضر بنه3الحارث ، وزمعة بن األسود ، وأبو جهل بن هشام ، وأمية[ ) ( بن خلف ، ونبيه ومنب

ابنا الحجاج ، وسهيل بن عمرو ، وعمرو بن عبد ود. فأقبل رسول الله صلى الله عليه(4وسلم على الناس فقال : "هذه مكة قد ألقت إليكم أفالذ كبدها" )

قال محمد بن إسحاق ، رحمه الله تعالى : وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم : أن سعد بن معاذ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما التقى الناس يوم بدر : يا رسول الله ، أال نبني لك عريشا تكون فيه ، وننيخ إليك ركائبك ، ونلقى عدونا ، فإن

أظفرنا الله عليهم وأعزنا فذاك ما نحب ، فقال : وإن تكن األخرى فتجلس على ركائبك ، وتلحق بمن وراءنا من قومنا ، فقد - والله - تخلف عنك أقوام ما نحن بأشد لك حبا منهم ، لو علموا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك ، ويوادونك وينصرونك. فأثنى

عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ، ودعا له به. فبني له عريش ، فكان فيه(5رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ، ما معهما غيرهما )

قال ابن إسحاق : وارتحلت قريش حين أصبحت ، فلما أقبلت ورآها رسول الله صلى الله عليه وسلم تصوب من العقنقل - وهو الكثيب - الذي جاءوا منه إلى الوادي قال :

( قريش قد أقبلت بفخرها وخيالئها تحادك وتكذب رسولك ، اللهم أحنهم6"اللهم هذه )(7الغداة" )

نة { قال محمد بن إسحاق : نة ويحيى من حي عن بي وقوله : } ليهلك من هلك عن بيأي ليكفر من__________

( في أ : "ألبي".1)( في د ، ك ، م : "أنتم".2)( زيادة من د ، ك ، م ، أ ، وابن هشام.3)(.1/616( انظر : السيرة النبوية البن هشام )4)(.1/620( انظر : السيرة النبوية البن هشام )5)( في أ : "اللهم إن هذه".6)(.1/621( انظر : السيرة النبوية البن هشام )7)

(4/68)

Page 28: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه ه في منامك قليال ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في األمر ولكن الل إذ يريكهم الله عليم بذات الصدور ) م إن ( وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليال ويقللكم43سل

ه ترجع األمور ) ه أمرا كان مفعوال وإلى الل ( 44في أعينهم ليقضي الل

كفر بعد الحجة ، لما رأى من اآلية والعبرة ، ويؤمن من آمن على مثل ذلك. ( تعالى يقول : إنما جمعكم مع عدوكم في مكان1وهذا تفسير جيد. وبسط ذلك أنه )

واحد على غير ميعاد ، لينصركم عليهم ، ويرفع كلمة الحق على الباطل ، ليصير األمر ظاهرا ، والحجة قاطعة ، والبراهين ساطعة ، وال يبقى ألحد حجة وال شبهة ، فحينئذ } يهلك من هلك { أي : يستمر في الكفر من استمر فيه على بصيرة من أمره أنه

نة { أي : مبطل ، لقيام الحجة عليه ، } ويحيى من حي { أي : يؤمن من آمن } عن بي حجة وبصيرة. واإليمان هو حياة القلوب ، قال الله تعالى : } أومن كان ميتا فأحييناه

اس { ]األنعام : [ ، وقالت عائشة في قصة122وجعلنا له نورا يمشي به في الناإلفك : في هلك من هلك أي : قال فيها ما قال من الكذب والبهتان واإلفك.

ه لسميع { أي : لدعائكم وتضرعكم واستغاثتكم به } عليم { أي : وقوله : } وإن اللبكم وأنكم تستحقون النصر على أعدائكم الكفرة المعاندين.

ه في منامك قليال ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في األمر ولكن } إذ يريكهم الله عليم بذات الصدور ) م إن ه سل ( وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليال43الل

ه ترجع األمور ) ه أمرا كان مفعوال وإلى الل لكم في أعينهم ليقضي الل ( {44ويقل ( قليال فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم2قال مجاهد : أراه الله إياهم في منامه )

أصحابه بذلك ، فكان تثبيتا لهم. وكذا قال ابن إسحاق وغير واحد. وحكى ابن جرير عن بعضهم أنه رآهم بعينه التي ينام

بها. وقد روى ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا يوسف بن موسى المدبر ، حدثنا أبو قتيبة ،ه في منامك قليال { قال : عن سهل السراج ، عن الحسن في قوله : } إذ يريكهم الل

بعينك.وهذا القول غريب ، وقد صرح بالمنام هاهنا ، فال حاجة إلى التأويل الذي ال دليل عليه )

3) وقوله : } ولوأراكهم كثيرا لفشلتم { أي : لجبنتم عنهم واختلفتم فيما بينكم ، } ولكنه عليم بذات الصدور { أي : بما تجنه ه سلم { أي : من ذلك : بأن أراكهم قليال } إن الل

الضمائر ، وتنطوي عليه األحشاء ، فيعلم خائنة األعين وما تخفي الصدور. وقوله : } وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليال { وهذا أيضا من لطفه تعالى بهم ،

إذ أراهم إياهم قليال في رأي العين ، فيجرؤهم عليهم ، ويطمعهم فيهم.__________

( في أ : "أن الله".1)( في جميع النسخ : "أراهم الله في منامه" والمثبت من الطبري.2)( في أ : "له".3)

(4/69)

Page 29: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

كم تفلحون ) ه كثيرا لعل ذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الل ها ال ( 45يا أي

بيعي ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، قال أبو إسحاق السلوا في أعيننا يوم بدر ، حتى قلت لرجل إلى جانبي : تراهم سبعين ؟ قال : لقد قل

( كنا ألفا. رواه ابن2( مائة ، حتى أخذنا رجال منهم فسألناه ، قال )1قال : ال بل ]هم[ )(3أبي حاتم ، وابن جرير )

لكم في أعينهم { قال ابن أبي حاتم : حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا وقوله : } ويقليت ) ( عكرمة : } وإذ يريكموهم إذ التقيتم5( عن )4حماد بن زيد ، عن الزبير بن الخر

لكم في أعينهم { قال : حضض بعضهم على بعض. في أعينكم قليال ويقلإسناد صحيح.

وقال محمد بن إسحاق : حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه فيه أمرا كان مفعوال { أي : ليلقي بينهم الحرب ، للنقمة ممن قوله تعالى : } ليقضي الل

أراد االنتقام منه ، واإلنعام على من أراد تمام النعمة عليه من أهل واليته.له في عينه ليطمع فيه ، وذلك ومعنى هذا أنه تعالى أغرى كال من الفريقين باآلخر ، وقل

عند المواجهة. فلما التحم القتال وأيد الله المؤمنين بألف من المالئكة مردفين ، بقي حزب الكفار يرى حزب اإليمان ضعفيه ، كما قال تعالى : } قد كان لكم آية في فئتين

د ه يؤي ه وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والل التقتا فئة تقاتل في سبيل اللفي ذلك لعبرة ألولي األبصار { ]آل عمران : [ ، وهذا هو الجمع13بنصره من يشاء إن

( حق وصدق ، ولله الحمد والمنة.6بين هاتين اآليتين ، فإن كال منها )كم تفلحون ) ه كثيرا لعل ذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الل ها ال ( {45} يا أي

__________( زيادة من د ، م.1)( في د : "فقال".2)(.13/572( تفسير الطبري )3)( في د : "الحارث".4)( في د : "وعن".5)( في د ، م ، أ : "منهما".6)

(4/70)

ه مع الصابرين ه ورسوله وال تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الل وأطيعوا الل(46 )

ه مع ه ورسوله وال تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الل } وأطيعوا الل( {46الصابرين )

( عباده المؤمنين آداب اللقاء ، وطريق الشجاعة عند مواجهة1هذا تعليم الله )ذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا {2األعداء ، ]فقال[ ) ها ال ( } يا أي

ثبت في الصحيحين ، عن عبد الله بن أبي أوفى ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه انتظر في بعض أيامه التي لقي فيها العدو حتى إذا مالت الشمس قام فيهم

Page 30: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

فقال : " يا أيها الناس ، ال تتمنوا لقاء العدو ، واسألوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم ( واعلموا أن الجنة تحت ظالل السيوف". ثم قام النبي صلى الله عليه3فاصبروا )

وسلم وقال : " اللهم ، منزل الكتاب ، ومجري السحاب ، وهازم األحزاب ، اهزمهم(4وانصرنا عليهم" )

__________( في د ، ك ، م : "تعليم من الله".1)( زيادة من د.2)( في أ : "فاثبتوا".3)(.1742( وصحيح مسلم برقم )2818( صحيح البخاري برقم )4)

(4/70)

وقال عبد الرزاق ، عن سفيان الثوري ، عن عبد الرحمن بن زياد ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ال تتمنوا

(1لقاء العدو ، واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاثبتوا واذكروا الله فإن أجلبوا )(3( فعليكم بالصمت )2وضجوا )

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي ، حدثنا أمية بن بسطام ، حدثنا معتمر بن سليمان ، حدثنا ثابت بن زيد ، عن رجل ، عن زيد بن أرقم ،

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله يحب الصمت عند ثالث : عند تالوة(4القرآن ، وعند الزحف ، وعند الجنازة" )

وفي الحديث اآلخر المرفوع يقول الله تعالى : "إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو( أي : ال يشغله ذلك الحال عن ذكرى ودعائي واستعانتي.5مناجز قرنه )

( الله ذكره عند6وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة في هذه اآلية ، قال : افترض )( عند الضراب بالسيوف.7أشغل ما تكونون )

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبدة بن سليمان ، حدثنا ابن المبارك ، عن ابن جريج ، عن عطاء قال : وجب اإلنصات والذكر عند الزحف ، ثم تال هذه اآلية ، قلت :

يجهرون بالذكر ؟ قال : نعم. وقال أيضا : قرئ علي يونس بن عبد األعلى ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عبد الله بن

( عن يزيد بن قوذر ، عن كعب األحبار قال : ما من شيء أحب إلى الله8عياش ) تعالى من قراءة القرآن والذكر ، ولوال ذلك ما أمر الناس بالصالة والقتال ، أال ترون أنهذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا ها ال أمر الناس بالذكر عند القتال ، فقال : } يا أي

كم تفلحون { ه كثيرا لعل اللمر قال الشاعر : ذكرتك والخطى يخطر بينناوقد نهلت فينا المثقفة الس

ماح شواجرفينا وبيض الهند تقطر من دمي9وقال عنترة : ) ( ولقد ذكرتك والر__________

( في د ، م ، أ : "جلبوا".1)( في أ : "وصيحوا"2) ( من9/153( ورواه البيهقي في السنن الكبرى )9518( مصنف عبد الرزاق برقم )3)

( من طريق عبد بن سليمان ،12/463طريق ابن وهب ، وابن أبي شيبة في المصنف )

Page 31: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

كالهما عن عبد الرحمن بن زياد به.( وفيه راو لم يسم.5/213( المعجم الكبير )4) ( من طريق عفير بن معدان عن أبي دوس3580( رواه الترمذي في السنن برقم )5)

اليحصبي عن ابن عائذ عن عمارة بن زعكرة مرفوعا ، وقال : "هذا حديث غريب ال نعرفه إال من هذا الوجه ، ليس إسناده بالقوي ، وال نعرف لعمارة بن زعكرة عن النبي

صلى الله عليه وسلم إال هذا الحديث الواحد".( في د : "فرض".6)( في أ : "ما يكون".7)( في أ : "عباس".8)( في م : "آخر".9)

(4/71)

ه ه والل اس ويصدون عن سبيل الل ذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الن وال تكونوا كاليطان أعمالهم وقال ال غالب لكم اليوم من47بما يعملون محيط ) ن لهم الش ( وإذ زي

ي ي بريء منكم إن ي جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إن اس وإن النه شديد العقاب ) ه والل ي أخاف الل ذين في48أرى ما ال ترون إن ( إذ يقول المنافقون وال

ه عزيز حكيم ) ه فإن الل ل على الل ( 49قلوبهم مرض غر هؤالء دينهم ومن يتوك

(1]فوددت تقبيل السيوف ألنهالمعت كبارق ثغرك المتبسم[ ) فأمر تعالى بالثبات عند قتال األعداء والصبر على مبارزتهم ، فال يفروا وال ينكلوا وال

( به ويتكلوا عليه ،2يجبنوا ، وأن يذكروا الله في تلك الحال وال ينسوه بل يستعينوا ) ويسألوه النصر على أعدائهم ، وأن يطيعوا الله ورسوله في حالهم ذلك. فما أمرهم

الله تعالى به ائتمروا ، وما نهاهم عنه انزجروا ، وال يتنازعوا فيما بينهم أيضا فيختلفوافيكون سببا لتخاذلهم وفشلهم.

ه } وتذهب ريحكم { أي : قوتكم وحدتكم وما كنتم فيه من اإلقبال ، } واصبروا إن اللمع الصابرين {

( الله ،3وقد كان للصحابة - رضي الله عنهم - في باب الشجاعة واالئتمار بأمر ) وامتثال ما أرشدهم إليه - ما لم يكن ألحد من األمم والقرون قبلهم ، وال يكون ألحد

ممن بعدهم ؛ فإنهم ببركة الرسول ، صلوات الله وسالمه عليه ، وطاعته فيما أمرهم ، ( واألقاليم شرقا وغربا في المدة اليسيرة ، مع قلة عددهم بالنسبة4فتحوا القلوب )

إلى جيوش سائر األقاليم ، من الروم والفرس والترك والصقالبة والبربر والحبوش وأصناف السودان والقبط ، وطوائف بني آدم ، قهروا الجميع حتى علت كلمة الله ،

( الممالك اإلسالمية في مشارق األرض5وظهر دينه على سائر األديان ، وامتدت ) ومغاربها ، في أقل من ثالثين سنة ، فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين ، وحشرنا في

زمرتهم ، إنه كريم وهاب.ه ه والل اس ويصدون عن سبيل الل ذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الن } وال تكونوا كال

يطان أعمالهم وقال ال غالب لكم اليوم من47بما يعملون محيط ) ن لهم الش ( وإذ زيي ي بريء منكم إن ي جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إن اس وإن الن

Page 32: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه شديد العقاب ) ه والل ي أخاف الل ذين في48أرى ما ال ترون إن ( إذ يقول المنافقون واله عزيز حكيم ) ه فإن الل ل على الل ( {49قلوبهم مرض غر هؤالء دينهم ومن يتوك

يقول تعالى بعد أمره المؤمنين باإلخالص في القتال في سبيله وكثرة ذكره ، ناهيا لهم عن التشبه بالمشركين في خروجهم من ديارهم } بطرا { أي : دفعا للحق ، } ورئاء

اس { وهو : المفاخرة والتكبر عليهم ، كما قال أبو جهل - لما قيل له : إن العير قد الن نجا فارجعوا - فقال : ال والله ال نرجع حتى نرد ماء بدر ، وننحر الجزر ، ونشرب

( علينا القيان ، وتتحدث العرب بمكاننا فيها يومنا أبدا ، فانعكس6الخمر ، وتعزف ) ذلك عليه أجمع ؛ ألنهم لما وردوا ماء بدر وردوا به الحمام ، ورموا في أطواء بدر

ه بما يعملون مهانين أذالء ، صغرة أشقياء في عذاب سرمدي أبدي ؛ ولهذا قال : } واللمحيط { أي : عالم بما جاءوا به وله ، ولهذا جازاهم على ذلك شر الجزاء لهم.

__________( زيادة من م.1)( في د : "يستغيثوا".2)( في د ، ك ، م : "بأوامر".3)( في م : "الثغور".4)( في د : "واشتهرت".5)( في ك : "وتضرب".6)

(4/72)

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي في قوله تعالى : } وال تكونوااس { قالوا : هم المشركون ، الذين قاتلوا ذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الن كال

رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر. وقال محمد بن كعب : لما خرجت قريش من مكة إلى بدر ، خرجوا بالقيان والدفوف ،

اس ويصدون عن ذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الن فأنزل الله } وال تكونوا كاله بما يعملون محيط { ه والل سبيل الل

ي جار اس وإن يطان أعمالهم وقال ال غالب لكم اليوم من الن ن لهم الش وقوله : } وإذ زين لهم - لعنه الله - ما جاؤوا له وما هموا به ، وأطمعهم أنه ال غالب لكم { اآلية : حس

لهم اليوم من الناس ، ونفى عنهم الخشية من أن يؤتوا في ديارهم من عدوهم بني بكر فقال : أنا جار لكم ، وذلك أنه تبدى لهم في صورة سراقة بن مالك بن جعشم ،

( تعالى عنه :1سيد بني مدلج ، كبير تلك الناحية ، وكل ذلك منه ، كما قال ]الله[ )يطان إال غرورا { ]النساء : يهم وما يعدهم الش [.120} يعدهم ويمن

( قال ابن عباس في هذه اآلية : لما كان يوم بدر سار إبليس برايته2قال ابن جريج ) وجنوده مع المشركين ، وألقى في قلوب المشركين : أن أحدا لن يغلبكم ، وإني جار

لكم. فلما التقوا ، ونظر الشيطان إلى إمداد المالئكة ، } نكص على عقبيه { قال :ي أرى ما ال ترون { اآلية. رجع مدبرا ، وقال : } إن

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : جاء إبليس يوم بدر في جند من الشياطين ، معه رايته ، في صورة رجل من بني مدلج ، والشيطان في صورة سراقة

اس3بن مالك ) ( بن جعشم ، فقال الشيطان للمشركين : } ال غالب لكم اليوم من الن

Page 33: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ي جار لكم { فلما اصطف الناس أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من وإن التراب فرمى بها في وجوه المشركين ، فولوا مدبرين وأقبل جبريل ، عليه السالم ،

إلى إبليس ، فلما رآه - وكانت يده في يد رجل من المشركين - انتزع يده ثم ولىي أرى ما مدبرا هو وشيعته ، فقال الرجل : يا سراقة ، أتزعم أنك لنا جار ؟ فقال : } إن

ه شديد العقاب { وذلك حين رأى المالئكة. ه والل ي أخاف الل ال ترون إن وقال محمد بن إسحاق : حدثني الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ؛ أن إبليس

خرج مع قريش في صورة سراقة بن مالك بن جعشم ، فلما حضر القتال ورأىي بريء منكم { فتشبث ) ( الحارث بن4المالئكة ، نكص على عقبيه ، وقال : } إن

هشام فنخر في وجهه ، فخر صعقا ، فقيل له : ويلك يا سراقة ، على هذه الحال تخذلناه شديد ه والل ي أخاف الل ي أرى ما ال ترون إن ي بريء منكم إن وتبرأ منا. فقال : } إن

العقاب { وقال محمد بن عمر الواقدي : أخبرني عمر بن عقبة ، عن شعبة - مولى ابن عباس -

عن ابن__________

( زيادة من م.1)( في ك : "جرير".2)( في ك : "مالك المدلجي".3)( في ك : "فتشبث به".4)

(4/73)

عباس قال : لما تواقف الناس أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم كشف عنه ، فبشر الناس بجبريل في جند من المالئكة ميمنة الناس ، وميكائيل في جند آخر ميسرة الناس ، وإسرافيل في جند آخر ألف. وإبليس قد تصور في صورة (1سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي ، يدبر المشركين ويخبرهم أنه ال غالب لهم )

ي بريء اليوم من الناس. فلما أبصر عدو الله المالئكة ، نكص على عقبيه ، وقال : } إني أرى ما ال ترون { فتشبث به الحارث بن هشام ، وهو يرى أنه سراقة لما منكم إن

( ال2سمع من كالمه ، فضرب في صدر الحارث ، فسقط الحارث ، وانطلق إبليس )(3يرى حتى سقط في البحر ، ورفع ثوبه وقال : يا رب ، موعدك الذي وعدتني )

( ذكرناه في4وفي الطبراني عن رفاعة بن رافع قريب من هذا السياق وأبسط منه )السيرة.

وقال محمد بن إسحاق : حدثني يزيد بن رومان ، عن عروة بن الزبير قال : لما ( ذكرت الذي بينها وبين بني بكر من الحرب ، فكاد ذلك6( قريش المسير )5أجمعت )

أن يثنيهم ، فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي - وكان من أشراف بني كنانة - فقال : أنا جار لكم أن تأتيكم كنانة بشيء تكرهونه ، فخرجوا

سراعا. قال محمد بن إسحاق : فذكر لي أنهم كانوا يرونه في كل منزل في صورة سراقة بن

( ال ينكرونه ، حتى إذا كان يوم بدر والتقى الجمعان ، كان الذي رآه حين نكص7مالك ) ( ومثل عدو الله8الحارث بن هشام - أو : عمير بن وهب - فقال : أين ، أي سراق ؟ )

Page 34: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

فذهب - قال : فأوردهم ثم أسلمهم - قال : ونظر عدو الله إلى جنود الله ، قد أيد اللهي10( والمؤمنين فانتكص )9بهم رسوله ) ي بريء منكم إن ( على عقبيه ، وقال : } إن

ه شديد العقاب { ) ه والل ي أخاف الل أرى ما ال ترون { وصدق عدو الله ، وقال : } إن ( وهكذا روي عن السدي ، والضحاك ، والحسن البصري ، ومحمد بن كعب القرظي11

، وغيرهم ، رحمهم الله. ( المالئكة ، فعلم12وقال قتادة : وذكر لنا أنه رأى جبريل ، عليه السالم ، تنزل معه )

ي أخاف الله { وكذب ي أرى ما ال ترون إن عدو الله أنه ال يدان له بالمالئكة فقال : } إن عدو الله ، والله ما به مخافة الله ، ولكن علم أنه ال قوة له وال منعة ، وتلك عادة عدو الله لمن أطاعه واستقاد له ، حتى إذا التقى الحق والباطل أسلمهم شر مسلم ، وتبرأ

منهم عند ذلك.يطان إذ قال لإلنسان اكفر قلت : يعني بعادته لمن أطاعه قوله تعالى : } كمثل الش

ه { ]الحشر : ي أخاف الل ي بريء منك إن [ ، وقوله تعالى : } وقال16فلما كفر قال إنه وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي يطان لما قضي األمر إن الل الش عليكم من سلطان إال أن دعوتكم فاستجبتم لي فال تلوموني ولوموا أنفسكم ما أناي كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إن

[.22عذاب أليم { ]إبراهيم : __________

( في م : "لكم".1)( في أ : "إبليس هاربا".2)(.1/70( المغازي للواقدي )3) ( من طريق عبد العزيز بن عمران عن رفاعة بن يحيى بن5/42( المعجم الكبير )4)

معاذ بن رفاعة عن رفاعة بن رافع ، رضي الله عنه ، وقال الهيثمي في المجمع )( : "وفيه عبد العزيز بن عمران وهو ضعيف".6/82

( في د ، م ، أ : "اجتمعت".5)( في د : "للسير".6)( في ك : "مالك المدلجي ، وكان من أشراف ركانة".7)( في د ، أ : "إلى أين يا سراقة" ، وفي ك ، م : "أين أين سراقة".8)( في أ : "رسله".9)( في د ، ك ، م ، أ : "فنكص".10)( في ك ، م ، أ : "إني أخاف عقاب الله" وهو خطأ.11)( في د : "نزل مع".12)

(4/74)

وقال يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم ، عن بعض بني ساعدة قال : سمعت أبا أسيد مالك بن ربيعة بعدما أصيب بصره

يقول : لو كنت معكم اآلن ببدر ومعي بصري ، ألخبرتكم بالشعب الذي خرجت منه(1المالئكة ال أشك وال أتمارى )

فلما نزلت المالئكة ورآها إبليس ، وأوحى الله إليهم : أني معكم فثبتوا الذين آمنوا ،

Page 35: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وتثبيتهم أن المالئكة كانت تأتي الرجل في صورة الرجل يعرفه ، فيقول له : أبشر فإنهم ليسوا بشيء ، والله معكم ، كروا عليهم. فلما رأى إبليس المالئكة نكص على

ي أرى ما ال ترون { وهو في صورة سراقة ، وأقبل ي بريء منكم إن عقبيه ، وقال : } إن أبو جهل يحضض أصحابه ويقول : ال يهولنكم خذالن سراقة إياكم ، فإنه كان على موعد

من محمد وأصحابه. ثم قال : والالت والعزى ال نرجع حتى نقرن محمدا وأصحابه في الحبال ، فال تقتلوهم وخذوهم أخذا. وهذا من أبي جهل لعنه الله كقول فرعون للسحرة

لما أسلموا : } إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها { ]األعراف :حر { ]طه : 123 مكم الس ذي عل ه لكبيركم ال [ ، وهو من باب البهت71[ ، وكقوله } إن

واالفتراء ، ولهذا كان أبو جهل فرعون هذه األمة. ( عن طلحة بن عبيد الله بن كريز ؛2وقال مالك بن أنس ، عن إبراهيم بن أبي عبلة )

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ما رئي إبليس في يوم هو فيه أصغر وال أحقر وال أدحر وال أغيظ منه في يوم عرفة وذلك مما يرى من تنزل الرحمة والعفو عن

الذنوب إال ما رأى يوم بدر". قالوا : يا رسول الله ، وما رأى يوم بدر ؟ قال : "أما إنه(3رأى جبريل ، عليه السالم ، يزغ المالئكة" )

هذا مرسل من هذا الوجه.ذين في قلوبهم مرض غر هؤالء دينهم { قال علي بن وقوله : } إذ يقول المنافقون وال

أبي طلحة ، عن ابن عباس في هذه اآلية قال : لما دنا القوم بعضهم من بعض قلل الله المسلمين في أعين المشركين ، وقلل المشركين في أعين المسلمين فقال (4المشركون : } غر هؤالء دينهم { وإنما قالوا ذلك من قلتهم في أعينهم ، فظنوا )

ه ه فإن الل ل على الل أنهم سيهزمونهم ، ال يشكون في ذلك ، فقال الله : } ومن يتوكعزيز حكيم {

وقال قتادة : رأوا عصابة من المؤمنين تشددت ألمر الله ، وذكر لنا أن أبا جهل عدو الله لما أشرف على محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال : والله ال يعبدوا الله

بعد اليوم ، قسوة وعتوا.__________

(.1/633( انظر : السيرة النبوية البن هشام )1)( في ك : "علية".2)( وانظر كالم اإلمام ابن عبد البر عن هذا الحديث في : التمهيد )1/422( الموطأ )3)

1/115.)( في أ : "وظنوا".4)

(4/75)

ذين كفروا المالئكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب ولو ترى إذ يتوفى الم للعبيد )50الحريق ) ه ليس بظال ( 51( ذلك بما قدمت أيديكم وأن الل

ذين في قلوبهم مرض { هم قوم وقال ابن جريج في قوله : } إذ يقول المنافقون والكانوا من المنافقين بمكة ، قالوه يوم بدر.

وقال عامر الشعبي : كان ناس من أهل مكة قد تكلموا باإلسالم ، فخرجوا مع

Page 36: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

المشركين يوم بدر ، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا : } غر هؤالء دينهم {ذين في قلوبهم مرض غر وقال مجاهد في قوله ، عز وجل : } إذ يقول المنافقون وال

( قيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبو قيس1هؤالء دينهم { قال : فئة من قريش : ]أبو[ ) بن الفاكه بن المغيرة ، والحارث بن زمعة بن األسود بن المطلب ، وعلي بن أمية بن

خلف ، والعاص بن منبه بن الحجاج ، خرجوا مع قريش من مكة وهم على االرتياب فحبسهم ارتيابهم ، فلما رأوا قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا :} غر هؤالء دينهم { حتى قدموا على ما قدموا عليه ، مع قلة عددهم وكثرة عدوهم.

وهكذا قال محمد بن إسحاق بن يسار ، سواء. وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن عبد األعلى ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الحسن في هذه اآلية ، قال : هم قوم لم يشهدوا القتال يوم بدر ، فسموا منافقين -

قال معمر : وقال بعضهم : هم قوم كانوا أقروا باإلسالم ، وهم بمكة فخرجوا مع(2المشركين يوم بدر ، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا : } غر هؤالء دينهم { )

ه عزيز { أي : ال ه { أي : يعتمد على جنابه ، } فإن الل ل على الل وقوله : } ومن يتوك يضام من التجأ إليه ، فإن الله عزيز منيع الجناب ، عظيم السلطان ، حكيم في أفعاله ،

ال يضعها إال في مواضعها ، فينصر من يستحق النصر ، ويخذل من هو أهل لذلك.ذين كفروا المالئكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب } ولو ترى إذ يتوفى ال

ه ليس بظالم للعبيد )50الحريق ) ( {51( ذلك بما قدمت أيديكم وأن الل يقول تعالى : ولو عاينت يا محمد حال توفي المالئكة أرواح الكفار ، لرأيت أمرا عظيما

هائال فظيعا منكرا ؛ إذ يضربون وجوههم وأدبارهم ، ويقولون لهم : } ذوقوا عذابالحريق {

قال ابن جريج ، عن مجاهد : } وأدبارهم { استاههم ، قال : يوم بدر. ( بوجوههم إلى المسلمين ،3قال ابن جريج ، قال ابن عباس : إذا أقبل المشركون )

ضربوا وجوههم بالسيوف ، وإذا ولوا أدركتهم المالئكة فضربوا أدبارهم.ذين كفروا المالئكة يضربون قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : } إذ يتوفى ال

وجوههم وأدبارهم {__________

( زيادة من د ، ك ، أ ، وابن هشام والطبري.1)(.14/13( تفسير الطبري )2)( في ك : "المشركين" وهو خطأ.3)

(4/76)

يوم بدر. وقال وكيع ، عن سفيان الثوري ، عن أبي هاشم إسماعيل بن كثير ، عن مجاهد ، عن

شعبة ، عن يعلى بن مسلم ، عن سعيد بن جبير : } يضربون وجوههم وأدبارهم { قال( ولكن الله يكني.1: وأستاههم )

(2وكذا قال عمر مولى غفرة ) وعن الحسن البصري قال : قال رجل : يا رسول الله ، إني رأيت بظهر أبي جهل مثل

( ".4( قال ما ذاك ؟ قال : "ضرب المالئكة )3الشراك )

Page 37: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( وهو مرسل.5رواه ابن جرير ) وهذا السياق - وإن كان سببه وقعة بدر - ولكنه عام في حق كل كافر ؛ ولهذا لم

ذين كفروا المالئكة يخصصه تعالى بأهل بدر ، بل قال تعالى : } ولو ترى إذ يتوفى ال ( وتقدم في سورة األنعام6يضربون وجوههم وأدبارهم { وفي سورة القتال مثلها )

( قوله : } ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والمالئكة باسطو أيديهم7]عند[ ) [أي : باسطو أيديهم بالضرب فيهم ، يأمرونهم إذ93أخرجوا أنفسكم { ]األنعام :

استصعبت أنفسهم ، وامتنعت من الخروج من األجساد أن تخرج قهرا. وذلك إذ ( في حديث البراء : إن ملك الموت8بشروهم بالعذاب والغضب من الله ، كما ]جاء[ )

- إذا جاء الكافر عند احتضاره في تلك الصورة المنكرة - يقول : اخرجي أيتها النفس الخبيثة إلى سموم وحميم ، وظل من يحموم ، فتتفرق في بدنه ، فيستخرجونها من

جسده ، كما يخرج السفود من الصوف المبلول فتخرج معها العروق والعصب ؛ ولهذا( تعالى أن المالئكة تقول لهم : } وذوقوا عذاب الحريق {9أخبر )

وقوله تعالى : : } ذلك بما قدمت أيديكم { أي : هذا الجزاء بسبب ما عملتم من ه ليس بظالم األعمال السيئة في حياتكم الدنيا ، جازاكم الله بها هذا الجزاء ، } وأن الل

للعبيد { أي : ال يظلم أحدا من خلقه ، بل هو الحكم العدل ، الذي ال يجور ، تبارك وتعالى وتقدس وتنزه الغني الحميد ؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح عند مسلم ، رحمه

الله ، من رواية أبي ذر ، رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله تعالى يقول : يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما فال

تظالموا. يا عبادي ، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن( ولهذا قال تعالى : 10وجد غير ذلك فال يلومن إال نفسه" )

__________( في د ، ك : "وأستاههم".1)( في ك : "عمرة".2)( في د ، ك : "الشوك".3)( في د ، ك : "ذاك ضرب".4)(.14/16( تفسير الطبري )5) من سورة محمد.27( يشير ابن كثير - رحمه الله - إلى اآلية : 6)( زيادة من م.7)( زيادة من أ.8)( في أ : "قال".9)(.2577( صحيح مسلم برقم )10)

(4/77)

ه قوي ه بذنوبهم إن الل ه فأخذهم الل ذين من قبلهم كفروا بآيات الل كدأب آل فرعون وال( 52شديد العقاب )

ه بذنوبهم إن الله ذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الل } كدأب آل فرعون وال( {52قوي شديد العقاب )

Page 38: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( بما أرسلت به يا محمد ، كما فعل1يقول تعالى : فعل هؤالء المشركون المكذبون ) األمم المكذبة قبلهم ، ففعلنا بهم ما هو دأبنا ، أي : عادتنا وسنتنا في أمثالهم من

المكذبين من آل فرعون ومن قبلهم من األمم المكذبة بالرسل ، الكافرين بآيات الله.ه بذنوبهم { ]أي : بسبب ذنوبهم أهلكهم ، فأخذهم أخذ عزيز مقتدر[ ) (2} فأخذهم الل

ه قوي شديد العقاب { أي : ال يغلبه غالب ، وال يفوته هارب. } إن الل__________

( في م : "المشركين المكذبين".1)( زيادة من د ، ك ، م.2)

(4/78)

روا ما بأنفسهم وأن الله ى يغي را نعمة أنعمها على قوم حت ه لم يك مغي ذلك بأن اللهم فأهلكناهم53سميع عليم ) ذين من قبلهم كذبوا بآيات رب ( كدأب آل فرعون وال

ذين54بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين ) ه ال ( إن شر الدواب عند اللة وهم ال55كفروا فهم ال يؤمنون ) ذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مر ( ال

قون ) رون )56يت هم يذك د بهم من خلفهم لعل هم في الحرب فشر ( 57( فإما تثقفن

روا ما بأنفسهم وأن الله ى يغي را نعمة أنعمها على قوم حت ه لم يك مغي } ذلك بأن اللهم فأهلكناهم53سميع عليم ) ذين من قبلهم كذبوا بآيات رب ( كدأب آل فرعون وال

( {54بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين ) يخبر تعالى عن تمام عدله ، وقسطه في حكمه ، بأنه تعالى ال يغير نعمة أنعمها على

روا1أحد ) ى يغي ر ما بقوم حت ه ال يغي ( إال بسبب ذنب ارتكبه ، كما قال تعالى : } إن الله بقوم سوءا فال مرد له وما لهم من دونه منوال { ]الرعد : ما بأنفسهم وإذا أراد الل

( بآل فرعون وأمثالهم حين كذبوا2[ ، وقوله } كدأب آل فرعون { أي : كصنعه )11 بآياته ، أهلكهم بسبب ذنوبهم ، وسلبهم تلك النعم التي أسداها إليهم من جنات

وعيون ، وزروع وكنوز ومقام كريم ، ونعمة كانوا فيها فاكهين ، وما ظلمهم الله في( كانوا هم الظالمين.3ذلك ، بل )

ذين كفروا فهم ال يؤمنون ) ذين عاهدت منهم ثم55} إن شر الدواب عند الله ال ( القون ) ة وهم ال يت د بهم56ينقضون عهدهم في كل مر هم في الحرب فشر ( فإما تثقفن

رون ) هم يذك ( {57من خلفهم لعل أخبر تعالى أن شر ما دب على وجه األرض هم الذين كفروا فهم ال يؤمنون ، الذينقون { أي : ال كلما عاهدوا عهدا نقضوه ، وكلما أكدوه باأليمان نكثوه ، } وهم ال يت

يخافون من الله في شيء ارتكبوه من اآلثام.د بهم من هم في الحرب { أي : تغلبهم وتظفر بهم في حرب ، } فشر } فإما تثقفن

خلفهم { أي : نكل بهم ، قاله : ابن عباس ، والحسن البصري ، والضحاك ، والسدي ،وعطاء الخراساني ، وابن عيينة ،

__________( في أ : "قوم".1)

Page 39: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في د ، ك ، : "كصنيعهم".2)( في أ : "ولكن".3)

(4/78)

ه ال يحب الخائنين ) ( 58وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الل

ومعناه : غلظ عقوبتهم وأثخنهم قتال ليخاف من سواهم من األعداء ، من العربرون { هم يذك وغيرهم ، ويصيروا لهم عبرة } لعل

( بهم مثل ذلك.1وقال السدي : يقول : لعلهم يحذرون أن ينكثوا فيصنع )ه ال يحب الخائنين ) ( {58} وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الل

( } وإما تخافن من قوم { قد عاهدتهم2يقول تعالى لنبيه ، صلوات الله وسالمه عليه ) } خيانة { أي : نقضا لما بينك وبينهم من المواثيق والعهود ، } فانبذ إليهم { أي :

عهدهم } على سواء { أي : أعلمهم بأنك قد نقضت عهدهم حتى يبقى علمك وعلمهم بأنك حرب لهم ، وهم حرب لك ، وأنه ال عهد بينك وبينهم على السواء ، أي : تستوي

( حتى يجيبوك إلى3أنت وهم في ذلك ، قال الراجز. فاضرب وجوه الغدر ]األعداء[ )(4السواء )

وعن الوليد بن مسلم أنه قال في قوله : } فانبذ إليهم على سواء { أي : على مهل ،ه ال يحب الخائنين { أي : حتى ولو في حق الكفارين ، ال يحبها أيضا. } إن الل

( عن أبي الفيض ، عن سليم5قال اإلمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ) بن عامر ، قال : كان معاوية يسير في أرض الروم ، وكان بينه وبينهم أمد ، فأراد أن

يدنو منهم ، فإذا انقضى األمد غزاهم ، فإذا شيخ على دابة يقول : الله أكبر ]الله أكبر[ ( وفاء ال غدرا ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ومن كان بينه وبين قوم6)

عهد فال يحلن عقدة وال يشدها حتى ينقضي أمدها ، أو ينبذ إليهم على سواء" قال :فبلغ ذلك معاوية ، فرجع ، وإذا الشيخ عمرو بن عبسة ، رضي الله عنه.

وهذا الحديث رواه أبو داود الطيالسي ، عن شعبة وأخرجه أبو داود ، والترمذي ، ( وقال الترمذي : حسن7والنسائي ، وابن حبان في صحيحه من طرق عن شعبة ، به )

صحيح. وقال اإلمام أحمد أيضا : حدثنا محمد بن عبد الله الزبيري ، حدثنا إسرائيل ، عن عطاء

بن السائب ، عن أبي البختري عن سلمان - يعني الفارسي - رضي الله عنه : أنه انتهى (8إلى حصن - أو : مدينة - فقال ألصحابه : دعوني أدعوهم كما رأيت رسول الله )

( فهداني الله عز وجل9صلى الله عليه وسلم يدعوهم ، فقال : إنما كنت رجال منهم )لإلسالم ، فإذا أسلمتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا ، وإن أبيتم فأدوا

__________( في ك : "فنصنع".1)( في أ : "صلى الله عليه وسلم".2)( زيادة من د ، م ، أ ، والطبري.3)(.14/27( الرجز في تفسير الطبري )4)( في ك : "سعيد".5)

Page 40: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( زيادة من د ، ك ، م ، والمسند.6)( وسنن أبي داود برقم )1155( ومسند الطيالسي برقم )4/111( مسند أحمد )7)

(.8732( والنسائي في السنن الكبرى برقم )1580( وسنن الترمذي برقم )2759( في د ، ك : "النبي".8)( في د ، ك ، م : "منكم".9)

(4/79)

هم ال يعجزون ) ذين كفروا سبقوا إن ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة59وال يحسبن اله ه وعدوكم وآخرين من دونهم ال تعلمونهم الل ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الل

ه يوف إليكم وأنتم ال تظلمون ) ( 60يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الل

ه ال يحب الخائنين { الجزية وأنتم صاغرون ، فإن أبيتم نابذناكم على سواء ، } إن الل(1يفعل بهم ذلك ثالثة أيام ، فلما كان اليوم الرابع غدا الناس إليها ففتحوها بعون الله )

هم ال يعجزون ) ذين كفروا سبقوا إن ( وأعدوا لهم ما استطعتم من59} وال يحسبن اله ه وعدوكم وآخرين من دونهم ال تعلمونهم الل قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الل

ه يوف إليكم وأنتم ال تظلمون ) ( {60يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل اللذين كفروا يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : } وال تحسبن { يا محمد } ال

سبقوا { أي : فاتونا فال نقدر عليهم ، بل هم تحت قهر قدرتنا وفي قبضة مشيئتنا فالئات أن يسبقونا ساء ما ي ذين يعملون الس يعجزوننا ، كما قال تعالى : } أم حسب ال

ذين كفروا4يحكمون { ]العنكبوت : [أي : يظنون ، وقال تعالى : } ال تحسبن الار ولبئس المصير { ]النور : (2[ ، وقال تعالى )57معجزين في األرض ومأواهم الن

م وبئس المهاد { ]آل ذين كفروا في البالد متاع قليل ثم مأواهم جهن ب ال ك تقل ن } ال يغر[.197 ، 196عمران :

ثم أمر تعالى بإعداد آالت الحرب لمقاتلتهم حسب الطاقة واإلمكان واالستطاعة ، فقال : } وأعدوا لهم ما استطعتم { أي : مهما أمكنكم ، } من قوة ومن رباط

الخيل { قال اإلمام أحمد : حدثنا هارون بن معروف ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن أبي علي ثمامة بن شفي ، أنه سمع عقبة بن عامر يقول : سمعت

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر : } وأعدوا لهم ما استطعتم(3من قوة { أال إن القوة الرمي ، أال إن القوة الرمي" )

رواه مسلم ، عن هارون بن معروف ، وأبو داود عن سعيد بن منصور ، وابن ماجة عن(4يونس بن عبد األعلى ، ثالثتهم عن عبد الله بن وهب ، به )

ولهذا الحديث طرق أخر ، عن عقبة بن عامر ، منها ما رواه الترمذي ، من حديث صالح(5بن كيسان ، عن رجل ، عنه )

وروى اإلمام أحمد وأهل السنن ، عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(6"ارموا واركبوا ، وأن ترموا خير من أن تركبوا" )

__________ ( من طريق أبي عوانة ،1548( ورواه الترمذي في السنن برقم )5/440( المسند )1)

Page 41: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

عن عطاء بن السائب ، عن أبي البختري به نحوه ، وقال : "حديث سلمان حديث حسن ال نعرفه إال من حديث عطاء بن السائب ، وسمعت محمدا يقول : أبو البختري

لم يدرك سلمان ؛ ألنه لم يدرك عليا ، وسلمان مات قبل علي".( في د : "وقوله".2)( في م ذكرت جملة "أال إن القوة الرمي" ثالث مرات.3) (2514( وسنن أبي داود برقم )1917( وصحيح مسلم برقم )4/156( المسند )4)

(.13/28وسنن ابن ماجة برقم ) ( وقال : "صالح بن كيسان لم يدرك عقبة بن عامر ،3083( سنن الترمذي برقم )5)

وقد أدرك ابن عمر".(.4/144( المسند )6)

(4/80)

وقال اإلمام مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الخيل لثالثة : لرجل أجر ،

ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر ؛ فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله ، فأطال لها في مرج - أو : روضة - فما أصابت في طيلها ذلك من المرج - أو : الروضة - كانت

له حسنات ، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له ، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ، ولم يرد أن يسقي به ، كان ذلك حسنات

يا وتعففا ، ولم ينس حق الله في رقابها له ؛ فهي لذلك الرجل أجر. ورجل ربطها تغن وال ظهورها ، فهي له ستر ، ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء فهي على ذلك وزر". وسئل

رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر فقال : "ما أنزل الله علي فيها شيئا إالة ة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذر هذه اآلية الجامعة الفاذة : } فمن يعمل مثقال ذر

ا يره { ]الزلزلة : [.8 ، 7شر(1رواه البخاري - وهذا لفظه - ومسلم ، كالهما من حديث مالك )

كين بن الربيع ) ( عن القاسم2وقال اإلمام أحمد : حدثنا حجاج ، أخبرنا شريك ، عن الر بن حسان ؛ عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "الخيل

ثالثة : ففرس للرحمن ، وفرس للشيطان ، وفرس لإلنسان ، فأما فرس الرحمن فالذي يربط في سبيل الله ، فعلفه وروثه وبوله ، وذكر ما شاء الله. وأما فرس

الشيطان فالذي يقامر أو يراهن عليه ، وأما فرس اإلنسان فالفرس يرتبطها اإلنسان(3يلتمس بطنها ، فهي ستر من فقر" )

وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن الرمي أفضل من ركوب الخيل ، وذهب اإلمام مالك إلىأن الركوب أفضل من الرمي ، وقول الجمهور أقوى للحديث ، والله أعلم.

( قاال حدثنا ليث ، حدثني يزيد بن أبي4وقال اإلمام أحمد : حدثنا حجاج وهشام ) ( مر على أبي ذر ، وهو قائم عند5حبيب ، عن ابن شماسة : أن معاوية بن حديج )

فرس له ، فسأله ما تعالج من فرسك هذا ؟ فقال : إني أظن أن هذا الفرس قد استجيب له دعوته! قال : وما دعاء بهيمة من البهائم ؟ قال : والذي نفسي بيده ما من

فرس إال وهو يدعو كل سحر فيقول : اللهم ، أنت خولتني عبدا من عبادك ، وجعلت(6رزقي بيده ، فاجعلني أحب إليه من أهله وماله وولده )

Page 42: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

قال : وحدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبد الحميد بن جعفر ؛ حدثني يزيد بن أبي حبيب ، ( ؛ عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، قال :7عن سويد بن قيس ؛ عن معاوية بن حديج )قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنه

__________ ( وأما2371( ومن طريقه ، رواه البخاري في صحيحه برقم )2/414( الموطأ )1)

مسلم فرواه من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن أبي صالح به برقم )987.)

( في ك : "الربيع بن الركين".2)(.1/395( المسند )3)( في ك ، أ : "هاشم".4)( في أ : "خديج".5)(.5/162( المسند )6)( في أ : "خديج".7)

(4/81)

ليس من فرس عربي إال يؤذن له مع كل فجر ، يدعو بدعوتين ، يقول : اللهم ، إنك خولتني من خولتني من بني آدم ، فاجعلني من أحب أهله وماله إليه" أو "أحب أهله

وماله إليه".(1رواه النسائي ، عن عمرو بن علي الفالس ، عن يحيى القطان ، به )

وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا يحيى بن حمزة ، حدثنا المطعم بن المقدام الصنعاني ، عن الحسن بن أبي الحسن أنه قال البن الحنظلية - يعني : سهال - : حدثنا حديثا سمعته من رسول الله

صلى الله عليه وسلم. فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وأهلها معانون عليها ، ومن ربط فرسا في

(2سبيل الله كانت النفقة عليه ، كالماد يده بالصدقة ال يقبضها" ) واألحاديث الواردة في فضل ارتباط الخيل كثيرة ، وفي صحيح البخاري ، عن عروة ابن

( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الخيل معقود في3أبي الجعد البارقي )(4نواصيها الخير إلى يوم القيامة : األجر والمغنم" )

ه وعدوكم { أي : من الكفار } وآخرين وقوله : "ترهبون" أي : تخوفون } به عدو الل من دونهم { قال مجاهد : يعني : قريظة ، وقال السدي : فارس ، وقال سفيان الثوري

: قال ابن يمان : هم الشياطين التي في الدور. وقد ورد حديث بمثل ذلك ، قال ابنأبي حاتم :

حدثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج الحمصي ، حدثنا أبو حيوة - يعني : شريح بن يزيد المقرئ - حدثنا سعيد بن سنان ، عن ابن عريب - يعني : يزيد بن عبد الله بن عريب -

عن أبيه ، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في قوله :(5} وآخرين من دونهم ال تعلمونهم { قال : "هم الجن" )

ورواه الطبراني ، عن إبراهيم بن دحيم ؛ عن أبيه ، عن محمد بن شعيب ؛ عن سعيد ( عن يزيد بن عبد الله بن عريب ، به ، وزاد : قال رسول الله صلى الله6بن سنان )

Page 43: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(7عليه وسلم : "ال يخبل بيت فيه عتيق من الخيل" )وهذا الحديث منكر ، ال يصح إسناده وال متنه.

وقال مقاتل بن حيان ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هم المنافقون.__________

(.6/223( وسنن النسائي )5/170( المسند )1)(.6/98( المعجم الكبير )2)( في م : "المبارك".3)(.2850( صحيح البخاري برقم )4) ( "بغية الباحث" حدثنا داود650( ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده برقم )5)

بن رشيد عن أبي حيوة به.( في جميع النسخ : "سنان بن سعيد بن سنان" والتصويب من المعجم الكبير.6) ( : حدثنا ابن1089( ورواه أبو الشيخ في العظمة برقم )17/188( المعجم الكبير )7)

أبي عاصم عن دحيم به نحوه.

(4/82)

ميع العليم ) ه هو الس ه إن ل على الل لم فاجنح لها وتوك ( 61وإن جنحوا للس

وهذا أشبه األقوال ، ويشهد له قوله : } وممن حولكم من األعراب منافقون ومن أهلفاق ال تعلمهم نحن نعلمهم { ]التوبة : [.101المدينة مردوا على الن

ه يوف إليكم وأنتم التظلمون { أي : مهما وقوله : } وما تنفقوا من شيء في سبيل الل( والكمال ، ولهذا جاء في حديث )1أنفقتم في الجهاد ، فإنه يوفى إليكم على التمام )

( كما3( رواه أبو داود : أن الدرهم يضاعف ثوابه في سبيل الله إلى سبعمائة ضعف )2ة أنبتت ذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حب تقدم في قوله تعالى : } مثل ال

ه واسع عليم { ه يضاعف لمن يشاء والل ة والل سبع سنابل في كل سنبلة مائة حب[.261]البقرة :

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، حدثنا األشعث بن إسحاق ، عن جعفر ، عن سعيد بن

جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر أال يتصدق إال علىه يوف إليكم { فأمر أهل اإلسالم ، حتى نزلت : } وما تنفقوا من شيء في سبيل الل

بالصدقة بعدها على كل من سألك من كل دين. وهذا أيضا غريب.ميع العليم ) ه هو الس ه إن ل على الل لم فاجنح لها وتوك ( {61} وإن جنحوا للس

__________( في ك : "إليكم وأنتم ال تظلمون على التمام".1)( في د : "في الحديث الذي".2) ( ولفظه : "إن الصالة والصيام والذكر تضاعف على2498( سنن أبي داود برقم )3)

النفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف" وقد تقدم نحو هذا اللفظ عند تفسير اآلية : من سورة البقرة من حديث عمران بن حصين.261

Page 44: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(4/83)

دك بنصره وبالمؤمنين ) ذي أي ه هو ال ف62وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الل ( وألف بينهم ه أل فت بين قلوبهم ولكن الل بين قلوبهم لو أنفقت ما في األرض جميعا ما أل

ه عزيز حكيم ) ( 63إن

دك بنصره وبالمؤمنين ) ذي أي ه هو ال (62} وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك اللف ه أل فت بين قلوبهم ولكن الل ف بين قلوبهم لو أنفقت ما في األرض جميعا ما أل وأل

ه عزيز حكيم ) ( {63بينهم إن يقول تعالى : إذا خفت من قوم خيانة فانبذ إليهم عهدهم على سواء ، فإن استمروا

لم { أي : المسالمة على حربك ومنابذتك فقاتلهم ، } وإن جنحوا { أي : مالوا } للس والمصالحة والمهادنة ، } فاجنح لها { أي : فمل إليها ، واقبل منهم ذلك ؛ ولهذا لما

طلب المشركون عام الحديبية الصلح ووضع الحرب بينهم وبين رسول الله صلى اللهعليه وسلم تسع سنين ؛ أجابهم إلى ذلك مع ما اشترطوا من الشروط األخر.

وقال عبد الله بن اإلمام أحمد : حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا فضيل بن سليمان - يعني : النميري - حدثنا محمد بن أبي يحيى ، عن إياس بن عمرو األسلمي ،

عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنه سيكون بعدى اختالف - أو : أمر - فإن استطعت أن يكون السلم ،

(1فافعل" )وقال مجاهد : نزلت في بني قريظة.

__________( : "رجاله ثقات".7/234( وقال الهيثمي في المجمع )1/90( زوائد المسند )1)

(4/83)

وهذا فيه نظر ؛ ألن السياق كله في وقعة بدر ، وذكرها مكتنف لهذا كله. وقول ابن عباس ، ومجاهد ، وزيد بن أسلم ، وعطاء الخراساني ، وعكرمة ، والحسن ،

ذين ال يؤمنون وقتادة : إن هذه اآلية منسوخة بآية السيف في "براءة" : } قاتلوا ال [ فيه نظر أيضا ؛ ألن آية براءة فيها األمر29بالله وال باليوم اآلخر { اآلية ]التوبة :

بقتالهم إذا أمكن ذلك ، فأما إذا كان العدو كثيفا ، فإنه تجوز مهادنتهم ، كما دلت عليه هذه اآلية الكريمة ، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ، فال منافاة وال

نسخ وال تخصيص ، والله أعلم.ه { أي : صالحهم وتوكل على الله ، فإن الله كافيك وناصرك ل على الل وقوله : } وتوكه { أي : كافيك ، ولو كانوا يريدون بالصلح خديعة ليتقووا ويستعدوا ، } فإن حسبك الل

وحده. ثم ذكر نعمته عليه بما أيده به من المؤمنين المهاجرين واألنصار ؛ فقال : } هو الذي

ف بين قلوبهم { أي : جمعها على اإليمان بك ، وعلى دك بنصره وبالمؤمنين وأل أيفت بين قلوبهم { طاعتك ومناصرتك وموازرتك } لو أنفقت ما في األرض جميعا ما أل

Page 45: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

أي : لما كان بينهم من العداوة والبغضاء فإن األنصار كانت بينهم حروب كثيرة في الجاهلية ، بين األوس والخزرج ، وأمور يلزم منها التسلسل في الشر ، حتى قطع الله

ف بين ذلك بنور اإليمان ، كما قال تعالى : } واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألار فأنقذكم منها كذلك قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من الن

كم تهتدون { ]آل عمران : ه لكم آياته لعل ن الل [.103يبي وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خطب األنصار في شأن غنائم

حنين قال لهم : "يا معشر األنصار ، ألم أجدكم ضالال فهداكم الله بي ، وعالة فأغناكم( . (1الله بي ، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي" كلما قال شيئا قالوا : الله ورسوله أمنه عزيز حكيم { أي : عزيز الجناب ، فال ف بينهم إن ه أل ولهذا قال تعالى : } ولكن الل

يخيب رجاء من توكل عليه ، حكيم في أفعاله وأحكامه. قال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا علي بن بشر

( القنديلي2الصيرفي القزويني في منزلنا ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن الحسن ) اإلستراباذي ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن النعمان الصفار ، حدثنا ميمون بن الحكم ، حدثنا بكر بن الشرود ، عن محمد بن مسلم الطائفي ، عن إبراهيم بن ميسرة

، عن طاوس ، عن ابن عباس قال : قرابة الرحم تقطع ، ومنة النعمة تكفر ، ولم يرفت بين مثل تقارب القلوب ؛ يقول الله تعالى : } لو أنفقت ما في األرض جميعا ما أل

ك واستغنى قلوبهم { وذلك موجود في الشعر : إذا مت ذو القربى إليك برحمهفغشفليس بذي رحم

ولكن ذا القربى الذي إن دعوتهأجاب ومن يرمي العدو الذي ترمي__________

( من حديث عبد الله بن1061( وصحيح مسلم برقم )4330( صحيح البخاري برقم )1)يزيد بن عاصم ، رضي الله عنه.

( في جميع النسخ "الحسين" والتصويب من الشعب والميزان.2)

(4/84)

قال : ومن ذلك قول القائل : ولقد صحبت الناس ثم سبرتهموبلوت ما وصلوا مناألسباب

فإذا القرابة ال تقرب قاطعاوإذا المودة أقرب األسباب قال البيهقي : ال أدري هذا موصول بكالم ابن عباس ، أو هو من قول من دونه من

(1الرواة ؟ ) وقال أبو إسحاق السبيعي ، عن أبي األحوص ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي اللهفت بين قلوبهم { اآلية ، عنه ، سمعته يقول : } لو أنفقت ما في األرض جميعا ما أل

قال : هم المتحابون في الله ، وفي رواية : نزلت في المتحابين في الله.(2رواه النسائي والحاكم في مستدركه ، وقال : صحيح )

وقال عبد الرازق : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : إن الرحم لتقطع ، وإن النعمة لتكفر ، وإن الله إذا قارب بين القلوب لم يزحزحها شيء ،

فت بين قلوبهم { ثم قرأ : } لو أنفقت ما في األرض جميعا ما ألرواه الحاكم أيضا.

Page 46: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وقال أبو عمرو األوزاعي : حدثني عبدة بن أبي لبابة ، عن مجاهد - ولقيته فأخذ بيدي فقال : إذا تراءى المتحابان في الله ، فأخذ أحدهما بيد صاحبه ، وضحك إليه ، تحاتت

خطاياهما كما يتحات ورق الشجر. قال عبدة : فقلت له : إن هذا ليسير! فقال : ال تقلفت بين ذلك ؛ فإن الله تعالى يقول : } لو أنفقت ما في األرض جميعا ما أل

(3قلوبهم { !. قال عبدة : فعرفت أنه أفقه مني ) ( عن5( عن إبراهيم الخوزي )4وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن يمان )

الوليد بن أبي مغيث ، عن مجاهد قال : إذا التقى المسلمان فتصافحا غفر لهما ، قال : قلت لمجاهد : بمصافحة يغفر لهما ؟ فقال مجاهد : أما سمعته يقول : } لو أنفقت ماف بينهم { ؟ فقال الوليد لمجاهد : ه أل فت بين قلوبهم ولكن الل في األرض جميعا ما أل

أنت أعلم مني.وكذا روى طلحة بن مصرف ، عن مجاهد.

( أن أول ما يرفع من الناس6وقال ابن عون ، عن عمير بن إسحاق قال : كنا نحدث )( - األلفة.7- ]أو قال : عن الناس[ )

وقال الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، رحمه الله : حدثنا الحسين بنإسحاق

__________(.9034( شعب اإليمان للبيهقي برقم )1)(.2/329( والمستدرك )11210( النسائي في السنن الكبرى برقم )2)(.14/46( رواه الطبري في تفسيره )3)( في هـ : "حدثنا أبو يمان" والتصويب من د ، ك ، م ، والطبري.4)( في د ، ك : "الجزري".5)( في د ، ك : "نتحدث".6)( زيادة من الطبري.7)

(4/85)

بعك من المؤمنين ) ه ومن ات بي حسبك الل ها الن ض المؤمنين64يا أي بي حر ها الن ( يا أي على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مئة يغلبوا ألفا

هم قوم ال يفقهون ) ذين كفروا بأن ه عنكم وعلم أن فيكم ضعفا65من ال ( اآلن خفف الله فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الل

ه مع الصابرين ) ( 66والل

التستري ، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، حدثنا سالم بن غيالن ، سمعت جعدا أبا عثمان ، حدثني أبو عثمان النهدي ، عن سلمان الفارسي : أن رسول الله صلى الله

عليه وسلم قال : "إن المسلم إذا لقي أخاه المسلم ، فأخذ بيده ، تحاتت عنهما ذنوبهما ، كما يتحات الورق عن الشجرة اليابسة في يوم ريح عاصف ، وإال غفر لهما

(2( )1ولو كانت ذنوبهما مثل زبد البحار )بعك من المؤمنين ) ه ومن ات بي حسبك الل ها الن ض المؤمنين64} يا أي بي حر ها الن ( يا أي

على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا

Page 47: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

هم قوم ال يفقهون ) ذين كفروا بأن ه عنكم وعلم أن فيكم65ألفا من ال ( اآلن خفف الل ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن

ه مع الصابرين ) ه والل ( {66الل يحرض تعالى نبيه ، صلوات الله وسالمه عليه ، والمؤمنين على القتال ومناجزة األعداء

ومبارزة األقران ، ويخبرهم أنه حسبهم ، أي : كافيهم وناصرهم ومؤيدهم علىعدوهم ، وإن كثرت أعدادهم وترادفت أمدادهم ، ولو قل عدد المؤمنين.

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، أنبأنابعك3سفيان ، عن شوذب ) ه ومن ات بي حسبك الل ها الن ( عن الشعبي في قوله : } يا أي

من المؤمنين { قال : حسبك الله ، وحسب من شهد معك.( مثله.4قال : وروي عن عطاء الخراساني ، وعبد الرحمن بن زيد ]بن أسلم[ )

ض المؤمنين على القتال { أي : حثهم وذمر ) بي حر ها الن ( عليه ،5ولهذا قال : } يا أي ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرض على القتال عند صفهم ومواجهة

العدو ، كما قال ألصحابه يوم بدر ، حين أقبل المشركون في عددهم وعددهم : "قوموا إلى جنة عرضها السموات واألرض". فقال عمير بن الحمام : عرضها السموات

واألرض ؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "نعم" فقال : بخ بخ ، فقال : "ما ( رجاء أن أكون من أهلها! قال : "فإنك من أهلها"6يحملك على قولك بخ بخ ؟ " قال )

فتقدم الرجل فكسر جفن سيفه ، وأخرج تمرات فجعل يأكل منهن ، ثم ألقى بقيتهن من يده ، وقال : لئن أنا حييت حتى آكلهن إنها لحياة طويلة! ثم تقدم فقاتل حتى قتل ،

(7رضي الله عنه )__________

( في د ، ك ، أ : "البحر".1)( وفيه : "مثل زبد البحر" وقال الهيثمي في المجمع )6/256( المعجم الكبير )2)

( : "رجاله رجال الصحيح غير سالم بن غيالن وهو ثقة".8/37( في هـ ، ك : "عن ابن شوذب" والمثبت من م ، أ ، والطبري.3)( زيادة من أ.4)( في أ : "وذمرهم".5)( في ك : "فقال".6)( من حديث أنس ، رضي الله عنه.1901( رواه مسلم في صحيحه برقم )7)

(4/86)

وقد روي عن سعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير : أن هذه اآلية نزلت حين أسلم عمربن الخطاب ، وكمل به األربعون.

وفي هذا نظر ؛ ألن هذه اآلية مدنية ، وإسالم عمر كان بمكة بعد الهجرة إلى أرضالحبشة وقبل الهجرة إلى المدينة ، والله أعلم.

را للمؤمنين وآمرا : } إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين ثم قال تعالى مبشذين كفروا { كل واحد بعشرة ) ( ثم نسخ هذا1وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من ال

األمر وبقيت البشارة.يت ) ( عن2قال عبد الله بن المبارك : حدثنا جرير بن حازم ، حدثني الزبير بن الخر

Page 48: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما نزلت : } إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين { شق ذلك على المسلمين حين فرض الله عليهم أال يفر واحد من عشرة ، ثم

ه عنكم { إلى قوله : } يغلبوا مائتين { قال : جاء التخفيف ، فقال : } اآلن خفف اللخفف الله عنهم من العدة ، ونقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم.

(3وروى البخاري من حديث ابن المبارك ، نحوه ) وقال سعيد بن منصور : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس في هذه

اآلية قال : كتب عليهم أال يفر عشرون من مائتين ، ثم خفف الله عنهم ، فقال :ه عنكم وعلم أن فيكم ضعفا { فال ينبغي لمائة أن يفروا من مائتين. } اآلن خفف الل

(4وروى البخاري ، عن علي بن عبد الله ، عن سفيان ، به ونحوه ) وقال محمد بن إسحاق : حدثني ابن أبي نجيح ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : لما

نزلت هذه اآلية ثقلت على المسلمين ، وأعظموا أن يقاتل عشرون مائتين ، ومائةه عنكم وعلم أن ألفا ، فخفف الله عنهم فنسخها باآلية األخرى فقال : } اآلن خفف الل

( لم ينبغ لهم أن5فيكم ضعفا { اآلية ، فكانوا إذا كانوا على الشطر من عدو لهم ) يفروا من عدوهم ، وإذا كانوا دون ذلك ، لم يجب عليهم قتالهم ، وجاز لهم أن يتحوزوا

عنهم. وروى علي بن أبي طلحة والعوفي ، عن ابن عباس ، نحو ذلك. قال ابن أبي حاتم :

وروي عن مجاهد ، وعطاء ، وعكرمة ، والحسن ، وزيد بن أسلم ، وعطاء الخراساني ،والضحاك نحو ذلك.

وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه ، من حديث المسيب بن شريك ، عن ابن عون ، عن نافع ، عن ابن عمر ، رضي الله عنهما : } إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا

مائتين { قال : نزلت فينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.__________

( في ك : "لعشرة".1)( في هـ : "الزبير بن الحارث" والمثبت من د ، ك ، م الطبري.2)(.4653( صحيح البخاري برقم )3)(.4652( صحيح البخاري برقم )4)( في د ، ك : "عدوهم".5)

(4/87)

ه يريد ى يثخن في األرض تريدون عرض الدنيا والل ما كان لنبي أن يكون له أسرى حته عزيز حكيم ) كم فيما أخذتم عذاب67اآلخرة والل ه سبق لمس ( لوال كتاب من الل

ه غفور رحيم )68عظيم ) ه إن الل قوا الل با وات ( 69( فكلوا مما غنمتم حالال طي

وروى الحاكم في مستدركه ، من حديث أبي عمرو بن العالء ، عن نافع ، عن ابنه عنكم وعلم أن عمر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ : } اآلن خفف الل

(1فيكم ضعفا { رفع ، ثم قال : صحيح اإلسناد ولم يخرجاه )ه يريد ى يثخن في األرض تريدون عرض الدنيا والل } ما كان لنبي أن يكون له أسرى حت

ه عزيز حكيم ) كم فيما أخذتم عذاب67اآلخرة والل ه سبق لمس ( لوال كتاب من الل

Page 49: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه غفور رحيم )68عظيم ) ه إن الل قوا الل با وات ( {69( فكلوا مما غنمتم حالال طي قال اإلمام أحمد : حدثنا علي بن عاصم ، عن حميد ، عن أنس ، رضي الله عنه ، قال :

استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في األسارى يوم بدر ، فقال : "إن الله قد أمكنكم منهم" فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله ، اضرب أعناقهم.

فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "يا أيها الناس ، إن الله قد أمكنكم منهم ، وإنما هم إخوانكم باألمس". فقام

عمر فقال : يا رسول الله ، اضرب أعناقهم. فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم فقال للناس مثل ذلك ، فقام أبو بكر الصديق ،

رضي الله عنه ، فقال : يا رسول الله ، نرى أن تعفو عنهم ، وأن تقبل منهم الفداء. قال : فذهب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان فيه من الغم ، فعفا

عنهم ، وقبل منهم الفداء. قال : وأنزل الله ، عز وجل : } لوال كتاب من الله سبق {(2اآلية )

وقد سبق في أول السورة حديث ابن عباس في صحيح مسلم بنحو ذلك. وقال األعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال : لما كان يوم

( األسارى ؟ "3بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما تقولون في هؤالء ) قال : فقال أبو بكر : يا رسول الله ، قومك وأهلك ، استبقهم واستتبهم ، لعل الله أن يتوب عليهم. قال : وقال عمر : يا رسول الله ، أخرجوك ، وكذبوك ، فقدمهم فاضرب أعناقهم. قال : وقال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله ، أنت في واد كثير الحطب ،

(4فأضرم الوادي عليهم نارا ، ثم ألقهم فيه. ]قال : فقال العباس : قطعت رحمك[ ) قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليهم شيئا ، ثم قام فدخل

فقال ناس : يأخذ بقول أبي بكر. وقال ناس : يأخذ بقول عمر. وقال ناس : يأخذ بقول عبد الله بن رواحة. ثم خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "إن الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن ، وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى

تكون أشد من الحجارة ، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم ، عليه السالم ، قال :ك غفوررحيم { ]إبراهيم : ي ومن عصاني فإن ه من [ ، وإن مثلك يا36} فمن تبعني فإن

هم عبادك وإن تغفر لهم أبا بكر كمثل عيسى ، عليه السالم ، قال : } إن تعذبهم فإنك أنت العزيز الحكيم { ]المائدة : [ ، وإن مثلك يا عمر مثل موسى118فإن

__________(.2/239( المستدرك )1)(.3/243( المسند )2)( في أ : "هذه".3)( زيادة من د ، ك ، م ، والمسند والطبري.4)

(4/88)

ى نا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فال يؤمنوا حت عليه السالم ، قال : } رب [ ، وإن مثلك يا عمر كمثل نوح عليه السالم ، قال :88يروا العذاب األليم { ]يونس :

ارا { ]نوح : [ ، أنتم عالة فال ينفلتن أحد26} رب ال تذر على األرض من الكافرين دي منهم إال بفداء أو ضربة عنق". قال ابن مسعود : قلت : يا رسول الله ، إال سهيل بن

Page 50: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

بيضاء ، فإنه يذكر اإلسالم ، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما رأيتني في يوم أخوف أن تقع علي حجارة من السماء مني في ذلك اليوم ، حتى قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : "إال سهيل بن بيضاء" فأنزل الله تعالى : } ما كان لنبي أنيكون له أسرى { إلى آخر اآلية.

رواه اإلمام أحمد والترمذي ، من حديث أبي معاوية ، عن األعمش ، والحاكم في ( وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه ،1مستدركه ، وقال : صحيح اإلسناد ولم يخرجاه )

عن عبد الله بن عمر ، وأبي هريرة ، رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه( وفي الباب عن أبي أيوب األنصاري.2وسلم نحوه )

وروى ابن مردويه أيضا - واللفظ له - والحاكم في مستدركه ، من حديث عبيد الله بن موسى : حدثنا إسرائيل ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : لما أسر األسارى يوم بدر ، أسر العباس فيمن أسر ، أسره رجل من األنصار ، قال : وقد

أوعدته األنصار أن يقتلوه. فبلغ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إني لم أنم الليلة من أجل عمي العباس ، وقد زعمت األنصار

أنهم قاتلوه" فقال له عمر : فآتهم ؟ قال : "نعم" فأتى عمر األنصار فقال لهم : أرسلوا العباس فقالوا : ال والله ال نرسله. فقال لهم عمر : فإن كان لرسول الله صلى

الله عليه وسلم رضى ؟ قالوا : فإن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم رضى فخذه. فأخذه عمر فلما صار في يده قال له : يا عباس ، أسلم ، فوالله ألن تسلم أحب

إلي من أن يسلم الخطاب ، وما ذاك إال لما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه إسالمك ، قال : فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ، فقال أبو

بكر : عشيرتك. فأرسلهم ، فاستشار عمر ، فقال : اقتلهم ، ففاداهم رسول الله صلىى يثخن في األرض الله عليه وسلم ، فأنزل الله : } ما كان لنبي أن يكون له أسرى حت

( اآلية.3{ )(4قال الحاكم : صحيح اإلسناد ، ولم يخرجاه )

وقال سفيان الثوري ، عن هشام - هو ابن حسان - عن محمد بن سيرين ، عن عبيدة ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدرر أصحابك في األسارى : إن شاءوا الفداء ، وإن شاؤوا القتل على أن يقتل فقال : خي

منهم مقبال مثلهم. قالوا : الفداء ويقتل منا. ( وهذا5رواه الترمذي ، والنسائي ، وابن حبان في صحيحه من حديث الثوري ، به )

حديث غريب__________

( وقال3/21( والمستدرك )3084( وسنن الترمذي برقم )1/383( المسند )1)الترمذي : "هذا حديث حسن وأبو عبيدة بن عبد الله لم يسمع من أبيه".

(.107 ، 4/104( ذكرهما السيوطي في الدر المنثور )2)( في ك : "تكون".3)( وقال الذهبي : "على شرط مسلم".2/329( المستدرك )4) ( وقال8662( والنسائي في السنن الكبرى برقم )1567( سنن الترمذي برقم )5)

الترمذي : "هذا حديث غريب من حديث الثوري ال نعرفه إال من حديث ابن أبي زائدة".

(4/89)

Page 51: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

جدا. ( عن عبيدة ، عن علي قال : قال رسول الله1وقال ابن عون ]عن محمد بن سيرين[ )

صلى الله عليه وسلم في أسارى يوم بدر : "إن شئتم قتلتموهم ، وإن شئتم فاديتموهم واستمتعتم بالفداء ، واستشهد منكم بعدتهم". قال : فكان آخر السبعين ثابت بن

(2قيس ، قتل يوم اليمامة ، رضي الله عنه )( فالله أعلم.3ومنهم من روى هذا الحديث عن عبيدة مرسال )

وقال محمد بن إسحاق ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء ، عن ابن عباس : } ما كان لنبي أن يكون له أسرى { فقرأ حتى بلغ : } عذاب عظيم { قال : غنائم بدر ، قبل أن يحلها لهم ، يقول : لوال أني ال أعذب من عصاني حتى أتقدم إليه ، لمسكم فيما أخذتم

عذاب عظيم.وكذا روى ابن أبي نجيح ، عن مجاهد.

وقال األعمش : سبق منه أال يعذب أحدا شهد بدرا. وروى نحوه عن سعد بن أبيوقاص ، وسعيد بن جبير ، وعطاء.

ه سبق { أي : لهم4وقال شعبة ، عن أبي هاشم ) ( عن مجاهد : } لوال كتاب من اللبالمغفرة ونحوه عن سفيان الثوري ، رحمه الله.

ه سبق { وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : } لوال كتاب من اللكم فيما أخذتم { يعني : في أم الكتاب األول أن المغانم واألسارى حالل لكم ، } لمس من األسارى } عذاب عظيم { قال الله تعالى : } فكلوا مما غنمتم { اآلية. وكذا روى العوفي ، عن ابن عباس. وروي مثله عن أبي هريرة ، وابن مسعود ، وسعيد بن جبير ،

وعطاء ، والحسن البصري ، وقتادة واألعمش أيضا : أن المراد } لوال كتاب من اللهسبق { لهذه األمة بإحالل الغنائم وهو اختيار ابن جرير ، رحمه الله.

ويستشهد لهذا القول بما أخرجاه في الصحيحين ، عن جابر بن عبد الله ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أعطيت خمسا ، لم يعطهن أحد من األنبياء قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي األرض مسجدا وطهورا ،

وأحلت لي الغنائم ولم تحل ألحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى(5قومه وبعثت إلى الناس عامة" )

وقال األعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسولالله صلى الله عليه وسلم : "لم تحل

__________( زيادة من المستدرك ودالئل النبوة.1) ( من3/139( والبيهقي في دالئل النبوة )2/140( رواه الحاكم في المستدرك )2)

طريق إبراهيم بن عرعرة قال : أخبرنا أزهر ، عن ابن عون ، عن محمد عن عبيدة ، عن علي به ، وقال ابن عرعرة : "رددت هذا على أزهر فأبى إال أن يقول : عبيدة عن

علي" وصححه الحاكم وقال : "على شرط الشيخين". ( من طريق ابن علية عن ابن عون عن ابن14/67( رواه الطبري في تفسيره )3)

سيرين عن عبيدة به مرسال.( في د : "هشام".4)(.521( وصحيح مسلم برقم )335( صحيح البخاري برقم )5)

(4/90)

Page 52: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(1الغنائم لسود الرؤوس غيرنا" )ه غفور رحيم { ه إن الل قواالل با وات ولهذا قال الله تعالى : } فكلوا مما غنمتم حالال طي

فعند ذلك أخذوا من األسارى الفداء. وقد روى اإلمام أبو داود في سننه : حدثنا عبد الرحمن بن المبارك العيشي ، حدثنا

سفيان بن حبيب ، حدثنا شعبة ، عن أبي العنبس ، عن أبي الشعثاء ، عن ابن عباس :(2أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة )

( عند جمهور العلماء : أن اإلمام مخير فيهم : إن شاء3وقد استقر الحكم في األسرى ) قتل - كما فعل ببني قريظة - وإن شاء فادى بمال - كما فعل بأسرى بدر - أو بمن أسر

من المسلمين - كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الجارية وابنتها اللتين كانتا في سبي سلمة بن األكوع ، حيث ردهما وأخذ في مقابلتهما من المسلمين

الذين كانوا عند المشركين ، وإن شاء استرق من أسر. هذا مذهب اإلمام الشافعي وطائفة من العلماء ، وفي المسألة خالف آخر بين األئمة مقرر في موضعه من كتب

الفقه.__________

( من طريق معاوية بن عمرو عن زائدة ،3085( رواه الترمذي في السنن برقم )1) عن األعمش به نحوه ، وقال الترمذي : "هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث

األعمش".(.2691( سنن أبي داود برقم )2)( في د ، ك ، أ : "األسارى"3)

(4/91)

ه في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا بي قل لمن في أيديكم من األسرى إن يعلم الل ها الن يا أيه غفور رحيم ) ه من70مما أخذ منكم ويغفر لكم والل ( وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الل

ه عليم حكيم ) ( 71قبل فأمكن منهم والل

ه في قلوبكم خيرا يؤتكم بي قل لمن في أيديكم من األسرى إن يعلم الل ها الن } يا أيه غفور رحيم ) ( وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا70خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والل

ه عليم حكيم ) ه من قبل فأمكن منهم والل ( {71الل قال محمد بن إسحاق : حدثني العباس بن عبد الله بن مغفل ، عن بعض أهله ، عن

عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر : "إني قد عرفت أن أناسا من بني هاشم وغيرهم ، قد أخرجوا كرها ، ال حاجة لهم

( منكم أحدا منهم - أي : من بني هاشم - فال يقتله ، ومن لقي أبا1بقتالنا ، فمن لقي ) البختري بن هشام فال يقتله ، ومن لقي العباس بن عبد المطلب فال يقتله ، فإنه إنما

أخرج مستكرها". فقال أبو حذيفة بن عتبة : أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وعشائرنا ونترك العباس ؟ ! والله لئن لقيته أللجمنه بالسيف ؟ فبلغت رسول الله صلى الله

عليه وسلم ، فقال لعمر بن الخطاب : "يا أبا حفص" - قال عمر : والله إنه ألول يوم كناني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم - "أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله

Page 53: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

عليه وسلم بالسيف ؟ " فقال عمر : يا رسول الله ، ائذن لي فأضرب عنقه ، فوالله لقد نافق. فكان أبو حذيفة يقول بعد ذلك : والله ما آمن من تلك الكلمة التي قلت ،

وال أزال منها خائفا ، إال أن يكفرها الله عني بشهادة. فقتل يوم اليمامة شهيدا ، رضيالله عنه.

__________( في أ : "شهد".1)

(4/91)

وبه ، عن ابن عباس قال : لما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، واألسارى محبوسون بالوثاق ، بات رسول الله صلى الله عليه وسلم ساهرا أول

الليل ، فقال له أصحابه : يا رسول الله ، ما لك ال تنام ؟ - وقد أسر العباس رجل من األنصار - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "سمعت أنين عمي العباس في

وثاقه" فأطلقوه ، فسكت ، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال محمد بن إسحاق : وكان أكثر األسارى يوم بدر فداء العباس بن عبد المطلب ،

(1وذلك أنه كان رجال موسرا فافتدى نفسه بمائة أوقية ذهبا ) وفي صحيح البخاري ، من حديث موسى بن عقبة ، قال ابن شهاب : حدثني أنس بن

مالك أن رجاال من األنصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ائذن لنا(3( ال والله ال تذرون منه درهما" )2فلنترك البن أختنا عباس فداءه. قال )

وقال يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن رومان ، عن عروة - وعن الزهري ، عن جماعة سماهم قالوا : بعثت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه

( كل قوم أسيرهم بما رضوا ، وقال العباس : يا4وسلم في فداء أسراهم ، ففدى ) رسول الله ، قد كنت مسلما! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الله أعلم

بإسالمك ، فإن يكن كما تقول فإن الله يجزيك ، وأما ظاهرك فقد كان علينا ، فافتد نفسك وابني أخيك : نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، وعقيل بن أبي طالب بن عبد

المطلب ، وحليفك عتبة بن عمرو أخي بني الحارث بن فهر" قال : ما ذاك عندي يا ( لها : إن5رسول الله! قال : "فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل ؟ فقلت )

أصبت في سفري هذا ، فهذا المال الذي دفنته لبني : الفضل ، وعبد الله ، وقثم". قال (6: والله يا رسول الله ، إني ألعلم أنك رسول الله ، إن هذا لشيء ما علمه أحد )

غيري وغير أم الفضل ، فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني : عشرين أوقية من مال كان معي فقال ؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ال ذاك شيء أعطانا اللهها تعالى منك". ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه ، وأنزل الله ، عز وجل فيه : } يا أيه في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما بي قل لمن في أيديكم من األسرى إن يعلم الل الن

ه غفور رحيم { ) ( قال العباس : فأعطاني الله مكان7أخذ منكم ويغفر لكم والل العشرين األوقية في اإلسالم عشرين عبدا ، كلهم في يده مال يضرب به ، مع ما أرجو

من مغفرة الله ، عز وجل. وقد روى ابن إسحاق أيضا ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء ، عن ابن عباس في هذه

اآلية بنحو مما تقدم.__________

Page 54: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في د ، ك : "ذهب".1)( في ك : "فقال".2)(.4026( صحيح البخاري برقم )3)( في ك : "يفادى".4)( في د : "فقال".5)( في أ : "بشر".6)( في د : "األسرى".7)

(4/92)

( أبو جعفر بن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا ابن إدريس ]عن ابن إسحاق [ )1وقال ) ( عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال العباس : في نزلت :2

ى يثخن في األرض { فأخبرت النبي صلى الله } ما كان لنبي أن يكون له أسرى حت ( مني ، فأبى3عليه وسلم بإسالمي ، وسألته أن يحاسبني بالعشرين األوقية التي أخذ )

، فأبدلني الله بها عشرين عبدا ، كلهم تاجر ، مالي في يده. وقال ابن إسحاق أيضا : حدثني الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، عن جابر بن عبد الله ابن رئاب قال : كان العباس بن عبد المطلب يقول : في نزلت - والله - حين

ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إسالمي - ثم ذكر نحو الحديث الذي قبله.بي قل لمن في ها الن وقال ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس : } يا أي أيديكم من األسرى { عباس وأصحابه. قال : قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : آمنا

بما جئت به ، ونشهد أنك رسول الله ، لننصحن لك على قومنا. فأنزل الله : } إن يعلمه في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم { إيمانا وتصديقا ، يخلف ) ( لكم خيرا4الل

مما أخذ منكم } ويغفر لكم { الشرك الذي كنتم عليه. قال : فكان العباس يقول : ما أحب أن هذه اآلية لم تنزل فينا ، وأن لي الدنيا ، لقد قال : } يؤتكم خيرا مما أخذ

منكم { فقد أعطاني خيرا مما أخذ مني مائة ضعف ، وقال : } ويغفر لكم { وأرجو أن( غفر لي.5يكون )

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في هذه اآلية : كان العباس أسر يوم بدر ، فافتدى نفسه بأربعين أوقية من ذهب ، فقال العباس حين قرئت هذه اآلية : لقد

( الله ، عز وجل ، خصلتين ، ما أحب أن لي بهما الدنيا : إني أسرت يوم بدر6أعطانا ) ففديت نفسي بأربعين أوقية. فآتاني أربعين عبدا ، وأنا أرجو المغفرة التي وعدنا الله ،

جل ثناؤه. ( الله صلى الله عليه وسلم لما7وقال قتادة في تفسير هذه اآلية : ذكر لنا أن رسول )

قدم عليه مال البحرين ثمانون ألفا ، وقد توضأ لصالة الظهر ، فما أعطى يومئذ ساكتا وال حرم سائال وما صلى يومئذ حتى فرقه ، فأمر العباس أن يأخذ منه ويحتثي ، فأخذ.

قال : فكان العباس يقول : هذا خير مما أخذ منا ، وأرجو المغفرة. وقال يعقوب بن سفيان : حدثنا عمرو بن عاصم ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن

حميد بن هالل قال : بعث ابن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من البحرين ثمانين ألفا ، ما أتاه مال أكثر منه ال قبل وال بعد. قال : فنثرت على حصير

ونودي بالصالة. قال : وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمثل قائما على

Page 55: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

المال ، __________

( في ك : "وقال أيضا".1)( زيادة من د ، ك ، م ، والطبري.2)( في أ : "أخذت".3)( في ك : : نخلف".4)( في ك ، أ : "يكون قد".5)( في أ : "أعطاه".6)( في ك : "نبي".7)

(4/93)

( وجاء1وجاء أهل المسجد فما كان يومئذ عدد وال وزن ، ما كان إال قبضا ، ]قال[ ) العباس بن عبد المطلب يحثى في خميصة عليه ، وذهب يقوم فلم يستطع ، قال :

فرفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ارفع علي. قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج ضاحكه - أو : نابه - وقال

له : "أعد من المال طائفة ، وقم بما تطيق". قال : ففعل ، وجعل العباس يقول - وهو منطلق - : أما إحدى اللتين وعدنا الله فقد أنجزنا ، وما ندري ما يصنع في األخرى :

بي قل لمن في أيديكم من األسرى { ) ها الن ( اآلية ، ثم قال : هذا خير مما أخذ2} يا أي ( فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم3منا ، وال أدري ما يصنع الله في األخرى )

مائال على ذلك المال ، حتى ما بقي منه درهم ، وما بعث إلى أهله بدرهم ، ثم أتى(4الصالة فصلى )

حديث آخر في ذلك : قال الحافظ أبو بكر البيهقي : أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني أبو الطيب محمد بن محمد بن عبد الله السعيدي ، حدثنا محمش بن عصام ، حدثنا

حفص بن عبد الله ، حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس بن مالك قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال من البحرين ، فقال :

"انثروه في المسجد". قال : وكان أكثر مال أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج إلى الصالة ولم يلتفت إليه ، فلما قضى الصالة جاء فجلس إليه. فما كان يرى أحدا إال أعطاه ، إذ جاء

العباس فقال : يا رسول الله ، أعطني فإني فاديت نفسي ، وفاديت عقيال. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "خذ". فحثا في ثوبه ، ثم ذهب يقله فلم يستطع ،

. قال : "ال" فنثر منه . قال : "ال". قال : فارفعه أنت علي فقال : مر بعضهم يرفعه إلي ثم احتمله على كاهله ، ثم انطلق ، فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعه بصره حتى خفي عنه ، عجبا من حرصه ، فما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم

(5وثم منها درهم ) وقد رواه البخاري في مواضع من صحيحه تعليقا بصيغة الجزم ، يقول : "وقال إبراهيم

(6بن طهمان" ويسوقه ، وفي بعض السياقات أتم من هذا )ه وقوله : } وإن يريدوا خيانتك { أي : فيما أظهروا لك من األقوال ، } فقد خانوا الل

من قبل { أي : من قبل بدر بالكفر به ، } فأمكن منهم { أي : باإلسار يوم بدر ،

Page 56: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه عليم حكيم { أي : عليم بما يفعله ، حكيم فيه. } والل قال قتادة : نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح الكاتب حين ارتد ، ولحق

بالمشركين.__________

( زيادة من أ.1)( في د : "األسرى".2)( في ك : "اآلخرة".3) ( من طريق هاشم بن القاسم عن سليمان3/329( ورواه الحاكم في المستدرك )4)

بن المغيرة به نحوه ، وقال : "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه".( ووقع فيه "محمد بن محمد بن عبد الله الشعيري".6/356( السنن الكبرى )5)(.3165 ، 3049 ، 421( صحيح البخاري برقم )6)

(4/94)

ذين آووا ونصروا ه وال ذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الل إن الى ذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من واليتهم من شيء حت أولئك بعضهم أولياء بعض وال

صر إال على قوم بينكم وبينهم ميثاق يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النه بما تعملون بصير ) ( 72والل

وقال ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس : نزلت في عباس وأصحابه ،حين قالوا : لننصحن لك على قومنا.

دي على العموم ، وهو أشمل وأظهر ، والله أعلم. وفسرها السذين آووا ذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وال } إن ال

ذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من واليتهم من ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والصر إال على قوم بينكم وبينهم ى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم الن شيء حت

ه بما تعملون بصير ) ( {72ميثاق والل ذكر تعالى أصناف المؤمنين ، وقسمهم إلى مهاجرين ، خرجوا من ديارهم وأموالهم ،

وجاؤوا لنصر الله ورسوله ، وإقامة دينه ، وبذلوا أموالهم وأنفسهم في ذلك. وإلى أنصار ، وهم : المسلمون من أهل المدينة إذ ذاك ، آووا إخوانهم المهاجرين في

منازلهم ، وواسوهم في أموالهم ، ونصروا الله ورسوله بالقتال معهم ، فهؤالء بعضهم ( أي : كل منهم أحق باآلخر من كل أحد ؛ ولهذا آخى رسول الله صلى1أولى ببعض )

الله عليه وسلم بين المهاجرين واألنصار ، كل اثنين أخوان ، فكانوا يتوارثون بذلك إرثا مقدما على القرابة ، حتى نسخ الله تعالى ذلك بالمواريث ، ثبت ذلك في صحيح

(4( وقال )3( ورواه العوفي ، وعلي بن أبي طلحة ، عنه )2البخاري ، عن ابن عباس )مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، وغيرهم.

قال اإلمام أحمد : حدثنا وكيع ، عن شريك ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن جرير - هو ابن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المهاجرون واألنصار أولياء بعضهم لبعض ، والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف

(5بعضهم أولياء بعض إلى يوم القيامة" تفرد به أحمد )

Page 57: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( حدثنا عكرمة - يعني ابن إبراهيم األزدي -6وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا شيبان ) حدثنا عاصم ، عن شقيق ، عن ابن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه

وسلم يقول : "المهاجرون واألنصار ، والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف ، بعضهم(7أولياء بعض في الدنيا واآلخرة". هكذا رواه في مسند عبد الله بن مسعود )

__________( في د ، ك ، م ، أ : "بعضهم أولياء بعض".1)(.6747( صحيح البخاري برقم )2)(.14/78( رواه الطبري في تفسيره )3)( في أ : "وقاله".4)(.4/363( المسند )5)( في د : "سفيان".6)( وفيه عكرمة بن إبراهيم ، ضعيف.8/446( مسند أبي يعلى )7)

(4/95)

( كتابه ، فقال :1وقد أثنى الله ورسوله على المهاجرين واألنصار في غير ما آية في )ه عنهم بعوهم بإحسان رضي الل ذين ات ابقون األولون من المهاجرين واألنصار وال } والس

ات تجري تحتها األنهار { اآلية ]التوبة : [ ، وقال : } لقد100ورضوا عنه وأعد لهم جنبعوه في ساعة العسرة { اآلية. ذين ات بي والمهاجرين واألنصار ال ه على الن تاب الل

ذين أخرجوا من ديارهم117]التوبة : [ ، وقال تعالى : } للفقراء المهاجرين اله ورسوله أولئك هم الصادقون ه ورضوانا وينصرون الل وأموالهم يبتغون فضال من الل

ون من هاجر إليهم وال يجدون في صدورهم ذين تبوءوا الدار واإليمان من قبلهم يحب وال[.9 ، 8حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة { اآلية ]الحشر :

وأحسن ما قيل في قوله : } وال يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا { أي : ال يحسدونهم على فضل ما أعطاهم الله على هجرتهم ، فإن ظاهر اآليات تقديم

المهاجرين على األنصار ، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء ، ال يختلفون في ذلك ، ولهذا قال اإلمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسنده : حدثنا

محمد بن معمر ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ،رني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عن سعيد بن المسيب ، عن حذيفة قال : خي

(2الهجرة والنصرة ، فاخترت الهجرة )ثم قال : ال نعرفه إال من هذا الوجه.

ذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من واليتهم { ]قرأ حمزة : "واليتهم" وقوله : } والى3بالكسر ، والباقون بالفتح ، وهما واحد كالداللة والداللة[ ) ( } من شيء حت

يهاجروا { هذا هو الصنف الثالث من المؤمنين ، وهم الذين آمنوا ولم يهاجروا ، بل أقاموا في بواديهم ، فهؤالء ليس لهم في المغانم نصيب ، وال في خمسها إال ما حضروا

فيه القتال ، كما قال اإلمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه : بريدة بن الحصيب األسلمي ، رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا على سرية أو جيش ، أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله ومن

Page 58: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

معه من المسلمين خيرا ، وقال : "اغزوا باسم الله في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثالث خصال - أو : خالل -

( إليها فاقبل منهم ، وكف عنهم : ادعهم إلى اإلسالم ، فإن4فأيتهن ما أجابوك ) أجابوك فاقبل منهم ، وكف عنهم ، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين

، وأعلمهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين ، وأن عليهم ما على المهاجرين. فإنأبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب

__________( في د ، أ : "من".1)( "كشف األستار" وفيه علي بن زيد ، ضعيف.2718( مسند البزار برقم )2)( زيادة من د ، م ، أ.3)( في أ : "ما أجابوا".4)

(4/96)

ذين كفروا بعضهم أولياء بعض إال تفعلوه تكن فتنة في األرض وفساد كبير ) ( 73وال

المسلمين ، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ، وال يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب ، إال أن يجاهدوا مع المسلمين ، فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء

الجزية. فإن أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم ، فإن أبوا فاستعن بالله ثم قاتلهم".(2( مسلم ، وعنده زيادات أخر )1انفرد به )

صر إال على قوم بينكم وبينهم ميثاق وقوله : } وإن استنصروكم في الدين فعليكم النه بما تعملون بصير { يقول تعالى : وإن استنصروكم هؤالء األعراب ، الذين لم والل

يهاجروا في قتال ديني ، على عدو لهم فانصروهم ، فإنه واجب عليكم نصرهم ؛ ألنهم إخوانكم في الدين ، إال أن يستنصروكم على قوم من الكفار } بينكم وبينهم ميثاق {

أي : مهادنة إلى مدة ، فال تخفروا ذمتكم ، وال تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم. وهذامروي عن ابن عباس ، رضي الله عنه.

ذين كفروا بعضهم أولياء بعض إال تفعلوه تكن فتنة في األرض وفساد كبير ) } وال73} )

لما ذكر تعالى أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض ، قطع المواالة بينهم وبين الكفار ، كماقال الحاكم في مستدركه :

( يحيى بن منصور الهروي ، حدثنا3حدثنا محمد بن صالح بن هانئ ، حدثنا أبو سعد ) محمد بن أبان ، حدثنا محمد بن يزيد وسفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن علي بن

الحسين ، عن عمرو بن عثمان ، عن أسامة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "الذين يتوارث أهل ملتين ، وال يرث مسلم كافرا ، وال كافر مسلما" ، ثم قرأ : } وال

كفروا بعضهم أولياء بعض إال تفعلوه تكن فتنة في األرض وفساد كبير { ثم قال الحاكم(4: صحيح اإلسناد ولم يخرجاه )

قلت : الحديث في الصحيحين من رواية أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله ( وفي المسند والسنن ،5عليه وسلم : "ال يرث المسلم الكافر وال الكافر المسلم" )

من حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه

Page 59: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( وقال الترمذي : حسن صحيح.6وسلم : "ال يتوارث أهل ملتين شتى" ) ( عن معمر ، عن7وقال أبو جعفر بن جرير : حدثنا محمد ، ]عن محمد بن ثور[ )

الزهري : أن__________

( في أ : "انفرد بإخراجه".1)(.1731( وصحيح مسلم برقم )5/352( المسند )2)( في جميع النسخ : "أبو سعيد" والتصويب من كتب الرجال.3)(.2/240( المستدرك )4)(.1614( وصحيح مسلم برقم )6764( صحيح البخاري برقم )5) ( ولم أقع عليه في سنن الترمذي ،2911( وسنن أبي داود برقم )2/195( المسند )6)

وإنما أشار إليه عند حديث أسامة بن زيد ، والله أعلم.( زيادة من م ، أ ، والطبري.7)

(4/97)

رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ على رجل دخل في اإلسالم فقال : "تقيم الصالة ، وتؤتي الزكاة ، وتحج البيت ، وتصوم رمضان ، وأنك ال ترى نار مشرك إال وأنت له

(1حرب" ) وهذا مرسل من هذا الوجه ، وقد روي متصال من وجه آخر ، عن رسول الله صلى الله

عليه وسلم : أنه قال : "أنا بريء من كل مسلم بين ظهراني المشركين" ، ثم قال :(2"ال يتراءى ناراهما" )

وقال أبو داود في آخر كتاب الجهاد : حدثنا محمد بن داود بن سفيان ، أخبرني يحيى بن حسان ، أنبأنا سليمان بن موسى أبو داود ، حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن

( عن سمرة بن3جندب ]حدثني خبيب بن سليمان ، عن أبيه سليمان بن سمرة[ ) جندب : أما بعد ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من جامع المشرك وسكن

(4معه فإنه مثله" ) وقد ذكر الحافظ أبو بكر بن مردويه ، من حديث حاتم بن إسماعيل ، عن عبد الله بن

( المزني قال : قال رسول الله5هرمز ، عن محمد وسعيد ابنى عبيد ، عن أبي حاتم ) ( تكن6صلى الله عليه وسلم : "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إال تفعلوا )

فتنة في األرض وفساد عريض". قالوا : يا رسول الله ، وإن كان ؟ قال : "إذا أتاكم منترضون دينه وخلقه فأنكحوه" ثالث مرات.

(7وأخرجه أبو داود والترمذي ، من حديث حاتم بن إسماعيل ، به بنحوه ) ( عجالن ، عن ابن وثيمة8ثم روي من حديث عبد الحميد بن سليمان ، عن ابن )

صري ) ( عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه9الن ( تكن فتنة في10وسلم : "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ، إال تفعلوا )

(11األرض وفساد عريض" ) ومعنى قوله تعالى : } إال تفعلوه تكن فتنة في األرض وفساد كبير { أي : إن لم

تجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين ، وإال وقعت الفتنة في الناس ، وهو التباس األمر ،واختالط المؤمن بالكافر ، فيقع بين الناس فساد منتشر طويل عريض.

Page 60: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

__________(.14/82( تفسير الطبري )1) (1604( والترمذي في السنن برقم )2645( رواه أبو داود في السنن برقم )2)

( من حديث جرير بن عبد الله ، رضي الله عنه.8/36والنسائي في السنن )( زيادة من د ، ك ، م ، وأبي داود.3)(.2787( سنن أبي داود برقم )4)( في أ : "حازم".5)( في ك : "تفعلوه".6)(.1085( والترمذي في السنن برقم )224( رواه أبو داود في المراسيل برقم )7)( في أ : "أبي".8)( في أ : "ابن أبي وثيمة النصري".9)( في ك : "تفعلوه".10) ( من طريق عبد الحميد بن سليمان به ،1084( ورواه الترمذي في السنن برقم )11)

وقال : "حديث أبي هريرة قد خولف عبد الحميد ابن سليمان في هذا الحديث ، ورواه الليث بن سعد عن ابن عجالن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسال

ثم قال : وحديث الليث أشبه ، ولم يعد حديث عبد الحميد محفوظا".

(4/98)

ذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون ه وال ذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الل والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك74حقا لهم مغفرة ورزق كريم ) ( وال

ه بكل شيء عليم ) ه إن الل ( 75منكم وأولو األرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الل

ذين آووا ونصروا أولئك هم ه وال ذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الل } والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا74المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم ) ( وال

ه بكل شيء معكم فأولئك منكم وأولو األرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الل( {75عليم )

لما ذكر تعالى حكم المؤمنين في الدنيا ، عطف بذكر ما لهم في اآلخرة ، فأخبر عنهم بحقيقة اإليمان ، كما تقدم في أول السورة ، وأنه سيجازيهم بالمغفرة والصفح عن

ذنوب إن كانت ، وبالرزق الكريم ، وهو الحسن الكثير الطيب الشريف ، دائم مستمرأبدا ال ينقطع وال ينقضي ، وال يسأم وال يمل لحسنه وتنوعه.

ثم ذكر أن األتباع لهم في الدنيا على ما كانوا عليه من اإليمان والعمل الصالح فهمذين ابقون األولون من المهاجرين واألنصار وال معهم في اآلخرة كما قال : } والس

ات تجري تحتها األنهار { ه عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جن بعوهم بإحسان رضي الل اتنااغفر لنا وإلخواننا100اآلية ]التوبة : ذين جاءوا من بعدهم يقولون رب [ ، وقال : } وال

ك رءوف رحيم { نا إن ذين آمنوا رب ذين سبقونا باإليمان وال تجعل في قلوبنا غال لل ال [وفي الحديث المتفق عليه ، بل المتواتر من طرق صحيحة ، عن رسول10]الحشر :

الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "المرء مع من أحب" ، وفي الحديث اآلخر : "من(1أحب قوما حشر معهم" )

Page 61: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وقال اإلمام أحمد : حدثنا وكيع ، عن شريك ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن جرير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المهاجرون واألنصار أولياء بعضهم

لبعض ، والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض إلى يوم القيامة". قال شريك : فحدثنا األعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عبد الرحمن بن هالل ، عن

جرير ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.(2تفرد به أحمد من هذين الوجهين )

وأما قوله تعالى : } وأولوا األرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله { أي : في حكم الله ، وليس المراد بقوله : } وأولوا األرحام { خصوصية ما يطلقه علماء الفرائض

على القرابة ، الذين ال فرض لهم وال هم عصبة ، بل يدلون بوارث ، كالخالة ، والخال ، والعمة ، وأوالد البنات ، وأوالد األخوات ، ونحوهم ، كما قد يزعمه بعضهم ويحتج باآلية ،

ويعتقد ذلك صريحا في المسألة ، بل الحق أن اآلية__________

( جاء من حديث أبي قرصافة وجابر ، أما حديث جابر فرواه الطبراني في المعجم1) ( من طريق زياد عن عزة بنت عياض عن أبي قرصافة مرفوعا بلفظ :3/19الكبير )

"من أحب قوما حشره الله في زمرتهم" ، وفي إسناده من ال يعرف. رواه الخطيب ( من طريق إسماعيل بن يحيى عن سفيان عن عبد الله بن محمد5/196في تاريخه )

بن عقيل عن جابر مرفوعا بلفظ : "من أحب قوما على أعمالهم. حشر يوم القيامةفي زمرتهم ، فحوسب بحسابهم وإن لم يعمل أعمالهم" وإسماعيل بن يحيى ، ضعيف.

(.4/343( المسند )2)

(4/99)

عامة تشمل جميع القرابات. كما نص ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة وغير واحد : على أنها ناسخة لإلرث بالحلف واإلخاء اللذين كانوا يتوارثون بهما أو ال وعلى هذا فتشمل ذوي األرحام باالسم الخاص. ومن لم يورثهم يحتج بأدلة منة لوارث" ، قالوا : فلو أقواها حديث : "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فال وصي كان ذا حق لكان له فرض في كتاب الله مسمى ، فلما لم يكن كذلك لم يكن وارثا ،

والله أعلم. (3( ]الثقة و[ )2( سورة "األنفال" ، ولله الحمد والمنة ، وعليه )1آخر ]تفسير[ )

التكالن وهو حسبنا ونعم الوكيل.__________

( زيادة من أ.1)( في أ : "وبه".2)( زيادة من أ.3)

(4/100)

Page 62: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ذين عاهدتم من المشركين ) ه ورسوله إلى ال ( فسيحوا في األرض أربعة1براءة من الله مخزي الكافرين ) كم غير معجزي الله وأن الل ( 2أشهر واعلموا أن

(1]بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه أستعين وهو حسبي ونعم الوكيل[ )(2تفسير سورة التوبة )

(3مدنية )ذين عاهدتم من المشركين ) ه ورسوله إلى ال ( فسيحوا في األرض1} براءة من الل

ه مخزي الكافرين ) كم غير معجزي الله وأن الل ( {2أربعة أشهر واعلموا أن هذه السورة الكريمة من أواخر ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما

قال البخاري. ( الوليد ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت البراء يقول : آخر4حدثنا ]أبو[ )

ه يفتيكم في الكاللة { ]النساء : [ وآخر سورة176آية نزلت : } يستفتونك قل الل(.5نزلت براءة )

( في أولها ألن الصحابة لم يكتبوا البسملة في أولها في المصحف6وإنما ال يبسمل ) اإلمام ، واالقتداء في ذلك بأمير المؤمنين عثمان بن عفان ، رضي الله عنه وأرضاه ،

كما قال الترمذي : ( وابن أبي عدي ،7حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا يحيى بن سعد ، ومحمد بن جعفر )

( أخبرني يزيد الفارسي ،8وسهل بن يوسف قالوا : حدثنا عوف بن أبي جميلة ) أخبرني ابن عباس قال : قلت لعثمان بن عفان : ما حملكم أن عمدتم إلى األنفال ،

( بينهما ، ولم تكتبوا بينهما9وهي من المثاني ، وإلى براءة وهي من المئين ، فقرنتم )حيم { ووضعتموها ) حمن الر ه الر ( في السبع الطول ، ما حملكم10سطر } بسم الل

على ذلك ؟ فقال عثمان : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان ( عليه السور ذوات العدد ، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان11وهو ينزل )

يكتب ، فيقول : ضعوا هذه اآليات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، فإذا نزلت ) ( في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا" ،13( عليه اآلية فيقول : "ضعوا هذه )12

( بالمدينة ، وكانت براءة من آخر القرآن ، وكانت14وكانت األنفال من أول ما نزل ) ( وحسبت أنها منها ، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم15قصتها شبيهة بقصتها )

ولم يبين لنا أنها منها ، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ، ولم أكتب بينهما سطر } بسمحيم { فوضعتها في السبع الطول ) حمن الر ه الر (.16الل

__________( زيادة من ك.1)( في ك : "براءة".2)( زيادة من ك.3)( زيادة من د ، ك ، والبخاري.4)(.4645( صحح البخاري برقم )5)( في ك : "ال تبسمل".6)( في د ، ك : "محمد بن أبي جعفر".7)( في ت : "حملة".8)( في د : "وقرنتم".9)( في د : "ووضعتموهما".10)( في ت : "تنزل".11)

Page 63: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في ت : "أنزلت".12)( في ك ، أ : "هذه اآلية".13)( في ت ، أ : "نزلت".14)( في ت : "بعضها".15)(.3086( سنن الترمذي برقم )16)

(4/101)

ان في صحيحه ، والحاكم في وكذا رواه أحمد ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن حب ( وقال الحاكم : صحيح اإلسناد1مستدركه ، من طرق أخر ، عن عوف األعرابي ، به )

ولم يخرجاه. وأول هذه السورة الكريمة نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما رجع من

غزوة تبوك وهم بالحج ، ثم ذكر أن المشركين يحضرون عامهم هذا الموسم على عادتهم في ذلك ، وأنهم يطوفون بالبيت عراة فكره مخالطتهم ، فبعث أبا بكر الصديق

، رضي الله عنه ، أميرا على الحج هذه السنة ، ليقيم للناس مناسكهم ، ويعلم المشركين أال يحجوا بعد عامهم هذا ، وأن ينادي في الناس ببراءة ، فلما قفل أتبعه

بعلي بن أبي طالب ليكون مبلغا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكونه عصبةله ، كما سيأتي بيانه.

ه ورسوله { أي : هذه براءة ، أي : تبرؤ من الله ورسوله فقوله : } براءة من اللذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في األرض أربعة أشهر { } إلى ال

اختلف المفسرون ها هنا اختالفا كثيرا ، فقال قائلون : هذه اآلية لذوي العهود المطلقة غير المؤقتة ، أو من له عهد دون أربعة أشهر ، فيكمل له أربعة أشهر ، فأما من كان

له عهد مؤقت فأجله إلى مدته ، مهما كان ؛ لقوله تعالى : } فأتموا إليهم عهدهم إلىقين { ]التوبة : ه يحب المت [ ولما سيأتي في الحديث : "ومن كان بينه4مدتهم إن الل

وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته". وهذا أحسن األقوال وأقواها ، وقد اختاره ابن جرير ، رحمه الله ، وروي عن الكلبي ومحمد بن كعب

القرظي ، وغير واحد. وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : } براءة من الله ورسوله إلى

ذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في األرض أربعة أشهر { قال : حد الله للذين ال عاهدوا رسوله أربعة أشهر ، يسيحون في األرض حيثما شاءوا ، وأجل أجل من ليس له

عهد ، انسالخ األشهر الحرم ، ]من يوم النحر إلى انسالخ المحرم ، فذلك خمسون( أمره بأن يضع السيف فيمن ال عهد له.2ليلة ، فإذا انسلخ األشهر الحرم [ )وكذا رواه العوفي ، عن ابن عباس.

( بعد قوله : فذلك خمسون ليلة : فأمر الله نبيه إذا انسلخ المحرم3وقال ]الضحاك[ ) أن يضع السيف فيمن لم يكن بينه وبينه عهد ، يقتلهم حتى يدخلوا في اإلسالم. وأمر

ممن كان له عهد إذا انسلخ أربعة أشهر من يوم النحر إلى عشر خلون من ربيع اآلخر ،( حتى يدخلوا في اإلسالم.4أن يضع فيهم السيف )

وقال أبو معشر المدني : حدثنا محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أميرا على الموسم سنة تسع ، وبعث علي بن أبي طالب

Page 64: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

بثالثين آية أو أربعين آية من "براءة" فقرأها__________

( والنسائي في السنن الكبرى برقم )786( وسنن أبي داود برقم )1/57( المسند )1)(.2/330( والمستدرك )8007

( زيادة من ت ، م.2)( زيادة من ت ، م.3)( من ت : "السيف أيضا".4)

(4/102)

ه بريء من المشركين اس يوم الحج األكبر أن الل وأذان من الله ورسوله إلى النذين ر ال كم غير معجزي الله وبش يتم فاعلموا أن ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن تول

( 3كفروا بعذاب أليم )

على الناس ، يؤجل المشركين أربعة أشهر يسيحون في األرض ، فقرأها عليهم يوم عرفة ، أجل المشركين عشرين من ذي الحجة ، والمحرم ، وصفر ، وشهر ربيع األول ،

وعشرا من ربيع اآلخر ، وقرأها عليهم في منازلهم ، وقال : ال يحجن بعد عامنا هذامشرك ، وال يطوفن بالبيت عريان.

ه ورسوله { إلى أهل العهد : وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : } براءة من الل ( رسول الله صلى الله عليه1خزاعة ، ومدلج ، ومن كان له عهد أو غيرهم. أقبل )

وسلم من تبوك حين فرغ ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج ، ثم قال : "إنما يحضر المشركون فيطوفون عراة ، فال أحب أن أحج حتى ال يكون ذلك". فأرسل

أبا بكر وعليا ، رضي الله عنهما ، فطافا بالناس في ذي المجاز وبأمكنتهم التي كانوا يتبايعون بها بالمواسم كلها ، فآذنوا أصحاب العهد بأن يأمنوا أربعة أشهر ، فهي األشهر المتواليات : عشرون من ذي الحجة إلى عشر يخلون من ربيع اآلخر ، ثم ال عهد لهم ،

وآذن الناس كلهم بالقتال إال أن يؤمنوا.وهكذا روي عن السدي : وقتادة.

وقال الزهري : كان ابتداء التأجيل من شوال وآخره سلخ المحرم. وهذا القول غريب ، وكيف يحاسبون بمدة لم يبلغهم حكمها ، وإنما ظهر لهم أمرها يومالنحر ، حين نادى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، ولهذا قال تعالى :

ه بريء من المشركين اس يوم الحج األكبر أن الل } وأذان من الله ورسوله إلى النذين ر ال كم غير معجزي الله وبش يتم فاعلموا أن ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن تول

( {3كفروا بعذاب أليم )ه ورسوله { وتقدم وإنذار إلى الناس ، } يوم الحج يقول تعالى : وإعالم } من الل

( } أن2األكبر { وهو يوم النحر الذي هو أفضل أيام المناسك وأظهرها وأكثرها جمعا )ه بريء من المشركين ورسوله { أي : بريء منهم أيضا. الل

ثم دعاهم إلى التوبة إليه فقال : } فإن تبتم { أي : مما أنتم فيه من الشرك والضاللكم غير يتم { أي : استمررتم على ما أنتم عليه } فاعلموا أن } فهو خير لكم وإن تول

ذين ر ال ه { بل هو قادر ، وأنتم في قبضته ، وتحت قهره ومشيئته ، } وبش معجزي الل

Page 65: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

كال ، وفي اآلخرة بالمقامع واألغالل. كفروا بعذاب أليم { أي : في الدنيا بالخزي والن قال البخاري ، رحمه الله : حدثنا عبد الله بن يوسف ، حدثنا الليث ، حدثني عقيل ، عن

ابن شهاب قال : أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال : بعثني أبو بكر ،رضي الله عنه ، في

__________( في ت ، ك : "إقبال" ، وفي د : "فقدم".1)( في د : "وأكبرها جميعا".2)

(4/103)

( النحر ، يؤذنون بمنى : أال يحج بعد العام1تلك الحجة في المؤذنين ، بعثهم يوم ) ( بالبيت عريان. قال حميد : ثم أردف النبي صلى الله عليه2مشرك ، وال يطوف )

وسلم بعلي بن أبي طالب ، فأمره أن يؤذن ببراءة. قال أبو هريرة : فأذن معنا عليفي أهل منى يوم النحر ببراءة وأال يحج بعد العام مشرك ، وال يطوف بالبيت عريان )

3) ورواه البخاري أيضا : حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال : بعثني أبو بكر فيمن يؤذن يوم النحر بمنى : ال يحج بعد

( بالبيت عريان ، ويوم الحج األكبر يوم النحر ، وإنما قيل :4العام مشرك ، وال يطوف ) "األكبر" ، من أجل قول الناس : "الحج األصغر" ، فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك

العام ، فلم يحج عام حجة الوداع الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلممشرك.

(5وهذا لفظ البخاري في كتاب "الجهاد" ) وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة ، رضي

ه ورسوله { قال : لما كان النبي صلى الله عليه الله عنه ، في قوله : } براءة من اللانة ، ثم أمر أبا بكر على تلك الحجة - قال معمر : وسلم زمن حنين ، اعتمر من الجعر

قال الزهري : وكان أبو هريرة يحدث أن أبا بكر أمر أبا هريرة أن يؤذن ببراءة في حجة ( قال أبو هريرة : ثم أتبعنا النبي صلى الله عليه وسلم عليا ، وأمره أن6أبي بكر )

(7يؤذن ببراءة ، وأبو بكر على الموسم كما هو ، أو قال : على هيئته )انة إنما هو8وهذا السياق فيه غرابة ، من جهة أن أمير ) ( الحج كان سنة عمرة الجعر

اب بن أسيد ، فأما أبو بكر إنما كان أميرا سنة تسع. عت وقال أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، عن

ر بن أبي هريرة ، عن أبيه قال : كنت مع علي بن أبي طالب ، حين بعثه رسول محر الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة "ببراءة" ، فقال : ما كنتم تنادون ؟ قال : كنا

ننادي : أال يدخل الجنة إال مؤمن ، وال يطوف بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول ( - أو أمده - إلى أربعة أشهر ، فإذا مضت9الله صلى الله عليه وسلم عهد فإن أجله )

األربعة األشهر فإن الله بريء من المشركين ورسوله ، وال يحج هذا البيت بعد العام(11( أنادي حتى صحل صوتي )10مشرك. قال : فكنت )

__________( في ك : "بعثهم في يوم ".1)

Page 66: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في ك ، أ : "يطوفن".2)(.4655( صحيح البخاري برقم )3)( في أ : "وال يطوفن".4)(.3177( صحيح البخاري برقم )5)( في أ : "في حجة أبي بكر بمكة".6)( الذي في تفسير عبد الرزاق هو ما جاء في الصحيح ولعله رواه في المصنف.7)( في ت : "أمر".8)( في أ : "فأجله".9)( في ت : "وكنت".10)(.2/299( المسند )11)

(4/104)

وقال الشعبي : حدثني محرر بن أبي هريرة ، عن أبيه قال : كنت مع ابن أبي طالب ) ( رضي الله عنه ، حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي ، فكان إذا صحل1

( بالكعبة عريان ،2ناديت. قلت : بأي شيء كنتم تنادون ؟ قال : بأربع : ال يطوف ) ومن كان له عهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعهده إلى مدته ، وال يدخل

الجنة إال نفس مؤمنة ، وال يحج بعد عامنا مشرك. رواه ابن جرير من غير ما وجه ، عن الشعبي. ورواه شعبة ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، به إال أنه قال : ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد ، فعهده إلى

(4( )3أربعة أشهر. وذكر تمام الحديث ) قال ابن جرير : وأخشى أن يكون وهما من بعض نقلته ؛ ألن األخبار متظاهرة في

(5األجل بخالفه ) وقال اإلمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد ، عن سماك ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ب"براءة" مع أبي بكر ، فلما بلغ

ذا الحليفة قال : "ال يبلغها إال أنا أو رجل من أهل بيتي". فبعث بها مع علي بن أبي(6طالب ، رضي الله عنه )

ورواه الترمذي في التفسير ، عن بندار ، عن عفان وعبد الصمد ، كالهما عن حماد بن( ثم قال : حسن غريب من حديث أنس ، رضي الله عنه.7سلمة به )

( - حدثنا محمد8وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدثنا محمد بن سليمان - لوين ) بن جابر ، عن سماك ، عن حنش ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : لما نزلت عشر

آيات من "براءة" على النبي صلى الله عليه وسلم ، دعا النبي صلى الله عليه وسلم أبا ( أدرك أبا بكر ، فحيثما9بكر ، فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة ، ثم دعاني فقال )

لحقته فخذ الكتاب منه ، فاذهب إلى أهل مكة فاقرأه عليهم". فلحقته بالجحفة ، فأخذت الكتاب منه ، ورجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، نزل في شيء ؟ فقال : "ال ولكن جبريل جاءني فقال : لن يؤدي عنك إال أنت أو

(10رجل منك" )هذا إسناد فيه ضعف.

وليس المراد أن أبا بكر ، رضي الله عنه ، رجع من فوره ، بل بعد قضائه للمناسك

Page 67: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما جاء مبينا في الرواية األخرى. وقال عبد الله أيضا : حدثني أبو بكر ، حدثنا عمرو بن حماد ، عن أسباط بن نصر ، عن

سماك ، __________

( في ت ، أ : "كنت مع علي".1)( في أ : "ال يطف".2)( في ت : "تمامه".3)(.105 - 14/103( تفسير الطبري )4)(.14/105( تفسير الطبري )5)(.3/283( المسند )6)(.3090( سنن الترمذي برقم )7)( في ك : "ابن لوين".8)( في ت : "فقلت".9)(.1/151( زوائد المسند )10)

(4/105)

عن حنش ، عن علي ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه ب"براءة" قال : يا نبي الله ، إني لست باللسن وال بالخطيب ، قال : "ما بد لي أن (1أذهب بها أنا أو تذهب بها أنت". قال : فإن كان وال بد فسأذهب أنا. قال : "انطلق )

(2فإن الله يثبت لسانك ويهدي قلبك". قال : ثم وضع يده على فيه ) وقال اإلمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن يثيع - رجل من همدان - : سألنا عليا : بأي شيء بعثت ؟ يعني : يوم بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر في الحجة ، قال : بعثت بأربع : ال يدخل الجنة إال نفس مؤمنة ، وال يطوف بالبيت

( إلى مدته ، وال3عريان ، ومن كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد فعهده )يحج المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا.

( وقال : حسن صحيح.4ورواه الترمذي عن قالبة ، عن سفيان بن عيينة ، به ) ( وهم فيه. ورواه5كذا قال ، ورواه شعبة ، عن أبي إسحاق فقال : عن زيد بن يثيع )

الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن بعض أصحابه ، عن علي ، رضي الله عنه. وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبو أسامة ، عن زكريا ، عن أبي إسحاق ، عن

زيد بن يثيع ، عن علي قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت "براءة" بأربع : أال يطوف بالبيت عريان ، وال يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامهم

هذا ، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو إلى مدته ، وال(6يدخل الجنة إال نفس مؤمنة )

ثم رواه ابن جرير ، عن محمد بن عبد األعلى ، عن ابن ثور ، عن معمر ، عن أبي(7إسحاق ، عن الحارث ، عن علي قال : أمرت بأربع. فذكره )

وقال إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن يثيع قال : نزلت براءة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ، ثم أرسل عليا ، فأخذها منه ، فلما رجع أبو بكر قال :

( في شيء ؟ قال : " ال ولكن أمرت أن أبلغها أنا أو رجل من أهل بيتي".8نزل )

Page 68: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

فانطلق إلى أهل مكة ، فقام فيهم بأربع : ال يدخل مكة مشرك بعد عامه هذا ، وال يطوف بالبيت عريان ، وال يدخل الجنة إال نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسول

(10( )9الله صلى الله عليه وسلم عهد ، فعهده إلى مدته )__________

( في أ : "فانطلق".1) ( وفي إسناده أسباط بن نصر وحنش بن المعتمر متكلم1/150( زوائد المسند )2)

فيهما.( في د : "فعهدته".3)(.3092( وسنن الترمذي برقم )1/79( المسند )4)( في أ : "أثيل".5)(.14/106( تفسير الطبري )6)(.14/105( تفسير الطبري )7)( في ت : "هل نزل".8)( في ك : "إلى مدته هنا".9)( من طريق إسرائيل به.14/107( رواه الطبري في تفسيره )10)

(4/106)

( بن حكيم بن عباد بن حنيف ، عن أبي جعفر1وقال محمد بن إسحاق ، عن حكيم ) محمد بن علي بن الحسين بن علي قال : لما نزلت "براءة" على رسول الله صلى الله

( بعث أبا بكر ليقيم الحج للناس ، فقيل : يا رسول الله ، لو2عليه وسلم ، وقد كان ) بعثت إلى أبي بكر. فقال : "ال يؤدي عني إال رجل من أهل بيتي". ثم دعا عليا فقال :

( من صدر براءة ، وأذن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى :3"اخرج بهذه القصة ) ( بالبيت عريان ، ومن4أنه ال يدخل الجنة كافر ، وال يحج بعد العام مشرك ، وال يطف )

كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته". ( رضي الله عنه ، على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء ،5فخرج علي )

( بل7( فلما رآه أبو بكر قال : أمير أو مأمور ؟ قال )6حتى أدرك أبا بكر في الطريق ) ( إذ ذاك في تلك السنة9( فأقام أبو بكر للناس الحج ، ]والعرب[ )8مأمور ، ثم مضيا )

على منازلهم من الحج التي كانوا عليها في الجاهلية حتى إذا كان يوم النحر ، قام علي بن أبي طالب فأذن في الناس بالذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :

( بالبيت10يا أيها الناس ، إنه ال يدخل الجنة كافر ، وال يحج بعد العام ، وال يطف ) عريان ، ومن كان له عهد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو إلى مدته. فلم

يحج بعد ذلك العام مشرك ، ولم يطف بالبيت عريان ، ثم قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكان هذا من "براءة" فيمن كان من أهل الشرك من أهل العهد العام

، وأهل المدة إلى األجل المسمى. وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أخبرنا أبو زرعة وهب الله

( صخر : أنه سمع أبا معاوية البجلي11بن راشد ، أخبرنا حيوة بن شريح : أخبرنا أبو ) من أهل الكوفة يقول : سمعت أبا الصهباء البكري وهو يقول : سألت علي بن أبي

( عن "يوم الحج األكبر" فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث12طالب )

Page 69: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

أبا بكر بن أبي قحافة يقيم للناس الحج ، وبعثني معه بأربعين آية من " براءة" ، حتى أتى عرفة فخطب الناس يوم عرفة ، فلما قضى خطبته التفت إلي فقال : قم ، يا علي

، فأد رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقمت فقرأت عليهم أربعين آية من "براءة" ، ثم صدرنا فأتينا منى ، فرميت الجمرة ونحرت البدنة ، ثم حلقت رأسي ،

وعلمت أن أهل الجمع لم يكونوا حضروا كلهم خطبة أبي بكر يوم عرفة ، فطفت أتتبع بها الفساطيط أقرؤها عليهم ، فمن ثم إخال حسبتم أنه يوم النحر ]أال وهو يوم النحر[

(15( يوم عرفة )14( أال وهو )13) وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أبي إسحاق : سألت أبا جحيفة عن يوم الحج

األكبر ، قال : __________

( في ك : "حكم".1)( في ت : "وكان قد".2)( في ت : "اخرج من هذه القصة".3)( في د ، ك : "يطوف".4)( في ت : "علي بن أبي طالب".5)( في ت : "بالطريق".6)( في ت : "فقال".7)( في أ : "مضينا".8)( زيادة من الطبري.9)( في ك : "يطوف".10)( في أ : "ابن".11)( في د : "سألت عليا".12)( زيادة من د.13)( في ك : "أهو".14)(.14/113( تفسير الطبري )15)

(4/107)

يوم عرفة. فقلت : أمن عندك أم من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : كل(1في ذلك )

وقال عبد الرزاق أيضا ، عن جريج ، عن عطاء قال : يوم الحج األكبر ، يوم عرفة.ي : حدثنا شهاب بن عباد العصري ، عن أبيه قال : سمعت ن وقال عمر بن الوليد الش

عمر بن الخطاب يقول : هذا يوم عرفة ، هذا يوم الحج األكبر ، فال يصومنه أحد. قال : فحججت بعد أبي فأتيت المدينة ، فسألت عن أفضل أهلها ، فقالوا : سعيد بن المسيب

، فأتيته فقلت : إني سألت عن أفضل أهل المدينة فقالوا : سعيد بن المسيب ، فأخبرني عن صوم يوم عرفة ؟ فقال : أخبرك عمن هو أفضل مني مائة ضعف عمر -

( هو يوم الحج األكبر.2أو : ابن عمر - كان ينهى عن صومه ، ويقول ) ( وهكذا روي عن ابن عباس ، وعبد الله بن الزبير ،3رواه ابن جرير وابن أبي حاتم )

ومجاهد ، وعكرمة ، وطاوس : أنهم قالوا : يوم عرفة هو يوم الحج األكبر.

Page 70: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وقد ورد فيه حديث مرسل رواه ابن جريج : أخبرت عن محمد بن قيس بن مخرمة أن(4رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوم عرفة ، فقال : "هذا يوم الحج األكبر" )

وروي من وجه آخر عن ابن جريج ، عن محمد بن قيس ، عن المسور بن مخرمة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه خطبهم بعرفات فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال

: "أما بعد ، فإن هذا يوم الحج األكبر".والقول الثاني : أنه يوم النحر.

قال هشيم ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن علي ، رضي الله عنه ،قال : يوم الحج األكبر يوم النحر.

بيعي ، عن الحارث األعور ، سألت عليا ، رضي الله عنه ، عن يوم وقال أبو إسحاق الس( يوم النحر.5الحج األكبر ، فقال : ]هو[ )

وقال شعبة ، عن الحكم : سمعت يحيى بن الجزار يحدث عن علي ، رضي الله عنه ، أنه خرج يوم النحر على بغلة بيضاء يريد الجبانة ، فجاء رجل فأخذ بلجام دابته ، فسأله

عن الحج األكبر ، فقال : هو يومك هذا ، خل سبيلها. ( عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الله6وقال عبد الرازق ، عن سفيان عن شعبة )

بن أبي أوفى أنه قال : يوم الحج األكبر يوم النحر.__________

(.1/241( تفسير عبد الرزاق )1)( في أ : "وهو يقول".2)(.14/114( تفسير الطبري )3)(.14/116( تفسير الطبري )4)( زيادة من ت.5)( في د : "عن شعبة".6)

(4/108)

( رواه هشيم1وروى شعبة وغيره ، عن عبد الملك بن عمير ، به نحوه. وهكذا )وغيره ، عن الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى.

وقال األعمش ، عن عبد الله بن سنان قال : خطبنا المغيرة بن شعبة يوم األضحىعلى بعير فقال : هذا يوم األضحى ، وهذا يوم النحر ، وهذا يوم الحج األكبر.

وقال حماد بن سلمة ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال : الحجاألكبر ، يوم النحر.

وكذا روي عن أبي جحيفة ، وسعيد بن جبير ، وعبد الله بن شداد بن الهاد ، ونافع بنخعي ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبي جعفر الباقر ، جبير بن مطعم ، والشعبي ، وإبراهيم الن

والزهري ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنهم قالوا : يوم الحج األكبر هو يوم النحر. واختاره ابن جرير. وقد تقدم الحديث عن أبي هريرة في صحيح البخاري : أن أبا بكر

بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى ، وقد ورد في ذلك أحاديث أخر ، كما قال اإلمام أبو جعفر بن جرير : حدثني سهل بن محمد السجستاني ، حدثنا أبو جابر الحرمي ، حدثنا هشام بن الغاز الجرشي - عن نافع ، عن ابن عمر قال : وقف رسول الله صلى الله

عليه وسلم يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع ، فقال : "هذا يوم الحج األكبر" )

Page 71: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

2) وهكذا رواه ابن أبي حاتم ، وابن مردويه من حديث أبي جابر - واسمه محمد بن عبد

الملك ، به ، ورواه ابن مردويه أيضا من حديث الوليد بن مسلم ، عن هشام بن الغاز ،به. ثم رواه من حديث سعيد بن عبد العزيز ، عن نافع ، به.

ة عن مرة الهمداني ، عن رجل من أصحاب النبي صلى وقال شعبة ، عن عمرو بن مر الله عليه وسلم قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة حمراء

مخضرمة ، فقال : "أتدرون أي يوم يومكم هذا ؟" قالوا : يوم النحر. قال : "صدقتم ،(3يوم الحج األكبر" )

وقال ابن جرير : حدثنا أحمد بن المقدام ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا ابن عون ، عن محمد بن سيرين ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه قال : لما كان ذلك اليوم ، قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعير له ، وأخذ الناس بخطامه - أو : زمامه

- فقال : "أي يوم هذا ؟" قال : فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه ، فقال :(4"أليس هذا يوم الحج األكبر" )

وهذا إسناد صحيح ، وأصله مخرج في الصحيح. وقال أبو األحوص ، عن شبيب بن غرقدة ، عن سليمان بن عمرو بن األحوص ، عن

أبيه قال : __________

( في ت ، ك : "وكذا".1)(.14/124( تفسير الطبري )2)(.14/125( رواه الطبري في تفسيره )3) ( وصحيح4406( وأصله في صحيح البخاري برقم )14/123( تفسير الطبري )4)

(.1679مسلم برقم )

(4/109)

ذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إال القين ) ه يحب المت ( فإذا انسلخ األشهر الحرم فاقتلوا4إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الل

المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابواه غفور رحيم ) وا سبيلهم إن الل كاة فخل ( 5وأقاموا الصالة وآتوا الز

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، فقال : "أي يوم هذا ؟"(1فقالوا : اليوم الحج األكبر )

وعن سعيد بن المسيب أنه قال : يوم الحج األكبر اليوم الثاني من يوم النحر. رواه ابنأبي حاتم. وقال مجاهد أيضا : يوم الحج األكبر أيام الحج كلها.

وكذا قال أبو عبيد ، قال سفيان : "يوم الحج" ، و"يوم الجمل" ، و"يوم صفين" أي :أيامه كلها.

وقال سهل السراج : سئل الحسن البصري عن يوم الحج األكبر ، فقال : ما لكم وللحج األكبر ، ذاك عام حج فيه أبو بكر ، الذي استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم

فحج بالناس. رواه ابن أبي حاتم.

Page 72: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا أبو أسامة ، عن ابن عون : سألت محمدا - يعني ابن سيرين - عن يوم الحج األكبر فقال : كان يوما وافق فيه حج رسول الله

(2صلى الله عليه وسلم حج أهل الوبر )ذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا } إال ال

قين ) ه يحب المت ( {4فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الل هذا استثناء من ضرب مدة التأجيل بأربعة أشهر ، لمن له عهد مطلق ليس بمؤقت ،

فأجله ، أربعة أشهر ، يسيح في األرض ، يذهب فيها لينجو بنفسه حيث شاء ، إال من له عهد مؤقت ، فأجله إلى مدته المضروبة التي عوهد عليها ، وقد تقدمت األحاديث :

"ومن كان له عهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعهده إلى مدته" وذلك بشرط أال ينقض المعاهد عهده ، ولم يظاهر على المسلمين أحدا ، أي : يمالئ عليهم من

( الله تعالى4( إلى مدته ؛ ولهذا حرض )3سواهم ، فهذا الذي يوفى له بذمته وعهده )قين { أي : الموفين بعهدهم. ه يحب المت على الوفاء بذلك فقال : } إن الل

} فإذا انسلخ األشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهمه كاة فخلوا سبيلهم إن الل واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصالة وآتوا الز

( {5غفور رحيم ) اختلف المفسرون في المراد باألشهر الحرم هاهنا ، ما هي ؟ فذهب ابن جرير إلى أنها

م فال5]األربعة[ ) ( المذكورة في قوله تعالى : } منها أربعة حرم ذلك الدين القي [ ، قاله أبو جعفر الباقر ، لكن قال ابن جرير36تظلموا فيهن أنفسكم { اآلية ]التوبة :

: آخر األشهر الحرم في حقهم المحرم وهذا الذي ذهب إليه حكاه علي بن أبي طلحةعن ابن عباس ، وإليه ذهب الضحاك أيضا ، وفيه نظر ،

__________ ( عن هناد عن أبي األحوص به بأطول منه ،2159( رواه الترمذي في السنن برقم )1)

وقال : "هذا حديث حسن صحيح".(.14/121( تفسير الطبري )2)( في ت : "بعهده وذمته".3)( في ت : "فرض".4)( زيادة من ت ، أ.5)

(4/110)

والذي يظهر من حيث السياق ما ذهب إليه ابن عباس في رواية العوفي عنه ، وبه قال مجاهد ، وعمرو بن شعيب ، ومحمد بن إسحاق ، وقتادة ، والسدي ، وعبد الرحمن بن

زيد بن أسلم : أن المراد بها أشهر التسيير األربعة المنصوص عليها في قوله : [ ثم قال } فإذا انسلخ األشهر الحرم {2} فسيحوا في األرض أربعة أشهر { ]التوبة :

أي : إذا انقضت األشهر األربعة التي حرمنا عليكم فيها قتالهم ، وأجلناهم فيها ، فحيثما وجدتموهم فاقتلوهم ؛ ألن عود العهد على مذكور أولى من مقدر ؛ ثم إن األشهراألربعة المحرمة سيأتي بيان حكمها في آية أخرى بعد في هذه السورة الكريمة.

وقوله : } فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم { أي : من األرض. وهذا عام ، والمشهور تخصيصه بتحريم القتال في الحرم بقوله : } وال تقاتلوهم عند المسجد

Page 73: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم { ]البقرة : [191الحرام حتوقوله : } وخذوهم { أي : وأسروهم ، إن شئتم قتال وإن شئتم أسرا.

وقوله : } واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد { أي : ال تكتفوا بمجرد وجدانكم لهم ، بل اقصدوهم بالحصار في معاقلهم وحصونهم ، والرصد في طرقهم ومسالكهم حتى

تضيقوا عليهم الواسع ، وتضطروهم إلى القتل أو اإلسالم ؛ ولهذا قال : } فإن تابواه غفور رحيم { وا سبيلهم إن الل كاة فخل وأقاموا الصالة وآتوا الز

ولهذا اعتمد الصديق ، رضي الله عنه ، في قتال مانعي الزكاة على هذه اآلية الكريمة وأمثالها ، حيث حرمت قتالهم بشرط هذه األفعال ، وهي الدخول في اإلسالم ، والقيام بأداء واجباته. ونبه بأعالها على أدناها ، فإن أشرف األركان بعد الشهادة الصالة ، التي

هي حق الله ، عز وجل ، وبعدها أداء الزكاة التي هي نفع متعد إلى الفقراء والمحاويج ، وهي أشرف األفعال المتعلقة بالمخلوقين ؛ ولهذا كثيرا ما يقرن الله بين

( عن ابن عمر ، رضي الله عنهما ، عن1الصالة والزكاة ، وقد جاء في الصحيحين ) (2رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا )أن ال إله إال الله وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصالة ، ويؤتوا الزكاة" الحديث.

وقال أبو إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، قال :أمرتم بإقام الصالة وإيتاء الزكاة ، ومن لم يزك فال صالة له.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : أبى الله أن يقبل الصالة إال بالزكاة ، وقال :يرحم الله أبا بكر ، ما كان أفقهه.

وقال اإلمام أحمد : حدثنا علي بن إسحاق ، أنبأنا عبد الله بن المبارك ، أنبأنا حميد الطويل ، عن أنس ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "أمرت أن أقاتل

الناس حتى يشهدوا أن ال إله إال الله وأن محمدا__________

( في ت ، أ : "الصحيح".1)( في ت : "يقولوا"2)

(4/111)

رسول الله ، فإذا شهدوا أن ال إله إال الله وأن محمدا رسول الله ، واستقبلوا قبلتنا ، وأكلوا ذبيحتنا ، وصلوا صالتنا ، فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إال بحقها ، لهم ما

للمسلمين ، وعليهم ما عليهم". ورواه البخاري في صحيحه وأهل السنن إال ابن ماجه ، من حديث عبد الله بن

(1المبارك ، به ) وقال اإلمام أبو جعفر بن جرير : حدثنا عبد األعلى بن واصل األسدي ، حدثنا عبيد الله

( قال : قال2بن موسى ، أخبرنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ]عن أنس[ ) رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من فارق الدنيا على اإلخالص لله وحده ، وعبادته

ال يشرك به شيئا ، فارقها والله عنه راض" - قال : وقال أنس : هو دين الله الذي جاءت به الرسل وبلغوه عن ربهم ، قبل هرج األحاديث ، واختالف األهواء ، وتصديق

ذلك في كتاب الله في آخر ما أنزل ، قال الله تعالى : } فإن تابوا وأقاموا الصالة وآتواكاة فخلوا سبيلهم { - قال : توبتهم خلع األوثان ، وعبادة ربهم ، وإقام الصالة ، الز

Page 74: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

كاة فإخوانكم وإيتاء الزكاة ، ثم قال في آية أخرى : } فإن تابوا وأقاموا الصالة وآتوا الز[11( ]التوبة : 3في الدين { )

ورواه ابن مردويه. ورواه محمد بن نصر المروزي في كتاب "الصالة" له : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أنبأنا

ام بن سلم ) (5( حدثنا أبو جعفر الرازي ، به سواء )4حك وهذه اآلية الكريمة هي آية السيف التي قال فيها الضحاك بن مزاحم : إنها نسخت كل

( صلى الله عليه وسلم وبين أحد من المشركين ، وكل عهد ، وكل6عهد بين النبي )مدة.

وقال العوفي ، عن ابن عباس في هذه اآلية : لم يبق ألحد من المشركين عهد وال ذمة ، منذ نزلت براءة وانسالخ األشهر الحرم ، ومدة من كان له عهد من المشركين

( أربعة أشهر ، من يوم أذن ببراءة إلى عشر من أول شهر ربيع اآلخر.7قبل أن تنزل ) وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في هذه اآلية ، قال : أمره الله تعالى أن

يضع السيف فيمن عاهد إن لم يدخلوا في اإلسالم ، ونقض ما كان سمي لهم من العقدوالميثاق ، وأذهب الشرط األول.

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا إسحاق بن موسى األنصاري قال : قال سفيان( قال8)

__________ (2641( وسنن أبي داود برقم )392( وصحيح البخاري برقم )3/199( المسند )1)

(.8/109( وسنن النسائي )2608وسنن الترمذي برقم )( زيادة من ت ، أ ، والطبري.2) ( من طريق عبيد70( ورواه ابن ماجة في السنن برقم )14/135( تفسير الطبري )3)

( : "هذا إسناد ضعيف ،1/56الله بن موسى بنحوه ، وقال البوصيري في الزوائد )الربيع بن أنس ضعيف هنا".

( في ك : "سلمة".4)(.1( تعظيم قدر الصالة برقم )5)( في أ : "رسول الله".6)( في ت ، ك ، أ : "تنزل براءة".7)( في ت ، ك ، أ : "سفيان بن عيينة".8)

(4/112)

ه ثم أبلغه مأمنه ذلك ى يسمع كالم الل وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتهم قوم ال يعلمون ) ( 6بأن

علي بن أبي طالب : بعث النبي صلى الله عليه وسلم بأربعة أسياف : سيف في ( قال الله : } فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ]وخذوهم [1المشركين من العرب )

( }2) هكذا رواه مختصرا ، وأظن أن السيف الثاني هو قتال أهل الكتاب في قوله : } قاتلواه ورسوله وال يدينون دين م الل مون ما حر ذين ال يؤمنون بالله وال باليوم اآلخر وال يحر ال

Page 75: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون { ]التوبة : ذين أوتوا الكتاب حت [29الحق من البي جاهد الكفار والمنافقين ها الن والسيف الثالث : قتال المنافقين في قوله : } يا أي

( والرابع : قتال الباغين في قوله : }3[ )9 ، والتحريم : 73]واغلظ عليهم[ { ]التوبة : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على األخرى

ه { ]الحجرات : ى تفيء إلى أمر الل تي تبغي حت [9فقاتلوا ال ثم اختلف المفسرون في آية السيف هذه ، فقال الضحاك والسدي : هي منسوخة

ا بعد وإما فداء { ]محمد : [ وقال قتادة بالعكس.4بقوله تعالى : } فإما منه ثم أبلغه مأمنه ذلك ى يسمع كالم الل } وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حت

هم قوم ال يعلمون ) ( {6بأن يقول تعالى لنبيه ، صلوات الله وسالمه عليه : } وإن أحد من المشركين { الذين

أمرتك بقتالهم ، وأحللت لك استباحة نفوسهم وأموالهم ، } استجارك { أي :ه { أي : ]القرآن[ ) ى يسمع كالم الل ( تقرؤه عليه4استأمنك ، فأجبه إلى طلبته } حت

( الدين تقيم عليه به حجة الله ، } ثم أبلغه مأمنه { أي :5وتذكر له شيئا من ]أمر[ )هم قوم ال وهو آمن مستمر األمان حتى يرجع إلى بالده وداره ومأمنه ، } ذلك بأن

يعلمون { أي : إنما شرعنا أمان مثل هؤالء ليعلموا دين الله ، وتنتشر دعوة الله فيعباده.

وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في تفسير هذه اآلية ، قال : إنسان يأتيك يسمع ما تقول وما أنزل عليك ، فهو آمن حتى يأتيك فيسمع كالم الله ، وحتى يبلغ مأمنه ، حيث

جاء. ومن هذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي األمان لمن جاءه ، مسترشدا أو

في رسالة ، كما جاءه يوم الحديبية جماعة من الرسل من قريش ، منهم : عروة بن مسعود ، ومكرز بن حفص ، وسهيل بن عمرو ، وغيرهم واحدا بعد واحد ، يترددون في القضية بينه وبين المشركين ، فرأوا من إعظام المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بهرهم وما لم يشاهدوه عند ملك وال قيصر ، فرجعوا إلى قومهم فأخبروهم

بذلك ، وكان ذلك وأمثاله من أكبر أسباب هداية أكثرهم.__________

( في ت ، د : "سيف في المشركين وسيف في العرب".1)( زيادة من أ.2)( زيادة من أ.3)( زيادة من ت ، د ، ك ، أ.4)( زيادة من ت ، د ، ك ، أ.5)

(4/113)

ولهذا أيضا لما قدم رسول مسيلمة الكذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أن مسيلمة رسول الله ؟" قال : نعم. فقال رسول الله صلى الله1له : "أتشهد )

( وقد قيض الله له ضرب2عليه وسلم : "لوال أن الرسل ال تقتل لضربت عنقك" ) العنق في إمارة ابن مسعود على الكوفة ، وكان يقال له : ابن النواحة ، ظهر عنه في

زمان ابن مسعود أنه يشهد لمسيلمة بالرسالة ، فأرسل إليه ابن مسعود فقال له : إنك

Page 76: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

اآلن لست في رسالة ، وأمر به فضربت عنقه ، ال رحمه الله ولعنه. والغرض أن من قدم من دار الحرب إلى دار اإلسالم في أداء رسالة أو تجارة ، أو

طلب صلح أو مهادنة أو حمل جزية ، أو نحو ذلك من األسباب ، فطلب من اإلمام أو نائبه أمانا ، أعطي أمانا ما دام مترددا في دار اإلسالم ، وحتى يرجع إلى مأمنه ووطنه. لكن قال العلماء : ال يجوز أن يمكن من اإلقامة في دار اإلسالم سنة ، ويجوز أن يمكن

( زاد على أربعة أشهر ونقص عن سنة3من إقامة أربعة أشهر ، وفيما بين ذلك فيما )قوالن ، عن اإلمام الشافعي وغيره من العلماء ، رحمهم الله.

__________( في ك : "أما تشهد".1) ( من طريق2761( وأبو داود في السنن برقم )3/487( رواه أحمد في المسند )2)

سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن سعد بن طارق عن سلمة بن نعيم عن أبيهقال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه رسل مسيلمة ، فذكر نحوه.

( في ت : "ما".3)

(4/114)

ذين عاهدتم عند المسجد الحرام ه وعند رسوله إال ال كيف يكون للمشركين عهد عند اللقين ) ه يحب المت ( 7فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الل

ذين عاهدتم عند المسجد ه وعند رسوله إال ال } كيف يكون للمشركين عهد عند اللقين ) ه يحب المت ( {7الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الل

( حكمته في البراءة من المشركين ونظرته إياهم أربعة أشهر ، ثم بعد1يبين تعالى ) ذلك السيف المرهف أين ثقفوا ، فقال تعالى : } كيف يكون للمشركين عهد { وأمان

ذين2ويتركون فيما هم فيه وهم مشركون بالله كافرون ) ( به وبرسوله ، } إال الذين كفروا عاهدتم عند المسجد الحرام { يعني يوم الحديبية ، كما قال تعالى : } هم ال

ه { اآلية ]الفتح : [ ،25وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محل ( تمسكوا بما عاقدتموهم عليه3} فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم { أي : مهما )

ه يحب وعاهدتموهم من ترك الحرب بينكم وبينهم عشر سنين } فاستقيموا لهم إن اللقين { وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك والمسلمون ، استمر العقد المت

والهدنة مع أهل مكة من ذي القعدة في سنة ست ، إلى أن نقضت قريش العهد ومالئوا حلفاءهم بني بكر على خزاعة أحالف رسول الله صلى الله عليه وسلم ،

فقتلوهم معهم في الحرم أيضا ، فعند ذلك غزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان سنة ثمان ، ففتح الله عليه البلد الحرام ، ومكنه من نواصيهم ، ولله الحمد

والمنة ، فأطلق من أسلم منهم بعد القهر والغلبة عليهم ، فسموا الطلقاء ، وكانوا قريبا من ألفين ، ومن استمر على كفره وفر من رسول الله صلى الله عليه وسلم

بعث إليه باألمان والتسيير في األرض أربعة أشهر ، يذهب حيث شاء : منهم صفوان بن أمية ، وعكرمة بن أبي جهل وغيرهما ، ثم هداهم الله بعد ذلك إلى اإلسالم التام ،

والله المحمود على جميع ما يقدره ويفعله.__________

Page 77: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في ت : "يبين تعالى أن".1)( في ت ، ك ، : "كافرين" وهو خطأ.2)( في د : "فمهما".3)

(4/114)

كيف وإن يظهروا عليكم ال يرقبوا فيكم إال وال ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهمهم ساء ما كانوا8وأكثرهم فاسقون ) ه ثمنا قليال فصدوا عن سبيله إن ( اشتروا بآيات الل

( فإن تابوا10( ال يرقبون في مؤمن إال وال ذمة وأولئك هم المعتدون )9يعملون )كاة فإخوانكم في الدين ونفصل اآليات لقوم يعلمون ) ( 11وأقاموا الصالة وآتوا الز

} كيف وإن يظهروا عليكم ال يرقبوا فيكم إال وال ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم( {8وأكثرهم فاسقون )

يقول تعالى محرضا للمؤمنين على معاداة المشركين والتبري منهم ، ومبينا أنهم ال ( ولو أنهم إذ1يستحقون أن يكون لهم عهد لشركهم بالله وكفرهم برسول الله )

( على المسلمين وأديلوا عليهم ، لم يبقوا ولم يذروا ، وال راقبوا فيهم إال وال2ظهروا )ذمة.

قال علي بن أبي طلحة ، وعكرمة ، والعوفي عن ابن عباس : "اإلل" : القرابة ،"والذمة" : العهد. وكذا قال الضحاك والسدي ، كما قال تميم بن مقبل :

(3أفسد الناس خلوف خلفوا... قطعوا اإلل وأعراق الرحم )وقال حسان بن ثابت ، رضي الله عنه :

(4وجدناهم كاذبا إلهم... وذو اإلل والعهد ال يكذب ) وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : } ال يرقبون في مؤمن إال { قال : الله. وفي رواية :

ال يرقبون الله وال غيره. وقال ابن جرير : حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، عن سليمان ، عن أبي مجلز في

قوله تعالى : } ال يرقبون في مؤمن إال وال ذمة { مثل قوله : "جبرائيل" ، "ميكائيل" ، "إسرافيل" ، ]كأنه يقول : يضيف "جبر" ، و"ميكا" ، و"إسراف" ، إلى "إيل" ، يقول

( كأنه يقول : ال يرقبون الله.5عبد الله : } ال يرقبون في مؤمن إال { [ )والقول األول أشهر وأظهر ، وعليه األكثر.

وعن مجاهد أيضا : "اإلل" : العهد. وقال قتادة : "اإلل" : الحلف.هم ساء ما كانوا يعملون ) ه ثمنا قليال فصدوا عن سبيله إن ( ال9} اشتروا بآيات الل

( فإن تابوا وأقاموا الصالة وآتوا10يرقبون في مؤمن إال وال ذمة وأولئك هم المعتدون )كاة فإخوانكم في الدين ونفصل اآليات لقوم يعلمون ) ( {11الز

__________( في د : "برسوله صلى الله عليه وسلم".1)( في ت : "ظاهروا".2)(.14/148( البيت في تفسير الطبري )3) ( قال المعلق على طبعة الشعب : هكذا نسبه ابن كثير إلى حسان بن ثابت ، ولم4)

وأما بيت حسان15/148نجده في ديوانه. والبيت في تفسير الطبري غير منسوب

Page 78: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

الذي استشهد به الطبري فهو لعمرك إن إلك من قريش... كإل الشقب من رأل النعام ، واللسان ، مادة "ألل".336وهذا البيت في ديوان حسان ص

(.14/146( زيادة من الطبري )5)

(4/115)

هم ال أيمان وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم ينتهون ) ( 12لهم لعل

يقول تعالى ذما للمشركين وحثا للمؤمنين على قتالهم : } اشتروا بآيات الله ثمنا قليال { يعني : أنهم اعتاضوا عن اتباع آيات الله بما التهوا به من أمور الدنيا الخسيسة ،

هم ساء ما كانوا } فصدوا عن سبيله { أي : منعوا المؤمنين من اتباع الحق ، } إن يعملون ال يرقبون في مؤمن إال وال ذمة { تقدم تفسيره ، وكذا اآلية التي بعدها :

} فإن تابوا وأقاموا الصالة { إلى آخرها ، تقدمت. وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا يحيى بن أبي بكر ، حدثنا

أبو جعفر الرازي ، حدثنا الربيع بن أنس قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من فارق الدنيا على اإلخالص لله وعبادته ، ال

( به ، وأقام الصالة ، وآتى الزكاة ، فارقها والله عنه راض ، وهو دين الله1يشرك ) الذي جاءت به الرسل وبلغوه عن ربهم ، قبل هرج األحاديث واختالف األهواء". وتصديق ذلك في كتاب الله : } فإن تابوا { يقول : فإن خلعوا األوثان وعبادتها

كاة فخلوا سبيلهم { وقال في آية أخرى : } فإن تابوا } وأقاموا الصالة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين { وأقاموا الصالة وآتوا الز

ثم قال البزار : آخر الحديث عندي والله أعلم : "فارقها وهو عنه راض" ، وباقيه عندي(2من كالم الربيع بن أنس )

هم ال أيمان } وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم ينتهون ) ( {12لهم لعل

يقول تعالى : وإن نكث هؤالء المشركون الذين عاهدتموهم على مدة معينة أيمانهم ، أي : عهودهم ومواثيقهم ، } وطعنوا في دينكم { أي : عابوه وانتقصوه. ومن هاهنا أخذ

قتل من سب الرسول ، صلوات الله وسالمه عليه ، أو من طعن في دين اإلسالم أوهم ينتهون { أي : هم ال أيمان لهم لعل ذكره بتنقص ؛ ولهذا قال : } فقاتلوا أئمة الكفر إن

يرجعون عما هم فيه من الكفر والعناد والضالل. وقد قال قتادة وغيره : أئمة الكفر كأبي جهل ، وعتبة ، وشيبة ، وأمية بن خلف ، وعدد

رجاال. وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال : مر سعد برجل من الخوارج ، فقال

الخارجي : هذا من أئمة الكفر. فقال سعد : كذبت ، بل أنا قاتلت أئمة الكفر. رواه ابنمردويه.

وقال األعمش ، عن زيد بن وهب ، عن حذيفة أنه قال : ما قوتل أهل هذه اآلية بعد.__________

( في ت ، ك : "ال شريك".1)

Page 79: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( من طريق أحمد بن مهران عن عبيد الله2/331( ورواه الحاكم في المستدرك )2) بن موسى بنحوه ، ولم يفرق بين المرفوع والموقوف ، وقال الحاكم : "صحيح اإلسناد"

وتعقبه الذهبي قلت : "صدر الحديث مرفوع وسائره مدرج فيما أرى".

(4/116)

ة أتخشونهم سول وهم بدءوكم أول مر أال تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الره أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين ) ( 13فالل

وروى عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، مثله. والصحيح أن اآلية عامة ، وإن كان سبب نزولها مشركي قريش فهي عامة لهم

ولغيرهم ، والله أعلم. وقال الوليد بن مسلم : حدثنا صفوان بن عمرو ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير :

أنه كان في عهد أبي بكر ، رضي الله عنه ، إلى الناس حين وجههم إلى الشام ، قال : إنكم ستجدون قوما محوقة رءوسهم ، فاضربوا معاقد الشيطان منهم بالسيوف ،

فوالله ألن أقتل رجال منهم أحب إلي من أن أقتل سبعين من غيرهم ، وذلك بأن اللهيقول : } فقاتلوا أئمة الكفر { رواه ابن أبي حاتم.

ة سول وهم بدءوكم أول مر } أال تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الره أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين ) ( {13أتخشونهم فالل

(4/117)

ه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ) (14قاتلوهم يعذبهم الله عليم حكيم ) ه على من يشاء والل ( 15ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الل

ه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ) } قاتلوهم يعذبهم الله عليم حكيم )14 ه على من يشاء والل ( {15( ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الل

وهذا أيضا تهييج وتحضيض وإغراء على قتال المشركين الناكثين أليمانهم ، الذين همواذين كفروا ليثبتوك أو بإخراج الرسول من مكة ، كما قال تعالى : } وإذ يمكر بك ال

ه خير الماكرين { ]األنفال : ه والل [.30يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر اللكم ]إن كنتم خرجتم جهادا ه رب اكم أن تؤمنوا بالل سول وإي وقال تعالى : } يخرجون الر

[ وقال تعالى : } وإن كادوا1( اآلية ]الممتحنة : 1في سبيلي وابتغاء مرضاتي[ { )ونك من األرض ليخرجوك منها وإذا ال يلبثون خالفك إال قليال { ]اإلسراء : ليستفز

ة { قيل : المراد بذلك يوم بدر ، حين خرجوا لنصر76 [وقوله } وهم بدءوكم أول مر ( طلبا للقتال ، بغيا3( فلما نجت وعلموا بذلك استمروا على وجوههم )2عيرهم )

وتكبرا ، كما تقدم بسط ذلك. ( مع حلفائهم بني بكر لخزاعة أحالف رسول4وقيل : المراد نقضهم العهد وقتالهم )

( سار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عام5الله صلى الله عليه وسلم ، حتى )

Page 80: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

الفتح ، وكان ما كان ، ولله الحمد.ه أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين { ) ( يقول تعالى : ال6وقوله : } أتخشونهم فالل

تخشوهم واخشون ، فأنا أهل أن يخشى العباد من سطوتي وعقوبتي ، فبيدي األمر ،وما شئت كان ، وما لم أشأ لم يكن.

__________( زيادة من أ.1)( في د : "خرجوا لعيرهم".2)( في ت ، ك : "وجههم".3)( في ت : "بقتالهم".4)( في ت : "حين".5)( في ك : "أتخشوهم" وهو خطأ.6)

(4/117)

ه وال خذوا من دون الل ذين جاهدوا منكم ولم يت ه ال أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله خبير بما تعملون ) ( 16رسوله وال المؤمنين وليجة والل

ثم قال تعالى عزيمة على المؤمنين ، وبيانا لحكمته فيما شرع لهم من الجهاد معه بأيديكم ويخزهم قدرته على إهالك األعداء بأمر من عنده : } قاتلوهم يعذبهم الل

وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين { وهذا عام في المؤمنين كلهم. وقال مجاهد ، وعكرمة ، والسدي في هذه اآلية : } ويشف صدور قوم مؤمنين { يعني

: خزاعة.( الضمير في قوله : } ويذهب غيظ قلوبهم { عليهم أيضا.1وأعاد )

وقد ذكر ابن عساكر في ترجمة مؤذن لعمر بن عبد العزيز ، رضي الله عنه ، عن مسلم بن يسار ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2كان إذا غضبت أخذ بأنفها ، وقال : "يا عويش ، قولي : اللهم ، رب النبي محمد )اغفر ذنبي ، وأذهب غيظ قلبي ، وأجرني من مضالت الفتن".

ساقه من طريق أبي أحمد الحاكم ، عن الباغندي ، عن هشام بن عمار ، حدثنا عبد(3الرحمن بن أبي الجون ، عنه )

ه عليم { أي : بما يصلح عباده ، ه على من يشاء { أي : من عباده ، } والل } ويتوب الل } حكيم { في أفعاله وأقواله الكونية والشرعية ، فيفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ،

وهو العادل الحاكم الذي ال يجور أبدا ، وال يضيع مثقال ذرة من خير وشر ، بل يجازيعليه في الدنيا واآلخرة.

ه وال خذوا من دون الل ذين جاهدوا منكم ولم يت ه ال } أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله خبير بما تعملون ) ( {16رسوله وال المؤمنين وليجة والل

يقول تعالى : } أم حسبتم { أيها المؤمنون أن نترككم مهملين ، ال نختبركم بأمورذين جاهدوا ه ال يظهر فيها أهل العزم الصادق من الكاذب ؟ ولهذا قال : } ولما يعلم الل

ه وال رسوله وال المؤمنين وليجة { أي : بطانة ودخيلة ) خذوا من دون الل (4منكم ولم يت بل هم في الظاهر والباطن على النصح لله ولرسوله ، فاكتفى بأحد القسمين عن

Page 81: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

اآلخر ، كما قال الشاعر : وما أدري إذا يممت أرضا... أريد الخير أيهما يليني...

ا اس أن يتركوا أن يقولوا آمن وقد قال الله تعالى في اآلية األخرى : } ]الم[ أحسب النذين صدقوا وليعلمن ه ال ذين من قبلهم فليعلمن الل ا ال وهم ال يفتنون ولقد فتن

ة ولما3 - 1( ]العنكبوت : 5الكاذبين { ) [ وقال تعالى : } أم حسبتم أن تدخلوا الجنذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين { ]آل عمران : ه ال [142يعلم الل

__________( في ت ، د ، ك : "وأعادوا".1)( في ك : "محمدا".2) ( "المخطوط"( ورواه ابن السني في عمل اليوم والليلة19/335( تاريخ دمشق )3)

من طريق أبي العميس عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة ومن طريقسلمة بن علي عن هشام بن عروة عن عائشة.

( في ت : "دخلة".4)( زيادة من ت ، أ.5)

(4/118)

ه شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد اللار هم خالدون ) ه واليوم اآلخر17أعمالهم وفي الن ما يعمر مساجد الله من آمن بالل ( إن

ه فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ) كاة ولم يخش إال الل (18وأقام الصالة وآتى الز

ى يميز الخبيث من ه ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حت وقال تعالى : } ما كان الله ليطلعكم على الغيب { ]آل عمران : ب وما كان الل [179الطي

(1والحاصل أنه تعالى لما شرع الجهاد لعباده ، بين أن له فيه حكمة ، وهو اختبار ) عبيده : من يطيعه ممن يعصيه ، وهو تعالى العالم بما كان وما يكون ، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون ؟ فيعلم الشيء قبل كونه ، ومع كونه على ما هو عليه ، ال إله إال

هو ، وال رب سواه ، وال راد لما قدره وأمضاه.ه شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك } ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الل

ار هم خالدون ) ه17حبطت أعمالهم وفي الن ما يعمر مساجد الله من آمن بالل ( إنه فعسى أولئك أن يكونوا من كاة ولم يخش إال الل واليوم اآلخر وأقام الصالة وآتى الز

( {18المهتدين ) يقول تعالى : ما ينبغي للمشركين بالله أن يعمروا مساجد الله التي بنيت على اسمه

وحده ال شريك له. ومن قرأ : "مسجد الله" فأراد به المسجد الحرام ، أشرف المساجد في األرض ، الذي بني من أول يوم على عبادة الله وحده ال شريك له.

وأسسه خليل الرحمن هذا ، وهم شاهدون على أنفسهم بالكفر ، أي : بحالهم وقالهم ،دي : لو سألت النصراني : ما دينك ؟ لقال : نصراني ، واليهودي : ما دينك كما قال الس

؟ لقال يهودي ، والصابئي ، لقال : صابئي ، والمشرك ، لقال : مشرك.ار هم خالدون { كما قال تعالى : } أولئك حبطت أعمالهم { أي : بشركهم ، } وفي النه وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه } وما لهم أال يعذبهم الل

Page 82: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

قون ولكن أكثرهم ال يعلمون { ]األنفال : ما يعمر مساجد34إال المت [ ؛ ولهذا قال : } إنه واليوم اآلخر { فشهد تعالى باإليمان لعمار المساجد ، كما قال ه من آمن بالل الل

اإلمام أحمد : ( حدثنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ؛ أن دراجا أبا السمح حدثه ،2حدثنا سريج )

عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :ما يعمر3"إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد ) ( فاشهدوا له باإليمان ؛ قال الله تعالى : } إن

ه واليوم اآلخر { مساجد الله من آمن بالل ورواه الترمذي ، وابن مردويه ، والحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن وهب ،

(4به ) ( عبد بن حميد في مسنده : حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا صالح المري ، عن5وقال )

ثابت البناني ، عن ميمون بن سياه ، وجعفر بن زيد ، عن أنس بن مالك قال : قال(6رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنما عمار المساجد هم أهل الله" )

__________( في ت ، ك : "إخبار".1)( في ك ، أ : "شريح".2)( في ت ، أ : "المساجد"3) ( ودراج عن2/332( والمستدرك )3093( وسنن الترمذي برقم )3/68( المسند )4)

أبي الهيثم ضعيف.( في د : "وروى".5)( فيه صالح المري وهو ضعيف ، وقد اختلف عليه فيه كما سيأتي في رواية البزار.6)

(4/119)

ورواه الحافظ أبو بكر البزار ، عن عبد الواحد بن غياث ، عن صالح بن بشير المري ، ( عمار1عن ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنما )

(2المساجد هم أهل الله" ثم قال : ال نعلم رواه عن ثابت غير صالح ) وقد روى الدارقطني في األفراد من طريق حكامة بنت عثمان بن دينار ، عن أبيها ،

عن أخيه مالك بن دينار ، عن أنس مرفوعا : "إذا أراد الله بقوم عاهة ، نظر إلى أهل(3المساجد ، فصرف عنهم". ثم قال : غريب )

وروى الحافظ البهاء في المستقصى ، عن أبيه بسنده إلى أبي أمية الطرسوسي : حدثنا منصور بن صقير ، حدثنا صالح المرى ، عن ثابت ، عن أنس مرفوعا : "يقول الله

: وعزتي وجاللي ، إني ألهم بأهل األرض عذابا ، فإذا نظرت إلى عمار بيوتي وإلى المتحابين في ، وإلى المستغفرين باألسحار ، صرفت ذلك عنهم". ثم قال ابن عساكر :

(4حديث غريب ) وقال اإلمام أحمد : حدثنا روح ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، حدثنا العالء بن زياد ، عن معاذ بن جبل ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن الشيطان ذئب اإلنسان ،

كذئب الغنم يأخذ الشاة القاصية والناحية ، فإياكم والشعاب ، وعليكم بالجماعة والعامة(5والمسجد" )

وقال عبد الرازق ، عن معمر ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون األودي قال :

Page 83: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

أدركت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم يقولون : إن المساجد بيوت الله في(6األرض ، وإنه حق على الله أن يكرم من زاره فيها )

وقال المسعودي ، عن حبيب بن أبي ثابت وعدي بن ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : من سمع النداء بالصالة ثم لم يجب ويأتي

ما يعمر المسجد ويصلي ، فال صالة له ، وقد عصى الله ورسوله ، قال الله تعالى : } إنه واليوم اآلخر { اآلية رواه ابن مردويه. مساجد الله من آمن بالل

وقد روي مرفوعا من وجه آخر ، وله شواهد من وجوه أخر ليس هذا موضع بسطها.__________

( في ت ، ك ، أ : "إن".1)( "كشف األستار" ورواه البيهقي في السنن الكبرى )433( مسند البزار برقم )2)

( من طريق هاشم بن القاسم عن صالح المري به ، وقال الهيثمي في المجمع )3/66( : "فيه صالح المرى وهو ضعيف".2/23

( لم أعثر عليه في األطراف البن القيسراني.3) ( وفيه منصور بن صقير ، قال أبو حاتم : ليس بالقوي. وقال العقيلي : في حديثه4)

( من طريق سعيد بن أشعث عن4/61بعض الوهم ، ورواه ابن عدي في الكامل ) ( من طريق9051صالح المري به نحوه ، ورواه البيهقي في شعب اإليمان برقم )

عبدان عن معاذ بن خالد بن شقيق عن صالح المري به نحوه ، وصالح المرى ضعيف. ( : "العالء بن زياد لم يسمع2/23( وقال الهيثمي في المجمع )5/232( المسند )5)

من معاذ". ( من طريق أحمد بن منصور عن9052( ورواه البيهقي في شعب اإليمان برقم )6)

عبد الرزاق عن معمر عن رجل من قريش رفع الحديث ، فذكر نحوه ، وهو معضل.

(4/120)

ه واليوم اآلخر وجاهد في أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله ال يهدي القوم الظالمين ) ه ال يستوون عند الله والل ذين آمنوا وهاجروا19سبيل الل ( ال

ه وأولئك هم الفائزون ) ه بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الل وجاهدوا في سبيل الل20 )

كاة { أي : وقوله : } وأقام الصالة { أي : التي هي أكبر عبادات البدن ، } وآتى الزه { أي : ولم التي هي أفضل األعمال المتعدية إلى بر الخالئق ، } ولم يخش إال الل

يخف إال من الله تعالى ، ولم يخش سواه ، } فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين {ه من آمن ما يعمر مساجد الل قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : } إن

بالله واليوم اآلخر { يقول : من وحد الله ، وآمن باليوم اآلخر يقول : من آمن بما أنزل الله ، } وأقام الصالة { يعني : الصلوات الخمس ، } ولم يخش إال الله { يقول : لم

( يقول : إن1يعبد إال الله - ثم قال : } فعسى أولئك ] أن يكونوا من المهتدين [ { )ك مقاما أولئك هم المفلحون ، كقوله لنبيه صلى الله عليه وسلم : } عسى أن يبعثك رب

[ يقول : إن ربك سيبعثك مقاما محمودا وهي الشفاعة ، وكل79محمودا { ]اإلسراء : "عسى" في القرآن فهي واجبة.

Page 84: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وقال محمد بن إسحاق بن يسار ، رحمه الله : و"عسى" من الله حق.ه واليوم اآلخر وجاهد في } أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالل

ه ال يهدي القوم الظالمين ) ه ال يستوون عند الله والل ذين آمنوا وهاجروا19سبيل الل ( اله وأولئك هم الفائزون ) ه بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الل وجاهدوا في سبيل الل

20} )__________

( زيادة من د.1)

(4/121)

ات لهم فيها نعيم مقيم ) هم برحمة منه ورضوان وجن رهم رب ( خالدين فيها أبدا21يبشه عنده أجر عظيم ) خذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن22إن الل ذين آمنوا ال تت ها ال ( يا أي

هم منكم فأولئك هم الظالمون ) وا الكفر على اإليمان ومن يتول ( قل إن كان23استحب آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون

ى صوا حت ه ورسوله وجهاد في سبيله فترب كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ال يهدي القوم الفاسقين ) ه بأمره والل ه في مواطن كثيرة24يأتي الل ( لقد نصركم الل

ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم األرض بما رحبت ثميتم مدبرين ) ه سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم25ول ( ثم أنزل الل

ذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ) ه من بعد ذلك على26تروها وعذب ال ( ثم يتوب الله غفور رحيم ) ما المشركون نجس فال يقربوا27من يشاء والل ذين آمنوا إن ها ال ( يا أي

ه من فضله إن شاء المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله عليم حكيم ) مون ما28إن الل ه وال باليوم اآلخر وال يحر ذين ال يؤمنون بالل ( قاتلوا ال

ى يعطوا الجزية عن ذين أوتوا الكتاب حت ه ورسوله وال يدينون دين الحق من ال م الل حره29يد وهم صاغرون ) صارى المسيح ابن الل ( وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت الن

ى يؤفكون ) ه أن ذين كفروا من قبل قاتلهم الل ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول اله والمسيح ابن مريم وما أمروا إال30 خذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الل ( ات

ه31ليعبدوا إلها واحدا ال إله إال هو سبحانه عما يشركون ) ( يريدون أن يطفئوا نور الله إال أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) ذي أرسل رسوله32بأفواههم ويأبى الل ( هو ال

ه ولو كره المشركون ) ذين آمنوا33بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كل ها ال ( يا أياس بالباطل ويصدون عن سبيل الله هبان ليأكلون أموال الن إن كثيرا من األحبار والر

رهم بعذاب أليم ) ه فبش ذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقونها في سبيل الل (34والم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم يوم يحمى عليها في نار جهن

ه اثنا عشر شهرا في35ألنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ) هور عند الل ( إن عدة الشم فال تظلموا ماوات واألرض منها أربعة حرم ذلك الدين القي كتاب الله يوم خلق الس

قين ه مع المت فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن اللمونه عاما36) ذين كفروا يحلونه عاما ويحر سيء زيادة في الكفر يضل به ال ما الن ( إن

ه ال يهدي ن لهم سوء أعمالهم والل ه زي م الل وا ما حر ه فيحل م الل ليواطئوا عدة ما حرذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله37القوم الكافرين ) ها ال ( يا أي

اقلتم إلى األرض أرضيتم بالحياة الدنيا من اآلخرة فما متاع الحياة الدنيا في اآلخرة إال اث

Page 85: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وه شيئا والله38قليل ) ( إال تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم وال تضرذين كفروا ثاني اثنين39على كل شيء قدير ) ه إذ أخرجه ال ( إال تنصروه فقد نصره الل

ده ه سكينته عليه وأي ه معنا فأنزل الل إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه ال تحزن إن الله عزيز فلى وكلمة الله هي العليا والل ذين كفروا الس بجنود لم تروها وجعل كلمة ال

ه ذلكم خير40حكيم ) ( انفروا خفافا وثقاال وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل اللبعوك ولكن بعدت41لكم إن كنتم تعلمون ) ( لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا الت

ه يعلم ه لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والل قة وسيحلفون بالل عليهم الشهم لكاذبون ) ذين صدقوا وتعلم42إن ن لك ال ى يتبي ه عنك لم أذنت لهم حت ( عفا الل

ه واليوم اآلخر أن يجاهدوا بأموالهم43الكاذبين ) ذين يؤمنون بالل ( ال يستأذنك القين ) ه عليم بالمت ذين ال يؤمنون بالله واليوم اآلخر44وأنفسهم والل ما يستأذنك ال ( إن

( ولو أرادوا الخروج ألعدوا له عدة ولكن45وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون )طهم وقيل اقعدوا مع القاعدين ) ه انبعاثهم فثب ( لو خرجوا فيكم ما زادوكم46كره الل

ه عليم بالظالمين ) إال خباال وألوضعوا خاللكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم واللى جاء الحق وظهر أمر الله وهم47 بوا لك األمور حت ( لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقل

م48كارهون ) ي أال في الفتنة سقطوا وإن جهن ( ومنهم من يقول ائذن لي وال تفتن ( إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا49لمحيطة بالكافرين )

وا وهم فرحون ) ه لنا هو موالنا50أمرنا من قبل ويتول ( قل لن يصيبنا إال ما كتب اللل المؤمنون ) ه فليتوك صون بنا إال إحدى الحسنيين ونحن51وعلى الل ( قل هل ترب

صون ) ا معكم مترب صوا إن ه بعذاب من عنده أو بأيدينا فترب ص بكم أن يصيبكم الل نتربكم كنتم قوما فاسقين )52 ل منكم إن ( وما منعهم53( قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقب

ه وبرسوله وال يأتون الصالة إال وهم كسالى هم كفروا بالل أن تقبل منهم نفقاتهم إال أنه ليعذبهم54وال ينفقون إال وهم كارهون ) ما يريد الل ( فال تعجبك أموالهم وال أوالدهم إن

هم لمنكم وما55بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ) ه إن ( ويحلفون باللهم قوم يفرقون ) وا إليه وهم56هم منكم ولكن ( لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخال لول

( ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا57يجمحون )ه ورسوله وقالوا حسبنا الله58منها إذا هم يسخطون ) هم رضوا ما آتاهم الل ( ولو أن

ه راغبون ) ا إلى الل ه من فضله ورسوله إن ما الصدقات للفقراء59سيؤتينا الل ( إنه قاب والغارمين وفي سبيل الل فة قلوبهم وفي الر والمساكين والعاملين عليها والمؤل

ه عليم حكيم ) ه والل بيل فريضة من الل بي ويقولون60وابن الس ذين يؤذون الن ( ومنهم الذين ذين آمنوا منكم وال ه ويؤمن للمؤمنين ورحمة لل هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالل

ه لهم عذاب أليم ) ه ورسوله61يؤذون رسول الل ( يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله فأن له62أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين ) ه من يحادد الل ( ألم يعلموا أن

م خالدا فيها ذلك الخزي العظيم ) ل عليهم سورة63نار جهن ( يحذر المنافقون أن تنزه مخرج ما تحذرون ) ئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الل ( ولئن سألتهم64تنب

ا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ) ما كن ( ال تعتذروا65ليقولن إنهم كانوا مجرمين ) قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأن

( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف66ه فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون ) ( وعد الله67ويقبضون أيديهم نسوا الل

ه ولهم م خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الل المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أمواال وأوالدا68عذاب مقيم ) ( كال

ذين من قبلكم بخالقهم وخضتم فاستمتعوا بخالقهم فاستمتعتم بخالقكم كما استمتع ال

Page 86: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا واآلخرة وأولئك هم الخاسرون ) ( ألم69كالذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين يأتهم نبأ ال

ه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون نات فما كان الل والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبي ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر70)

ه ه إن الل ه ورسوله أولئك سيرحمهم الل كاة ويطيعون الل ويقيمون الصالة ويؤتون الزات تجري من تحتها األنهار خالدين71عزيز حكيم ) ه المؤمنين والمؤمنات جن ( وعد الل

ه أكبر ذلك هو الفوز العظيم ) ات عدن ورضوان من الل بة في جن (72فيها ومساكن طيم وبئس المصير ) بي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهن ها الن (73يا أي

ه ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسالمهم وهموا بما لم ينالوا يحلفون باللوا ه ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتول وما نقموا إال أن أغناهم الله عذابا أليما في الدنيا واآلخرة وما لهم في األرض من ولي وال نصير ) (74يعذبهم الل

ه لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين ) ( فلما75ومنهم من عاهد اللوا وهم معرضون ) ( فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى76آتاهم من فضله بخلوا به وتول

ه ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ) ه يعلم77يوم يلقونه بما أخلفوا الل ( ألم يعلموا أن اللم الغيوب ) ه عال هم ونجواهم وأن الل ذين يلمزون المطوعين من المؤمنين78سر ( ال

ه منهم ولهم عذاب ذين ال يجدون إال جهدهم فيسخرون منهم سخر الل في الصدقات واله79أليم ) ة فلن يغفر الل ( استغفر لهم أو ال تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مر

ه ال يهدي القوم الفاسقين ) هم كفروا بالله ورسوله والل فون80لهم ذلك بأن ( فرح المخله ه وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الل بمقعدهم خالف رسول الل

ا لو كانوا يفقهون ) م أشد حر ( فليضحكوا قليال81وقالوا ال تنفروا في الحر قل نار جهنه إلى طائفة منهم فاستأذنوك82وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون ) ( فإن رجعك الل

ة كم رضيتم بالقعود أول مر للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنهم83فاقعدوا مع الخالفين ) ( وال تصل على أحد منهم مات أبدا وال تقم على قبره إن

ه ورسوله وماتوا وهم فاسقون ) ما يريد84كفروا بالل ( وال تعجبك أموالهم وأوالدهم إنه أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ) ( وإذا أنزلت سورة أن85الل

ه وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين آمنوا بالل ( لكن87( رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم ال يفقهون )86)

ذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم سول وال الرات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها ذلك الفوز88المفلحون ) ه لهم جن ( أعد الل

ه ورسوله89العظيم ) ذين كذبوا الل ( وجاء المعذرون من األعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كفروا منهم عذاب أليم ) ( ليس على الضعفاء وال على المرضى وال90سيصيب ال

ه ورسوله ما على المحسنين من ذين ال يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لل على اله غفور رحيم ) ذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت ال أجد ما91سبيل والل ( وال على ال

وا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أال يجدوا ما ينفقون ) ما92أحملكم عليه تول ( إنه على ذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الل بيل على ال الس

( يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل ال تعتذروا لن نؤمن93قلوبهم فهم ال يعلمون )ه عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب ه من أخباركم وسيرى الل أنا الل لكم قد نب

ئكم بما كنتم تعملون ) هادة فينب ه لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا94والش ( سيحلفون باللم جزاء بما كانوا يكسبون ) هم رجس ومأواهم جهن ( يحلفون95عنهم فأعرضوا عنهم إن

ه ال يرضى عن القوم الفاسقين ) (96لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله عليم ه على رسوله والل األعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر أال يعلموا حدود ما أنزل الل

Page 87: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ص بكم الدوائر عليهم دائرة97حكيم ) خذ ما ينفق مغرما ويترب ( ومن األعراب من يته سميع عليم ) وء والل خذ ما98الس ه واليوم اآلخر ويت ( ومن األعراب من يؤمن بالل

ه في رحمته إن ها قربة لهم سيدخلهم الل سول أال إن ه وصلوات الر ينفق قربات عند الله غفور رحيم ) بعوهم99الل ذين ات ابقون األولون من المهاجرين واألنصار وال ( والس

ات تجري تحتها األنهار خالدين فيها ه عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جن بإحسان رضي الل ( وممن حولكم من األعراب منافقون ومن أهل المدينة100أبدا ذلك الفوز العظيم )

تين ثم يردون إلى عذاب عظيم فاق ال تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مر مردوا على النه أن يتوب101) ئا عسى الل ( وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عمال صالحا وآخر سي

ه غفور رحيم ) يهم بها وصل102عليهم إن الل ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكه سميع عليم ) وبة103عليهم إن صالتك سكن لهم والل ه هو يقبل الت ( ألم يعلموا أن الل

حيم ) واب الر ه هو الت ( وقل اعملوا فسيرى الله104عن عباده ويأخذ الصدقات وأن اللئكم بما كنتم هادة فينب عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والش

ه عليم105تعملون ) ( وآخرون مرجون ألمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم واللخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن106حكيم ) ذين ات ( وال

هم لكاذبون ) ه يشهد إن ه ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إال الحسنى والل حارب اللقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه107 ( ال تقم فيه أبدا لمسجد أسس على الت

ه يحب المطهرين ) ون أن يتطهروا والل ( أفمن أسس بنيانه على تقوى108رجال يحبم ه ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهن من الل

ه ال يهدي القوم الظالمين ) ذي بنوا ريبة في قلوبهم إال أن109والل ( ال يزال بنيانهم اله عليم حكيم ) ه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم110تقطع قلوبهم والل ( إن الل

وراة ه فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في الت ة يقاتلون في سبيل الل بأن لهم الجنذي بايعتم به وذلك هو ه فاستبشروا ببيعكم ال واإلنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الل

اجدون111الفوز العظيم ) اكعون الس ائحون الر ائبون العابدون الحامدون الس ( التر المؤمنين ) اهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبش (112اآلمرون بالمعروف والن

ذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما بي وال ما كان للنهم أصحاب الجحيم ) ن لهم أن ( وما كان استغفار إبراهيم ألبيه إال عن موعدة113تبي

أ منه إن إبراهيم ألواه حليم ) ه تبر ه عدو لل ن له أن اه فلما تبي ( وما كان114وعدها إيه بكل شيء عليم ) قون إن الل ن لهم ما يت ى يبي ه ليضل قوما بعد إذ هداهم حت (115الل

ه من ولي وال ماوات واألرض يحيي ويميت وما لكم من دون الل ه له ملك الس إن اللبعوه في ساعة116نصير ) ذين ات بي والمهاجرين واألنصار ال ه على الن ( لقد تاب الل

ه بهم رءوف رحيم ) العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنى إذا ضاقت عليهم األرض بما رحبت وضاقت عليهم117 فوا حت ذين خل الثة ال ( وعلى الث

واب ه هو الت ه إال إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الل وا أن ال ملجأ من الل أنفسهم وظنحيم ) ه وكونوا مع الصادقين )118الر قوا الل ذين آمنوا ات ها ال ( ما كان ألهل119( يا أي

المدينة ومن حولهم من األعراب أن يتخلفوا عن رسول الله وال يرغبوا بأنفسهم عنه وال يطئون موطئا هم ال يصيبهم ظمأ وال نصب وال مخمصة في سبيل الل نفسه ذلك بأن

ه ال يضيع أجر يغيظ الكفار وال ينالون من عدو نيال إال كتب لهم به عمل صالح إن الل ( وال ينفقون نفقة صغيرة وال كبيرة وال يقطعون واديا إال كتب لهم120المحسنين )

ه أحسن ما كانوا يعملون ) ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلوال نفر121ليجزيهم اللهم من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعل

ذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة122يحذرون ) ذين آمنوا قاتلوا ال ها ال ( يا أي

Page 88: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

قين ) ه مع المت كم زادته123واعلموا أن الل ( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون ) ذين في124هذه إيمانا فأما ال ( وأما ال

هم125قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون ) ( أوال يرون أنرون ) تين ثم ال يتوبون وال هم يذك ة أو مر ( وإذا ما أنزلت126يفتنون في كل عام مر

هم ه قلوبهم بأن سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف اللم حريص127قوم ال يفقهون ) ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنت

ه ال إله إال هو عليه128عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) وا فقل حسبي الل ( فإن توللت وهو رب العرش العظيم ) ( 129توك

ات لهم فيها نعيم مقيم ) هم برحمة منه ورضوان وجن رهم رب ( خالدين فيها أبدا21} يبشه عنده أجر عظيم ) خذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن22إن الل ذين آمنوا ال تت ها ال ( يا أي

هم منكم فأولئك هم الظالمون ) وا الكفر على اإليمان ومن يتول ( قل إن كان23استحب آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون

ى صوا حت ه ورسوله وجهاد في سبيله فترب كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ال يهدي القوم الفاسقين ) ه بأمره والل ({24يأتي الل

أمر الله تعالى بمباينة الكفار به ، وإن كانوا آباء أو أبناء ، ونهى عن مواالتهم إذاوا ( أي : اختاروا الكفر على اإليمان ، وتوعد على ذلك كما قال تعالى : } ال ) استحبه ورسوله ولو كانوا آباءهم أو ه واليوم اآلخر يوادون من حاد الل تجد قوما يؤمنون بالل

دهم بروح منه أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم اإليمان وأيات تجري من تحتها األنهار { اآلية ]المجادلة : [.22ويدخلهم جن

( البيهقي من حديث عبد الله بن شوذب قال : جعل أبو أبي1وروى الحافظ ]أبو بكر[ )عبيدة بن

__________( زيادة من ت ، ك ، أ.1)

(4/121)

ه ورسوله ولو كانوا آباءهم أو ه واليوم اآلخر يوادون من حاد الل ال تجد قوما يؤمنون باللدهم بروح منه أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم اإليمان وأي

ه عنهم ورضوا عنه أولئك ات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها رضي الل ويدخلهم جنه هم المفلحون ) ه أال إن حزب الل ( 22حزب الل

الجراح ينعت له اآللهة يوم بدر ، وجعل أبو عبيدة يحيد عنه ، فلما أكثر الجراح قصده ه واليوم ابنه أبو عبيدة فقتله ، فأنزل الله فيه هذه اآلية : } ال تجد قوما يؤمنون بالل

(1[ )22اآلخر { اآلية ]المجادلة : ( أهله وقرابته وعشيرته على الله وعلى2ثم أمر تعالى رسوله أن يتوعد من آثر )

رسوله وجهاد في سبيله ، فقال : ) قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها ( أي : اكتسبتموها وحصلتموها ) وتجارة تخشون

كسادها ومساكن ترضونها ( أي : تحبونها لطيبها وحسنها ، أي : إن كانت هذه األشياء )

Page 89: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

صوا ( أي : فانتظروا ماذا يحل بكم أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربه ال يهدي القوم ه بأمره والل ى يأتي الل من عقابه ونكاله بكم ؛ ولهذا قال : ) حت

الفاسقين ( وقال اإلمام أحمد : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا ابن لهيعة ، عن زهرة بن معبد ، عن جده قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب ،

فقال : والله ألنت يا رسول الله أحب إلي من كل شيء إال من نفسي فقال رسول ( صلى الله عليه وسلم : "ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه".3الله )

فقال عمر : فأنت اآلن والله أحب إلي من نفسي. فقال رسول الله : "اآلن يا عمر" )4)

( البخاري ، فرواه عن يحيى بن سليمان ، عن ابن وهب ، عن حيوة5انفرد بإخراجه ) بن شريح ، عن أبي عقيل زهرة بن معبد ، أنه سمع جده عبد الله بن هشام ، عن النبي

(6صلى الله عليه وسلم بهذا ) وقد ثبت في الصحيح عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "والذي نفسي

(7بيده ، ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" ) وروى اإلمام أحمد ، وأبو داود - واللفظ له - من حديث أبي عبد الرحمن الخراساني ،

عن عطاء الخراساني ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم بأذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم

(8الجهاد ، سلط الله عليكم ذال ال ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم" ) وروى اإلمام أحمد أيضا عن يزيد بن هارون ، عن أبي جناب ، عن شهر بن حوشب أنه

( وهذا9سمع عبد الله ابن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو ذلك )شاهد للذي قبله ، والله أعلم.

__________ ( من طريق الربيع بن سليمان عن أسد بن موسى9/27( سنن البيهقي الكبرى )1)

عن ضمرة بن ربيعة عن عبد الله بن شوذب ، وقال البيهقي : "هذا منقطع".( في ت ، د : "أحب".2)( في ت ، ك : "النبي".3)(.4/336( المسند )4)( في د : "انفرد به".5)(.6632( صحيح البخاري برقم )6)( من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.14( صحيح البخاري برقم )7)(.3462( وسنن أبي داود برقم )2/42( المسند )8)(.2/84( المسند )9)

(4/124)

ه في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا لقد نصركم الليتم مدبرين ) ه سكينته على25وضاقت عليكم األرض بما رحبت ثم ول ( ثم أنزل الل

ذين كفروا وذلك جزاء الكافرين رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب ال(26 )

Page 90: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم } لقد نصركم الليتم مدبرين ) ه سكينته على25شيئا وضاقت عليكم األرض بما رحبت ثم ول ( ثم أنزل الل

ذين كفروا وذلك جزاء الكافرين رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب ال(26})

( "براءة".1قال ابن جريج ، عن مجاهد : هذه أول آية نزلت من ]سورة[ ) يذكر تعالى للمؤمنين فضله عليهم وإحسانه لديهم في نصره إياهم في مواطن كثيرة

( وأن ذلك من عنده تعالى ، وبتأييده وتقديره ، ال بعددهم وال2من غزواتهم مع رسوله ) بعددهم ونبههم على أن النصر من عنده ، سواء قل الجمع أو كثر ، فإن يوم حنين

أعجبتهم كثرتهم ، ومع هذا ما أجدى ذلك عنهم شيئا فولوا مدبرين إال القليل منهم مع ( نصره وتأييده على رسوله وعلى3رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أنزل ]الله[ )

( أن النصر من4المؤمنين الذين معه ، كما سنبينه إن شاء الله تعالى مفصال ليعلمهم ) عنده تعالى وحده وبإمداده وإن قل الجمع ، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن

الله ، والله مع الصابرين. وقد قال اإلمام أحمد : حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا أبي ، سمعت يونس يحدث عن

الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "خير الصحابة أربعة ، وخير السرايا أربعمائة ، وخير الجيوش أربعة آالف ، ولن تغلب

اثنا عشر ألفا من قلة". ( هذا حديث حسن غريب ، ال يسنده6( ثم قال : )5وهكذا رواه أبو داود ، والترمذي )

كبير أحد غير جرير بن حازم ، وإنما روي عن الزهري ، عن النبي صلى الله عليه وسلممرسال.

وقد رواه ابن ماجه والبيهقي وغيره ، عن أكثم بن الجون ، عن رسول الله صلى الله( والله أعلم.7عليه وسلم ، بنحوه )

وقد كانت وقعة : "حنين" بعد فتح مكة في شوال سنة ثمان من الهجرة ، وذلك لما ( من فتح مكة ، وتمهدت أمورها ، وأسلم عامة أهلها ، وأطلقهم8فرغ عليه السالم )

رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغه أن__________

( زيادة من أ.1)( في ت : "رسول الله صلى الله عليه وسلم".2)( زيادة من ت ، أ.3)( في د : "ليعلم".4)(.1555( وسنن الترمذي برقم )2611( وسنن أبي داود برقم )1/294( المسند )5)( في د : "وقال".6) ( من طريق أبي9/263( وسنن البيهقي الكبرى )2827( سنن ابن ماجه برقم )7)

سلمة العاملي عن الزهري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألكثم ( : "هذا2/412بن الجون ، فذكر نحو حديث ابن عباس. وقال البوصيري في الزوائد )

إسناد ضعيف ؛ لضعف أبي سلمة العاملي األزدي وعبد الملك بن محمد الصنعاني".( في أ : "رسوله الله صلى الله عليه وسلم".8)

(4/125)

Page 91: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ضري ، ومعه ثقيف بكمالها ، هوازن جمعوا له ليقاتلوه ، وأن أميرهم مالك بن عوف الن وبنو جشم وبنو سعد بن بكر ، وأوزاع من بني هالل ، وهم قليل ، وناس من بني عمروعم ، وجاءوا بن عامر ، وعوف بن عامر ، وقد أقبلوا معهم النساء والولدان والشاء والن

بقضهم وقضيضهم فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيشه الذي جاء ) ( معه للفتح ، وهو عشرة آالف من المهاجرين واألنصار وقبائل العرب ، ومعه الذين1

أسلموا من أهل مكة ، وهم الطلقاء في ألفين أيضا ، فسار بهم إلى العدو ، فالتقوا بواد بين مكة والطائف يقال له "حنين" ، فكانت فيه الوقعة في أول النهار في غلس

الصبح ، انحدروا في الوادي وقد كمنت فيه هوازن ، فلما تواجهوا لم يشعر المسلمون ( ورشقوا بالنبال ، وأصلتوا السيوف ، وحملوا حملة رجل واحد ،2إال بهم قد ثاوروهم )

(3كما أمرهم ملكهم. فعند ذلك ولى المسلمون مدبرين ، كما قال الله ، عز وجل ) وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو راكب يومئذ بغلته الشهباء يسوقها إلى

نحر العدو ، والعباس عمه آخذ بركابها األيمن ، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب آخذ بركابها األيسر ، يثقالنها لئال تسرع السير ، وهو ينوه باسمه ، عليه الصالة

( : " أين يا عباد الله ؟ إلي أنا4والسالم ، ويدعو المسلمين إلى الرجعة ]ويقول[ )رسول الله" ، ويقول في تلك الحال :

أنا النبي ال كذب... أنا ابن عبد المطلب... وثبت معه من أصحابه قريب من مائة ، ومنهم من قال : ثمانون ، فمنهم : أبو بكر ،

وعمر ، رضي الله عنهما ، والعباس وعلي ، والفضل بن عباس ، وأبو سفيان بن الحارث ، وأيمن بن أم أيمن ، وأسامة بن زيد ، وغيرهم ، رضي الله عنهم ثم أمر صلى الله عليه وسلم عمه العباس - وكان جهير الصوت - أن ينادي بأعلى صوته : يا أصحاب الشجرة - يعني شجرة بيعة الرضوان ، التي بايعه المسلمون من المهاجرين واألنصار

( ويقول تارة : يا5تحتها ، على أال يفروا عنه - فجعل ينادي بهم : يا أصحاب السمرة ) أصحاب سورة البقرة ، فجعلوا يقولون : يا لبيك ، يا لبيك ، وانعطف الناس فجعلوا

يتراجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إن الرجل منهم إذا لم يطاوعه بعيره على الرجوع ، لبس درعه ، ثم انحدر عنه ، وأرسله ، ورجع بنفسه إلى رسول

( أن7( شرذمة منهم ، أمرهم عليه السالم )6الله صلى الله عليه وسلم. فلما رجعت ) يصدقوا الحملة ، وأخذ قبضة من التراب بعدما دعا ربه واستنصره ، وقال : "اللهم أنجز

لي ما وعدتني" ثم رمى القوم بها ، فما بقي إنسان منهم إال أصابه منها في عينيه ( المسلمون أقفاءهم يقتلون8وفمه ما شغله عن القتال ، ثم انهزموا ، فاتبع )

ويأسرون ، وما تراجع بقية الناس إال واألسارى مجدلة بين يدي رسول الله صلى اللهعليه وسلم.

وقال اإلمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا يعلى بن عطاء ، عن عبد الله بن يسار أبي همام ، عن أبي عبد الرحمن الفهري - واسمه يزيد بن أسيد ،

ويقال : يزيد بن أنيس ، __________

( في ت ، أ : "الذي جاءوا" ، وفي د : "الذين جاءوا".1)( في ت : "بادروهم".2)( في ت : "الله تعالى".3)( زيادة من ت ، أ.4)( في ت : "الشجرة".5)( في د : "اجتمعت".6)

Page 92: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في أ : "صلى الله عليه وسلم".7)( في ت ، د : "واتبع".8)

(4/126)

ويقال : كرز - قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين ، فسرنا في يوم قائظ شديد الحر ، فنزلنا تحت ظالل الشجر ، فلما زالت الشمس لبست ألمتي وركبت فرسي ، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في

فسطاطه ، فقلت : السالم عليك يا رسول الله ورحمة الله ، حان الرواح ؟ فقال : ( كأن ظله ظل طائر ، فقال : لبيك1"أجل". فقال : "يا بالل" فثار من تحت سمرة )

( فقال : "أسرج لي فرسي". فأخرج سرجا دفتاه من ليف ،2وسعديك ، وأنا فداؤك )ليس فيهما أشر وال بطر.

قال : فأسرج ، فركب وركبنا ، فصاففناهم عشيتنا وليلتنا ، فتشامت الخيالن ، فولىيتم مدبرين ( فقال رسول الله المسلمون مدبرين ، كما قال الله ، عز وجل : ) ثم ول

صلى الله عليه وسلم : "يا عباد الله ، أنا عبد الله ورسوله" ، ثم قال : " يا معشر المهاجرين ، أنا عبد الله ورسوله". قال : ثم اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم

( فأخذ كفا من تراب ، فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني : أنه ضرب به3عن فرسه ) وجوههم ، وقال : "شاهت الوجوه". فهزمهم الله عز وجل. قال يعلى بن عطاء :

فحدثني أبناؤهم ، عن آبائهم ، أنهم قالوا : لم يبق منا أحد إال امتألت عيناه وفمه ترابا ،( الجديد.4وسمعنا صلصلة بين السماء واألرض ، كإمرار الحديد على الطست )

وهكذا رواه الحافظ البيهقي في "دالئل النبوة" من حديث أبي داود الطيالسي ، عن(5حماد بن سلمة به )

وقال محمد بن إسحاق : حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبد الرحمن بن جابر ، عن أبيه جابر عن عبد الله قال : فخرج مالك بن عوف بمن معه إلى حنين ، فسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ، فأعدوا وتهيئوا في مضايق الوادي وأحنائه ،

وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، حتى انحط بهم الوادي في عماية الصبح ، فلما انحط الناس ثارت في وجوههم الخيل ، فاشتدت عليهم ، وانكفأ الناس

منهزمين ، ال يقبل أحد عن أحد ، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ( هلموا إلي أنا رسول الله ، أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبد6يقول : "أيها الناس )

( فلما رأى رسول الله صلى الله عليه7الله" فال شيء ، وركبت اإلبل بعضها بعضا ) وسلم أمر الناس قال : "يا عباس ، اصرخ : يا معشر األنصار ، يا أصحاب السمرة".

فأجابوه : لبيك ، لبيك ، فجعل الرجل يذهب ليعطف بعيره ، فال يقدر على ذلك ، فيقذف درعه في عنقه ، ويأخذ سيفه وقوسه ، ثم يؤم الصوت ، حتى اجتمع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم مائة ، فاستعرض الناس فاقتتلوا ، وكانت

( وكانوا صبرا عند الحرب ،8الدعوة أول ما كانت باألنصار ، ثم جعلت آخرا بالخزرج ) ( فنظر إلى مجتلد القوم ،9وأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركائبه )

فقال : "اآلن حمي الوطيس" : قال : فوالله ما راجعه الناس إال واألسارى عند رسولالله صلى الله عليه وسلم ملقون ، فقتل الله منهم من قتل ،

__________

Page 93: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في ت : "شجرة".1)( في ك : "فداك".2)( في ت : "قرب".3)( في ت : "الطشت".4)(.5/141( ودالئل النبوة )5/286( المسند )5)( في ت : "يأيها الناس".6)( في ك : "بعض".7)( في ت : "بالخروج".8)( في ك ، أ : "ركابه".9)

(4/127)

وانهزم منهم من انهزم ، وأفاء الله على رسوله أموالهم وأبناءهم. وفي الصحيحين من حديث شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب ، رضي الله عنهما ، أنه قال له رجل : يا أبا عمارة ، أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

يوم حنين ، فقال : لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر ، إن هوازن كانوا قوما رماة ، فلما لقيناهم وحملنا عليهم انهزموا ، فأقبل الناس على الغنائم ،

فاستقبلونا بالسهام ، فانهزم الناس ، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء ، وهو

يقول : (1أنا النبي ال كذب... أنا ابن عبد المطلب )

قلت : وهذا في غاية ما يكون من الشجاعة التامة ، إنه في مثل هذا اليوم في حومة ( على بغلة وليست سريعة الجري ،2الوغى ، وقد انكشف عنه جيشه ، هو مع ذلك ) ( أيضا يركضها إلى وجوههم وينوه3وال تصلح لكر وال لفر وال لهرب ، وهو مع هذا )

باسمه ليعرفه من لم يعرفه ، صلوات الله وسالمه عليه دائما إلى يوم الدين ، وما هذا كله إال ثقة بالله ، وتوكال عليه ، وعلما منه بأنه سينصره ، ويتم ما أرسله به ، ويظهر

ه سكينته على رسوله ( أي : دينه على سائر األديان ؛ ولهذا قال تعالى : ) ثم أنزل الل طمأنينته وثباته على رسوله ، ) وعلى المؤمنين ( أي : الذين معه ، ) وأنزل جنودا لم

تروها ( وهم المالئكة ، كما قال اإلمام أبو جعفر بن جرير : ( حدثني الحسن بن عرفة قال : حدثني المعتمر بن سليمان ،4]حدثنا القاسم قال[ )

عن عوف - هو ابن أبي جميلة األعرابي - قال : سمعت عبد الرحمن مولى ابن برثن ، حدثني رجل كان مع المشركين يوم حنين قال : لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله

( لم يقوموا لنا حلب شاة - قال : فلما كشفناهم5صلى الله عليه وسلم يوم حنين ) جعلنا نسوقهم في آثارهم ، حتى انتهينا إلى صاحب البغلة البيضاء ، فإذا هو رسول الله

صلى الله عليه وسلم - قال : فتلقانا عنده رجال بيض حسان الوجوه ، فقالوا لنا :شاهت الوجوه ، ارجعوا. قال : فانهزمنا ، وركبوا أكتافنا ، فكانت إياها.

وقال الحافظ أبو بكر البيهقي : أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثني محمد بن أحمد بن ( حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا عبد الواحد6بالويه ، حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي )

بن زياد ، حدثنا الحارث بن حصيرة ، حدثنا القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه قال :

Page 94: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

قال ابن مسعود ، رضي الله عنه : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ، فولى عنه الناس ، وبقيت معه في ثمانين رجال من المهاجرين واألنصار ، قدمنا ولم نولهم الدبر ، وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة. قال : ورسول الله صلى الله عليه

وسلم على بغلته يمضي قدما ، فحادت بغلته ، فمال عن السرج ، فقلت : ارتفع رفعك الله. قال : "ناولني كفا من التراب". فناولته ، قال : فضرب به وجوههم ، فامتألت

أعينهم ترابا ، قال : "أين__________

(.1776( ، وصحيح مسلم برقم )2864( صحيح البخاري برقم )1)( في ت ، د ، ك : "وهو مع هذا".2)( في ت ، د ، ك : "ذلك"3)( زيادة من ت ، أ ، والطبري.4)( في ت : "يوم حنين في آثارهم".5)( في ك : "الجرمي".6)

(4/128)

( واألنصار ؟" قلت : هم هناك. قال : "اهتف بهم". فهتفت بهم ، فجاءوا1المهاجرون )( الشهب ، وولى المشركون أدبارهم.2وسيوفهم بأيمانهم ، كأنها )

(3ورواه اإلمام أحمد في مسنده عن عفان ، به نحوه ) وقال الوليد بن مسلم : حدثني عبد الله بن المبارك ، عن أبي بكر الهذلي ، عن عكرمة

مولى ابن عباس ، عن شيبة بن عثمان قال : لما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قد عرى ، ذكرت أبي وعمي وقتل علي وحمزة إياهما ، فقلت : اليوم

أدرك ثأري منه - قال : فذهبت ألجيئه عن يمينه ، فإذا أنا بالعباس بن عبد المطلب قائما ، عليه درع بيضاء كأنها فضة ، يكشف عنها العجاج ، فقلت : عمه ولن يخذله -

( عن يساره ، فإذا أنا بأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ،4قال : فجئته ) فقلت : ابن عمه ولن يخذله. فجئته من خلفه ، فلم يبق إال أن أسوره سورة بالسيف ،

إذ رفع لي شواظ من نار بيني وبينه ، كأنه برق ، فخفت أن تمحشني ، فوضعت يدي على بصري ومشيت القهقري ، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : "يا

( اللهم أذهب عنه الشيطان". قال : فرفعت إليه6( ادن مني )5شيب ، يا شيب )( قاتل الكفار".7بصري ، ولهو أحب إلي من سمعي وبصري ، فقال : "يا شيب )

( ثم روى من حديث أيوب بن جابر ، عن8رواه البيهقي من حديث الوليد ، فذكره ) صدقة بن سعيد ، عن مصعب بن شيبة عن أبيه قال : خرجت مع رسول الله صلى الله

عليه وسلم يوم حنين ، والله ما أخرجني إسالم وال معرفة به ، ولكني أبيت أن تظهر هوازن على قريش ، فقلت وأنا واقف معه : يا رسول الله ، إني أرى خيال بلقا ، فقال :

( صدري ، ثم قال : "اللهم ، اهد9"يا شيبة ، إنه ال يراها إال كافر". فضرب بيده في ) شيبة" ، ثم ضربها الثانية ، ثم قال : "اللهم ، اهد شيبة" ، ثم ضربها الثالثة ثم قال :

"اللهم اهد شيبة". قال : فوالله ما رفع يده عن صدري في الثالثة حتى ما كان أحد من خلق الله أحب إلي منه ، وذكر تمام الحديث ، في التقاء الناس وانهزام المسلمين

ونداء العباس واستنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى هزم الله المشركين )

Page 95: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

10) قال محمد بن إسحاق : حدثني والدي إسحاق بن يسار ، عمن حدثه ، عن جبير بن

مطعم ، رضي الله عنه ، قال : إنا لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ، والناس يقتتلون ، إذ نظرت إلى مثل البجاد األسود يهوي من السماء ، حتى وقع بيننا

وبين القوم ، فإذا نمل منثور قد مأل الوادي ، فلم يكن إال هزيمة القوم ، فما كنا نشكأنها المالئكة.__________

( في ت : "المهاجرين" وهو خطأ.1)( في ت : "كأنهم".2)(.1/454( والمسند )5/142( دالئل النبوة )3)( في أ : "ثم جئته".4)( في أ : "يا شبيب يا شبيب".5)( في د : "ادن مني يا شيب".6)( في أ : "يا شبيب".7)(.5/145( دالئل النبوة للبيهقي )8)( في ت ، د ، ك ، أ : "يده على".9)(.5/146( دالئل النبوة للبيهقي )10)

(4/129)

وائي - وقال سعيد بن السائب بن يسار ، عن أبيه قال : سمعت يزيد بن عامر الس وكان شهد حنينا مع المشركين ثم أسلم بعد - فكنا نسأله عن الرعب الذي ألقى الله

(1في قلوب المشركين يوم حنين ، فكان يأخذ الحصاة فيرمي بها في الطست )( كنا نجد في أجوافنا مثل هذا.2فيطن ، فيقول )

( فالله أعلم.3وقد تقدم له شاهد من حديث يزيد بن أبي أسيد ) وفي صحيح مسلم ، عن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق أنبأنا معمر ، عن همام قال :

هذا ما حدثنا أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "نصرت(4بالرعب ، وأوتيت جوامع الكلم" )

ه سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم ولهذا قال تعالى : ) ثم أنزل اللذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ( ) (5تروها وعذب ال

__________( في ت : "الطشت".1)( في ت : "ثم يقول".2)( في ت : "أسد".3)(.523( صحيح مسلم برقم )4)( في ك ، أ : "فأنزل" وهو خطأ.5)

(4/130)

Page 96: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه غفور رحيم ) ه من بعد ذلك على من يشاء والل ( 27ثم يتوب الل

ه غفور رحيم ) ه من بعد ذلك على من يشاء والل ( {27} ثم يتوب الل( "براءة".1قال ابن جريج ، عن مجاهد : هذه أول آية نزلت من ]سورة[ )

يذكر تعالى للمؤمنين فضله عليهم وإحسانه لديهم في نصره إياهم في مواطن كثيرة ( وأن ذلك من عنده تعالى ، وبتأييده وتقديره ، ال بعددهم وال2من غزواتهم مع رسوله )

بعددهم ونبههم على أن النصر من عنده ، سواء قل الجمع أو كثر ، فإن يوم حنين أعجبتهم كثرتهم ، ومع هذا ما أجدى ذلك عنهم شيئا فولوا مدبرين إال القليل منهم مع

( نصره وتأييده على رسوله وعلى3رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أنزل ]الله[ ) ( أن النصر من4المؤمنين الذين معه ، كما سنبينه إن شاء الله تعالى مفصال ليعلمهم )

عنده تعالى وحده وبإمداده وإن قل الجمع ، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذنالله ، والله مع الصابرين.

وقد قال اإلمام أحمد : حدثنا وهب بن جرير ، حدثنا أبي ، سمعت يونس يحدث عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"خير الصحابة أربعة ، وخير السرايا أربعمائة ، وخير الجيوش أربعة آالف ، ولن تغلباثنا عشر ألفا من قلة".

( هذا حديث حسن غريب ، ال يسنده6( ثم قال : )5وهكذا رواه أبو داود ، والترمذي ) كبير أحد غير جرير بن حازم ، وإنما روي عن الزهري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم

مرسال. وقد رواه ابن ماجه والبيهقي وغيره ، عن أكثم بن الجون ، عن رسول الله صلى الله

( والله أعلم.7عليه وسلم ، بنحوه ) وقد كانت وقعة : "حنين" بعد فتح مكة في شوال سنة ثمان من الهجرة ، وذلك لما

( من فتح مكة ، وتمهدت أمورها ، وأسلم عامة أهلها ، وأطلقهم8فرغ عليه السالم )رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغه أن

__________( زيادة من أ.1)( في ت : "رسول الله صلى الله عليه وسلم".2)( زيادة من ت ، أ.3)( في د : "ليعلم".4)(.1555( وسنن الترمذي برقم )2611( وسنن أبي داود برقم )1/294( المسند )5)( في د : "وقال".6) ( من طريق أبي9/263( وسنن البيهقي الكبرى )2827( سنن ابن ماجه برقم )7)

سلمة العاملي عن الزهري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألكثم ( : "هذا2/412بن الجون ، فذكر نحو حديث ابن عباس. وقال البوصيري في الزوائد )

إسناد ضعيف ؛ لضعف أبي سلمة العاملي األزدي وعبد الملك بن محمد الصنعاني".( في أ : "رسوله الله صلى الله عليه وسلم".8)

(4/130)

Page 97: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ضري ، ومعه ثقيف بكمالها ، هوازن جمعوا له ليقاتلوه ، وأن أميرهم مالك بن عوف الن وبنو جشم وبنو سعد بن بكر ، وأوزاع من بني هالل ، وهم قليل ، وناس من بني عمروعم ، وجاءوا بن عامر ، وعوف بن عامر ، وقد أقبلوا معهم النساء والولدان والشاء والن

بقضهم وقضيضهم فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيشه الذي جاء ) ( معه للفتح ، وهو عشرة آالف من المهاجرين واألنصار وقبائل العرب ، ومعه الذين1

أسلموا من أهل مكة ، وهم الطلقاء في ألفين أيضا ، فسار بهم إلى العدو ، فالتقوا بواد بين مكة والطائف يقال له "حنين" ، فكانت فيه الوقعة في أول النهار في غلس

الصبح ، انحدروا في الوادي وقد كمنت فيه هوازن ، فلما تواجهوا لم يشعر المسلمون ( ورشقوا بالنبال ، وأصلتوا السيوف ، وحملوا حملة رجل واحد ،2إال بهم قد ثاوروهم )

(3كما أمرهم ملكهم. فعند ذلك ولى المسلمون مدبرين ، كما قال الله ، عز وجل ) وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو راكب يومئذ بغلته الشهباء يسوقها إلى

نحر العدو ، والعباس عمه آخذ بركابها األيمن ، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب آخذ بركابها األيسر ، يثقالنها لئال تسرع السير ، وهو ينوه باسمه ، عليه الصالة

( أين يا عباد الله ؟ إلي أنا رسول4والسالم ، ويدعو المسلمين إلى الرجعة ]ويقول[ )الله" ، ويقول في تلك الحال :

أنا النبي ال كذب... أنا ابن عبد المطلب... وثبت معه من أصحابه قريب من مائة ، ومنهم من قال : ثمانون ، فمنهم : أبو بكر ،

وعمر ، رضي الله عنهما ، والعباس وعلي ، والفضل بن عباس ، وأبو سفيان بن الحارث ، وأيمن بن أم أيمن ، وأسامة بن زيد ، وغيرهم ، رضي الله عنهم ثم أمر صلى الله عليه وسلم عمه العباس - وكان جهير الصوت - أن ينادي بأعلى صوته : يا أصحاب الشجرة - يعني شجرة بيعة الرضوان ، التي بايعه المسلمون من المهاجرين واألنصار

( ويقول تارة : يا5تحتها ، على أال يفروا عنه - فجعل ينادي بهم : يا أصحاب السمرة ) أصحاب سورة البقرة ، فجعلوا يقولون : يا لبيك ، يا لبيك ، وانعطف الناس فجعلوا

يتراجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إن الرجل منهم إذا لم يطاوعه بعيره على الرجوع ، لبس درعه ، ثم انحدر عنه ، وأرسله ، ورجع بنفسه إلى رسول

( أن7( شرذمة منهم ، أمرهم عليه السالم )6الله صلى الله عليه وسلم. فلما رجعت ) يصدقوا الحملة ، وأخذ قبضة من التراب بعدما دعا ربه واستنصره ، وقال : "اللهم أنجز

لي ما وعدتني" ثم رمى القوم بها ، فما بقي إنسان منهم إال أصابه منها في عينيه ( المسلمون أقفاءهم يقتلون8وفمه ما شغله عن القتال ، ثم انهزموا ، فاتبع )

ويأسرون ، وما تراجع بقية الناس إال واألسارى مجدلة بين يدي رسول الله صلى اللهعليه وسلم.

وقال اإلمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا يعلى بن عطاء ، عن عبد الله بن يسار أبي همام ، عن أبي عبد الرحمن الفهري - واسمه يزيد بن أسيد ،

ويقال : يزيد بن أنيس ، __________

( في ت ، أ : "الذي جاءوا" ، وفي د : "الذين جاءوا".1)( في ت : "بادروهم".2)( في ت : "الله تعالى".3)( زيادة من ت ، أ.4)( في ت : "الشجرة".5)( في د : "اجتمعت".6)

Page 98: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في أ : "صلى الله عليه وسلم".7)( في ت ، د : "واتبع".8)

(4/126)

ويقال : كرز - قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين ، فسرنا في يوم قائظ شديد الحر ، فنزلنا تحت ظالل الشجر ، فلما زالت الشمس لبست ألمتي وركبت فرسي ، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في

فسطاطه ، فقلت : السالم عليك يا رسول الله ورحمة الله ، حان الرواح ؟ فقال : ( كأن ظله ظل طائر ، فقال : لبيك1"أجل". فقال : "يا بالل" فثار من تحت سمرة )

( فقال : "أسرج لي فرسي". فأخرج سرجا دفتاه من ليف ،2وسعديك ، وأنا فداؤك )ليس فيهما أشر وال بطر.

قال : فأسرج ، فركب وركبنا ، فصاففناهم عشيتنا وليلتنا ، فتشامت الخيالن ، فولىيتم مدبرين { فقال رسول الله المسلمون مدبرين ، كما قال الله ، عز وجل : } ثم ول

صلى الله عليه وسلم : "يا عباد الله ، أنا عبد الله ورسوله" ، ثم قال : " يا معشر المهاجرين ، أنا عبد الله ورسوله". قال : ثم اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم

( فأخذ كفا من تراب ، فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني : أنه ضرب به3عن فرسه ) وجوههم ، وقال : "شاهت الوجوه". فهزمهم الله عز وجل. قال يعلى بن عطاء :

فحدثني أبناؤهم ، عن آبائهم ، أنهم قالوا : لم يبق منا أحد إال امتألت عيناه وفمه ترابا ،( الجديد.4وسمعنا صلصلة بين السماء واألرض ، كإمرار الحديد على الطست )

وهكذا رواه الحافظ البيهقي في "دالئل النبوة" من حديث أبي داود الطيالسي ، عن(5حماد بن سلمة به )

وقال محمد بن إسحاق : حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبد الرحمن بن جابر ، عن أبيه جابر عن عبد الله قال : فخرج مالك بن عوف بمن معه إلى حنين ، فسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ، فأعدوا وتهيئوا في مضايق الوادي وأحنائه ،

وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، حتى انحط بهم الوادي في عماية الصبح ، فلما انحط الناس ثارت في وجوههم الخيل ، فاشتدت عليهم ، وانكفأ الناس

منهزمين ، ال يقبل أحد عن أحد ، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ( هلموا إلي أنا رسول الله ، أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبد6يقول : "أيها الناس )

( فلما رأى رسول الله صلى الله عليه7الله" فال شيء ، وركبت اإلبل بعضها بعضا ) وسلم أمر الناس قال : "يا عباس ، اصرخ : يا معشر األنصار ، يا أصحاب السمرة".

فأجابوه : لبيك ، لبيك ، فجعل الرجل يذهب ليعطف بعيره ، فال يقدر على ذلك ، فيقذف درعه في عنقه ، ويأخذ سيفه وقوسه ، ثم يؤم الصوت ، حتى اجتمع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم مائة ، فاستعرض الناس فاقتتلوا ، وكانت

( وكانوا صبرا عند الحرب ،8الدعوة أول ما كانت باألنصار ، ثم جعلت آخرا بالخزرج ) ( فنظر إلى مجتلد القوم ،9وأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركائبه )

فقال : "اآلن حمي الوطيس" : قال : فوالله ما راجعه الناس إال واألسارى عند رسولالله صلى الله عليه وسلم ملقون ، فقتل الله منهم من قتل ،

__________

Page 99: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في ت : "شجرة".1)( في ك : "فداك".2)( في ت : "قرب".3)( في ت : "الطشت".4)(.5/141( ودالئل النبوة )5/286( المسند )5)( في ت : "يأيها الناس".6)( في ك : "بعض".7)( في ت : "بالخروج".8)( في ك ، أ : "ركابه".9)

(4/127)

وانهزم منهم من انهزم ، وأفاء الله على رسوله أموالهم وأبناءهم. وفي الصحيحين من حديث شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب ، رضي الله عنهما ، أنه قال له رجل : يا أبا عمارة ، أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

يوم حنين ، فقال : لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر ، إن هوازن كانوا قوما رماة ، فلما لقيناهم وحملنا عليهم انهزموا ، فأقبل الناس على الغنائم ،

فاستقبلونا بالسهام ، فانهزم الناس ، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء ، وهو

يقول : (1أنا النبي ال كذب... أنا ابن عبد المطلب )

قلت : وهذا في غاية ما يكون من الشجاعة التامة ، إنه في مثل هذا اليوم في حومة ( على بغلة وليست سريعة الجري ،2الوغى ، وقد انكشف عنه جيشه ، هو مع ذلك ) ( أيضا يركضها إلى وجوههم وينوه3وال تصلح لكر وال لفر وال لهرب ، وهو مع هذا )

باسمه ليعرفه من لم يعرفه ، صلوات الله وسالمه عليه دائما إلى يوم الدين ، وما هذا كله إال ثقة بالله ، وتوكال عليه ، وعلما منه بأنه سينصره ، ويتم ما أرسله به ، ويظهر

ه سكينته على رسوله { أي : دينه على سائر األديان ؛ ولهذا قال تعالى : } ثم أنزل الل طمأنينته وثباته على رسوله ، } وعلى المؤمنين { أي : الذين معه ، } وأنزل جنودا لم

تروها { وهم المالئكة ، كما قال اإلمام أبو جعفر بن جرير : ( حدثني الحسن بن عرفة قال : حدثني المعتمر بن سليمان ،4]حدثنا القاسم قال[ )

عن عوف - هو ابن أبي جميلة األعرابي - قال : سمعت عبد الرحمن مولى ابن برثن ، حدثني رجل كان مع المشركين يوم حنين قال : لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله

( لم يقوموا لنا حلب شاة - قال : فلما كشفناهم5صلى الله عليه وسلم يوم حنين ) جعلنا نسوقهم في آثارهم ، حتى انتهينا إلى صاحب البغلة البيضاء ، فإذا هو رسول الله

صلى الله عليه وسلم - قال : فتلقانا عنده رجال بيض حسان الوجوه ، فقالوا لنا :شاهت الوجوه ، ارجعوا. قال : فانهزمنا ، وركبوا أكتافنا ، فكانت إياها.

وقال الحافظ أبو بكر البيهقي : أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثني محمد بن أحمد بن ( حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا عبد الواحد6بالويه ، حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي )

بن زياد ، حدثنا الحارث بن حصيرة ، حدثنا القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه قال :

Page 100: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

قال ابن مسعود ، رضي الله عنه : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ، فولى عنه الناس ، وبقيت معه في ثمانين رجال من المهاجرين واألنصار ، قدمنا ولم نولهم الدبر ، وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة. قال : ورسول الله صلى الله عليه

وسلم على بغلته يمضي قدما ، فحادت بغلته ، فمال عن السرج ، فقلت : ارتفع رفعك الله. قال : "ناولني كفا من التراب". فناولته ، قال : فضرب به وجوههم ، فامتألت

أعينهم ترابا ، قال : "أين__________

(.1776( ، وصحيح مسلم برقم )2864( صحيح البخاري برقم )1)( في ت ، د ، ك : "وهو مع هذا".2)( في ت ، د ، ك : "ذلك"3)( زيادة من ت ، أ ، والطبري.4)( في ت : "يوم حنين في آثارهم".5)( في ك : "الجرمي".6)

(4/128)

( واألنصار ؟" قلت : هم هناك. قال : "اهتف بهم". فهتفت بهم ، فجاءوا1المهاجرون )( الشهب ، وولى المشركون أدبارهم.2وسيوفهم بأيمانهم ، كأنها )

(3ورواه اإلمام أحمد في مسنده عن عفان ، به نحوه ) وقال الوليد بن مسلم : حدثني عبد الله بن المبارك ، عن أبي بكر الهذلي ، عن عكرمة

مولى ابن عباس ، عن شيبة بن عثمان قال : لما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قد عرى ، ذكرت أبي وعمي وقتل علي وحمزة إياهما ، فقلت : اليوم

أدرك ثأري منه - قال : فذهبت ألجيئه عن يمينه ، فإذا أنا بالعباس بن عبد المطلب قائما ، عليه درع بيضاء كأنها فضة ، يكشف عنها العجاج ، فقلت : عمه ولن يخذله -

( عن يساره ، فإذا أنا بأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ،4قال : فجئته ) فقلت : ابن عمه ولن يخذله. فجئته من خلفه ، فلم يبق إال أن أسوره سورة بالسيف ،

إذ رفع لي شواظ من نار بيني وبينه ، كأنه برق ، فخفت أن تمحشني ، فوضعت يدي على بصري ومشيت القهقري ، فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : "يا

( اللهم أذهب عنه الشيطان". قال : فرفعت إليه6( ادن مني )5شيب ، يا شيب )( قاتل الكفار".7بصري ، ولهو أحب إلي من سمعي وبصري ، فقال : "يا شيب )

( ثم روى من حديث أيوب بن جابر ، عن8رواه البيهقي من حديث الوليد ، فذكره ) صدقة بن سعيد ، عن مصعب بن شيبة عن أبيه قال : خرجت مع رسول الله صلى الله

عليه وسلم يوم حنين ، والله ما أخرجني إسالم وال معرفة به ، ولكني أبيت أن تظهر هوازن على قريش ، فقلت وأنا واقف معه : يا رسول الله ، إني أرى خيال بلقا ، فقال :

( صدري ، ثم قال : "اللهم ، اهد9"يا شيبة ، إنه ال يراها إال كافر". فضرب بيده في ) شيبة" ، ثم ضربها الثانية ، ثم قال : "اللهم ، اهد شيبة" ، ثم ضربها الثالثة ثم قال :

"اللهم اهد شيبة". قال : فوالله ما رفع يده عن صدري في الثالثة حتى ما كان أحد من خلق الله أحب إلي منه ، وذكر تمام الحديث ، في التقاء الناس وانهزام المسلمين

ونداء العباس واستنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى هزم الله المشركين )

Page 101: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

10) قال محمد بن إسحاق : حدثني والدي إسحاق بن يسار ، عمن حدثه ، عن جبير بن

مطعم ، رضي الله عنه ، قال : إنا لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ، والناس يقتتلون ، إذ نظرت إلى مثل البجاد األسود يهوي من السماء ، حتى وقع بيننا

وبين القوم ، فإذا نمل منثور قد مأل الوادي ، فلم يكن إال هزيمة القوم ، فما كنا نشكأنها المالئكة.__________

( في ت : "المهاجرين" وهو خطأ.1)( في ت : "كأنهم".2)(.1/454( والمسند )5/142( دالئل النبوة )3)( في أ : "ثم جئته".4)( في أ : "يا شبيب يا شبيب".5)( في د : "ادن مني يا شيب".6)( في أ : "يا شبيب".7)(.5/145( دالئل النبوة للبيهقي )8)( في ت ، د ، ك ، أ : "يده على".9)(.5/146( دالئل النبوة للبيهقي )10)

(4/129)

ما المشركون نجس فال يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن ذين آمنوا إن ها ال يا أيه عليم حكيم ) ه من فضله إن شاء إن الل ذين28خفتم عيلة فسوف يغنيكم الل ( قاتلوا ال

ه ورسوله وال يدينون دين الحق م الل مون ما حر ه وال باليوم اآلخر وال يحر ال يؤمنون باللى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) ذين أوتوا الكتاب حت ( 29من ال

وائي - وقال سعيد بن السائب بن يسار ، عن أبيه قال : سمعت يزيد بن عامر الس وكان شهد حنينا مع المشركين ثم أسلم بعد - فكنا نسأله عن الرعب الذي ألقى الله

(1في قلوب المشركين يوم حنين ، فكان يأخذ الحصاة فيرمي بها في الطست )( كنا نجد في أجوافنا مثل هذا.2فيطن ، فيقول )

( فالله أعلم.3وقد تقدم له شاهد من حديث يزيد بن أبي أسيد ) وفي صحيح مسلم ، عن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق أنبأنا معمر ، عن همام قال :

هذا ما حدثنا أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "نصرت(4بالرعب ، وأوتيت جوامع الكلم" )

ه سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم ولهذا قال تعالى : } ثم أنزل اللذين كفروا وذلك جزاء الكافرين { ) (5تروها وعذب ال

ه غفور رحيم { قد تاب الله ه من بعد ذلك على من يشاء والل وقوله : } ثم يتوب الل على بقية هوازن ، وأسلموا وقدموا عليه مسلمين ، ولحقوه وقد قارب مكة عند

رهم بين سبيهم انة ، وذلك بعد الوقعة بقريب من عشرين يوما ، فعند ذلك خي الجعر وبين أموالهم ، فاختاروا سبيهم ، وكانوا ستة آالف أسير ما بين صبي وامرأة ، فرده

Page 102: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

عليهم ، وقسم أموالهم بين الغانمين ، ونفل أناسا من الطلقاء ليتألف قلوبهم على اإلسالم ، فأعطاهم مائة مائة من اإلبل ، وكان من جملة من أعطي مائة مالك بن

ضري ، واستعمله على قومه كما كان ، فامتدحه بقصيدته التي يقول فيها : عوف الناس كلهم بمثل محمد... ما إن رأيت وال سمعت بمثله... في الن

أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدى... ومتى تشأ يخبرك عما في غد...د... مهري وضرب كل مهن وإذا الكتيبة عردت أنيابها... بالس

ه ليث على أشباله... وسط الهباءة ) ( خادر في مرصد6فكأنما المشركون نجس فال يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ذين آمنوا إن ها ال } يا أي

ه عليم حكيم ) ه من فضله إن شاء إن الل ( قاتلوا28وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله ورسوله وال يدينون دين م الل مون ما حر ذين ال يؤمنون بالله وال باليوم اآلخر وال يحر ال

ى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) ذين أوتوا الكتاب حت ( {29الحق من ال أمر تعالى عباده المؤمنين الطاهرين دينا وذاتا بنفي المشركين ، الذين هم نجس دينا ،

عن المسجد__________

( في ت : "الطشت".1)( في ت : "ثم يقول".2)( في ت : "أسد".3)(.523( صحيح مسلم برقم )4)( في ك ، أ : "فأنزل" وهو خطأ.5)( في ت ، د : "المياه" ، وفي أ : "المناة".6)

(4/130)

الحرام ، وأال يقربوه بعد نزول هذه اآلية. وكان نزولها في سنة تسع ؛ ولهذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا صحبة أبي بكر ، رضي الله عنهما ، عامئذ ،

( بالبيت1وأمره أن ينادي في المشركين : أال يحج بعد العام مشرك ، وال يطوف )عريان. فأتم الله ذلك ، وحكم به شرعا وقدرا.

وقال عبد الرازق : أخبرنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد اللهما المشركون نجس فال يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم يقول في قوله تعالى : } إن

(2هذا { إال أن يكون عبدا ، أو أحدا من أهل الذمة ) ( حدثنا شريك ،3وقد روي مرفوعا من وجه آخر ، فقال اإلمام أحمد : حدثنا حسين )

عن األشعث - يعني : ابن سوار - عن الحسن ، عن جابر قال : قال النبي صلى الله( " )4عليه وسلم : "ال يدخل مسجدنا بعد عامنا هذا مشرك ، إال أهل العهد وخدمهم )

5)تفرد به أحمد مرفوعا ، والموقوف أصح إسنادا.

وقال اإلمام أبو عمرو األوزاعي : كتب عمر بن عبد العزيز ، رضي الله عنه : أن امنعواما اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين ، وأتبع نهيه قول الله : } إن

المشركون نجس { وقال عطاء : الحرم كله مسجد ، لقوله تعالى : } فال يقربوا المسجد الحرام بعد

Page 103: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

عامهم هذا {.ودلت هذه اآلية الكريمة على نجاسة المشرك كما دلت ]على طهارة المؤمن ، ولما[ )

( وأما نجاسة بدنه8( الصحيح : "المؤمن ال ينجس" )7( ورد في ]الحديث[ )6 فالجمهور على أنه ليس بنجس البدن والذات ؛ ألن الله تعالى أحل طعام أهل الكتاب ،

وذهب بعض الظاهرية إلى نجاسة أبدانهم.وقال أشعث ، عن الحسن : من صافحهم فليتوضأ. رواه ابن جرير.

ه من فضله { قال ابن إسحاق : وذلك أن وقوله : } وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الل ( التجارة وليذهبن ما كنا نصيب فيها9الناس قالوا : لتنقطعن عنا األسواق ، ولتهلكن )

ه من فضله { من10من المرافق ، فنزلت ) ( } وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الل وجه غير ذلك - } إن شاء { إلى قوله : } وهم صاغرون { أي : إن هذا عوض ما تخوفتم من قطع تلك األسواق ، فعوضهم الله بما قطع عنهم من أمر الشرك ، ما

أعطاهم من أعناق أهل الكتاب ، من الجزية.__________

( في ت ، أ : "يطوفن".1)(.1/245( تفسير عبد الرزاق )2)( في أ : "حسن".3)( في ت ، أ : "وخدمكم".4) ( : "فيه أشعث بن سوار وفيه4/10( وقال الهيثمي في المجمع )3/392( المسند )5)

ضعف وقد وثق".( زيادة من ك ، أ.6)( زيادة من ك ، أ.7) ( من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، ولفظه : "إن283( صحيح البخاري برقم )8)

المسلم ال ينجس".( في ت : "وليمكن".9)( في ك ، أ : "فنزل".10)

(4/131)

وهكذا روي عن ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وقتادة والضحاك ،وغيرهم.

ه عليم { أي : بما يصلحكم ، } حكيم { أي : فيما يأمر به وينهى عنه ؛ ألنه } إن الل الكامل في أفعاله وأقواله ، العادل في خلقه وأمره ، تبارك وتعالى ؛ ولهذا عوضهم عن

ذين ال تلك المكاسب بأموال الجزية التي يأخذونها من أهل الذمة ، فقال : } قاتلوا اله ورسوله وال يدينون دين الحق م الل مون ما حر ه وال باليوم اآلخر وال يحر يؤمنون بالل

ى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون { فهم في نفس األمر ذين أوتوا الكتاب حت من ال ( لم يبق لهم إيمان صحيح بأحد من الرسل ،1لما كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم )

وال بما جاءوا به ، وإنما يتبعون آراءهم وأهواءهم وآباءهم فيما هم فيه ، ال ألنه شرع الله ودينه ؛ ألنهم لو كانوا مؤمنين بما بأيديهم إيمانا صحيحا لقادهم ذلك إلى اإليمان

( بشروا به ، وأمروا باتباعه2بمحمد ، صلوات الله عليه ، ألن جميع األنبياء ]األقدمين[ )

Page 104: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( به ، وهو أشرف الرسل ، علم أنهم ليسوا متمسكين بشرع3، فلما جاء وكفروا ) األنبياء األقدمين ألنه من عند الله ، بل لحظوظهم وأهوائهم ، فلهذا ال ينفعهم إيمانهم ببقية األنبياء ، وقد كفروا بسيدهم وأفضلهم وخاتمهم وأكملهم ؛ ولهذا قال : } قاتلوا

ه ورسوله وال يدينون دين م الل مون ما حر ذين ال يؤمنون بالله وال باليوم اآلخر وال يحر الذين أوتوا الكتاب { وهذه اآلية الكريمة ]نزلت[ ) ( أول األمر بقتال أهل4الحق من ال

الكتاب ، بعد ما تمهدت أمور المشركين ودخل الناس في دين الله أفواجا ، فلما ( جزيرة العرب أمر الله ورسوله بقتال أهل الكتابين اليهود والنصارى ،5استقامت )

وكان ذلك في سنة تسع ؛ ولهذا تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتال الروم ودعا الناس إلى ذلك ، وأظهره لهم ، وبعث إلى أحياء العرب حول المدينة فندبهم ،

( ثالثين ألفا ، وتخلف بعض الناس7( نحو ]من[ )6فأوعبوا معه ، واجتمع من المقاتلة ) من أهل المدينة ومن حولها من المنافقين وغيرهم ، وكان ذلك في عام جدب ، ووقت

قيظ وحر ، وخرج ، عليه السالم ، يريد الشام لقتال الروم ، فبلغ تبوك ، فنزل بها ( قريبا من عشرين يوما ، ثم استخار الله في الرجوع ، فرجع عامه8وأقام على مائها )

ذلك لضيق الحال وضعف الناس ، كما سيأتي بيانه بعد إن شاء الله. وقد استدل بهذه اآلية الكريمة من يرى أنه ال تؤخذ الجزية إال من أهل الكتاب ، أو من

( صح فيهم الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم9أشباههم كالمجوس ، لما ) ( وهذا مذهب الشافعي ، وأحمد - في المشهور عنه -10أخذها من مجوس هجر )

( من أهل11وقال أبو حنيفة ، رحمه الله : بل تؤخذ من جميع األعاجم ، سواء كانوا )الكتاب أو من المشركين ، وال تؤخذ من العرب إال من أهل الكتاب.

وقال اإلمام مالك : بل يجوز أن تضرب الجزية على جميع الكفار من كتابي ، ومجوسي، ووثني ،

__________( في ك : "صلوات الله وسالمه عليه".1)( زيادة من أ.2)( في أ : "فلما جاءوا كفروا".3)( زيادة من ت ، أ.4)( في جمع النسخ : "واستقامت" ، وصوبناه ليستقيم النص.5)( في ك : "القابلة".6)( زيادة من ت ، ك ، أ.7)( في د : "وأقام بها قريبا".8)( في ت ، د ، ك : "كما".9)( في هـ : "من هجر" ، وفي أ : "من يهود هجر" والمثبت من ت ، ك ، أ.10)( في ك : "سواء أن كانوا".11)

(4/132)

وغير ذلك ، ولمأخذ هذه المذاهب وذكر أدلتها مكان غير هذا ، والله أعلم.ى يعطوا الجزية { أي : إن لم يسلموا ، } عن يد { أي : عن قهر لهم وقوله : } حت

وغلبة ، } وهم صاغرون { أي : ذليلون حقيرون مهانون. فلهذا ال يجوز إعزاز أهل

Page 105: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

الذمة وال رفعهم على المسلمين ، بل هم أذالء صغرة أشقياء ، كما جاء في صحيح مسلم ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ال

تبدءوا اليهود والنصارى بالسالم ، وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه" )1)

ولهذا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، تلك الشروط المعروفة في إذاللهم وتصغيرهم وتحقيرهم ، وذلك مما رواه األئمة الحفاظ ، من رواية

( عبد الرحمن بن غنم األشعري قال : كتبت لعمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ،2)حين صالح نصارى من أهل الشام :

بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة ( وأموالنا وأهل3كذا وكذا ، إنكم لما قدمتم علينا سألناكم األمان ألنفسنا وذرارينا )

ملتنا وشرطنا لكم على أنفسنا أال نحدث في مدينتنا وال فيما حولها ديرا وال كنيسة ، وال (4قالية وال صومعة راهب ، وال نجدد ما خرب منها ، وال نحيي منها ما كان خطط )

المسلمين ، وأال نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين في ليل وال نهار ، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل ، وأن ينزل من مر بنا من المسلمين ثالثة أيام نطعمهم ، وال نأوي في كنائسنا وال منازلنا جاسوسا ، وال نكتم غشا للمسلمين ، وال نعلم أوالدنا القرآن ، وال نظهر شركا ، وال ندعو إليه أحدا ؛ وال نمنع أحدا من ذوي قرابتنا الدخول في اإلسالم إن أرادوه ، وأن نوقر المسلمين ، وأن نقوم لهم من مجالسنا إن أرادوا

الجلوس ، وال نتشبه بهم في شيء من مالبسهم ، في قلنسوة ، وال عمامة ، وال نعلين ، وال فرق شعر ، وال نتكلم بكالمهم ، وال نكتني بكناهم ، وال نركب السروج ، وال

نتقلد السيوف ، وال نتخذ شيئا من السالح ، وال نحمله معنا ، وال ننقش خواتيمنا بالعربية ، وال نبيع الخمور ، وأن نجز مقاديم رءوسنا ، وأن نلزم زينا حيثما كنا ، وأن نشد

(5الزنانير على أوساطنا ، وأال نظهر الصليب على كنائسنا ، وأال نظهر صلبنا وال كتبنا ) في شيء من طرق المسلمين وال أسواقهم ، وال نضرب نواقيسنا في كنائسنا إال ضربا

خفيا ، وأال نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيء من حضرة المسلمين ، وال نخرج شعانين وال باعوثا ، وال نرفع أصواتنا مع موتانا ، وال نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين وال أسواقهم ، وال نجاورهم بموتانا ، وال نتخذ من الرقيق ما جرى

عليه سهام المسلمين ، وأن نرشد المسلمين ، وال نطلع عليهم في منازلهم.__________

(.2167( صحيح مسلم برقم )1)( في ت ، ك ، أ : "حديث".2)( في ت ، أ : "وذرياتنا".3)( في ت ، أ : "ما كان في خطط".4)( في أ : "صليبا وال كساء".5)

(4/133)

صارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم ه وقالت الن وقالت اليهود عزير ابن اللى يؤفكون ) ه أن ذين كفروا من قبل قاتلهم الل خذوا أحبارهم30يضاهئون قول ال ( ات

Page 106: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه والمسيح ابن مريم وما أمروا إال ليعبدوا إلها واحدا ال إله ورهبانهم أربابا من دون الل( 31إال هو سبحانه عما يشركون )

قال : فلما أتيت عمر بالكتاب ، زاد فيه : وال نضرب أحدا من المسلمين ، شرطنا لكم ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا ، وقبلنا عليه األمان ، فإن نحن خالفنا في شيء مما

شرطناه لكم ووظفنا على أنفسنا ، فال ذمة لنا ، وقد حل لكم منا ما يحل من أهلالمعاندة والشقاق.

ه ذلك قولهم بأفواههم صارى المسيح ابن الل ه وقالت الن } وقالت اليهود عزير ابن اللى يؤفكون ) ه أن ذين كفروا من قبل قاتلهم الل خذوا أحبارهم30يضاهئون قول ال ( ات

ه والمسيح ابن مريم وما أمروا إال ليعبدوا إلها واحدا ال إله ورهبانهم أربابا من دون الل( {31إال هو سبحانه عما يشركون )

وهذا إغراء من الله تعالى للمؤمنين على قتال المشركين الكفار من اليهود والنصارى ، لمقالتهم هذه المقالة الشنيعة ، والفرية على الله تعالى ، فأما اليهود فقالوا في العزير

( عن ذلك علوا كبيرا. وذكر السدي وغيره أن الشبهة1: "إنه ابن الله" ، تعالى ]الله[ ) التي حصلت لهم في ذلك ، أن العمالقة لما غلبت على بني إسرائيل ، فقتلوا علماءهم وسبوا كبارهم ، بقي العزير يبكي على بني إسرائيل وذهاب العلم منهم ، حتى سقطت

( امرأة تبكي عند قبر وهي2جفون عينيه ، فبينا هو ذات يوم إذ مر على جبانة ، وإذ ) ( من كان يطعمك قبل هذا ؟ قالت :3تقول : وامطعماه! واكاسياه! ]فقال لها ويحك[ )

الله. قال : فإن الله حي ال يموت! قالت : يا عزير فمن كان يعلم العلماء قبل بني إسرائيل ؟ قال : الله. قالت : فلم تبكي عليهم ؟ فعرف أنه شيء قد وعظ به. ثم قيل له : اذهب إلى نهر كذا فاغتسل منه ، وصل هناك ركعتين ، فإنك ستلقى هناك شيخا ، فما أطعمك فكله. فذهب ففعل ما أمر به ، فإذا شيخ فقال له : افتح فمك. ففتح فمه. فألقى فيه شيئا كهيئة الجمرة العظيمة ، ثالث مرات ، فرجع عزير وهو من أعلم الناس بالتوراة ، فقال : يا بني إسرائيل ، قد جئتكم بالتوراة. فقالوا : يا عزير ، ما كنت كذابا.

فعمد فربط على إصبع من أصابعه قلما ، وكتب التوراة بإصبعه كلها ، فلما تراجع الناس من عدوهم ورجع العلماء ، وأخبروا بشأن عزير ، فاستخرجوا النسخ التي كانوا

( بها ، فوجدوا ما جاء به صحيحا ، فقال بعض4أودعوها في الجبال ، وقابلوها )جهلتهم : إنما صنع هذا ألنه ابن الله.

وأما ضالل النصارى في المسيح فظاهر ؛ ولهذا كذب الله سبحانه الطائفتين فقال : } ذلك قولهم بأفواههم { أي : ال مستند لهم فيما ادعوه سوى افترائهم واختالقهم ،

ذين كفروا من قبل { أي : من قبلهم من األمم ، } يضاهئون { أي : يشابهون } قول الى يؤفكون { ضلوا كما ضل هؤالء ، } قاتلهم الله { وقال ابن عباس : لعنهم الله ، } أن

؟ أي : كيف يضلون عن الحق ، وهو ظاهر ، ويعدلون إلى الباطل ؟__________

( زيادة من ت ، ك.1)( في ت ، د : "وإذا".2)( زيادة من ت ، د ، أ.3)( في ت ، د ، ك : "وقابلوه".4)

(4/134)

Page 107: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه والمسيح ابن مريم { روى1]وقوله[ ) خذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الل ( } ات اإلمام أحمد ، والترمذي ، وابن جرير من طرق ، عن عدي بن حاتم ، رضي الله عنه ،

أنه لما بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فر إلى الشام ، وكان قد تنصر في الجاهلية ، فأسرت أخته وجماعة من قومه ، ثم من رسول الله صلى الله عليه

وسلم على أخته وأعطاها ، فرجعت إلى أخيها ، ورغبته في اإلسالم وفي القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدم عدي المدينة ، وكان رئيسا في قومه طيئ ، وأبوه حاتم الطائي المشهور بالكرم ، فتحدث الناس بقدومه ، فدخل على رسول الله

صلى الله عليه وسلم وفي عنق عدي صليب من فضة ، فقرأ رسول الله صلى اللهخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله { قال : فقلت : عليه وسلم هذه اآلية : } ات

( لهم الحرام ،2إنهم لم يعبدوهم. فقال : "بلى ، إنهم حرموا عليهم الحالل ، وأحلوا ) ( رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا3فاتبعوهم ، فذلك عبادتهم إياهم". وقال )

( أن يقال : الله أكبر ؟ فهل تعلم شيئا أكبر من الله ؟ ما4عدي ، ما تقول ؟ أيفرك ) ( ال إله إال الله ؟ فهل تعلم من إله إال الله" ؟ ثم دعاه إلى5يفرك ؟ أيفرك أن يقال )

اإلسالم فأسلم ، وشهد شهادة الحق ، قال : فلقد رأيت وجهه استبشر ثم قال : "إن(6اليهود مغضوب عليهم ، والنصارى ضالون" )

خذوا وهكذا قال حذيفة بن اليمان ، وعبد الله بن عباس ، وغيرهما في تفسير : } اتأحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله { إنهم اتبعوهم فيما حللوا وحرموا.

( كتاب الله وراء ظهورهم.7وقال السدي : استنصحوا الرجال ، وتركوا ) ولهذا قال تعالى : } وما أمروا إال ليعبدوا إلها واحدا { أي : الذي إذا حرم الشيء فهو

الحرام ، وما حلله حل ، وما شرعه اتبع ، وما حكم به نفذ. } ال إله إال هو سبحانه عما يشركون { أي : تعالى وتقدس وتنزه عن الشركاء والنظراء

واألعوان واألضداد واألوالد ، ال إله إال هو ، وال رب سواه.__________

( زيادة من أ.1)( في ت ، د ، ك : "وحللوا".2)( في ت ، د ، ك : "وقال له".3)( في أ : "أيسرك".4)( في أ : "ما نقول أيسرك".5) ( من طريق عبد211 - 209/ 14( وتفسير الطبري )3095( سنن الترمذي برقم )6)

السالم بن حرب عن غطيف بن أعين عن مصعب بن سعد عن عدي بن حاتم رضي الله عنه ، وقال الترمذي : "هذا حديث غريب ، ال نعرفه إال من حديث عبد السالم بن

حرب وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث".( في د : "ونبذوا".7)

(4/135)

Page 108: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه إال أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله ولو كره32 ذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كل ( هو ال

( 33المشركون )

ه إال أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) } يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله ولو كره32 ذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كل ( هو ال

( {33المشركون )

(4/135)

يقول تعالى : يريد هؤالء الكفار من المشركين وأهل الكتاب } أن يطفئوا نور الله { ) ( أي : ما بعث به رسوله من الهدى ودين الحق ، بمجرد جدالهم وافترائهم ، فمثلهم1

في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس ، أو نور القمر بنفخه ، وهذا ال سبيل إليه ، فكذلك ما أرسل الله به رسوله ال بد أن يتم ويظهر ؛ ولهذا قال تعالى مقابال لهم

ه إال أن يتم نوره ولو كره الكافرون { فيما راموه وأرادوه : } ويأبى الل والكافر : هو الذي يستر الشيء ويغطيه ، ومنه سمي الليل "كافرا" ؛ ألنه يستر األشياء

، والزارع كافرا ؛ ألنه يغطي الحب في األرض كما قال : } أعجب الكفار نباته {(2[ )20]الحديد :

ذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق { فالهدى : هو ما جاء به ثم قال تعالى : } هو ال من اإلخبارات الصادقة ، واإليمان الصحيح ، والعلم النافع - ودين الحق : هي األعمال

( الصحيحة النافعة في الدنيا واآلخرة.3]الصالحة[ )ه { أي : على سائر األديان ، كما ثبت في الصحيح ، عن } ليظهره على الدين كل

رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إن الله زوى لي األرض مشارقها ومغاربها(4، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها" )

وقال اإلمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن محمد بن أبي يعقوب : سمعت شقيق بن حيان يحدث عن مسعود بن قبيصة - أو : قبيصة بن مسعود - يقول : صلى هذا الحي من "محارب" الصبح ، فلما صلوا قال شاب منهم : سمعت رسول الله

صلى الله عليه وسلم يقول : "إنه سيفتح لكم مشارق األرض ومغاربها ، وإن عمالها(5في النار ، إال من اتقى الله وأدى األمانة" )

وقال اإلمام أحمد : حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا صفوان ، حدثنا سليم بن عامر ، عن تميم الداري ، رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

"ليبلغن هذا األمر ما بلغ الليل والنهار ، وال يترك الله بيت مدر وال وبر إال أدخله هذا الدين ، بعز عزيز ، أو بذل ذليل ، عزا يعز الله به اإلسالم ، وذال يذل الله به الكفر" ، فكان تميم الداري يقول : قد عرفت ذلك في أهل بيتي ، لقد أصاب من أسلم منهم

(6الخير والشرف والعز ، ولقد أصاب من كان منهم كافرا الذل والصغار والجزية ) وقال اإلمام أحمد : حدثنا يزيد بن عبد ربه ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثني ابن جابر ،

سمعت سليم بن عامر قال : سمعت المقداد بن األسود يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "ال يبقى على وجه األرض بيت مدر وال وبر ، إال أدخله الله كلمة اإلسالم بعز عزيز ، أو بذل ذليل ، إما يعزهم الله فيجعلهم من أهلها ، وإما

Page 109: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(7يذلهم فيدينون لها" )__________

( في ت ، أ : "ليطفئوا" وهو خطأ.1)( في جميع النسخ : "يعجب" والصواب ما أثبتناه.2)( زيادة من ك.3)( من حديث ثوبان رضي الله عنه.2889( صحيح مسلم برقم )4)(.5/366( المسند )5) ( : "رجال أحمد رجال6/14( وقال الهيثمي في المجمع )4/103( المسند )6)

الصحيح". ( "موارد" من طريق عبد1631( ورواه ابن حبان في صحيحه برقم )6/4( المسند )7)

الرحمن بن إبراهيم عن الوليد بن مسلم به.

(4/136)

اس بالباطل ويصدون هبان ليأكلون أموال الن ذين آمنوا إن كثيرا من األحبار والر ها ال يا أيرهم ذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقونها في سبيل الله فبش ه وال عن سبيل الل

م فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم34بعذاب أليم ) ( يوم يحمى عليها في نار جهن( 35هذا ما كنزتم ألنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون )

وفي المسند أيضا : حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين ، عن ( يقول : دخلت على رسول الله صلى الله1أبي حذيفة ، عن عدي بن حاتم سمعه )

عليه وسلم فقال : "يا عدي ، أسلم تسلم". فقلت : إني من أهل دين. قال : "أنا أعلمة ، وأنت كوسي بدينك منك". فقلت : أنت أعلم بديني مني ؟ قال : "نعم ، ألست من الر

تأكل مرباع قومك ؟". قلت : بلى. قال : "فإن هذا ال يحل لك في دينك". قال : فلم يعد أن قالها فتواضعت لها ، قال : "أما إني أعلم ما الذي يمنعك من اإلسالم ، تقول : إنما اتبعه ضعفة الناس ومن ال قوة له ، وقد رمتهم العرب ، أتعرف الحيرة ؟" قلت :

لم أرها ، وقد سمعت بها. قال : "فوالذي نفسي بيده ، ليتمن الله هذا األمر حتى تخرج ( كنوز كسرى2الظعينة من الحيرة ، حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد ، ولتفتحن )

بن هرمز". قلت : كسرى بن هرمز ؟. قال : "نعم ، كسرى بن هرمز ، وليبذلن المال حتى ال يقبله أحد". قال عدي بن حاتم : فهذه الظعينة تخرج من الحيرة ، فتطوف

بالبيت في غير جوار أحد ، ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمز ، والذي نفسي(.3بيده ، لتكونن الثالثة ؛ ألن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قالها )

وقال مسلم : حدثنا أبو معن زيد بن يزيد الرقاشي ، حدثنا خالد بن الحارث ، حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن األسود بن العالء ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، رضي الله

عنها ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "ال يذهب الليل والنهار حتى تعبد الالت والعزى". فقلت : يا رسول الله ، إن كنت ألظن حين أنزل الله ، عز

ذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق { إلى قوله : } ولو كره وجل : } هو ال المشركون { أن ذلك تام ، قال : "إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ، عز وجل ، ثمة خردل من إيمان[ ) (4يبعث الله ريحا طيبة ]فيتوفى كل من كان في قلبه مثقال حب

Page 110: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(5فيبقى من ال خير فيه ، فيرجعون إلى دين آبائهم" )اس بالباطل هبان ليأكلون أموال الن ذين آمنوا إن كثيرا من األحبار والر ها ال } يا أي

ذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقونها في سبيل الله ه وال ويصدون عن سبيل اللرهم بعذاب أليم ) م فتكوى بها جباههم وجنوبهم34فبش ( يوم يحمى عليها في نار جهن

( {35وظهورهم هذا ما كنزتم ألنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون )قال السدي : األحبار من اليهود ، والرهبان من النصارى.

ون اني ب وهو كما قال ، فإن األحبار هم علماء اليهود ، كما قال تعالى : } لوال ينهاهم الرحت { ]المائدة : [63واألحبار عن قولهم اإلثم وأكلهم الس

__________( في ت ، أ : "سمعته".1)( في ت ، أ : "وليفتحن".2)( وكأن الحافظ اختصره هنا.378 ، 4/377( المسند )3)( زيادة من ت ، ك ، أ ، ومسلم.4)(.2907( صحيح مسلم برقم )5)

(4/137)

والرهبان : عباد النصارى ، والقسيسون : علماؤهم ، كما قال تعالى : } ذلك بأن منهمهم ال يستكبرون { ]المائدة : يسين ورهبانا وأن [82قس

اد الضالل ) ( كما قال سفيان بن عيينة : من1والمقصود : التحذير من علماء السوء وعبادنا كان فيه شبه من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود ، ومن فسد من عب

النصارى. وفي الحديث الصحيح : "لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة".قالوا : اليهود والنصارى ؟ قال : "فمن ؟". وفي رواية : فارس والروم ؟ قال : "ومن )

(3( الناس إال هؤالء ؟" )2 والحاصل التحذير من التشبه بهم في أحوالهم وأقوالهم ؛ ولهذا قال تعالى : } ليأكلون

اس بالباطل { وذلك أنهم يأكلون الدنيا بالدين ومناصبهم ورياستهم في الناس أموال الن ، يأكلون أموالهم بذلك ، كما كان ألحبار اليهود على أهل الجاهلية شرف ، ولهم عندهمخرج وهدايا وضرائب تجيء إليهم ، فلما بعث الله رسوله ، صلوات الله وسالمه عليه )

( استمروا على ضاللهم وكفرهم وعنادهم ، طمعا منهم أن تبقى لهم تلك الرياسات ،4 فأطفأها الله بنور النبوة ، وسلبهم إياها ، وعوضهم بالذلة والمسكنة ، وباءوا بغضب من

الله.ه { أي : وهم مع أكلهم الحرام يصدون الناس وقوله تعالى : } ويصدون عن سبيل الل

عن اتباع الحق ، ويلبسون الحق بالباطل ، ويظهرون لمن اتبعهم من الجهلة أنهم يدعون إلى الخير ، وليسوا كما يزعمون ، بل هم دعاة إلى النار ، ويوم القيامة ال

ينصرون.رهم بعذاب ه فبش ذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقونها في سبيل الل وقوله : } وال

أليم { هؤالء هم القسم الثالث من رءوس الناس ، فإن الناس عالة على العلماء ،اد ، وعلى أرباب األموال ، فإذا فسدت أحوال هؤالء فسدت أحوال الناس ، وعلى العب

(5كما قال بعضهم )

Page 111: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وهل أفسد الدين إال الملوك... وأحبار سوء ورهبانها?... وأما الكنز فقال مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر أنه قال : هو المال الذي

ال تؤدى منه الزكاة. ( عن نافع ، عن ابن عمر قال : ما أدي زكاته6وروى الثوري وغيره عن عبيد الله )

(8( كان ظاهرا ال تؤدى زكاته فهو كنز )7فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين ، وما )وقد روي هذا عن ابن

__________( في ت ، د ، ك ، أ : "الضاللة".1)( في ت ، د ، أ : "فمن".2) ( من2669( ومسلم في صحيحه برقم )3456( رواه البخاري في صحيحه برقم )3)

حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.( في د : "صلى الله عليه وسلم".4)( هو عبد الله بن المبارك رحمه الله.5)( في أ : "عبد الله".6)( في ت ، أ : "وإن".7) ( من طريق سفيان عن عبد الله بن دينار4/82( رواه البيهقي في السنن الكبرى )8)

عن ابن عمر مرفوعا وقال : "ليس هذا بمحفوظ ، وإنما المشهور عن سفيان عن عبيدالله عن نافع عن ابن عمر موقوفا".

(4/138)

( وعمر بن الخطاب ، نحوه ، رضي1عباس ، وجابر ، وأبي هريرة موقوفا ومرفوعا ) الله عنهم : "أيما مال أديت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونا في األرض ، وأيما مال

لم تؤد زكاته فهو كنز يكوى به صاحبه وإن كان على وجه األرض". وروى البخاري من حديث الزهري ، عن خالد بن أسلم قال : خرجنا مع عبد الله بن

(2عمر ، فقال : هذا قبل أن تنزل الزكاة ، فلما نزلت جعلها الله طهرا لألموال ) وكذا قال عمر بن عبد العزيز ، وعراك بن مالك : نسخها قوله تعالى : } خذ من

[103أموالهم { ]التوبة : وقال سعيد بن محمد بن زياد ، عن أبي أمامة أنه قال : حلية السيوف من الكنز ما

أحدثكم إال ما سمعت. وقال الثوري ، عن أبي حصين ، عن أبي الضحى ، عن جعدة بن هبيرة ، عن علي ،

( فهو كنز.3رضي الله عنه ، قال : أربعة آالف فما دونها نفقة ، فما كان أكثر منه ) ( منهما ،4وهذا غريب. وقد جاء في مدح التقلل من الذهب والفضة وذم التكثر )

أحاديث كثيرة ؛ ولنورد منها هنا طرفا يدل على الباقي ، فقال عبد الرازق : أخبرنا الثوري ، أخبرني أبو حصين ، عن أبي الضحى ، بن جعدة بن هبيرة ، عن علي ، رضيذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقونها في سبيل الله { الله عنه ، في قوله : } وال قال النبي صلى الله عليه وسلم : "تبا للذهب ، تبا للفضة" يقولها ثالثا ، قال : فشق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : فأي مال نتخذ ؟ فقال : عمر ، رضي الله عنه ، أنا أعلم لكم ذلك فقال : يا رسول الله ، إن أصحابك قد شق

Page 112: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( وزوجة6( قالوا : فأي مال نتخذ ؟ قال : "لسانا ذاكرا ، وقلبا شاكرا )5عليهم ]و[ )(7تعين أحدكم على دينه" )

حديث آخر : قال اإلمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، حدثني سالم ، حدثني عبد الله بن أبي الهذيل ، حدثني صاحب لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "تبا للذهب والفضة". قال : فحدثني صاحبي أنه انطلق مع عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله ، قولك : "تبا للذهب والفضة" ، ماذا ندخر ؟. قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لسانا ذاكرا ، وقلبا شاكرا ، وزوجة تعين على(8اآلخرة" )

__________ ( من طريق علي بن14/225( أما حديث ابن عباس ، فرواه الطبري في تفسيره )1)

أبي طلحة عن ابن عباس موقوفا ، وأما حديث جابر ، فرواه ابن عدي في الكامل ) ( من طريق يحيى بن أبي أنيسة عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا ، ورواه7/189

( من طريق خصيف عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا ،8/12الخطيب في تاريخ بغداد ) ( قال العراقي :618وأما حديث أبي هريرة ، فرواه الترمذي في السنن برقم )

"إسناده جيد".(.1404( صحيح البخاري برقم )2)( في ت ، د ، أ : "أكثر من ذلك".3)( في ت : "التكثير".4)( زيادة من ت ، ك ، أ.5)( في أ : "ذاكرا".6) ( وعزاه لعبد الرزاق في تفسيره بعد أن2/71( ذكره الزيلعي في تخريج الكشاف )7)

ذكر من حديث ثوبان وعمر ، ثم قال : "الحاصل أنه حديث ضعيف لما فيه مناالضطراب".

(.5/366( المسند )8)

(4/139)

( اإلمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا عبد الله بن عمرو بن مرة ، عن1حديث آخر : قال ) ( ما2أبيه ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ثوبان قال : لما نزل في الفضة والذهب )

( على بعير3نزل قالوا : فأي المال نتخذ ؟ قال ]عمر : أنا أعلم ذلك لكم فأوضع ) ( ليتخذ أحدكم4فأدركه ، وأنا في أثره ، فقال : يا رسول الله ، أي المال نتخذ ؟ قال[ )

( أمر اآلخرة ".5قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوجة تعين أحدكم في ) ( وقال6ورواه الترمذي ، وابن ماجه ، من غير وجه ، عن سالم بن أبي الجعد )الترمذي : حسن ، وحكي عن البخاري أن سالما لم يسمعه من ثوبان.

قلت : ولهذا رواه بعضهم عنه مرسال والله أعلم. حديث آخر : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا حميد بن مالك ، حدثنا يحيى بن

يعلى المحاربي ، حدثنا أبي ، حدثنا غيالن بن جامع المحاربي ، عن عثمان أبي اليقظان ، عن جعفر بن إياس ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه اآلية :

ذين يكنزون الذهب والفضة { اآلية ، كبر ذلك على المسلمين ، وقالوا : ما } وال

Page 113: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ج عنكم. فانطلق يستطيع أحد منا أن يترك لولده ما ال يبقى بعده. فقال عمر : أنا أفر عمر واتبعه ثوبان ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله ، إنه قد كبر

على أصحابك هذه اآلية. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله لم يفرض الزكاة إال ليطيب بها ما بقي من أموالكم ، وإنما فرض المواريث من أموال تبقى

ر عمر ، ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم : "أال أخبرك بخير ما بعدكم". قال : فكب يكنز المرء ؟ المرأة الصالحة التي إذا نظر إليها سرته ، وإذا أمرها أطاعته ، وإذا غاب

عنها حفظته".ورواه أبو داود ، والحاكم في مستدركه ، وابن مردويه من حديث يحيى بن يعلى ، به )

( وقال الحاكم : صحيح على شرطهما ، ولم يخرجاه.7 حديث آخر : قال اإلمام أحمد : حدثنا روح ، حدثنا األوزاعي ، عن حسان بن عطية

قال : كان شداد بن أوس ، رضي الله عنه ، في سفر ، فنزل منزال فقال لغالمه : ائتنافرة نعبث بها. فأنكرت عليه ، فقال : ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت إال وأنا أخطمها بالش

( علي ، واحفظوا ما أقول لكم : سمعت8وأزمها غير كلمتي هذه ، فال تحفظونها ) رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا كنز الناس الذهب والفضة فاكنزوا هؤالء الكلمات : اللهم ، إنى أسألك الثبات في األمر ، والعزيمة على الرشد ، وأسألك شكر نعمتك ، وأسألك حسن عبادتك ، وأسألك قلبا سليما ، وأسألك لسانا صادقا ، وأسألك

من خير ما تعلم ، وأعوذ بك من شر ما تعلم ، وأستغفرك لما تعلم ، إنك أنت عالم(9الغيوب" )

__________( في ت ، ك : "وقال".1)( في ت ، ك : "في الذهب والفضة".2)( في ت ، ك : "أعلم لكم ذلك قال : فأوضع".3)( زيادة من ت ، د ، ك ، أ والمسند.4)( في ت ، د ، ك ، أ ، "علي".5)(.1856( وسنن ابن ماجه برقم )3094( وسنن الترمذي برقم )5/282( المسند )6) ( قال الذهبي : "وعثمان ال2/333( والمستدرك )1664( سنن أبي داود برقم )7)

أعرفه والخبر عجيب".( في ت ، د ، ك ، أ : "تحفظوها".8)(.4/123( المسند )9)

(4/140)

م فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم وقوله تعالى : } يوم يحمى عليها في نار جهن هذا ما كنزتم ألنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون { أي : يقال لهم هذا الكالم تبكيتا

ك أنت وا فوق رأسه من عذاب الحميم ذق إن وتقريعا وتهكما ، كما في قوله : } ثم صب ( الذي كنتم تكنزون1[ أي : هذا بذاك ، وهو )49 ، 48العزيز الكريم { ]الدخان :

ألنفسكم ؛ ولهذا يقال : من أحب شيئا وقدمه على طاعة الله ، عذب به. وهؤالء لما كان جمع هذه األموال آثر عندهم من رضا الله عنهم ، عذبوا بها ، كما كان أبو لهب ،

( وامرأته3( عليه )2لعنه الله ، جاهدا في عداوة الرسول ، صلوات الله ]وسالمه[ )

Page 114: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(4تعينه في ذلك ، كانت يوم القيامة عونا على عذابه أيضا } في جيدها { أي : ]في[ ) [ أي : تجمع من الحطب في النار وتلقي عليه ،5عنقها } حبل من مسد { ]المسد :

ليكون ذلك أبلغ في عذابه ممن هو أشفق عليه - كان - في الدنيا ، كما أن هذه األموال لما كانت أعز األشياء على أربابها ، كانت أضر األشياء عليهم في الدار اآلخرة ، فيحمى

عليها في نار جهنم ، وناهيك بحرها ، فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم. قال سفيان ، عن األعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود : والله الذي ال إله غيره ، ال يكوى عبد بكنز فيمس دينار دينارا ، وال درهم

ع جلده ، فيوضع كل دينار ودرهم على حدته ) (6( )5درهما ، ولكن يوسوقد رواه ابن مردويه ، عن أبي هريرة مرفوعا ، وال يصح رفعه ، والله أعلم.

وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه قال : بلغني أن الكنز يتحول يوم القيامة شجاعا يتبع صاحبه ، وهو يفر منه ويقول : أنا كنزك! ال يدرك منه

شيئا إال أخذه. وقال اإلمام أبو جعفر بن جرير : حدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن

( الله صلى الله7سالم بن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة ، عن ثوبان أن نبي ) عليه وسلم كان يقول : "من ترك بعده كنزا مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان

( بعدك! وال يزال يتبعه8، يتبعه ، يقول : ويلك ما أنت ؟ فيقول : أنا كنزك الذي تركته )( ثم يتبعها سائر جسده".9حتى يلقمه يده فيقصقصها )

( وأصل هذا الحديث10ورواه ابن حبان في صحيحه ، من حديث يزيد ، عن سعيد به )(11في الصحيحين من رواية أبي الزناد ، عن األعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه )

__________( في ت ، د ، ك : "وهذا".1)( زيادة من أ.2)( في د ، ك : "صلى الله عليه وسلم".3)( زيادة من ك.4)( في أ : "جلده".5)( من طريق سفيان به.14/233( رواه الطبري في تفسيره )6)( في د : "رسول".7)( في أ : "كنزته".8)( في د ، أ : "فيقضمها".9) ( "موارد" ورواه ابن803( وصحيح ابن حبان برقم )14/232( تفسير الطبري )10)

( من طريق بشر ابن معاذ به.2255خزيمة في صحيحه برقم )( ولم أعثر عليه في صحيح مسلم من هذا الطريق.4659( صحيح البخاري برقم )11)

(4/141)

وفي صحيح مسلم ، من حديث سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : أن (1رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ما من رجل ال يؤدي زكاة ماله إال جعل )

( بها جنبه وجبهته وظهره ، في يوم كان مقداره2يوم القيامة صفائح من نار يكوى ) خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين الناس ، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى

Page 115: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(3النار" وذكر تمام الحديث ) وقال البخاري في تفسير هذه اآلية : حدثنا قتيبة ، حدثنا جرير ، عن حصين ، عن زيد

بذة ، فقلت : ما أنزلك بهذه األرض ، قال ) (4بن وهب قال : مررت على أبي ذر بالرذين يكنزون الذهب والفضة وال ينفقونها في سبيل الله كنا بالشام ، فقرأت : } وال

رهم بعذاب أليم { فقال معاوية : ما هذه فينا ) ( ما هذه إال في أهل الكتاب. قال5فبش(6: قلت : إنها لفينا وفيهم )

ورواه ابن جرير من حديث عبثر بن القاسم ، عن حصين ، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر ، رضي الله عنه ، فذكره وزاد : فارتفع في ذلك بيني وبينه القول ، فكتب إلى

عثمان يشكوني ، فكتب إلي عثمان أن أقبل إليه ، قال : فأقبلت ، فلما قدمت المدينة ( الناس كأنهم لم يروني قبل يومئذ ، فشكوت ذلك إلى عثمان ، فقال لي :7ركبني )

(8تنح قريبا. قلت : والله لن أدع ما كنت أقول ) قلت : كان من مذهب أبي ذر ، رضي الله عنه ، تحريم ادخار ما زاد على نفقة العيال ،

( بذلك ، ويحثهم عليه ، ويأمرهم به ، ويغلظ في خالفه ، فنهاه9وكان يفتي ]الناس[ ) معاوية فلم ينته ، فخشي أن يضر بالناس في هذا ، فكتب يشكوه إلى أمير المؤمنين عثمان ، وأن يأخذه إليه ، فاستقدمه عثمان إلى المدينة ، وأنزله بالربذة وحده ، وبها

(10مات ، رضي الله عنه ، في خالفة عثمان. وقد اختبره معاوية ، رضي الله عنه ) وهو عنده ، هل يوافق عمله قوله ؟ فبعث إليه بألف دينار ، ففرقها من يومه ، ثم بعث

إليه الذي أتاه بها فقال : إن معاوية إنما بعثني إلى غيرك فأخطأت ، فهات الذهب!( به.11فقال : ويحك! إنها خرجت ، ولكن إذا جاء مالي حاسبناك )

وهكذا روى علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس أنها عامة : وقال السدي : هي في أهل القبلة.

وقال األحنف بن قيس : قدمت المدينة ، فبينا أنا في حلقة فيها مأل من قريش ، إذ جاء رجل أخشن الثياب ، أخشن الجسد ، أخشن الوجه ، فقام عليهم فقال : بشر الكانزين

برضف يحمى عليه في__________

( في د : "جعل له".1)( في ت : "فتكوى" ، وفي د ، أ : "فيكوى".2)(.987( صحيح مسلم برقم )3)( في ت ، د ، ك ، أ : "فقال".4)( في ت ، د ، ك : "ما هذا".5)(.4660( صحيح البخاري برقم )6)( في ت : "ولقيني".7)(.14/227( تفسير الطبري )8)( زيادة من أ.9)( زيادة من أ : "عنهما".10)( في ت ، أ : "حاسبناه".11)

(4/142)

Page 116: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

نار جهنم ، فيوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفه ، ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه يتزلزل - قال : فوضع القوم رءوسهم ، فما رأيت

أحدا منهم رجع إليه شيئا - قال : وأدبر فاتبعته حتى جلس إلى سارية ، فقلت : مارأيت هؤالء إال كرهوا ما قلت لهم. فقال : إن هؤالء ال يعلمون شيئا.

وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألبي ذر : "ما يسرني أن عندي(1مثل أحد ذهبا يمر عليه ثالثة وعندي منه شيء إال دينار أرصده لدين" )

فهذا - والله أعلم - هو الذي حدا أبا ذر على القول بهذا. وقال اإلمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا همام ، حدثنا قتادة ، عن سعيد بن أبي

الحسن ، عن عبد الله بن الصامت ، رضي الله عنه ، أنه كان مع أبي ذر ، فخرج عطاؤه ومعه جارية له ، فجعلت تقضي حوائجه ، ففضلت معها سبعة ، فأمرها أن

تشتري به فلوسا. قال : قلت : لو ادخرته للحاجة تنوبك وللضيف ينزل بك! قال : إن ( عليه ، فهو جمر على صاحبه ، حتى2خليلي عهد إلي أن أيما ذهب أو فضة أوكي )

(3يفرغه في سبيل الله ، عز وجل )(4ورواه عن يزيد ، عن همام ، به وزاد : إفراغا )

وقال الحافظ ابن عساكر بسنده إلى أبي بكر الشبلي في ترجمته ، عن محمد بن مهدي : حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن صدقة بن عبد الله ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي فروة الرهاوي ، عن عطاء ، عن أبي سعيد ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول

الله صلى الله عليه وسلم : "الق الله فقيرا وال تلقه غنيا". قال : يا رسول الله ، كيف لي بذلك ؟ قال : "ما سئلت فال تمنع ، وما رزقت فال تخبأ" ، قال : يا رسول الله ،

(5كيف لي بذلك ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هو ذاك وإال فالنار" )إسناده ضعيف.

وقال اإلمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا جعفر بن سليمان ، حدثنا عتيبة ، عن بريد بن ( قال : سمعت عليا ، رضي الله عنه ، يقول : مات رجل من أهل الصفة ،6أصرم )

تان ، صلوا وترك دينارين - أو : درهمين - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كي(7على صاحبكم" )

__________(.6444( صحيح البخاري برقم )1)( في أ : "أيما ذهبا وفضة أولى".2)(.5/156( المسند )3)( : "رجاله رجال الصحيح".10/240( وقال الهيثمي في المجمع )5/175( المسند )4) ( ورواه الخطيب في تاريخ28/168( انظر : مختصر تاريخ دمشق البن منظور )5)

( في ترجمة الشبلى من طريق محمد بن مهدي المصري به.14/390بغداد )( في جميع النسخ : "عيينة عن يزيد بن الصرم" والتصويب من المسند.6)(.1/101( المسند )7)

(4/143)

Page 117: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ماوات واألرض ه اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق الس هور عند الل إن عدة الشم فال تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما منها أربعة حرم ذلك الدين القي

قين ) ه مع المت ( 36يقاتلونكم كافة واعلموا أن الل

(1وقد روي هذا من طرف أخر ) وقال قتادة ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي أمامة صدي بن عجالن قال : مات رجل

فة ، فوجد في مئزره دينار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أهل الصة". ثم توفي رجل آخر فوجد في مئزره ديناران ، فقال رسول الله صلى الله عليه "كي

(2وسلم : "كيتان" ) وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو النضر إسحاق بن إبراهيم الفراديسي ، حدثنا معاوية بن يحيى األطرابلسي ، حدثني أرطاة ، حدثني أبو عامر الهوزني ، سمعت ثوبان

مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما من رجل يموت وعنده أحمر أوأبيض ، إال جعل الله بكل قيراط صفحة من نار يكوى بها من قدمه إلى ذقنه.

وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا محمد بن خداش ، حدثنا سيف بن محمد الثوري ، حدثنا األعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : "ال يوضع الدينار على الدينار ، وال الدرهم على الدرهم ، ولكنع جلده فيكوى ) ( بها جباههم وجنوبهم وظهورهم ، هذا ما كنزتم ألنفسكم فذوقوا3يوس

( سيف - هذا - كذاب ، متروك.4ما كنتم تكنزون" )ماوات واألرض ه اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق الس هور عند الل } إن عدة الشم فال تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما منها أربعة حرم ذلك الدين القي

قين ) ه مع المت ( {36يقاتلونكم كافة واعلموا أن الل قال اإلمام أحمد : حدثنا إسماعيل ، أخبرنا أيوب ، أخبرنا محمد بن سيرين ، عن أبي بكرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجته ، فقال : "أال إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات واألرض ، السنة اثنا عشر شهرا ، منها أربعة

( متواليات : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب مضر الذي5]حرم ، ثالثة[ ) بين جمادى وشعبان". ثم قال : "أي يوم هذا ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم. فسكت حتى

ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، قال : "أليس يوم النحر ؟ " قلنا ؛ بلى. ثم قال : "أي شهر هذا ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، قال : "أليس ذا الحجة ؟" قلنا : بلى. ثم قال : "أي بلد هذا ؟". قلنا : الله ورسوله

أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، __________

( من طريق قطن بن نسير ومحمد بن عبيد138 ، 1/137( رواه أحمد في مسنده )1) وحبان بن هالل كلهم عن جعفر بن سليمان به نحوه ، وجاء من حديث عبد الله بن

( ، وجاء من حديث سلمة بن األكوع رواه أحمد1/412مسعود رواه أحمد في مسنده ) ( من حديث طويل ، وجاء من حديث أبي هريرة رواه أحمد في4/47في مسنده )

(.2/429مسنده ) ( من طريق14/222( والطبري في تفسيره )5/253( رواه أحمد في مسنده )2)

قتادة به.( في ت : "فتكوى".3)(.4/179( ورواه ابن مردويه كما في الدر المنثور للسيوطي )4)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والمسند.5)

Page 118: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(4/144)

قال : "أليست البلدة ؟" قلنا : بلى. قال : "فإن دماءكم وأموالكم - قال : وأحسبه قال : وأعراضكم - عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ،

وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ، أال ال ترجعوا بعدي ضالال يضرب بعضكم رقاب بعض ، أال هل بلغت ؟ أال ليبلغ الشاهد الغائب منكم ، فلعل من يبلغه يكون أوعى له

(2( )1من بعض من يسمعه ) ورواه البخاري في التفسير وغيره ، ومسلم من حديث أيوب ، عن محمد - وهو ابن

(3سيرين - عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه ، به ) وقد قال ابن جرير : حدثنا محمد بن معمر ، حدثنا روح ، حدثنا أشعث ، عن محمد بن

سيرين ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات واألرض ، وإن عدة الشهور عند

الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات واألرض منها أربعة حرم ، ثالثة(4متواليات ، ورجب مضر بين جمادى وشعبان" )

ار ، عن محمد بن معمر ، به ) ( ثم قال : ال يروى عن أبي هريرة إال من هذا5ورواه البزة ، عن ابن سيرين ، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، الوجه ، وقد رواه ابن عون وقر

عن أبيه ، به. وقال ابن جرير أيضا : حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، حدثنا زيد بن

حباب ، حدثنا موسى بن عبيدة الربذي ، حدثني صدقة بن يسار ، عن ابن عمر قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمنى في أوسط أيام

التشريق فقال : "أيها الناس ، إن الزمان قد استدار ، فهو اليوم كهيئته يوم خلق الله السموات واألرض ، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ، أولهن

(6رجب مضر بين جمادى وشعبان ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم" ) وروى ابن مردويه من حديث موسى بن عبيدة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن

عمرو ، مثله أو نحوه. ( حدثني الرقاشي ، عن7وقال حماد بن سلمة : حدثني علي بن زيد ، عن أبي حرة )

عمه - وكانت له صحبة - قال : كنت آخذا بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق ، أذود الناس عنه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أال إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات واألرض ، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات واألرض ، منها أربعة حرم

فال__________

( في ت ، د ، أ : "سمعه".1)(.5/37( المسند )2) ( وصحيح5550 ، 7447 ، 4406 ، 3197( وبرقم )4662( صحيح البخاري برقم )3)

(.1679مسلم برقم )(.14/235( تفسير الطبري )4)( في ت ، أ : "معاوية".5)

Page 119: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( وموسى بن عبيده ضعيف.14/234( تفسير الطبري )6)( في ك ، أ : "حمزة".7)

(4/145)

(1تظلموا فيهن أنفسكم" ) وقال سعيد بن منصور : حدثنا أبو معاوية ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس

في قوله : } منها أربعة حرم { قال : محرم ، ورجب ، وذو القعدة ، وذو الحجة. وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله

السموات واألرض" ، تقرير منه ، صلوات الله وسالمه عليه ، وتثبيت لألمر على ما جعله الله تعالى في أول األمر من غير تقديم وال تأخير ، وال زيادة وال نقص ، وال نسيء

وال تبديل ، كما قال في تحريم مكة : "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات واألرض ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة" ، وهكذا قال هاهنا : "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات واألرض" أي : األمر اليوم شرعا كما ابتدأ الله

ذلك في كتابه يوم خلق السموات واألرض. وقد قال بعض المفسرين والمتكلمين على هذا الحديث : إن المراد بقوله : "قد استدار

كهيئته يوم خلق الله السموات واألرض" ، أنه اتفق أن حج رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك السنة في ذي الحجة ، وأن العرب قد كانت نسأت النسيء ، يحجون في كثير من السنين ، بل أكثرها ، في غير ذي الحجة ، وزعموا أن حجة الصديق فيسنة تسع كانت في ذي القعدة ، وفي هذا نظر ، كما سنبينه إذا تكلمنا على النسيء.

وأغرب منه ما رواه الطبراني ، عن بعض السلف ، في جملة حديث : أنه اتفق حج المسلمين واليهود والنصارى في يوم واحد ، وهو يوم النحر ، عام حجة الوداع ، والله

أعلم.(2]حاشية فصل[ )

خاوي في جزء جمعه سماه "المشهور في أسماء األيام ذكر الشيخ علم الدين الس والشهور" : أن المحرم سمي بذلك لكونه شهرا محرما ، وعندي أنه سمي بذلك تأكيدا

لتحريمه ؛ ألن العرب كانت تتقلب به ، فتحله عاما وتحرمه عاما ، قال : ويجمع علىمحرمات ، ومحارم ، ومحاريم.

صفر : سمي بذلك لخلو بيوتهم منه ، حين يخرجون للقتال واألسفار ، يقال : "صفرالمكان" : إذا خال ويجمع على أصفار كجمل وأجمال.

شهر ربيع أول : سمي بذلك الرتباعهم فيه. واالرتباع اإلقامة في عمارة الربع ، ويجمععلى أربعاء كنصيب وأنصباء ، وعلى أربعة ، كرغيف وأرغفة.

ربيع اآلخر : كاألول. جمادى : سمي بذلك لجمود الماء فيه. قال : وكانت الشهور في حسابهم ال تدور. وفي

هذا__________

( من طريق حماد بن سلمة بأطول منه.73 ، 5/72( رواه أحمد في مسنده )1)( زيادة من ك ، أ.2)

Page 120: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(4/146)

نظر ؛ إذ كانت شهورهم منوطة باألهلة ، وال بد من دورانها ، فلعلهم سموه بذلك ، أولما سمي عند جمود الماء في البرد ، كما قال الشاعر :

وليلة من جمادى ذات أندية... ال يبصر العبد في ظلماتها الطنبا...ى يلف على خرطومه الذنبا... ال ينبح الكلب فيها غير واحدة... حت

ويجمع على جماديات ، كحبارى وحباريات ، وقد يذكر ويؤنث ، فيقال : جمادى األولىواألول ، وجمادى اآلخر واآلخرة.

رجب : من الترجيب ، وهو التعظيم ، ويجمع على أرجاب ، ورجاب ، ورجبات.(1شعبان : من تشعب القبائل وتفرقها للغارة ويجمع على شعابين وشعبانات )

ورمضان : من شدة الرمضاء ، وهو الحر ، يقال : "رمضت الفصال" : إذا عطشت ، ويجمع على رمضانات ورماضين وأرمضة قال : وقول من قال : "إنه اسم من أسماء

الله" ؛ خطأ ال يعرج عليه ، وال يلتفت إليه.قلت : قد ورد فيه حديث ؛ ولكنه ضعيف ، وبينته في أول كتاب الصيام.

شوال : من شالت اإلبل بأذنابها للطراق ، قال : ويجمع على شواول وشواويلوشواالت.

القعدة : بفتح القاف - قلت : وكسرها - لقعودهم فيه عن القتال والترحال ، ويجمععلى ذوات القعدة.

الحجة : بكسر الحاء - قلت : وفتحها - سمي بذلك إليقاعهم الحج فيه ، ويجمع علىذوات الحجة.

أسماء األيام : أولها األحد ، ويجمع على آحاد ، وأحاد ووحود. ثم يوم اإلثنين ، ويجمعر ويؤنث ، ويجمع على ثالثاوات وأثالث. ثم األربعاء على أثانين. الثالثاء : يمد ، ويذك بالمد ، ويجمع على أربعاوات وأرابيع. والخميس : يجمع على أخمسة وأخامس ، ثم

الجمعة - بضم الميم ، وإسكانها ، وفتحها أيضا - ويجمع على جمع وجمعات.بت ، وهو القطع ؛ النتهاء العدد عنده. وكانت العرب تسمي السبت : مأخوذ من الس األيام أول ، ثم أهون ، ثم جبار ، ثم دبار ، ثم مؤنس ، ثم العروبة ، ثم شيار ، قال

الشاعر - من العرب العرباء العاربة المتقدمين - : أرجي أن أعيش وأن يومي... بأول أو بأهون أو جبار...أو التالي دبار فإن أفته... فمؤنس أو عروبة أو شيار...

__________( في ك : "وشعابات".1)

(4/147)

( تحرمه1وقوله تعالى : } منها أربعة حرم { فهذا مما كانت العرب أيضا في الجاهلية ) ، وهو الذي كان عليه جمهورهم ، إال طائفة منهم يقال لهم : "البسل" ، كانوا يحرمون

من السنة ثمانية أشهر ، تعمقا وتشديدا. وأما قوله : "ثالث متواليات : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، ورجب مضر الذي بين

Page 121: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

جمادى وشعبان ، ]فإنما أضافه إلى مضر ، ليبين صحة قولهم في رجب أنه الشهر ( ال كما كانت تظنه ربيعة من أن رجب المحرم هو الشهر2الذي بين جمادى وشعبان[ )

( السالم ، أنه3الذي بين شعبان وشوال ، وهو رمضان اليوم ، فبين ، عليه ]الصالة و[ ) رجب مضر ال رجب ربيعة. وإنما كانت األشهر المحرمة أربعة ، ثالثة سرد وواحد فرد ؛ ألجل أداء مناسك الحج والعمرة ، فحرم قبل شهر الحج شهر ، وهو ذو القعدة ؛ ألنهم

م شهر ذي الحجة ألنهم يوقعون فيه الحج ويشتغلون فيه يقعدون فيه عن القتال ، وحر بأداء المناسك ، وحرم بعده شهر آخر ، وهو المحرم ؛ ليرجعوا فيه إلى نائي أقصى بالدهم آمنين ، وحرم رجب في وسط الحول ، ألجل زيارة البيت واالعتمار به ، لمن

يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب ، فيزوره ثم يعود إلى وطنه فيه آمنا.م { أي : هذا هو الشرع المستقيم ، من امتثال أمر وقوله تعالى : } ذلك الدين القي

الله فيما جعل من األشهر الحرم ، والحذو بها على ما سبق في كتاب الله األول. وقال تعالى : } فال تظلموا فيهن أنفسكم { أي : في هذه األشهر المحرمة ؛ ألنه آكد وأبلغ في اإلثم من غيرها ، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف ، لقوله تعالى :

[ وكذلك الشهر الحرام25} ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم { ]الحج : تغلظ فيه اآلثام ؛ ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي ، وطائفة كثيرة من

العلماء ، وكذا في حق من قتل في الحرم أو قتل ذا محرم. وقال حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس ، في

قوله : } فال تظلموا فيهن أنفسكم { قال : في الشهور كلها.ه اثنا عشر هور عند الل وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : } إن عدة الش شهرا { اآلية } فال تظلموا فيهن أنفسكم { في كلهن ، ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حراما ، وعظم حرماتهن ، وجعل الذنب فيهن أعظم ، والعمل الصالح واألجر

أعظم. وقال قتادة في قوله : } فال تظلموا فيهن أنفسكم { إن الظلم في األشهر الحرم

أعظم خطيئة ووزرا ، من الظلم فيما سواها ، وإن كان الظلم على كل حال عظيما ، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء. قال : إن الله اصطفى صفايا من خلقه ، اصطفى من المالئكة رسال ومن الناس رسال واصطفى من الكالم ذكره ، واصطفى من األرض

المساجد ، واصطفى من الشهور رمضان واألشهر الحرم ، __________

( في ت ، ك ، أ : "جاهليتها".1)( زيادة من ت ، أ.2)( زيادة من ت ، أ.3)

(4/148)

واصطفى من األيام يوم الجمعة ، واصطفى من الليالي ليلة القدر ، فعظموا ما عظم( بما عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل.1الله ، فإنما تعظم األمور )

وقال الثوري ، عن قيس بن مسلم ، عن الحسن بن محمد بن الحنفية : بأال تحرموهن(2كحرمتهن )

وقال محمد بن إسحاق : } فال تظلموا فيهن أنفسكم { أي : ال تجعلوا حرامها حالال وال

Page 122: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

حاللها حراما ، كما فعل أهل الشرك ، فإنما النسيء الذي كانوا يصنعون من ذلك ،ذين كفروا { اآلية ]التوبة : [.37زيادة في الكفر } يضل به ال

وهذا القول اختيار ابن جرير. ( } كما يقاتلونكم كافة { أي :3وقوله : } وقاتلوا المشركين كافة { أي : جميعكم )

قين { ه مع المت جميعهم ، } واعلموا أن الل وقد اختلف العلماء في تحريم ابتداء القتال في الشهر الحرام : هل هو منسوخ أو

محكم ؟ على قولين : أحدهما - وهو األشهر : أنه منسوخ ؛ ألنه تعالى قال هاهنا : } فال تظلموا فيهن أنفسكم

{ وأمر بقتال المشركين وظاهر السياق مشعر بأنه أمر بذلك أمرا عاما ، فلو كان محرما ما في الشهر الحرام ألوشك أن يقيده بانسالخها ؛ وألن رسول الله صلى الله

عليه وسلم حاصر أهل الطائف في شهر حرام - وهو ذو القعدة - كما ثبت في الصحيحين : أنه خرج إلى هوازن في شوال ، فلما كسرهم واستفاء أموالهم ، ورجعهم ، فلجئوا إلى الطائف - عمد إلى الطائف فحاصرها أربعين يوما ، وانصرف ولم فل

( فثبت أنه حاصر في الشهر الحرام.4يفتتحها ) والقول اآلخر : أن ابتداء القتال في الشهر الحرام حرام ، وأنه لم ينسخ تحريم

هر الحرام { ه وال الش وا شعائر الل ذين آمنوا ال تحل ها ال الحرام ، لقوله تعالى : } يا أيهر الحرام والحرمات قصاص2( ]المائدة : 5]اآلية[ ) هر الحرام بالش [ وقال : } الش

[ وقال :194فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم { اآلية]البقرة : (6[ )50} فإذا انسلخ األشهر الحرم فاقتلوا المشركين { ]اآلية[ ]التوبة :

وقد تقدم أنها األربعة المقررة في كل سنة ، ال أشهر التسيير على أحد القولين. وأما قوله تعالى : } وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة { فيحتمل أنه منقطع

عما قبله ، وأنه حكم مستأنف ، ويكون من باب التهييج والتحضيض ، أي : كما يجتمعون لحربكم إذا حاربوكم فاجتمعوا أنتم أيضا لهم إذا حاربتموهم ، وقاتلوهم بنظير ما

يفعلون ، ويحتمل أنه أذن للمؤمنين بقتال__________

( في ت ، أ : "يعظم من األمور".1)( في ت : "لحرمتهن".2)( في ت : "جميعهم".3)( في ت : "يفتحها".4)( زيادة من ت ، ك ، أ.5)( زيادة من ت ، ك ، أ.6)

(4/149)

هر الحرام المشركين في الشهر الحرام إذا كانت البداءة منهم ، كما قال تعالى : } الشهر الحرام والحرمات قصاص { ]البقرة : [ وقال تعالى : } وال تقاتلوهم عند194بالش

ى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم { اآلية]البقرة : [ ،191المسجد الحرام حت وهكذا الجواب عن حصار رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف ، واستصحابه

( تتمة قتال هوازن وأحالفها من ثقيف1الحصار إلى أن دخل الشهر الحرام ، فإنه من )

Page 123: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

، فإنهم هم الذين ابتدءوا القتال ، وجمعوا الرجال ، ودعوا إلى الحرب والنزال ، فعندما قصدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم ، فلما تحصنوا بالطائف ذهب إليهم

لينزلهم من حصونهم ، فنالوا من المسلمين ، وقتلوا جماعة ، واستمر الحصار بالمجانيق وغيرها قريبا من أربعين يوما. وكان ابتداؤه في شهر حالل ، ودخل الشهر

الحرام ، فاستمر فيه أياما ، ثم قفل عنهم ألنه يغتفر في الدوام ما ال يغتفر في االبتداء ، وهذا هو أمر مقرر ، وله نظائر كثيرة ، والله أعلم. ولنذكر األحاديث الواردة في ذلك

(3( وقد حررنا ذلك في السيرة ، والله أعلم )2)__________

( في ت ، أ : "في".1) ( كذا ولم أجد شيئا من ذلك ، ورفع في هـ ، ك فراغ قدر أربعة أسطر ، ووصل2)

الكالم في باقي النسخ.( في ك : "والحمد لله".3)

(4/150)

مونه عاما ليواطئوا ونه عاما ويحر ذين كفروا يحل سيء زيادة في الكفر يضل به ال ما الن إنه ال يهدي القوم ن لهم سوء أعمالهم والل ه زي م الل ه فيحلوا ما حر م الل عدة ما حر

( 37الكافرين )

مونه عاما ونه عاما ويحر ذين كفروا يحل سيء زيادة في الكفر يضل به ال ما الن } إنه ال يهدي ن لهم سوء أعمالهم والل ه زي م الل وا ما حر ه فيحل م الل ليواطئوا عدة ما حر

( {37القوم الكافرين ) هذا مما ذم الله تعالى به المشركين من تصرفهم في شرع الله بآرائهم الفاسدة ،

وتغييرهم أحكام الله بأهوائهم الباردة ، وتحليلهم ما حرم الله وتحريمهم ما أحل الله ، فإنهم كان فيهم من القوة الغضبية والشهامة والحمية ما استطالوا به مدة األشهر

الثالثة في التحريم المانع لهم من قضاء أوطارهم من قتال أعدائهم ، فكانوا قد أحدثوا قبل اإلسالم بمدة تحليل المحرم وتأخيره إلى صفر ، فيحلون الشهر الحرام ،

( كما قال شاعرهم - وهو1ويحرمون الشهر الحالل ، ليواطئوا عدة األشهر األربعة )عمير بن قيس المعروف - بجذل الطعان :

اس أن لهم كراما... لقد علمت معد أن قومي... كرام النألسنا الناسئين على معد... شهور الحل نجعلها حراما...

اس لم نعلك لجاما? ) اس لم تدرك بوتر?... وأي الن (2فأي الن__________

( في ك ، أ : "ليواطئوا عدة ما حرم الله األشهر األربعة".1)(.1/45( انظر : السيرة النبوية البن هشام )2)

(4/150)

Page 124: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

سيء زيادة في الكفر { ما الن قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : } إن قال : النسيء أن جنادة بن عوف بن أمية الكناني ، كان يوافي الموسم في كل عام ،

وكان يكنى "أبا ثمامة" ، فينادي : أال إن أبا ثمامة ال يحاب وال يعاب ، أال وإن صفر العام األول حالل. فيحله للناس ، فيحرم صفرا عاما ، ويحرم المحرم عاما ، فذلك قول الله :

سيء ما الن سيء زيادة في الكفر { ]إلى قوله : } الكافرين { وقوله } إن ما الن } إن( يقول : يتركون المحرم عاما ، وعاما يحرمونه.1زيادة في الكفر { [ )

وروى العوفي عن ابن عباس نحوه. وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، كان رجل من بني كنانة يأتي كل عام إلى

الموسم على حمار له ، فيقول : يا أيها الناس ، إني ال أعاب وال أجاب ، وال مرد لمامنا المحرم ، وأخرنا صفر. ثم يجيء العام المقبل بعده فيقول مثل أقول ، إنا قد حر مقالته ، ويقول : إنا قد حرمنا صفر ، وأخرنا المحرم. فهو قوله : } ليواطئوا عدة ما

ه { لتأخير هذا الشهر الحرام. م الل ه { قال : يعني األربعة } فيحلوا ما حر م الل حروروي عن أبي وائل ، والضحاك ، وقتادة نحو هذا.

سيء زيادة في الكفر { اآلية ، ما الن وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله : } إن قال : هذا رجل من بني كنانة يقال له : "القلمس" ، وكان في الجاهلية ، وكانوا في

الجاهلية ال يغير بعضهم على بعض في الشهر الحرام ، يلقى الرجل قاتل أبيه وال يمد إليه يده ، فلما كان هو ، قال : اخرجوا بنا. قالوا له : هذا المحرم! قال : ننسئه العام ،مين. قال : ففعل ذلك ، هما العام صفران ، فإذا كان العام القابل قضينا جعلناهما محر

فلما كان عام قابل قال : ال تغزوا في صفر ، حرموه مع المحرم ، هما محرمان. فهذه صفة غريبة في النسيء ، وفيها نظر ؛ ألنهم في عام إنما يحرمون على هذا ثالثة أشهر فقط ، وفي العام الذي يليه يحرمون خمسة أشهر ، فأين هذا من قوله تعالى :

م الله {. مونه عاما ليواطئوا عدة ما حر ونه عاما ويحر } يحل وقد روي عن مجاهد صفة أخرى غريبة أيضا ، فقال عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عنسيء زيادة في الكفر { اآلية ، قال : ما الن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : } إن

فرض الله ، عز وجل ، الحج في ذي الحجة. قال : وكان المشركون يسمون األشهر ذا الحجة ، والمحرم ، وصفر ، وربيع ، وربيع ، وجمادى ، وجمادى ، ورجب ، وشعبان ،

( وذا القعدة. وذا الحجة يحجون فيه مرة أخرى ثم يسكتون عن2ورمضان ، وشواال ) المحرم وال يذكرونه ، ثم يعودون فيسمون صفر صفر ، ثم يسمون رجب جمادى

اآلخرة ، ثم يسمون شعبان رمضان ، ثم يسمون شواال رمضان ، ثم يسمون ذا القعدةشواال

__________( زيادة من ت ، ك ، أ ، والطبري.1)( في أ : "وشوال".2)

(4/151)

ثم يسمون ذا الحجة ذا القعدة ، ثم يسمون المحرم ذا الحجة ، فيحجون فيه ، واسمه ( الحجة ، ثم عادوا بمثل هذه القصة فكانوا يحجون في كل شهر عامين ،1عندهم ذو )

( ثم حج النبي صلى الله عليه2حتى وافق حجة أبي بكر اآلخر من العامين في القعدة )

Page 125: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وسلم حجته التي حج ، فوافق ذا الحجة ، فذلك حين يقول النبي صلى الله عليه وسلمفي خطبته : "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات واألرض".

وهذا الذي قاله مجاهد فيه نظر أيضا ، وكيف تصح حجة أبي بكر وقد وقعت في ذياس يوم ه ورسوله إلى الن القعدة ، وأنى هذا ؟ وقد قال الله تعالى : } وأذان من الل

ه بريء من المشركين ورسوله { اآلية]التوبة : [ ، وإنما نودي بذلك3الحج األكبر أن الل في حجة أبي بكر ، فلو لم تكن في ذي الحجة لما قال تعالى : } يوم الحج األكبر { وال

يلزم من فعلهم النسيء هذا الذي ذكره ، من دوران السنة عليهم ، وحجهم في كل شهر عامين ؛ فإن النسيء حاصل بدون هذا ، فإنهم لما كانوا يحلون شهر المحرم عاما

يحرمون عوضه صفرا ، وبعده ربيع وربيع إلى آخر ]السنة والسنة بحالها على نظامها وعدتها وأسماء شهورها ثم في العام القابل يحرمون المحرم ويتركونه على تحريمه ،

( فيحلونه عاما ويحرمونه عاما ؛ ليواطئوا عدة3وبعده صفر ، وربيع وربيع إلى آخرها[ ) ما حرم الله ، فيحلوا ما حرم الله ، أي : في تحريم أربعة أشهر من السنة ، إال أنهم

تارة يقدمون تحريم الشهر الثالث من الثالثة المتوالية وهو المحرم ، وتارة ينسئونه إلى صفر ، أي : يؤخرونه. وقد قدمنا الكالم على قوله صلى الله عليه وسلم : "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات واألرض ، السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة

حرم ، ثالثة متوالية : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب مضر" ، أي : أن األمر ( الشهور وتحريم ما هو محرم منها ، على ما سبق في كتاب الله من العدد4في عدة )

والتوالي ، ال كما يعتمده جهلة العرب ، من فصلهم تحريم بعضها بالنسيء عن بعض ،والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا صالح بن بشر بن سلمة الطبراني ، حدثنا مكي بن إبراهيم ، حدثنا موسى بن عبيدة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر أنه قال : وقف

رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة ، فاجتمع إليه من شاء الله من المسلمين ، ( ثم قال : "وإنما النسيء من الشيطان ، زيادة5فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل )

في الكفر ، يضل به الذين كفروا ، يحلونه عاما ويحرمونه عاما". فكانوا يحرمون(7( ويستحلون المحرم ، وهو النسيء )6المحرم عاما ، ويستحلون صفر )

وقد تكلم اإلمام محمد بن إسحاق على هذا في كتاب "السيرة" كالما جيدا ومفيدا حسنا ، فقال : كان أول من نسأ الشهور على العرب ، فأحل منها ما حرم الله ، وحرم

( بن8منها ما أحل الله ، عز وجل ، "القلمس" ، وهو : حذيفة بن عبد مدركة فقيم )عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن

__________( في ك : "ذا".1)( في ك ، أ : "ذي القعدة".2)( زيادة من ت ، ك ، أ.3)( في ت : "هذه".4)( في ت ، أ : "بما هو أهله".5)( في ت ، ك ، أ : "صفر منه".6)(.5/188( ورواه أبو الشيخ األصبهاني كما في الدر المنثور )7)( في ت ، ك ، أ : "عبد بن فقيم".8)

(4/152)

Page 126: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

اقلتم إلى األرض أرضيتم ه اث ذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الل ها ال يا أي ( إال تنفروا38بالحياة الدنيا من اآلخرة فما متاع الحياة الدنيا في اآلخرة إال قليل )

ه على كل شيء قدير ) وه شيئا والل يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم وال تضر39 )

كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، ثم قام بعدهاد ثم من بعد عباد ابنه قلع بن عباد ، ثم ابنه أمية بن قلع ، ثم ابنه على ذلك ابنه عب

عوف بن أمية ، ثم ابنه أبو ثمامة جنادة بن عوف ، وكان آخرهم ، وعليه قام اإلسالم. فكانت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه ، فقام فيهم خطيبا ، فحرم رجبا ، وذا القعدة ، وذا الحجة ، ويحل المحرم عاما ، ويجعل مكانه صفر ، ويحرمه عاما ليواطئ

عدة ما حرم الله ، فيحل ما حرم الله ، يعني : ويحرم ما أحل الله.اقلتم إلى األرض ذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اث ها ال } يا أي

( إال38أرضيتم بالحياة الدنيا من اآلخرة فما متاع الحياة الدنيا في اآلخرة إال قليل )ه على كل شيء وه شيئا والل تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم وال تضر

( {39قدير ) هذا شروع في عتاب من تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ،

ة ) ها1حين طابت الثمار والظالل في شدة الحر وحمار ( القيظ ، فقال تعالى : } يا أيه { أي : إذا دعيتم إلى الجهاد في ذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الل الاقلتم إلى األرض { أي : تكاسلتم وملتم إلى المقام في الدعة والخفض سبيل الله } اث

( هكذا أرضا2وطيب الثمار ، } أرضيتم بالحياة الدنيا من اآلخرة { أي : ما لكم فعلتم )منكم بالدنيا بدال من اآلخرة

ثم زهد تبارك وتعالى في الدنيا ، ورغب في اآلخرة ، فقال : } فما متاع الحياة الدنيافي اآلخرة إال قليل { كما قال اإلمام أحمد.

حدثنا وكيع ويحيى بن سعيد قاال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس ، عن المستورد أخي بني فهر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما الدنيا في

( وأشار بالسبابة.3اآلخرة إال كما يجعل إصبعه هذه في اليم ، فلينظر بما ترجع ؟ )(4انفرد بإخراجه مسلم )

( عبد الحميد الحمصي ، حدثنا الربيع5وقال ابن أبي حاتم : حدثنا بشر بن مسلم بن ) بن روح ، حدثنا محمد بن خالد الوهبي ، حدثنا زياد - يعني الجصاص - عن أبي عثمان قال : قلت : يا أبا هريرة ، سمعت من إخواني بالبصرة أنك تقول : سمعت نبي الله يقول : "إن الله يجزي بالحسنة ألف ألف حسنة" قال أبو هريرة : بل سمعت رسول

الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إن الله يجزي بالحسنة ألفي ألف__________

( في أ : "وحماوة".1)( في ت ، ك ، أ : "صنعتم".2)( في أ : "يرجع".3)(.2858( وصحيح مسلم برقم )4/228( المسند )4)( في أ : "عن".5)

Page 127: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(4/153)

ذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول ه إذ أخرجه ال إال تنصروه فقد نصره اللده بجنود لم تروها وجعل كلمة ه سكينته عليه وأي ه معنا فأنزل الل لصاحبه ال تحزن إن الل

ه عزيز حكيم ) فلى وكلمة الله هي العليا والل ذين كفروا الس ( 40ال

(2( )1حسنة" ثم تال هذه اآلية : } فما متاع الحياة الدنيا في اآلخرة إال قليل { )فالدنيا ما مضى منها وما بقي منها عند الله قليل.

( الثوري ، عن األعمش في اآلية : } فما متاع الحياة الدنيا في3وقال ]سفيان[ )اآلخرة إال قليل { قال : كزاد الراكب.

( عن أبيه : لما حضرت عبد العزيز بن مروان الوفاة4وقال عبد العزيز بن أبي حازم ) ( فلما وضع بين يديه نظر إليه5قال : ائتوني بكفني الذي أكفن فيه ، أنظر إليه )

( ما أخلف من الدنيا إال هذا ؟ ثم ولى ظهره فبكى وهو6فقال : أما لي من كبير ) يقول أف لك من دار. إن كان كثيرك لقليل ، وإن كان قليلك لقصير ، وإن كنا منك لفي

غرور. ثم توعد تعالى على ترك الجهاد فقال : } إال تنفروا يعذبكم عذابا أليما { قال ابن عباس : استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا من العرب ، فتثاقلوا عنه ،

فأمسك الله عنهم القطر فكان عذابهم.وا } ويستبدل قوما غيركم { أي : لنصرة نبيه وإقامة دينه ، كما قال تعالى : } إن تتول

[.38يستبدل قوما غيركم ثم ال يكونوا أمثالكم { ]محمد : وه شيئا { أي : وال تضروا الله شيئا بتوليكم عن الجهاد ، ونكولكم وتثاقلكم } وال تضر

ه على كل شيء قدير { أي : قادر على االنتصار من األعداء بدونكم. عنه ، } والل وقد قيل : إن هذه اآلية ، وقوله : } انفروا خفافا وثقاال { وقوله } ما كان ألهل المدينة

ه { ]التوبة : فوا عن رسول الل [ إنهن منسوخات120ومن حولهم من األعراب أن يتخل بقوله تعالى : } وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة {

[ روي هذا عن ابن عباس ، وعكرمة ، والحسن ، وزيد بن أسلم. ورده )122]التوبة : ( ابن جرير وقال : إنما هذا فيمن دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجهاد7

، فتعين عليهم ذلك ، فلو تركوه لعوقبوا عليه.(9( تعالى أعلم ]بالصواب[ )8وهذا له اتجاه ، والله ]سبحانه و[ )

ذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول ه إذ أخرجه ال } إال تنصروه فقد نصره اللده بجنود لم تروها وجعل كلمة ه سكينته عليه وأي ه معنا فأنزل الل لصاحبه ال تحزن إن الل

ه عزيز حكيم ) فلى وكلمة الله هي العليا والل ذين كفروا الس ( {40ال__________

( في ت ، ك ، أ : "ما الحياة" وهو خطأ.1) ( ورواه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ، وابن مردويه في تفسيره كما في الدر2)

(.5/193المنثور )( زيادة من ت ، ك ، أ.3)( في أ : "حاتم".4)( في ت : "فيه".5)

Page 128: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في ت ، ك ، أ : "كثير".6)( في أ : "ورواه".7)( زيادة من ت ، أ.8)( زيادة من ت ، أ.9)

(4/154)

يقول تعالى : } إال تنصروه { أي : تنصروا رسوله ، فإن الله ناصره ومؤيده وكافيهذين كفروا ثاني اثنين ]إذ هما في الغار[ { ) (1وحافظه ، كما تولى نصره } إذ أخرجه ال

أي : عام الهجرة ، لما هم المشركون بقتله أو حبسه أو نفيه ، فخرج منهم هاربا صحبة صديقه وصاحبه أبي بكر بن أبي قحافة ، فلجأ إلى غار ثور ثالثة أيام ليرجع الطلب الذين خرجوا في آثارهم ، ثم يسيرا نحو المدينة ، فجعل أبو بكر ، رضي الله عنه ،

( منهم أذى ، فجعل2يجزع أن يطلع عليهم أحد ، فيخلص إلى الرسول ، عليه السالم )ته ويقول : " يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين الله نه ويثب النبي صلى الله عليه وسلم يسك

ثالثهما" ، كما قال اإلمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا همام ، أنبأنا ثابت ، عن أنس أن أبا بكر حدثه قال : قلت للنبي

( نظر إلى قدميه ألبصرنا3صلى الله عليه وسلم ، ونحن في الغار : لو أن أحدهم )تحت قدميه. قال : فقال : "يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين الله ثالثهما".

(4أخرجاه في الصحيحين )ه سكينته عليه { أي : تأييده ونصره عليه ، أي : على ولهذا قال تعالى : } فأنزل الل

الرسول في أشهر القولين : وقيل : على أبي بكر ، وروي عن ابن عباس وغيره ، قالوا : ألن الرسول لم تزل معه سكينة ، وهذا ال ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال ؛ذين كفروا ده بجنود لم تروها { أي : المالئكة ، } وجعل كلمة ال ولهذا قال : } وأي

ه هي العليا { فلى وكلمة الل السذين كفروا { الشرك و } كلمة الله { هي : ال إله إال قال ابن عباس : يعني } كلمة ال

الله. وفي الصحيحين عن أبي موسى األشعري ، رضي الله عنه ، قال : سئل رسول الله

ة ، ويقاتل رياء ، أي ذلك صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ، ويقاتل حمي(5في سبيل الله ؟ فقال : "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" )

ه عزيز { أي : في انتقامه وانتصاره ، منيع الجناب ، ال يضام من الذ ببابه وقوله : } والل، واحتمى بالتمسك بخطابه ، } حكيم { في أقواله وأفعاله.

__________( زيادة من ك.1)( في ك : "رسول الله صلى الله عليه وسلم".2)( في ت : "أحدا".3)(.2381( وصحيح مسلم برقم )3653( وصحيح البخاري برقم )1/4( المسند )4)(.1904( وصحيح مسلم برقم )2810( صحيح البخاري برقم )5)

(4/155)

Page 129: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه ذلكم خير لكم إن كنتم انفروا خفافا وثقاال وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الل( 41تعلمون )

ه ذلكم خير لكم إن } انفروا خفافا وثقاال وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الل( {41كنتم تعلمون )

قال سفيان الثوري ، عن أبيه ، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح : هذه اآلية : } انفرواخفافا وثقاال {

(4/155)

أول ما نزل من سورة براءة. وقال معتمر بن سليمان ، عن أبيه قال : زعم حضرمي أنه ذكر له أن ناسا كانوا عسى أن يكون أحدهم عليال أو كبيرا ، فيقول : إني ال آثم ، فأنزل الله : } انفروا خفافا وثقاال

{ اآلية. أمر الله تعالى بالنفير العام مع الرسول ، صلوات الله وسالمه عليه ، عام غزوة تبوك ،م على المؤمنين في الخروج لقتال أعداء الله من الروم الكفرة من أهل الكتاب ، وحت

معه على كل حال في المنشط والمكره والعسر واليسر ، فقال : } انفروا خفافاوثقاال {

( ما أسمع الله عذر1وقال علي بن زيد ، عن أنس ، عن أبي طلحة : كهوال وشبابا )أحدا ، ثم خرج إلى الشام فقاتل حتى قتل.

( أبو طلحة سورة براءة ، فأتى على هذه اآلية : } انفروا خفافا2وفي رواية : قرأ ) وثقاال وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله { فقال : أرى ربنا يستنفرنا شيوخا

. فقال بنوه : يرحمك الله ، قد غزوت مع رسول الله حتى3وشبابا ) ( جهزوني يا بني مات ، ومع أبي بكر حتى مات ، ومع عمر حتى مات ، فنحن نغزو عنك. فأبى ، فركب البحر فمات ، فلم يجدوا له جزيرة يدفنوه فيها إال بعد تسعة أيام ، فلم يتغير ، فدفنوه

(4بها ) وهكذا روي عن ابن عباس ، وعكرمة وأبي صالح ، والحسن البصري ، وشمر بن عطية

ان ، والشعبي وزيد بن أسلم : أنهم قالوا في تفسير هذه اآلية : ، ومقاتل بن حي ( وكذا قال عكرمة والضحاك ، ومقاتل5} انفروا خفافا وثقاال { قالوا : كهوال وشبابا )

بن حيان ، وغير واحد.( وشيوخا ، وأغنياء ومساكين. وكذا قال أبو صالح ، وغيره.6وقال مجاهد : شبابا )

وقال الحكم بن عتيبة : مشاغيل وغير مشاغيل. وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله تعالى : } انفروا خفافا وثقاال { يقول : انفروا

نشاطا وغير نشاط. وكذا قال قتادة. وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : } انفروا خفافا وثقاال { قالوا : فإن فينا الثقيل ، وذا

( والشغل ، والمتيسر به أمر ، فأنزل الله وأبى أن يعذرهم دون7الحاجة ، والضيعة )أن ينفروا خفافا وثقاال وعلى ما كان منهم.

__________

Page 130: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في أ : "وشبانا".1)( في ت ، أ : "وهو في رواية أنه قال : ".2)( في أ : "وشبانا".3)( في ت ، ك : "فيها".4)( في ت ، ك ، أ : "وشبانا".5)( في أ : "شبانا".6)( في ت : "والصنعة".7)

(4/156)

وقال الحسن بن أبي الحسن البصري أيضا : في العسر واليسر. وهذا كله منمقتضيات العموم في اآلية ، وهذا اختيار ابن جرير.

وقال اإلمام أبو عمرو األوزاعي : إذا كان النفير إلى دروب الروم نفر الناس إليها خفافا وركبانا ، وإذا كان النفير إلى هذه السواحل نفروا إليها خفافا وثقاال وركبانا ومشاة.

وهذا تفصيل في المسألة. وقد روي عن ابن عباس ، ومحمد بن كعب ، وعطاء الخراساني وغيرهم أن هذه اآلية منسوخة بقوله تعالى : } فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة { وسيأتي الكالم على

ذلك إن شاء الله. وقال السدي قوله : } انفروا خفافا وثقاال { يقول : غنيا وفقيرا ، وقويا وضعيفا فجاءه رجل يومئذ ، زعموا أنه المقداد ، وكان عظيما سمينا ، فشكا إليه وسأله أن يأذن له ،

( } انفروا خفافا وثقاال { فلما نزلت هذه اآلية اشتد على الناس1فأبى فنزلت يومئذ )ذين ال شأنها فنسخها الله ، فقال : } ليس على الضعفاء وال على المرضى وال على ال

ه ورسوله { ]التوبة : [.91يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا للة ، حدثنا أيوب ، عن محمد قال : شهد وقال ابن جرير : حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علي أبو أيوب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا ثم لم يتخلف عن غزاة للمسلمين

إال وهو في آخرين إال عاما واحدا قال : وكان أبو أيوب يقول : قال الله : } انفروا(2خفافا وثقاال { فال أجدني إال خفيفا أو ثقيال )

ة ، حدثنا حريز ، حدثني كوني ، حدثنا بقي وقال ابن جرير : حدثني سعيد بن عمر الس عبد الرحمن بن ميسرة ، حدثني أبو راشد الحبراني قال : وافيت المقدام بن األسود

فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا على تابوت من توابيت الصيارفة بحمص ، وقد فضل عنها من عظمه ، يريد الغزو ، فقلت له : لقد أعذر الله إليك

(4( } انفروا خفافا وثقاال { )3فقال : أتت علينا سورة "البعوث )رعبي قال : نفرنا مع صفوان بن عمرو ، وبه قال ابن جرير : حدثني حيان بن زيد الش وكان واليا على حمص قبل األفسوس ، إلى الجراجمة فلقيت شيخا كبيرا هما ، وقد (5سقط حاجباه على عينيه ، من أهل دمشق ، على راحلته ، فيمن أغار. فأقبلت إليه )

( فقال : يا ابن أخي ،6فقلت : يا عم ، لقد أعذر الله إليك. قال : فرفع حاجبيه ) ( وإنما يبتلي7استنفرنا الله خفافا وثقاال إنه من يحبه الله يبتليه ، ثم يعيده الله فيبقيه )

(8الله من عباده من شكر وصبر وذكر ، ولم يعبد إال الله ، عز وجل )__________

Page 131: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في أ : "فنزلت هذه اآلية".1)(.14/267( تفسير الطبري )2)( في هـ ، ت ، د : "البعوث" والمثبت من الطبري.3)(.14/268( تفسير الطبري )4)( في ت ، أ : "عليه".5)( في ت : "حاجبه".6)( في أ : "فيقتنيه".7)(.14/264( رواه الطبري في تفسيره )8)

(4/157)

ه قة وسيحلفون بالل بعوك ولكن بعدت عليهم الش لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا التهم لكاذبون ) ه يعلم إن ه عنك42لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والل ( عفا الل

ذين صدقوا وتعلم الكاذبين ) ن لك ال ى يتبي ذين43لم أذنت لهم حت ( ال يستأذنك القين ) ه عليم بالمت ه واليوم اآلخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والل ما44يؤمنون بالل ( إن

ه واليوم اآلخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون ) ذين ال يؤمنون بالل يستأذنك ال45 )

ثم رغب تعالى في النفقة في سبيله ، وبذل المهج في مرضاته ومرضاة رسوله ، فقال : } وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون { أي : هذا خير لكم في الدنيا واآلخرة ، وألنكم تغرمون في النفقة قليال فيغنيكم الله أموال

عدوكم في الدنيا ، مع ما يدخر لكم من الكرامة في اآلخرة ، كما قال النبي صلى الله ( توفاه أن يدخله الجنة ، أو2( في سبيله إن )1عليه وسلم : "وتكفل الله للمجاهد )

(3يرده إلى منزله نائال ما نال من أجر أو غنيمة" ) ولهذا قال تعالى : } كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير

ه يعلم وأنتم ال تعلمون { ]البقرة : وا شيئا وهو شر لكم والل [.216لكم وعسى أن تحبومن هذا القبيل ما رواه اإلمام أحمد :

حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس ؛ عن رسول الله صلى الله عليه(4وسلم قال لرجل : "أسلم". قال : أجدني كارها. قال : "أسلم وإن كنت كارها" )

قة وسيحلفون بعوك ولكن بعدت عليهم الش } لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا التهم لكاذبون ) ه يعلم إن ( {42بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والل

( صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ،5يقول تعالى موبخا للذين تخلفوا عن النبي ) وقعدوا عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما استأذنوه في ذلك ، مظهرين أنهم ذوو

أعذار ، ولم يكونوا كذلك ، فقال : } لو كان عرضا قريبا { قال ابن عباس : غنيمةبعوك { أي : لكانوا جاءوا معك قريبة ، } وسفرا قاصدا { أي : قريبا أيضا ، } الت

قة { أي : المسافة إلى الشام ، } وسيحلفون بالله { لذلك ، } ولكن بعدت عليهم الش أي : لكم إذا رجعتم إليهم } لو استطعنا لخرجنا معكم { أي : لو لم تكن لنا أعذار

هم لكاذبون { ه يعلم إن لخرجنا معكم ، قال الله تعالى : } يهلكون أنفسهم واللذين صدقوا وتعلم الكاذبين ) ن لك ال ى يتبي ه عنك لم أذنت لهم حت ( ال43} عفا الل

Page 132: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه عليم ه واليوم اآلخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والل ذين يؤمنون بالل يستأذنك القين ) ذين ال يؤمنون بالله واليوم اآلخر وارتابت قلوبهم فهم44بالمت ما يستأذنك ال ( إن

( {45في ريبهم يترددون )__________

( في ت : "للمجاهدين".1)( في ت : "بأن".2) ( من1876( ومسلم في صحيحه برقم )7463( رواه البخاري في صحيحه برقم )3)

حديث أبي هريرة رضي الله عنه.(.3/109( المسند )4)( في أ : "رسول الله".5)

(4/158)

طهم وقيل اقعدوا مع ه انبعاثهم فثب ولو أرادوا الخروج ألعدوا له عدة ولكن كره الل ( لو خرجوا فيكم ما زادوكم إال خباال وألوضعوا خاللكم يبغونكم الفتنة46القاعدين )

ه عليم بالظالمين ) ( 47وفيكم سماعون لهم والل

( سليمان الرازي )1قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو حصين بن ]يحيي بن[ ) ( عن عون قال : هل سمعتم بمعاتبة أحسن3( حدثنا سفيان بن عيينة ، عن مسعر )2

ه عنك لم أذنت لهم { وكذا قال من هذا ؟ بدأ بالعفو قبل المعاتبة فقال : } عفا اللق العجلي وغيره. مور

وقال قتادة : عاتبه كما تسمعون ، ثم أنزل التي في سورة النور ، فرخص له في أن يأذن لهم إن شاء : } فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم { ]النور :

[ وكذا روي عن عطاء الخراساني.62 وقال مجاهد : نزلت هذه اآلية في أناس قالوا : استأذنوا رسول الله فإن أذن لكم

فاقعدوا ، وإن لم يأذن لكم فاقعدوا.ذين صدقوا { أي : في إبداء األعذار ، } وتعلم ن لك ال ى يتبي ولهذا قال تعالى : } حت

( يقول تعالى : هال تركتهم لما استأذنوك ، فلم تأذن ألحد منهم في4الكاذبين { ) القعود ، لتعلم الصادق منهم في إظهار طاعتك من الكاذب ، فإنهم قد كانوا مصرين

على القعود عن الغزو ]وإن لم تأذن لهم فيه. ولهذا أخبر تعالى أنه ال يستأذنه في ( أحد يؤمن بالله ورسوله ، فقال : } ال يستأذنك { أي : في5القعود عن الغزو[ )

ه واليوم اآلخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم { ؛ ذين يؤمنون بالل القعود عن الغزو } القين ه عليم بالمت ألن أولئك يرون الجهاد قربة ، ولما ندبهم إليه بادروا وامتثلوا. } والل

ه واليوم اآلخر { ذين ال يؤمنون بالل ما يستأذنك { أي : في القعود ممن ال عذر له } ال إن أي : ال يرجون ثواب الله في الدار اآلخرة على أعمالهم ، } وارتابت قلوبهم { أي : شكت في صحة ما جئتهم به ، } فهم في ريبهم يترددون { أي : يتحيرون ، يقدمون رجال ويؤخرون أخرى ، وليست لهم قدم ثابتة في شيء ، فهم قوم حيارى هلكى ، ال

إلى هؤالء وال إلى هؤالء ، ومن يضلل الله فلن تجد له سبيال.طهم وقيل اقعدوا مع ه انبعاثهم فثب } ولو أرادوا الخروج ألعدوا له عدة ولكن كره الل

Page 133: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( لو خرجوا فيكم ما زادوكم إال خباال وألوضعوا خاللكم يبغونكم الفتنة46القاعدين )ه عليم بالظالمين ) ( {47وفيكم سماعون لهم والل

يقول تعالى : } ولو أرادوا الخروج { أي : معك إلى الغزو } ألعدوا له عدة { أي :ه انبعاثهم { أي : أبغض أن يخرجوا معك ) ( قدرا ، }6لكانوا تأهبوا له ، } ولكن كره الل

طهم { أي : أخرهم ، } وقيل اقعدوا مع القاعدين { أي : قدرا. فثب__________

. مستفادا من هامش ط. الشعب.4/2/364( زيادة من الجرح والتعديل 1)( في أ : "الداري".2)( في أ : "مشرف".3)( في ت : "ويعلم".4)( زيادة من ت ، ك ، أ.5)( في ت ، ك : "معكم".6)

(4/159)

( وجه كراهيته لخروجهم مع المؤمنين. فقال : } لو خرجوا فيكم1ثم بين ]الله تعالى[ ) ما زادوكم إال خباال { أي : ألنهم جبناء مخذولون ، } وألوضعوا خاللكم يبغونكم الفتنة {

أي : وألسرعوا السير والمشي بينكم بالنميمة والبغضاء والفتنة ، } وفيكم سماعون لهم { أي : مطيعون لهم ومستحسنون لحديثهم وكالمهم ، يستنصحونهم وإن كانوا ال

يعلمون حالهم ، فيؤدي هذا إلى وقوع شر بين المؤمنين وفساد كبير. وقال مجاهد ، وزيد بن أسلم ، وابن جرير : } وفيكم سماعون لهم { أي : عيون

يسمعون لهم األخبار وينقلونها إليهم. وهذا ال يبقى له اختصاص بخروجهم معهم ، بل هذا عام في جميع األحوال ، والمعنى

األول أظهر في المناسبة بالسياق ، وإليه ذهب قتادة وغيره من المفسرين. وقال محمد بن إسحاق : كان فيما بلغني - من استأذن - من ذوي الشرف منهم : عبد

الله بن أبي ابن سلول والجد بن قيس ، وكانوا أشرافا في قومهم ، فثبطهم الله ، ( فيفسدوا عليه جنده ، وكان في جنده قوم أهل محبة2لعلمه بهم : أن يخرجوا معه )

(3لهم وطاعة فيما يدعونهم إليه ، لشرفهم فيهم ، فقال : } وفيكم سماعون لهم { )ه عليم بالظالمين { فأخبر بأنه ]يعلم[ ) (4ثم أخبر تعالى عن تمام علمه فقال : } والل

ما كان ، وما يكون ، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون ؛ ولهذا قال تعالى : } لو خرجوا فيكم ما زادوكم إال خباال { فأخبر عن حالهم كيف يكون لو خرجوا ومع هذا ماهم لكاذبون { ]األنعام : خرجوا ، كما قال تعالى : } ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإن

وا وهم28 ه فيهم خيرا ألسمعهم ولو أسمعهم لتول [ وقال تعالى : } ولو علم اللا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو23معرضون { ]األنفال : [ وقال تعالى : } ولو أن

هم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا اخرجوا من دياركم ما فعلوه إال قليل منهم ولو أنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما { ]النساء لهم وأشد تثبيتا وإذا آلتيناهم من لدن

[ واآليات في هذا كثيرة.68 - 66: __________

( زيادة من ك.1)

Page 134: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في ت : "معهم".2)(.14/281( رواه الطبري في تفسيره )3)( زيادة من ت ، ك.4)

(4/160)

ه وهم كارهون ى جاء الحق وظهر أمر الل بوا لك األمور حت لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقل(48 )

ه وهم ى جاء الحق وظهر أمر الل بوا لك األمور حت } لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقل( {48كارهون )

يقول تعالى محرضا لنبيه عليه السالم على المنافقين : } لقد ابتغوا الفتنة من قبلبوا لك األمور { أي : لقد أعملوا فكرهم وأجالوا آراءهم في كيدك وكيد أصحابك وقل

وخذالن دينك وإخماله مدة طويلة ،

(4/160)

م لمحيطة بالكافرين ي أال في الفتنة سقطوا وإن جهن ومنهم من يقول ائذن لي وال تفتنوا49) ( إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتول

ل50وهم فرحون ) ه فليتوك ه لنا هو موالنا وعلى الل ( قل لن يصيبنا إال ما كتب الل( 51المؤمنون )

وذلك أول مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة رمته العرب عن قوس واحدة ، وحاربته يهود المدينة ومنافقوها ، فلما نصره الله يوم بدر وأعلى كلمته ، قال عبد الله

بن أبي وأصحابه : هذا أمر قد توجه. فدخلوا في اإلسالم ظاهرا ، ثم كلما أعز اللهى جاء الحق وظهر1اإلسالم وأهله غاظهم ) ( ذلك وساءهم ؛ ولهذا قال تعالى : } حتأمر الله وهم كارهون {

م لمحيطة ي أال في الفتنة سقطوا وإن جهن } ومنهم من يقول ائذن لي وال تفتن( {49بالكافرين )

يقول تعالى : ومن المنافقين من يقول لك يا محمد : } ائذن لي { في القعود } والي { بالخروج معك ، بسبب الجواري من نساء الروم ، قال الله تعالى : } أال في تفتن الفتنة سقطوا { أي : قد سقطوا في الفتنة بقولهم هذا. كما قال محمد بن إسحاق ،

عن الزهري ، ويزيد بن رومان ، وعبد الله بن أبي بكر ، وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم قالوا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، وهو في جهازه ، للجد

بن قيس أخي بني سلمة : "هل لك يا جد العام في جالد بني األصفر ؟" فقال : يا رسول الله ، أو تأذن لي وال تفتني ، فوالله لقد عرف قومي ما رجل أشد عجبا بالنساء مني ، وإني أخشى إن رأيت نساء بني األصفر ال أصبر عنهن. فأعرض عنه رسول الله

صلى الله عليه وسلم وقال : "قد أذنت لك". ففي الجد بن قيس نزلت هذه : } ومنهم

Page 135: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ي { اآلية ، أي : إن كان إنما يخشى من نساء بني األصفر من يقول ائذن لي وال تفتن وليس ذلك به ، فما سقط فيه من الفتنة بتخلفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2والرغبة بنفسه عن نفسه ، أعظم ) وهكذا روي عن ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد : أنها نزلت في الجد بن قيس. وقد كان الجد بن قيس هذا من أشراف بني سلمة ، وفي الصحيح : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : "من سيدكم يا بني سلمة ؟" قالوا : الجد بن قيس ، على

( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "وأي داء أدوأ من البخل ، ولكن3أنا نبخله )دكم الفتى األبيض الجعد بشر بن البراء بن معرور". سي

م لمحيطة بالكافرين { أي : ال محيد لهم عنها ، وال محيص ، وقوله تعالى : } وإن جهنوال مهرب.

وا } إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولل50وهم فرحون ) ه فليتوك ه لنا هو موالنا وعلى الل ( قل لن يصيبنا إال ما كتب الل

( {51المؤمنون ) يعلم تبارك وتعالى نبيه بعداوة هؤالء له ؛ ألنه مهما أصابه من } حسنة { أي : فتح

ونصر وظفر__________

( في ت : "أغاظهم".1)(.14/287( رواه عنهم الطبري في تفسيره )2)( في ت : "نبجله".3)

(4/161)

ه بعذاب من ص بكم أن يصيبكم الل صون بنا إال إحدى الحسنيين ونحن نترب قل هل تربصون ) ا معكم مترب صوا إن ل52عنده أو بأيدينا فترب ( قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقب

كم كنتم قوما فاسقين ) هم كفروا53منكم إن ( وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إال أن( 54بالله وبرسوله وال يأتون الصالة إال وهم كسالى وال ينفقون إال وهم كارهون )

على األعداء ، مما يسره ويسر أصحابه ، ساءهم ذلك ، } وإن تصبك مصيبة يقولوا قدوا وهم أخذنا أمرنا من قبل { أي : قد احترزنا من متابعته من قبل هذا ، } ويتول

فرحون { فأرشد الله تعالى رسوله ، صلوات الله وسالمه عليه ، إلى جوابهم فيه لنا { أي : عداوتهم هذه التامة ، فقال : } قل { أي : لهم } لن يصيبنا إال ما كتب الل

ه نحن تحت مشيئة الله ، وقدره ، } هو موالنا { أي : سيدنا وملجؤنا } وعلى اللل المؤمنون { أي : ونحن متوكلون عليه ، وهو حسبنا ونعم الوكيل. فليتوك

ه بعذاب من ص بكم أن يصيبكم الل صون بنا إال إحدى الحسنيين ونحن نترب } قل هل تربصون ) ا معكم مترب صوا إن ل52عنده أو بأيدينا فترب ( قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقب

كم كنتم قوما فاسقين ) هم كفروا53منكم إن ( وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إال أن( {54بالله وبرسوله وال يأتون الصالة إال وهم كسالى وال ينفقون إال وهم كارهون )

صون بنا { ؟ أي : تنتظرون بنا } إال يقول تعالى : } قل { لهم يا محمد : } هل ترب إحدى الحسنيين { شهادة أو ظفر بكم. قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وغيرهم. }

Page 136: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه بعذاب من عنده أو بأيدينا { أي : ننتظر بكم هذا أو ص بكم أن يصيبكم الل ونحن نتربا صوا إن هذا ، إما أن يصيبكم الله بقارعة من عنده أو بأيدينا ، بسبي أو بقتل ، } فترب

صون { معكم مترب وقوله : } قل أنفقوا طوعا أو كرها { أي : مهما أنفقتم من نفقة طائعين أو مكرهين }

كم كنتم قوما فاسقين { ل منكم إن لن يتقبهم كفروا بالله ثم أخبر تعالى عن سبب ذلك ، وهو أنهم ال يتقبل منهم ، } إال أن

( واألعمال إنما تصح باإليمان ، } وال يأتون الصالة إال1وبرسوله { أي : ]قد كفروا[ ) وهم كسالى { أي : ليس لهم قصد صحيح ، وال همة في العمل ، } وال ينفقون { نفقة

} إال وهم كارهون { وقد أخبر الصادق المصدوق أن الله ال يمل حتى تملوا ، وأنه طيب ال يقبل إال طيبا ؛

فلهذا ال يتقبل الله من هؤالء نفقة وال عمال ألنه إنما يتقبل من المتقين.__________

( زيادة من أ.1)

(4/162)

ه ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق ما يريد الل فال تعجبك أموالهم وال أوالدهم إن( 55أنفسهم وهم كافرون )

ه ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق ما يريد الل } فال تعجبك أموالهم وال أوالدهم إن( {55أنفسهم وهم كافرون )

يقول تعالى لرسوله ، صلوات الله وسالمه عليه : } فال تعجبك أموالهم وال أوالدهم {عنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا كما قال تعالى : } وال تمدن عينيك إلى ما مت

ك خير وأبقى { ]طه : [131لنفتنهم فيه ورزق رب

(4/162)

هم قوم يفرقون ) هم لمنكم وما هم منكم ولكن ه إن ( لو يجدون ملجأ أو56ويحلفون باللوا إليه وهم يجمحون ) ( ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن57مغارات أو مدخال لول

هم رضوا ما آتاهم58أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ) ( ولو أنه راغبون ) ا إلى الل ه من فضله ورسوله إن ه سيؤتينا الل ه ورسوله وقالوا حسبنا الل الل

59 )

ما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل ال وقال : } أيحسبون أن[56 ، 55يشعرون { ]المؤمنون :

ه ليعذبهم بها في الحياة الدنيا { قال الحسن البصري : بزكاتها ، ما يريد الل وقوله : } إنوالنفقة منها في سبيل الله.

وقال قتادة : هذا من المقدم والمؤخر ، تقديره : فال تعجبك أموالهم وال أوالدهم ، ]في

Page 137: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(2( إنما يريد الله ليعذبهم بها ]في اآلخرة[ )1الحياة الدنيا[ )واختار ابن جرير قول الحسن ، وهو القول القوي الحسن.

وقوله : } وتزهق أنفسهم وهم كافرون { أي : ويريد أن يميتهم حين يميتهم على الكفر ، ليكون ذلك أنكى لهم وأشد لعذابهم ، عياذا بالله من ذلك ، وهذا يكون من باب

االستدراج لهم فيما هم فيه.هم قوم يفرقون ) هم لمنكم وما هم منكم ولكن ه إن 56} ويحلفون بالل ( لو يجدون ملجأ

وا إليه وهم يجمحون ) ( {57أو مغارات أو مدخال لول يخبر الله تعالى نبيه ، صلوات الله وسالمه عليه ، عن جزعهم وفزعهم وفرقهم وهلعهم

هم لمنكم { يمينا مؤكدة ، } وما هم منكم { أي : في نفس ه إن أنهم } يحلفون بالل هم قوم يفرقون { أي : فهو الذي حملهم على الحلف. } لو يجدون ملجأ األمر ، } ولكن { أي : حصنا يتحصنون به ، وحرزا يحترزون به ، } أو مغارات { وهي التي في الجبال ، } أو مدخال { وهو السرب في األرض والنفق. قال ذلك في الثالثة ابن

وا إليه وهم يجمحون { أي : يسرعون في ذهابهم عباس ، ومجاهد ، وقتادة : } لول عنكم ، ألنهم إنما يخالطونكم كرها ال محبة ، وودوا أنهم ال يخالطونكم ، ولكن للضرورة

أحكام ؛ ولهذا ال يزالون في هم وحزن وغم ؛ ألن اإلسالم وأهله ال يزال في عز ونصر ورفعة ؛ فلهذا كلما سر المؤمنون ساءهم ذلك ، فهم يودون أال يخالطوا المؤمنين ؛

وا إليه وهم يجمحون { ولهذا قال : } لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخال لول } ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم

ه58يسخطون ) ه سيؤتينا الل ه ورسوله وقالوا حسبنا الل هم رضوا ما آتاهم الل ( ولو أنه راغبون ) ا إلى الل ( {59من فضله ورسوله إن

__________( زيادة من ت ، ك ، أ.1)( زيادة من ت ، ك ، أ.2)

(4/163)

يقول تعالى : } ومنهم { أي ومن المنافقين } من يلمزك { أي : يعيب عليك } في { ( المأبونون ،1قسم } الصدقات { إذا فرقتها ، ويتهمك في ذلك ، وهم المتهمون )

وهم مع هذا ال ينكرون للدين ، وإنما ينكرون لحظ أنفسهم ؛ ولهذا إن } أعطوا منهارضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون { أي : يغضبون ألنفسهم.

قال ابن جريج : أخبرني داود بن أبي عاصم قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم بصدقة ، فقسمها هاهنا وهاهنا حتى ذهبت. قال : ووراءه رجل من األنصار فقال : ما

هذا بالعدل ؟ فنزلت هذه اآلية. وقال قتادة في قوله : } ومنهم من يلمزك في الصدقات { يقول : ومنهم من يطعن

( البادية حديث عهد بأعرابية ، أتى2عليك في الصدقات. وذكر لنا أن رجال من ]أهل[ ) ( الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم ذهبا وفضة ، فقال : يا محمد ، والله3رسول )

لئن كان الله أمرك أن تعدل ، ما عدلت. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : "ويلك فمن ذا يعدل عليك بعدي". ثم قال نبي الله : "احذروا هذا وأشباهه ، فإن في أمتي

( تراقيهم ، فإذا خرجوا فاقتلوهم ، ثم إذا4أشباه هذا ، يقرءون القرآن ال يجاوز )

Page 138: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم". وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلمكان يقول : "والذي نفسي بيده ما أعطيكم شيئا وال أمنعكموه ، إنما أنا خازن".

(5وهذا الذي ذكره قتادة شبيه بما رواه الشيخان من حديث الزهري ، عن أبي سلمة ) عن أبي سعيد في قصة ذي الخويصرة - واسمه حرقوص - لما اعترض على النبي

صلى الله عليه وسلم حين قسم غنائم حنين ، فقال له : اعدل ، فإنك لم تعدل. فقال : "لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد

( إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يحقر أحدكم صالته مع صالتهم ، وصيامه6رآه مقفيا )ة ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، مي مع صيامهم ، يمرقون من الدين مروق السهم من الر

(7فإنهم شر قتلى تحت أديم السماء" وذكر بقية الحديث )هم رضوا ما ها لهم على ما هو خير من ذلك لهم ، فقال : } ولو أن ثم قال تعالى منب

ه ا إلى الل ه من فضله ورسوله إن ه سيؤتينا الل ه ورسوله وقالوا حسبنا الل آتاهم الل راغبون { فتضمنت هذه اآلية الكريمة أدبا عظيما وسرا شريفا ، حيث جعل الرضا بماه { وكذلك آتاه الله ورسوله والتوكل على الله وحده ، وهو قوله : } وقالوا حسبنا الل

الرغبة إلى الله وحده في التوفيق لطاعة الرسول وامتثال أوامره ، وترك زواجره ،وتصديق أخباره ، واالقتفاء بآثاره.

__________( في ت : "المبهمون".1)( زيادة من ت ، ك ، أ.2)( في أ : "نبي".3)( في ت : "ال يتجاوز"4)( في ت ، أ : "أبي سالم".5)( في ت ، أ : "مقتفيا".6)(.1064( وصحيح مسلم برقم )3610( صحيح البخاري برقم )7)

(4/164)

قاب فة قلوبهم وفي الر ما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤل إنه عليم حكيم ) بيل فريضة من الله والل ه وابن الس ( 60والغارمين وفي سبيل الل

قاب فة قلوبهم وفي الر ما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤل } إنه عليم حكيم ) بيل فريضة من الله والل ه وابن الس ( {60والغارمين وفي سبيل الل

( تعالى اعتراض المنافقين الجهلة على النبي صلى الله عليه وسلم1لما ذكر ]الله[ ) ولمزهم إياه في قسم الصدقات ، بين تعالى أنه هو الذي قسمها وبين حكمها ، وتولى أمرها بنفسه ، ولم يكل قسمها إلى أحد غيره ، فجزأها لهؤالء المذكورين ، كما رواه اإلمام أبو داود في سننه من حديث عبد الرحمن بن زياد بن أنعم - وفيه ضعف - عن

زياد بن نعيم ، عن زياد بن الحارث الصدائي ، رضي الله عنه ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته ، فأتى رجل فقال : أعطني من الصدقة فقال له : "إن الله لم

يرض بحكم نبي وال غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو ، فجزأها ثمانية أصناف ، ( وقد اختلف العلماء في هذه األصناف الثمانية :2فإن كنت من تلك األجزاء أعطيتك" )

Page 139: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

هل يجب استيعاب الدفع إليها أو إلى ما أمكن منها ؟ على قولين : أحدهما : أنه يجب ذلك ، وهو قول الشافعي وجماعة.

والثاني : أنه ال يجب استيعابها ، بل يجوز الدفع إلى واحد منها ، ويعطى جميع الصدقة مع وجود الباقين. وهو قول مالك وجماعة من السلف والخلف ، منهم : عمر ،

وحذيفة ، وابن عباس ، وأبو العالية ، وسعيد بن جبير ، وميمون بن مهران. قال ابن جرير : وهو قول عامة أهل العلم ، وعلى هذا فإنما ذكرت األصناف هاهنا لبيان

المصرف ال لوجوب استيعاب اإلعطاء.ولوجوه الحجاج والمآخذ مكان غير هذا ، والله أعلم.

وإنما قدم الفقراء هاهنا ألنهم أحوج من البقية على المشهور ، لشدة فاقتهم وحاجتهم ، وعند أبي حنيفة أن المسكين أسوأ حاال من الفقير ، وهو كما قال ، قال ابن

ة ، أنبأنا ابن عون ، عن محمد قال : قال عمر ، جرير : حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علي رضي الله عنه : الفقير ليس بالذي ال مال له ، ولكن الفقير األخلق الكسب. قال ابن

(3علية : األخلق : المحارف عندنا ) والجمهور على خالفه. وروي عن ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن البصري ، وابن زيد.

واختار ابن جرير وغير واحد أن الفقير : هو المتعفف الذي ال يسأل الناس شيئا ،والمسكين : هو الذي يسأل ويطوف ويتبع الناس.

وقال قتادة : الفقير : من به زمانة ، والمسكين : الصحيح الجسم.__________

( زيادة من ت.1)(1630( سنن أبي داود برقم )2)(.14/308( تفسير الطبري )3)

(4/165)

وقال الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم : هم فقراء المهاجرين. قال سفيان الثوري :يعني : وال يعطى األعراب منها شيئا.

وكذا روي عن سعيد بن جبير ، وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزى. وقال عكرمة : ال تقولوا لفقراء المسلمين مساكين ، وإنما المساكين مساكين أهل

الكتاب.ولنذكر أحاديث تتعلق بكل من األصناف الثمانية.

( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ال1فأما "الفقراء" ، فعن ابن عمرو )ة سوي". رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ) (2تحل الصدقة لغني وال لذي مر

(3وألحمد أيضا ، والنسائي ، وابن ماجه عن أبي هريرة ، مثله ) وعن عبيد الله بن عدي بن الخيار : أن رجلين أخبراه : أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم يسأالنه من الصدقة ، فقلب إليهما البصر ، فرآهما جلدين ، فقال : "إن شئتما

أعطيتكما ، وال حظ فيها لغني وال لقوي مكتسب".( بإسناد جيد قوي.4رواه أحمد ، وأبو داود ، والنسائي )

وقال ابن أبي حاتم في كتاب الجرح ]والتعديل : أبو بكر العبسي قال : قرأ عمر ،ما الصدقات للفقراء { قال : هم أهل الكتاب[ ) ( روى عنه عمر5رضي الله عنه : } إن

Page 140: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(6بن نافع ، سمعت أبي يقول ذلك ) قلت : وهذا قول غريب جدا بتقدير صحة اإلسناد ، فإن أبا بكر هذا ، وإن لم ينص أبو

حاتم على جهالته ، لكنه في حكم المجهول. وأما المساكين : فعن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم قال : "ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس ، فترده اللقمة ( يا رسول الله ؟ قال : "الذي7واللقمتان ، والتمرة والتمرتان". قالوا : فما المسكين )

ال يجد غنى يغنيه ، وال يفطن له فيتصدق عليه ، وال يسأل الناس شيئا".(8رواه الشيخان : البخاري ومسلم )

__________( في ت ، ك ، أ : "بن عمر".1)(.652( وسنن الترمذي برقم )1634( وسنن أبي داود برقم )2/164( المسند )2)(.1839( وسنن ابن ماجه برقم )5/99( وسنن النسائي )2/377( المسند )3)(.5/99( وسنن النسائي )1633( وسنن أبي داود برقم )4/224( المسند )4)( زيادة من ت ، ك ، أ.5)( وقد وقع سقط هناك.9/341( الجرح والتعديل )6)( في أ : "المساكين".7)(.1039( وصحيح مسلم برقم )1479( صحيح البخاري برقم )8)

(4/166)

وأما العاملون عليها : فهم الجباة والسعاة يستحقون منها قسطا على ذلك ، وال يجوز أن يكونوا من أقرباء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين تحرم عليهم الصدقة ، لما ثبت في صحيح مسلم عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث : أنه انطلق هو والفضل بن عباس يسأالن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعملهما على الصدقة ، فقال :

(1"إن الصدقة ال تحل لمحمد وال آلل محمد ، إنما هي أوساخ الناس" ) وأما المؤلفة قلوبهم : فأقسام : منهم من يعطى ليسلم ، كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم صفوان بن أمية من غنائم حنين ، وقد كان شهدها مشركا. قال : فلم يزل

يعطيني حتى صار أحب الناس إلي بعد أن كان أبغض الناس إلي ، كما قال اإلمام أحمد :

( ابن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، عن سعيد بن2حدثنا زكريا بن عدي ، أنا ) المسيب ، عن صفوان بن أمية قال : أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم

حنين ، وإنه ألبغض الناس إلي ، فما زال يعطيني حتى صار وإنه ألحب الناس إلي.(3ورواه مسلم والترمذي ، من حديث يونس ، عن الزهري ، به )

ومنهم من يعطى ليحسن إسالمه ، ويثبت قلبه ، كما أعطى يوم حنين أيضا جماعة من صناديد الطلقاء وأشرافهم : مائة من اإلبل ، مائة من اإلبل وقال : "إني ألعطي الرجل

ه الله على وجهه في نار جهنم" ) (4وغيره أحب إلي منه ، مخافة أن يكب وفي الصحيحين عن أبي سعيد : أن عليا بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة

في تربتها من اليمن فقسمها بين أربعة نفر : األقرع بن حابس ، وعيينة بن بدر ،(5وعلقمة بن عالثة ، وزيد الخير ، وقال : "أتألفهم" )

Page 141: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ومنهم من يعطى لما يرجى من إسالم نظرائه. ومنهم من يعطى ليجبي الصدقات ممن ( أطراف البالد. ومحل تفصيل هذا6يليه ، أو ليدفع عن حوزة المسلمين الضرر من )

في كتب الفروع ، والله أعلم. وهل تعطى المؤلفة على اإلسالم بعد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فيه خالف ، فروي

عن عمر ، وعامر الشعبي وجماعة : أنهم ال يعطون بعده ؛ ألن الله قد أعز اإلسالموأهله ، ومكن لهم في البالد ، وأذل لهم رقاب العباد.

( قد أعطاهم بعد فتح مكة7وقال آخرون : بل يعطون ؛ ألنه عليه الصالة والسالم )وكسر هوازن ،

__________(.1072( صحيح مسلم برقم )1)( في ك : "أخبرنا".2)(.666( وسنن الترمذي برقم )2313( وصحيح مسلم برقم )6/465( المسند )3)( من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.1478( صحيح البخاري برقم )4)(.1064( وصحيح مسلم برقم )3344( صحيح البخاري برقم )5)( في أ : "في".6)( في أ : "صلى الله عليه وسلم".7)

(4/167)

وهذا أمر قد يحتاج إليه فيصرف إليهم. وأما الرقاب : فروي عن الحسن البصري ، ومقاتل بن حيان ، وعمر بن عبد العزيز ،

خعي ، والزهري ، وابن زيد : أنهم المكاتبون ، وروي عن أبي وسعيد بن جبير ، والنموسى األشعري نحوه ، وهو قول الشافعي والليث.

وقال ابن عباس ، والحسن : ال بأس أن تعتق الرقبة من الزكاة ، وهو مذهب اإلمام أحمد بن حنبل ، ومالك ، وإسحاق ، أي : إن الرقاب أعم من أن يعطى المكاتب ، أو يشتري رقبة فيعتقها استقالال. وقد ورد في ثواب اإلعتاق وفك الرقبة أحاديث كثيرة ،وأن الله يعتق بكل عضو منها عضوا من معتقها حتى الفرج بالفرج ، وما ذاك إال ألن )

[39( الجزاء من جنس العمل ، } وما تجزون إال ما كنتم تعملون { ]الصافات : 1 وعن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ثالثة حق على الله عونهم : الغازي في سبيل الله ، والمكاتب الذي يريد األداء ، والناكح الذي

يريد العفاف".(2رواه اإلمام أحمد وأهل السنن إال أبا داود )

ني على وفي المسند عن البراء بن عازب قال : جاء رجل فقال : يا رسول الله ، دل عمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار. فقال : "أعتق النسمة وفك الرقبة". فقال : يا رسول الله ، أو ليسا واحدا ؟ قال : "ال عتق النسمة أن تفرد بعتقها ، وفك الرقبة أن

(3تعين في ثمنها" ) وأما الغارمون : فهم أقسام : فمنهم من تحمل حمالة أو ضمن دينا فلزمه فأجحف

بماله ، أو غرم في أداء دينه أو في معصية ثم تاب ، فهؤالء يدفع إليهم. واألصل في هذا (4الباب حديث قبيصة بن مخارق الهاللي قال : تحملت حمالة فأتيت رسول الله )

Page 142: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

صلى الله عليه وسلم أسأله فيها ، فقال : "أقم حتى تأتينا الصدقة ، فنأمر لك بها". قال : ثم قال : "يا قبيصة ، إن المسألة ال تحل إال ألحد ثالثة : رجل تحمل حمالة فحلت

له المسألة حتى يصيبها ، ثم يمسك. ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله ، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش : أو قال : سدادا من عيش - ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثالثة من ذوي الحجا من قومه ، فيقولون : لقد أصابت فالنا فاقة فحلت له

المسألة ، حتى يصيب قواما من عيش - أو قال سدادا من عيش - فما سواهن من(5المسألة سحت ، يأكلها صاحبها سحتا". رواه مسلم )

__________( في ت : "أن".1) ( وسنن6/61( وسنن النسائي )1655( وسنن الترمذي برقم )2/251( المسند )2)

( وقال الترمذي : "هذا حديث حسن".2518ابن ماجه برقم )(.4/299( المسند )3)( في ت : "النبي".4)(.1044)1( صحيح مسلم برقم 5)

(4/168)

وعن أبي سعيد قال : أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ( تصدقوا عليه". فتصدق1ابتاعها ، فكثر دينه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم )

( فلم يبلغ ذلك وفاء دينه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لغرمائه : "خذوا2الناس )(3ما وجدتم ، وليس لكم إال ذلك". رواه مسلم )

وقال اإلمام أحمد : حدثنا عبد الصمد ، أنبأنا صدقة بن موسى ، عن أبي عمران الجوني ( عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال : قال4، عن قيس بن زيد عن قاضي المصرين )

رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يدعو الله بصاحب الدين يوم القيامة حتى يوقف بين يديه ، فيقول : يا بن آدم ، فيم أخذت هذا الدين ؟ وفيم ضيعت حقوق الناس ؟

فيقول : يا رب ، إنك تعلم أني أخذته فلم آكل ولم أشرب ولم أضيع ، ولكن أتى على يدي إما حرق وإما سرق وإما وضيعة. فيقول الله : صدق عبدي ، أنا أحق من قضى عنك اليوم. فيدعو الله بشيء فيضعه في كفة ميزانه ، فترجح حسناته على سيئاته ،

(5فيدخل الجنة بفضل الله ورحمته" ) وأما في سبيل الله : فمنهم الغزاة الذين ال حق لهم في الديوان ، وعند اإلمام أحمد ،

والحسن ، وإسحاق : والحج من سبيل الله ، للحديث. وكذلك ابن السبيل : وهو المسافر المجتاز في بلد ليس معه شيء يستعين به على

سفره ، فيعطى من الصدقات ما يكفيه إلى بلده وإن كان له مال. وهكذا الحكم فيمن أراد إنشاء سفر من بلده وليس معه شيء ، فيعطى من مال الزكاة كفايته في ذهابه وإيابه. والدليل على ذلك اآلية ، وما رواه اإلمام أبو داود وابن ماجه من حديث معمر ،

عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ال تحل الصدقة لغني إال لخمسة : العامل عليها ، أو رجل اشتراها بماله ، أو غارم ، أو غاز في سبيل الله ، أو مسكين تصدق عليه منها

(6فأهدى لغني" )

Page 143: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وقد رواه السفيانان ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء مرسال. وألبي داود عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ال تحل

(7الصدقة لغني إال في سبيل الله ، وابن السبيل ، أو جار فقير فيهدي لك أو يدعوك" )ه8وقوله : } فريضة من الله { أي حكما مقدرا بتقدير الله وفرضه وقسمه ) ( } والل

عليم حكيم { أي : عليم بظواهر األمور وبواطنها وبمصالح عباده ، } حكيم { فيمايفعله ويقوله ويشرعه ويحكم به ،

__________( في أ : "فقال صلى الله عليه وسلم لغرمائه".1)( في أ : "الناس عليه".2)(.1556( صحيح مسلم برقم )3)( في أ : "المصريين".4)(.198 ، 1/197( المسند )5)(.1841( وسنن ابن ماجه برقم )1635( سنن أبي داود برقم )6)( وعطية العوفي ضعيف.1637( سنن أبي داود برقم )7)( في ت ، أ : "وقسمته".8)

(4/169)

ه ويؤمن بي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالل ذين يؤذون الن ومنهم اله لهم عذاب أليم ) ذين يؤذون رسول الل ذين آمنوا منكم وال ( 61للمؤمنين ورحمة لل

ال إله إال هو ، وال رب سواه.بي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن ذين يؤذون الن } ومنهم ال

ه لهم عذاب أليم ) ذين يؤذون رسول الل ذين آمنوا منكم وال ( {61للمؤمنين ورحمة لل يقول تعالى : ومن المنافقين قوم يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكالم فيه ويقولون : } هو أذن { أي : من قال له شيئا صدقه ، ومن حدثه فينا صدقه ، فإذا جئنا وحلفنا له صدقنا. روي معناه عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة. قال الله تعالى : } قل

ه ويؤمن أذن خير لكم { أي : هو أذن خير ، يعرف الصادق من الكاذب ، } يؤمن باللذين آمنوا منكم { أي : وهو حجة على للمؤمنين { أي : ويصدق المؤمنين ، } ورحمة لل

ه لهم عذاب أليم {. ذين يؤذون رسول الل الكافرين ؛ ولهذا قال : } وال

(4/170)

ه ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين ) ه لكم ليرضوكم والل ( ألم62يحلفون باللم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم ) ه ورسوله فأن له نار جهن ه من يحادد الل (63يعلموا أنئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله ل عليهم سورة تنب يحذر المنافقون أن تنز

( 64مخرج ما تحذرون )

Page 144: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين ) ه لكم ليرضوكم والل (62} يحلفون باللم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم ) ه ورسوله فأن له نار جهن ه من يحادد الل ألم يعلموا أن

63} )ه لكم ليرضوكم { اآلية ، قال : ذكر لنا أن قال قتادة في قوله تعالى : } يحلفون بالل رجال من المنافقين قال : والله إن هؤالء لخيارنا وأشرافنا ، وإن كان ما يقول محمد

حقا ، لهم شر من الحمير. قال : فسمعها رجل من المسلمين فقال : والله إن ما يقول ( صلى الله1محمد لحق ، وألنت أشر من الحمار. قال : فسعى بها الرجل إلى النبي )

عليه وسلم فأخبره ، فأرسل إلى الرجل فدعاه فقال : "ما حملك على الذي قلت ؟" فجعل يلتعن ، ويحلف بالله ما قال ذلك. وجعل الرجل المسلم يقول : اللهم صدق

ه لكم ليرضوكم والله الصادق وكذب الكاذب. فأنزل الله ، عز وجل : } يحلفون باللورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين {

م خالدا فيها { ) ه ورسوله فأن له نار جهن ه من يحادد الل وقوله تعالى : } ألم يعلموا أن ( الله ، أي : شاقه وحاربه وخالفه ، وكان3( أي : ألم يتحققوا ويعلموا أنه من حاد )2

في حد والله ورسوله في حد } فأن له نار جهنم خالدا فيها { أي : مهانا معذبا ، } ذلكالخزي العظيم { أي : وهذا هو الذل العظيم ، والشقاء الكبير.

ه ئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الل } يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنب( {64مخرج ما تحذرون )

قال مجاهد : يقولون القول بينهم ، ثم يقولون : عسى الله أال يفشي علينا سرنا هذا.ه ويقولون في ك به الل وك بما لم يحي وهذه اآلية شبيهة بقوله تعالى : } وإذا جاءوك حي

م يصلونها فبئس المصير { ]المجادلة : ه بما نقول حسبهم جهن أنفسهم لوال يعذبنا الل8]

__________( في أ : "نبي الله".1)( في ت : "تعلموا".2)( في أ : "يحاد".3)

(4/170)

ا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ) ما كن ولئن سألتهم ليقولن إنهم65 ( ال تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأن

( 66كانوا مجرمين )

وقال في هذه اآلية : } قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون { أي : إن الله سينزلذين في1على رسوله ما يفضحكم به ، ويبين له ) ( أمركم كما قال : } أم حسب ال

هم في لحن القول ه أضغانهم { إلى قوله : } ولتعرفن قلوبهم مرض أن لن يخرج الله يعلم أعمالكم { ]محمد : ( ؛ ولهذا قال قتادة : كانت تسمى هذه2[ )30 ، 29والل

السورة "الفاضحة" ، فاضحة المنافقين.ه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ا نخوض ونلعب قل أبالل ما كن } ولئن سألتهم ليقولن إن

هم65) ( ال تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأن

Page 145: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( {66كانوا مجرمين ) ( عن محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا : قال رجل من3قال أبو معشر المديني )

المنافقين : ما أرى قراءنا هؤالء إال أرغبنا بطونا ، وأكذبنا ألسنة ، وأجبننا عند اللقاء. فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء إلى رسول الله وقد ارتحل وركب ناقته ، فقال : يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب. فقال : } أبالله وآياته

( الحجارة4ورسوله كنتم تستهزئون { إلى قوله : } مجرمين { وإن رجليه لتنسفان ) وما يلتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو متعلق بنسعة رسول الله صلى

الله عليه وسلم. وقال عبد الله بن وهب : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عبد الله بن

( ما رأيت مثل قرائنا هؤالء ، أرغب5عمر قال : قال رجل في غزوة تبوك في مجلس ) بطونا ، وال أكذب ألسنا ، وال أجبن عند اللقاء. فقال رجل في المسجد : كذبت ، ولكنك

منافق. ألخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن. قال عبد الله بن عمر : وأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول

( وهو يقول : يا رسول الله ، إنما كنا7( الحجارة )6الله صلى الله عليه وسلم تنكبه ) نخوض ونلعب. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : } أبالله وآياته ورسوله كنتم

تستهزئون ال تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم {.(8وقد رواه الليث ، عن هشام بن سعد ، بنحو من هذا )

وقال ابن إسحاق : وقد كان جماعة من المنافقين منهم وديعة بن ثابت ، أخو بني أمية بن زيد ، من بني عمرو بن عوف ، ورجل من أشجع حليف لبني سلمة يقال له :

( بن حمير يشيرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى9مخشن ) تبوك ، فقال بعضهم لبعض : أتحسبون جالد بني األصفر كقتال العرب بعضهم بعضا ؟

(10والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال ، إرجافا وترهيبا للمؤمنين ، فقال مخشن )__________

( في أ : "لكم".1)( في أ : "إسرارهم" وهو خطأ.2)( في أ : "المعدني".3)( في هـ : "ليسفعان" ، وفي أ : "ليشفعان" والمثبت من الطبري.4)( في ت ، أ : "مجلس يوما".5)( في ت ، أ : "يركبه".6)( في ت : "بالحجارة".7)(.334 ، 14/333( رواه الطبري في تفسير )8)( في أ : "مخشي".9)( في أ : "مخشي".10)

(4/171)

المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروفه فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون ) ( وعد الله67ويقبضون أيديهم نسوا الل

Page 146: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه ولهم م خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الل المنافقين والمنافقات والكفار نار جهن( 68عذاب مقيم )

بن حمير : والله لوددت أني أقاضى على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة ، وإما ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما

بلغني - لعمار بن ياسر : "أدرك القوم ، فإنهم قد احترقوا ، فسلهم عما قالوا ، فإن أنكروا فقل : بلى ، قلتم كذا وكذا". فانطلق إليهم عمار ، فقال ذلك لهم ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه ، فقال وديعة بن ثابت ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على راحلته ، فجعل يقول وهو آخذ بحقبها : يا رسول الله ، إنما كنا

ا نخوض ما كن نخوض ونلعب ، ]فأنزل الله ، عز وجل : } ولئن سألتهم ليقولن إن ( بن حمير : يا رسول الله ، قعد بي اسمي واسم أبي.2( فقال مخشن )1ونلعب { [ )

( عبد الرحمن ،4( بن حمير ، فتسمى )3فكان الذي عفى عنه في هذه اآلية مخشن )( شهيدا ال يعلم بمكانه ، فقتل يوم اليمامة ، فلم يوجد له أثر )5وسأل الله أن يقتل )

6)ا نخوض ونلعب { قال : فبينما النبي صلى ما كن وقال قتادة : } ولئن سألتهم ليقولن إن

الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، وركب من المنافقين يسيرون بين يديه ، فقالوا : يظن هذا أن يفتح قصور الروم وحصونها. هيهات هيهات. فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ما قالوا ، فقال : "علي بهؤالء النفر". فدعاهم ، فقال : "قلتم كذا

وكذا". فحلفوا ما كنا إال نخوض ونلعب. وقال عكرمة في تفسير هذه اآلية : كان رجل ممن إن شاء الله عفا عنه يقول :

اللهم ، إني أسمع آية أنا أعنى بها ، تقشعر منها الجلود ، وتجيب منها القلوب ، اللهم ، فاجعل وفاتي قتال في سبيلك ، ال يقول أحد : أنا غسلت ، أنا كفنت ، أنا دفنت ، قال :

(7فأصيب يوم اليمامة ، فما أحد من المسلمين إال وقد وجد غيره ) وقوله : } ال تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم { أي : بهذا المقال الذي استهزأتم به } إن

نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة { أي : ال يعفى عن جميعكم ، وال بد من عذابهم كانوا مجرمين { أي : مجرمين بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة. بعضكم ، } بأن } المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف

ه فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون ) ( وعد الله67ويقبضون أيديهم نسوا الله ولهم م خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الل المنافقين والمنافقات والكفار نار جهن

( {68عذاب مقيم ) يقول تعالى منكرا على المنافقين الذين هم على خالف صفات المؤمنين ، ولما كان

( يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، كان هؤالء } يأمرون بالمنكر8المؤمنون )ه وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم { أي : عن اإلنفاق في سبيل الله ، } نسوا الل

{ أي : نسوا ذكر الله ، } فنسيهم { أي : عاملهم__________

( زيادة من ت ، أ ، وسيرة ابن هشام.1)( في أ : "مخشي".2)( في أ : "مخشي"3)( في أ : "فسمى".4)( في أ : "أن يقتله".5)(.2/524( السيرة النبوية البن هشام )6)

Page 147: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في أ : "عبرة".7)( في ك : "المؤمنين" وهو خطأ.8)

(4/172)

معاملة من نسيهم ، كقوله تعالى : } وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا { ( } إن المنافقين هم الفاسقون { أي : الخارجون عن طريق الحق ،1[ )34]الجاثية :

الداخلون في طريق الضاللة.م { أي : على هذا الصنيع ه المنافقين والمنافقات والكفار نار جهن وقوله : } وعد الل

الذي ذكر عنهم ، } خالدين فيها { أي : ماكثين فيها مخلدين ، هم والكفار ، } هيه { أي : طردهم وأبعدهم ، } ولهم حسبهم { أي : كفايتهم في العذاب ، } ولعنهم الل

عذاب مقيم {.__________

( في ت ، ك ، أ : "فاليوم" وهو خطأ.1)

(4/173)

ذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أمواال وأوالدا فاستمتعوا بخالقهم كالذي خاضوا أولئك ذين من قبلكم بخالقهم وخضتم كال فاستمتعتم بخالقكم كما استمتع ال

( 69حبطت أعمالهم في الدنيا واآلخرة وأولئك هم الخاسرون )

ذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أمواال وأوالدا فاستمتعوا بخالقهم } كالذي خاضوا أولئك ذين من قبلكم بخالقهم وخضتم كال فاستمتعتم بخالقكم كما استمتع ال

( {69حبطت أعمالهم في الدنيا واآلخرة وأولئك هم الخاسرون ) يقول تعالى : أصاب هؤالء من عذاب الله في الدنيا واآلخرة كما أصاب من قبلهم ، وقد كانوا أشد منهم قوة وأكثر أمواال وأوالدا ، } فاستمتعوا بخالقهم { قال الحسن البصري

ذي خاضوا { أي : في ذين من قبلكم بخالقهم وخضتم كال : بدينهم ، } كما استمتع ال الكذب والباطل ، } أولئك حبطت أعمالهم { أي : بطلت مساعيهم ، فال ثواب لهم

عليها ألنها فاسدة } في الدنيا واآلخرة وأولئك هم الخاسرون { ؛ ألنهم لم يحصل لهمعليها ثواب.

ذين قال ابن جريج عن عمر بن عطاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : } كالذين من قبلكم { من قبلكم { اآلية ، قال ابن عباس : ما أشبه الليلة بالبارحة ، } كال

هؤالء بنو إسرائيل ، شبهنا بهم ، ال أعلم إال أنه قال : "والذي نفسي بيده ، لتتبعنهمحتى لو دخل الرجل منهم جحر ضب لدخلتموه".

( بن مهاجر ، عن سعيد1قال ابن جريج : وأخبرني زياد بن سعد ، عن محمد بن زيد ) بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى

الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده ، لتتبعن سنن الذين من قبلكم ، شبرا بشبر ، وذراعا بذراع ، وباعا بباع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه". قالوا : ومن هم يا

Page 148: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(2رسول الله ؟ أهل الكتاب ؟ قال : "فمه" ) وهكذا رواه أبو معشر ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه

ذين من قبلكم وسلم ، فذكره وزاد : قال أبو هريرة : اقرءوا إن شئتم القرآن. } كال كانوا أشد منكم قوة وأكثر أمواال وأوالدا فاستمتعوا بخالقهم فاستمتعتم بخالقكم كما

ذي ذين من قبلكم بخالقهم { قال أبو هريرة : الخالق : الدين. } وخضتم كال استمتع ال خاضوا { قالوا : يا رسول الله ، كما صنعت فارس والروم ؟ قال : "فهل الناس إال

(3هم" )__________

( في ت : "زياد".1)(.14/342( رواه الطبري في تفسيره )2)(.14/341( رواه الطبري في تفسيره )3)

(4/173)

ذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين ألم يأتهم نبأ اله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون نات فما كان الل والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبي

( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر70)ه ه إن الل ه ورسوله أولئك سيرحمهم الل كاة ويطيعون الل ويقيمون الصالة ويؤتون الز

( 71عزيز حكيم )

(1وهذا الحديث له شاهد في الصحيح )ذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين } ألم يأتهم نبأ ال

ه ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون نات فما كان الل والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبي(70} )

ذين من قبلهم يقول تعالى واعظا لهؤالء المنافقين المكذبين للرسل : } ألم يأتهم نبأ ال { أي : ألم تخبروا خبر من كان قبلكم من األمم المكذبة للرسل } قوم نوح { وما أصابهم من الغرق العام لجميع أهل األرض ، إال من آمن بعبده ورسوله نوح ، عليه

السالم ، } وعاد { كيف أهلكوا بالريح العقيم ، لما كذبوا هودا ، عليه السالم ، } وثمود { كيف أخذتهم الصيحة لما كذبوا صالحا ، عليه السالم ، وعقروا الناقة ، } وقوم

إبراهيم { كيف نصره الله عليهم وأيده بالمعجزات الظاهرة عليهم ، وأهلك ملكهم النمروذ بن كنعان بن كوش الكنعاني لعنه الله ، } وأصحاب مدين { وهم قوم شعيب ،

( الظلة ،3( الرجفة والصيحة وعذاب يوم )2عليه السالم ، وكيف أصابتهم ) } والمؤتفكات { قوم لوط ، وقد كانوا يسكنون في مدائن ، وقال في اآلية األخرى : }

، [ أي : األمة المؤتفكة ، وقيل : أم قراهم ، وهي53والمؤتفكة أهوى { ]النجم : "سدوم". والغرض : أن الله تعالى أهلكهم عن آخرهم بتكذيبهم نبي الله لوطا ، عليه

السالم ، وإتيانهم الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين.نات { أي : بالحجج والدالئل القاطعات ، } فما كان الله } أتتهم رسلهم بالبي

ليظلمهم { أي : بإهالكه إياهم ؛ ألنه أقام عليهم الحجة بإرسال الرسل وإزاحة العلل } ولكن كانوا أنفسهم يظلمون { أي : بتكذيبهم الرسل ومخالفتهم الحق ، فصاروا إلى

Page 149: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ما صاروا إليه من العذاب والدمار. } والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكره ه إن الل ه ورسوله أولئك سيرحمهم الل كاة ويطيعون الل ويقيمون الصالة ويؤتون الز

( {71عزيز حكيم ) ( تعالى صفات المنافقين الذميمة ، عطف بذكر صفات المؤمنين4لما ذكر ]الله[ )

المحمودة ، فقال : } بعضهم أولياء بعض { أي : يتناصرون ويتعاضدون ، كما جاء في ( وفي6( بعضا" وشبك بين أصابعه )5الصحيح : "المؤمن للمؤمن كالبنان يشد بعضه )

الصحيح أيضا : "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم ، كمثل الجسد الواحد ، إذا(7اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" )

__________ ( من طريق محمد بن أبي ذئب عن سعيد7319( في صحيح البخاري برقم )1)

المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه.( في ت ، أ : "أصابهم".2)( في ت ، أ : "تلك".3)( زيادة من ك.4)( في ت : "بعضهم".5) ( من حديث أبي موسى2585( وصحيح مسلم برقم )481( صحيح البخاري برقم )6)

األشعري رضي الله عنه. ( من حديث النعمان بن2586( وصحيح مسلم برقم )6011( صحيح البخاري برقم )7)

بشير رضي الله عنه.

(4/174)

بة ات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها ومساكن طي ه المؤمنين والمؤمنات جن وعد اللات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ) ( 72في جن

وقوله : } يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر { كما قال تعالى : } ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون { ]آل

[104عمران : كاة { أي : يطيعون الله ويحسنون إلى وقوله تعالى : } ويقيمون الصالة ويؤتون الز

ه ورسوله { أي : فيما أمر ، وترك ما عنه زجر ، } أولئك خلقه ، } ويطيعون الله عزيز حكيم { ه { أي : سيرحم الله من اتصف بهذه الصفات ، } إن الل سيرحمهم الل

أي : عزيز ، من أطاعه أعزه ، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، } حكيم { في قسمته هذه الصفات لهؤالء ، وتخصيصه المنافقين بصفاتهم المتقدمة ، فإن له الحكمة

في جميع ما يفعله ، تبارك وتعالى.ات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها ومساكن ه المؤمنين والمؤمنات جن } وعد الل

ات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ) بة في جن ( {72طيات يخبر تعالى بما أعده للمؤمنين به والمؤمنات من الخيرات والنعيم المقيم في } جنبة { أي : تجري من تحتها األنهار خالدين فيها { أي : ماكثين فيها أبدا ، } ومساكن طي

Page 150: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

حسنة البناء ، طيبة القرار ، كما جاء في الصحيحين من حديث أبي عمران الجوني ، عن أبي بكر بن أبي موسى عبد الله بن قيس األشعري ، عن أبيه قال : قال رسول

الله صلى الله عليه وسلم : "جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إال رداء الكبرياء على وجهه

(1في جنة عدن" ) وبه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن للمؤمن في الجنة لخيمة من

لؤلؤة واحدة مجوفة ، طولها ستون ميال في السماء ، للمؤمن فيها أهلون يطوف(2عليهم ، ال يرى بعضهم بعضا" أخرجاه )

وفي الصحيحين أيضا ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( حقا على الله أن3"من آمن بالله ورسوله ، وأقام الصالة وصام رمضان ، فإن )

يدخله الجنة ، هاجر في سبيل الله ، أو جلس في أرضه التي ولد فيها". قالوا : يا رسول الله ، أفال نخبر الناس ؟ قال : "إن في الجنة مائة درجة ، أعدها الله للمجاهدين

في سبيله ، بين كل درجتين كما بين السماء واألرض ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ، فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ، ومنه تفجر أنهار الجنة ، وفوقه عرش

(4الرحمن" ) وعند الطبراني والترمذي وابن ماجه ، من رواية زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ،

عن معاذ بن جبل ، رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول...(5فذكر مثله )

(6وللترمذي عن عبادة بن الصامت ، مثله )__________

(.180( وصحيح مسلم برقم )4878( صحيح البخاري برقم )1)(.2838( وصحيح مسلم برقم )4879( صحيح البخاري برقم )2)( في ت ، ك ، أ : "كان".3) ( من طريق فليح عن هالل ، عن عطاء بن يسار ، عن7423( صحيح البخاري برقم )4)

أبي هريرة رضي الله عنه. ( وعند ابن ماجه القطعة2530( وسنن الترمذي برقم )20/158( المعجم الكبير )5)

( ، وقد أشار الحافظ إلى االختالف على عطاء بن يسار.4331الثانية منه برقم )(.2531( سنن الترمذي برقم )6)

(4/175)

( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :1وعن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ) "إن أهل الجنة ليتراءون الغرفة في الجنة ، كما تراؤون الكوكب في السماء". أخرجاه

(2في الصحيحين ) ( أن أعلى منزلة في الجنة مكان يقال له : "الوسيلة" لقربه من العرش ،3ثم ليعلم )

وهو مسكن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنة ، كما قال اإلمام أحمد ]بن(4حنبل[ )

حدثنا عبد الرازق ، أخبرنا سفيان ، عن ليث ، عن كعب ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إذا صليتم علي فسلوا الله لي الوسيلة" قيل : يا

Page 151: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

رسول الله ، وما الوسيلة ؟ قال : "أعلى درجة في الجنة ، ال ينالها إال رجل واحد ،(5وأرجو أن أكون أنا هو" )

وفي صحيح مسلم ، من حديث كعب بن علقمة ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ؛ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "إذا سمعتم

المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علي ، فإنه من صلى علي صالة صلى الله عليه بها عشرا ، ثم سلوا لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة ال تنبغي إال لعبد من عباد الله ،

(6وأرجو أنى أكون أنا هو ، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة يوم القيامة" ) ]وفي صحيح البخاري ، من حديث محمد بن المنكدر ، عن جابر قال : قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم : "من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصالة القائمة ، آت محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ، إال

(7حلت له الشفاعة يوم القيامة"[ ) وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا أحمد بن علي األبار ، حدثنا الوليد بن عبد الملك الحراني ، حدثنا موسى بن أعين ، عن ابن أبي ذئب ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "سلوا الله لي

الوسيلة ، فإنه لم يسألها لي عبد في الدنيا إال كنت له شهيدا - أو شفيعا - يوم القيامة"(8)

( أبي مجاهد الطائي ، عن أبي المدله ،9وفي مسند اإلمام أحمد ، من حديث سعد ) عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قلنا : يا رسول الله ، حدثنا عن الجنة ، ما

بناؤها ؟ قال : "لبنة ذهب ، ولبنة فضة ، ومالطها المسك ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وترابها الزعفران ، من يدخلها ينعم ال يبأس ، ويخلد ال يموت ، ال تبلى ثيابه وال يفنى

(10شبابه" )(11وروي عن ابن عمر مرفوعا ، نحوه )

__________( في ت : "سعيد".1)(.2830( وصحيح مسلم برقم )6555( صحيح البخاري برقم )2)( في ت : "لتعلم".3)( زيادة من ت ، أ.4)(.2/256( المسند )5)(.1384( صحيح مسلم برقم )6)(.614( زيادة من ت ، ك ، أ. وهو في صحيح البخاري برقم )7)( "مجمع البحرين".639( المعجم األوسط برقم )8)( في أ : "عن سعيد".9)(.2/304( المسند )10) ( من طريق عمر بن ربيعة عن الحسن96( رواه أبو نعيم في صفة الجنة برقم )11)

البصري عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعا نحو حديث أبي هريرة.

(4/176)

Page 152: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وعند الترمذي من حديث عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن في الجنة لغرفا

يرى ظهورها من بطونها ، وبطونها من ظهورها". فقام أعرابي فقال : يا رسول الله ، لمن هي ؟ فقال : "لمن طيب الكالم ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى بالليل

(1والناس نيام" )ثم قال : حديث غريب.

ورواه الطبراني ، من حديث عبد الله بن عمرو وأبي مالك األشعري ، كل منهما عن ( أن3( وكل من اإلسنادين جيد حسن ، وعنده )2النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه )السائل هو "أبو مالك" ، فالله أعلم.

وعن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أال هل مشمر إلى الجنة ؟ فإن الجنة ال خطر لها ، هي - ورب الكعبة - نور يتألأل وريحانة تهتز ، وقصر

مشيد ، ونهر مطرد ، وثمرة نضيجة ، وزوجة حسناء جميلة ، وحلل كثيرة ، ومقام في ) ( أبد ، في دار سليمة ، وفاكهة وخضرة وحبرة ونعمة في محلة عالية بهية". قالوا :4

نعم يا رسول الله ، نحن المشمرون لها ، قال : "قولوا : إن شاء الله". فقال القوم :(5إن شاء الله. رواه ابن ماجه )

ه أكبر { أي : رضا الله عنهم أكبر وأجل وأعظم مما وقوله تعالى : } ورضوان من الل هم فيه من النعيم ، كما قال اإلمام مالك ، رحمه الله ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء

بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن الله ، عز وجل ، يقول ألهل الجنة : يا أهل الجنة ، فيقولون : لبيك يا

ربنا وسعديك ، والخير في يدك. فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا ال نرضى يا رب ، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك. فيقول : أال أعطيكم أفضل من ذلك ؟

فيقولون : يا رب ، وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني فال(6أسخط عليكم بعده أبدا" أخرجاه من حديث مالك )

خامي ، حدثنا وقال أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي : حدثنا الفضل الر الفرياني ، عن سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا دخل أهل الجنة الجنة قال الله ، عز وجل : هلتشتهون شيئا فأزيدكم ؟ قالوا : يا ربنا ، ما خير مما أعطيتنا ؟ قال : رضواني أكبر".

__________(.2527( سنن الترمذي برقم )1)( أما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، فرواه أيضا اإلمام أحمد في مسنده )2)

( من طريق حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن2/173عمرو رضي الله عنهما. وأما حديث أبي مالك األشعري فهو في المعجم الكبير )

من سورة الزمر.20( وسيأتي عند تفسير اآلية : 3/301( في أ : "وعنه".3)( في ت : "ومقام به في".4) ( من طريق الضحاك المعافري ، عن سليمان بن4332( سنن ابن ماجه برقم )5)

( :3/325موسى ، عن كريب ، عن أسامة بن زيد به. وقال البوصيري في الزوائد )"هذا إسناد فيه مقال".

(.2829( وصحيح مسلم برقم )6549( صحيح البخاري برقم )6)

(4/177)

Page 153: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( وقال الحافظ الضياء المقدسي في1ورواه البزار في مسنده ، من حديث الثوري )كتابه "صفة الجنة" : هذا عندي على شرط الصحيح ، والله أعلم.

__________ ( من1/82( والحاكم في المستدرك )238( ورواه أبو نعيم في صفة الجنة برقم )1)

طريق محمد بن يوسف الفريابي به نحوه ، وقال الحاكم : "صحيح على شرطالشيخين ولم يخرجاه".

(4/178)

م وبئس المصير ) بي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهن ها الن (73يا أيه ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسالمهم وهموا بما لم ينالوا يحلفون بالل

وا ه ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتول وما نقموا إال أن أغناهم الله عذابا أليما في الدنيا واآلخرة وما لهم في األرض من ولي وال نصير ) ( 74يعذبهم الل

م وبئس المصير ) بي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهن ها الن } يا أي ( يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسالمهم وهموا بما لم73

ه ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن ينالوا وما نقموا إال أن أغناهم الله عذابا أليما في الدنيا واآلخرة وما لهم في األرض من ولي وال نصير ) وا يعذبهم الل يتول

74} ) أمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بجهاد الكفار والمنافقين والغلظة عليهم ، كما أمره بأن يخفض جناحه لمن اتبعه من المؤمنين ، وأخبره أن مصير الكفار والمنافقين إلى النار في الدار اآلخرة. وقد تقدم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال :

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعة أسياف ، سيف للمشركين : } فإذا [ وسيف للكفار أهل الكتاب :5انسلخ األشهر الحرم فاقتلوا المشركين { ]التوبة :

ه ورسوله وال م الل مون ما حر ذين ال يؤمنون بالله وال باليوم اآلخر وال يحر } قاتلوا الى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون { ذين أوتوا الكتاب حت يدينون دين الحق من ال

، التحريم :73[ وسيف للمنافقين : } جاهد الكفار والمنافقين { ]التوبة : 29]التوبة : ه { ]الحجرات : 9 ى تفيء إلى أمر الل تي تبغي حت [9[ وسيف للبغاة : } فقاتلوا ال

( إذا أظهروا النفاق ، وهو اختيار ابن جرير.1وهذا يقتضي أنهم يجاهدون بالسيوف ) وقال ابن مسعود في قوله تعالى : } جاهد الكفار والمنافقين { قال : بيده ، ]فإن لم

( فإن لم يستطع فليكفهر في وجهه.2يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه[ ) وقال ابن عباس : أمره الله تعالى بجهاد الكفار بالسيف ، والمنافقين باللسان ، وأذهب

الرفق عنهم. وقال الضحاك : جاهد الكفار بالسيف ، واغلظ على المنافقين بالكالم ، وهو مجاهدتهم.

وعن مقاتل ، والربيع مثله.وقال الحسن وقتادة : مجاهدتهم إقامة الحدود عليهم.

وقد يقال : إنه ال منافاة بين هذه األقوال ، ألنه تارة يؤاخذهم بهذا ، وتارة بهذا بحسباألحوال ، والله أعلم.

Page 154: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسالمهم { قال وقوله : } يحلفون بالل قتادة : نزلت في عبد الله بن أبي ، وذلك أنه اقتتل رجالن : جهني وأنصاري ، فعال

الجهني على األنصاري ، فقال عبد__________

( في أ : "بالسيف".1)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والطبري.2)

(4/178)

( ما مثلنا ومثل محمد إال كما قال القائل :1الله لألنصار : أال تنصروا أخاكم ؟ والله ) "سمن كلبك يأكلك" ، وقال : } لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن األعز منها األذل {

[ فسعى بها رجل من المسلمين إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،8]المنافقون : (2فأرسل إليه فسأله ، فجعل يحلف بالله ما قاله ، فأنزل الله فيه هذه اآلية )

وروى إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، عن عمه موسى بن عقبة قال : فحدثنا عبد الله بن الفضل ، أنه سمع أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، يقول : حزنت على من أصيب

ة من قومي ، فكتب إلي زيد بن أرقم ، وبلغه شدة حزني ، يذكر أنه سمع رسول بالحر الله صلى الله عليه وسلم يقول : "اللهم ، اغفر لألنصار وألبناء األنصار" - وشك ابن

الفضل في أبناء أبناء األنصار - قال ابن الفضل : فسأل أنسا بعض من كان عنده عن زيد بن أرقم ، فقال : هو الذي يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أوفى الله

له بأذنه". وذاك حين سمع رجال من المنافقين يقول - ورسول الله صلى الله عليه ( شر من الحمير ، فقال زيد بن أرقم :3وسلم يخطب - : لئن كان هذا صادقا فنحن )

فهو والله صادق ، وألنت شر من الحمار. ثم رفع ذلك إلى رسول الله ، فجحدهه ما قالوا { القائل ، فأنزل الله هذه اآلية تصديقا لزيد - يعني قوله : } يحلفون بالل

اآلية. رواه البخاري في صحيحه ، عن إسماعيل بن أبي أويس ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن

( ولعل ما بعده من قول موسى بن4عقبة. إلى قوله : "هذا الذي أوفى الله له بأذنه" ) عقبة ، وقد رواه محمد بن فليح ، عن موسى بن عقبة بإسناده ثم قال : قال ابن

شهاب. فذكر ما بعده عن موسى ، عن ابن شهاب. والمشهور في هذه القصة أنها كانت في غزوة بني المصطلق ، فلعل الراوي وهم في

ذكر اآلية ، وأراد أن يذكر غيرها فذكرها ، والله أعلم.(5]حاشية[ )

قال "األموي" في مغازيه : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن جده قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه

وسلم ، أخذني قومي فقالوا : إنك امرؤ شاعر ، فإن شئت أن تعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض العلة ، ثم يكون ذنبا تستغفر الله منه. وذكر الحديث

بطوله ، إلى أن قال : وكان ممن تخلف من المنافقين ، ونزل فيه القرآن منهم ، ممن كان مع النبي صلى الله عليه وسلم : الجالس بن سويد بن الصامت ، وكان على أم عمير بن سعد ، وكان عمير في حجره ، فلما نزل القرآن وذكرهم الله بما ذكر مما

أنزل في المنافقين ، قال الجالس : والله لئن كان هذا الرجل صادقا فيما يقول لنحن

Page 155: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( فسمعها عمير بن سعد فقال : والله - يا جالس - إنك ألحب6شر من الحمير ]قال[ )__________

( في ت : "فوالله".1)(.14/364( رواه الطبري في تفسيره )2)( في ك : "لنحن".3)(.4906( صحيح البخاري برقم )4)( زيادة من ك.5)( زيادة من ك.6)

(4/179)

( شيء يكرهه ، ولقد قلت1الناس إلي ، وأحسنهم عندي بالء ، وأعزهم علي أن يصله ) مقالة لئن ذكرتها لتفضحنك ولئن كتمتها لتهلكني ، وإلحداهما أهون علي من األخرى.

فمشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر له ما قال الجالس. فلما بلغ ذلك الجالس خرج حتى يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ، فحلف بالله ما قال ما قال عميره ما قالوا ولقد بن سعد ، ولقد كذب علي. فأنزل الله ، عز وجل ، فيه : } يحلفون بالل

قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسالمهم { إلى آخر اآلية. فوقفه رسول الله صلى الله (2عليه وسلم عليها. فزعموا أن الجالس تاب فحسنت توبته ، ونزع فأحسن النزوع )

هكذا جاء هذا "مدرجا" في الحديث متصال به ، وكأنه والله أعلم من كالم ابن إسحاقنفسه ، ال من كالم كعب بن مالك.

وقال عروة بن الزبير : نزلت هذه اآلية في الجالس بن سويد بن الصامت ، أقبل هو وابن امرأته مصعب من قباء ، فقال الجالس : إن كان ما جاء به محمد حقا فنحن أشر من حمرنا هذه التي نحن عليها. فقال مصعب : أما والله - يا عدو الله - ألخبرن رسول

الله صلى الله عليه وسلم بما قلت : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وخفت أن ( بخطيئته ، فقلت : يا رسول4( أو تصيبني قارعة ، أو أن أخلط )3ينزل في القرآن )

( بخطيئة5الله ، أقبلت أنا والجالس من قباء ، فقال كذا وكذا ، ولوال مخافة أن أخلط ) أو تصيبني قارعة ما أخبرتك. قال : فدعا الجالس فقال : "يا جالس ، أقلت الذي قاله

ه ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا مصعب ؟" فحلف ، فأنزل الله : } يحلفون باللبعد إسالمهم { اآلية.

وقال محمد بن إسحاق : كان الذي قال تلك المقالة - فيما بلغني - الجالس بن سويد بن الصامت ، فرفعها عليه رجل كان في حجره ، يقال له : عمير بن سعيد ، فأنكرها ،

فحلف بالله ما قالها : فلما نزل فيه القرآن تاب ونزع وحسنت توبته ، فيما بلغني. وقال اإلمام أبو جعفر بن جرير : حدثني أيوب بن إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا عبد الله

بن رجاء ، حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في ظل شجرة فقال : "إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعيني الشيطان ، فإذا جاء فال تكلموه". فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق ،

فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "عالم تشتمني أنت وأصحابك ؟" (6فانطلق الرجل فجاء بأصحابه ، فحلفوا بالله ما قالوا ، حتى تجاوز عنهم ، فأنزل )

ه ما قالوا { اآلية ) (7الله ، عز وجل : } يحلفون بالل

Page 156: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ن فيما رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب "دالئل النبوة" من حديث محمد وذلك بي ( البختري ، عن حذيفة بن8بن إسحاق ، عن األعمش عن عمرو بن مرة ، عن ]أبي[ )

اليمان ، رضي الله__________

( في ك : "يصله إليه".1)(.1/519( انظر : السيرة النبوية البن هشام )2)( في ك : "قرآنا".3)( في أ : "أختلط".4)( في ت ، أ : "أختلط".5)( في ت ، ك : "وأنزل".6)(.14/363( تفسير الطبري )7)( زيادة من ت ، أ ، والدالئل.8)

(4/180)

عنه ، قال : كنت آخذا بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم أقود به ، وعمار يسوق الناقة - أو أنا : أسوقه ، وعمار يقوده - حتى إذا كنا بالعقبة فإذا أنا باثني عشر

(1راكبا قد اعترضوه فيها ، قال : فأنبهت رسول الله صلى الله عليه وسلم ]بهم[ ) فصرخ بهم فولوا مدبرين ، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هل عرفتم

القوم ؟ قلنا : ال يا رسول الله ، قد كانوا متلثمين ، ولكنا قد عرفنا الركاب. قال : ( ما أرادوا ؟" قلنا : ال. قال :2"هؤالء المنافقون إلى يوم القيامة ، وهل تدرون )

( رسول الله في العقبة ، فيلقوه منها". قلنا : يا رسول الله ، أو3"أرادوا أن يزحموا ) ال تبعث إلى عشائرهم حتى يبعث إليك كل قوم برأس صاحبهم ؟ قال : "ال أكره أن

( أظهره الله بهم أقبل عليهم4تتحدث العرب بينها أن محمدا قاتل بقوم حتى ]إذا[ ) يقتلهم" ، ثم قال : "اللهم ارمهم بالدبيلة". قلنا : يا رسول الله ، وما الدبيلة ؟ قال :

(5"شهاب من نار يقع على نياط قلب أحدهم فيهلك" ) وقال اإلمام أحمد ، رحمه الله : حدثنا يزيد ، أخبرنا الوليد بن عبد الله بن جميع ، عن

أبي الطفيل قال : لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك ، أمر مناديا فنادى : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ العقبة فال يأخذها أحد. فبينما

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوده حذيفة ويسوقه عمار ، إذ أقبل رهط متلثمون على الرواحل فغشوا عمارا وهو يسوق برسول الله ، وأقبل عمار ، رضي الله عنه ،

( صلى الله عليه وسلم لحذيفة : "قد ،6يضرب وجوه الرواحل ، فقال رسول الله ) ( نزل ورجع عمار ،7قد" حتى هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ]فلما هبط[ )

فقال : "يا عمار ، هل عرفت القوم ؟" فقال : قد عرفت عامة الرواحل ، والقوم متلثمون. قال : "هل تدري ما أرادوا ؟" قال : الله ورسوله أعلم. قال : "أرادوا أن

ينفروا برسول الله صلى الله عليه وسلم فيطرحوه". قال : فسار عمار رجال من ( بالله كم تعلم كان أصحاب8أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : نشدتك )

العقبة ؟ قال : أربعة عشر. فقال : إن كنت منهم فقد كانوا خمسة عشر. قال : فعذر ) ( رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ثالثة قالوا : والله ما سمعنا منادي رسول9

Page 157: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

الله ، وما علمنا ما أراد القوم. فقال عمار : أشهد أن االثني عشر الباقين حرب لله(10ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم األشهاد )

وهكذا روى ابن لهيعة ، عن أبي األسود ، عن عروة بن الزبير نحو هذا ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يمشي الناس في بطن الوادي ، وصعد هو وحذيفة وعمار العقبة ، فتبعهم هؤالء النفر األرذلون ، وهم متلثمون ، فأرادوا سلوك العقبة ،

( صلى الله عليه وسلم ، فأمر حذيفة فرجع11فأطلع الله على مرادهم رسول الله )__________

( زيادة من ت ، أ ، والدالئل.1)( في أ : "ترون".2)( في ك : "يزاحموا".3)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والدالئل.4)(.5/260( دالئل النبوة )5)( في ت ، ك : "النبي".6)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والمسند.7)( في أ : "أنشدك".8)( في أ : "فعد".9)( : "رجاله رجال الصحيح".6/195( وقال الهيثمي في المجمع )5/453( المسند )10)( في ت ، ك ، أ : "رسوله".11)

(4/181)

إليهم ، فضرب وجوه رواحلهم ، ففزعوا ورجعوا مقبوحين ، وأعلم رسول الله صلى ( به ،1الله عليه وسلم حذيفة وعمارا بأسمائهم ، وما كانوا هموا به من الفتك )

(2صلوات الله وسالمه عليه ، وأمرهما أن يكتما عليهم )وكذلك روى يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، إال أنه سمى جماعة منهم ، فالله أعلم )

3) ( في معجم الطبراني ، قاله البيهقي. ويشهد لهذه القصة بالصحة ، ما4وكذا قد حكي )رواه مسلم :

حدثنا زهير بن حرب ، حدثنا أبو أحمد الكوفي ، حدثنا الوليد بن جميع ، حدثنا أبو ( رجل من أهل العقبة ]وبين حذيفة بعض ما يكون بين5الطفيل قال : كان ]بين[ )

( قال : فقال له القوم :6الناس ، فقال : أنشدك بالله ، كم كان أصحاب العقبة[ ) (7أخبره إذ سألك. قال : كنا نخبر أنهم أربعة عشر ، فإن كنت منهم فقد كان القوم ) خمسة عشر ، وأشهد بالله أن اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم األشهاد ، وعذر ثالثة قالوا : ما سمعنا منادي رسول الله صلى الله عليه

وسلم ، وال علمنا بما أراد القوم. وقد كان في حرة فمشى ، فقال : "إن الماء قليل ،(9( يومئذ )8فال يسبقني إليه أحد" ، فوجد قوما قد سبقوه ، فلعنهم )

وما رواه مسلم أيضا ، من حديث قتادة ، عن أبي نضرة ، عن قيس بن عباد ، عن عمار بن ياسر قال : أخبرني حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "في (10أصحابي اثنا عشر منافقا ، ال يدخلون الجنة ، وال يجدون ريحها حتى يلج ]الجمل[ )

Page 158: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

في سم الخياط : ثمانية تكفيكهم الدبيلة : سراج من نار يظهر بين أكتافه حتى ينجم(11من صدورهم" )

ولهذا كان حذيفة يقال له : "صاحب السر ، الذي ال يعلمه غيره" أي : من تعيين جماعة من المنافقين ، وهم هؤالء ، قد أطلعه عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيره ، والله أعلم. وقد ترجم الطبراني في مسند حذيفة تسمية أصحاب العقبة ، ثم

ب بن قشير ، روى عن علي بن عبد العزيز ، عن الزبير بن بكار أنه قال : هم معت ووديعة بن ثابت ، وجد بن عبد الله بن نبتل بن الحارث من بني عمرو بن عوف ،

والحارث بن يزيد الطائي ، وأوس بن قيظي ، والحارث بن سويد ، __________

( في ت : "القتل".1)(.5/256( رواه البيهقي في دالئل النبوة )2)(.5/257( دالئل النبوة للبيهقي )3)( في ت ، أ : "وقع".4)( زيادة من ت ، ك ، أ ، ومسلم.5)( زيادة من ت ، ك ، أ ، ومسلم.6)( في ك : "فقد كانوا".7)( في أ : "فلعنوه".8)(.2779( صحيح مسلم برقم )9)( زيادة من ت ، ك ، أ ، ومسلم.10)(.2779( صحيح مسلم برقم )11)

(4/182)

ه لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين ) ( فلما75ومنهم من عاهد اللوا وهم معرضون ) ( فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى76آتاهم من فضله بخلوا به وتول

ه ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ) ه يعلم77يوم يلقونه بما أخلفوا الل ( ألم يعلموا أن اللم الغيوب ) ه عال هم ونجواهم وأن الل ( 78سر

( وقيس بن فهد ، وسويد وداعس من بني الحبلي ، وقيس بن1وسعد بن زرارة ) عمرو بن سهل ، وزيد بن اللصيت ، وساللة بن الحمام ، وهما من بني قينقاع أظهرا

(2اإلسالم )ه ورسوله من فضله { أي : وما للرسول عندهم وقوله : } وما نقموا إال أن أغناهم الل

ذنب إال أن الله أغناهم ببركته ويمن سفارته ، ولو تمت عليهم السعادة لهداهم الله لما ( لألنصار : "ألم أجدكم ضالال فهداكم الله بي ؟3جاء به ، كما قال ، عليه السالم )

وكنتم متفرقين فألفكم الله بي ؟ وعالة فأغناكم الله بي ؟" كلما قال شيئا قالوا : اللهورسوله أمن.

ه وهذه الصيغة تقال حيث ال ذنب كما قال تعالى : } وما نقموا منهم إال أن يؤمنوا بالل ( ما ينقم ابن جميل إال أن4[ وكما قال ، عليه السالم )8العزيز الحميد { ]البروج :

كان فقيرا فأغناه الله".

Page 159: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وا ثم دعاهم الله تبارك وتعالى إلى التوبة فقال : } فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتوله عذابا أليما في الدنيا واآلخرة { أي : وإن يستمروا على طريقهم } يعذبهم يعذبهم الل

ه عذابا أليما في الدنيا { أي : بالقتل والهم والغم ، } واآلخرة { أي : بالعذاب الل والنكال والهوان والصغار ، } وما لهم في األرض من ولي وال نصير { أي : وليس لهم

أحد يسعدهم وال ينجدهم ، وال يحصل لهم خيرا ، وال يدفع عنهم شرا.ه لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين ) ( فلما75} ومنهم من عاهد الل

وا وهم معرضون ) ( فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى76آتاهم من فضله بخلوا به وتوله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ) ه يعلم77يوم يلقونه بما أخلفوا الل ( ألم يعلموا أن الل

ه عالم الغيوب ) هم ونجواهم وأن الل ( {78سر يقول تعالى : ومن المنافقين من أعطى الله عهده وميثاقه : لئن أغناه من فضله

ليصدقن من ماله ، وليكونن من الصالحين. فما وفى بما قال ، وال صدق فيما ادعى ، ( الله ، عز وجل ، يوم5فأعقبهم هذا الصنيع نفاقا سكن في قلوبهم إلى يوم يلقون )

القيامة ، عياذا بالله من ذلك. وقد ذكر كثير من المفسرين ، منهم ابن عباس ، والحسن البصري : أن سبب نزول

هذه اآلية الكريمة في "ثعلبة بن حاطب األنصاري". ( بن6وقد ورد فيه حديث رواه ابن جرير هاهنا وابن أبي حاتم ، من حديث معان )

رفاعة ، عن علي بن يزيد ، عن أبي عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن ، مولى عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية ، عن أبي أمامة الباهلي ، عن ثعلبة بن حاطب األنصاري ،

أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ادع الله أن يرزقني__________

( في ك : "وابرة".1)(.167 - 3/165( المعجم الكبير )2)( في أ : "صلى الله عليه وسلم".3)( في أ : "صلى الله عليه وسلم".4) ( في ت ، ك ، أ ، هـ : "إلى يوم يلقوا" وهو خطأ ، والصواب : في جميع النسخ :5)

"يلقوا" والصواب ما أثبتناه "إلى يوم يلقون" ؛ ألن الفعل المضارع لم يسبق بناصب والبجازم.

( في ت : "معاذ".6)

(4/183)

ذين ال يجدون إال جهدهم ذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات وال اله منهم ولهم عذاب أليم ) ( 79فيسخرون منهم سخر الل

ماال. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير ال تطيقه". قال : ثم قال مرة أخرى ، فقال : "أما ترضى أن تكون مثل نبي الله ، فوالذي نفسي بيده لو شئت أن تسير معي الجبال ذهبا وفضة لسارت". قال :

والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فرزقني ماال ألعطين كل ذي حق حقه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اللهم ارزق ثعلبة ماال". قال : فاتخذ غنما ، فنمت كما

Page 160: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ينمو الدود ، فضاقت عليه المدينة ، فتنحى عنها ، فنزل واديا من أوديتها ، حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة ، ويترك ما سواهما. ثم نمت وكثرت ، فتنحى حتى

ترك الصلوات إال الجمعة ، وهي تنمو كما ينمو الدود ، حتى ترك الجمعة. فطفق يتلقى ( يوم الجمعة ، يسألهم عن األخبار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم1الركبان )

: "ما فعل ثعلبة" ؟ فقالوا : يا رسول الله ، اتخذ غنما فضاقت عليه المدينة. فأخبروه بأمره فقال : "يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة ، يا ويح ثعلبة". وأنزل الله جل ثناؤه : } خذ

يهم بها { اآلية ]التوبة : [ قال : ونزلت عليه103من أموالهم صدقة تطهرهم وتزك فرائض الصدقة ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين على الصدقة : رجال من جهينة ، ورجال من سليم ، وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة من المسلمين ، وقال لهما : "مرا بثعلبة ، وبفالن - رجل من بني سليم - فخذا صدقاتهما". فخرجا حتى أتيا ثعلبة ، فسأاله الصدقة ، وأقرآه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما

هذه إال جزية. ما هذه إال أخت الجزية. ما أدري ما هذا انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إلي. فانطلقا وسمع بهما السلمي ، فنظر إلى خيار أسنان إبله ، فعزلها للصدقة ، ثم

( بها فلما رأوها قالوا : ما يجب عليك هذا ، وما نريد أن نأخذ هذا منك.2استقبلهما ) قال : بلى ، فخذوها ، فإن نفسي بذلك طيبة ، وإنما هي له. فأخذوها منه. فلما فرغا

ا بثعلبة ، فقال : أروني كتابكما فنظر فيه ، فقال : ما هذه من صدقاتهما رجعا حتى مر ( صلى الله عليه3إال أخت الجزية. انطلقا حتى أرى رأيي. فانطلقا حتى أتيا النبي )

وسلم ، فلما رآهما قال : "يا ويح ثعلبة" قبل أن يكلمهما ، ودعا للسلمي بالبركة ، فأخبراه بالذي صنع ثعلبة والذي صنع السلمي ، فأنزل الله ، عز وجل : } ومنهم من

ه لئن آتانا من فضله لنصدقن { إلى قوله : } وبما كانوا يكذبون { قال : وعند عاهد الل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أقارب ثعلبة ، فسمع ذلك ، فخرج حتى أتاه

فقال : ويحك يا ثعلبة. قد أنزل الله فيك كذا وكذا. فخرج ثعلبة حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فسأله أن يقبل منه صدقته ، فقال : "إن الله منعني أن أقبل منك

صدقتك". فجعل يحثو على رأسه التراب ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عملك ، قد أمرتك فلم تطعني". فلما أبى أن يقبض رسول الله صلى الله4"]هذا[ )

عليه وسلم رجع إلى منزله ، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقبل منه شيئا. ثم أتى أبا بكر ، رضي الله عنه ، حين استخلف ، فقال : قد علمت منزلتي من

رسول الله ، وموضعي من األنصار ، فاقبل صدقتي. فقال أبو بكر : لم يقبلها منك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبى أن يقبلها ، فقبض أبو بكر ولم يقبلها. فلما ولي عمر ، رضي الله عنه ، أتاه فقال : يا أمير المؤمنين ، اقبل صدقتي. فقال : لم

( أقبلها منك! فقبض ولم5يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وال أبو بكر ، وأنا ) ( فسأله أن يقبل صدقته ، فقال :6يقبلها ؛ ثم ولي عثمان ، رضي الله عنه ، ]فأتاه[ )

لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وال أبو بكر وال عمر ، وأنا أقبلها منك! فلم(7يقبلها منه ، وهلك ثعلبة في خالفة عثمان )

ه ما وعدوه وبما كانوا يكذبون { أي : أعقبهم النفاق في وقوله تعالى : } بما أخلفوا الل قلوبهم بسبب إخالفهم الوعد وكذبهم ، كما جاء في الصحيح ، عن رسول الله صلى

الله عليه وسلم أنه قال : "آية المنافق ثالث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا( وله شواهد كثيرة ، والله أعلم.8اؤتمن خان" )

ه عالم الغيوب { يخبرهم هم ونجواهم وأن الل ه يعلم سر وقوله : } ألم يعلموا أن الل تعالى أنه يعلم السر وأخفى ، وأنه أعلم بضمائرهم وإن أظهروا أنه إن حصل لهم أموال تصدقوا منها وشكروا عليها ، فإنه أعلم بهم من أنفسهم ؛ ألنه تعالى عالم

Page 161: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

الغيوب ، أي : يعلم كل غيب وشهادة ، وكل سر ونجوى ، ويعلم ما ظهر وما بطن.ذين ال يجدون إال جهدهم ذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات وال } ال

ه منهم ولهم عذاب أليم ) ( {79فيسخرون منهم سخر الل وهذه أيضا من صفات المنافقين : ال يسلم أحد من عيبهم ولمزهم في جميع األحوال ، حتى وال المتصدقون يسلمون منهم ، إن جاء أحد منهم بمال جزيل قالوا : هذا مراء ،

وإن جاء بشيء يسير قالوا : إن الله لغني عن صدقة هذا. كما قال البخاري : حدثنا عبيد الله بن سعيد ، حدثنا أبو النعمان البصري ، حدثنا شعبة ، عن سليمان ، عن أبي وائل ، عن أبي مسعود قال : لما نزلت آية الصدقة كنا نتحامل على ظهورنا ، فجاء رجل فتصدق بشيء كثير ، فقالوا : مرائى. وجاء رجل فتصدق بصاع ، فقالوا : إن اللهذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات لغني عن صدقة هذا. فنزلت } ال

ذين ال يجدون إال جهدهم { اآلية. وال(9وقد رواه مسلم أيضا في صحيحه ، من حديث شعبة به )

وقال اإلمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا الجريري ، عن أبي السليل قال : وقف علينارجل في

__________( في ت ، أ : "الركاب".1)( في ت ، ك ، أ : "استقبلهم".2)( في ت : "رسول الله".3)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والطبري.4)( في ت ، ك : "فأنا".5)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والطبري.6) ( وقد أنكر العلماء هذه القصة وقالوا ببطالنها ، فممن14/370( تفسير الطبري )7)

( : "على أنه قد روينا208 ، 11/207قال بذلك اإلمام ابن حزم ، قال في المحلى ) أثرا ال يصح وأنها نزلت في ثعلبة بن حاطب ، وهذا باطل ؛ ألن ثعلبة بدري معروف ، ثم ساق الحديث بإسناده من طريق معان بن رفاعة عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة وقال : "وهذا باطل ال شك ؛ ألن الله أمر بقبض زكوات أموال

المسلمين ، وأمر عليه السالم عند موته أال يبقى في جزيرة العرب دينان فال يخلو ثعلبة من أن يكون مسلما ففرض على أبي بكر وعمر قبض زكاته وال بد وال فسحة في

ذلك ، وإن كان كافرا ففرض أال يبقى في جزيرة العرب فسقط هذا األثر بال شك ، وفي رواته معان بن رفاعة ، والقاسم بن عبد الرحمن وعلي بن يزيد - هو ابن عبد

الملك - وكلهم ضعفاء. وللفاضل عداب الحمش رسالة في نقد هذه القصة جمع فيهاأقوال أهل العلم فيها سماها "ثعلبة بن حاطب الصحابي المفترى عليه".

( من حديث أبي هريرة ،59( وصحيح مسلم برقم )33( صحيح البخاري برقم )8)رضي الله عنه.

(.1018( وصحيح مسلم برقم )1415( صحيح البخاري برقم)9)

(4/184)

Page 162: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

مجلسنا بالبقيع فقال : حدثني أبي - أو : عمي أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبقيع ، وهو يقول : "من يتصدق بصدقة أشهد له بها يوم القيامة" ؟ قال :

فحللت من عمامتي لوثا أو لوثين ، وأنا أريد أن أتصدق بهما ، فأدركني ما يدرك ابن ( أصغر1آدم ، فعقدت على عمامتي. فجاء رجل لم أر بالبقيع رجال أشد سوادا ]وال[ )

( ساقه ، لم أر بالبقيع ناقة أحسن منها ، فقال : يا رسول الله ،2منه ، وال أدم ببعير ) أصدقة ؟ قال : "نعم" فقال : دونك هذه الناقة. قال : فلمزه رجل فقال : هذا يتصدق

بهذه فوالله لهي خير منه. قال : فسمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "كذبت بل هو خير منك ومنها" ثالث مرات ، ثم قال : "ويل ألصحاب المئين من اإلبل" ثالثا. قالوا : إال من يا رسول الله ؟ قال : "إال من قال بالمال هكذا وهكذا" ، وجمع بين

كفيه عن يمينه وعن شماله ، ثم قال : "قد أفلح المزهد المجهد" ثالثا : المزهد في(3العيش ، المجهد في العبادة )

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في هذه اآلية ، وقال : جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعين أوقية من ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءه رجل من

األنصار بصاع من طعام ، فقال بعض المنافقين : والله ما جاء عبد الرحمن بما جاء به(4إال رياء. وقالوا : إن كان الله ورسوله لغنيين عن هذا الصاع )

وقال العوفي ، عن ابن عباس : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الناس يوما فنادى فيهم : أن اجمعوا صدقاتكم. فجمع الناس صدقاتهم ، ثم جاء رجل من

آخرهم بصاع من تمر ، فقال : يا رسول الله ، هذا صاع من تمر بت ليلتي أجر بالجرير الماء ، حتى نلت صاعين من تمر ، فأمسكت أحدهما ، وأتيتك باآلخر. فأمره رسول الله

صلى الله عليه وسلم أن ينثره في الصدقات. فسخر منه رجال ، وقالوا : إن الله ( بصاعك من شيء. ثم إن عبد الرحمن بن5ورسوله لغنيان عن هذا. وما يصنعان )

عوف قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : هل بقي أحد من أهل الصدقات ؟ فقال ( فقال له عبد الرحمن بن عوف : فإن عندي مائة أوقية من ذهب في6"ال" )

الصدقات. فقال له عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه : أمجنون أنت ؟ قال : ليس بي ( ما فعلت ؟ قال : نعم ، مالي ثمانية آالف ، أما أربعة آالف7جنون. قال : فعلت )

فأقرضها ربي ، وأما أربعة آالف فلي. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت". ولمزه المنافقون فقالوا : والله ما أعطى

عبد الرحمن عطيته إال رياء. وهم كاذبون ، إنما كان به متطوعا ، فأنزل الله ، عز وجل ، عذره وعذر صاحبه المسكين الذي جاء بالصاع من التمر ، فقال تعالى في كتابه

ذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات { اآلية. : } الوكذا روي عن مجاهد ، وغير واحد.

وقال ابن إسحاق : كان المطوعون من المؤمنين في الصدقات : عبد الرحمن بنعوف ، تصدق__________

( زيادة من أ ، والمسند.1)( في ت ، ك ، أ : "بعير".2)(.5/34( المسند )3)(.14/382( رواه الطبري في تفسيرة )4)( في ت ، ك ، أ : "يصنعون".5)( في ت ، ك : "ال لم يبق أحد غيرك".6)( في ت ، أ : "فقال أفعلت".7)

Page 163: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(4/186)

بأربعة آالف درهم ، وعاصم بن عدي أخا بني العجالن ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغب في الصدقات ، وحض عليها ، فقام عبد الرحمن بن عوف فتصدق

بأربعة آالف ، وقام عاصم فتصدق بمائة وسق من تمر ، فلمزوهما وقالوا : ما هذا إال رياء. وكان الذي تصدق بجهده : أبو عقيل أخو بني أنيف اإلراشي حليف بني عمرو بن

عوف ، أتى بصاع من تمر فأفرغه في الصدقة ، فتضاحكوا به وقالوا : إن الله لغنيعن صاع أبي عقيل.

(1وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا طالوت بن عباد ، حدثنا أبو عوانة ، عن عمر ) بن أبي سلمة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "تصدقوا فإني أريد أن أبعث بعثا". قال : فجاء عبد الرحمن بن عوف فقال : يا رسول الله ، عندي أربعة آالف ، ألفين أقرضهما ربي ، وألفين لعيالي. فقال رسول الله صلى

( وبارك لك فيما أمسكت". وبات2الله عليه وسلم : "بارك الله لك فيما أعطيت ) رجل من األنصار فأصاب صاعين من تمر ، فقال : يا رسول الله ، أصبت صاعين من

( لربي ، وصاع لعيالي. قال : فلمزه المنافقون وقالوا : ما أعطى3تمر : صاع أقرضه ) الذي أعطى ابن عوف إال رياء! وقالوا : ألم يكن الله ورسوله غنيين عن صاع هذا ؟

ذين ال يجدون ذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات وال فأنزل الله : } اله منهم[ { ) (5( اآلية )4إال جهدهم فيسخرون منهم ]سخر الل

(6ثم رواه عن أبي كامل ، عن أبي عوانة ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أبيه مرسال )قال : ولم يسنده أحد إال طالوت.

وقال اإلمام أبو جعفر بن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا زيد بن الحباب ، عن موسى بن عبيدة ، حدثني خالد بن يسار ، عن ابن أبي عقيل ، عن أبيه قال : بت أجر الجرير على

ظهري ، على صاعين من تمر ، فانقلبت بأحدهما إلى أهلي يتبلغون به ، وجئت باآلخر ( إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت رسول الله صلى الله7أتقرب ]به[ )

عليه وسلم فأخبرته ، فقال : "انثره في الصدقة". قال : فسخر القوم وقالوا : لقد كانذين يلمزون المطوعين من الله غنيا عن صدقة هذا المسكين. فأنزل الله : } ال

(8المؤمنين في الصدقات { اآليتين )__________

( في أ : "عمرو".1)( في ك : "أعطيته".2)( في ت : "أقرضته".3)( زيادة من ت ، ك ، أ.4) ( :7/32( "كشف األستار" وقال الهيثمي في المجمع )2216( مسند البزار برقم )5)

"وفيه عمرو بن أبي سلمة ، وثقه العجلي ، وأبو خيثمة وابن حبان وضعفه شعبةوغيره ، وبقية رجالهما ثقات".

( "كشف األستار" قال الحافظ ابن حجر في الفتح )2216( مسند البزار برقم )6) ( بعد أن ساق هذه الرواية المرسلة : "وكذلك أخرجه عبد بن حميد عن يونس8/332

بن محمد عن أبي عوانة ، وأخرجه ابن أبي حاتم والطبري وابن مردويه من طرقأخرى عن أبي عوانة مرسال".

Page 164: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( زيادة من ت ، أ ، والطبري.7)(.14/388( تفسير الطبري )8)

(4/187)

( به. وقال : اسم أبي عقيل : حباب.1وكذا رواه الطبراني من حديث زيد بن الحباب )ويقال : عبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة.

ه منهم { وهذا من باب المقابلة على سوء صنيعهم وقوله : } فيسخرون منهم سخر الل واستهزائهم بالمؤمنين ؛ ألن الجزاء من جنس العمل ، فعاملهم معاملة من سخر بهم ،

انتصارا للمؤمنين في الدنيا ، وأعد للمنافقين في اآلخرة عذابا أليما.__________

( وقد وقع فيه : "عن زيد بن الحباب عن خالد بن يسار"4/45( المعجم الكبير )1) ( : "رجاله7/33فأسقط موسى بن عبيدة في رواية ؛ ولذا قال الهيثمي في المجمع )

ثقات إال أن خالد بن يسار لم أجد من وثقه وال جرحه" لكن الزيلعي في تخريج ( عزاه للطبراني في معجمه من طريق موسى بن عبيدة عن خالد بن2/88الكشاف )

يسار ، فلعله سقط من نسخ الطبراني أو توهم فيه الزيلعي. تنبيه : كذا وقع هنا وعند ( :1/389الطبراني : "اسم أبي عقيل حباب" ، قال الحافظ ابن حجر في اإلصابة )

"كذا وقع عند الطبراني ، والصواب حبحاب".

(4/188)

ه لهم ذلك ة فلن يغفر الل استغفر لهم أو ال تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مره ال يهدي القوم الفاسقين ) هم كفروا بالله ورسوله والل ( 80بأن

ه لهم ذلك ة فلن يغفر الل } استغفر لهم أو ال تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مره ال يهدي القوم الفاسقين ) هم كفروا بالله ورسوله والل ( {80بأن

يخبر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن هؤالء المنافقين ليسوا أهال لالستغفار ، وأنهلو استغفر لهم ، ولو سبعين مرة فإن الله ال يغفر لهم.

وقد قيل : إن السبعين إنما ذكرت حسما لمادة االستغفار لهم ؛ ألن العرب في أساليب كالمها تذكر السبعين في مبالغة كالمها ، وال تريد التحديد بها ، وال أن يكون ما زاد عليها

بخالفها. وقيل : بل لها مفهوم ، كما روى العوفي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم قال لما نزلت هذه اآلية : "أسمع ربي قد رخص لي فيهم ، فوالله ألستغفرن أكثر من سبعين مرة ، لعل الله أن يغفر لهم! فقال الله من شدة غضبه عليهم :

ه ال يهدي ه لهم إن الل } سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الل[6القوم الفاسقين { ]المنافقون :

وقال الشعبي : لما ثقل عبد الله بن أبي ، انطلق ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أبي قد احتضر ، فأحب أن تشهده وتصلي عليه. فقال النبي صلى الله عليه

Page 165: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وسلم : "ما اسمك". قال الحباب بن عبد الله. قال : "بل أنت عبد الله بن عبد الله ، إن الحباب اسم شيطان". قال : فانطلق معه حتى شهده وألبسه قميصه وهو عرق ،

( ؟ قال : "إن الله قال : } إن1وصلى عليه ، فقيل له : أتصلي عليه ]وهو منافق[ )ة { وألستغفرن له سبعين وسبعين وسبعين". تستغفر لهم سبعين مر

وكذا روي عن عروة بن الزبير ومجاهد بن جبير ، وقتادة بن دعامة. رواها ابن جريربأسانيده.

__________( زيادة من ت ، أ.1)

(4/188)

ه وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في فرح المخلفون بمقعدهم خالف رسول اللا لو كانوا يفقهون ) م أشد حر ه وقالوا ال تنفروا في الحر قل نار جهن (81سبيل الل

( 82فليضحكوا قليال وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون )

} فرح المخلفون بمقعدهم خالف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهما لو كانوا يفقهون ) م أشد حر ه وقالوا ال تنفروا في الحر قل نار جهن (81في سبيل الل

( {82فليضحكوا قليال وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون ) يقول تعالى ذاما للمنافقين المتخلفين عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في

( بعد خروجه ، } وكرهوا أن يجاهدوا { معه1غزوة تبوك ، وفرحوا بمقعدهم )ه وقالوا { أي : بعضهم لبعض : } ال تنفروا في الحر } بأموالهم وأنفسهم في سبيل الل

( غزوة تبوك كان في شدة الحر ، عند طيب الظالل2{ ؛ وذلك أن الخروج في ) ( } ال تنفروا في الحر { قال الله تعالى لرسوله : } قل {3والثمار ، فلهذا قالوا )

ا { مما فررتم منه م { التي تصيرون إليها بسبب مخالفتكم } أشد حر لهم : } نار جهنناد ، عن األعرج ، من الحر ، بل أشد حرا من النار ، كما قال اإلمام مالك ، عن أبي الز عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "نار بني آدم التي يوقدون بها جزء من سبعين جزءا ]من نار جهنم" فقالوا : يا رسول الله ، إن كانت لكافية. قال

( أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك5( إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا[ )4)(6، به )

وقال اإلمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن األعرج ، عن أبي هريرة ، عن ( صلى الله عليه وسلم قال : "إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار7النبي )

(9( فيها منفعة ألحد" )8جهنم ، وضربت بالبحر مرتين ، ولوال ذلك ما جعل ]الله[ )(10وهذا أيضا إسناده صحيح )

وقد روى اإلمام أبو عيسى الترمذي وابن ماجه ، عن عباس الدوري ، عن يحيى بن أبي ( عن شريك ، عن عاصم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال11بكير )

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت ، فهي سوداء

(12كالليل المظلم". ثم قال الترمذي : ال أعلم أحدا رفعه غير يحيى ) كذا قال. وقد رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه عن إبراهيم بن محمد ، عن محمد بن

Page 166: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

الحسين بن__________

( في ت ، أ : "بقعودهم".1)( في ت ، أ : "إلى".2)( في ك : "قال".3)( في ت ، ك ، أ : "فقال".4)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والموطأ.5)( ورواه مسلم في صحيحه برقم )3265( وصحيح البخاري برقم )2/994( الموطأ )6)

( من طريق المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد به.2843( في ك : "أن رسول الله".7)( زيادة من ت ، ك ، أ ، . والمسند.8)(.2/244( المسند )9)( في ت ، أ : "إسناد جيد صحيح".10)( في أ : "بكر".11) ( وقال الترمذي :4320( وسنن ابن ماجه برقم )2591( سنن الترمذي برقم )12)

"حديث أبي هريرة في هذا موقوف أصح ، وال أعلم أحدا رفعه غير يحيى بن أبي بكيرعن شريك".

(4/189)

( عن عمه ، عن شريك - وهو ابن عبد الله النخعي -1مكرم ، عن عبيد الله بن سعد ) به. وروى أيضا ابن مردويه من رواية مبارك بن فضالة ، عن ثابت ، عن أنس قال : تال

اس والحجارة { ]التحريم : [6رسول الله صلى الله عليه وسلم : } نارا وقودها الن قال : "أوقد عليها ألف عام حتى ابيضت ، وألف عام حتى احمرت ، وألف عام حتى

(2اسودت ، فهي سوداء كالليل ، ال يضيء لهبها" ) وروى الحافظ أبو القاسم الطبراني من حديث تمام بن نجيح - وقد اختلف فيه - عن

الحسن ، عن أنس مرفوعا : "لو أن شرارة بالمشرق - أي من نار جهنم - لوجد حرها(3من بالمغرب" )

وروى الحافظ أبو يعلى عن إسحاق بن أبي إسرائيل ، عن أبي عبيدة الحداد ، عن ( عن محمد بن شبيب ، عن جعفر بن أبي وحشية ، عن سعيد بن4هشام بن حسان )

جبير ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لو كان هذا المسجد مائة ألف أو يزيدون ، وفيهم رجل من أهل النار فتنفس فأصابهم نفسه ،

( غريب.5الحترق المسجد ومن فيه" ) وقال األعمش عن أبي إسحاق ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم : "إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لمن له نعالن وشراكان من نار ، يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ، ال يرى أحدا من أهل النار أشد عذابا منه ، وإنه

(6أهونهم عذابا". أخرجاه في الصحيحين ، من حديث األعمش ) ( حدثنا7وقال مسلم أيضا : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا يحيى بن أبي بكير )

( عن أبي8زهير بن محمد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن النعمان بن أبي عياش )

Page 167: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن أدنى أهل النار عذابا(9يوم القيامة ينتعل بنعلين من نار ، يغلي دماغه من حرارة نعليه" )

وقال اإلمام أحمد : حدثنا يحيى ، عن ابن عجالن ، سمعت أبي ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن أدنى أهل النار عذابا رجل يجعل له نعالن يغلي

(10منهما دماغه" )وهذا إسناد جيد قوي ، رجاله على شرط مسلم ، والله أعلم.

__________( في ت ، ك ، أ : "سعيد".1) ( من طريق سهل بن حماد عن799( ورواه البيهقي في شعب اإليمان برقم )2)

مبارك بن فضالة به نحوه. ( "مجمع البحرين" وأشار الحافظ هنا إلى االختالف4841( المعجم األوسط برقم )3)

( : "في إسناده4/362في حال تمام بن نجيح ، قال المنذري في الترغيب والترهيب )احتمال للتحسين".

( في جميع النسخ : "حسام" والتصويب من أبي يعلى.4) ( من طريق إسحاق4/307( ورواه أبو نعيم في الحلية )12/22( مسند أبي يعلى )5)

( : "إسناده حسن ،4/363بن أبي إسرائيل به ، وقال المنذري في الترغيب والترهيب )وفي متنه نكارة".

(.213( وصحيح مسلم برقم )+6562( صحيح البخاري برقم )6)( في أ : "بكر".7)( في أ : "عباس".8)(.211( صحيح مسلم برقم )9)(.2/438( المسند )10)

(4/190)

ها واألحاديث واآلثار النبوية في هذا كثيرة ، وقال الله تعالى في كتابه العزيز : } كال إنوى { ]المعارج : [ وقال تعالى : } يصب من فوق رءوسهم16 ، 15لظى نزاعة للش

ما أرادوا أن يخرجوا الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كل [ وقال تعالى : } إن22 - 19منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق { ]الحج :

ما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كل ال[56ليذوقوا العذاب { ]النساء :

ا لو كانوا1وقال تعالى في هذه اآلية الكريمة ]األخرى[ ) م أشد حر ( } قل نار جهن يفقهون { أي : لو أنهم يفقهون ويفهمون لنفروا مع الرسول في سبيل الله في الحر ،

(2ليتقوا به حر جهنم ، الذي هو أضعاف أضعاف هذا ، ولكنهم كما قال اآلخر )كالمستجير من الرمضاء بالنار

وقال اآلخر : عمرك بالحمية أفنيته... مخافة البارد والحار...

ار... وكان أولى بك أن تتقي... من المعاصي حذر الن ( تعالى جل جالله ، متوعدا لهؤالء المنافقين على صنيعهم هذا :3ثم قال ]الله[ )

Page 168: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

} فليضحكوا قليال وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون { قال ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس : الدنيا قليل ، فليضحكوا فيها ما شاءوا ، فإذا

انقطعت الدنيا وصاروا إلى الله ، عز وجل ، استأنفوا بكاء ال ينقطع أبدا. وكذا قال أبو( وزيد بن أسلم.4رزين ، والحسن ، وقتادة ، والربيع بن خثيم ، وعون العقيلي )

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا عبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش ، حدثناقاشي ، عن5محمد بن حميد ) ( عن ابن المبارك ، عن عمران بن زيد ، حدثنا يزيد الر

أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "يا أيها الناس ، ابكوا ، فإن لم تبكوا فتباكوا ، فإن أهل النار يبكون حتى تسيل دموعهم في وجوههم كأنها جداول ، حتى تنقطع الدموع فتسيل الدماء فتقرح العيون. فلو أن سفنا أزجيت

فيها لجرت".(6ورواه ابن ماجه من حديث األعمش ، عن يزيد الرقاشي ، به )

__________( زيادة من ت ، ك ، أ.1) ( وصدر البيت : والمستجير بعمرو عند كربته وذكره داود األنطاكي في مصارع2)

(.219العشاق )ص ( زيادة من ت ، ك ، أ.3)( في أ : "الفضلي".4)( في جميع النسخ : "محمد بن جبير" والتصويب من أبي يعلى.5) ( وقال البوصيري4324( وسنن ابن ماجه برقم )162 - 7/161( مسند أبي يعلى )6)

( : "هذا إسناد فيه يزيد بن أبان الرقاشي وهو ضعيف".3/323في الزوائد )

(4/191)

ه إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن فإن رجعك اللة فاقعدوا مع الخالفين ) كم رضيتم بالقعود أول مر ( وال تصل83تقاتلوا معي عدوا إن

ه ورسوله وماتوا وهم هم كفروا بالل على أحد منهم مات أبدا وال تقم على قبره إن( 84فاسقون )

وقال الحافظ أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا : حدثنا محمد بن العباس ، حدثنا حماد الجزري ، عن زيد بن رفيع ، رفعه قال : "إن أهل النار إذا دخلوا النار بكوا

الدموع زمانا ، ثم بكوا القيح زمانا" قال : "فتقول لهم الخزنة : يا معشر األشقياء ، تركتم البكاء في الدار المرحوم فيها أهلها في الدنيا ، هل تجدون اليوم من تستغيثون

( أصواتهم : يا أهل الجنة ، يا معشر اآلباء واألمهات واألوالد ،1به ؟ قال : فيرفعون ) خرجنا من القبور عطاشا ، وكنا طول الموقف عطاشا ، ونحن اليوم عطاش ، فأفيضوا

علينا من الماء أو مما رزقكم الله ، فيدعون أربعين سنة ال يجيبهم ، ثم يجيبهم :كم ماكثون { ]الزخرف : (2[ فييأسون من كل خير" )77} إن

ه إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن } فإن رجعك اللة فاقعدوا مع الخالفين ) كم رضيتم بالقعود أول مر ( {83تقاتلوا معي عدوا إن

ه { أي : ردك الله3يقول تعالى آمرا لرسوله عليه الصالة والسالم ) ( } فإن رجعك الل

Page 169: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

من غزوتك هذه } إلى طائفة منهم { قال قتادة : ذكر لنا أنهم كانوا اثني عشر رجال } فاستأذنوك للخروج { أي : معك إلى غزوة أخرى ، } فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن

كم رضيتم تقاتلوا معي عدوا { أي : تعزيرا لهم وعقوبة. ثم علل ذلك بقوله : } إنب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به ة { وهذا كقوله تعالى : } ونقل بالقعود أول مر

ة { ]األنعام : [ فإن من جزاء السيئة السيئة بعدها كما أن من ثواب110أول مر الحسنة الحسنة بعدها ، كما قال في عمرة الحديبية : } سيقول المخلفون إذا انطلقتمبعونا كذلكم قال ه قل لن تت بعكم يريدون أن يبدلوا كالم الل إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نت

ه من قبل { ]الفتح : [15الل وقوله تعالى : } فاقعدوا مع الخالفين { قال ابن عباس : أي الرجال الذين تخلفوا عن

الغزاة. وقال قتادة : } فاقعدوا مع الخالفين { أي : مع النساء. قال ابن جرير : وهذا ال يستقيم ؛ ألن جمع النساء ال يكون بالياء والنون ، ولو أريد

النساء لقال : فاقعدوا مع الخوالف ، أو الخالفات ، ورجح قول ابن عباس رضي الله(5( )4عنهما )

ه ورسوله وماتوا هم كفروا بالل } وال تصل على أحد منهم مات أبدا وال تقم على قبره إن( {84وهم فاسقون )

(6أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبرأ من المنافقين ، وأال يصلي )على أحد منهم إذا مات ، وأال

__________( في ت : "فيرفعوا".1) ظاهرية( وله شواهد من حديث أبي موسى األشعري وأبي152( صفة النار )ق 2)

سعيد الخدري ، رضي الله عنهما.( في أ : "صلى الله عليه وسلم".3)( في ت ، ك ، أ : "عنه"4)(.14/405( تفسير الطبري )5)( في ت ، أ : "ونهاه أن يصلي".6)

(4/192)

يقوم على قبره ليستغفر له أو يدعو له ؛ ألنهم كفروا بالله ورسوله ، وماتوا عليه. وهذا حكم عام في كل من عرف نفاقه ، وإن كان سبب نزول اآلية في عبد الله بن أبي بن

سلول رأس المنافقين ، كما قال البخاري : حدثنا عبيد بن إسماعيل ، عن أبي أسامة ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : لما توفي عبد الله - هو ابن أبي - جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى

الله عليه وسلم ، فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه ، فأعطاه ، ثم سأله أن يصلي عليه ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه ، فقام عمر فأخذ

بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، تصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه ؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنما خيرني الله فقال

ه لهم { ة فلن يغفر الل : } استغفر لهم أو ال تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مر وسأزيده على السبعين". قال : إنه منافق! قال : فصلى عليه ]رسول الله صلى الله

Page 170: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( فأنزل الله ، عز وجل ، آية : } وال تصل على أحد منهم مات أبدا وال1عليه وسلم[ )تقم على قبره {

(2وكذا رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أبي أسامة حماد بن أسامة ، به ) ثم رواه البخاري عن إبراهيم بن المنذر ، عن أنس بن عياض ، عن عبيد الله - وهو ابن

عمر - العمري - به وقال : فصلى عليه ، وصلينا معه ، وأنزل الله : } وال تصل علىأحد منهم مات أبدا { اآلية.

(3وهكذا رواه اإلمام أحمد ، عن يحيى بن سعيد القطان ، عن عبيد الله ، به )وقد روي من حديث عمر بن الخطاب نفسه أيضا بنحو من هذا ، فقال اإلمام أحمد :

حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، حدثني الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس قال : سمعت عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه. يقول لما توفي

عبد الله بن ]أبي دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصالة عليه ، فقام إليه ، فلما وقف عليه يريد الصالة تحولت حتى قمت في صدره ، فقلت : يا رسول الله ، أعلى

( أبي القائل يوم كذا : كذا وكذا - يعدد أيامه - قال : ورسول4عدو الله عبد الله بن[ ) الله صلى الله عليه وسلم يتبسم ، حتى إذا أكثرت عليه قال : "أخر عني يا عمر ، إنيرت فاخترت ، قد قيل لي : } استغفر لهم أو ال تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين خي

ه لهم { ]التوبة : ة فلن يغفر الل [ لو أعلم أنى إن زدت على السبعين غفر له80مر لزدت". قال : ثم صلى عليه ، ومشى معه ، وقام على قبره حتى فرغ منه - قال : فعجب لي وجراءتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله ورسوله أعلم!

قال : فوالله ما كان إال يسيرا حتى نزلت هاتان اآليتان : } وال تصل على أحد منهمه ورسوله وماتوا وهم فاسقون { هم كفروا بالل مات أبدا وال تقم على قبره إن

__________( زيادة من ت ، ك ، أ ، والبخاري.1)(.2774( وصحيح مسلم برقم )4670( صحيح البخاري برقم )2)(.2/18( والمسند )4672( صحيح البخاري برقم )3)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والمسند.4)

(4/193)

فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق ، وال قام على قبره ،حتى قبضه الله ، عز وجل.

(1وهكذا رواه الترمذي في "التفسير" من حديث محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، به ) وقال : حسن صحيح. ورواه البخاري عن يحيى بن بكير ، عن الليث ، عن عقيل ، عن

ي الزهري ، به ، فذكر مثله وقال : "أخر عني يا عمر". فلما أكثرت عليه قال : "إنرت فاخترت ، ولو أعلم أنى إن زدت على السبعين يغفر ) ( له لزدت عليها". قال :2خي

فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انصرف ، فلم يلبث إال يسيرا حتى نزلت اآليتان من براءة : } وال تصل على أحد منهم مات أبدا وال تقم على قبره {

اآلية ، فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورسول الله(3صلى الله عليه وسلم أعلم. )

وقال اإلمام أحمد : حدثنا محمد بن أبي عبيد ، حدثنا عبد الملك ، عن أبي الزبير ، عن

Page 171: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

جابر قال : لما مات عبد الله بن أبي ، أتى ابنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يار بهذا. فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم ، رسول الله ، إنك إن لم تأته لم نزل نعي

فوجده قد أدخل في حفرته ، فقال : أفال قبل أن تدخلوه! فأخرج من حفرته ، وتفلعليه من قرنه إلى قدمه ، وألبسه قميصه.

ورواه النسائي ، عن أبي داود الحراني ، عن يعلى بن عبيد ، عن عبد الملك - وهو ابن(4أبي سليمان به )

وقال البخاري : حدثنا عبد الله بن عثمان ، أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو ، سمع جابر بن عبد الله قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي بعد ما أدخل في

قبره ، فأمر به فأخرج ، ووضع على ركبتيه ، ونفث عليه من ريقه ، وألبسه قميصه ،(5والله أعلم )

وقد رواه أيضا في غير موضع مع مسلم والنسائي ، من غير وجه ، عن سفيان بن(6عيينة ، به )

وقال اإلمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسنده : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى ، حدثنا مجالد ، حدثنا عامر ، حدثنا جابر)ح( وحدثنا يوسف بن

موسى ، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء الدوسي ، حدثنا مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر قال : لما مات رأس المنافقين - قال يحيى بن سعيد : بالمدينة - فأوصى أن يصلي

( صلى الله عليه وسلم ، فجاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم7عليه النبي )فقال :

__________(.3097( وسنن الترمذي برقم )1/16( المسند )1)( في ك : "لغفر".2)(.4671( صحيح البخاري برقم )3)(.9665( والنسائي في السنن الكبرى برقم )3/371( المسند )4)(.5795( صحيح البخاري برقم )5) (2773( وصحيح مسلم برقم )3008 ، 1350 ، 1270( صحيح البخاري برقم )6)

(.38 ، 4/37وسنن النسائي )( في ت : "رسول الله".7)

(4/194)

إن أبي أوصى أن يكفن في قميصك - وهذا الكالم في حديث عبد الرحمن بن مغراء - قال يحيى في حديثه : فصلى عليه ، وألبسه قميصه ، فأنزل الله تعالى : } وال تصل

على أحد منهم مات أبدا وال تقم على قبره { وزاد عبد الرحمن : وخلع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه ، فأعطاه إياه ، ومشى فصلى عليه ، وقام على قبره ، فأتاه جبريل

، عليه السالم ، لما ولى قال : } وال تصل على أحد منهم مات أبدا وال تقم على( وهذا إسناد ال بأس به ، وما قبله شاهد له.1قبره { )

( أبو أحمد ، حدثنا2وقال اإلمام أبو جعفر الطبري : حدثنا ]أحمد بن إسحاق ، حدثنا[ ) حماد بن سلمة ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يصلي على عبد الله بن أبي ، فأخذ جبريل بثوبه وقال : } وال تصل على أحد

Page 172: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

منهم مات أبدا وال تقم على قبره {( وهو ضعيف.3ورواه الحافظ أبو يعلى في مسنده ، من حديث يزيد الرقاشي )

وقال قتادة : أرسل عبد الله بن أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مريض ، فلما دخل عليه قال له النبي صلى الله عليه وسلم : "أهلكك حب يهود". قال : يا رسول الله ، إنما أرسلت إليك لتستغفر لي ، ولم أرسل إليك لتؤنبني! ثم

سأله عبد الله أن يعطيه قميصه أن يكفن فيه أباه ، فأعطاه إياه ، وصلى عليه ، وقام على قبره ، فأنزل الله ، عز وجل : } وال تصل على أحد منهم مات أبدا وال تقم على

قبره { وقد ذكر بعض السلف أنه إنما ألبسه قميصه ؛ ألن عبد الله بن أبي لما قدم العباس طلب له قميص ، فلم يوجد على تفصيله إال ثوب عبد الله بن أبي ؛ ألنه كان ضخما

طويال ففعل ذلك به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مكافأة له ، فالله أعلم ، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه اآلية الكريمة عليه ال يصلي على

أحد من المنافقين ، وال يقوم على قبره ، كما قال اإلمام أحمد : حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، حدثني عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال : كان

رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعي لجنازة سأل عنها ، فإن أثني عليها خيرا قام(4فصلى عليها ، وإن أثني عليها غير ذلك قال ألهلها : "شأنكم بها" ، ولم يصل عليها )

وكان عمر بن الخطاب ال يصلي على جنازة من جهل حاله ، حتى يصلي عليها حذيفة ( بهم رسول الله صلى الله عليه5بن اليمان ؛ ألنه كان يعلم أعيان منافقين قد أخبره )

وسلم ؛ ولهذا كان يقال له : "صاحب السر" الذي ال يعلمه غيره أي من الصحابة.__________

( من طريق يحيى بن سعيد عن مجالد به1524( ورواه ابن ماجه في السنن برقم )1)نحوه.

( زيادة من ت ، أ ، والطبري.2)(.7/145( ومسند أبي يعلى )14/407( تفسير الطبري )3)(.5/299( المسند )4)( في أ : "أعلمه".5)

(4/195)

ه أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم ما يريد الل وال تعجبك أموالهم وأوالدهم إن ( وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول85كافرون )

( 86منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين )

وقال أبو عبيد في كتاب "الغريب" ، في حديث عمر أنه أراد أن يصلي على جنازة رجل ، فمرزه حذيفة ، كأنه أراد أن يصده عن الصالة عليها ، ثم حكي عن بعضهم أن

"المرز" بلغة أهل اليمامة هو : القرص بأطراف األصابع. ولما نهى الله ، عز وجل ، عن الصالة على المنافقين والقيام على قبورهم لالستغفار

لهم ، كان هذا الصنيع من أكبر القربات في حق المؤمنين ، فشرع ذلك. وفي فعله ( ثبت في الصحاح وغيرها من حديث أبي هريرة أن رسول الله1األجر الجزيل ، لما )

Page 173: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

صلى الله عليه وسلم قال : "من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط ، ومنشهدها حتى تدفن فله قيراطان". قيل : وما القيراطان ؟ قال : "أصغرهما مثل أحد" )

2) وأما القيام عند قبر المؤمن إذا مات فقد قال أبو داود : حدثنا إبراهيم بن موسى

الرازي ، أخبرنا هشام ، عن عبد الله بن بحير ، عن هانئ - وهو أبو سعيد البربري ، مولى عثمان بن عفان - عن عثمان ، رضي الله عنه ، قال : كان النبي صلى الله عليه

وسلم إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه وقال : "استغفروا ألخيكم ، واسألوا لهالتثبيت ، فإنه اآلن يسأل".

(3انفرد بإخراجه أبو داود ، رحمه الله )ه أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم ما يريد الل } وال تعجبك أموالهم وأوالدهم إن

( {85وهم كافرون )( ولله الحمد.4قد تقدم تفسير نظير هذه اآلية الكريمة )

ه وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولو الطول منهم } وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالل( {86وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين )

__________( في ت ، أ : "كما".1)(.945( ومسلم في صحيحه برقم )1325( رواه البخاري في صحيحه برقم )2)(.3221( سنن أبي داود برقم )3) من هذه السورة.55( انظر تفسير اآلية : 4)

(4/196)

( 87رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم ال يفقهون )

( {87} رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم ال يفقهون ) يقول تعالى منكرا وذاما للمتخلفين عن الجهاد ، الناكلين عنه مع القدرة عليه ، ووجود السعة والطول ، واستأذنوا الرسول في القعود ، وقالوا : } ذرنا نكن مع القاعدين {

ورضوا ألنفسهم بالعار والقعود في البلد مع النساء ، وهن الخوالف ، بعد خروج الجيش ، فإذا وقع الحرب كانوا أجبن الناس ، وإذا كان أمن كانوا أكثر الناس كالما ، كما قال

( تعالى ، عنهم في اآلية األخرى : 1]الله[ )__________

( زيادة من ت.1)

(4/196)

ذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك سول وال لكن الرات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها ذلك الفوز88هم المفلحون ) ه لهم جن ( أعد الل

Page 174: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه ورسوله89العظيم ) ذين كذبوا الل ( وجاء المعذرون من األعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كفروا منهم عذاب أليم ) ( 90سيصيب ال

ذي يغشى عليه من الموت فإذا } فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كال [ أي : علت ألسنتهم بالكالم الحاد19ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد { ]األحزاب :

(1القوي في األمن ، وفي الحرب أجبن شيء ، وكما قال الشاعر )(2أفي السلم أعيارا جفاء وغلظة... وفي الحرب أشباه النساء العوارك )

ذين آمنوا لوال نزلت سورة فإذا أنزلت3وقال تعالى ) ( في اآلية األخرى : } ويقول الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت ال

المغشي عليه من الموت فأولى لهم طاعة وقول معروف فإذا عزم األمر فلو صدقوايتم أن تفسدوا في األرض[ ]اآلية[ ) ه لكان خيرا لهم ]فهل عسيتم إن تول ( ]محمد :4الل

20 - 22( } ]5) ( نكولهم عن الجهاد والخروج مع6وقوله : } وطبع على قلوبهم { أي : بسبب )

الرسول في سبيل الله ، } فهم ال يفقهون { أي : ال يفهمون ما فيه صالح لهم فيفعلوه، وال ما فيه مضرة لهم فيجتنبوه.

ذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات سول وال } لكن الرات تجري من تحتها األنهار خالدين فيها ذلك88وأولئك هم المفلحون ) ه لهم جن ( أعد الل

( {89الفوز العظيم )ن ثناء المؤمنين ، وما لهم في آخرتهم ، فقال : } لكن لما ذكر تعالى ذم المنافقين ، بي

ذين آمنوا معه جاهدوا { إلى آخر اآليتين من بيان حالهم ومآلهم. سول وال الر وقوله : } وأولئك لهم الخيرات { أي : في الدار اآلخرة ، في جنات الفردوس

والدرجات العلى.ه ورسوله سيصيب ذين كذبوا الل } وجاء المعذرون من األعراب ليؤذن لهم وقعد ال

ذين كفروا منهم عذاب أليم ) ( {90الن تعالى حال ذوي األعذار في ترك الجهاد ، الذين جاءوا رسول الله صلى الله ثم بي

عليه وسلم يعتذرون إليه ، ويبينون له ما هم فيه من الضعف ، وعدم القدرة علىالخروج ، وهم من أحياء العرب ممن حول المدينة.

__________ ( منسوبا إلى هند بنت عتبة ، واألعيار1/656( البيت في السيرة النبوية البن هشام )1)

: جميع عير وهو الحمار ، والعوارك : هن الحوائض.( في أ : "العوازل".2)( في ت : "الله".3)( زيادة من ت ، ك ، أ.4)( زيادة من أ.5)( في ك : "بسببهم".6)

(4/197)

Page 175: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ذين ال يجدون ما ينفقون حرج إذا ليس على الضعفاء وال على المرضى وال على اله غفور رحيم ) ه ورسوله ما على المحسنين من سبيل والل ذين91نصحوا لل ( وال على ال

وا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا إذا ما أتوك لتحملهم قلت ال أجد ما أحملكم عليه تولذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن92أال يجدوا ما ينفقون ) بيل على ال ما الس ( إن

ه على قلوبهم فهم ال يعلمون ) ( 93يكونوا مع الخوالف وطبع الل

قال الضحاك ، عن ابن عباس : إنه كان يقرأ : "وجاء المعذرون" بالتخفيف ، ويقول :هم أهل العذر.

وكذا روى ابن عيينة ، عن حميد ، عن مجاهد سواء.قال ابن إسحاق : وبلغني أنهم نفر من بني غفار منهم : خفاف بن إيماء بن رحضة.ه ذين كذبوا الل وهذا القول هو األظهر في معنى اآلية ؛ ألنه قال بعد هذا : } وقعد ال

ورسوله { أي : لم يأتوا فيعتذروا. وقال ابن جريج عن مجاهد : } وجاء المعذرون من األعراب { قال : نفر من بني غفار ، جاءوا فاعتذروا فلم يعذرهم الله. وكذا قال الحسن ، وقتادة ، ومحمد بن

ذين1إسحاق ، والقول األول أظهر ) ( والله أعلم ، لما قدمنا من قوله بعده : } وقعد اله ورسوله { أي : وقعد آخرون من األعراب عن المجيء لالعتذار ، ثم أوعدهم كذبوا الل

ذين كفروا منهم عذاب أليم { بالعذاب األليم ، فقال : } سيصيب الذين ال يجدون ما ينفقون حرج إذا } ليس على الضعفاء وال على المرضى وال على ال

ه غفور رحيم ) ه ورسوله ما على المحسنين من سبيل والل ذين91نصحوا لل ( وال على الوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا إذا ما أتوك لتحملهم قلت ال أجد ما أحملكم عليه تول

ذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن92أال يجدوا ما ينفقون ) بيل على ال ما الس ( إنه على قلوبهم فهم ال يعلمون ) ( {93يكونوا مع الخوالف وطبع الل

ثم بين تعالى األعذار التي ال حرج على من قعد فيها عن القتال ، فذكر منها ما هو الزم للشخص ال ينفك عنه ، وهو الضعف في التركيب الذي ال يستطيع معه الجالد في الجهاد

، ومنه العمى والعرج ونحوهما ، ولهذا بدأ به. ما هو عارض بسبب مرض عن له في ( ال يقدر على التجهز2بدنه ، شغله عن الخروج في سبيل الله ، أو بسبب فقره )

للحرب ، فليس على هؤالء حرج إذا قعدوا ونصحوا في حال قعودهم ، ولم يرجفواطوهم ، وهم محسنون في حالهم هذا ؛ ولهذا قال : } ما على بالناس ، ولم يثب

ه غفور رحيم { المحسنين من سبيل والل وقال سفيان الثوري ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي ثمامة ، رضي الله عنه ، قال :

قال الحواريون : يا روح الله ، أخبرنا عن الناصح لله ؟ قال : الذي يؤثر حق الله على حق الناس ، وإذا حدث له أمران - أو : بدا له أمر الدنيا وأمر اآلخرة - بدأ بالذي لآلخرة

ثم تفرغ للذي للدنيا.__________

( في أ : "أولى".1)( في ت ، أ : "فقر".2)

(4/198)

Page 176: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وقال األوزاعي : خرج الناس إلى االستسقاء ، فقام فيهم بالل بن سعد ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا معشر من حضر : ألستم مقرين باإلساءة ؟ قالوا : اللهم نعم. فقال : اللهم ، إنا نسمعك تقول : } ما على المحسنين من سبيل { اللهم ، وقد أقررنا

باإلساءة فاغفر لنا وارحمنا واسقنا. ورفع يديه ورفعوا أيديهم فسقوا.وقال قتادة : نزلت هذه اآلية في عائذ بن عمرو المزني.

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عبيد الله الرازي ، حدثنا ابن جابر ، عن ابن فروة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن زيد بن ثابت قال : كنت أكتب

لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكنت أكتب "براءة" فإني لواضع القلم على أذني إذ أمرنا بالقتال ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ما ينزل عليه ، إذا جاء

( } ليس على الضعفاء1أعمى فقال : كيف بي يا رسول الله وأنا أعمى ؟ فأنزل الله )(2وال على المرضى { اآلية )

وقال العوفي ، عن ابن عباس في هذه اآلية : وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه ، فجاءته عصابة من أصحابه ، فيهم عبد الله بن

( أجد ما4( فقالوا : يا رسول الله ، احملنا. فقال لهم : "والله ال )3مغفل المزني ) أحملكم عليه". فتولوا ولهم بكاء ، وعز عليهم أن يجلسوا عن الجهاد ، وال يجدون نفقة

وال محمال. فلما رأى الله حرصهم على محبته ومحبة رسوله أنزل عذرهم في كتابه ،ذين ال يجدون ما ينفقون فقال : } ليس على الضعفاء وال على المرضى وال على ال

حرج { إلى قوله تعالى : } فهم ال يعلمون {.ذين إذا ما أتوك لتحملهم { نزلت في بني مقرن وقال مجاهد في قوله : } وال على ال

من مزينة. (5وقال محمد بن كعب : كانوا سبعة نفر ، من بني عمرو بن عوف : سالم بن عمير )

( بن عمرو - ومن بني مازن بن النجار : عبد الرحمن بن6- ومن بني واقف : هرمي ) كعب ، ويكنى أبا ليلى - ومن بني المعلى : ]سلمان بن صخر - ومن بني حارثة : عبد

( ومن بني7الرحمن بن يزيد ، أبو عبلة ، وهو الذي تصدق بعرضه فقبله الله منه[ )( وعبد الله بن عمرو المزني.8سلمة : عمرو بن عنمة )

وقال محمد بن إسحاق في سياق غزوة تبوك : ثم إن رجاال من المسلمين أتوا رسولالله صلى الله عليه وسلم ،

__________( في ت ، أ : "فنزلت".1) ( وقال :134( ورواه الدارقطني في األفراد كما في األطراف البن طاهر )ق 2)

"غريب من حديث أبي فروة - مسلم بن سالم عنه - أي ابن أبي ليلى - عن زيد ، تفرد به محمد بن جابر عنه ، وهو غريب من حديث ابن أبي ليلى ال يعلم حدث به عنه غير

أبي فروة".( في ت ، ك ، أ : "عبد الله بن معقل بن مقرن".3)( في ت ، ك : "ما".4)( في ك : "عوف".5)( في جميع النسخ : "حرمى" والتصويب من أسد الغابة واإلصابة.6)( زيادة من ت ، ك ، والطبري ، وفي هـ : "فضل الله".7)( في ك : "عنزة".8)

(4/199)

Page 177: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وهم البكاءون ، وهم سبعة نفر من األنصار وغيرهم ، من بني عمرو بن عوف : سالم ( وعلبة بن زيد أخو بني حارثة ، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب ، أخو بني1بن عمير )

مازن بن النجار ، وعمرو بن الحمام بن الجموح ، أخو بني سلمة ، وعبد الله بن المغفل المزني ؛ وبعض الناس يقول : بل هو عبد الله بن عمرو المزني ، وهرمي بن

( بن سارية الفزاري ، فاستحملوا رسول الله2عبد الله ، أخو بني واقف ، وعرباض ) صلى الله عليه وسلم ، وكانوا أهل حاجة ، فقال : ال أجد ما أحملكم عليه فتولوا

(3وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أال يجدوا ما ينفقون ) وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمر بن األودي ، حدثنا وكيع ، عن الربيع ، عن الحسن

قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لقد خلفتم بالمدينة أقواما ، ما أنفقتم من نفقة ، وال قطعتم واديا ، وال نلتم من عدو نيال إال وقد شركوكم في األجر" ، ثم

ذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت ال أجد ما أحملكم عليه { اآلية. قرأ : } وال على ال ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم4وأصل هذا الحديث في الصحيحين من حديث )

( إال وهم معكم".5قال : "إن بالمدينة أقواما ما قطعتم واديا ، وال سرتم ]مسيرا[ )(6قالوا : وهم بالمدينة ؟ قال : "نعم ، حبسهم العذر" )

وقال اإلمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا األعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : قال ( ما قطعتم واديا ، وال7رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لقد خلفتم بالمدينة رجاال )

سلكتم طريقا إال شركوكم في األجر ، حبسهم المرض".(8ورواه مسلم ، وابن ماجه ، من طرق ، عن األعمش ، به )

بهم في رضاهم ثم رد تعالى المالمة على الذين يستأذنون في القعود وهم أغنياء ، وأنه على قلوبهم فهم ال بأن يكونوا مع النساء الخوالف في الرحال ، } وطبع الل

يعلمون {.__________

( في أ : "عوف".1) ( في جميع النسخ : "عياض" والتصويب من ابن هشام. مستفاد من هامش ط.2)

الشعب.(.2/518( السيرة النبوية البن هشام )3)( بعدها بياض في جميع النسخ قدر كلمة.4)( زيادة من أ ، ومسلم.5) ( من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وصحيح2839( صحيح البخاري برقم )6)

( من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.1911مسلم برقم )( في ت ، أ : "أقواما".7)(.2765( وسنن ابن ماجه برقم )1911( وصحيح مسلم برقم )3/300( المسند )8)

(4/200)

ه من أخباركم أنا الل يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل ال تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبئكم بما كنتم هادة فينب ه عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والش وسيرى الل

Page 178: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

هم94تعملون ) ه لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إن ( سيحلفون باللم جزاء بما كانوا يكسبون ) ( يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن95رجس ومأواهم جهن

ه ال يرضى عن القوم الفاسقين ) ( 96ترضوا عنهم فإن الل

ه من أخباركم أنا الل } يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل ال تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبئكم بما كنتم هادة فينب ه عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والش وسيرى الل

هم94تعملون ) ه لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إن ( سيحلفون باللم جزاء بما كانوا يكسبون ) ( يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن95رجس ومأواهم جهن

ه ال يرضى عن القوم الفاسقين ) ( {96ترضوا عنهم فإن الل

(4/200)

ه عليم ه على رسوله والل األعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر أال يعلموا حدود ما أنزل اللص بكم الدوائر عليهم دائرة97حكيم ) خذ ما ينفق مغرما ويترب ( ومن األعراب من يت

ه سميع عليم ) وء والل خذ ما98الس ه واليوم اآلخر ويت ( ومن األعراب من يؤمن بالله في رحمته إن ها قربة لهم سيدخلهم الل سول أال إن ه وصلوات الر ينفق قربات عند الل

ه غفور رحيم ) ( 99الل

أخبر تعالى عن المنافقين بأنهم إذا رجعوا إلى المدينة أنهم يعتذرون إليهم ، } قل اله من أخباركم { أي : قد أنا الل تعتذروا لن نؤمن لكم { أي : لن نصدقكم ، } قد نب

ه عملكم ورسوله { أي : سيظهر أعمالكم للناس أعلمنا الله أحوالكم ، } وسيرى اللئكم بما كنتم تعملون { ) هادة فينب ( أي :1في الدنيا ، } ثم تردون إلى عالم الغيب والش

فيخبركم بأعمالكم ، خيرها وشرها ، ويجزيكم عليها.بوهم ، } فأعرضوا ثم أخبر عنهم أنهم سيحلفون معتذرين لتعرضوا عنهم فال تؤنهم رجس { أي : خبثاء نجس بواطنهم واعتقاداتهم ، عنهم { احتقارا لهم ، } إن

} ومأواهم { في آخرتهم } جهنم { } جزاء بما كانوا يكسبون { أي : من اآلثاموالخطايا.

2وأخبر أنهم وإن رضوا عنهم بحلفهم ) ه ال يرضى عن القوم ( لهم ، } فإن الل الفاسقين { أي : الخارجين عن طاعته وطاعة رسوله ، فإن الفسق هو الخروج ، ومنه سميت الفأرة "فويسقة" لخروجها من جحرها لإلفساد ، ويقال : "فسقت الرطبة" : إذا

(3خرجت من أكمامها )ه عليم ه على رسوله والل } األعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر أال يعلموا حدود ما أنزل الل

ص بكم الدوائر عليهم دائرة97حكيم ) خذ ما ينفق مغرما ويترب ( ومن األعراب من يته سميع عليم ) وء والل خذ ما98الس ه واليوم اآلخر ويت ( ومن األعراب من يؤمن بالل

ه في رحمته إن ها قربة لهم سيدخلهم الل سول أال إن ه وصلوات الر ينفق قربات عند الله غفور رحيم ) ( {99الل

أخبر تعالى أن في األعراب كفارا ومنافقين ومؤمنين ، وأن كفرهم ونفاقهم أعظم من غيرهم وأشد ، وأجدر ، أي : أحرى أال يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ، كما قال

األعمش عن إبراهيم قال : جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان وهو يحدث أصحابه ،

Page 179: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وكانت يده قد أصيبت يوم نهاوند ، فقال األعرابي : والله إن حديثك ليعجبني ، وإن يدك لتريبني فقال زيد : ما يريبك من يدي ؟ إنها الشمال. فقال األعرابي : والله ما أدري ،

( صدق الله : } األعراب أشد4اليمين يقطعون أو الشمال ؟ فقال زيد بن صوحان )ه على رسوله { كفرا ونفاقا وأجدر أال يعلموا حدود ما أنزل الل

وقال اإلمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا سفيان ، عن أبي موسى ، عنوهب

__________( في أ : "ستردون" وهو خطأ.1)( في أ : "بحلفانهم".2)( في ت : "كمامها".3)( في ك : "صوخان".4)

(4/201)

ه ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من سكن البادية بن منبجفا ، ومن اتبع الصيد غفل ، ومن أتى السلطان افتتن".

( وقال1ورواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي من طرق ، عن سفيان الثوري ، به )الترمذي : حسن غريب ، ال نعرفه إال من حديث الثوري.

ولما كانت الغلظة والجفاء في أهل البوادي لم يبعث الله منهم رسوال وإنما كانت البعثة من أهل القرى ، كما قال تعالى : } وما أرسلنا من قبلك إال رجاال نوحي إليهم

[ ولما أهدى ذلك األعرابي تلك الهدية لرسول الله109من أهل القرى { ]يوسف : صلى الله عليه وسلم فرد عليه أضعافها حتى رضي ، قال : "لقد هممت أال أقبل هدية

( ؛ ألن هؤالء كانوا يسكنون2إال من قرشي ، أو ثقفي أو أنصاري ، أو دوسي" ) المدن : مكة ، والطائف ، والمدينة ، واليمن ، فهم ألطف أخالقا من األعراب : لما في

طباع األعراب من الجفاء. ( في تقبيل الولد : قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو3حديث ]األعرابي[ )

كريب قاال حدثنا أبو أسامة وابن نمير ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : قدملون صبيانكم ؟ ناس من األعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : أتقب

ل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قالوا : نعم. قالوا : ولكنا والله ما نقب(4"وأملك أن كان الله نزع منكم الرحمة ؟". وقال ابن نمير : "من قلبك الرحمة" )ه عليم حكيم { أي : عليم بمن يستحق أن يعلمه اإليمان والعلم ، وقوله : } والل

} حكيم { فيما قسم بين عباده من العلم والجهل واإليمان والكفر والنفاق ، ال يسألعما يفعل ، لعلمه وحكمته.

خذ ما ينفق { أي : في سبيل الله } مغرما { أي : وأخبر تعالى أن منهم } من يتص بكم الدوائر { أي : ينتظر بكم ) ( الحوادث واآلفات ،5غرامة وخسارة ، } ويترب

ه سميع وء { أي : هي منعكسة عليهم والسوء دائر عليهم ، } والل } عليهم دائرة السعليم { أي : سميع لدعاء عباده ، عليم بمن يستحق النصر ممن يستحق الخذالن.

ه خذ ما ينفق قربات عند الل ه واليوم اآلخر ويت وقوله : } ومن األعراب من يؤمن باللسول { هذا هو القسم الممدوح من األعراب ، وهم الذين يتخذون ما وصلوات الر

Page 180: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ينفقون في سبيل الله قربة يتقربون بها عند الله ، ويبتغون بذلك دعاء الرسول لهم ، }ه ه في رحمته إن الل ها قربة لهم { أي : أال إن ذلك حاصل لهم ، } سيدخلهم الل أال إن

غفور رحيم {__________

(2256( وسنن الترمذي برقم )2859( وسنن أبي داود برقم )1/357( المسند )1)(.7/195وسنن النسائي )

( من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.6/279( رواه النسائي في السنن )2)( زيادة من ت ، ك ، أ.3)(.2317( صحيح مسلم برقم )4)( في ت ، ك ، أ : "لهم".5)

(4/202)

ه عنهم بعوهم بإحسان رضي الل ذين ات ابقون األولون من المهاجرين واألنصار وال والسات تجري تحتها األنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ) ورضوا عنه وأعد لهم جن

فاق ال100 ( وممن حولكم من األعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النتين ثم يردون إلى عذاب عظيم ) ( 101تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مر

ه عنهم بعوهم بإحسان رضي الل ذين ات ابقون األولون من المهاجرين واألنصار وال } والسات تجري تحتها األنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ) ورضوا عنه وأعد لهم جن

100} ) يخبر تعالى عن رضاه عن السابقين من المهاجرين واألنصار والتابعين لهم بإحسان ،

ورضاهم عنه بما أعد لهم من جنات النعيم ، والنعيم المقيم. قال الشعبي : السابقون األولون من المهاجرين واألنصار من أدرك بيعة الرضوان عام

الحديبية. وقال أبو موسى األشعري ، وسعيد بن المسيب ، ومحمد بن سيرين ، والحسن ،

وقتادة : هم الذين صلوا إلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.ابقون وقال محمد بن كعب القرظي : مر عمر بن الخطاب برجل يقرأ : } والس

األولون من المهاجرين واألنصار { فأخذ عمر بيده فقال : من أقرأك هذا ؟ فقال : أبي بن كعب. فقال : ال تفارقني حتى أذهب بك إليه. فلما جاءه قال عمر : أنت أقرأت هذا

هذه اآلية هكذا ؟ قال : نعم. قال : وسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم. لقد كنت أرى أنا رفعنا رفعة ال يبلغها أحد بعدنا ، فقال أبي : تصديق هذه اآلية في أول سورة الجمعة : } وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم {

نا اغفر لنا3]الجمعة : ذين جاءوا من بعدهم يقولون رب [ وفي سورة الحشر : } والذين سبقونا باإليمان { ]الحشر : ذين آمنوا من بعد10وإلخواننا ال [ وفي األنفال : } وال

[ إلى آخر اآلية ، رواه ابن جرير )75وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم { ]األنفال : 1)

قال : وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرؤها برفع "األنصار" عطفا علىابقون األولون { } والس

Page 181: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين األولين من المهاجرين واألنصارهم أو أبغض أو سب بعضهم ، وال والذين اتبعوهم بإحسان : فيا ويل من أبغضهم أو سب

سيما سيد الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم ، أعني الصديق األكبر والخليفة األعظم أبا بكر بن أبي قحافة ، رضي الله عنه ، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة

ونهم ، عياذا بالله من ذلك. وهذا يدل على أن يعادون أفضل الصحابة ويبغضونهم ويسبون من عقولهم معكوسة ، وقلوبهم منكوسة ، فأين هؤالء من اإليمان بالقرآن ، إذ يسب رضي الله عنهم ؟ وأما أهل السنة فإنهم يترضون عمن رضي الله عنه ، ويسبون من سبه الله ورسوله ، ويوالون من يوالي الله ، ويعادون من يعادي الله ، وهم متبعون ال

مبتدعون ، ويقتدون وال يبتدون ولهذا هم حزب الله المفلحون وعباده المؤمنون.فاق ال تعلمهم } وممن حولكم من األعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على الن

تين ثم يردون إلى عذاب عظيم ) ( {101نحن نعلمهم سنعذبهم مر__________

(.14/438( تفسير الطبري )1)

(4/203)

يخبر تعالى رسوله ، صلوات الله وسالمه عليه ، أن في أحياء العرب ممن حول المدينةفاق { أي : مرنوا منافقين ، وفي أهل المدينة أيضا منافقون } مردوا على الن

واستمروا عليه : ومنه يقال : شيطان مريد ومارد ، ويقال : تمرد فالن على الله ، أي :عتا وتجبر.

وقوله : } ال تعلمهم نحن نعلمهم { ال ينافي قوله تعالى : } ولو نشاء ألريناكهمهم في لحن القول { اآلية]محمد : [ ؛ ألن هذا من باب30فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفن

التوسم فيهم بصفات يعرفون بها ، ال أنه يعرف جميع من عنده من أهل النفاق والريب على التعيين. وقد كان يعلم أن في بعض من يخالطه من أهل المدينة نفاقا ، وإن كانيراه صباحا ومساء ، وشاهد هذا بالصحة ما رواه اإلمام أحمد في مسنده حيث قال : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن النعمان بن سالم ، عن رجل ، عن جبير بن مطعم ، رضي الله عنه ، قال : قلت : يا رسول الله ، إنهم يزعمون أنه ليس لنا أجر

بمكة ، فقال : لتأتينكم أجوركم ولو كنتم في جحر ثعلب وأصغى إلي رسول الله صلى(1الله عليه وسلم برأسه فقال : "إن في أصحابي منافقين" )

ومعناه : أنه قد يبوح بعض المنافقين والمرجفين من الكالم بما ال صحة له ، ومن مثلهم صدر هذا الكالم الذي سمعه جبير بن مطعم. وتقدم في تفسير قوله : } وهموا

( أعلم حذيفة بأعيان أربعة عشر أو2[ أنه عليه السالم )74بما لم ينالوا { ]التوبة : خمسة عشر منافقا ، وهذا تخصيص ال يقتضي أنه اطلع على أسمائهم وأعيانهم كلهم ،

والله أعلم. وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة "أبي عمر البيروتي" من طريق هشام بن عمار : حدثنا صدقة بن خالد ، حدثنا بن جابر ، حدثني شيخ بيروت يكنى أبا عمر ، أظنه حدثني

عن أبي الدرداء ؛ أن رجال يقال له "حرملة" أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : اإليمان هاهنا - وأشار بيده إلى لسانه - والنفاق هاهنا - وأشار بيده إلى قلبه ولم يذكر

الله إال قليال. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اللهم اجعل له لسانا ذاكرا ،

Page 182: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ر أمره إلى خير". فقال : يا رسول وقلبا شاكرا ، وارزقه حبي ، وحب من يحبني ، وصي الله ، إنه كان لي أصحاب من المنافقين وكنت رأسا فيهم ، أفال آتيك بهم ؟ قال : "من

(3أتانا استغفرنا له ، ومن أصر على دينه فالله أولى به ، وال تخرقن على أحد سترا" )قال : وكذا رواه أبو أحمد الحاكم ، عن أبي بكر الباغندي ، عن هشام بن عمار ، به.

وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن قتادة في هذه اآلية أنه قال : ما بال أقواميتكلفون علم__________

(.4/83( المسند )1)( في أ : "صلى الله عليه وسلم".2)(.29/76( انظر : مختصر تاريخ دمشق البن منظور )3)

(4/204)

الناس ؟ فالن في الجنة وفالن في النار. فإذا سألت أحدهم عن نفسه قال : ال أدري! ( أعلم منك بأحوال الناس ، ولقد تكلفت شيئا ما تكلفه األنبياء1لعمري أنت بنفسك )

[ وقال112قبلك. قال نبي الله نوح : } قال وما علمي بما كانوا يعملون { ]الشعراء : ة الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ { ]هود : نبي الله شعيب : } بقي

(.2[ وقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : } ال تعلمهم نحن نعلمهم { )86 وقال السدي ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس في هذه اآلية قال : قام رسول الله

صلى الله عليه وسلم خطيبا يوم الجمعة فقال : "اخرج يا فالن ، فإنك منافق ، واخرج يا فالن فإنك منافق". فأخرج من المسجد ناسا منهم ، فضحهم. فجاء عمر وهم

( وظن أن الناس قد3يخرجون من المسجد فاختبأ منهم حياء أنه لم يشهد الجمعة ) انصرفوا ، واختبئوا هم من عمر ، ظنوا أنه قد علم بأمرهم. فجاء عمر فدخل المسجد

( فضح الله4فإذا الناس لم يصلوا ، فقال له رجل من المسلمين : أبشر يا عمر ، قد ) المنافقين اليوم. قال ابن عباس : فهذا العذاب األول حين أخرجهم من المسجد ،

(5والعذاب الثاني عذاب القبر )وكذا قال الثوري ، عن السدي ، عن أبي مالك نحو هذا.

تين { يعني : القتل والسباء ) ( وقال - في6وقال مجاهد في قوله : } سنعذبهم مررواية - بالجوع ، وعذاب القبر ، } ثم يردون إلى عذاب عظيم {

وقال ابن جريج : عذاب الدنيا ، وعذاب القبر ، ثم يردون إلى عذاب النار.(7وقال الحسن البصري : عذاب في الدنيا ، وعذاب في القبر )

(8وقال عبد الرحمن بن زيد : أما عذاب في الدنيا فاألموال واألوالد ، وقرأ قول الله )ه أن يعذبهم بها في الدنيا { ]التوبة : ما يريد الل [85} فال تعجبك أموالهم وأوالدهم إن

فهذه المصائب لهم عذاب ، وهي للمؤمنين أجر ، وعذاب في اآلخرة في النار } ثميردون إلى عذاب عظيم { قال : النار.

تين { قال : هو - فيما بلغني - ما هم فيه من وقال محمد بن إسحاق : } سنعذبهم مر أمر اإلسالم ، وما يدخل عليهم من غيظ ذلك على غير حسبة ، ثم عذابهم في القبور

إذا صاروا إليها ، ثم العذاب العظيم الذي يردون إليه ، عذاب اآلخرة والخلد فيه.تين { عذاب الدنيا ، وعذاب القبر ، وقال سعيد ، عن قتادة في قوله : } سنعذبهم مر

Page 183: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

} ثم يردون إلى عذاب عظيم {__________

( في جميع النسخ : "بنصيبك" والتصويب من الطبري. مستفاد من هامش ط.1)الشعب.

(.1/253( تفسير عبد الرزاق )2)( في أ" : "المسجد".3)( في ت ، ك ، أ : "فقد".4)(.14/441( رواه الطبري في تفسيره )5)( في أ : "والسبي".6)( في ت ، أ : "النار".7)( في ت : "قوله" ، وفي أ : "قول الله تعالى".8)

(4/205)

ه أن يتوب عليهم إن ئا عسى الل وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عمال صالحا وآخر سيه غفور رحيم ) ( 102الل

ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أسر إلى حذيفة باثني عشر رجال من المنافقين ، فقال : "ستة منهم تكفيكهم الدبيلة : سراج من نار جهنم ، يأخذ في كتف أحدهم حتى يفضي إلى صدره ، وستة يموتون موتا". وذكر لنا أن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، كان إذا مات رجل ممن يرى أنه منهم ، نظر إلى حذيفة ، فإن صلى

عليه وإال تركه. وذكر لنا أن عمر قال لحذيفة : أنشدك بالله ، أمنهم أنا ؟ قال : ال. وال(1أومن منها أحدا بعدك. )

ه أن يتوب عليهم ئا عسى الل } وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عمال صالحا وآخر سيه غفور رحيم ) ( {102إن الل

ن تعالى حال المنافقين المتخلفين عن الغزاة رغبة عنها وتكذيبا وشكا ، شرع في لما بي بيان حال المذنبين الذين تأخروا عن الجهاد كسال وميال إلى الراحة ، مع إيمانهم

وتصديقهم بالحق ، فقال : } وآخرون اعترفوا بذنوبهم { أي : أقروا بها واعترفوا فيماهم ، ولهم أعمال أخر صالحة ، خلطوا هذه بتلك ، فهؤالء تحت عفو الله بينهم وبين رب

وغفرانه. وهذه اآلية - وإن كانت نزلت في أناس معينين - إال أنها عامة في كل المذنبين

الخاطئين المخلصين المتلوثين. وقد قال مجاهد : إنها نزلت في أبي لبابة لما قال لبني قريظة : إنه الذبح ، وأشار بيده

إلى حلقه. وقال ابن عباس : } وآخرون { نزلت في أبي لبابة وجماعة من أصحابه ، تخلفوا عن

غزوة تبوك ، فقال بعضهم : أبو لبابة وخمسة معه ، وقيل : وسبعة معه ، وقيل : ( ربطوا أنفسهم2وتسعة معه ، فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من غزوته )

بسواري المسجد ، وحلفوا ال يحلهم إال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أنزل الله هذه اآلية : } وآخرون اعترفوا بذنوبهم { أطلقهم النبي صلى الله عليه وسلم ،

Page 184: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وعفا عنهم. وقال البخاري : حدثنا مؤمل بن هشام ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، حدثنا عوف ،

حدثنا أبو رجاء ، حدثنا سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا ( فابتعثاني فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة ،3: "أتاني الليلة آتيان )

فتلقانا رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء ، وشطر كأقبح ما أنت راء ، قاال لهم : اذهبوا فقعوا في ذلك النهر. فوقعوا فيه ، ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم ، فصاروا في أحسن صورة ، قاال لي : هذه جنة عدن ، وهذا منزلك. قاال أما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح ، فإنهم خلطوا عمال صالحا

وآخر سيئا ، فتجاوز الله عنهم".(4هكذا رواه مختصرا ، في تفسير هذه اآلية. )

__________ (. والدبيلة : خراج ودمل كبير يظهر في14/443( رواه الطبري في تفسيره )1)

الجوف فيقتل صاحبه غالبا.( في أ : "من غزوة".2)( في أ : "اثنان".3)(.4674( صحيح البخاري برقم )4)

(4/206)

ه يهم بها وصل عليهم إن صالتك سكن لهم والل خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن103سميع عليم ) ه هو يقبل الت ( ألم يعلموا أن الل

حيم ) واب الر ه هو الت ( 104الل

ه يهم بها وصل عليهم إن صالتك سكن لهم والل } خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن103سميع عليم ) ه هو يقبل الت ( ألم يعلموا أن الل

حيم ) واب الر ه هو الت ( {104الل أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يأخذ من أموالهم صدقة يطهرهم ويزكيهم بها ، وهذا عام وإن أعاد بعضهم الضمير في "أموالهم" إلى الذين اعترفوا بذنوبهم وخلطوا عمال صالحا وآخر سيئا ؛ ولهذا اعتقد بعض مانعي الزكاة من أحياء

( صلى1العرب أن دفع الزكاة إلى اإلمام ال يكون ، وإنما كان هذا خاصا برسول الله ) الله عليه وسلم ؛ ولهذا احتجوا بقوله تعالى : } خذ من أموالهم صدقة تطهرهم

يهم بها وصل عليهم إن صالتك سكن لهم { وقد رد عليهم هذا التأويل والفهم وتزك الفاسد الصديق أبو بكر وسائر الصحابة ، وقاتلوهم حتى أدوا الزكاة إلى الخليفة ، كما

كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى قال الصديق : والله لو منعوني عقاال - وفي رواية : عناقا - يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

(2ألقاتلنهم على منعه. ) وقوله : } وصل عليهم { أي : ادع لهم واستغفر لهم ، كما رواه مسلم في صحيحه ،

عن عبد الله بن أبي أوفى قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بصدقة ( وفي3قوم صلى عليهم ، فأتاه أبي بصدقته فقال : "اللهم صل على آل أبي أوفى" )

Page 185: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

الحديث اآلخر : أن امرأة قالت : يا رسول الله ، صل علي وعلى زوجي. فقال : "صلى(4الله عليك ، وعلى زوجك". )

وقوله : } إن صالتك { : قرأ بعضهم : "صلواتك" على الجمع ، وآخرون قرءوا : } إنصالتك { على اإلفراد.

} سكن لهم { قال ابن عباس : رحمة لهم. وقال قتادة : وقار.ه سميع { أي : لدعائك } عليم { أي : بمن يستحق ذلك منك ومن هو وقوله : } والل

أهل له. قال اإلمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا أبو العميس ، عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة ،

عن ابن لحذيفة ، عن أبيه ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا لرجل أصابته ،(5وأصابت ولده ، وولد ولده. )

ثم رواه عن أبي نعيم ، عن مسعر ، عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة ، عن ابن لحذيفة -قال مسعر : __________

( في ك : "بالنبي".1) ( بلفظ : "لو منعنوني عقاال"7285 ، 7284( رواه البخاري في صحيحه برقم )2)

قال : "وقال ابن بكير وعبد الله عن الليث : "عناقا وهو أصح".(.1497( والبخاري في صحيحه برقم )1078( صحيح مسلم برقم )3)( والنسائي في السنن الكبرى برقم )1533( رواه أبو داود في السنن برقم )4)

( من حديث جابر بن عبد الله ، رضي الله عنه.10256(.5/385( المسند )5)

(4/207)

وقد ذكره مرة عن حذيفة - : إن صالة النبي صلى الله عليه وسلم لتدرك الرجل وولده(1وولد ولده. )

وبة عن عباده ويأخذ الصدقات { هذا تهييج ه هو يقبل الت وقوله : } ألم يعلموا أن الل( يحط الذنوب ويمحصها ويمحقها.2إلى التوبة والصدقة اللتين كل منها )

وأخبر تعالى أن كل من تاب إليه تاب عليه ، ومن تصدق بصدقة من كسب حالل فإن الله تعالى يتقبلها بيمينه فيربيها لصاحبها ، حتى تصير التمرة مثل أحد. كما جاء بذلك الحديث ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما قال الثوري ووكيع ، كالهما عن

عباد بن منصور ، عن القاسم بن محمد أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها ألحدكم ، كما

يربي أحدكم مهره ، حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد" ، وتصديق ذلك في كتاب الله ،وبة عن عباده ويأخذ الصدقات { ) ه[ هو يقبل الت (3عز وجل : } ]ألم يعلموا أن الل

با ويربي الصدقات { ]البقرة : 4و]قوله[ ) ه الر (5[. )276( } يمحق الل وقال الثوري واألعمش كالهما ، عن عبد الله بن السائب ، عن عبد الله بن أبي قتادة قال : قال عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه : إن الصدقة تقع في يد الله عز وجل

وبة عن ه هو يقبل الت قبل أن تقع في يد السائل. ثم قرأ هذه اآلية : } ألم يعلموا أن الل(.6عباده ويأخذ الصدقات { )

Page 186: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وقد روى ابن عساكر في تاريخه ، في ترجمة عبد الله بن الشاعر السكسكي الدمشقي - وأصله حمصي ، وكان أحد الفقهاء ، روى عن معاوية وغيره ، وحكى عنه

حوشب بن سيف السكسكي الحمصي - قال : غزا الناس في زمان معاوية ، رضي الله عنه ، وعليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، فغل رجل من المسلمين مائة دينار رومية. فلما قفل الجيش ندم وأتى األمير ، فأبى أن يقبلها منه ، وقال : قد تفرق

الناس ولن أقبلها منك ، حتى تأتي الله بها يوم القيامة فجعل الرجل يستقرئ الصحابة ، فيقولون له مثل ذلك ، فلما قدم دمشق ذهب إلى معاوية ليقبلها منه ، فأبى

عليه. فخرج من عنده وهو يبكي ويسترجع ، فمر بعبد الله بن الشاعر السكسكي ، فقال له : ما يبكيك ؟ فذكر له أمره ، فقال أمطيعني أنت ؟ فقال : نعم ، فقال : اذهب

إلى معاوية فقل له : اقبل مني خمسك ، فادفع إليه عشرين دينارا ، وانظر الثمانين الباقية فتصدق بها عن ذلك الجيش ، فإن الله يقبل التوبة عن عباده ، وهو أعلم

بأسمائهم ومكانهم ففعل الرجل ، فقال معاوية ، رضي الله عنه : ألن أكون أفتيته بها(7أحب إلي من كل شيء أملكه ، أحسن الرجل". )

__________(.400/ 5( المسند )1)( في ت ، أ : "منهما".2)( زيادة من ك.3)( زيادة من ك.4) (. تنبيه : وقع خطأ في اآلية هنا وعند الطبري ،14/461( رواه الطبري في تفسيره )5)

وما أثبتناه هو الصواب.( في ت : "تعلموا".6)( "المخطوط".9/401( تاريخ دمشق )7)

(4/208)

ه عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب وقل اعملوا فسيرى اللئكم بما كنتم تعملون ) هادة فينب ( 105والش

ه عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب } وقل اعملوا فسيرى اللئكم بما كنتم تعملون ) هادة فينب ( {105والش

قال مجاهد : هذا وعيد ، يعني من الله تعالى للمخالفين أوامره بأن أعمالهم ستعرض عليه تبارك وتعالى ، وعلى الرسول ، وعلى المؤمنين. وهذا كائن ال محالة يوم

( وقال1[ ، )18القيامة ، كما قال : } يومئذ تعرضون ال تخفى منكم خافية { ]الحاقة : رائر { ]الطارق : [ ، وقال } وحصل ما في الصدور {9تعالى : } يوم تبلى الس

[ وقد يظهر ذلك للناس في الدنيا ، كما قال اإلمام أحمد : 10]العاديات : اج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا در

سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "لو أن أحدكم يعمل في صخرة(.2صماء ليس لها باب وال كوة ، ألخرج الله عمله للناس كائنا ما كان". )

وقد ورد : أن أعمال األحياء تعرض على األموات من األقرباء والعشائر في البرزخ ،

Page 187: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

كما قال أبو داود الطيالسي : حدثنا الصلت بن دينار ، عن الحسن ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن أعمالكم تعرض على أقربائكم

وعشائركم في قبورهم ، فإن كان خيرا استبشروا به ، وإن كان غير ذلك قالوا : "اللهم(3، ألهمهم أن يعملوا بطاعتك". )

وقال اإلمام أحمد : أخبرنا عبد الرزاق ، عن سفيان ، عمن سمع أنسا يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من

األموات ، فإن كان خيرا استبشروا به ، وإن كان غير ذلك قالوا : اللهم ، ال تمتهم حتى(4تهديهم كما هديتنا". )

وقال البخاري : قالت عائشة ، رضي الله عنها : إذا أعجبك حسن عمل امرئ ، فقل :ه عملكم ورسوله والمؤمنون { ) (.5} اعملوا فسيرى الل

وقد ورد في الحديث شبيه بهذا ، قال اإلمام أحمد : حدثنا يزيد ، حدثنا حميد ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ال

عليكم أن تعجبوا بأحد حتى تنظروا بم يختم له ؟ فإن العامل يعمل زمانا من عمره - أو : برهة من دهره - بعمل صالح لو مات عليه لدخل الجنة ، ثم يتحول فيعمل عمال

سيئا ، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيئ ، لو__________

( في ت : "يعرضون ال يخفى"1)( ودراج عن أبي الهيثم ضعيف.3/28( المسند )2)(.1794( مسند الطيالسي برقم )3)( : "وفيه رجل لم يسم".2/228( وقال الهيثمي في المجمع )3/164( المسند )4) "فتح"(.13/503( صحيح البخاري )5)

(4/209)

ه عليم حكيم ) ه إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والل ( 106وآخرون مرجون ألمر الل

مات عليه دخل النار ، ثم يتحول فيعمل عمال صالحا ، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته". قالوا : يا رسول الله وكيف يستعمله : قال : "يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه

( تفرد به أحمد من هذا الوجه.1عليه" )ه عليم حكيم ) ه إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والل ( {106} وآخرون مرجون ألمر الل

قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة ، والضحاك وغير واحد : هم الثالثة الذين خلفوا ، أي : عن التوبة ، وهم : مرارة بن الربيع ، وكعب بن مالك ، وهالل بن أمية ، قعدوا عن

غزوة تبوك في جملة من قعد ، كسال وميال إلى الدعة والحفظ وطيب الثمار والظالل ، ال شكا ونفاقا ، فكانت منهم طائفة ربطوا أنفسهم بالسواري ، كما فعل أبو لبابة

وأصحابه ، وطائفة لم يفعلوا ذلك وهم هؤالء الثالثة المذكورون ، فنزلت توبة أولئك قبل هؤالء ، وأرجى هؤالء عن التوبة حتى نزلت اآلية اآلتية ، وهي قوله : } لقد تاب

بي والمهاجرين واألنصار { اآلية ]التوبة : ه على الن ذين117الل الثة ال [ ، } وعلى الثى إذا ضاقت عليهم األرض بما رحبت ]وضاقت عليهم أنفسهم[ { ) فوا حت ( اآلية2خل

[ ، كما سيأتي بيانه في حديث كعب بن مالك.118]التوبة :

Page 188: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وقوله : } إما يعذبهم وإما يتوب عليهم { أي : هم تحت عفو الله ، إن شاء فعل بهم هذا ، وإن شاء فعل بهم ذاك ، ولكن رحمته تغلب غضبه ، وهو } عليم حكيم { أي : عليم بمن يستحق العقوبة ممن يستحق العفو ، حكيم في أفعاله وأقواله ، ال إله إال

هو ، وال رب سواه.__________

( : "ورجاله رجال الصحيح".7/211( وقال الهيثمي في المجمع )3/120( المسند )1)( زيادة من ك.2)

(4/210)

ه خذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الل ذين ات والهم لكاذبون ) ه يشهد إن ( ال تقم107ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إال الحسنى والل

ون أن قوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحب فيه أبدا لمسجد أسس على الته يحب المطهرين ) ( 108يتطهروا والل

ه خذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الل ذين ات } والهم لكاذبون ) ه يشهد إن ( ال تقم107ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إال الحسنى والل

ون أن قوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحب فيه أبدا لمسجد أسس على الته يحب المطهرين ) ( {108يتطهروا والل

( الكريمات : أنه كان بالمدينة قبل مقدم رسول الله صلى1سبب نزول هذه اآليات ) الله عليه وسلم إليها رجل من الخزرج يقال له : "أبو عامر الراهب" ، وكان قد تنصر

في الجاهلية وقرأ علم أهل الكتاب ، وكان فيه عبادة في الجاهلية ، وله شرف في الخزرج كبير. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا إلى المدينة ، واجتمع المسلمون عليه ، وصارت لإلسالم كلمة عالية ، وأظهرهم الله يوم بدر ، شرق اللعينا إلى كفار مكة من مشركي أبو عامر بريقه ، وبارز بالعداوة ، وظاهر بها ، وخرج فار

بهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاجتمعوا بمن وافقهم من قريش فألأحياء العرب ، وقدموا عام أحد ، فكان من أمر المسلمين ما كان ،

__________( في أ : "اآلية".1)

(4/210)

(1وامتحنهم الله ، وكانت العاقبة للمتقين. ) وكان هذا الفاسق قد حفر حفائر فيما بين الصفين ، فوقع في إحداهن رسول الله

صلى الله عليه وسلم ، وأصيب ذلك اليوم ، فجرح في وجهه وكسرت رباعيته اليمنىالسفلى ، وشج رأسه ، صلوات الله وسالمه عليه.

وتقدم أبو عامر في أول المبارزة إلى قومه من األنصار ، فخاطبهم واستمالهم إلى نصره وموافقته ، فلما عرفوا كالمه قالوا : ال أنعم الله بك عينا يا فاسق يا عدو الله ،

Page 189: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وه. فرجع وهو يقول : والله لقد أصاب قومي بعدي شر. وكان رسول ونالوا منه وسب الله صلى الله عليه وسلم قد دعاه إلى الله قبل فراره ، وقرأ عليه من القرآن ، فأبىد ، فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يموت بعيدا طريدا ، أن يسلم وتمر

فنالته هذه الدعوة. ( من أحد ، ورأى أمر الرسول ، صلوات الله وسالمه عليه2وذلك أنه لما فرغ الناس )

( في ارتفاع وظهور ، ذهب إلى هرقل ، ملك الروم ، يستنصره على النبي صلى الله3)اه ، وأقام عنده ، وكتب إلى جماعة من قومه من األنصار من عليه وسلم ، فوعده ومن

يهم أنه سيقدم بجيش يقاتل به رسول الله صلى الله أهل النفاق والريب يعدهم ويمن عليه وسلم ويغلبه ويرده عما هو فيه ، وأمرهم أن يتخذوا له معقال يقدم عليهم فيه من يقدم من عنده ألداء كتبه ويكون مرصدا له إذا قدم عليهم بعد ذلك ، فشرعوا في بناء مسجد مجاور لمسجد قباء ، فبنوه وأحكموه ، وفرغوا منه قبل خروج النبي صلى الله

عليه وسلم إلى تبوك ، وجاءوا فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي إليهم فيصلي في مسجدهم ، ليحتجوا بصالته ، عليه السالم ، فيه على تقريره وإثباته ،

وذكروا أنهم إنما بنوه للضعفاء منهم وأهل العلة في الليلة الشاتية ، فعصمه الله منالصالة فيه فقال : "إنا على سفر ، ولكن إذا رجعنا إن شاء الله".

( راجعا إلى المدينة من تبوك ، ولم يبق بينه وبينها إال يوم4فلما قفل ، عليه السالم ) أو بعض يوم ، نزل عليه الوحي بخبر مسجد الضرار ، وما اعتمده بانوه من الكفر

والتفريق بين جماعة المؤمنين في مسجدهم مسجد قباء ، الذي أسس من أول يوم على التقوى. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك المسجد من هدمه قبل

ذين مقدمه المدينة ، كما قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : } والخذوا مسجدا ضرارا ]وكفرا وتفريقا بين المؤمنين[ { ) ( وهم أناس من األنصار ،5ات

ابتنوا مسجدا ، فقال لهم أبو عامر ، ابنوا مسجدا واستعدوا بما استطعتم من قوة ومن سالح ، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم ، فآتي بجند من الروم وأخرج محمدا

وأصحابه. فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : قد فرغنا ( أن تصلي فيه وتدعو لنا بالبركة. فأنزل الله ، عز وجل :6من بناء مسجدنا ، فنحب )

ه ال يهدي القوم قوى من أول يوم { إلى } والل } ال تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التالظالمين {.

وكذا روي عن سعيد بن جبير ، ومجاهد ، وعروة بن الزبير ، وقتادة وغير واحد منالعلماء.

وقال محمد بن إسحاق بن يسار ، عن الزهري ، ويزيد بن رومان ، وعبد الله بن أبيبكر ،

__________( في ت ، ك ، أ : "للتقوى".1)( في ت ، أ : "المسلمون".2)( في أ : "صلى الله عليه وسلم".3)( في أ : "صلى الله عليه وسلم".4)( زيادة من أ.5)( في ت ، ك : "فتجب".6)

(4/211)

Page 190: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم ، قالوا : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني : من تبوك - حتى نزل بذي أوان - بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار - وكان

أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة ، والليلة المطيرة ، والليلة الشاتية ، وإنا نحب أن

تأتينا فتصلي لنا فيه. فقال : "إني على جناح سفر وحال شغل - أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - ولو قد قدمنا إن شاء الله تعالى أتيناكم فصلينا لكم فيه". فلما

نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف ، ومعن بن عدي - أو : أخاه عامر بن عدي - أخا بلعجالن فقال : "انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله ، فاهدماه وحرقاه". فخرجا

سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف ، وهم رهط مالك بن الدخشم ، فقال مالك لمعن : أنظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي. فدخل أهله فأخذ سعفا من النخل ، فأشعل

فيه نارا ، ثم خرجا يشتدان حتى دخال المسجد وفيه أهله ، فحرقاه وهدماه وتفرقواخذوا مسجدا ضرارا وكفرا { إلى آخر ذين ات عنه. ونزل فيهم من القرآن ما نزل : } والالقصة. وكان الذين بنوه اثني عشر رجال خذام بن خالد ، من بني عبيد بن زيد ، أحد )

( بني عمرو بن عوف ، ومن داره أخرج مسجد الشقاق ، وثعلبة بن حاطب من بني1ب بن قشير ، من ]بني[ ) ( ضبيعة بن زيد ، وأبو2عبيد وهو إلى بني أمية بن زيد ، ومعت

اد بن حنيف ، أخو سهل بن حنيف ، من حبيبة بن األذعر ، من بني ضبيعة بن زيد ، وعب بني عمرو بن عوف ، وجارية بن عامر ، وابناه : مجمع بن جارية ، وزيد بن جارية ونبتل

( الحارث ، وهم من بني ضبيعة ، وبحزج وهو من بني ضبيعة ، وبجاد بن عثمان3]بن[ ) ( رهط أبي لبابة بن عبد4وهو من بني ضبيعة ، ]ووديعة بن ثابت ، وهو إلى بني أمية[ )

(5المنذر. ) وقوله : } وليحلفن { أي : الذين بنوه } إن أردنا إال الحسنى { أي : ما أردناه ببنيانه إال

هم لكاذبون { أي : فيما قصدوا ه يشهد إن خيرا ورفقا بالناس ، قال الله تعالى : } والل وفيما نووا ، وإنما بنوه ضرارا لمسجد قباء ، وكفرا بالله ، وتفريقا بين المؤمنين ،

وإرصادا لمن حارب الله ورسوله ، وهو أبو عامر الفاسق ، الذي يقال له : "الراهب"لعنه الله.

وقوله : } ال تقم فيه أبدا { نهي من الله لرسوله ، صلوات الله وسالمه عليه ، واألمةتبع له في ذلك ، عن أن يقوم فيه ، أي : يصلي فيه أبدا.

ثم حثه على الصالة في مسجد قباء الذي أسس من أول يوم بنائه على التقوى ، وهي طاعة الله ، وطاعة رسوله ، وجمعا لكلمة المؤمنين ومعقال وموئال لإلسالم وأهله ؛قوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه { ولهذا قال تعالى : } لمسجد أسس على الت

والسياق إنما هو في معرض مسجد قباء ؛ ولهذا جاء__________

( في أ : "جد".1)( زيادة من ت ، أ ، وابن هشام.2)( زيادة من ت ، أ ، وابن هشام.3)( زيادة من ت ، أ ، وابن هشام.4) (. وانظر14/468( ورواه الطبري في تفسيره )2/530( السيرة النبوية البن هشام )5)

Page 191: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

الكالم على هذه الرواية وتفنيدها في كتاب الفاضل : عداب الحمش "ثعلبة بن حاطب(.138المفترى عليه )ص

(4/212)

في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "صالة في مسجد قباء ( وفي الصحيح : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزور مسجد1كعمرة". )

( وفي الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بناه2قباء راكبا وماشيا )ن له وأسسه أول قدومه ونزوله على بني عمرو بن عوف ، كان جبريل هو الذي عي

( فالله أعلم.3جهة القبلة ) وقال أبو داود : حدثنا محمد بن العالء ، حدثنا معاوية بن هشام ، عن يونس بن

الحارث ، عن إبراهيم بن أبي ميمونة ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "نزلت هذه اآلية في أهل قباء : } فيه رجال

ون أن يتطهروا { قال : كانوا يستنجون بالماء ، فنزلت فيهم اآلية. يحب ورواه الترمذي وابن ماجه ، من حديث يونس بن الحارث ، وهو ضعيف ، وقال الترمذي

: غريب من هذا الوجه. وقال الطبراني : حدثنا الحسن بن علي المعمري ، حدثنا محمد بن حميد الرازي ،

حدثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، عن األعمش ، عن مجاهد ، عن ابنون أن يتطهروا { بعث رسول الله عباس قال : لما نزلت هذه اآلية : } فيه رجال يحب

صلى الله عليه وسلم إلى عويم بن ساعدة فقال : "ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم ؟". فقال : يا رسول الله ، ما خرج منا رجل وال امرأة من الغائط إال غسل

(4فرجه - أو قال : مقعدته - فقال النبي صلى الله عليه وسلم. "هو هذا". ) وقال اإلمام أحمد : حدثنا حسين بن محمد ، حدثنا أبو أويس ، حدثنا شرحبيل ، عن

عويم بن ساعدة األنصاري : أنه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد ( في الطهور في قصة5قباء ، فقال : "إن الله تعالى قد أحسن ]عليكم الثناء[ )

مسجدكم ، فما هذا الطهور الذي تطهرون به ؟" فقالوا : والله - يا رسول الله - ما نعلم شيئا إال أنه كان لنا جيران من اليهود ، فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط ،

فغسلنا كما غسلوا.(6ورواه ابن خزيمة في صحيحه. )

وقال هشيم ، عن عبد الحميد المدني ، عن إبراهيم بن إسماعيل األنصاري : أن رسولالله صلى الله عليه وسلم قال

__________ ( من1411( وابن ماجه في السنن برقم )324( رواه الترمذي في السنن برقم )1)

طريق أبي أسامة - عبد الحميد بن جعفر - عن أبي األبرد مولى بني الخطمة - عنأسيد بن ظهير األنصاري رضي الله عنه ، وبه. وقال الترمذي - كما في تحفة األشرف )

( : "حديث حسن صحيح ، وال نعرف ألسيد بن ظهير شيئا يصح غير هذا1/275الحديث ، وال نعرفه إال من حديث أبي أسامة".

( من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.1399( صحيح مسلم برقم )2)( ، وسنن ابن ماجة برقم )3100( وسنن الترمذي برقم )44( سنن أبي داود برقم )3)

Page 192: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

357.) ( وفيه محمد بن حميد وهو ضعيف ، وابن إسحاق مدلس11/67( المعجم الكبير )4)

وقد عنعن.( زيادة من ت ، أ ، والمسند.5)( وقال الهيثمي في المجمع )83( وصحيح ابن خزيمة برقم )3/422( المسند )6)

( : "وفيه شرحبيل بن سعد ضعفه مالك وابن معين وأبو زرعة ووثقه ابن1/212حبان".

(4/213)

ون أن يتطهروا والله لعويم بن ساعدة. "ما هذا الذي أثنى الله عليكم : } فيه رجال يحب(1يحب المطهرين { قالوا : يا رسول الله ، إنا نغسل األدبار بالماء. )

وقال ابن جرير : حدثني محمد بن عمارة األسدي ، حدثنا محمد بن سعد ، حدثنا إبراهيم بن محمد ، عن شرحبيل بن سعد قال : سمعت خزيمة بن ثابت يقول : نزلت

ه يحب المطهرين { قال : كانوا ون أن يتطهروا والل هذه اآلية : } فيه رجال يحب(2يغسلون أدبارهم من الغائط. )

حديث آخر : قال اإلمام أحمد بن حنبل : حدثنا يحيى بن آدم ، حدثنا مالك - يعني : ابن مغول - سمعت سيارا أبا الحكم ، عن شهر بن حوشب ، عن محمد بن عبد الله بن

( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يعني : قباء ، فقال : "إن3سالم قال : لما ) الله ، عز وجل ، قد أثنى عليكم في الطهور خيرا ، أفال تخبروني ؟". يعني : قوله تعالى

ه يحب المطهرين { فقالوا : يا رسول الله ، إنا ون أن يتطهروا والل : } فيه رجال يحب(4نجده مكتوبا علينا في التوراة : االستنجاء بالماء. )

وقد صرح بأنه مسجد قباء جماعة من السلف ، رواه علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس. ورواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير. وقاله عطية العوفي ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، والشعبي ، والحسن البصري ، ونقله البغوي

عن سعيد بن جبير ، وقتادة. وقد ورد في الحديث الصحيح : أن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو

في جوف المدينة ، هو المسجد الذي أسس على التقوى. وهذا صحيح. وال منافاة بين اآلية وبين هذا ؛ ألنه إذا كان مسجد قباء قد أسس على التقوى من أول يوم ، فمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق األولى واألحرى ؛ ولهذا قال اإلمام أحمد بن

حنبل في مسنده : حدثنا أبو نعيم ، حدثنا عبد الله بن عامر األسلمي ، عن عمران بن أبي أنس ، عن سهل

بن سعد ، عن أبي بن كعب : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "المسجد الذي(5أسس على التقوى مسجدي هذا". تفرد به أحمد. )

حديث آخر : قال اإلمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا ربيعة بن عثمان التيمي ، عن عمران بن أبي أنس ، عن سهل بن سعد الساعدي قال : اختلف رجالن على عهد رسول الله

صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي أسس على التقوى ، فقال أحدهما : هو( صلى الله عليه وسلم. وقال اآلخر : هو مسجد قباء.6مسجد رسول الله )

__________

Page 193: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(.14/487( رواه الطبري في تفسيره )1)(.14/487( رواه الطبري في تفسيره )2)( في أ : "لقد".3)(.6/6( المسند )4)(.5/116( المسند )5)( في ت ، أ : "الرسول".6)

(4/214)

( تفرد به أحمد1فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسأاله ، فقال : "هو مسجدي هذا" )أيضا.

حديث آخر : قال أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا ليث ، عن عمران بن أبي أنس ، عن سعيد بن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، قال : تمارى رجالن في المسجد الذي أسس على التقوى ، فقال أحدهما : هو مسجد قباء ، وقال اآلخر : هو مسجد

النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "هو مسجدي هذا" )( تفرد به أحمد.2

طريق أخرى : قال اإلمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى ، حدثنا ليث ، حدثني عمران بن أبي أنس ، عن ابن أبي سعيد ، عن أبيه أنه قال : تمارى رجالن في المسجد الذي

أسس على التقوى من أول يوم ، فقال رجل : هو مسجد قباء ، وقال اآلخر : هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"هو مسجدي". ( وصححه الترمذي ، ورواه3وكذا رواه الترمذي والنسائي عن قتيبة ، عن الليث )

مسلم كما سيأتي. طريق أخرى : قال أحمد : حدثنا يحيى ، عن أنيس بن أبي يحيى ، حدثني أبي قال : سمعت أبا سعيد الخدري قال : اختلف رجالن : رجل من بني خدرة ، ورجل من بني

عمرو بن عوف في المسجد الذي أسس على التقوى ، فقال الخدري : هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال العمري : هو مسجد قباء ، فأتيا رسول الله

صلى الله عليه وسلم فسأاله عن ذلك ، فقال : "هو هذا المسجد" لمسجد رسول الله(5( يعني : مسجد قباء. )4صلى الله عليه وسلم ، وقال : "في ذاك ]خير كثير[ )

طريق أخرى : قال أبو جعفر بن جرير : حدثنا ابن بشار ، حدثنا يحيى بن سعيد - حدثنا ( فقلت :6حميد الخراط المدني ، سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن بن أبي سعيد )

كيف سمعت أباك يقول في المسجد الذي أسس على التقوى ؟ فقال أبي : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه في بيت لبعض نسائه ، فقلت : يا

( الذي أسس على التقوى ؟ قال : فأخذ كفا من حصباء7رسول الله ، أين المسجد ) (8فضرب به األرض ، ثم قال : "هو مسجدكم هذا". ثم قال : ]فقلت له : هكذا[ )

سمعت أباك يذكره ؟. ( ورواه عن أبي9رواه مسلم منفردا به عن محمد بن حاتم ، عن يحيى بن سعيد ، به )

بكر بن__________

Page 194: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( : "رجاله رجال الصحيح".7/34( وقال الهيثمي في المجمع )5/331( المسند )1)(.3/89( المسند )2)( والنسائي في السنن الكبرى برقم )3099( وسنن الترمذي برقم )3/7( المسند )3)

11228.)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والمسند. وفي أ : "خير كبير".4)(.3/23( المسند )5) ( في ت ، ك ، أ : "سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن قال : مر بي عبد الرحمن بن6)

أبي سعيد".( في أ : "أي مسجد".7)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والطبري.8)(.1398( وصحيح مسلم برقم )14/477( تفسير الطبري )9)

(4/215)

(1أبي شيبة وغيره ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن حميد الخراط ، به. ) وقد قال بأنه مسجد النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من السلف والخلف ، وهو مروي عن عمر بن الخطاب ، وابنه عبد الله ، وزيد بن ثابت ، وسعيد بن المسيب.

واختاره ابن جرير.ون قوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحب وقوله : } لمسجد أسس على الته يحب المطهرين { دليل على استحباب الصالة في المساجد القديمة أن يتطهروا والل

المؤسسة من أول بنائها على عبادة الله وحده ال شريك له ، وعلى استحباب الصالةمع جماعة الصالحين ، والعباد العاملين المحافظين على إسباغ الوضوء ، والتنزه عن )

( مالبسة القاذورات.2 وقد قال اإلمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن عبد الملك بن عمير ، سمعت شبيبا أبا روح يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أن

( الروم فأوهم ، فلما3رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح فقرأ بهم ) انصرف قال : "إنه يلبس علينا القرآن ، إن أقواما منكم يصلون معنا ال يحسنون

الوضوء ، فمن شهد الصالة معنا فليحسن الوضوء". ثم رواه من طريقين آخرين ، عن عبد الملك بن عمير ، عن شبيب أبي روح من ذي

( فدل هذا على أن إكمال4الكالع : أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكره )الطهارة يسهل القيام في العبادة ، ويعين على إتمامها وإكمالها والقيام بمشروعاتها.

ه يحب المطهرين { إن الطهور بالماء لحسن ، وقال أبو العالية في قوله تعالى : } واللولكنهم المطهرون من الذنوب.

وقال األعمش : التوبة من الذنب ، والتطهير من الشرك. وقد ورد في الحديث المروي من طرق ، في السنن وغيرها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألهل قباء : "قد أثنى الله عليكم في الطهور ، فماذا تصنعون ؟" فقالوا

: نستنجي بالماء. وقد قال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا عبد الله بن شبيب ، حدثنا أحمد بن محمد بن

عبد العزيز قال : وجدته في كتاب أبي ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن

Page 195: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه ون أن يتطهروا والل ابن عباس قال : نزلت هذه اآلية في أهل قباء. } فيه رجال يحب يحب المطهرين { فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا نتبع الحجارة

الماء.(5ثم قال : تفرد به محمد بن عبد العزيز ، عن الزهري ، ولم يرو عنه سوى ابنه. )

__________(.1398( صحيح مسلم برقم )1)( في ت ، ك ، أ : "من".2)( في ت ، أ : "فيها".3)(.472 ، 3/471( المسند )4) ( : "فيه محمد بن1/212( وقال الهيثمي في المجمع )247( مسند البزار برقم )5)

عبد العزيز بن عمر الزهري ضعفه البخاري والنسائي وهو الذي أشار بجلد مالك".

(4/216)

أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفاه ال يهدي القوم الظالمين ) م والل ( ال يزال بنيانهم109جرف هار فانهار به في نار جهنه عليم حكيم ) ذي بنوا ريبة في قلوبهم إال أن تقطع قلوبهم والل ( 110ال

( ولم يعرفه كثير من1قلت : وإنما ذكرته بهذا اللفظ ألنه مشهور بين الفقهاء )المحدثين المتأخرين ، أو كلهم ، والله أعلم.

} أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفاه ال يهدي القوم الظالمين ) م والل ( ال يزال بنيانهم109جرف هار فانهار به في نار جهنه عليم حكيم ) ذي بنوا ريبة في قلوبهم إال أن تقطع قلوبهم والل ( {110ال

يقول تعالى : ال يستوي من أسس بنيانه على تقوى الله ورضوان ، ومن بنى مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين ، وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل ، فإنما

م بنى هؤالء بنيانهم } على شفا جرف هار { أي : طرف حفيرة مثاله } في نار جهنه ال يهدي القوم الظالمين { أي : ال يصلح عمل المفسدين. والل

قال جابر بن عبد الله : رأيت المسجد الذي بني ضرارا يخرج منه الدخان على عهد( صلى الله عليه وسلم.2النبي )

( حفروا فوجدوا الدخان يخرج منه. وكذا قال4( ذكر لنا أن رجاال )3وقال ابن جريج )قتادة.

وقال خلف بن ياسين الكوفي : رأيت مسجد المنافقين الذي ذكره الله تعالى في ( رحمه5القرآن ، وفيه جحر يخرج منه الدخان ، وهو اليوم مزبلة. رواه ابن جرير )

الله.ذي بنوا ريبة في قلوبهم { أي : شكا ونفاقا بسبب إقدامهم وقوله : } ال يزال بنيانهم ال

على هذا الصنيع الشنيع ، أورثهم نفاقا في قلوبهم ، كما أشرب عابدو العجل حبه. وقوله : } إال أن تقطع قلوبهم { أي : بموتهم. قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ،

وزيد بن أسلم ، والسدي ، وحبيب بن أبي ثابت ، والضحاك ، وعبد الرحمن بن زيد بنأسلم ، وغير واحد من علماء السلف.

Page 196: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه عليم { أي : بأعمال خلقه ، } حكيم { في مجازاتهم عنها ، من خير وشر. ) (6} والل__________

( في ت ، ك ، أ : "الفقهاء به".1)( في ت ، أ : "رسول الله".2)( في ت ، أ : "جرير".3)( في ت : "رجال".4)(.14/494( تفسير الطبري )5)( في ك ، أ : "عليها".6)

(4/217)

ه ة يقاتلون في سبيل الل ه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجن إن اللوراة واإلنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في الت

ذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) ه فاستبشروا ببيعكم ال ( 111الل

ة يقاتلون في سبيل الله ه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجن } إن اللوراة واإلنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في الت

ذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) ه فاستبشروا ببيعكم ال ( {111الل يخبر تعالى أنه عاوض عباده المؤمنين عن أنفسهم وأموالهم إذ بذلوها في سبيله

بالجنة ، وهذا من فضله وكرمه وإحسانه ، فإنه قبل العوض عما يملكه بما تفضل به على عباده المطيعين له ؛ ولهذا قال الحسن البصري وقتادة : بايعهم والله فأغلى

ثمنهم. وقال شمر بن عطية : ما من مسلم إال ولله ، عز وجل ، في عنقه بيعة ، وفى بها أو

مات عليها ، ثم تال هذه اآلية.ولهذا يقال : من حمل في سبيل الله بايع الله ، أي : قبل هذا العقد ووفى به.

وقال محمد بن كعب القرظي وغيره : قال عبد الله بن رواحة ، رضي الله عنه ، لرسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني ليلة العقبة - : اشترط لربك ولنفسك ما شئت! فقال : "أشترط لربي أن تعبدوه وال تشركوا به شيئا ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم". قالوا : فما لنا إذا فعلنا ذلك ؟ قال :

ه اشترى من1"الجنة". قالوا : ربح البيع ، ال نقيل وال نستقيل ، فنزلت : ) ( } إن اللالمؤمنين أنفسهم وأموالهم { اآلية.

ه فيقتلون ويقتلون { أي : سواء قتلوا أو قتلوا ، أو وقوله : } يقاتلون في سبيل الل اجتمع لهم هذا وهذا ، فقد وجبت لهم الجنة ؛ ولهذا جاء في الصحيحين : "وتكفل الله لمن خرج في سبيله ، ال يخرجه إال جهاد في سبيلي ، وتصديق برسلي ، بأن توفاه أنيدخله الجنة ، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه ، نائال ما نال من أجر أو غنيمة". )

2)وراة واإلنجيل والقرآن { تأكيد لهذا الوعد ، وإخبار بأنه وقوله : } وعدا عليه حقا في الت

( التوراة3قد كتبه على نفسه الكريمة ، وأنزله على رسله في كتبه الكبار ، وهي ) المنزلة على موسى ، واإلنجيل المنزل على عيسى ، والقرآن المنزل على محمد ،

Page 197: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

صلوات الله وسالمه عليهم أجمعين.ه { ]أي : وال واحد أعظم وفاء بما عاهد عليه من وقوله : } ومن أوفى بعهده من الل

( فإنه ال يخلف الميعاد ، وهذا كقوله تعالى : } ومن أصدق من الله حديثا {4الله[ ) [ ؛ ولهذا قال :122[} ومن أصدق من الله قيال { ]النساء : 87]النساء :

ذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم { أي : فليستبشر من قام } فاستبشروا ببيعكم ال( المقيم.5بمقتضى هذا العقد ووفى بهذا العهد ، بالفوز العظيم ، والنعيم )

__________( في أ : "فنزل".1)(1876( وصحيح مسلم برقم )3123( صحيح البخاري برقم )2)( في أ : "وهو".3)( زيادة من ت ، ك ، أ.4)( في ت ، أ : "والمغنم".5)

(4/218)

اجدون اآلمرون بالمعروف اكعون الس ائحون الر ائبون العابدون الحامدون الس التر المؤمنين ) اهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبش ( 112والن

اجدون اآلمرون بالمعروف اكعون الس ائحون الر ائبون العابدون الحامدون الس } التر المؤمنين ) اهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبش ( {112والن

(4/218)

هذا نعت المؤمنين الذين اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم بهذه الصفات الجميلةائبون { من الذنوب كلها ، التاركون للفواحش ، } العابدون { والخالل الجليلة : } الت

أي : القائمون بعبادة ربهم محافظين عليها ، وهي األقوال واألفعال فمن أخص األقوال ( ؛ فلهذا قال : } الحامدون { ومن أفضل األعمال الصيام ، وهو ترك المالذ1الحمد )

من الطعام والشراب والجماع ، وهو المراد بالسياحة هاهنا ؛ ولهذا قال :ائحون { كما وصف أزواج النبي ) ( صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله2} الس

[ أي : صائمات ، وكذا الركوع والسجود ، وهما5تعالى : } سائحات { ]التحريم : اجدون { وهم مع ذلك ينفعون خلق اكعون الس عبارة عن الصالة ، ولهذا قال : } الر

الله ، ويرشدونهم إلى طاعة الله بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، مع العلم بما ينبغي فعله ويجب تركه ، وهو حفظ حدود الله في تحليله وتحريمه ، علما وعمال فقاموار المؤمنين { ألن اإليمان يشمل هذا كله بعبادة الحق ونصح الخلق ؛ ولهذا قال : } وبش

، والسعادة كل السعادة لمن اتصف به.(4( أن المراد بالسياحة الصيام[ : )3]بيان )

قال سفيان الثوري ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله بن مسعود قال :ائحون { الصائمون. وكذا روي عن سعيد بن جبير ، والعوفي عن ابن عباس. } الس

Page 198: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : كل ما ذكر الله في القرآن السياحة ، همالصائمون. وكذا قال الضحاك ، رحمه الله.

وقال ابن جرير : حدثنا أحمد بن إسحاق ، حدثنا أبو أحمد ، حدثنا إبراهيم بن يزيد ، عنالوليد بن عبد الله ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : سياحة هذه األمة الصيام. )

5) وهكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، والضحاك

بن مزاحم ، وسفيان بن عيينة وغيرهم : أن المراد بالسائحين : الصائمون.ائحون { الصائمون شهر رمضان. وقال الحسن البصري : } الس

ائحون { الذين يديمون الصيام من المؤمنين.6وقال أبو ) ( عمرو العبدي : } الس وقد ورد في حديث مرفوع نحو هذا ، وقال ابن جرير : حدثني محمد بن عبد الله بن

بزيع ، __________

( في أ : "الحمد الله".1)( في ت ، أ : "الرسول".2)( في أ : "ذكر".3)( زيادة من ت ، ك ، أ.4)(.14/505( تفسير الطبري )5)( في ت : "ابن".6)

(4/219)

حدثنا حكيم بن حزام ، حدثنا سليمان ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال(1رسول الله صلى الله عليه وسلم : "السائحون هم الصائمون" )

]ثم رواه عن بندار ، عن ابن مهدي ، عن إسرائيل ، عن سليمان األعمش ، عن أبيائحون { الصائمون[. ) (2صالح ، عن أبي هريرة أنه قال : } الس

وهذا الموقوف أصح. وقال أيضا : حدثني يونس ، عن ابن وهب ، عن عمر بن الحارث ، عن عمرو بن دينار ،

عن عبيد بن عمير قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن السائحين فقال : "هم(3الصائمون". )

وهذا مرسل جيد. ( أصح األقوال وأشهرها ، وجاء ما يدل على أن السياحة الجهاد ، وهو ما روى4فهذه )

أبو داود في سننه ، من حديث أبي أمامة أن رجال قال : يا رسول الله ، ائذن لي في ( أمتي الجهاد في سبيل الله".5السياحة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "سياحة )

(6)ة : أن السياحة ذكرت عند وقال ابن المبارك ، عن ابن لهيعة : أخبرني عمارة بن غزي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أبدلنا

(7الله بذلك الجهاد في سبيل الله ، والتكبير على كل شرف". ) وعن عكرمة أنه قال : هم طلبة العلم. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هم

المهاجرون. رواهما ابن أبي حاتم.

Page 199: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وليس المراد من السياحة ما قد يفهمه بعض من يتعبد بمجرد السياحة في األرض ، والتفرد في شواهق الجبال والكهوف والبراري ، فإن هذا ليس بمشروع إال في أيام (8الفتن والزالزل في الدين ، كما ثبت في صحيح البخاري ، عن أبي سعيد الخدري )

( غنم9أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "يوشك أن يكون خير مال الرجل )(10يتبع بها شعف الجبال ، ومواقع القطر ، يفر بدينه من الفتن". )

وقال العوفي وعلي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : } والحافظون لحدوده { قال : القائمون بطاعة الله. وكذا قال الحسن البصري ، وعنه رواية : الل

} والحافظون لحدود الله { قال : لفرائض__________

(.14/503( تفسير الطبري )1)( زيادة من ت ، ك ، أ.2)(.14/502( تفسير الطبري )3)( في ت : "وهذا" ، وفي أ : "فهذا".4)( في أ : "سياح".5)(.2486( سنن أبي داود برقم )6)( وهذا معضل ، عمارة بن غزية لم يدرك أحدا من الصحابة.7)( في أ : "عن أبي هريرة".8)( في ت ، ك ، أ : "المسلم".9)(.19( صحيح البخاري برقم )10)

(4/220)

ذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما بي وال ما كان للنهم أصحاب الجحيم ) ن لهم أن ( وما كان استغفار إبراهيم ألبيه إال عن موعدة113تبي

أ منه إن إبراهيم ألواه حليم ) ه تبر ه عدو لل ن له أن اه فلما تبي ( 114وعدها إي

الله ، وفي رواية : القائمون على أمر الله.ذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما بي وال } ما كان للن

هم أصحاب الجحيم ) ن لهم أن ( وما كان استغفار إبراهيم ألبيه إال عن موعدة113تبيأ منه إن إبراهيم ألواه حليم ) ه تبر ه عدو لل ن له أن اه فلما تبي ( {114وعدها إي

قال اإلمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، ( دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم1عن أبيه قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة )

وعنده أبو جهل ، وعبد الله بن أبي أمية ، فقال : "أي عم ، قل : ال إله إال الله. كلمة أحاج لك بها عند الله ، عز وجل". فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب ، أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ ]قال : فلم يزاال يكلمانه ، حتى قال آخر شيء كلمهم

( فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "ألستغفرن3( ملة عبد المطلب[. )2به : على )ذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو بي وال لك ما لم أنه عنك". فنزلت : } ما كان للنك هم أصحاب الجحيم { قال : ونزلت فيه : } إن ن لهم أن كانوا أولي قربى من بعد ما تبي

(4[ أخرجاه. )56ال تهدي من أحببت { ]القصص :

Page 200: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وقال اإلمام أحمد : حدثنا يحيى بن آدم ، أخبرنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الخليل ، عن علي ، رضي الله عنه ، قال : سمعت رجال يستغفر ألبويه ، وهما مشركان ، فقلت : أيستغفر الرجل ألبويه وهما مشركان ؟ فقال : أو لم يستغفر إبراهيم ألبيه ؟

ذين آمنوا أن بي وال فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت : } ما كان للنه { قال : "لما مات" ، ه عدو لل ن له أن يستغفروا للمشركين { إلى قوله : } فلما تبي

(6( في الحديث "لما مات". )5فال أدري قاله سفيان أو قاله إسرائيل ، أو هو )قلت هذا ثابت عن مجاهد أنه قال : لما مات.

وقال اإلمام أحمد : حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا زهير ، حدثنا زبيد بن الحارث ( عن محارب بن دثار ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : كنا مع النبي صلى الله7اليامي )

عليه وسلم ، فنزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكب ، فصلى ركعتين ، ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان ، فقام إليه عمر بن الخطاب وفداه باألب واألم ، وقال : يا رسول الله ، ما لك ؟ قال : "إني سألت ربي ، عز وجل ، في االستغفار ألمي ، فلم يأذن لي ،

فدمعت عيناي رحمة لها من النار ، وإني كنت نهيتكم عن ثالث : نهيتكم عن زيارةالقبور

__________( في أ : "الفائدة".1)( في ت ، ك ، أ : "فقال : أنا على ملة".2)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والمسند.3)(.24( وصحيح مسلم برقم )4675( وصحيح البخاري برقم )5/533( المسند )4)( في ت ، أ : "وهو".5)(.1/99( المسند )6)( في أ : "السامي".7)

(4/221)

فزوروها ، لتذكركم زيارتها خيرا ، ونهيتكم عن لحوم األضاحي بعد ثالث ، فكلوا ( وال1وأمسكوا ما شئتم ، ونهيتكم عن األشربة في األوعية ، فاشربوا في أي وعاء )

(2تشربوا مسكرا". ) وروى ابن جرير ، من حديث علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أتى رسم قبر ، فجلس إليه ، فجعل

يخاطب ، ثم قام مستعبرا. فقلنا : يا رسول الله ، إنا رابنا ما صنعت. قال : "إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي ، فأذن لي ، واستأذنته في االستغفار لها فلم يأذن

(3لي". فما رئي باكيا أكثر من يومئذ. ) وقال ابن أبي حاتم ، في تفسيره : حدثنا أبي ، حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا عبد الله بن وهب ، عن ابن جريج عن أيوب بن هانئ ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى المقابر ، فاتبعناه ، فجاء حتى

جلس إلى قبر منها ، فناجاه طويال ثم بكى فبكينا لبكائه ثم قام فقام إليه عمر بن الخطاب ، فدعاه ثم دعانا ، فقال : "ما أبكاكم ؟" فقلنا : بكينا لبكائك. قال : "إن القبر

( ثم أورده4الذي جلست عنده قبر آمنة ، وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي" )

Page 201: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

من وجه آخر ، ثم ذكر من حديث ابن مسعود قريبا منه ، وفيه : "وإني استأذنت ربيذين آمنوا أن يستغفروا بي وال في الدعاء لها فلم يأذن لي ، وأنزل علي : } ما كان للن للمشركين ولو كانوا أولي قربى { فأخذني ما يأخذ الولد للوالدة ، وكنت نهيتكم عن

(5زيارة القبور فزوروها ، فإنها تذكر اآلخرة". ) حديث آخر في معناه : قال الطبراني : حدثنا محمد بن علي المروزي ، حدثنا أبو

( بن منيب ، حدثنا إسحاق بن عبد الله بن كيسان ، عن أبيه ، عن6الدرداء عبد العزيز ) عكرمة ، عن ابن عباس ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أقبل من غزوة

تبوك واعتمر ، فلما هبط من ثنية عسفان أمر أصحابه : أن استندوا إلى العقبة حتىه طويال ثم إنه بكى فاشتد بكاؤه ، أرجع إليكم ، فذهب فنزل على قبر أمه ، فناجى رب

وبكى هؤالء لبكائه ، وقالوا : ما بكى نبي الله بهذا المكان إال وقد أحدث في أمته شيء ال تطيقه. فلما بكى هؤالء قام فرجع إليهم ، فقال : "ما يبكيكم ؟". قالوا : يا نبي الله ، بكينا لبكائك ، فقلنا : لعله أحدث في أمتك شيء ال تطيقه ، قال : "ال وقد كان بعضه ،

ولكن نزلت على قبر أمي__________

( في ت ، ك ، أ : "أي وعاء شئتم".1)(.5/355( المسند )2) ( من طريق1/189( ورواه البيهقي في دالئل النبوة )14/512( تفسير الطبري )3)

سفيان عن علقمة بن مرثد به نحوه.( ومن طريقه البيهقي في دالئل النبوة )2/336( ورواه الحاكم في المستدرك )4)

( من طريق بحر بن نصر عن ابن وهب به نحوه.1/189 ( عن أبي هريرة رضي الله عنه976( وأصل الحديث رواه مسلم في صحيحه برقم )5)

قال : زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله. فقال : "استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي ، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن

لي ، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت".( في ت : "أبو الدرداء عن عبد العزيز".6)

(4/222)

فدعوت الله أن يأذن لي في شفاعتها يوم القيامة ، فأبى الله أن يأذن لي ، فرحمتها وهي أمي ، فبكيت ، ثم جاءني جبريل فقال : } وما كان استغفار إبراهيم ألبيه إال عن

أ منه { فتبرأ أنت من أمك ، كما تبرأ ه تبر ه عدو لل ن له أن اه فلما تبي موعدة وعدها إي إبراهيم من أبيه ، فرحمتها وهي أمي ، ودعوت ربي أن يرفع عن أمتي أربعا ، فرفع

عنهم اثنتين ، وأبى أن يرفع عنهم اثنتين : دعوت ربي أن يرفع عنهم الرجم من السماء والغرق من األرض ، وأال يلبسهم شيعا ، وأال يذيق بعضهم بأس بعض ، فرفع الله عنهم الرجم من السماء ، والغرق من األرض ، وأبى الله أن يرفع عنهم القتل والهرج". وإنما

(2( وكانت عسفان لهم. )1عدل إلى قبر أمه ألنها كانت مدفونة تحت كداء ) وهذا حديث غريب وسياق عجيب ، وأغرب منه وأشد نكارة ما رواه الخطيب البغدادي

في كتاب "السابق والالحق" بسند مجهول ، عن عائشة في حديث فيه قصة أن الله ( وكذلك ما رواه السهيلي في "الروض" بسند فيه جماعة3أحيا أمه فآمنت ثم عادت. )

Page 202: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(5( فآمنا به. )4مجهولون : أن الله أحيا له أباه وأمه ) وقد قال الحافظ ابن دحية : ]هذا الحديث موضوع يرده القرآن واإلجماع ، قال الله

ذين يموتون وهم كفار { ]النساء : [. وقال أبو عبد الله القرطبي :18تعالى : } وال ال ( في هذا االستدالل بما حاصله : أن6إن مقتضى هذا الحديث... ورد على ابن دحية[ )

هذه حياة جديدة ، كما رجعت الشمس بعد غيبوبتها فصلى علي العصر ، قال( ثابت ، يعني : حديث الشمس.7الطحاوي : وهو ]حديث[ )

قال القرطبي : فليس إحياؤهما يمتنع عقال وال شرعا ، قال : وقد سمعت أن الله أحيا(8عمه أبا طالب ، فآمن به. )

__________( في ت ، أ : "كذا وكذا" ، وفي ك : "كذا وكذا".1)(.11/374( المعجم الكبير )2) ( وقال :16( ساقه القرطبي في : التذكرة في أحوال الموتى وأمور اآلخرة )ص 3)

خرجه أبو بكر أحمد بن علي الخطيب في كتاب السابق والالحق ، وأبو حفص عمر بنشاهين في الناسخ والمنسوخ ، وال يصح الحديث. لمخالفته ما في صحيح مسلم برقم )

( من حديث أبي هريرة قال : زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى976 وأبكى من حوله. فقال : "استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي ، واستأذنته

في أن أزور قبرها فأذن لي ، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت" ولضعف إسناده.( في ت : "وآمنة".4)(.1/113( الروض األنف )5)( زيادة من ت ، ك ، أ.6)( زيادة من ت ، ك ، أ.7) (. وما ذكره القرطبي ال يصح ؛ أما إحياؤهما وإيمانهما فال يمتنع17( التذكرة )ص 8)

عقال ، وأما شرعا فقد جاء في صحيح مسلم من حديث أنس ؛ أن رجال قال : يا رسول الله ، أين أبي ؟ قال : "في النار" فلما قفا دعاه وقال : "إن أبي وأباك في النار" ومنع النبي صلى الله عليه وسلم من االستغفار ألمه ، وهذا المنع متأخر بخالف من قال بأن

ما جاء في أنهما - أي أبواه صلى الله عليه وسلم - في النار منسوخ بحديث عائشة الذي رواه الخطيب ، فإن دعوى النسخ غير قائمة وال تعتمد على أصل. وأما قول

القرطبي بأنه سمع أن الله أحيا عمه أبا طالب... إلخ ، فهذا أبعد عن الصحة ؛ فإن في الصحيح من حديث أبي سعيد ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم شفع له عند الله فهو

في النار يجعل ضحاح من نار تحت قدميه يغلي منها دماغه ، وفي صحيح مسلم مرفوعا : "أهون أهل النار عذابا أبو طالب" فمن يكون في النار كيف يقال : إنه آمن

في قبره ؟!

(4/223)

( والله أعلم.1قلت : وهذا كله متوقف على صحة الحديث ، فإذا صح فال مانع منه )ذين آمنوا أن يستغفروا بي وال وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله : } ما كان للن

للمشركين { اآلية ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يستغفر ألمه ، فنهاه ( فقال : "فإن إبراهيم خليل الله استغفر ألبيه" ، فأنزل الله : } وما2الله عن ذلك )

Page 203: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

اه { ) ( اآلية.3كان استغفار إبراهيم ألبيه إال عن موعدة وعدها إي وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، في هذه اآلية : كانوا يستغفرون لهم ، حتى

( أمسكوا عن االستغفار ألمواتهم ، ولم ينههم أن4نزلت هذه اآلية ، فلما ]نزلت ) ( ثم أنزل الله : } وما كان استغفار إبراهيم ألبيه {5يستغفروا لألحياء حتى يموتوا[ )

اآلية. وقال قتادة في هذه اآلية : ذكر لنا أن رجاال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

قالوا : يا نبي الله ، إن من آبائنا من كان يحسن الجوار ، ويصل األرحام ، ويفك العاني ، ويوفي بالذمم ؛ أفال نستغفر لهم ؟ قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم :

بي "بلى ، والله إني ألستغفر ألبي كما استغفر إبراهيم ألبيه". فأنزل الله : } ما كان للنذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين { حتى بلغ : } الجحيم { ثم عذر الله تعالى وال

ن اه فلما تبي إبراهيم ، فقال : } وما كان استغفار إبراهيم ألبيه إال عن موعدة وعدها إيأ منه { قال : وذكر لنا أن نبي الله قال : "أوحى إلي كلمات ، ه تبر ه عدو لل له أن

فدخلن في أذني ووقرن في قلبي : أمرت أال أستغفر لمن مات مشركا ، ومن أعطىفضل ماله فهو خير له ، ومن أمسك فهو شر له ، وال يلوم الله على كفاف".

(6وقال الثوري ، عن الشيباني ، عن سعيد بن جبير قال : مات رجل يهودي وله ابن ) مسلم ، فلم يخرج معه ، فذكر ذلك البن عباس فقال : فكان ينبغي له أن يمشي معهله إلى شأنه ثم قال : } وما كان ويدفنه ، ويدعو له بالصالح ما دام حيا ، فإذا مات وك

أ منه { لم ه تبر ه عدو لل ن له أن اه فلما تبي استغفار إبراهيم ألبيه إال عن موعدة وعدها إييدع.

( وهذا يشهد له بالصحة ما رواه أبو داود وغيره ، عن علي بن أبي طالب قال7]قلت[ ) : لما مات أبو طالب قلت : يا رسول الله ، إن عمك الشيخ الضال قد مات. قال :

(8"اذهب فواره وال تحدثن شيئا حتى تأتيني". وذكر تمام الحديث. ) ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مرت به جنازة عمه أبي طالب قال :

(9"وصلتك رحم يا عم". )__________

( وقد رأيت أن ذلك ال يصح. والله أعلم.1)( في ت ، أ : "عنه".2)( في ت : "إياها".3)( في أ : "أنزلت".4)( زيادة من ت ، ك ، أ.5)( في ك : "ولد".6)( زيادة من أ.7)(.3214( سنن أبي داود برقم )8) ( من طريق الفضل بن موسى ، عن إبراهيم1/260( ورواه ابن عدي في الكامل )9)

بن عبد الرحمن - وهو ضعيف - عن ابن جريج عن عطاء ، عن ابن عباس مرفوعا ولفظه : "وصلتك رحم وجزيت خيرا يا عم". وإبراهيم بن عبد الرحمن قال ابن عدي :"أحاديثه عن كل من روى ليست بمستقيمة" ثم قال : "وعامة أحاديثه غير محفوظة".

(4/224)

Page 204: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وقال عطاء بن أبي رباح : ما كنت ألدع الصالة على أحد من أهل القبلة ، ولو كانت حبشية حبلى من الزنا ؛ ألني لم أسمع الله حجب الصالة إال على المشركين ، يقول

ذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين {. بي وال الله ، عز وجل : } ما كان للن وروى ابن جرير ، عن ابن وكيع ، عن أبيه ، عن عصمة بن زامل ، عن أبيه قال :

سمعت أبا هريرة يقول : رحم الله رجال استغفر ألبي هريرة وألمه. قلت : وألبيه ؟ قال(1: ال. قال : إن أبي مات مشركا. )

أ منه { قال ابن عباس : ما زال إبراهيم يستغفر ه تبر ه عدو لل ن له أن وقوله : } فلما تبي ألبيه حتى مات ، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه. وفي رواية : لما مات تبين له أنه

عدو لله.وكذا قال مجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، وغيرهم ، رحمهم الله.

( يوم القيامة حين يلقى2وقال عبيد بن عمير ، وسعيد بن جبير : إنه يتبرأ منه ]في[ ) أباه ، وعلى وجه أبيه الغبرة والقترة فيقول : يا إبراهيم ، إني كنت أعصيك وإني اليوم ال أعصيك. فيقول : أي ربي ، ألم تعدني أال تخزني يوم يبعثون ؟ فأي خزي أخزى من

أبي األبعد ؟ فيقال : انظر إلى ما وراءك ، فإذا هو بذيخ متلطخ ، أي : قد مسخ ضبعانا ،ثم يسحب بقوائمه ، ويلقى في النار.

وقوله : } إن إبراهيم ألواه حليم { قال سفيان الثوري وغير واحد ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود أنه قال : األواه : الدعاء. وكذا روي

من غير وجه ، عن ابن مسعود. وقال ابن جرير : حدثني المثنى : حدثنا الحجاج بن منهال ، حدثنا عبد الحميد بن

بهرام ، حدثنا شهر بن حوشب ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس قال رجل : يا رسول الله ، ما األواه ؟ قال : "المتضرع" ،

(3قال : } إن إبراهيم ألواه حليم { ) ( ابن أبي حاتم من حديث ابن المبارك ، عن عبد الحميد بن بهرام ، به ، قال :4ورواه )

المتضرع : الدعاء. وقال الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم البطين عن أبي العبيدين أنه سأل ابن

مسعود عن األواه ، فقال : هو الرحيم. وبه قال مجاهد ، وأبو ميسرة عمرو بن شرحبيل ، والحسن البصري ، وقتادة : أنه

الرحيم ، أي : بعباد الله.__________

(.14/517( تفسير الطبري )1)( زيادة من ت ، ك ، أ.2)(.14/531( تفسير الطبري )3)( في ت ، أ : "وروى".4)

(4/225)

وقال ابن المبارك ، عن خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : األواه : الموقن ( وكذا قال العوفي ، عن ابن عباس : أنه الموقن. وكذا قال1بلسان الحبشة. )

مجاهد ، والضحاك. وقال علي بن أبي طلحة ، ومجاهد ، عن ابن عباس : األواه :

Page 205: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

المؤمن - زاد علي بن أبي طلحة عنه : المؤمن التواب. وقال العوفي عنه : هو المؤمنبلسان الحبشة. وكذا قال ابن جريج : هو المؤمن بلسان الحبشة.

وقال أحمد : حدثنا موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد ، عن علي بن رباح ، عن عقبة بن عامر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل يقال له

( كثير الذكر لله في القرآن ويرفع صوته2"ذو البجادين" : "إنه أواه" ، وذلك أنه رجل )في الدعاء.

(3ورواه ابن جرير. ) وقال سعيد بن جبير ، والشعبي : األواه : المسبح. وقال ابن وهب ، عن معاوية بن

صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن جبير بن نفير ، عن أبي الدرداء ، رضي الله عنه ، قال : ال يحافظ على سبحة الضحى إال أواه. وقال شفى بن مانع ، عن أيوب : األواه : الذي

إذا ذكر خطاياه استغفر منها.وعن مجاهد : األواه : الحفيظ الوجل ، يذنب الذنب سرا ، ثم يتوب منه سرا.

ذكر ذلك كله ابن أبي حاتم ، رحمه الله. وقال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع ، حدثنا المحاربي ، عن حجاج ، عن الحكم ، عن

الحسن بن مسلم بن يناق : أن رجال كان يكثر ذكر الله ويسبح ، فذكر ذلك للنبي صلى(4الله عليه وسلم ، فقال : "إنه أواه". )

وقال أيضا حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن يمان ، حدثنا المنهال بن خليفة ، عن حجاج بن أرطأة ، عن عطاء ، عن ابن عباس ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم دفن ميتا ، فقال :

( وقال شعبة ، عن أبي يونس5"رحمك الله إن كنت ألواها"! يعني : تالء للقرآن ) الباهلي قال : سمعت رجال بمكة - وكان أصله روميا ، وكان قاصا - يحدث عن أبي ذر قال : كان رجل يطوف بالبيت الحرام ويقول في دعائه : "أوه أوه" ، فذكر ذلك للنبي

صلى الله عليه وسلم فقال : إنه أواه. قال : فخرجت ذات ليلة ، فإذا رسول الله صلىالله عليه وسلم يدفن ذلك الرجل ليال ومعه المصباح.

(6هذا حديث غريب رواه ابن جرير ومشاه. ) ( } إن إبراهيم ألواه { قال : كان إذا ذكر النار قال7وروي عن كعب األحبار أنه قال : )

: "أوه من النار".__________

( في ت : "الحبشية".1)( في ت ، أ : "رجل كان كثير الذكر".2)( وحسنه الهيثمي في المجمع )14/533( وتفسير الطبري )4/159( المسند )3)

( وفيه ابن لهيعة متكلم فيه.9/369(.14/529( تفسير الطبري )4)(.14/530( تفسير الطبري )5) ( من طريق1/368(. ورواه الحاكم في المستدرك )14/530( تفسير الطبري )6)

شعبة به ، وقال : "إسناده معضل".( في هـ ، ت ، أ : "أنه قال : سمعت".7)

(4/226)

Page 206: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه بكل شيء عليم قون إن الل ن لهم ما يت ى يبي ه ليضل قوما بعد إذ هداهم حت وما كان الله من ولي115) ماوات واألرض يحيي ويميت وما لكم من دون الل ه له ملك الس ( إن الل

( 116وال نصير )

وقال ابن جريج عن ابن عباس : } إن إبراهيم ألواه { قال : فقيه.ه الدعاء ، وهو قال اإلمام العلم أبو جعفر بن جرير : وأولى األقوال قول من قال : إن

المناسب للسياق ، وذلك أن الله تعالى لما ذكر أن إبراهيم إنما استغفر ألبيه عن موعدة وعدها إياه ، وقد كان إبراهيم كثير الدعاء حليما عمن ظلمه وأناله مكروها ؛

( في قوله : } أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن1ولهذا استغفر ألبيه مع شدة أذاه )ا { ه كان بي حفي ي إن ا. قال سالم عليك سأستغفر لك رب ك واهجرني ملي لم تنته ألرجمن

[ ، فحلم عنه مع أذاه له ، ودعا له واستغفر ؛ ولهذا قال تعالى : } إن47 ، 46]مريم : (2إبراهيم ألواه حليم { )

ه بكل شيء قون إن الل ن لهم ما يت ى يبي ه ليضل قوما بعد إذ هداهم حت } وما كان الله115عليم ) ماوات واألرض يحيي ويميت وما لكم من دون الل ه له ملك الس ( إن الل

( {116من ولي وال نصير ) (3يقول تعالى مخبرا عن نفسه الكريمة وحكمه العادل : إنه ال يضل قوما بعد بالغ )

الرسالة إليهم ، حتى يكونوا قد قامت عليهم الحجة ، كما قال تعالى : } وأما ثمودوا العمى على الهدى { اآلية ]فصلت : [.17فهديناهم فاستحب

ن لهم ى يبي ه ليضل قوما بعد إذ هداهم حت وقال مجاهد في قوله تعالى : } وما كان اللقون { قال : بيان الله ، عز وجل ، للمؤمنين في االستغفار للمشركين خاصة ، ما يت

وفي بيانه طاعته ومعصيته عامة ، فافعلوا أو ذروا. وقال ابن جرير : يقول الله تعالى : وما كان الله ليقضي عليكم في استغفاركم

لموتاكم المشركين بالضالل بعد إذ رزقكم الهداية ووفقكم لإليمان به وبرسوله ، حتى ( ذلك بالنهي عنه ،4يتقدم إليكم بالنهي عنه فتتركوا ، فأما قبل أن يبين لكم كراهيته )

ثم تتعدوا نهيه إلى ما نهاكم عنه ، فإنه ال يحكم عليكم بالضالل ، فإن الطاعة والمعصية إنما يكونان من المأمور والمنهي ، وأما من لم يؤمر ولم ينه فغير كائن مطيعا أو عاصيا

فيما لم يؤمر به ولم ينه عنه.ه من ماوات واألرض يحيي ويميت وما لكم من دون الل ه له ملك الس وقوله : } إن الل

ولي وال نصير { قال ابن جرير : هذا تحريض من الله لعباده المؤمنين في قتال ( يثقوا بنصر الله مالك السماوات واألرض ، ولم5المشركين وملوك الكفر ، وأن )

يرهبوا من أعدائه فإنه ال ولي لهم من دون الله ، وال نصير لهم__________

( في ك : "أذاه له".1)(.14/532( تفسير الطبري )2)( في ت : "إبالغ".3)( في ت : "كراهية".4)( في ت ، ك : "وأنهم".5)

(4/227)

Page 207: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

بعوه في ساعة العسرة من بعد ذين ات بي والمهاجرين واألنصار ال ه على الن لقد تاب الله بهم رءوف رحيم ) ( 117ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إن

سواه. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن أبي دالمة البغدادي ، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن صفوان بن محرز ، عن حكيم بن حزام قال : بينا رسول

الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه إذ قال لهم : "هل تسمعون ما أسمع ؟" قالوا ما نسمع من شيء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إني ألسمع أطيط السماء ،

(1وما تالم أن تئط ، وما فيها من موضع شبر إال وعليه ملك ساجد أو قائم". ) ( إبرة من األرض إال وملك موكل بها ، يرفع2وقال كعب األحبار : ما من موضع خرمة )

علم ذلك إلى الله ، وإن مالئكة السماء ألكثر من عدد التراب ، وإن حملة العرش مابين كعب أحدهم إلى مخه مسيرة مائة عام.

بعوه في ساعة العسرة من ذين ات بي والمهاجرين واألنصار ال ه على الن } لقد تاب الله بهم رءوف رحيم ) ( {117بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إن

قال مجاهد وغير واحد : نزلت هذه اآلية في غزوة تبوك ، وذلك أنهم خرجوا إليها فيشدة من األمر في سنة مجدبة وحر شديد ، وعسر من الزاد والماء.

قال قتادة : خرجوا إلى الشام عام تبوك في لهبان الحر ، على ما يعلم الله من الجهد ، ( كانا يشقان التمرة بينهما ،3أصابهم فيها جهد شديد ، حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين )

وكان النفر يتداولون التمرة بينهم ، يمصها هذا ، ثم يشرب عليها ، ثم يمصها هذا ، ثم ( فتاب الله عليهم وأقفلهم من4يشرب عليها ، ]ثم يمصها هذا ، ثم يشرب عليها[ )

غزوتهم. وقال ابن جرير : حدثني يونس بن عبد األعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن

الحارث ، عن سعيد بن أبي هالل ، عن عتبة بن أبي عتبة ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن عبد الله بن عباس ؛ أنه قيل لعمر بن الخطاب في شأن العسرة ، فقال

عمر بن الخطاب : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في قيظ ( ]حتى إن5شديد ، فنزلنا منزال فأصابنا فيه عطش ، حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع )

( حتى إن6كان الرجل ليذهب يلتمس الماء ، فال يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع[ ) الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ، ويجعل ما بقي على كبده ، فقال أبو بكر

الصديق : يا رسول الله ، إن الله عز وجل ، قد عودك في الدعاء خيرا ، فادع لنا. قال :"تحب ذلك". قال : نعم! فرفع يديه فلم

__________ ( من2/217( وأبو نعيم في الحلية )3/201( ورواه الطبراني في المعجم الكبير )1)

طريق عبد الوهاب بن عطاء به نحوه ، وقال أبو نعيم : "هذا حديث غريب من حديثصفوان بن محرز عن حكيم تفرد به عن قتادة سعيد بن أبي عروبة".

( في ت ، أ : "خرم".2)( في أ : "رجلين".3)( زيادة من أ.4)( في ت : "ستقطع".5)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والطبري.6)

(4/228)

Page 208: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ت ) ( ثم سكبت ، فملئوا ما معهم ، ثم ذهبنا ننظر1يرجعهما حتى مالت السماء فأظل(2فلم نجدها جاوزت العسكر. )

ذين بي والمهاجرين واألنصار ال ه على الن وقال ابن جرير في قوله : } لقد تاب اللبعوه في ساعة العسرة { أي : من النفقة والظهر والزاد والماء ، } من بعد ما كاد ات

( أي : عن الحق ويشك في دين رسول الله صلى الله3يزيغ قلوب فريق منهم { ) عليه وسلم ويرتاب ، بالذي نالهم من المشقة والشدة في سفره وغزوه ، } ثم تاب

ه بهم عليهم { يقول : ثم رزقهم اإلنابة إلى ربهم ، والرجوع إلى الثبات على دينه ، } إنرءوف رحيم {.

__________( في ت ، ك ، أ : "فأهطلت".1) ( "موارد"1707( ورواه ابن حبان في صحيحه برقم )14/541( تفسير الطبري )2)

( من طريق حرملة ابن يحيى ، ورواه البزار في1/159والحاكم في المستدرك ) ( "كشف األستار" من طريق أصبغ بن الفرج كالهما عن ابن وهب1841مسنده برقم )

به نحوه ، وقال الحاكم : "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". قال( : "إسناد جيد ، ولم يخرجوه من هذا الوجه".4/16المؤلف ابن كثير في السيرة )

( في أ : "يزيغ".3)

(4/229)

ى إذا ضاقت عليهم األرض بما رحبت وضاقت عليهم ذين خلفوا حت الثة ال وعلى الثواب ه هو الت ه إال إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الل وا أن ال ملجأ من الل أنفسهم وظن

حيم ) ه وكونوا مع الصادقين )118الر قوا الل ذين آمنوا ات ها ال ( 119( يا أي

ى إذا ضاقت عليهم األرض بما رحبت وضاقت عليهم ذين خلفوا حت الثة ال } وعلى الثواب ه هو الت ه إال إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الل وا أن ال ملجأ من الل أنفسهم وظن

حيم ) ه وكونوا مع الصادقين )118الر قوا الل ذين آمنوا ات ها ال ( {119( يا أي قال اإلمام أحمد : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن أخي الزهري محمد بن عبد الله

، عن عمه محمد بن مسلم الزهري ، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن ( حين عمى - قال :1مالك ، أن عبد الله بن كعب بن مالك - وكان قائد كعب من بنيه )

سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فقال كعب بن مالك : لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه

( قط إال في غزوة تبوك ، غير أني كنت تخلفت في غزاة2وسلم في غزاة غيرها ) بدر ، ولم يعاتب أحد تخلف عنها ، وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد

عير قريش ، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ، ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين توافقنا على اإلسالم ، وما أحب أن لي بها مشهد بدر ، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها وأشهر ، وكان من خبري حين

تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى وال أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزاة ، والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى

Page 209: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ما يريد غزوة جمعتهما في تلك الغزاة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قل يغزوها إال ورى بغيرها ، حتى كانت تلك الغزوة فغزاها رسول الله صلى الله عليه

( فجلى3وسلم في حر شديد ، واستقبل سفرا بعيدا ومفازا ، واستقبل عدوا كثيرا )للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم ، فأخبرهم وجهه

__________( في أ : "بيته".1)( في أ : "غزاها".2)( في أ : "كبيرا".3)

(4/229)

الذي يريد ، والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ، ال يجمعهم كتاب حافظ - يريد الديوان - فقال كعب : فقل رجل يريد أن يتغيب إال ظن أن ذلك سيخفى

له ما لم ينزل فيه وحي من الله ، عز وجل ، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزاة حين طابت الثمار والظل ، وأنا إليها أصعر. فتجهز إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه ، وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم ، فأرجع ولم أقض

من جهازي شيئا ، فأقول لنفسي : أنا قادر على ذلك إذا أردت ، فلم يزل ذلك يتمادى ( بالناس الجد ، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديا1بي حتى شمر )

والمسلمون معه ، ولم أقض من جهازي شيئا ، وقلت : الجهاز بعد يوم أو يومين ثم ( فغدوت بعدما فصلوا ألتجهز ، فرجعت ولم أقض شيئا من جهازي. ثم غدوت2ألحقه )

( يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو ،3فرجعت ولم أقض شيئا ، فلم يزل ]ذلك[ ) فهممت أن أرتحل فأدركهم - وليت أني فعلت - ثم لم يقدر ذلك لي ، فطفقت إذا

( رسول الله صلى الله عليه وسلم ]فطفت فيهم[ )4خرجت في الناس بعد ]خروج[ ) ( يحزنني أال أرى إال رجال مغموصا عليه في النفاق ، أو رجال ممن عذره الله ، عز5

وجل ، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك ، فقال وهو جالس في القوم بتبوك : "ما فعل كعب بن مالك ؟" قال رجل من بني سلمة : حبسه يا

رسول الله برداه ، والنظر في عطفيه. فقال له معاذ بن جبل : بئسما قلت! والله يا رسول الله ما علمنا عليه إال خيرا! فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال كعب بن مالك : فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافال من

( الكذب ، وأقول : بماذا أخرج من سخطه7( فطفقت أتذكر )6تبوك حضرني بثي ) غدا ؟ أستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي. فلما قيل : إن رسول الله صلى الله

عليه وسلم قد أظل قادما ، زاح عني الباطل وعرفت أني لم أنج منه بشيء أبدا.ح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان إذا قدم من سفر بدأ فأجمعت صدقه ، وصب بالمسجد فركع فيه ركعتين ، ثم جلس للناس. فلما فعل ذلك جاءه المتخلفون فطفقوا

يعتذرون إليه ويحلفون له - وكانوا بضعة وثمانين رجال - فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عالنيتهم ويستغفر لهم ، ويكل سرائرهم إلى الله تعالى ، حتى جئت ،

فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ، ثم قال لي : "تعال" ، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه ، فقال لي : "ما خلفك ، ألم تك قد اشتريت ظهرك" ؟ قال : فقلت :

يا رسول الله ، إني لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن أخرج من سخطه

Page 210: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

بعذر ، لقد أعطيت جدال ولكنه والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ، ليوشكن الله يسخطك علي ، ولئن حدثتك بصدق تجد علي فيه ، إني ألرجو

( والله ما كان لي عذر ، والله ما9( من الله ، عز وجل )8أقرب عقبى ذلك ]عفوا[ ) كنت قط أفرغ وال أيسر مني حين تخلفت عنك قال : فقال رسول الله صلى الله عليه

وسلم : "أما هذا فقد صدق ، فقم حتى يقضي الله فيك". فقمت وبادرني رجال من بني سلمة واتبعوني ، فقالوا لي : والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ، ولقد

عجزت أال تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به المتخلفون ( استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك.11( فقد كان كافيك ]من ذنبك[ )10)

قال : فوالله ما زالوا يؤنبوني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي : قال : ثم قلت لهم : ( رجالن ، قاال ما قلت ، وقيل12هل لقي هذا معي أحد ؟ قالوا : نعم ، ]لقيه معك[ )

لهما مثل ما قيل لك. قلت : فمن هما ؟ قالوا : مرارة بن الربيع العامري ، وهالل بن أمية الواقفي. فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا لي فيهما أسوة. قال : فمضيت حين ذكروهما لي - قال : ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كالمنا - أيها الثالثة - من بين من تخلف عنه ، فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا ، حتى تنكرت لي في نفسي األرض ، فما هي باألرض التي كنت أعرف ، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة. فأما

صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان ، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم ، فكنت أشهد الصالة مع المسلمين ، وأطوف باألسواق فال يكلمني أحد ، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلسه بعد الصالة فأسلم ، وأقول في نفسي :

حرك شفتيه برد السالم علي أم ال ؟ ثم أصلي قريبا منه ، وأسارقه النظر ، فإذا أقبلت على صالتي نظر إلي ، فإذا التفت نحوه أعرض ، حتى إذا طال علي ذلك من هجر

المسلمين مشيت حتى تسورت حائط أبي قتادة - وهو ابن عمي ، وأحب الناس إلي - فسلمت عليه ، فوالله ما رد علي السالم ، فقلت له : يا أبا قتادة ، أنشدك الله : هل تعلم أني أحب الله ورسوله ؟ قال : فسكت. قال : فعدت فنشدته ]فسكت ، فعدت

( فقال : الله ورسوله أعلم. قال : ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت13فنشدته[ ) (15( أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطي من أنباط الشام ، ممن )14الجدار. فبينا )

قدم بطعام يبيعه بالمدينة يقول : من يدل على كعب بن مالك ؟ قال : فطفق الناس ( فإذا16يشيرون له إلي ، حتى جاء فدفع إلي كتابا من ملك غسان ، وكنت كاتبا )

فيه : أما بعد ، فقد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان وال مضيعة ، فالحق بنا نواسك. قال : فقلت حين قرأتها : وهذا أيضا من البالء. قال : فتيممت به

( حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين ، إذا برسول رسول17التنور فسجرته ) الله صلى الله عليه وسلم يأتيني ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك

أن تعتزل امرأتك. قال : فقلت : أطلقها أم ماذا أفعل ؟ قال : بل اعتزلها وال تقربها. قال : وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك قال : فقلت المرأتي : الحقي بأهلك ، فكوني

عندهم حتى يقضي الله في هذا األمر. قال : فجاءت امرأة هالل بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له : يا رسول الله ، إن هالال شيخ ضائع ليس له خادم ،ك" قالت : وإنه والله ما به حركة إلى فهل تكره أن أخدمه ؟ قال : "ال ولكن ال يقربن شيء ، والله ما يزال يبكي من لدن أن كان من أمرك ما كان إلى يومه هذا. قال :

فقال لي بعض أهلي : لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك ، فقد أذن المرأة هالل بن أمية أن تخدمه. قال : فقلت : والله ال أستأذن فيها رسول الله

صلى الله عليه وسلم ، وما أدري ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ( عشر ليال ، فكمل لنا خمسون18استأذنته وأنا رجل شاب ؟ قال : فلبثنا ]بعد ذلك[ )

Page 211: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ليلة من حين نهى عن كالمنا قال : ثم صليت صالة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا ، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله تعالى منا : قد ضاقت علي

نفسي ، وضاقت علي األرض بما رحبت سمعت صارخا أوفى على جبل سلع يقول ( قد19بأعلى صوته : يا كعب بن مالك ، أبشر. قال : فخررت ساجدا ، وعرفت أن )

جاء فرج ، فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى الفجر ، فذهب الناس يبشروننا ، وذهب قبل صاحبي مبشرون ، وركض إلي رجل فرسا ،

وسعى ساع من أسلم وأوفى على الجبل ، فكان الصوت أسرع من الفرس. فلما ( ثوبي ، فكسوتهما إياه ببشارته ،20جاءني الذي سمعت صوته يبشرني ، فنزعت )

والله ما أملك غيرهما يومئذ ، واستعرت ثوبين فلبستهما ، وانطلقت أؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يلقاني الناس فوجا فوجا يهنئوني بالتوبة ، يقولون : ليهنك توبة

الله عليك. حتى دخلت المسجد ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فيأني ، المسجد حوله الناس ، فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول ، حتى صافحني وهن والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره قال : فكان كعب ال ينساها لطلحة. قال كعب : فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من

السرور : "أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك". قال : قلت : أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله ؟ قال : "ال بل من عند الله". قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر ، حتى يعرف ذلك منه. فلما

جلست بين يديه قلت : يا رسول الله ، إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله. قال : "أمسك عليك بعض مالك ، فهو خير لك". قال : فقلت : فإني

أمسك سهمي الذي بخيبر. وقلت : يا رسول الله ، إنما نجاني الله بالصدق ، وإن من توبتي أال أحدث إال صدقا ما بقيت. قال : فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين أباله الله من الصدق في الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما

أبالني الله تعالى ، والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا ، وإني ألرجو أن يحفظني الله فيما بقي. قال : وأنزل الله تعالى :

بعوه في ساعة العسرة من ذين ات بي والمهاجرين واألنصار ال ه على الن } لقد تاب اللالثة ه بهم رءوف رحيم. وعلى الث بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إن

وا أن ى إذا ضاقت عليهم األرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظن فوا حت ذين خل الذين ها ال حيم. يا أي واب الر ه هو الت ال ملجأ من الله إال إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله وكونوا مع الصادقين { قال كعب : فوالله ما أنعم الله علي من نعمة قوا الل آمنوا ات قط بعد أن هداني لإلسالم أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه

( ؛ فإن الله21وسلم يومئذ أال أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوه ]حين كذبوه[ ) ( الله تعالى :22تعالى قال للذين كذبوه حين أنزل الوحي شر ما قال ألحد ، قال )

هم رجس ه لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إن } سيحلفون باللم جزاء بما كانوا يكسبون. يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم ومأواهم جهن

ه ال يرضى عن القوم الفاسقين { ]التوبة : [. قال : وكنا خلفنا - أيها96 ، 95فإن الل الثالثة - عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا ، فبايعهم واستغفر لهم ، وأرجأ رسول الله أمرنا ، حتى قضى الله فيه ، فبذلك قال الله

فوا { وليس تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا الذي ذكر23تعالى : ) ذين خل الثة ال ( } وعلى الثمما خلفنا بتخلفنا عن الغزو ، وإنما هو عمن حلف له واعتذر إليه ، فقبل منه.

هذا حديث صحيح ثابت متفق على صحته ، رواه صاحبا الصحيح : البخاري ومسلم من(24حديث الزهري ، بنحوه. )

Page 212: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

فقد تضمن هذا الحديث تفسير هذه اآلية الكريمة بأحسن الوجوه وأبسطها. وكذا روي عن غير واحد من السلف في تفسيرها ، كما رواه األعمش ، عن أبي سفيان ، عن

ذين خلفوا { قال : هم كعب بن الثة ال جابر بن عبد الله في قوله تعالى : } وعلى الثمالك ، وهالل بن أمية ، ومرارة بن ربيعة وكلهم من األنصار.

وكذا قال مجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي وغير واحد - وكلهم قال : مرارة بنربيعة.

]وكذا في مسلم : مرارة بن ربيعة في بعض نسخه ، وفي بعضها : مرارة بن الربيع[. )25)

وفي رواية عن سعيد بن جبير : ربيع بن مرارة.( بن ربيع.27( أو مرارة )26وقال الحسن البصري : ربيع بن مرارة )

وفي رواية عن الضحاك : مرارة بن الربيع ، كما وقع في الصحيحين ، وهو الصواب. وقوله : "فسموا رجلين شهدا بدرا" ، قيل : إنه خطأ من الزهري ، فإنه ال يعرف شهود

واحد من هؤالء الثالثة بدرا ، والله أعلم. ولما ذكر تعالى ما فرج به عن هؤالء الثالثة من الضيق والكرب ، من هجر المسلمين إياهم نحوا من خمسين ليلة بأيامها ، وضاقت عليهم أنفسهم ، وضاقت عليهم األرض

بما رحبت ، أي : مع سعتها ، فسددت عليهم المسالك والمذاهب ، فال يهتدون ما يصنعون ، فصبروا ألمر الله ، واستكانوا ألمر الله ، وثبتوا حتى فرج الله عنهم بسبب

صدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تخلفهم ، وأنه كان عن غير عذر ، ( عاقبة صدقهم خيرا28فعوقبوا على ذلك هذه المدة ، ثم تاب الله عليهم ، فكان )

ه وكونوا مع الصادقين { قوا الل ذين آمنوا ات ها ال لهم وتوبة عليهم ؛ ولهذا قال : } يا أي أي : اصدقوا والزموا الصدق تكونوا مع أهله وتنجوا من المهالك ويجعل لكم فرجا من

أموركم ، ومخرجا ، وقد قال اإلمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، حدثنا األعمش عن ( ؛ عن عبد الله ، هو ابن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله29شقيق )

صلى الله عليه وسلم : "عليكم بالصدق ؛ فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل

يكذب ويتحرى الكذب ، حتى__________

( في ت ، ك : "استمر".1)( في ت : "ألحقهم".2)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والمسند.3)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والمسند.4)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والمسند.5)( في أ : "شيء".6)( في ت ، أ : "أتفكر".7)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والمسند.8)( في ت : "تعالى".9)( في أ : "المخلفون".10)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والمسند.11)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والمسند.12)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والمسند.13)

Page 213: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في ت ، ك ، أ : "وبينا".14)( في ت : "فيمن".15)( في ت : "وكتب كتابا".16)( في ت ، أ : "فسجرته فيها".17)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والمسند.18)( في أ : "أنه".19)( في ت ، ك ، أ : "فنزعت له".20)( زيادة من ت ، ك ، أ ، والمسند.21)( في ت ، ك ، أ : "فقال".22)( في ت : "عز وجل".23) ( وصحيح2757( وبرقم )889( وصحيح البخاري برقم )459 - 3/456( المسند )24)

(.2769مسلم برقم )( زيادة من أ.25)( في جميع النسخ : "مرار" بدون هاء ، والتصويب من الطبري.26)( في جميع النسخ : "مرار" بدون هاء ، والتصويب من الطبري.27)( في ت ، ك ، أ : "وكان".28)( في أ : "سفيان".29)

(4/230)

ه وال يرغبوا فوا عن رسول الل ما كان ألهل المدينة ومن حولهم من األعراب أن يتخله وال هم ال يصيبهم ظمأ وال نصب وال مخمصة في سبيل الل بأنفسهم عن نفسه ذلك بأن

ه ال يطئون موطئا يغيظ الكفار وال ينالون من عدو نيال إال كتب لهم به عمل صالح إن الل ( وال ينفقون نفقة صغيرة وال كبيرة وال يقطعون واديا إال120يضيع أجر المحسنين )

ه أحسن ما كانوا يعملون ) ( 121كتب لهم ليجزيهم الل

يكتب عند الله كذابا".(1أخرجاه في الصحيحين. )

وقال شعبة ، عن عمرو بن مرة ، سمع أبا عبيدة يحدث عن عبد الله بن مسعود ، ( الكذب ال يصلح منه جد وال هزل ، اقرءوا إن2رضي الله عنه ، أنه قال : ]إن[ )

ه وكونوا من الصادقين { ) قوا الل ذين آمنوا ات ها ال ( - هكذا قرأها - ثم3شئتم : } يا أيقال : فهل تجدون ألحد فيه رخصة.

ه وكونوا مع الصادقين { مع محمد صلى الله عليه قوا الل وعن عبد الله بن عمر : } اتوسلم وأصحابه.

(4وقال الضحاك : مع أبي بكر وعمر وأصحابهما. ) وقال الحسن البصري : إن أردت أن تكون مع الصادقين ، فعليك بالزهد في الدنيا ،

والكف عن أهل الملة. } ما كان ألهل المدينة ومن حولهم من األعراب أن يتخلفوا عن رسول الله وال يرغبواه وال هم ال يصيبهم ظمأ وال نصب وال مخمصة في سبيل الل بأنفسهم عن نفسه ذلك بأن

Page 214: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه ال يطئون موطئا يغيظ الكفار وال ينالون من عدو نيال إال كتب لهم به عمل صالح إن الل( {120يضيع أجر المحسنين )

يعاتب تعالى المتخلفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، من أهل المدينة ومن حولها من أحياء العرب ، ورغبتهم بأنفسهم عن مواساته فيما حصل

( } ال يصيبهم ظمأ { وهو :5من المشقة ، فإنهم نقصوا أنفسهم من األجر ؛ ألنهم ) ( } وال يطئون6العطش } وال نصب { وهو : التعب } وال مخمصة { وهي : المجاعة )

( يرهب عدوهم } وال ينالون { منه ظفرا7موطئا يغيظ الكفار { أي : ينزلون منزال ) وغلبة عليه إال كتب الله لهم بهذه األعمال التي ليست داخلة تحت قدرتهم ، وإنما هي

ه ال يضيع أجر المحسنين { كما ناشئة عن أفعالهم ، أعماال صالحة وثوابا جزيال } إن اللا ال نضيع أجر من أحسن عمال { ]الكهف : [.30قال تعالى : } إن

ه أحسن } وال ينفقون نفقة صغيرة وال كبيرة وال يقطعون واديا إال كتب لهم ليجزيهم الل( {121ما كانوا يعملون )

يقول تعالى : وال ينفق هؤالء الغزاة في سبيل الله } نفقة صغيرة وال كبيرة { أي :قليال وال كثيرا__________

(.2607( وصحيح مسلم برقم )6094( وصحيح البخاري برقم )1/384( المسند )1)( زيادة من أ.2)( في ت ، ك ، أ : "مع".3)( في ت ، ك ، أ : "وأصحابهم".4)( في ت ، أ : "ألنه".5)( في ت : "المجامعة".6)( في أ : "ماال".7)

(4/234)

وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدينهم يحذرون ) ( 122ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعل

} وال يقطعون واديا { أي : في السير إلى األعداء } إال كتب لهم { ولم يقل ها هناه أحسن ما كانوا "به" ألن هذه أفعال صادرة عنهم ؛ ولهذا قال : } ليجزيهم الل

يعملون {. وقد حصل ألمير المؤمنين عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، من هذه اآلية الكريمة

حظ وافر ، ونصيب عظيم ، وذلك أنه أنفق في هذه الغزوة النفقات الجليلة ، واألموالالجزيلة ، كما قال عبد الله بن اإلمام أحمد :

حدثنا أبو موسى العنزي ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثني سكن بن المغيرة ،اب حدثني الوليد بن أبي هاشم ، عن فرقد أبي طلحة ، عن عبد الرحمن بن خب

السلمي قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فحث على جيش العسرة ، فقال عثمان بن عفان ، رضي الله عنه : علي مائة بعير بأحالسها وأقتابها. قال : ثم

حث ، فقال عثمان : علي مائة أخرى بأحالسها وأقتابها. قال : ثم نزل مرقاة من المنبر

Page 215: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ثم حث ، فقال عثمان بن عفان : على مائة أخرى بأحالسها وأقتابها. قال : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بيده هكذا - يحركها. وأخرج عبد الصمد يده

(1كالمتعجب : "ما على عثمان ما عمل بعد هذا". ) وقال عبد الله أيضا : حدثنا هارون بن معروف ، حدثنا ضمرة ، حدثنا عبد الله بن

شوذب ، عن عبد الله بن القاسم ، عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة ، عن عبد الرحمن بن سمرة قال : جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في

( جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيش العسرة قال : فصبها في حجر2ثوبه حين ) النبي صلى الله عليه وسلم ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده ويقول :

(3"ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم". يرددها مرارا. ) وقال قتادة في قوله تعالى : } وال يقطعون واديا إال كتب لهم { اآلية : ما ازداد قوم

من أهليهم في سبيل الله بعدا إال ازدادوا من الله قربا. } وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في

هم يحذرون ) ( {122الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعل هذا بيان من الله تعالى لما أراد من نفير األحياء مع الرسول في غزوة تبوك ، فإنه قد ذهب طائفة من السلف إلى أنه كان يجب النفير على كل مسلم إذا خرج رسول الله

[ ، وقال41صلى الله عليه وسلم ؛ ولهذا قال تعالى : } انفروا خفافا وثقاال { ]التوبة : ه { ]التوبة فوا عن رسول الل : } ما كان ألهل المدينة ومن حولهم من األعراب أن يتخل

[ ، قالوا : فنسخ ذلك بهذه اآلية.120: __________

( من طريق السكن3700( ورواه الترمذي في السنن برقم )4/75( زوائد المسند )1) بن المغيرة به ، وقال الترمذي : "هذا حديث غريب من هذا الوجه ال نعرفه إال من

حديث السكن بن المغيرة".( في ت ، ك : "حتى".2) ( من طريق الحسن3701( ورواه الترمذي في السنن برقم )5/63( زوائد المسند )3)

بن واقع عن ضمرة بن ربيعة به ، وقال الترمذي : "هذا حديث حسن غريب من هذاالوجه".

(4/235)

وقد يقال : إن هذا بيان لمراده تعالى من نفير األحياء كلها ، وشرذمة من كل قبيلة إن لم يخرجوا كلهم ، ليتفقه الخارجون مع الرسول بما ينزل من الوحي عليه ، وينذروا

قومهم إذا رجعوا إليهم بما كان من أمر العدو ، فيجتمع لهم األمران في هذا : النفير المعين وبعده ، صلوات الله وسالمه عليه ، تكون الطائفة النافرة من الحي إما للتفقه

وإما للجهاد ؛ فإنه فرض كفاية على األحياء. وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : } وما كان المؤمنون لينفروا كافة {

يقول : ما كان المؤمنون لينفروا جميعا ويتركوا النبي صلى الله عليه وسلم وحده ،وا ) } فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة { يعني : عصبة ، يعني : السرايا ، وال يتسر

( إال بإذنه ، فإذا رجعت السرايا وقد نزل بعدهم قرآن تعلمه القاعدون من النبي صلى1 الله عليه وسلم ، وقالوا : إن الله قد أنزل على نبيكم قرآنا ، وقد تعلمناه. فتمكث

Page 216: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

السرايا يتعلمون ما أنزل الله على نبيهم بعدهم ، ويبعث سرايا أخرى ، فذلك قوله : } ليتفقهوا في الدين { يقول : ليتعلموا ما أنزل الله على نبيهم ، وليعلموا السرايا إذا

هم يحذرون {. رجعت إليهم } لعل وقال مجاهد : نزلت هذه اآلية في أناس من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ،

( ما ينتفعون به ،2خرجوا في البوادي ، فأصابوا من الناس معروفا ، ومن الخصب ) ودعوا من وجدوا من الناس إلى الهدى ، فقال الناس لهم : ما نراكم إال وقد تركتم

أصحابكم وجئتمونا. فوجدوا في أنفسهم من ذلك تحرجا ، وأقبلوا من البادية كلهم حتى دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال الله ، عز وجل : } فلوال نفر من كل

( وليستمعوا ما4( الخير ، } ليتفقهوا ]في الدين[ { )3فرقة منهم طائفة { يبتغون ) في الناس ، وما أنزل الله بعدهم ، } ولينذروا قومهم { الناس كلهم } إذا رجعوا إليهم

هم يحذرون {. لعل وقال قتادة في هذه اآلية : هذا إذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الجيوش ،

ه صلى الله عليه وسلم ، وتقيم طائفة مع رسول الله تتفقه5أمرهم الله أال يعروا ) ( نبيفي الدين ، وتنطلق طائفة تدعو قومها ، وتحذرهم وقائع الله فيمن خال قبلهم.

وقال الضحاك : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا بنفسه لم يحل ألحد من المسلمين أن يتخلف عنه ، إال أهل األعذار. وكان إذا أقام فاسترت السرايا لم يحل (6لهم أن ينطلقوا إال بإذنه ، فكان الرجل إذا استرى فنزل بعده قرآن ، تاله رسول )

( معه ، فإذا رجعت السرية قال7الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه القاعدين ) لهم الذين أقاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أنزل بعدكم على نبيه

قرآنا. فيقرئونهم ويفقهونهم في الدين ، وهو قوله : } وما كان المؤمنون لينفروا كافة { يقول إذا أقام رسول الله } فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة { يعني بذلك :

أنه ال ينبغي للمسلمين أن ينفروا جميعا ونبي الله صلى الله عليه وسلم قاعد ، ولكن( الناس.8إذا قعد نبي الله تسرت السرايا ، وقعد معه عظم )

__________( في جميع النسخ : "يسيروا" والمثبت من الطبري ومستفاد من ط. الشعب.1)( في ك : "الخطب".2)( في أ : "يتبعون".3)( زيادة من أ.4)( في ت : "أن ال يغزوا" ، وفي أ : "أن يغزوا".5)( في أ : "نبي".6)( في ت ، ك ، أ : "القاعدون".7)( في ت ، أ : "عظيم".8)

(4/236)

( بن أبي طلحة أيضا عن ابن عباس : قوله : } وما كان المؤمنون1وقال ]علي[ ) لينفروا كافة { فإنها ليست في الجهاد ، ولكن لما دعا رسول الله صلى الله عليه

وسلم على مضر بالسنين أجدبت بالدهم ، وكانت القبيلة منهم تقبل بأسرها حتى يحلوا بالمدينة من الجهد ، ويعتلوا باإلسالم وهم كاذبون. فضيقوا على أصحاب النبي صلى

Page 217: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

الله عليه وسلم وأجهدوهم. فأنزل الله يخبر رسوله أنهم ليسوا مؤمنين ، فردهم رسول الله إلى عشائرهم ، وحذر قومهم أن يفعلوا فعلهم ، فذلك قوله : } ولينذروا

هم يحذرون {. قومهم إذا رجعوا إليهم لعل وقال العوفي ، عن ابن عباس في هذه اآلية : كان ينطلق من كل حي من العرب

عصابة ، فيأتون النبي صلى الله عليه وسلم. فيسألونه عما يريدون من أمر دينهم ، (2ويتفقهون في دينهم ، ويقولون لنبي الله : ما تأمرنا أن نفعله ؟ وأخبرنا ]ما نقول[ )

لعشائرنا إذا قدمنا انطلقنا إليهم. قال : فيأمرهم نبي الله بطاعة الله وطاعة رسوله ، ويبعثهم إلى قومهم بالصالة والزكاة. وكانوا إذا أتوا قومهم نادوا : إن من أسلم فهو منا

، وينذرونهم ، حتى إن الرجل ليفارق أباه وأمه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرهم وينذرهم قومهم ، فإذا رجعوا إليهم يدعونهم إلى اإلسالم وينذرونهم النار

ويبشرونهم بالجنة. (4( } إال تنفروا يعذبكم عذابا أليما )3وقال عكرمة : لما نزلت هذه اآلية : ]الشريفة[ )

فوا ]عن39{ ]التوبة : [ ، و } ما كان ألهل المدينة ومن حولهم من األعراب أن يتخله[ { ]التوبة : ( قال المنافقون : هلك أصحاب البدو الذين تخلفوا5[ ، )120رسول الل

عن محمد ولم ينفروا معه. وقد كان ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجوا إلى البدو إلى قومهم يفقهونهم ، فأنزل الله ، عز وجل : } وما كان المؤمنونذين يحاجون لينفروا كافة فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة { اآلية ، ونزلت : } وال

ه من بعد ما استجيب له { اآلية ]الشورى : [.16في الل وقال الحسن البصري : } فلوال نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين { قال : ليتفقه الذين خرجوا ، بما يردهم الله من الظهور على المشركين ، والنصرة ،

وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم.__________

( زيادة من أ.1)( زيادة من ت ، ك ، أ.2)( زيادة من ت.3)( في ت ، ك : "يعذبكم".4)( زيادة من ت ، أ.5)

(4/237)

ه ذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الل ذين آمنوا قاتلوا ال ها ال يا أيقين ) ( 123مع المت

ذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن ذين آمنوا قاتلوا ال ها ال } يا أيقين ) ه مع المت ( {123الل

أمر الله تعالى المؤمنين أن يقاتلوا الكفار أوال فأوال األقرب فاألقرب إلى حوزة اإلسالم ؛ ولهذا بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال المشركين في جزيرة العرب ، فلما فرغ منهم وفتح الله عليه مكة والمدينة ، والطائف ، واليمن واليمامة ، وهجر ، وخيبر ،

وحضرموت ، وغير ذلك من أقاليم جزيرة العرب ،

Page 218: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(4/237)

ودخل الناس من سائر أحياء العرب في دين الله أفواجا ، شرع في قتال أهل الكتاب ، فتجهز لغزو الروم الذين هم أقرب الناس إلى جزيرة العرب ، وأولى الناس بالدعوة (1إلى اإلسالم لكونهم أهل الكتاب ، فبلغ تبوك ثم رجع ألجل جهد الناس وجدب البالد )

(2وضيق الحال ، وكان ذلك سنة تسع من هجرته ، عليه السالم. ) ثم اشتغل في السنة العاشرة بحجته حجة الوداع. ثم عاجلته المنية ، صلوات الله

وسالمه عليه ، بعد الحجة بأحد وثمانين يوما ، فاختاره الله لما عنده. وقام باألمر بعده وزيره وصديقه وخليفته أبو بكر ، رضي الله عنه ، وقد مال الدين ميلة كاد أن ينجفل ، فثبته الله تعالى به فوطد القواعد ، وثبت الدعائم. ورد شارد الدين وهو

( الردة إلى اإلسالم ، وأخذ الزكاة ممن منعها من الطغام ، وبين3راغم. ورد أهل ) الحق لمن جهله ، وأدى عن الرسول ما حمله. ثم شرع في تجهيز الجيوش اإلسالمية

( وإلى الفرس عبدة النيران ، ففتح الله ببركة سفارته4إلى الروم عبدة الصلبان ) البالد ، وأرغم أنفس كسرى وقيصر ومن أطاعهما من العباد. وأنفق كنوزهما في سبيل

الله ، كما أخبر بذلك رسول اإلله. وكان تمام األمر على يدي وصيه من بعده ، وولي عهده الفاروق األواب ، شهيد

المحراب ، أبي حفص عمر بن الخطاب ، فأرغم الله به أنوف الكفرة الملحدين ، وقمع الطغاة والمنافقين ، واستولى على الممالك شرقا وغربا. وحملت إليه خزائن األموال

من سائر األقاليم بعدا وقربا. ففرقها على الوجه الشرعي ، والسبيل المرضي. ثم لما مات شهيدا وقد عاش حميدا ، أجمع الصحابة من المهاجرين واألنصار. على

( عثمان بن عفان شهيد الدار. فكسى اإلسالم5خالفة أمير المؤمنين ]أبي عمرو[ ) ( في سائر األقاليم على رقاب العباد حجة7( رياسة حلة سابغة. وأمدت )6]بجالله[ )

الله البالغة ، وظهر اإلسالم في مشارق األرض ومغاربها ، وعلت كلمة الله وظهر دينه. وبلغت األمة الحنيفية من أعداء الله غاية مآربها ، فكلما علوا أمة انتقلوا إلى من بعدهم

ذين آمنوا قاتلوا ها ال ، ثم الذين يلونهم من العتاة الفجار ، امتثاال لقوله تعالى : } يا أيذين يلونكم من الكفار { وقوله تعالى : } وليجدوا فيكم غلظة { ]أي : وليجد الكفار ال

( عليهم في قتالكم لهم ، فإن المؤمن الكامل هو الذي يكون رفيقا9( غلظة[ )8منكم ) ه بقوم ألخيه المؤمن ، غليظا على عدوه الكافر ، كما قال تعالى : } فسوف يأتي الل

ة على الكافرين { ]المائدة : ة على المؤمنين أعز ونه أذل هم ويحب [ ، وقال54يحبذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم { ]الفتح : تعالى : } محمد رسول الله وال

بي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم { ]التوبة :29 ها الن [ ، وقال تعالى : } يا أي [ ، وفي الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "أنا9 ، والتحريم : 73

ال" ، يعني : أنه ضحوك في وجه وليه ، الضحوك القت__________

( في ت ، ك ، أ : "الناس".1)( في أ : "صلى الله عليه وسلم".2)( في ت : "آل".3)( في أ : "األصنام".4)( زيادة من ت ، ك ، أ.5)

Page 219: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( زيادة من ت ، أ.6)( في أ : "وامتدت".7)( في ت ، أ : "فيكن".8)( زيادة من ت ، ك ، أ.9)

(4/238)

ذين آمنوا فزادتهم كم زادته هذه إيمانا فأما ال وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى124إيمانا وهم يستبشرون ) ( وأما ال

( 125رجسهم وماتوا وهم كافرون )

ال لهامة عدوه. قتقين { أي : قاتلوا الكفار ، وتوكلوا على الله ، ه مع المت وقوله : } واعلموا أن الل

واعلموا أن الله معكم إن اتقيتموه وأطعتموه. وهكذا األمر لما كانت القرون الثالثة الذين هم خير هذه األمة ، في غاية االستقامة ،

والقيام بطاعة الله تعالى ، لم يزالوا ظاهرين على عدوهم ، ولم تزل الفتوحات كثيرة ، ولم تزل األعداء في سفال وخسار. ثم لما وقعت الفتن واألهواء واالختالفات بين

الملوك ، طمع األعداء في أطراف البالد ، وتقدموا إليها ، فلم يمانعوا لشغل الملوك بعضهم ببعض ، ثم تقدموا إلى حوزة اإلسالم ، فأخذوا من األطراف بلدانا كثيرة ، ثم لم يزالوا حتى استحوذوا على كثير من بالد اإلسالم ، ولله ، سبحانه ، األمر من قبل

( قام ملك من ملوك اإلسالم ، وأطاع أوامر الله ، وتوكل على1ومن بعد. فكلما ) الله ، فتح الله عليه من البالد ، واسترجع من األعداء بحسبه ، وبقدر ما فيه من والية الله. والله المسئول المأمول أن يمكن المسلمين من نواصي أعدائه الكافرين ، وأن

يعلي كلمتهم في سائر األقاليم ، إنه جواد كريم.ذين آمنوا فزادتهم كم زادته هذه إيمانا فأما ال } وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أي

ذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى124إيمانا وهم يستبشرون ) ( وأما ال( {125رجسهم وماتوا وهم كافرون )

كم زادته هذه يقول تعالى : } وإذا ما أنزلت سورة { فمن المنافقين } من يقول أي إيمانا { ؟ أي : يقول بعضهم لبعض أيكم زادته هذه السورة إيمانا ؟ قال الله تعالى : }

ذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون {. فأما ال وهذه اآلية من أكبر الدالئل على أن اإليمان يزيد وينقص ، كما هو مذهب أكثر السلف والخلف من أئمة العلماء ، بل قد حكى اإلجماع على ذلك غير واحد ، وقد بسط الكالم

ذين في قلوبهم على هذه المسألة في أول "شرح البخاري" رحمه الله ، } وأما ال مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم { أي : زادتهم شكا إلى شكهم ، وريبا إلى ريبهم ، كما قال تعالى : } وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين وال يزيد الظالمين

ذين82إال خسارا { ]اإلسراء : ذين آمنوا هدى وشفاء وال [ ، وقال تعالى : } قل هو لل ال يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد { ]فصلت :

[ ، وهذا من جملة شقائهم أن ما يهدي القلوب يكون سببا لضاللهم ودمارهم ، كما44أن سيئ المزاج لو غذي بما غذي به ال يزيده إال خباال ونقصا.

Page 220: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

__________( في ت : "فلما".1)

(4/239)

رون ) تين ثم ال يتوبون وال هم يذك ة أو مر هم يفتنون في كل عام مر (126أوال يرون أنه وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الل

هم قوم ال يفقهون ) ( 127قلوبهم بأن

رون ) تين ثم ال يتوبون وال هم يذك ة أو مر هم يفتنون في كل عام مر } أوال يرون أن ( وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا126

هم قوم ال يفقهون ) ه قلوبهم بأن ( {127صرف اللهم يفتنون { أي : يختبرون } في كل1يقول تعالى : أوال يرى هؤالء المنافقون ) ( } أن

رون { أي : ال يتوبون من ذنوبهم السالفة ، تين ثم ال يتوبون وال هم يذك ة أو مر عام مروال هم يذكرون فيما يستقبل من أحوالهم.

نة والجوع. قال مجاهد : يختبرون بالسوقال قتادة : بالغزو في السنة مرة أو مرتين.

هم وقال شريك ، عن جابر - هو الجعفي - عن أبي الضحى ، عن حذيفة : } أوال يرون أنتين { قال : كنا نسمع في كل عام كذبة أو كذبتين ، ة أو مر يفتنون في كل عام مر

فيضل بها فئام من الناس كثير. رواه ابن جرير. وفي الحديث عن أنس : "ال يزداد األمر إال شدة ، وال يزداد الناس إال شحا ، وما من

(2عام إال والذي بعده شر منه" ، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم. ) وقوله : } وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا

هم قوم ال يفقهون { ) ه قلوبهم بأن ( هذا أيضا إخبار عن المنافقين أنهم إذا3صرف الل أنزلت سورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، } نظر بعضهم إلى بعض { أي : تلفتوا ، } هل يراكم من أحد ثم انصرفوا { أي : تولوا عن الحق وانصرفوا عنه ، وهذا

حالهم في الدين ال يثبتون عند الحق وال يقبلونه وال يقيمونه كما قال تعالى : } فما لهمت من قسورة { ]المدثر : هم حمر مستنفرة. فر ذكرة معرضين. كأن [ ،51 - 49عن الت

مال عزين { ذين كفروا قبلك مهطعين. عن اليمين وعن الش وقال تعالى : } فمال ال [ ، أي : ما لهؤالء القوم يتقللون عنك يمينا وشماال هروبا من الحق37 ، 36]المعارج :

، وذهابا إلى الباطل.ه قلوبهم { ه قلوبهم { كقوله : } فلما زاغوا أزاغ الل وقوله : } ثم انصرفوا صرف الل

[ ، 5]الصف : __________

( في ك ، أ : "المنافقين".1) ( هذا الحديث مركب من حديثين عن أنس : األول : رواه ابن ماجه في السنن برقم2) ( من طريق محمد بن خالد الجندي ، عن4/441( والحاكم في المستدرك )4039)

أبان ابن صالح ، عن الحسن ، عن أنس رضي الله عنه مرفوعا : "ال يزداد األمر إال شدة ، وال الدنيا إال إدبارا ، وال الناس إال شحا ، وال تقوم الساعة إال على شرار الناس ،

Page 221: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وما المهدى إال عيسى ابن مريم" ففيه ضعف ونكارة بينهما المؤلف - الحافظ ابن كثير (. وأما الثاني : فرواه البخاري في صحيحه برقم1/32في النهاية في الفتن والمالحم )

( من طريق سفيان عن الزبير بن عدي قال : أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه7068) ما يلقون من الحجاج ، فقال : "اصبروا فإنه ال يأتي عليكم زمان إال والذي بعده أشر

منه حتى تلقوا ربكم" سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم.( في ت : "رآكم".3)

(4/240)

م حريص عليكم بالمؤمنين رءوف لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتلت وهو رب العرش128رحيم ) ه ال إله إال هو عليه توك وا فقل حسبي الل ( فإن تول

( 129العظيم )

هم قوم ال يفقهون { أي : ال يفهمون عن الله خطابه ، وال يقصدون لفهمه وال } بأن( عنه ونفور منه فلهذا صاروا إلى ما صاروا إليه.1يريدونه ، بل هم في شده )

م حريص عليكم بالمؤمنين رءوف } لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتلت وهو رب العرش128رحيم ) ه ال إله إال هو عليه توك وا فقل حسبي الل ( فإن تول

( {129العظيم ) يقول تعالى ممتنا على المؤمنين بما أرسل إليهم رسوال من أنفسهم ، أي : من جنسهم

نا وابعث فيهم رسوال منهم { وعلى لغتهم ، كما قال إبراهيم ، عليه السالم : } ربه على المؤمنين إذ بعث فيهم رسوال من129]البقرة : [ ، وقال تعالى : } لقد من الل

[ ، وقال تعالى : } لقد جاءكم رسول من أنفسكم { أي :164أنفسهم { ]آل عمران : منكم وبلغتكم ، كما قال جعفر بن أبي طالب للنجاشي ، والمغيرة بن شعبة لرسول

كسرى : إن الله بعث فينا رسوال منا ، نعرف نسبه وصفته ، ومدخله ومخرجه ، وصدقهوأمانته ، وذكر الحديث.

وقال سفيان بن عيينة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه في قوله تعالى : } لقد جاءكم رسول من أنفسكم { قال : لم يصبه شيء من والدة الجاهلية ، وقال صلى الله عليه

وسلم : "خرجت من نكاح ، ولم أخرج من سفاح". وقد وصل هذا من وجه آخر ، كما قال الحافظ أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي في كتابه "الفاصل بين الراوي والواعي" : حدثنا أبو أحمد يوسف بن

هارون بن زياد ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا محمد بن جعفر بن محمد قال : أشهد على أبي لحدثني ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم : "خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح ، من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي(3( من سفاح الجاهلية شيء". )2لم يمسني )

م { أي : يعز عليه الشيء الذي يعنت أمته ويشق عليها ؛ وقوله : } عزيز عليه ما عنت (4ولهذا جاء في الحديث المروي من طرق عنه أنه قال : "بعثت بالحنيفية السمحة" )

( وشريعته كلها سهلة سمحة كاملة ، يسيرة5وفي الصحيح : "إن هذا الدين يسر" )على من يسرها الله تعالى عليه.

} حريص عليكم { أي : على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي واألخروي إليكم.

Page 222: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

قال الطبراني : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيدالمقرئ ،

__________( في ت ، ك ، أ : "شغل".1)( في ت ، أ : "لم يصبني" ، وفي ك : "لم يمسسني".2)( ورواه الطبراني في األوسط برقم )136( الفاصل بين الراوي والواعي )ص 3)

( "مجمع البحرين" من طريق عبد الرحمن الرازي ، عن محمد بن أبي عمر به ،3483وفيه محمد بن جعفر بن محمد بن علي متكلم فيه.

( عن عائشة رضي الله6/233( عن أبي أمامة ، و)5/266( رواه أحمد في مسنده )4)عنهما.

( من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.39( صحيح البخاري برقم )5)

(4/241)

حدثنا سفيان بن عيينة ، عن فطر ، عن أبي الطفيل ، عن أبي ذر قال. تركنا رسول ( يقلب جناحيه في الهواء إال وهو يذكرنا منه1الله صلى الله عليه وسلم وما طائر )

علما - قال : وقال صلى الله عليه وسلم : "ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من(2النار إال وقد بين لكم". )

( فطن ، حدثنا السعودي ، عن الحسن بن سعد ، عن3وقال اإلمام أحمد : حدثنا ]أبو[ )هدي ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عبدة الن "إن الله لم يحرم حرمة إال وقد علم أنه سيطلعها منكم مطلع ، أال وإني آخذ بحجزكم

(4أن تهافتوا في النار ، كتهافت الفراش ، أو الذباب". ) وقال اإلمام أحمد : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه

( رجليه واآلخر عند رأسه.5وسلم أتاه ملكان ، فيما يرى النائم ، فقعد أحدهما عند )فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه : اضرب مثل هذا ومثل أمته. فقال : إن مثله )

( فلم يكن معهم من الزاد ما7( ومثل أمته كمثل قوم سفر انتهوا إلى رأس مفازة )6 ( وال ما يرجعون به ، فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجل في حلة8يقطعون به المفازة )

حبرة فقال : أرأيتم إن وردت بكم رياضا معشبة ، وحياضا رواء تتبعوني ؟ فقالوا : نعم. قال : فانطلق بهم ، فأوردهم رياضا معشبة ، وحياضا رواء ، فأكلوا وشربوا وسمنوا ،

فقال لهم : ألم ألفكم على تلك الحال ، فجعلتم لي إن وردت بكم رياضا معشبة وحياضا رواء أن تتبعوني ؟ فقالوا : بلى. قال : فإن بين أيديكم رياضا هي أعشب من

هذه ، وحياضا هي أروى من هذه ، فاتبعوني. فقالت طائفة : صدق ، والله لنتبعنه(9وقالت طائفة : قد رضينا بهذا نقيم عليه. )

وقال البزار : حدثنا سلمة بن شبيب وأحمد بن منصور قاال حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان حدثنا أبي ، عن عكرمة عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ؛ أن أعرابيا جاء إلى

رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعينه في شيء - قال عكرمة : أراه قال : "في دم" - فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ، ثم قال : "أحسنت إليك ؟" قال

األعرابي : ال وال أجملت. فغضب بعض المسلمين ، وهموا أن يقوموا إليه ، فأشار

Page 223: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

رسول الله إليهم : أن كفوا. فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغ إلى منزله ، دعا األعرابي إلى البيت ، فقال له : "إنك جئتنا فسألتنا فأعطيناك ، فقلت ما قلت"

فزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ، وقال : "أحسنت إليك ؟" فقال األعرابي : نعم ، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا. قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إنك

( فأعطيناك ، فقلت ما قلت ، وفي أنفس أصحابي عليك من ذلك10جئتنا تسألنا ) ( فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي ، حتى يذهب عن صدورهم".11شيء ، فإذا جئت )

( إن صاحبكم كان12قال : نعم. فلما جاء األعرابي. قال )__________

( في أ : "وما من طائر".1) ( : "رجاله رجال7/265( وقال الهيثمي في المجمع )2/155( المعجم الكبير )2)

الصحيح غير محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ وهو ثقة".( زيادة من ت ، ك ، أ ، والمسند.3)(.1/390( المسند )4)( في ك : "عن".5)( في ت : "مثل هذا".6)( في ك : "مغازة".7)( في ك : "المغازة".8)( وعلى بن زيد بن جدعان ضعيف.1/267( المسند )9)( في ت ، ك : "فسألنا" وفي أ : "فسألتنا".10)( في ت : "خرجت".11)( في ك ، أ : "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم".12)

(4/242)

جاءنا فسألنا فأعطيناه ، فقال ما قال ، وإنا قد دعوناه فأعطيناه فزعم أنه قد رضي ، ( قال األعرابي : نعم ، فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا.1]كذلك يا أعرابي ؟[ )

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن مثلي ومثل هذا األعرابي كمثل رجل كانت له ناقة ، فشردت عليه ، فاتبعها الناس فلم يزيدوها إال نفورا. فقال لهم صاحب الناقة :

( من قتام2خلوا بيني وبين ناقتي ، فأنا أرفق بها ، وأعلم بها. فتوجه إليها وأخذ لها ) األرض ، ودعاها حتى جاءت واستجابت ، وشد عليها رحلها وإنه لو أطعتكم حيث قال ما

(3قال لدخل النار". ثم قال البزار : ال نعلمه يروى إال من هذا الوجه. )قلت : وهو ضعيف بحال إبراهيم بن الحكم بن أبان ، والله أعلم.

بعك من وقوله : } بالمؤمنين رءوف رحيم { كما قال تعالى : } واخفض جناحك لمن اتحيم { ل على العزيز الر ي بريء مما تعملون. وتوك المؤمنين. فإن عصوك فقل إن

[.217 - 215]الشعراء : وهكذا أمره تعالى.

وا { أي : تولوا عما جئتهم به4وهذه ) ( اآلية الكريمة ، وهي قوله تعالى : } فإن توله { أي : الله كافي من الشريعة العظيمة المطهرة الكاملة الشاملة ، } فقل حسبي الل

، ال إله إال هو عليه توكلت ، كما قال تعالى : } رب المشرق والمغرب ال إله إال هو

Page 224: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

خذه وكيال { ]المزمل : [.9فات } وهو رب العرش العظيم { أي : هو مالك كل شيء وخالقه ، ألنه رب العرش

العظيم ، الذي هو سقف المخلوقات وجميع الخالئق من السموات واألرضين وما فيهما وما بينهما تحت العرش مقهورون بقدرة الله تعالى ، وعلمه محيط بكل شيء ، وقدره

نافذ في كل شيء ، وهو على كل شيء وكيل. ( اإلمام أحمد : حدثني محمد بن أبي بكر ، حدثنا بشر بن عمر ،5قال عبد الله بن )

حدثنا شعبة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، عن أبي بن كعب قال : آخر آية نزلت من القرآن هذه اآلية : } لقد جاءكم

(6رسول من أنفسكم { إلى آخر السورة. ) وقال عبد الله بن اإلمام أحمد : حدثنا روح بن عبد المؤمن ، حدثنا عمر بن شقيق ، حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب ،

رضي الله عنه ؛ أنهم جمعوا القرآن في مصاحف في خالفة أبي بكر ، رضي الله عنه ، فكان رجال يكتبون ويملي عليهم أبي بن كعب ، فلما انتهوا إلى هذه اآلية من سورة

هم قوم ال يفقهون { ]التوبة : ه قلوبهم بأن [ ،127براءة : } ثم انصرفوا صرف الل ( من القرآن. فقال لهم أبي بن كعب : إن رسول الله7فظنوا أن هذا آخر ما أنزل )

صلى الله عليه وسلم أقرأني بعدها آيتين : } لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيزم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم { عليه ما عنت

__________( زيادة من ت ، ك ، أ ، والبزار.1)( في ت ، أ : "فأخذها".2) ( :9/15( "كشف األستار" وقال الهيثمي في المجمع )2476( مسند البزار برقم )3)

"وفيه إبراهيم بن الحكم بن أبان وهو متروك".( في ت ، ك ، أ : "في هذه".4)( ساقطة من النسخ.5) ( : "وفيه علي بن زيد بن7/36( وقال الهيثمي في المجمع )5/117( زوائد المسند )6)

جدعان وهو ثقة سيئ الحفظ ، وبقية رجاله ثقات" قلت : أجمع األئمة على تضعيفعلي بن زيد بن جدعان.

( في أ : "ما نزل".7)

(4/243)

( من القرآن" قال :2( آخر ما أنزل )1إلى : } وهو رب العرش العظيم { قال : "هذا ) فختم بما فتح به ، بالله الذي ال إله إال هو ، وهو قول الله تعالى : } وما أرسلنا من

ه ال إله إال أنا فاعبدون { ]األنبياء : ( غريب )3[ )25قبلك من رسول إال نوحي إليه أن( أيضا.4

وقال اإلمام أحمد : حدثنا علي بن بحر ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عباد ، عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير ، رضي الله عنه ،

( بهاتين اآليتين من آخر براءة : } لقد جاءكم رسول5قال : أتى الحارث بن خزمة ) من أنفسكم { إلى عمر بن الخطاب ، فقال : من معك على هذا ؟ قال : ال أدري ،

Page 225: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيتها وحفظتها.6والله إني ألشهد ) فقال عمر : وأنا أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم - ثم قال : لو

كانت ثالث آيات لجعلتها سورة على حدة ، فانظروا سورة من القرآن ، فضعوها فيها.(7فوضعوها في آخر براءة. )

وقد تقدم أن عمر بن الخطاب هو الذي أشار على أبي بكر الصديق ، رضي الله عنهما ، بجمع القرآن ، فأمر زيد بن ثابت فجمعه. وكان عمر يحضرهم وهم يكتبون

ذلك. وفي الصحيح أن زيدا قال : فوجدت آخر سورة "براءة" مع خزيمة بن ثابت - أو : ( ذلك عن رسول الله صلى9( وقدمنا أن جماعة من الصحابة تذكروا )8أبي خزيمة )

الله عليه وسلم ، كما قال خزيمة بن ثابت حين ابتدأهم بها ، والله أعلم. وقد روى أبو داود ، عن يزيد بن محمد ، عن عبد الرزاق بن عمر - وقال : كان من

ثقات المسلمين من المتعبدين ، عن مدرك بن سعد - قال يزيد : شيخ ثقة - عن يونس بن ميسرة ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء قال : من قال إذا أصبح وإذا أمسى :

حسبي الله ال إله إال هو ، عليه توكلت ، وهو رب العرش العظيم ، سبع مرات ، إال كفاه(11( )10الله ما أهمه. )

وقد رواه ابن عساكر في ترجمة "عبد الرزاق بن عمر" هذا ، من رواية أبى زرعة الدمشقي ، عنه ، عن أبي سعد مدرك بن أبي سعد الفزاري ، عن يونس بن ميسرة

بن حليس ، عن أم الدرداء ، سمعت أبا الدرداء يقول : ما من عبد يقول : حسبي الله ، ال إله إال هو ، عليه توكلت ، وهو رب العرش العظيم ، سبع مرات ، صادقا كان بها أو

(12كاذبا ، إال كفاه الله ما همه. ) وهذه زيادة غريبة. ثم رواه في ترجمة عبد الرزاق أبي محمد ، عن أحمد بن عبد الله

( فذكر مثله13بن عبد الرزاق ، عن جده عبد الرزاق بن عمر ، بسنده فرفعه )بالزيادة. وهذا منكر ، والله أعلم.

(14آخر سورة براءة ، والحمد لله وحده. )__________

( في أ : "إن هذا".1)( في أ : "ما نزل".2)( في أ : "إال نوحي".3)(.5/134( زوائد المسند )4)( في ك : "خزيمة".5)( في أ : "أشهد".6)(.1/199( المسند )7)(.4679( صحيح البخاري برقم )8)( في ك ، أ : "يذكروا".9)( في ك : "ما يغمه".10)(.5081( سنن أبي داود برقم )11) "المخطوط"(.10/291( تاريخ دمشق )12) "المخطوط"(.10/312( تاريخ دمشق )13) ( جاء في ك : ]رابع عشر من ربيع األول سنة ثمانين في سبع من الهجرة النبوية ،14)

وحسبنا الله ونعم الوكيل ، وال حول وال قوة إال بالله العظيم[.

(4/244)

Page 226: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

اس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر1الر تلك آيات الكتاب الحكيم ) ( أكان للنهم قال الكافرون إن هذا لساحر ذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند رب ر ال اس وبش الن

( 2مبين )

تفسير سورة يونس(1]وهي مكية[ )

بسم الله الرحمن الرحيماس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر1} الر تلك آيات الكتاب الحكيم ) ( أكان للن

هم قال الكافرون إن هذا لساحر ذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند رب ر ال اس وبش الن( {2مبين )

( في2أما الحروف المقطعة في أوائل السور ، فقد تقدم الكالم عليها ]مستوفى[ )( سورة البقرة.3أوائل )

وقال أبو الضحى ، عن ابن عباس في قوله تعالى : "الر" ، أي : أنا الله أرى. وكذا قالالضحاك وغيره.

} تلك آيات الكتاب الحكيم { أي : هذه آيات القرآن المحكم المبين وقال مجاهد :(4} الر تلك آيات الكتاب الحكيم { ]قال : التوراة واإلنجيل[. )

(5]وقال الحسن : التوراة والزبور[. )وقال قتادة : } تلك آيات الكتاب { قال : الكتب التي كانت قبل القرآن.

وهذا القول ال أعرف وجهه وال معناه.ذين ر ال اس وبش اس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الن وقوله : } أكان للن

آمنوا { اآلية ، يقول تعالى منكرا على من تعجب من الكفار من إرسال المرسلين من ( قولهم : } أبشر يهدوننا {6البشر ، كما أخبر تعالى عن القرون الماضية من )

كم على6] التغابن : [ وقال هود وصالح لقومهما : } أوعجبتم أن جاءكم ذكر من رب [ وقال تعالى مخبرا عن كفار قريش أنهم قالوا : }69 : 63رجل منكم { ] األعراف :

[.5أجعل اآللهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب { ] ص : وقال الضحاك ، عن ابن عباس : لما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم

رسوال أنكرت العرب ذلك ، أو من أنكر منهم ، فقالوا : الله أعظم من أن يكون رسولهبشرا مثل محمد. قال : فأنزل الله عز

__________( زيادة من ت.1)( زيادة من ت ، أ.2)( في ت ، أ : "أول".3)( مستفاد من ط. الشعب.15/11( زيادة من تفسير الطبري )4)( زيادة من ت ، أ.5)( من ت ، أ : "في".6)

(4/245)

Page 227: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ر ام ثم استوى على العرش يدب ة أي ماوات واألرض في ست ذي خلق الس ه ال كم الل إن ربرون ) كم فاعبدوه أفال تذك ه رب ( 3األمر ما من شفيع إال من بعد إذنه ذلكم الل

اس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم { وجل : } أكان للنهم { اختلفوا فيه ، فقال علي بن أبي طلحة ، عن وقوله : } أن لهم قدم صدق عند رب

هم[ { ) ( يقول : سبقت لهم1ابن عباس في قوله : } أن لهم قدم صدق ]عند ربالسعادة في الذكر األول.

هم { يقول : أجرا حسنا ، وقال العوفي ، عن ابن عباس : } أن لهم قدم صدق عند رب بما قدموا. وكذا قال الضحاك ، والربيع بن أنس ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. وهذاذين يعملون الصالحات ر المؤمنين ال كقوله تعالى : } لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبش

[3 ، 2أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا { ] الكهف : هم { قال : األعمال الصالحة صالتهم وقال مجاهد : } أن لهم قدم صدق عند رب

وصومهم وصدقتهم وتسبيحهم.هم[ { ) (2]وقال عمرو بن الحارث عن قتادة أو الحسن } أن لهم قدم صدق عند رب قال : محمد صلى الله عليه وسلم شفيع لهم. وكذا قال زيد بن أسلم ، ومقاتل بن

حيان.وقال قتادة : سلف صدق عند ربهم.

واختار ابن جرير قول مجاهد - أنها األعمال الصالحة التي قدموها - قال : كما يقال :( رضي الله عنه.3"له قدم في اإلسالم" ومنه قول ]حسان[ )

( العليا إليك وخلفنا ألولنا في طاعة الله تابع...4لنا القدم )مة : وقول ذي الر

(5لكم قدم ال ينكر الناس أنها... مع الحسب العادي طمت على البحر ) ( أي : مع أنا بعثنا إليهم6وقوله تعالى : } قال الكافرون إن هذا لساحر مبين { )

رسوال منهم ، رجال من جنسهم ، بشيرا ونذيرا ، } قال الكافرون إن هذا لساحر( أي : ظاهر ، وهم الكاذبون في ذلك.7مبين { )

ام ثم استوى على العرش ة أي ماوات واألرض في ست ذي خلق الس ه ال كم الل } إن ربرون ) كم فاعبدوه أفال تذك ه رب ر األمر ما من شفيع إال من بعد إذنه ذلكم الل ( {3يدب

يخبر تعالى أنه رب العالم جميعه ، وأنه خلق السموات واألرض في ستة أيام - قيل : كهذه األيام ، وقيل : كل يوم كألف سنة مما تعدون. كما سيأتي بيانه ]إن شاء الله

( ثم استوى8تعالى[ )__________

( زيادة من ت ، أ.1)( زيادة من ت.2)( زيادة من ت ، أ.3)( في ت : "قدم".4)(.15/16( تفسير الطبري )5)( في ت : "لسحر".6)( في ت : "لسحر".7)( زيادة من أ.8)

(4/246)

Page 228: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

على العرش ، والعرش أعظم المخلوقات وسقفها. قال ابن أبي حاتم : حدثنا حجاج بن حمزة ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا إسماعيل بن أبي

( الطائي يقول : العرش ياقوتة حمراء.1خالد قال : سمعت سعد )وقال وهب بن منبه : خلقه الله من نوره.

وهذا غريب.ماوات وال ة في الس ر األمر { أي : يدبر أمر الخالئق ، } ال يعزب عنه مثقال ذر } يدب

( المسائل ، وال2 [ ، وال يشغله شأن عن شأن ، وال تغلظه )3في األرض { ] سبأ : ( وال يلهيه تدبير الكبير عن الصغير ، في الجبال والبحار3يتبرم بإلحاح الملحين )

ها ه رزقها ويعلم مستقر ة في األرض إال على الل والعمران والقفار ، } وما من داب [. } وما تسقط من ورقة إال يعلمها وال6ومستودعها كل في كتاب مبين { ] هود :

ة في ظلمات األرض وال رطب وال يابس إال في كتاب مبين { ] األنعام : (4 [. )59حب ( أنه قال حين نزلت5وقال الدراوردي ، عن سعد بن إسحاق بن كعب ]بن عجرة[ )

ام { لقيهم ركب ة أي ماوات واألرض في ست ذي خلق الس ه ال كم الل هذه اآلية : } إن رب ( من العرب ، فقالوا لهم : من أنتم ؟ قالوا. من7( ]ال يرون إال أنهم[ )6عظيم )

الجن ، خرجنا من المدينة ، أخرجتنا هذه اآلية. رواه ابن أبي حاتم.ذي يشفع8]وقوله[ ) ( } ما من شفيع إال من بعد إذنه { كقوله تعالى : } من ذا ال

ماوات ال255عنده إال بإذنه { ] البقرة : [ وكقوله تعالى : } وكم من ملك في السه لمن يشاء ويرضى { ] النجم : [26تغني شفاعتهم شيئا إال من بعد أن يأذن الل

فاعة عنده إال لمن أذن له { ] سبأ : [.23وقوله : } وال تنفع الشرون { ) كم فاعبدوه أفال تذك ه رب ( أي : أفردوه بالعبادة وحده ال9وقوله : } ذلكم الل

رون { ) ( أي : أيها المشركون في أمركم ، تعبدون مع الله10شريك له ، } أفال تذك غيره ، وأنتم تعلمون أنه المتفرد بالخلق ، كقوله تعالى : } ولئن سألتهم من خلقهم

ه { ] الزخرف : بع ورب87ليقولن الل ماوات الس [ ، وقوله : } قل من رب السقون { ] المؤمنون : ه قل أفال تت ( وكذا11 [ ، )87 - 86العرش العظيم سيقولون لل

اآلية التي قبلها والتي بعدها.__________

( في ت : "سعدا".1)( في ت ، أ : "وال يغلطه".2)( في ت : "+باأللجاج الملجين".3)( في ت : "يسقط".4)( زيادة من ت ، أ.5)( في ت : "لقي - ثم بياض - ركبا عظيما".6)( زيادة من ت.7)( زيادة من ت ، أ.8)( في ت : "يتذكرون".9)( في ت : "يتذكرون".10)( في ت : "الله".11)

(4/247)

Page 229: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ذين آمنوا وعملوا ه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي ال ه حقا إن إليه مرجعكم جميعا وعد اللذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ) الصالحات بالقسط وال

نين4 مس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد الس ذي جعل الش ( هو اله ذلك إال بالحق يفصل اآليات لقوم يعلمون ) ( إن في اختالف5والحساب ما خلق الل

قون ) ماوات واألرض آليات لقوم يت ه في الس هار وما خلق الل يل والن ( 6الل

ذين آمنوا وعملوا ه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي ال } إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ) الصالحات بالقسط وال

4} ) أخبر تعالى أن إليه مرجع الخالئق يوم القيامة ، ال يترك منهم أحدا حتى يعيده كما بدأه.

ذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو ثم ذكر تعالى أنه كما بدأ الخلق كذلك يعيده ، } وهو ال [.27أهون عليه { ] الروم :

ذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط { أي : بالعدل والجزاء األوفى ، } ليجزي الذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون { أي : بسبب } وال

كفرهم يعذبون يوم القيامة بأنواع العقاب ، من } سموم وحميم وظل من يحموم {اق وآخر من شكله أزواج { ] ص :43 ، 42] الواقعة : [. } هذا فليذوقوه حميم وغس

تي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن {58 ، 57 م ال [. } هذه جهن [.44 ، 43] الرحمن :

نين مس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد الس ذي جعل الش } هو اله ذلك إال بالحق يفصل اآليات لقوم يعلمون ) ( إن في اختالف5والحساب ما خلق الل

قون ) ماوات واألرض آليات لقوم يت ه في الس هار وما خلق الل يل والن ( {6الل يخبر تعالى عما خلق من اآليات الدالة على كمال قدرته ، وعظيم سلطانه ، وأنه جعل

الشعاع الصادر عن جرم الشمس ضياء وشعاع القمر نورا ، هذا فن وهذا فن آخر ، ففاوت بينهما لئال يشتبها ، وجعل سلطان الشمس بالنهار ، وسلطان القمر بالليل ،

وقدر القمر منازل ، فأول ما يبدو صغيرا ، ثم يتزايد نوره وجرمه ، حتى يستوسق ويكمل إبداره ، ثم يشرع في النقص حتى يرجع إلى حاله األول في تمام شهر ، كما

مس ينبغي لها ى عاد كالعرجون القديم ال الش قال تعالى : } والقمر قدرناه منازل حتهار وكل في فلك يسبحون { ] يس : يل سابق الن [.40 ، 39أن تدرك القمر وال الل

مس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم { ] األنعام : [.96وقال : } والش وقال في هذه اآلية الكريمة : } وقدره { أي : القمر } وقدره منازل لتعلموا عدد

نين والحساب { فبالشمس تعرف األيام ، وبسير القمر تعرف الشهور واألعوام. السه ذلك إال بالحق { أي : لم يخلقه عبثا بل له حكمة عظيمة في ذلك ، } ما خلق الل

ماء واألرض وما بينهما باطال ذلك ظن وحجة بالغة ، كما قال تعالى : } وما خلقنا السار { ] ص : ذين كفروا من الن ذين كفروا فويل لل ما27ال [. وقال تعالى : } أفحسبتم أن

ه الملك الحق ال إله إال هو رب العرش كم إلينا ال ترجعون فتعالى الل خلقناكم عبثا وأن [.116 ، 115الكريم { ] المؤمنون :

وقوله : } نفصل اآليات { أي : نبين الحجج واألدلة } لقوم يعلمون {

(4/248)

Page 230: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

هار { أي : تعاقبهما إذا جاء هذا ذهب هذا ، وإذا يل والن وقوله : } إن في اختالف اللهار يطلبه يل الن ذهب هذا جاء هذا ، ال يتأخر عنه شيئا ، كما قال تعالى : } يغشي الل

مس ينبغي لها أن تدرك القمر وال الليل54حثيثا { ] األعراف : [ ، وقال : } ال الشهار { ] يس : يل سكنا40سابق الن [ ، وقال تعالى : } فالق اإلصباح وجعل الل

مس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم { ] األنعام : [.96والشماوات واألرض { أي : من اآليات الدالة على عظمته ه في الس وقوله : } وما خلق الل

ون عليها وهم عنها ماوات واألرض ]يمر ن من آية في الس تعالى ، كما قال : } وكأيماوات2( ]وقال )1 [ ، )105معرضون [ { ] يوسف : ( } قل انظروا ماذا في الس

ذر عن قوم ال يؤمنون { ] يونس : ( وقال : }3 [. )101واألرض [ وما تغني اآليات والنماء واألرض { ] سبأ : ( وقال :4 [. )9أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من الس

هار آليات ألولي األلباب { ] آل يل والن ماوات واألرض واختالف الل } إن في خلق السقون { أي : عقاب الله ،190عمران : [. أي : العقول ، وقال هاهنا : } آليات لقوم يت

وسخطه ، وعذابه.__________

( زيادة من ت ، أ ، وفي هـ : "اآلية".1)( في أ : و "قوله".2)( زيادة من ت ، أ.3)( في ت : "ينظروا".4)

(4/249)

ذين هم عن آياتنا وا بها وال ذين ال يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأن إن الار بما كانوا يكسبون )7غافلون ) ذين آمنوا وعملوا الصالحات8( أولئك مأواهم الن ( إن ال

عيم ) ات الن هم بإيمانهم تجري من تحتهم األنهار في جن ( دعواهم فيها9يهديهم ربه رب العالمين ) تهم فيها سالم وآخر دعواهم أن الحمد لل هم وتحي ( 10سبحانك الل

ذين هم عن آياتنا وا بها وال ذين ال يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأن } إن الار بما كانوا يكسبون )7غافلون ) ( {8( أولئك مأواهم الن

يقول الله تعالى مخبرا عن حال األشقياء الذين كفروا بلقاء الله يوم القيامة وال يرجون( واطمأنت إليها أنفسهم.1في لقاء الله شيئا ، ورضوا بهذه الحياة الدنيا )

قال الحسن : والله ما زينوها وال رفعوها ، حتى رضوا بها وهم غافلون عن آيات الله الكونية فال يتفكرون فيها ، والشرعية فال يأتمرون بها ، بأن مأواهم يوم معادهم النار ،

جزاء على ما كانوا يكسبون في دنياهم من اآلثام والخطايا واإلجرام ، مع ما هم فيهمن الكفر بالله ورسوله واليوم اآلخر.

هم بإيمانهم تجري من تحتهم األنهار في ذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم رب } إن العيم ) ات الن تهم فيها سالم وآخر دعواهم أن9جن هم وتحي ( دعواهم فيها سبحانك الل

ه رب العالمين ) ( {10الحمد لل وهذا إخبار عن حال السعداء الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ، وامتثلوا ما أمروا ،

Page 231: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

به فعملوا الصالحات ، بأنه سيهديهم بإيمانهم. يحتمل أن تكون "الباء" هاهنا سببية فتقديره : بسبب إيمانهم في الدنيا يهديهم الله يوم

القيامة__________

( في أ : "الدنية".1)

(4/249)

على الصراط ، حتى يجوزوه ويخلصوا إلى الجنة. ويحتمل أن تكون لالستعانة ، كما قالهم بإيمانهم { قال : ]يكون لهم نورا يمشون به[. ) (1مجاهد في قوله : } يهديهم رب

هم بإيمانهم { قال[ ) ( : يمثل له عمله في2وقال ابن جريج في ]قوله : } يهديهم رب صورة حسنة وريح طيبة إذا قام من قبره ، يعارض صاحبه ويبشره بكل خير ، فيقول له

( الجنة4( له نورا. من بين يديه حتى يدخله )3: من أنت ؟ فيقول : أنا عملك. فيجعل )هم بإيمانهم { والكافر يمثل له عمله في صورة سيئة ، فذلك قوله تعالى : } يهديهم رب

ه ) ( حتى يقذفه في النار.5وريح منتنة فيالزم صاحبه ويالزوروي نحوه عن قتادة مرسال فالله أعلم.

ه تهم فيها سالم وآخر دعواهم أن الحمد لل هم وتحي وقوله : } دعواهم فيها سبحانك اللرب العالمين { أي : هذا حال أهل الجنة.

هم { ]قال : إذا مر بهم قال ابن جريج : أخبرت أن قوله : } دعواهم فيها سبحانك الل ( وذلك دعواهم فيأتيهم الملك بما يشتهونه ،6الطير يشتهونه ، قالوا : سبحانك اللهم[ )

تهم فيها سالم { قال : فإذا أكلوا فيسلم عليهم ، فيردون عليه. فذلك قوله : } وتحيه رب العالمين { حمدوا الله ربهم ، فذلك قوله : } وآخر دعواهم أن الحمد لل

وقال مقاتل بن حيان : إذا أراد أهل الجنة أن يدعوا بالطعام قال أحدهم : } سبحانكهم { قال : فيقوم على أحدهم عشرة آالف خادم ، مع كل خادم صحفة من ذهب ، الل

فيها طعام ليس في األخرى ، قال : فيأكل منهن كلهن.هم { وقال سفيان الثوري : إذا أراد أحدهم أن يدعو بشيء قال : } سبحانك الل

تهم يوم يلقونه سالم وأعد لهم أجرا كريما { وهذه اآلية فيها شبه من قوله : } تحي [ ، وقوله : } ال يسمعون فيها لغوا وال تأثيما إال قيال سالما سالما {44] األحزاب : [. وقوله : }58 [. وقوله : } سالم قوال من رب رحيم { ] يس : 26 ، 25] الواقعة :

والمالئكة يدخلون عليهم من كل باب سالم عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار { [.24 ، 23] الرعد :

ه رب العالمين { هذا فيه داللة على أن الله تعالى وقوله : } وآخر دعواهم أن الحمد لل هو المحمود أبدا ، المعبود على طول المدى ؛ ولهذا حمد نفسه عند ابتداء خلقه

ه واستمراره ، وفي ابتداء كتابه ، وعند ابتداء تنزيله ، حيث يقول تعالى : } الحمد للذي أنزل على عبده الكتاب { ] الكهف : ماوات1ال ذي خلق الس ه ال [ ، } الحمد لل

[ إلى غير ذلك من األحوال التي يطول بسطها ، وأنه1واألرض { ] األنعام : __________

( زيادة من ت ، أ.1)( زيادة من ت ، أ ، وفي هـ : "اآلية".2)

Page 232: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في ت : "فنجعل".3)( في ت : "يدخل".4)( في ت : "ويالده".5)( زيادة من ت ، أ.6)

(4/250)

ذين ال يرجون ر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر ال اس الش ه للن ولو يعجل الل( 11لقاءنا في طغيانهم يعمهون )

( اآلخر ، في الحياة الدنيا وفي اآلخرة ، في جميع األحوال1المحمود في األول و]في[ ) ؛ ولهذا جاء في الحديث : "إن أهل الجنة يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون

فس" ) (3( وإنما يكون ذلك كذلك لما يرون من تضاعف نعم الله عليهم ، فتكرر )2النوتعاد وتزاد ، فليس لها انقضاء وال أمد ، فال إله إال هو وال رب سواه.

ذين ال ر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر ال اس الش ه للن } ولو يعجل الل( {11يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون )

( إذا دعوا على أنفسهم أو4يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده : أنه ال يستجيب لهم ) ( في حال ضجرهم وغضبهم ، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى5أموالهم أو أوالدهم )

( لهم - والحالة هذه - لطفا ورحمة ، كما يستجيب لهم6إرادة ذلك ، فلهذا ال يستجيب ) إذا دعوا ألنفسهم أو ألموالهم وأوالدهم بالخير والبركة والنماء ؛ ولهذا قال : } ولو

ر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم { ) اس الش ه للن ( أي : لو استجاب7يعجل الل لهم كل ما دعوه به في ذلك ، ألهلكهم ، ولكن ال ينبغي اإلكثار من ذلك ، كما جاء في

الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا محمد بن معمر ، حدثنا يعقوب بن محمد ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، حدثنا

يعقوب بن مجاهد أبو حزرة عن عبادة بن الوليد ، حدثنا جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ال تدعوا على أنفسكم ، ال تدعوا على أوالدكم ، ال تدعوا على

( لكم".8أموالكم ، ال توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب )(9ورواه أبو داود ، من حديث حاتم بن إسماعيل ، به. )

( تفرد به عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت األنصاري ، لم10وقال البزار : ]و[ )ر دعاءه بالخير وكان يشاركه أحد فيه ، وهذا كقوله تعالى : } ويدع اإلنسان بالش

[.11اإلنسان عجوال { ] اإلسراء : ر استعجالهم11وقال مجاهد في تفسير هذه اآلية : } ولو ) اس الش ه للن ( يعجل الل

بالخير { هو قول اإلنسان لولده وماله إذا غضب عليه : "اللهم ال تبارك فيه والعنه".فلو يعجل لهم االستجابة في

__________( زيادة من ت.1)( من حديث جابر رضي الله عنه.2835( رواه مسلم في صحيحه برقم )2)( في ت ، أ : "فيكرر".3)( في ت : "ال يستحب منهم" ، وفي أ : "ال يستجيب منهم".4)

Page 233: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

( في ت ، أ : "وأموالهم وأوالدهم".5)( في ت : "ال يستحب".6)( في ت : "تعجل".7)( في ت : "فيستحب".8) ( بأطول منه3009( ورواه مسلم في صحيحه برقم )1532( سنن أبي داود برقم )9)

من طريق حاتم بن إسماعيل.( زيادة من ت.10)( في ت : ولوال.11)

(4/251)

ه مر كأن لم وإذا مس اإلنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضرن للمسرفين ما كانوا يعملون ) ه كذلك زي ( ولقد أهلكنا القرون12يدعنا إلى ضر مس

نات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبي( 14( ثم جعلناكم خالئف في األرض من بعدهم لننظر كيف تعملون )13المجرمين )

ذلك ، كما يستجاب لهم في الخير ألهلكهم.ه مر كأن } وإذا مس اإلنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضر

ن للمسرفين ما كانوا يعملون ) ه كذلك زي ( {12لم يدعنا إلى ضر مسر فذو ه الش يخبر تعالى عن اإلنسان وضجره وقلقه إذا مسه الضر ، كقوله : } وإذا مس

[ أي : كثير ، وهما في معنى واحد ؛ وذلك ألنه إذا أصابته51دعاء عريض { ] فصلت : شدة قلق لها وجزع منها ، وأكثر الدعاء عند ذلك ، فدعا الله في كشفها وزوالها عنه

في حال اضطجاعه وقعوده وقيامه ، وفي جميع أحواله ، فإذا فرج الله شدته وكشف كربته ، أعرض ونأى بجانبه ، وذهب كأنه ما كان به من ذاك شيء ، } مر كأن لم يدعنا

ه { إلى ضر مسن للمسرفين ما كانوا1ثم ذم تعالى من هذه صفته وطريقته ) ( فقال : } كذلك زي

يعملون { فأما من رزقه الله الهداية والسداد والتوفيق والرشاد ، فإنه مستثنى منذين صبروا وعملوا الصالحات { ] هود : [ ، وكقول )11ذلك ، كما قال تعالى : } إال ال

( ال يقضي الله له قضاء3( رسول الله صلى الله عليه وسلم : "عجبا ألمر المؤمن )2 إال كان خيرا له : إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وإن أصابته سراء شكر فكان

(4خيرا له" ، وليس ذلك ألحد إال للمؤمن. )نات وما كانوا ليؤمنوا } ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبي

( ثم جعلناكم خالئف في األرض من بعدهم لننظر13كذلك نجزي القوم المجرمين )( {14كيف تعملون )

أخبر تعالى عما أحل بالقرون الماضية ، في تكذيبهم الرسل فيما جاءوهم به من البينات والحجج الواضحات ، ثم استخلف الله هؤالء القوم من بعدهم ، وأرسل إليهم

رسوال لينظر طاعتهم له ، واتباعهم رسوله ، وفي صحيح مسلم من حديث أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الدنيا حلوة خضرة ،

وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ؛ فإن أول

Page 234: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

(5فتنة بني إسرائيل كانت في النساء". ) ( حدثنا حماد ،6وقال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا زيد بن عوف أبو ربيعة فهد )

عن ثابت__________

( في أ : "وطريقه".1)( في ت ، أ : "وكما قال".2)( في ت ، أ : "عجبا للمؤمن".3)( من حديث صهيب الرومي رضي الله عنه.2999( رواه مسلم في صحيحه برقم )4)(.2742( صحيح مسلم برقم )5)( في هـ ، ت : "مهد" ، وفي أ : "شهد" والتصويب من الطبري.6)

(4/252)

البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ؛ أن عوف بن مالك قال ألبي بكر : رأيت فيماي من السماء ، فانتشط رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم يرى النائم كأن سببا دل

( الناس حول المنبر ، ففضل عمر بثالث أذرع إلى1أعيد ، فانتشط أبو بكر ، ثم ذرع ) المنبر. فقال عمر : دعنا من رؤياك ، ال أرب لنا فيها! فلما استخلف عمر قال : يا عوف

( ؟ فقال : ويحك!2، رؤياك! فقال : وهل لك في رؤياي من حاجة ؟ أولم تنتهرني ) إني : كرهت أن تنعى لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه! فقص عليه

( الناس إلى المنبر بهذه الثالث األذرع" ، قال : أما3الرؤيا ، حتى إذا بلغ : "ذرع ) إحداهن فإنه كائن خليفة. وأما الثانية فإنه ال يخاف في الله لومة الئم. وأما الثالثة فإنه

شهيد. قال : فقال : يقول الله تعالى : } ثم جعلناكم خالئف في األرض من بعدهم ( يا ابن أم عمر ، فانظر كيف تعمل ؟ وأما4لننظر كيف تعملون { فقد استخلفت )

( شهيد5قوله : "فإني ال أخاف في الله لومة الئم" ، فما شاء الله! وأما قوله : ]إني[ )ى لعمر الشهادة والمسلمون مطيفون به. ) (6فأن

__________( في ت : "درع".1)( في ت : "تنتهزني".2)( في ت ، أ : "درع".3)( في ت ، أ : "استخلف".4)( زيادة من ت.5)(.15/39( تفسير الطبري )6)

(4/253)

ذين ال يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل نات قال ال وإذا تتلى عليهم آياتنا بيي أخاف إن عصيت بع إال ما يوحى إلي إن ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أت

Page 235: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ي عذاب يوم عظيم ) ه ما تلوته عليكم وال أدراكم به فقد لبثت15رب ( قل لو شاء الل( 16فيكم عمرا من قبله أفال تعقلون )

ذين ال يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله نات قال ال } وإذا تتلى عليهم آياتنا بيي أخاف إن بع إال ما يوحى إلي إن قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أت

ي عذاب يوم عظيم ) ه ما تلوته عليكم وال أدراكم به فقد15عصيت رب ( قل لو شاء الل( {16لبثت فيكم عمرا من قبله أفال تعقلون )

يخبر تعالى عن تعنت الكفار من مشركي قريش الجاحدين الحق المعرضين عنه ، أنهم إذا قرأ عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم كتاب الله وحججه الواضحة قالوا له : } ائت بقرآن غير هذا { أي : رد هذا وجئنا بغيره من نمط آخر ، أو بدله إلى وضع

آخر ، قال الله لنبيه ، صلوات الله وسالمه عليه ، } قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاءبع إال نفسي { أي : ليس هذا إلي ، إنما أنا عبد مأمور ، ورسول مبلغ عن الله ، } إن أت

ي عذاب يوم عظيم { ي أخاف إن عصيت رب ما يوحى إلي إنه ما تلوته عليكم وال ثم قال محتجا عليهم في صحة ما جاءهم به : } قل لو شاء الل

أدراكم به { أي : هذا إنما جئتكم به عن إذن الله لي في ذلك ومشيئته وإرادته ، ( أنكم عاجزون عن معارضته ،1والدليل على أني لست أتقوله من عندي وال افتريته )

وأنكم تعلمون صدقي وأمانتي منذ نشأت بينكم إلى حين بعثني الله عز وجل ، ال تنتقدون علي شيئا تغمصوني به ؛ ولهذا قال : } فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفال

تعقلون { أي : أفليس لكم عقول تعرفون بها الحق من الباطل ؛ ولهذا لما سأل هرقلملك الروم

__________( في ت : "أفتريه" ، وفي أ : "أقربه".1)

(4/253)

ه ال يفلح المجرمون ) ( 17فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إن

( سفيان ومن معه ، فيما سأله من صفة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : هل1أبا ) ( كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قال أبو سفيان : فقلت : ال - وقد2)

( بالحق : 3كان أبو سفيان إذ ذاك رأس الكفرة وزعيم المشركين ، ومع هذا اعترف )والفضل ما شهدت به األعداء...

( أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب4فقال له هرقل : فقد أعرف )( !5على الله. )

وقال جعفر بن أبي طالب للنجاشي ملك الحبشة : بعث الله فينا رسوال نعرف نسبه ( قبل النبوة6وصدقه وأمانته ، وقد كانت مدة مقامه ، عليه السالم ، بين أظهرنا )

أربعين سنة. وعن سعيد بن المسيب : ثالثا وأربعين سنة. والصحيح المشهور األول.ه ال يفلح المجرمون ) ه كذبا أو كذب بآياته إن ( {17} فمن أظلم ممن افترى على الل

ه كذبا { يقول تعالى : ال أحد أظلم وال أعتى وال أشد إجراما } ممن افترى على الل ( على الله ، وزعم أن الله أرسله ، ولم يكن كذلك ، فليس أحد أكبر جرما وال7وتقول )

Page 236: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

أعظم ظلما من هذا ، ومثل هذا ال يخفى أمره على األغبياء ، فكيف يشتبه حال هذا باألنبياء! فإن من قال هذه المقالة صادقا أو كاذبا ، فال بد أن الله ينصب عليه من األدلة

ه أو فجوره ما ) ( وأظهر من الشمس ، فإن الفرق بين محمد صلى الله عليه8على بر ( لمن شاهدهما أظهر من الفرق بين وقت9وسلم وبين مسيلمة الكذاب ]لعنة الله[ )

الضحى ووقت نصف الليل في حندس الظلماء ، فمن سيما كل منهما وكالمه وفعاله يستدل من له بصيرة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم وكذب مسيلمة الكذاب ،

(10وسجاح ، واألسود العنسي. ) قال عبد الله بن سالم : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل

الناس ، فكنت فيمن انجفل ، فلما رأيته عرفت أن وجهه ليس بوجه رجل كذاب ، فكان أول ما سمعته يقول : "يا أيها الناس أفشوا السالم ، وأطعموا الطعام ، ]وصلوا

(12( وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلون الجنة بسالم". )11األرحام[ ) ( قومه بني13ولما قدم ضمام بن ثعلبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في )

( من رفع هذه السماء ؟ قال : "الله".14سعد بن بكر قال لرسول الله فيما قال له )قال : ومن نصب هذه الجبال ؟ قال : "الله". قال : ومن

__________( في ت : "ألبي".1)( في ت : "فهل".2)( في ت : "أعرف".3)( في ت : "أعترف".4)( في ت ، أ : "ربه".5)( في ت ، أ : "أضهرهم".6)( في ت : "ويقول".7)( في ت : "وما".8)( زيادة من أ.9)( في أ : "العبسي".10)( زيادة من ت ، أ : والمسند.11) ( وقال2485( والترمذي في السنن برقم )5/451( رواه أحمد في المسند )12)

الترمذي : "حديث صحيح".( في أ : "من".13)( في ت : "فيما قاله".14)

(4/254)

سطح هذه األرض ؟ قال : "الله". قال : فبالذي رفع هذه السماء ، ونصب هذه (1الجبال ، وسطح هذه األرض : الله أرسلك إلى الناس كلهم ؟ قال : "اللهم نعم" ثم )

( هذه2سأله عن الصالة ، والزكاة ، والحج ، والصيام ، ويحلف عند كل واحدة ) اليمين ، ويحلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : صدقت ، والذي بعثك

(3بالحق ال أزيد على ذلك وال أنقص. ) فاكتفى هذا الرجل بمجرد هذا ، وقد أيقن بصدقه ، صلوات الله وسالمه عليه ، بما رأى

Page 237: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

وشاهد من الدالئل الدالة عليه ، كما قال حسان بن ثابت : ( تأتيك بالخبر5( فيه آيات مبينة كانت بديهته )4لو لم تكن )

وأما مسيلمة فمن شاهده من ذوي البصائر ، علم أمره ال محالة ، بأقواله الركيكة التي ليست بفصيحة ، وأفعاله غير الحسنة بل القبيحة ، وقرآنه الذي يخلد به في النار يوم

ه ال إله إال هو الحي6الحسرة ) ( والفضيحة ، وكم من فرق بين قوله تعالى : } اللذي يشفع ماوات وما في األرض من ذا ال وم ال تأخذه سنة وال نوم له ما في الس القي

عنده إال بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم وال يحيطون بشيء من علمه إال بما شاءماوات واألرض وال يئوده حفظهما وهو العلي العظيم { ] البقرة : ه الس وسع كرسي

( الضفدعين ، نقي8( مسيلمة قبحه الله ولعنه : "يا ضفدع بنت )7 [. وبين عالك )255 كما تنقين ال الماء تكدرين ، وال الشارب تمنعين". وقوله - قبح ولعن - : "لقد أنعم الله

(9على الحبلى ، إذ أخرج منها نسمة تسعى ، من بين صفاق وحشى". وقوله - خدره ) ( طويل"10الله في نار جهنم ، وقد فعل - : "الفيل وما أدراك ما الفيل ؟ له زلقوم )

(11وقوله - أبعده الله من رحمته : "والعاجنات عجنا ، والخابزات خبزا ، والالقمات ) لقما ، إهالة وسمنا ، إن قريشا قوم يعتدون" إلى غير ذلك من الهذيانات والخرافات

التي يأنف الصبيان أن يتلفظوا بها ، إال على وجه السخرية واالستهزاء ؛ ولهذا أرغم الله ( شمله. ولعنه صحبه وأهله.12أنفه ، وشرب يوم "حديقة الموت" حتفه. ومزق )

وقدموا على الصديق تائبين ، وجاءوا في دين الله راغبين ، فسألهم الصديق خليفة ( عنه - أن يقرءوا عليه شيئا13الرسول ، صلوات الله وسالمه عليه ، ورضي ]الله[ )

من قرآن مسيلمة لعنه الله ، فسألوه أن يعفيهم من ذلك ، فأبى عليهم إال أن يقرءوا ( من14شيئا منه ليسمعه من لم يسمعه من الناس ، فيعرفوا فضل ما هم عليه )

الهدى والعلم. فقرءوا عليه من هذا الذي ذكرناه وأشباهه ، فلما فرغوا قال لهم الصديق ، رضي الله عنه : ويحكم! أين كان يذهب بعقولكم ؟ والله إن هذا لم يخرج

. من إل__________

( في أ : "قال : ثم".1)( في ت : "واحد".2) ( من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه بنحو12( رواه مسلم في صحيحه برقم )3)

هذا السياق.( في ت : "يكن".4)( في أ : "بدايته".5)( في ت ، أ : "الحشر".6)( في ت : "عالل".7)( في ت : "بين".8)( في ت ، أ : "خلده".9)( في ت ، أ : "زلوم".10)( في ت ، أ : "فالالقمات".11)( في ت ، أ : "وتمزق".12)( زيادة من ت.13)( في ت ، أ : "فيه".14)

(4/255)

Page 238: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

ه قل هم وال ينفعهم ويقولون هؤالء شفعاؤنا عند الل ويعبدون من دون الله ما ال يضرماوات وال في األرض سبحانه وتعالى عما يشركون ) ه بما ال يعلم في الس ئون الل أتنب

ك لقضي بينهم18 اس إال أمة واحدة فاختلفوا ولوال كلمة سبقت من رب ( وما كان الن( 19فيما فيه يختلفون )

وذكروا أن وفد عمرو بن العاص على مسيلمة ، وكان صديقا له في الجاهلية ، وكان عمرو لم يسلم بعد ، فقال له مسيلمة : ويحك يا عمرو ، ماذا أنزل على صاحبكم -

يعني : رسول الله صلى الله عليه وسلم - في هذه المدة ؟ فقال : لقد سمعت أصحابه يقرءون سورة عظيمة قصيرة فقال : وما هي ؟ فقال : } والعصر إن اإلنسان لفي

ذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر { ]سورة خسر إال ال العصر[ ، ففكر مسيلمة ساعة ، ثم قال : وقد أنزل علي مثله. فقال : وما هو ؟ فقال :

( إنما أنت أذنان وصدر ، وسائرك حقر نقر ، كيف ترى يا عمرو ؟" فقال له1"يا وبر ) ( والله إنك لتعلم أني أعلم أنك لتكذب" ، فإذا كان هذا من مشرك في حال2عمرو : )

شركه ، لم يشتبه عليه حال محمد صلى الله عليه وسلم وصدقه ، وحال مسيلمة - ( البصائر والنهى ، وأصحاب العقول السليمة3لعنه الله - وكذبه ، فكيف بأولي )

ه كذبا أو المستقيمة والحجى! ولهذا قال الله تعالى : } ومن أظلم ممن افترى على الله { ] األنعام : قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الل

ه كذبا أو4 [ ، )93 ( وقال في هذه اآلية الكريمة : } ومن أظلم ممن افترى على الله ال يفلح الظالمون { ] األنعام : [ ، وكذلك من كذب بالحق الذي21كذب بآياته إن

جاءت به الرسل ، وقامت عليه الحجج ، ال أحد أظلم منه كما جاء في الحديث : "أعتى(5الناس على الله رجل قتل نبيا ، أو قتله نبي". )

ه قل هم وال ينفعهم ويقولون هؤالء شفعاؤنا عند الل ه ما ال يضر } ويعبدون من دون اللماوات وال في األرض سبحانه وتعالى عما يشركون ) ه بما ال يعلم في الس ئون الل أتنب

ك لقضي بينهم18 اس إال أمة واحدة فاختلفوا ولوال كلمة سبقت من رب ( وما كان الن( {19فيما فيه يختلفون )

ينكر تعالى على المشركين الذين عبدوا مع الله غيره ، ظانين أن تلك اآللهة تنفعهم شفاعتها عند الله ، فأخبر تعالى أنها ال تنفع وال تضر وال تملك شيئا ، وال يقع شيء مماه بما ال يعلم في ئون الل يزعمون فيها ، وال يكون هذا أبدا ؛ ولهذا قال تعالى : } قل أتنب

ماوات وال في األرض {. الس ( الله بما ال يكون في السماوات وال في األرض ؟6وقال ابن جرير : معناه أتخبرون )

ثم نزه نفسه عن شركهم وكفرهم ، فقال : } سبحانه وتعالى عما يشركون {.__________

( في ت ، أ : "يا وبر وبر".1)( في ت : "عمر".2)( في ت : "بأول".3)( في ت : "فمن".4) ( من حديث عبد الله بن مسعود ولفظه :1/407( رواه اإلمام أحمد في المسند )5)

"أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتله نبي أو قتل نبيا". وروى البخاري في صحيحه ( من حديث أبي هريرة : "اشتد غضب الله على من يقتله رسول الله في4073برقم )

Page 239: Tafsir ibnu katsir muhaqqoq 003a

http://portaldakwah.blogspot.com

سبيل الله".( في ت : "تخبرون".6)

(4/356)